المقالات

08 أغسطس 2021

السيدة العذراء الأم الحنون

الكنيسة تقول عن العذراء أنها أُم قادرة رحيمة مُعينة كيف تتمتع بأُمومة السيدة العذراء ؟ الكنيسة تقول عنها أُم المعونة والرحمة والخلاص إنها أُمنا كلنا ” سيدتنا وملكتنا كلنا والدة الإله “ كيف تكون العذراء أُمنا ؟ ربنا يسوع تجسد في بطنها وأخذ جسد حقيقي من لحمها ودمها يسوع ابنها وابنها هو ابن الله الكلمة هو الله الظاهر بالجسد هو اللاهوت المُتحد بالناسوت والناسوت المُتحد باللاهوت هو جسد ربنا وإلهنا ومُخلصنا يسوع إذاً هي أُم المسيح ونحن أعضاء في جسده إذاً هي أُمنا تستطيع أن تقول أن كل واحد منا جزء من جسد المسيح الذي العذراء أُمه إذاً هي أمي إذاً نحن لا نُكرم السيدة العذراء لأنها قديسة فقط بل لأنها والدة الإله طفل اسمه أبانوب كان شفيعه أبانوب وعيد استشهاد القديس أبانوب 31/7 وكانت أُسرته تتشفع بالسيدة العذراء وأرادت أن تصوم صوم السيدة العذراء من بداية الشهر أي أُسبوع أكثر من الصوم الذي حددته الكنيسة الطفل أبانوب كان عُمره ثمانية سنوات فقال لأسرته هل سنصوم أُسبوع أكثر في صوم السيدة العذراء ؟ إذاً فلنصم يوم أو اثنين للقديس أبانوب لأنه شفيعي وخصوصاً يوم عيده إن كانوا قد أرادوا يصوموا فترة أطول فليصوموا لكن الكنيسة لا تقول كذلك لا تصوم لقديس ولا حتى السيدة العذراء لأنها قديسة نحن نصوم للسيدة العذراء ليس لأنها قديسة بل لأنها والدة الإله فصارت أمنا كلنا فعندما نُكرمها نُكرم الله يسوع المسيح نحن نصوم لها لأنها أم الله الحي يسوع المسيح الإله الحقيقي في صلاة المجمع في القداس نقول ” آبائنا الأطهار رؤساء الآباء والأنبياء والرسل والمُبشرين والإنجيليين والشهداء والمُعترفين “ كل فئة في كلمة واحدة السبعين رسول في كلمة واحدة ومارجرجس ومارمينا وأبو سيفين وكل الشهداء في كلمة واحدة أما السيدة العذراء فنقول ” وبالأكثر القديسة المملوءة مجداً العذراء كل حينً والدة الإله القديسة الطاهرة مريم التي ولدت لنا الله الكلمة بالحقيقة “ كل هذه الألقاب للسيدة العذراء لأنها أمنا كلنا أم الكنيسة وأم يسوع أم المؤمنين نقول عن السيدة العذراء حواء الجديدة لأن حواء الأولى هي أم كل البشر لكن للأسف كانت سبب السقوط والخطية جاءت العذراء وصارت أم كل البشر وصارت سبب تمتعنا ببركة الخلاص بدم ابنها الحبيب يسوع فصارت أمنا كلنا وعندما نبعد علاقتنا بالعذراء أو نلغي الشفاعة أو نقول إنها علبة أخذنا منها قطعة الذهب صرنا خسرانين لأنها ليست علبة وأخذنا منها الذهب لأنه لم يدخل جسدها كامل وأخذناه منها كامل بل أخذ جسده منها تكون داخلها لذلك نُسمي بطن السيدة العذراء ” المعمل الإلهي “ ومادامت هي المعمل الإلهي صارت أم لنا لأنها ولدت الله الكلمة بالحقيقة العذراء أم تشعر بنا لأنها أم ذهبت عرس قانا الجليل ليس لمجرد الحضور فقط أو لتقول إحضروا لي هذا أو ذاك أو لتنقد الناس لا بل ذهبت تخدم لأنها أم ودخلت المكان الخاص بأهل العُرس والمُعدين له وشعرت أن هناك مشكلة فقالت لابنها ” ليس لهم خمر “ ( يو 2 : 3 ) شعرت باحتياجات أولادها لأنها أم لا ترى الإحتياج وتصمُت بل تشترك في الإحتياج وتقدم البديل وتحل الإحتياج وتشفع لابنها وتقول له ليس لهم خمر حتى أن الآباء يقولون إنها مازالت حتى الآن تقف وسطنا وتطلب عنا لابنها يسوع وتقول وتشفع عن الكل وتقول ليس لهم خمر لا تُخرجهم إلا ولهم خمر لا تصمت عنهم بل فرحهم بخمرك نحن نقدم له ماء وهو يقدم خمر نحن نقدم له شئ بارد وهو يقدم شئ ساخن حلو نحن نقدم له فتور وهو يقدم لنا حرارة نقدم له شئ بلا قيمة وهو يقدم لنا شئ له قيمة نقدم له شئ بلا طعم أو مذاق وهو يقدم لنا شئ له مذاق حلو ليس لهم خمر يا يسوع لا تتركهم في فتورهم قلوبهم مُتعبة ونفوسهم حزينة يا يسوع إخرجهم من ههنا فرحين يا يسوع ليس لهم خمر يقول لها يسوع سأُعطيهم أم تنظر لاحتياجات أولادها وتشترك معهم في فقرهم وضعفهم واحتياجاتهم طوبى لمن تمتع بأمومة السيدة العذراء أُم القديس مارمينا لم يكن لها طفل وكان اسمها أفومية تذهب إلى الكنيسة وتنظر إلى صورة السيدة العذراء وتقول لها أرجوكِ أعطيني طفل أنتِ أُم تتوسل لها وكأنها تتكلم مع حقيقة وتسمع صوت العذراء تقول ” آمين “ أم تحب أولادها وتساعدهم وتقدم لهم احتياجاتهم ليس لهم خمر يعطيها أُم قادرة رحيمة مُعينة قد يقول البعض إنها انتقلت من الحياة ولا تشعر بنا هي فوق ونحن تحت ولا نصل إلى الله إلا به هو فلا نضع وسيط بيننا وبينه نقول له كيف وهي الشفيعة الأمينة لجنس البشر هي تقف دائماً أمام يسوع تشفع في جنس البشر ونحن في صلواتنا نقول لها ” إسألي الرب عنا ليغفر لنا خطايانا “” نسألِك أيتها الشفيعة المؤتمنة “أنتِ أُم لا يمكن أن تري احتياجنا وتصمُتي إن قال لك أحد هي ماتت تقول له كيف لا تشعر بنا ؟ أليس المُنتقل يشعر بنا ؟ نحن لدينا إيمان أن المُنتقلين ينتقلوا من أتعاب الجسد ويأخذون قيامة قوة حياة جديدة هكذا العذراء أخذت قوة حياة جديدة إن كان هذا حال آبائنا المُنتقلين فكم تكون قوة السيدة العذراء بعد انتقالها ؟ تخيل الآن قُوِّتها أُم حنونة تشفع عن احتياجات أولادها وصلواتهم السيدة العذراء تُصعد صلواتنا لابنها الحبيب من أنتِ ؟ تقول أنا أُمه أراد شخص أن يوظف ابنه في شركة كبرى يملكها رجل مسيحي فطلب من أب كاهن يعرف صاحب الشركة أن يتوسط له فقال له الأب الكاهن أنه لا يعرف صاحب الشركة ذاته لكنه يعرف والدته فقال الرجل لقد ضمنت الوظيفة لابني لأنه قد يطلب من صاحب الشركة فيعتذر بأنه ليس لديه وظيفة خالية لكن لو طلبت أُمه منه سيوافق حتى وإن لم يكن لديه وظيفة خالية ويوظف الابن أُم لها دالة عند ابنها لابد أن نتمتع بدالة السيدة العذراء عند ابنها الحبيب جيد أن تُنادي دائماً يا أُمي يا عذراء فهل أمي التي عاشت معي مجرد أن تنتقل للسماء تنساني ؟ أو أنساها ؟ لا بل علاقتنا معاً تزداد ارتباط إخوتنا البروتُستانت عندهم اعتقاد بأن الشخص مجرد أن ينتقل من هذا العالم ينتهي أمره معنا تقول لهم العذراء قالت ليسوع ليس لهم خمر فصنع لهم خمر يُجيبون لأنها كانت مازالت حية موسى النبي عندما كان يطلب من الله أي شئ كان الله ينفذه له يقولون لك هذا عندما كان موسى حي لكن مجرد أن يموت الشخص إنتهى الأمر نسألهم عندما يموت الشخص هل تزداد قُوِّته أم تنقُص ؟ هل ينتهي ؟ هل صلته بأحبائه تنتهي ؟ بالطبع لا بل تزداد قُوِّته وصلته بأحبابه نسألهم هل بعد موته يظل حي ؟ هو بعد الموت حي أم لا ؟ إن كان غير المسيحي يقول عن الأموات ” أحياء عند ربهم “ أي موجودين فكيف تنفصل علاقتهم وصلتهم عن أحبابهم هل تتخيل أن آبائنا الكهنة إن سمح الله أن يختارهم لسفر خارج البلاد أنهم ينسونا ونحن ننساهم ؟ بالطبع لا سنظل نتذكرهم وهم يتذكروننا وتظل صلتنا بهم قائمة هكذا المُنتقلين تظل علاقتنا بهم متصلة هل الذين انتقلوا ننساهم ؟ سيكون ذلك خطأ منا في حقهم لذلك نصنع لهم تذكارات ونذكرهم في القداسات ونشعر بهم بل ونستغل شفاعتهم السيدة العذراء شفيعة أمينة تشفع عن ضعفات أولادها أمام يسوع كما كانت حواء أم البشرية لكن الله قال لها كفاكِ الآن سآتي بالعذراء أُم للبشرية لأنكِ أنتِ جلبتِ الخطية للبشرية أما العذراء فهي أُم ابني الحبيب الذي به سُررت كما كانت حواء سبب لجلب الخطية كانت العذراء وسيلة لأن يأتي الابن الحبيب الذي به أتى الخلاص للبشرية لابد أن نشعر بالعذراء في حياتنا وأن تكون في وجداننا المتنيح أبونا بيشوي كامل كان كثيراً ما يصرخ ويقول يا ستي يا عدرا يا أُمي يا عدرا وعندما كان الألم يشتد عليه جداً كنت تسمعه وهو يصرخ يا ستي يا عدرا يا أُمي يا عدرا أي كان يُنادي العذراء فتعرف إنه متألم جداً لكنه بيتشفع بالعذراء جميلة الكنيسة عندما تجعلنا في كل صلاة نُصليها نتذكر العذراء وكذلك في كل قداس وتقول لها ألحان ” إفرحي يا مريم “ ” بشفاعة والدة الإله “ لأنها صارت جزء من نسيج عبادتنا لأنها أُم لنا وتشترك في احتياجاتنا قيل أن مجموعة من الراهبات كن واقفات للصلاة فرأين راهبة غريبة واقفة معهن في الصلاة لكن رأين معها مصابيح مُنيرة تقوم بتوزيعها على الراهبات الواقفات ولاحظن أن بعض منهن وزعت عليهن مصابيح غير مُضيئة فسألتها الراهبة الرئيسة لماذا هؤلاء أعطيتهنَّ مصابيح غير مُضيئة وهؤلاء أعطيتهنَّ مصابيح مُضيئة ؟ فقالت لها اللاتي أخذن مصابيح مُضيئة هن من جئن للصلاة باشتياق وحرارة قلب واللاتي أخذن مصابيح غير مُضيئة هن من أتين للصلاة كروتين فسألتها الأم الرئيسة واللاتي لم يأتين للصلاة ؟ قالت هؤلاء ليس لهنَّ مصابيح السيدة العذراء واقفة وسطنا ترى قلب وفكر كل واحد منا وتساعد كل واحد منا ليقدم صلاة أكثر حرارة وأكثر قبول أمام ابنها الحبيب يسوع أُم أُم حتى في الضيقات يُحكى أنه أثناء حرب 67 أن قُنبلة أُلقيت على كنيسة السيدة العذراء بمحرم بك ورأى شخص غير مسيحي أن سيدة تلقت القنبلة في حجرها وألقتها بعيداً عن الكنيسة فانفجرت إنفجار بسيط مجرد شرار أحدث كسور في زجاج الكنيسة فقط أما زجاج صورتها فلم يتأثر شهادة والذي يذهب إلى كنيسة العذراء حتى الآن يرى هذا الزجاج في المقصورة وصورتها أُم سهرانة ونحن نائمين نحن لا نعرف أن نعمل أي شئ وهي تعمل عنا هي تشفع في البشر وتقول لابنها إنتظرهم هم أولادك قلوبهم تحبك فتأنَّى لذلك يُقال إنها تكون حزينة في هذه الأيام وتقول لأن أولادي غير تائبين وأحزنوا ابني الحبيب في أحد المرات ظهرت لبعض الأطفال وكانت تبكي فسألوها لماذا تبكي ؟ أجابتهم لأن الناس خاطيين فقالوا لها لا تبكي فقالت لهم عندما يتوبوا الناس أفرح سألوها إذاً ماذا نفعل نحن ؟ قالت لهم أنا لا أظهر لأي شخص لكني ظهرت لكم لكي أعطيكم رسالة تبلغوها للناس قولوا لهم ” الوقت قريب وأنتم تلهون وأنا لا أكف عن الشفاعة لأجلكم عند ابني الحبيب “ مثل شخص ليلة الإمتحان يترك كُتبه ويجلس ليشاهد فيلم في التليفزيون وأبويهِ يتحايلان عليه ليترك الفيلم ويجلس للإستذكار والمراجعة هكذا السيدة العذراء تحايلنا قائلةً توبوا الوقت قريب أُريدكم فرحين لا تلهوا الآن لحظات وفترات قليلة وتنسون الأبدية لا أريد أن أراكم فرحين بالأبدية أُم تعرف احتياجات أولادها أُم قادرة رحيمة مُعينة تُساعد أولادها قيل أنه كان هناك مريض في أحد المستشفيات وكان معه في الحجرة شخص مريض غير مسيحي وكان المريض المسيحي متألم جداً يرقد على جنب واحد لا يستطيع الحركة أو تغيير وضعه فأُصيب بقُرح فِرَاش دون أن يدري وبدأ الميكروب يأكل جسده وفي ليلة جاءت له العذراء وغيَّرت وضعه وغيَّرت له فرِاشه ثم وضعت ملآة على رأسه كأنه في وضع صلاة وفي الصباح إستيقظ فوجد نفسه في وضع لم يكن موجود عليه ليلاً فقال أنه كان يتخيل أنه يحلم وأنه أتته سيدة ليلاً وأيقظته وقالت له ” سلامتك “ وبدِّلت له الفراش وأرته جراحه وقالت له إنها العذراء لكنه غير واثق إن كان هذا ما حدث حقيقة أم حلم ؟ والجميل إنها قالت له أريدك أن تتشفع بي دائماً وأن هناك ما يُحزنني منك فقال لها ما هو يا ستي يا عدرا ؟ قالت له أنت لا تأتي لسهراتي – سهرات كيهك – أريدك أن تسهر سهراتي إذاً هي مُنتبهة لنا في الكنيسة وتعطي مصابيح لأولادها وفي الصباح قال له الشخص الغير مسيحي أن هناك سيدة أتته الليلة فقال المسيحي وأنت أيضاً ؟ قال الغير مسيحي نعم سأله المسيحي وما شكلها ؟ فقال المريض الغير مسيحي نفس المواصفات التي رآها المريض المسيحي وأضاف وقال إنها قالت له اسمها هي ” ستنا مريم “ وسلِّمت عليه وربتت على كتفه وسألته إن كان محتاج لشئ العذراء أم هل تعرف معنى كلمة ” أم “ ؟ أي مصدر كل أمومة صلي مع العذراء واشعر إنها أمك يا لفرحك هل يحلم أحد بأن تكون العذراء أمه ؟ عندما يكون الشخص أمه مهتمة به وتسهر على راحته وتُلبي احتياجاته يفرح بها .. فما بال أن تكون العذراء أمك ؟ يا لفرح الكنيسة بأمومة العذراء التي تعطي كل احتياج دون تقصير لأنها قادرة نحن نقول لها ” أنتِ هي سور خلاصنا يا والدة الإله “ أنتِ تحمينا وتحرسينا كلما اقتربت من يسوع اقتربت من أمه وكلما اقتربت من أمه اقتربت ليسوع لأن الاثنين واحد لذلك عندما تدخل في عِشرة حلوة مع يسوع كرامة العذراء تزداد عندك جداً كنيستنا أدركت كرامتها عند يسوع فعملت لها تماجيد وثيؤطوكيات وصوم وتسبحة لأنها سور الخلاص هي الشورية والقبة هي عصا هارون وقسط المن وتابوت العهد و لأنها مملوءة صفات جيد أن تفرح بأمومة العذراء لك ضع لها صورة في حجرتك وكلِّمها واشعر بها وتشفع بها واجعل بينك وبينها مشاعر وعندما تسقط في الخطية تشعر إنها حزنت منك وعندما تتوب تشعر إنك فرَّحتها لذلك نقول لها ” لأنه ليس لنا دالة ولا حُجة ولا معذرة من أجل كثرة خطايانا فنحن بكِ نتوسل إلى الذي وُلِدَ منكِ يا والدة الإله العذراء “ أنا غير قادر على الوقوف أمام ابنك لأني أخطأت في حقهِ كثيراً أرجوكِ أنتِ أم حنونة إشفعي فيَّ من أجل التوبة والنجاة هل يليق أن تصوم صوم العذراء ولا تتمتع بأمومتها ؟ هل يليق أن تظل علاقتنا بها نظرية حتى بعد صومها ؟ لا الكنيسة تضع لك صورتها نموذج وتعمل تسابيح وتماجيد لتُزيد عشرِتك معها وتخرج من صومها وأنت أكثر صلابة وأعمق عِشرة معها كانت سيدة تقية لها ابنة مغتربة في التعليم وكانت الابنة مُقبلة على فترة الإمتحانات وأرادت أن أمها تكون معها في الإمتحانات فجمعت الأم كل احتياجاتها وسافرت للإبنة وفي أثناء فترة الإمتحانات التي امتدت خمسة عشر يوماً قالت الأم فجأة لقد نسيت شئ مهم جداً لم أُحضره معي وأريد أن أرجع لأُحضره وسألتها الإبنة ما هو الشئ المهم الذي تريد العودة من أجله وتتحمل مشقة السفر ؟ قالت الأم لقد نسيت صورة السيدة العذراء لقد كانت صورة للعذراء تعودت الأم أن تقف أمامها وتكلمها بكل همومها ورأت الإبنة أن هذا أمر لا يستدعي العودة لكن الأم ظلت طوال الخمسة عشر يوم حزينة وأخيراً بعد فترة الإمتحانات عادت لبيتها حيث صورة العذراء التي تحبها ومجرد أن فتحت بابها جرت نحو الصورة وشعرت أن العذراء تحضنها عِشرة وأُمومة وإحساس ليست مجرد صورة لا لابد أن تكون وجود حقيقي للعذراء تكلمها وتُقيم لها تماجيد وتشعر بها السيدة العذراء ليست فكرة نظرية بل جعلتها الكنيسة تماجيد وصوم لابد أن تعرفها وتقول لها” نُعظمك يا أم النور الحقيقي “ وتُصبح ممارسة ونذكرها في صلواتنا وقداساتنا ولترى المشاعر التي يحتاجها الابن من أمه ويكبر الابن ويظل في نظرها طفل تسأل عن احتياجاته التي قد لا يسأل عنها غيرها هل أكلت ؟ نمت ؟ مُستريح ؟ قد لا تفكر الزوجة في هذه الأسئلة رغم إنها أقرب العذراء لا تسأل أكلت أو شربت أو نمت لكنها تسأل هل تُبت ؟ هل تناولت وفرحت ؟ صليت ؟ إعترفت ؟ سبَّحت ؟ عِشت الوصية ؟ أليس الذين قالوا ليسوع هوذا أُمك تطلبك قال لهم من هي أمي واخوتي ؟ ” لأن من يصنع مشيئة أبي الذي في السموات هو أخي وأُختي وأُمي “ ( مت 12 : 50 ) السيدة العذراء تريدنا أن نكون مثلها نسمع كلام الله ونحفظه ما الذي يفرح العذراء ؟ توبتنا وعبادتنا وصلواتنا فرحها بعبادة نقية قدِّم لها أجمل ما تملُك قدِّم قلب مرفوع وذهن نقي وعبادة نقية تخيل إنها عندما تأخذ منك شئ جميل تُقدمه وتُصعده لابنها الحبيب وتفتخر وتقول له خذ هذه الصلاة صلاة فلان وتسابيح فلان وهذه تماجيد فلان وهذا صوم فلان و أم قادرة تعطي نجاة للكنيسة لذلك لها كرامة كبيرة تخيل الكنيسة بعد صعود رب المجد وحلول الروح القدس كانت السيدة العذراء أم للكنيسة يجتمعون حولها ويأخذون إرشادها وتُعالج لهم مشاكلهم وتستر عليهم كأم لا يستطيع أحد أن يقدم لنا ما تقدمه العذراء لنا تخيل لما تقدم لك بركات وأنت لا تعرف كيف تأخذها وتفرح بها ؟! خسارة ليتك تتمتع بأمومة السيدة العذراء أمنا كلنا والشفيعة الأمينة لجنس البشرية والأم القادرة الرحيمة والمُعينة ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته له المجد دائماً أبدياً آمين القمص انطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا انطونيوس محرم بك الاسكندرية
المزيد
01 أغسطس 2021

العذراء وحياة التسليم

فَضَائِل وَبَرَكَات كَثِيرَة وَمَجْد عَظِيم مُخْفَى دَاخِل أُمِّنَا السَيِّدَة العَذْرَاء وَلكِنْ يُوْجَدٌ فَضِيلَة نُرِيدْ أنْ نَتَعَمَقٌ فِيهَا وَنَأخُذ بَرَكَاتْهَا مِنْ السَيِّدَة العَذْرَاء وَرَبِّنَا يُعْطِينَا قُلُوب مَفْتُوحَة وَآذَان صَاغِيَة قَالَتْ السَيِّدَة العَذْرَاء ﴿ هُوَذَا أَنَا أَمَةُ الرَّبِّ لِيَكُنْ لِي كَقَوْلِكَ ﴾ ( لو 1 : 38 ) سَنَتَحَدَث عَنْ حَيَاة التَّسْلِيم عِنْدَ السَيِّدَة العَذْرَاء وَسَنَتَحَدَّث فِي ثَلاَث نِقَاطْ :- 1- التَّسْلِيم عِنْدَ العَذْرَاء :- التَّسْلِيم يَعْنِي إِنْسَان يِسَلِّمْ أي يَتْرُك إِرَادَتُه لإِرَادِة الَّذِي أمَامُه وَالسَيِّدَة العَذْرَاء عَاشَتْ حَيَاة التَّسْلِيم وَالخُضُوع لِكُلَّ أمر إِلهِي فَأبُوهَا تَنَيَّح وَعُمْرَهَا ثَلاَث سَنَوَات وَأُمَّهَا تَنَيَّحَتْ وَكَانَ عِنْدَهَا سِتْ سِنِينْ وَلكِنَّهَا سَلِّمِتْ وَعَاشِتْ فِي الهِيكَل حَيَاة التَّسْلِيم وَكَانَتْ خَادِمَة فِي الهَيْكَل اليَهُودِي وَيُوْجَد صُورَة فِي أذْهَان البَعْض أنَّ السَيِّدَة العَذْرَاء كَانَتْ تُسَبِّح وَتُرَنِمْ فِي الهِيكَل وَلكِنْ هذَا جُزْء مِنْ حَيَاتْهَا وَلكِنْ يُوْجَد جُزْء آخَر وَهُوَ أنَّ البِنْت فِي الهِيكَل اليَهُودِي تُصْبِح خَادِمَة وَالهِيكَل اليَهُودِي فِيهِ ذَبَائِح كَثِيرَة وَيَحْتَاج إِلَى تَنْظِيفْ وَالَّذِي يَقُوم بِعَمَلِيِة التَّنْظِيفْ الخَادِمَات أوْ النَّذِيرَات وَمِنْ ضِمْن البَنَات كَانَتْ السَيِّدَة العَذْرَاء وَتُوْجَد صُورَة لِلسَيِّدَة العَذْرَاء غَرِيبَة وَهيَ شَعْرَهَا مَنْكُوش وَرِجْلِيهَا حَافْيَة وَهذَا يَدُل عَلَى الضَّغْط الَّذِي كَانَ عَلَيْهَا فِي الخِدْمَة وَبَدَأ سِنَّهَا يِكْبَر وَلَمْ تُفَكِّر السَيِّدَة العَذْرَاء إِلَى أيْنَ تَذْهَبْ أوْ مَاذَا يَفْعَلُوا بِهَا ثُمَّ قَالُوا لَهَا أنَّهَا سَوْفَ تُخْطَبْ وَلكِنَّهَا تُرِيدْ أنْ تَعِيش حَيَاة البَتُولِيَّة وَلَمْ تَعْتَرِض فَعَمَلُوا عَلَيْهَا قُرْعَة حَتَّى يَجِدُوا الشَّخْص وَكَانَ هذَا الشَّخْص هُوَ يُوسِف النَّجَار وَكَانَ فِي ذلِك الوَقْت عَنْدُه 70 سَنَة وَكَانَتْ إِمْكَانِيَات يُوسِف فَقِيرَة جِدّاً فَهُوَ يَعْمَل نَجَّار فِي المَنْزِل وَلَيْسَ لَهُ وَرْشَة أي يِصَلَّح الأشْيَاء وَلاَ يَقُوم بِعَمَل أشْيَاء جِدِيدَة وَبِالتَّالِي دَخْلُه بَسِيطْ جِدّاً وَفِي كُلَّ هذَا السَيِّدَة العَذْرَاء تَقُول حَاضِر .. وَلَمَّا أتَى المَلاَك لِيَقُول لَهَا أنَّهَا سَوْفَ تُصْبِح حَامِلٌ فَالأمر الَّذِي أعَدَّهُ الله لِلعَالَمْ مُنْذُ 5500 سَنَة إِسْتَوْعِبِتُه العَذْرَاء فِي لَحْظَة وَلِهذَا قَالَتْ لَهَا ألِيصَابَات ﴿ طُوبَى لِلَّتِي آمَنَتْ أَنْ يَتِمَّ مَا قِيلَ لَهَا مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ ﴾ ( لو 1 : 45 ) وَلكِنْ هذَا الأمر سَيُعَرِّض ذَات السَيِّدَة العَذْرَاء إِلَى إِهَانَات وَسَيَشُك فِيهَا أقْرَب النَّاس وَبِالفِعْل نَجِدْ أنَّ يُوسِف البَّار أرَادَ تَخْلِيَتَهَا سِرّاً ( مت 1 : 19) وَلكِنَّهَا فِي كُلَّ هذَا خَاضِعَة وَيُوْجَدٌ شَرِيعَة فِي العَهْد القَدِيم فِي سِفْر العَدَد تُسَمَّى شَرِيعِة (( المَاء المُر )) هذِهِ الشَّرِيعَة تُطَبَّقٌ عَلَى السَيِّدَة أوْ البِنْت الَّتِي يُشَك إِنَّهَا عَمَلِتْ خَطِيَّة وَزَنِتْ وَوُجِدَت حَامِل فَيَتِمْ إِحْضَار مَاء وَيَقُوم الكَاهِن بِقِرَاءِة الوَيْلاَت عَلَيْهَا وَتَقُول البِنْت فِي كُلَّ مَرَّة " آمِين آمِين " وَيَقْطَعْ الوَرَقَة دَاخِل المَاء وَتَقُوم البِنْت بِشُرْب المَاء فَإِذَا كَانَتْ عَمَلِتْ خَطِيَّة يَتَوَرَّم جِسْمَهَا وَتَسْقُطْ رِجْلِيهَا لأِسْفَل وَإِذَا لَمْ تَفْعَل تُصْبِح سَلِيمَة وَتَحْبَل بِزَرْع ( عد 5 : 11 – 28 ) وَيُقَال أنَّ السَيِّدَة العَذْرَاء جَازَتْ هذَا الإِخْتِبَار فَالسَيِّدَة العَذْرَاء كَانَتْ تَقُول إِذَا كَانَ رَبِّنَا رَاضِي بِالإِهَانَة أوْ بِرَجُل فَقِير وَكِبِير فِي السِّنْ فَلْتَكُنْ إِرَادَتُه وَبَعْد ذلِك يَرَى يُوسِف البَّار رُؤيَة حَتَّى لاَ يَخَاف وَيَأتِي وَقْت الوِلاَدَة وَلَمْ تَجِدٌ السَيِّدَة العَذْرَاء أي مَكَان لِتَلِدٌ فِيهِ وَوَلَدَت فِي مِزْوَدٌ وَكَانَ مُمْكِنْ عِنْدَمَا تَرَى السَيِّدَة العَذْرَاء مَنْظَر المِزْوُدٌ تَعْتَرِض وَلكِنْ فِي كُلَّ الأُمور كَانَتْ تَقُول حَاضِر ثُمَّ تُوْجَدٌ مُشْكِلَة وَهيَ عَدَم وُجُودٌ دَخْل لِيُوسِف النَّجَار حَتَّى يِصْرِفُوا مِنُّه فَيُوسِف فِي بَلَدٌ غَرِيبَة وَلاَ أحَدٌ يَعْرِفْ أنَّهُ نَجَّار فَيَحْدُث تَدْبِير إِلهِي عَجِيبْ وَهُوَ أنْ يَأتِي المَجُوس لِيُقَدِّمُوا هَدَايَاهُمْ ذَهَبْ وَلُبَان وَمُرّ ( مت 2 : 11) وَيُقَال أنَّ هذَا الذَّهَبْ هُوَ الَّذِي تَرَبَّى بِهِ يَسُوع وَهُوَ الَّذِي أُنْفِقَ بِهِ عَلَى إِحْتِيَاجَاتُه ثُمَّ يَظْهَر المَلاَك لِيُوسِف وَيَقُول لَهُ خُذْ الصَّبِي وَأُمُّه وَاهْرَب إِلَى مِصْر وَكُلَّ بَلَدٌ تَدْخُل فِيهَا السَيِّدَة العَذْرَاء كَانَتْ الأوْثَان تَقَعْ وَيَقُوم النَّاس بِطَرْدَهَا وَفِي كُلَّ هذَا السَيِّدَة العَذْرَاء تَقُول حَاضِروَكَانَتْ تُرَبِّي رَبَّنَا يَسُوع الْمَسِيح بِالجَسَد وَعِنْدَ الصَّلِيبْ كَانَتْ فِي تَسْلِيمْ عَجِيبْ فَلَمْ تَعْتَرِض فِي أي مَرْحَلَة أوْ تِدَّخَل أوْ تَتَمَرَدٌ وَلَمْ تُحَاوِل أنْ تَجْعَل الأُمور تَسِير حَسَبْ هَوَاهَا أوْ فِكْرَهَا أوْ رَغْبِتْهَا وَلكِنَّهَا عَاشِتْ حَيَاة تَسْلِيمْ كَامِلَة فَالأمر الَّذِي لَمْ يَسْتَوْعِبُه الأبْرَار وَالكَهَنَة وَالأتْقِيَاء أنْ يُوْجَدٌ عَذْرَاء تَحْبَل وَلكِنْ السَيِّدَة العَذْرَاء إِسْتَوْعِبِتْ الأمر وَحَفَظِتُه فَالأمر الَّذِي أُخْفِيَ عَنْ أعْيُنْ كَثِيرِينْ كَانَ وَاضِحٌ أمَام السَيِّدَة العَذْرَاء وَمُمْكِنْ أحَدٌ يِسْأل سُؤَال لاَهُوتِي وَهُوَ مَنْ الَّذِي كَانَ يَعْرِفْ أنَّ السَيِّد الْمَسِيح هُوَ إِبْن الله (( الله المُتَجَسِّد )) ؟ وَالإِجَابَة هِيَ أنَّ السَيِّدَة العَذْرَاء هِيَ الوَحِيدَة الَّتِي كَانَتْ تَعْرِفْ فَالسَيِّدَة العَذْرَاء رَأت السَيِّد الْمَسِيح فِي كُلَّ مَرَاحِل حَيَاتُه وَهُوَ يِكْبَر وَيَتَكَلَّمْ فَكَيْفَ كَانَ حَدِيثُه وَاهْتِمَامَاتُه ؟ وَكَانَتْ السَيِّدَة العَذْرَاء فِي حَالِة دَهْشَة وَهذِهِ الحَالَة أوْجَدِت صَمْت فِي حَيَاتْهَا وَكَانَتْ تُفَكِّر فِي جَمِيعْ هذِهِ الأُمور فِي قَلْبِهَا .. وَعِنْدَمَا إِعْتَرَفَ بُطْرُس أنَّ الْمَسِيح هُوَ إِبْن الله الحَيِّ ( مت 16 : 16) لَمْ يَكُنْ إِيمَانُه مِثْل إِيمَان السَيِّدَة العَذْرَاء بِدَلِيل أنَّهُ شَك وَاهْتَز إِيمَانُه أمَام جَارِيَة . 2- التَّسْلِيم فِي حَيَاتْنَا :- بِالرَّغْم مِنْ أنَّ كُلَّ ظُرُوفْ السَيِّدَة العَذْرَاء كَانَتْ ظُرُوفْ صَعْبَة وَمُعَاكْسَة إِلاَّ إِنَّهَا كَانَتْ تَقُول حَاضِرفَأحْيَاناً يَقُول الإِنْسَان حَاضِر فِي الظُّرُوفْ الَّتِي تَسِير عَلَى هَوَاه وَلكِنْ هَلْ مُمْكِنْ أنْ يَقُول حَاضِر فِي الأُمور الَّتِي لاَ تَسِير مَعَ إِرَادَتُه ؟ فَالإِنْسَان إِذَا نَجَح يَقُول حَاضِر وَلكِنْ إِذَا لَمْ يُوَفَّقٌ هَلْ يَقُول حَاضِر ؟ وَالإِنْسَان السَّلِيمْ يَقُول حَاضِر وَلكِنْ إِذَا حَدَثْ لَهُ مَرَض هَلْ يَقُول حَاضِر ؟فَالتَّسْلِيمْ هُوَ أنْ أقْبَل كُلَّ شِئ فِي كُلَّ وَقْت وَأنْ أشْعُر أنَّ حَيَاتِي فِي يَدْ الْمَسِيح فَالتَّسْلِيمْ هُوَ الخُضُوع الكَامِل لله بِمِلْء الإِيمَان وَلِهذَا نَجِدْ أنَّ حَرْب القَلَقٌ تَتَزَايَدْ عَلَى الإِنْسَان خَاصَّةً فِي هذَا الجِيل فَالإِنْسَان طُول الوَقْت يُفَكِّر وَلاَ يَعِيش مُطْمَئِنْ أوْ هَادِئ لأِنَّهُ لاَ يَسْتَطِيعْ أنْ يُسَلِّمْ وَدَائِماً قَلِقٌ عَلَى المُسْتَقْبَل فَأغْلَبْ الأمْرَاض أسْبَابْهَا عَصَبِيَّة وَنَفْسِيَّة وَهذَا فَخ مِنْ عَدُو الخِير حَتَّى لاَ يَعِيش الإِنْسَان فِي أمْن فَالإِنْسَان يَعِيش دَائِماً فِي دَائِرَة وَلكِنْ يَحْتَاجٌ فِي كُلَّ هذَا إِلَى التَّسْلِيمْ فِي كُلَّ أحْوَال حَيَاتُه وَلاَ يَلْجَأ إِلَى أعْمَال غِير سَلِيمَة﴿ مَنْ يَمَسُّكُمْ يَمَسُّ حَدَقَةَ عَيْنِهِ ﴾ ( زك 2 : 8 ) يُحْكَى أنَّ أبُونَا بِيشُوي كَامِل عِنْدَمَا تِعِبْ فِي أخِر أيَّامُه كَانِتْ تَاسُونِي أنْچِيل حَزِينَة جِدّاً وَكُلَّ مَا يَضَعْ أبُونَا يَدُه عَلَى شَعْر ذَقْنُه فَكَانَ الشَّعْر يَسْقُطْ وَكَانَتْ تَاسُونِي أنْچِيل تَبْكِي وَفِي مَرَّة نِزِل شَعْر كَثِير مِنْ ذَقْن أبُونَا فَتَاسُونِي أنْچِيل إِنْهَارِتْ فِي البُكَاء وَلكِنْ أبُونَا بِيشُوي قَالَ لَهَا إِنَّ هذَا الشَّعْر لاَ يَسْقُطْ إِلاَّ بِإِذْن الله فَالصُدْفَة لاَ تَلْعَبْ دُور فِي حَيَاتْنَا وَلاَ المَال وَلاَ الذَّكَاء وَلاَ الأقَارِبْ ﴿ مَنْ ذَا الَّذِي يَقُولُ فَيَكُونَ وَالرَّبُّ لَمْ يَأْمُرْ ﴾ ( مرا 3 : 37 ) فَكُلَّ شِئ بِتَدْبِير وَأمر وَإِرَادِة الله وَعَلَى الشَّخْص أنْ يَثِقٌ فِي إِرَادِة وَتَدْبِير الله وَأنْ يَخْضَعْ لله فَرَبَّ المَجْد قَالَ ﴿ أَلَيْسَتِ الْحَيَاةُ أَفْضَلَ مِنَ الطَّعَامِ وَالْجَسَدُ أَفْضَلَ مِنَ اللِّبَاسِ ﴾ ( مت 6 : 25 ) فَالَّذِي يُعْطِيك الأهَمْ ألاَ يُعْطِيك الأقَلْ ؟!! الَّذِي أعْطَاكَ الجَسَد ألاَ يُعْطِيك الطَّعَام ؟!! وَلكِنْ نَجِدٌ النَّاس تَعِيش فِي قَلَقٌ عَلَى الأكْل وَالشُرْب وَنَجِدٌ أنَّ عَدُو الخِير يُشَكِّك الإِنْسَان فِي القَلِيل حَتَّى يَنْسَاق الإِنْسَان وَرَاءَهُ فَأُمور كَثِيرَة يُحَاوِل عَدُو الخِير أنْ يُقْلِقْنِي وَيِفْقِدْنِي سَلاَمِي وَأنْ أنْسَى خَيْرَات الله إِلهِي وَأنْ أسْأل الله لِمَاذَا يَارَبَّ تَفْعَل هذَا ؟ فَعَدُو الخِير يَسْتَثْمِر الظُّرُوف وَلكِنْ عَلَى الإِنْسَان أنْ يَقْبَل إِرَادِة الله وَيَقْبَل كُلَّ شِئ مِنْ يَدِيه فِي ثِقَة أنَّهُ يَصْنَعْ الكُلَّ حَسَن فَنَحْنُ لاَ نَعْلَمْ مَاذَا يَفْعَل الله وَلكِنْ نَحْوَك عُيُونَنَا ( 2أخ 20 : 12) فَلِمَاذَا هَرَبْ رَبِّنَا يَسُوع مِنْ وَجْه هِيرُودِس ؟ فَحَسَبْ تَقْدِير الإِنْسَان كَانَ مِنْ المُمْكِنْ أنَّ الله يِمَوِّتْ هِيرُودِس وَلاَ يَهْرَبْ وَلكِنْ الله لَهُ قَصْد هُوَ أنْ يَأتِي إِلَى مِصْر وَيُبَارِك شَعْبَهَا وَيُصْبِح هُنَاك مَذْبَحٌ وَعَمُودٌ فِي أرْض مِصْر ( أش 19 : 19) وَأنْ تُصْبِح مِصْر يُوْم مِنْ الأيَّام عَمُودٌ الْمَسِيحِيَّة وَكَارِزَة لِلعَالَمْ فَرَبِّنَا إِسْتَخْدِم هِيرُودِس فَهُوَ الَّذِي يُحَرِّك الأُمور وَمِنْ الجَمِيلٌ أنْ يَشْعُر الإِنْسَان أنَّ الأُمور الَّتِي لاَ تَسِير عَلَى إِرَادَتِهِ أنَّ الله هُوَ الَّذِي يُحَرِّكْهَا وَأنَّهُ يَفْعَل كُلَّ شِئ حَسَبْ إِرَادَتِهِ وَلكِنْ الإِنْسَان مُتَعَجِّل لِمَعْرِفَة خِطَّة الله فِي حَيَاتُه وَلكِنْ الله يُرِيدْ أنْ يَتَعَامَل الإِنْسَان مَعَ يَدِهِ القَدِيرَة وَأنْ يَفْهَمْ مَا يَحْدُث لَحْظَة بِلَحْظَة فَيَشْعُر الإِنْسَان بِفَرَح وَسَعَادَة لأِنَّ الله يُرَتِّب حَيَاتُه فَمُعَلِّمْنَا بُطْرُس عِنْدَمَا إِنْحَنَى السَيِّد الْمَسِيح لِيَغْسِل رِجْلِيه قَالَ بُطْرُس حَاشَاك يَارَبَّ وَلكِنْ رَبِّنَا قَالَ لَهُ إِذَا لَمْ أغْسِل رِجْلِيك لاَ يَكُون لَكَ نَصِيبٌ مَعِي فَقَالَ بُطْرُس إِغْسِل يَارَبَّ وَلكِنُّه كَانَ فِي خَجَل وَحِيرَة لِمَاذَا يَفْعَل الله هكَذَا ؟ وَكَانَ رَدٌ رَبِّنَا عَلِيه لَسْتَ تَفْهَمْ الآنْ مَا أنَا فَاعِلُه وَلكِنَّك سَتَفْهَمْ فِيمَا بَعْد ( يو 13 : 5 – 9 ) وَ" فِيمَا بَعْد " مُمْكِنْ تِكُون بَعْد سَاعَة أوْ شَهْر أوْ فِي الأبَدِيَّة فَمُمْكِنْ أنْ تَحْدُث أشْيَاء فِي حَيَاتِي وَلكِنِّي لاَ أفْهَمْهَا وَلكِنْ سَيَفْهَمْ الإِنْسَان كُلَّ شِئ فِي الأبَدِيَّة حَيْثُ يُرْفَعْ عَنَّا الجَهْل وَنَأخُذْ المَعْرِفَة الكَامِلَة .. فَكُلَّ مَا نَرْفُضُه عَلَى الأرْض نَقْبَلُه فِي الأبَدِيَّة يُحْكَى عَنْ أبُونَا مِيخَائِيل إِبْرَاهِيم أنَّ إِبْنُه الأكبَر كَانَ طَبِيب مُتَزَوِج وَأنْجَبْ طِفْلَة ثُمَّ أُصِيبَ بِمَرَض وَتَنَيَّح فَجَاءَ كَاهِن زِمِيل أبُونَا حَتَّى يُعَزِّيه فَعِنْدَمَا دَخَلِتْ الطِّفْلَة فَمِسِك أبُونَا الزَّائِر هذِهِ الطِّفْلَة وَحَضَنْهَا وَانْهَار فِي البُكَاء فَإِذَا بِأبُونَا مِيخَائِيل هُوَ الَّذِي طَيِّبْ خَاطِر الكَاهِن وَقَالَ لَهُ إِنّ مَا حَدَث هُوَ أمر مِنْ الله وَإِرَادَتُه وَهُوَ فِي مَكَان جَمِيلٌ وَقَالَ لَهُ إِذَا كَانْ إِبْنُه سَافِر فِي بِعْثَة إِلَى أمْرِيكَا أفَلاَ كَانَ هذَا الكَاهِن يَأتِي لِتَهْنِئِة أبُونَا ؟فَالسَّمَاء أحْسَنْ مِنْ البِعْثَة وَلكِنْ أحْيَاناً الكَلاَم سَهْل وَلكِنْ التَّنْفِيذ يِخْتِلِفْ وَالمَوْقِفْ هُوَ الَّذِي يَخْتَبِر الإِنْسَان . 3/ كَيْفَ أقْتَنِي التَّسْلِيم ؟ :- أ- حُبْ الله :- لإِنْسَان يُحِبْ الله وَلاَبُدْ أنْ يَثِقٌ أنَّ الله يُحِبُّه وَأنّ الله لاَ يُؤذِيه أوْ يَضُرُّه فَالله لَيْسَ ضِد الإِنْسَان وَهُوَ الَّذِي يُعْطِينَا كُلَّ شَيْءٍ بِغِنَىً لِلتَّمَتُّع ( 1تي 6 : 17) فَإِذَا كَانَ الأب يُعْطِي أوْلاَدُه عَطَايَا جَيِّدَة فَكَمْ بِالأوْلَى الله ( مت 7 : 11) فَنَحْنُ أوْلاَدُه وَهُوَ الَّذِي يَرْعَانَا فَنَحْنُ مِلْك لَهُ وَمِنْ الأشْيَاء الصَّعْبَة أنْ يَجْعَل الإِنْسَان أُمورُه تَسِير عَلَى طَرِيقْتُه . ب- الثِّقَة :- الثِّقَة تَجْعَل الإِنْسَان يَتْرُك نَفْسُه لِشِئ وَعَلَى قَدْر مَا نِسَلِّمْ لِرَبِّنَا أُمور حَيَاتْنَا عَلَى قَدْر مَا نِجْبِرُه عَلَى الإِعْتِنَاء بِنَا وَعَلَى قَدْر مَا نَتَوَلَّى أُمور حَيَاتْنَا نِجْبِرُه عَلَى أنْ يَتَخَلَّى عَنَّا فَمَنْ الَّذِي يَقُودٌ حَيَاتَك أنْتَ أم الله ؟ فَالله هُوَ الَّذِي يَقُودْنَا فِي مَوْكِبْ نُصْرَتِهِ ( 2كو 2 : 14) فَلاَبُدْ أنْ يَكُون الإِنْسَان عَنْدُه ثِقَة أنَّ الله قَدِير وَأنَّهُ صَانِعْ الخَيْرَات وَهُوَ الَّذِي دَبَّر الكُون وَصَنَعُه حَسَن فِي وَقْتِهِ أفَلاَ يَصْنَعْ كُلَّ شِئ فِي حَيَاتِي حَسَن فِي وَقْتِهِ حَتَّى إِذَا وُجِدَت شِدَّة أوْ أزْمَة فِي حَيَاة الإِنْسَان ؟ فَنَحْنُ نَقُول فِي القُدَّاس ﴿ أُقَدِّمُ لَك يَا سَيِّدِي مَشُورَات حُرِّيَتِي ﴾ ( مَا يَقُولُه الكَاهِن قَبْل رُشُومَات الخُبْز فِي القُدَّاس الغِرِيغُورِي ) . ج- الإِخْتِبَارٌ :- فَالإِنْسَان الَّذِي يَعِيش حَيَاتُه بِذِهْنُه يَشْعُر أنَّ حَيَاتُه لاَ تُوْجَدٌ فِيهَا سَلاَمٌ وَلكِنْ عِنْدَمَا يَتَذوَق التَّسْلِيمْ يَشْعُر الإِنْسَان أنَّهُ أصْبَحٌ هَادِئ وَمُطْمَئِنْ فَالتَّسْلِيمْ حَيَاة إِخْتِبَارٌ وَلاَبُدْ أنْ يَخْتَبِر الإِنْسَان حَيَاة التَّسْلِيمْ كُلَّ يُوْم حَتَّى تَنْقِلُه مِنْ مَجْد إِلَى مَجْد فَيَقُول سَلَّمْنَا فَصِرْنَا نُحْمَل ( أع 27 : 15) وَمِنْ أكْثَر الأشْيَاء الَّتِي تُسَبِّبْ القَلَقٌ فِي حَيَاة الإِنْسَان رَغَبَاتُه الكَثِيرَة المُتَصَارِعَة وَطَلَبَاتُه وَعَدَم شَبَعُه وَلكِنْ عِنْدَمَا يَخْتَبِر حَيَاة التَّسْلِيمْ يَشْعُر بِالفَرَح وَالبَهْجَة وَيَشْعُر أنَّ الله هُوَ كِفَايْتُه وَشَبَعُه وَيَقُول لِتَكُنْ إِرَادِة الله فَأنَا أُرِيد الله فَقَطْ وَعِنْدَمَا يَتَذَكَّر الإِنْسَان حَيَاتُه وَيَخْتَبِر عِنَايِة الله بِهِ فَمِنْ الصَّعْب أنْ لاَ يُسَلِّمْ بَاقِي حَيَاتُه لله فَالَّذِي أعَانَ الإِنْسَان مُنْذُ حَدَاثَتِهِ هَلْ يَعْجَز عَنْ تَدْبِير بَعْض الأيَّام أوْ الإِحْتِيَاجَات ؟ فَهذِهِ الأُمور بِالنِّسْبَة لله تَافْهَة فَقَبْل الشُّرُوع فِي أي عَمَل أوْ أي مَوْقِفْ فِي حَيَاة الإِنْسَان لاَبُدْ أنْ يَكُون مَمْزُوج بِصَلاَة وَخُضُوع وَتَسْلِيمْ وَيَقْتَنِعْ بِإِرَادِة الله قَبْل أي أمر مَصِيرِي فِي حَيَاة الإِنْسَان لاَبُدْ أنْ يُسَلِّمْ الإِنْسَان هذَا الأمر لله فَالإِنْسَان يَخَافْ مِنْ إِرَادَتُه وَلكِنْ عِنْدَمَا يَضَعْ الأمر أمَام الله يَقُول لله أنَا أُرِيدْ إِرَادَتَك وَأنْ تَهْدِينِي وَيَمِينَك تُمْسِكْنِي أنَا أُرِيدْ أنْ أتَأكِّدْ أنَّ الأمر مِنَّك وَلِتَكُنْ إِرَادَتِي كَإِرَادَتَك فَالعِصْيَان هُوَ الّذِي أحْدَر الإِنْسَان مِنْ السَّمَاء إِلَى الأرْض وَخَطِيِّة أبُونَا آدَم فِي الأسَاس هِيَ العِصْيَان وَلكِنْ الشِئ الَّذِي يِرَجَعْنَا إِلَى الحَيَاة الفِرْدُوسِيَّة هِيَ حَيَاة الطَّاعَة وَالتَّسْلِيمْ وَعِنْدَمَا جَاءَ الله عَلَى الأرْض قَدَّم طَاعَة عِوَض العِصْيَان فَالله أطَاعَ حَتَّى مَوْت الصَّلِيب ( في 2 : 8 )فَلاَبُدْ أنْ يَقُول الإِنْسَان لله حَاضِر وَيُكْثِر مِنْ الصَّلاَة وَيَحِيد إِرَادَتُه أي يَضَعْهَا جَانِباً فَلاَ تُزَل قَدَم الإِنْسَان لأِنَّ كُلَّ شِئ يُعْمَل بِإِرَادِة الله حَتَّى وَإِنْ كَانْ فِي مَظْهَر حَيَاتُه أتْعَاب فَحَيَاة السَيِّدَة العَذْرَاء فِيهَا أتْعَاب وَحَيَاة السَيِّد الْمَسِيح أيْضاً فِيهَا أتْعَاب وَلكِنْ مَا هِيَ فِكْرِة الإِنْسَان عَنْ الأتْعَاب ؟ فَالإِنْسَان الَّذِي يَعِيش حَيَاة التَّسْلِيمْ يَعِيش فِي سَلاَمٌ حَتَّى إِنْ وُجِدَت الآلاَم وَالأتْعَاب وَالضِيقَات فَكُلَّ أمر أقُول لله أنَا عَبْدَك وَإِبْن أمَتَك( مز 115 مِنْ مَزَامِير التَّاسِعَة ) وَأقُولْ لَهُ أيْضاً ﴿ أنَا أُخْضِعُ ذَاتِي دُونَ عِنَادٍ لأِصَابِعِكَ تُشَكِّلُ فِيَّ ﴾( مِنْ تَرْنِيمِة " أيُّهَا الفَّخَارِي الأعْظَمْ " ) رَبِّنَا يُعْطِينَا حَيَاة التَّسْلِيمْ وَيَرْفَعْنَا بِبَرَكِة السَيِّدَة العَذْرَاء وَيِكَمِّل نَقَائِصْنَا وَيِسْنِد كُلَّ ضَعْف فِينَا بِنِعْمِتُه وَلإِلهْنَا المَجْد إِلَى الأبَد آمِين القمص انطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا انطونيوس محرم بك الاسكندرية
المزيد
25 يوليو 2021

الخادم والأنشطة

كثرت الأنشطة بالكنيسة في عصرنا الحالي وتعدّدت نتيجة زيادة الاحتياجات وتغيرات وسلبيات المجتمع وتضاعف الأعداد ...لذا وجدت الكنيسة أنه من الواجب عليها أن تقدم لأبنائها ما يحتاجونه في كافة المجالات الروحية والنفسية والاجتماعية والرياضية. ولأن الكنيسة تعلّمت من سيدها يسوع المسيح كيف تقدّم خبزًا للجائع وماءً للعطشان وسندًا للمريض وعزاءً للمتضايق... ولأن الكنيسة بلا شك هي التي تحتضن العالم وتقدسة وترقّيه وتربّيه في المسيح يسوع، فقدّمت الكنيسة كل جهدها لتقديم المعونه لابنائها... ولكن مع تزاحم الأنشطة وجب علينا أن ننتبه دائمًا إلى مراجعة الهدف باستمرار لئلا يضيع هدف الخدمة الحقيقي وسط تداخلات الاحتياجات (وهو التوبة والتقديس وربح الملكوت ومجد المسيح على الأرض) لئلا تتحول الكنيسة إلى مؤسسة زمنية اجتماعية تقدّم الكورال والتمثيل والكومبيوتر والنادي والمسرح دون هدف واضح، وبحسب نصيحة معلمنا بولس الرسول «فإن كان وعظ ما في المسيح، إن كانت تسلية ما للمحبة، إن كانت شركة ما في الروح»(فيلبي 2: 1). وما نخشاة أن تكون قوة الاستحابة لمثل هذه الأنشطة تمثّل تعويضًا عن الضعف الروحي وتقصيراته الداخلية... فتجد الكنيسة مكدّسة بأعداد المتردّدين للأنشطة بينما العبادة متناقصة... ونصل إلى حالة اكتفاء كاذب، ونتائج غير حقيقية، ويتردّد المخدومون على الكنيسة بشكل دائم مما يفقدهم الكثير من هيبه وكرامة الكنيسة... وتتحوّل العبادة والأسرار إلى مجرد فواصل بين الأنشطة. لذلك وجب تقنين ومراجعة الأنشطة بشكل أكثر تدقيقًا... ويجب أن نتحلّى بالحكمه والتأنّي في اختيار النشاط ومراجعته باستمرار، من هنا وجب على الخادم أن يضع في قلبه عدّة أمور: 1- الأنشطة هي وسائل وليست أهداف. 2- يُراعى فيها تقديم الاحتياجات الروحية من خلالها. 3- الأنشطة فرصة لجذب نوعيات نعجز عن الوصول إليها. 4- هي من أجل نمو روح الشركة والحب بين الخادم والمخدومين، والمخدومين وبعضهم البعض. 5- هي فرصة للتعرّف على المخدوم وضعفاته وجذبة بشكل أقوى من خلال الاحتكاك المباشر به والتقرّب إليه. 6- اكتشاف مواهب المخدومين والارتقاء بها. 7- حفظ المخدومين من الفراغ والعثرات. 8- غرسهم في الكنيسة والاندماج مع عبادادتها لئلا يُصاب بالاغتراب في الكبر. وأخطر ما في الأمر أن تكون دوافع الخادم مثل دوافع المخدوم في أي نشاط... فقد يحضر المخدوم للنشاط فقط من أجل قضاء وقت مع الأصدقاء أو للتسلية، أمّا الخادم فيجب أن يري أبعد من ذلك بكثير... بحسب قول القديس يوحنا ذهبي الفم إنه يجب أن يكون الفرق بين الخادم والمخدوم كالفرق بين الراعي والقطيع، الراعي يهتم بامور أبعد ما تكون عن فكر القطيع، فهو يدبّر المراعي الخصراء والماء والأماكن الآمنة، ويتعهد سلامة القطيع في كل الأحوال. كذلك الخادم فهو يصلي ويدبّر ويعدّ ماهو مشبِع ومسرّ لنفوس مخدوميه.... لئلا نقدّم النشاط ونخسر القطيع، ونشبه نحاسًا يطن أو صنجًا يرن. القمص أنطونيوس فهمى - كنيسة القديس جوارجيوس والأنبا أنطونيوس - محرم بك
المزيد
18 يوليو 2021

الخادم والازدواجية

الخادم يمثّل المسيح أمام المخدومين، يحمل فكره، يتكلم بكلامه، وينشر رسالته وتعاليمه. هكذا يرى المخدومون الخادم أنه في درجه من الكمال، وقد لا يستوعبون أنه شخص تحت الآلام مثلهم. وكثيرًا ما نجد الخادم قد يُسَرّ بهذه الصورة ويرسّخها في أذهان المخدومين، بينما الحقيقة مختلفه تمامًا! فتجد الخارج غير الداخل، والكلام غير الأفعال، والمظهر غير الجوهر، ممّا جعل الخادم يحيا في ازدواجية تجعله غريبًا عن نفسه. وأخطر ما في الأمر هو تباعُد المسافة بين ما يقول وما يفعل إلى أن يصل إلى درجة الازدواجية المريضة.وهناك موقف في الكتاب المقدس يوضّح لنا كيف يحيا الإنسان مزدوجًا؛ حين تقدّم أبونا يعقوب إلى أبيه إسحق لنوال البركة عوض عيسو البكر«فتقَدَّمَ يعقوبُ إلَى إسحاقَ أبيهِ، فجَسَّهُ وقالَ: «الصَّوْتُ صوتُ يعقوبَ، ولكن اليَدَينِ يَدا عيسو». ولَمْ يَعرِفهُ لأنَّ يَدَيهِ كانتا مُشعِرَتَينِ كيَدَيْ عيسو أخيهِ، فبارَكَهُ. وقالَ: «هل أنتَ هو ابني عيسو؟». فقالَ: «أنا هو».» (تكوين 27: 21-24) كثيرًا ما يوجد داخلنا هذا التناقض الصوت صوت يعقوب، واليدان (اللتان تشيران إلى الأعمال) يدا عيسو! وتجتهد النفس في تزييف حقيقتها لتأخذ ما ليس لها، وتدقّق وتجتهد لتلبس الثياب وتأخذ الشكل بل والرائحة، وتمتد إلى ما أهو أكثر وأعقد من ذلك وهو تغطية الجلد حتى يحصل على ضمان اقتناء الشخصية المرغوبة، ويتحمّل المخاطر ويستمرّ في الخداع حتى وإن ظهر الشك في أمره، ولكنه يؤكد: «أنا هو»! ما أخطر خداع النفس وما أسوأ النتائج حين يتوقّع المخدوم من الخادم كمالات لا يجدها، بل والأكثر حين تظهر أمور عكس ما يظهر أو يعلم.لقد مدح السيد المسيح من عَمِل وعَلَّم أنه يُدعَى عظيمًا في ملكوت السماوات (متى 19:5)، بل وقد وجدنا في شخصه القدوس تحقيقًا وتطبيقًا واضحًا لكل ما عَلَّم به، فلم يتكلم عن المتّكأ الأخير بينما يتنافس على المتكآت الأولى، ولم يحدّثنا أن «بيعوا أمتعتكم وأعطوا صدقة» بينما يسكن هو في القصور، ولم يتكلم عن ضرورة حمل الصليب بينما يهرب هو من حمله، بل على العكس نجده فعل أكثر مما تكلّم به لدرجة عجز الكلمات عن التعبير.أعظم عمل للخادم هو التأثير، والعين أكثر تفاعلاً من الأذن، فنحن لا نحتاج إلى كلمات بقدر ما نحتاج إلى أفعال، ولا نحتاج إلى خدام بل إلى نماذج، ومن المعروف أن أي تعليم يستمدّ قوته من قائله، فالذي جعل القديس تيموثاؤس يتبع بولس الرسول ليس فقط تعليمه بل سيرته وقصده وإيمانه وأناته ومحبته وصبره (تيموثاوس الثانية 10:3) التي رآها وتلامس معها بشكل عملي.ليت نفوسنا تتوحّد في خوف الله، ونقدم صورة للمسيح الذي يحيا في داخلنا، ولا ننجذب لغيره ولا نتبع غيره، فنقدم صورته وكلامه وحياته لأولاده فيجذبهم فيجروا وراءه. القمص أنطونيوس فهمى - كنيسة القديس جوارجيوس والأنبا أنطونيوس - محرم بك
المزيد
11 يوليو 2021

الخادم والحماس

قيل عن المتنيح القمص بيشوي كامل إنه كان دائمًا يردّد الآية «خدامه لهيب نار».. وبذلك ينادي دائمًا على ضرورة حماس الخادم المتقد تجاه خلاص النفوس وجذبها، إذ يُعَدّ الحماس تعبيرًا أمينًا عن صدق الحب للمخلص والفادي، فيردّد: «كيف أنجو إن أهملت خلاصًا هذا مقداره».. ويصل به إلى درجة الشغف للخدمة في وقت مناسب ووقت غير مناسب.رأينا معلمنا بولس يعظ في البيوت، والمجامع اليهودية، وفي الطرقات، والسياجات، بل وفي الأسواق، والسجن... ولم تمنعه الضيقات والمكائد والأخطار عن استكمال مسيرة الخدمة حتى وصل إلى روما متغلِّبًا على كل العوائق، ولم نجده يفقد حماسه حتى النهاية، ولم يقع في الكسل واليأس ورثاء الذات. وكان هذا منهج التلاميذ في الكرازة بعمل المخلص، إذ أخذوا على أنفسهم ضرورة امتداد الكرازة بما رأوا وسمعوا رغم كل تهديد ووعيد.+ يُعَد الحماس للخدمة هو دافعها القوي والأمين والمستمر، فهو الذي يمنح القوة والتأثير في المخدومين، ولذلك نجد في كرازة القديس يوحنا المعمدان نموذجًا رائعًا لحماسة الخدمة التي ينبغي أن نتعلمها وتتدفق إلينا، وننادي «هوذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم».+ كيف ننادي بالمخافة والتوبة والخلاص من الهلاك الأبدي، ونختطف نفوسًا من النار ومن قبضة العدو، برخاوة وبدون حماس؟ وكيف ندعو لبناء الأسوار المنهدمة، ولا نلهب القلوب بالحماس بأن نقوم ونبني ولا نكون بعد عارًا؟ وكيف نوقظ المتهاون بروح التهاون؟!.. فلا يصح مجرد النصح لمن يغرق، ولا مجرد التوجيه لمن تمكّن المرض منه. ومع الإيمان بجسامة المسؤلية يتولّد الحماس والغيرة، فنردّد: «من يضعف وأنا لا أضعف؟ من يعثر وأنا لا ألتهب؟»ونتعجب حين يحذّر إرميا النبي «ملعون من يعمل عمل الرب برخاوة» (إر48: 10)، ووصل به الأمر أن نادى: «أحشائي، أحشائي! جدران قلبي توجعني، لا أستطيع السكوت» (إر4: 19). ورأينا إشعياء النبي يصرخ: «نادِ بصوت عالٍ، لا تمسك، ارفع صوتك كبوق، وأخبر شعبي» (إش58: 1).+ الحماس يظهر في الإعداد الجيد، والحضور المبكر، وحُسن الاستقبال، وغيرة الأداء، ونبرة الصوت، ونشاط الحركة، والتأهُّب للمساعدة.. أمّا الخمول والتباطؤ والتثاقل في الأداء وبطء الإيقاع وإهمال الإعداد وعدم التفاعل، فيُحدث لونًا من ألوان الخمول والتراخي وعدم المصداقية، وبالتالي عدم الاستجابة لما يُقال أو يُفعَل... ويعبّر عن خادم فقد رجاء دعوته!ما أجمل أن نستودع مواهبنا وقدراتنا في يد القدير، فيطلقها كسهام بيد جبار، تعمل بقوة تفوق قدراتنا الضيقة المحدودة.أشير عليك أن تأخذ نصيبك من ذلك الروح الناري الذي يمنحك القوة والغيرة، فتتكلم بما يتخطّى قدراتك، فتخبر بعظائم فوقك، ويتمجد الله حين يرى غيرتك وحماسك وتعبك، فكيف لا يحصد بابتهاج من زرع بدموع... ليت اسمه يكون محصورًا في قلوبنا وعظامنا، فلا ندعه يسكت ولا نستطيع أن نسكت عن المناداة به وله... القس أنطونيوس فهمى - كنيسة القديسين مارجرجس والأنبا أنطونيوس - محرم بك
المزيد
04 يوليو 2021

الخادم والاحترام والوقار

رغم كل ما رأينا في معاملة ربنا يسوع المسيح مع تلاميذه الأطهار من بساطة وتقارب، إلّا انه كان يحفظ له مكانة وكرامة فائقة في قلوبهم وعقولهم.. وكذلك مع كل من تعامل معهم، رغم اختلاف طبقاتهم وأعمارهم وثقافاتهم، ووجدناه ينال أقصى درجات الاحترام والتقدير، حتى الكتبة والفريسيون كانوا يخاطبونه "يا معلم" أو "يا سيد"...وهكذا نتعلم من مثلنا الأعلى في الخدمة، ربنا يسوع، كيف أن حب المخدومين ومشاركتهم حياتهم والاقتراب منهم لا يلغي الاحترام اللائق في المعاملات... ومن المعروف أن الاحترام لا يُطلَب لأنه لو طُلِب فقد معناه... بل ينبع من الداخل. وهنا نودّ أن نركز على ضرورة التأكيد على احترام وتوقير الخادم، لأنه قد يتباسط ويتساهل إلى الدرجة التي يتخيل أنه قد اقترب إلى درجة كبيرة من المخدومين، ولكنه بذلك دون أن يدري يبني حاجزًا كبيرًا بينه وبين المخدومين، رغم أنه يعتقد أنه قد أزال الحواجز... يوجد خط فاصل بين أن يتباسط الخادم مع المخدومين، وأن يفقد هيبته واحترامه بينهم، لأنه حينئذ يكون قد فقد تأثيره ومصداقيته... ولنحذر أن نفقد هدف الخدمة، وتتحول العلاقة إلى مجرد شلّة اجتماعية لذيذة ومرغوبة، إذ تشجع على اللهو والمرح والأكل والفسح... وقد يحدث هذا ويُسكّن الخادم ضميره ويقنع نفسه أنه يخدم!تعرض ربنا يسوع المسيح لألوان من السخرية والازدراء، ولكن لو دقّقنا في دوافعها لوجدناها تحمل تعجبًا من شخصيته الفريدة، وتخفي احترامًا زائدًا كما ذكر معلمنا متى البشير: «وَلَمَّا جَاءَ إِلَى وَطَنِهِ كَانَ يُعَلِّمُهُمْ فِي مَجْمَعِهِمْ حَتَّى بُهِتُوا وَقَالُوا:«مِنْ أَيْنَ لِهذَاهذِهِ الْحِكْمَةُ وَالْقُوَّاتُ؟ أَلَيْسَ هذَا ابْنَ النَّجَّارِ؟ أَلَيْسَتْ أُمُّهُ تُدْعَى مَرْيَمَ، وَإِخْوَتُهُ يَعْقُوبَ وَيُوسِي وَسِمْعَانَ وَيَهُوذَا؟» (مت١٣: ٥٤)؟وجدوه فائقًا لإدراكهم وتحيّروا في شخصه..وفي (مت9: 8) «فلما رَأَى الْجُمُوعُ تَعَجَّبُوا وَمَجَّدُوا اللهَ الَّذِي أَعْطَى النَّاسَ سُلْطَانًا مِثْلَ هذَا».+ كذلك ركّز معلمنا بولس الرسول في معاملاته بالخدمة على القدوة الحسنة والاعتناء بأمور حسنة قدام جميع الناس (رو12: 13)، «بل في كل شيء نظهر أنفسنا كخدام الله في صبر كثير، في شدائد، في ضرورات، في ضيقات» (2كو6: 4)، «لسنا نجعل عثرة في شيء لئلا تُلام الخدمة» (2كو6: 3).وهذه نصيحة معلمنا بولس الرسول لنا، أن تكون خدمتنا في كل تقوى ووقار (1تي2).أحبائي.. علاقة الخادم والمخدوم إذا فقدت الوقار والاحترام، ستفقد معها أمورًا كثيرة مثل: التزام الحضور، وطريقة الحديث، والطاعة، وحسن الاستماع، والتجاوب مع ما يُقدّم، والتفاعل والاشتراك الإيجابي. ومع إدراكنا أن رسالتنا عظيمة وهي: ربح نفوس للملكوت، واجتذاب البعض من قبضة العدو، وانتشال البعض من محبة العالم والأشياء التي في العالم. يجب أن يكون الخادم صادقًا فيما يُقدَّم، وتسبقه سيرته وأعماله قبل أقواله، ومُصدَّقة عليها. ولا ننسى أننا نتعامل مع جيل فقد الكثير من الاحترام للرموز، وتشوّهت أمامه الكثير من المعاني، إلّا أننا نثق أن الله هو العامل فينا، وهو الذي يكمّل النقائص ويسند الضعف، لذلك علينا أن ندقّق ونراجع أنفسنا: هل نحن نخدم في وقار خدام المسيح؟ القس أنطونيوس فهمى - كنيسة القديسين مارجرجس والأنبا أنطونيوس - محرم بك
المزيد
27 يونيو 2021

الخادم وزمن الكورونا 2

سبق وتحدثنا عن بعض طرق مقترحة لاستمرارية الخدمة في زمن الكورونا، وهنا نستكمل الحديث.. تشجيع المخدومين على قراءة الكتاب المقدس أو الكتب الروحية (يمكن مجرد قراءة فصول)، عن طريق تخصيص ساعة كل يومين مثلًا للقراءة الجماعية والتفاعلية، مع التعليق والايضاح إن أمكن. تشجيع المخدومين على القراءة عن طريق عمل مسابقات وأسئلة في مناهج أو كتب متنوعة تتناول الكتاب المقدس والطقس والعقيدة والثقافة العلمية والتربوية، مع عمل هدايا تشجيعية. ويُفضَّل أن تكون على مستوى الإيبارشية أو الكرازة كلها، مثل التي تقدمها أنشطة "مهرجان الكرازة" الذى يشمل العديد من المجالات لمختلف المراحل، ومعروف بفائدته وشموليته ومدى حماس المخدمين للمشاركة فيه، وخصوصًا وقد تم تطويره بعد مجهودات كبيرة ليناسب هذه المرحلة. وأيضًا مثل مسابقة "اقرأ واعرف واكسب" التي ينظمها مركز "إيمي" بالإسكندرية التي تحدّد سبعة كتب في مجالات متنوعة، ويتم عمل امتحان بعد أن يتم التسجيل والاشتراك on line. تشجيع الخدام والخادمات لمرحلة الطفولة وإعدادي على استخدام تطبيق "أبناء النور" من الموبايل " coptic sons of light" الذى يعمل على الموبايل والتابلت الأندرويد والأيفون والأيباد إلى جانب متصفح الإنترنت browsers وقد أطلقة قداسة البابا تواضروس في الاحتفال بمئوية مدارس الأحد في يونيو ٢٠١٨، حيث بُذِل فيه مجهود ضخم جدًا ليمكن اإستخدامه للمتابعة من الأب الأسقف والأب الكاهن وأمين الخدمة والخادم والمخدوم، ويحوى مناهج التربية الكنسية preloaded مثل منهج لجنة الإيمان والتعليم بالمجمع المقدس، ومناهج المهجر مثل منهج نيافة الأنبا يوسف، ومنهج كندا والسويد ومواد إضافية media ومهام روحية ونوتة روحية، وبداخله ربط لمحتويات من قناة كوجي وصوت الراعي، ويتم فيه التعديل والتطوير بشكل دائم، ويتابع خدمات الشمامسة والألحان والكتاب المقدس والكشافة. والتطبيق يعمل باللغتين العربية والإنجليزية. ومتابعة المخدومين ومكافأتهم وعرض وسائل إيضاح وبثّ مباشر وتقارير وتفاعل، ويستطيع الخادم والكاهن التواصل مع المخدومين بسهولة وتسجيل المتابعة. تشجيع المخدومين على حفظ الألحان وتسجيل الألحان للمخدومين، وإرسالها للآباء الكهنة والآباء الأساقفة للتشجيع، ويمكن نشر المميَّز منها على صفحات الكنيسة أو البث المباشر.عمل بعض كورسات متنوعة للمخدومين أون لاين حسب ميولهم واختياراتهم، فيمكن الإعلان عن كورس متكامل في الكتاب المقدس أو العقيدة في مواعيد محددة، ويتم عمل امتحان وإعطاء شهادة. ولنا تجربة إيجابية في مدينة الإسكندرية مع مركز البابا كيرلس عمود الدين لخريجي الإكليريكة، ومدرسة تيرانس، حيث تم تنظيم كورسات شارك فيها مئات، وقد تتعجبون لو قلت: آلاف من الدارسين. عمل أنشطة تعليمية مهارية مثل الرسم والعزف والتصوير والكتابة والشعر ومهارات برامج الكومبيوتر.ننصح بعمل مجموعات صغيرة لمواهب المخدومين وعدم وضع كل المخدومين في فئة واحدة لضمان تفاعل الجميع مع تقدير مواهبهم وتنميتهم والله الذي غُلِب من محبته، وأتى إلى محبوبه الإنسان، وعاش حياته ليرفعه إليه، قادر أن يشرق فينا الأفكار النورانيه القادرة أن تنزل إلى عمق حياة المخدومين وتلمس احتياجاتهم لترفعهم إليه، وتجذبهم وتربطهم برباطات محبته، وهو الضامن لخلاصهم، ويحفظ سلامهم وحياتهم بلا عيب، وليبارك في القليل الذي عندنا. القمص أنطونيوس فهمى - كنيسة القديسين مارجرجس والأنبا أنطونيوس - محرم بك
المزيد
20 يونيو 2021

الروح القدس المعزى

فِى هذا اليوم المُبارك ياأحبائىِ الّذى تحتفِل بهِ الكنيسة بِحلول الروح القُدس على الكنيسة كُلّها هو نُقطة الإِنطلاق بعد أن أكمل ربنا يسوع كُلّ تدبير الفِداء ، وبعد أن تجسّد وقام وصعد 0 مزمور العشية مز٥٠ :١٢ امنحنى بهجة خلاصك وبروح رئاسى عضدنى انجيل العشية يو٧ :٣٧ فى العيد الكبيرمن يعطش فليقبل الىّ ليشرب من يؤمن بى كما قال الكتاب تجرى من بطنه أنهار ماء الحياة قال هذا عن الروح القدس الذى كان المؤمنون به مزمعين أن يقبلوه. مزمور باكر مز١٠٣ :٢٨ ترسل روحك فيخلقون انجيل باكر يو١٤ :٢٦ متى جاء المعزى الروح القدس.. لو كنتم تحبوننى لكنتم تفرحون بأنى أمضى الى الآب البولس ١كو١٢ أما من جهة المواهب الروحية ليس أحد يقدر أن يقول يسوع هو الرب إلا بالروح القدس فأنواع مواهب موجودة ولكن الروح واحد. الكاثوليكون ١يو٢ :٢٠ أما انتم فلكم مسحة من القدوس وتعرفون كل شئ الابركسيس أع٢ :١ -١٢ فلما حضر يوم الخمسين وكان الجميع معاً بنفس واحدة وصار فى السماء بغتةً صوت كصوت الريح العاصفة وملأ كل البيت حيث كانوا جالسين وظهرت لهم ألسنة منقسمة مثل النار واستقرت على كل واحد منهمفكان لابُد أن يمكُث مع الكنيسة إِلى الأبد ويُرافِق الكنيسة فِى كُلّ عمل ، فوجود ربّ المجد يسوع بالكنيسة صار شىء أساسىِ بالنسبة لهل ، فلا تقدِر أن تستغنى عنهُ أبداً ، وبعد أن قام إِفتقد الكنيسة وإِبتدأ يظهر ويُثّبِت الكنيسة ولكِن هُنا وجدنا ربنا يسوع يقول شىء عجيب جداً " أنّهُ خير لكُمْ أن أنطلِق " ، كيف يارب فهذا صعب جداً علينا ، " أنّهُ خير لكُمْ أن أنطلِق لأنّهُ إِن لمْ أنطلِق لا يأتيكُم المُعزّىِ "( يو 16 : 7 ) ، " ومتى جاء ذاك يُبكّت العالمْ على خطيّة وعلى بِر وعلى دينونة " ، وإِبتدأ يتكلّم عن عمل الروح القُدس فينا ، فهو بيضعنا فِى إِختيارين 00فمُمكِن أن أظِل معكُم كإِله مُتجسِّد ولكِن إِن مضيت فأنا سأحِلّ بروحىِ فِى كيان كُلّ أحد وهذهِ هى العطيّة العظيمة التّى ستأخُذها الكنيسة بِنعمة ربنا أُريد أن أتكلّم معكُم فِى نُقطة واحدة وهى أنّ الروح القُدس إِسمه المُعزّىِ0 المُعزّى :- " يأتيكُمْ المُعزّى "وهُنا فِى أول الإِنجيل الّذى قُرِأ يقول " ومتى جاء المُعزّىِ "، فما معنى المُعزّى ؟! يعنىِ يسنِد يعنىِ يرشِد يعنىِ يفرّح يعنىِ يرفِع الحُزن عن الإِنسان ، عِندما يكون إِنسان فِى ظروف صعبة أو فِى تجرُبة مُرّة أو عِندهُ حالة وفاة ، فالإِنسان عِندما تحدُث حالة وفاة يقول أنا ذاهِب لأُعزّىِ ، أى لأُخفّف عنهُ الحِمل ، الروح القُدس هو المُعزّىِ ، فالتعزية هى دور الروح القُدس ، فهو الّذى يرفع عنّا الهم والضيق فهو إِسمهُ " الباراقليط " لِذلك ما أروع وما أجمل الروح القُدس ياأحبائىِ ، فهو الّذى يُعزّىِ النفوس الحزينة والنفوس المكسورة والُمكتئبة ، ربنا يسوع يعرِف أنّ طريقنا طويل ، والباب ضيّق ، ويعرِف أنّ الطريق كرب ، وستواجِهنا ضغوط كثيرة ، مِن الجسِد ومِن المُجتمِع ، فمُمكِن أن نواجِه الفشل ، مُمكِن أن نواجِه الحُزن ، ولكِن ما الّذى يرفع كُلّ هذا ؟ الروح القُدس هو الّذى يفتقِد الإِنسان بِمسرّات روحه فهل فِى مرّة حدث أننّا كُنّا نُصلّىِ ووجدنا أنفُسنا فرحانين ، مسنودين ، فرح غير فرح العالمْ ، فهو العامِل فينا الآن ، هو عزاءنا وهو قوّتنا هو فرحنا هو الّذى يُطمِئن ويحمِل البُشرى السعيدة للإِنسان ، فعندما يكون طالب فِى إِمتحان فنجِد أُسرتهُ تسنِدهُ وتُطمئنهُ ، وهذا هو عمل الروح القُدس الّذى يُعطىِ الرجاء ، ويُعطىِ السِند ، ويُعطىِ الأمل ، وبِدون هذا المُعزّىِ نخور فِى الطريق ، والضيقات تهزِمنا ، فهو الّذى يجعِل الطريق سهل ، ويجعلنا نُفطِم عن مسرّات العالم وذلك لأننّا وجدنا مسرّة أجمل فنُفطِم عن البشر ويُشبّه الروح القُدس بالماء ، فالماء هو الّذى يُحولّ الصحراء إِلى جنّة ، " سواقىِ الله ملآنة ماء " ، عمل الله غزير جداً كثيراً ما يمُرّ كُلّ واحِد فينا بِفترة جفاف فِى حياته ولو تلامس مع الروح القُدس يكون مِثل الأرض العطشانة التّى ترتوىِ مِن الماء ، ولِذلك يقول داود النبىِ فِى المزمور " صارت نِفَسىِ أمامك بِلا ماء " ، فتتحّول صحراء نفوسنا إِلى أرض مملوءة بالأثمار ، الروح القُدس يرفع عن الإِنسان روح الفشل وروح الضعف فكثيراً ما عدو الخير بِيجعل الإِنسان يشعُر أنّهُ مُستحيل أن يُكمِل الطريق ، ويشعُر أنّ نفسه ضعيفة ، فالروح القُدس بِينقِل النِفَس مِن روح الفشل إِلى روح القوّة وروح النُصرة فموسى النبىِ أرسل جواسيس لأرض الميعاد ، وهى الأرض التّى كانوا يتمنوها فهى التّى تفيض لبناً وعسلاً ، فأرسل 12 رسول فأتوا وهُم معهُم مِن أثمار الأرض وذهبوا بِها إِلى بنىِ إِسرائيل ، فالناس فرِحت جداً ، ووجدوا أنّ 10 مِن ألـ 12 بيقولوا لهُم أنّ الأرض تأكُلّ سُكاّنها وليس لها أمان ، معقول بعد 40 سنة نجِدها تأكُلّ سُكّانها ! وقالوا لهُم أيضاً نحنُ وجدنا بنىِ عِناق وهُم عماليق ، مُحترفىِ حرب ، وهؤلاء ألـ 10 أشاعوا مذّمة الأرض ، فالناس ثارت ، والعجيب أنّ الكِتاب المُقدّس يُحدّثنا عن موقف يشوع وكالِب فهُم أسكتا الشعب وقالوا لهُم " أنّها أرض جيّدة جداً جداً ، إِن سُرّ الرّبّ أن يُعطيها لنا " ، ويقول الكِتاب أنّهُ كان معهُم" روح آخر " وهو روح الله المُعزّىِ ، فهو الّذىِ كان رافعهُم فوق مستوى الضعف وفوق الرؤية البشريّة المملوءة صعوبة كثيراً ما تحزن النِفَس وتتضايق عِندما تواجِه صِعوبة الطريق ، فنحنُ مُحتاجين أن يكون معنا روح آخر ، الروح المُعزّىِ وهو الروح الّذىِ إِستودعهُ فِى الكنيسة وجعلهُ مِسحة ثابِتة فينا ، كثيراً ما نُصاب بِحُزن ياأحبائىِ وتكون نفوسنا صغيرة ، ولكِن الروح يُحِب أن يرفعها فوق مستوى الضعف فنوح وهو فِى الفُلك أرسل حمامة لِكى يعرِف أحوال الأرض ، وكان نوح بِيسمع أصوات مُرعِبة ، وهى أصوات الناس الّذين خارِج الفُلك لأنّهُم بيواجهوا الموت ، وبعد أن أرسل الحمامة رجعِت إِليهِ لأنّها لمْ تجِد مكان تقِف عليهِ ، ثُمّ أرسل غُراب ولمْ يرجِع لأنّهُ يُحِب الجُثث الميّتة ، ثُمّ أرسل حمامة فأتت وهى معها غُصن زيتون ، فهى التّى أعطتهُ حياة ، وهى العزاء والسِند ، وعِندما يراها يفرح ، وعرِف أنّ الحياة قد عادت مرّة أُخرى ، وقد إِقتبلها ربّ المجد يسوع على الأرض وعاد وقبلها فِى نفسهِ فالعزاء هو الحياة التّى تدُب فينا وسط الموت ، وهو الندى ، فربنا يسوع عارِف إِحتياجاتنا ولِذلك قال أُرسِل لكُم المُعزّىِ فيُعطىِ أمل وفرح وإِطمئنان ، مسكين الإِنسان الّذى يلتمِس عزاء مِن الأرض ، مسكين الإِنسان الّذى يظُن أنّ المال أو الشهوة أو حياة اللهو هى التّى يُمكِن أن تُعطيه عزاء ، ولكِن هذا مُستحيل لأنّ الروح سخىِ يُريد أن يُعطىِ كُلّ نِفَس رجاء وعزاء فوق كُلّ مستوى بشرىِ والنِفَس التّى ذاقت هذا العزاء فإِنّها تستهين بأى عزاء أرضىِ بشرىِ ، فما سرّ فرحة الشُهداء وفرحة الرُهبان رغم أنّ مظهرهُم لا يوحىِ بالسعادة ؟ ولكِن هُم معهُم روح آخر وهو الّذى يسندهُم ويُفرّحهُم ، فالحل هو مع الروح القُدس وهو المُعزّى ، وهذا هو الّذى أنا مُحتاج إِليهِ ، فيجِب أن أتودّد إِليهِ لِيحلّ فىّ ، فالعزاء الّذى يحتاج إِليهِ الإِنسان جداً هو الروح القُدس ، ويجعل الإِنسان يشعُر فِى مُمارسته الروحيّة أنّهُ مسنود ومتعزّىِ ، وعِندما يُصلّىِ يشعُر أنّهُ فِى حضرة الله ومتعزّىِ ويخرُج وهو محمول على أجنحة الروح ، فهذا هو العزاء فالروح القُدس هو الّذى غيّر الضعف البشرىِ الّذى فِى أنفُسهُم وجعلهُم جبابِرة وجعلهُم لا يصمُتوا عن الشِهادة لله ، فالروح القُدس المُعزّىِ هو الّذى حلّ على الكنيسة مِثل ألسِنة نار تحرِق كُلّ ضعف ، فهذا هو عمل الروح القُدس فِى الكنيسة ومِن الرموز الجميلة عن الروح القُدس فِى الكِتاب المُقدّس وهى عِندما أراد أبونا إِبراهيم أن يُزّوِج إِبنهُ إِسحق فأرسل لِعازر الدمشقىِ ليختار زوجة لإبنهِ إِسحق ، فقال أنا سأأخُذ مَنْ لها علامة مِن الله ، ومَن يُرشِدهُ الله لها ، فصلّى ، وذلك لأنّها مُهمّة صعبة ، فربنا قال لهُ أنّ مَنْ تسقىِ جِمالك وتُسقيك وتخدُمك بِهمّة ونشاط تكون هى ، فوجِد رِفقة بِتسقيه وتُسقىِ جِماله بِنشاط وليس هذا فقط بل قالت لهُ يوجِد عِندنا تِبن للجِمال ، فتأكّد أنّها هى ، وطلبها مِن والِدها ، وكلّمهُم عن إِسحق وأقنعهُم وأخذها معهُ ، وهو فِى الطريق كان يُكلّمها عن إِسحق لأنّ إِسحق بالتأكيد غير معروف عِندها ، فمَنْ الّذى عرّف رِفقة بإِسحق ؟ لِعازر الدمشقىِ ، يُقال أنّ لِعازر هو " الروح القُدس " الّذى يخطُب النِفَس بالله ويُعرّف النِفَس بالله ، ورِفقة أكيد مُتعلّقة ببيت أبيها وأكيد بتفكّر فِى إِخواتها وكُلّما تسمع عن إِسحق يحدُث لها إِنسحاب تدريجىِ نحو إِسحق ، فعمل الروح القُدس هو أنّهُ يسحبنا مِن مشاعرنا ويسحبنا مِن رباطتنا ويُدخِلنا فِى عهد زيجىِ جديد فكُلّما تصغُر نفسىِ وأشعُر أنّ مشوارىِ صعب علىّ وأحسّ إِنّىِ سأُحرِم مِن أمور أحبّها وأنا فِى طريقىِ مع ربنا ، فربنا يقول لىِ : أنت ستأخُذ أضعاف أضعاف ، ستأخُذ حياة أبديّة ، وستأخُذ مجد فِى السماء والأرض فالروح القُدس هو الّذى يُعطينا العِوض ، ولِذلك قال ربّ المجد يسوع " إن أحبّ أحد أباً أو أُماً أو إِخوة أكثر منّىِ فلا يستحقنىِ " ، فنقول لهُ يارب إِنّ هذا الكلام صعب جداً ، فيقول لك ربّ المجد إِن لمْ أكُن قد أعطيتك الروح القُدس لكان هذا الكلام صعب ولكِن الروح القُدس هو الّذى يجعلك لىِ فاليوم هو يوم نُصرة ويوم فرحة ، ربنا ملك علينا عِندما أرسل روحه لِكى يكون روحه فينا ونكون ورثة ، ما أجمل النِفَس التّى تعرِف ما الّذى ستأخُذهُ بِعشرتها معهُ ، فأنا مُمكِن أن أكون محدود فِى فضيلتىِ ، ولا أقدِر أن أنفّذها ، ولكِن ربنا يقول عن الروح القُدس أنّهُ " يأخُذ ممّا لىِ ويُعطيكُم "ربنا يسوع الّذى أرسل روحه القُدّوس على تلاميذهُ الأطهار لازال يُرسِل روحه على كنيستهُ مِثل ألسِنة نار فيُعطينا تقديس وإِرشاد ربنا يُثّبت روحه فِى أرواحنا ويسنِد كُلّ ضعف فينا بنعمتهُ ولإِلهنا المجد دائماً أبدياً آمين0 القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا أنطونيوس محرم بك
المزيد
18 يونيو 2021

عمل الروح القدس

الأسبوع الأخير من رحلة الخماسين المقدسة والكنيسة أمامها يومان وتستقبل أغلى عطية وأعظم هدية تعطى لها وهي الروح القدس لذلك تقرأ علينا الكنيسة موقف عندما وقف ربنا يسوع في يوم عيد وقال داخل الهيكل ﴿ من آمن بي كما قال الكتاب تجري من بطنه أنهار ماء حي ﴾ ( يو 7 : 38 ) بالطبع كان الناس يفهمون الكلام حرفي فيقولون كيف تجري من بطنه أنهار ماء حي ؟ قد نقول قليل ماء لكن أنهار ماء ؟ بالطبع كان ربنا يسوع يتكلم عن الروح القدس المتدفق من الداخل فيقول ﴿ تجري من بطنه أنهار ماء حي ﴾ واضح أنها عبارة ليس المقصود بها المعنى الحرفي لأنه كيف تجري من بطنه أنهار ماء حي ؟ ﴿ قال هذا عن الروح الذي كان المؤمنون به مزمعين أن يقبلوه ﴾ ( يو 7 : 39 ) هذا حال الكنيسة الآن نحن مزمعين أن نقبل الروح القدس فتقول الكنيسة نحن نقبل الروح القدس كأنهار ماء حي متدفق داخلنا نحن كثيراً نفتقد معنى الروح القدس كثيراً ما لا يكون لنا وعي بالروح القدس كثيراً ما تكون كلمة الروح القدس كلمة مجهولة بالنسبة لنا ما معنى الروح القدس ؟نحن نسمع عن الآب ونعرف الإبن أما الروح القدس فلا نسمع عنه أبداً الآن نريد أن نتعرف على الروح القدس في وقت بسيط جداًما هو الروح القدس ؟ عمل الروح القدس :- إن أردت أن تعرف الروح القدس فهو له أربعة مهام في الإنسان كعطية أعطاها الله له :- 1- الروح القدس يقدس :- أنا محتاج للتقديس أنا داخلي أمور دنسة أفكاري دنسة كلامي ردئ خيالاتي رديئة نيتي رديئة ودوافعي للقداسة بطيئة وبليدة لأن هناك عوائق كثيرة تمنع هل تريد أن تتقدس ؟ لن يقدسك سوى الروح القدس هنا عمل الروح القدس داخل النفس الروح القدس مسئول عن تقديس النفس أول شئ يعمله الروح القدس داخلك هو أن يقدسك كل من خضع للروح القدس نال تقديس وكل من خضع للروح القدس نراه يعمل أعمال قداسة تفوق طاقة البشرلماذا تفوق طاقة البشر ؟ لأنها عمل الروح القدس فيه الروح القدس أعطاه طاقة قداسة أعلى بكثير من الطاقة البشرية لأنه قد تجد شخص طيب القلب لا يحب الكذب له أخلاقيات جيدة وذلك لأنه تربى على ذلك لكن الروح القدس لا يجعل الإنسان مجرد شخص له صفات تربى عليها ومؤدب لا الروح القدس هو روح قداسة ترى الفرق واضح بين شخص مؤدب بحسب المقومات الإجتماعية وشخص قديس مهما كان الشخص مؤدب إلا أنك لا تعرف ما بداخله إلا أنه له ضعفات ألا أنه قد ينقلب الضد الإنسان الذي داخله روح قداسة يعمل أعمال فائقة فتجد عنده حب بلا حدود عنده عطاء بلا حدود بر بلا حدود ما سر ذلك ؟ ما سر قداسة القديسين ؟ الروح القدس المهم أنهم خضعوا له هم خضعوا له وهو شكلهم فصاروا قديسين لأن إسمه روح القداسة إن أردت أن تتقدس فليس لك وسيلة إلا الروح القدس لذلك ربنا يسوع المسيح أعطانا هذه الهدية التي تقدسنا عندما يسكن روح ربنا داخلي فهو المسئول عن قداستي الروح القدس يقدس يطهر يشفي الروح القدس عمله داخل النفس يحرق أشواك الخطايا يحرق نيران الشهوة الملتهبة هو يلتهمها ويحولها لنيران القداسة وبدلاً من أن تكون داخل الإنسان طاقات غضب تصير طاقات قداسة وبدلاً من أن تكون داخله طاقات كره تصير طاقات حب هذا هو عمل الروح القدس الذي أرسله الله ليعمل في الإنسان لأن الله يعرف طبع الإنسان فأعطاه الروح القدس ليقدسه ويخلص به هل تريد أن تتقدس ؟ لا تقديس خارج الروح القدس لذلك إن كانت هناك خطية أتعبتك أطلب من روح ربنا أن يعطيك نعمة كي تغلبها أطلب من روح ربنا أن يعطيك قوة لتطهيرك من هذه الخطية . 2- الروح القدس يصلي :- فرق بين إنسان يردد كلمات بشفتيه وآخر يصلي كواجب وثالث يصلي كروتين وإنسان يصلي بالروح أي لا يشعر بمن حوله ولا يشعر بالزمن وكلماته ليست بنتاج فكر عقلي أحياناً عندما نصلي نفكر ماذا نقول هذه ليست صلاة بالروح هذه صلاة عقل أي يفكر ويتكلم هذه أيضاً صلاة جيدة نعم ليتنا نقف أمام الله ونطرح أفكارنا لكن توجد صلاة بالروح وهي الأجمل هي التي تبدأ عندها الصلاة تكلم بالروح لذلك بولس الرسول يقول ﴿ لأننا لسنا نعلم ما نصلي لأجله كما ينبغي ولكن الروح نفسه يشفع فينا بأنات لا ينطق بها ﴾ ( رو 8 : 26 ) أي الروح ينخس فيك يشفع فيك الروح يشهد لك وينطق فيك ويحركك هذا عمل الروح القدس في النفس أنه يصلي صلي بالروح عندما تقف أمام الله أطلب من الروح القدس أن يرشد ذهنك للصلاة وينطق فيك بكلمات الصلاة هو يتكلم فيك لذلك هناك فرق بين صلاة الروح والصلاة العقلية وصلاة الشفتين الصلوات مراحل :- مرحلة الشفاه أي نطق بدون عقل مجرد كلام ألا يحدث معك ومعي أن نقول* إرحمني يا الله كعظيم رحمتك * ونفاجأ أننا أنهيناها ؟ لماذا ؟ لأننا نقول بالشفاه دون العقل . وحد عقلك بشفتيك وهي مرحلة تقول فيها الصلاة وأنت تعي وتفهم ما تقول . وحد عقلك مع شفتيك مع قلبك وهذه مرحلة أجمل . وحد عقلك وشفتيك وعقلك بمساندة الروح القدس وهذه هي الأجمل هنا تبدأ الصلاة هنا تشعر أنك لا ترى ما حولك لكنك ترى كل ما هو روحي هنا تركز في الصلاة ولا تنتبه لأي تأثير خارجي هنا تبدأ الصلاة بالروح . أدعوك أن تصلي بالروح أن تقف لتصلي أرجو يكون لوقفة الصلاة تقديس وزمن واهتمام لن نصلي أبداً إن لم نعطي الصلاة إهتمامنا ما الذي يجعل الإنسان ضعيف إنسان ساقط إنسان مهزوز إنسان مهزوز في سلوكياته وإيمانه ؟ لأنه لم يأخذ قوة من الأعالي لذلك عندما يرى شئ يسلك بطبعه البشري والطبع البشري يميل للشراسة يميل للشهوة يميل للذات هذا هو الطبع البشري لكن عندما يتحد بالله يتقدس بالروح ويصلي بالروح . 3- الروح القدس يرشد :- قال ﴿ يرشدكم إلى جميع الحق ﴾ ( يو 16 : 13)﴿ يذكركم بكل ما قلته لكم ﴾( يو 14 : 26 )ما أجمل الإنسان الذي يسلك بالروح ؟ الكتاب يوصينا أن ﴿ أُسلكوا بالروح ﴾( غل 5 : 16) أي سلوكياتي تكون محاطة بتأييد الروح القدس أن أشعر أن حياتي ومشورة نفسي كلها مسلمة للروح القدس﴿ الذين ينقادون بروح الله فأولئك هم أبناء الله ﴾ ( رو 8 : 14) ما أجمل إنسان مثل بولس الرسول الذي عندما أراد أن يذهب لمدينة قال﴿ منعنا الروح ﴾عندما يريد أن يذهب لمدينة ليكرز بها يقول له الروح القدس لا لتظل هنا أنا لي أناس كثيرون في هذه المدينة وقد كان يريد أن يظل في كورنثوس شهر لكن الروح جعله بها سنة ونصف الروح القدس ألزمه لذلك يقول الروح القدس للتلاميذ ﴿ إفرزوا لي برنابا وشاول للعمل ﴾( أع 13 : 2 )الروح القدس يرشد ويقود ويقول للإنسان ما يفعل وما لا يفعل هل أنا سالك بمشورة الروح ؟ هل مشورة الروح هي التي تهديني أم مشورة فكري ؟ الروح القدس يرشد وعمله هو أن ينير الطريق الذي به مخافة الله عمله أن ينبه لما هو صحيح وما هو خطأ لذلك يجب أن ينقاد الإنسان لروح الله وليس بفكره أو رأيه الروح القدس عمله هو أن يوبخ الإنسان على الشئ الردئ ويشجعه على الشئ الجيدعمله هو أن يرشد هناك كثير من الأمور كما يقول عنها معلمنا بولس ﴿ الأمور المتخالفة ﴾ ( رو 2 : 18) أي أمور محيره هل أفعل هذا الشئ أم لا ؟ هل أذهب لهذا المكان أم لا ؟ هل أسافر أم لا ؟ أمور قد لا أستوعبها جيداً وبالتالي لا أعرف لها قرار من يرشد إذاً ؟ الروح القدس هو الذي يرشد لذلك يسمى * روح المشورة * يشير عليك بقوة أن تفعل هذا ولا تفعل ذاك ما أجمل إنسان يعيش بمشورة الروح القدس ويسلك في أمان لأنه لم يتكل على رأيه الشخصي أو ذكائه بل يتكل على روح الله ما أجمل روح الله عندما يقود الإنسان يعرفه كل شئ في أحد المرات كان طيار يقود طائرته في رحلة وأثناء القيادة تعرض لأمر غريب فجأة أصيب بإنفصال شبكي مفاجئ ووجد نفسه لا يرى شئ أمامه ماذا يفعل ؟ إتصل بالقاعدة التي يتبعها وقال لهم أنه صار أعمى لا يرى فقالوا له إفعل ما نقوله لك وكان يحفظ لوحة المفاتيح فكانت القاعدة ترشده لأي مفتاح يضغط وهو يعمل ما يقولونه له إضغط على المفتاح الأول ثم المفتاح الثاني أنر المفتاح الثالث وهكذا أرشدوه حتى آخر خطوة وهو يسمع لهم حتى هبطت الطائرة بسلام وقالوا له نحن ننتظرك بسيارة إسعاف من هذه القصة ليتنا نفعل ذلك في حياتنا لا نفعل أي خطوة إلا بمشورة الله لا نُقدم على شئ إلا بمشورة الروح القدس هو الذي يرشد ويقود يقول يمين يمين يقول يسار يسار قل له أنا أعمى فقد قدت نفسي في أمور كثيرة فوجدت نفسي كثيراً ما أسقط وكثيراً ما أذِل إتبعت مشورتي وهواي وكانت النتيجة رديئة أريد الآن أن أتبعك أنت عمل الروح القدس هو أن يرشد هو يعرف كيف يميز الأمور عمله في الإنسان أن يقود ويرسم له الطريق . 4- الروح القدس يعزي :- الطريق طويل وكرب الطريق به أتعاب كثيرة الطريق به ضيقات كثيرة الطريق لا يسير بطريقة ثابتة ليس مستقيم بل به منحنيات ومرتفعات قد يتعب الإنسان وهو سائر في طريق الملكوت قد يضعف وقد يفتر ولا يريد أن يكمل المسير قد يقلق أو يخاف أو قد يقول ماذا سأنال من كل هذا التعب ؟ ماذا يفعل الروح القدس هنا ؟ يعزي يقول لك لا تخف كما تقول كلمات تشجيع لأولادك أثناء الإمتحانات هكذا الروح القدس المعزي يقول لك لا تخف أنت تسير في الطريق الصحيح وقد قطعت كثير من الطريق إنتبه أن المكافأة جميلة يعطي تعزيات التعزية هي فعل نعمة هي فعل فوقاني هي مساندة سماويةهذه التعزية من المسئول عنها ؟ الروح القدس لذلك يسمى * الروح المعزي * عندما يكون إنسان في ضيقة أو فقد أحد أحبائه تقول أنا ذاهب لأعزيه ماذا تعني كلمة * أعزي * ؟ أي أقول له أنك إن كنت قد فقدت شخص غالي عليك فنحن كلنا بجانبك أقول له كلمات تشجيع وأفرحه بأن هذا الفقيد في السماء الآن ونحن كلنا غرباء من الذي يعزينا في غربتنا الصعبة التي نحياها الآن على الأرض ؟ الروح القدس يقول لك لا تخف نعم الأحزان كثيرة لكن الأفراح تنتظرك نعم أنت تتعب هنا لكن المكافأة عظيمة هناك ولأني أعرف أنك شخص مادي بعض الشئ فبدلاً من أن أعدك بتعزيات سماوية فقط لا أنا لابد أيضاً أن أعطيك تعزيات على الأرض وأربطك بيَّ أعطيك عزاء على الأرض أعطيك سلام وهدوء وفرح أعطيك عربون عزاء الأبدية هذا هو الروح القدس يوجد تشبيه لطيف عن أليعازر الدمشقي الذي ذهب ليخطب لأبينا إسحق قال له أبونا إبراهيم لا تخطب لأبني من بنات الأرض إذهب لأهلي وعشيرتي واخطب له من هناك فقال أليعازر يارب هذه مهمة صعبة كيف أخطب لإبن سيدي ؟ ثم قال التي أقول لها إسقيني فتقول أسقيك وأسقي جمالك تكون هي من إختارها الرب لإسحق ( تك 24 : 14) فوجد رفقة تقول له أسقيك وأسقي جمالك ولك مكان مبيت عندنا فقال هذه من الله وكلم أبيها وخطبها لإسحق وألبسها الذهب وأخذها وحدها معه ليعطيها لإسحق زوجة وسار بها في الطريق أريدك أن تتخيل أن رفقة خائفة تقول لقد تركت أهلي وشعبي وأسير إلى رجل لا أعرفه من الذي يطمئنها لإسحق ؟ أليعازر يقول لها لا تخافي إسحق إنه طيب القلب ومؤدب جداً سخي جداً وغني جداً مادامت رفقة في رحلة غربتها أليعازر يطمئنها ويعزيها هذا هو عمل الروح القدس الروح القدس أتى للعالم ليخطبنا لله ولكن حتى نصل لله الطريق طويل والرحلة شاقة فيعزينا طول الطريق ويقول عريسك جميل عريسك غني وسخي عريسك محب متواضع وديع يعطيك صفات فيه تطمئنك ويزينك ويغدق عليك بالعطايا كما فعل أليعازر لرفقة ألبسها أقراط ذهب * أقراط * أي أشياء جميلة وثمينة وغالية في كل جسدها في أنفها وعنقها ويديها وأرجلها و عمل الروح القدس يعزي يعزينا طوال هذا الطريق الكرب الضيق المملوء أتعاب يقول لنا إطمئنوا لا تخافوا توجد مكافأة والمسيح ينتظركم نعم إن العالم به مسرات ومكاسب وغنى أرضي وشهوات من يعزيني عن فقدان كل هذه الأمور ؟ الروح القدس يجعلني أدوس على كل هذا بغنى وعز لماذا ؟ لأن معي الأجمل والأغلى معي من يعزيني عن أي شئ مفقود فلا أشعر أن نفسي تميل لأي شهوة في العالم لأن الروح القدس قد ملك على رغباتي عمل الروح القدس أنه يفطم الإنسان عن مسرات العالم ويغدق عليه بمسرات روحية هذا عمل الرح القدس المعزي ما الذي يجعل أحد القديسين يعيش فوق قمة جبل أو في مغارة ؟ ما الذي يجعله يترك كل مسرات العالم ؟ ما الذي يجعله يعيش بدون أسرة وزوجة وأولاد وأحباء ؟الروح القدس الذي ملك على كيانه وعزاه ومادام قد عزاه فهو ليس بحاجة لشئ لذلك نحن مقصرين جداً في حق الروح القدس نحن ليس لنا عشرة عميقة مع الروح القدس في حين هو روح الله الذي إستودعنا إياه لنضع أنفسنا في مقارنة هل يكون المسيح معنا أم الروح القدس ؟ كلنا سنختار أن يكون المسيح معنا لكن المسيح نفسه إختار لنا غير ذلك قال سأعطيكم الأفضل قد لا نصدق أنفسنا لكننا نصدق المسيح يسوع ما هو الأفضل يارب أن نظل معك أم تتركنا ؟ يقول خير لكم أن أنطلق( يو 16 : 7 ) لماذا ؟ لأني إن ظللت معكم لن أعطيكم الروح القدس لذلك الكتاب يقول﴿ قال هذا عن الروح الذي كان المؤمنون به مزمعين أن يقبلوه لأن الروح القدس لم يكن قد أُعطي بعد لأن يسوع لم يكن قد مجد بعد ﴾ مجد بعد أي صلب لأن الروح القدس هو ثمرة من ثمار الصليب في حياتنا لذلك ليتنا نتودد للروح القدس ونطلب منه كثيراً ما أجمل آبائنا الذين علمونا قائلين صلوا قطع الروح القدس بعد كل قطع الأجبية أي بعد أن نقول قطع باكر نقول ﴿ أيها الملك السمائي المعزي روح الحق ﴾ أيضاً بعد قطع صلاة الغروب من أين أخذوا هذا الأمر ؟ من أن الروح القدس حل في الساعة الثالثة لكن هل حل في نصف الليل ؟ الكنيسة تضع قطع الروح القدس في صلاة نصف الليل إذاً يجوز إنها تقال في أي وقت لأن طلبة الروح لابد أن تكون طلبة متجددة الذي يعرف قيمة الروح القدس يظل دائماً يقول ﴿ هذا لا تنزعه منا أيها الصالح لكن جدده في أحشائنا ﴾ توقع الروح القدس إنتظر الروح أسلك بالروح وعمل الروح القدس داخلنا لا نريد أن ننساه يقدس يصلي يرشد يعزي ربنا يعطينا نعمة الروح ونكون مستحقين لها ويكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته له المجد دائماً أبدياً آمين القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا أنطونيوس محرم بك
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل