المقالات
28 يناير 2023
إنجيل عشية الأحد الثالث من شهر طوبة
تتضمن تبكيت المجرمين والظالمين والذين يتعهدون الأوامر الالهية مرتبة على فصل إنجيل ابراء المخلع عند بركة الضأن التي يقال لها بيت حسدا . ( يو 5 : ۱-۱۷ ) لقد سمعنا الآن أن الذين كانت بهم الامراض والاوصاب والعاهات الجسيمة المختلفة . كانوا يتغربون عن بلادهم ويهجرون أوطانهم . وينفقون الكثير من أموالـهم ويكابدون المصاعب العديدة . كل ذلك طلباً للشفاء من الامراض البدنيـة . الصـائرة إلى التراب وشيكاً . حتى آل الاجتهاد بهذا المخلع إلى المقام بجانب تلك البركة سـنين هذا عددها فكيف يجوز لك ياهذا أن تتغافل عن العناية بأمر نفسك العاقلة العديمـة الفساد ؟ . ولعلها تكون في حالة مخلعة . مشتملة على أنواع المأثم الردية . وأنت مـع ذلك لا تنظر إلى قبحها وشناعتها . وكيف تكون مؤمناً بالمسيح ومولوداً من الـروح ومعترفاً بقيامة الأموات ومؤملا سعادة الملكوت ومتقلداً بسلاح النصرانيـة . وأنـت على هذه الكيفية ؟ وإذا كان ربنا له المجد قد اشترط على الذين يطلبـون الملكـوت أن يزيـد برهم على الكتبة والفريسيين . مع ما كانوا عليه بالأمور الدينية كالصوم والصلـوات ودفع العشور والابكار والنذور وتقديم القرابين عن الخطايا وغـير ذلـك . فكيـف يوجد فيكم اليوم المهملون لذواتهم ، السائرون بـهوى قلوبـهم . الذيـن يرتسمون بالنصرانية رسماً خارجياً فقط وهم ليسوا غير عاملين بالوصايا والتعاليم المسيحية فقط ، بل يزنون ويسرقون ويكذبون ويحلفون ويرابـون ويمـاحكون ، ويصنعـون شروراً أخرى كثيرة . وإذا كان سبحانه وتعالى قد عاقب القساة والغليظي الرقاب والغلف القلـوب من بني اسرائيل على تعدى الشريعة الموسوية بالعقاب الشديد . فبماذا يعاقب الخطاة من المؤمنين بالمسيح ؟ اسمعوا قوله تعالى لبنی اسرائیل على لسان هوشع النبي مبكتا لـهم حيـث يقول : " اسمعوا قول الرب يا بني اسرائيل . أن للرب محاكمة على سكان الأرض لأنه لا أمانة ولا احسان ولا معرفة الله في الأرض . لعن وكـــذب وقتـل وسـرقة وفسق . يعتنقون ودماء تلحق دماء . لذلك تنوح الأرض ويذبل كل من يسكن فيها مـع حيوان البرية وطيور السماء وأسماك البحر أيضاً تنتزع . ولكن لا يحـاكم أحـد ولا يعاتب أحد . وشعبك كمن يخاصم كاهناً . فتتعثر في النهار ويتعثر أيضاً النبي معـك في الليل وأنا أخرب أمك.قد هلك شعبي من عدم المعرفة . لانك أنت أيضاً رفضـت المعرفة أرفضك أنا حتى لا تكهن لي . ولانك نسيت شريعة ألهك أنسى أنـا ايضـاً بنيك على حسبما كثروا هكذا أخطأوا إلى فابدل كرامتهم بـهوان . يـاكلون خطيـة شعبي وإلى إثمهم يحملون نفوسهم . فيكون كما الشعب هكذا الكاهن . وأعاقبهم علـى طرقهم وأرد أعمالهم عليهم . فيأكلون ولا يشبعون ويزنون ولا يكثرون لانـ تركوا عبادة الرب قد ( ۱ ) . فأقول ألان للذين يظلمون منكم ويغشمون . ويقرضـون أموالهم بالربـا . ويحبون الارباح الردية . اسمعوا هذا القول يامن تزدرون بالمساكين والمحتـاجين . وتستصغرون بالفقراء . ويقولون في انفسكم متى تمضى الشهور وتجوز الايام ويغلـو الطعام ويتعالى ثمن الحنطة . ففتح الاهراء والمخازن ونصغـر المـكـابيل . ونزيـد المثاقيل . ونبيع القصالة بالورق . والغلة المخلوطة بالتبن وكناسة الاهراء . إن الـرب قد تكام قائلاً : " إني لن أنسى إلى الابد جميع اعمالهم . أليس من أجل هذا ترتعـــد الارض وينوح كل ساكن فيها . وتطمو كلها كنهر وتفيض وتنضب كنيـل مصـر . ويكون في ذلك اليوم يقول السيد الرب أني أغيب الشمس في الظهر وأقتـم الأرض في يوم نور . وأحول أعيادكم نوحاً وجميع أغانيكم مراثى وأصعد على كل الأحقـاء مسحاً وعلى كل رأس قرعة واجعلها كمناحة الوحيد وأخرها يوماً مرا . مرا . هوذا أيـــــام تأتى يقول السيد الرب أرسل جوعاً في الأرض لا جوعاً للخبز ولا عطشا للماء بـل لاستماع كلمات الرب . فيجولون من بحر إلى بحر ومـن الشـمال إلـى المشـرق يتطوحون ليطلبوا كلمة الرب فلا يجدونها " ( 1 ) وإذ قد سمعتم الآن وعيده للمجرمين والظالمين والذيـن يتدبـرون تدبـيراً رديئاً . فاسمعوا الأن وعده للطائعين لتنظروا الطريقين معاً . وتسلكوا المستقيم منهما . فانه يقول : " إذا سلكتهم في فرائضى وحفظتم وصایای وعملتم بها . أعطى مطركــم في حينه وتعطى الأرض غلتها وتعطى أشجار الحقل أثمارهـا ويلحـق دراسـكم بالقطاف ويلحق القطاف بالزرع . فتأكلون خبزكم للشبع وتسكنون في أرضكم أمنين . وأجعل سلاما في الارض فتنامون وليس من يزعجكم . وأبيد الوحوش الرديئة مـن الارض ولا يعبر سيف في ارضكم ، وتطردون أعداءكم فيسقطون أمامكم بالسـيف . يطرد خمسة منكم مئة . ومئة منكم يطردون ربوة . ويسقط أعداؤكم أمامكم بالسيف . وألتفت اليكم وأثمركم وأكثركم وأفي ميثاق معكم . فتأكلون العتيق المعتق وتخرجـون العتيق من وجه الجديد . وأجعل مسكني في وسطكم ولا ترذلكم نفسي . واسير بينكـ وأكون لكم إلها وأنتم تكونون لي شعباً " ( ۲ ) وإذ قد سمعنا الأن وعيده للمخالفين ووعده للطائعين . فلتخـف إذن مـن أن يوجد بيننا إنسان قاس . أو متهاون . أو زان . أو سكير . يصدق عليـه مـاقيـل مـن الأقوال التي مجرد سماعها عند العقلاء يقع كالصواعق . ويلهب كالنـار . ويحـرق كالأتون . وبنيه الغافلين . ويوقظ النائمين بطباعهم . وحيث قد علمنا أن ارتكاب الخطايا والأثــــام يـسـبـب حـدوث الأمـراض والاسقام . ويسلط الظالمين . ويقوى المضادين . ويسبب الغـلاء والجـلاء . وسـائر الأمور المحزنة . فسبيلنا الأن أن ننهض من نومنا . ونتيقظ من غفلتنا . ونخلع ثيـاب أثامنـا . ونقرع باب مراحم إلهنا . ليتراءف على ضعفنا ويرحمنا . ويهب لنا سعادة الملكـوت . له المجد إلى ابد الابدين . أمين .
