المقالات

12 يونيو 2022

عيد العنصرة أو عيد حلول الروح القدس

بسم الأب والابن والروح القدس اله واحد آمين نحتفل اليوم يا أحبائي بعيد من الأعياد السيدية الكبرى هو عيد العنصرة أو عيد الخمسين الذي هو عيد حلول الروح القدس ، وهذا العيد هو عيد تأسيس الكنيسة المسيحية ، ويسمى عيد الخمسين لأنه يأتي بعد القيامة بخمسين يوماً ، أما كلمة ( عنصرة ) فهي كلمة عبرية معناها ( إجتماع ) ، وفيها أيضاً معنى ( الإمتناع ) ، لأنهم كانوا يمتنعون عن العمل في هذا اليوم لهذا العيد أصل يهودي يوم الخمسين في الأصل كان عيداً يهودياً ، وأريد هنا أن أشير إلى نقطة هامة أؤكد عليها دائماً أنه لا يوجد فصل بين اليهودية والمسيحية ، فاليهودية كانت ممهدة للمسيحية أو بحسب تعبير معلمنا بولس الرسول ، إذ قد كان الناموس مؤدينا إلى المسيح » ( غل ٢٤ : ٣ ) أي أن شريعة العهد القديم كانت مهمتها أن تهيئنا وتجهزنا لاقتبال السيد المسيح . فالمسيحية ليست شيئاً جديداً كل الجدة ، ولكنها هي ا اليهودية في مفهوم جديد ، وبالطبع فهناك ممارسات وطقوس يهودية ألغيت في المسيحية مثل موضوع الذبائح التي كانت رمزاً للسيد المسيح له المجد ، فحينما أتي المرموز إليه بطل الرمز . وأنا أكرر هذا الكلام كثيراً لأنه يوضح نقطة في غاية الأهمية في يقيني ، هي أن الديانة ديانة واحدة ، فلا ينبغي أن توجد ديانات كثيرة ، لأن الديانة هي الشيء الذي ينظم العلاقة بين الله والبشر ، وحيث أن الله واحد فينبغي ألا تكون هناك إلا صلة واحدة أو طريقة واحدة للإرتباط بالله الواحد ولذلك فكتابنا المقدس يضم العهد القديم - الذي هو كتاب اليهود المقدس - إلى جوار العهد الجديد ، والسيد المسيح نفسه في عظته على الجبل يقول في غاية الوضوح * لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء ما جئت لأنقض بل لأكمل » ( مت ۱۷ : ۵ ) ، وليس معنى التكميل هنا أن شريعة العهد القديم كانت ناقصة ، لأنه حاشا أن يصدر عن الله الكامل شيء ناقص ، ولكن التكميل هنا له مفهوم مزدوج ، المفهوم الأول أن المسيح أتى ليتمم ما كان يرمز إليه من نبوات وطقوس في العهد القديم ، والمفهوم الثاني أن السيد المسيح أتى ليكمل فهمنا للشريعة ، فعندما كان يعلم كان دائما يردد ، قد سمعتم أنه قد قيل للقدماء ... وأما أنا فأقول لكم فشريعة العهد القديم كانت كاملة في حد ذاتها ولكنها كانت كما قلنا تهيئنا لكي نتقبل المسيحية في فهمها الجديد ، كما يقول بولس الرسول ، لما كنت طفلاً كطفل كنت أتكلم وكطفل كنت أفطن وكطفل كنت أفتكر ولكن لما صرت رجلاً أبطلت ما للطفل ، ( 1 کو ۱۳ : ۱۱ ) ۔ سیاتی وقت – وهو قريب - سيفهم فيه اليهود أنفسهم هذا الأمر ويقتبلون الإيمان بالمسيح ولكن بعد حدوث أمور كثيرة أهمها حدوث ضيقة عظيمة في هذه المنطقة ومن ضمنها إسرائيل. نعود يا أحبائي فنقول أن يوم الخمسين هذا كان عيداً يهودياً ، وقد سمى هكذا لأنه كان يقع في اليوم الخمسين بعد عيد الفصح ، وكان هذا العيد أحد الأعياد اليهودية الثلاثة الكبرى التي هي ( عيد الفصح و عيد الفطير – وعيد الحصاد أو الخمسين – وعيد المظال الذي كان يأتي في نهاية السنة العبرية ) وعيد الخمسين اليهودي كانت له ثلاثة تسميات عيد الحصاد ( خر ١٦:٢٣ ) وعيد أوائل الثمار ( عد ٢٦:٢٨ ) وعيد الأسابيع ( تث 9:16 ١٠ ) ، وكان اليهود يحتفلون بهذا العيد لمدة يوم واحد ، وهو أحد الأعياد التي كان يتحتم فيها على جميع الذكور من اليهود أن يتراؤا أمام الرب الإله في أورشليم . وكان هذا العيد عيد فرح وبهجة حيث كان يقع في الطف فصول السنة جوا وهو الربيع ، وكان اليهود المشتتون في بلاد كثيرة في أنحاء العالم يحضرون إلى أورشليم ليحضروا عيد الفصح ويستمروا إلى يوم الخمسين ليحضروا هذا العيد أيضاً .وطبقاً للتقليد اليهودي الشفهي أو تقليد الربانيين ( معلمي اليهودي ) كان هذا العيد أيضاً هو عيد الاحتفال بتذكار تسلم الشريعة في جبل سيناء ، لأنهم قالوا أن موسى تسلم الشريعة فوق جبل سيناء في اليوم الخمسين من خروج بني إسرائيل من أرض مصر ، ومن هنا جاءت تسميته باللغة العبرية ( عيد البهجه بالناموس ) وكانت هناك عادة يهودية قديمة أنهم كانوا يقضون ليلة عيد الخمسين كلها في الصلاة وتقديم الشكر لله لأجل عطية الناموس. نيافة مثلث الرحمات الانبا يؤانس اسقف الغربية عن كتاب تأملات فى عيد حلول الروح القدس
المزيد
26 سبتمبر 2022

الصليب والمسيح

المسيحية والصليب أمران متلازمان ، وصلوان لا يفترقان فأينما وحينما يرى الصليب مرفوعاً أو معلقاً ، يدرك المرء انه أمام مؤسسة مسيحية ، أو مؤمنين مسيحيين ولا عجب فالصليب هو شعار المسيحية ، بل هو قلبها وعمقها ... لقد تأسست المسيحية على أساس الصليب وبالصليب ... ولا نقصد بالصليب قطعتي الخشب أو المعدن المتعامدتين ، بل نقصد الرب يسوع الذي خلق ومات على الصليب عن حياة البشر جميعاً ، والخلاص الذي أتمه ، وما صحبه من بركات مجانية ، نعم بها البشر قديماً ، ومازالوا ينعمون ، وحتى نهاية الدهر والفكرة الشائعة عن الصليب انه رمز للضيق والألم والمشقة والاحتمال لكن للصليب وجهين : وجه يعبر عن الفرح ، ووجه يعبر عن الألم . ونقصد بالأول ما يتصل بقوة قيامة المسيح ونصرته . ونقصد بالثاني مواجهة الإنسان للضيقات والمشقات ويلزم المؤمن في حياته أن يعيش الوجهين ، ويختبر الحياتين بالنسبة للمؤمن المسيحى ، فإن الصليب بهذه المفاهيم ، هو حياته وقوته وفضيلته ونصرته عليه يبنى إيمانه ، و بقوة من صلب عليه يتشدد .وسط الضيقات وما أكثرها هذا ما عناه القديس بولس الرسول بقوله : « ناظرين إلى رئيس الإيمان ومكمله يسوع ، الذي من أجل السرور الموضوع أمامه احتمل الصليب ، مستهينا بالخزى .