المقالات
09 أكتوبر 2023
كيف تحب الآخرين ؟
(المحبة ) لا تفرح بالإثم بل تفرح بالحق(١كو ١٣ : ٦) المحبة تتمنى لمن تحب أن يسلكوا في الحق وليس في الإثم أو الباطل هي تحزن لأجل من يسلكون حسب هواهم في الشر وتتألم لأجلهم وتفضل دائماً أن تراهم في طريق الحق. معلمنا بولس الرسول كخادم كان يبكى حينما يتذكر الذين انحرفوا عن جادة الصواب من بين أحباته ومخدوميه وكتب يقول "كثيرون ممن كنت أذكرهم لكم مراراً أذكرهم الآن باكياً وهم أعداء صليب المسيح " ( فى ۳ : ۱۸). المحبة لا يمكن أن تفرح بهلاك الخاطيء، لأنها تتشبه بالله الذي يشاء أن جميع الناس يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون »(١تى٤:٢) المحبة تحزن كثيراً من أجل البعيدين عن الله ومن أجل البعيدين عن الطريق المؤدى إلى الحياة الأبدية، وتتمنى أن يخلصوا ، وأن يُقبلوا إلى معرفة الحق السيد المسيح بكى على أورشليم قائلاً: «إنك علمت أيضاً ما هو لسلامك، ولكن الآن قد أخفى عن عينيك ، لأنك لم تعرفى زمان افتقادك ) ( لو ١٩ : ٤٢ ) وعن محاولاته المتكررة مع أورشليم، لكي تسلك في طريق الحق، وتصنع مشيئة الله الذى أحبها قال «كم مرة أردت أن أجمع أولادك، كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها ، وأنتم لم تريدوا مت ۲۳ : ۳۷، لو ١٣ : ٣٤) ظلت محبة المسيح تنتظر وتقرع على الباب، حتى رفضت بصورة واضحة، حينما سمرت على الصليب خارجاً عن أورشليم «تألم خارج الباب» (عب ۱۳ : ۱۲ ) ومع ذلك فإن السيد المسيح لم يرفض شعبه، ولكن بقيت محبته تنتظر توبتهم وعودتهم إليه إن أرادوا .
مثال داود و شاول :
حينما أخطأ شاول الملك إلى الرب، واختار الرب داود ومسحه ملكاً على اسرائيل بيد صموئيل النبي، ابتدأ شاول يحقد على داود ، وملأت الغيرة قلبه، وذلك بالرغم من أن داود لم يفعل شيئاً ليسيء إلى شاول على الإطلاق، بل قدم له بكل محبة وكان مخلصاً له على الدوام وحاول شاول الملك مراراً أن يقتل داود ولم يتمكن، وطارده في البرية عدة مرات، وانقذه الرب من يده. وفى النهاية هرب داود، ولجأ إلى أخيش معوك ملك جت .وبعد أن عاش داود شريداً، مطارداً من شاول لسنوات عديدة، جاء اليوم الذي قتل فيه شاول في معركة جبل جلبوع . وتوقع البعض أن يفرح داود بمقتل شاول وثلاثة من بنيه في أن بعضهم اسرع ليبشر داود بهذا الخبر. وكانت المفاجأة أن داود قد حزن كثيراً وتأوه، وصار يرثى بنشيد القوس شاول و يوناثان ورجال الحرب الذين قتلوا . وقال أن يتعلم بنو يهوذا هذا النشيد"اَلظَّبْيُ يَا إِسْرَائِيلُ مَقْتُولٌ عَلَى شَوَامِخِكَ. كَيْفَ سَقَطَ الْجَبَابِرَةُ لاَ تُخْبِرُوا فِي جَتَّ لاَ تُبَشِّرُوا فِي أَسْوَاقِ أَشْقَلُونَ، لِئَلاَّ تَفْرَحَ بَنَاتُ الْفِلِسْطِينِيِّينَ، لِئَلاَّ تَشْمَتَ بَنَاتُ الْغُلْفِ. يَا جِبَالَ جِلْبُوعَ لاَ يَكُنْ طَلٌّ وَلاَ مَطَرٌ عَلَيْكُنَّ، وَلاَ حُقُولُ تَقْدِمَاتٍ، لأَنَّهُ هُنَاكَ طُرِحَ مِجَنُّ الْجَبَابِرَةِ، مِجَنُّ شَاوُلَ بِلاَ مَسْحٍ بِالدُّهْنِ. مِنْ دَمِ الْقَتْلَى، مِنْ شَحْمِ الْجَبَابِرَةِ لَمْ تَرْجعْ قَوْسُ يُونَاثَانَ إِلَى الْوَرَاءِ، وَسَيْفُ شَاوُلَ لَمْ يَرْجعْ خَائِبًا. شَاوُلُ وَيُونَاثَانُ الْمَحْبُوبَانِ وَالْحُلْوَانِ فِي حَيَاتِهِمَا لَمْ يَفْتَرِقَا فِي مَوْتِهِمَا. أَخَفُّ مِنَ النُّسُورِ وَأَشَدُّ مِنَ الأُسُودِ. يَا بَنَاتِ إِسْرَائِيلَ، ابْكِينَ شَاوُلَ الَّذِي أَلْبَسَكُنَّ قِرْمِزًا بِالتَّنَعُّمِ، وَجَعَلَ حُلِيَّ الذَّهَبِ عَلَى مَلاَبِسِكُنَّ. كَيْفَ سَقَطَ الْجَبَابِرَةُ فِي وَسَطِ الْحَرْبِ يُونَاثَانُ عَلَى شَوَامِخِكَ مَقْتُولٌ. قَدْ تَضَايَقْتُ عَلَيْكَ يَا أَخِي يُونَاثَانُ. كُنْتَ حُلْوًا لِي جِدًّا. مَحَبَّتُكَ لِي أَعْجَبُ مِنْ مَحَبَّةِ النِّسَاءِ." (۲صم ۱ : ۱۹ - ٢٦ ) كان داود يغار على مجد الله، فلم يفرح بنصرة الوثنيين والغلف على شاول الملك وجيشه. كما أن عداوة شاول له لم تنسه الصداقة الأولى، والمحبة القديمة والعشرة الحلوة، فصار بيكي و ينوح على أحبائه القدامى كان داود يتمنى أن يخدم شاول، إذ كان من قواد جيشه، وأن يضع مواهبه كمسيح للرب في خدمة المملكة، وتزوج ميكال ابنة شاول ، وتمنى أن يسكن سالماً في كتف حماء الملك. ولكن أحلام داود تبددت أمام عاصفة الحقد التي اجتاحت حياة شاول ، أنه أوشك ان يقتل ابنه يوناثان لسبب محبته واخلاصه لداود حتى ولكن المحبة التي لا تفرح بالإثم ، بل تفرح بالحق، فى حياة داود ظلت أمينة إلى النهاية وصارت مثلاً يحتذى لجميع الأجيال .ولم يكن هذا أمراً عارضاً في حياة داود ، بل تكرر في علاقته بابنه ابشالوم الذى قام ضده وطرده من كرسيه في أورشليم. وطارده بجيش كبير ليقتله. ولكن داود بالرغم من ذلك كان يتوسل إلى قواد جيشه والجنود أن يترفقوا بالفتى أبشالوم . وحينما مات أبشالوم في المعركة انزعج داود وصعد إلى علية الباب وكان يبكي ويقول هكذا وهو يتمشى يا ابنى ابشالوم یا ابنی ابشالوم يا ليتني مت عوضاً عنك يا ابشالوم يا ابنی (۲صم ۱۸ : ۳۳) .
نيافة مثلث الرحمات الانبا بيشوى مطران دمياط ورئيس دير الشهيدة دميانة
عن مجلة الكرازة العدد السادس عشر عام ١٩٨٩
المزيد
08 أكتوبر 2023
المرأة الخاطئة
تقرأ علينا الكنيسة ياأحبائى اليوم فصل من أجمل قراءات الكنيسة وهو إنجيل المرأة الخاطية ومن كثرة حب الكنيسة لهذا الإنجيل تقرأه لنا كل يوم فى صلاة نصف الليل فإن كان الإنسان قد قضى كل حياته فى الخطايا إلاّ أنّه له باب مراحم عند الله وهو فصل مملوء بالمعانى وبالتأملات وبنعمة ربنا سأتكلّم معكم فى ثلاث نقط :-
1- دموعها:-
فالمرأة الخاطية يمكن أنها الوحيدة فى الكتاب المقدس التى قدّمت توبة بدون كلام فاللص اليمين قال " وأمّا نحن فبعدل لأننّا ننال إستحقاق ما فعلنا" ( لو23: 41 ) ، ونجد المرأة التى أُمسكت فى ذات الفعل وقالت له إرحمنى والعشار وقف من بعيد ولم يشأ أن يرفع رأسه وقال " اللهم إرحمنى أنا الخاطى "ولكنها لم تقل كلمة ولكن بكت أتت من وراءه باكية وبكاء بغزارة ومن كثرة البكاء صارت دموعها تغسل رجليه فالإنسان بيبكى عندما يكون فى موقف صعب جداً ولم يقدر أن يحتمله وكانت مشاعرها كلها مُجتمعة وبتخرج فى صورة دموع فالدموع أكثر تعبيراً من الكلام لغة الدموع أقوى من لغة الكلام ولذلك إستحقت الغُفران من ربنا يسوع دموعها شفعت فيها فنحن نعرف عن المرأة الخاطية أنهّا كانت إمرأة سيئة السيرة وسيرتها بطاّلة فهى واحدة مشهورة بالدنس وبالخلاعة " وإذا إمرأة فى المدينة كانت خاطئة" .تخيّلوا ياأحبائى عندما يدخل الإنسان إلى حضرة ربنا وهو كلّه دنس إلاّ أنّه لو قدّم لربنا دموع فإن ربنا يغفر له كل خطاياه ولذلك فى سفر نشيد الأناشيد ربنا يسوع يقول للعروس " حوّلى عنى عينيك لأنهّما قد غلبتانى "فالإنسان الذى يبكى أمام الله هو بيستمطر مراحم الله بمجرد دمعة واحدة فقط فالمرأة الخاطية قد رسمت لنا طريق التوبة فهو ليس بالكلام فقط ولكن بالدموع أيضاً وهى عارفه طريقها فقط إتجهت نحو يسوع وقد شعرت أنّها ليس لها إستحقاق أن تسكُب طيب على رأسه ولكن قالت انا طيبى يستحق أقدامه إنظروا عندما يشعر الإنسان أنّ خطيته ثقيلة عليه وعجزه يُشعره بثقل الخطية0فماذا يفعل ؟!! فإنه يبكى ويُعبّر عن حزنه ببكاءه ولذلك ياأحبائى كم أنّ صلاة الدموع محبوبة وكريمة عند ربنا داود النبى يقول لربنا " إجمع دموعى فى زق عندك " ، " زق " أى إناء فعندما أطلع فى السماء فوق تكون دموعى شاهدة لى وشاهدة لتوبتى يا ترى زقى كم يكون فيه ؟! فالدموع تحتاج لتوبة تحتاج لإنسان مُنسحق0تحتاج لإحساس مثل المرأة الخاطية الشاعرة بمقدار دنسها وآتية عند أقدام يسوع ونتيجة لمشاعرى الداخلية وصدق توبتى تأتى الدموع ونحن نُصلى إنجيل المرأة الخاطية فى نصف الليل ولذلك بعده نُصلّى قطعة نقول فيها " أعطنى يارب دموع كثيرة كما أعطيت منذ القديم للمرأة الخاطية0وإجعلنى مُستحقاً أن أبل قدميك اللتان إعتقتانى من طريق الضلالة وأقدّم لك طيباً فائقاً وأقتنى لى عمراً نقياً لكى أسمع أنا ذلك الصوت المملوء فرحاً إنّ إيمانك قد خلّصك " فنحن غرنا منها وغرنا من توبتهاومن جمال مشاعرها أحبائى جميل جداً أن ندخل فى داخل الأحداث ونعيشها ونقول له يارب لعلّ المرأة الخاطية حياتها كلها دنس والإنجيل لا يذكر لنا عنها إلاّ موقف توبتها إلاّ أنّ باب مراحمك كان مفتوح أمامها ، فالقديس أرسانيوس يُقال عنه انّه " لا يُرى إلاّ باكياً " ففى دير البراموس ببرية شيهيت يوجد عمود الأنبا أرسانيوس فكان يقف وراء العمود ويبكى حتى لا تمدحه الناس فعندما يعطى ربنا للإنسان عطية ويفتخر بها فإنّ ربنا يسحبها مباشرةً ولدرجة تجدوا فى العمود يوجد حُفرتخيلّوا أنّ الدموع حفرت الخرسانة فإنّ كانت الدموع حفرت الخرسانة ألّم تدخل إلى قلب ربنا الذى كُلّه مراحم ولذلك فإنّه يقول أنّ دموعك قد غلبتنى فحزقيا عندما صلّى وكان يبكى ، يبكى قال له الرب " ها قد سمعت صلاتك وقد رأيت دموعك " لدرجة داود النبى يقول له " أنصت يارب إلى دموعى " فهل الدموع بتتكلّم ؟!!ويقول أيضاً " صارت دموعى خبزاً " فقد صارت الدموع بدلاً من الأكل والشرب ، ويقول " أعّوم فى كل ليلة سريرى " ما هذه التوبة الجبارة !مع أنّ داود النبى قد فعل خطية واحدة إلاّ أنّه قدّم عنها توبة طوال عمره بإستمرار هو بيقدّم عنها توبة مُتجددة بالرغم من أنّ ناثان النبى قال له " أنّ الرب قد نقل عنك خطيتك " إلاّ أنّ القلب الحساس الذى كلّه محبة نحو ربنا بيشعر أنّه أهان الله ويشعر كم أنّه إحتقر الله تخيلّوا أنّ الخطية هى إحتقار لله فالله فى سفر صموئيل يقول : أنت إحتقرتنى فالمرأة الخاطية اليوم بحياتها تعرّفنا اللغة التى يليق بنا أن نكلّم بها ربنا لدرجة رب المجد يسوع قال لنا هكذا " طوبى لكم أيها الباكون الآن لأنكّم ستضحكون " فالذى يبكى هنا سيضحك فوق والذى يضحك هنا سيبكى فوق فلابد أننّا سنبكى فأيهما نختار نبكى هنا أم نبكى فوق ؟ فأنا أبكى هنا لأنّ هناك سيكون البكاء وصرير الأسنان إلى الأبد ، ولذلك يا أحبائى البكاء نتعلّمه من المرأة الخاطئة فثقل الخطية يُشعرنا بعجز كامل ولم يجد الإنسان وسيلة يُعبّر بها عن العجز الكامل إلاّ بالبكاء ولذلك المرأة الخاطية عندما بكت إستحقت الغفران لأنها قدّمت توبة بهذه المشاعر المتدفقة القديس مارأفرآم يُقال عنه " لا يُرى إفرآم إلاّ وعينيه ممُتلئتين " الإنسان يا أحبائى الذى عنده مشاعر حساسه نحو ربنا وهو بيقف بيتضرع لربنا وإحساسه بدنسه بيجد نفسه بطريقة تلقائية بيبكى
2- أنها أتت من وراءه:-
فلنفرض أنّ رب المجد يسوع كان مُتكأ فى المجلس فهى شعرت أنها بخطيتها ودنسها لم تحتمل أن ترى وجهه فهى أتت من وراءه وإنحنت عند رجليه ودموعها بتنزل على رجليه 0وصارت تمسح رجليه بشعرها فأجمل إحساس ياأحبائى فى التوبة أنّ الإنسان يشعر بإنكسار وإنسحاق وأنّه ليس له إستحقاق أن يقف أمام ربنا وليس إستحقاق أن يرى ربنا فالعشار لم يشأ ان يرفع رأسه فهو غير قادر أن يرفع رأسه تخيلّوا الإنسان الذى يأتى لربنا بهذه المشاعر ويقول له يارب إرحمنى ما أصعب يا أحبائى الإنسان الذى يتعامل مع ربنا وكأنّ ربنا بيشتغل عنده وكأنّه مستحق وشاعر أنّه أحسن وأنّه أفضل من غيره ولكن نحن يارب ليس لنا حق أبداً ليس لنا إستحقاق أبداً نحن سنأتى من وراءك فالمرأة الخاطية شاعرة أنّ عيون الناس كلّها بتدينها ولذلك كانت آتية وكلها خزى فى سفر عزرا يقول " لك ياسيد البر أمّا نحن فلنا خزى الوجوه " فماذا نقول لك يارب نحن لم نقدر أن نرفع أعيننا عارفين يا أحبائى إحساس المجرم الذى ذنبه ثبت عليه وقد أُدين وأصبح أمر فاضح فالإنسان لابد أن يشعر بذنبه ويشعر أنّه يريد أن يأخذ شىء لم يستحقه فالغفران شىء لا يستحقه ولكن هو من مراحمك يارب يوجد قديس إسمه مارإسحق يقول " إنّ الذى يعرف خزيه يعرف كيف يطلب النعمة " ، فالإنسان الذى يعرف خطيته ويعرف ثقلها فهو الذى ياخذ الغفران ولكن لو لم يعرف خزيه فإنّه يقول أنا أظل مثل باقى الناس فإن كنت تريد أن تعرف الإنسان الذى يعيش مع ربنا تستّدل عليه من إنكساره وربنا عندما يرى إنكساره يُمطر عليه بمراحمة داود النبى يقول " القلب المُنكسر والمتواضع لا يرذله الرب " ، الله لا يرذله مستحيل أبداً أنّ الله يرفض القلب المملوء بالإنكسار والإتضاع المرأة الخاطية عرّفتنا كيف ندخل ليسوع والإنسان لا يُبالى بأحد فكانت هى الوحيدة المستفيدة من الوليمة فالتى ليس لها حق للوليمة صارت هى التى إستفادت بالوليمة فحتى وإن كُنّا ليس لنا إستحقاق للعُرس ولكن ممكن الله يعطينى إستحقاق إن أتيت بإنكسارفقد عرفت ما الذى يليق بإكرام أقدامه فقد سكبت عليه دموع وسكبت عليها طيب ومسحتهما بشعر رأسها فالذى يأتى لربنا بقلب مكسور فهو يريد أن يأتى لربنا بأى درجة
3- محبتها :-
لقد سكبت على قدميه قارورة الطيب وهى ثمن كل الذى كسبته من الخطية فهى إشترت أجمل وأغلى عطر والعطر فى وقتها كان عطر مرّكز وكلّه عطر طبيعى وكأنّها تقول له يارب : أنا سأسكب طيبى عند أقدامك لأنها هى الوحيدة التى تحتمل دنس كم أنّ الإنسان عندما يقرأ قصتها يمتلىء غيرة منها فهى قصة حياة وقصة توبة مُتجددة لكل إنسان راغب بنعمة ربنا أن يتغيرالحب يا أحبائى الذى نمارس به التوبة يجعل الإنسان لا يبالى بالناس ولا يبالى بآراء الناس فهى عرفت أنّ يسوع فى هذا المكان فلابد أن أذهب إليه فهى تعلم بنظرات الناس كيف ستكون نحوها وبعتاب الفريسى وكأنّها تقول إن كان الفريسى سيمنعنى إلاّ أنّ يسوع سوف لا يمنعنى المرأة الخاطية آتية وهى كلّها ثقة أنّه سوف لا يرُذلها مهما كانت خاطئة فكما يقول أحد القديسين " إن لم تستطع أن تصل إلى رأس يسوع أقدم إلى أقدامه برأسك " ، فهذا هو طريق التوبة فإن كان الإنسان غير شاعر أنّه خاطىء فكيف يأتى وكيف يبكى وكيف يأتى وراءه وكيف يكون عنده إحساس بالخزى والخجل فإحساس الخزى والخجل هو الذى يؤتى بالحب الفائق وأن أشعر بقوة غفرانة فلو أنا شاعر إنى خاطىء بقدر بسيط فسيكون غفران ربنا لىّ بقدر بسيط فأحبّه بقدر بسيط ولكن لو أنا حاسس بخطيتى بقدر كبير سأشعر بخزى كبير وسأشعر بغفرانه الكبير وسأشعر بحبه الكبير فأقول له أنت يارب مُنقذ حياتى من الفساد نحن نستحق الموت ولكن هو رفع الموت عنّا ديننا كبير ومادام ربنا رفع ديننا الكبير فإن محبتنا له تكون كبيرة فإن كان قد أعطانى شىء بسيط فإننى ممكن أنساه ولكن لو أنا حاسس بخطيتى التى غفرها وبيغفرها وسيغفرها فأكون بإستمرار حاسس بدين كبير وبحب كبير والمرأة تاجها وكرامتها فى شعرها تخيلّوا أنها تفعل ذلك بشعرها فهى بتمسح به أقدامه ، إنظروا كيف أنّ مكان الكرامة والزينة جعلته كمنشفه فالمفروض أنّ كرامتى لا أضع لها إعتبار مثل المرأة الخاطية وهات شعرك وكنزك والشىء الغالى عليك وإمسح به أقدامه فهذا هو طريق التوبة فعندما أحب كثير فإنّه يغفر لى كثير فهنا أستحق الغفران الذى بلا ندامة ولذلك هى فعلت هذا والوليمة كانت تمر عادى والناس تهمهم عليها وهى مستمرة فى البكاء ومستمرة فى سكب الطيب فهى الآن ليست مع الناس ولكن غفران يسوع هو موضع شغلها فلم تشعر بكلام الناس والعجيب أنّ ربنا يسوع قال للفريسى " إنى منذ دخلت بيتك لم تُقبّل فمى أمّا هى فمنذ دخلت بيتك لم تكُف عن تقبيل قدمّى بزيت لم تدهن رأسى أمّا هى فقد دهنت بالطيب قدمّى" فأخذ يوصف كل الأمور التى فعلتها فهل أنت يارب مُنتبه من كل شىء فعلته المرأة فى رجليك فأنا شاعر بكل نقطة دموع بتنزل أنا حاسس بكل قُبلّة بتقدّمها لأقدامى أريد أن أقول لك أنّ كل أعمال التوبة التى تعملهاربنا بيتذكّرها وحاسس بها فمزمور يقول " يذكر لك جميع ذبائحك " ، ربنا يريد ذبائح التوبة ذبائح الحمد ذبائح رفع القلب ذبائح الشفتين ربنا ناظر لعبارات التوبة وناظر لدموعك وإن كان يحدث فى الخفاء إلاّ أنّ كل أعمالك ربنا يسوع فاكرها لك وإن كنّا لا نشعر بأنّه عمل يستحق الإكرام ولكن ربنا يسوع بيعطى له كل الإكرام هو راصد كل دموعى صدقونى كل كلمة بنقولها بقلب نقى هو بيذكرّها وبيجعلها دليل على التوبة فلابد أن نأخذ طريق المرأة الخاطية فإن كان ربنا يسوع تارك للمرأة الخاطية أقدامه لتقبلّها فهو لم يترك لنا فقط أقدامه ولكن تارك لنا جسده ودمه وليس لكى نأخذه من الخارج فقط ولكن لكى نأخذه داخلنا ونتحد به لإحذرى أن تدخلى الكنيسة وتركّزى على غيره فلا تُركّزى إلاّ عليه هو فقط فأدخل إليه بإحساس الإنسان الذى يريد أن يتطهّر من أدناسه ربنا يسند كل ضعف فينا ولإلهنا المجد دائماً أبدياً أمين.
القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا انطونيوس محرم بك الاسكندرية
المزيد
07 أكتوبر 2023
إنجيل عشية الأحد الرابع من شهر توت ( مت 9 : 18 - 26 )
وفيما هو يُكَلِّمُهُمْ بهذا ، إِذا رَئيس قد جاءَ فَسَجَدَ له قائلاً: إِنَّ ابنتي الآن مالت، لكن تعالَ وضَع يَدَكَ عليها فتحيا. فقامَ يَسوعُ وتبعَهُ هو وتلاميذه. وإذا امرأةٌ نازِفَةً دَم مندُ اثْنَتَي عَشَرَةَ سَنَةً قد جاءَتْ مِنْ ورائهِ ومَسَّتْ هُدَبَ ثَوْبِهِ، لأنَّها قالت في نفسها إِنْ مَسَستُ ثَوْبَهُ فقط شُفيتُ فالتَفَتَ يَسوعُ وأَبصَرَها، فقال ثقي يا ابنة، إيمانك قد شَفاك فشفيتِ المرأةُ مِنْ تلك السَّاعَةِ وَلَمّا جَاءَ يَسوعُ إِلَى بَيتِ الرئيس ونَظَرَ المُزَمَّرِينَ والجَمْعَ يَضِحُونَ، قَالَ لَهُمْ: تَنَخَوْا، فإنَّ الصَّبيَّةَ لم تمُتْ لكنها نائمَةٌ. فَضَحِكُوا عَلَيْهِ فَلَمّا أخرج الجمعُ دَخَلَ وأمْسَكَ بَيَدِها، فقامَتِ الصَّبِيَّةُ. فخرج ذلك الخَبَرُ إِلَى تِلكَ الأَرضِ كُلَّها ".
إقامة ابنة يايرس وشفاء نازفة الدم:
في ثقة عجيبة جاء هذا الرئيس كما يدعوه متى الإنجيلي وسجد عند قدمي يسوع قائلا: "ابنتي ماتت لكن تعال وضع يدك عليها فتحيا " فقام يسوع وتبعــه هـو وتلاميذه.وفي طريقه إلى بيت الرئيس لمست المرأة نازفة الدم هدب ثوب المُخلِّص فوقف نزيف دمها وشفيت في الحال، فأظهر يسوع إيمانها وكشف أمام الجميع سر ثقتهـا في المسيح وكيف نالت وأخذت من الرب ســــلام وحيـــاة وبنوة في آن واحد حين قال لها: "ثقي يا ابنة، إيمانك قد شفاك، اذهبي بسلام" (لو 8 : 48)إنجيل العشية يركز على الإيمان ويزكيه جدًا كأعظم قوة وأكبر نعمة يحوزها الإنسان ويمتلكها الإيمان الذي يتحدى الموت ويغلبه الإيمان الذي يسكن القلب في ســر وبحسبه يكون للإنسان ما يسأله
القديس لوقا الإنجيلي يقول : إن يايرس كان رئيس المجمع وإنه طلب إلى الرب يسوع أن يأتي إلى بيته لأن ابنته كانت على آخر نسمة، ثم بينما هم في الطريق إلى البيت جاء واحد من الخدم وقال: ابنتك ماتت فلا تتعب المعلم"... ولكن يسوع بادره بقوله: "لا تخاف أمن فقط فهي تشفى" هنا بينما كان إيمان يايرس يجوز في الامتحان الصعب إذا بيسوع نفسه يمد يده يسند إيمانه لئلا يفشل فكلمة المسيح ليايرس كان لها فعل حياة وقوة عجيبة مثلمـا طلب الرب من أجل سمعان في وقت التجربة لكي لا يفنى إيمانه مع بقية التلاميذ.وهذه النعمة كثيراً ما تدركنا ونحن في حال ضعفنا ونحن نلتمسها دائمًا بتوسل وسؤال الصلاة قائلين: زد إيماننا اسند إيماننا قوي ضعف إيماننا لأنه إن كان الذهب يمتحن بالنار فالإيمان وهو أسمى من الذهب يُمتحن وطوبى لمن يعبر التجربة بإيمان وثقة في القادر على كــل شيء.سكن هذا الإيمان بالمسيح في قلـب يــايرس وهـو مجرب إن المسيح معين المجربين، وإذ زحف الموت ليقتنص نفس صغيرته هرع إلى رب الحياة لكي لا يغتصب الموت نفس وحيدته فاستجاب واهب الحياة وكسر شوكة الموت.قال الرب للرجل: "لا" "تخف" إذ رآه في مهب ريح الشكوك فسكنت الكلمة القادرة رياح الشكوك وابكمـــت هيجان أمواج الموت فتشبث بالحياة نازفة الدم طلبت أن تلمس فقط هدب ثوبه أما يايرس فأصر أن يأخذ المسيح إلى بيته، وأراد أن يواجــه بالحياة أحزان الموت وصراخ الحزن فذهب الرب معـه ودخل بيته فدخلت الحياة الجسد الميت فتبدل الحزن إلى دهشة وفرح.
* من لنا بإيمان يايرس ومن لنا بثقته في المسيح من يقول: "أمسكته ولم أرخه". حقا إن الضيقات هــي التي تخرج بنا بأجمل الاختبارات، لأن ربنا في الضيق وجد نصيرا شديدًا وفي وادي ظل الموت صار لنا خير رفيق فطرد الخوف عنا آمن فقط دع عنك كل ما يدور حولك ركز البصر في النور، في الحياة، في المسيح دع عنك کلام الناس وصراخ وعويل النسوة وضجة المزمرين فهذه كلها حركات العجز الجسدي واليأس الحزين حينما يُقهر الموت الطبيعة الضعيفة آمن أن النور أقوى من الظلمة، والحيــاة أقـوى مـن الموت لا يضعف قلبك فغير المستطاع لدى الناس مستطاع لدى الله. * أما المرأة نازفة الدم فكانت بالنسبة ليــايرس كعلامة على الطريق على صدق المسيح وقدرته الإلهية. لقد قوت إيمانه وشددت رجاءه حينما جاءت وأخبرت أمام الجميع كيف جف نزيف دمها في الحال عندما لمسـت هدب ثوبه تأكد وقتها أن ابنته ستقوم ولو ماتت المرأة نازفة الدم صارت برهانا على نعمة الإيمان التي سكنت قلبه لم يعد يايرس يحتاج إلى تشجيع ولا إلــى كلمات آية استعادة الحياة صارت حقيقية أمامه فسجد في قلبه للمسيح لقد جاء جاثيًا طالبًا أن تشفى ابنته فلما أبرأ المسيح نازفة الدم وجاءت وخرت عند قدميه كان قلب يايرس يقدم السجود معها لواهب الحياة.
* المسيح يسند إيماننا بكلمته أي بالإنجيل لأن فيــه كــل مواعيده الصادقة، وكلمته حية فعالة بكل المقاييس ومن يدخل الإنجيل إلى قلبه يتشدد إيمانه يكفي أن تسمع من فم المسيح كلمة: "لا تخف، آمن فقط".الخوف هو العدو الأول للإيمان لأن من خاف لم يتكمل في المحبة بل المحبة الكاملة تطرد الخوف إلى خارج" الخوف ينشئ شكا في الإيمان بطرس الرسول لما خاف من الأمواج والرياح حوله وحول نظــــره الذي كان مثبتا في المسيح بدأ يشك وإذ داخله الشك بدأ يغرق ثم في الطريق إذ نحتاج إلى معونة لتكميل المشوار يتدخل الرب ليسندد إيماننا بالأكثر ، إذ يرينا آيات وعجائب أعماله في أخوتنا بقوة تفوق الإدراك، فنرى ونزداد إيمانا بواهب الحياة ونسير وراءه غير خائفين وغير عابثين بالمزمرين والنادبين والمشككين والهازئين إذ يكون إيماننا وقد سنده الرب بالكلمة (الإنجيل) وبالآية يكون إيماننا قد تخطى دوائر الشك ودخل مراحل اليقين فلا يهتز ولا يتزعزع مهما قابلنا من ظروف وهكذا يأتي بنا المسيح إلى ملء القيامة والفرح ويبــــدد حزننا ويزيل مخاوفنا إلى التمام إذ نكون قد أكملنا السعي وحفظنا الإيمان.
المتنيح القمص لوقا سيدراوس
عن كتاب تأملات فى أناجيل عشيات الأحاد
المزيد
06 أكتوبر 2023
مائة درس وعظة ( ٣٤ )
أتبعك أينما تمضى التلمذة أتبعك أينما تمضى ، ( لو ٩ : ٥٧ )
اولا : نماذج سلبية للتبعية:
هناك ثلاثة مشاهد لثلاثة اشخاص تقابلوا مع السيد المسيح في أوقات متفاوتة لا يوجد بينهم رابط زمني أو مكاني ، ولكن القديس لوقا حدثنا عن هذه الثلاثة مشاهد ، لكي يقدم لنا إجابة على إخلاص الإنسان في تلمذته وتبعيته لربنا يسوع قدم لنا ثلاثة مشاهد بثلاثة أسئلة.
ونقدم لك الثلاثة اشخاص
الأول : إنسان له مشاعر ولكنه لم يفكر جيدا.
الثاني : إنسان له فكر ولكن بلا مشاعر.
الثالث : عنده فكر ومشاعر ، ولكنه سقط في التردد أو التأجيل.
الصديق الأول : مشاعر بدون فكر شخص مندفع ، وكل ما يقوم على العاطفة يكون مؤقتا ، وأجابه المسيح للثعالب أوجرة ولطيور السماء أوكار ، وأما ابن الإنسان فليس له این يسند راسه » ( مت ٢٠:٨ ) وكانت إجابة المسيح أن تبعيته فيها متاعب وفيها حمل للصليب ، ليست المسيحية مجرد معجزات ، المسيحية ايضا فيها طريق للآلام ، وربنا يسوع قال لنا : « في العالم سيكون لكم ضيق ، ( يو ١٦ : ٣٣ ) ، ومع الآلامات توجد تعزيات فهل أنت مستعد ؟
إذا عندما تأخذ قرارا اعتمد
أولا : على ربنا
ثانيا على عقلك
ثالثا : على عاطفتك ( التي هي ممكن أن تكون متغيرة ) .فتأخذ قرارك بطريقة صحيحة الصديق الأول كان صاحب مـشاعر ولم يكن صاحب فكر ، لذلك يبدو أن انصرف ولم يتبع المسيح.
الصديق الثاني : فكر بدون مشاعر المسيح قال له اتبعني ، وكان شرط هذا الشخص أن يأذن له المسيح ان يذهب أولاً ويدفن اباه عندما تأتي دعوة المسيح لك فهي لحظة فارقة وفرصة ذهبية في حياتك .
الشخص الثالث : مشاعر وفكر تقدم للمسيح وقال له : « أتبعك يا سيد ولكن ائذن لي أولا أن أودع الذين في بيتي هذا الشخص ربما تنكسر عاطفته ، او ينكسر فكره بخطية اسمها خطية التردد ، وقد تمتد خطية التردد إلى التاجيل ، وكما تعرفون أن التـاجـيل لص الزمان ، حتى في التوبة ، ويظل التأجيل يضيع الحرارة الروحية في داخلك وهذا ما نسميه في تحليل نصف الليل تسويف العمر باطلا، وكانت إجابة السيد المسيح عليه : ليس أحد يضع يده على المحراث وينظر إلى الوراء يصلح لملكوت الله ، ( لو ٦٢:٩ ) بولس الرسول في محاكمته أمام اغريباس الملك وقف يدافع عن إيمانه بقـوة حتى أن اغريباس قال له : « بقليل تقنعني أن أصير مسيحياً ، ( اع ٢٦ : ٢٨ ) ، ولكننا للأسف لم نسمع أن أغريباس قد صار مسيحيا ، مشكلة التردد .
ثانياً : نماذج إيجابية للتبعية :
١- متى الرسول نقرأ في ( متى ۹ : ۹ ) عبارة ، اتبعني ، وهنا العبارة قـالـهـا ربنا يسوع المسيح للاوى العشار الذي كان يجلس في مكان الجباية فقام وتبعه وصار متى الرسول
۲- بولس الرسول وهو كان بعيداً عن المسيح تماماً ويهوديا حتى أنه قال عن نفسه : « كنت اضطهد كنيسة الله بإفراط وإتلفها ( غل ١ : ١٣ ) ، وكنت قبلا مجدفا ومضطهدأ ومفتريا ، ( اتی ١ : ١٣) ومجرد رؤية المسيح وحديثه معه قال له : « يارب ماذا تريد أن أفعله «.
۳- بطرس الرسول ( لوه : ۱ - ۱۱ ) كان سمعان بطرس صياد وفي مرة قضى الليل كله ولم يصطد شيئا وبعد أن أرسوا على الشاطئ دخل السيد المسيح سفينته وصار يعلم الجموع ، ثم قال المسيح لسمعان ابعد إلى العمق والقوا شباككم للصيد ، فاجاب سمعان وقال له .يا معلم ، قد تعبنا الليل كله ولم نأخذ شيئا ، ولكن على كلمتك ألقي الشبكة ..
٤- الأنبا باخوميوس اب الشركة كان جنديا وثنيا ، ولكن عندما شاهد أهل إسنا وهم يقدمون فضيلة إضافة الغرباء وعرف أنهم مسيحيون ، قال : إن رجعت من الحرب سالما ساصير مسيحيا ، ورجع وبدأ طريقه الروحي ، وبدأ يتبع المسيح ويتكرس وصـار راهبا بل وأسس حياة الشركة في الحياة الرهبانية ، وصار قديساً في الكنيسة.أحياناً يفتقد الله الإنسان بنعمته ويدعو في قلبه ، وعندمـا يسـتـجـيب بفكره وعقله ومشاعره وإيمانه ويتخذ القرار يعرف أن طريقه طريق جيد وناجح ، ويعرف أن الذي يتبع المسيح لا ينظر إلى الوراء بل يأخذ طريق ينظر فيه للأمام ويتقدم وينمو.
قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
05 أكتوبر 2023
شخصيات الكتاب المقدس بتروباس الرسول
اسم يونانى ومعناه (حياة ابيه)
رو 16: 14 سلموا على اسينكريتس فليغون هرماس بتروباس وهرميس وعلى الاخوة الذين معهم.
وهو رجل مسيحى من مدينة روحيه وقد ارسل اليه الرسول بولس سلامه فى (رو16: 14).كان احد السبعين رسول الذين عينهم الرب ونال نعمه حلول الروح القدس المعزى فى علية صهيون. خدم فى مدينة رومية ثم صار اسقفاً على مدينة يونوبوليس وبعد خدمة مباركة استشهد هذا الرسول فيها ويقيم له اهل المدينة عيداً سنوياً.
المزيد
04 أكتوبر 2023
من له أذنان للسمع فليسمع ( مر ٩:٤ ،٢٣)
الرسائل التي أرسلها الرب إلى الكنائس السبع التي في آسيا كل منها تشمل عبارة أنا عارف أعمالك، وتنتهى بعبارة « من له أذنان للسمع فليسمع ما يقوله الروح للكنائس » ونريد اليوم أن نتأمل هذين الأمرين
رسالة للكل:-
جميل أن الله يرسل رسائل للناس، يبعث كلمته للكل للأبرار وللأشرار معاً ، للذين يحبونه وللذين تركوا محبتهم الأولى . يرسل حتى إلى ملاك كنيسة ساردس الذى قال له الرب « إن لك اسماً أنك حی وأنت ميت» (رؤ۳ : ۱) والى ملاك كنيسة لاوديكية الذى قال له « لست حاراً ولا بارداً . بل أنت فاتر .آنا مزمع أن أتقياك من فمى ( رؤ۳ : ١٥، ١٦ ) . ومع ذلك يرسل إلى كل منهما رسالة كل إنسان في الحياة ، لابد أن تصله رسالة من الله يتكلم فى قلبه فى فكره يرسل له كلمة تناسبه بأية الطرق . عن طريق كتاب عظة، عن طريق نصيحة من إنسان تصوروا أنه كلم حتى قايين، قبل أن يقتل أخاه . وقال له عند الباب خطية رابضة، وإليك اشتياقها ، وأنت تسود عليها » تك ٤: ٧. خذ حذرك مازال الأمر فى إرادتك احترس من تلك الخطية ومن اشتياقك احترس من مشاعرك الله ارسل رسالة حتى إلى بلعام وفى الرسالة إلى العبرانيين يقول الرسول الله بعدما كلم الآباء بالأنبياء قديماً، بأنواع وطرق شتى، كلمنا في هذه الأيام الأخيرة في ابنه » (عب ١ : ١، ٢) بأنواع وطرق شتى لا تستطيع أن تقول إن صوت الله لم يصل إليك البعض قد يكلمهم الله بالرؤى والأحلام. ولكن ليست كل الرؤى والأحلام من الله ! وهناك من كلمهم الله بصوته شخصياً كما حدث للأنبياء والبعض كلمهم عن طريق الرسل، والكتاب يقول إلى أقطار المسكونة بلغت أقوالهم» (مز ۱۹). والكل كلمهم الرب عن طريق الوحى المقدس، الكتاب المقدس ، الذي هو كلمة الله إليك وهناك من كلمهم الرب عن طريق الملائكة والكل عن طريق الوعظ كما كان بولس الرسول يقول «كأن الله يعظ بنا نطلب عن المسيح : تصالحوا مع الله » (۲ کوه : ۱۹ ، ۲۰ ) جائز الكلمة التي يرسلها لك الرب تكون كلمة بركة، أو كلمة تعزية، أو تعليم، أو كلمة إنذار وياليتك تسأل نفسك باستمرار ما هي كلمة الله إلى ؟ إنك تسمع كثيراً من الناس ولكن ما هي كلمة الله إليك ؟ تصوروا أن السيد المسيح يقول : اكتب إلى ملاك كنيسة أفس إلى ملاك كنيسة سميرنا إلى برغامس إلى ثياتيرا إلى فلادلفيا إلى ساردس إلى لاوديكية اكتب كل واحد له رسالة الله يوجهها إليه.
وصية في الانجيل :-
هذه العبارة قالها السيد المسيح مرات عديدة في الأناجيل :
قالها بعد كلامه عن يوحنا المعمدان (متی ۱۱: ١٥)، وبعد مثل الزارع (متى ۱۳ :۹) (مر٤ : ۹) ، وبعد شرح مثل الحنطة والزوان ( متى ١٣ : ٤٣) (مر٤ : ٢٢) . وبعد كلامه عن أن ما يخرج من الفم هو الذى ينجس الإنسان مر٧: ١٦) وبعد كلامه عن الملح الذى يفسد ( لو ٢٤ : ٣٥) وهكذا قال في سفر الرؤيا للكنائس السبع من له أذن فليسمع ما يقوله الروح للكنائس » سبع مرات في (رؤ ٢ ، ٣) وعبارة ما يقوله الروح للكنائس عبارة معزية :تعنى أن الروح القدس مازال يكلم الكنائس الروح يعمل فينا ، ويرشدنا إلى جميع الحق ( يو ١٦: ١٣) ، ويذكرنا بكل ما قاله الرب لنا ( يو ١٤ : ٢٦ ) .
أذنان للسمع:-
هناك أشخاص كانت لهم آذان تسمع وتستجيب وتطيع . مثل ابرام أبو الآباء، حيثما قال له الرب : « اخرج من أهلك ومن عشيرتك» (تك ۱۲) وحينما قال له خذ ابنك وحيدك الذي تحبه، اسحق، وقدمه لى محرقة » (تك ٢٢) أطاع، ولم يناقش.ومن له أذنان للسمع .لوط لما قال له : الملاك اخرج من سادوم لا تقف في كل الدائرة (تك ١٩) سمع وأطاع من أكثر خلق الله سمعاً لكلامه الملائكة يقول عنهم المرتل في المزمور باركوا الله يا ملائكته الفاعلين أمره ، عند سماع صوت كلامه» (مز ۱۰۳ :۲۰) بمجرد سماع الكلمة ينفذون، سواء للإنقاذ أو للعقاب لذلك ونحن نريد أن نكون سامعين لكلمة الله ، منفذين لمشيئته نقول « كما في السماء ، كذلك على الأرض » أى نطلب أن تكون لنا آذان للسمع أمثلة الذين سمعوا الكلمة واستجابوا تلاميذ المسيح . متى (لاوى) حالما سمع كلمة « اتبعني» ترك مكان الجباية وتبعه ( متى ٩ :٩) . وكذلك بطرس وأخوه اندراوس تركا السفينة والشباك والأهل، حالما سمعا عبارة هلم وراثى فأجعلكما صيادي الناس (مر١ : ۱۷ ،۱۸) وكذلك فعل يوحنا ويعقوب ونفس الوضع أيضاً مع شاول الطرسوسي (أع ٩). ولهذا قال السيد المسيح مطوباً تلاميذه:«أما أنتم فطوبى لآذانكم ، لأنها تسمع » . ذلك لأن هناك آخرين لهم آذان لا تسمع (مر٨: ١١) (رؤ ۲۸ :۲۱) وما أكثر الأمثلة لهذا النوع وما أكثر أسبابها السيد المسيح نفسه كان كثير من معاصريه ، لهم آذان ولكنها لا تسمع .
آذان لا تسمع:-
أول أذن لم تسمع ، كانت لآدم وحواء .
سمعا الوصية،وكأنهما لم يسمعا تذكرا الوصية بحذافيرها ، وعملا العكس ! (تك ٣) لماذا ؟ لأن كلمة أخرى قالتها الحية غطت على كلمة الله إليهما وكانت أكثر تأثيراً وأكثر إغراء ، وإذا كلمة الله وكأنها لم تسمع لذلك احترس من أن الكلمة، يخطفها أحد منك. كما قيل في مثل الزارع أن بذاراً خطفها الطير فلم تنبت متى ٤:١٣ ألقيت البذار أى نزلت على الأذن، ولكن هناك من خطفها تسمع النصيحة أو العظة، وتتأثر، ويأتي إنسان آخر، تأثير آخر يغطى على الكلمة ويخطفها منك، ويترك عندك تأثيره هو قايين سمع الإنذار من الله ، وكأنه لم يسمع ! فلماذا ؟ كانت هناك مشاعر وانفعالات في القلب، غطت على كلمة الله ، وأزالت تأثيرها وكأنه لم يسمع !
كانت مشاعر الحمد والحقد والغضب التي في قلبه، كأنها حاجز قوى يمنع كلمة الله من أن تدخل فسمعها وكأنه لم يسمع كان مشغولاً بسماع صوت الحقد والحزن الذي في قلبه قال له الله احترس الخطية أمامك،ولا تزال تسود عليها احرص ألا تخطى ولكن الانفعالات الداخلية كانت تمنعه من سماع النصيحة وبعد أن كلمه الله ، ذهب وقتل أخاه !!
احترس إذن من إنفعالاتك الداخلية ومن سيطرتها . الشاب الغنى كلمه المسيح، وقدم له كلمة منفعة ولكنه مضى حزيناً، ولم يسمع للرب (متی ۱۹ : ۲۲) فلماذا ؟
لأن هناك شهوة في القلب، تمنع وصول الكلمة للقلب أن هذا الشاب كان يحفظ الوصايا منذ حداثته ولكنه عند الوصية الخاصة بالمال لم يستطع أن يسمع لأن هنا كانت الشهوة المسيطرة التي تحجب كل وصية وكل كلمة وتصد وترد كإنسان مستعد أن يسمع لك في كل شيء، ما عدا شيئاً واحداً لا يستطيعه هنا عدم السمع ليس مطلقاً، ولكنه في شيء واحد في نقطة الضعف في الشهوة المسيطرة مثال سليمان الحكيم، كان أحكم الناس جميعاً، وقد أخذ الحكمة من الله ولكنه من جهة شهوة النساء والتزوج بالنساء الغريبات، لم يستطع أن يسمع كلمة الله ولم يكن قلبه أميناً للرب مثل أبيه (امل ١١: ١- ١٠) ولم يحفظ ما أوصى به الرب إذا وجدت أذنك لا تسمع، ابحث ما هو السبب ؟ اذهب إلى طبيب آذان يعالجك، بل اذهب بالأكثر إلى طبيب قلب، يكشف ما في قلبك من شهوات. مثل أي إنسان يخالف أباء وأمه، ويخالف الوصية والكنيسة ويخالف القانون أيضاً، لأن هناك شهوة فى قلبه يريد أن يحققها. والشهوة تصم أذنيه عن السماع أحياناً يكون عدم السماع بسبب قساوة القلب. ولذلك يقول الكتاب «إن سمعتم صوته فلا تقسوا قلوبكم » عب٣ : ١٥). فرعون كان من هذا النوع القاسي القلب الذي لم يستطع أن يسمع لكل إنذارات الله، ولم تؤثر فيه كل الضربات. وكم من مرة صرخ إلى موسى وهرون، ووعد بأن ينفذثم عاد كما كان والقساوة تولد العناد .والعناد يمنع من سماع الكلمة :
العناد الذي يغلق القلب،ويغلق الفكر. ومهما قيل له من كلام نافع ومقنع، لا يسمع ! إنسان متثبت بفكره، مهما كلمته، كأنك لم تتكلم لأن فى التشبث بالفكر نوعاً من الكبرياء - تغلق الأذن عن السماع، بعكس الوديع المتواضع يمكن أن يسمع . حتى إن أخطأ، يقبل التأنيب والنصيحة، ويصلح طريقه ويسمع.الهراطقة كانت لهم آذان لا تسمع، أغلقها العناد والكبرياء .
آریوس مثلاً، لم يسمع لصوت بطريرك، ولا لصوت المجمع المحلى الذى عقد فى الاسكندرية من مائة أسقف، ولم يسمع لإقناعات القديس أثناسيوس، ولم يسمع لقرار المجمع المسكوني كان عناده يغلق أذنيه، وكانت كبرياؤه تغلق أذنيه ومات في هرطقته، دون أن يسمع تمنعه العزة بالذات، والتمسك بالفكر وكذلك كل حوار لاهوتى من نفس النوع قد تحاور إنساناً، وتجده متحفزاً للرد قبل أن تكمل كلامك لسانه أسرع من أذنيه لا رغبة لديه في السماع، ولا رغبة في الإقتناع يمنعه التشبث والعناد له آذان ولكنها لا تسمع وبالمثل كل إنسان متمسك بفكره الخاص، مصر على فكره كأنك تكلم صخراً صلباً لا توجد منافذ تدخل منها الكلمة ونفس الوضع مع كل إنسان معتز بكرامته قد يشعر أن نصيحتك كأنها تهينه وتهز كرامته، وتشعره بخطأه، وتتعب نفسيته فلا يكون مستعداً إطلاقاً أن يسمع ، لان السماع يحتاج إلى تواضع ولهذا ليس كل عتاب يأتي بنتيجة :- المتواضع المحب تعاتبه فتكسبه والمتكبر المعتز بكرامته، تعاتبه فيزداد الأمر سوءاً ...
هيرودس الملك، لم يستطع أن يسمع كلمة يوحنا المعمدان .
كلام يوحنا المعمدان واضح لا يحل لك أن تكون لك امرأة أخيك» (متى (١٤ : ٤) . إنها وصية إلهية واضحة في موانع الزواج ( لا ١٨ : ١٦ ) والكتاب يعتبرها نجاسة (لا ۲۰ :۲۱) . ولكن هيرودس لا يسمع إغراء هيروديا يمنعه. كما كان إغراء دليلة يمنع شمشون من بقاء وصية النذير في أذنيه (قض ۱۳ : ۷) . هناك تأثير آخر، يمنع تأثير كلمة الرب عليه هناك محبة أخرى طغت على محبة الله ، فمنعت الأذن أن تسمع. كم تسمع كلام الله فى القراءات وفى العظات في كل قداس، وكأننا لم نسمع ، والطبع هو نفس الطبع . شعب اليهود كانت تتلى عليه البركات من فوق جبل جرزيم واللعنات من فوق جبل عيبال باستمرار( تث ۲۷ :۲۸). ومع ذلك ما كان يعباً !! السيد المسيح كان يكلم علماء اليهود، فلا يسمعون، على الرغم من قوة إقناعاته، ولكنهم تشبثوا بآرائهم . كانت الحرفية وتقاليد آبائهم الخاطئة وتعاليمهم، تمنعهم من السماع وربما كانت هناك مشاعر الحسد التي في قلوبهم التي كانت تدفعهم إلى محاولة التخلص من السيد المسيح، وليس سماع كلامه وماذا أيضاً. هل هناك أسباب أخرى تمنع من السماع ؟
الخوف أيضاً يسد الأذن أحياناً عن السماع .
بيلاطس البنطى كان مقتنعاً ببراءة المسيح، وقال إنه لا يجد فيه علة تستوجب الموت لو ٢٣ : ٢٢). وقد حذرته زوجته قائلة «إياك وذلك البار، لأني تألمت اليوم كثيراً في حلم لأجله » ( متی ۲۷ :۱۹) ولكنه لم يسمع ، لأن الخوف كان يمنعه من السماع كان يخاف أن يشكوه إلى قيصر الخوف على المركز وربما نفس الخوف منع أغريباس الملك من تبشير القديس بولس الرسول، مع أنه قال له « بقليل تقنعنى أن أصير مسيحياً » (أع ٢٦ : ٢٨ ) إن قبل أغريباس المسيحية، سيضيع منه منصب الملك كثيرون يضيعون البعض بالخوف إن فتحت فمك لتتكلم إن هربت منا ، إن كشفت المؤامرة، إن لم تخضع ، سيحدث كذا وكذا من التهديد وبهذا الخوف لا تنفع كل نصيحة لإنقاذه .! تكلمه، وكأنه لا يسمع الخوف سد أذنيه هناك سبب آخر : يمنع الأذن من السماع، وهو الاستهتار واللامبالاة أهل سادوم نصحهم لوط أن يخرجوا من المدينة قبل أن تحترق ،فقابلوا كلامه باستهزاء وكان كمازح في وسط أصهاره » تك ١٩ :١٤). ونفس الوضع حينما تكلم بولس الرسول في مدينة أثينا ، قابلوه بنفس التهكم قائلين «ماذا يريد هذا المهذار أن يقول » (أع ۱۷ : ۱۸) إنه أيضاً نوع من الاستهتار، لم يأخذوا فيه الكلام بجدية لذلك لم تكن آذانهم للسمع كإنسان تنصحه ، فيقابلك بتهكم، أو يحول الجو إلى عبث ولا يسمع، بل يتهكم و يهزأ إنسان أيضاً لا يسمع ، لأنه يعرج بين الفرقتين آخاب إن سمع كلمة من إيليا ، تستطيع إيزابل أن تعمل له غسيل مخ ، وتحوله إلى الناحية الأخرى فإن أردت أن تعطى نفسك فرصة للسماع، لابد أن تبعد عن الجو الذي يمكنه أن يحولك كشاب يسمع عظة ، فيضيع تأثيرها بسبب أصدقائه أصعب مثل في عدم السماع، هو مثال يهوذا، الذى كانت تمنعه الخيانة من السماع كم مرة أنذره السيد المسيح ولكن الخيانة كانت تصم أذنيه، مضافة إليها شهوة المال. القلب كان في تلف، كذلك تلقت أذناه فلم تسمع لكي تسمع أذناك ، ينبغي أن تكون لك رغبة في أن تسمع، وتكون لك الجدية في التنفيذ ، وتكون مشتاقاً أن تسمع الكلمة، ولو أدى الأمر أن تبذل حياتك من أجلها إن أتاك الصوت الإلهى احتفظ به فى قلبك وفى إرادتك كما فعل القديس أنطونيوس لما سمع كلمة الرب، وللحال نفذها في جدية، بغير إبطاء ، بغير توان ولنحاسب أنفسنا ، كم مرة سمعنا ولم نعمل، وكأننا لم نسمع .
قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
المزيد
03 أكتوبر 2023
الشمامسة والخدمة الكنسية خدمة الشماسات
تؤمن كنيستنا بدور رئيسي وهام للشماسات ومن الأمور المفرحة قيام قداسة البابا شنوده الثالث ببعث روح الحياة في هذه الخدمة الهامة، حينما قام بسيامة مجموعة كبيرة من الشماسات في عدة كنائس ، الأمر الذي أبرز دور المرأة في الحياة والخدمة الكنسية . كذلك فقد كلف قداسة البابا الجنة مجمعية خاصة، بإعداد لائحة للشماسات المتبتلات المكرسات، بعد أن أنتشرت مجموعات متناثرة منهن في أنحاء الكرازة ، يقمن بخدمات هامة وأساسية في الكنيسة ، وذلك من أجل تقنين وضعهن الكنسى ، وتأمين حياتهن الروحية والكنسية والمعيشية . وبالفعل قامت اللجنة بإعداد اللائحة، وتوزيعها على الأحبار الأجلاء، تمهيداً لمناقشتها واعتمادها رسمياً من المجمع المقدس برئاسة قداسة البابا وخدمة الشماسة في الكنيسة لها جذور كتابية رسولية ، وآبائية تقليدية . فنحن نقرأ في الكتاب المقدس في تيموثاوس الأولى قول الرسول : "اكرم الأرامل، اللواتي هن بالحقيقة أرامل والتي هي بالحقيقة أرملة ، فقد ألقت رجاءها على الله ، وهي تواظب على الطلبات والصلوات ليلاً ونهاراً ، لتكتتب أرملة إن لم يكن عمرها أقل من ستين سنة ، امرأة رجل واحد، مشهوداً لها في أعمال صالحة ، إن تكن قدريت الأولاد، أضافت الغرباء، غسلت أرجل القديسين، ساعدت المتضايقين، اتبعت كل عمل صالح"(١تى٣:٥-١٣)وفى الرسالة إلى رومية نقرأ عن فيبى خادمة كنيسة كتخريا ، وفى تلك الرسالة التي لفيلبي نقرأ عن أفودية وسنتيخي، اللتين جاهدتا مع الرسول بولس في الإنجيل ( فى ٤ : ٢ ، ٣ ) ... وكذلك نقرأ عن النسوة اللواتي كن يخدمن يسوع من أموالهن » (لو۸ :٣)) وفي رومية ١٦ نقرأ عن سلسلة من النساء الخادمات المباركات ، اللواتي خدمن مع الرسول بولس مثل بريسكلا « العاملة معه » ، ومريم التي تعبت من أجله » ، وتريفينا وتريفوسا « التاعبتين في الرب»، وبرسيس «المحبوبة التي تعبت كثيراً في الرب » وأم روفس التي اعتبرها الرسول أماً له ، وجوليا ، وأخت نيريوس إلخ .
ولاشك أن التاريخ الكنسى يحفل بأعداد هائلة من النسوة اللواتي خدمن الرب والكنيسة في مجالات متعددة، كالعبادة وتعليم السيدات والشابات والاطفال ورعاية الأرامل والأيتام والمرضى والمسنين إلخ .
خدمة الشماسات :
يمكن أن تختص الشماسات بخدمات كثيرة، وهذه مجرد أمثلة :
١-المشاركة في خدمة التسبيح في الكنيسة مع الشعب..
٢- المشاركة في تعليم الأطفال والفتيات والشابات .
٣-افتقاد البنات والشابات ، - واكتشاف حالات الابتعاد عن الكنيسة مبكراً، ومعالجة حالات الانحراف بالحب والتوجيه الروحى من خلال الآباء الكهنة .
٤- خدمات المحبة المسيحية مثل : بيوت الطفولة، الحضانات، المعوقين المرضى ، المسنين ، المتخلفين عقلياً ، وليس أحن من قلب المرأة على هؤلاء .
ه- خدمات التنمية : للفتيات : كتعليم الحياكة والتطريز واشغال الأبرة، ومكافحة الأمية المتفشية في مصر،خصوصاً بين السيدات، والطهي، والصحة، والوقاية من الأمراض والاسعافات الأولية وهذه الخدمات نراها واضحة في مئات مراكز التنمية الاجتماعية باسقفية الخدمات، والمنتشرة في كل أنحاء البلاد .
٦- خدمات طبية : كالتمريض الممتاز في المستشفيات والمستوصفات ، كملائكة رحمة، ينقلن إلى المرضى حنان ومحبة السيدالمسيح .
٧- الدراسة والكتابة : والتخصصات العلمية الكنسية وها نحن نرى الشابات في معاهد الإكليريكية، وبعض المتخصصات يدرسن الآن بالاكليريكيات .
٨- الاشتراك في وضع مناهج الخدمة للأعمار المختلفة ، بحكم خبرتهن التربوية ،نظرياً وعملياً، خصوصاً بهدف توازن المناهج بين الجنسين .
٩ - مساعدة الآباء الكهنة في خدمة المحتاجين من الأرامل والفقراء، ورعايتهن روحياً وكنسياً ومادياً .
١٠ - مساعدة الأب الكاهن في تعميد السيدات، إذ ترافقهن الشماسة وترشدهن كيفية العماد ومعناه ، وعمل الأشبين
١١ - تمثيل المرأة القبطية في المحافل المسكونية المسيحية والعالمية، على المستوى المحلى أو الإقليمي أو الدولى
١٢ - الدور الرائع والجوهري في تسليم الإيمان والمحبة للأطفال داخل الأسرة ، وهو أخطر الأدوار في حياة المرأة، إذ يتشرب الرضيع حنان الله من خلال حنان الأم خدمات كثيرة وخطيرة تقوم بها المرأة في الكنيسة ، ولا يستطيع أن يؤديها الرجل بنفس الكفاءة إن المساواة بين الرجل والمرأة في المسيحية مساواة كرامة إنسانية، وقيمة لدى الله ، وميراث الملكوت .
نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
عن مجلة الكرازة العدد الخامس عشر عام ١٩٨٩
المزيد
02 أكتوبر 2023
كيف نحب الآخرين ؟ الثقة في المحبة
" المحبة لا تظن السوء " ( ١كو ١٣ : ٥ ) .
المحبة تعطى نوعاً من الثقة دائما الإنسان يثق فيمن يحب يثق في أمانته، في اخلاصه في صدقه وصراحته معه لهذا فالمحبة لا تظن السوء، وهى ترى الجانب النير من الأمور، وتفترض حسن النية في الآخرين. ولا تحكم على أحد ممن تحب، دون أن تعطيه فرصة للدفاع عن نفسه لهذا فالعتاب هو سياج لحماية الثقة التي للمحبة العتاب يحمى المحبة من ظنون السوء . ولكن العتاب يحسن أن يستخدم فقط عند الضرورة، وليس في كل الأمور كبيرها وصغيرها، لئلا ينطبق عليك قول الشاعر:
إذا كنت في كل الأمور معاتباً صديقك لن تلقى الذى لا تعاتبه فكن واحداً أوصل أخاك فإنه مقارف ذنب مرة وبجانبه إذا أنت لم تشرب مراراً على القذى ظمئت وأى الناس تصفو مشاربه ؟
كيف نصون الثقة التي للمحبة :
۱ - رؤية الجانب النير : الحقيقة غالباً يكون لها في تقديرنا وجهان وجه مضىء ووجه مظلم فلا ينبغي أن نلتفت كثيراً إلى الجانب المظلم، بل للتركيز على الجانب المضيء حتى يتأكد العكس مثال ذلك : إذا قابلك شخص بوجه متجهم غير بشوش ، وشعرت أنه لم يحسن استقبالك فريما نظن أن هناك سوء تفاهم بينك وبينه ، أو أنه لم يعد يحبك مثل الأول ومن جانب آخر قد تعلل ذلك بأنه حزين أو مهموم بسبب ظروف صعبة يمر بها في حياته، أو أنه مريض أو متوعك أو مثقل ببعض الأمور المتعبة أو ببعض المشاكل التي يبحث لها عن حل فالجانب النير هنا ، هو افتراض أن ما حدث هو بسبب ظروف عابرة لا تخصك، وأنه لا يوجد شيء يعكر صفو العلاقة بينكما ومن الممكن الإنتظار لملاحظة ما يحدث في المستقبل، فإذا تكرر الوضع فمن الممكن الإستفسار عن سبب التعب البادي على الوجه وفى مرحلة تالية يأتي العتاب إن لزم الأمر.عموماً يلزمنا أن ندرب أنفسنا أن نبحث عن الجانب النير قبل أن نتأثر ونقتنع بالجانب الآخر، وهذا يقودنا إلى مبدأ آخر، وهو أن لا تحكم على إنسان دون أن نناقشه ونعطيه فرصة للدفاع عن نفسه .
٢ - عدم التسرع في الحكم بدون فحص :
"هذا المبدأ ذكره القديس نيقوديموس، كعضو في مجمع السنهدريم أثناء الجلسات التحضيرية لمحاكمة السيد المسيح إذ قال ألعل ناموسنا يدين إنساناً لم يسمع منه. أولاً ويعرف ماذا فعل"(يو ٧: ٥١) وقد أكد السيد المسيح هذا المعنى حينما أوصى في عظته على الجبل لا تدينوا لكي لا تدانوا ، لأنكم بالدينونة التي بها تدينون تدانون . وبالكيل الذى به تكيلون يكال لكم » (مت ۱:۷) إذا كنا نحب أن يحكم الناس علينا في ضمائرهم أو بأقوالهم، دون أن يعرفوا قصدنا الحقيقي ودوافعنا ، فيلزمنا نحن أن لا نحكم على الناس، دون أن تسألهم وتفهم دوافعهم الحقيقية يلزمنا أن نفترض حسن النية عند الآخرين، إلى أن يثبت عكس ذلك، لأن هناك مبدأ قضائياً أن المتهم برىء حتى تثبت إدانته فلا أقل من أن يكون ميزاننا في الحكم مثل ميزان القوانين الوضعية فى العالم، من حيث درجة عدالتها من الممكن إذا تسرعنا فى الحكم، ولم نفترض حسن النية، أن نخسر محبة الكثيرين، وتنهار علاقتنا بهم بدون سبب معقول أو مقبول فلنطلب من الرب بلجاجة أن يحفظ لمحبتنا بساطتها حتى لا تظن السوء ، ولقلوبنا نقاوتها لكي تثبت في المحبة.
نيافة مثلث الرحمات الانبا بيشوى مطران دمياط ورئيس دير الشهيدة دميانة
عن مجلة الكرازة العدد الخامس عشر عام ١٩٨٩
المزيد
01 أكتوبر 2023
الأحد الثالث من شهر توت
تتضمن الحث على التوبة مرتبة على قوله تعالى لزكا أسرع وانزل لأنه ينبغى أن أمكث اليوم في بيتك ( لو ١٩: ١-١٠ )
قد سمعتم فصل اليوم يقول عن زكا رئيس العشارين. إنه طلب أن يرى يسوع ولم يقدر من الجمع لانه كان قصير القامة فركض متقدماً وصعد إلى جميزة لكى يراه لأنه كان مزمعاً أن يمر من هناك. فلما جاء يسوع إلى المكان نظر إلى فوق فرأه وقال له: يا زكا اسرع وانزل لأنه ينبغى أن أمكث اليوم في بيتك" فأسرع ونزل وقبله فرحاً. وبسبب ان وظيفة التعشير كانت مرذولة في ذلك الوقت وكان جباتها يعتبرون لصوصاً في أعين الشعب. لذلك تذمر الحاضرون ونددوا على السيد قائلين: "إنه دخل ليبيت عند رجل خاطئ ولاحظ ذلك زكا ووقف قائلاً: "هل أنا يارب أعطى نصف أموالى للمساكين. وإن كنت قد وشيت بأحد أرد أربعة أضعاف" فقال له يسوع: "اليوم حصل خلاص لهذا البيت علمتم من هذ أيها الأحباء أن طبيب الأرواح والأجسام حاضر وأنه في كل زمان ومكان قادر أن يشفى أمراضنا فكيف لا نقبل اليه فرحين مسرورين؟ وإذا كان ذوو الأمراض والعاهات يتركون المنازل والخلان والأهل والأوطان والأسباب والمكاسب والزراعات ويتبعون المسيح حيث كان فما بالنا نستصعب المضى إلى مجامع المؤمنين. وإذ كان أحد من الناس يتألم عضو من أعضائه. فانك تراه يلازم محل عيادة الأطباء ويبالغ فى الحمية واستعمال الأدوية حتى يعود ذلك العضو صحيحا كما كان. فكيف نهمل نحن العناية بالنفس ولعلها تكون في غالب الأوقات عليلة بضروب الأسقام ونحن لا ننظر اليها، وإذا كان الذين يشاهدون الحبوس والسجون ومراكز الولايات ينظرون إلى قوم مغلولين بالسلاسل وآخرين بالقيود وآخرين مكبلين بالخشب، وآخرين يضربون بالسياط وآخرين يعلقون وآخرين يشتمون ويهانون وغير ذلك، فيخافون الله ويحذرون الاعمال الموجبة لمضيهم إلى هناك طول عمرهم وإن كان العقاب زمنياً. فكيف لا نرهب نحن من مجلس القضاء المقبل واجتماع الأمم وجلوس الديان للمحاكمة وهول العذاب والتهاب الجحيم والخلود مع الشياطين. وإذا كان سيدنا له المجد قد بذل ذاته عنا. ومزق كتاب رقنا وغسل ادناس خطايانا. واعتنى بمداواة أمراضنا. فكيف نوجد لأوامره مخالفين؟ وإذا كان أحدنا يخطئ مرة واحدة لمن أحسن اليه فيعد شريراً وغادراً. فكيف نوجد نحن مخالفين دائماً لأوامر إلهنا وغافلين عن عميم إحسان ربنا وماذا نستحق من العذاب والعقوبة يوم الحساب ؟
فسبيلنا إذن أن تحذو حذو زكا. ونصعد إلى جميزة التأملات والصلوات الحارة فنشاهد جمال الفضيلة فنقتنيها. ونتمتع بمحاسن التوبة فنفوز بنعمة الخلاص. ونستحق سماع صوت فادينا يقول لنا. "اليوم" حصل خلاص لهذا البيت". له المجد إلى دهر الدهور كلها آمين
القديس يوحنا ذهبى الفم
عن كتاب العظات الذهبية
المزيد