القديس يوحنا ذهبى الفم
عن كتاب العظات الذهبية
المزيد
27 يناير 2023
مدرسة الرهبنة
الرهبنة والحياة الديرية مدرسة عظيمة تكونت عبر الأجيال منذ القرون الأولى لنشأة هذه الحياة في براري مصر ولهذه المدرسة مناهج ومعالم وأخبار وقصص وسِيَر وحكم وأقوال واختبارات عميقة ومذهلة ومتجددة وفعالة، واكتسبت قدرتها وفعلها عبر الزمن، وصار لها جذور وأصول شكّلت في مجملها فلسفة إنسانية راقية وروحانية مسيحية عالية.والواقع أن البشر ضعفاء مُستعبَدون لتفاهات هذا العصر الكثيرة، فإنسان اليوم يقيس تقدمه بما يملك: بسيارته، بمنزله، بأثاث بيته، بملابسه، بمقتنياته، بأمواله وحساباته... ويرى أنه قد بلغ الكمال لمجرد أن عنده أحدث كمبيوتر وبريد إلكتروني وصفحه على مواقع التواصل الاجتماعي... وغير ذلك... وتكون النتيجة لكل هذا أن يعجز عن رؤية حقيقيه وتشخيص ضعفاته التي تحصره في نطاق الترابيات وتبعده عن السمائيات... وكما نصلي في الأجبية ونقول: "إن العمر المنقضي في الملاهي يستوجب الدينونة" (صلاه النوم - القطعة الأولى).ورغم التقدم الاقتصادي والاجتماعي والعلمي في مسيرة البشر، إلّا أن الصراعات والنزاعات والعنف والجريمة والإدمان والتفكك ما زالت قائمة وتزداد حدة، وكأن الانسان يفقد صوابه رويدًا رويدًا.ولذلك صارت الرهبنة مرآة لحقيقه الوجود الإنساني لأنها باختصار هي «الحياة بحسب الإنجيل» (فيلبي١: ٢٧)، والانجيل هو: «كلمه الله الحيّة والفعّالة والأمضى من كل سيف ذي حدين، والخارقة إلى مفرق النفس والروح والمفاصل والمخاخ، والمُميِّزة أفكار القلب ونيّاته» (العبرانيين ٤: ١٢)، ومن هنا -من الإنجيل- اكتسبت الرهبنة لمعناها وعمقها وجاذبيتها حيث تكونت الجماعات الرهبانية الأولى في البراري المصرية الشرقية والغربية والجنوبية تحت إرشاد الآباء المؤسسين لهذه الحياة أمثال أنطونيوس الكبير ومكاريوس الكبير وباخوميوس الكبير وغيرهم الكثيرون، ومن جيل إلى جيل، وامتدت هذه الحياة الصادقة إنسانيًا من مصر إلى ربوع العالم، ويكاد لا توجد بلد بلا دير أو رهبان أو راهبات. شاعت المدرسة الرهبانية بالصلاة والعبادة والخدمة تقدم نموذجًا رفيعًا للإنسان الذي يعطي أشواقه وعشقه للمسيح يسوع، الذي سبق وأعطانا هذا الحب الإلهي المتدفق على خشبة الصليب نحو كل البشر قائلًا: «تعالوا إليّ يا جميع المُتعَبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم فتجدوا راحة لنفوسكم» (متى ١١: ٢٨).والحياة بحسب الإنجيل ليست قصرًا على الرهبان، وإنما كل مسيحي مدعو أن يعيش بمقتضى الإنجيل، وتصير الرهبنة نموذجًا متقدمًا لهذه الحياة والتي تُعتبر تذوُّق مسبق لملكوت الله، بمعنى أن الراهب الحقيقي يعيش الأبدية في قلب الزمن، ولا يرى أمامه ألّا السماء والنصيب السماوي، ولا ينشغل بالأرضيات التي يتوه فيها ويفقد طريقه ومسيرته ودوره الحقيقي الذي صار من أجله راهبًا أو راهبة.ورغم أن هناك -وفي كل زمان- قلّة من الرهبان يكتفوا بالشكل دون الجوهر، إلّا أن الغالبية يعيشون هذه الحياة الرهبانية بكل فرح ومسرة، في جهاد روحي عميق والتزام رهباني أصيل، ناظرين فقط إلى رئيس الإيمان ومُكمِّله ربنا يسوع المسيح. وأود في هذه المقال أن أذكر بعض أقوال من اختبارات الحياة الرهبانية وجمالها:
مخافة الله
السراج المضاء يبدد العتمة، أمّا مخافة الله فتبدد ظلمة القلب البشري وتعلمه الوصايا الإلهية.
سأل شاب أحد الشيوخ: كيف تستطيع النفس أن تقتني مخافة الله؟ فأجابه الشيخ: ثَمّة طريقان يقودان النفس إلى مخافة الله: التواضع واللا قنية.
نصح شيخ تلميذه: لا تألف نقد أخيك على أعماله، بل بادر إلى نقد نفسك... وبهذا تولد مخافة الله فيك.
حياه الغربة
الغربة الحقيقية هي أن يعرف المرء كيف يضبط لسانه حيثما حلَّ.
إن من يخطئ في حياته عليه أن يفصل نفسه عن الناس، إلى أن تتم مصالحته مع الله، وذلك لأن الاتصال الدائم بالناس من شأنه أن يعرقل الاتصال بالله.
إن لم تروّض نفسك على الصمت اولًا، فحتى ولو ذهبت الى آخر بقاع الأرض لا يمكنك ان تبلغ الغربة.
حياه الطهارة
اشتكي أحد الإخوة لأبيه الروحي: أوشكت ان أموت بسبب أفكار الدنس...! فقال له الشيخ: تعلّم من الأمهات اللاتي يضعن المُرّ على صدورهن عندما يفطمن أولادهن فيرفض الطفل الرضاعة، هكذا أنت اجعل في ذهنك ذكر الموت والعذاب الأبدي فتنفطم عن الأفكار الدنسة.
يستحيل أن يصبح الإنسان عديم الهوى طلبًا للطهارة، ألّا إذا سكن الله في داخله.
ينبغي أن نكبح جماح الغضب بطول الأناة، أمّا شهوة الجسد فنجفّفها بالتعب الجسدي وبالصوم المغبوط.
اليقظة والتمييز
لا تدع ضميرك يلومك ويعاتبك في أي شيء.
إن كنا لا ندرس فنحن لن نتقدم في الفضائل.
سأل الأب موسى أباه الروحي: هل يستطيع الإنسان أن يبدأ كل يوم جديد؟ فأجابه الشيخ: إن كان هذا الانسان محبًا للفضيلة، ليس فقط كل يوم، بل كل لحظة أيضًا يمكنه أن يبدأ من جديد.
بمناسبه تذكار نياحة الأنبا انطونيوس أب جميع الرهبان (22 طوبه-30 يناير).كل سنة وأديرتنا ورهباننا وراهباتنا بخير وفرح وسلام.
قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
26 يناير 2023
شخصيات الكتاب المقدس أندراوس الرسول
هو أخو بطرس الرسول وكان صيّاداً أيضاً. كان في الأصل تلميذ يوحنا المعمدان. بشّر الإنجيل في سكيثيا بيزنطية والأراضي على طول نهر الدانوب وروسيا وحول البحر الأسود، وأخيراً في اليونان. عذّبه الحاكم Aegeatus وصلبه. ويُعتقد أن صليبه كان بشكل حرف X ويُعرف اليوم باسم "صليب".هو أخو بطرس الرسول، وقد اختير أن يمضي إلى مدينة اللد وإلى بلاد الأكراد، فدخل مدينة اللد وكان أكثرها قد آمن على يدي بطرس، وكان معه تلميذه فليمون وهو شجي الصوت، فأمره أن يصعد المنبر ويقرأ. فلما سمع كهنة الأوثان بمجيء أندراوس الرسول أخذوا حرابهم وأتوا إلى الكنيسة ووقفوا خراجًا ليسمعوا ما إذا كان يجدف على آلهتهم أم لا، فسمعوه يقرأ قول داود النبي: "أصنامهم فضة وذهب عمل أيدي الناس، لها أفواه ولا تتكلم، لها أعين ولا تبصر، لها آذان ولا تسمع، لها مناخر ولا تشم، لها أيدٍ ولا تلمس، لها أرجل ولا تمشي ولا تنطق بحناجرها. مِثلها يكون صانعوها بل كل مَن يتكل عليها" (مز115: 4-8). فابتهجت قلوبهم من حسن صوته ولانت عواطفهم ودخلوا الكنيسة وخرّوا عند قدمي أندراوس الرسول، فعلمهم ومن ثمَّ آمنوا بالسيد المسيح فعمدهم وكل من بقى من عابدي الأوثان.ثم خرج من عندهم وأتى إلى بلاد الأكراد ومدن أكسيس وارجناس وأسيفوس، وكن قد مضى مع برثولماوس قبل ذلك إلى مدينة عازرينوس وكان أهلها أشرارًا لا يعرفون الله. فلم يزالا يبشرانهم ويعلمانهم حتى اهتدى إلى معرفة الله جمع كثير منهم بسبب الآيات والعجائب التي صنعاها أمامهم. أما الذين لم يؤمنوا فقد تآمروا عليه، وأرسلوا يستدعونه حتى إذا أقبل عليهم يثبون عليه ويقتلونه، فلما وصل إليه الرسل وسمعوا تعاليمه الحسنة ورأوا بهجة وجهه النورانية آمنوا بالسيد المسيح ولم يعودوا إلى الذين أرسلوهم. وحينئذ عزم غير المؤمنين على الذهاب إليه وحرقه، فلما اجتمعوا حوله لتنفيذ عزمهم صلى الرسول إلى الرب فرأوا نارًا تسقط عليهم من السماء فخافوا وآمنوا.وشاع ذكر الرسول في جميع تلك البلاد وآمن بالرب كثيرون، ومع هذا لم يكف كهنة الأوثان على طلب أندراوس حيث ذهبوا إليه وأوثقوه وضربوه كثيرًا، وبعد أن طافوا به المدينة عريانًا ألقوه في السجن حتى إذا كان الغد يصلبونه. وكانت عادتهم إذا أماتوا أحدًا صلبًا أنهم يرجمونه أيضًا، فقضى الرسول ليله يصلي إلى الله، فظهر له السيد المسيح وقواه وقال له: "لا تقلق ولا تضجر فقد قرب انصرافك من هذا العالم"، وأعطاه السلام وغاب عنه، فابتهجت نفسه بما رأى.ولما كان الغد أخذوه وصلبوه على خشبة ورجموه بالحجارة حتى تنيح، فأتى قوم من المؤمنين وأخذوا جسده المقدس ودفنوه. وقد ظهرت منه آيات وعجائب كثيرة.
السنكسار، 4 كيهك.
نشأته
ولد القديس اندراوس في مدينة بيت صيدا وهي احد مدن الجليل وتقع على الضفه الغربيه من نهر الاردن بجوار بحيرة طبريه.. وهو شقيق القديس بطرس الرسول أبوه اسمه يوحنا (يونا) وهو من سبط راوبين كلمه اندراوس هي كلمه يونانية معناها (رجلا حقا).
دعوته للكرازة
1- كان يعمل في مهنه الصيد مع اخية القديس بطرس وعلي شاطئ بجر الجليل رأهما الرب يسوع فقال لهما اتبعاني فأجعلكما صيادي الناس (مت 4: 19)
2- كان من تلاميذ يوحنا المعمدان (يو 1: 35) وكان ينادي بعد حلول الروح القدس ببشاره ملكوت السموات في كل من اليهودية واورشليم وكبادوكية
3- كان بلاد (اللد) من نصيبه وكان معه تلميذه القديس فليمون وكان من مدينه لد وصوته شجي فتراءى له السيد المسيح في نصف الليل وامره أن يذهب الي بلاد ارمنيه أن يذهب الي القديس برثولماوس وشجعه بعدم الخوف والضعف في نفس الوقت تراءى رب المجد للقديس برثولماوس واوصاه أن يذهب الي مدينة البربر ونادي فيها بالانجيل وعلمهم طريق الخلاص ليتركوا اعمالهم السيئه وعباده الاوثان ويتوبوا فيرثوا الحياة الابدية وذلك في احتفال في يوم عيد الهتهم كما امرهم الرب يسوع المسيح.
استشهاده
عاد القديس اندراوس الي مدينة باتراس في اخائيه والتي تقع في الجهة الجنوبية من بلاد اليونان ونادي ببشارة الملكوت فأمن كثيرون بالمسيح مما اثار غضب كهنه الاوثان وضربوه وعروه من ثيابه وربطوه بحبال وجروه وطافوه به المدينة امام الشعب ثم اوقفوه امام الوالي الذي امرهم أن يرفعوه علي الصليب ليموت مثل سيده فتقدم اندراوس بفرح وبكل جراءه وعانق الصليب وصلبوه ولم يكتفوا بل اخذوا يرجمونه بالحجارة وظل علي الصليب يومين حتي لفظ انفاسه الاخيره وسلم روحه الطاهره بيد فادية ومخلصه رب المجد يسوع المسيح.و تعيد الكنيسة القبطية فى اليوم الرابع من شهر كيهك وقد ظهر من جسده الطاهر بعد استشهاد آيات شفاء كثيرة ومعجزات باهرة ثبتت المؤمنين.
يوجد جزء من الصليب الذى صلب عليه القديس اندراوس فى كنيسة القديس بطرس الرسول بروما.
تم نقل جسد القديس اندراوس الرسول من سوريا إلى القسطنطينية فى عهد الملك البار قسطنطين الكبير (274 – 337م).
استشهاد القديس إندراوس أحد الاثنى عشر رسولا (4 كيهك)
في مثل هذا اليوم استشهد القديس إندراوس الرسول أخي بطرس، وقد اختير علي إن يمضي إلى مدينة اللد وإلى بلاد الأكراد، فدخل مدينة اللد، وكان أكثرها قد أمن علي يدي بطرس، وكان معه تلميذه فليمون، وهو شجي الصوت حسن المنطق، فأمره إن يصعد المنبر ويقرا، فلما سمع كهنة الأوثان بمجيء إندراوس الرسول، اخذوا حرابهم وأتوا إلى الكنيسة ووقفوا خارجا ليسمعوا ما إذا كان يجدف علي آلهتهم أم لا، فسمعوه يقرا قول داود النبي "أصنامهم فضة وذهب عمل أيدي الناس، لها أفواه ولا تتكلم، لها أعين ولا تبصر، لها أذان ولا تسمع، لها مناخر ولا تشم، لها أيد ولا تلمس، لها أرجل ولا تمشي ولا تنطق بحناجرها، مثلها يكون صانعوها بل كل من يتكل عليها "، فابتهجت قلوبهم من حسن صوته، ولانت عواطفهم، ودخلوا الكنيسة وخروا عند قدمي إندراوس الرسول، فعلمهم ومن ثم أمنوا بالسيد المسيح، فعمدهم وكل من بقي من عابدي الأوثان، ثم خرج من عندهم وأتى إلى بلاد الأكراد ومدن اكسيس وارجناس واسيفوس، وكان قد مضي مع برثولماس قبل ذلك إلى مدينة عارينوس، وكان أهلها أشرارا لا يعرفون الله، فلم يزالا يبشرانهم ويعلمانهم حتى اهتدي إلى معرفة الله جمع كثير منهم بسبب الآيات والعجائب التي صنعاها أمامهم، أما الذين لم يؤمنوا فقد تآمروا عليه، وأرسلوا يستدعونه حتى إذا اقبل عليهم يهجمون عليه ويقتلونه، فلما وصل إليه الرسل وسمعوا تعاليمه القيمة، ورأوا بهجة وجهه النورانية، آمنوا بالسيد ولم يعودوا إلى الذين أرسلوهم.حينئذ عزم غير المؤمنين علي الذهاب إليه وحرقه، فلما اجتمعوا حوله لتنفيذ عزمهم، صلي الرسول إلى الرب فرأوا نارا تسقط عليهم من السماء، فخافوا وآمنوا، وشاع ذكر الرسول في جميع تلك البلاد وأمن بالرب كثيرون، ومع هذا لم يكف كهنة الأوثان عن طلب إندراوس، حيث ذهبوا إليه وأوثقوه وضربوه كثيرا، وبعد إن طافوا به المدينة عريانا القوه في السجن، حتى إذا كان الغد يصلبونه، وكانت عادتهم إذا أماتوا أحدا صلبا فانهم يرجمونه ايضا فقضي الرسول ليله يصلي إلى الله، فظهر له السيد المسيح وقواه وشدده وقال له "لا تقلق ولا تضجر، فقد اقترب موعد انصرافك من هذا العالم، وأعطاه السلام وغاب عنه، فابتهجت نفسه بما رأي، ولما كان الغد آخذوه وصلبوه علي خشبة ورجموه بالحجارة حتى تنيح، فأتى قوم من المؤمنين واخذوا جسده المقدس ودفنوه بإكرام في قبر خاص، وقد ظهر منه آيات وعجائب كثيرة، صلاته تكون معنا، ولربنا المجد دائما ابديا امين.
تذكار نقل أعضاء القديس أندراوس الرسول (29 أبيب)
في هذا اليوم تذكار نقل أعضاء القديس إندراوس من سوريا إلى القسطنطينية بأمر الملك البار قسطنطين الكبير الذي بني له هيكلا حسنا وكرسه في هذا اليوم.صلاته تكون معنا. آمين
المزيد
25 يناير 2023
النعمـة النعمة التي تعطى..علينا أن نختبرعطاءها
كل الخيرات التي تحيط بالإنسان هي عطية من النعمة ، لذلك فإن الذي يحيا في رغد من العيش ، يقول عنه عامة الناس" فلان عايش فى النعمة" إنها النعمة التي تعطي البركة في كل ما يملكه الإنسان ، فيزيد جدا ويتسع ، كما قال الرب في وعوده لمن يطيع وصاياه .مباركة تكون سلتك ومعجنك ( تت ٨ : ٥ ) مباركة تكون ثمرة بطنك وثمرة أرضك وثمرة بهائمك نتاج بقرك وإناث غنمك ، ( تث ٤:٢٨ ) يأمر لك الرب بالبركة في خزائك وفي كل ما تمتد إليه يدك ويفتح لك الرب كنزه الصالح ليعطي مطر أرضك في حينه ... ( تث ٨:٢٨ -١٢) وليس في هذا فقط في الخيرات المادية ، بل يقول الكتاب كل عطية صالحة وكل موهبة تامة هي من فوق نازلة من عند أبي الأنوار » ( بع ١ : ١٧ ) إن مباركة ما عندك ، هي من النعمة التي تعطی ، فلا يعوزك معها شی ، ( مز ۱:۲۳ ) النعمة التي تعطى بركة للخمس خبزات والسمكتين ، فتكفي لإطعام خمسة آلاف رجل ما عدا النساء والأطفال ، ويفضل عنهم الكثيره ( مت ١٤ : ۱۷۔۲۱ ) إنها النعمة المعطية التي تنزل المن والسلوى من السماء فتغطى الأرض ، ( خر ١٦ : ١٣) وقال موسى النبي عن ذلك المن هو الخبر الذي اعطاكم الرب لتأكلوا ( خر ١٥:١٦ ) . النعمة أيضا فجرت لهم ماء من الصخرة ( مز ٢٠:٧٨ ) ، إنها النعمة التي تفتح كـوى السموات فتفيض بركة حتي لا توسع ( ملا ٣ :١٠ ) نعمة الرب تعطى بسخاء وتبارك القليل فيصير كثيرا هي التي باركت كوز الدقيق وكوز الزيت في بيت أرملة صرفة صيدا في عهد إيليا النبي مالم يفرغ كوز الدقيق ، ولم ينقص كوز الزيت طول فترة المجاعة ، ( امل ١٤:١٧ -١٥ ). إنها النعمة التي عاش بها تلاميذ السيد المسيح ، فخرجوا إلى الخدمة بلا ذهب ولا فضة ولا نحاس في مناطقهم ولا مزود الطريق ( مت ٩:١٠-١٠ ) ، ولم يعوزهم شي ( لو ٣٥:٢٢ ) .. كانت نعمـة الله هي التي ترعاهم في طريق خـدمـتـهم ، وتسـد كل احتـياجـاتهم ولم تكتف النعـمـة بسـد احتياجاتهم ، بل أكثر من هذا يقول الرسول کفقراء ونحن نغنی کثيرين ! كان لا شيء لنا ونحن نملك كل شي .( ۲ کو ٦ : ١٠ ) .ولكن ما أجمل قول الرب للقديس بولس الرسول تكفيك ،نعمتی ... ( ۲ کو ۹:۱۲ ) إلى هذا الحد ، تكون النعمة كافية ، في المرض ، في الضعف ، وفي الفقر والعون لا يحتاج الإنسان إلى شيء آخر . ما دامت النعمة تعمل فيه ، وتعمل من أجله. النعمة خرج بها أبونا إبراهيم من أرضه فقيرا ، وعاش بعد ذلك كاغنى أغنياء الأرض وخرج بهـا مـوسى النبي هاربا من أرض مصر ، وهو لا يملك أي شيء ، ثم عاد ليعيد إلها للفرعون » ( خر ١:٧ ) وخرج بها يوسف الصديق ، وهو عبد للإسماعيليين ثم عبد لفوطيفار ، وتولته النعمة حتى صار أبا لفرعون ، وسيدا لكل بيته ، ومتسلطا على كل أرض مصر ( تك٨:٤٥ ) أعطت العناية الإلهية نعمة في أعين الكل أعطاه الرب نعمة في عيني فوطيفار ، فوكله على بيته ، ودفع إلى يده كل ما كان له ، ( تك ٤:٣٩ ) . ولما القي في السجن « بسط الله إليه لطفا ، وجعل له نعمة في عيني رئيس السجن » ( تك ۲۱:۳۹ ) فدفع إليه جميع الأسرى .. ( تك ٢٣:٣٩ ) ، ثم أعطاء الرب نعـمـة في عيني فرعون ، فجعله الثاني في المملكة ، وخلع خاتمه من يده وجعله في يد يوسف وقال له . بدونك لا يرفع إنســــــان يده ولا رجله في كل أرض مصر ( تك٤٤:٤٢:٤١ ) نعمة الرب عملت أيضا مع يعقوب أبي الآباء . فقال الرب ، عرفانا بنعمته ، « صغير أنا عن جميع ألطافك وجميع الامانة التي صنعت إلى عبدك ، فانی بعصای عبرت هذا الأردن ، والآن قد صرت جيشين ( خر١٠:٣٢ ) ، وأعطاه الرب نعمة في عيني أخيه عيسو ، وهو خائف منه ، فركض عيسو للقائه وعانقه ، ووقع على عنقه وقبله ، وبكيا ( تك ٤:٣٣ ). دائما في لغة الكتاب المقدس - يعبر عن رضي شخص عن اخر بكلمة ، وجد نعمة في عينيه كما قال الكتاب عن دانيال النبي ، وأعطى الله دانيال نعمة ورحمة عند رئيس الخصيان ( دا ٩:١ ) ، وكما قال أبونا يعقوب لعيسو أخيه إن وجدت نعمة في عينيك ، تأخذ هديتي من يدی ( تك ١٠:٣٣ ) كما قال لابنه يوسف « إن كنت وجدت نعمة في عينيك اصنع معى معروفا وأمانة لا تدفني في مصر ، بل اضطجع مع ابائي ( تك ٢٩:٤٧ - ٣٠) وكما قال جدعون لملاك الرب "إن كنت قد وجدت نعمة في عينيك ، فاصنع لى علامة" ( قض ٦ : ١٧ ) ، وقيل عن الطلاق « إن أخذ رجل امرأة وتزوج بها ، فإن لم تجد نعمة في عينيه كتب لها كتاب طلاق ( تت ١:٣٤ ) النعمة ايضا تعطى كلمة للمبشرين والوعاظ كما قيل في المزمور « انسكبت النعمة على شفتيك » ( مز ٢:٤٥ ) [ البقية العدد المقبل ]
قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
المزيد
24 يناير 2023
كــيـف أبـدأ حـــياتي الروحـية ؟
الحياة الروحية معناها ببساطة الحياة حسب الروح القدس ، وبقوة وفعل الروح القدس في الطبيعة البشرية . ونحن نشكر الله أننا أخذنا تجديد الروح في المعمودية ، وسكنى الروح في الميرون ، وما علينا إلا احترام هذه القوة في حياتنا من خلال وسائط النعمة في ممارسة حياة يومية مستمرة . وأهم هذه الوسائط :-
١- التوبة اليومية المتجددة.
٢- الشركة اليومية في الصلوات المتنوعة.
٣- الاتحاد بالرب في الافخارستيا .
٤- الشبع اليومي بالإنجيل .
٥- القراءات الروحية البناءة.
٦-حضور الاجتماعات المشبعة.
٧- الخدمة في الحقل الكنسى.
٨- الشهادة للمسيح في الحياة اليومية العامة فالبداية إذن هي : « التوبة اليومية المتجددة » وهي موضوع حديثنا في هذه المرة . تعريف التوبة :-
كثيراً ما يختلط على الشباب تعريف التوبة . فمنهم من يتصور أن التوبة هي حالة من عدم الخطية . أن هذا مع مستحيل طالما أننا في هذا الجسد الضعيف ، الذي سماه الرسول « جسد الخطية » .... وكان يشن صارخاً ، بلساننا جميعاً : « ويحى أن الإنسان الشقي ، من ينقذني من جسد هذا الموت ؟ » ( رو ٦ : ٢٤ ) كما قال : « نحن الذين لنا باكورة الروح ، نحن أنفسنا أيضاً ، نثن في أنفسنا ، متوقعين التبنى : فداء أجسادنا » ( رو ۸ : ٢٣ ) . إذن ، فالحياة بعصمة كاملة من الخطية ، مستحيلة مادمنا على الأرض وفى هذا الجسد ولكن ، هل معنى هذا أن نعيش في الخطية ؟ !! حاشا ! بل المعنى البسيط للتوبة هو « الرجوع إلى الله » ... في عشرة صادقة يومية ، تمنحنى قوة الانتصار على الخطية ... أما إذا تكاسلت أو تراخيت فسوف أسقط واتعثر ... ولكننى سريعاً سأقوم صارخاً : « لا تشمتی بی یا عدوتی ، لأني إن سقطت أقوم » ( می ۷ : ۸ ) . التوبة إذن ليست هي عدم الخطية ولكنها هي الحياة فوق الخطية كقول الرسول : « الخطية لن تسودكم ، لأنكم لستم تحت الناموس ، بل تحت النعمة » ( رو ٦ : ١٤ ) . والجهد الأساسي الذي يبذله الشاب هو جهد في اتجاه الشركة والنصرة والعشرة المشبعة ، التي تجعله يدوس تلقائياً على عسل الخطية المسموم ، للخطية بأن تسوده أو تسيطر. جوهر التوبة السليمة هو الشبع بالمسيح ، وليس هو الصراع الذاتي ضد خطية ما أو أكثر ... فالرب يريدنا ككل : الفكر ، والمشاعر ، والاتجاهات ، والكيان كله ، لا ليستحوذ عليه كمحتاج إليه ، لكن ليطهره و يقدسه و يهبه لنا جديداً ظافراً في المسيح يسوع . إن التوبة الصادقة تشبه إقامة المقعد الذي كان يجلس على باب الهيكل ، ويستعطى ( أع ٣ : ١- ١٠ ) . لقد قام بقوة الرب يسوع المسيح ، ووقف ، ووثب ، وصار يمشى ويتمجد الله . هل معنى هذا أنه لن يجلس أو يتعثر في الطريق ؟ لكن المهم أنه صارت لديه قدرة على القيامة بعد أي تعثر أو سقوط . لهذا يقول آباؤنا القديسون : [ أليق بنا أن نموت في الجهاد ، من أن نحيا في السقوط ] . ومعلمنا يوحنا يحدد مفهوم التوبة بكلمات واضحة للشباب فيقول : « یا أولادى ، أكتب إليكم هذا لكي لا تخطئوا ( هذه هي نية وجهاد كل شاب وشابة ، أن لا يخطىء أبداً ) . وإن أخطأ أحد ( هذا هو الاستثناء من القاعدة ، التعثر الذي يحدث نتيجة حرب من العدو أو اهمال من الإنسان أو جوع روحي ) فلنا شفيع عند الآب ، يسوع المسيح البار ( إذ ترجع إليه كشفيعنا الكفاري الوحيد ، ونستسمحه على ضعفنا وفتورنا وسقوطنا ، وتغتسل في دمه الطاهر ، وتطلب معونته حتى لا تسقط ثانية ) » ( ١ يو ۲ : ۱ ) . هذا عن مفهوم التوبة ... فماذا عن قانونيتها ؟ هذا مقالنا القادم بمشيئة الله.
نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
المزيد
23 يناير 2023
أضـواء من الإنجيـل كيف نحب الآخرين [ ۱ ]
عادة تختبر المحبة بالألم ... أي أن المحبة الحقيقية تمتحن بالآلام . فمن السهل أن نتكلم عن المحبة ، ومن السهل أن نمارس المحبة في إطار الظروف العادية . ولكن المحبة الحقيقية هي تلك التي تتعرض للأشواك فلا تتراجع ، وللصليب فلا تنهار ، بل تظل صامدة حتى تتكلل .. هو مشكلتنا أحياناً أننا لا نفهم معنى التألم في المحبة . أو أننا نرغب في المحبة غير المختومة بخاتم الصليب ... مع أن الصليب ، علامة المحبة الحقيقية التي ظلت صامدة إلى المنتهى . حينما تبدأ بوادر الألم ، فإن البعض يتراجعون عن محبتهم ، ربما بحجة أن هذه الآلام قد أصابتهم من قبل ممن يحبون . ولكن محبتنا للآخرين تكتسب قيمتها من الآلام التي تثبت أنها محبة غير زائفة . *** المحبة الزائفة هي تلك التي تطلب سعادتها الخاصة فقط فإن اصطدمت مثل هذه المحبة غير الحقيقية بآلام الصليب ، فإنها لا يمكنها أن تستمر ، بل تظهر حقيقتها ، ويظهر ما فيها من أنانية ورغبة في إسعاد الذات ... إنها لا تحتمل كل شيء كما قال الكتاب . لهذا يلزمنا أن نفرح بتلك الفرص المباركة التي تختبر فيها محبتنا . لأن المحبة إذا أختبرت ولم تتراجع تتزكى وهذا هو طريق المجد . المفروض أن نحب الآخرين بطريقة تفيدهم ولا تضرهم . أي أن يضع لمحبتنا هدفاً تصل إليه . المحبة التي لا هدف لها تتخيط باستمرار ، وإذ لا جوهر لها ، فمن الممكن أن تتحول إلى بغضة مستترة تحت ستار الحب
الهدف الأول الذي ينبغي أن نضعه أمامنا هو مصير من نحبهم . أي مصيرهم النهائي وأبديتهم . لهذا ينبغي أن نهتم بخلاص الآخرين قبل أي شيء آخر . وفى إهتمامنا بخلاصهم ندرك قيمة أبديتهم التي دفع السيد المسيح دمه ثمنا لها ... ولكن محبتنا لخلاص الآخرين ينبغي أن تتواكب وتقترن بأعمال المحبة المنظورة التي تساعد في خلاصهم . لئلا تظهر محبتنا لهم وكأنها لون من الكراهية والبغضة والجفاء . لهذا قال الكتاب « شددوا الأيدى المسترخية والركب المخلعة لكي لا يعتسف الأعرج بل بالحرى يشفى » . وحيثما تقدم دواء مريراً لغيرنا سعياً لخلاصهم ، فليقترن هذا الدواء بمشاعر التعاطف وروح المودة واللطف التي تساعدهم على تجرع الدواء مهما كانت مرارته ... المحبة فردوس متسع تتنوع فيه ألوان التعامل مع الآخرين .
نيافة مثلث الرحمات الانبا بيشوى مطران دمياط ورئيس دير الشهيدة دميانة
عن مجلة الكرازة العدد الحادى عشر عام ١٩٨٨
المزيد
22 يناير 2023
عرس قانا الجليل
تحتفل الكنيسة في ثالث أيّام عيد الغطاس بعيد تحويل الماء إلى خمر في عرس قانا الجليل، وهو من الأعياد السيِّدية الصُّغرى، إذ أنّه أول معجزة صنعها الرب يسوع وبدأ بها خدمته العلنيّة.. ولنأخُذ في هذا المقال بعض التأمُّلات في هذه المعجزة العجيبة. كما بدأ الله قصّته مع الإنسان بعُرس مُفرِح في الفردوس، بعد أن أعدّ له كلّ شيء.. هكذا بدأ ربنا يسوع خدمته بحضور عُرس في مدينة قانا شمال الناصرة بالجليل، وهو بهذا يلفت النظر إلى طبيعة ملكوته السماوي ورسالته المُفرِحة، التي يودّ فيها أن يدخل مع الإنسان في شركة حياة زيجيّة سعيدة إلى الأبد. بعد أن سقط الإنسان، وفقد الشّركة مع الله، وامتلأت حياته بالتعاسة.. جاء السيِّد محب البشر مُتجسِّدًا وحاملاً معه مفاتيح السّعادة للإنسان البائس.. جاء ليُنقِذ الإنسان من مأزق الفقر والعجز والعار، وهو ما عبّرَت عنه حادثة عُرس قانا الجليل بشكل رمزي بديع. في بداية العُرس كانت الأمور تسير على ما يُرام. ولكن فجأة فرغ الخمر، وهو مشروب الضيافة في تِلك المناسبات.. وهذا بدأ المأزَق الصعب، فافتقار العُرس إلى الخمر والعجز عن تقديم الضيافة وهو عار كبير على أهل العُرس أمام كل الناس.. هكذا الإنسان عندما سقط وانفصل عن الله افتقر إلى الفرح وعجز عن الحُب ولوّثته الخطيّة فصار في عارٍ عظيم. ولكن بحضور الرب يسوع في العُرس، أي بتجسُّده في وسطنا، أعاد إصلاح ما قد فسد وقلَب الموازين لصالحنا مرّة أخرى.. فإذا كان عن طريق السيِّدة العذراء قد تَدَخّل وخلق لهم خمرًا جديدةً، فإنّه أيضًا على المستوى الروحي اتحد بطبيعتنا التي أخذها من العذراء أم النور لنصير فيه خليقة جديدة «إنْ كانَ أحَدٌ في المَسيحِ فهو خَليقَةٌ جديدَةٌ: الأشياءُ العتيقَةُ قد مَضَتْ، هوذا الكُلُّ قد صارَ جديدًا» (كورنثوس الثانية 5: 17).. كما لا ننسى أنّ خَلْق الخمر الجديدة يحتاج لقدرات لا تتوفّر إلاّ في الله الخالق.. فهو الذي خلق الإنسان في البداية على صورته، ثمّ أتى في ملء الزمان ليعيد تصليح صورة الإنسان التي تشوَّهَت، بخِلقةٍ جديدةٍ فيه مرّة أخرى. السيّد المسيح بتجسُّده وفدائه عالج فقرنا ووهبنا الغِنى بنعمته «فإنَّكُمْ تعرِفونَ نِعمَةَ رَبِّنا يَسوعَ المَسيحِ، أنَّهُ مِنْ أجلِكُمُ افتقَرَ وهو غَنيٌّ، لكَيْ تستَغنوا أنتُمْ بفَقرِهِ» (كورنثوس الثانية 8: 9).. كما شفى عجزنا فوهبنا من قدرته وسلطانه، ووضع إمكانياته الهائلة بين يدينا «الّذي لَمْ يُشفِقْ علَى ابنِهِ، بل بَذَلهُ لأجلِنا أجمَعينَ، كيفَ لا يَهَبُنا أيضًا معهُ كُلَّ شَيءٍ؟» (رومية 8: 32).. وأيضًا أزال عارنا فهو بالصليب أخذ عارنا ليهبنا مجده وبرّه «الّذي لَمْ يَعرِفْ خَطيَّةً، (جُعِلَ) خَطيَّةً لأجلِنا، لنَصيرَ نَحنُ برَّ اللهِ فيهِ» (كورنثوس الثانية 5: 21). وكما أنّ الله أظهر لاهوته قديمًا عندما حوّل الماء إلى دم في أرض مصر. هو الآن يُظهِر سلطانه على المادّة، ليؤكِّد أنه هو نفسه إله العهد القديم الظاهر في الجسد.. «هذِهِ بدايَةُ الآياتِ فعَلها يَسوعُ في قانا الجليلِ، وأظهَرَ مَجدَهُ، فآمَنَ بهِ تلاميذُهُ» (يوحنا 2: 11). لقد كانت الخمر الجديدة لها مذاق مختلف تمامًا.. فهي أكثر حلاوةً وأفضلُ جودةً.. هكذا مستوى تذوُّق الإنسان لله في العهد الجديد، بعمل الروح القدس خلال الكنيسة داخل النفس، أسمى بكثير من المستوى الروحي البدائي للإنسان في العهد القديم
القمص يوحنا نصيف كاهن كنيسة السيدة العذراء شيكاغو
المزيد
21 يناير 2023
إنجيل عشية الأحد الثانى من شهر طوبة
تتضمن الحث على تقوية الايمان بالله مرتبة على فصل مشى السيد على الماء وتوبيخه لبطرس بقوله . " يا قليل الايمان لماذا شككت ( مت 14 : ٢٢-٣٦ ) أن سيدنا له المجد صعد إلى الجبل منفردا مرتين ليصلي : الأولى قبل آيـة تكثير الخبز يو٢:١ والثانية بعدها يو١٥:٦ . وذلك أولا ليعلمنا كيف نختلي في صلواتنا . وثانيـا ليختفى من وجه الذين أرادوا تنصيبه ملكا بعد نظرهم آية تكثير الخبز . وبقى وحـده إلى المساء حيث كانت سفينة التلاميذ في وسط البحر معذبة مـن الأمـواج بسـبب الريح الشديدة التي حركتها ليعودهم على احتمال الشدائد والمصائب . فبقوا الليل كلـه في اضطراب ولم يأتهم إلا في الهزيع الرابع من الليل ليعلمهم كيف يطلبونه بحرارة واجتهاد . ولما أبصروه ماشيا على البحر خافوا وظنوه خيالا فصرخوا . فقال لـهم " أنا هو لا تخافوا " . فقال له بطرس يا سيد : " إن كنت أنت فمرنی أن أتى إليك على الماء فقال له تعال . فنزل بطرس ومشى على الماء ولكنه خـاف مـن الريح وأبتدأ يغرق . فأمسك به يسوع وقال له : " يا قليل الإيمان لماذا شككت " مت٣١:١٤" : هذا كـل ما في فصل اليوم ومنه نتعلم مسألتين : أحداهما أن سيدنا له المجد صنع هنا خمـس عجائب . الأولى مشيه على البحر . الثانية مشى بطرس أيضا . الثالثة نجـاة بطـرس من الغرق . الرابعة تسكين الرياح والاضطراب . الخامسة بلوغ السفينة إلـى مينـاء السلام يو٢١:٦ . أما المسألة الثانية فهي أن أغلب التجارب والأحزان تأتينا من قلة الأيمان وعدم ثقتنا بإلهنا واعتمادنا على انفسنا . أو على مساعدة غيرنا . فألزم شئ أذن للإنسان إنما هو الايمان بالله والثقة بأقوالـه تعـالى . لأن الايمان هو أساس الخلاص وعليه تبنى احسـانات الله للبشـر . وبدونـه لا يمكـن ارضاؤه عب٦:١١ وهو أمر واضح من قول سيدنا له المجد لقائد المئة : " اذهب وكما أمنـت ليكن لك " مت١٣:٨. ومن قوله للأمرأة نازفة الدم : " ثقى يا ابنة إيمانك قد شـفاك "مت ٢٢:٩ ومن قوله لرئيس المجمع الذي ماتت ابنته : " لا تخف . آمن فقط" مر٣٦:٥ ومن جواب الرسـول للسجان : " آمن بالرب يسوع المسيح فتخلص أنت وأهل بيتك " أع ٣١:١٦ فهل يليق بنا أن يكون ايماننا فاتراً ونحن أبناه أولئك الذين جاهدوا الجـهاد الحسن . أولئك الذين قابلوا اضطهاد الحكام العتاة والملـوك القسـاة الطـغـاة مثـل ديوقلاديانوس ونيرون وغيرهما بكل شجاعة وإقدام . حتى انه قتل منهم 840 ألـف نفس في مدة حكم ملك واحد لم يفتر ايمانهم بل حفظوه لنا سالماً كما تسـلمـوه مـن الملائكة الأطهار . أو لم يكن لنا درس بسيط من توبيخ سيدنا له المجـد لبطـرس بقوله : " يا قليل الإيمان لماذا شككت " مت ٣١:١٤ اننا نتعلم منه ألا نزدرى بالنواميس الالهيـة حتى لا نكون قدرة ردية لغيرنا . لان قلة الايمان تسهل الازدراء بالناموس الالـهى وتهون على الانسان اهمال كل ما يقال له فضيلة . من منكم ايها الاحباء ينكر هذه الحقائق التي يؤيدهـا العقـل وتشـهد بـها الوقائع ؟ يا للعجب ! أنحتقر عمل الفضيلة هكذا حتى أن كلا منا يرتكب نوعـاً مـن الخطايا بدون خوف ولا خجل . ؟ وها قد انطبق علينا قول النبي : " كلهم قد ارتـــدوا معاً فسدوا . ليس من يعمل صلاحاً ليس ولا واحد " مز٣:٥٣ فأن قلتم ما هي علة ذلك ؟ قلت انما هو فتور الايمان .أمر مدهش جداً ! بل عجيب وغريب !!! إننا نصرخ كل يوم مـن عمـق قلوبنا قائلين " بالحقيقة نؤمن بإله واحد . الله ضابط الكل خالق السموات والأرض .. " ونحن نعمل كل لحظة ما يدل على فتور في ايماننا ؟ ألعل الاقوال برهان علـى حسن الإيمان ؟ كلا . وإنما الاعمال الحسنة هي البرهان على حسـن الايمـان قـال الرسول : ارنى ايمانك بدون أعمالك . وأنا أريك بأعمالي ايماني " يع ١٨:٢ فأي ايمان يبيـن لنا أعمالنا ؟ أليس الايمان الكامل العامل بالمحبة !!
إن الله يأمرنا بمحبة أعدائنا مت٤٤:٥ ووعدنا نظير ذلك بأن نكون بني العلى لو٣٥:٦ فماذا نعمل نحن لإخواتنا وليس لاعدائنا ؟ أننا لم نخالف هذا الأمر الإلهي فقط مـن جهة أعدائنا لا . بل من جهة أخوتنا أيضا . فاننا نبغض ونعادي بعضنا بعضا حتـى الموت . نسب ونشتم . ننصب أشراك ومكائد ودسائس وشايات وشـكاوي . سـعايات وأضطهادات . وغير ذلك من الشرور والجرائم التي لا تليق بشعب المسيح . من أيـن هذه كلها ؟ وما هو السبب ؟ إنها من قلة الإيمان . والسبب هو قلة الإيمان . إن الكتاب المقدس يقول إن ساداتنا الرسـل كـانوا يشـتمون فيبـاركون . يضطهدون فيحتملون . يفترى عليهم فيصلون ويعظون المفترين لكـى يتوبـوا ١كو١٢:٤-١٣ . انظر استفانوس بكر الشهداء حينما كانوا يرجمونه فأنه سجد وصلى عـن راجميـه قائلا : " يارب لا تقم لهم هذه الخطية " "أع٦٠:٧ " فلماذا لا نقتفي آثارهم ونعمل كأعمالهم ؟ وما السبب غير ضعف إيماننا وقوة إيمانهم . إن الله تعالى يأمرنا كل يوم في كتابه أن نعطى صدقة : أي نطعـم الجـائع ونسقى العطشان ونأوى الغريب ونكسي العريان ونعول المريض ونعتني بـالمحبوس وغير ذلك . وقال صريحا : إن الفقراء أخوته فمن فعل بهم خيرا فقد فعله بی مت ٤٠:٥فهل قمنا بالواجب علينا حسب هذه الوصيه ؟ . كلا . بل أننا نحول وجهنا عـن الجـائع والعطشان . ونهمل المريض ونوبح القريب والبعيد وكل من يسألنا حاجة . يـا ليتنـا نتركه بل نمتهنه ونوبخه غير ملتفتين لقوله تعالى : " من يرحم فقيرا يقـرض الـرب ومن معروفه يجازيه " ام١٧:١٩ ألعل الله كاذب ؟ حاشا الله . فهو يعطى بدل الواحد مائـه مت ٢٩:١٩ وإنمـا نـحـن ضعفاء الإيمان ، ألعلك ياهذا تقول في نفسك إنى أمنت وأعتمدت وخلصت كقول سيد البرايا : " من أمن واعتمد خلص " مر١٦:١٦ فاقول لك أن بطرس أمن مثلك ولكـن السـيد وبخه قائلا : " يا قليل الأيمان . لماذا شككت " ألعل أيمانك أنت أعظم مـن ايـمـان بطرس ؟ ثم أن يهوذا الاسخريوطي كان مؤمنا ايضا . وتلميذا مصاحبـا للسـيـد لـه المجد لكنه كان قليل الإيمان . حتى أن قليلا من الفضة أضاع منه ذلك القليل البـاقي من إيمانه . وامنا حواء كانت إيضا مؤمنة . ولكن إيمانها كان فاترا فأيمـان كـهذا لا يركن إليه في خلاص النفس . لأنه كالماء الفاتر ليس حارا فيصلح للتطهير . ولا هـو بارد فيترك . لأجل هذا أسمحوا لي أيها الأحباء أن أقـول مـع الرسـول يعقـوب : " الإيمان بدون أعمال ميت " يع ٢٠:٢وإن كان أحدعلى غير ما رويـت . فلـيـرني عظـم ايمانه بأعماله لأرى إن كانت له ثقة بالله كثفة قائد المئة القائل : " يا رب قـل كلمـة فقط فيبرأ غلامی " مت ٨:٨ أو كإيمان وثقة الكنعانية التي قال لها السيد : " عظيـم أيمـانك . ليكن لك كما تريدين " مت ٢٨:١٥ أو إن كان يدخل الكنيسة بورع وليس كمتفرج . أو أن كـان ويسمع يقف بأحترام الأنجيل ولا يهرب وقت الوعظ ، أو أن كان لا يتحـادث عـن أشغاله أو متاجره في أوقات العبادة . أو أن كان يرحم الفقير ويطعم الجائع ويكسـى العريان ويؤاوى الغريب . إن كان يفعل هكذا فيكون مؤمنا بالحق . ويقول البعض لماذا لأنه شاهد أيات ؟ كقول السيد له المجد : " وهذه الأيـات تتبع المؤمنين . يخرجون الشياطين بأسمى ويتكلمون بألسنة جديدة . يحملون حيات وإن شربوا شيئا مميتا لا يضرهم ويضعون أيديهم على المرضى فيبرأون "مر١٧:١٦-١٨ " فنقـول لهؤلاء إنه بسبب ضعف إيماننا لا نرى الأن شيئا من ذلك لأنه يقول أن الأيات تتبـع المؤمنين لا قليلي الإيمان . فالأيات قد بطلت . لأن حرارة الأيمان قد بردت . ودليـل ذلك هو جواب السيد له المجد لتلاميذه عندما سألوه عن الروح النجس قائلين : لمـاذا لم نقدر نحن أن نخرجه . فقال لهم يسوع : " لعدم أيمانكم " أي لقلة ايمانكم مت١٩:١٧-٢٠ فها قد بينا لكم أيها الأحباء أن قلة الإيمان هي أصل جميع الشرور والإيمـان هو مصدر كل عمل صالح فسبيلنا أذن أن نتخـذ الحلـم طبعـا لنـا . وأن نكـون متواضعين عادلين رحومين عفوفين . متصفين بطول الآناة . ملتحفين برداءة العفـة . متعقلين . بسطاء . راسخين في الايمان . بنعمة وتعطف ربنا وإلهنا يسـوع المسـيح . الذي له المجد إلى أبد الآبدين . أمين .
القديس يوحنا ذهبى الفم
عن كتاب العظات الذهبية
المزيد
20 يناير 2023
التوبة...معمودية ثانية
قال القديس يوحنا الدرجي: "ثوب المعمودية دنّسناه كلنا، لكن دموع التوبة هى جرن ثانٍ للمعمودية. المعمودية توبة ثانية"... ذلك لأن جوهر المعمودية هو "الموت مع المسيح، والقيامة معه" كقول الرسول بولس: «مَدْفُونِينَ مَعَهُ فِي الْمَعْمُودِيَّةِ، الَّتِي فِيهَا أقِمْتُمْ أيْضًا مَعَهُ بِإِيمَانِ عَمَلِ اللهِ، الَّذِي إقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ» (كو2: 12).
التوبة أيضًا "ميتانيا" (ميتا= تغيير، نوس= الذهن).. أي أن التوبة هي تغيير وتجديد الذهن، كقول الرسول: «وَلاَ تُشَاكِلُوا هَذَا الدَّهْرَ بَلْ تَغَيَّرُوا عَنْ شَكْلِكُمْ بِتَجْدِيدِ أَذْهَانِكُمْ لِتَخْتَبِرُوا مَا هِيَ إِرَادَةُ اللهِ الصَّالِحَةُ الْمَرْضِيَّةُ الْكَامِلَة» (رومية 2:12).
الإنسان التائب – في الحقيقة - يقوم بأمرين:
1- "ميتانيا" بالمعنى الحرفي، أن يغيّر ذهنه من طريق الشر إلى طريق الخير.
2- "ميتانيا" بالمعنى الحِسّي، أن يسجد بجبهته حتى إلى الأرض، ثم يقوم... تمامًا كأنه "مات وقام" مع المسيح!
التغيير في التوبة - إذن- هو تغيير عميق فى الذهن، فبعد أن كان الإنسان يعيش بفكر السقوط والخطيئة، يغيّر ذهنه ليعيش بفكر القيامة والروح!. لذلك رسمت الكنيسة أن يكون الرشم الأول من رشومات الميرون على الرأس، لأن فيه "العقل" الذى يقود كل شيء في حياة الانسان.. فإذا ما تركناه لنفسه أو لعدو الخير، فقد يقودنا إلى الخطأ، أمّا إذا أسلمناه لقيادة الروح القدس، ودشّناه بالميرون، يستنير، ويقودنا بفكر الإنجيل وإرشادات الروح!!
• إن خطيئة الشيطان بدأت بفكرة: «أَصْعَدُ فَوْقَ مُرْتَفَعَاتِ السَّحَابِ. أَصِيرُ مِثْلَ الْعَلِيِّ» (إشعياء 14: 14).
• وخطيئة الإنسان بدأت بفكرة: «تَكُونَانِ كَاللهِ عَارِفَيْنِ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ» (تك3: 5).
• والتوبة أيضًا تبدأ بفكرة: «أَقُومُ وَأَذْهَبُ إِلَى أَبِي» (لو15: 18).
وهكذا تتغيّر الحياة كلها، تجديدًا لفعل المعمودية والميرون.
ويستكمل الكاهن رشومات الميرون؛ الـ36 صليبًا هكذا: + صليب على الرأس: لتقديس الفكر. + 7 صلبان على الحواس: لتقديس الحواس. + صليبان على الصدر والبطن: لتقديس الأحشاء والقلب. + صليبان على الظهر: لتقديس الإرادة. + 6 صلبان على كل من الذراعين: لتقديس الأعمال. + 6 صلبان على كلا الساقين: لتقديس الخطوات.
تصوّر معي - أخي القارئ - إنسانًا تغيّر بعمق، من الظاهر والباطن: الفكر والحواس والقلب والإرادة والأعمال.. هذا هو التائب الحقيقى!! .... فليعطنا الرب أن نتوب هكذا
نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
المزيد