المقالات
05 يوليو 2024
نشكرك لأنك نعمة المعونة
من أجمل الكلمات التي يمكن للإنسان أن يخاطب بها الله هي «نشكرك». وحسب تقلید كنيستنا، فإن هذه العبارة هي المقدمة التعبدية التي نفتتح بها صلواتنا في كل المناسبات، بعد أن نتلو الصلاة الربانية.
اللهم، إلى تنجيتي. يارب إلى معونتي أسرع. ليخز ويخجل طالبو نفسي ليرتد إلى خلف ويخجل المشتهون لى شرا. ليرجع من أجل خزيهم القائلون: «هه هه!» وليبتهج ويفرح بك كل طالبيك، وليقل دائما محبو خلاصك: «ليتعظم الرب» أما أنا فمسكين وفقير اللهم أسرع إلى. معيني ومنقذى أنت. يارب لا تبطؤ (مز ١:٧٠-٥) الله هو صاحب المعونة، وكلمة المعونة كلمة معزية ولها معان وأبعاد كثيرة فمثلاً قد يشعر الإنسان في بعض الأحيان أنه لا يستطيع القيام بعمل ما !! أو أنه عاجز على مواجهة بعض المواقف أو بعض الأشخاص، وهنا لا يعزيه إلا هذه الصلاة القصيرة، والتي نحبها جميعا اللهم التفت لمعونتي يارب أسرع وأعنى»، وهذه الصلاة تعتبر من الصلوات السهمية التي من الممكن أن تقال في أي وقت وفي أي مكان. وأيضا يقول الله على فم إشعياء النبي هذه العبارة المعزية "لا تخف لأني معك لا تتلفت لأني إلهك.قد أيدتك وأعنتك وعضدتك بيمين برى.إنه سيخزى ويخجل جميع المغتاظين عليك. يكون كلا شيء مخاصموك ويبيدون. تفتش على منازعيك ولا تجدهم. يكون محاربوك كلا شيء وكالعدم لأني أنا الرب إلهك الممسك بيمينك، القائل لك: لا تخف. أنا أعينك" (إش ١٠:٤١-١٣). ومن أكثر الأمثلة المشهورة عن معونة الله لأولاده، هو داود النبي فهو شخص كان أصغر إخوته، وله بنية جسدية ضعيفة، وقد اختاره الله وأرسل له صموئيل النبي لكيما يمسحه ملكاً عوضاً عن شاول الملك، ليقود مملكة بني إسرائيل ويخلصها "فأخذ صموئيل قرن الدهن ومسحه في وسط إخوته وحل روح الرب على داود من ذلك اليوم فصاعدا" (١صم ١٣:١٦) ومن المعروف أنه هناك ثلاثة ملوك، تم تناوبهم على كرسى إسرائيل وهم شاول و داود وسليمان، وقد أقام كل منهم أربعين عامًا على كرسى المملكة، وهذه هي المملكة المتحدة. بمعنى أن هذه هي الفترة التي كانت أسباط إسرائيل الاثنا عشر تحت قيادة ملك واحد، ثم بعد فترة ملك سليمان، انقسم أسباط بني إسرائيل إلى مملكتين، مملكة يهوذا وكانت تتكون من سبطين، ومملكة إسرائيل وتتكون من عشرة أسباط.وداود النبي كما يقول عنه الكتاب "وكان أشقر مع حلاوة العينين وحسن المنظر" (١صم ۱۲:١٦)، فهو مجرد راعي غنم، ذی حس مرهف في كتابة الشعر وكتب لنا العديد من المزامير، وقد تعرض لتجارب كثيرة منها القتل من قبل شاول وبالرغم من كل محاولات شاول لقتل داود، إلا أنه في إحدى المرات أتيحت الفرصة لداود لقتل شاول، ولكنه رفض فعل ذلك، واكتفى بقص جزء من جبة شاول التي كان يرتديها !! وقال داود لشاول: لماذا تسمع كلام الناس القائلين: هوذا داود يطلب أذيتك؟ هوذا قد رأت عيناك اليوم هذا كيف دفعك الرب اليوم ليدى في الكهف وقيل لي أن أقتلك ولكنني أشفقت عليك وقلت: لا أمد يدى إلى سيدى لأنه مسيح الرب هو(١صم ٩:٢٤-١٠) وقد وعد الله داود بالمعونة، كما قال الكتاب: وقد أرحتك من جميع أعدائك والرب يخبرك أن الرب يصنع لك بيتاً (۲صم ۱۱:۷)، وقد استمرت معونة الله تسند داود حتى صار ملكاً، وحتى في سقوطه لم تتركه معونة الله!! ودفعته إلى التوبة، وهذا يتضح من خلال مزمور التوبة ارحمني يا الله تعظيم رحمتك (مز ۵۰ قبطی). وأيضا معونة الله كانت مع يوسف الصديق (تك ٣٩ -٥٠)، الذي كان في ضياع كامل وبيع كعبد ولم يكن له ذكر.. ولكنه بهذه المعونة صار الرجل الثاني في تاريخ مصر !! رغم أنك عندما تتأمل في قصته تجد أن جميع الأبواب قد أغلقت في وجهه.. أبواب الأهل وأبواب الأصدقاء إلا أن الله كان يحفظ له نصيبا صالحا !!
ومعونة الله نراها أيضاً مع دانيال النبي، فعندما وضع في جب الأسود تدخلت المعونة الإلهية وأنقذته وأغلقت أفواه الأسود، وعندما جاء الملك للسؤال عنه قال له دانيال: «إلهى أرسل ملاكه وسد أفواه الأسود فلم تضرني لأني وجدت بريئاً قدامه، وقدامك أيضاً أيها الملك، لم أفعل ذنباً (دا ٢٢:٦)، وكلمة إلهي تعنى إيماني أي يد إلهي التي تقف خلفى حتى إن كنت في جب الأسود!! وعبارة «أرسل ملاكه أي أن إلهي يهتم بي اهتماماً خاصاً جداً حتى أنه أرسل ملاكاً يتميز أنه له قدرة فائقة، تستطيع أن تسد أفواه الأسود. فمن يستطيع أن يسد أفواه أسود جائعة !! فالمعونة الإلهية هي التي سدت أفواه الأسود. وإذا تأملنا في حياة إرميا النبي، نجد أن المعونة الإلهية كانت معه في بداية خدمته، فيقول الكتاب: «ها قد جعلت كلامي في فمك.. هأنذا قد جعلتك اليوم مدينة حصينة وعمود حديد وأسوار نحاس على كل الأرض.. فيحاربونك ولا يقدرون عليك، لأني أنا معك، يقول الرب، لأنقذك (إر۱: ۹-۱۹). والمعونة الإلهية أيضاً هي التي سندت الرسل في الخدمة، فقد كانوا مجرد جماعة من الصيادين وبسطاء الناس. وهي أيضاً التي سندت الشهداء في عذاباتهم، فعندما نقرأ قصص الشهداء نتعجب ونتساءل من يستطيع أن يتحمل كل هذه الآلام ؟!! إنها نعمة ومعونة خاصة من الله في توقيت الاحتياج ما هي أهمية معونة الله؟!
إن كل إنسان منا يحتاج إلى معونة الله لأنه
أولاً: هو القادر على كل شيء.
ثانياً: نحتاج المعونته في الحياة الروحية.
ثالثاً: نحتاج للمعونة في وقت الضيقات.
رابعاً: نحتاج معونة من الله في الخدمة.
أولاً: الله هو القادر على كل شيء إن الإنسان مهما كبر أو تعاظم، فإن قدراته تظل محدودة أمام قدرة الله. كما يعلمنا الكتاب قائلاً: «بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئاً (يو٥:١٥). فالله هو الذي يعطينا الصحة والقدرة والفكر وكل شيء، وهذه هي معونة الله للإنسان.
ثانياً: الاحتياج للمعونة في الحياة الروحية نحتاج المعونة الله في الحياة الروحية بمفرداتها المختلفة من القراءة في الكتاب المقدس والصلوات والأصوام وممارسة الأسرار الكنسية عامة، وخصوصاً في أيام الصوم الكبير، وكيف يصوم الجميع إلى أوقات متأخرة من النهار، بالرغم من وجودهم في مدارسهم وكلياتهم وأشغالهم، وذلك لكيما يتقدموا للتناول من جسد الرب ودمه في القداسات المتأخرة!! وبعد هذا الصيام الطويل الذي يبدأ من منتصف الليل، وحتى وقت متأخر من النهار، يأكل الإنسان طعاماً نباتياً ذا طاقة قليلة !! وعندما نتساءل كيف يكون هذا ؟!! نجيب هذه هي المعونة الإلهية، كما يعلمنا الكتاب: الأن الجسد يشتهى ضد الروح والروح ضد الجسد، وهذان يقاوم أحدهما الآخر، حتى تفعلون ما لا تريدون (غل ١٧:٥).فمثلاً القديس موسى الأسود كانت حياته قبل التوبة حياة شهوانية جداً ... وخاطئة بالجملة.. وهنا نتساءل ما الذي حدث في حياته حتى تحولت من قاع الشر والخطيئة إلى القداسة والبر، حتى أنه أصبح قديساً للتوبة وسيرته موجودة بيننا، ونحن في القرن الـ ٢١ وإلى النهاية؟!!
إنها المعونة الإلهية، فهذه المعونة هي التي وقفت مع موسى الشرير ودعته إلى التوبة وعندما أعلن توبته انسكبت نعمة الله في حياته وصار قديساً قوياً، كما نسميه القديس موسى القوى.
ثالثاً: المعونة في الضيقات ونحتاج أيضاً للمعونة الإلهية في وقت الضيقات، فأي إنسان في هذه الحياة يتعرض لضيقات كثيرة، قد تكون كبيرة أو صغيرة، لكن ما يجب أن نعلمه جيداً أن كل ضيقة هي لخير الإنسان، كما يقول الكتاب: احسبوه كل فرح يا إخوتي حينما تقعون في تجارب متنوعة (يع ٢:١)، ففى كل تجربة تمر على الإنسان يتمجد الله ويشعر الإنسان بالمعونة الإلهية عندما يجد
يد الله تعمل. فمثلاً المعونة الإلهية تساعد الإنسان في وقت المرض، فأحياناً يقول الأطباء عن حالة ما، أنه يوجد تطور في هذه الحالة، ولكن لا يخضع هذا التطور لكتب الطب!! وهذا ما نعبر عنه بلغتنا البسيطة: «أنه معجزة !! وقصص تدخل الله بنعمته ومعونته في حال المرض كثيرة جداً.
رابعاً: المعونة في الخدمة
ونحتاج المعونة الإلهية أيضاً في الخدمة فالخادم إمكانياته محدودة جداً، ولا يوجد خادم يستطيع أن يقول المثل المشهور يا أرض انهدى ما عليك أدى !! بمعنى أن الخدمة لن تستمر في حال عدم وجوده!! لذلك من المهم أن نتعلم أهمية عملية التغيير، والطبيعة تعلمنا هذا، فمثلاً: الشجرة يتغير حالها في الفصول المختلفة ففى فصل الخريف تتساقط أوراقها، وفي فصل الشتاء تجف، وفي فصل الربيع تزهر مرة أخرى، وفى فصل الصيف تخرج أثمارها، وهكذا فالمعونة الإلهية تستطيع أن تعمل مع كل إنسان، فمثلاً النعمة الإلهية هي التي غيرت بولس الرسول وحولته من شاول المضطهد للكنيسة، والذي اسمه كان يرعب المسيحيين!! إلى بولس الرسول أعظم كارز إن بولس لم يكتف بمطاردة المسيحيين في أورشليم فقط، بل تتبعهم بعد هروبهم، كما قال الكتاب: أما شاول فكان لم يزل ينفت تهدداً وقتلاً على تلاميذ الرب، فتقدم إلى رئيس الكهنة وطلب منه رسائل إلى دمشق إلى الجماعات، حتى إذا وجد أناساً من الطريق، رجالاً أو نساء، يسوقهم موثقين إلى أورشليم (أع ۱:۹-۲). ولكن في أحد الأيام وهو في الطريق اصطادته النعمة الإلهية، فقال: «يارب، ماذا تريد أن أفعل؟ (أع ٦:٩)، إن القديس بولس الرسول عرف المسيح في النصف الثاني من حياته، لكن في النصف الأول من حياته كان يضطهد كنيسة الله بإفراط، كما ذكر في رسائله "كنت أضطهد كنيسة الله بإفراط وأتلفها "(غل ۱۳:۱) أما في النصف الثاني من حياته، فكان
يكرز باسم الرب باتساع، لدرجة أنه سمى عملاق الكرازة، وقد تعرض لأخطار وضيقات كثيرة جداً، وخدم وبذل بما يفوق الوصف، إلى جانب أنه كتب لنا ١٤ رسالة في الكتاب المقدس، لقد كان القديس بولس أداة للاضطهاد، وبالمعونة والنعمة صار أداة للكرازة والخدمة. فبولس الرسول نموذج لباقي الرسل فمثلاً مارمرقس الرسول عندما أتى إلى مصر لم يكن يمتلك أي شيء!! فلم يكن لديه مال أو أى إمكانيات أو وسائل مواصلات، لكن اعتماداً على المعونة الإلهية جاء إلى مصر وبشر، وانتشر الإيمان بالمسيح في كل مكان. ويقول الكتاب الروح أيضاً يعين ضعفاتنا» (رو ٢٦:۸)، بمعنى أن المعونة الإلهية تعين ضعف الإنسان، فتذكر دائماً أن يد الله تعمل، فأحياناً يظن الإنسان أن الله في السماء، والإنسان هنا على أرض الشقاء وأحياناً أخرى يظن آخر أن الله قد نساه!! وهذا الفكر قد وقع فيه داود النبي حين قال "إلى متى يارب تنساني كل النسيان؟ إلى متى تحجب وجهك عنى؟" (مز ۱:۱۳). فتذكر دائماً العبارة التي تقول" ولكن لنا هذا الكنز في أوان خزفية، ليكون فضل القوة لله لا منا" (٢ كو٧:٤) والمقصود بهذا الكنز هو المعونة الإلهية أما الأواني الخزفية فهي أجسادنا فالإنسان مثل الإناء الزجاجي يتعب من أقل الأشياء فالإنسان ضعيف جداً، لكن بداخله (الكنز يد الله التي تعمل والمعونة التي تعمل في ضعفه، فيكون فضل القوة لله لا منا، وكما أن الله يعين الإنسان، فنحن أيضاً نحتاج معونة بعضنا إلى بعض فالله يسرع بإعانة الإنسان من خلال الإنسان.
أمثلة المعونة الإنسان لأخيه الإنسان يقول الكتاب ليعط الرب رحمة لبيت انيسيفورس، لانه مرارا كثيرة أراحتي ولم يخيل بسلسلتی (۲تی ۱ :١٦) قبولس الرسول كان في هذا الوقت تحت التحفظ والسلاسل، وقد أراحه انيسيفورس، فهذا الله ارسل معونته البولس الرسول من خلال بيت انيسيفورس وأيضاً نظراً عن الشماسة فيبي، التي كتب عنها القديس بولس قائلاً أوصى إليكم باختنا فيبي التي هي خادمة الكنيسة التي في كنجريا كي تقبلوها في الرب كما يحق القديسين وتقوموا لها في أي شيء احتاجته منكم، لأنها صارت مساعدة لكثيرين ولى أنا ايضاء (رو١٦ : ١-٢). لقد كانت بمثابة الابنة الروحية البولس ونقرأ في قصة حياة القديس يوحنا ذهبي الفي كيف أنه في وقت من الأوقات منع الإمبراطورة من دخول الكنيسة، لأنها اغتصبت حق أرملة فقيرة، ولأنها كانت إمبراطورة شريرة وقفت امامه بالمرصاد وأرادت أن تنهي حياته بطريقة غير مباشرة قأمرت بنفيه إلى بلاد بعيدة، وقد أوصت بعدم إراحته طوال هذه الرحلة الشاقة ونظراً الصعوبة المواصلات في هذا الوقت لم يحتمل القديس هذا التعب وتتيح في نهاية الرحلة ولكن أرسل الله معونته القديس من خلال الشماسة أولمبياس التي كانت تقوم بتوصيل رسائله الشعبه، فقد كانت مثالاً للابنة الروحية الساهرة على رعاية أبيها القديس يوحنا الذهبي القم، وكانت أيضا تدير له الغذاء والدواء معونة البشر البشر تظهر في أمثال كثيرة. فمثلاً نقول الحار قبل الدارة، وأيضاً الرفيق قبل الطريق والصديق عند الضيق وأسئلة كثيرة نجدها في حياتنا اليومية، وترى كيف بدير الله معونته للبشر من خلال بشر واتذكر انني في إحدى المرات اثناء خدمتي خارج البلاد، قبل مسئوليتي الحالية، فوجئت في المطار أنني لا استطيع دخول هذه البلد. لان جواز السفر قارب على الانتها.. وقانون هذه الدولة يمنع دخول أحد إلا إذا كان جواز سفره له صلاحية ٦ أشهر على الأقل وكانت هذه الدولة تبعد عن مصر ما يقرب من
عشر ساعات فأرسل الله لي المعونة، من خلال أحد العاملين في المطار الذي تصمني بالتوجه الأخذ رأى المسئول في هذه المشكلة، وانتهت المشكلة بقبول دخولي البلاد، بشرط أن الغادر البلد قبل نهاية جواز السفر بيوم واحد وهكذا كانت معونة الله فحسب قوانين هذه الدولة كان على الرجوع إلى مصر، ولكنهامعونة الله !
فالله يدير في حياة البشر أموراً كثيرة جداً، والكتاب يعلمنا قائلاً: ملفين كل همكم عليه لانه هو يعتنى بكم، (١بط ٥ :۷)، فاجعل وعود الكتاب المقدس حاضرة أمامك باستمرار
كيف تستمتع بمعونة الله؟
لكي تستطيع أن تستمتع بمعونة الله باستمرار، أمامك ثلاث خطوات، وهي أولاً: صلواتك لأنه من خلال الصلاة يسكب الله معونته، لذلك كنيستنا مليئة باشكال وانواع من الصلوات ثانياً: كن إنساناً متضعاً، فالكتاب يعلمنا قائلا: لأن الله يقاوم المستكبرين. وأما المتواضعون فيعطيهم نعمة ابط ٥:٥ ) فالاتضاع هو بمثابة قناة تنسكب فيها معونة الله للإنسان، ولكن قد تجد أحيانا إنساناً متكبراً، يعتقد أنه يستطيع أن يعمل وينجح، بدون معونة الله له أما الإنسان المتضع، والذي يشعر باحتياجه لنعمة الله ومعونته، فهو الذي يكون له رصيد عند الله يسكبه في وقت الاحتياج ثالثاً كن إنساناً مجتهداً في العمل. في الدراسة، في الخدمة، في المسئولية في كل شيء فاجتهد أيها الحبيب في حياتك وأعلم أن النعمة لا ثاني وانت مستلق على ظهرك، كما يعلمنا الكتاب إن إله السماء يعطينا النجاح ونحن عبيده تقوم وتبني (نج ۲ : ۲۰)، فالنجاح هو معونة من الله فحاول أن تشعر أيها الحبيب بالنعمة والمعونة التي يقدمها لك الله في كل يوم. واجعل تدريبك اليومي هذه الآية المعزية فاتحة المزمور الـ ٧٠: اللهم التفت إلى معونتي يارب أسرع وأعنى كررها باستمرار وتعر بها كصلاة قصيرة تقال في كل وقت، وتصلى دائما أن يعطينا الهنا الصالح النعمة والمعونة في كل وقت.
قداسة البابا تواضروس الثاني
عن كتاب نشكرك لأنك
المزيد
04 يوليو 2024
رحلة القديس بولس الرسول التبشيرية الأولى
القديس بولس الرسول من أعظم و أقوى الرسل و المبشرين في تاريخ كنيستنا الكارز اللي لف العالم كله تقريباً و فتح كنايس في أماكن كتير جداً القديس بولس له 3 رحلات تبشيرية تعالوا نشوف أول رحلة فيهم: خط السير (و المدن اللي عدّى عليها) و مين كان معاه و إيه اللي حصل في كل مدينة؟
رحلة القديس بولس الرسول التبشيرية الأولى
بطاقة الرحلة
زمن الرحلة:بدأت الرحلة حوالي سنة 47م و استمرت سنتين
موجودة فين؟ في سفر أعمال الرسل إصحاح 13 و 14
مين كان مع بولس؟
القديس برنابا و القديس مرقس (لكن سابهم في النص)
خط السير:
البداية من أنطاكية (مروراً بسلوكية)
بالبحر إلى قبرص (سلاميس و بافوس)
بالبحر إلى تركيا (برجة بمفيلية و أنطاكية بيسيدية)
بالبر إلى أيقونية و دربة و لسترة
العودة إلى أنطاكية بعكس الطريق اللي فات
تفاصيل الرحلة
سوريا
البداية: أنطاكية مع برنابا
وكان في أنطاكية في الكنيسة هناك أنبياء ومعلمون: برنابا، وسمعان الذي يدعى نيجر، ولوكيوس القيرواني، ومناين الذي تربى مع هيرودس رئيس الربع، وشاول. وبينما هم يخدمون الرب ويصومون، قال الروح القدس: «أفرزوا لي برنابا وشاول للعمل الذي دعوتهما إليه». فصاموا حينئذ وصلوا ووضعوا عليهما الأيادي، ثم أطلقوهما.
أعمال الرسل 13 : 1 ل 3
البداية كانت من أنطاكية (سوريا حالياً) ... كان ساعتها فيه خادم عظيم و قديم اسمه برنابا الرسول هو اللي عمل الكنيسة هناك و كان ساعتها بولس لسة جديد على الكنيسة و على الإيمان و الروح القدس اختار ال2 خدام دول يطلعوا رحلة تبشيرية
قبرص
قبرص: باريشوع و سرجيوس بولس
فهذان إذ أُرسِلا من الروح القدس انحدرا إلى سلوكية، و من هناك سافرا في البحر إلى قبرص. ولما صارا في سلاميس ناديا بكلمة الله في مجامع اليهود وكان معهما يوحنا خادماً ولما اجتازا الجزيرة إلى بافوس، وجدا رجلا ساحرا نبيا كذابا يهوديا اسمه باريشوع، كان مع الوالي سرجيوس بولس،وهو رجل فهيم. فهذا دعا برنابا وشاول والتمس أن يسمع كلمة الله فقاومهما عليم الساحر،لأن هكذا يترجم اسمه، طالبا أن يفسد الوالي عن الإيمان وأما شاول، الذي هو بولس أيضا، فامتلأ من الروح القدس وشخص إليه وقال: «أيها الممتلئ كل غش وكل خبث! يا ابن إبليس! ياعدو كل بر! ألا تزال تفسد سبل الله المستقيمة؟ فالآن هوذا يد الرب عليك، فتكون أعمى لا تبصر الشمس إلى حين». ففي الحال سقط عليه ضباب وظلمة، فجعل يدور ملتمسا من يقوده بيده. فالوالي حينئذ لما رأى ما جرى، آمن مندهشا من تعليم الرب.
أعمال الرسل 13 : 4 ل 12
القديس برنابا مش بس أخد معاه بولس الرسول أخد معاه كمان يوحنا (مرقس الرسول) ابن أخته
طلعوا بالبحر على قبرص مرّوا على 3 مدن:
سلوكية
و لم يُذكر إنهم بشّروا فيها
سلاميس
و ذُكر إنهم بشّروا اليهود هناك لكن لم يُذكر رد فعل اليهود كان إيه
بافوس
الوالي بتاع المكان ده كان راجل فهيم اسمه سرجيوس بولس سمع عن الرسل و طلب إنه يسمع منهم كلمة ربنا ساعتها كان فيه ساحر اسمه باريشوع ده حاول يقاوم الرسل (لأن طبعاً المسيحية مافيهاش سحر و الكلام ده بل فيها قوة الروح القدس)و نتيجة مقاومته دي إنه أُصيب بالعمى و آمن الوالي لما شاف اللي حصل.
تركيا
برجة بمفيلية و أنطاكية بيسيدية
ثم أقلع من بافوس بولس ومن معه وأتوا إلى برجة بمفيلية. وأما يوحنا ففارقهم ورجع إلى أورشليم. وأما هم فجازوا من برجة وأتوا إلى أنطاكية بيسيدية، ودخلوا المجمع يوم السبت وجلسوا. وبعد قراءة الناموس والأنبياء، أرسل إليهم رؤساء المجمع قائلين: «أيها الرجال الإخوة، إن كانت عندكم كلمة وعظ للشعب فقولوا». فقام بولس وأشار بيده وقال: «أيها الرجال الإسرائيليون والذين يتقون الله، اسمعوا! إله شعب إسرائيل هذا اختار آباءنا، ورفع الشعب في الغربة في أرض مصر، وبذراع مرتفعة أخرجهم منها. ونحو مدة أربعين سنة، احتمل عوائدهم في البرية. ثم أهلك سبع أمم في أرض كنعان وقسم لهم أرضهم بالقرعة. وبعد ذلك في نحو أربعمئة وخمسين سنة أعطاهم قضاة حتى صموئيل النبي. ومن ثم طلبوا ملكا، فأعطاهم الله شاول بن قيس، رجلا من سبط بنيامين، أربعين سنة. ثم عزله وأقام لهم داود ملكا، الذي شهد له أيضا، إذ قال: وجدت داود بن يسى رجلا حسب قلبي، الذي سيصنع كل مشيئتي. من نسل هذا، حسب الوعد، أقام الله لإسرائيل مخلصا، يسوع. إذ سبق يوحنا فكرز قبل مجيئه بمعمودية التوبة لجميع شعب إسرائيل. ولما صار يوحنا يكمل سعيه جعل يقول: من تظنون أني أنا؟ لست أنا إياه، لكن هوذا يأتي بعدي الذي لست مستحقا أن أحل حذاء قدميه. «أيها الرجال الإخوة بني جنس إبراهيم، والذين بينكم يتقون الله، إليكم أرسلت كلمة هذا الخلاص. لأن الساكنين في أورشليم ورؤساءهم لم يعرفوا هذا. وأقوال الأنبياء التي تقرأ كل سبت تمموها، إذ حكموا عليه. ومع أنهم لم يجدوا علة واحدة للموت طلبوا من بيلاطس أن يقتل. ولما تمموا كل ما كتب عنه، أنزلوه عن الخشبة ووضعوه في قبر. ولكن الله أقامه من الأموات. وظهر أياما كثيرة للذين صعدوا معه من الجليل إلى أورشليم، الذين هم شهوده عند الشعب. ونحن نبشركم بالموعد الذي صار لآبائنا، إن الله قد أكمل هذا لنا نحن أولادهم، إذ أقام يسوع كما هو مكتوب أيضا في المزمور الثاني: أنت ابني أنا اليوم ولدتك. إنه أقامه من الأموات، غير عتيد أن يعود أيضا إلى فساد، فهكذا قال: إني سأعطيكم مراحم داود الصادقة. ولذلك قال أيضا في مزمور آخر: لن تدع قدوسك يرى فسادا. لأن داود بعد ما خدم جيله بمشورة الله، رقد وانضم إلى آبائه، ورأى فسادا. وأما الذي أقامه الله فلم ير فسادا. فليكن معلوما عندكم أيها الرجال الإخوة، أنه بهذا ينادى لكم بغفران الخطايا، وبهذا يتبرر كل من يؤمن من كل ما لم تقدروا أن تتبرروا منه بناموس موسى. فانظروا لئلا يأتي عليكم ما قيل في الأنبياء: انظروا أيها المتهاونون، وتعجبوا واهلكوا! لأنني عملا أعمل في أيامكم. عملا لا تصدقون إن أخبركم أحد به» وبعدما خرج اليهود من المجمع جعل الأمم يطلبون إليهما أن يكلماهم بهذا الكلام في السبت القادم. ولما انفضت الجماعة، تبع كثيرون من اليهود والدخلاء المتعبدين بولس وبرنابا، اللذين كانا يكلمانهم ويقنعانهم أن يثبتوا في نعمة الله. وفي السبت التالي اجتمعت كل المدينة تقريبا لتسمع كلمة الله فلما رأى اليهود الجموع امتلأوا غيرة، وجعلوا يقاومون ما قاله بولس مناقضين ومجدفين. فجاهر بولس وبرنابا وقالا: «كان يجب أن تكلموا أنتم أولا بكلمة الله، ولكن إذ دفعتموها عنكم، وحكمتم أنكم غير مستحقين للحياة الأبدية، هوذا نتوجه إلى الأمم. لأن هكذا أوصانا الرب: قد أقمتك نورا للأمم، لتكون أنت خلاصا إلى أقصى الأرض» فلما سمع الأمم ذلك كانوا يفرحون ويمجدون كلمة الرب. وآمن جميع الذين كانوا معينين للحياة الأبدية. وانتشرت كلمة الرب في كل الكورة. ولكن اليهود حركوا النساء المتعبدات الشريفات ووجوه المدينة، وأثاروا اضطهادا على بولس وبرنابا، وأخرجوهما من تخومهم.
أعمال الرسل 13 : 13 ل 50
مرقس الرسول كان ساعتها لسة صغير حسّ إن الرحلة هاتطوّل رجع على أورشليم تاني طبعاً ده سبّب خلاف مع بولس الرسول (هانشوفه في الرحلة التبشيرية التانية) لكن كان لخير الكنيسة راحوا لإقليم كبير اسمه بمفيلية و دخلوا عاصمته برجة و لم يُذكر إنهم بشّروا هناك راحوا لإقليم تاني كبير اسمه بيسيدية و دخلوا عاصمته أنطاكية بيسيدية و هناك دخلوا المجمع اليهودي و كالعادة بعد القرائات، لمح اليهود الرسل الغرباء عن المدينة فقالوا لهم لو عندكم كلمة وعظ قولوها (زي ما حصل قبل كده مع ربنا يسوع دي كانت عادة عند اليهود) طبعاً بولس بحماسه مافوّتش الفرصة و حكى لهم حكاية بني إسرائيل من ساعة الخروج لحد داود الملك مروراً بفترة القضاة و بعد كده دخل على طول للكرازة بربنا يسوع و قال إنه هو المسيح بشهادة يوحنا المعمدان و قال إنه مات و قام من الأموات في اليوم التالت كما في الكتب و ظهر لكتير من تلاميذه و جاب نبوات من مزامير داود النبي لا تنطبق إلا على ربنا يسوع و قال لهم: دلوقتي عندكم القرار: إيمان و توبة؟ ولا تجاهل لدعوة ربنا؟
طبعاً كلام كبير و مهم و الغريب إن مش بس اليهود هم اللي فكّروا في الكلام، ده كمان ناس من الأمم و اجتمعت المدينة كلها تسمع من آبائنا الرسل لكن للأسف اليهود بدل ما يؤمنوا هم الأول، رفضوا الكلام فالرسل قالوا لهم نبوة إشعياء النبي إن الكرازة هاتكون للأمم مش بس لليهود و فعلاً ناس كتير آمنت لكن اليهود غير المؤمنين ماسكتوش هيّجوا حكام المدينة على بولس و برنابا فطردوهما من المدينة إقليم ليكأونية (دربة و لسترة) أما هما فنفضا غبار أرجلهما عليهم، وأتيا إلى إيقونية. وأما التلاميذ فكانوا يمتلئون من الفرح والروح القدس. وحدث في إيقونية أنهما دخلا معا إلى مجمع اليهود وتكلما، حتى آمن جمهور كثير من اليهود واليونانيين. ولكن اليهود غير المؤمنين غروا وأفسدوا نفوس الأمم على الإخوة. فأقاما زمانا طويلا يجاهران بالرب الذي كان يشهد لكلمة نعمته، ويعطي أن تجرى آيات وعجائب على أيديهما. فانشق جمهور المدينة، فكان بعضهم مع اليهود، وبعضهم مع الرسولين. فلما حصل من الأمم واليهود مع رؤسائهم هجوم ليبغوا عليهما ويرجموهما شعرا به، فهربا إلى مدينتي ليكأونية: لسترة ودربة، وإلى الكورة المحيطة. وكانا هناك يبشران وكان يجلس في لسترة رجل عاجز الرجلين مقعد من بطن أمه، ولم يمش قط. هذا كان يسمع بولس يتكلم، فشخص إليه، وإذ رأى أن له إيمانا ليشفى، قال بصوت عظيم: «قم على رجليك منتصبا!». فوثب وصار يمشي فالجموع لما رأوا ما فعل بولس، رفعوا صوتهم بلغة ليكأونية قائلين: «إن الآلهة تشبهوا بالناس ونزلوا إلينا». فكانوا يدعون برنابا «زفس» وبولس «هرمس» إذ كان هو المتقدم في الكلام. فأتى كاهن زفس، الذي كان قدام المدينة، بثيران وأكاليل عند الأبواب مع الجموع، وكان يريد أن يذبح. فلما سمع الرسولان، برنابا وبولس، مزقا ثيابهما، واندفعا إلى الجمع صارخين وقائلين: «أيها الرجال، لماذا تفعلون هذا؟ نحن أيضا بشر تحت آلام مثلكم، نبشركم أن ترجعوا من هذه الأباطيل إلى الإله الحي الذي خلق السماء والأرض والبحر وكل ما فيها، الذي في الأجيال الماضية ترك جميع الأمم يسلكون في طرقهم مع أنه لم يترك نفسه بلا شاهد، وهو يفعل خيرا: يعطينا من السماء أمطارا وأزمنة مثمرة، ويملأ قلوبنا طعاما وسرورا». وبقولهما هذا كفا الجموع بالجهد عن أن يذبحوا لهما ثم أتى يهود من أنطاكية وإيقونية وأقنعوا الجموع، فرجموا بولس وجروه خارج المدينة، ظانين أنه قد مات ولكن إذ أحاط به التلاميذ، قام ودخل المدينة، وفي الغد خرج مع برنابا إلى دربة. فبشرا في تلك المدينة وتلمذا كثيرين.
أعمال الرسل 13 : 51 ل 14 : 21
اتحركوا على مدينة إيقونية و حصل هناك زي اللي حصل في أنطاكية بيسيدية دخلوا بشّروا ناس آمنت من اليهود و الأمم و بعد كده اضطهاد من اليهود غير المؤمنين راحوا إقليم ليكأونية مدينة لسترة و بشّروا الأمم من أهالي المدينتين و في لسترة، بولس عمل معجزة عظيمة و شفى إنسان مقعد من بطن أمه رد فعل أهل المدينة كان على حسب معتقداتهم الوثنية افتكروا بولس و برنابا آلهة لكن الرسولين فهموا الناس الحقيقة إن دي قوة ربنا يسوع خالق كل شيء و فجأة اتغيّر كل شيء جه اليهود غير المؤمنين من إيقونية و هيّجوا أهل المدينة على الرسولين فرجموا بولس لحد ما افتكروه مات!! آية واحدة ممكن تعدّي علينا لكن أكيد كام فيها عذاب كبير جداً بعد كده راح بولس و برنابا دربة و بشّروا هناك
أنطاكية
العودة إلى أنطاكية
ثم رجعا إلى لسترة وإيقونية وأنطاكية يشددان أنفس التلاميذ ويعظانهم أن يثبتوا في الإيمان، وأنه بضيقات كثيرة ينبغي أن ندخل ملكوت الله. وانتخبا لهم قسوسا في كل كنيسة، ثم صليا بأصوام واستودعاهم للرب الذي كانوا قد آمنوا به ولما اجتازا في بيسيدية أتيا إلى بمفيلية. وتكلما بالكلمة في برجة، ثم نزلا إلى أتالية. ومن هناك سافرا في البحر إلى أنطاكية، حيث كانا قد أسلما إلى نعمة الله للعمل الذي أكملاه ولما حضرا وجمعا الكنيسة، أخبرا بكل ما صنع الله معهما، وأنه فتح للأمم باب الإيمان. وأقاما هناك زمانا ليس بقليل مع التلاميذ.
أعمال الرسل 14 : 21 ل 28
انتهت الرحلة على كده و بدأ طريق العودة اللي مر فيه الرسل على كل الأماكن تاني طبعاً إحساس الناس بتوع لسترة و بولس الرسول (اللي مشي من عندهم مرجوم و بين حي و ميت) داخل تاني و بيقول لهم إن طريق الملكوت لازم يكون فيه ضيقات أكيد كان قدامهم أقوى مثال فقوّى إيمانهم و طبعاً الرسل رسموا كهنة عشان الكنايس اللي بدأت في الأماكن دي تفضل مستمرة بعد ما يمشواو لما رجعوا كنيسة أنطاكية و حكوا لهم انبسطوا جداً بزيادة الكنيسة و إيمان الأمم و بعد كده حصل مجمع أورشليم بسبب بدعة التهود و لهذا مقال آخر :)
دروس من الرحلة
1- الروح القدس هو اللي بيختار خدام معينين لعمل معين حتى لو كان شكل الاختيار غريب (خادم كبير و طيب زي برنابا مع خادم جديد و ناري زي بولس) ربنا عارف هو بيعمل إيه و لازم الكنيسة تمشي بإرشاد الروح القدس مش بالتفكير البشري
2- مش عيب إننا نفشل أو نخاف في خدمة معيّنة مرقس الرسول في أول مهمة ليه مانجحش، رجع في نص الطريق لكن بعد كده إيمانه و استعداده بقى أقوى و بقى أحد أعظم الرسل.
3- في كل زمان و مكان فيه حد يسمع كلمة ربنا فقلبه يتحرك و حد يقسّي قلبه و يعاند الكلمة و ببساطة الفارق في الآخر باين بين شاول اللي بقى بولس لأنه لم يعاند و بين المعاندين اللي شفناهم في أيقونية و لسترة.
4- بضيقات كتيرة ينبغي أن ندخل ملكوت السماوات مافيش خدمة مافيهاش باب ضيّق لكن مع الضيقات فيه يد الله التي تنجي و تنجح الخدمة
5- لازم أي خادم شاطر يسيب مكانه حد يكمل خدمته عشان الخدمة ماتقفش على شخص واحد زي بولس و برنابا لما عملوا مع المدن اللي بشّروا فيها لما رسموا لهم قسوس و هم راجعين أنطاكية.
المزيد
03 يوليو 2024
صوم الرسل
أيام قليلة تفصلنا عن انتهاء صوم الرسل، وصوم الرسل من الأصوام التي أشار اليها السيد المسيح قائلآ “ولكن حينما يرفع عنهم العريس حينئذ يصومون”لا يستهن أحد بصوم أباءنا ، فهو أقدم صوم الرسل عرفته الكنيسة المسيحية فى كل أجيالها واشار إليه السيد بقوله “ولكن حينما يرفع عنهم العريس فحينئذ يصومون” وصام الآباء الرسل ، كبداية لخدمتهم ، فالرب نفسه بدأ خدمته بالصوم ، أربعين يوماً على الجبل . صوم الرسل إذن ، هو صوم خاص بالخدمة والكنيسة، قيل عن معلمنا بطرس الرسول إنه صام إلـى أن “جاع كثيراً واشتهى أن يأكـل ” (أع10:10) فى جوعه رأى السماء مفتوحة، ورأى رؤيا عن قبول الأمم ،وكما كان صومهم مصحوباً بالرؤى والتوجيه الإلهى ، كان مصحوبا أيضاً بعمل الروح القدس وحلوله، ويقول الكتاب: “وبينما هم يخدمون الرب ويصومون ، قال الروح القدس إفرزوا لى برنابا وشاول للعمل الذى دعوتهما إليه.فصاموا حينئذ وصلوا، ووضعوا عليهما الأيادى ، ثم أطلقوهما فهذان إذ أرسلا من الروح القدس،انحدرا إلى سلوكية”(أع13: 2-4) تميز صوم آبائنا الرسل بعدة أمور هامة منها: الصوم، والصلاة والخدمة، وعمل الروح القدس، ويسرنا أن يعمل الروح القدس خلال الصوم وأن تأتى الدعوة الإلهية خلال الصوم، وان تتم سيامة الخدام أثناء الصوم أيضاً ، وأن يبدأ الخدام بالصوم ، قبل البدء بالخدمة.هناك أصوام خاصة بالتوبة ، مثل صوم أهل نينوى، ومثل أصوام التذلل التى تكلم عنها سفر يوئيل . وأصوام أخرى خاصة بطلبة معينة، مثل صوم أستير ، وأصوام لإخراج الشياطين، كما قال الرب إن هذا الجنس لا يخرج بشئ إلا بالصلاة والصوم هناك أصوام نصومها قبل كل نعمة نتلقاها من الرب، كالأصوام التى تسبق الأسرار المقدسة كالمعمودية والميرون والتناول والكهنوت. أما صوم الرسل فهو من أجل الخدمة والكنيسة على الأقل لكى نتعلم لزوم الصوم للخدمة ، ونفعه لها نصوم لكى يتدخل الله فى الخدمة ويعينها . ونصوم لكى نخدم ونحن فى حالة روحية . ونصوم شاعرين بضعفنا… كم اشتهينا مجئ هذا الصوم ، خلال الخمسين المقدسة.
قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
المزيد
02 يوليو 2024
القديس بولس الرسول ج2
القديس بولس مدرسة الفضائل ..
عاش القديس بولس حياته يجاهد ويعمل ويعلم حياة المحبة والإيمان والرجاء والجهاد الروحي كمدرسة للفضائل كما تسلمها من الرب يسوع إذ يقول لانني تسلمت من الرب ما سلمتكم ايضاً (1كو 11: 23) وكانت تعاليمه بنفس روح تعاليم السيد المسيح فمن المخلص وبوحى روحه تعلمها وكان أميناً فى تسليمها { إذ يقول لذلك انت بلا عذر ايها الانسان كل من يدين. لانك في ما تدين غيرك تحكم على نفسك} (رو 2: 1) والتى تقابل {لا تدينوا لكي لا تدانوا. لانكم بالدينونة التي بها تدينون تدانون . وبالكيل الذي به تكيلون يكال لكم }(مت 7: 1، 2). ويقول {لانه ان عشتم حسب الجسد فستموتون. ولكن ان كنتم بالروح تميتون اعمال الجسد فستحيون }(رو 8: 13). و التى نجد مقابلها من تعاليم السيد {فان من اراد ان يخلّص نفسه يهلكها، ومن يهلك نفسه من اجلي يجدها} (مت 16: 25). { لانني تسلمت من الرب ما سلمتكم ايضا ان الرب يسوع في الليلة التي اسلم فيها اخذ خبزا. وشكر فكسر وقال خذوا كلوا هذا هو جسدي المكسور لاجلكم اصنعوا هذا لذكري.كذلك الكاس ايضا بعدما تعشوا قائلا هذه الكاس هي العهد الجديد بدمي اصنعوا هذا كلما شربتم لذكري.فانكم كلما اكلتم هذا الخبز وشربتم هذه الكاس تخبرون بموت الرب الى ان يجيء} (اكو23:11-26). لقد كتب القديس بولس الرسول 109 إصحاحاً فى 14 رسالة شاهداً ومفصلاً لكلمة الله المقدس.باستقامة ، وما تسلمه من الرب سلمه لمن أمنوا علي يديه لاسيما لتلاميذه الذين اوصاهم بان ان يكونوا أمناء فى تسليم شعلة الإيمان للآخرين { و ما سمعته مني بشهود كثيرين اودعه اناسا امناء يكونون اكفاء ان يعلموا اخرين ايضا }(2تي 2 : 2).
كان القديس بولس قلباً ملتهباً بمحبة الله { من سيفصلنا عن محبة المسيح اشدة ام ضيق ام اضطهاد ام جوع ام عري ام خطر ام سيف. كما هو مكتوب اننا من اجلك نمات كل النهار قد حسبنا مثل غنم للذبح. و لكننا في هذه جميعها يعظم انتصارنا بالذي احبنا. فاني متيقن انه لا موت و لا حياة و لا ملائكة و لا رؤساء و لا قوات و لا امور حاضرة و لا مستقبلة.و لا علو و لا عمق و لا خليقة اخرى تقدر ان تفصلنا عن محبة الله التي في المسيح يسوع ربنا} (رو 35:8-39). كما قدم حياته قربانا لله الذى أحبه ومنذ ان تقابل مع الرب فى الطريق الى دمشق والى ان قدم دمه الطاهر شهادة لإيمانه وكانت حياته صلاة وحب لله كما جاهد الجهاد الحسن لنشر الإيمان ولبناء كنيسة الله { متضرعا دائما في صلواتي عسى الان ان يتيسر لي مرة بمشيئة الله ان اتي اليكم} (رو 1 : 10). { نشكر الله كل حين من جهة جميعكم ذاكرين اياكم في صلواتنا} (1تس 1 : 2). ولهذا طلب منا كما تعلم من سيده ان نصلى ولا نمل { صلوا بلا انقطاع }(1تس 5 : 17) . { فاطلب اول كل شيء ان تقام طلبات وصلوات وابتهالات وتشكرات لاجل جميع الناس} (1تي 2 : 1).
استجاب القديس بولس لدعوة الله له منذ دعاه الى أن أستشهد في غيرة وجهاد لنشر الإيمان المسيحي تحقيقا لدعوة الله المقدسة له { فقلت انا من انت يا سيد فقال انا يسوع الذي انت تضطهده. ولكن قم وقف على رجليك لاني لهذا ظهرت لك لانتخبك خادما وشاهدا بما رايت وبما ساظهر لك به. منقذا اياك من الشعب ومن الامم الذين انا الان ارسلك اليهم.لتفتح عيونهم كي يرجعوا من ظلمات الى نور ومن سلطان الشيطان الى الله حتى ينالوا بالايمان بي غفران الخطايا و نصيبا مع المقدسين}( أع 15:26-18). ودعانا للثبات فى الإيمان { اسهروا اثبتوا في الايمان كونوا رجالا تقووا }(1كو 16 : 13). { مع المسيح صلبت فاحيا لا انا بل المسيح يحيا في فما احياه الان في الجسد فانما احياه في الايمان ايمان ابن الله الذي احبني واسلم نفسه لاجلي }(غل 2 : 20). وطلب منا حياة الفضيلة والنمو الروحي سعيا في طريق الكمال {الى ان ننتهي جميعنا الى وحدانية الايمان ومعرفة ابن الله الى انسان كامل الى قياس قامة ملء المسيح }(اف 4 : 13) ويدعونا ايضا للجهاد الروحي حاملين ترس الإيمان {حاملين فوق الكل ترس الايمان الذي به تقدرون ان تطفئوا جميع سهام الشرير الملتهبة }(اف 6 : 16).
انه رجل الغيرة الملتهبة من أجل خلاص البعيدين والقريبين ومن غيرته على خلاصنا يقول { فإني أغار عليكم غيرة الله ، لانى خطبتكم لرجل واحد لأقدم عذراء عفيفة للمسيح . ولاكننى أخاف أنه كما خدعت الحية حواء بمكرها هكذا تفسد أذهانكم عن البساطة التى للمسيح} (2كو2:11-3).ومن أجل غيرته على خلاص بني جنسه يقول { فإنى كنت أود لو أكون أنا نفسي محروماً من المسيح لأجل أخوتى وانسبائي حسب الجسد} (رو 3:9). وأحتمل فى غيرة وانكار لذاته وباتضاع قلب { وبعد ذلك ظهر ليعقوب ثم للرسل اجمعين. و اخر الكل كانه للسقط ظهر لي انا.لاني اصغر الرسل انا الذي لست اهلا لان ادعى رسولا لاني اضطهدت كنيسة الله. ولكن بنعمة الله انا ما انا ونعمته المعطاة لي لم تكن باطلة بل انا تعبت اكثر منهم جميعهم ولكن لا انا بل نعمة الله التي معي. فسواء انا ام اولئك هكذا نكرز وهكذا امنتم} 1كو 7:15-11).
لخص القديس بولس حياته بانه جاهد الجهاد الحسن وأكل السعي وحفظ الإيمان منتظر آكليل البر من الديان العادل فيقول لتلميذه تيموثاوس { اناشدك اذا امام الله والرب يسوع المسيح العتيد ان يدين الاحياء والاموات عند ظهوره وملكوته. اكرز بالكلمة اعكف على ذلك في وقت مناسب وغير مناسب وبخ انتهر عظ بكل اناة وتعليم.لانه سيكون وقت لا يحتملون فيه التعليم الصحيح بل حسب شهواتهم الخاصة يجمعون لهم معلمين مستحكة مسامعهم. فيصرفون مسامعهم عن الحق و ينحرفون الى الخرافات.واما انت فاصح في كل شيء احتمل المشقات اعمل عمل المبشر تمم خدمتك. فاني انا الان اسكب سكيبا ووقت انحلالي قد حضر. قد جاهدت الجهاد الحسن اكملت السعي حفظت الايمان. واخيرا قد وضع لي اكليل البر الذي يهبه لي في ذلك اليوم الرب الديان العادل وليس لي فقط بل لجميع الذين يحبون ظهوره ايضا} (2تي 1:4-8).
أذكروا مرشديكم ..
اليك يا الهنا الصالح نقدم الشكر والتسبيح على نعمة الإيمان التى تسلمناها من أبائنا الرسل القديسين ومن بينهم قديسنا وكارزنا القديس بولس الرسول شاكرين محبته وذاكرين اتعابه من أجل نشر الإيمان . وكما علمنا هذا الكاروز العظيم {اذكروا مرشديكم الذين كلموكم بكلمة الله انظروا الى نهاية سيرتهم فتمثلوا بايمانهم} (عب 13 : 7). فاننا ننظر الى نهاية سيرته الطاهرة ونتمثل بإيمانه وغيرة وجهاده ومحبته .
السلام لك يا رسول الجهاد ومدرسة الفضائل ، ايها الكارز بالأيمان الأقدس الذى دعوتنا اليه . داعيا ايانا ان نخلع أعمال الظلمة ونلبس أسلحتة النور ونجاهد الجهاد الحسن من أجل الرجاء الموضوع أمامنا ناظرين الى رئيس الإيمان ومكمله . السلام لك يا ابانا القديس يا من لم يفتر بدموع ان ينذر كل أحد لكى نسلك بالتدقيق لا كجهلاء بل كحكماء ، مفتدين الوقت فى هذه الأيام الشريرة.
السلام لك يا معلمنا اسلحة الحرب الروحية لننتصر على محاربات الشيطان { اخيرا يا اخوتي تقووا في الرب وفي شدة قوته. البسوا سلاح الله الكامل لكي تقدروا ان تثبتوا ضد مكايد ابليس.فان مصارعتنا ليست مع دم و لحم بل مع الرؤساء مع السلاطين مع ولاة العالم على ظلمة هذا الدهر مع اجناد الشر الروحية في السماويات. من اجل ذلك احملوا سلاح الله الكامل لكي تقدروا ان تقاوموا في اليوم الشرير وبعد ان تتمموا كل شيء ان تثبتوا.فاثبتوا ممنطقين احقاءكم بالحق و لابسين درع البر. و حاذين ارجلكم باستعداد انجيل السلام.حاملين فوق الكل ترس الايمان الذي به تقدرون ان تطفئوا جميع سهام الشرير الملتهبة. و خذوا خوذة الخلاص و سيف الروح الذي هو كلمة الله. مصلين بكل صلاة و طلبة كل وقت في الروح و ساهرين لهذا بعينه بكل مواظبة و طلبة لاجل جميع القديسين} أف 10:10-18.
السلام لك ايها الرسول الذى دعانا الى حياة المحبة والايمان والرجاء { المحبة تتانى وترفق المحبة لا تحسد المحبة لا تتفاخر ولا تنتفخ.ولا تقبح و لا تطلب ما لنفسها ولا تحتد ولا تظن السوء.ولا تفرح بالاثم بل تفرح بالحق. وتحتمل كل شيء وتصدق كل شيء وترجو كل شيء وتصبر على كل شيء.المحبة لا تسقط ابدا ، اما الان فيثبت الايمان والرجاء والمحبة هذه الثلاثة ولكن اعظمهن المحبة} (1كو 4:13-8،13). أطلب من الرب عنا ايها الرسول القديس بولس الرسول ان يقوى إيماننا ويلهب قلوبنا بالمحبة ويملأ حياتنا بالرجاء ويغفر لنا خطايانا.
القمص أفرايم الأنبا بيشوى
المزيد
01 يوليو 2024
مع الآباء الرسل القديسين القديس بطرس، رسول الرجاء (1)
سمعان بطرس الرسول
القديس بطرس الرسول هو سمعان بن يونا وهو أخو أندراوس وكانت مهنته صيد السمك، من بيت صيدا على ساحل بحيرة طبرية. أصبح هو وأخوه أندراوس من تلاميذ يوحنا المعمدان لفترة قبل أن يتعرف على السيد المسيح وتتلمذ على يديه ويترك كل شئ ويتبعه. تعرف علي السيد المسيح فى وقت مبكر لخدمة المخلص الجهارية عقب العماد عن طريق أخيه أندراوس الرسول {هذا وجد أخاه سمعان. فقال له قد وجدنا مسيا الذي تفسيره المسيح. فجاء به إلى يسوع. فنظر إليه يسوع وقال: أنت سمعان بن يونا. أنت تدعى صفا الذي تفسيره بطرس } (يو 1: 40 – 42). وأصبح سمعان بطرس أول إسم في الإثنى عشر لكبر سنه عن بقية التلاميذ ، بل وأصبح أحد ثلاثة مقربين جداً من السيد المسيح وهم بطرس ويعقوب ويوحنا، الذين أخذهم إلى جبل التجلي أضاء وجهه أمامهم كالشمس، وصارت ثيابه بيضاء كالنور ورأوا معه موسى وإيليا يتكلمان معه، وأخذه الرب معه في إقامة ابنة يايرس من الموت. وفي ذلك يقول إنجيل مرقس { ولم يدع أحداً يتبعه إلا بطرس ويعقوب ويوحنا أخا يعقوب }(مت 37:26). ولذلك فإن بولس الرسول يعتبره أحد الأعمدة الثلاثة في الكنيسة أيام الرسل{ فاذ علم بالنعمة المعطاة لي يعقوب وصفا ويوحنا، المعتبرون أنهم أعمدة، أعطوني وبرنابا يمين الشركة. لنكون نحن للأمم، وأما هم فللختان} (غل 9:2).
كان القديس بطرس الرسول يحب السيد المسيح جداً. ويحب كلامه وتعليمه. ولذلك لما رجع بعض التلاميذ إلى الوراء سأل الرب بقية التلاميذ{ ألعلكم أنتم أيضاً تريدون أن تمضوا ؟! أجابه سمعان بطرس "يارب، إلى من نذهب ؟! كلام الحياة الأبدية عندك{ (يو 66:6-68) . وليلة خميس العهد لما قال الرب لتلاميذه { كلكم تشكون فيّ في هذه الليلة } فأجاب بطرس باندفاعه المعروف { وإن شك فيك الجميع، فأنا لا أشك أبدا. ولو اضطررت أن أموت معك، لا أتركك} (مت31:26-35) { إني مستعد أن أمضي معك، حتى إلى السجن وإلى الموت} (لو 33:22) حقاً، إنه أنكره ثلاث مرات، ولكن عن ضعف، وليس عن عدم حب. بدليل أنه لما صاح الديك { خرج خارجاً، وبكى بكاءً مراً } (مت 75:26). وبدليل أنه أجاب الرب بعد القيامة { أنت يارب تعرف كل شيء. أنت تعلم أني أحبك } وقد قبل الرب توبته، وثبته في رسوليته وقال له { فبعدما تغدوا قال يسوع لسمعان بطرس يا سمعان بن يونا أتحبني أكثر من هؤلاء قال نعم يا رب انت تعلم اني احبك قال له ارع خرافي }(يو 21 : 15).
وقد أظهر بطرس الرسول شجاعة كبيرة وجرأة بعد حلول الروح القدس. الإصحاحات الأولى من سفر أعمال الرسل تكاد تكون مركزة على خدمة الرسولين بطرس ويوحنا وعمل الروح القدس معهم. وتحكي لنا عما فعلاه في بناء الكنيسة الأولي ويكفي تأثير عظته في يوم الخمسين، التي جذبت إلى الإيمان حوالي ثلاثة آلاف رجل نخسوا في قلوبهم و تعمدوا (أع 2). كذلك عظته بعد شفاء الأعرج (أع 3)، ووقوفه أمام كل رؤساء اليهود وكهنتهم بكل شجاعة. وإظهار إيمانه بكل مجاهرة.
رسول الرجاء
حياة القديس بطرس الرسول شاهد حي على نعمة الله المغيرة والقادرة على تغيير رجل عادى من عامة الشعب بلا مؤهلات دراسية او منصب مرموق ، له أخطائه و تهوره واندفاعه وطيبة قلبه ، عندما سلم حياته للتلمذة على يد النجار الأعظم ، حوله إلى رسول ورابح النفوس ملكوت الله السماوي . انه شهادة حيه لعمل النعمة التى أنتشلته من الضعف والأنكار والحزن فى لحظات الضعف ليرده المخلص الذى طلب من الآب السماوي لكي لا يفنى إيمانه . لقد أختبر القديس بطرس قوة الرجاء الغافرة للخطايا من أجل هذا كتب يقول لنا {مبارك الله ابو ربنا يسوع المسيح الذي حسب رحمته الكثيرة ولدنا ثانية لرجاء حي بقيامة يسوع المسيح من الأموات. لميراث لا يفنى ولا يتدنس ولا يضمحل محفوظ في السماوات لاجلكم . انتم الذين بقوة الله محروسون بإيمان لخلاص مستعد ان يعلن في الزمان الأخير. الذي به تبتهجون مع انكم الان ان كان يجب تحزنون يسيرا بتجارب متنوعة. لكي تكون تزكية إيمانكم وهي أثمن من الذهب الفاني مع انه يمتحن بالنار توجد للمدح والكرامة والمجد عند استعلان يسوع المسيح}( ابط 3:1-7). نعم إن القديس بطرس هو رسول الرجاء للخطاة والأمل لمن تعثروا فى الطريق، والإيمان لمن جاء عليه زمان ضعف وأنكر مخلصه، الرسول الداعي للقداسة لمن عاشوا فى وحل الخطية والمبشر بالإيمان والثقة بالله لكل نفس بشرية تعرضت للفشل والإحباط مراراً كثيرة .
صياد السمك يتكل على الله وتتغير من حوله الظروف الجوية ويكتسب رزقه يوما بيوم ولا يملك الا القليل. وقد ترك حتى القليل الذي يملكه ليخدم ويتتلمذ على المعلم الصالح، وربح نفسه والجوهرة الكثيرة الثمن "الإيمان " الذى يصنع المعجزات ويقيم الأموات ويجعل الجاهل حكيم والخاطئ قديس. كما رأينا فى حديثه مع الشحاذ الأعرج المقعد عند باب الجميل {فتفرس فيه بطرس مع يوحنا وقال انظر إلينا، فلا حظهما منتظرًا أن يأخذ منهما شيء}(أع 3: 4). لقد قدم له الشيء الذي لا يملكه آخر، وهو أعظم شيء يمكن أن يقدم للإنسان البائس على الأرض {فقال بطرس ليس لي فضة ولا ذهب ولكن الذي لي فإياه أعطيك. باسم يسوع المسيح الناصري قم وامش. وامسكه بيده اليمنى وأقامه ففي الحال تشددت رجلاه وكعباه، فوثب ووقف وصار يمشي ودخل معهما الهيكل وهو يمشي ويطفر ويسبح الله} (أع 3: 6-8) كان اسم المسيح عند بطرس أعظم وأجل وأمجد من كل كنوز العالم، وقد قدمه للرجل المريض فشفاه، وأعطاه الرجاء في حياة حرة كريمة نافعة. وأعطاه أكثر من ذلك إيمانًا قويًا بسر الحياة في الاسم العجيب المبارك اسم المسيح. وما أحوج العالم اليوم إلى السيد المسيح الذى يشفى مرضه وعجزه وحاجته وضعف إيمانه بالله.
+ كان بطرس ممتلئ من العواطف البشرية ويعلن عنها في مواقف حياته ولا يخبئها ، أليس هو الصارخ في إحدى المناسبات {أخرج من سفينتي يا رب لأني رجل خاطيء}(لو 5: 8) وفي قيصرية فيلبس عندما تكلم السيد المسيح عن آلامه وصلبه {فأخذه بطرس إليه وابتدأ ينتهره قائلاً حاشاك يارب لا يكون لك هذا} (مت 16: 22). بل قال {إني أضع نفسي عنك} (يو 13: 37). وعندما خرج في تلك الليلة الرهيبة يوم ان أنكر معرفته بسيده {بكي بكاء مرًا} (لو 22: 62). وأكثر من ذلك كان يملك قوة إرادة هائلة، لقد ترك كل شيء ليتبع المسيح، وترك القارب ليمشي إليه على الماء ، وتجرأ على أن يحتج على المسيح علنًا، وجرد سيفه وضرب عبد رئيس الكهنة ، أنه كالفحم الهش الذي يسهل أن تتفكك عناصره لكن بقوة الضغط والحرارة عليه ومع الزمن يتحول إلى الماس الصلب الصلد الثمين، والذي يعتبر من أقوى العناصر تماسكًا وصلابة. وقد أمكن للإنسان على هذا الأساس أن يصنع الماس الصناعى من الفحم الأسود! وإن كان الأمر في الطبيعة هكذا ، فإن نعمة الله الغنية التي للفخاري العظيم، غيرت سمعان الي بطرس الرسول وتغيير من وعائنا الفاسد ليعيد الله صنعه من جديد اناءاَ الكرامة والمجد عندما يخضع لعمل محبة الله الآب ونعمة الإبن الوحيد ونعمة الروح القدس.
القمص أفرايم الأنبا بيشوى
المزيد
30 يونيو 2024
وصاياه ليست ثقيلة - الأحد الرابع من بؤونة
من إنجيل معلمنا لوقا البشير بركاته على جميعنا آمين ﴿ أحبوا أعداءكم أحسنوا إلى مبغضيكم باركوا لاعنيكم وصلوا لأجل الذين يُسيئون إليكم ﴾ ( لو 6 : 27 – 28 ) هذه الآيات هي جزء من التعاليم التي قالها ربنا يسوع في الموعظة على الجبل وربما تجد أن هذه التعاليم تصطدم مع العقل البشري وقد أيضاً تصطدم مع الذات البشرية ولو بحثنا في كل الأديان لا نجد مثل هذه التعاليم أبداً ولذلك فكثير من الذين قرأوا هذه التعاليم شعروا أنهم أمام طريق يصلهم إلى الله فالموعظة على الجبل إلى الآن تعاليمها تجذب الكثير من النفوس البعيدة عن الله لأنها تعاليم جديدة وغريبة عليهم لأن هذه التعاليم لا تخاطب الإنسان العتيق ولكنها تخاطب الإنسان الجديد فهي تعاليم فريدة في معانيها وأحياناً عندما نقرأ هذا الكلام قد نقول أن هذه الوصايا ثقيلة علينا فكيف نحب الناس الذين لا يحبوننا ؟ وسنتحدث في ثلاث نقاط هامة :-
1- أهمية تنفيذ الوصية :-
في الجزء السابق يقول ربنا يسوع أن نحب أعداءنا ونُحسن إلى مبغضينا وأن نبارك لاعنينا ولابد أن نلاحظ الفرق بين العدو والمُبغض واللاعن لأن العدو يعتبر أقل وطأة من المُبغض فقد نستطيع أن نسمي الإنسان الذي يكون ضدي على أنه عدو ولكن الذي يُبغض أي أنه يكره بشدة والذي يلعن يعني أنه لا يُبغض فقط بل يعبر عن هذه البغضة ولذلك نجد أن هناك ثلاث درجات :-
أ - العدو
ب- المُبغض
ت- اللاعن
ولكن كل ما تزداد عداوة أي إنسان ليَّ كل ما أزداد في محبتي له وأيضاً الذي يبغضني من داخل قلبه فعليَّ أن أُحسن إليه وهذا يعني أن لا أحبه فقط بل أُحسن إليه من كل قلبي وأيضاً أعطيه أي شئ وبذلك يعتبر الحب الذي أقدمه هو حب إيجابي فهو يصل إلى درجة أن الإنسان الذي يلعني أباركه .
فهناك جانبين الجانب الأول يبدأ من العدو الذي لا يحبني إلى الذي يلعني والجانب الآخر يبدأ بالحب وينتهي بالمباركة ولكن من يستطيع أن ينفذ هذا الكلام ؟ فالعقل البشري يصطدم بالوصايا لأنه إذا قرأ الإنسان الوصية خارج إطار المسيح فسيُصدم بها وعندما يقرأ الوصية خارج الروح القدس الذي يستطيع أن ينفذ الوصية داخله فسيصاب باليأس والإحباط والعجز وفي هذه الحالة تظهر الوصية على أنها كلام صعب .. ولهذا يقول القديس أنطونيوس ﴿ أن وصاياه ليست ثقيلة بل نور حقيقي وسرور أبدي لكل من أكمل طاعتها ﴾ وعندما ينفذ الإنسان الوصايا يبدأ يتعلم طريق جديد في حياته وهو أن لا ينظر إلى ما لنفسه بل إلى ما للآخر وابتدأ يعرف أن هناك طريق جديد في حياته مقاد بروح الله وروح القداسة ولهذا فإن وصايا المسيح لا نستطيع أن ندركها أو نحياها إلا بالمسيح ولكن خارج المسيح يشعر الإنسان بالعجز والفشل فكيف يستطيع أن يحب الذي يكرهه ثم يحسن إليه ويباركه ؟!! وكلمة * المباركة * هنا تعني * الله يباركك * ولكن الإنسان في المسيح يسوع يستطيع أن ينفذ الوصايا ولهذا يقول رب المجد ﴿ ومن أخذ رداءك فلا تمنعه ثوبك أيضاً وكل من سألك فأعطه ومن أخذ الذي لك فلا تطالبه ﴾ ( لو 6 : 29 – 30 ) وهذا الكلام لا يستطيع أن يفهمه إلا الإنسان الجديد أي الإنسان الثابت في المسيح يسوع فأنت لا تقدر أن تأخذ قوة فعل الوصية إلا بالمسيح يسوع وفي هذه الحالة تستطيع أن تقول ﴿ أستطيع كل شيءٍ في المسيح الذي يقويني ﴾ ( في 4 : 13) فالله هو القادر أن يعلمك ويرشدك ويقودك إلى كل الحق وهنا يأتي سؤال هام وهو كيف يطبق الإنسان الوصايا ؟ وكيف يقيس نفسه على الوصية ؟ فكل ما على الإنسان أن يدخل داخل الوصية وأن يأخذ قوتها فكل وصية لها قوة مختفية ورائها وهناك بعض من الأفعال التي تظهر أنها مستحيلة ولكن الله يعطي للمشتاق والذي يطلب ويعطي للإنسان الذي قلبه يتحرك بفعل الوصية فالإنسان عندما يعيش الوصايا يبدأ يتغير ويصير هو نفسه آية ويصير هو نفسه إنجيلاً ويُصبح رسالة المسيح المقرؤة وترى الناس فيه صورة لم تراها من قبل لأنها ترى فيه الإنجيل العملي والوصايا المشروحة ويروا المسيح الذي يجول يصنع خيراً ويُبارك كل من يلعنه فالمسيح ليس قصة إنتهت أو أن المسيح جاء لزمن ما وانتهى ولكن المسيح هو هو أمساً واليوم وإلى الأبد( عب 13 : 8 ) إن وصية المسيح باقية إلى الأبد لأنها وصية لم تُكتب لزمنٍ ما أو لفئة معينة بل كُتبت لكل من استنار عقله وقلبه بعمل الروح ومن هنا يستطيع الإنسان أن يتخطى نفسه ويصبح فيه قوة جديدة داخل حياته تعمل فيه وبذلك يستطيع أن ينفذ الوصايا ولكن كل ما يعيش الإنسان في دائرة ذاته ولا يخرج إلى دائرة المسيح فسيظل يعيش في عزلة .
2- مفهوم الآخر في المسيح يسوع :
نجد أن جماعة الفلاسفة والملحدين الذين ينكرون وجود الله يقولون أن الآخر هو الجحيم لأن الآخر هو الذي يأخذ الأشياء التي تخصني وهناك قصة ذكرها أحد الملحدين يقول فيها أن الإنسان الأول وُجد في الفردوس ثم بدأ يصف الإنسان وهو يعيش في الفردوس في حالة من الفرح والشكر لله ثم بعد ذلك جاء ملاك ومعه شخص آخر فبدأ في تقاسم المكان بينهما ثم بعد ذلك جاء الملاك وأحضر شخص آخر وهكذا إلى أن إزداد عددهم وابتدأ يحصل بينهم مشاجرة ومن هنا جاءت فكرة أن الجحيم هو الآخر ولكن في المسيح يسوع الآخر هو المسيح والآخر هو الذي أحبه وأعطيه وأقدمه على نفسي والآخر هو الذي أعيش معه الوصية وهو الذي يوصلني للملكوت فالآخر في المسيح يسوع هو الملكوت في حين يقول الفلاسفة أن الآخر هو الجحيم والذي يوافق على هذا الرأي هو الإنسان الأناني والمنعزل فوصايا المسيح تخرجك خارج أنانيتك وخارج نفسك وتجعلك تنفق نفسك من أجل الآخر وتقول﴿ أحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيَّ ﴾ ( غل 2 : 20 ) وذلك لأن الذات لم تصبح المركز بل أصبح المسيح هو المركز وأيضاً يقول رب المجد ﴿ إن أحببتم الذين يحبونكم فأي فضلٍ لكم ﴾ ( لو 6 : 32 ) لأن هذا يعتبر مستوى أناني لأن هذا الحب يكون متبادل وأيضاً يقول رب المجد ﴿ وإن أقرضتم الذين ترجون أن تستردوا منهم فأي فضلٍ لكم فإن الخطاة أيضاً يقرضون الخطاة لكي يستردوا منهم المثل بل أحبوا أعداءكم وأحسنوا وأقرضوا وأنتم لا ترجون شيئاً ﴾ ( لو 6 : 32 – 35 ) فاقرض وأنت لا تنتظر أن تأخذ شيئاً ومن هنا يصبح الإنسان لا يعيش للأرض ولا يعيش للأنانية أو لجمع المال لأن كل من يسأله يعطيه حتى ينفق كل أمواله ثم يوزع أيضاً الثوب والرداء لأن هذا الإنسان إبتدأ يخرج من دائرة نفسه ومن سلطان الأنا إلى سلطان المسيح فلكي يستطيع الإنسان أن ينفذ الوصية عليه أن يدخل داخل دائرة الروح وأن يدخل في شرِكة المسيح وفي حياة المسيح وفي أسراره وسيشعر أنه يبحث عن أي فرصة للعطاء ويشعر أن الإنسان الذي يعطيه هو الذي يعمل فيه معروف وليس العكس ولكن إذا بعد الإنسان عن المسيح فيشعر أنه لا يريد أن يرى الشخص الذي يعطيه بل ويشعر أنه يريد أن يهرب منه وذلك لأنه يعيش لنفسه وعندما يعيش الإنسان مع المسيح تُصبح الوصية خفيفة ونيره خفيف وحمله هين لأن الإنسان بدأ في تنفيذ الوصية بالمسيح وبالروح وبدأ يكون فيه جبروت أولاد الله ويستطيع أن يسيطر على مشاعره وعندما يتحد الإنسان الجديد بالمسيح يسوع يشعر أن هناك أشياء كثيرة تتغير داخله ويحدث له ثورة ويبدأ في الخروج من الأنانية ومن الذات وابتدأ يكون داخله روح القداسة وبذلك لا تصبح الوصية ثقيلة أو مُبالغ فيها ولكن مادام الإنسان بعيد عن دائرة المسيح تُصبح الوصية بالنسبة له مُبالغ فيها فالإنسان فيه قوة كبيرة ولكن عليه أن يكتشفها فأنت في المسيح يسوع فيك قوة كبيرة أنت مدعو إليها ولو ترك الإنسان مركز القوة الذي داخله وأصبح يعيش لنفسه فهو بذلك فقير ولكن إتحد بالمسيح وخذ منه القوة حتى تستطيع أن تعيش الوصايا فالإنسان في المسيح يسوع يقدر أن يغلب العدو ويغلب ذاته وشهواته ويغلب العالم ويقف ضد العالم لأن المسيح داخله فالله هو الذي يعطي له حياة ويجعله يرتفع فوق صغائر كثيرة جداً فالإنسان العادي قد يتشاجر على ماديات أو يتصارع على أشياء ولكن الذي إقتنى المسيح فهو إقتنى جوهرة غالية الثمن فالإنسان عندما يجد شئ غالي فإن كل الأشياء الأخرى تبدو له تافهة وصغيرة فكل ما الإنسان يصعد إلى أعلى كل ما تبدو الأشياء التي تحته صغيرة مثل سن الدبوس وعندما نصعد إلى فوق سنجد أن كل الأشياء التي نتمسك بها ما هي إلا أشياء صغيرة والكنيسة تحتفل بعيد القديس العظيم الأنبا موسى الأسود فإذا قرأ الإنسان قصته خارج دائرة المسيح يجدها أنها مستحيلة فكيف إنسان يصل إلى هذه الدرجة من الشر ثم بعد ذلك يتوب ؟!! ولم يتب يوم أو إثنين بل إنه تاب مدى حياته ثم بعد ذلك يتقدس ويُصبح راهب ومرشد ورئيس جماعة ويُحكى أن الرهبان أرادوا أن يكون القديس موسى الأسود قس وكلمة * قس * ليست مجرد رتبة ولكن تعني * مدبر * فقد يوجد آلاف الرهبان ولكن يوجد قس واحد أي كاهن واحد هو الذي يأخذ الإعترافات وهنا نجد التحول الذي حدث في حياة الأنبا موسى الأسود من شرير وفاسق وقاتل إلى راهب ومن شدة نسكه وفضائله ذاع صيته لدرجة أن الرهبان أرادوا أن يكون الأنبا موسى مرشد لهم فأخذوه إلى البطريرك ليرسمه كاهن وكلمة * قس القلالي * تعني أنه الشخص الوحيد الذي أخذ الرتبة التي تسمح له بأخذ الإعترافات فالراهب في العصور الأولى يعتبر راهب فقط ولا يُصبح كاهن إلا إذا أصبح مدبر لجماعة الرهبان فالتحول الذي حدث للأنبا موسى الأسود ما هو إلا نعمة الله الغزيرة القادرة أن تحول فكل ما فعله الأنبا موسى أنه إتحد بالمسيح واختفى داخله فذاب شره داخله وانتقل بر المسيح له وأصبح فيه حرية مجد أولاد الله وفيه سلطان المسيح وفيه قوة المسيح .
3- كيفية تنفيذ الوصية :
إن الله قادر أن يغير قلبك ويحولك من إنسان يعيش تحت نير خطايا ثقيلة إلى قديس ويحولك إلى إنسان مرشد وإلى إنسان يشتهي الإستشهاد وهذا ما حدث مع الأنبا موسى الأسود فالمسيح قادر أن يغيرنا ولكن كل ما علينا أن نخضع للنعمة وأن نترك أنفسنا لعمل الله فهي التي تشكلنا من جديد فالوصية تعطي للإنسان قوة وتغيره ويُصبح فيه إمكانيات جبارة ويهزم العدو بالرغم من أن العدو له سلطان وشرس جداً على كل من ترك الوصايا وكل من خرج من دائرة قوة الله ولكن الإنسان المسيحي متسلح بسلاح قوي جداً وهو إسم المسيح وأيضاً متسلح بقوة الوصايا فالإنسان المسيحي يأخذ جسد ودم ربنا يسوع فأنت مدعو إلى حياة النصرة وعندما نترك مصادر قوتنا فإن العدو يسخر بنا ويلهو بنا إلى درجة أنه يُعير إلهنا ويقول * هؤلاء هم أولادك * ويقول القديس يوحنا ذهبي الفم ﴿ أنه يتعجب على إبن الأكابر الذي يقف على رؤوس الشوارع ليسأل لقمة وهو يملك في نفسه مفاتيح مخازن الحياة ﴾ أنت داخلك كنز فالمسيح داخلك ولكي تستطيع أن تنفذ وصية فعليك أن تقترب إلى آية وتتودد إليها وتطلب أن تعمل في حياتك وتطلبها طوال النهار وأيضاً يستطيع الإنسان أن يطلب فضيلة مثل العفة أو يطلب أن يكون متسامح أو يطلب العطاء أو روح الصلاة أو المحبة فاطلب فضيلة أو وصية تكون بعيدة عنك تماماً وترى أنها تكاد تكون مستحيلة بالنسبة لك وسلم نفسك لعمل نعمة الله فهي تشكلك وتبنيك وتعطيك ما لم تصدقه والناس ترى هذا التغير الذي حدث داخلك ويتعجبوا !!
لقد كان آباؤنا الرسل يكرزوا في أماكن وصل الشر فيها إلى درجة عالية وملك فيها إلى درجة أن عبادات الزنا كانت متاحة والطرق التي كانت تتم فيها السرقة والسُكر والخلاعة منتشرة ومعلمنا بولس الرسول كان يكرز لهؤلاء الناس الذين كانوا يشتغلوا بمثل هذه الأمور ولقد قال عن هذه الأمور أن ذكرها قبيح ( أف 5 : 12) ونجد أن هذه الناس تغيرت وتابت وتقدست وأصبحت الناس تتعجب لأن الشر له سلطان فما الذي يجعل هذه الناس تتغير ؟ ولهذا يقول ﴿ الأمر الذي فيه يستغربون أنكم لستم تركضون معهم إلى فيض هذه الخلاعة عينها مجدفين ﴾ ( 1بط 4 : 4 ) لقد إستغربوا كيف هؤلاء الناس الذين كانوا معهم في الشر وفي الأعمال القبيحة إستطاعوا أن يتوبوا عن هذه الأفعال ؟!! فكيف يستطيع إنسان أن يدخل في دائرة هذه الأشياء ويتوب عنها ؟ ولكن نعمة الله الغزيرة تحول الإنسان من إنسان أناني إلى إنسان معطي ومن إنسان عدواني إلى إنسان يبارك الذي يلعنه فنرى كيف كان الأنبا موسى الأسود إنسان شرير وشرس ويقتل بلا سبب ثم ابتدأ يرحم بلا سبب !! وإذا سألته يقول لك أن نعمة الله قد إفتقدته لقد ذاق حلاوة الله وذاق قوته في حياته فهو لا يريد أن يتذكر هذا الشر كل هذا نتيجة عمل المسيح فعندما يدخل الإنسان داخل دائرة المسيح فالمسيح قادر أن يغيره وقادر أن يعطي له نعمة وأن يقدس كل كيانه ويُصبح إنسان محب للصلاة ومحب للعبادة وللتسامح وهذا هو انتصار الروح داخل الإنسان وهذا هو التغيير الذي يدعونا إليه ربنا يسوع فهو يريد أن لا تتحول فقط من إنسان شرير إلى إنسان صالح بل إنسان على صورة الله إنسان يحمل الله داخله إنسان يمجد الله بكل أعماله فقط كل ما على الإنسان أن يصلي بأمانة ويطلب النعمة لكي يستطيع أن ينفذ الوصية ومن الجميل أن كل الوصايا تؤدي إلى بعض فمثلاً عندما يطلب الإنسان الطهارة تجد أنه يتعلم هذه الفضيلة وتأتي إليه فضيلة أخرى مثل الوداعة ثم العفة ثم المحبة فالوصايا كلها لها قانون واحد وقاعدة واحدة وكل هذا لأنك دخلت داخل دائرة المسيح ومن المؤسف أن يكون الإنسان غني ويشعر أنه فقير أو تكون القوة متاحة له ويشعر أنه ضعيف فالقديس الأنبا موسى سُميَ * بالقوي * لأنه قوي في توبته وفي ثباته وفي عزيمته فلا تظن أنك إذا أردت أن تعيش في طريق الله أنك ستجد كل الأمور سهلة ولكن الحروب ستستمر ولقد ظل الأنبا موسى يصارع ولكن بثبات وقوة وظل يحارب لدرجة أنه كان من الممكن أن يذهب إلى أب إعترافه عشرات المرات يشكو نفسه ويشكو عدوه ويفضح ذاته لأنه إنسان وضع في قلبه أنه مهما العدو أغواه فإنه لن يرجع مرة أخرى وهذا هو الثبات المدعوين له نحن أيضاً ففي المسيح يسوع هناك قوة كبيرة تنتظرك وربنا يسوع هو معطي الصالحات وهو كنز الصالحات الذي يعطي لأولاده كل قوة وكل خير فالله يريد أن ينقلنا من إنسان يسلك حسب الجسد إلى إنسان روحي ومن إنسان مهزوم إلى إنسان غالب ولكن كل ما عليك أن تدخل داخل دائرته وأن تحتمي فيه وأن تطلب إسمه باستمرار وأن تتودد إلى الوصية لكي ما تأخذ قوة من فعلها ولكي ما تخترق حياتك وتمجد إلهك الذي أعطاك قوة ونعمة لتنفيذ الوصية ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته ولإلهنا المجد إلى الأبد آمين.
القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا انطونيوس محرم بك الاسكندرية
المزيد
29 يونيو 2024
إنجيل عشية الأحد الرابع من شهر باؤنه ( مت ٥ : ٣٤ - ٤٨ )
" وأما أنا فأقولُ لكُم: لا تحلفوا البَتَّةَ، لا بالسماء لأنَّها كرسي الله ، ولا بالأرض لأَنَّها مَوْطِئُ قَدَمَيْهِ، ولا بأورشليم لأنَّها مدينةُ المَلِكِ العظيم. ولا تحلف برأسك، لأنَّكَ لا تقدر أن تجعَلَ شَعرَةً وَاحِدَةً بَيضاء أو سوداء. " بل ليكن كلامُكُمْ : نَعَمْ نَعَمْ، لا لا. وما زادَ على ذلك فهو مِنَ الشَّرِّيرِ. سمعتُم أنَّهُ قيلَ : عَينٌ بعَينِ وسِن بسن. وسن بسن. وأما أنا فأقولُ لكُم: لا تُقاوموا الشَّرَّ، بل مَنْ لَطَمَكَ عَلَى خدك الأيمَنِ فَحَوِّلْ لَهُ الآخر أيضًا. ومَنْ أَرادَ أنْ يُخاصِمَك ويأخُذَ ثوبَكَ فاترك له الرداء أيضًا. ومن سخَّرَكَ ميلاً واحِدًا فاذهب معه اثنين. مَنْ سألك فأعطهِ، ومَنْ أَرادَ أَنْ يَقْتَرِضَ مِنكَ فَلا تَرُدَّهُ. سمعتُمْ أَنَّهُ قيلَ: تُحِبُّ قريبك وتُبغِضُ عَدوَّكَ وأما أنا فأقولُ لكُم: أحبوا أعداءكُمْ. باركوا لاعنيكُمْ.أحسنوا إلى مبغضيكم ، وصلوا لأجل الذين يسيئون إِلَيْكُمْ ويطردونكُمْ ، لكي تكونوا أبناء أبيكم الذي في السماواتِ، فَإِنَّهُ يُشرِقُ شَمسَهُ علَى الأشرار والصالحين، ويُمطِرُ على الأبرار والظَّالِمِينَ لأَنَّهُ إِنْ أَحْبَبْتُمُ الذين يُحبونكم، فأي أجر لكم؟ أليس العشارون أيضًا يَفْعَلُونَ ذلك؟ " وَإِنْ سلَّمْتُمْ عَلَى إِخْوَتِكُمْ فقط، فأي فضل تصنعون؟ أليس العشارون أيضًا يَفْعَلُونَ هكذا ؟ فكونوا أنتُمْ كاملين كما أنَّ أباكم الذي في السماوات هو كامل ".
ناموس المسيح
قيل للقدماء ... أما أنا فأقول لكم". الله لم يتغير ، ووصاياه وأحكام فمه هي هي. ولكن الذي يتغير هو الإنسان كان قبلاً عبدًا أما الآن فابن المسيح كان مرفوضًا أما الآن فمقبول ... كان ميتا أما الآن فحي بالمسيح ... كان قبلاً ظلمة أما الآن فنور في الرب. لذلك لم يعد ما قيل للقدماء وهم في حال العبودية يتناسب مع الأبناء المولودين ثانية الذين حررهم الابن فصاروا بالحقيقة أحرارًا. لم ينقض الرب الناموس، حاشا، بل أعطاه كماله ورفع قدر الوصية فصارت تتناسب مع الإنسان الجديد.
فإن كانت الوصية في العهد القديم تحكم على الإنسان وتدين انحراف إرادته وتظهر الخطية أنها خاطئة جدا، وتضع أمام الإنسان بشاعة الخطية ناهيه عنها مثل "لا تزن ... فإنسان العهد الجديد ليس فقط ينفر من الزني كخطية بشعة فهذه بديهية، ولكن حتى بذرة الخطية صارت مكروهة... فالدعوة الجديدة لتقديس النظر لأن الداخل مقدس وصار مسكنا لروح القداسة، فالوصية الجديدة جاءت من فم المسيح أن يتحذر الإنسان لنظره ويرفعه دائما نحو السماويات ولا يدع العدو الشرير يخدعه بخداع النظر
وتحويل القلب إلى الشهوات القديمة. الوصية الجديدة إيجابية تشجع على حياة الفضيلة ليس بالنهي عن الرذيلة بل بارتفاع الحياة في الفكر والقلب والنظر معًا . قيل للقدماء وهم محصورون في الجسد - أي جسدانيون - أما أنا فأقول لكم كروحيين.
القسم:
كان كلام الرب في القديم أن تحلف باسم الرب إلهك" لأن الأمم الذين كانوا حولهم كانوا يتعبدون لآلهة كثيرة غريبة - كلها شياطين وكانوا يتبارون في احتفالاتها ونجاساتها وبناء معابدها ونشر أسماءها، لذلك سمح الرب لشعبه أن يحلفوا باسمه، لإظهار اسمه بين الأمم ولكي يظهر أنهم ينتمون إليه تمييزا لهم عن الأمم وآلهة الأمم... أما وقد ظهر أنه ليس إله آخر في السماء وعلى الأرض إلا الآب والابن والروح القدس لذلك قال الرب "لا تحلفوا البتة".أما ما يدور بين الناس في المعاملات، ويتعود الناس على الحلف ليثبتوا كلامهم ويتدخلوا بالأقسام من أجل التصديق فهذا نهى عنه الرب تماما. وضع قانون الكلام لأولاده هكذا "ليكن كلامكم نعم نعم ولا لا". وهذا مرجعه إلى الروح القدس الساكن فينا والناطق والعامل في حياتنا، مرشدنا إلى جميع الحق، وليس فيه كذب أو شبه ظل دوران ... فإن عشنا بالروح فإن من فضلة القلب والكنز الصالح كنز الروح القدس تخرج الصالحات على شفاهنا ... ويمتلئ لساننا سبحًا ... فلا مجال لكلام بطال ولا لأقسام... بل تصير النعم نعم واللا لا... موزونين بميزان
الحق. فإن عاش الإنسان بحسب هذا القانون فإن لغته تظهره أنه إنسان حق وصدق ولا يحتاج إن يبرهن على صدق كلامه لأن الروح نفسه يختم على صدق أقواله في ضمائر الناس جميعًا وصايا الكلام واللسان لا تعالج المظاهر إطلاقا بل تعني بالقلب لأن منه مخارج الحياة من فضلة القلب يتكلم الفم.لذلك يصير الأمر طبيعيًا كلما امتلأ الإنسان بروح النعمة والتضرعات وامتلأ من كلام الصلاة وكلام البركة وصار ينبوع قلبه عذبًا فمن أين يأتي ماء مر كقول يعقوب الرسول فلنجعل الينبوع الذي في الداخل، ينبع إلى حياة أبدية ونعطي للروح القدس أن يعمل فينا بلا مانع من إرادتنا أو عنادنا أو شهوات قلوبنا حينئذ يفيض كقول المزمور فاض قلبي بكلام صالح" فإن كان ثمة وصية للكلام وللسان كمثل باركوا لاعنيكم. أحسنوا إلى مبغضيكم. وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم" فهى تأتي طبيعية سهلة في حياة أولاد الله الذين امتلأت قلوبهم من نعمة الروح المعزي فلا مكان للعنة أو كلمة نابية أو إساءة إلى أحد، بل كل الكنز صار مباركًا فإن لزم الأمر أن أرد على شاتمي فمن ينبوع الروح القدس في قلبي أرد بالبركة فالفم الذي يُبـــــــارك لا يعرف اللعنة.
عين بعين وسن بسن
هذا ما قيل للإنسان البشري ... فإن حقق الإنسان ذلك يكون قد ارتفع عن الطبيعة الحيوانية التي تهاجم وتفترس وتبتدئ بالعدوان.أما وقد رفع المسيح من شأن الإنسان حتى دعي ابن الله. فلا يقاوم الشر... بل يغلب الشر.الذي يشتم فيشتم يصير هو والشاتم في ذات المستوى. الذي يشتم فيبارك يبرهن أنه ارتفع عن مستوى الشاتم إلى مستوى البركة ... الإنسان المسيحي لا يتاجر في الشر، ولا يقابل شرا بشر إن جاع عدوك أطعمه وإن عطش اسقه... هذا هو ناموس المسيح، ناموس الخير كل الخير ... يغلب الشر ويهزمه كما يغلب النور الظلام.إنه عمل كمثل إخراج الشياطين. لا يقدر شيطان أن يخرج شيطانا ، فالشتيمة لا تغلب الشتيمة، والغضب لا يغلب الغضب والبغضة لا تغلب البغضة. بل بروح الله نخرج الشياطين بروح الوداعة نغلب الغضب وبروح المحبة نغلب العداوة.المسيح بذل نفسه لأجل الخطاة. البار من أجل الأثمة
ليقربنا إلى الله ... هذا هو منهج الحياة في المسيح.فبذل الخد الآخر عمل إرادي لا يسلبه أحد منا عنوة أو يغصبنا عليه ... نحن نقدمه طواعية حبًا في الذي مات عنا. هكذا قدم الشهداء ذواتهم حتى ما كان غير مطلوب منهم فعلوه حبًا في المسيح... لقد صاروا أبعد من الوصايا، وتجاوزوا الميل الثاني والثالث لأن الحب الذي فيهم صار کنار لا تعرف حدود.إن الخضوع لوصايا المسيح وعدم مناقشتها يُظهر أننا أولاد الله، وهذه الوصايا عينها هي التي تفرزنا من العالم وتظهر للجميع أننا فعلاً لسنا من هذا العالم... ولأن أولاد الله مولودون من فوق لذلك فالوصايا جميعها فوقانية عالية أعلى من كل ما في العالم وحين نحيا الوصايا فإنها ترفعنا من مجد إلى مجد.بقي أن نقول للذين يستصعبون وصايا المسيح بحسب فكر العقل البشري إن وصاياه" ليست ثقيلة" هذه شهادة التلميذ الحبيب وأن نير المسيح هين وحمله خفيف"بحسب قول المسيح نفسه فلا تصدق عكس هذا الكلام، الأمر يحتاج إلى مجازفة وتنفيذ دون أن نحسب حسابات ويضعف إيماننا يسوع المسيح قال : الذي يحبني يحفظ وصاياي".
المتنيح القمص لوقا سيدراوس
عن كتاب تأملات فى أناجيل عشيات الأحاد
المزيد
28 يونيو 2024
نعمة الستر
من أجمل الكلمات التي يمكن للإنسان أن يُخاطب بها الله هي «نشكرك» وحسب تقلید کنیستنا، فإن هذه العبارة هي المقدمة التعبدية التي نفتتح بها صلواتنا في كل المناسبات، بعد أن نتلو الصلاة الربانية وعندما وضع الآباء فقرات هذه الصلاة، رأوا بنعمة الروح القدس أن يضعوا في مقدمتها النعم السبع الرئيسية التى يشملنا بها الله في كل يوم وهذه النعم جديرة بالتأمل والتمعن والإحساس القوى بقيمتها،وفعلها فى حياتنا اليومية نشكرك يارب لأنك سترتنا، أعنتنا، حفظتنا، قبلتنا إليك، أشفقت علينا، عضدتنا وأتيت بنا إلى هذه الساعة عن هذه النعم اليومية يتحدث هذا الكتاب، بتأملات روحية هادفة ومعينة لك
عزيزي القارئ.
نعمة الستر
"لا تدينوا لكى لا تدانوا ، لأنكم بالدينونة التي بها تدينون تدانون، وبالكيل الذي به تكيلون يكال لكم. ولماذا تنظر القذى الذي في عين أخيك وأما الخشبة التي في عينك فلا تفطن لها ؟ أم كيف تقول لأخيك دعنى أخرج القذى من عينك، وها الخشبة في عينك؟ يا مرائي، اخرج أولاً الخشبة من عينك، وحينئذ تبصر جيدا أن تخرج القذى من عين أخيك" (مت ٧ : ١-٥)
النعمة الأولى وهى «نعمة الستر»، «نشكرك لأنك سترتنا »إن إحدى الصفات التي نصف بها إلهنا الصالح أنه إلهنا الساتر، وستر الله لا يوجد في مفردات اللغة، فلا توجد كلمات تستطيع وصفه، فالله يستر على جميع البشر ولا يستطيع إنسان في الكون أن يقف أمام الله ويقول له: إنه لا يحتاج إلى الستر فحتى الذين يعيشون في الخطية يحتاجون إلى الستر،وأيضا البعيدون عنه والذين ينكرون وجوده والذين قلوبهم فارغة من أي شيء الله يستر عليهم وأيضا الذي يستخدم لسانه في استخدامات شريرة الله يستر عليه حتى اللص عندما يسرق يقول:ربنا يستر !! وفي التقليد الشعبي عندما تسأل شخصا مختبرا للحياة ماذا تريد من الدنيا ؟!! يجيبك تلقائيا بدون أدنى تفكير الستر والصحة وإن سألته ماذا عن المال والتكنولوجيا، ووسائل الترفيه المختلفة، والسفر و...؟!! يجيبك كل هذا ليس له أية قيمة دون الستر والصحة وإن دققت في الأمر ستجد أن الحياة تختصر في هاتين الكلمتين الستر والصحة ولا أحد في هذا الكون يستطيع أن يحصر عدد المرات التي ستر الله عليه فيها، وداود النبي الذي عاش مضطهدا فترة من حياته يقول: «احفظني مثل حدقة العين بظل جناحيك استرني» (مز ۸:۱۷)، وأيضا يقول: «استرنى من مؤامرة الأشرار، من جمهور فاعلى الإثم» (مز ٢:٦٤). وهناك قصة لطيفة قرأتها :يقول أحدهم كنت أشترى كل يوم من بائع صحف صحيفة الـ «لوموند»، كي أتعلم منها اللغة الفرنسية لكن هذا البائع علمني درسا هو أهم من اللغة الفرنسية، وهو درس العمر
كله، فيقول عندما كنت أسأله كل يوم كيف حالك اليوم؟ كان يجيبني: «في نعمة الستر» فأندهش من إجابته!!
فسألته في يوم لماذا الستر تحديدا؟!!
فأجابني: «لأننى مستور من كل شيء فاندهشت وسألته عن أي ستر تتحدث وقميصك مرقع بألوان شتی!!». فصمت قليلاً ثم قال لي: يا ابنى الستر أنواع فعندما تكون مريضا ولكنك قادر على السير بقدميك فهذا ستر من مذلة المرض عندما يكون في جيبك مبلغ بسيط يكفيك لتنام وأنت شبعان حتى لو كان شبعك هذا من الخبز فقط، فهذا ستر من مذلة الجوع عندما يكون لديك ملابس، ولو كانت مرقعة فهذا ستر من مذلة البرد عندما تكون قادرا على الضحك وأنت حزين لأي سبب، فهذا ستر من مذلة الانكسار عندما تكون قادراً على قراءة الصحيفة التي بين يديك، فهذا ستر من مذلة الجهل عندما تستطيع أن تتصل في أي وقت بأهلك لتطمئن عليهم وتطمئنهم عليك، فهذا ستر من مذلة الوحدة عندما يكون لديك وظيفة أو مهنة، حتى لو بائع صحف تمنعك عن مد يدك إلى أى شخص، فهذا ستر من مذلة السؤال عندما يبارك لك الله في ابنك، وفي صحته وتعليمه وبيته، فهذا ستر من مذلة القهر عندما يكون لديك زوجة صالحة، تحمل معك هم الدنيا ، فهذا ستر من مذلة انكسار الزوج أمام زوجته ثم قال لي: «الستر يا ابني ليس هو ستر «الفلوس»، وإنما ستر النفوس». فتذكر دائما أنك تملك نعما يتمناها ملايين البشر.
لماذا يستر الله علينا
الله الذي خلقنا واعطانا نعمة الحياة يستر علينا لأنه:
واهب الغفران ولانه كلى المحبة ولانه نبع الأبوة.
أولا الله واهب الغفران
فهو الذي غفر لنا، فمن كان يستطيع أن يغفر خطية الإنسان إلا الله الذي خلقه فيقول الكتاب و الكلمة صار جسدا وحل بيننا، (يو١٤:١) فتجسد الله ثم الصليب والخلاص والفداء كان من أجل غفران خطية الإنسان، ولا يوجد شيء أخر أو إنسان أخر يستطيع أن يغفر خطيئة الإنسان، لذلك الله يستر علينا.ويقول إشعياء النبي "فرحا افرح بالرب تبتهج نفسي بالهي لانه قد ألبسني ثياب الخلاص کسانی رداء البر مثل عريس يتزين بعمامة ومثل عروس تتزين بحليها (إش١٠:٦١) وكلمة كساني، هنا تعبر عن ستر الله على الإنسان
وستر الله على الإنسان ياتي منذ الخليفة منذ خطيئة ادم وحواء التي بدأت باللسان وشهوة الطعام "فرآت المرأة أن الشجرة جيدة للأكل وأنها بهجة للعيون وأن الشجرة شهية للنظر، فأخذت من ثمرها واكلت وأعطت رجلها أيضا معها فأكل (تك٦:٣) ودخلت الحية من هذا الباب وانزلق الإنسان وكسر الوصية وفی سفر حزقيال يشبه النفس البشرية بالإنسان الملقي في التراب ويريد من يأتي ويستر عليه فيقول "فمررت بك ورأيت وانه زمنك زمن الحب فبسطت ذیلی عليك وسترت عورتك وحلفت لك ودخلت معك في عهد يقول السيد الرب فصرت لي (حز٨:١٦) ونلاحظ هنا أن العهد القديم يتكلم عن زمن الأنبياء ولكن بروح النبوة لما هو آت في العهد الجديد، وكآن النفس البشرية في العهد القديم ومنذ أيام آدم. صارت كالإنسان المتروك والملقي في الطريق والتراب وقد فقد كل شيء له حتى صار حاله يرثي له وعبارة "فمررت بك ورأيتك" انه ليس أول من مر بها لأنه قد مر بهذه النفس انبياء كثيرون ثم يقول وإذا زمنك زمن الحب وهذه العبارة تشير إلى زمن حضور السيد المسيح على أرض البشر ويكمل وسترت عورتك وحلفت لك ودخلت معك في
عهد وهذا أشار إلى زمن العهد الجديد وعندما نتأمل في سفر القضاة نجد أنه كلما تعرض شعب بنى إسرائيل لمشكلة يقيم لهم الله قاضيا (مخلصا) ليحل لهم مشكلاتهم ويتوبوا عن خطاياهم. ثم بعد فترة وجيزة يعودون لخطاياهم مرة أخرى فيقيم الله لهم قاضيا آخر، وهكذا .مر على بني إسرائيل عدة قضاة من الرجال والنساء، وكان أخرهم صموئيل النبي وهكذا حياة الإنسان فالله هو واهب الغفران وحينما اقام الرب لهم قضاة كان الرب مع القاضي وخلصهم من يد أعدأئهم كل أيام القاضي لأن الرب ندم من أجل أنينهم بسبب مضايقيهم وراحميهم وعند موت القاضي كانوا يرجعون ويفسدون أكثر من آبائهم" (قض١٨:٢-١٩)ونقرأ عن خطيئة داود النبي مع أمرأة أوريا الحثي."لماذا احتقرت كلام الرب لتعمل الشر فى عينيه" قد قتلت أوريا الحثى بالسيف واخذت امراته لك أمراة وإياه قتلت بسيف بنى عمون" (٢صم٩:١٢)، وقد تاب داود عن خطيئته كما قال الكتاب "فقال داود لناثان قد اخطأت إلى الرب فقال ناثان لداود الرب ايضا قد نقل عنك خطيتك لا تموت" (۲صم١٣:١٢) وقد رنم لنا داود النبي مزمور التوبة الذي نصلي به دائما في بداية جميع صلواتنا فقال "استر وجهك عن خطايای وامح كل اثامی" (مز٩:٥١)، هذا هو الله واهب الغفران للإنسان وايضا من الأمثلة المشهورة لله واعب الغفران، قصة المرأة الخاطئة في بيت سمعان الفريسي وبينما كان سمعان إنسانا معجبا بنفسه دخلت إلى بيته امراة يعلم الجميع أنها امرأة خاطئة، ثم انحنت وسكبت دموعها على قدمي السيد المسيح وقدمت توبة وهنا انزعج سمعان وقال "لوكان هذا نبيا لعلم من هذه المرأة التى تلمسه وما هي إنها خاطئة (لو٣٩:٧)، ولكن السيد المسيح غفر لها وستر عليها لأنها أحبت كثيرا كما يقول الكتاب "من أجل ذلك أقول لك قد غفرت خطاياها الكثيرة لانها أحبت كثيرا والذي يغفر له قليل يحب قليلا" (لو ٤٧:٧) وقد صارت هذه القصة مثالاً لنا، حتى أن الكنيسة رتبت أن تصلي بهذه القطعة في نصف الليل.
ثانيا: الله كلى المحبة
يقول الكتاب "الله محبة" (١يو٨:٤) فمحبة الله محبة دائمة وفي محبته هذه يستر على نماذج كثيرة من البشر، وقد تحدث مع أشخاص كثيرين وأعلى هذه المحبة، وتجلت هذه المحبة مع أبينا يعقوب، ومع ايليا النبى فمحبة الله فياضة وليس لها حدود
ثالثا: الله نبع الأبوة
فنحن نصلي ونقول "يا أبانا الذي في السموات".. وعندما نرسم شماسا لكي ما يصير کاهنا ندعوه "ابونا" فكلمة الأبوة هي المفتاح، والله هو نيع الأبوة ونحن نستمد هذه الأبوة منه، فالأبوة في معناها الأصلي هي الستر والحماية واروع مثال في الكتاب المقدس يشرح لنا معنى الأبوة هو مثل الابن الضال وهذا المثل رتبت لنا الكنيسة أن يقرأ في الأحد الثالث من الصوم الكبير لكيما توضح لنا كيف أن هذا الابن الذي أخطأ بكل أشكال الخطايا، عندما عاد وجد أحضان أبية مفتوحة يقول الكتاب "وإذ كان لم يزل بعيدا راه ابوه.فتحنن وركض ووقع على عنقه وقبله"( لو٢٠:١٥) فتخيل معي هذا المشهد الرائع الأب يستقبل الابن ويقدم له الهدايا من حذاء وخاتم وحلة ويذبح العجل المسمن ولكن الأهم من كل هذا أنه قدم لنا الحضن والقبلة ولم يتأفف منه وهذا هو الستر والحماية.ومن ناحية أخرى نرى موقف الأخ الكبير فاقد الأبوة التي تكلم على أخيه بكلمات رديئة فقال "ولكن لما جاء ابنك هذا الذي أكل معيشتك مع الزواني "(لو ٣٠:١٥) ولعل أخيه لم يكن قد وقع في هذه الخطية "اكل معيشتك مع الزواني" لقد فضح أخاه ولم يكتف بهذا، بل اهان آباه ايضا حينما قال له "أبنك هذا" وكأنة يقول له انك لم تحسن تربية ابنك، لكن الأب بالستر أعاد ابنه إلى رتبته الأولى مثال آخر للستر هو "المرأة السامرية" (يو٤) وهذه القصبة تقرأ على مسامعنا ثلاث مرات في السنة هذه الإنسانة عندما ذكرت في الكتاب سميت باسم بلدها، فقد ستر عليها الله ولم يذكرها بالاسم حتى لا تفضح.وقد كان الحوار معها مليئا بالستر والحماية والرقة والعذوبة وهذا ما جعل هذه الإنسانة التي كانت بعيدة جدا أن تصبح قريبة جدا وقديسة وكارزة لقد ستر عليها رغم أنه كان في هذا الزمان من المفترض أنه لا يتقابل معها أو يتحدث إليها ولكن السيد المسيح دخل إلى أعماقها من خلال الاحتياج "اعطيني لأشرب" (يو٧:٤) ثم بدأ معها حوارا لطيفا قادها إلى التوبة حتى صارة إنسانة كارزة فيقول الكتاب "فتركت المرأة جرتها ومضت إلى المدينة وقالت للناس: هلموا انظروا إنساناً قال لي كل ما فعلت ألعل هذا هو المسيح"(يو٢٨:٤-٢٩) فالله يستر على الإنسان لانه واهب الغفران وكلي المحبة، ونبع الأبوة.
ستر الإنسان على أخيه الإنسان ويأتي لدور الإنسان نحو أخيه الإنسان، فالله يستر على الإنسان صباحا ومساءً، ويستر على الخليقة كلها بحلول الليل، فالليل يمكن أن نسميه الستر العام من الله،وفي الأديرة يصلي الرهبان "صلاة الستار»، وهذه الصلاة عبارة عن مختارات من مزامير الأجبية عبر اليوم كله. يقول الكتاب: "لماذا تنظر القذى الذي في عين أخيك، وأما الخشبة التي في عينك فلا تفطن لها (مت ۳:۷)، فلماذا لا تستطيع أن تستر على أخيك ؟!! ولماذا تريد أن تفضحه ؟!!.. انتبه أيها الحبيب، لأن لسانك هذا قد يضيعك ويفقدك الأبدية، ويقول الكتاب "لا تدينوا لكي لا تدانوا . (مت ۱:۷)، فهذه الآية بالرغم من قلة عدد كلماتها إلا أنها يتوقف عليها مصير الإنسان كله. وهناك قصة وردت في كتب الآباء، على راهب كان يعيش في البرية ولكنه كان غير ملتزم بقوانينه الروحية، وفى يوم نياحته وحسب عادة الرهبان اجتمع حوله الآباء لكيما يأخذوا العبرة والمنفعة. وكانت المفاجأة أنهم قد وجدوه مبتسما !! فسألوه كيف تكون مبتسما وقد كنت مقصرا في قوانينك الروحية؟! فأجابهم إني أعلم أنى كنت مقصرا في حياتي الروحية، ولكني قد التزمت بآية واحدة فقط وهي: "لا تدينوا لكي لا تدانوا " فعندما أتى الملاك وأراد محاسبتي، قلت له كيف يكون هذا وأنا لم أدن أحدا من يوم رهبنتي ؟!! فعندما سمع الملاك هذا الكلام تركه ومضى.
أمثلة لستر الإنسان على أخيه الإنسان
أولاً ستر خصوصيات الآخر
إن كل إنسان له عائلة .. وأصدقاء.. ومعارف.... وأقارب.. وأولاد.. وإلخ، ولكن ليس معنى هذا أن له الحق في كشف خصوصيات الآخر ونقل أخباره، والأغرب من هذا أننا قد نجد شخصا يتحدث عن نية شخص ما !! أو يتخيل ما يدور في تفكير اخر بالنسبة لأمر معين!! وهنا أسأل نفسك أيها الحبيب، هل تعرف كيف تستر على خصوصيات الآخر؟! لذلك دائما ما ننصح الأزواج حديثى الزواج أن يحافظوا على خصوصياتهم، ولا يتحدثوا عما يدور بينهم إلى الآخرين، حتى ولا إلى والديهم حتى لا تسوء الأمور أو ينهار البيت. وهذا أمر مهم جدا في كيان وبناء الأسرة، فليس كل ما تسمعه لك الحق في الحديث عنه، فيقول الكتاب "لأنك بكلامك تتبرر وبكلامك تدان" (مت ۳۷:۱۲) ومن أمثلة ذلك المرأة التي أمسكت في ذات الفعل (يو ۸)، وقد تجمع الناس من حولها وأرادوا رجمها ونسوا خطاياهم !! أما السيد المسيح فعالج الأمر بمنتهى الستر، فيقول الكتاب: "وأما يسوع فانحنى إلى أسفل وكان يكتب بإصبعه على الأرض" (يو ٦:٨).
يقول بعض الآباء إن السيد المسيح كان قد انحنى، لكيما يكتب بعض خطايا الراجمين وعندما قرأ كل واحد منهم خطيئته، أنزل الحجارة إلى الأرض ومضى!! وأما هم فلما سمعوا وكانت ضمائرهم تبكتهم، خرجوا واحدًا فواحدًا مبتدئين من الشيوخ إلى الآخرين (يو٨ :٩)، وهنا قال يسوع للمرأة: "يا امرأة أين هم أولئك المشتكون عليك أما دانك أحد فقالت: لا أحد يا سيد. فقال لها يسوع ولا أنا أدينك اذهبي ولا تخطئي أيضا (يو: ۱۰-۱۱).
ثانيا: حفظ خصوصیات سر الاعتراف
سر الاعتراف هو أحد الأسرار الرئيسية في حياة كنيستنا ، وهو يضبط ميزان ومسار الحياة الروحية للإنسان، وهو أيضا يضبط الطريق الروحي للإنسان، فأب الاعتراف هو بمثابة الكاهن والرفيق والمرشد، وهو الذي يوضح الطريق للمعترف.وكل ما يسمعه الكاهن في سر الاعتراف يجب أن يحفظ تماما والكاهن الذي يفشي أسرار الاعتراف يستوجب العقاب، ولكن قد يتخيل شخص ما، أن الكاهن قد أفشى سر اعترافه لأنه قد سمعه يقص قصة مقاربة لاعترافه في إحدى عظاته، رغم أن الأب الكاهن يكون قد سرد هذه القصة بدون أية تفاصيل!! فسرية سر الاعتراف وخصوصياته هي إحدى صور الستر. ولذلك ممارسة سر الاعتراف من أصعب الممارسات التي يمارسها الكاهن، لأنه تتجمع عنده أحوال وخصوصيات آخرين ولا يستطيع أن ينطق بحرف وأحياناً يكون الكاهن في مأزق خطير جدا عندما يسأله أحد عن شخص يريد الارتباط به!! وهنا أنصح الكاهن أن يتحلى بالحكمة دون أن يفشي أي سر لا من بعيد ولا من قريب، فاستر على غيرك ما دمت محتاجا
إلى الستر.
وهناك قصة لطيفة نحكيها للأطفال:
وهي عن أم دائما ما كانت تقول لابنها عن إحدى جاراتها إنها «بوشين" !! وفي أحد الأيام حضرت هذه الجارة لزيارة الأم، وهنا بدأ هذا الابن في الدوران حول كرسى هذه الجارة!!
فسالته الجارة ماذا تفعل يا ابني ؟!! فأجابها الطفل إنى أبحث عن وجهك الآخر، لأن ماما تقول إنك "بوشين" !!
فهذه الأم لم تستر على جارتها، فحتى إن كانت هذه الجارة بهذه الصفة كان يجب عليها أن تستر عليها، حتى لا يتعلم ابنها منها هذا التعليم الخاطئ والكتاب يقول: «اعطوا تعطوا كيلاً جيدًا ملبدا مهززوا فائضا يعطون في أحضانكم لأنه بنفس الكيل الذي به تكيلون يكال لكم (لو ٦ : ٣٨).
كيف نقتني فضيلة الستر؟
أولاً :- تذكر ستر الله لك
إن الله يستر علينا في مواقف عديدة وفي سقطات كثيرة وفي خطايا مختلفة وأتذكر أننى أثناء خدمتى قبل البطريركية طلب منى أن أذهب إلى شخص كبير في السن ومريض، لكيما يتناول من جسد الرب ودمه، وبالفعل ذهبت إليه، ولكن قبل أن يأخذ التناول طلب منى أن يعترف. وكانت أول كلماته أن الله ستر عليه في خطايا كثيرة، منذ أن كان عمره تسع سنوات ثم بدأ يسرد هذه الضعفات والخطايا وبعد يومين من اعترافه انتقل من هذا العالم !! فالله يستر علينا جميعا، ومن لا يشعر بستر الله هو إنسان جاحد.
ثانيا : تعلم أن تحب الآخرين
تعلم أن تحب الآخر مهما كان يحمل من ضعفات، حب الجانب الحلو الذي في الإنسان، فأي إنسان به جانب حلو وجانب سيء، فانظر إلى الجانب الجيد فيه، فالسيد المسيح عندما تحدث مع زكا العشار اهتم بجزء صغير، وهكذا فعل مع السامرية. وأيضا مع اللص اليمين اهتم بالكلمة الجيدة التي قالها : اذكرني يارب متى جنت في ملكوتك (لو ٤٢:٢٣)، واعتبرها توبة.. أو صلاة.. أو حياة جديدة.. لقد ركز السيد المسيح في هذه العبارة، ولم يركز في باقي الأخطاء السابقة، والقديس بطرس الرسول يقول: ولكن قبل كل شيء لتكن محبتكم بعضكم لبعض شديدة، لأن المحبة تستر كثرة من الخطايا (١ بط٨:٤). والقديس مار أفرام السرياني يقول: التلذذ بعيوب الآخرين يدل على أننا ممتلئون بغضة.والقديس مكاريوس الكبير يقول: يا أخي أحكم على نفسك قبل أن يحكموا عليك وهنا نتذكر قصة القديس الأنبا موسى الأسود، عندما طلبوا منه أن يحضر محاكمة أحد الرهبان امتنع في البداية ولكن مع إصرار الآباء على حضوره أطاع وحضر، ولكنه دخل إليهم وهو يحمل على ظهره شوالاً من الرمل!! فسأله الآباء ما هذا يا أبانا ؟!! فأجاب هذه خطایای تجری وراء ظهري، وقد أتيت اليوم لأحكم على غيري !! وهذا ما يجب أن نتعلمه کی ما نعيش به ونغير من سلوكنا، ولنعلم جيدا أن الذي يريد أن يسير في طريق السماء، يجب أن يتحلى بنعمة الستر على الآخرين، لأنه هو أيضا يتمتع بستر الله عليه.
ثالثا : تعلم ألا تدين غيرك
وهنا قد يتساءل البعض: إذاً، لماذا يوجد مجالس تأديب؟! نجيب أن هذا نظام في إدارة العمل، ولكن ما نريد أن نتحدث عنه هنا هو الإدانة على المستوى الشخصي وفي علاقاتنا الاجتماعية والشخصية والأنبا أنطونيوس يقول: «لا تدن غيرك لئلا تقع في أيدى أعدائك». بمعنى أن الذي يدين إنساناً على خطية ما، يأتي اليوم الذي يقع فيه، في نفس الخطية التي أدان عليها . وأيضا يقول أحد الآباء: "إذا أدنا أنفسنا لا يبقى لنا وقت لندين فيه الآخرين".وكما يقول أحد القديسين: "ليس هناك أفضل من أن يرجع الإنسان بالملامة على نفسه في كل شيء". فالعبارات كثيرة جدا في موضوع الستر، لكن خلاصة الأمر أنك عندما تصلى صلاة الشكر في كل مرة، يجب أن تصلى وتقول أشكرك يارب لأنك سترت حياتي في الماضى وفى الحاضر سترت على أسرتي الكبير فيها والصغيرسترت على أصدقائي سترت على خدمتي سترت على كنيستي سترت
على مجتمعي والستر يشتمل أيضا الحفاظ على خصوصيات الوطن الذي نعيش فيه، لذلك نسمع أحيانًا خبرا أن شخصا ما ، تم اتهامه بالخيانة العظمى وهذا يعنى أنه أفشى أسرار وطنه!! لذلك يجب على كل إنسان أن يضع حسابا لكل كلمة ينطق بها فنعمة الستر نعمة غالية جدا، حاول أن تشعر بها ، وتذكر دائما عدد المرات التي ستر الرب عليك فيها، وحاول أن تستر على كل من تعرفهم، وكل من هم حولك وتعلم هذه الفضيلة في حياتك كل يوم.
قداسة البابا تواضروس الثاني
عن كتاب نشكرك لأنك
المزيد
27 يونيو 2024
بدعة أريوس ج1
بدعة أريوس
إنتشرت البدعة الأريوسية فى أوساط مكة وقريش قبل الإسلام وقالوا أن الله سابق للإبن أى سابق لزمان كلمة الله فيكون المسيح إله مخلوق من إله أكبر
هرطقة آريوس: حول طبيعة المسيح
كان اريوس ينكر لاهوت المسيح ويرى أنه أقل من الآب في الجوهر وأنه مخلوق ومازالت جذور الاريوسية قائمة حتى الآن حتى بعد أن شجبها مجمع نيقي ة المسكونى سنة 325 م ظل اريوس والاريوسيين من بعده سبب تعب وشقاق وشك للكنيسة المقدسة
بدعة آريوس
اتخذت الآريوسية اسمها من الكاهن المبتدع آريوس كان ليبيّ المنشأ، وتعلّم في مدرسة انطاكية لدى لوكيانوس الشهير، ثم انتقل إلى مصر حيث رُسم كاهناً سنة 310، وأصبح خادماً لإحدى كنائس الإسكندرية،وبسبب تعاليمه المناقضة للإيمان القويم، حرمه مجمع محلّي عُقد في الاسكندرية سنة 320 برئاسة الاسكندر أسقف تلك المدينة، فالتجأ الى نيقوميذية حيث كان أسقفاً صديقه أوسابيوس المؤرخ، وألّف هناك، لنشر تعاليمه، كتاب "الوليمة"،وهو مزيج من النثر والشعر والأناشيد الدينية الشعبية وانتشرت أفكاره وتعاليمه في مختلف كنائس الشرق والغرب،وانقسم المسيحيون بين مساند له ومناوئ. فالتأم في نيقية سنة 325 المجمع المسكوني الأول وحرم بدعته، فنفاه عندئذ الامبراطور قسطنطين، إلاّ أنّه عاد فعفا عنه بعد بضع سنوات لكن اثناسيوس أسقف الاسكندرية رفض استقباله، فحصل له أتباعه أن يلتحق بإكليروس القسطنطينية، إلاّ أنه توفي سنة 336 قبل دخوله المدينة.
ولد اريوس فى ليبيا 270م
درس الكثير من العلوم ثم جاء الى الاسكندرية والتحق بمدرستها اللاهوتية .
نبغ فى دراسته حتى تكبر وسعى لنوال الكهنوت وحاول الانضمام الى ملاتيوس اسقف اسيوط وحرضة على العصيان على القديس بطرس خاتم الشهداء .
لكنه ادرك انه بهذا لم يصل للدرجات الكهنوتية فترك ملاتيوس وتصالح مع البابا بطرس
تم رسامته شماسا ثم قسا 306 م
بدعة اريوس:
انكر اريوس لاهوت السيد المسيح وادعى انه مخلوق وغير مساو للاب فى الجوهر وبدا اريوس فى نشر ضلاله حتى بعد البابا بطرس وجاء البابا الكسندروس وتم عقد مجمع لمناقشة بدعة اريوس .
المجمع النيقى وقراراته:
قرر المجمع وضع قانون الايمان النيقى نسبة الى البلد التى انعقد المجمع فيها وهى (نيقيه)
وبعد الفصل فى قضية اريوس تم الفصل فى باقى القضايا من حيث تحديد يوم عيد القيامه
ومشكلة معمودية الهراطقة .
مجمع نيقية انعقد 325م
بدعوة من الامبراطور قسطنطين الكبير وحضره 318 اسقفا ووضع قانون الايمان و20 قانون لسياسة الكنيسة .
اولا: مقدمة عن بدعة أريوس
1. الاريوسية هى بدعة ظهرت فى القرن الثالث الميلادى وبالتحديد عام 318 م على يد كاهن بالإسكندرية يدعى اريوس فى عهد البابا الكسندروس البابا ال19من بابوات الكرسى السكندرى.
2. بدعة اريوس تنحصر فى قضيتين بخصوص طبيعة السيد المسيح الإلهية (الابن) وهم:
أ- إن الابن ليس أزليا مع الأب.
ب- إن الابن كائن مخلوق.
إنّ تعاليم آريوس يمكن إيجازها في النقاط التالية:
أ) إنّ الله واحد أحد، أزلي غير مولود، وكل ما سواه من الكائنات مخلوق من العدم بإرادته الحرة.
ب) إنّ الكلمة كائن وسط بين الله والخلائق؛ فالله قد خلقه من العدم قبل سائر الخلائق، ثم أعطاه أن يخلق جميع المخلوقات؛ لذلك نستطيع أن ندعوه إلهاً، فهو إله ثانٍ أدنى من الله. وهذا التمييز بين الإله الأول والإله الثاني، استقاه آريوس من الفلسفة الأفلاطونية.
ج) كذلك نستطيع أن ندعو الكلمة "ابن الله" أو "مولوداً من الله"، الاّ أنّ تلك البنوّة الالهية ليست في الواقع إلا تبنّياً. فالكلمة ليس من جوهر الله، إنما تبنّاه الله منذ خلَقه، استباقاً لاستحقاقاته. وفكرة التبنّي هذه أخذها آريوس عن بولس السميساطي.
د) إنّ الكلمة، بما أنّه مخلوق، فهو معرّض من طبيعته للخطيئة، لكنه في الواقع استطاع أن يحيا حياة قداسة وكمال ولم يسقط قط في الخطيئة. فهو أدنى من الله، ولكنه أقدس جميع الخلائق، ولا يمكن أن يُخلق كائن أعلى منه.
ه) إنّ الروح القدس هو أوّل خلائق الكلمة، وهو أيضاً ليس من جوهر الله.
الفكر الاريوسى
بخصوص طبيعة السيد المسيح (الابن):
1- آن الابن ليس أزليا مع الأب وقد بنوا هذه النظرية على:
التمسك الشديد على وحدانية اللة وحدانية مطلقة وان هناك هوة عظيمة لا نهائية تفصل بين اللة والناس،ولقد أراد اللة ان يخلق العالم ولكنة بمقتضى طبيعته لايمكنة آن يخلق الكون المادى مباشرة ولذلك فقد خلق اللوغوس لهذا الغرص بصفته ابنا له.
2- أن الابن كائن مخلوق وقد بنوا نظريتهم على فكرتين:
أ-أن كان المسيح ابن اللة فهو متأخر فى الوجود عن اللة.
ب-أن الأب منفرد انفرادا تاما، كما أنة روحاني روحانية مطلقة وذلك يتعارض مع آن يكون أن الابن قد وجد من جوهر الأب وانما وجد بعملية خارجية محدودة او بفعل صادر عن إرادة الأب،وعلى ذلك فلقد كان الأب وحدة هو الموجود أولا ثم بعد ذلك اوجد الابن من العدم.وعلى هذا الأساس بنى الاريوسين عقيدتهم فى المسيح وساقوا فى تأيد عقيدتهم كل نصوص الكتاب المقدس التى تبدوا أنها تضمن اعتباران عقيدتهم.
ولهم منهج ثابت فى التفكير وهو:
1- إخضاع علوم اللاهوت لعمليات التفكير الفيزيقي الرياضي
2- تفسير الكتاب المقدس تفسيرا نقديا
3- تحويل علم اللاهوت الى علم بالمصطلحات والمواصفات الفنية أى اصبح علم يمكن استنباطه فى القياس وما لايمكن استنباطه.
4- إخضاع المسيحية للمنطق والفلسفة.
وللاريوسية أخطارها ومضارها العقيدية:
1- تصور اللة تصورا خاطئا.
2- إنكار الوحي الإلهي.
3- إنكار معرفة الابن معرفة جوهرية عن الأب.
4- هدم عقيدة الفداء والكفارة.
ثانيا: طرق مواجهتها من الكنيسة
1- انعقد مجمع مكانى عام 321 م بمدينة الاسكندرية لمحاكمة اريوس والرد على بدعته أعلنوا تجريدة من الكهنوت.
2- وانعقد مجمع مسكونى فى نقية عام 325 م من 318 أسقفا أى سدس أساقفة العالم المسيحى أن ذاك وقد اقر المجمع مايلى:
قانون الأيمان الذى وضعة اثناسيوس شماس البابا الاكسندروس السكندرى ينص على: بالحقيقة نؤمن باله واحد الله الاب ضابط الكل خالق السماء والارض مايرى وما لايرى نؤمن برب واحد يسوع المسيح ابن الله الوحيد المولود قبل كل الدهور نور من نور اله حق من اله حق مولود غير مخلوق واحد مع الاب فى الجوهر الذى به كان كل شيى الذى من اجلنا نحن البشر ومن اجل خلاصنا نزل من السماء وتجسد من الروح القدس ومن مريم العذراء تانس وصلب عنا فى عهد بيلاطس البنطى تألم ومات وقبر وقام من بين الاموات فى اليوم الثالث كما فى الكتب وصعد الى السموات وجلس عن يمين أبيه وأيضا يأتى فى مجده ليدين الاحياء والاموات الذى ليس لملكه انقضاء. ثم حرم اريوس ونفيه.
3- وقد صدر سنة 428 م فى عهد ثيودسيويوس الثانى قانونا يقضى بستئصال الاريوسية فى كل انحاء الامبراطورية الرومانية
ثالثا: الكنائس التى تؤمن بالبدعة الاريوسية
1- المشكلة الاريوسية لم تنته بذلك وصارت لها ذيول أزعجت الكنيسة وقتا طويلا بعد مجمع نيقية،وقد امتدت الاريوسية حتى ألان بطرق عديدة نذكر منها:
أ- تأليف الاغانى الشعبية لنشر بدعتهم فى كل مكان منذ القرن الرابع الميلادى،
ب- رواج البدعة بتأثير اليهود لان عقلية اليهود يمكنها تقبل الأفكار الاريوسية لما فيها من قوة الاعتقاد فى وحدانية اللة وإنكارها لاهوت السيد المسيح
2- وبقت لها زيول فى اسبانيا والولايات الجرمانية حتى القرن السادس.
3- السيطرة على كراسي الاسقفيات الهامة برسامة أساقفة تتبع العقيدة الاريوسية ونجحوا هذه السياسة نجاحا تاما فى بلاد الشرق الأقصى وشمال العراق حتىظهور النسطورية وسيطرتها على تلك الكنائس.
4- حاليا ظهرت بشكل جديد فى القرن التاسع عشر الميلادى فى شكل طائفة بروتستانتية تدعى شهود يهوة وتنشر الفكر الاريوسى فى كل العالم المسيحى
رابعا: الكنائس التى لا تؤمن بالبدعة الاريوسية
أ-جميع الكنائس الرسولية وهم:
1-عائلة الكنيسة الارثوذكسية الشرقية اللاخلقيدونية القديمة
2-عائلة الكنيسة الارثوذكسية الشرقية الخلقيدونية
3-عائلة الكنيسة الكاثوليكية الغربية الخلقيدونية
ب-جميع الكنائس البروتستانتية فى العالم
وللحديث البقية
المزيد