فتفكروا في الذي احتمل من الخطاة مقاومة لنفسه مثل هذه ، لئلا تكلوا وتخوروا في نفوسكم » ( عبرانيين ۱۲ : ۲ ، ۳ ) . ، ملايين المؤمنين في انحاء العالم عبر الأجيال حملوا الصليب بحب وفرح ، واكملوا مسيرة طريق الجلجثة ، فاستأهلوا افراح القيامة ... هذا بينما عثر البعض في الصليب ، وآخرون رفضوا حمله ، فألقوه عنهم . . ولم يكن مسلك هؤلاء وأولئك سوى موتاً إيمانياً وروحياً لهم « نحن نكرز بالمسيح مصلوباً ، لليهود عثرة ولليونانيين جهالة . وأما للمدعوين يهوداً و يونانيين ، فبالمسيح قوة الله وحكمة الله » ( كورنثوس الأولى ١: ۲۳ ، ٢٤). لماذا الصليب ؟ صليب المسيح هو محور المسيحية وقلبها وعمقها . حوله يدور كل فكر العهد الجديد ، وفيه يرتكز كل غنى الإنجيل ومجده . إنه رمز المسيحية وشعارها ومجدها ... و بقدر ما ينكر الملحدون وغير المؤمنين صفته الكفارية ، فإن المؤمنين المسيحيين يجدون فيه سر النعمة التي يقيمون فيها ، بل ومفتاح أسرار ملكوت السموات . ومجد الصليب والمعروف عن الصليب أنه عار . لكن للصليب مجداً . كعاره تماماً . فالتأمل في عار الصليب ، هو رؤية مجده ... هكذا نفهم كلمات القديس بولس الرسول « إن كلمة الصليب عند الهالكين جهالة . وأما عندنا نحن المختصين فهي قوة الله » ( كورنثوس الأولى 1 : ۱۸ ) . إن الصليب يستمد قوته وكرامته من السيد المسيح الذي لمخلق عليه ... وحينما نتحدث عن الصليب فإنما نشير حتماً إلى موت المسيح . وحينما نذكر موت المسيح فواضح أن صليبه وارد أيضاً فيه . لذا فلا غرابة إن رأينا أسفار العهد الجديد المقدسة تمتلىء بالكلام عن موت المسيح وبالتالي عن الصليب . كان الصليب ومن صلب عليه هو جوهر كرازة الكنيسة الأولى ، وهو الحق الأول والأساس في الإيمان المسيحى ... ولعل كلمات بولس الرسول لمؤمنى كورنثوس تظهر لنا هذا المعنى « فإننى سلمت إليكم في الأول ما قبلته أنا أيضاً . إن المسيح مات من أجل خطايانا حسب الكتب . وانه دفن وانه قام في اليوم الثالث حسب الكتب » ( كورنثوس الأولى ١٥: ٣ ، ٤ ) والمعنى ، ان موت المسيح ودفنه وقيامته ، هو الإيمان الذي قبله بولس ، والذي يكرز به . لذا نرى بولس في موضع آخر يقول « لأني لم اعزم أن اعرف شيئاً بينكم إلا يسوع المسيح وآياه مصلوباً » ( كورنثوس الأولى ٢ : ۲) وعلى نحو ما كان المذبح والذبيحة هما حجر الزاوية في عبادة العهد القديم ، كذلك الصليب وموت المسيح الكفارى ، هما حجر زاوية الإيمان في العهد الجديد ... من أجل هذا فإن كل أسفار العهد الجديد تناولت قصة الصليب باستثناء ثلاث رسائل قصيرة هي الرسالة إلى فليمون ، ورسالتا يوحنا الثانية والثالثة . إنه أمر يدعو للدهشة في زماننا أن توجد بشارة مفرحة في صلب إنسان ، تماماً كما حدث حينما بدأ المسيحيون الأوائل يكرزون بالمسيح مصلوباً . . . كيف يكون عملا وحشياً بر برياً ، وضع نهاية مخزية وحزينة لحياة الرب يسوع ، يصبح قوة ونصرة واعلاناً عن محبة الله الفائقة للبشر ؟ ! ... وكيف صار الصليب ـ وهو رمز قديم لوحشية الإنسان . ذا تأثير حضاری واسع ، استطاع أن يغير وجه العالم حينما جدد الخليقة ؟ ! الصليب قديماً في بعض الشعوب :- هل كان الصليب آلة تعذيب انفرد بها المسيح وخصصت له . أم أنه عرف في بعض الشعوب ؟ غرف الصليب كآلة تعذيب وعقوبة اعدام بين بعض الشعوب ـ غالباً الشرقية ... فلقد محرف عند الفينيقيين . وذكر عن الاسكندر الأكبر انه حكم على ألف شخص من أهالي مدينة صور بالصلب ... ومحرف عند الفرس . فلقد أصدر داريوس أمراً ان كل من يخالف منشور الملك قورش يعلق مصلوباً على خشبة ( عزرا ٦ : ١١ ) . و يظهر الصليب عقوبة أيضاً عند الفرس من قصة هامان ومردخاى ( أستير ٥ : ١٤ ؛ ۷ : ۸ ) ... وصلب انطيوخوس ابيفانس حاكم سوريا يهوداً أتقياء رفضوا الاذعان لأمره بترك دينهم . و يبدو أن هذه العقوبة غرفت بين المصريين القدماء ـ وإن لم ـ تكن شائعة . فحينما فسر يوسف الصديق حلم رئيس الخبازين الذي كان مسجوناً معه في السجن ، قال له « في ثلاثة أيام أيضاً يرفع فرعون رأسك عنك و يعلقك على خشبة وتأكل الطيور لحمك عنك » ( تكوين ٤٠ : ۱۹ )، كما عرفت عقوبة الاعدام صلباً لدى الرومان ، وكانت غالباً قاصرة على العبيد والغرباء . أما المواطنون الأحرار فكانوا لا يعاقبون بها . كانت هذه العقوبة تنفذ في حالة الجرائم الخطيرة كخيانة الدولة وسرقة المعابد والهرب من الجندية .. ويشهد التاريخ أن الرومان خلال ثورات العبيد صلبوا اعداداً كبيرة منهم .. و يذكر يوسيفوس المؤرخ اليهودي المعاصر لخراب أورشليم وهيكلها ، أن تيطس القائد الروماني كان يصلب خمسمائة يهودي كل يوم !! ويبدو أن قصد الرومان من استخدام هذه العقوبة بالذات كان هو تثبيت سلطانهم في الدولة . ويفسر ذلك أن تنفيذ هذه العقوبة كان يتم في مكان مكشوف ، حتى يصبح منظر المحكوم عليه بالصلب رادعاً للآخرين ... وقد ألغى الملك قسطنطين الكبير عقوبة الاعدام صلباً لأسباب دينية . ويبدو أن بني إسرائيل عرفوا هذه العقوبة ، فقد اشير في سفر التثنية إلى ميتة الصليب « إذا كان على إنسان خطية حقها الموت فقتل وعلقته على خشبة ، فلا تبت جثته على الخشبة ، بل تدفنه في ذلك اليوم . لأن المعلق ملعون من الله . فلا تنجس أرضك التي يعطيك الرب إلهك نصيباً » ( تثنية . ( ۲۲ : ۲۱ ... أما عن الاجراءات الثانوية التي كانت تصاحب عقوبة الصلب ، فيمكن جمع معلومات عنها مما ورد في كتابات كتاب العالم القديم ، ومن القانون الروماني ، والتلمود ، وما ذكره آباء الكنيسة ... في بعض الأحيان كان المحكوم عليه بالصلب كان يحمل حول رقبته لوحة مكتوباً عليها علة موته . وكان عليه أن يحمل بنفسه الصليب إلى مكان تنفيذ حكم الموت . وهناك كان يخلع ملابسه ويجلد إن لم يكن قد تم جلده قبل ذلك . ووفقاً للعادة القديمة كان مسموحاً لمنفذى حكم الصلب أن يتقاسموا ثياب المحكوم عليه فيما بينهم . وفي مكان تنفيذ الصلب ، كان المحكوم عليه يطرح أرضاً ، و يربط معصماه في الخشبة أو يدق فيهما مسامير و يثبتان بالصليب . ثم يرفع الصليب بالمصلوب عليه . كان ارتفاع الصليب نحو سبعة أقدام . وهذا يعني أن الوحوش المفترسة كان في استطاعتها أن تنهش جسد المصلوب وتمزقه ... أما عن موت المصلوب فكان عادة يتم بسبب الاختناق التدريجي والاجهاد المتزايد . وكان التنفس يزداد صعوبة شيئاً فشيئاً ، كنتيجة لوضع الجسم المدلى . وهذا يؤدى بدوره إلى الاختناق . كان وقد حمل الفلاسفة والمفكرون القدماء عقوبة الموت صلباً ... الصلب بالنسبة لشيشيرون ـ الذي عاش في القرن الأول قبل الميلاد ، هو التعبير عن الوحشية والهمجية في أسوأ صورها . يقول [ فليبعد الجلاد وتغطيه الرأس واسم الصليب عن جسم وحياة المواطنين الرومان ، وعن أفكارهم وعيونهم وآذانهم ] . نيافة مثلث الرحمات الانبا يؤانس أسقف الغربية عن كتاب المسيحية والصليب
المزيد
06 فبراير 2024

من هو المسيحي ؟

على نحو ما توجد الروح في الجسد ، هكذا المسيحيون في العالم الروح كائنة في الجسد، لكنها ليست منه، والمسيحيون مقيمون في العالم ، لكنهم ليسوا من العالم . الجسد المنظور يغلف الروح التي لا ترى، والمسيحيون كائنون في العالم، لكن صلاحهم يظل مخفياً الجسد يبغض الروح ويحاربها ، لكن الروح تحب الجسد الذي يبغضها وهكذا المسيحيون يحبون من يبغضونهم الروح الخالدة تسكن في خيمة مائتة ، والمسيحيون يحيون كغرباء في أجساد قابلة للفساد، متطلعين إلى مسكن لا يفنى في السموات بحرمان الإنسان من المأكل والمشرب تتحسن حالة روحه، والمسيحيون كلما تعرضوا للآلام والعذابات إزدادوا عدداً. ألا ترى المسيحيين يتعرضون للوحوش المفترسة لينكروا إلههم ، ومع ذلك لم يقهروا ؟ ألا ترى أنه كلما كثر عدد من يعذب منهم كثرت البقية الباقية. يبدو أن هذا ليس من صنع الناس بل : هي قوة الله" . (من الرسالة إلى ديوجنيتس) أولا : التسميات الأولى تعكس طبيعة حياته بادئ ذي بدء نقف عند التسمية "مسيحى" هذه التسمية ظهرت في العصر الرسولي متأخرة بعض الشئ ودعى التلاميذ مسيحيين في أنطاكية أولاً (أع ١١: ٢٦) لكن هناك بعض تسميات ظهرت قبلها وكل من هذه التسميات تحمل معنى أو معان معينة أ - تلاميذ : كانت علاقة الرب يسوع بمن تجمعوا حوله علاقة المعلم بتلاميذه. ولقب معلّم وتلاميذ لم يكن غريباً عن تلك البيئة . هكذا عرف أتباع يوحنا المعمدان باسم "تلاميذ يوحنا" (أنظر مت٩: ١٤؛ لو ۱۱: ١ ، يو ١: ٣٥ ، ٣: ٢٥) وبعد قيامة الرب يسوع من بين الأموات وحلول الروح القدس عليهم، شهد تلاميذه علانية أنه هو المسيا ، واستمروا يدعون أنفسهم "تلاميذ" . ولم تكن هذه التسمية قاصرة على الرسل الإثنى عشر، بل أطلقت على جميع أعضاء الكنيسة الأولى الذكور والإناث : "أما شاول فكان لم يزل ينفث تهديداً وقتلا على تلاميذ الرب "(أع ٩: ۱) "وأما التلاميذ فكانوا يمتلئون من الفرح والروح القدس" (أع٥٢:١٣) "ولكن إذ أحاط به التلاميذ قام ودخل المدينة وفي الغد خرج مع برنابا إلى دربة . فبشرا في تلك المدينة وتلمذا كثيرين . ثم رجعا إلى لسترة وإيقونية وأنطاكية يشددان أنفس التلاميذ ويعظانهم أن يثبتوا في الإيمان .. وأقاما هناك زماناً ليس بقليل مع التلاميذ" (أع ١٤: ۲۰، ۲۱، ۲۲، ۲۸) " فالآن لماذا تجربون الله بوضع نير على عنق التلاميذ لم يستطع آباؤنا ولا نحن أن نحمله " (أع ١٥: ١٠) والمهم في هذه التسمية أنها تعبر عن إرتباط المسيحي شخصياً بالمسيح كمن يتتلمذ له وعليه هنا نتذكر كلمات بولس "كونوا متمثلين بي، كما أنا أيضاً بالمسيح" (1 كو ١١: ١) . فكونوا متمثلين بالله كأولاد أحباء" (اف ٥: 1) ب : مؤمنون : وإذا كانت التسمية الأولى تعبر عن التلمذة للرب ، فإن هذه التسمية تعبر عن جوهر إيمان هؤلاء الأتباع، وحياة الإيمان التي يحيونها حية في أشخاصهم وسلوكهم : "وكان مؤمنون ينضمون للرب أكثر جماهير من رجال ونساء" (أع ٥ : ١٤) . "ثم وصل إلى دربة ولسترة وإذا تلميذ كان هناك اسمه تيموثاوس ابن امرأة يهودية مؤمنة ولكن أباه يوناني" (أع١٦: ١) . "بولس رسول يسوع المسيح بمشيئة الله إلى القديسين الذين فى افسس والمؤمنين في المسيح يسوع" (أف١: ١) ."بولس رسول يسوع المسيح بمشيئة الله وتيموثاوس الأخ إلى القديسين في كولوسي والأخوة المؤمنين في المسيح.. " (كو ۱: ۲). " إن كان لمؤمن أو مؤمنة أرامل فليساعدهن ولا يثقل على الكنيسة" (اتى ٥: ١٦). ج - قديسون : وهذه التسمية كانت تعبر عن حياتهم وعلاقتهم بالله. فقد تقدسوا في الله وله بالروح القدس ، وكانوا في حياتهم في قداسة حقيقية كشركاء للمجد العتيد إن كلمة قديس من الأصل اليوناني .. .. Hagios وتعنى مسيحى مفرز ومكرس لأجل الله لم تكن تسمية قديسين مجرد تسمية ، لكنها كانت تعبيرا عن واقع قدسی روحانى حى يحياه المسيحيون وكانوا يشعرون إنهم للرب وليسوا لسواه ، كشئ مكرس ومقدس ، لا يستخدم إلا للشئ الذي كرس له وقدس لأجله . وتقابلنا هذه التسمية كثيراً في سفر أعمال الرسل ورسائل الآباء الرسل : "فأجاب حنانيا يارب قد سمعت من كثيرين عن هذا الرجل كم الشرور فعل بقديسيك في أورشليم" (أع۹: ١٣) . "وحدث أن بطرس وهو يجتاز بالجميع نزل أيضاً إلى القديسين الساكنين في لدة" (أع۹ :۳۲) " فناولها يده ( طابيثا) وأقامها . ثم نادى القديسين والأرامل وأحضرها حية" (أع ٩ : ٤١) ."بولس عبد ليسوع المسيح إلى جميع الموجودين في رومية أحباء الله مدعوين قديسين نعمة لكم وسلام من الله أبينا والرب يسوع المسيح" (روا: ۷) راجع أيضاً (۱ کو ۱: ۲ أف١:١؛ فى ٢١:٤) إن لفظ قديسين في مفهومنا الحالي لا يطلق إلا على من انتقلوا إلى العالم الآخر ، بعد أن عاشوا حياة القداسة على الأرض . أما في عصر الرسل فكانت تطلق على أعضاء الكنيسة الأحياء وقد ظلت هذه التسمية شائعة ، يطلقها المسيحيون على بعضهم بعضا ما بعد منتصف القرن الثاني، لكن ما لبثت أن اختفت تدريجياً بعد ذلك، إذ لم يعد للمسيحيين الشجاعة على دعوة أنفسهم قديسين بعد أن بدأت تظهر عليهم أعراض الضعف الروحي، وبدأت تأثيرات العالم تأخذ طريقها إليهم. د - إخوة وأخوات : وإذا كانت التسمية تلاميذ ومؤمنين وقديسين هي تعبير عن علاقتهم بالله، فتمسية "إخوة وأخوات" تعبر عن علاقتهم بعضهم ببعض كأعضاء في جسد المسيح الواحد : لكن اليهود غير المؤمنين غروا وأفسدوا نفوس الأمم على الإخوة (أع ٢:١٤) " وأما الإخوة فللوقت أرسلوا بولس وسيلا ليلا إلى بيرية وهما لما وصلا مضيا إلى مجمع اليهود .. فحينئذ أرسل الإخوة بولس للوقت ليذهب كما إلى البحر وأما سيلا وتيموثاوس فبقيا هناك" (أع ١٧: ١٠، ١٤) ."وبعد يوم واحد حدثت ريح جنوب فجئنا في اليوم الثاني إلى بوطيولي حيث وجدنا إخوة فطلبوا إلينا أن نمكث عندهم سبعة أيام" (أع ٢٨: ١٤) "سلموا على اسنيكريتس فليغون هرماس بتروباس وهرميس وعلى الإخوة الذين معهم" (رو١٦: ١٤) . وراجع أيضاً (١كو ١٦: ۱۲، غل ۱ : ۲؛ فی ۱ :١٤؛ ٤: ٢٤ اتى ٤ : ٦ ؛ عب ٢ : ١١ ؛١يو ٣ : ١٤) . تلك العلاقة الحبية التي كانت تدعو إلى الدهشة والإعجاب إنها تسمية تلائم سلوكهم المسيحي . واسفار العهد الجديد وكتابات الآباء الرسوليين تكشف لنا عن سمو حياة المسيحيين الأوائل وحياتهم الأخوية أما تسمية مسيحيين الشائعة الآن ، فقد بدأت في أنطاكية حينما دعى التلاميذ مسيحيين في أنطاكية أولاً (أع ١١: ٢٦) .. ولم يستخدم بولس هذه التسمية فى رسائله ، ولا نجدها في اسفار العهد الجديد الأخرى إلا في موضعين آخرين : " إن عيرتم باسم المسيح فطوبي لكم لأن روح المجد والله يحل عليكم. أما من جهتهم فيجدف عليه وأما من جهتكم فيمجد . فلا يتألم أحدكم كقاتل أو سارق أو فاعل شر أو متداخل في أمور غيره . ولكن إن كان كمسيحى فلا يخجل بل يمجد الله من هذا القبيل "(ابط ٤ : ١٦) . . "فقال أغريباس لبولس بقليل تقنعني أن أصير مسيحياً" (أع٢٨:٢٦ ) وفي كتابات الآباء الرسوليين نجدها في كتابات القديس أغناطيوس الأنطاكي الشهيد الذي استخدمها كثيراً . نيافة مثلث الرحمات الانبا يؤانس أسقف الغربية عن كتاب كيف يعايش المسيحى المجتمع
المزيد
13 فبراير 2024

ثانيا : حاجته إلى تفهم سليم لمبادئ المسيحية وتعاليمها

على الرغم من وضوح المسيحية كديانة ووضوح تعاليمها ودعوتها للبساطة مع الحكمة "ها أنا أرسلكم كغنم في وسط ذئاب فكونوا حكماء كالحيات وبسطاء كالحمام" (مت ۱۰: ١٦) راجع أيضاً (رو ١٦: ١٩؛ في ۲ :۱۵) لكنها في نفس الوقت ديانة تسليم وإستلام. والمقصود إستلام المبادئ والتعاليم عن طريق التلمذة الروحية والفكرية اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس وعلموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به" (مت ۲۸ : ۱۹ ، ۲۰) وما سمعته منى بشهود كثيرين أودعه أناساً أمناء يكونون أكفاء أن يعلموا آخرين أيضاً "(٢تى٢:٢) إن مبادئ المسيحي الروحية والأدبية لا تنشأ من فراغ، بل إنـه يتسلم هذا كله من معلمين مؤتمنين .. والرسول بولس معلم المسيحية الأكبر ينصح المؤمنين ألا يساقوا بتعاليم متنوعة وغريبة (عب ۱۳: ۹) ويحذرهـم بقوله "لا تكونوا فيما بعد أطفالاً مضطربين ومحمولين بكل ريح تعليم بحيلة الناس بمكر إلى مكيدة الضلال" (أف ٤ : ١٤) ويدعو تلميذه الأسقف تيطس أن يقدم تعليماً نقياً "مقدماً في كل شئ قدوة للأعمال الحسنة ومقدماً في التعليم نقاوة ووقاراً وإخلاصاً" (تي ۲: ۷) إن عدم الفهم السليم لمبادئ المسيحية وتعاليم الإنجيل المقدس قاد البعض على مر الأجيال إما إلى الإنحراف الفكرى وهو ما يُعبّر عنه بالهرطقة ، وإما إلى الإنحراف الروحى والنسكي لذا من الأهمية بمكان أن نتوقف لنتفهم بعض ما يجب على المسيحي فهمه من مبادئ مسيحية أساسية : ١- المسيحي هو إنسان الله : من المهم أن يفهم المسيحي إنه إنسان الله ( يعنى بتاع ربنا - خليفاوي أي سماوى ) يقول الرسول بولس . لتلميذه الأسقف تيموثاوس : "وأما أنت يا إنسان الله فاهرب من هذا واتبع البر والتقوى والإيمان والمحبة والصبر والوداعة . جاهد جهاد الإيمان الحسن وامسك بالحياة الأبدية التي إليها دعيت أيضاً . (اتی ٦: ۱۱، ۱۲) .. كل الكتاب هو موحى به من الله ونافع للتعليم والتوبيخ للتقويم والتأديب الذي في البر ، لكي يكون إنسان الله كاملاً متأهباً لكل عمل صالح" (٢ تی ٣: ١٦، ١٧) . المسيحي وهو إنسان الله هو ليس من هذا العالم وقد أكد المسيح له المجد هذا المعنى مرات عديدة "العالم أبغضهم لأنهم ليسوا من العالم كما أنى أنا لست من العالم" (يو ١٧: ١٤، ١٦) ونلاحظ كلمات السيد المسيح كيف يسوى بينه وبين المؤمنين من هذه الوجهة ولذا فالمسيحي جندى روحى في مملكة السماء (۲ تي ۲ :۳) عمله أن يقوض مملكة الظلمة والشر ويعمل على امتداد ملكوت الله مستعدة لقبوله على الأرض - أي أن يهيئ للرب قلوباً مستعدة لقبولة هو سفير مملكة السماء على الأرض ، يحاول أن يصالح البشر مع الله ويقيم علاقات طيبة بين السماء والأرض "إذا نسعى كسفراء عن المسيح كأن الله يعظ بنا نطلب عن المسيح تصالحوا مع الله" (٢ کوه : ۲۰) ٢- المسيحية والمحبة : ظهرت المسيحية وسط عالم سادته الشرور ، واكتنفته الظلمة ، وطغت عليه الأنانية وقطعت أوصاله الحروب والإعتداءات والمظالم نادت المسيحية بالمحبة للجميع حتى الأعداء ، واتخذتها .شعاراً لها ، ونادت بالحب والإخاء بين جميع البشر . وعلمت أن المحبة هي "الوصية الأولى والعظمى"(مت ۲۲ : ۳۸) ، وأنها "غاية الوصية" (اتى ١: ٥) . وهي علامة التلمذة الحقة للرب "بهذا يعرف الجميع أنكم تلاميذى إن كان لكم حب بعضاً لبعض" (يو ١٣: ٣٥).. بل إنها سمت بالمحبة ورفعت من قدرها حينما قالت "الله محبة" (ايو ٤ : ٨) وعلمت المسيحية إن كل فضيلة تخلو من المحبة هي مرفوضة حتى لو اقتنى صاحبها إيماناً ينقل الجبال ويتكلم بألسنة الملائكة (اکو ۱۳) . كان تعليم المسيحية بمحبة الأعداء نغمة جديدة على مسامع العالم القديم، لم يرق إليه مفكر أو فيلسوف كانت المسيحية تهدف إلى تحويل المتنافرين إلى أخوة محبين "إن جاع عدوك فإطعمه، ما وإن عطش فاسقه. لأنك إن فعلت هذا تجمع جمر نار على رأسه. رو ۱۲ : ٢٠ ،٢١)جاء لحن المحبة وانغامها العذبة شجياً و القراء في مسامع العالم القديم المسكين، الذي ساده الطغيان ، وترك الفقراء نهباً للأغنياء ،والضعفاء غنيمة للأقوياء ولم تكن المحبة لحناً عذباً في افواه المعلمين فحسب، بل شوهدت حية في حياتهم ناطقة بأفعالهم إن المحبة المسيحية الأصيلة لا تسقط أبداً (اكو ١٣: ٨) . والمسيح له المجد في أحلك الظروف وأصعب المواقف ما تخلى عن مبدأ المحبة لأعدائه فما قبل أن تلميذاً كبطرس في دفاع أهوج يضرب بسيفه عبد رئيس الكهنة ويقطع أذنه ، وكان واحداً ممن خرجوا للقبض عليه !! والسيد المسيح صفح عن أعدائه وصالبيه يا أبتاه اغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون" (لو ۲۳: ٣٤) وأكد وهو على الصليب القاعدة الذهبية التي نادى بها كل ما تريدون أن يفعل الناس بكم ، افعلوا هكذا أنتم أيضاً بهم" (مت۷: (۱۲) ولقد سار كل المؤمنين وفق تعليم مسيحهم في المحبة ويوم يخرج المؤمن عن مسار الحب للجميع بلا أدنى تفريق إنما يخرج عن منهج ، ومسار معلمه ويتوقف عن أن يكون مسيحياً يقول بولس الرسول "لا تجاوزوا أحداً عن شر بشر إن كان ممكناً فحسب طاقتكم سالموا جميع الناس لا تنتقموا لأنفسكم أيها الأحباء .. لأنه مكتوب لي النقمة أن أجازى يقول الرب. فإن جاع عدوك فأطعمه ، وإن عطش فاسقه. لأنك إن فعلت هذا تجمع جمر نار على رأسه . لا يغلبنك الشر ، بل اغلب الشر بالخير" (رو١٢: ١٧ -٢١).ويقول بطرس الرسول "كونوا جميعاً متحدى الرأى بحس واحد ذوى محبة أخوية مشفقين لطفاء . غير مجازين عن شر بشر، أو عن شتيمة بشتيمة بل بالعكس مباركين . عالمين أنكم لهذا دعيتم لكي ترثوا بركة" (ابط۳: ۸) . ٣- المسيحي ووجوب العمل وقدسيته : ليس للمسيحي الحق في هجر العمل لأى سبب من الأسباب فإننا أيضاً حين كنا عندكم أوصيناكم بهذا، إنه إن كان أحد لا يريد أن يشتغل فلا يأكل أيضاً لأننا نسمع أن قوماً يسلكون بينكم بلا ترتيب، لا يشتغلون شيئاً بل هم فضوليون فمثل هؤلاء نوصيهم ونعظهم بربنا يسوع المسيح أن يشتغلوا بهدوء ويأكلوا خبز أنفسهم" (۲ تس ۳ : ۱۰ - ۱۲) إن العمل نفسه يستند إلى قانون إلهى منذ خلق العالم فقد قال الرب لآدم بعد أن أخطأ بعرق وجهك تأكل خبزاً حتى تعود إلى الأرض التي أخذت منها" (تك٣ : ۱۹) كان معظم أعضاء الكنيسة الذين يعولون أنفسهم بعمل أيديهم . فكتب إليهم القديس بولس يقول: وإنما أطلب إليكم أيها الأخوة أن تزداود أكثر وأن تحرصوا على الأولى من الطبقات الفقيرة والصناع ما أن تكونوا هادئين وتمارسوا أموركم الخاصة وتشتغلوا بأيديكم أنتم كما أوصيناكم لكي تسلكوا بلياقة عند الذين هم من خارج .ولا تكون لكم حاجة إلى أحد" ( ١ تس ٤ : ١٠ - ١٢) ورجال الدين وإن كانوا لا يشتغلون بالأعمال الدنيوية، لكنهم يعملون في دائرة خدمة الله، ولذا فإن الناس مكلفون بإعالتهم تعلمون إن الذين يعملون في الأشياء المقدسة من الهيكل يأكلون الذين يلازمون المذبح يشاركون المذبح هكذا أيضاً أمر الرب أن الذين ينادون بالإنجيل من الإنجيل يعيشون" (١كو٩: ١٣، ١٤) ورغم هذا التصريح فإن الرسول بولس نفسه . تقديساً لمبدأ العمل وحتى ما يكون قدوة ، لم يستعمل هذا الحق كان يعمل بيديه في صناعة الخيام " فضة أو ذهب أو لباس أحد لم أشته. أنتم تعلمون أن حاجاتي وحاجات الذين معى خدمتها هاتان اليدان . (اع ۲۰ : ۳۳، ٣٤) راجع أيضاً (۱كو ۹ : ١٥)والواقع أن المسيحية برفعها من قدر العمل اليدوى، مهدت الطريق إلى واحد من أهم الإصلاحات التي أكملتها . لقد كان المجتمع القديم ينظر إلى الكد نظرة تحقير ، وكانت الأعمال اليدوية يقوم بها العبيد والمقهورون الكسالى . وهكذا قلب هذا المبدأ نظرة الوثنية إلى العمل، رأساً على عقب ولقد أوصت تعاليم الرسل وقوانينهم المؤمنين بوجوب العمل ٤ - المسيحى وطاعة السلطات الزمنية : ليست المسيحية ديناً ودولة ، لكنها تعلم بفصل الدين عن الدولة . اعطوا ما لقيصر لقيصر، وما لله لله" (مت۲۲ : ۲۱؛ لو ٢٠: ٢٥).فالمسيحية كديانة يمكنها أن تحيا وتنمو في ظل أي نظام من أنظمة الحكم والقديس بولس الرسول ينظر للدولة كنظام إلهي لتخضع كل نفس للسلاطين الفائقة لأنه ليس سلطان إلا من الله والسلاطين الكائنة هي مرتبة من الله، حتى أن من يقاوم السلطان يقاوم ترتيب الله، والمقاومون سيأخذون لأنفسهم دينونة فإن الحكام ليسوا خوفاً للأعمال الصالحة بل للشريرة افتريد أن لا تخاف السلطان افعل الصلاح فيكون لك مدح منه، لأنه خادم الله للصلاح ولكن إن فعلت الشر فخف لأنه لا يحمل السيف عبثاً ، إذ انه هو خادم الله منتقم للغضب من الذي يفعل الشر . لذلك يلزم أن يخضع له ليس بسبب الغضب فقط بل أيضاً بسبب الضمير" (رو١:١٣-٥) وواضح أن الرسول هنا : يرتفع بالحكومة الأرضية. - على الرغم مما يحيط بها من فساد واضح أمام عينيه - إلى أصلها وفكرتها الأساسية ، إنها نظام إلهى ويتضح هذا من وصيته لتلميذه الأسقف تيموثاوس "اطلب أول كل شئ أن تقام طلبات وصلوات وابتهالات وتشكرات لأجل جميع الناس . لأجل الملوك وجميع الذين هم في منصب لكي نقضى حياة " مطمئنة هادئة فى كل تقوى ووقار . لأن هذا حسن ومقبول لدى مخلصنا الله (اتی ۲ : ۱- ۳) وفي وصيته لتلميذه الأسقف تيطس يقول بولس "ذكرهم أن يخضعوا للرياسات والسلاطين ، ويطيعوا ويكونوا مستعدين لكل عمل صالح . ولا يطعنوا في أحد ويكونوا غير مخاصمين" (تی٣ : ۱، ۲) اخضعوا لكل ترتيب بشرى من أجل الرب إن كان للملك فكمن هو فوق الكل أو للولاة فكمرسلين منه للإنتقام من فاعلى الشر، وللمدح لفاعلى الخير" (۱بط ۲: ١٣، ١٤) .وفى رسالة القديس كليمنضس الروماني إلى كنيسة كورنثوس التى كتبت حوالى سنة ٩٤م نجد صلوات ودعوات إلى الحكام وهذه التوسلات التي قدمها المسيحيون في عبادتهم الخاصة السرية لأجل حكامهم في الوقت الذي كانت الدولة الرومانية بحكامها يضطهدون المسيحية ذاك كان تعليم الكنيسة بخصوص الطاعة الواجبة نحو السلطات الحاكمة أياً كانت عادلة أو ظالمة ، صالحة أو شريرة وهي في ذلك تسلك متشبهة بالمسيح ذاته الذي خضع في الأمور الزمنية لهيرودس وبيلاطس وأعطى قيصر ماله إن المسيحية لا تعرف العصيان المسلح لأن أسلحة محاربة المسيحية ليست جسدية بل قادرة بالله على هدم حصون لكن ينبغي أن يكون واضحاً أن هذه الطاعة التي تكلمنا عنها كانت مختصة بوجبات المسيحى المدنية كمواطن دون ان تكون هكذا من حيث علاقته بإلهه . وإذا تعارضت طاعة المسيحي لله مع طاعته للدولة من جهة إيمانه وعقيدته ، فإنه كان ينفذ تعليم الإنجيل ينبغى أن يطاع الله أكثر من الناس" (أع ٥: ٢١) وكان في هذه الحالة مستعداً أن يجود حتى بحياتـه مقـابل إيمانه . ولهذا السبب استشهد كثيرون من أجل إيمانهم ، وتمسكاً بالحرية المقدسة التي حررهم بها المسيح الإله . ه - المسيحي وواقع الحياة : المسيحي وواقع الحياة ماذا تعنى هذه العبارة؟ هناك أناس يعيشون حياة مثالية جداً فمثلاً خلال الدراسة يمكن أن يكون للطالب أصدقاء يختارهم بعناية لكن خلال العمل لا يمكنه ذلك فالفرد يعمل مع أي شخص يوجد معه في الوظيفة وهنا نجد أن هذا الشخص المثالي تصطدم مثاليته حتماً بواقع العالم الذي وضع في الشرير تصطدم بالواقع الأليم واقع أهل العالم وهنا نجد أن بعض الأشخاص تنهار ولا تقوى على مواجهة هذا التيار الصعب وربما يتخلوا عن مثاليتهم ويصطدموا صدمة شديدة تفقدهم إتزانهم النفسي والحقيقة أنه يجب أن نكون واقعيين . فالكتاب المقدس وردت به آيات كثيرة : " العالم كله قد وضع في الشرير " ( ايوه : ١٩) فالشر منتشر في العالم ويجب أن يعود الإنسان نفسه على وجود الشر بالعالم ومع ذلك فهذه الأمور يجب ألا تجعلنا نتنازل عن مثاليتنا مهما كلفنا الأمر بل نحتمل هذه المضايقات ولا نتنازل عن مبادئنا التي تسلمناها ولنعلم أن لنا رسالة مقدسة هي : وتكونون لي شهوداً في أورشليم واليهودية والسامرة وإلى أقصى الأرض.. (أع ۱ : ۸) والسيد المسيح يطلب منا أن نكون نوراً للعالم أنتم نور العالم" مت ٥: ١٤) ، فليضئ نوركم هكذا قدام الناس لكي يروا أعمالكم الصالحة ويمجدوا أباكم الذي في السموات" (مت ٥: (١٦) يا أحبائي نحن لنا رسالة مقدسة احتفظوا في حياتكم بالصدق والأمانة وعفة اللسان وطهارة اليد ونظافتها إحتفظوا بالأخلاق السامية التي لا يعرفها أهل العالم ربما تحدث مضايقات لكن في النهاية سيمتدحونكم من يختلفون معكم لا تنشئوا معهم صداقات فهناك فرق بين الزمالة والصداقة . لكن الأصدقاء إتخذوهم ممن لديهم نفس مبادئكم وأخلاقكم ومثاليتكم ٦ - المسيحى والإيمان : ربما تكتل العالم بكل ما فيه من قوى شريرة ضد الإنسان المحتفظ بمثاليته لكن الله أعطانا سلاحاً جباراً نقهر العالم - ذلك السلاح هو الإيمان لأن كل من ولد من الله يغلب العالم . وهذه هي الغلبة التي تغلب العالم إيماننا" ( ١ يوه : ٤) "أنتم من الله أيها الأولاد وقد غلبتموهم لأن الذي فيكم أعظم من الذي في العالم"(ايو ٤ : ٤٠) كانت المضايقات كثيرة لكن سر النصرة يكمن فيمن قال "في إن العالم سيكون لكم ضيق . ولكن ثقوا أنـا قـد غلبـت الـعـالـم" (يو ١٦: ۳۳) أخيراً نختم هذا الموضوع مستشهدين بما جاء في الرسالة إلى ديوجنيتس التي ترجع إلى أوائل القرن الثاني الميلادي :" على نحو ما توجد الروح في الجسد ، هكذا المسيحيون في العالم الروح كائنة في الجسد، لكنها ليست منه . والمسيحيون مقيمون في العالم ، لكنهم ليسوا من العالم الجسد المنظور يغلف الروح التي لا ترى والمسيحيون كائنون في العالم لكن صلاحهم يظل مخفيا الجسد يبغض الروح ويحاربها، لكن الروح تحب الجسد الذي يبغضها ، وهكذا المسيحيون يحبون من يبغضونهم الروح الخالدة تسكن في خيمة مائتة ،والمسيحيون .يحيون كغرباء في أجساد قابلة للفساد ، متطلعين إلى مسكن لا يفنى في السموات بحرمان الإنسان من المأكل والمشرب تتحسن حالة روحه، والمسيحيون كلما تعرضوا للآلام والعذابات إزدادوا عدداً ألا ترى المسيحيين يتعرضون للوحوش المفترسة لينكروا إلههم، ومع ذلك لم يقهروا ؟ ألا ترى أنه كلما كثر عدد من يعذب منهم كثرت البقية الباقية ؟! يبدو أن هذا ليس من صنع الناس ، بل هي قوة الله. نيافة مثلث الرحمات الانبا يؤانس أسقف الغربية عن كتاب كيف يعايش المسيحى المجتمع
المزيد
20 فبراير 2024

كيف يعايش المسيحي المجتمع محتفظا بتعاليم المسيحية؟

فكرة أن الشر شئ جديد ، أمر ينافي الحقيقة موجود منذ بداية الخليقة : 1 - آدم وحواء اخطأا في الجنة قايين النسل الأول لآدم قـام على أخيه هابيل وقتله وفى زمان نوح يقول الوحي الإلهى ورأى الرب أن شر الإنسان قد كثر في الأرض، وأن كل تصور أفكار قلبه إنما هو شرير كل يوم فحزن الرب أنه عمل الإنسان في الأرض وتأسف في قلبه فقال الرب أمحو عن وجه الأرض الإنسان الذي خلقته " (تك ٦ : ٥- ٧)ونسل نوح حتى لا يتوبوا عن شرهم شرعوا أن يبنوا برجاً شاهق الإرتفاع حتى لا يدركهم طوفان آخر، لأنهم لم ينووا أن يتوبوا عن شرورهم (تك ۱۱) وفي قصة يونان النبي ومدينة نينوى، أرسله الله لينادى في المدينة أنه بعد أربعين يوماً تنقلب . (يونان ٣: ٤) وحدث أن شر آخاب ملك أسرائيل قد زاد حتى أن إيليا النبي أغلق السماء بصلاته ثلاث سنين ونصف (۱مل ۱۷) . ب - وفي العهد الجديد نرى السيد المسيح يرسل يوحنا المعمدان لينادي في الناس بالتوبة (مت ۳ : ۲) . بل إن الرب يسوع . نفسه كان يكرز ويقول توبوا لأنه قد اقترب ملكوت السموات" (مت ٤: ١٧) والتلاميذ حين أرسلهم الرب يسوع في إرساليات تدريبية كانوا " ينادون في الناس بالتوبة (مر٦: ١٢) ورغم كل الأعمال العظيمة التي عملها السيد المسيح بين اليهود فقد قاموا عليه وصلبوه وتمتلئ رسائل الرسل بتحذير المؤمنين من الشر وشبه الشر ومن الملاحظ أن بولس الرسول مثلاً يكثر تحذيره للمؤمنين عن الزنا بأنواعه ويكفى نظرة واحدة إلى ما جاء في الإصحاح الأول من رسالته إلى أهل رومية أن نقرأ عن أنواع من الزنا لا يفهمها الإنسان ولهذه الرسالة قصة فقد كتبت من مدينة كورنثوس وكان فيها معبد للإلهة أفروديت إلهة الجمال عند الأغريق ، وكان في هذا المعبد داخل أسواره نحو الف زانية ترتكب الزنا كجزء من العبادة التي ترضى هذه الإلهة !! وفي أول مجمع كنسى بأورشليم حذر الرسل المؤمنين من الزنا أن يمتنعوا عن الدم والمخنوق والزنا" (أع ١٥: ٢٩) ويقول بولس الرسول الستم تعلمون أن أجسادكم هي أعضاء المسيح أفأخذ أعضاء المسيح وأجعلها أعضــاء زانيــة" (١كـو٦: ١٥) اهربوا من الزنا" ( ١ كو٦: ١٨) وإنما أقول أسلكوا بالروح فلا تكملوا شهوة الجسد وأعمال الجسد ظاهرة التي هي زني عهارة نجاسة دعارة" (غل ٥: ١٦، ١٩) .لأن هذه هي إرادة الله قداستكم ، أن تمتنعوا عن الزنا"(اتس ٣:٤) يقول العلماء أن هذه التحذيرات المتكررة من الكنيسة كلها مجتمعة في مجمع أورشليم والرسل في كتاباتهم منفردين إنما يدل . دلالة أكيدة على إنتشار الزنا وهو من أقبح الخطايا!! إذن فالشر موجود ، والإنسان يصارع في داخله بين الشر والخير الجسد يشتهى ضد الروح،والروح ضد الجسد وهذان يقاوم أحدهما الآخر .حتى تفعلون ما لا تريدون" (غل ٥ : ۱۷) "لأن كل ما في العالم شهوة الجسد وشهوة العيون وتعظم المعيشة" .. (ايو ٢ : ١٦) لا جديد إذن الشر موجود والمقصود الشهوة داخل الإنسان موجودة ، كل ما هنالك أن عوامل الإغراء تغيرت . كيف يعايش المسيحي المجتمع وفي نفس الوقت يحتفظ بمبادئ مسيحيته؟ ۱ - نقطة هامة يجب معرفتها قبل دخولنا في الموضوع أن الشيطان ليس له سلطان على الإنسان المؤمن ولا أجد أوضح من قصة أيوب في هذا الصدد : وكان ذات يوم أنه جاء بنو الله ليمثلوا أمام الرب وجاء الشيطان أيضاً في وسطهم فقال الرب للشيطان من أين جئت؟ فأجاب الشيطان للرب وقال من الجولان في الأرض ومن التمشى فيها. فقال الرب للشيطان : هل جعلت قلبك على عبدى أيوب . لأنه ليس مثله في الأرض. رجل كامل ومستقيم يتقى الله ويحيد عن الشر ؟ فأجاب الشيطان الرب وقال هل مجاناً يتقى أيوب الله . أليس أنك سيجت حوله وحول بيته وحول كل ماله من كل ناحية باركت أعمال يديه فانتشرت مواشيه فى الأرض ، ولكن ابسط يدك الآن ومس كل ماله ، فإنه في وجهك يجدف عليك .فقال الرب للشيطان هوذا كل ماله في يديك ، وإنما إليه لا تمد يدك ثم خرج الشيطان من أمام وجه الرب " (أيوب ١: (٦-١١ ) ثم مرة ثانية في الأصحاح الثاني : "وكان ذات يوم أنه جاء بنو الله ليمثلوا أمام الرب وجاء الشيطان أيضاً في وسطهم ليمثل أمام الرب فقال الرب للشيطان من أين جئت ؟ فأجاب الشيطان الرب وقال من الجولان في الأرض ومن التمشى فيها . فقال الرب للشيطان هل جعلت قلبك على عبدى أيوب لأنه ليس مثله في الارض رجل كامل ومستقم يتقى الله يحيد عن الشر . وإلى الآن . هو متمسك بكماله وقد هيجتني عليه لأبتلعه بلا سبب فأجاب الشيطان الرب وقال جلد بجلد وكل ما للإنسان يعطيه لأجل نفسه ولكن أبسط الآن يدك ومس عظمه ولحمه فإنه في وجهك يجدف عليك . فقال الرب للشيطان ها هو في يدك ولكن احفظ نفسه " (أيوب ٢ : ١ - ٦) . تحميل والـ إذا فالشيطان يجرب الإنسان كما في قصة أيوب في الحدود التي يسمح الله بها. ففي البداية جربه في الممتلكات ثم في المرة الثانية في صحته لكن ما يهمنا أن الله في حدود يسمح بالتجربة والسيد المسيح في أحد أمثاله يقول "كان إنسان رب بيت غرس كرماً وأحاطه بسياج وحفر فيه معصرة وبنى برجاً وسلمه إلى كرامين وسافر" (مت ۲۱: ۳۳) في هذا المثل رب البيت إنما يشير إلى الله الذي يسيج حول الإنسان يسيج حولنا أي يحمينا "ملاك الرب حال حول خائفيه ،وينجيهم" (مز ٣٤: ٧) الشيطان يقدم الإغراء ولكن الإنسان هو الذي يمد يده ليأخذ لهذا كل خطية هي إرادية الشيطان يغريني وإنما أنا الذي أتم الخطية لا توجد قوة في الدنيا ترغم الإنسان على أن يفعل الخطية، دور الشيطان هو الإغراء أما الإنسان فهو الذي يستجيب أو لا يستجيب . ٢- الإنسان المسيحى كالسفينة التي تُصنع لتسير في البحار . تتلاطم مع الأمواج وتتقاذفها الرياح فطبيعي أن الإنسان يواجه إغراءات وحروب ومتاعب ومفروض أن يجاهد ضدها من خلال هذا الجهاد ستكون مكافأته الأبدية "لا نكلل إن لم نجاهد قانونياً" .. والمسيح الذي يعرف الإنسان وطبيعته لأنه خالقــه ويعرف العالم بشهواته، في صلاته الوداعية للأب يقول "لست أسأل أن تأخذهم من العالم، بل وأن تحفظهم من الشرير" (يو ١٧: ١٥) . مفروض أن المسيحى يجاهد ضد نفسه وشهواتها، وضد كل إغراءات الشر التي يقدمها العالم . ٣ - لنعلم أن الحق والفضيلة شيئان أصيلان ولذا فهما يبقيان. أما ما عدا ذلك فلابد أن يزول ويفتضح أمره .. الكذب والفهلوة واللعب على الحبل والغش وعدم الأمانة .. كل هذه لابد وأن تؤول في النهاية إلى الإنكسار والسقوط والفضيحة هناك أشياء تجعلنا وتجعل الأمور تختلط في نظرنا فالشر ينجح والعالم يبتسم في وجه الشرير لا تغتر بهذا، فهذا أمر وقتى هذا الأمر جعل شخصاً كارميا النبي يقول لله "أبر انت يارب من أن أخاصمك . لكن أكلمك من جهة أحكامك . لماذا تنجح طريق الأشرار . إطمأن كل الغادرين غدراً" (أر ۱۲: ۱) . لكن الوحي الإلهى على لسان داود يعطى إجابة على تساؤل إرميا النبى حينما يقول: "لا تغر من الأشرار ولا تحسد عمال الأثم، فإنهم مثل الحشيش سريعاً يقطعون ومثل العشب الأخضر يذبلون . أتكل على الرب وافعل الخير . اسكن الأرض وارع الأمانة . وتلذذ بالرب فيعطيك سؤل قلبك . سلّم للرب طريقك واتكل عليه وهو يجرى ويخرج مثل النور برك وحقك مثل الظهيرة . انتظر الرب وأصبر له ولا تغر من الذي ينجح في طريقه ، من الرجل المجرى المكايد لأن عاملى الشر يقطعون والذين ينتظرون الرب هم يرثون الأرض بعد قليل لا يكون الشرير تطلع في مكانه فلا يكون الشرير يتفكر ضد الصديق الرب يضحك به لأنه رأى أن يومه آت" (مز ۳۷) . ٤- لا تظن أن تعاليم السيد المسيح التي سلمها لتلاميذه لينشروها بين الناس منذ نحو ألفي عام ، أصبحت بالية ولا تصلح الآن إن زوال السماء والأرض أيسر من أن يسقط حرف واحد من كلامه الله سيوافيك وسوف يأتى إليك ولكن ربما في الهزيع الأخير ، لكنه لا يخلف مواعيده ، ولذا يقول المرتل "انتظر الرب ليتشدد وليتشجع قلبك وانتظر الرب" الفضيلة هي الفضيلة . والحق ثابت لأن الحق هو الله تذكر كلمات المسيح "في العالم سيكون لكم ضيق ، ولكن تقوا أنا قد غلبت العالم" وتذكر كلمات الرسول بطرس " من يؤذيكم إن كنتم متمثلين بالخير وأما خوفهم فلا تخافوه ولا تضطربوا بل قدسوا الرب الإله فى قلوبكم مستعدين دائماً لمجاوبة كل من يسألكم عن سبب الرجاء الذى فيكم بوداعة وخوف" (ابط٣: ١٣- ١٥ ) وتذكر كلمات يوحنا الرسول حبيب الرب "أنتم من الله أيها الأولاد وقد غلبتموهم لأن الذي فيكم أعظم من الذي في العالم كل من ولد من الله يغلب العالم . وهذه هى الغلبة التي نغلب العالم إيماننا من هو الذي يغلب العالم إلا الذي يؤمن أن يسوع هو إبن الله" (ايو ٤ : ٤ ، ٥ : ٤ ، ٥) . ه - أولى وصايا السيد المسيح هي المحبة فحب الجميع بـلا تمييز حتى من لا يعاملك معاملة طيبة ولا يظهر لك حباً، حبة وصل لأجله إن الذى يحتفظ بالفضيلة هو القوى ، والذي يصنع مشيئة جسده هو الأضعف تعامل مع الجميع بوداعة ولا تظن أن الخشونة أو التعالى يجعلك مهاباً، بل سيجعلك مكروهاً تعلم من معلمك الذي كسب العالم وكسب أعداءه بوداعة وقال "تعلموا منى فإني وديع ومتواضع القلب فتجدوا راحة لنفوسكم " كن أمينا فالأمانة تكسبك احترام الجميع وسيكون الله سندك وعونك طالما أنت تحفظ وصاياه .. تذكر أنه يطالبك أن تكون نوراً للآخرين "أنتم نور العالم.." (مت ٥: ١٤) .وهنا في مجال تنفيذ وصية المحبة أود أن ألفت نظركم إلى العلاقات بين الجنسين إن أحببنا الجميع فلا خطأ في ذلك، لكن الخطأ ينشأ من التركيز على إنسان بذاته فاحترس لنفسك كثير من أفكار الاختلاط خاطئة ، احفظ وصية الرب فتحفظك. ٦ - تذكر أن عليك رسالة والله مكلفك بها "تكونون لي شهوداً " وحينما تردد في الصلاة الربية كلمات السيد المسيح ليأت ملكوتك" اشعر أنك مطالب بنشر ملكوت الله على الأرض أي ليملك المسيح على قلوب الجميع حينما ترى الشر منتشراً لا تعثر به ، بل احزن لأن مملكة ابليس تتدعم على حساب ملكوت الله تشبه بلوط حينما كان ساكناً في وسط شرير جدا في سدوم وعمورة .. "كان البار بالنظر والسمع وهو ساكن بينهم يعذب يوماً فيوماً نفسه البارة بالأفعال الأثيمة " وبعدها يقول "يعلم الرب أن ينقذ الأتقياء من التجربة ويحفظ الأئمة إلى يوم الدين معاقبين" (۲ بط ۲ : ۸، ۹) لا يضعف قلبك بل تشدد وتقو، واعلم أنك مكلف أن تجاهد حتى الدم ضد الخطية اعلم أن الذين معك أكثر من الذين عليك قوات من الملائكة وأرواح القديسين تحرسك وتحفظك . ٧- بولس الرسول وهو يتكلم عن محبته لله إزاء الشدائد والضوائق قال ولكننا فى هذه جميعها يعظم انتصارنا بالذي أحبنا. فإنى متيقن أنه لا موت ولا حياة ولا ملائكة ولا رؤساء ولا قوات ولا أمور حاضرة ولا مستقبلة ولا علو ولا عمق ولا خليقة أخرى . تفصلنا عن محبة الله التي في المسيح يسوع ربنا" (رو٨: ۳۷) تفكر في أولاد الله المباركين الذين ساروا في نفس طريقك وانتصروا ، واجعل لك من القديسين أصدقاء . وفوق الكل لك الصديق الألزق من الأخ الذي هو ربنا يسوع المسيح نفسه نيافة مثلث الرحمات الانبا يؤانس أسقف الغربية عن كتاب كيف يعايش المسيحى المجتمع
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل