المقالات

08 ديسمبر 2019

شَرِيعِة مُدُن الْمَلْجَأ

وَمِنْ هذِهِ التَّدَابِير الرَّائِعَة شَرِيعِة مُدُنْ الْمَلْجَأ الَّتِي نَوِدْ أنْ يَقُودَنَا رُوح الله فِي رِحْلَة هَادِئَة مَعَهَا لِنَتَعَرَّفْ عَلَى أهْدَافْهَا وَمَقَاصِدْهَا وَبَرَكَاتْهَا وَلاَبُدْ أنْ نَأخُذْ فِكْرَة أوَّلاً سَرِيعَة عَنْ هذِهِ الشَّرِيعَة مِنْ خِلاَل الإِطِّلاَع عَلَى هذِهِ الأجْزَاء المُقَدَّسَة( تث 19 ؛ يش 20 ؛ عد 35 ){ مَتَى قَرَضَ الرَّبُّ إِلهُكَ الأُمَمَ الَّذِينَ الرَّبُّ إِلهُكَ يُعْطِيكَ أَرْضَهُمْ وَوَرِثْتَهُمْ وَسَكَنْتَ مُدُنَهُمْ وَبُيُوتَهُمْ تَفْرِزُ لِنَفْسِكَ ثَلاَثَ مُدُنٍ فِي وَسَطِ أَرْضِكَ الَّتِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ لِتَمْتَلِكَهَا تُصْلِحُ الطَّرِيقَ وَتُثَلِّثُ تُخُومَ أَرْضِكَ الَّتِي يَقْسِمُ لَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ فَتَكُونُ لِكَيْ يَهْرُبَ إِلَيْهَا كُلُّ قَاتِلٍ . وَهذَا هُوَ حُكْمُ الْقَاتِلِ الَّذِي يَهْرُبُ إِلَى هُنَاكَ فَيَحْيَا . مَنْ ضَرَبَ صَاحِبَهُ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَهُوَ غَيْرُ مُبْغِضٍ لَهُ مُنْذُ أَمْسِ وَمَا قَبْلَهُ وَمَنْ ذَهَبَ مَعْ صَاحِبِهِ فِي الْوَعْرِ لِيَحْتَطِبَ حَطَباً فَانْدَفَعَتْ يَدُهُ بِالْفَأْسِ لِيَقْطَعَ الْحَطَبَ وَأَفْلَتَ الْحَدِيدُ مِنَ الْخَشَبِ وَأَصَابَ صَاحِبَهُ فَمَاتَ فَهُوَ يَهْرُبُ إِلَى إِحْدَى تِلْكَ الْمُدْنِ فَيَحْيَا لِئَلاَّ يَسْعَى وَلِيُّ الدَّمِ وَرَاءَ الْقَاتِلِ حِينَ يَحْمَى قَلْبُهُ وَيُدْرِكَهُ إِذَا طَالَ الطَّرِيقُ وَيَقْتُلَهُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ حُكْمُ الْمَوْتِ لأَنَّهُ غَيْرُ مُبْغِضٍ لَهُ مُنْذُ أَمْسِ وَمَا قَبْلَهُ . لأِجْلِ ذلِكَ أَنَا آمُرُكَ قَائِلاً ثَلاَثَ مُدُنٍ تَفْرِزُ لِنَفْسِكَ . وَإِنْ وَسَّعَ الرَّبُّ إِلهُكَ تُخُومَكَ كَمَا حَلَفَ لآِبَائِكَ وَأَعْطَاكَ جَمِيعَ الأَرْضِ الَّتِي قَالَ إِنَّهُ يُعْطِي لآِبَائِكَ . إِذْ حَفِظْتَ كُلَّ هذِهِ الْوَصَايَا لِتَعْمَلَهَا كَمَا أَنَا أُوصِيكَ الْيَوْمَ لِتُحِبَّ الرَّبَّ إِلهَكَ وَتَسْلُكَ فِي طُرُقِهِ كُلَّ الأَيَّامِ فَزِدْ لِنَفْسِكَ أَيْضاً ثَلاَثَ مُدْنٍ عَلَى هذِهِ الثَّلاَثَ . حَتَّى لاَ يُسْفَكَ دَمُ بَرِيٍّ فِي وَسَطِ أَرْضِكَ الَّتِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ نَصِيباً فَيَكُونَ عَلَيْكَ دَمٌ . وَلكِنْ إِذَا كَانَ إِنْسَانٌ مُبْغِضاً لِصَاحِبِهِ فَكَمَنَ لَهُ وَقَامَ عَلَيْهِ وَضَرَبَهُ ضَرْبَةً قَاتِلَةً فَمَاتَ ثُمَّ هَرَبَ إِلَى إِحْدَى تِلْكَ الْمُدُنِ يُرْسِلُ شُيُوخُ مَدِينَتِهِ وَيَأْخُذُونَهُ مِنْ هُنَاكَ وَيَدْفَعُونَهُ إِلَى يَدِ وَلِيِّ الدَّمِ فَيَمُوتُ لاَ تُشْفِقْ عَيْنُكَ عَلَيْهِ فَتَنْتَزِعَ دَمَ الْبَرِيِّ مِنْ إِسْرَائِيلَ فَيَكُونَ لَكَ خَيْرٌ }( تث 19 : 1 – 13) نَجِدْ أنَّ الله يُدَافِعْ عَنْ الَّذِي يُقْتَل سَهْواً بِغَيْرِ عَمْدٍ أوْ بُغْضَه وَيَأمُر بِإِقَامِة مُدُن مَلْجَأ لِيَحْتَمِي فِيهَا فَأمَرَ الله مُوسَى بِإِقَامِة ثَلاَث مُدُن شَرْق الأُردُن وَأكْمَلَهُمْ يَشُوع بِثَلاَث مُدُن أُخْرَى غَرْب الأُرْدُن لِكَيْ يَحْتَمِي فِيهَا كُلُّ قَاتِل نَفْس سَهْواً وَبِغَيْرِ عَمْدٍ وَيَسْكُنْ فِي تِلْكَ المَدِينَة حَتَّى يَقِفْ أمَام الجَمَاعَة لِلقَضَاء وَلاَ يَخْرُج مِنْهَا إِلاَّ بَمَوْتِ الكَّاهِنْ العَظِيمْ ثُمَّ يَرْجِعْ إِلَى مَدِينَتِهِ وَبَيْتِهِ وَاهْتَمَّ الله أنْ تَكُون المُدُن مُوَزَعَة تَقْرِيباً عَلَى حُدُود مِسَاحِة الأرْض بِحَيْثُ تَكُون فِي وَسَطْ الأسْبَاط وَالطُّرُق المُؤَدِيَة إِلَيْهَا تَكُون مُصْلَحَة وَوَاضِحَة كَلِمَة " مَلْجَأ " تَأتِي مِنْ لَجَأَ وَلَجَأَ إِلَى الشِئ أوْ المَكَان أي إِعْتَصَمَ بِهِ وَلاَذَ بِهِ وَاسْتَنَدَ إِلَيْهِ وَالمَلْجَأ هُوَ المَلاَذْ أوْ المُعْتَصَمْ وَكَانَ تَوْزِيع مُدُن المَلْجَأ يَجْعَل مِنْ القَاتِلْ سَهْواً أنْ يَهْرَب إِلَى إِحْدَاهَا قَبْل أنْ يُدْرِكَهُ وَلِيِّ الدَّم( المُنْتَقِمْ ) وَكَانَ وَلِيِّ الدَّم فِي إِسْرَائِيل قَدِيماً هُوَ أقْرَب الذُّكُور إِلَى القَتِيلْ وَكَانَ مُلْتَزِماً بِأخَذْ الثَّأر لِقَرِيبُه المَقْتُول ( عد 35 : 19) وَمِنْ هُنَا كَانَ ضَرُورَة لِتَدَخُّل إِلهِي لِحِمَايِة القَاتِلْ السَهْو فَسَمَحَ الله وَدَبَّر بِإِقَامِة مُدُن المَلْجَأ وَهُنَا يَجِبْ أنْ نَدْخُلْ فِي عُمْق التَّدْبِير الإِلهِي لِنَعْرِف مَا هُوَ المَعْنَى الرُّوحِي لِمَدِينِة المَلْجَأ ؟ المَفْهُوم الرُّوحِي لِمَدِينِة المَلْجَأ :- سَفْك الدَّم :- فِي ( تك 9 : 6 ) نَجِدْ أبْنَاء نُوحٌ تُقَدَّم لَهُمْ وَصَايَا أنَّ مَنْ يَسْفِك دَم إِنْسَان يُسْفَكُ دَمَهُ إِنْتِقَاماً لِلدَّم وَلكِنْ فِي حَالِة سَفْك دَم خَطَأ وَلَيْسَ عَنْ عَمْد أوْ بُغْضَه أمَرَ الله بِإِقَامِة مُدُن مَلْجَأ يَحْتَمِي فِيهَا القَاتِلْ سَهْواً وَأوْصَى الله بِتَحْدِيدْ ثَلاَث مُدُن وَإِذْ كَانَ الشَّعْب إِقْتَرَبَ مِنْ الدُّخُول إِلَى أرْض المَوْعِدْ قَدَّم لَهُمْ تَوْجِيهَات بِإِقَامِة ثَلاَث مُدُن أُخْرَى بَعْدَ عُبُورِهِمْ الأُرْدُن .. { وَإِنْ وَسَّعَ الرَّبُّ إِلهُكَ تُخُومَكَ كَمَا حَلَفَ لآِبَائِكَ وَأَعْطَاكَ جَمِيعَ الأَرْضِ الَّتِي قَالَ إِنَّهُ يُعْطِي لآِبَائِكَ فَزِدْ لِنَفْسِكَ أَيْضاً ثَلاَثَ مُدْنٍ عَلَى هذِهِ الثَّلاَثِ حَتَّى لاَ يُسْفَكَ دَمُ بَرِيٍّ فِي وَسَطِ أَرْضِكَ } ( تث 19 : 8 – 10) الله يُرِيدْ أنْ يُوقِفْ تَيَار الدَّم لِذلِك حَدَّدٌ هذِهِ المُدُن وَأسْمَائِهَا وَمَوَاقِعْهَا وَشُرُوطْهَا هُنَا نَجِدْ مَجَالاً وَاسِعاً لِنِعْمَة الله الَّتِي سَمَتْ وَتَسْمُو دَائِماً فَوْقَ ضَعَفَات الإِنْسَان وَسَقَطَاتُه فَالله يَهْتَمْ بِالضُّعَفَاء حَتَّى أنَّهُ يَنْظُر إِلَى قَاتِلْ النَّفْس سَهْواً وَلاَ يَتْرُكَهُ بَلْ يُدَبِّر لَهُ مَلْجَأً يَحْتَمِي فِيهِ لِيَضْمَنْ سَلاَمَتِهِ وَأمْنِهِ . مُدُن المَلْجَأ ضِمْنَ مُدُن اللاَّوِيِيِّن :- وَلاَبُدْ أنْ نَعْرِف أنَّهُ حِينَ دَخَلَ الشَّعْب أرْض المِيعَاد تَمَّ تَقْسِيم الأرْض عَلَى الأسْبَاط أمَّا سِبْط لاَوِي فَلَمْ يُعْطِهِ مُوسَى نَصِيباً بِحَسَبْ وَعْد الرَّبَّ لَهُمْ .. { الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ هُوَ نَصِيبُهُمْ كَمَا كَلَّمَهُمْ } ( يش 13 : 33 ) وَبَعْدَ أنْ تَمَّ تَقْسِيمْ الأرَاضِي عَلَى الأسْبَاط أمَرَ الرَّبَّ إِعْطَاء اللاَّوِيِّين مُدُن خَاصَّة بِهِمْ لِيَسْكُنُونَ وَسَطْ الأسْبَاط وَحَدَّدْ لَهُمْ ثَمَانٍ وَأرْبَعُونَ مَدِينَة مَعَ مَسَارِحْهَا" أي المِسَاحَة الَّتِي حَوْلَهَا " ( يش 21 : 41 ) . وَصْف مُدُن المَلْجَأ :- { أَوْصِ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يُعْطُوا اللاَّوِيِّينَ مِنْ نَصِيبِ مُلْكِهِمْ مُدُناً لِلسَّكَنِ وَمَسَارِحَ لِلْمُدُنِ حَوَالَيْهَا تُعْطُونَ اللاَّوِيِّينَ فَتَكُونُ الْمُدُنُ لَهُمْ لِلسَّكَنِ وَمَسَارِحُهَا تَكُونُ لِبَهَائِمِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ وَلِسَائِرِ حَيَوَانَاتِهِمْ . وَمَسَارِحُ الْمُدُنِ الَّتِي تُعْطُونَ اللاَّوِيِّينَ تَكُونُ مِنْ سُورِ الْمَدِينَةِ إِلَى جِهَةِ الْخَارِجِ ألْفَ ذِرَاعٍ حَوَالَيْهَا فَتَقِيسُونَ مِنْ خَارِجِ الْمَدِينَةِ جَانِبَ الشِّمَالِ أَلْفَيْ ذِرَاعٍ وَتَكُونُ الْمَدِينَةُ فِي الْوَسْطِ هذِهِ تَكُونُ لَهُمْ مَسَارِحَ الْمُدُنِ } ( عد 35 : 2 – 5 ) كَانَتْ كُلَّ مَدِينَة مِمَّا يُعْطَى لِلاَّوِيِّين تَتَوَسَط الضَّوَاحِي( المَسَارِح ) الَّتِي تُحِيطْ بِهَا مِنْ الجِهَات الأرْبَعْ بِعَرْض ثَلاَثَة آلاَف ذِرَاع مِنْ سُور المَدِينَة إِلَى الخَارِج مِنْ كُلَّ جِهَة الألْف ذِرَاع تُخَصَّص لإِقَامِة مَسَاكِنْ العَبِيدْ وَحَظَائِر المَوَاشِي وَالحَيَوَانَات الأُخْرَى وَمَخَازِنْ لِلغِلاَل وَالثِّمَار وَرُبَّمَا زَرَعُوا بِهَا بَسَاتِين وَكُرُوم وَالألْفَيّ ذِرَاعٍ تُخَصَّص كَمَرَاعٍ لِلمَاشِيَة وَالأغْنَام وَقَدْ دَبَّرَ الله بِحِكْمَتِهِ إِقَامِة القَاتِلْ بَيْنَ الكَهَنَة وَاللاَّوِيِّين وَهُمْ مُعَلِّمُوا الشَّرِيعَة فَيَحْمُونَهُ بِمُوجَبْ القَانُون الإِلهِي وَيَكُونْ أيْضاً تَحْت رِعَايَتِهِمْ الرُّوحِيَّة فَيَفْتَقِدُونَهُ وَيُعَلِّمُونَهُ وَهُنَا يُعْلِنْ الله إِهْتِمَامُه بِخُدَّامُه الَّذِينَ لاَ يَرِثُونَ أرْضاً لكِنَّهُمْ يَسْكُنُون فِي مُدُن مُعَيَّنَة خَصَّص بَعْضٍ مِنْهَا كَمَلْجَأ لِلَّذِينَ يَقْتِلُونَ إِنْسَاناً سَهْواً وَكَأنَّ الله أرَادَ أنْ يُعَرِّف الشَّعْب أنَّ غَايِة الكَهَنَة هُوَ إِرْشَادَهُمْ إِلَى السَيِّدْ الْمَسِيح المَلْجَأ الحَقِيقِي الَّذِي فِيهِ يَخْتَفِي المُؤمِنُون مِنْ الشَّر وَالشِّرِّير الله أقَامَ الكَهَنَة وَسَطْ الشَّعْب لأِجْل التَّعْلِيمْ وَالقَضَاء{ يُعَلِّمُونَ يَعْقُوبَ أَحْكَامَكَ وَإِسْرَائِيلَ نَامُوسَكَ }( تث 33 : 10)تَخَيَّلْ مَعِي أنَّ القَاتِلْ سَيَسْكُنْ وَسَطْ الكَهَنَة يَسْمَعَهُمْ يُرِتِلُون وَيُسَبِّحُون وَيَنْصِتْ إِلَى تَفْسِير الشَّرِيعَة هذَا الأمر سَيَجْعَلَهُ فِي تَعْزِيَة وَمَسَرَّة لأِنَّنَا لاَ نَنْسَى أنَّ هذَا الشَّخْص إِنْفَصَلَ عَنْ عَائِلَتُه وَأحِبَّائُه وَانْتَقَلَ إِلَى حَيَاة جَدِيدَة فِي مَدِينَة لاَ يَعْرِف فِيهَا أحَدٌ وَلكِنَّهَا مُعَدَّه بِالأفْرَاح وَمَمْلُؤَة بِالأمْن السَّلاَم . الله مَلْجَأنَا :- هذِهِ المُدُن هِيَ نَصِيب لِلرَّبَّ إِنَّهَا إِشَارَة إِلَى أنَّ الله مَلْجَأ الخُطَاة .. وَإِذْ كَانَ اللاَّوِيِّين يَحْمُون القَتِيل بِحَسَبْ الشَّرِيعَة وَهُوَ يَعِيش فِي وَسَطِهِمْ فَلِذلِك كَانَ قَتْل إِنْسَان يَحْتَمِي بِمُدُن المَلْجَأ هُوَ إِهَانَة لله وَلاَ يُوْجَدٌ أي سِلاَحٌ يَحْمِي القَاتِلْ دَاخِلْ مَدِينَة المَلْجَأ سِوَى كَلِمَة الله وَوَعْدُه وَهذَا يُشِير إِلَى أنَّ وَعْد الله وَكَلِمَتَهُ فِيهَا حِمَايَة كِفَايَة لَنَا فَنَحْنُ نَثِق فِي أنَّ مَوَاعِيدُه صَادِقَة وَغَيْر كَاذِبَة فَهُوَ الأمِين عَلَى غُفْرَان خَطَايَانَا وَهُوَ الَّذِي سُرَّ أنْ يُعْطِينَا المَلَكُوت . الخَلاَص وَمُدُن المَلْجَأ :- نُلاَحِظْ أنَّ مُوسَى النَّبِي أوْصَى بِالمُدُن وَلكِنْ بَعْد دُخُولَهُمْ إِلَى كَنْعَان ثُمَّ قَامَ بِبُنَائَهُمْ يَشُوع{ اجْعَلُوا لأَنْفُسِكُمْ مُدُنَ الْمَلْجَإِ كَمَا كَلَّمْتُكُمْ عَلَى يَدِ مُوسَى } ( يش 20 : 2 ) إِذاً النَّامُوس أوْصَى وَيَشُوع تَمَّمْ وَعَمَلْ لِيَصِير يَسُوع هُوَ المَلْجَأ الحَقِيقِي الله مَالِك السَّمَاء وَالأرْض وَهَبْ شَعْبُه أرْض المَوْعِد بِكُلَّ مَا فِيهَا مِنْ مُدُن ثُمَّ عَادَ وَطَلَبْ أنْ يَكُون لَهُ ثَلاَث مُدُن فِي كُلَّ ضَفَّة تُنْسَبْ لَهُ يَلْجَأ إِلَيْهَا الطَّالِبُونَ رَحْمَتَهُ مَا أعْظَمْ تَدَابِير عَمَلْ الله المُعْتَنِي بِكُلَّ أحَدٌ الَّذِي أنْقَذَنَا مِنْ حُكْم المَوْت الأبَدِي المُؤَكَدْ إِذْ أرْسَلْ إِبْنَهُ الوَحِيدْ لِيَكُون لَنَا مَلْجَأً حَصِيناً فَنَحْنُ الَّذِينَ كُنَّا أمْوَاتَاً بِالذُّنُوب وَالخَطَايَا الَّتِي سَلَكْنَا فِيهَا أحْيَانَا مَعَ الْمَسِيح .. لَقَدْ أنْقَذَ بِمَوْتِهِ عَلَى الصَّلِيب المُنْقَادِينْ إِلَى المَوْت المَمْدُودِينْ لِلقَتْلِ ( أم 24 : 11) وَرَفَعْنَا مِنْ أبْوَاب المَوْت ( مز 9 : 13) إِذْ بَذَلَ نَفْسَهُ فِدَاءً عَنَّا وَبِذلِك تُشِير مَدِينِة المَلْجَأ إِلَى الْمَسِيح مُخَلِّص العَالَمْ الَّذِي حَلَّ بَيْنَنَا ( يو 1 : 14) وَلَمْ يَعُدْ بَعِيداً عَنَّا بَلْ إِقْتَرَبَ إِلَيْنَا جِدّاً لِيَصِير حِصْنَنَا فِيهِ نَتَحَرَّر مِنْ الدَّيْنُونَة ( رو 8 : 1) تَطَّلْع أشْعِيَاء النَّبِي إِلَى هذِهِ المَدِينَة الفَرِيدَة فَقَالَ { مَدِينَةٌ قَوِيَّةٌ يَجْعَلُ الْخَلاَصَ أَسْوَاراً وَمَتْرَسَةً }( أش 26 : 1) وَأوْضَح أشْعِيَاء وَقَالَ { يَكُونُ إِنْسَانٌ كَمَخْبَإٍ مِنَ الرِّيحِ وَسِتَارَةٍ مِنَ السَّيْلِ}( أش 32 : 2 ) . مَدِينِة المَلْجَأ وَالْمَسِيح :- وَجَدْنَا شَخْص رَبَّنَا يَسُوع الْمَسِيح فِي تَجَسُّدِهِ بِالحَقَّ مَلْجَأً حَصِيناً لِكُلَّ مَنْ أتَى إِلَيْهِ صَارَ مَلْجَأً لِلمَرْأة الخَاطِئَة بِالرَّغْم مِنْ وُجُودْهَا فِي بَيْت الفَرِّيسِي فَأوْقَفْ الإِنْتِقَادَات وَدَافَعْ عَنْهَا وَبَرَّرْهَا وَهِيَ صَامِتَة هَلْ رَأيْتَ مَلْجَأً مِثْلَ هذَا ؟ كَذلِك فَعَلَ مَعَ لاَوِي وَمَعَ زَكَّا وَالَّتِي أُمْسِكَتْ فِي ذَاتَ الفِعْل المَضْبُوطَة لِيُحْكَمُ عَلَيْهَا بِمَوْتٍ مُحَقَّق وَجَدْنَاه يُدَافِعْ عَنْهُمْ دُونَ أنْ يَطْلُبُوا مِنْهُ وَلكِنْ بِمُجَرَّدْ وُقُوفِهِمْ بِجَانِبِهِ هُوَ يُقَدِّم الحِمَايَة الكَافِيَة وَإِنْ إِتَهَمَهُ أحَدٌ بِحِمَايِة الخُطَاة !!! يُذَكِّرَهُمْ أنَّهُ لاَ يَحْتَاج الأصِحَاء إِلَى طَبِيب بَلْ المَرْضَى وَيُعَرِّفَهُمْ بِقِيمِة هذَا الَّذِي إِلْتَجَأَ إِلَيْهِ إِذْ هُوَ إِبْن إِبْرَاهِيم لأِنَّهُ جَاءَ لِيَطْلُبْ وَيُخَلِّص مَا قَدْ هَلَك . الكَنِيسَة مَلْجَأنَا :- وَلِيَضْمَنْ لَنَا دَوَام بَقَاء وَعْدَهُ بِسَلاَمِة الخَاطِئ طَالَمَا إِلْتَجَأَ إِلَيْهِ هَيَّأ لَنَا أرْوَع مَدِينِة مَلْجَأإِنَّهَا دَاخِلْ جَنْبَهُ المَطْعُون الَّذِي سَمَحَ أنْ يُفْتَح لِكَيْ نَدْخُلُ إِلَيْهِ وَنَسْكُنْ فِي عَرْشِ نِعْمَتِهِ وَيَكُونُ بِهذَا أسَّسْ كَنِيسَتُه الَّتِي هِيَ مَدِينَة المَلْجَأ الَّتِي تَحْمِلْ بَهَاء الْمَسِيح الَّذِي يُشْرِق عَلَى النِّفُوس إِنَّهَا تُنَادِي الجَمِيعْ إِهْرَبُوا إِلَى المَلْجَأ إِلَى الرَّجَاء الَّذِي يُقَدِّمَهُ لَكُمْ الْمَسِيح وَبِحَسَبْ تَعْبِير القِدِيس إِيرِينِيِئُوس أُسْقُفْ لِيُون يَنْبَغِي أنْ نَلْجَأ إِلَى الكَنِيسَة وَنَحْتَمِي فِي حِضْنَهَا وَنَرْضَعْ وَنَتَغَذَّى مِنْ أسْرَارِهَا الإِلَهِيَّة لأِنَّ الكَنِيسَة غُرِسَتْ فِي وَسَطْ العَالَمْ كَفِرْدُوس نَعِيمْ عَلَى الأرْض إِنَّهَا المَجَال الخِصْب لِعَمَلْ رُوح الله فَهِيَ إِسْتِمْرَار لِلبِشَارَة المُفْرِحَة حَيَّة وَحَاضِرَة وَدَائِمَة وَمَنْ هُوَ القَاتِلْ السَهْو الغِير مُبْغِض ؟هُوَ يُشِير لِلخَاطِئ الَّذِي هُوَ أنَا وَأنَا أقْتُلْ نَفْسِي سَهْواً رَغْم إِنِّي أعْلَمْ أنَّ أُجْرِة الخَطِيَّة مَوْت إِلاَّ إِنِّي دَائِمْ السَعْي إِلَيْهَا بِكُلَّ شَوْق وَاجْتِهَادْ وَأنْسَى أوْ أتَنَاسَى إِنِّي بِخَطَايَاي أذْهَبْ إِلَى الجَحِيمْ وَالهَلاَك وَهُنَا تَتَصَارَعْ رَغَبَات الإِنْسَان مَعَ حِيَلْ العَدُو فَيَدْخُلْ إِلَى اللامُبَالاَه فَالخَاطِئ يُرِيدْ أنْ يُحَقِّق رَغَبَات لَمْ يُدْرِك أنَّهَا لِهَلاَكُه فَهُوَ يَقْتُلْ نَفْسُه مَعَ أنَّهُ لاَ يُبْغِضْهَا فَهُوَ يَقْتُلْ بِغَيْر عِلْم " سَهْو " وَرَغْم مَحَبِّتْنَا لأِنْفُسَنَا إِلاَّ أنَّنَا نُهْلِكَهَا وَالسَيِّدْ الْمَسِيح الدَّيَان العَادِل يَنْظُر إِلَى الخَاطِئ أنَّهُ لاَ يُدْرِك هذَا مَا رَأيْنَاه فِيهِ حِينَ إِلْتَمَسَ العُذْر لِصَالِبِيه إِذْ قَالَ أنَّهُمْ لاَ يَدْرُونَ مَا يَفْعَلُون فَهُوَ مِنْ كَثْرِه صَلاَحُه جَعَلَ مِنْ تَعَدِّي الإِنْسَان عَدَم دِرَايَه وَحِينَ يَدْخُلْ الخَاطِئ فِي مَشَاعِر تَوْبَة حَقِيقِيَّة وَصَادِقَة يَكْتَشِفْ مِقْدَار الجَهْل وَالزِيف الَّذِي كَانَ يَحْيَاه فَيَصْرُخ خَطَايَا صِبَاي وَجَهْلِي لاَ تَذْكُر وَحِينَ يَتَضَرَّع الكَّاهِنْ أمَام الذَّبِيحَة عَنْ خَطَايَا شَعْبُه يَذْكُرْهَا { جَهَالاَت شَعْبَك }هذَا الشُّعُور أدْرَك مُعَلِّمْنَا بُولِس الرَّسُول الَّذِي كَانَ قَبْلاً يَضْطَهِدْ الْمَسِيحِيِّين وَيَظُنْ أنَّهُ يُقَدِّم خِدْمَة لله فَهُوَ لاَ يُدْرِك مَا يَفْعَلْ لِذلِك نَجِدَهُ يَعْتَرِف بِجَرْأة{ لكِنَّنِي رُحِمْتُ لأَنِّي فَعَلْتُ بِجَهْلٍ فِي عَدَمِ إِيمَانٍ } ( 1تي 1 : 13) فَإِنْ كَانَ قَتَلْ أوْ سَيَقْتِل أحَداً فَهُوَ يَعْتَرِف بِجَهْلٍ فَعَلْتُ ذلِك وَهذِهِ أرْوَع مَشَاعِر التَوْبَة الَّتِي تَجْلِب مَرَاحِمْ الله الغِير مُتَنَاهِيَة وَهيَ الإِعْتِذَار عَنْ الجَهْل وَلأِنَّ مَرَاحِمْ الله وَاسِعَة فَلَمْ يَشَأ أنْ يَجْعَلْ لِكُلَّ إِسْرَائِيل مَدِينَة مَلْجَأ وَاحِدَة بَلْ أمَرَ بِإِقَامِة سِتَّة مُدُن وَهذَا مَا سَوْفَ نَتَحَدَّث عَنْهُ . القس أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا أنطونيوس محرم بك الاسكندرية عن كتاب مدن الملجأ
المزيد
20 أكتوبر 2019

ملابس رئيس الكهنة ج3

ثَانِياً صَدْرَة الْقَضَاء :- كَانَتْ الصَدْرَة مِنْ ذَاتْ مَوَادٌ الرِّدَاء وَكَصَنْعَتِهِ وَمَرْبُوطَةٌ بِالرِّدَاء لاَ تُنْزَع عَنْهُ وَرُبَّمَا تُمَثِّل أجْمَلٌ مَا فِيهِ بَلْ وَأعْجَبْ مَا فِيهِ بَلْ وَيُمْكِنْ إِعْتِبَار بَاقِي الثِيَاب كَقَاعِدَة لَهَا لِتُثَبِتْهَا فِيهَا وَهيَ مَصْنُوعَة مِنْ نَفْس نَسِيج الرِّدَاء مِنْ الذَّهَبْ وَالبُوْص المَبْرُومٌ ( أي الكِتَّان النَقِي ) وَالأسْمَانْجُونِي وَالأُرْجُوَان وَالقِرْمِز لِذَلِك أُعْتُبِرَتْ مِنْ أهَمْ الأجْزَاء فِي مَلاَبِس رَئِيس الْكَهَنَة لأِنَّهَا تَشْتَمِل عَلَى ( الأُورِيم وَالتُّمِّيم ) اللَّذَيْنِ كَانَتْ مَقَاصِدٌ الله وَإِرَادَتِهِ تُعْلَنْ بِهُمَا وَدُعِيَتْ " صَدْرَة " لأِنَّهَا كَانَتْ تُثَبَّتْ عَلَى صَدْر رَئِيس الْكَهَنَة كَمَا دُعِيَتْ " صَدْرَة قَضَاء " لأِنَّهَا كَانَتْ تُعْلِنْ قَضَاء الله وَحُكْمُه وَمِنْ نَاحِيَة أُخْرَى كَانَتْ كَعَلاَمَة تُظْهِر سُلْطِة رَئِيس الكَهَنَة فِي القَضَاء فِي جَمِيعْ الأُمور[ لِهذَا تَدْعُو الكَنِيسَة رَئِيس كَهَنَتْهَا أنَّهُ قَاضِي المَسْكُونَة إِذْ هِيَ تُؤمِنْ أنَّهُ مُسْتَوْدَع لِلرُّوح القُدُس وَالله يَقُودٌ كِنِيسْتُه عَنْ طَرِيقٌ الرُّوح القُدُس المُسْتَقِر فِيهِ الَّذِي يَنْطِقٌ بِلِسَانِهِ ] وَكَانَتْ مُرَبَعَة ( شِبْر×شِبْر ) وَمُثْنِيَّة لِتَقْوِيَتْهَا لِتَتَحَمَّل الأحْجَار الكَرِيمَة المَوْضُوعَة عَلَيْهَا وَالأحْجَار الكَرِيمَة مُرَصَعَة فِيهَا فِي أرْبَعَة صُفُوف وَمَنْقُوش عَلَى كُلَّ حَجَر إِسْم سِبْط مِنْ الأسْبَاطْ فِي ألْوَان مُتَعَدِّدَة تُكْسِبْ الصَدْرَة جَمَالاً وَبَهَاءً فَائِقاً فَتُعْطِي صُوْرَة تُبْهِر الأبْصَارٌ إِنَّهَا تُشِير إِلَى عَمَل الْمَسِيح المُتَعَدِّدٌ الجَوَانِبْ الَّذِي عَمَلُه مِنْ أجْلِنَا كَرَئِيس كَهَنِة خَلاَصِنَا . أحْجَار الصَدْرَة وَأحْجَار أبْوَاب أُورُشَلِيم السَّمَاوِيَّة :- وَالبَدِيعْ أنَّنَا نَجِدٌ فِي سِفْر الرُؤْيَا أنَّ أسَاسَات المَدِينَة العَظِيمَة أُورُشَلِيم السَّمَائِيَّة النَّازِلَة مِنْ السَّمَاء مِنْ عِنْدَ الله مُزَيَنَة بِإِثْنَا عَشَرَ حَجَر كَرِيمْ وَعَلَيْهَا أسْمَاء رُسُلٌ الخَرُوف الإِثْنَيْ عَشَرَ ( رؤ 21 : 14) بَيْنَمَا نَجِدٌ أسْمَاء الأسْبَاط مَكْتُوبَة عَلَى الإِثْنَتَي عَشَرَة لُؤلُؤَة الَّتِي تُكَوِّنْ أبْوَاب المَدِينَة مَعَ إِخْتِلاَف بَسِيطْ فِي ثَلاَثَة مِنْهَا لكِنَّهَا نَفْس العَنَاصِر وَكَأنَّ رَئِيس الْكَهَنَة يَحْمِل عَلَى صَدْرَتِهِ أسَاسَات مَدِينَة الله وَمَفَاتِيحٌ أبْوَابَهَا وَكَمَا نُقِشَتْ أسْمَاء الأسْبَاط عَلَى أحْجَار الصَدْرَة هِيَ مَنْقُوشَة أيْضاً عَلَى أبْوَاب أُورُشَلِيم السَّمَاوِيَّة نَعَمْ إِنَّهُ إِمْتِدَادٌ لِعَمَل الله فِي كَنِيسَتِهِ عَبْر الأجْيَال القَدِيم وَالجَدِيد وَمِنْ هُنَا نَجِدْ أنَّ هُنَاكَ إِرْتِبَاطٌ عَجِيبْ بَيْنَ صَدْرَة القَضَاء وَأمْجَادٌ المَدِينَة السَّمَاوِيَّة المُقَدَّسَة وَكَمَا أنَّهَا تَمْتَدُ بِنَا إِلَى المُسْتَقْبَل حَيْثُ المَجْد السَّمَاوي كَذلِك هِيَ تَرْجَعُ بِنَا إِلَى المَاضِي حَيْثُ جَنَّة عَدْن فَنَجِدٌ أنَّ أوَّل حَجَر كَرِيمْ مَذْكُور فِي الكِتَاب المُقَدَّس هُوَ حَجَر الجَزْع ( تك 2 : 12)وَهُوَ حَجَر التِّذْكَار عَلَى كَتِفَي الرِّدَاء ثُمَّ تَقْرأ فِي نُبُّوِة حَزْقِيَال عَنْ أحْجَار كَرِيمَة أُخْرَى كَانَتْ فِي جَنَّة عَدْن تَتَفِقٌ إِلَى حَدٍ كَبِير مَعَ أحْجَار الصَدْرَة﴿ كُنْتَ فِي عَدْنٍ جَنَّةِ اللهِ كُلُّ حَجَرٍ كَرِيمٍ سِتَارَتُكَ عَقِيقٌ أَحْمَرُ وَيَاقُوتٌ أَصْفَرُ وَعَقِيقٌ أَبْيَضُ وَزَبَرْجَدٌ وَجَزْعٌ وَيَشْبٌ وَيَاقُوتٌ أَزْرَقُ وَبَهْرَمَانُ وَزُمُرُّدٌ وَذَهَبٌ ﴾ ( حز 28 : 13) فَكَأنَّ صَدْرَة القَضَاء تَرْجَعُ بِنَا إِلَى جَنَّة عَدْن وَاعِدَة شَعْبُ الله بِرَدٌ كُلَّ شَيْءٍ وَرُجُوعِهِمْ إِلَى فِرْدُوسِهِمْ المَفْقُودٌ حَيْثُ المَجْدٌ وَالطَّاعَة وَكَذلِك نَجِدٌ المَدِينَة السَّمَاوِيَّة تُحَدِّثْنَا عَنْ تِلْكَ الأمْجَادٌ عَيْنِهَا وَتُقَدِّم لِلكَنِيسَة المُقَدَّسَة أكْثَر مِنْ أمْجَادٌ الفِرْدُوس المَفْقُودٌ بِوَاسِطَة رَئِيس الْكَهَنَة الحَقِيقِي الَّذِي يَحْمِل أسْمَاءَهُمْ عَلَى قَلْبِهِ كُلَّ حِينٍ . تَثْبِيتْ الصَدْرَة :- كَانَتْ الصَدْرَة مُثَبَّتَة عَلَى الرِّدَاء بِإِتْقَانٍ تَامٌ وَبِإِحْتِيَاطٌ مُزْدَوَجٌ مِنْ أعْلَى وَمِنْ أسْفَل إِذْ يُوْضَعْ عَلَى زَوَايَاهَا الأرْبَعْ أرْبَعَة حَلَقَات مِنْ ذَهَبْ مِنْ أعْلَى عَنْ طَرِيقٌ كَتِفَيْ الرِّدَاء بِوَاسِطَة سِلْسِلَتَيْن مِنْ ذَهَبْ وَمِنْ أسْفَل إِلَى زِنَّار الرِّدَاء بِوَاسِطَة حَلَقَات مِنْ ذَهَبْ وَسَلاَسِل مَجْدُولَةٌ مِنْ ذَهَبْ وَخِيطْ أسْمَانْجُونِي . عِنَايِة الله وَالصَّدْرَة :- إِنَّهَا عِنَايِة الله الفَائِقَة الَّذِي يُدَبِّر كُلَّ شَيْء بِإِتْقَانٍ تَامٌ بَلْ وَأكْثَر مِنْ ذلِك يَأمُر أنْ تَكُون الحَلَقَات وَالعُقَدٌ مُخْتَفِيَة خَلْف الصَدْرَة فَلاَ تَظْهَر عُقَدٌ فِي سَلاَسِل الذَّهَبْ الخَارِجِيَّة بَلْ فِي الجُزْء الغِير الظَّاهِر مِنْ الدَّاخِل فَلاَ يَظْهَر شِئ مَعْقُودٌ عَلَى صَدْرٌ هَارُون بَلْ كُلَّ شَيْء بِسِيطْ وَلَطِيفْ كَلُطْف الله وَبَسَاطَتِهِ إِنَّ الله يُرِيدَنَا أنْ نَرْتَبِطْ بِهِ فِي بَسَاطَة وَسُهُولَة وَالعَاشِقٌ لِتَعَالِيمْ يَسُوع يَجِدٌ فِيهَا بَسَاطَة مُتَنَاهِيَة إِذْ قِيلَ عَنْهُ أنَّهُ بِغَيْر مَثَلٍ لَمْ يَكُنْ يُكَلِّمَهُمْ ( مت 13 : 34 ؛ مر 4 : 34 ) كَلاَمٌ يَتَفِقٌ مَعَ جَمِيعْ الثَّقَافَات وَيُنَاسِبْ كُلَّ الفِئَات دُونَ تَعْقِيدٌ إِذْ يَجْعَل مِنْ سَامِعِهِ يَشْتَاق إِلَى الحَيَاة بِحَسَبْ هذِهِ التَّعَالِيم إِذْ تَطْلُبْ عَنْ أبْنَائِهَا ﴿ سَهِّلْ لَنَا طَرِيقٌ التَّقْوَى ﴾ تَأمَّل فِي هذِهِ الإِحْتِيَاطَات الدَّقِيقَة لِضَمَان تَثْبِيتْ الصَدْرَة عَلَى قَلْب هَارُون عَلَى الدَوَام . صَدْرَة لاَ تَرْتَفِع وَلاَ تَسْقُطْ :- فَلاَ يُمْكِنْ أنْ تَنْزِل إِلَى أسْفَل لأِنَّ السَّلاَسِل الذَّهَبِيَّة تَرْفَعُهَا إِلَى أعْلَى بِاسْتِمْرَار وَالسَّلاَسِل مُثَبَّتَة عَنْ طَرِيقٌ حَلَقَات دَائِرِيَّة وَهيَ رَمْز لِمَحَبِّة الْمَسِيح الأبَدِيَّة فَالدَائِرَة لاَ بِدَايَة وَلاَ نِهَايَة لَهَا وَلاَ يُمْكِنْ أنْ تَرْتَفِعْ إِلَى فَوْق لأِنَّ الخِيطْ الأسْمَانْجُونِي يَرْبُطْهَا بِزِنَّار الرِّدَاء وَهذِهِ هِيَ نِعْمَة الله الَّتِي تَرْفَعْ الإِنْسَان مِنْ اليَأس وَالإِحْبَاط وَتَحْفَظْ الإِنْسَان مِنْ الغُرُور وَالإِرْتِفَاع . تَعَالِيم الآبَاء الَّتِي لاَ تَرْفَع وَلاَ تَسْقُطْ :- وَحِينَ نَتَأمَّل فِيمَا فَعَلَهُ الأنْبَا بِمْوَا مَعَ تِلْمِيذُه القِدِيس يِحْنِس القَصِير حِينَ أمَرَهُ بِإِحْضَار ضَبْعَة وَمِنْ قَدَاسَتِهِ أمَرَهَا فَأطَاعَتْهُ فَأحْضَرْهَا إِلَيْهِ وَجَدْنَاهُ يَنْتَهِرُه وَيَتَهِمُه بِأنَّهُ أحْضَرَ كَلْباًإِنَّهُ يَجْذِبَهُ إِلَى أسْفَل خَوْفاً عَلَيْهِ مِنْ الإِرْتِفَاع وَرَأيْنَا أيْضاً حِينَ حَضَرَ القِدِيس مُوسَى الأسْوَدٌ إِلَى الأنْبَا إِيسُوذُورُس وَرَأى فِيهِ رُوحٌ تُوْبَة حَقِيقِيَّة جَذَبَهُ إِلَى أعْلَى وَأمْسَكَهُ بِسَلاَسِل الذَّهَبْ وَوَضَعَهُ عَلَى الأكْتَاف وَهُنَا يَجِبْ أنْ نُدْرِك أنَّ الشَّعْب مُمَثَّلاً تَمْثِيلاً مُزْدَوَجاً عَلَى الأكْتَاف وَالصَدْر :- وَجَدْنَا فِي مَلاَبِس رَئِيس الْكَهَنَة مَكَانَيْن لِكُلَّ سِبْط عَلَى الأكْتَاف وَعَلَى الصَدْر وَفِي هذَا رَمْزاً رَائِعاً لِرَئِيس كَهَنِتْنَا الأعْظَمْ يَسُوع الْمَسِيح وَهُوَ يَحْمِل شَعْبُه عَلَى كَتِفَيْهِ أمَام الله بِقُوَّتِهِ اللاَنَهَائِيَّة وَكَذلِك يَحْمِلَهُمْ أيْضاً عَلَى قَلْبِهِ بِمَحَبَّتِهِ الأبَدِيَّة وَهذَا مَا وَجَدْنَاه فِي قَوْل رَبَّ المَجْد يَسُوع﴿ لاَ يَخْطَفُهَا أَحَدٌ مِنْ يَدِي ﴾ ( يو 10 : 28 ) القُوَّة غِير المَحْدُودَة وَالمَحَبَّة الأبَدِيَّة تَقْتَرِنَان مَعاً فِي إِحْضَار المُؤمِنِينْ أمَام الله بِوَاسِطَة رَئِيس الكَهَنَة وَهُنَا يَسْطُعْ نُور قَدَاسِة عَرْش الله عَلَى الأحْجَار الكَرِيمَة فَيَظْهَر جَمَالَهَا بِجَوَانِبِهِ المُتَعَدِّدَة إِذْ تَلْمَعْ أسْمَاء شَعْب الله المَحْمُولَة عَلَى قَلْب رَئِيس الْكَهَنَة العَظِيمْ بِحَسَبْ بَهَاء مَجْدٌ الأحْجَار الكَرِيمَة المَوْضُوعَة عَلَيْهِ إِذْ هِيَ تَرْمُز إِلَى أمْجَادٌ الْمَسِيح وَكَمَالاَتُه وَهُنَا نَتَمَتَّعْ بِحَقِيقِة كَمَال قَبُولْنَا فِي الْمَسِيح أمَام الله تَمَاماً مِثْل قَبُول الآب لِلْمَسِيح فَيَتَطَلَّعْ الآب إِلَيْنَا وَنَحْنُ مَحْمُولِينْ عَلَى كَتِفَيْ وَقَلْب رَئِيس كَهَنَتْنَا الحَقِيقِي مُحَاطِينْ بِكُلَّ جَمَال ذَاكَ الَّذِي هُوَ مَوْضِعْ سُرُورِهِ وَلَذَّتِهِ دَائِماًهؤُلاَء الَّذِينَ سَيُحْضِرْهُمْ إِلَيْهِ فِي النِّهَايَة لِيَكُونُوا مِثْلَهُ وَمَعَهُ إِلَى الأبَدْ . الإِرْتِبَاط بَيْنَ الصَّدْرَة وَالكَتِفَيْنِ :- وَمَا أجْمَل الإِرْتِبَاط بَيْنَ الصَدْرَة وَالكَتِفَيْن فَكُلَّ حَرَكَة مِنْ حَرَكَات كَتِفَيْ رَئِيس الْكَهَنَة تُؤَثِرعَلَى الصَدْرَة وَكُلَّ نَبْضَة مِنْ نَبَضَات قَلْبُه كَانَتْ تَهِز الصَدْرَة وَتَنْتَقِل بِوَاسِطَة السَّلاَسِل المَجْدُولَة إِلَى الكَتِفَيْن وَهذَا يُذَكِّرْنَا بِأنَّ قُوَّة ذِرَاع الرَّبَّ تَرْتَبِطْ إِرْتِبَاطاً وَثِيقاً بِرِّقِة قَلْبِهِ المُحِبْ وَلاَ عَمَل مِنْ أعْمَال قُوَّتِهِ مُنْفَصِلٌ عَنْ مَقَاصِدٌ رَحْمَتِهِ فَثِقٌ أنَّ كُلَّ الأشْيَاء تَعْمَل مَعاً لِلخِير ( رو 8 : 28 ) وَتُشِير عَرُوس النَّشِيد إِلَى هَذَيْن المَرْكَزَيْن اللَّذَانْ تُرِيدْ أنْ يَحْفَظْهَا العَرِيس فِيهُمَا إِذْ تَقُول لَهُ﴿ اجْعَلْنِي كَخَاتِمٍ عَلَى قَلْبِكَ كَخَاتِمٍ عَلَى سَاعِدِكَ ﴾ ( نش 8 : 6 ) " عَلَى قَلْبَك " حَيْثُ المَحَبَّة القَوِيَّة كَالمَوْت الَّتِي تُقَدِّس الكَيَان لله وَ " عَلَى سَاعِدَك " حَيْثُ القُوَّة الَّتِي تَحْفَظ مِنْ الشَّر وَالشِّرِّير وَبِذلِك نَجِدٌ ضَمَانْ الوُصُول إِلَى المَجْد حَيْثُ الوَعْد﴿ وَالْقَادِرُ أَنْ يَحْفَظَكُمْ غَيْرَ عَاثِرِينَ وَيُوقِفَكُمْ أَمَامَ مَجْدِهِ بِلاَ عَيْبٍ فِي الاِبْتِهَاجِ ﴾ ( يه 24 ) وَهذَا مَا رَأيْنَاه حِينَ غُلِبَ مِنْ تَحَنُّنِهِ وَبَذَلَ ذَاتُه فِدَاء كَنِيسَتُه وَتَمَّمْ لَهَا الخَلاَص بِذِرَاعِهِ ( أف 5 : 25 ) . الحِجَارَة وَلَمَعَانْهَا :- وَإِمْتِيَاز هذِهِ الأحْجَار الكَرِيمَة إِنَّهُ كُلَّمَا سَطَعَ عَلَيْهَا النُّور إِزْدَادَ لَمَعَانْهَا وَهذَا هُوَ جَمَالْنَا وَبَهَاءْنَا أمَام الله هذَا هُوَ المَرْكَز الَّذِي وَهَبَتْنَا إِيَّاه نِعْمَة الله لأِنَّهُ إِله كُلَّ نِعْمَة أنَّ مَهْمَا كَانَتْ ضَعَفَاتْنَا فَإِنَّ أسْمَاءْنَا أمَام الله لَمْ تَزَلْ فِي ضِيَاء وَلَمَعَان وَبَهَاء أمَام الله كُلَّ حِينْ وَإِذْ يَسْطُعْ لَمَعَانُه عَلَيْنَا تَجِدْنَا قَدْ تَألَّقْنَا بِكُلَّ لُوْن مِنْ ألْوَان فَضَائِلِهِ وَكَمَالُه وَمَنْ ذَا الَّذِي يَسْتَطِيعْ أنْ يُفْسِدٌ جَمَالْنَا إِنْ كُنَّا مُخْتَفِينْ فِي جَمَال شَخْصِهِ ؟!! مَنْ الَّذِي يَسْتَطِيعْ أنْ يُطْفِئ ضِيَاء القُدْس أوْ يَدْخُل إِلَى القُدْس لِكَيْ يَنْزَع الأحْجَار مِنْ كَتِفَيْ وَصَدْرِة رَئِيس الْكَهَنَة ؟!! إِنْ كَانَ الله هُوَ الَّذِي أمَرَ بِوَضْعَهَا فِي هذِهِ الأمَاكِنْ بَلْ وَهذَا التَّرْتِيبْ إِنَّنَا نُرَدِّدٌ مَعَ مُعَلِّمْنَا بُطْرُس ﴿ أَنْتُمُ الَّذِينَ بِقُوَّةِ اللهِ مَحْرُوسُونَ ﴾ ( 1بط 1 : 5 ) رُبَّمَا يَرَى النَّاس النَقَائِص فِي بَعْضِهِمْ البَعْض أمَّا الله فَيَرَانَا عَلَى قَلْب وَكَتِفَيْ إِبْنِهِ فِي جَمَال وَبَهَاء وَيَا لَيْتَ أوْلاَدٌ الله يَسْلُكُون أمَام النَّاس بِمَا يَتَفِقٌ مَعَ مَرْكَزَهُمْ أمَام الله فَلاَ يَظْهَر مِنْهُمْ سِوَى كُلَّ مَا صِيتَهُ حَسَنْ لِكَيْ لاَ يُفْتَرَى عَلَى صَلاَحِهِمْ ﴿ عَلَى قَلْبِهِ أمَامَ الرَّبِّ دَائِماً ﴾ ( خر 28 : 30 ) وَنَحْرِص دَائِماً أنْ يَكُون سُلُوكَنَا مُتَفِقاً مَعَ مَقَامَنَا وَدَعْوَتْنَا وَلكِنْ شُكْراً لله الَّذِي جَعَلَ قَضَاءِنَا وَحَقِّنَا لَيْسَ مَعَ النَّاس وَلكِنْ مَعَ إِبْنِهِ حَيْثُ الحِجَارَة الكَرِيمَة المَنْقُوشَة عَلَيْهَا أسْمَاءْنَا هُنَاك دَائِماً . صَدرَة لاَ تُنْزَع :- وَمَا كَانَ يُمْكِنْ أنْ تُنْزَع الصَدْرَة مِنْ الرِّدَاء ( الأُفُودٌ ) إِذْ هِيَ مَرْبُوطَة بِهِ بِسَلاَسِل الذَّهَبْ وَخِيطْ الأسْمَانْجُونِي وَهكَذَا نَصِيبَنَا فِي الْمَسِيح يَسُوع الَّذِي يَرْتَبِط بِخِدْمَتِهِ الكَهَنُوتِيَّة وَأيْضاً مَعَ بِرِّهِ الإِلَهِي بِلاَ إِنْفِصَال وَهيَ رَابِطَة أبَدِيَّة كَمَا تَرْمُز إِلَى ذلِك الحَلَقَات المُسْتَدِيرَة الَّتِي بِلاَ بِدَايَة وَلاَ نِهَايَة وَهكَذَا نَطْمَئِنْ عَلَى أمر خَلاَصِنَا الَّذِي أخَذَهُ الْمَسِيح عَلَى عَاتِقِهِ وَلَنْ يَطْرَحَهُ أبَداً بَلْ قَدَّمَهُ لَنَا دَائِماً وَجَدِيداً مِنْ خِلاَل كَنِيسَتَهُ المُقَدَّسَة وَكَهَنُوتُه العَامِل فِي كَهَنِة العَهْد الجَدِيد وَهذَا مَا يُشَجِّعْ نِفُوسْنَا حِينَ تَصْغُر وَحِينَ تَشْتَدٌ التَّجَارُب وَالحُرُوب حَيْثُ تَتَشَجَّعْ وَتَبْتَهِج نِفُوسْنَا لأِنَّ مَرْكَزْنَا ثَابِتْ لاَ يَتَزَحْزَح فِي قَلْب الْمَسِيح وَعَلَى كِتْفِهِ . عَلَى القَلْب :- وَنُلاَحِظْ أنَّ مَكَانْ الصَدْرَة " عَلَى قَلْب رَئِيس الْكَهَنَة " تَكَرَّر ثَلاَث مَرَّات فِي آيَتَيْن مُتَتَالِيَتَيْن ( خر 28 : 29 ؛ 30 ) مِمَّا يُؤَكِدْ عُمْق مَحَبَّتِهِ لِشَعْبِهِ وَهُنَا نُقَدِّم دَعْوَة بِالتَّطَلُّعْ الدَّائِم إِلَى رَئِيس كَهَنَتْنَا الأعْظَمْ الَّذِي يَحْمِلْنَا أمَام الله كُلَّ حِينْ عَلَى قَلْبِهِ وَكَتِفَيْهِ الَّذِي لاَ يَكُفْ عَنْ الطَلَبْ لأِجْلِنَا فَلاَ نَعُودٌ نَنْظُر إِلَى فَشَلْنَا وَضَعْفِنَا بَلْ نَتَطَلَّعْ إِلَيْهِ هُوَ الَّذِي مِنْ عِنْدِهِ تَأتِي الرَّحْمَة وَالعَوْن فِي حِينْه . فِي دَاخِلِهِ :- فَلَوْ تَطَّلَعْنَا إِلَى مَكَانَنَا الآنْ فِي مِلْء بَرَكِة العَهْد الجَدِيد لَوَجَدْنَا أنَّنَا غِير مَنْقُوشِينْ عَلَى حِجَارِة أكْتَاف وَلاَ مَوْضُوعِينْ عَلَى صَدْرَة قَضَاء مِنْ الخَارِج بَلْ فِي إِتِحَادٌ كَيَانِي كَامِل مَعَ رَئِيس كَهَنَتْنَا الأعْظَمْ الَّذِي لَمْ يَجِدٌ لَنَا مَكَاناً يَحْمِلْنَا فِيهِ أفْضَل مِنْ دَاخِلِهِ فَلاَ نُنْزَع مِنْهُ أبَداً وَحِينَ نَتَحِدٌ بِهِ فِي الإِفْخَارِسْتِيَا نَحْصُل عَلَى مَا عَبَّر عَنْهُ القِدِيس كِيرِلُس الكَبِير فِي صَلاَة القِسْمَة لِلقُدَّاس الإِلَهِي ﴿ وَهَبْتَ لَنَا أنْ نَأكُل جَسَدَك عَلاَنِيَةً أهِّلْنَا لِلإِتِحَادٌ بِكَ خِفْيَةً وَهَبْتَ لَنَا أنْ نَشْرَب كَأسَ دَمِكَ ظَاهِراً أهِّلْنَا أنْ نَمْتَزِج بِطَهَارَتَك سِرَّاً وَكَمَا أنَّكَ وَاحِد فِي أبِيك وَرُوحَك القُدُّوس نَتَحِدٌ نَحْنُ بِكَ وَأنْتَ فِينَا وَيَكْمُل قَوْلَك وَيَكُونُ الجَمِيعْ وَاحِداً فِينَا ﴾وَبِحَسَبْ تَعْبِير القِدِيس بُولِس الرَّسُول صِرْنَا أعْضَاء جِسْمِهِ مِنْ لَحْمِهِ وَمِنْ عِظَامِهِ ( أف 5 : 30 )إِنَّهَا دَعْوَة لِنَتَأمَّل أنْفُسَنَا وَنَحْنُ مَحْمُولِينْ دَاخِلِهِ كَمْ لَنَا مِنْ كَرَامَة وَكَيْفَ يَرَانَا الآب وَلَوْ تَأمَّلْنَا فِي مَلاَبِس كَاهِن العَهْد الجَدِيد نَجِد أنَّهُ يَرْتَدِي البُّرْنُس وَهُوَ رِدَاء مِدَوَّرٌ وَاسِع مَفْتُوح مِنْ الأمَام بِلاَ أكْمَام يَخْتَفِي فِيهِ جِسْم الْكَاهِن بِجُمْلَتِهِ وَهُوَ إِشَارَة إِلَى عِنَايِة الله الَّتِي تُحِيطْ بِهِ وَتَسْتُرُه مَعَ كُلَّ شَعْبِهِ مِنْ كُلَّ نَاحِيَة . تَرْتِيبْ أسْمَاء الأسْبَاط :- نُلاَحِظْ أنَّ أسْمَاء بَنِي إِسْرَائِيل كَانَتْ مَنْقُوشَة عَلَى حَجَرَيْ الجَزْع عَلَى الكَتِفَيْن﴿ حَسَبَ مَوَالِيدِهِمْ ﴾ ( خر 28 : 10 ) فَكَانَتْ هكَذَا :- عَلَى الكِتْف اليُمْنَى رَأُوبِين – شِمْعُون – لاَوِي – يَهُوذَا – دَان – نَفْتَالِي عَلَى الكِتْف اليُسْرَى جَادٌ – أشِير – يَسَّاكِر – زَبُولُون – يُوسِفْ - بِنْيَامِين أمَّا فِي الصَدْرَة فَكَانَتْ الأسْمَاء مَنْقُوشَة عَلَى الأحْجَار الكَرِيمَة فِي أرْبَعَة صُفُوف حَسَبْ تَرْتِيبْ الأسْبَاط وَحُلُولَهُمْ حَوْلَ خَيْمَة الإِجْتِمَاع وَفِي إِرْتِحَالِهِمْ مَعَ مُلاَحَظِة أنَّ سِبْط لاَوِي كَانَ يَأخُذْ مَكَاناً مُجَاوِراً لِلخَيْمَة فِي جَمِيعْ الإِتِجَاهَات لِذلِك حَلَّ مَحَلُّه سِبْط أفْرَايِم وَمَنَسَّى ( أبْنَاء يُوسِف ) وَبِذلِك تَكُون صُفُوف الحِجَارَة هكَذَا :- الصَّفْ الأوَّل عَقِيق أحْمَر ( يَهُوذَا ) يَاقُوت أصْفَر( يَسَّاكِر ) زُمُّردٌ ( زَبُولُون ). الصَّفْ الثَّانِي بَهْرَمَان ( رَأوبِين ) يَاقُوت أزْرَق ( شِمْعُون ) عَقِيقٌ أبْيَض ( جَادٌ ). الصَّفْ الثَّالِث عِين الهِرِّ( أفْرَايِم ) يَشْم ( مَنَسَّى ) جَمْشَتْ( بِنْيَامِين ). الصَّفْ الرَّابِعْ زَبَرْجَدٌ ( دَان ) جَزْع ( أشِير ) يَشْب ( نَفْتَالِي ). وَلَنَا أنْ نُدْرِك ظُهُورَنَا أمَام الله مُمَثَّلِينْ فِي رَئِيس الْكَهَنَة مِنْ خِلاَل هذَا التَّرْتِيبْ ( بِحَسَبْ المَوَالِيد ؛ وَبِحَسَبْ الأسْبَاط ) . حَسَبْ المَوَالِيد :- نَاحِيَة نَظْهَر فِيهَا بِحَسَبْ التَّرْتِيبْ الطَّبِيعِي بِالتَّسَاوِي بِحَسَبْ مِيلاَدْنَا الجَدِيد وَنَوَالْنَا نِعْمَة البُنُّوَة لله الآب فِي المَعْمُودِيَّة وَهذَا يُعَبِّر عَنْ أنَّ بِدَايِة نِعْمَة البُنُّوَة الحَقِيقِيَّة لله وَاسْتِحْقَاقَات الدُّخُول ضِمْن قَطِيعُه المُقَدَّس تَبْدأ مِنْ المَعْمُودِيَّة أمَّا مَا يَسْبِقٌ المَعْمُودِيَّة أوْ غَيْر المُعَمَدٌ فَهُوَ غَيْر مُشْتَرِك فِي هذِهِ البَرَكَات المَوْهُوبَة لِلأبْنَاء فَقَطْ . حَسَبْ المَكَان الخَاص :- وَنَاحِيَة نَظْهَر فِيهَا كُلُّ وَاحِدٌ بِحَسَبْ مَكَانِهِ الخَاص وَلَمَعَانُه المُمَيَّز بِهِ كَمَا تَخْتَلِفْ الأحْجَار الكَرِيمَة بَعْضَهَا عَنْ بَعْض وَإِنْ كَانَتْ مُخْتَلِفَة وَلكِنَّهَا كُلَّهَا كَرِيمَة هكَذَا يَخْتَلِفْ المُؤمِنُون الوَاحِدٌ عَنْ الآخَر وَلكِنْ الجَمِيعْ مُتَسَاوُونْ فِي القُرْب مِنْ الله وَمَحْبُوبُون بِذَات المَحَبَّة اللاَنِهَائِيَّة وَلَنَا أنْ نَثِقٌ أنَّ رَئِيس كَهَنَتْنَا الأعْظَمْ يَحْمِلْنَا جَمِيعاً دُونَ تَمَيُّز عَلَى كَتِفِه فِي كَمَال مَجْدُه أمَام الله وَيَطْمَئِنْ عَلَى دُخُولْنَا إِلَى مَوَاضِعْ الرَّاحَة وَالسُّرُور الأبَدِي وَلَيْسَ مِنْ قَبِيل الصُدْفَة أنَّهُ حِينَ رَأى يُوحَنَّا فِي الرُؤْيَا الرَّبَّ فِي المَنْظَر شِبْه حَجَر اليَشْب وَالعَقِيقٌ وَهُمَا الحَجَرَان الكَرِيمَان آخِر وَأوِّل حَجَرَيْن يُرَصَعَان فِي الصَّدْرَة وَهذَا مَا يُبْهِج قُلُوبِنَا وَهُوَ ضَمَانْ إِحْتِوَاء الكُلَّ فِي قَلْبِهِ . إِحْتِوَاء الكُلَّ فِي قَلْبِهِ :- كَمَا رَأيْنَا أنَّ هذَا يُؤَكِّدْ ضَمَانْ إِحْتِوَاء الكُلَّ فِي قَلْبِهِ وَهُنَاك نَظْهَر بِتَرْتِيبْ مُخْتَلِفْ إِذْ لِكُلَّ وَاحِدٌ حَجَرُه الكَرِيم الخَاص بِهِ وَمَكَانُه المُعَيَّنْ لَهُ وَطَرِيقِة لَمَعَانُه المُتَمَيِّزَة وَفِي ذلِك يَخْتَلِفْ الوَاحِدٌ عَنْ الآخَر وَلكِنْ بِدُون مُنَافَسَة أوْ تَنَازُع بَلْ بِالعَكْس فِي إِتِفَاقٌ وَإِنْسِجَامٌ ألَيْسَتْ هذِهِ هِيَ الكَنِيسَة الَّتِي نَجِدٌ فِيهَا جَمَاعِة المُؤمِنِينْ حَيْثُ كُلَّ فَرْدٌ يَعْكِس الْمَسِيح وَيَرَى فِي كُلَّ وَاحِدٌ جَمَال خَاص وَلِكُلَّ عُضْو كَرَامَتِهِ وَمَكَانُه الخَاص فِي الجَسَدٌ ؟!!!وَلَنَا أنْ نَرَى الكَنِيسَة وَهيَ قَدْ أخَذَتْ جَمِيعْ المَوْلُودِينْ مِنْهَا إِلَى المَجْد وَهُنَاك أخَذُوا كَرَامَات وَمَوَاضِعْ بِحَسَبْ جِهَادِهِمْ وَأنْوَاعِهِمْ فَنَجِدٌ صُفُوفْ شُهَدَاء وَأبْرَار وَنُسَّاك وَمُعْتَرِفِينْ وَأبْطَال إِيمَان وَكُلٍّ لَهُ لَمَعَانُه الخَاص وَفِيمَا يَلِي جَدْوَل بِأسْمَاء الأسْبَاط وَمَعَانِيهَا وَنُوْع الحَجَر الَّذِي نُقِشَ عَلَيْهِ إِسْم السِبْط :- 1- الحَجَرعَقِيقٌ أحْمَر مَعْنَى السِبْط يَهُوذَا = يَحْمِدٌ { إِيَّاكَ يَحْمَدُ إِخْوَتُكَ }( تك 49 : 8 ) نَصِيبنَا مَعَهُ الحَمْد وَالتَّسْبِيح وَالفَرَح . 2- الحَجَر يَاقُوت أصْفَر مَعْنَى السِبْط يَسَّاكِر = أجْرَه نَصِيبنَا مَعَهُ مُكَافَأة الرَّبَّ عَنْ الجِهَادٌ. 3- الحَجَر زُمُّرُدٌ ( لُونُه أحْمَر قَاتِمْ )زَبُولُون = يَسْكُنْ مَعْنَى السِبْط { تَأْكُلُ تَعَبَ يَدَيْكَ }( مز 128 : 2 ) نَصِيبنَا مَعَهُ الَّذِي يَسْتَقِر فِي الرَّبَّ. 4- الحَجَر بَهْرَمَانٌ = أحْمَر يَمِيل إِلَى الصُفْرَة مَعْنَى السِبْط رَأْوبِين = رَأوا إِبْناً نَصِيبنَا مَعَهُ البّنُّوة لله. 5- الحَجَر يَاقُوت أزْرَق مَعْنَى السِبْط شِمْعُون = يَسْمَعْ نَصِيبنَا مَعَهُ الَّذِي يَسْمَعْ كَلِمَة الله وَيَعْمَلُ بِهَا. 6- الحَجَر( العَقِيقٌ الأبْيَض ) مَعْنَى السِبْط جَادٌ = جَيْش أوْ فِرْقَة نَصِيبنَا مَعَهُ قُوِّة أوْلاَدٌ الله. 7- الحَجَر عِينْ الهِرِّ ( القِطْ )حَجَر ثَمِين بِهِ نُقْطَة سَوْدَاء كَحَدَقِة عِينْ القِطْ مَعْنَى السِبْط أفْرَايِم = أثْمَار نَصِيبنَا مَعَهُ الَّذِي يُثْمِر لله. 8- الحَجَر يَشْمٌ = شَفَّاف وَقَدْ تَظْهَر عَلَيْهِ خُطُوط مِنْ عِدِّة ألْوَان مَعْنَى السِبْط مَنَسَّى = نِسْيَان نَصِيبنَا مَعَهُ الله يَنْسَى خَطَايَانَا. 9- الحَجَر" جَمْشَتٌ " لَهُ ألْوَان مُتَنَوِعَة مِنْهَا الأرْجُوانِي مَعْنَى السِبْط بِنْيَامِين = إِبْن اليَمِين نَصِيبنَا مَعَهُ مَكَانَنَا عَنْ يَمِينْ الآب. 10- الحَجَر " الزَبَرْجَدٌ " يُشْبِه الزَّمُرُّدٌ وَألْوَانُه مُخْتَلِفَة أشْهَرْهَا الأخْضَر مَعْنَى السِبْط دَان = دَيْنُونَة أوْ قَضَاء نَصِيبنَا مَعَهُ الَّذِي إِقْتَنَى نِعْمِة الإِفْرَاز وَالتَّمْيِيز. 11- الحَجَر الجَزْع مَعْنَى السِبْط أشِير = غِبْطَة أوْ طُوبَى نَصِيبنَا مَعَهُ التَّمَتُّع بِبَهْجِة المَلَكُوت. 12- الحَجَر" اليَشْبٌ " نُوع مِنْ البُللُور الثَّمِينْ مِنْهُ غِير شَفَّاف بِهِ نُقَطْ وَخُطُوط وَمِنْهُ أخْضَر قَاتِمْ مَعْنَى السِبْط نَفْتَالِي = مُصَارَعَه نَصِيبنَا مَعَهُ طَرِيقٌ الصِرَاع مَعَ الله الَّذِي يُعْطِي غَلْبَة. إِلَى أي سِبْط تَنْتَمِي ؟ وَإِنْ تَأمَّلْنَا فِي مَعَانِي أسْمَاء الأسْبَاط وَمَوَاضِعَهُمْ وَأنْوَاع الأحْجَار المُقْتَرِنَة بِهِمْ لَوَجَدْنَا مَنْهَجاً بَدِيعاً يَصِفْ فِيهِ الله صِفَات أوْلاَدُه وَوَاجِبَاتِهِمْ وَمَوَاعِيدُه تِجَاهِهِمْ وَعَلَى كُلَّ عُضْو فِي جَسَدٌ الْمَسِيح السِّرِّي الَّذِي هُوَ الكَنِيسَة أنْ يَنْظُر إِلَى نَفْسِهِ وَيَتَأمَّلْهَا وَيَعْرِفْهَا جَيِّداً وَيَعْرِف إِلَى أي سِبْط يَنْتَمِي وَعَلَى أي حَجَر كَرِيم نُقِشَ إِسْمُه وَفِي أي مَكَان يُوْجَدٌ فَلاَبُدْ لَكَ مِنْ مَكَان وَإِلْتِزَام تِجَاه هذَا المَكَان وَوَعْدْ مِنْ الله لِتَشْتَرِك فِي بَرَكَاتُه وَتُحْفَظْ فِي قَلْبُه كُلَّ حِينٍ . التِّذْكَار :- يُذْكَر عَنْ حَجَرَيْ الجَزْع اللَّذَان عَلَى كَتِفَيْ رَئِيس الْكَهَنَة أنَّهُمَا لِلتِّذْكَار وَكَذلِك الأحْجَار المَوْضُوعَة فِي الصَدْرَة تِذْكَاراً لِبَنِي إِسْرَائِيل لِلتِّذْكَار أمَام الرَّبِّ دَائِماً ( خر 28 : 29 ) إِنَّ الله يَعْرِف أنَّ طَبِيعِة البَشَر فِي ضَعْفِهَا دَائِماً تَمِيل إِلَى النِّسْيَان فَيُحِبْ الرَّبَّ أنْ يُذَكِّرَهُمْ بِعَمَلُه مَعَهُمْ وَأيْضاً يَنْقِل إِلَيْهِمْ مَشَاعِر مَحَبَّتِهِ بِأنَّهُ دَائِماً يَذْكُرَهُمْ وَكَأنَّهُ تِذْكَار مُتَبَادَل هُمْ يَتَذَكَّرُوا مَرَاحِمْ الرَّبَّ وَإِحْسَانَاتُه مَعَهُمْ وَأيْضاً يَتَذَكَّر الرَّبَّ مَوَاعِيدُه مَعَهُمْ إِنَّهُ تِذْكَار لِمَا عَمَلَهُ الرَّبَّ مَعَ شَعْبُه ﴿ أَنَا حَمَلْتُكُمْ عَلَى أَجْنِحَةِ النُّسُورِ وَجِئْتُ بِكُمْ إِلَيَّ ﴾( خر 19 : 4 ) ﴿ كَمَا يُحَرِّكُ النِّسْرُ عُشَّهُ وَعَلَى فِرَاخِهِ يَرِفُّ وَيَبْسُطُ جَنَاحَيْهِ وَيَأْخُذُهَا وَيَحْمِلُهَاعَلَى مَنَاكِبِهِ هكَذَا الرَّبُّ وَحْدَهُ اقْتَادَهُ وَلَيْسَ مَعْهُ إِلهٌ أَجْنَبِيٌّ ﴾ ( تث 32 : 11 – 12) فَالرَّبُّ ﴿ بِمَحَبَّتِهِ وَرَأْفَتِهِ هُوَ فَكَّهُمْ ( مِنْ العُبُودِيَّة ) وَرَفَعَهُمْ وَحَمَلَهُمْ كُلَّ الأَيَّامِ الْقَدِيمَةِ ﴾( أش 63 : 9 ) وَهُمَا أيْضاً لِلتِّذْكَار لِمَا سَيَحْمِلَهُ عَلَى عَاتِقِهِ رَئِيسُ الْكَهَنَة الأعْظَمْ رَبَّنَا يَسُوع الْمَسِيح مِنْ أجْل خَلاَصِنَاهذَا الَّذِي تَنَبَّأ عَنْهُ أشْعِيَاءُ النَّبِيِ قَائِلاً ﴿ أَحْزَانَنَا حَمَلَهَا وَأَوْجَاعَنَا تَحَمَّلَهَا وَنَحْنُ حَسِبْنَاهُ مُصَاباً مَضْرُوباً مِنَ اللهِ وَمَذْلُولاً . وَهُوَ مَجْرُوحٌ لأِجْلِ مَعَاصِينَا مَسْحُوقٌ لأِجْلِ آثَامِنَا تَأْدِيبُ سَلاَمِنَا عَلَيْهِ وَبِحُبُرِهِ شُفِينَا . كُلُّنَا كَغَنَمٍ ضَلَلْنَا مِلْنَا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى طَرِيقِهِ وَالرَّبُّ وَضَعَ عَلَيْهِ إِثْمَ جَمِيعِنَا . ظُلِمَ أَمَّا هُوَ فَتَذَلَّلَ وَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُ كَشَاةٍ تُسَاقُ إِلَى الذَّبْحِ وَكَنَعْجَةٍ صَامِتَةٍ أَمَامَ جَازِّيهَا فَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُ مِنَ الضُّغْطَةِ وَمِنَ الدَّيْنُونَةِ أُخِذَ . وَفِي جِيلِهِ مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنَّهُ قُطِعَ مِنْ أَرْضِ الأَحْيَاءِ أَنَّهُ ضُرِبَ مِنْ أَجْلِ ذَنْبِ شَعْبِي . وَجُعِلَ مَعَ الأَشْرَارِ قَبْرُهُ وَمَعْ غَنِيٍّ عِنْدَ مَوْتِهِ . عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ ظُلْماً وَلَمْ يَكُنْ فِي فَمِهِ غِشٌّ أَمَّا الرَّبُّ فَسُرَّ بِأَنْ يَسْحَقَهُ بِالْحُزْنِ . إِنْ جَعَلَ نَفْسَهُ ذَبِيحَةَ إِثْمٍ يَرَى نَسْلاً تَطُولُ أَيَّامُهُ وَمَسَرَّةُ الرَّبِّ بِيَدِهِ تَنْجَحُ . مِنْ تَعَبِ نَفْسِهِ يَرَى وَيَشْبَعُ . وَعَبْدِي الْبَارُّ بِمَعْرِفَتِهِ يُبَرِّرُ كَثِيرِينَ وَآثَامُهُمْ هُوَ يَحْمِلُهَا . لِذلِكَ أَقْسَمُ لَهُ بَيْنَ الأَعِزَّاءِ وَمَعَ الْعُظَمَاءِ يَقْسِمُ غَنِيمَةً مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ سَكَبَ لِلْمَوْتِ نَفْسَهُ وَأُحْصِيَ مَعْ أَثْمَةٍ وَهُوَ حَمَلَ خَطِيَّةَ كَثِيرِينَ وَشَفِعَ فِي الْمُذْنِبِينَ ﴾ ( أش 53 : 4 – 12) . الفِصْح وَالتِّذْكَار :- وَهُنَا نَتَذَكَّر أنَّ العِيد الوَحِيدٌ الَّذِي تَتَصِل بِهِ كَلِمَة " تَذْكَار " هُوَ عِيد الفِصْح إِذْ يُوصِيهُمْ قَائِلاً﴿ وَيَكُونُ لَكُمْ هذَا الْيَوْمُ تَذْكَاراً فَتُعَيِّدُونَهُ عِيداً لِلرَّبِّ فِي أَجْيَالِكُمْ تُعَيِّدُونَهُ فَرِيضَةً أَبَدِيَّةً ﴾( خر 12 : 14) وَبُنَاءً عَلِيه كَانَ لَدَيْهِمْ أمْرَان دَائِمَان لِلتِّذْكَار نَجَاتِهِمْ مِنْ عُبُودِيِّة مَصْر بِوَاسِطَة دَمٌ خَرُوف الفِصْح وَقَبُولَهُمْ أمَام الله فِي لَمَعَان وَمَجْد الأحْجَار الكَرِيمَة الَّتِي نُقِشَتْ عَلَيْهَا أسْمَاؤُهُمْ عَلَى كَتِفَيْ وَعَلَى صَدْر رَئِيسُ الْكَهَنَة . كَنِيسِة العَهْد الجَدِيد وَالتِّذْكَار :- كَذلِك نَحْنُ أبْنَاء كَنِيسَة العَهْد الجَدِيد لَدَيْنَا أمْرَان عَظِيمَان يَجِبْ أنْ نَذْكُرْهُمَا دَائِماً :- خَلاَصِنَا بِوَاسِطَة ذَبْحٌ فِصْحَنَا الْمَسِيح الَّذِي جَعَلَتْهُ الكَنِيسَة فِصْحاً دَائِماً مُقَدَّماً بِاسْتِمْرَارعَلَى المَذْبَح لِيُعْطِي لِلمُؤمِنِينْ الغُفْرَان وَالخَلاَص فَصَارَتْ ذَبِيحِة القُدَّاس الإِلَهِي هِيَ أعْظَمْ عَمَل يَقُوم بِهِ الإِنْسَان عَلَى الأرْض إِذْ هُوَ إِسْتِمْرَارٌ وَامْتِدَادٌ لِذَبِيحِة الصَّلِيب الَّتِي قُدِّمَتْ عَنْ خَلاَص العَالَمْ كُلُّه فَصَارَتْ رِسَالِة الكَنِيسَة أنْ تَصْنَعْ ذِكْرَى آلاَمُه المُقَدَّسَة وَتُحَقِّقٌ كَلاَمٌ مُخَلِّصْهَا ﴿ إِصْنَعُوا هذَا لِذِكْرِي ﴾ فَمَا أجْمَلَهُ تَذْكَار نَصْنَعَهُ وَيُسَلَّمْ مِنْ جِيل إِلَى جِيل وَنَسْتَمِر نَذْكُرُه إِلَى أنْ يَجِئ بِحَسَبْ قَوْل الكَنِيسَة ﴿ وَتَذْكُرُونَنِي إِلَى أنْ أجِئ ﴾ . تَذْكَار قَبُولْنَا الدَّائِمْ أمَام الله كَأوْلاَدُه قَبُولاً ثَابِتاً فِي كُلَّ مَجْدٌ وَكَمَال إِبْنِهِ الحَبِيبْ وَالتَّذْكَار لَيْسَ لِلشَّعْب فَقَطْ بَلْ يُقَال أيْضاً لِلتِّذْكَار أمَام الرَّبَّ دَائِماً فَمَا كَانَ يُمْكِنْ أنْ يَدْخُل هَارُون إِلَى القُدْس دُونَ أنْ يَضَعْ أمَام عَيْنَيَّ الرَّبَّ كُلَّ الكَمَال الَّذِي تَظْهَر فِيهِ أسْمَاء الشَّعْب قُدَّامُه إِذْ تَسْطَعْ عَلَى الأحْجَار الكَرِيمَة أنْوَار المَنَارَة وَهكَذَا يُوْجَدٌ لَنَا تِذْكَاراً دَائِماً أمَام الله فِي شَخْص رَئِيس الْكَهَنَة الأعْظَمْ الَّذِي يُقَدِّمْنَا إِلَيْهِ فِي كَمَال مَحَبَّتِهِ وَقُوَّتِهِ لاَمِعِينْ وَمُضِيئِينَ فِي مَجْدِهِ وَبِلاَ لَوْم فِي قَدَاسَتِهِ وَمُبَرَّرِينْ فِي بِرِّهِ وَأقْوِيَاء لأِنَّهُ هُوَ قُوَّتْنَا وَلَنَا جَمَال وَكَمَال هُمَا جَمَالُه وَكَمَالُه . أمَام الرَّبَّ دَائِماً :- وَالتَّذْكَار هُوَ أمَام الرَّبَّ دَائِماً وَكَلِمَة " دَائِماً " نَجِدْهَا مُرْتَبِطَة بِأُمور كَثِيرَة :- مُرْتَبِطَة بِخُبْز الوُجُوه﴿ وَتَجْعَلُ عَلَى الْمَائِدَةِ خُبْزَ الْوُجُوهِ أَمَامِي دَائِماً ﴾ ( خر 25 : 30 ) وَمُرْتَبِطَة بِالمَنَارَة﴿ لإِصْعَادِ السُّرُجِ دَائِماً ﴾ ( خر 27 : 20 ) وَمُرْتَبِطَة بِالبُخُور العَطِر ﴿ بَخُوراً دَائِماً أَمَامَ الرَّبِّ ﴾ ( خر 30 : 8 ) وَمُرْتَبِطَة بِالمُحْرِقَة وَالنَّار الَّتِي عَلَى المَذْبَحٌ دَائِماً ( خر 29 : 38 ) كُلَّ هذَا يُحَدِّثْنَا عَنْ ظُهُور الْمَسِيح أمَام الله دَائِماً لأِجْلِنَا إِذْ هُوَ حَيٌّ فِي كُلَّ حِينٍ يَشْفَعُ فِينَا( عب 7 : 25 )فَفَاعِلِيِة ذَبِيحَتِهِ فَاعِلِيَّة دَائِمَة وَنَحْنُ عَلَى أسَاسْهَا مَقْبُولُون أمَام الله فِي المَحْبُوب وَكَامِلُون فِيهِ وَلَنَا فِي صَدْرَة القَضَاء بَرَكَات تَفِيض عَلَى نِفُوسِنَا إِنْ أدْرَكْنَاهَا فَرِحَتْ نِفُوسْنَا وَابْتَهَجَتْ كَمَنْ إِرْتَفَعَ عَنْ الأرْض وَاسْتَوْطَنْ السَّمَاء فَابْتَهَجَتْ نَفْسُه وَلَمْ يَشَأ الرُّجُوع إِلَى الأرْض مَا أجْمَلٌ أنْ نَكْتَشِفْ أنْفُسَنَا مُسْتَقِرِينْ فِي صَدْرَة القَضَاء مُمَجَدِينْ فِي ضِيَاء لَمَعَانِهِ إِذْ جَعَلَ إِسْمَهُ عَلَيْنَا وَبَسَطَ ذِيلُه عَلَيْنَا فَصَارَتْ نِفُوسْنَا جَمِيلَةٌ جِدّاً بِجَمَالِهِ الَّذِي جَعَلَهُ عَلَيْنَا وَنَقْرأ عَنْ جَمَالْنَا فِي نُبُّوِة مَلاَخِي إِذْ نَجِدٌ أنَّ الله يَدْعُو شَعْبُه جَوَاهِرُه إِذْ يَقُول ﴿ وَيَكُونُونَ لِي قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ فِي الْيَوْمِ الَّذِي أَنَا صَانِعٌ خَاصَّةً ﴾ * وَفِي الأصْل العِبْرِي " جَوَاهِرِي " * ( ملا 3 : 17 )هُوَ يَحْمِلْنَا عَلَى صَدْرِهِ كَجَوَاهِر ثَمِينَة لأِنَّهُ حِينَ يَجِئ لِيَتَمَجَّدٌ فِي قِدِّيسِيه وَيُتَعَجَّبْ مِنْهُ فِي جَمِيعْ المُؤْمِنِينْ ( 2تس 1 : 10) . القس أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا أنطونيوس محرم بك الاسكندرية عن كتاب مَلاَبِس رَئِيس الكَهَنَة
المزيد
06 أكتوبر 2019

ملابس رئيس الكهنة

قَدْ يَبْدُو الحَدِيث عَنْ مَلاَبِس رَئِيس الْكَهَنَة حَدِيثاً جَافّاً بِلاَ فَائِدَة وَقَدْ يَشْتَكِي البَعْض مِنْ عَدَم فَهْم هذِهِ التَّفَاصِيل الَّتِي تَبْدُو صَعْبَة لأِوَّل وَهْلَة وَلكِنْ نَدْعُوك عَزِيزِي القَارِئ بِنِعْمَة الله لِلدُّخُول مَعَنَا فِي جَوْلَة مُمْتِعَة لِنَتَعَرَّف عَلَى أسْرَار مَحَبِّة الله وَرِعَايَتَهُ لِشَعْبِهِ مِنْ خِلاَل مَلاَبِس رَئِيس الْكَهَنَة وَأيْضاً نَكْتَشِفْ عَظَمِة الوَحْي الإِلهِي الَّذِي أشَارَ إِلَى السَيِّد الْمَسِيح رَئِيسُ الْكَهَنَة الأعْظَم فِي كُلَّ أجْزَاء وَتَفَاصِيل مَلاَبِس رَئِيسُ الكَهَنَة وَلكِنْ بِصُورَة سِرِّيَّة بَدِيعَة وَهذَا مَا نُحَاوِل أنْ نَكْتَشِفُه مِنْ خِلاَل هذِهِ الجَوْلَة . ثيابا مقدسة للمجد والبهاء:- أعْلَنْ الله إِرَادَتَهُ المُقَدَّسَة لِمُوسَى النَّبِي أنْ يَصْنَع لِلكَهَنَة وَرَئِيسَهُمْ مَلاَبِس مُقَدَّسَة فِي أقْصَى حُدُود الجَمَال وَالجَلاَل تَلِيقٌ بِمَجْدِهِ وَخِدْمَتِهِ وَحِينَ نَدْخُل بِنِعْمَة الله فِي التَّأمُّل فِي تَفَاصِيل هذِهِ الثِّيَاب سَنَجِد أنَّهَا لَيْسَ مُجَرَّدٌ ثِيَاب ذَات أوْصَاف مُحَدَّدَة مِنْ مَوَاد أوْ ألْوَان بَلْ هِيَ إِعْلاَن عَنْ عِلاَقَة الله بِشَعْبِهِ مِنْ خِلاَل الْكَاهِنْ فَالكَهَنُوت الهَارُونِي قَدْ تَرَّتَبْ مِنْ الله لأِجْل الشَّعْب الَّذِي لَمْ يَكُنْ لَهُ حَقٌ فِي ذَاتُه أنْ يَدْنُو مِنْ الله فَاحْتَاج إِلَى شَخْص يَظْهَر أمَام الله دَائِماً مِنْ أجْلُهُمْ ﴿ وَاصْنَعْ ثِيَاباً مُقَدَّسَةً لِهَارُون أَخِيكَ لِلْمَجْدِ وَالْبَهَاءِ وَتُكَلِّمُ جَمِيعَ حُكَمَاءِ الْقُلُوبِ الَّذِينَ مَلأْتُهُمْ رُوحَ حِكْمَةٍ أَنْ يَصْنَعُوا ثِيَابَ هَارُونَ لِتَقْدِيسِهِ لِيَكْهَنَ لِي ﴾ ( خر 28 : 2 – 3 ) كَانَ أمر الله أنْ تُصْنَع ثِيَاب مُقَدَّسَة لِهَارُون أوَّلاً لأِنَّهُ هُوَ رَئِيس الْكَهَنَة لأِنَّهُ يَرْمُز إِلَى السَيِّد الْمَسِيح رَئِيسُ الْكَهَنَة الأعْظَم وَدُعِيَتْ مُقَدَّسَة لأِنَّهَا مُكَرَّسَة لِلخِدْمَة إِذْ تَخَصَّصَتْ لِخِدْمِة الرَّبَّ القُدُّوس وَقَوْلِهِ * لِلْمَجْدِ وَالْبَهَاءِ * أي لِلجَلاَل وَالعَظَمَة وَالجَمَال لِكَيْ تَلِيقٌ بِمَجْد الله الَّذِي يَجِبْ أنْ يُسْجَد لَهُ وَيُعْبَدٌ فِي زِينَة مُقَدَّسَة وَكَأنَّهَا تُحَدِّث بِمَجْد الله بِحَسَبْ تَعْبِير سِفْر أخْبَار الأيَّام الأوَّل ﴿ لأِنَّ الرَّبَّ عَظِيمٌ وَمُفْتَخَرٌ جِدّاً وَهُوَ مَرْهُوبٌ فَوْقَ جَمِيعِ الآلِهَةِ لأِنَّ كُلَّ آلِهَةِ الأُمَمِ أَصْنَامٌ وَأَمَّا الرَّبُّ فَقَدْ صَنَعَ السَّموَاتِ الْجَلاَلُ وَالْبَهَاءُ أَمَامَهُ الْعِزَّةُ وَالْبَهْجَةُ فِي مَكَانِهِ هَبُوا الرَّبَّ يَا عَشَائِرَ الشُّعُوبِ هَبُوا الرَّبَّ مَجْداً وَعِزَّةً ﴾ ( 1أخ 16 : 25 – 28 ) فَهْيَ ثِيَاب لاَ تَخُص الْكَاهِن كَشَخْص بَلْ الْكَهَنُوت كَكَرَامَة أمَام الله وَهُنَا نَتَذَكَّر القِصَّة الَّتِي حَدَثَتْ مَعَ شَخْص سَمَعْ عَنْ نُسْك القِدِيس بَاسِيلْيُوس وَتَقَشُّفِهِ فَذَهَبَ لِيَرَاه فَوَجَدَهُ يَلْبِس مَلاَبِس فَاخِرَة جَمِيلَةٌ أثْنَاء القُدَّاس فَسَألَهُ كَيْفَ تَلْبِس هذِهِ المَلاَبِس رَغْم مَا نَسْمَعَهُ عَنْكَ فِي نُسْك وَتَقَشُّف ؟!! فَأخَذَهُ جَانِباً وَأرَاه المَلاَبِس الَّتِي تَحْت مَلاَبِس الْكَهَنُوت فَوَجَدَهَا مِنْ الخِيش الخِشِنْ وَقَالَ لَهُ أنَّهُ لاَ يَلْبِس هذِهِ المَلاَبِس لأِجْل شَخْصُه بَلْ لِعَظَمِة الْكَهَنُوت وَبَهَاؤه أمَرَ الله بِتَفَاصِيل إِقَامِة مُحْتَوَيَات خِيمِة الإِجْتِمَاع فِي غَايِة الدِّقَّة وَالرَّوْعَة وَأيْضاً أمَرْ بِجَمَال وَبَهَاء ثِيَاب الْكَهَنَة لِيَكُونُوا مُمَجَّدِينْ وَذَوِي كَرَامَة عَالِيَة فِي عُيُون الشَّعْب وَبِذلِك يَكُون الجَمَال وَالبَهَاء مُتَنَاسِباً بَيْنَ الخِيمَة وَالخُدَّامَ فِيهَا وَبِذلِك تُقَدِّم خِدْمَة تَلِيقٌ بِمَجْد وَبَهَاء الَّذِي خَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ حَسَناً . فهى ثياب تتحدث إِذْ لَمْ تَكُنْ الثِيَاب غَايَة فِي حَدٌ ذَاتْهَا بَلْ تَتَحَدَّث وَتَشْهَدٌ عَنْ أُمُور كَثِيرَة مِنْهَا :- أنَّهَا تَتَحَدَّث عَنْ عِظَم شَأن رَئِيس الْكَهَنَة وَتُضْفِي عَلَيْهِ مَجْداً وَبَهَاءً لَيْسَ لَهُ فِي ذَاتُه وَإِنَّمَا تَتَحَدَّث عَنْ مَجْد شَرَفْ الخِدْمَة الَّتِي يَقُوم بِهَا تَتَحَدَّث وَتَشْهَدٌ عَنْ وُجُودٌ الرَّبَّ بَيْنَ شَعْبِهِ وَرَغْبَتِهِ فِي أنْ يُهْدِي وَيُقَدِّس وَيَغْفِر لِجَمَاعَتِهِ المُخْتَارَة المَحْبُوبَة جِدّاً لَدَيْهِ تَتَحَدَّث عَنْ إِحْتِيَاج رَئِيس الْكَهَنَة لِمَجْد هذِهِ الثِيَاب إِذْ تُخْبِر عَنْ عُرْيُه الشَّخْصِي فِي عَيْنَيّ قُدُّوس إِسْرَائِيل وَلِذلِك إِحْتَاج إِلَى ثِيَاب تُكْسِبُه مَجْداً وَبَهَاءً تَتَحَدَّث عَنْ رَئِيس كَهَنَة آخَر أعْظَمْ لاَ يَحْتَاج إِلَى ثِيَاب مَصْنُوعَة بِالأيَادِي يَلْتَمِس مِنْهَا مَجْدُه وَبَهَاؤه بَلْ كَانَتْ تُخْبِر عَنْ رَئِيس الْكَهَنَة الأعْظَم الَّذِي أخْبَرْنَا عَنْهُ القِدِيس بُولِس الرَّسُول﴿ هُوَ بَهَاءُ مَجْدِهِ وَرَسْمُ جَوْهَرِهِ وَحَامِلٌ كُلَّ الأَشْيَاءِ بِكَلِمَةِ قُدْرَتِهِ ﴾ ( عب 1 : 3 ) فَهْيَ تُعْلِنْ المُفَارَقَة البَعِيدَة المَدَى الشَّاسِعَة بَيْنَ كَهَنُوت هَارُون وَكَهَنُوت الرَّبَّ يَسُوع الَّذِي لَهُ كُلَّ مَجْد الآب وَالَّذِي لَهُ المَقَام الإِلهِي وَالمَجْد الأزَلِي فَهُوَ الإِبْن الوَحِيد المَمْلُوء نِعْمَة وَحَقّاً تَتَحَدَّث عَنْ إِحْتِيَاج كَهَنُوت هَارُون لِمَجْد وَبَهَاء هذِهِ الثِيَاب إِلاَّ أنَّ رَئِيسُ الْكَهَنَة الأعْظَمْ يَسُوع الْمَسِيح هُوَ الَّذِي أعْطَى وَظِيفِة الْكَهَنُوت مَقَامَهَا وَكَرَامَتِهَا وَالعَجِيب رَغْم كُلَّ هذِهِ الثِّيَاب وَبَهَاءَهَا إِلاَّ أنَّنَا نَجِد أنَّ رَئِيس الْكَهَنَة لَمْ يَدْخُل قَطْ إِلَى قُدْس الأقْدَاس مُرْتَدِياً هذِهِ الثِّيَاب وَلاَ يَقِفْ أمَام الله بِهذِهِ الصِفَات الَّتِي تُعْلِنْهَا تِلْكَ المَلاَبِس إِذْ كَانَ يَدْخُل إِلَى قُدْس الأقْدَاس مَرَّة وَاحِدَة فَقَطْ فِي السَنَة يَوْم الكَفَّارَة العَظِيمْ مُتَسَرْبِلاً بِثَوْب مِنَ الكِتَّان فَقَطْ هَلْ عَلَمْت لِمَاذَا ؟ لأِنَّ كَمَال المَجْد وَالبَهَاء اللَّذَانْ تَتَحَدَّث عَنْهُمَا تِلْكَ الثِيَاب هُمَا يَخُصَان الرَّبَّ يَسُوع وَحْدَهُ الَّذِي فِيهِ يَكْمُل فِكْر الله مِنْ جِهَة الْكَهَنُوت . حكماء القلوب:- ﴿ وَتُكَلِّمُ جَمِيعَ حُكَمَاءِ الْقُلُوبِ الَّذِينَ مَلأْتُهُمْ رُوحَ حِكْمَةٍ أَنْ يَصْنَعُوا ثِيَابَ هَارُونَ لِتَقْدِيسِهِ لِيَكْهَنَ لِي ﴾ ( خر 28 : 2 – 3 ) لَمْ يَتْرُك الله بَنِي إِسْرَائِيل لِيَعْمَلُوا هذِهِ الثِّيَاب كَمَا شَاءُوا بَلْ وَصَفَ لَهُمْ كُلَّ قِطْعَة مِنْهَا وَصْفاً دَقِيقاً فَلاَ مَجَال لِلأفْكَار الشَّخْصِيَّة أوْ الإِبْتِكَار أوْ الخَيَال بَلْ هُنَاك صِفَتَانْ :- أوَّلاً : حُكَمَاء القُلُوب أي لَهُمْ رُوح المَعْرِفَة وَالحِكْمَة ثَانِياً : مَلأتَهُمْ مِنْ رُوح الحِكْمَة وَكَأنَّ الله يُرِيدْ أنْ يُعْلِن أنَّهُ يَقُود حُكَمَاء القُلُوب الَّذِينَ يَطْلُبُون مَجْدُه وَيَخَافُون إِسْمُه فَيُرْشِدَهُمْ وَيَلْهِمَهُمْ فِي كُلَّ أعْمَالِهِمْ لِيُعْلِنْ مَجْدُه وَسَطْ العَالَمْ فَالله هُوَ مَصْدَر كُلَّ مَعْرِفَة وَهُوَ وَاهِبْ المَوَاهِبْ وَهُوَ يَسْتَخْدِم وَيُقَدِّس مَوَاهِبْ البَشَر لِتَعْمَل لِحِسَاب مَجْدُه فَمَا أعْجَبْ تَنَازُل رُوح الله الَّذِي يُظْهِر قُدْرَتَهُ فِي الأشْيَاء المَحْسُوسَة الفَانِيَة حَتَّى تُسْتَعْلَنْ قُدْرَتَهُ فِي كُلَّ شَيْء مُسْتَخْدِماً حُكَمَاء القُلُوب عَزِيزِي القَارِئ إِنَّ الله يُرِيدْ أنْ يَسْتَخْدِم قُدْرَاتَك وَيَقُودٌ مَوَاهِبَك بِنِعْمِة رُوحُه القُدُّوس لِيُقَدِّسَك لِحِسَاب مَجْد مَلَكُوتُه الإِلهِي فَكُنْ أمِيناً فِي تَسْلِيم مَوَاهِبَك وَقُدْرَاتَك لِيَعْمَل بِهُمَا مَا يَشَاء . تفاصيل الثياب:- ﴿ وَهذِهِ هِيَ الثِّيَابُ الَّتِي يَصْنَعُونَهَا صُدْرَةٌ وَرِدَاءٌ وَجُبَّةٌ وَقَمِيصٌ مُخَرَّمٌ وَعِمَامَةٌ وَمِنْطَقَةٌ ﴾( خر 28 : 4 ) .. وَيُمْكِنْ أنْ نُقَسِّم الثِّيَاب * مِنْ الخَارِج إِلَى الدَّاخِل * إِلَى :- الرّدَاء ( أُفُودٌ ) وَهُوَ الثُوب الخَارِجِي مِثْلَ قَمِيص قَصِير يَصِل إِلَى مَا قَبْلَ الرُّكْبَتَيْن لَهُ كِتْفَان مَوْصُولاَن وَبِلاَ أكْمَام . الصَّدْرَةٌ ( صَدْرَة القَضَاء ) وَهيَ أثْمَنْ المَلاَبِس وَأعْجَبَهَا وَهيَ قِطعَة مُرَبَعَة طُولَهَا تَقْرِيباً شِبْر وَعَرْضَهَا شِبْر تُثَبَّتْ فِي كِتْفَيَّ الرِّدَاء بِوَاسِطَة سَلاَسِل مِنْ ذَهَبْ مُرَّصَعَة بِصُفُوف مِنْ الأحْجَار الكَرِيمَة . الأُورِيم وَالتُّمِّيم وَهُمَا حَجَرَان مِنْ المَاس مَوْضُوعَان عَلَى الصَّدْرَة . الجُبَّة وَهُوَ ثُوب مَنْسُوج طَوِيل أسْمَانْجُونِي ( أزْرَق سَمَاوِي ) بِلاَ كُمَّيْن يُلْبَس تَحْت الصَّدْرَة مِنْ الرَّقَبَة إِلَى الرُّكْبَتَيْنِ وَتَنْتَهِي أذْيَالَهُ بِرُّمَانَات مِنْ أسْمَانْجُونِي وَأُرْجُوَان وَقِرْمِز وَجَلاَجِل ذَهَبْ . العَمَامَة وَصَفِيحِة الذَّهَبْ العَمَامَة مِنْ الكِتَّان النَّقِي تُلَفْ حَوْل الرَّأس وَصَفِيحِة الذَّهَبْ مُثَبَّتَة عَلَى العَمَامَة مَكْتُوب عَلَيْهَا " قُدْس لِلرَّبَّ " . القَمِيص هُوَ أوِّل شِئ يَرْتَدِيه رَئِيس الكَهَنَة وَهُوَ ثُوب ذُو كُمَّيْن مِنْ الكِتَّان يَصِل إِلَى القَدَمَيْنِ وَيَسْتُر كُلَّ الجِسْم وَالسِرْوَال هُوَ ضَرُورِي لِسَتْر العَوْرَة وَهُوَ يُغَطِّي مِنْ الحَقَوَيْن إِلَى الرُّكْبَتَيْن . المَنْطِقَة وَهيَ قِطْعَة مِنْ الكِتَّان المُطَرَّز ذَاتَ ألْوَان يُخَالِط نَسِيجَهَا الذَّهَبْ وَيَشْتَد بِهَا الوَسَطْ . القس أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا أنطونيوس محرم بك الاسكندرية عن كتاب مَلاَبِس رَئِيس الكَهَنَة
المزيد
16 ديسمبر 2018

التصالح مغ الله

معلمنا بولس الرسول يقول في رسالته الثانية لأهل كورنثوس ” الله كان في المسيح مُصالحاً العالم لنفسهِ غير حاسبٍ لهم خطاياهم وواضعاً فينا كلمة المُصالحة “ ( 2كو 5 : 19) عمل المسيح الرئيسي خدمة المصالحة أي يصالحنا مع الله أيوب الصديق قديماً صدر منه أنين يقول” ليس بيننا مُصالح يضع يده على كلينا “ ( أي 9 : 33 ) ألا يوجد شخص يقول للخاطئ إعتذر وللمُخطئ إليه إقبل اعتذاره وصالحه ؟ هكذا فعل معنا يسوع أعطانا خدمة المصالحة لكنها كلفته الكثير صليبه ودمه لذلك ربنا يسوع لما صُلِب تعلق بين السماء والأرض وبسط يديه الإثنين ليُقدم خدمة المصالحة أفقي ورأسي عرضي وطولي تصالحوا مع الله أن نتصالح مع الله لذلك لابد أن نعرف أن :- الخطية خصومة :- الخطية ابتعاد عدو الخير لا يعنيه كثيراً أن نُخطئ لكنه يهمه أن نبتعد وأن تحدث فجوة وخصومة لم يكن هدفه أن يأكل آدم من الشجرة لكن كان همه ما حدث بعد الأكل من الشجرة إبتعد خاف فصار فجوة كبيرة بينه وبين الله لذلك كان هدفه الإبتعاد أين أنت يا آدم ؟ يقول ” سمعت صوتك في الجنة فخشيت “ ( تك 3 : 10 ) كيف وأنت معتاد صوت الله ؟ صار مطرود من حضرة الله ما يعني عدو الخير ليس خطايانا بل ابتعادنا عن الله ويعنيه بالأكثر ليس تكرار الخطية بل زيادة الإبتعاد والشعور باليأس لذلك يقول ” كل من يفعل الخطية يفعل التعدي أيضاً “ ( 1يو 3 : 4 ) لأنه انتهت الوحدة بيني وبين الله بالخطية خسرت ثلاثة أمور خسرت الله ونفسي والسماء هذه الثلاثة تحدث في لحظة يا للخطية مُهينة ومُذلة جداً إبتعاد وخصومة وإفساد الصورة والطبيعة مزيد من الإبتعاد والخصومة ويصير صوت الله غريب ويصير التسبيح ثقيل والتوبة ثقيلة فيزداد الإبتعاد وتزداد صعوبة التوبة أكثر وهذا هدف عدو الخير إبتعاد الإنسان عن خالقه لأنه أصلاً هو كان طغمة سماوية فهو أفضل واحد يعرف معنى القرب من الله لذلك هو طُرِد من حضرة الله ويريد أن نُطرد نحن أيضاً مثله ونبعِد عن خالقنا لأننا لما نقترب من الله كأننا نأخذ مكانه فيغار الخطية خصومة وابتعاد الخطية خاطئة جداً ( رو 7 : 13) . الخطية صنعت شرخ بيننا وبين الله :- عدو الخير يجعلني أصنع الخطية لكي يُفسد علاقتي بالله ويصير القداس بالنسبة ليَّ ثِقَل لا أستطيع أن أتمتع به والإنجيل والصلاة لا أفهمها وتتكون طبقات عازلة بيني وبين الله إهانة مع الوقت تصنع الخطية قساوة وفجوة وقد تكون عداوة لكن العداوة يصنعها العدو إنه يجعل الفجوة تزداد وتيأس من نفسك ومن مراحم الله لترى الخطية وسلطانها وتأمل آثار الخطية في حياتك وقلبك والضعف الذي سببته لإيمانك وما فعلته في وحدِتك مع الله وفي آذانك الروحية وجسدك ونفسك ومشاعرك إهانة . الصُلح بالصليب :- لكي نتصالح لابد أن نعرف ونكتشف الضرر الذي وقع علينا من الإبتعاد ومدى المهانة والمذلة القديس يوحنا ذهبي الفم يقول ” إن العبودية لسيد قاسي أهون من العبودية للخطية “ سيد قاسي أي يأمر وينتهر ويضرب ورغم ذلك الخطية أقوى من ذلك لذلك علينا أن نكتشف هذا الهوان أنت يا الله رأيت أولادك بيتعدوا ويُهانوا ماذا فعلت ؟ يقول أنا خدمت خدمة المصالحة أنا كراعي صالح سعيت في طلب الضال كان عملي الأساسي أن أرد آدم وبنيه للفردوس أن أعمل المصالحة عن طريق الصليب دبر الله الخلاص والصلح للإنسان كيف يُعيده للوحدة معه ويُعيد له الصورة الإلهية وللإتحاد الإلهي والبركة الإلهية ولا يجعله بعيد عن حضرة الله ويُذيب الفوارق والجمود الذي حدث له فتجسد ناب عنا أخذ جسدنا لحمنا ودمنا وصار كواحد منا وحمل خطايانا وتراءى أمام الآب ببره وبذبيحة نفسه فوجد لنا فداء أبدي كل واحد منا اليوم يريد أن يصطلح ماذا يفعل ؟ يدخل للمسيح ويتقابل مع الآب في المسيح ينال وأنا وأنت قبول الآب للمسيح وليس لنا لأننا خطاة فصرت أنا مُصالح من خلال دمه الإلهي من خلال ذبيحة نفسه صار صليبه وسيلة الإتحاد ودمه وسيلة المغفرة إن كان دم الخروف أعطى نجاة رش على العتبة العليا والقائمتين فيمر الملاك المُهلِك ويجده فيعبر عن هذا البيت فكم يكون دم ابن الله الذي قدمه بروح أزلي ؟ ” صنعت خلاصاً في وسط الأرض كلها أيها المسيح إلهنا عندما بسطت يديك الطاهرتين على عود الصليب “ الخطية إهانة تخيل أشعياء يقول على لسان الله طول النهار بسطت يدي إلى شعب عنيد مُعاند مقاوم ( أش 65 : 2 )الخطية إهانة عناد طول النهار تخيل إنك تمد يدك لشخص لتُصافحه فلا يمد يده لك نقول لعله لم ينتبه وتمد يدك مرة أخرى ولا يُصافحك يا لخجلك طول النهار بسطت يدي لشعب معاند مقاوم فماذا فعل على الصليب ؟ بسط يديه وسمَّرهم لكي يقول لنا أنا دائماً فاتح باب الصلح لكم هذا هو الصلح الذي تم بالصليب صرنا مقبولين ومصالحين مع الله بدم المسيح وخلاصه وصليبه لذلك كل من لا يصطلح مع الله ولا يتوب يرفض الصليب في حياته لأنه لا يشترك في نعمة الصليب لأن الصليب كان للصلح والخلاص نقول له ” صالحت الأرضيين مع السمائيين “ ” العداوة القديمة هزمتها “ ” جعلت الاثنين واحداً “ ” الحائط المتوسط هدمتهُ “ صالحنا بدمه صارت تعدياتنا لا يراها الآب وخطايانا أيضاً لا يراها لأنها وقعت على الحمل الذي بلا عيب وهو يرى دم الحمل الذي بلا عيب فيعطينا خلاص نقول تشبيه لأولاد الخدمة لنفرض إننا وضعنا في نهاية قاعة عشرة مصابيح مُضاءة بألوان مختلفة ونقف من بعيد نرى كل مصباح بلونه لكن لو نظرنا للمصابيح من خلال لوح زجاجي أحمر سترى كل المصابيح لونها أحمر لأنها تعكس لون اللوح الزجاجي نحن خطايانا الكثيرة تقع كلها على دم المسيح والله الآب يرى خطايانا من خلال دم ابنه مُبرره لنفرض أن مصباحك لا يقع على هذا اللوح الزجاجي الأحمر تصير منك له يراك مباشرةً من صالحنا ؟ دم المسيح كيف ترفض هذا الصلح ؟ أعطانا خدمة المصالحة وأعطانا الفداء وضع يده على كلينا هو منتظرك تعال تتقدم له بتردد يقول المسيح للآب هذا ابني هو صورتي لكنه خاطئ يقول المسيح لأجل دمي يضع يده على كلينا ويصالحنا هذا عمل المسيح وكل من ذاق المصالحة مع المسيح إشترك في خدمة المسيح خدمة المصالحة فيقول ما فعلته إفعله إنت إن رأيت شخص بعيد عني لا تتركه صالح الكل صالحنا لنفسه ” الله كان في المسيح مُصالحاً العالم لنفسه غير حاسب لهم خطاياهم وواضعاً فينا كلمة المُصالحة “ ( 2كو 5 : 19) لذلك صالحنا نقض العداوة الله يريد أن يصنع بيننا وبينه عهد صلح . نرى عهود صلح كثيرة في العهد القديم :- قوس قزح كان عهد صلح . دم الذبائح كان عهد صلح . وفي النهاية قال سأعطيكم عهد جديد بدم عهدي أطلق أسراكم بدمي أنا هذا هو دم العهد الجديد هذا هو العهد الذي نقول عنه ( إن تين نوڤي ) نوڤي = جديد عهد جديد دم المسيح الكاهن يمسك الكأس ويقول ” خذوا اشربوا منه كلكم لأن هذا هو دمي الذي للعهد الجديد الذي يُسفك عنكم وعن كثيرين لمغفرة الخطايا “ يقول ” يُعطى لمغفرة الخطايا “ في القداس في صورة نداء قوي تنبيه ويقظة ” حياة أبدية لكل من يتناول منه “ نحن نفرح بهذا الصلح الله دخل العالم بعهد جسده ودمه المكسور والمسفوك على المذبح في العهد القديم كان هناك اسلوب للصلح في عهد أبينا إبراهيم لما يكون هناك ملوك متنازعة يحضروا حيوانات وتُشق من النصف ويضعوا النصفين مقابل بعضهما البعض الحيوانات المشقوقة يمر بينها الملكين المُتنازعين مُمسكين بأيدي بعضهما البعض وهي ملطخة بدم هذه الحيوانات وكأنه يقول الذي ينقُض هذا العهد الله يشقه من وسطه مثل هذه الحيوانات عهد بالدم لذلك ربنا يسوع لما تكلم عن العبد الغير أمين قال " يشقه من وَسَطه " ( مت 24 : 51 ) المسيح صالحنا بذبيحة نفسه وهو أمسك يدنا ومر بينها الصليب صنع المصالحة إقترب من الصليب تقترب من المصالحة وتشعر إنك بدأت تستمتع بهذه البركة لذلك استمرار الخطية هو رفض لعمل الصليب ويجلب قساوة ورفض المصالحة يجلب أخطر شئ التعدي وعداوة والنفس ترفض عمل الله ونداءاته المتكررة وعمل صليبه أمر لا نحتمله تخيل لما تقف أمام الله ويقول لك صليبي ويدي المبسوطتين ودمي المسفوك أنت رفضتهم كيف ؟ لذلك يقول ” كيف ننجو نحن إن أهملنا خلاصاً هذا مقداره “ ( عب 2 : 3 )" خلاص هذا مقداره " أي الصليب كيف ؟ لا يمكن إذا كان الإنسان في خطاياه وتعدياته ممكن لمجرد إنه يصطلح بشق حيوان هو يقول لك أنا كسرت جسدي من أجلك وأشق لك جسدي لكي أصالحك وتدخل معي في عهد أبدي لذلك يقول أن الله جهِّز وليمته ودعى مدعويه وأعطاهم أن يدخلوا في عشاؤه صنع عُرسه وأعطاهم أن يدخلوا في جنبه وجسده هذا هو الصليب . كيف أتمتع بالصليب ؟ بالتوبة والتناول هذا الصلح ينتقل لحياتي عملياً بالتوبة والتناول الرجوع الدائم والتمتع بالحضن الأبوي كنت بعيد وصرت قريب ” أنتم الذين كنتم قبلاً بعيدين صرتم قريبين بدم المسيح “( أف 2 : 13) صالحنا وقربنا ورجعنا لكرامتنا وجعلنا نشعر بكرامتنا الجديدة التي فقدناها في الإبتعاد ويقول لك تعال أنت مُكرم جداً عندي مصالحة لنرى الكرامة التي أخذها الابن الضال لما عاد له الحُلة الأولى والعِجل المُسمن تعال ألبِسك الحذاء والخاتم تعال أرد لك كل ما سُلِب منك تعال أعيد لك المجد المفقود والصورة وقع على عنقه وقبَّله الآباء في شروحاتهم قالوا أن هذا الابن لما عاد كانت ملابسه ممزقة وجسده مجروح فقبَّل أبيه آثار جراحه آثار الخطايا فينا ربنا يسوع يقبلنا بها ويُقبِّلها ويقول ” تعال واقترب مني لكي تتبرر من خطاياك “ تعال رجوع الإنسان للمصالحة ” أدركتهُ ببركة صلاحك “ الله يُدركنا بها لذلك الرجوع هو تحقيق خدمة المصالحة نعيش كل يوم المصالحة كل يوم عهد جديد كل يوم توبة كل يوم تمتع ببركات صلاح الله وغفرانه وحضنه الأبوي لا تكن المصالحة بالنسبة لك كلمة ولا فكرة ولكي تعيش المصالحة تمتع بها في التناول القداس هو الوليمة السماوية التي تأخذ فيها قوة وفعل الصليب في حياتك الكنيسة نجحت أن تكون البركات المعطاة ملموسة الإعتراف بركة الغفران تنتقل إليك الصليب بركة الصليب تنتقل إليك لكي لا يكون الغفران والخلاص أفكار بل فعل يُنقل الكنيسة استودع فيها بركات الخلاص كلها وائتمنها من خلال وكلاء الأسرار ليعطوا الأسرار لكي تصير بركات الخلاص والصليب والقيامة والروح القدس والحياة الأبدية لا تكون أفكار بل أفعال تنتقل إلى حياتنا لذلك الصلح هو التوبة من خلال الكنيسة لذلك بداية القداس نصلي صلاة الصلح لكي نصطلح مع الله ” إجعلنا مستحقين كلنا يا سيدنا أن نُقبِّل بعضنا بعضاً بقبلة مقدسة لكي ننال بغير وقوع في دينونة من موهبتك غير المائتة السمائية بالمسيح يسوع ربنا “ أبونا يقف في صلاة الصلح يديه عريانة رمز للخطية والعُري وبعد صلاة الصلح يغطي يديه باللفائف رمز لأنه سُتِر ببر الله ويقف يديه مبسوطة لله بر الله انتقل إلينا بالمصالحة التوبة بر الله ينتقل إلينا بالمصالحة تنتهي باتحاد كامل وبذلك صرنا لسنا أعداء ولا خطاة ” إذاً لا شيء من الدينونة الآن على الذين هم في المسيح يسوع السالكين ليس حسب الجسد بل حسب الروح “ ( رو 8 : 1) ” صيرنا أطهاراً بروحك القدوس “ ” القُدسات للقديسين “ صرنا قديسين مقبولين من خلال توبتنا وصُلحنا وصرت أنا لست أنا صرت أنا داخله وقبولي أمام الله الآب من خلال قبول الابن صلح حالة القلق والخوف انتهت لأننا صُولحنا في سفر أشعياء يقول ” ليتك أصغيت لوصاياي فكان كنهرٍ سلامك وبرك كلجج البحر “ ( أش 48 : 18) يا ليت تدخل في الصلح ليتك نداء بركات كثيرة يريد الله أن يعطيها لنا يعرض عليك صلح .. عارض عليك سلامه وبره لذلك عمل الله في حياتنا أن نقترب ونصطلح وكل قريب أن يثبُت والبعيد يقترب والثابت ينمو حتى الأبدية ليس لها حدود غمر يُنادي غمر ( مز 42 : 7 )كلما دخلت للعمق كلما كشف لك مجهول فتتمتع . التوبة هي انتقال لفعل الصلح :- إصطلح مع الله” إن تصالحت مع الله تصالحت مع السماء والأرض “الخطية تُفسد علاقتنا بالله وعلاقتنا بأنفسنا وعلاقتنا بالآخرين صارت فجوة كبيرة بيني وبين الله ولا أحب نفسي ولا أحب الآخرين أقترب إلى الله ويحدث وِد بيني وبينه وأجد نفسي قابلها وآراها جميلة من علامات علاقتك بالله الحلوة أن تحب الجلوس مع نفسك أحد القديسين يقول ” إجلس إلى ذلك الإنسان الذي أنت تجهله “ أي مع نفسك لماذا أحبَّ القديسين الوحدة ؟ لأنه لما يجلس مع نفسه يرى الله داخل نفسه ويكتشف أخطاؤه ويراها مقبولة في المسيح ويرى الصلح والبركة وأخطاؤه تُقرِّبه لله لما أجلس مع نفسي وأرى خطاياي لا أيأس بل بالعكس كلما اكتشفت خطايا أكثر كلما ارتميت عليه أكثروأشعربقبولي أكثر لأني لما أجلس أجلس مع نفسي في حضرتهِ ويُبارك الجلسة الصلح تمتع به بينك وبين الله البر يُعيد الوحدة بينك وبين الله وبينك وبين نفسك وبينك وبين الناس البعيد عن الله يدين كل الناس حتى الآباء الكهنة والأساقفة ولما تقترب من الله ترى الكل أبرار وأنت أكثر خاطي فيهم علامة أمينة عن اقترابك لله تشعر إن الله ساتر الكل ومتأني على الكل ولما أقول" الخطاة الذين أولهم أنا " هذه ليست عبارة مجازية بل حقيقية أنا أول الخطاة بالفعل أنت يا الله تعرف الخفايا الصلح مع الله يجعل الإنسان يقترب بالتوبة يوماً فيوماً ويتجدد يوماً فيوماً . الثبات في التوبة :- من أجمل الأمور التي نتعلمها في علاقتنا بالله هي أن نثبُت الآباء يعلمونا كلمة جميلة هي " ثبات العزم " سمِعت كلمات وتأثرت نشكر الله إستمر وإن سقطت أثبُت وأستمر الذي يواجه مشكلة في حياته لا يترك الأمر بل يستمر ويحاول يتفادى هذا الأمر الثبات ممكن شخص يدرس كورس طويل لكي يثبُت في عمله أو ينال مركز معين تعب إذاً أين الملكوت ؟ هذه حياتنا الأبدية مجرد أن نقابل مشكلة نتراجع لا ثبات العزم الإنسان يثبُت في محبة الله الإستمرار والتدقيق أحد الآباء يقول لو انتظمت في قانون روحي " 40 " يوم متواصلة النعمة ترقِّيك درجة لكن أي تقصير في يوم إحسبه بخصم عشرة أيام إنتظم في صلاة مرتين في اليوم وإصحاح إنجيل وتناول مرة في الأُسبوع إنتظم على ذلك القانون أربعين يوم حتى إن فعلته بروتين لن تفعله روتين أربعين يوم قد يكون بذلك عشرة أيام ثم تبدأ الروح تعمل والآباء يقولون ” إن صلاة الروح تبدأ بصلاة الجسد “ ” الصلاة التي بطياشة تؤدي إلى الصلاة التي بلا طياشة “ الصلاة التي بطياشة وعدم تركيز تؤدي إلى صلاة بلا طياشة القديس مكسيموس المعترف سأله تلاميذه ما الذي وصَّلك إلى الصلاة الدائمة ؟ أجابهم أمرين أهمهما الإستمرار والثبات ” الصلاة هي التي علمتني الصلاة “ من الأب الروحي الذي علمك الصلاة ؟ أجابهم الشيطان ” حروبي أوجاعي ضيقاتي آلامي “ حروب العدو علمتني الصلاة كنت أصرخ لأنه لا يُضرب أحد ولا يصرخ حروبي علمتني الأنين في الصلاة ولا يمكن لشخص متألم أن يصرخ بتكاسل ” والشيطان هو الذي علمني الصلاة “ علمني كيف أتمسك برجائي لأنه قوي ولما مسكت في الله صرت أقوى ففرحت وتقويت الثبات واستمرار التوبة والتدقيق نعيش أيام ثم نتكاسل لا إثبت في شئ قليل ” القليل المستمر خير من الكثير المُتقطع “ وضعت في قلبي ثبات عزم ضعيف ! قل له يارب اسندني أريد أن أستمرإصطلحت مع شخص هل تخاصمه مرة أخرى ؟ لا وطَّد العلاقة واحضِر هدايا وكفى ما مضى ما الهدية التي نقدمها لله ؟ ” ثمر شفاهٍ مُعترفة باسمهِ “ ( عب 13 : 15) صلاة سجدة عمل رحمة تقدم غيرك عن نفسك الله ينتظر هذه الهدايا ويفرح بها جداً ويحفظ جميع محرقاتك كل صلاة تصليها بإخلاص على الأرض محفوظة لك في السماء داود النبي أدرك ذلك الأمر وشعر أن دموعه تُفرِّح الله فقال ” اجعل أنت دموعي في زقك “( مز 56 : 8 ) ليس زق إذاً بل أوعية تُبت إثبت واترك التوبة اللحظية والعاطفية والمهزوزة أنا عرفت كيف أتعبتني الخطية وأذلتني جداً وأبعدتني وأفقدتني سلامي وبري وملكوتي وغيري الآن أرجع لك يا الله من كل قلبي أرجع طالب الصلح وأوطد الصلح بأعمال التوبة يومياً كل يوم جدد عهد محبتك لله ذهب تلميذ لأبيه الروحي وقال الطريق صعب جداً ولا أستطيع أن أستمر سأله أبوه كم سنة لك ؟ أجاب أربعة سنوات قال أبيه الروحي أنا لي أربعين سنة أشكو مما تشكو منه أنت فيَّ نفس الوجع أليس جسدي مثل جسدك ؟! لكني أثبُت الفرق بينك وبين غيرك إنه هو ثابت ولأنه ثابت فحروب عدو الخير أقل لأنه مُمسِك بأسلحة أقوى جيد أن يكون لنا كل يوم توبة لكيما تصير حياتنا توبة وتوبتنا حياة أحد الآباء يقول ” جيد جداً أن لا تُخطئ وإن أخطأت فجيد جداً أن لا تؤخر التوبة وإن تبت فجيد جداً أن لا تعود للخطية مرة أخرى وإن لم تعد للخطية مرة أخرى فجيد جداً أن تعلم أن هذا بفضل نعمة الله وليس بفضلك “ سلسلة إختبر الحياة مع الله تجد نفسك بدأت تُحقق القصد الإلهي من حياتك لماذا خلقك الله ؟ لتمجده وترث معه الملكوت هو خلقنا وينتظرنا في الأبدية منذ الأزل ” رثوا الملكوت المُعد لكم منذ تأسيس العالم “ ( مت 25 : 34 ) لا يوجد أب يحب أن يكون في مكان وأولاده في مكان آخر وكلما وجد مكان جميل مُفرح يحب يأخذ أولاده معه الله صنع الملكوت ليس لنفسه بل لنا يريدنا أن نحيا معه نشترك معه في بره وفي قداسته ونخلِّد معه نعيش في محفل القديسين والملائكة مدعوين لعشاء عُرس الخروف تخيل أن نخيب من هذه الدعوة كم هو مؤلم على قلب الله لما يقول له واحد منا لا أريد عُرسك أريد أن أكون مع أصحابي يقول له يا ابني تعال رِث المُلك هذه أرض يسكن فيها البر ويكون الله في وسطهم يمسح كل دمعة من عيونهم إقرأ صفات أورشليم السماوية في سفر الرؤيا يلتهب قلبك شوقاً لها تِعرف كيف تحافظ على الملكوت الذي صمم الله أن يعطيه لك ” لا تخف أيها القطيع الصغير لأن أباكم قد سُرَّ أن يُعطيكم الملكوت بيعوا ما لكم وأعطوا صدقة “ ( لو 12 : 32 )لا تحزن لما يوسف كان في مصر دعا أهله لأن يعيشوا معه فقالوا له عندنا بعض الممتلكات فقال لهم لا تحزنوا على أثاث مصر لا تحزن على ما تفقده لأنك ستنال الكثير والكثير هناك أمور حِفظها مُكلف عن قيمتها الله يقول لك لا تجعل أمور الدنيا تُعيقك لأنها لا قيمة لها بل استخدمها فقط إثبت في الصلح وعِش كل يوم بثبات لذلك يقول ” ليس من انتصر إلا من حارب وليس من كُلل إلا من انتصر “ لن ينال الإكليل إلا من انتصر ولا ينتصر أحد إلا إذا حارب نحن مدعوين أن نعيش على مستوى إرضاء الله كل يوم بصلح جديد وإن أخطأت إصطلح بسرعة هل تفضَّل إن إبنك إن أحزنك متى يصالحك هل في نفس اليوم أم بعد سنة ؟ في نفس اليوم لذلك عِش التوبة اللحظية إن أخطأت بفكرك الآن تُب إليه الآن ولا تنتظر حتى لا تزداد الفجوة الله كان في المسيح مصالحاً العالم لنفسه غير حاسباً لهم خطاياهم واضعاً فيهم كلمة المصالحة إثبت لكي يضع فيك كلمة صلاحه ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته له المجد دائماً أبدياً آمين. القس أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والأنبا أنطونيوس - محرم بك الأسكندرية
المزيد
15 يوليو 2018

يَسُوع المُعَلِّمْ جزء 2

(1) إِسْلُوب المُقَارَنَات :- كَانَ رَبِّنَا يَسُوع دَائِماً يُبْرِزالمَعْنَى بِإِسْلُوب المُقَارَنَات مِثْل ﴿ إِنْسَانَان صَعِدَا إِلَى الهَيْكَل لِيُصَلِّيَا ﴾( لو 18 : 10) وَتَتَخَيَّل أنْتَ الإِثْنَان ثُمَّ يَقُول أحَدُهُمَا فِرِّيسِي وَالآخَر عَشَّار ثُمَّ يُبْرِز مَوْقِفْهُمَا وَيَقُول لَك مَنْ مِنْهُمَا تُرِيدْ أنْ تَكُون مِثْلُه ؟ أحَدُهُمَا قَالَ ﴿ أشْكُرُكَ إِنِّي لَسْتُ مِثْلَ بَاقِي النَّاس ﴾( لو 18 : 11) بَيْنَمَا الآخَر قَالَ ﴿ إِرْحَمْنِي أنَا الخَاطِئ ﴾ ( لو 18 : 13) يِوَصَّل لَك إِحْسَاس الإِثْنَيْنِ بِوُضُوح .. بِذلِك يَكُون قَدْ قَارَن وَشَبِّه وَمَثِّل وَفِي النِّهَايَة يُحِبْ أنْ يَسْمَع مِنَّك الإِجَابَة ثُمَّ يَقُول لَك ﴿ هذَا نَزَلَ إِلَى بَيْتِهِ مُبَرَّراً دُونَ ذَاكَ ﴾ ( لو 18 : 14) وَمِنْتِظِر مِنَّك إِجَابَة رَبِّنَا يَسُوع أتَى بِالمَعْلُومَة مِنَّك إِنْتَ فَصِرْتَ لَسْتَ مُتَلَقِّي قَصَّ لَكَ المَثَل فَجَذَبَك وَقَارِنْ وَسَألَك وَأنْتَ أجَبْت بِالمَعْلُومَة إِسْلُوب تَشْوِيقٌ لِذلِك نَحْنُ نَعْتَمِد عَلَى المَادَّة الرَّائِعَة الَّتِي نُقَدِّمْهَا الإِنْجِيل الكِنِيسَة لكِنْ كُل هذَا مِحْتَاج إِسْلُوب تَشْوِيقٌ لِلعَرْض مَثَلاً يَتَكَلَّمْ عَنْ الغَنِي وَلِعَازَر ( لو 16 : 19 – 20 ) يَقُص القِصَّة وَيُدْخِلَك دَاخِل إِحْسَاس كُلٍّ مِنْهُمَا وَيَتْرُك لَك الإِسْتِنْتَاج وَيُرِيدْ مِنَّك الإِجَابَة يَصِف لَك الغَنِي وَلِعَازَريِكَلِّمَك عَنْ العَذَارَى الحَكِيمَات وَالجَاهِلاَت ( مت 25 : 1 – 13) كُل هذِهِ مُقَارَنَات عِنْدَمَا تُرِيدْ أنْ تُثْبِت شِئ إِثْبِتُه بِعَكْسُه بِذلِك تِبْرِزُه إِبْرِز النُّور بِالظَّلاَم وَبَدَلاً مِنْ أنْ تَشْرَح كَلِمَات كَثِيرَة عَنْ النُّور إِجْعَل النَّاس يَتَذَوَقُونَ الظَّلاَم لِلَحْظَة هذَا أسْهَل مِنْ أنْ تُعَلِّمْ عَنْ شِئ إِكْشِفْ عَكْسُه حَتَّى فِي عِلْم الطِبْ الأطِبَاء عِنْدَمَا يُشَخِّصُون مَرَض يُشَخِّصُوه بِإِسْلُوب التَّشْخِيص المُقَارَن Differential diagnosis مُقَارَنَة بَيْنَ أمْرَاض مُخْتَلِفَة بِهَا نَفْس العَرَض حَتَّى يَسْتَطِيعُوا أنْ يِشَخَصُّوا المَرَض هكَذَا الله إِسْتَخْدِم المُقَارَنَات وَيِعَرَّفَك كُل أمر فِي المُقَارَنَة فِي أي حَالَة وَإِنْتَ فِي أي حَالَة ﴿ كَانَ لِدَائِن مَدِينَان عَلَى الوَاحِد خُمْسُمَائَة دِينَار وَعَلَى الآخَر خَمْسُون ﴾ ( لو 7 : 41 ) إِسْتَخْدِم التَّشْبِية وَالقِصَّة وَالمُقَارَنَة وَالسُؤال فِي وَقْتٍ وَاحِدٌ أسَالِيب التَّرْبِيَة الَّتِي يَتَكَلَّمْ عَنْهَا النَّاس يَسُوع إِسْتَخْدِمْهَا كَمُعَلِّمْ فِي ضُوء المُتَاح فِي عَصْرُه وَلَمْ يَكُنْ يَحْتَاج لِوَسَائِل بَلْ كَانَ يَبْتَكِر الوَسَائِل بِمَا هُوَ مُتَاح يَجِدٌ مُزَارِع فَيَرْبُط لَهُ الزَّرْع بِالكَلِمَة وَيَرْبُط ذلِك بِمَشَاكِل الإِنْسَان يِسْأل وَيَقُول هَل أنْتَ تَقِفْ فِي أرْض مُحْجِرَة أم أرْض بِهَا شُوك أم ؟ لِذلَك لَمْ يَسْتَخْدِم الأُسْلُوب الخَبَرِي فِي تَعَالِيمُه أي إِسْلُوب تَقْرِيرِي بِهِ مَعْنَى بَلْ كَانَ يَسْأل وَيُشَبِّه وَيُقَارِن وَدَائِماً يُظْهِر إِخْتِلاَف المُقَارَنَة تُبْرِز المَعْنَى وَتُقَوِّيه لِذلِك جَيِّدٌ أنْ نَسْتَخْدِم فِي تَعَالِيمْنَا إِسْلُوب المُقَارْنَة لِنُوَضِح بِهَا المَعْنَى كَمَا كَانَ رَبِّنَا يَسُوع يُعَلِّمْ قَارِن بَيْنَ حَيَاة حَسَبْ الجَسَد وَحَيَاة حَسَبْ الرُّوح السُلُوك فِي الظُّلْمَة وَالسُلُوك فِي النُّور فِي قِصَّة الإِبْن الضَّال قَارِن بَيْنَ حَالِة الإِبْن وَهُوَ فِي بَيْت أبِيهِ وَحَالْتُه عِنْدَمَا خَرَج وَحَالْتُه بَعْد عَوْدِتُه لأِبِيهِ سَتَجِدٌ أنَّ الحَالَة الثَّالِثَة أي بَعْد رُجُوعُه لِحُضْن أبِيهِ أجْمَل حَالَة وَكَأنَّهُ يَقُول لَك إِنَّ الشَخْص التَّائِب مَرْغُوب عِنْدَ الله هُوَ لَذِّة الله وَمَوْضِع مَحَبَّتِهِ لأِنَّهُ تَرَكَ التِّسْعَة وَتِسْعُون وَبَحَث عَنْ الخَرُوف الضَّال وَالتَائِه لأِنَّ التَائِه قَدْ يَسْقُط فِي اليَأس لِذلِك فَرِحَ بِهِ لَمَّا وَجَدُه رَب المَجْد يَسُوع تَدَرَّج فِي أمْثَالُه وَمُقَارَنَاتُه مِنْ شِئ جَمَاد فِي مَثَل الدِّرْهَم المَفْقُود إِلَى حَيَوَان فِي مَثَل الخَرُوف الضَّال إِلَى الإِنْسَان فِي مَثَل الإِبْن الضَّال الدِّرْهَم شِئ غِير عَاقِل بَيْنَمَا الخَرُوف لَهُ نِسْبِة إِرَادَة وَنَسَبْ ضَيَاعُه لِلرَّاعِي أي الرَّاعِي مَوْجُودٌ لِلخَرُوف المُشَاغِب . (2) إِسْلُوب الأسْئِلَة :- نَجِدٌ أنَّ رَب المَجْد يَسُوع بَدَلاً مِنْ أنْ يَسْتَخْدِم الأُسْلُوب الخَبَرِي التَقْرِيرِي إِسْتَخْدِم إِسْلُوب التَسَاؤل هذَا إِسْلُوب يَجْعَلَك تَعْمَل بِعَقْلَك وَبِبَحْث وَتَشْتَاق لِلإِجَابَة الصَّحِيحَة مِثَال لِذلِك يَسْأل الأبْرَص أتُرِيدْ أنْ تَبْرَأ ؟ ( يو 5 : 6 ) هُوَ يُرِيدْ أنْ يَعْرِف مَا بِدَاخِل ذلِك الشَّخْص فَيُجِيب عَنْ سُؤال بِسُؤال أتَرَى مَنْ هُوَ الوَكِيل الأمِين الحَكِيم ؟ ( لو 12 : 42 ) مَنْ ؟ هَلْ هُوَ الرَّجُل الَّذِي أكَل وَشَرَب أم الَّذِي يَسْهَر ؟ يَجْعَلَك تِسْأل نَفْسَك هَلْ أنَا حَكِيم وَأمِين فِيمَا لَهُ فِيَّ ؟ كَلِمَة * حَالَة * لَيْسَ المَقْصُودٌ بِهَا العُمْلَة بَلْ مَا يَمْلُكَهُ دَاخِلْنَا لِذلِك كَانَتْ التَعَامُلاَت قَدِيماً أشْيَاء بِأشْيَاء مَثَلاً يُعْطِي أرْض مُقَابِل حَيَوَانَات وَهكَذَا الوَكِيل عَلَى جَمِيع أمْوَالُه أي عَلَى جَمِيع مَا يَمْتَلِكُه إِذاً كُل عَطَايَا الله هِيَ لِلوَكِيل الأمِين الحَكِيم سُؤال يُعْطِي المَعْلُومَة ثُمَّ يَسْأل سُؤال يَقُول مَثَل السَّامِرِي الصَّالِح ثُمَّ يَسْأل مَنْ هُوَ قَرِيبُه ؟تَبْحَث أنْتَ لِتَعْرِف عِنْدَمَا قَالَ لَهُمْ المَثَل كَانَ يَجِبْ عَلَيْهِمْ أنْ يُجِيبُوه وَيَقُولُون أنَّ السَّامِرِي هُوَ قَرِيبُه لكِنْ لأِنَّهُمْ كَانُوا فِي عَدَاوَة مَعَ السَّامِرِيِينْ لَمْ يَقُولُوا السَّامِرِي بَلْ قَالُوا الَّذِي صَنَعَ مَعَهُ الصَّالِح أرَادَ رَب المَجْد يَسُوع أنْ يُذِيب الفَوَارِق يُعَلِّمْ وَيَسْأل وَأنْتَ تُجِيب سَألُوه هَلْ أنْتَ مِنْ عِنْدَ الله ؟ فَسَألَهُمْ هُوَ هَلْ مَعْمُودِيِة يُوحَنَّا مِنْ الله أم مِنْ النَّاس ؟ ( مر 11 : 30 )إِنْ قَالُوا مِنْ الله يُجِيبَهُمْ فَلِمَاذَا إِذاً لَمْ تَقْبَلُوه ؟ وَإِنْ قَالُوا مِنْ النَّاس سَيُهَيِّج عَلَيْهِمْ الشَّعْب فَقَالُوا لَهُ لاَ نَعْرِف قَالَ لَهُمْ يَسُوع وَأنَا أيْضاً لَنْ أقُول هُنَاك أسْئِلَة كَانَ يُجِيبَهَا وَأسْئِلَة لاَ يُجِيبَهَا وَذلِك بِحَسَبْ مَنْ يَسْتَحِق الإِجَابَة بِيلاَطُس سَألَهُ مَا هُوَ الحَقَّ ؟ ( يو 18 : 38 ) لَمْ يُجِيب لِمَاذَا ؟ لأِنَّ بِيلاَطُس سَقَطَ فِي الحَقَّ الأصْغَر وَهُوَ أنَّهُ يَعْلَمْ أنَّ يَسُوع لاَ يَسْتَحِق الصَلْب وَأنَّهُ أسْلَمَ دَم بَرِئ وَلَمْ يَنْصِفُه فَكَيْفَ يُعْلِنْ لَهُ الحَقَّ الأكْبَر أي أنَّهُ هُوَ الله ؟!!إِسْلُوب الأسْئِلَة إِسْتَخْدِمُه لإِبْرَاز المَعْنَى الَّذِي يُعَلِّمْ بِهِ فَنَجِدُه فِي مَوَاقِفْ كَثِيرَة لَمْ يَجْعَل التَّعْلِيمْ مُبَاشِربَلْ بِإِسْلُوب الأسْئِلَة وَالنَّاس تَبْحَث عَنْ إِجَابَة يَجْعَل الإِنْسَان يَعْتَرِف . (3) إِسْلُوب وَسَائِل الإِيضَاح :- نَجِدٌ يَسُوع يَسْتَخْدِم الوَسَائِل مَثَلاً يُرِيدْ أنْ يَتَكَلَّمْ عَنْ البَسَاطَة فَيُحْضِر وَلَد صَغِير فِي وَسَطِهِمْ وَيَقُول هَلْ تَرَى هذِهِ البَرَاءَة ؟ ﴿ إِنْ لَمْ تَرْجِعُوا وَتَصِيرُوا مِثْلَ الأوْلاَدِ فَلَنْ تَدْخُلُوا مَلَكُوت السَّموَات ﴾( مت 18 : 3 ) يُرِيدْ أنْ يُقَرِّب لَكَ الحَقِيقَة عَنْ طَرِيقٌ وَاقِعْ مَلْمُوس شِئ مَرْئِي مَحْسُوس فِي أحَدٌ المَرَّات أحْضَر إِنْسَان يَدُه يَابِسَة وَأقَامَهُ فِي وَسَطِهِمْ وَسَألَهُمْ سُؤال هَلْ يَحِلُّ فِعْل الخَيْرفِي السَبْت ؟ ( مر 3 : 4 ) سُؤال وَوَسِيلَة مُجَرَّدٌ أنْ تَرَى الرَّجُل تَتَعَاطَفْ مَعَهُ وَيَسْألَك السُؤال تَخَيَّل أنَّ شَخْص أرَادَ أنْ يَعْتَرِض عَلَى الأمر هَلْ يَسْتَطِيع ؟ ثُمَّ يَسْأل مَرَّة أُخْرَى لَوْ وَقَعْ ثُورَك أوْ حِمَارَك يُوْم السَبْت هَلْ لاَ تُنْقِذُه ؟ إِجَابْتَك تُجِيب عَنْ نَفْسَك لِذلِك تَعَالِيمْ يَسُوع كَانَتْ مَفْهُومَة لَهُمْ كَمَا سَأل فِي مَثَل السَّامِرِي وَالكَاهِن وَاللاوِي الَّذِينَ عَبَرُوا لكِنْ السَّامِرِي نَزَل هذَا تَجَسَّد لأِجْل شِفَاء العَالَمْ هَلْ يَحِل فِعْل الخِير يُوْم السَبْت ؟ بِمَاذَا تُجِيب ؟ إِسْلُوب الوَسِيلَة إِسْتَخْدِمُه المَرْأة المُمْسِكَة فِي ذَات الفِعْل عَمَلْ مِنْهَا مَسْرَحِيَّة لَمْ تَكُنْ كَلِمَات لِتَبْرِير الإِنْسَان الخَاطِئ بَلْ وَقَفَ هُوَ أمَامَهَا وَهيَ خَلْفُه فَحَجَز عَنْهَا الرَّجْم وَصَارَ يِرَسَّخ فِي ذِهْن الإِنْسَان أنَّ يَسُوع هُوَ المُخَلِّص وَكَأنَّهُ يَقُول لَهُمْ إِرْجِمُونِي أنَا بَدَلاً عَنْهَا ﴿ أوْجَاعُنَا تَحَمَّلَهَا ﴾ ( أش 53 : 4 ) إِذَا حَضَرْت هذَا المَوْقِفْ لَنْ تَنْسَى مَنْظَر يَسُوع وَهُوَ يَحْمِي المَرْأة وَعِنْدَمَا تَجَّمَع النَّاس إِنْحَنَى وَبَدَأَ يَكْتُب عَلَى الأرْض وَقَالَ لَهُمْ مَنْ مِنْكُمْ بِلاَ خَطِيَّة فَلْيَرْمِهَا أوَّلاً بِحَجَر ؟ ( يو 8 : 7 ) النَّامُوس يَقُول الشَخْص المَحْكُوم عَلَيْهِ بِالرَّجْم يَكُون عَلَيْهِ عَلَى الأقَلْ شَاهِدَيْنِ وَهُمَا أوِّل مَنْ يَبْدأ بِالرَّجْم بِأوِّل حَجَرِين ثُمَّ تَبْدأ الجُمُوع فِي الرَّجْم إِذاً المُشْكِلَة كُلَّهَا فِي أوِّل حَجَرِين لأِنَّهُمَا لِلشَّاهِدَينْ الأسَاسِيَيْن شَاهِدَي الإِثْبَات بَعْدَهَا تُلْقِي الجُمُوع بِالأحْجَار لِلرَّجْم يَسُوع وَقَفْ كَرَئِيس كَهَنَة يَسْمَع لِلشُهُودٌ وَقَالَ الَّذِي يَشْهَدٌ عَلَيْهَا لاَ أُرِيدُه أنْ يَقُص مَا رَأى فِي خَطِيَّتْهَا بَلْ يُلْقِي أوِّل حَجَر وَلَمْ يَسْتَطِع أحَدٌ فِعْل ذلِك ثُمَّ وَقَفَ وَقَالَ لَهَا أنَا أخَذْت وَضْع المُذْنِب بَدَلاً عَنْكِ وَصِرْت أنَا الحَامِل أوْجَاعِك وَأخَذْت عَنْكِ الحُكْم وَأخَذْتِ أنْتِ البَرَاءَة وَهُمْ إِنْصَرَفُوا هذَا مَا فَعَلَهُ مَعَنَا حَمَلَ عَنَّا الحُكْم وَأخَذْنَا نَحْنُ البَرَاءَة وَصَارَ هُوَ المُذْنِب هذَا إِسْلُوب تَجْسِيم الحَدَث عِنْدَمَا سَألُوه لِمَنْ تُعْطِي الجِزْيَة ؟ قَالَ إِعْطُونِي عُمْلَة ( دِينَار ) ثُمَّ سَأل لِمَنْ الصُورَة ؟ قَالُوا لِقَيْصَر فَأجَابَهُمْ ﴿ أعْطُوا إِذاً مَا لِقَيْصَر لِقَيْصَر وَمَا للهِ للهِ ﴾ ( مت 22 : 21 ) وَكَأنَّهُ يُرِيدْ أنْ يَقُول إِنْ دَفَعْت الجِزْيَة فَأنْتَ لَسْتَ مُنَافِقٌ بَلْ مُكَمِّل لِبَعْض مَا لِقَيْصَر وَمَا لله تَشْبِيهَات أيْضاً يَقُص لَك قِصَّة أوْ يَضَعْ وَسِيلِة إِيضَاح مَشْهَدٌ الصَّلِيب كَانَ أقْوَى وَسِيلِة إِيضَاح أمَام العَالَمْ كُلُّه يُحْفَر فِي القَلْب وَلَنْ يُنْسَى جَسَّد لَنَا حُبُّه وَأُحْصِيَ مَعَ أثَمَة ( مر 15 : 28 ) وَلِتَرَى المَشْهَدٌ وَالتَّجَمُع وَالصِيَاح وَمَنْظَرُه أكْبَر وَسِيلِة إِيضَاح الإِسْلُوب التَّقْرِيرِي أصْعَب فِي فِهْمُه مِنْ إِسْلُوب المَثَل وَكَانَ هُنَاك مَنْ كَانَ يَقْصِد أنْ يَشْرَح لَهُمْ وَهُنَاك مَنْ قَصَد أنْ لاَ يَشْرَح لَهُمْ لأِنَّ الإِسْتِعْدَاد يُعْطَى لِلرَّاغِب وَالصَّادِق وَالأمِين لكِنْ الَّذِي قَلْبُه غَاش وَجَاءَ لِيَدِين يَسُوع لَنْ يَنَال إِسْتِعْلاَن رَبِّنَا يَسُوع كَانَ يُقَرِّب المَعْنَى بِوَسِيلَة يِنْزِل عَلَى الأرْض وَيَكْتُب كُون إِنُّه يِنْزِل وَيَنْحَنِي وَيَكْتُب فَهُوَ بِذلِك يُرِيدْ أنْ يُقَرِّب المَعْنَى لِيُجَسِّد الحَقِيقَة مَنَاظِر تُحْفَر فِي القُلُوب وَالأذْهَان لاَ تُنْسَى كُل هذِهِ أُمور عَمَلْهَا لِيُقَرِّب تَعَالِيمُه أيْضاً مِنْ وَسَائِل الإِيضَاح الَّتِي كَانَ يَسْتَخْدِمْهَا البِيئَة يَأخُذَهُمْ وَسَطْ حُقُول وَيُعَلِّمَهُمْ وَيَأخُذ مِنْ سَنَابِل الحَقْل شَجَرِة التِّين يَلْعَنْهَا وَتَجِف لأِنَّهُمْ لاَ يَفْهَمُون أنَّ الأُمَّة اليَهُودِيَّة سَتَجِف فَيُظْهِرْهَا لَهُمْ فِي مَنْظَر شَجَرِة التِّين يُرِيدْ أنْ يَتَكَلَّمْ مَعَ المَرْأة السَّامِرِيَّة عَنْ المَاء الحَي فَيَأخُذْهَا عِنْدَ البِئْر لَمْ يُقَابِلْهَا فِي مَكَان آخَر بَلْ سَارَ لَهَا وَكَلَّمْهَا عِنْدَ البِئْر وَسَائِل إِيضَاح عَمَلِيَّة لِذلِك لَمَّا رَفَعْهَا مِنْ مُسْتَوَى البِئْر إِلَى مُسْتَوَى المَاء الحَي وَعَطَايَا الله فَهَمِتْ إِرْتِقَاء جَمِيل هِيَّ تَسْألُه وَهُوَ لاَ يُعْلِن نَفْسُه لَهَا بَلْ تَدَرَّج مَعَهَا لِتَعْرِفُه هِيَ الفَرْق بَيْنَ الإِعْلاَن وَالإِسْتِعْلاَن الإِسْتِعْلاَن بِهِ مِنْحَة شَخْصِيَّة وَهِبَة شَخْصِيَّة الإِسْتِعْلاَن بِهِ قُوِّة الإِعْلاَن عَلَى مُسْتَوَى شَخْصِي قَدْ يَكُون الله مُعْلَن لِلكُل لكِنْ لَمْ يُسْتَعْلَن لِي أنَا كَمَا قَالَ بُولِس الرَّسُول ﴿ ظَهَرَ لِي أنَا ﴾ ( 1كو 15 : 8 )جَيِّد فِي شَخْص رَبِّنَا يَسُوع أنَّ بِهِ كُل هذِهِ المَدَارِس وَنَحْنُ لَمْ نَعْرِفَهُ بَعْد . تَعْلِيمُه عَمَلِي :- مَثَلاً إِنْتَ غَاضِب مِنْ إِنْسَان يِقُول لَك إِذْهَب بِينَك وَبِينُه وَعَاتْبُه إِنْ لَمْ يَسْمَع مِنَّك تِسْأل مَاذَا أفْعَل ؟ يَقُول لَك قُلْ لِلكَاهِن إِنْ لَمْ يَسْمَع مَاذَا أفْعَل ؟ يُجِيب لِيَكُنْ عِنْدَك مِثْل الوَثَنِي ( مت 18 : 15 – 17)عَمَلِي وَوَاقِعِي وَلَهُ دَرَجَات أي لاَ أسْتَطِيع أنْ أطْلُب مِنْكَ مُسْتَوَى الفَضِيلَة المُطْلَق تَكَلَّمْ عَنْ الوَزْنَة وَالوَزْنَتَيْن وَالخَمَس وَزَنَات تَكَلَّمْ عَنْ إِسْلُوب عَمَلِي حَتَّى أنَّكَ لَوْ قَرَأت لِلأبَاء النُّسَاك تَجِد أنَّ تَعَالِيم الإِنْجِيل وَإِسْلُوبُه أسْهَل لأِنَّ تَعَالِيم يَسُوع عَمَلِيَّة تَتَنَاسَبْ مَعَ وَضْعَك بِمَعْرِفَة وَعَمَلِيَّة وَيِرَاعِي الظُرُوف لِذلِك يِكَلِّمَك عَنْ دَرَجَات وَارْتِقَاء وَمِنْ ظُرُوف الحَيَاة نَفْسَهَا أرْمَلَة وَقَاضِي لَمْ يَشَأ أنْ يَنْصِفْهَا لِزَمَان ( لو 18 : 1 – 5 ) تَعْلِيم سَهْل أنْ نَحْيَاه وَنَعِيشُه لَمْ يَتَكَلَّمْ عَنْ وَاقِعْ إِلهِي دُونَ النَّظَر لِوَاقِعْ إِنْسَانِي بَلْ تَكَلَّمْ مِنْ وَاقِعْ إِلهِي مُرَاعِياً الوَاقِعْ الإِنْسَانِي رَبِّنَا يَسُوع صَامَ أرْبَعِينَ يَوْماً رَقَمْ * أرْبَعِين * رَقَمْ مُهِمْ وَمُفْرِح هُوَ حَاصِل ضَرْب 4 × 10رَقَمْ * أرْبَعَة * هُوَ رَقَمْ أرْضِي يُشِير لِلجِهَات الأرْبَعَة وَرَقَمْ * عَشَرَة * رَقَمْ سَمَاوِي أي جَمَعْ مَا هُوَ أرْضِي وَسَمَاوِي لِذلِك صَامَ أرْبَعِينَ يَوْماً لِيُعْلِن لَنَا عَطَايَا السَّمَاء الَّتِي تُؤخَذْ بِجِهَاد جَسَدِي أرْضِي الأرْضِي يَتَحَوَّل إِلَى سَمَاوِي مِنْ الجِهَاد الأرْبَعِينِي السَيِّد الْمَسِيح خَدَم 40 شَهْر وَعَاش عَلَى الأرْض 400 شَهْر قَضَى 40 يُوْم بَعْد القِيَامَة لِيُثَبِّت الكِنِيسَة لِذلِك رَقَم " 40 " رَقَمْ مُصَالَحَة بَيْنَ السَّمَاء وَالأرْض لِذلِك نَحْنُ نَصُوم أرْبَعِينَ يَوْماً لِلمُصَالَحَة أنْتَ تُقَدِّم صُوْم بِالجَسَد لكِنُّه صُوْم مِنْ أجْل الرُّوح إِذاً أنْتَ تَصُوْم بِنِعْمَة إِلَهِيَّة رَبِّنَا يُكَمِّل نَقَائِصْنَا وَيِسْنِد كُل ضَعْف فِينَا بِنِعْمِتُه لَهُ المَجْد دَائِماً أبَدِيّاً آمِين القس أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والأنبا أنطونيوس – محرم بك - الاسكندرية
المزيد
20 يناير 2019

عرس قانا الجليل

" وفىِ اليوم الثالث كان عُرس فىِ قانا الجليل ، وكانت أُم يسوع هُناك 0 ودُعى أيضاً يسوع وتلاميذه إلى العُرس 0 ولمّا فرغت الخمر قالت أُم يسوع لهُ ليس لهُم خمر 0قال لها يسوع مالىِ ولكِ يا إمرأة0 لم تأتِ ساعتىِ بعد 0 قالت أُمّهُ للخُدّام مهما قال لكُم فافعلوهُ0 وكانت ستّة أجرانٍ من حِجارةٍ موضوعةً هُناك حسب تطهير اليهود يسعُ كُلّ واحدٍ مطرين أو ثلاثة0 قال لهُم يسوع إملأوا الأجران ماء0 فملأوها إلى فوق0 ثُمّ قال لهُم إستقوا الآن وقدّموا إلى رئيس المُتّكإ 0 فقدّموا0 فلّما ذاق رئيس المُتّكإ الماء المُتحّول خمراً ولم يكُن يعلم من أين هى0 لكنّ الخُدّام الذين كانوا قد إستقوا الماء علِموا0 دعا رئيس المُتّكإ العريس0 وقال لهُ 0 كُلّ إنسانٍ إنّما يضعُ الخمر الجيّدة أولاً ومتى سكِروا فحينئذٍ الدّون0 أمّا أنت فقد أبقيت الخمر الجيّدة إلى الآن0 هذهِ بِداية الآيات فعلها يسوعُ فىِ قانا الجليل وأظهر مجدهُ فآمن بهِ تلاميذهُ " ( يو 2 : 1 – 11 ) 0 فلتحلّ علينا نعمتهُ وبركتهُ من الآن وكُلّ أوان وإلى دهر الدهور آمين 0 تحتفل الكنيسة يا أحبائىِ بعيد من أعيادها السيّديّة الصُغرى عيد " عُرس قانا الجليل " ، رُبّما يتساءل البعض لماذ مُعجزة عُرس قانا الجليل تتحّول لعيد ؟ فربنا يسوع المسيح عمل مُعجزات كثيرة ، رُبّما يكون عمل مُعجزات أكبر منها ، فإِذا كان اقام موتّى ، فإِذا كان أقام لِعازر ، فإِذا كان فتح للأعمى عينيهِ 0 أولاً أتكلّم مع حضراتكُم فىِ ثلاث نُقط :- أولاً : لماذا نحتفل بعُرس قانا الجليل كعيد :- لأنّها أول مُعجزة ربنا يسوع المسيح عملها 0 فهى أول شىء يُعلن بِها نفسهُ أمام الناس00فقبل المُعجزة إن كان معروف فهو معروف لأخصائهُ الأقربين جداً مثل الست العدرا وتلاميذهُ لكن عِند عامة الناس لا يعرفوهُ فالست العدرا تعرف جيداً إمكانيات إبنها كون إن هى قالت ليس لهُم خمر فذلك لأنّ هى تعرف إمكانيات إبنها فطلبت المُعجزة هى أول مُعجزة يُستعلن فيها مجد لاهوت ربنا يسوع المسيح ، فالكنيسة تحتفل بِها وتجعلها بداية لحياة ربنا يسوع المسيح فتوجد كلمة فىِ الإنجيل " الثالث "فلِماذا اليوم الثالث ؟فهو اليوم الثالث بالنسبة للعِماد 0 فهو إعتمد فىِ 11 طوبة 0 فاليوم هو اليوم الثالث للعِماد ، فنجد قِراءات 12 طوبة لا تُقال قِراءات 12 طوبة لأنّهُ ثالث يوم عيد الغِطاس00وتُعطىِ لنا تعاليم خاصة بالعِماد 00فمازالت الكنيسة بتحتفل بالعيد ولكن توّج إحتفالنا بالعِماد بمُعجزة فالثالث تُشير لقوة القيامة 00قوة الحياة الجديدة00قوة الخلاص0 العيد يحمل معانى كثيرة :- (1) إعلان إلوهيّة ربنا يسوع المسيح 0 (2) بداية كرازتةُ وخدمتةُ 0 فهو حب أن يتعرّف علينا فىِ عُرس لأنّ هو مصدر الفرح ، وبدأ خدمتهُ فىِ عُرس ، ربنا يسوع المسيح هو العريس الحقيقىِ فهو مُشتاق أن يخطُبنا لنفسهِ ويُقدّمنا لهُ كعذراء بلا عيب فإن كانت هذهِ المعرفة أولّها فىِ فرح فإنطبعت صورة مُفرحة مُعزّية قوية فىِ نفوسهُم ، لأنّهُ يُشركهُم فىِ حياتهُم ، فهو صديق لهُم ومُشاركاً لهُم فىِ حياتهُم ، فهو كان مُجامل وكان عاطفىِ وشاركهُم فىِ أحزانهُم وأفراحهُم والعُرس كان يأخُذ مُدّة من الزمن ، فكان يأخُذ على الأقل إن كانوا ناس بُسطاء يأخُذ إسبوع " وكانت أُم يسوع هُناك " فالسيد المسيح أتى ليُجامل والست العدرا كانت هُناك من قبلهُ بمُدّة ، وربنا يسوع ذهب فىِ نهاية العُرس ، فالعُرس فىِ التقليد اليهودىِ كان يُمثلّ أمر لهُ فرحة كبيرة جداً ، فبعض النساء تغيّرت أسمائهُم بعد عُرسهُم فهو يُمثلّ للشخص حياة جديدة وفىِ بعض تقليدات فىِ التقليد اليهودىِ إن هى بداية جديدة ، وغُفران للخطايا السابقة ، لذلك كانوا يحتفلوا بهِ بمراسيم طقسيّة وبِمُشاركة أهل أهل البلد ، لذلك ربنا يسوع هو أتى ليُعلن نفسهُ العريس والبشريّة هى العروس ، والعُرس معروف عنهُ البهجة والسرور وتجمّع الأقرباء والأحبّاء ، فهو جاء ليقول أنا أتيت فىِ وسط أحبائىِ لأصنع معهُم محبة ، وهو تنازُل رب المجد للبشريّة وإفتقادِهم0 الأعياد السيديّة هى الأعياد التى تمسّ الخلاص وفيها أحداث تمسّ الخلاص ، مثل الخِتان فهو مُناسبة خلاصيّة وهو إحتكاك للخلاص لذلك عُرس قانا الجليل الكنيسة بتعتبرهُ مُناسبة فيها رب المجد يسوع بيفتقد الجنس البشرىِ ، نحنُ نعرف أنّ من نتائج الخطية أنّ العقوبة التى وقعت على المرأة عامةً بأنّ بالوجع تلدين وأصبح الزواج مُرتبط بالوجع وبالأنين وبنتائج الخطية ، فهو جاء يحضر العُرس ليرفع العقوبة وليُزيل العداوة القديمة ، كما فىِ آدم يموت الجميع وكأنّ اليوم الكنيسة بتقول لنا عيشوا مع المسيح خدمتهُ ، فهو إتولد وإتختن وتعمدّ ، واليوم الكنيسة بتقول لكُم اليوم هو أول خطوة فىِ خدمة ربنا يسوع المسيح وربنا يسوع عارف أنّهُ عندما تبدأ المُعجزات تبدأ الحروب والضيقات والمكائد والصليب يظهر ، فقال لها لم يأتىِ الوقت بعد ، فالكنيسة بتعتبر أنّ المسيح أعلن مجد لاهوتهُ وسُلّطانهُ فىِ حياتنا ، وإفتقد حياتنا ويُحوّل حياتنا إلى خمر حقيقىِ0 ثانياً:التحّول:- نحنُ نعرف أنّ الخمر عندما فرغ كان موقف مُحرج ، والست العدرا كانت بتشتغل معهُم ، والست العدرا شعرت بالموقف المُحرج فقالت لربنا يسوع " ليس لهُم خمر " 00ثُمّ قالت لهُم " مهما قال لكُم فإفعلوهُ " ، ليتنا عندما نقرأ الكِتاب المُقدس لا أقول إنّ هذهِ الآية ليس لىِ شأن بِها ولكن الآية تحتاج لوقفة ثُمّ قال لهُم " إملأوا الأجران ماء " فهو حّول الماء إلى خمر ، إنّهُ تحّول جوهرىِ ، فالماء عناصرهُ غير عناصر الخمر ، فالماء H2o هيدروجين وأوكسجين ، والخمر فيهِ كحُولّ فهو فيهِ كربون ، فكون الماء يتحّول ويتغيّر طبيعتهُ تماماً فهى مُعجزة 00مُعجزة خلق 00مثل مُعجزة الخمس خُبزات والسمكتين 00فهى مُعجزة خلق لأنّ ربنا يسوع هو قادر أن يُغيّر 00فهو قادر أن يُغيّر البرودة والجفاف إلى حرارة ونشاط00وقادر أن يُحّول طبيعتىِ الفاسدة وحتى وإن لم توجد إمكانيات التغيير ، أُريد أن أكون شىء لهُ قيمة ولهُ طعم مثل الخمر فلنفرض إن أنا لا يوجد فىّ برّ فهو قادر أن يخلق فىّ برّ " قلباً نقياً إخلق فىّ يا الله " ربنا يسوع المسيح جاء ليُحّول النفس الضعيفة الفاسدة إلى نفس حارّة فربنا يسوع المسيح لا يُجيز شُرب الخمر ، ولكن الناس هى التى تُفسد إستخدامهُ ، فالناس فىِ المناطق الباردة تشربهُ للتدّفئة ، فالمادة فىِ حد ذاتها ليست شراً ولكن الإنسان هو الذى يصنع الشر ، فهو يُريد أن يقول أنّهُ قادر أن يخلق قلب جديد نقىِ ربنا يسوع إستخدم فىِ إنجيلهُ كلمة " خمر" عندما قالت عذراء النشيد" أدخلنىِ إلى بيت الخمر " فهو يُشير إلى الشبع الروحىِ بالله ، وفعلاً الإنسان يا أحبائىِ بيصل لدرجة أنّهُ يسكر بمحبة ربنا ويوصل لدرجة أنّهُ يرتفع عن الفِكر البشرىِ ربنا جاء ليجعل بهذهِ المُناسبة إفتقاد لجمود الإنسان ، لأنّ الإنسان إبتعد عن ربنا تماماً وعاش فىِ حياة كُلّها توانىِ وكسل ، فربنا يُريد أن يُغيرّهُ ومن عظمة قُدرة التحّول أنّ رئيس المُتّكإ إندهش وقال لهُم من أين أتيتُم بهِ والأجران كانت ثقيلة جداً فهو قد إعتقد إن الخمر كان عندهُم وأتوا بهِ فىِ الأخر ولم يعرف بالتحّول ، كأنّ ربنا يسوع المسيح جاء ليقول أنا سأبطُل الخمر القديم وسأعطيكُم خمر جديد يُدهش عقولكُم الخمر القديم هو الناموس والخمر الجديد هو البرّ فىِ عهد ربنا يسوع المسيح فيوجد فرق كبير بين الذبائح وبين النعمة التى نحنُ فيها الآن ، فنحنُ موجودين والمذبح مفتوح وبنأخُذ الجسد والدم ، نحنُ فىِ عِز الآن ، فهو يُدهش ، جميل جداً أن ندرس العهد القديم ، فتوجد أهمية لدراسة العهد القديم ، ومنها أعرف اهمية الخمر القديم وما يُشير إليهِ فىِ العهد الجديد فما أجمل أن أعرف أنّ الشعب عندما كانت تلدغهُ الحيّات كان موسى يُعلّق الحيّة وينظُر إليّها الإنسان فيُشفى ، فهى قوة الصليب التى تُشفىِ الإنسان من لدغة الحيّة موسى عبر البحر الأحمر ولكن فىِ الخمر الجديد هو المعموديّة فكما أنّهُ غرق فرعون فىِ البحر الأحمر كذلك يُسحق الشيطان فىِ المعموديّة0 ثالثاً: سخاء يسوع :- سألهُم وقال لهُم ماذا يوجد عندكُم ؟! فقالوا لهُ عندنا " ستّة أجران من حِجارة موضوعة هُناك 0حسب تطهير اليهود ، يسع كُلّ واحد مطرين أو ثلاثة " فىِ الحقيقة إنّ هذا الرقم وهو " ستّة أجران " فالجُرن الواحد يسع 100 لترأو أكثر ، وكُلّهُم يعملوا 600 لتر خمر ، فلو لتر فقط فإنّهُ يشربهُ خمسة أشخاص ، فالـ 600 لتر يكفوا لعدد كثير جداً 00فما الذى يحدُث ياأحبائىِ ؟! فهو سخاء يسوع يُحّول الخمس خُبزات والسمكتين لتُقدّم فىِ وليمة مُشبعة ويتبقّى إثنىِ عشر قُفّة " الذى يمنحكُم كُل شىء بغنى للتمتُّع "يوجد غنى ليس فقط على المستوى المادىِ ولكن على المستوى الروحىِ ، قدّم لهُ أجرانك وسترى ماذا سيفعل ، فيقول عن مُعجزة صيد السمك " أمسكوا سمكاً كثيراً جداً فصارت شبكتهُم تتخرّق " غنى تعال أنت فقط قُل لهُ " إملأ الأجران خمر " الخمر هو الحرارة الروحيّة ، ليس عندنا خمر ليس عندنا حرارة فىِ حياتنا الروحيّة ، ربنا يسوع بيقول قدّم ماءك فأحّولهُ لخمر حتى تقولوا كفانا كفانا 0ألّم تُجرّب أنّك فتحت الإنجيل ووجدت الكلام قوى جداً ومؤثّر جداً ، فإن كان عندك أجران أكثر لكان ملأها بمُجرّد فقط أننا نُعطىِ لهُ وهو يملأ ويملأ ألّم تُجرّب مرّة أنّك بتصلّىِ وتشعُر إن إنت فرحان وسعيد وغير مهموم وإرتفعت للسماء وغير قادر أن تختم000فهذا هو الماء الذى تحّول إلى خمر0الخمر سر حياة القديسين فهُم قدّموا ماء فصار خمر فسكروا 00الشيخ الروحانىِ يقول " لدرجة أنّهُم نسوا كُل شىء 00نسوا الأب والأخ والصديق وسعوا خلف الغنى بحُبهِ "الكنيسة بتقول لكُم تعالوا لربنا يسوع المسيح لكى يُقدّس حياتكُم ويُقدّم لكُم خمراً روحانياً ويُقدّم لنفسهُ شعباً مُبرّراً ربنا يسوع المسيح يتحنّن علينا وينظُر إلى مائنا ويُحّولهُ إلى خمر يُلهب قلوبنا ونفوسناربنا يسند كُل ضعف فينا بنعمتهُ لهُ المجد دائماً أبدياً أمين0 القس أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والأنبا أنطونيوس - محرم بك الأسكندرية
المزيد
11 نوفمبر 2018

عشرة المسيح الحقيقية

معلمنا بولس الرسول يقول ﴿ الذي أحبني وأسلم نفسه لأجلي ﴾ ( غل 2 : 20 )عِشرة شخصية مع يسوع قد نعرف يسوع لكن ليس لنا عِشرة معه أعرف أنه وُلِد في بيت لحم قرية صغيرة وأنه عاش فقير وله تعاليم جميلة وعمل معجزات كثيرة وأنه صُلِب وقُبِر وقام وصعد وأرسل الروح القدس .. هذه باختصار حياة ربنا يسوع كلها لكن هناك فرق بين إني أعرف وإني أختبر .. فرق بين إني أعرف وإني أعيش .. فرق بين إني أعرف وإني أتذوق القديس مارإسحق يقول ﴿ أن الكلام عن العسل شئ ومذاقة العسل شئ آخر ﴾ .. الكلام عن يسوع شئ ومذاقة يسوع شئ آخر .. العِشرة الشخصية ..الذي أحبني أنا .. لما تجسد تجسد من أجلي أنا وعلمني أنا وباركني أنا ولمسني أنا .. القديس يوحنا ذهبي الفم قال ﴿ لو لم يوجد في العالم سِواي لأتى ابن الله من أجلي ﴾ .. هذا يُدخِلنا في العِشرة الشخصية والتلامُس الشخصي .. الإختبار الشخصي .. لذلك هناك معرفة مع يسوع تُسمى :- المعرفة العقلية . المعرفة النظرية . المعرفة الإختبارية . نتكلم اليوم ليكون لنا عِشرة حقيقية ومعرفة اختبارية حياتية القديس يوحنا الحبيب يقول﴿ الذي رأيناه بعيوننا الذي شاهدناه ولمستهُ أيدينا ﴾ ( 1يو 1 : 1) رأيته وسمعته ولمسته القديس مارأفرآم كان يُخاطب حواسه قائلاً ﴿ أيتها العيون تأمليه أيتها الآذان اسمعيه أيتها الأفواه تذوقيه أيتها الأيدي باركيه أيتها الرُّكب احمليه ﴾عِشرة أحتك به حتى أن القديسين اشتاقوا أن يُعاشروه مثل أُمنا العذراء عِشرتها معه كانت استيقاظ ونوم وطعام واختلاط أنفاس الكلام عن يسوع شئ واختبار يسوع شئ آخرلا نريد أن نكون مجرد سامعين عنه أو مُنتمين إليه أو نعرفه لكن نريد أن نكون مُتعايشين معه قيل عن التلاميذ ﴿ كانوا معه ﴾( مر 16 : 10) القديس بطرس الرسول يقول ﴿ كنا مُعاينين عظمتهُ إذ كنا معه في الجبل المقدس ﴾ ( 2بط 1 : 16 – 18) لابد نحن أيضاً أن نقول " كنا معه " " كنا معه على الجبل المقدس ومُعاينين عَظَمَتهُ " كل لحظة صِدق في الصلاة هي لحظة تجلِّي كل قداس تحضره بأمانة هو وقوف حول الجلجثة كل تناول هو تلامُس حقيقي مع يسوع المصلوب القائم الحي لذلك الكنيسة في القداس تجعلنا نشعر أن يسوع جاء الآن ووُلِد الآن وصُلِب الآن وقام الآن المذبح يُمثِّل المذود وفي آن الوقت الجلجثة وفي آن الوقت القبر وفي آن الوقت القبر الفارغ المذبح يُمثِّل كل هؤلاء في بدايِة القداس يفرش المذبح ويقول هذا هو المذود والصليب الذي بأعلى الصينية هو النجم ويجعل الصينية كالمغارة فوقها نجم اللفائف الآن تُمثِّل أقمطة الطفل يسوع في وقت آخر يقول اللفائف تُمثِّل الأكفان إذاً نحن نحيا يسوع في القداس فعلياً وكل تلامُس مع مراحل حياته يكون تلامُس حق لذلك معلمنا بولس يقول ﴿ لأعرفه وقوة قيامته ﴾ ( في 3 : 10 ) عاشِرته أي عرفته أي تلامست معه لا نكتفي بالمعرفة النظرية أبداً لذلك نقول أن محبة المسيح محبة تحصرنا ( 2كو 5 : 14) لذلك لما وُلِد يسوع لابد أن أشعر أنه وُلِد من أجلي وبارك طبيعتي وأخذ جسدي وترك عرشه من أجلي التجسد من أجلي وعندما أراه ينمو أقول أنه أخذ نفس طبيعتي وعاش نفس مراحلي وباركها لما أجده يعلِّم كل تعليم قاله يسوع كان من أجلي لأن تعاليم يسوع أخذت صفة الخلود ولم تكن كلماته للمجموعة التي كانت تسمعه فقط لا لما قال خذوا كلوا هذا هو جسدي وهذا هو دمي ( مت 26 : 26 – 28 ) لم يقولها لمجموعة فقط مائة أو ألف لا بل قالها لنا كلنا عبر كل الأجيال لابد أن أُصغي لكل تعاليم يسوع وأضع نفسي داخلها لابد أن أعرف إني واحد من ضمن القطيع الذي أخذ هذه التعاليم كلها يسوع لما قال ﴿ طوبى للودعاء ﴾ ( مت 5 : 5 ) قالها لي أنا لما قال ﴿ ينبغي أن يُصلَّى كل حينٍ ولا يُمل ﴾ ( لو 18 : 1) قالها لي أنا لما قال ﴿ تحب قريبك كنفسك ﴾ ( مت 22 : 39 ) .. ﴿ أعطوا تُعطوا ﴾ ( لو 6 : 38 ) " إحمِل صليبك "( مت 16 : 24 ) قال لي أنا تعاليم يسوع لابد أن آخذها لي أنا من أصعب الأمور أن أجعل نفسي خارج دائرة تعاليمه وأقول أنه قال ذلك للكتبة والفريسيون وليس لي أنا والموعظة على الجبل قالها للجموع وليس لي أنا وما قاله في المجمع اليهودي ليس لي أنا وهذا قاله للتلاميذ أين أنا إذاً ؟ كل كلمة وكل تعاليمه قالها يسوع لي أنا إن أردت أن تدخل في عِشرة مع يسوع إعرف أن أفعاله كلها من أجلك وكلامه كله من أجلك إدخِل نفسك داخل كل كلمة ولا تقف خارجاً ولا تبتعد كثيراً قل هذه التعاليم لي أنا جيد جداً لما تسمع الكلام وجيد لما تقول الكنيسة ﴿ طوبى لعيونكم لأنها تُبصِر ولآذانكم لأنها تسمع ﴾ ( مت 13 : 16) أنتم الجالسون الآن الكلام لكم الكنيسة تعتقد أن المنجلية هي فم المسيح كل يوم يُقرأ عليك فصل إعرف أن المسيح هو الذي يقوله لك ولي فتعاليم يسوع خالدة مستمرة للأبد عِشرِة المسيح أن أكون مُستمع لكلامه وخاضع وعامل لكلامه ومتجاوب لكي أعاشِر شخص لابد أن يكون بيني وبينه حديث متبادل أنا أكلِّمه في الصلاة وأسمعه في الإنجيل هو يحدثني وأنا أكلِّمه حديث متبادل به إحساس لا أكلم نفسي ولا هو يكلم غيري لا ﴿ الذي أحبني وأسلم نفسه لأجلي ﴾ يصل إلى درجة أن الإنسان يعتبر كل كلمة من يسوع موجهة له هو كل معجزات يسوع لابد أن أعتبرها قد صُنِعت معي أنا .. يسوع شفى عيون العُمي .. أنا الأعمى .. كون إني أرى طريق الحق ولا أسير فيه فأنا أعمى .. كون إني أرى الوصية ولا أعمل بها فأنا أعمى .. كون أن خطاياي هذا عددها لا تُعد ولا تُحصى ولا أراها فأنا أعمى .. إذاً محتاج إنه يفتَّح عيني .. لما يفتح عيون العميان قل له أنا أيضاً واحد منهم فتَّح عيون قلبي .. أنت الذي شفيت اليد اليابسة قادر أن تشفي يدي المُمسكة عن فِعْل الخير .. أعمالي التي ليس بها صلاح .. أنت شفيت اليد اليابسة .. اليد المعتادة على الشُح والبُخل عندما تتعود على العطاء هذا هو شفاء اليد اليابسة أنت يارب تُخرِج الشيطان .. أنا داخلي شياطين كثيرة .. داخلي شيطان الغضب الهائج الثائر إخرِج مني شيطان الغضب .. أنت فتَّحت عيون العُمي وشفيت اليد اليابسة وأخرجت شياطين .. أنت يارب أقمت موتى أقِم موتى خطاياي .. كلمة منك تُقيم موتى نفسي فأحيني يا الله بحسب كلمتك وبحسب رحمتك حياة يسوع هي من أجلي وأعماله هي من أجلي .. هو فَعَل من أجلي وتكلم من أجلي وعلَّم من أجلي وصنع معجزات من أجلي بعد ذلك صُلِب .. لأجل من هذا الصليب ؟ لأجلي .. لكي أتأمل صورة يسوع المصلوب وأنا أرى إكليل الشوك وأنا أرى المسامير .. والدم السائل .. والجنب المفتوح .. وأنا أرى اليدين والقدمين المُسمرتين على الصليب أقول .. من أجلي .. من أجل خطاياي .. أقول له أنت يارب الذي شربت من أجلي المُر قادر أن تُزيل سُم الخطية الذي يضعه لي الشيطان .. أنت يارب يا من وضعوا لك إكليل الشوك ساعدني أن أنزع عنك إكليل الشوك بتوبتي عن خطاياي وعن كل فكر شرير وقبيح .. هذا كله أنا .. لا أنظر للصليب وأُخرِج نفسي خارج دائرته .. لا .. عِشرِة المسيح هي أن أُدخِل نفسي داخله .. هو فَعَل بالنيابة عني وأشعر بعمله معي أنا .. حتى في القبر .. أقول له كيف رئيس الحياة يُوضع في قبر ؟ خالق كل الموجودات يُوضع في قبر عليهِ خِتم وحُراس ؟ يا لعِظَم محبتك يارب .. كل هذا من أجلي .. نيابةً عني .. إن كان كل ذلك من أجلي ونيابةً عني إذاً أنت يارب عظيم ومُقتدِر وجبار لذلك لابد أن أدخل في الحدث ولا أنظره من بعيد .. قام من الأموات .. قام من أجلي وقمت معه .. هو لا يفرح أن يقوم هو من الموت وحده وأنا ميت .. هو لم يقُم نفسه لأنه لا يحتاج لقيامة لأنه رئيس الحياة .. هو قام لأجلي .. إذاً عِشرِة المسيح هي أن أتجاوب مع كل ما قال وما فعل وكل فِعْل خلاص فَعَلُه ينتقل لي قوِّته ظل " 40 " يوم يُعلِّم بعد القيامة .. إسمع تعاليمه .. ثم صعد لكي يُعِد لي مكان .. لكي يرفع قلبي له إلى فوق ولكي يعلمني أن حياتي فترة مؤقتة ثم أعود مرة أخرى إلى مكاني معه .. أنا تعلقت به جداً طول فترة حياته على الأرض ولما صعد قلت له لا تتركني فقال لي سأفعل لك أمران .. أولهما إني أُرسِل لك ما يعوضك غيابي وأنا منتظرك فوق لأنك ستكون هنا فترة قليلة وأنا صاعد أُعِد مكان لاستقبال ضيوفي .. لا تحزن مني لأني دعيتك على وليمة في بيتي وأستأذنك لأذهب إلى بيتي لأُعِد لك وليمتك وأنا منتظرك لا تتأخر .. عندئذٍ تعرف إني منتظرك فتتعجل المجئ إليَّ هذه هي حياتنا على الأرض .. نحن متعجلين للذهاب له وهو منتظرنا فوق .. إذاً كل فِعْل فَعَلُه كان من أجلي ونقل لي قُوِّته وأرسل لي الروح القدس وقال ليعوضك عن غيابي ويعلِّمك ويُرشدك ويُقدسك .. لن أتركك وحدك .. إذاً حياة يسوع هي من أجلنا وعِشرِة المسيح الحقيقية هي أن أتذوقه وأحبه وأعرفه القديس أوغسطينوس وصل به الأمر أن يقول لله إني أشعر أنه من شدة اهتمامك بي أنا أنه لا يوجد في العالم سواي .. والعكس لما يعيش إنسان في زيغان يقول أنه واحد وسط مليارات ولن يشعر الله به .. لكن لما يقترب لله يشعر أن الله لا يرى سواه فكان القديس أوغسطينوس يقول ﴿ أنت تحتضن وجودي برعايتك وكأنه لا يوجد في العالم سواي .. تسهر عليَّ وكأنك نسيت الخليقة كلها تهبني عطاياك وكأني أنا وحدي موضوع حبك ﴾ .. أنت منتبه لي أنا خاصةً .. لا ترى في الخليقة أحد سواي .. ﴿ ليتني أحبك يا إلهي كما أنك أحببتني ﴾ .. عِشرِة المسيح عِشرة حقيقية أدخل أسجد أمامه أشعر إني أسجد أمام إلهي الحقيقي .. الذي أنا واقف أمامه وهو أمامي ويفهمني وأفهمه .. ﴿ حي هو رب الجنود الذي أنا واقف أمامه ﴾ ( 1مل 18 : 15) .. عِشرة حية مُتجددة .. أي شئ حي يتجدد .. لن تنظر لشئ ميت لكن لو شئ حي حياته تجعلك منجذب له تُتابعه .. ما الذي يجعل عِشرتي مع الله حلوة ؟ أنها حية فعَّالة عاملة .. لا توجد أُم لديها طفل بعد بعض الشهور تَمَلْ منه وتريد آخر غيره .. ما الذي يجعلها لا تَمَلْ منه ؟ أنه حي ينمو معها .. يلهو معها ثم يبدأ السِير ويدخل المدرسة وينمو .. حي يتطور أمامها .. أمر مُفرِح .. حتى تُزوجه وعندما تُزوجه تفرح أنه يأتيها بأولاده إن أردت أن تكون عِشرِتك بالمسيح دائمة إجعلها عِشرة حية لأن الحياة التي في العِشرة تجلِب لها تجديد والموت يُعطيها روتين .. واحد يقول نفس الصلوات ونفس كلمات الإنجيل ونفس الأجبية والقداس ونفس الناس .. أمر مُمِل .. نفس صوت الكاهن ونفس صوت الشماس .. أمر مُمِل .. بينما آخر يقول أشعر بكل هذا لأن عِشرِته مع الله حية متجددة فعَّالة .. ﴿ الذي أحبني وأسلم نفسه لأجلي ﴾ .. ندخل داخله .. ندخل داخل وصاياه كما يقول ﴿ الله الذي أعبده بروحي ﴾ ( رو 1 : 9 ) .. عِشرِة حب .. عِشرة دائمة .. عِشرة لا تشيخ أبداً تبدأ معنا هنا على الأرض ولا تنتهي في الأبدية لأنها عِشرة مستمرة لا تنتهي لما نذهب للسماء نجد عِشرِتنا عِشرة دائمة للأبد نقف أمامه نُسبح ونُبارك ونُمجد لذلك لابد أن ندخل في عِشرة حلوة معه .. كل كلمة تُقال أعتبرها وعد ليَّ .. وكل إنذار يُقال أعتبره إنذار لي .. وكل تشجيع أعتبره تشجيع لي .. كل حنو على خاطئ أعتبره لي .. وكل توبيخ لمرائي أعتبره لي .. أنا .. أنا المريض والميت والخاطئ .. أدخِل نفسي داخل الأحداث لذلك لما تكون العِشرة بهذه الحياة والتجديد تجد نفسك سعيد بعِشرِتك مع الله .. لذلك ندخل داخل أعماق قلب أو عقل قديس تجده يقول العمر قصير جداً عن أن أعرف الله .. كل يوم أكتشف الجديد معه .. كل يوم أكتشف أنه مُفرِح ومُشبِع ولذيذ .. كل يوم أدخل في عمق جديد وأن غمر ينادي غمر( مز 42 : 7 ) .. لا يوجد أحد عاش مع الله فترة وقال كفى .. إسأل الأنبا بولا أول السواح قضيت ستون عام مع الله في البرية ماذا تفعل ؟ كفى عشر سنوات أو عشرون .. ماذا سيكون جديد ؟ يقول كل يوم في جديد .. كل يوم فرح جديد .. عِشرة جديدة .. مذاقة جديدة .. حب جديد .. تقرأ الإنجيل بعِشرة وعمق تشعر أنك لم تقرأه من قبل وتقول كيف لم أتذوق ذلك من قبل ؟ تحضر قداس تجده جميل .. تُصادق قديس لا تَمَلْ منه أبداً .. تدخل عمق آية تشعر أنها مصدر طاقة لك .. هي في حد ذاتها قوة دافعة لحياتك واشتياقاتك .. عِشرِة المسيح إجعل لك عِشرة فعَّالة فاعلة دائمة مستمرة مع يسوع .. لا تكتفي بالمعرفة النظرية .. لابد أن أعرفه وأتذوقه وأختبره وأقول ﴿ ذوقوا وانظروا ما أطيب الرب ﴾ ( مز 34 : 8 ) ربنا يعطينا عِشرة حية عميقة متجددة دائمة معه ويكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته .. له المجد دائماً أبدياً آمين القس أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والأنبا أنطونيوس - محرم بك الأسكندرية
المزيد
02 سبتمبر 2018

دوافع الاستشهاد

عودتنا الكنيسة في تذكار الشهداء الذين أعلنوا مسيحيتهم وإيمانهم بالمسيح وكانت النتيجة هي قطع رؤوسهم ونوال إكليل الشهادة أن تقرأ لنا الجزء الخاص في الإنجيل الذي ذكرت فيه الآية التي تقول { لا تخافوا من الذين يقتلون الجسد } ( لو 12 : 4 ) بالإضافة إلى المزمور { كثيرة هي أحزان الصديقين ومن جميعها ينجيهم الرب } ( مز 34 : 19) فما هي دوافع الإستشهاد ؟ لماذا يعلن البعض إيمانه حتى لو كان الوالي لا يعرف بإيمانهم ؟ حتى ينالوا أكاليل الشهادة هل هو ناقم أو كاره للدنيا ؟ يظن بعض الدارسين إلى التاريخ المسيحي أن هؤلاء الشهداء لا يحبون الحياة متشائمين قرروا الإنتحار ولكن الحقيقة هي أن الشهيد داخل قلبه ثلاث كلمات :- أولاً : الوصية :- يطيع الوصية ويطبقها في قلبه فإن لحظة الإستشهاد كشفت محصلة حياته أي خضوعه وطاعته للوصية عندما يسمع الآية تقول { لا تخافوا من الذين يقتلون الجسد وبعد ذلك ليس لهم ما يفعلون أكثر } بهذه الكلمات عاش الوصية عملت فيه على مستويات كثيرة صلواته توبته طهارته محبته عطاؤه أي أنها سكنت داخله بغنى شعر إنه مِلك للمسيح غير أهل العالم كيف ؟لأن دوافعه مختلفة معاملاته مع الناس ومع المادة كل شئ إختلف الوصية أنارت قلبه وعقله وكشفت عن أمور غامضة خطايا أفكار وميزت بين الظلام والنور ولذلك فإن ما وُرد في الكتاب المقدس عن الوصية دليل لذلك مثل الوصية مطرقة تحطم نار تحرق مرآة تكشف سلاح ذو حدين الوصية تجعلك تميز فالشهيد عاش في خضوع للوصايا ووضعها في قلبه كما يقول داود النبي { خبأت كلامك في قلبي } ( مز 119 : 11) ترعى وتُرشد للطريق الشهيد محصلة حياة المسيح وهذا لم يأتي فجأة فإنه يقدم نفسه شهيد كل يوم من أجل الوصية فعندما تقول الوصية سامح فهذا إستشهاد وعندما تقول الوصية النظرة تعتبر زنى فهذا نوع من الإستشهاد اليومي نقوم به وأكون شهيد أمام الله وأمام ضميري كل يوم . ثانياً : الصليب :- الإنسان الذي يعرف قيمة ما فعله الرب يسوع المسيح على الصليب من فداء وكفارة يشعر أن حياته مِلك لله وحده وكما يقول بولس الرسول { مات لأجل الجميع } ( 2كو 5 : 14)رغم أنه برئ ونحن المذنبون وقال لكي يعيش الأحياء فيما بعد ( 2كو 5 : 15) الشهيد عرف قيمة يسوع المصلوب والصليب أصبح شعاره ورغب في الموت من أجل ذاك الذي مات من أجله ( 1كو 8 : 11) وكما يقول بولس الرسول { ولا نفسي ثمينة عندي } ( أع 20 : 24 ) يرى الشهيد أن إشتراكه في نفس طريقه موت يسوع شرف وبركة لا يستحقها عند إستشهاد معلمنا بطرس رفض أن يُصلب بنفس طريقة سيده وطلب أن يُصلب منكس الرأس لأنه إعتبر صلبه شرف لا يستحقه ما هو إحساسي كفرد بالصليب ؟ صليبنا الخاص ما شعوري به وكيف أتعامل معه ؟ فما أجمل قول معلمنا بولس الرسول { الذي أحبني وأسلم نفسه لأجلي } ( غل 2 : 20 ) حين يعرف الفرد ما فعله الصليب من أجله وقتها يشعر ويرغب في الحصول على بركة الصليب هنا نقول له أن الصليب في العطاء وفي صلب أعضاءك وأن تنكر نفسك وتحمل صليبك وتبحث عن صليب تحمله حتى تأتي لحظة الإستشهاد من أقوال رب المجد يسوع { من يعترف بي قدام الناس أعترف أنا أيضاً به قدام أبي الذي في السموات ولكن من ينكرني قدام الناس أنكره أنا أيضاً قدام أبي الذي في السموات }( مت 10 : 32 – 33 )لذلك فمسيحيتك فخر وعظمة لأننا مختلفين حقاً لهذا قال لنا{ وتكونون مبغضين من الجميع من أجل إسمي } ( مت 10 : 22 )إسمه هذا يجعلك مُبغض ومن هنا شركة الآلام في الصليب تجعل الإنسان لديه شهوة الإستشهاد فكل ما النفس أدركت ما فعله المسيح معها في الصليب كل ما النفس رغبتها في الموت تزداد . ثالثاً : الأبدية :- الإنسان المشغول بالأبدية قلبه مُعلق في السماء ولا يريد شئ على الأرض عندما يشتهي الإنسان جمال السماء وما بها يحتقر جمال العالم من يعيش بالأبدية يعيش بقوانين مختلفة ودوافعه أيضاً تختلف وأيضاً أغراضه ولذلك شاهدنا كل الشهداء عند لحظة الإستشهاد أعينهم مرفوعة إلى السماءلأنه في إنتظار المجد الإلهي عندما تجعل الأبدية في قلبك كل المعايير تختلف المُحب للمال يفقد إهتمامه به لأنه مهتم بالأبدية مثال على ذلك الشخص الذي تأتي له موافقة بالهجرة خارج البلاد لا يستطيع التفكير في كل ما كان يهتم به من قبل من مشاكل البلد والغلاء أو علاوات وترقيات ويصبح مهتم فقط بكل ما يخص المكان الجديد الذي يذهب إليه من التعليم والسكن والطقس وغيره كذلك الذي إهتم بالأبدية يهتم بها وبكل تفاصيلها ويتجاهل كل ما في الأرض من مشاكل وأتعاب المهتم بالأبدية سفر الرؤيا له إهتمام خاص عنده ويلجأ إليه في الضيقات حتى يتعرف على المجد الذي ينتظره إذن الشهيد هو محصلة الثلاث معاني السابقة يعيش بالوصية ويعرف أن الصليب من أجله وبذلك أدرك الأبدية فطلب الشهادة واعترف بمسيحيته ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته ولإلهنا المجد إلى الأبد آمين القس أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانيا أتطونيوس – محرم بك - الاسكندرية
المزيد
01 يوليو 2018

الخادم بين الروحانية والاجتماعية

يقول بولس الرسول « كنا مترفقين في وسطكم كما تربي المرضعة أولادها هكذا إذ كنا حانين إليكم كنا نرضى أن نعطيكم لا إنجيل الله فقط بل أنفسنا أيضاً لأنكم صرتم محبوبين إلينا »( 1تس 2 : 7 – 8 ) نتحدث عن نقطتين مهمين جداً :- المخدومين في أعيننا . نحن كخدام في أعينهم . أولاً المخدومين في أعيننا :- أ‌- إنهم قطيع المسيح ب‌- إنهم قديسين ومحبوبين . ج- إنهم كنيسة الغد . أ‌- إنهم قطيع المسيح :- لأن المسيح اشتراهم خاصته وملكيته فداهم جعلهم الله مملكة وكهنوت وأُمة مقدسة وشعب مُبرر أبونا الكاهن في سر الإبركسيس يقول « أُحرس قطيعك » لذلك نحن شعب اقتناء ( 1بط 2 : 9 ) والخادم هو وكيل لله مؤتمن على قطيعه والله أرسلك له لتخدمه وتعتني به إذن أنت خادم على قطيع المسيح وملكيته وليس في ملكيتك لذلك نجد ربنا يسوع عندما اختار تلاميذ إنه أرسلهم قدام وجهه إعلم أن المخدوم هو مواطن سماوي أي إنه من المختارين والمفديين وعليك أن تنظر إليه على أنه ابن للمسيح . ب‌- إنهم قديسين ومحبوبين :- الله جعلهم أواني مجد فمعلمنا بولس الرسول وهو يكتب رسائله يقول « إلى القديسين الذين في أفسس كورنثوس المدعوين قديسين في المسيح يسوع » إن مفهوم القداسة إنه يقاوم الخطية ويرفضها ويكرهها وهذا هو عمل النعمة المخدوم هو قديس في المسيح يسوع وله كرامة المسيح نفسه وعليك أن تحبهم مثل محبة المسيح لك شخصياً الرب يسوع أحب خاصته الذين في العالم أحبهم إلى المنتهى ( يو 13 : 1 ) إعرف إن المخدوم غالي مُميز باسمه وشخصه وظروفه انظر لهم بالمحبة مثل نظرة المسيح إلى زكا رغم أن كل الناس كانت تنظر له على أنه لص وسارق وأناني ولا ينظر إلاَّ لنفسه أما يسوع فقال له ينبغي أن أمكث اليوم في بيتك ( لو 19 : 5 ) « ابن الإنسان قد جاء لكي يطلب ويُخلِّص ما قد هلك » ( لو 19 : 10) . ج- كنيسة الغد :- عدم الإهتمام والإهمال في المخدوم سيُضعف من كنيسة الغد لذلك يقول سيدنا البابا « كنيسة بلا شباب كنيسة بلا مستقبل » هؤلاء المخدومين هم الذين يُكملوا الطريق حِفظ الألحان مكرسين كاهن راهب خادم لا تبخل عليهم أبداً بأي شئ سيؤتمنوا على الأسرار والتعليم والعقيدة إنهم يستحقوا كل التعب إعطي كل ما عندك . ثانياً نحن كخدام في أعينهم :- 1- أنت في عين المخدوم خادم أم مُعلم ؟ 2- أنت في عين المخدوم روحاني أم اجتماعي ؟ 3- أنت في عين المخدوم تحبه أم لا ؟ 1. أنت في عينيه معلم أم خادم ؟ هل أنت مُلقن أعطيته منهج وجاء لكي يسمَّعه لك !! هل تعطي معلومات ؟ هناك فرق بين التلقين والتسليم فرق بين المدرس والخادم ربنا يسوع المسيح يقول « وأما أنا في وسطكم مثل الذي يخدم » هناك فرق بين من يعطي معلومة أو يسلِّم حياة ولذلك نجد ربنا يسوع المسيح يقول « الكلام الذي أُكلمكم به هو روح وحياة » ( يو 6 : 63 ) ولذلك يقول « أما من عمل وعلَّم فهذا يُدعى عظيماً في ملكوت السموات » ( مت 5 : 19) عندما جلست لتحضير الدرس هل وقفت تصلي من أجل الدرس ولمعرفة ما يريده الله أن يُقال ؟ هل حاولت أن تُخرِج من الدرس تدريب لكي تعيشه ؟ المخدوم يعرف ويرى ويُقال على الخادم أنه وسيلة إيضاح للفضائل وسيدنا البابا يقول أن الخادم ليس معلم دروس بل مُخلِّص نفوس أنت خادم أي لك عِشرة لك حياة إختبار أعماق مخدع تحب الإنجيل تحب العبادة . 2. أنت روحاني أم اجتماعي ؟ الفرق بينهم شعرة أن يكون المسيح قدامك وأن تكون بتحب الجميع لأنهم أولاد المسيح فإن الإنسان الروحاني لا يفرق بين المخدومين والإنسان الإجتماعي يسير بالعتيق إن الحب يكون روحاني في المسيح ومن أجل المسيح ولكي يتعلقوا بالمسيح الخادم الروحاني أولاده يروا فيه المسيح ويميزوه ويروا فيه العبادة الحقيقية هو يقدم المسيح من خلال رحلة أكلة رعاية نحن نفتقد جداً القدوة لأننا نعيش في مجتمع طمست معالمه هل محبتك محبة المسيح ولطفك وصوتك صوت المسيح ؟ إمشي باتضاع ووجه بشوش وصوت ليِّن . 3. أنت تحبه أم لا ؟ هل تهتم به وترعاه فعلاً ؟ تسأل عنه إن غاب تتابع ظروفه مرضه أسرته أموره الدراسية إحتياجاته مشاعره ؟ هذا هو الذي يحب لا تستطيع أن تخدم وأنت لا تعرف مشاكلهم وبيوتهم وظروفهم واحتياجاتهم « أعرف خاصتي وخاصتي تعرفني » ( يو 10 : 14) قدم قدوة صورة حية لمخدوم المسيح عن المسيح ربنا يعطينا خدمة تُرضيه ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته له المجد دائماً أبدياً آمين
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل