المقالات
30 مايو 2025
عيد الصعود
خريستوس أنيستى .. أﻟﻴثوس أنيستى
اﻟﻤسيح قام.. باﻟﺤقيقة قام
في الیوم الأربعین لقیامة السید المسیح نحتفل بعید الصعود المجید، كما احتفلنا بعید دخول المسیح إلى الھیكل في الیوم الأربعین لمیلاده وعید الصعود المجید ھو أحد الأعیاد السیدیة الكبرى، وفیه نقدم المعایدة لبعضنا البعض بعبارة یونانیة ھي μαρὰν ἀθά (ماران أثا) ومعناھا "الرب آتٍ" أو "الرب قادم" أو "الرب قریب"(1كو ۱٦: 22 ) لقد ظل السید المسیح یظھر لتلامیذه خلال الأربعین یومًا بعد قیامته ظھورات متعددة وفي أوقات مختلفة ولأعداد مختلفة (للتلامیذ بدون توما،للتلامیذ ومعھم توما، لتلمیذي عمواس، لمریم
المجدلیة، لأكثر من ٥۰۰ أخ، إلخ..)، حتى كان الظھور الأخیر وھو یوم صعوده إلى السموات أرید أن أتأمل معكم في ما قبل الصعود، وما أثناء الصعود، وما بعد الصعود.
قبل الصعود ( ٤٠ يومًا)
۱- كان السید المسیح یظھر لتلامیذه یشرح لھم ویثبت إیمانھم (أع ۱:1- 3) یمكننا أن نعتبرھا مجموعة دروس أو منھج أو كورس كبیر عن الأمور المختصة بملكوت السموات ولم یكن ھو فقط المتكلم، بل كانوا یسألونه وھو یرد علیھم (أع ۱: 6, 7) لقد كتب الرسل بعض الشذرات لكنھم لم یكتبوا كل ما قاله، بل سلموا كل شيء مشافھة للكنیسة من جیل إلى جیل.
۲- كل ما قاله السید المسیح شفویًا في ھذه الفترة وسلمه للكنیسة كان یختص بالسماء (أع ۱: 3) إن المعنى الرئیسي الذي ثبته السید المسیح ھو أننا نعیش على الأرض، وأقدامنا على الأرض لكن فكرنا في السماء وإن تأملنا فیما یعمله عدو الخیر معنا، نجد أنه یحاربنا لكي یحرمنا من السماء وما ھي الخطیة؟ إن الخطیة تضع حجر عثرة أمام طریقنا للسماء فكل أمور حیاتنا مرتبطة بالحیاة السماویة أو بالأمور المختصة بالملكوت.
۳- كلمھم عن انتظار موعد الآب، وھو موعد حلول الروح القدس (أع ۱: 4) وانتظروا قلیلاً،عشرة أیام فقط، إلى أن حل علیھم الروح القدس في یوم الخمسین وھو العید الذي نسمیه عید العنصرة ومن عید العنصرة انطلقت المسیحیة لكل العالم.
٤- كان یكلمھم عن الاستعداد للمجيء الثاني (أع ۱: 6, 7)لابد أن یكون في فكرنا عقیدة مجيء المسیح الثاني،وانتظاره لقد جاء السید المسیح أولاً لكي ما یخلص الإنسان ویفدیه على الصلیب، وسوف یأتي ثانیة لكنه في ھذه المرة سیأتي دیانًا عادلاً لكل العالم ھذه ھي الأمور التي كان السید المسیح یتكلم عنھا قبل الصعود، وھو ما نسمیه إعداد الفكر وكان ھذا الإعداد أمرًا ھامًا قبل إرسالھم لیكرزوا باسمه إلى الخلیقة كلھا ھذا طبعًا بالإضافة لفترة خدمته الجھاریة ثلاث سنوات أمامھم لإعدادھم من: صنع معجزات، وتقدیم أمثال وتعالیم، وعمل مقابلات مع كثیرین.
يوم الصعود
۱- الصعود ثمرة من ثمرات الصلیب: حدث الصعود من فوق جبل الزیتون، لكن في الطریق مر السید المسیح وتلامیذه على بیت عنیا وعلى بستان جثسیماني وھي الأماكن التي كان لھا تاریخ في أسبوع الآلام، فالسید المسیح كان یبیت في بیت عنیا (بیت الألم أو العناء) حیث لعازر وأختاه مرثا ومریم وھا ھو السید المسیح في وسط تلامیذه على جبل الزیتون لكي یصعد إلى السماء وھو أمر مفرح، لكنه یرید أن یقول إن ھذا الصعود ھو ثمرة لبیت عنیا وبستان جثسیماني.
۲- المعنى الروحي في موضوع الصعود ھو السمو والارتفاع: موضوع صعود السید المسیح أمام تلامیذه فوق جبل الزیتون كان بالنسبة لھم أمرًا في غایة الإثارة، لكن المعنى الروحي في موضوع الصعود ھو السمو والارتفاع لذلك یقال عن المسیحیة إنه لیس لھا سقف (سقف الكمال)،لأن الإنسان یظل یتقدم في حیاته الروحیة ولا یتوقف عند خط معین ویقول وصلت لا الحیاة الروحیة مستمرة فعید الصعود یقدِّم لنا أھم اختبار
وھو حالة الإنسان إنه دائمًا في حالة نمو وتقدم إن الفتور أو البرود الروحي في حیاتنا الروحیة ھو حالة من لا یستطیع أن یرتفع، وھذا ما جعل داود النبي في یوم من الأیام یقول "لَیْتَ لِي جَنَاحًا كَالْحَمَامَةِ، فَأَطِیرَ وَأَسْتَرِیحَ" (مز ٥٥: 6) الحمامة رمز للنقاء والجناح رمز للسمو والطیران والارتفاع فھو یأمل ویترجى أن یكون عنده ھذا الشكل لیمكنه من الصعود السمو والنمو الدائم.
۳- رجعوا بفرح عظیم وسجدوا: لما بدأ السید المسیح في الصعود ظھر حوله ملاكان، بدءا یشرحان للتلامیذ ما یحدث ویقدمان لھم رسالة اطمئنان، لأنھم وقتھا كانوا في حالة غریبة، ماذا سیعملون والمسیح یتركھم، وكانت لدیھم مجموعة من الأسئلة الكبیرة لكن الجمیل أنه بعد أن صعد المسیح وتركھم وقدم لھم الملائكة الشرح، یقول الكتاب: "فَسَجَدُوا لَه وَرَجَعُوا إِلَى أُورُشَلِیمَ بِفَرَحٍ عَظِیمٍ" (لو۲٤: 52) علامة للرضا أو الاكتفاء أوالشبع أو الفھم.
بعد الصعود
۱- الصعود یضع أمامنا أن مسیحیتنا سماویة المسیحیة بدأت في السماء واكتملت في السماء "ھكَذَا أَحَبَّ اللهُ (في السماء) الْعَالَمَ (الأرض) حَتَّى بَذَلَ ابْنَه الْوَحِیدَ (الصلیب)، لِكَيْ لاَ یَھْلِكَ كُلُّ مَنْ یُؤْمِنُ بِه (الخدمة الكرازة)، بَلْ تَكُونُ لَه الْحَیَاةُ الأَبَدِیَّةُ (عودة إلى السماء)" (یو16:3) وھذا ما یجعلنا ككنیسة وفي تاریخھا نصِّر على معمودیة الطفل وعمره أیام ونسمیھا الولادة الجدیدة من الماء والروح، لكي یكون له العضویة السماویة وحینما نقارن المسیحیة بأي فلسفات أو مذاھب أخرى، نجد أن كل المذاھب بدأت على الأرض
وترید أن ترتفع وتصل إلى السماء، أما المسیحیة فقد بدأت من السماء وأخذت رحلة الأرض لتأخذ الإنسان إلى السماء. یقول السید المسیح: "أَنَا أَمْضِي لأُعِدَّ لَكُمْ مَكَانًا" (یو ۱٤: 2)لأجعل لكم نصیبًا في السماء.
۲- الصعود یثبت أن المسیح ھو صاحب السماء "لَیْسَ أَحَدٌ صَعِدَ إِلَى السَّمَاءِ إِلاَّ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ، ابْنُ الإِنْسَانِ الَّذِي ھُوَ فِي السَّمَاءِ"(یو ۳: 13) لذلك في كل مرة نصلي ونقول: "أَبَانَا الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ" ونخاطب الذي في السموات ونقول له: "لِیَتَقَدَّسِ اسْمُكَ لِیَأْتِ مَلَكُوتُكَ لِتَكُنْ مَشِیئَتُكَ" (مت ٦: 9, 10) تصیر ھناك ھذه العلامة المتواصلة والمستمرة بین الإنسان على الأرض والله في السماء.
۳- الصعود یؤھلنا لسكنى السماء صارت السماء غیر بعیدة عنا وھذا ھو السبب الرئیسي في أن الكنیسة تعمل حامل الأیقونات وتضع فیه قدیسین موجودین في السماء (السیدة العذراء،یوحنا المعمدان، الآباء الرسل، الشھداء، القدیسین) وكأنه الصف الأول في الكنیسة، یتطلعون من السماء علینا لكي یشجعونا حتى نصیر معھم. وھذا ما جعل بعض المفسرین یقولون إن الكنیسة مكونة من جزئین ھما في السماء الكنیسة المنتصرة،وعلى الأرض الكنیسة المجاھدة، موضحین مقدار الرابط الذي یربطنا بالسماء ھذه النقطة لابد أن
تشغل فكرنا كثیرًا أن یسوع في السماء یعد لي مكانًا، وأنا دوري أن أجتھد لكي أحافظ على ھذا
المكان والكنیسة ملیئة بزخم كبیر من صلوات،أصوام، جھاد، توبة، ممارسة الأسرار، تدریبات روحیة، سیر قدیسین، إلخ.، كل ھذا الكیان الروحي ھو من أجل أن أحافظ على مكاني الذي أعده لي المسیح في السماء فلا یضیع مني لذلك بدون المعمودیة "أَنَّكَ تُرَابٌ، وَإِلَى تُرَابٍ تَعُودُ"(تك ۳: 19) أما بالمعمودیة والحیاة الروحیة
أنت من سماء ویمكن بجھادك أن تعود إلى سماء وھذه ھي قیمة الجھاد الروحي في الفكر الكنسي.
٤- الصعود یجعلنا ننتظر بشوق المجيء الثاني لذلك تعلمنا الكنیسة أن نتجه للشرق، ونسمع نداء الشماس في كل قداس: "أیھا الجلوس قفوا" ویقصد قفوا من الخطیة ثم یقول: "وإلى الشرق انظروا" ویقصد جددوا أشواقكم في انتظار مجيء السید المسیح.
ختام
بركات عيد الصعود الكثيرة تملأ حياتنا وحياة الكنيسة كلها ونقول لكل الآباء ولكل الأحباء ﻓﻲ ﻛﻞ اﻟﻤسكونة ﻛﻞ سنة وأنتم طيبين "ماران أثا".
قداسة البابا تواضروس الثاني
عظة عيد الصعود من كنيسة التجلي بدير الأنبا بيشوي
المزيد
23 مايو 2025
“القيامة والحواس المضيئة”
القيامة المجيدة هى أروع حدث فى تاريخ حياتنا ومسيحيتنا، فضلا عن كونها أساس إيماننا وعقيدتنا, وبالتالى فهى مصدر أفراحنا وسلامنا. والقيامة ليست تاريخا أو حدثا ومضى، بل هى حياة معاشة كل يوم ونورها يتخلل كل أنشطة حياتنا لأنها فعل مستمر وممتد عبر السنين والقرون، وهى تدشين بُعد جديد للوجود الانسانى.
ولذا نحتفل بها على أربعة مستويات: كل يوم «فى صلاة باكر بالاجبية», كل اسبوع «فى يوم الاحد الذى هو يوم النور «Sunday», كل شهر قبطى فى يوم 29 من الشهر تذكار للبشارة والميلاد والقيامة», وكل سنة «فى الخماسين المقدسة التى تلى يوم عيد القيامة». والمثير للدهشة اننا فى صلاة باكر كل يوم نردد هذه القطعة الثانية حيث نقول: «عندما دخل إلينا وقت الصباح أيها المسيح إلهنا» النور الحقيقى.. فلتشرق فينا.. الحواس المضيئة ..والأفكار النورانية .. ولاتغطينا ظلمة الآلام…
وأود أن أتوقف معكم عند عبارة «الحواس المضيئة» والتى نسبقها بمخاطبة السيد المسيح بكونه «النور الحقيقى» حيث نطلب منه أن يشرق فينا وذلك من خلال قيامته المجيدة حتى تصير لنا الحواس المضيئة. والمعروف أن الحواس نعمة من الله لجميع الكائنات الحية خاصة الانسان الذى منحه الله هذه الحواس الخمس التى هى المصدر الرئيسى للإدراك والاكتشاف والتعليم والمعرفة والفهم والشعور والاحساس وترتبط هذه الحواس الخمس مع بعضها فى عملية التواصل مع الاشياء والافراد والحياة الانسانية بمجملها. وبالطبع فهذه الحواس تقوم بعملها على المستوى المادى الأرضى وعندما تضعف أى حاسة يحتاج الانسان الى مساعدات مثل النظارة للعين أو السماعة للاذن وهكذا. ولكن نورقيامة السيد المسيح يمنح هذه الحواس امكانات أكثر لتصير مضيئة تتعدى الجانب المادى الى آفاق اكثر اتساعا وفهما لحكمة الخالق، والتعامل الايجابى مع مواقف الحياة المتعددة، وهذا ما نسميه نور العقل أو العقل المستنير بعيدا عما نسميه عمى القلب أو بلادة الاحساس وهكذا. فالحواس المضيئة مرهفة… حساسة… واعية.. تحيا عمق الانسانية وسموها كما قصده الله فيها.ونستطيع أن نرى هذه الحواس المضيئة فى مشاهد القيامة المجيدة ممثلة فى أفراد وشخصيات قدمت لنا كيف تكون حواسنا مضيئة وافكارنا نورانية كشهادات فرح حقيقية.
أولا: حاسة البصر والتلاميذ: فى مساء يوم القيامة اجتمع التلاميذ بسبب الخوف من اليهود فى غرفة «عُلية» مغلقة الابواب وذلك بعد احداث الصليب المؤلمة، ولكن فجأة ظهر المسيح فى وسطهم وقال لهم: سلام لكم، ولما قال هذا أراهم يديه وجنبه ففرح التلاميذ إذ رأوا الرب …» (يوحنا 20 :19 ، 20). كان تلاميذ المسيح مرافقين له فى معجزاته وتعاليمه ومقابلاته وكل أحداث خدمته على الأرض والتى استغرقت ثلاث سنين وعدة أشهر.. كانوا يرونه كل يوم وعرفوه جيدا ولكن موت الصليب أصابهم بألم وهلع ورعب واحتموا ببعضهم داخل غرفة صغيرة خوفا من انتقام اليهود.. وكانت هذه «الرؤية المفرحة» عندما ظهر فى وسطهم عشية يوم القيامة ومنحهم السلام ونفخ فى وجوههم وقال لهم «اقبلوا الروح القدس» (يوحنا 20: 22). فرأت عيونهم مسيحهم القائم والمنتصر. ومن وقتها صارت لهم حاسة البصر المفرحة أى أن رؤية المسيح قلبيا هى سبب أساسى للفرح. وما الصلاة وقراءة الكتاب المقدس إلا ممارسات تعبدية نقوم بها لنرى المسيح فى قلوبنا كل يوم فتصير أبصارنا مضيئة ترى الفرح وتعيشه تشعر به دوما.
ثانيا: حاسة السمع ومريم المجدلية: كانت مريم المجدلية انسانة ذات ثروة وصيت حسن ولكن ابتليت بسبعة شياطين أخرجهم منها السيد المسيح فتبعته (لوقا 8 : 2، 3) وثبتت فى تبعيتها الى المنتهى حيث كانت معه وقت الصليب (يوحنا 19 : 25) والدفن (مرقس 15 : 47) وقد شرفها المسيح القائم بحديثه معها عندما ذهبت فجر الأحد الى القبر لتواصل البكاء على مسيحها الذى تشعر بالوفاء نحوه…. ومن كثرة دموعها واحساسها الأليم لم تبصر جيدا من يحدثها وظنته البستانى الذى يعتنى بالمكان ، ولكن عندما سمعت اسمها ينطقه المسيح، انتبهت بأذن مضيئة وعرفته على الفور وقالت له :«ربونى» الذى تفسيره يامعلم (يوحنا 20 : 11ــ 18). هذه هى الأذن الجديدة التى اشرق عليها نور المسيح فصارت أكثر استجابة وحضورا وفهما صارت اذن مستنيرة تطيع الوصية فنشعر بالفرح وتنتهى الدموع مثلما كان صموئيل النبى طفلا عندما تلقى نصيحة معلمه الكاهن ليصلى قائلا: «تكلم يارب لأن عبدك سامع» (صموئيل 3: 9). وفى المقابل يشتهى الله أن يسمع أصواتنا فهى جميلة ولطيفة عنده مثلما قال لعروس النشيد: «أرينى وجهك، أسمعينى صوتك، لأن صوتك لطيف ووجهك جميل» (نشيد الانشاد 2: 14).
ثالثا: حاسة الشم والمريمات: جاءت مريم المجدلية ومريم أم يعقوب وسالومه إلى القبر فى فجر يوم الأحد أول الاسبوع حاملات الطيب والحنوط ليقدمن رمز الوفاء على حبيبهن المسيح الذى مات على عود الصليب (مرقس 16: 102)والحنوط مواد نباتية ذات روائح عطرية محببة للنفس تقدم كأسمى المشاعر الانسانية تذكارا وامتنانا لمن انتقل من هذه الحياة وكأنها تقول ـ الحنوط ـ إن سيرتكم كانت سامية وطاهرة ونقية ومقدسة وهذه الحنوط ترمز لذلك. وهذه عادات قديمة جدا ومازالت موجودة حيث نضع الزهور على قبور الأحباء كتعبير عن الوفاء. كانت هذه الحنوط برائحتها الجميلة فى يد المريمات رمزا لحاسة الشم الرقيقة والتى تقدم أفضل ما عندها كما فعلت مريم أخت لعازر التى قدمت «طيب ناردين خالص «نقى» كثير الثمن ودهنت قدمى يسوع ومسحت قدميه بشعرها فامتلأ البيت من رائحة الطيب» (يوحنا 12: 3). ونحن نستخدم البخور أيضا فى صلواتنا الكنسية تعبيرا عن استنارة حياتنا ورقة مشاعرنا نحو مسيحنا القدوس والتى نشتم بها رائحة القداسة والسيرة الحسنة. «لأننا رائحة المسيح الذكية» (2 كونثوس 2: 15) بعيدا عن روائح الشر والدنس والنجاسة بصفة عامة.
رابعا: حاسة التذوق وبطرس الرسول: وقع بطرس الرسول فى خطية الانكار (يوحنا 18: 15- 27) أثناء أحداث الصليب، وقد نبهه السيد المسيح قبلا، ولذا «بكى بكاء مرا» (لوقا 22: 62) ويبدو أنه سقط فى صغر النفس وهو الذى كان تلميذا مقربا للمسيح عاين الكثير من معجزاته واعماله، فابتعد عن دائرة التلاميذ مفضلا العودة الى صيد السمك (مهنته الأولى) إحراجا وخجلا (لوقا 5: 1- 11) فذهب مع عدد من التلاميذ إلى بحر طبرية للصيد وهناك اصطادوا مائة وثلاثا وخمسين سمكة بعدما ظهر لهم المسيح ثم دعاهم «هلموا تغدوا» (يوحنا 21: 12)، وبعدما تغدوا وذاقوا من السمك الذى اصطاده، وكان بينهم بطرس، حيث ناداه المسيح » «يا سمعان بن يونا، اتحبنى أكثر من هؤلاء»؟ «قال له: نعم يارب أنت تعلم أنى احبك». وتكرر هذا الحوار مرتين (يوحنا 21: 15 – 18) لذا نسميه حوار الحب الذى تذوقه بطرس بعد خطيته فى ضوء القيامة المجيدة والتى اضفت نورها على حياة بطرس الرسول. فلم يكن هذا اللقاء مجرد معجزة صيد أو تناول طعام بل تذوق حب غامر ومتدفق من المسيح نحونا فى شخص التلاميذ وبطرس الرسول معهم.. وهكذا يوصينا المزمور «ذوقوا وانظروا ما أطيب الرب!» (مزمور 34: 8). حاسة التذوق ليس للماديات فقط وإنما أيضا تذوق الروحيات والمعانى السامية والحياة الطاهرة والسيرة الحسنة… وهكذا تكون حاسة مضيئة.
خامسا: حاسة اللمس وتوما الرسول:لم يكن توما الرسول حاضرا وقت قيامة المسيح وعند ظهوره للتلاميذ مساء يوم القيامة، وحين أخبروه أنهم رأوا الرب «قال لهم: إن لم أبصر فى يديه أثر المسامير وأضع أصبعى فى أثر المسامير وأضع يدى فى جنبه لا أؤمن» (يوحنا 20: 25). ومنذ هذه الحادثة أطلق عليه «توما الشكاك»… ولكن بعد ثمانية أيام ظهر السيد المسيح القائم للتلاميذ وبينهم توما وقال له «هات أصبعك إلى هنا وأبصر يدى وهات يدك وضعها فى جنبى ولا تكن غير مؤمن بل مؤمنا»، أجاب توما: « ربى وإلهى» (يوحنا 20: 27، 28) وهكذا من خلال حاسة اللمس استنار وعيه واستعاد إيمانه وصرخ صرخته المدويه «ربى وإلهى» وهو الاعتراف الايمانى واللاهوتى القوى. وحسب التقليد الكنسى يمسك الكاهن والأسقف صليبا على الدوام فى الصوات والخدمات الكنسية ليتلامس مع صليب المسيح فتكون له الحواس المضيئة التى تمتد أيضا إلى تقليد قبله السلامة التى نمارسها أثناء القداس الإلهى كتعبير عن المصالحة والسلام وهكذا تجعل قيامة رب المجد حواسنا مضيئة وأفكارنا نورانية لنواجه عالمنا بالحب والرحمة والحواس الحية والعقول المستنيرة فيصير عالما أفضل وحسب قلب الله وكل عيد قيامة وجميعكم بخير.
قداسة البابا تواضروس الثاني
المزيد
16 مايو 2025
“القيامة إنسانيًا”
المسيح قام بالحقيقة قام إنها تهنئة القيامة المجيدة والتى تعيد بها جميع كنائس العالم لقد خلق الله العالم فى كل نوع من النباتات والحيوانات والطيور اعدادًا كثيرة، وكذلك من الاسماك ومن الزواحف من كل شىء، اما عندما خلق آدم فقد خلقه منفرداً متفرداً متميزاً، خلقه على صورته ومثاله، ذو ضمير صالح قلب طاهرعقل متميز وهذه الثلاثة تميز الانسان عن باقى المخلوقات، وكان آدم يتمتع بالعيش فى الجنة مع حواء متمتعاً بالحضور الإلهى الدائم، ولكن بدخول الخطية عن طريق الحية حُكم على الانسان بالموت، وصار هناك احتياج انسانى للقيامة، وبتجسد السيد المسيح وموته وقيامته وَأَقَامَنَا مَعَهُ، وَأَجْلَسَنَا مَعَهُ فِى السَّمَاوِيَّاتِ (أفسس 2: 6) وصرنا بقيامته نتذوق السماء ونحن مازلنا على الارض وقامت فينا ما تميزت به انسانيتنا:
أولاً : قيامة الضمير أى الإحساس بالآخر:-
منذ بدء الخليقة والانسان يعيش الانا، يحب نفسه فوق الجميع، آدم الانسان الاول برر خطيته وقال لله الْمَرْأَةُ الَّتِى جَعَلْتَهَا مَعِى هِيَ أَعْطَتْنِى (تكوين 3: 12)، قايين قال أَحَارِسٌ أَنَا لأَخِى (تكوين 4 :9)،و يعقوب سرق بكوريه اخيه، و ابشالوم اراد ان يسرق المُلك من ابيه داود، وعندما ارسل الله يونان لشعب نينوى خاف ان يتوبوا فلم يرض ان يذهب اليهم وعاند نداء الله له الى ان ولد المسيح، فاراد هيرودس الملك قتله لئلا يأخذ كرسيه وهاجمه اليهود معتقدين انه ملك ارضى، لكنه اعلن قائلا مملكتى ليست من هذا العالم (يوحنا 18: 36)، وبدأ يضع تعليماً جديداً للإنسانية، ثم اراد الفريسيون والصدوقيون التخلص منه، واخيراً قام اليهود بالشكاية عليه، لانه يظهر ضعفهم وارادوا صلبه، وعندما خيروهم بين باراباس والسيد المسيح اختاروا اطلاق باراباس القاتل؟ بعد القيامة استيقظ ضمير البشرية فصارت تبحث عن المساعدة، عن العطاء، عن الخدمة، عن الفرح الحقيقى، ضمير يعلى الاخلاق، السلوك، العمل، الاجتهاد، وكما شرح بولس الرسول فى (اعمال الرسل 24 : 16 ) لِذلِكَ أَنَا أَيْضًا أُدَرِّبُنَفْسِى لِيَكُونَ لِى دَائِمًا ضَمِيرٌ بِلاَ عَثْرَةٍ مِنْ نَحْوِ اللهِ وَالنَّاسِ وقد كتب لأهل كورونثوس قائلاً لأَنَّ فَخْرَنَا هُوَ هذَا شَهَادَةُ ضَمِيرِنَا أَنَّنَا فِيبَسَاطَةٍ وَإِخْلاَصِ اللهِ، لاَ فِى حِكْمَةٍ جَسَدِيَّةٍ بَلْ فِى نِعْمَةِ اللهِ، تَصَرَّفْنَافِى الْعَالَمِ، وَلاَ سِيَّمَا مِنْ نَحْوِكُمْ (2 كورنثوس 1: 12) لقد كان السيد المسيح محاطاً بأشخاص يخافون فقط على مراكزهم امثال بيلاطس البنطى ورؤساء الكهنة، والشعب الصارخ اصلبه اصلبه، والتلاميذ الهاربين، والتلميذ الذى انكره وغيرهم اما بعد القيامة اختفت الأنا وظهر الاحساس بالآخر فصارت المجدلية تبشر وبطرس الرسول يُعلم وتلميذ آخر يستضيف السيدة العذراء فى بيته وشعب يضع كل امواله عند اقدام الرسل والمثال العملى هو مريم المجدلية وسُميت بالمجدلية نسبة الى موطنها الاصلى فى المجدل على الساحل الغربى لبحر الجليل، على بعد ثلاثة أميال الى الشمال من طبرية ومجدل معناها فى اليونانية برج مراقبة كانت بعيدة، مُتعبة مما أصابها، اخرج الرب منها سبعة شياطين وشفاها، ومن تلك اللحظة تبعته من الجليل وشاهدت حادثة الصلب، وكانت واقفة عند الصليب حتى النهاية، الى ان رأت مكان القبر، كل هذا من بعيد! أما بعد القيامة تغير الوضع، كل التلاميذ كانوا خائفين أما هى وفى فجر الاحد باكراً جداً ذهبت إليه حاملة حنوطاً، لذا استحقت ان تكون أول من رأى الرب القائم، وقد صارت أول كارزة بالقيامة ونقلت الخبر الى التلاميذ والرسل مريم المجدلية كانت تحتاج الله فى حياتها، كانت تعيش الظلمة وبعد القيامة لم تصبح فقط تعيش فى النور بل ايضاً تكرز به، لقد استيقظ ضميرها بعد ان كان غائباً أو نائماً إن قيامة الضمير تعنى الاحساس بالآخر فى صور متنوعة منها ضمير العمل الضمير الذى لايتأثر بالمصالح، الذى يُعلى العام على الخاص،وهو الضمير الذى يجعل الشعوب تتقدم وتحترم الانسان كيفما يكون ضمير السلوك الضمير الذى لا يتأثر بالشهوة بل انسان لديه سلوك مستقيم، يميز بين الابيض والاسود – واضح و لايسير فى الرمادى – يسلك بخوف الله مع كل أحد يتعامل معه ضمير الخير الرحمة والشفقة هى احد اصوات قيامة الضمير، ان تشعر بأخيك، بجارك، بزميلك فى العمل، حتى بالآخر الذى لاتعرفه، وبقيامة المسيح صرنا نرفع شعار «مَنْ يَعْرِفُ أَنْ يَعْمَلَ حَسَنًا وَلاَ يَعْمَلُ، فَذلِكَ خَطِيَّةٌ لَهُ» (يعقوب4: 17).
ثانياً قيامة القلب اتساع القلب بالحب للكل:-
كل انسان لا يحمل الله فى قلبه، يكون قلبه ميتا، ليس فيه حياة لأن الله قال عن نفسه «أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ» (يوحنا 14 : 6)، وكل قلب بداخله الله يعيش السماء على الارض الانسانية بقيامة الرب يسوع اصبح لديها مفهوم تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ (متى22: 39) تبعاً لوصية السيد المسيح. وَصِيَّةً جَدِيدَةً أَنَا أُعْطِيكُمْ أَنْ تُحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا كَمَا أَحْبَبْتُكُمْ أَنَا تُحِبُّونَ أَنْتُمْ أَيْضًا بَعْضُكُمْ بَعْضًا (يو 13: 34) لانه مكتوب، هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ (يوحنا 3: 16)هكذا صار مفهوم المحبة هو البذل والعطاء والغفران مفهوم جديد على البشرية، لان الخطية كانت قد اخفت هذا المفهوم اذ دخلت الخطية الى العالم ودنست خليقة الله وصار الانسان فى حاجة لمن يقيمه، جاء الله متجسداً ليقيمنا من موت الخطية ليثبت لك يومياً ان حياتك ثمينة جداً عنده عَالِمِينَ هذَا: «أَنَّ إِنْسَانَنَا الْعَتِيقَ قَدْ صُلِبَ مَعَهُ لِيُبْطَلَ جَسَدُ الْخَطِيَّةِ، كَيْ لاَ نَعُودَ نُسْتَعْبَدُ أَيْضًا لِلْخَطِيَّةِ» (رومية 6: 6) والمثال العملى هو بطرس الرسول قبل الصلب كان سمعان بطرس من بيت صيدا عاش فى كفر ناحوم متزوج ويعيش من مهنة الصيد، عاش لمدة 3 سنوات تلميذ السيد المسيح،شخصية مندفعة، احياناً يرى نفسه الافضل وَإِنْ شَكَّ فِيكَ الْجَمِيعُ فَأَنَا لاَ أَشُكُّ”(متى26: 33)، قال لا يمكن ان انكرك، لكنه قبل ان يصيح الديك مرتين انكر الرب يسوع ثلاث مرات وقت الصليب (متى 26: 75) أما بعد القيامة خجل من السيد المسيح خاصة حين سأله اتحبنى؟ فكانت إجابته أَنْتَ تَعْرِفُ أَنِّى أُحِبُّكَ (يوحنا 21: 17) (عرف حجم نفسه، عرف احتياجه الحقيقى ) ثم وفى عظة واحدة كسب ثلاثة آلاف نفس (اعمال الرسل 2) وعملياً حين دخل الهيكل ورأى على باب الهيكل رجل اعرج من بطن امه جلس يستعطى، فنظر إليه وقال له لَيْسَ لِى فِضَّةٌ وَلاَ ذَهَبٌ، وَلكِنِ الَّذِى لِى فَإِيَّاهُ أُعْطِيكَ بِاسْمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ النَّاصِرِيِّ قُمْ وَامْشِ! فقام ومشى (أعمال الرسل 3: 6) العطاء الحقيقى هو محبة ومساعدة وقبول الآخر مهما يكن ونحن سفراء القيامة مطلوب منا أن نحيا باتساع القلب والذى يعنى الغفران نقول فى صلواتنا اليومية وَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا كَمَا نَغْفِرُ نَحْنُ أَيْضًا لِلْمُذْنِبِينَ إِلَيْنَا (مت 6: 12) وتصير طبيعة فينا اننا نغفر للمذنبين الينا القبول نقبل الآخر مهما يكن مختلفا، يونان النبى لم يقبل ان اهل نينوى يتوبون ويعودون الى الله ولكن الله قبل الجميع المحبة الأب فى مثل الابن الضال (لوقا 15 ) مثال رائع على تقديم المحبة، كماوصفها الكتاب المقدس “اَلْمَحَبَّةُ لاَ تَسْقُطُ أَبَدًا (1 كورونثوس 13: 8) الله حينما اراد ان يصف نفسه كان وصفه اَللهُ مَحَبَّةٌ (1 يوحنا 4: 16).
ثالثاً قيامة العقل الرؤية الايجابية للأمور:-
خلق الله الانسان بعقل مستنير مميز لما حوله، ادم باكورة الخليقة استطاع ان يعطى اسماء لجميع الحيوانات وهذا ابداع، لأنه يبتكر اسماء غير موجودة فى اللغة، لكن حواء دخلت فى حوار مع الحية لتقنعها ان الله اعطاها كل شىء، وفى لحظه فكرت واقتنعت ان تصير مساوية هى وآدم لله، وفى هذه اللحظة اظلم عقلهم بكلمات الحية وسقطوا فى الخطية وفقدوا الاستنارة وخلال رحلة البشرية نجد كثيرين ابتعدوا عن الله بسبب عقولهم المظلمة، ففكر البشر فى بناء برج بابل ليتحدوا الله ظناً منهم انهم يقدرون ثم جاء السيد المسيح ونادى مَنْ يَتْبَعْنِى فَلاَ يَمْشِى فِى الظُّلْمَةِ بَلْ يَكُونُ لَهُ نُورُ الْحَيَاةِ (يوحنا8: 12) وبقيامته اعطانا الله رؤية جديدة للحياة، رؤية ايجابية للاحداث ، لقد اوصانا بولس الرسول: وَلاَ تُشَاكِلُوا هذَا الدَّهْرَ، بَلْ تَغَيَّرُوا عَنْ شَكْلِكُمْ بِتَجْدِيدِ أَذْهَانِكُمْ، لِتَخْتَبِرُوا مَا هِيَ إِرَادَةُ اللهِ الصَّالِحَةُ الْمَرْضِيَّةُ الْكَامِلَةُ (رومية 12: 2) وقصة تلميذى عمواس شاهدة على قيامة العقل لقد سار تلميذان الى قرية عمواس التى تبعد قليلاً عن أورشليم وكانوا يتناقشوا فيما بينهم حول ما حدث فى اورشليم يوم القيامة، وظهر لهم السيد المسيح وقصوا عليه ما سمعوه عن هذا الانسان النبى المقتدر فى الفعل والقول امام الله وجميع الناس وكيف صلب ومات وكيف شهد تلاميذه والمريمات انه قام وان القبر فارغ فَقَالَ لَهُمَا «أَيُّهَا الْغَبِيَّانِ وَالْبَطِيئَا الْقُلُوبِ فِى الإِيمَانِ بِجَمِيعِ مَا تَكَلَّمَ بِهِ الأَنْبِيَاءُ!أَمَا كَانَ يَنْبَغِى أَنَّ الْمَسِيحَ يَتَأَلَّمُ بِهذَا وَيَدْخُلُ إِلَى مَجْدِهِ؟» ثُمَّ ابْتَدَأَ مِنْ مُوسَى وَمِن ْجَمِيعِ الأَنْبِيَاءِ يُفَسِّرُ لَهُمَا الأُمُورَ الْمُخْتَصَّةَ بِهِ فِى جَمِيعِ الْكُتُبِ” ( لوقا 24 : 25-27) كان اليهود لهم النظرة الضيقة للخلاص، يعتبرون ان الخلاص لليهود فقط ينتظرون مخلصا ارضيا من الاستعمار الرومانى، وبصلب المسيح وقيامته تغيرت كل المفاهيم، فى هذا الحوار ظهر لهم مفهوم جديد لكلام التوراة، مفهوم مختلف عن الخلاص، استنارت عيونهم بالقيامة انه بقيامته حول عقولنا من السلبية المظلمة الى الايجابية المستنيرة محول للمواقف كسب المرأة السامرية عندما اعترفت بالحقيقة وقال لها «بالصدق اجبتي» (يوحنا 4)، وفى موقف معجزة اشباع الجموع “فَابْتَدَأَ النَّهَارُيَمِيلُ فَتَقَدَّمَ الاثْنَا عَشَرَ وَقَالُوا لَهُ: «اصْرِفِ الْجَمْعَ لِيَذْهَبُوا إِلَى الْقُرَى وَالضِّيَاعِ حَوَالَيْنَا فَيَبِيتُوا وَيَجِدُوا طَعَامًا، لأَنَّنَا ههُنَا فِى مَوْضِعٍ خَلاَءٍ» (لوقا 9: 12) لكن الرب يسوع حول هذا الموقف العصيب الى بركة من خمس خبزات وسمكتين لإشباع الآلاف يمكنك ان تستخدم المواقف الصعبة وتحولها لنجاح، تستطيع ان تكون اقوى من خلال كل ضيقة، عندما يكون لك فكر المسيح الايجابى مبادر للعمل بدلاً من ان تلعن الظلام اضىء شمعة نحن لا نشابه العالم فى التفكير بل نبحث عن ماذا نستطيع ان نقدم للانسانية، قد رأيت انُاساً انشغلوا بالسلبيات فلم يحققوا تقدماً بل انهم حاولوا ان يُعيقوا المتقدمين، وانت اين من هؤلاء واولئك؟، هل ننشغل بما حولنا ام نتقدم للعمل؟ يبنى ولا يهدم تفكيرك الكثير فى الضيقة والمتاعب يفقدك حياتك، وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ الأَشْيَاءِ تَعْمَلُ مَعًا لِلْخَيْرِ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَ اللهَ، الَّذِينَ هُمْ مَدْعُوُّونَ حَسَبَ قَصْدِهِ (رومية 8: 28) لذلك ابنى ثقة مع الآخرين ابنى جسور محبة ابنى اعمال للوطن هكذا يكون انسان القيامة الجديد صاحب ضمير صالح وقلب طاهر وعقل مستنير وهكذا تكون قيامة الانسان لقد قام ليمنحنا هذه القوة الجديدة لحياتنا الانسانية.
قداسة البابا تواضروس الثاني
المزيد
09 مايو 2025
“عين إيجابية للحياة”
المسيح قام بالحقيقة قام ، نحتفل كل عام بقيامة السيد المسيح وننظر الى أحداث القيامة لنتعلم منها لحياتنا على الارض،وعندما ننظر الى الاحداث فان كل منا له نظره مختلفة عن الاخر أنها العين التى تنظر العين ذلك العضو الصغير الذى خلقة الله فى وجه الأنسان ، خلق عينان لكى تكون نظرة الانسان متكاملة بلا نقص ، خلقها فى الوجه وليس فى الخلف لكى ينظر الى الأمام والمستقبل وليس الخلف أو الماضى ، خلقها متحركة لكى يكون للانسان منظور واسع فى الرؤية، ويتوقف أستخدام الانسان لهذا العضو الحى على قدرته و نظرته القيامة تمنح الانسان عين أيجابية للحياة فى ثلاثة أبعاد:
1- نظرة واقعية :-
منذ وجدت الإنسانية وجدت الكثير من العقبات والتحديات ، فهذة هى قوانين الحياة ، فليس غريبا أن نفقد أحد الاحباء ، أو أن ننتقل من مكان لمكان طلبا لرزق، أو أن نمرض، أو أن نحزن، وليس غريب أن يصادفنا عقبات خلال مسيرتنا في الحياة، وهنا يأتى دورنا فى أختيار النظر بأيجابية ، هذة النظرة التى تحض على التركيز فى نصف الكوب الممتلئ ، التى تلون يومك بألوان مبهجة والتى تلقى المزيد من الضوء البناء فى كافة المواقف الصعبة ، نجد معلمنا بولس الرسول فى رسالته الى أهل كولوسي (كولُوسِّي 2:8 )يقول “اُنْظُرُوا أَنْ لَا يَكُونَ أَحَدٌ يَسْبِيكُمْ بِٱلْفَلْسَفَةِ وَبِغُرُورٍ بَاطِلٍ، حَسَبَ تَقْلِيدِ ٱلنَّاسِ، حَسَبَ أَرْكَانِ ٱلْعَالَمِ، وَلَيْسَ حَسَبَ ٱلْمَسِيحِ” وهو يوجه النظر إلى أن مقياسنا هومقياس المسيح ، فى الفرح فى المحبة فى التسامح، فى النظر للامور المختلفة فى الحياة الكتاب المقدس يقول فرح التلاميذ أذ روا الرب (يوحنا20:20) وكان هذا بعد القيامة ، وقد فرحوا لا لانه قد طمأنهم على مستقبلهم أو حياتهم العمليه ، أو لانه سوف يعود فيعيش معهم على الأرض ، هو لم يكلم أندراوس على الرجوع للصيد والمكسب منه، ولم يكلم بطرس عن السعادة الزوجيه ومستقبل أولاده ولم يكلم التلاميذ عن مستقبل مادى لكنهم راؤه ففرحوا ، أنها الايجابية فى الحياة ورؤية الامور بأيجابية فى الحياة.
2- نظرة متكاملة :-
قد يعيش الانسان يومه وينظر الى عمله، دخله ، مستواه المعيشى، ويشعر بالقلق على أبناؤه ، و يفتقد اللحظة الحالية بجمالها، ويتمسك بالسلبية التي تجعله يبحر أكثر بالهموم والخوف ، وتبعده عن إيجاد الحلول ، فتجذب كل سلبي لحياته دون الشعور بخطورة ذلك، ولكن ان وضعت الله فى حياتك وبدأت بالامل، بالاجتهاد ، بالطموح من أجل الغد ، تجد الصعب يتحول الى نجاح ، فى وسط الضيق الشديد يظهر الله فى الوسط فتتغير الطرق ، مثلما ظهر للثلاثة فتية فى أتون النور فتغيرت حسابات الكل نجد النظرة المتكاملة فى الصليب ، فمن يرى الصلب والموت والالم يحزن، يشعر بكم من الضيق والالم ويعتبرها نهاية القصة ولكنها نهاية مؤلمة ، ولكن انتظر ثلاثة أيام وسيقوم المسيح من الاموات نحتاج فى حياتنا الى هذة النظرة ، فى الدراسة، فى العمل، فى مجمل الحياة ، حتى نقتنى نظرة متكامله مستقبلية . ومثال عملى لذلك : قد ينظر الناس الى العاصمة الادارية قائلين” كيف يتم صرف كل هذة الاموال على مجرد مبانى؟ كيف نحشد جهودنا فى صحراء ورمال ، مع أن الرؤية الواقعية و المتكامله هى أن العاصمة الادارية هى مستقبل مصر المشرق .
3- نظرة انسانية :-
خلال طريق الالام قابل السيد المسيح وهو فى طريقه يحمل صليبة فيرونيكا وهى فتاة كانت تبكى من شدة الحزن عليه واعطته منديل ليمسح الدم المتساقط من أكليل الشوك ، لوكنت واقفا فى هذا المشهد قد تستصغر عطيتها أو تستحقرها أمام هذا الالم المروع ، أما المسيح فقد طبع وجهه على المنديل، ليصير منديلها هو الوحيد فى العالم المطبوع عليه وجهه ، وبذلك رد لها رحمتها الكتاب المقدس يقول “لأَنِّي قُلْتُ: إِنَّ الرَّحْمَةَ إِلَى الدَّهْرِ تُبْنَى. السَّمَاوَاتُ تُثْبِتُ فِيهَا حَقَّكَ” (مز89:2) أن عالمنا اليوم يحتاج العين الانسانية ، بعد أن تقست قلوب البشر ، وضاعت الرحمة وسط عالم مملؤء بالكذب ، نحتاج أن نشعر بمن حولنا ونقدم يد المساعدة مهما كانت بسيطة وعلى مر العصور تتكرر نظرة ورؤية الانسان لنفسه ، فبنى الانسان برج بابل ظنا منه أنه بهذا البرج لن يستطيع الله محوه من الارض ، فلا يهلك مرتين ، وهى نظرة سلبيه غير حقيقية ، ثم يبنى أسوار حول مدينته ليحصن نفسه مثلما فعل شعب أريحا ، فتنهدم الأسوار بمجرد الالتفاف حولها سبع مرات ، ثم يذبح هيرودس اطفال بيت لحم لكى يحافظ على كرسية ولا ينجح ، … هكذا فكر الانسان وهكذا رأى حياته ونرى هذا جلياً من خلال شخصيات وأحداث الصليب والقيامة ، فنجد أمثلة لأفراد نظروا نظرات ايجابية وسلبية لنفس الحدث منها :
يهوذا الاسخريوطى ويوحنا الحبيب: هما تلميذان للسيد المسيح قضوا معه ثلاث سنوات فكانوا شهودا على أحداث حياته ومعجزاته وتعاليمه ، كانوا ملاصقين له ولكن كانت لديهم عيون مختلفة ، اذ رأه يوحنا الحبيب كسيد ومعلم ورب ، ترك كل شئ وتبعه ، علم أنه هو المسيا المنتظر وكانت متعته هى ان يسند رأسه على صدر معلمه ، أما يهوذا فنظر إلى معلمه كأنه كنز من المال ، كان مسؤول الصندوق ويقيم كل أنسان بحسب كم سيعطيه ، لذا كانت له نظره مادية للامور ، وفى يوم تسليم السيد المسيح لليهود ، قيم يهوذا سيده بثلاثين من الفضة أما يوحنا فذهب معه حتى داخل المحاكمات ولم يتركه والنتيجة ظهرت على الصليب اذ أَمن المسيح أمه عند يوحنا الحبيب، أما يهوذا فذهب وشنق نفسه .
اللصين الشمال واليمين : انهم لصوص أستحقوا ان يحكم عليهم بالموت على خشبه بحسب الشريعة اليهودية وصلب واحد عن يمين المسيح وأخر عن شماله .. لم يقابلوه من قبل ، لم يعيشوا معه أو يعرفوه ، أما عن نظراتهم فكانت مختلفه تماما ، اللص الشمال كان يسخر منه ويجدف عليه ووصل حتى انه لعنه و قال “وَكَانَ وَاحِدٌ مِنَ الْمُذْنِبَيْنِ الْمُعَلَّقَيْنِ يُجَدِّفُ عَلَيْهِ قَائِلًا: «إِنْ كُنْتَ أَنْتَ الْمَسِيحَ، فَخَلِّصْ نَفْسَكَ وَإِيَّانَا!»” (لو23: 39) أما اللص اليمين كانت له نظره أخرى ” فَأجَابَ الآخَرُ وَانْتَهَرَهُ قَائِلًا: «أَوَلاَ أَنْتَ تَخَافُ اللهَ، إِذْ أَنْتَ تَحْتَ هذَا الْحُكْمِ بِعَيْنِهِ؟أَمَّا نَحْنُ فَبِعَدْل، لأَنَّنَا نَنَالُ اسْتِحْقَاقَ مَا فَعَلْنَا، وَأَمَّا هذَا فَلَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ».(لوقا 23: 40) نفس الموقف ونفس الاشخاص ونفس الاحداث ولكن لكل منهم نظرة خاصة ، وبحسب نظرته تأتى أفعله ، أحدهم تهكم لعن جدف ، أستصغر المسيح، أما الاخر فرأى نفسه مذنبا ، مصلوب عن أستحقاق، لكن بجانب رب وسيد الكون، لذا فتح فمه قائلا للمسيح : «اذْكُرْنِي يَا رَبُّ مَتَى جِئْتَ فِي مَلَكُوتِكَ» أما النتيجه فكانت فى أجابة السيد المسيح على اللص اليمين اذ اجابه قائلا “ «الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنَّكَ الْيَوْمَ تَكُونُ مَعِي فِي الْفِرْدَوْسِ».(لوقا 23: 43) فكسب الدخول الى الفردوس لانه نظر وراى الحق أما الاخر فحوكم عن أستحقاق ونال العذاب الارضى والابدى .
بيلاطس الوالي وزوجته : توجه رؤساء الكهنه والكتبه بالمسيح الى بيلاطس ليشتكوا عليه وكانوا يحاولون الصاق كمية من التهم عليه “فوقف يسوع أمام الوالي فساله الوالي قائلا اانت ملك اليهود فقال له يسوع أنت تقول و بينما كان رؤساء الكهنة و الشيوخ يشتكون عليه لم يجب بشيء”( مت 27 :12) وسمع بيلاطس الشكوى وسمع كلام المسيح وكان يجب ان يتخذ القرار انه برئ او مذنب ، وهنا تدخلت زوجته مت 27 :19 “و إذ كان جالسا على كرسي الولاية ارسلت إليه امراته قائلة اياك و ذلك البار لأني تالمت اليوم كثيرا في حلم من اجله” هى تراه بار وبرئ ، واليهود يرونه مذنب ومجدف ،أما بيلاطس فلم يرى سوى كرسيه ، ولكى يستمر على كرسيه ولكى يكسب اليهود كان قراره “مت 27 :26 حينئذ اطلق لهم باراباس (اللص) و اما يسوع فجلده و اسلمه ليصلب”
توما الرسول ومريم المجدلية : بعد الصلب كان سبت وكانت عاده اليهود أن يستريحوا فيه ، وفى فجر الاحد أنطلقت النسوة حاملات الطيب ليكفن الجسد ولكنهم وجدوا القبر فارغا وظهر لهن ملاكان وقالا “لماذا تطلبن الحى بين الاموات؟” وحزنت مريم المجدلية “فَنَظَرَتْ يَسُوعَ وَاقِفًا، وَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّهُ يَسُوعُ.قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «يَا امْرَأَةُ، لِمَاذَا تَبْكِينَ؟ مَنْ تَطْلُبِينَ؟» فَظَنَّتْ تِلْكَ أَنَّهُ الْبُسْتَانِيُّ، فَقَالَتْ لَهُ: «يَا سَيِّدُ، إِنْ كُنْتَ أَنْتَ قَدْ حَمَلْتَهُ فَقُلْ لِي أَيْنَ وَضَعْتَهُ، وَأَنَا آخُذُهُ». كان موقف عظيم ، لم تكن تتوقع أنه قام وأن حزنها سيتحول الى فرح ، حينئذ ” قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «يَا مَرْيَمُ» فَالْتَفَتَتْ تِلْكَ وَقَالَتْ لَهُ: «رَبُّونِي!» الَّذِي تَفْسِيرُهُ: يَا مُعَلِّمُ.” ومن مجرد ندائه لها أمنت أن معلمها ومسيحها قد قام ، أما توما فقد سمع من المريمات أن المسيح قد قام ثم عند عودة تلميذى عمواس سمع كيف ظهر لهم المسيح مفسرا وشارحا كيف ينبغى له أن يتألم ويصلب وفى اليوم الثالث يقوم ولكنه لم يؤمن اذ قال : «إِنْ لَمْ أُبْصِرْ فِي يَدَيْهِ أَثَرَ الْمَسَامِيرِ، وَأَضَعْ إِصْبِعِي فِي أَثَرِ الْمَسَامِيرِ، وَأَضَعْ يَدِي فِي جَنْبِهِ، لاَ أُومِنْ».( يوحنا 20: 25) “وَبَعْدَ ثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ (من القيامة )كَانَ تَلاَمِيذُهُ أَيْضًا دَاخِلًا وَتُومَا مَعَهُمْ. فَجَاءَ يَسُوعُ وَالأَبْوَابُ مُغَلَّقَةٌ، وَوَقَفَ فِي الْوَسْطِ وَقَالَ: «سَلاَمٌ لَكُمْ!».ثُمَّ قَالَ لِتُومَا: «هَاتِ إِصْبِعَكَ إِلَى هُنَا وَأَبْصِرْ يَدَيَّ، وَهَاتِ يَدَكَ وَضَعْهَا فِي جَنْبِي، وَلاَ تَكُنْ غَيْرَ مُؤْمِنٍ بَلْ مُؤْمِنًا».28 أَجَابَ تُومَا وَقَالَ لَهُ: «رَبِّي وَإِلهِي!».(يوحنا 20: 26) نفس النداء على لسان مريم المجدليه وتوما الرسول لكن مريم أمنت من مجرد سماع أسمها أما توما فلم يؤمن الا بعد أن وضع يده فى أثر الحربة والمسمار جميعنا لنا هذة النظرة منا من ينظر بأيجابية أو بسلبية ، ومنا من ينظر نظرة متكاملة أو ناقصة ، ومنا من يحول كل السلبيات الى ايجابيات أما السيد المسيح بالقيامة أشرق علينا بنوره وحول ظلمتنا الى نور وحول عيوننا من الارض إلى السماء ، وحول قلوبنا من أشتهاء الارضيات إلى أشتهاء السماويات ، وأصبح لنا النظرة الايجابية المتكاملة ، وليست نظرة الخوف أو القلق أو السلبية اننا نعيش أفراح القيامة ونطلب من الله أن يعطينا عين أيجابية للحياة.
قداسة البابا تواضروس الثاني
المزيد
02 مايو 2025
“قوة محبة المسيح”
المسيح قام بالحقيقة قام … نحتفل هذا العام بعيد قيامة السيد المسيح، فى وسط عالم ملىء بالحروب والصراعات، عالم يبحث عن مصالحه الشخصية، ولا يبحث عن الآخر، عالم فرغ قلبه من الحب ويتباهى بالقوة. «القوة « من الكلمات المبهرة فى الحياة الإنسانية، وهى كلمة واسعة المعانى وعديدة الأبعاد والمجالات.. فهناك قوة العلم والمعرفة والمعلومات.. وهناك قوة المال والثروة والكنوز.. وهناك قوة البدن والصحة والعضلات.. وهناك قوة الفكر والأدب والفلسفات.. وهناك قوة النسك والزهد والتقشف.. وهناك قوة السيطرة والاستحواذ والتحكم.. وغير ذلك كثير ونوعيات.. ربما يصعب حصرها.. وذات يوم تساءلت: ما هى أعظم قوة فى حياة الفرد؟!.. أو حياة المجتمع؟!.. أو حياة الشعوب؟!
وشغلنى السؤال وأنا أقرأ فى كتب التاريخ وقصص الزمان، ووجدت أن كل أنواع «القوة» تظهر على مسرح الزمان وتستمر وقتًا ثم تنتهي. وهكذا كانت الممالك والإمبراطوريات الكبيرة والجيوش العتيدة.. وهكذا كان الملوك والأباطرة والطغاة، ومن كان ديكتاتورًا فى زمنه وانقضى ومن كان متميزًا ومشهورًا فى جيله وانتهى.. ومن صار علامة فى حياة البشر إيجابًا أو سلبًا.. حتى إن سليمان الحكيم يقول فى سفر الجامعة: «بَاطِلُ الأَبَاطِيلِ، الْكُلُّ بَاطِلٌ.. مَا الْفَائِدَةُ لِلإِنْسَانِ مِنْ كُلِّ تَعَبِهِ الَّذِى يَتْعَبُهُ تَحْتَ الشَّمْسِ؟» (1: 2، 3) ويظل التساؤل: ما هى أعظم قوة فى حياة الإنسان؟ وما هى هذه القوة التى تحمى الإنسان من السقوط فى الخطأ؟!
إنها قوة المحبة التى يسكبها الله على الإنسان فى صورة الغفران من الخطايا والذنوب، ويأخذها الإنسان ليقدمها إلى أخيه الإنسان فى صورة التسامح، والمسامحة، أمام الإساءات والتعديات الكثيرة. وقبيل صعود السيد المسيح إلى السماء بعد قيامته ظل أربعين يومًا يظهر لتلاميذه قائلاً: «هكَذَا كَانَ يَنْبَغِى أَنَّ الْمَسِيحَ يَتَأَلَّمُ وَيَقُومُ مِنَ الأَمْوَاتِ فِى الْيَوْمِ الثَّالِثِ، وَأَنْ يُكْرَزَ بِاسْمِهِ بِالتَّوْبَةِ وَمَغْفِرَةِ الْخَطَايَا لِجَمِيعِ الأُمَمِ…» (لو 24: 46، 47).
أمام الخطايا يظهر إله الغفران المحب: «إِلهٌ رَحِيمٌ وَرَؤُوفٌ، بَطِيءُ الْغَضَبِ وَكَثِيرُ الإِحْسَانِ وَالْوَفَاءِ حَافِظُ الإِحْسَانِ إِلَى أُلُوفٍ غَافِرُ الإِثْمِ وَالْمَعْصِيَةِ وَالْخَطِيَّةِ وَلكِنَّهُ لَنْ يُبْرِئَ إِبْرَاءً» حتى إن موسى النبى يصلى ويقول: «إِنَّهُ شَعْبٌ صُلْبُ الرَّقَبَةُ وَاغْفِرْ إِثْمَنَا وَخَطِيَّتَنَا وَاتَّخِذْنَا مُلْكًا» (خروج 34: 6-9). إن الإنسان يعيش فى عالم ملىء بالجروح والمشاعر السلبية والإساءات التى تصيبه من الآخرين، وتكون النتيجة هى إصابته بمشاعر المرارة والغضب والقلق والخوف والظلم والاكتئاب والانتقام وكل هذه الجروح والمواقف تسبب له حالة إحباط نفسى يختلف من وقت لآخر. وهذا يؤثر على جسده ونفسه وروحه وبالتالى على سلوكياته وتصرفاته سواء فى البيت أو الكنيسة أو المجتمع وتنشأ عنده حالات الكراهية واليأس والانطواء وغياب الفرح مع أعراض أخرى مدمرة قاسية.. ولا يجدى مع ذلك النسيان أو الإنكار أو الابتعاد.. ويقف الإنسان حائرًا ماذا يفعل؟!
والإجابة هى بتقديم المحبة للكل ومسامحة الكل. إن قوة المحبة من خلال التسامح هى المنقذ الوحيد للخروج من هذه المشاعر السلبية، التى شعرت فيها النفس بالإيذاء العميق. ومعروف أن الشريعة فى العهد القديم لا تقتصر على وضع حد للانتقام «عَيْنًا بِعَيْنٍ» (خروج 21: 23) ولكنها أيضًا تنهى عن بغض الأخ لأخيه، كما تحرم الانتقام والحقد نحو القريب (لاويين 19: 17-18). وقد تأمل ابن سيراخ الحكيم فى هذه التشريعات واكتشف الرابطة التى تربط بين غفران الإنسان لأخيه وبين الغفران الذى يلتمسه الإنسان من الله: «…اِغْفِرْ لِقَرِيبِكَ ظُلْمَهُ لَكَ فَإِذَا تَضَرَّعْتَ تُمْحَى خَطَايَاكَ..» (سيراخ 28: 2) والقاعدة واضحة جدًا أمام الإنسان؛ أن الله لا يمكن أن يغفر لمن لا يغفر لأخيه. ومن أهمية ذلك أن السيد المسيح وضع هذه القاعدة فى الصلاة الربانية التى نرددها كل يوم حتى لا ننساها.. إن مسامحة أخيك شرط طلب الغفران الإلهى (لوقا 11: 4؛ متى 18: 23). ولذا نجد السيد المسيح يفرض على بطرس الرسول ألا يمل من الغفران (متى 18)، ونقرأ أن إستفانوس الشماس الأول مات وهو يغفر لراجميه (أعمال 7: 10) لأن الذى «يحب» عليه أن يعى أن هناك فعلين يعملهما: أن يسامح وأن ينسى أى إساءة. إن الإنسان المسيحى يجب أن يغفر دائمًا ويغفر بدافع المحبة أسوة بالمسيح (كولوسى 3: 13) ولا يقاوم الشر إلا بالخير (رومية 12: 21). إن السيد المسيح لم يدع الخطاة إلى التوبة والإيمان فقط، بل أعلن أنه لم يأتِ إلا ليشفى ويغفر. وهو ما ظهر جلياً وقت الصلب وهو أصعب لحظات حياة السيد المسيح على الأرض، فقد قدم لنا قوة محبته التى جاء ليظهرها لكل الإنسانية، تجلت من خلال غفرانه للكل، لقد ظهر فى الجسد واهنا ضعيفا مرذولا، ولكنه كان أقوى من جميع البشر حين قال: «يا أبتاه اغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون» (لو23: 34) ، لقد كان قصد السيد المسيح الأول هو إظهار محبة الله للبشر وقد ظهرت من خلال الصليب المقدس إن مقابلة الخير بالخير هى عمل إنساني، ومقابلة الخير بالشر هى عمل شيطاني، أما مقابلة الشر بالخير فهى عمل إلهي. فالغفران عمل صعب على البشر لأنه ليس من طبيعتهم، ولكنه يحتاج قوة إلهية خاصة نابعة من المحبة التى سكبها الله فى قلب الإنسان المسيحى (رومية 5: 5)، وبها يغفر ويسامح ويغسل قلبه ونفسه من الإساءة ومن المرارة، ولذا نصلى يوميًا: «قَلْبًا نَقِيًّا اخْلُقْ فِيَّ يَا اَللهُ، وَرُوحًا مُسْتَقِيمًا جَدِّدْ فِى أحْشَائِي» (مزمور 50).
لقد قدم السيد المسيح غفرانه للجميع، أفرادا كانوا أو حشودا من الجماهير:
قدم محبه للخطاة: خلال مدة خدمة السيد المسيح على الأرض قابل خطاة لم يحبهم أحد وكانوا عطاشى إلى المحبة، منهم المرأة الزانية التى أحضرها إليه اليهود «فقَدَّمَ إِلَيْهِ الْكَتَبَةُ والْفَرِّيسِيُّونَ امْرَأَةً أُمْسِكَتْ فِى زِنًا»، وقالوا له إن موسى أمر برجم الزوانى (تث 17: 5، 6)، فماذا يقول هو. «قَالُوا هذَا لِيُجَرِّبُوهُ، لِكَيْ يَكُونَ لَهُمْ مَا يَشْتَكُونَ بِهِ عَلَيْهِ. «أما السيد المسيح فقد تجاهلهم وبدأ يكتب على الأرض بإصبعه، وعندما ألحّوا عليه قال لهم: «مَنْ كَانَ مِنْكُمْ بِلاَ خَطِيَّةٍ فَلْيَرْمِهَا أَوَّلًا بِحَجَرٍ»، فبكتتهم ضمائرهم وابتدأوا ينسحبون الواحد وراء الآخر، وهنا نظر إليها السيد المسيح قائلا «يَا امْرَأَةُ، أَيْنَ هُمْ أُولئِكَ الْمُشْتَكُونَ عَلَيْكِ؟ أَمَا دَانَكِ أَحَدٌ؟»، فأجابته بالنفي، «وَلاَ أَنَا أَدِينُكِ. اذْهَبِى وَلاَ تُخْطِئِى أَيْضًا» (يو 8: 7).
قدم تسامحا مع عشار: اذ كانت فئة العشاريين الذين يحصلون الضرائب من الشعب، فئة مكروهة من الجميع، وكان زكا رئيس العشارين يطلب أن يرى السيد المسيح، وعندما علم أنه مجتاز من أريحا، ذهب إلى الطريق ولكن لقصر قامته لم يستطع بسبب الازدحام الشديد،» فَرَكَضَ مُتَقَدِّمًا وَصَعِدَ إِلَى جُمَّيْزَةٍ لِكَيْ يَرَاهُ، لأَنَّهُ كَانَ مُزْمِعًا أَنْ يَمُرَّ مِنْ هُنَاكَ. فَلَمَّا جَاءَ يَسُوعُ إِلَى الْمَكَانِ، نَظَرَ إِلَى فَوْقُ فَرَآهُ، وَقَالَ لَهُ: «يَا زَكَّا، أَسْرِعْ وَانْزِلْ، لأَنَّهُ يَنْبَغِى أَنْ أَمْكُثَ الْيَوْمَ فِى بَيْتِكَ» وأمام هذه المحبة، وَقَفَ زَكَّا وَقَالَ لِلرَّبِّ: «هَا أَنَا يَا رَبُّ أُعْطِى نِصْفَ أَمْوَالِى لِلْمَسَاكِينِ، وَإِنْ كُنْتُ قَدْ وَشَيْتُ بِأَحَدٍ أَرُدُّ أَرْبَعَةَ أَضْعَافٍ». فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «الْيَوْمَ حَصَلَ خَلاَصٌ لِهذَا الْبَيْتِ» وبهذه المحبة قدم الله غفرانا لزكا. (لو19).
قدم غفرانا لجموع هتفت اصلبه تصلبه: كانت الجموع وقبل الصلب بأيام قليلة وعند دخوله أورشليم تهتف له أوصنا لتبن داود مبارك الآتى باسم الرب، متوهمة أنه ملك أرضى، سوف ينقذهم من الرومان، الذين كانوا حكامهم فى ذلك الزمان، ولكن حينما اكتشفوا أنه لن يحكم بلادهم، لكنه يريد توبة ويملك غفرانا، ولن يجزل المال لهم، تغيرت المشاعر ونفس الجموع وأمام بيلاطس البنطى صرخوا اصلبه اصلبه دمه علينا وعلى أولادنا، أما هو فقد قدم ذاته على الصليب فداء عن هؤلاء الذين أرادوا قتله.
كما قدم أيضا غفرانا لأفراد ..منهم تلميذ أنكر: ففى أثناء القبض على السيد المسيح فى بستان جثيمانى، هرب تلاميذه، لكن تبعه إلى دار الولاية يوحنا وبطرس الرسولان، أما بطرس فقد كان ينظر من بعيد، ولأنه جليلى ولغته مختلفة عن سكان أورشليم عرفه الخدم من لغته وأشارت جارية عليه قائلة: وَأَنْتَ كُنْتَ مَعَ يَسُوعَ الْجَلِيلِيِّ»! فَأَنْكَرَ قُدَّامَ الْجَمِيعِ قَائِلًا: «لَسْتُ أَدْرِى مَا تَقُولِينَ»! ثُمَّ إِذْ خَرَجَ إِلَى الدِّهْلِيزِ رَأَتْهُ أُخْرَى، فَقَالَتْ لِلَّذِينَ هُنَاكَ: «وَهذَا كَانَ مَعَ يَسُوعَ النَّاصِرِيِّ»! فَأَنْكَرَ أَيْضًا بِقَسَمٍ: «إِنِّى لَسْتُ أَعْرِفُ الرَّجُلَ!» (مت26: 73)، لكنه بعد القيامة وحين قابله سأله سؤال واحد وكرره ثلاث مرات «أتحبنى» وأجاب بطرس فى خجل نعم يا رب انت تعلم أنى أحبك، وهنا لم يعاتب السيد المسيح عما مضى بل قال له غافرا كل ما صنعه «ارع خرافى».
وقدم غفرانا للص مصلوب عن يمينه: حين قال له: «اذكرنى يا رب متى جئت فى ملكوتك» وكانت إجابة السيد المسيح سريعة وفورية «اليوم تكون معى فى الفردوس» لقد غفر السيد المسيح للجميع، لمن جلده ومن اقتسم ثيابه، لمن صلبه ومن أمر بصلبه، غفر بقوة لكل من أساء إليه.
يا صديقي: أن تسامح الإنسان الآخر الذى أساء إليك هو قرارك بإرادتك ورغبتك واختيارك.. ولكن اعلم أن مكسبك كبير للغاية وهو الحصول على قدر أكبر من الرحمة الإلهية والشفاء الداخلى الذى تحتاجه فى حياتك الحاضرة والآتية أيضًا. لتكن صلاتك: أعطنى يا رب طاقة تسامح وغفران لكل من أساء إليَّ.. املأ قلبى بمحبتك فأستطيع أن أحب حتى الذين أساءوا إليَّ فى مشوار حياتي. لا تدعنى أحمل ضغينة ضد أى أحد.. علمنى أن أسامح وأن أغفر وأن أحب رغم الضعف والفكر والميول القلبية الشريرة التى تحاربنى وتبعدنى عن طاعة وصيتك الغالية «اِغْفِرُوا يُغْفَرْ لَكُمْ» (لوقا 6: 37) وفى هذه المناسبة أهنئ كل الشعب المصرى بفترة الأعياد التى نمر بها الآن، كما أشكر فخامة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى على تهنئته الرقيقة وكذلك السيد المستشار رئيس مجلس النواب والسيد المستشار رئيس مجلس الشيوخ والسيد الدكتور رئيس مجلس الوزراء والسادة الوزراء والقوات المسلحة والشرطة الوطنية وجميع المسئولين الكرام على ارض مصر، الذين قدموا لنا التهنئة القلبية، ونصلى أن يديم الله المحبة، كما نرفع قلوبنا مع صلواتنا لكى يوقف الله كل صراع فى كل مكان فى العالم ويحل الهدوء والسلام على الأرض وفى القلوب، وكل قيامة وأنتم جميعا بخير وفرح وسلام.
قداسة البابا تواضروس الثاني
المزيد
25 أبريل 2025
مائة درس وعظة (٤٤)
قيامة المسيح "فرحتى بك"
"استيقظ أيها النائم وقم من الأموات فيضيء لك المسيح"
(اف ١٤:٥)
"عيد القيامة" هو عيد أعيادنا، وفرح أفراحنا، وبهجة حياتنا العامود الرئيسي في مسيحيتنا وكنيستنا وكرازتنا.
مشاهد القيامة
المشهد الأول: الخروج من القبر
١- النصرة على الموت
المسيح قام بقوة لاهوته وخرج من القبر ولم يكن للموت سلطان عليه، وفي هذه القيامة نسميه البكر "استيقظ أيها النائم وقم من الأموات فيضئ لك المسيح،"(أف ٥ : ١٤)
كلمة "الموتى" لها معان كثيرة منها:
أ- أموات في الفكر
مثال لذلك "شاول الطرسوسي" فقد كان إنساناً يعتقد أن ما يصنعه خدمة لله لكن في لحظة معينة عندما ظهر له السيد المسيح في طريق دمشق اكتشف أن هذا لم يكن الطريق الصحيح، تغير وانطلق للخدمة وللعمل وللنشاط كعملاق للكرازة.
ب- أموات في الروح
مثل "زكا" الذي كان يظن أن سعادته في المال وعندما تقابل مع السيد المسيح ابتدأ يرى رؤية جديدة أول فعل صنعه أعطى نصف أمواله للمساكين ثاني أفعاله "إن كنت قد وشيت بأحد أرد أربعة أضعاف "(لو ۸:۱۹) وقام زكا وتحول من خاطئ وجشع إلى مبشر باسم السيد المسيح.
ج- أموات في القلب
قلبه ميت لا يوجد فيه إحساس بخطاياه أقرب مثال هو "مريم المجدلية" فقد كانت إنسانة خاطئة، وهذه الإنسانة احتلها عدو الخير، وعندما تقابلت مع السيد المسيح أخرج منها سبعة شياطين فتحولت إلى إنسانة خادمة ومبشرة، فقد نقلت أخبار القيامة كأول مبشرة بقيامة ربنا يسوع المسيح.
عيد القيامة فرصة لكي يقوم الإنسان من ای شيء يقيده فرصة للفرح.
٢- النصرة على الشيطان
أراد الشيطان أن يقتنص الإنسان من الله ولكن بالقيامة استرد الله الإنسان ووهب لكل إنسان يؤمن بالصليب أن ينال نصيبه في خلاص وفداء دم ربنا يسوع المسيح.
٣- النصرة على الخطية
كلمة الخروج من القبر بالمعنى الرمزي هى الخروج من قبر الخطايا . فالخطية مثل القبر "استيقظ أيها النائم وقم من الأموات فيضي لك المسيح" (أف ٥ :١٤) قم من الأموات تعنى قم من قبر الشهرة من قبر الخطية "أين شوكنك يا موت أين غلبك يا هاوية؟" (اكو ٥٥:١٥))
المشهد الثاني: ارتفاع نحو السماء
١- فوق الجاذبية: بعد الخروج من القبر ظهر السيد المسيح ظهورات عديدة عبر الأربعين يوماً إلى احتفالنا بعيد الصعود المجيد "ارتفاع نحو السماء" بمعنى ارتفاع الإنسان نحو السماء، قيامة السيد المسيح كانت ضد الجاذبية الأرضية، والأرض لم يكن لها تأثير عليه والإنسان أيضاً يسمو للسماء.
٢- فوق المعوقات: السيد المسيح في قيامته لم يعطله شئ لا أكفان ولا ظلام ولا خوف ولا حجر كبير ولا أي شيء.
٣-حنين إلى الأبدية: هذا معناه أن الإنسان ليس فقط أن يترك الخطية، بل ينبغي أن يشتاق إلى فوق "لى اشتهاء أن انطلق وأكون مع المسيح ذاك أفضل جدا" (فى١ :٢٣) هذا الاشتياق يكون على الأرض إنسان عنده باستمرار فضيلة الحنين للأبدية
المشهد الثالث الكرازة وفرحة القيامة
١- الفرح الخادم: تذوق القيامة سبب فرح للإنسان "ففرح التلاميذ إذ رأوا الرب" (يو ٢٠:٢٠)، لذلك يبدا الإنسان ينقل هذا الفرح ويعبر عنه لكل أحد فهناك من يعبر عنه بأن يقدم وقتاً أو جهداً أو فكراً أو مالاً أو رؤية للعمل والخدمة وللكرازة . فكل هذه مظاهر لفرحة الإنسان بقيامة ربنا يسوع المسيح.
٢- الفرح الملتهب: عندما ظهر لتلميذي عمواس "لوقا وكليوباس" لم يدركا المسيح القائم، ولكن بعد أن تركهما وبعد كسر الخبز، قالا" ألم يكن قلبنا ملتهبا فينا" (لو ٣٢:٢٤) أي أننا كنا نشعر بمشاعر معينة في حضور السيد المسيح، ولكننا لم نعرف كيف نعير عنها.
٣- الفرح الدائم: كلنا نعلم اننا نحتفل بعيد القيامة لمدة خمسين يوماً وهذه الخمسون يوما نعتبرها خمسين يوم أحد ونعيش في فكر القيامة في كل يوم في الصباح عندما نصلى صلاة باكر، وفكر القيامة نعيشه في كل أسبوع في يوم الأحد "هذا هو اليوم الذي صنعه الرب"( مز ۱۱۸ :٢٤)، وفي كل شهر قبطي في يوم ٢٩ تذكاراً للقيامة، وفي كل سنة في فترة الخمسين المقدسة.
قداسة البابا تواضروس الثانى
عن كتاب صفحات كتابية
المزيد
20 أبريل 2025
الرسالة البابوية لعيد القيامة المجيد
باسم الآب والابن والروح القدس الإﻟﻪ الواحد آمين ﺗﺤل علينا نعمته ورﺣﻤته من الآن وإﻟﻰ الأبد آمين.
إخرستوس آنيستى، أﻟﻴثوس آنيستى اﻟﻤسيح قام، حقًا قام.
أھنئُكم أیھا الأحباءُ بعیدِ القیامةِ المجید أھنئُ كلَ الكنائسِ والأدیرة القبطیة الأرثوذكسیة في قارات العالم: في أفریقیا وآسیا وأوروبا وأمریكا الشمالیة وأمریكا الجنوبیة وأیضًا في قارة أسترالیا وفي مدینة إلھِنا العظیم أورشلیم. أھنئُكم بھذا العید الذي نحتفلُ به بعد أن صمنا ھذا الصوم الكبیر، الصوم المقدس. وھو الصومُ الذي فیه نسكیاتٌ وفیه حیاةٌ روحیة، نمتلئ ونشبع بھا وعندما نأتي إلى القیامةِ وإلى فجرِ القیامةِ تأتي أمامَنا مشاھدٌ كثیرة من ھذه المشاھدِ مشھدُ المریمات وھن یحاولن أن یقدمن الأطیاب ولكن كان یشغلھن ھذا السؤال، من یدحرجُ لنا الحجرَ (مرقس ۱٦: 3)؟
وھذا السؤالُ لیس من عند المریمات فقط ولكنه یواجھنا في حیاتنا الیومیة نواجه موضوعاتٍ كثیرة ومواقفَ كثیرة في حیاة كلِ واحدٍ فینا،وأحیانًا یبقى ظاھرًا في حیاتنا حجرٌ ھذا الحجرُ یمكن أن یكون الخطیة ممكن أن یكون الكسل،ممكن أن یكون الانشغال الزائد بالعمل، ممكن أن یكون ذات الإنسان، ممكن أن یكون الأولویات
وترتیبھا من یدحرجُ لنا الحجر؟ الحجرُ ھنا یمثل صعوبةً أمامَ الإنسان من سیحركھا؟ طبعًا واضحٌ لنا أن
المریمات كن نساءً وقفن أمامَ حجرٍ كبیرٍ كان یسدُ بابَ القبرِ، ولم یكن بسھولة أن یحركنه فكان یسببُ مشكلة ونحن في حیاتِنا الیومیة نواجه مشكلاتٍ كثیرة ویأتي السؤالُ: من یدحرجُ الحجر؟ من یحِلُ المشكلة؟
من یزیلُ ھذه الصعوبة؟ من یفتحُ الطریقَ المسدود؟
أذكَّركم بالشاب الغني (مرقس ۱۰: 17-22) الشاب الغني الذي عاش وذھب لیسألَ المسیحَ سؤالاً جمیلاً
جدًا وقال "مَاذَا أَعْمَلُ لأَرِثَ الْحَیَاةَ الأَبَدِیَّةَ؟" سؤالٌ رائع شابٌ یبحث عن أبدیته وبعدما شرحَ له المسیحُ
أن یحفظَ الوصایا، قال له "ھَذِهِ كُلُّھَا حَفِظْتُھَا مُنْذُ حَدَاثَتِي" فقال له "یُعْوِزُكَ أَیْضاً شَيْءٌ وَاحِدٌ"باقٍ خطوة واحدة ما ھي الخطوة الباقیة؟ "اذْھَبْ بِعْ كُلَّ مَا لكَ وَأعَطِ الْفقُرَاءَ فَیَكُونَ لكَ كَنْزٌ فيِ السَّمَاءِ وَتَعَالَ اتْبَعْنِي حَامِلاً الصَّلِیبَ". یقول لنا الكتاب: "فَلَمَّا سَمِعَ الشَّابُّ الْكَلِمَةَ مَضَى حَزِینًا" (متى ۱۹: 22) كان ھناك حجرٌ أمامَه، وھذا الحجر لم یستطع أن یتخطاه كان غناه ھو الحجر. ویمكن أن أذكِّرُكم بمثل الفریسي والعشار (لوقا ۱۸: 9-14) عندما دخلا للصلاة، الفریسي وقفت أمامه الذات. الذاتُ وإحساسٌ بأنه ھو الأفضل. أما الرجلُ العشار فخرج مُبَررًا،لأنه قال عبارةً واحدةً: "اللھُمَّ ارْحَمْنِي أَنَا الْخَاطِئَ"(لوقا ۱۸: 13) من یدحرجُ لنا الحجر؟
النقطة الثانیة: المریمات بالرغم من أن السؤال شغلْھن وكانت ھناك صعوبةٌ قدامھن، لكن –في الحقیقة- كان عندھن اجتھادٌ، وكان عندھن جھاد ماذا فعلن؟ أعددن الحنوطَ وابتدأن یحضِّرن أنفسَھن وابتدأن یَخْرُجْن ویمشین في الفجر مبكرًا(مرقس ۱٦: 1) لكي یذھبن ویضعن ھذه الحنوط على جسدِ المسیحِ الذي ماتَ على عودِ الصلیب لكن كان عندھن شاغلٌ: من یرفعُ الحجر؟ ھذا السؤال لم یجعلھن یتعطلن. بل حفَّزَھن لیكون عندھن جھادٌ، وعندھن نشاطٌ، وعندھن أملٌ،وعندھن إیمانٌ قويٌ أن ھناك أشیاء ستحدث القدیس بولس الرسول یقول لنا أیةً جمیلةً إذ یقول "غَیْرَ مُتَكَاسِلِینَ فِي الِاجْتِھَادِ حَارِّینَ فِي الرُّوحِ عَابِدِینَ الرَّبَّ" (رومیة ۱۲: 11) وفي سفر الأمثال في العھد القدیم یقول "الرَّخَاوَةُ لاَ تَمْسِكُ صَیْدًا" (أمثال ۱۲: 27) فھذا یعني لو أنك أحضرتَ صنارةً ووضعتھا ھكذا من غیر أن تستعدَ لھا جیدًا، سوف لا تمسك ولا سمكة[واحدة]. في العھد القدیم یأتي أمامَنا موقفُ نحمیا وھو في الأسْرِ أو السبي. فقد أتت لنحمیا أخبار أن بلادَه أسوارُھا مھدومةٌ وأبوابُھا محروقة بالنار وبعد أن أخذ إذنَ الملكِ، ابتدأ یرجع لمدینتِه التي ھي أورشلیم ویحاول أن یبني ولیس لدیه أيُ إمكانیات، فبدأ یقولُ للساكنینَ على محیطِ السور أن یبني كلُ واحدٍ جزءً من السورِ الذي یقعُ أمامَ بیتِه(نحمیا ۳: 28) وابتدأوا یعملون كذلك. وقال لھم شعارًا قویًا إذ قال: "إِنَّ إِلَه السَّمَاءِ یُعْطِینَا النَّجَاحَ وَنَحْنُ عَبِیدُهُ نَقُومُ وَنَبْنِي" (نحمیا ۲: 20) یعني أن ھذا النجاح نأخذه من ربنا، ونحن سنقوم ونعمل رغم أن السورَ كان أمامه مھدومًا والأبواب محروقةَ بالنار. ربما كان نفس ھذا الموقف أیضًا مع العذارى الحكیمات (متى ۲٥: 1-13) فقداجتھدن وحضَّرن الزیتَ وحضَّرن المصابیحَ وانتظرن المسیحَ. سھرن، رغم أنھن لم یكنَّ یعرفن متى سیأتي المسیحُ العریس.
الخطوة الأولى: مَن یدحرجُ لنا الحجر؟ ھذه ھي
الصعوبة.
الخطوة الثانیة: الاجتھاد والجھاد.
الخطوة الثالثة: كانت خطوةً طیبة، وھي خطوةُ الحجر المرفوع. وھي یدُ ربنا عندما تعمل. وصلن إلى القبر وشاھدن الحجرَ مرفوعًا (مرقس ۱٦: 4)وأرجوكم أن تتخیلوا مشاعرھن، وفرحتھن الداخلیة بأن الحجر -الذي كان یمثل المشكلة والصعوبة-رفعه السیدُ المسیحُ وقامَ من بین الأموات. وجدن الحجرَ مرفوعًا والقبرَ فارغًا ویدَ الله قد عملت لأجل ذلك وأنتَ أمام أي صعوبة، اعرف أن یدَ ربنِا تعمل. في یوم من الأیام، وقبل القیامة بیومین، كان الصلیبُ یوم الجمعة، وعلى الصلیب صُلب السید المسیح وعن یمینه لصٌ وعن شماله لصٌ، لكي یُحسَب الجمیع كأنھم لصوص. واللصُ الیمین قال عبارةً جمیلة، وأعتقد أنه لم یكن یتوقع نتیجتَھا:
"اذْكُرْنِي یَا رَبُّ مَتَى جِئْتَ فِي مَلَكُوتِكَ" فكانت النتیجة: "الْیَوْمَ تَكُونُ مَعِي فِي الْفِرْدَوْسِ" (لوقا42:23-43) لقد قامَ المسیحُ لیُقیمَنا معه. لأجل ذلك أنت عندما تواجه صعوبة أو مشكلة، اجتھدْ وكنْ أمینًا واعرفْ أن یدَ الله تعملُ وستكون النتیجة مبھرةً بإیمانِك وبرجائِك.
أھنئُكم بھذا العید المجید. أھنئُ كلَ الآباء المطارنة والآباء الأساقفة والآباء الكھنة القمامصة والقسوس، أھنئُ الشمامسة والأراخنة والخدام والخادمات، وأھنئُ أیضًا كلَ أسرة قبطیة في كلِ كنیسة وفي أي مكانٍ، وأھنئُ الشبابَ والشاباتِ، وأھنئُ أیضا الفتیانَ والفتیات، وأھنئُ الأطفالَ والصغار. أھنئكم جمیعًا من أرض مصر ومن الكنیسة القبطیة الأرثوذكسیة، ھنا من الكاتدرائیة -كاتدرائیة مارمرقس- في العباسیة بالقاھرة، أرسلُ ھذه التھنئةَ إلى جمیعِكُم، وأرجولكم عیدًا مملوءً بالفرح والبھجة والشعور القوي الذي نشعرُ به في القیامة المجیدة التي نصلي بھا كل یوم في التسبحة ونقول: "قوموا یا بني النورِ لنُسبحَ ربَ القوات" إخرستوس آنيستى، أﻟﻴثوس آنيستى اﻟﻤسيح قام، حقًا قام.
قداسة البابا تواضروس الثاني
المزيد
04 أبريل 2025
مائة درس وعظة (٤٥)
ألقاب المسيح "انتظارى لك "
يدعي اسمه عجيباً، مشيراً، إلها قديراً، أباً أبدياً، رئيس السلام (إش ٦:٩)
الله أراد أن يعد العالم لاستقبال ميلاد السيد المسيح، وأحد هذه الوسائل في الرموز والنبوات
أولاً: الرموز
١- الأشخاص: مثل اسحق الذي كان يرمز لذبيحة الفداء.
٢- الأحداث: مثل العليقة في أيام موسى النبي التي ترمز لأحداث الميلاد ولأمنا العذراء.
٣- الأشياء: الحية النحاسية، والتي ترمز إلى الصليب.
ثانياً: النبوات
على سبيل المثال نقرأ في سفر إشعياء " لأنه يولد لنا ولد ونعطى ابناً، وتكون الرئاسة على كتفه ويدعى اسمه عجيباً، مشيراً، إلها قديراً، أبا أبدياً، رئيس السلام "(اش٩ :٦).
١- يولد لنا ولد:
وليد العذراء وليد المذود
٢- نعطى ابنا
لأنه ابن داود كما نقرأ في سلسلة الأنساب (مت١ :١-١٧) (لو ٢٣:٣-٣٨)
يدعى اسمه
هو الاسم الوحيد الذي لخلاص الإنسان "وليس بأحد غيره الخلاص،"(أع١٢:٤)، كما نقول في القداس "أسمك القدوس الذي نقوله. فلتحيا نفوسنا بروحك القدوس"
و"اسمه عجيباً" لأن اسم يسوع المسيح بالحقيقة هو اسم عجيب، وهذا الاسم جعل في تقليد الكنيسة صلاة اسمها "صلاة يسوع" أو الصلاة السهمية، وهذا الاسم له كل القوة وكل العمل.
ثالثاً: القاب السيد المسيح
اليهود كانوا يحبون رقم خمسة هو يرمز للقوة مثل قبضة اليد
١- عجيبا
صانع العجائب، عجيباً في توبة النفوس عجيباً في إضفاء الفرحة على كل نفس.
يقول داود النبي "أيها الرب ربنا ما أعجب اسمك في الأرض كلها،"(مز ۱:۸)
عجيباً لأنه جمع الألوهية مع الإنسانية الله لم يتكلم معنا من بعيد، لم يخلصنا من بعيد، لكنه جاء إلينا وهذا هو قمة امتياز المسيحية، فصار الإنسان قريباً جداً لله فلم يكن حب الله لنا عن بعد لكنه عن قرب فهو حب الاتحاد.
٢- مشيرا:
صاحب الرأي والمشورة، فهو لا يحتاج أن يستشير أحداً، فهو عجيب المشورة الكنيسة تعلمنا أن نقرأ الانجيل باستمرار لنأخذ مشورة، فمشورة الانجيل هى أهم مشوراتك اليومية.
٣- إلها قديرا:
القدير أو الجبار، صاحب القدرة
هذا اللقب خاص بالله وحده إلها قديراً صانع المعجزات معلم الإنسان.
٤- ابا ابديا:
الله هو أبونا بالحقيقة وإلى الأبد كل ما تشمله معاني الأبوة من رعاية وعناية وحماية. لذلك يحارب عدو الخير الإنسان بفكر أن الله تركه ولم يعد يحميه أو يرعاه .الله يكره الخطية لكنه يحب البشر.
٥- رئيس السلام:
رئيس تعنى "ملك " وملك تعنى "مصدر" الله هو رئيس السلام أي مصدر السلام، فلا تأخذ السلام إلا من المسيح ذاته كما قال لنا" سلاما اترك لكم سلامي اعطيكم ليس كما يعطى العالم أعطيكم انا".(يو٢٧:١٤).الذي يمنع السلام عن الإنسان هو خطية الإنسان.
إذا وضعت هذه الخمسة أمامك تشعر ببركات مجيء المسيح وتجسده من أجلك.
قداسة البابا تواضروس الثانى
عن كتاب صفحات كتابية
المزيد
28 مارس 2025
مائة درس وعظة (٦٩)
شخصيات في الظل
"كن أميناً إلى الموت فساعطيك إكليل الحياة"(رؤ ۲ : ۱۰)
مثلما توجد أسماء في الكتاب المقدس معروفة بالاسم، توجد أيضا أسماء في الظل لأشخاص صنعوا أموراً كثيرة، ولكن لا نعرف اسماءهم نهائيا مثل:
أولاً: أسماء غير مشهورة بين الناس ومعروفة عند الله
عندما نقرأ الكتاب المقدس نجد أسماء مشهورة وتأخذ مساحة كبيرة في الكتاب المقدس، ولكن أيضاً نجد أسماء مغمورة (غير مشهورة ) ولكن بالرغم من أنها غير مشهورة بين الناس أو على صفحات الكتاب المقدس فهي بعملها واثرها الكبير معروفة عند الله. فمثلا عندما نتكلم عن اسم مثل القديس بولس الرسول ستجده مكرراً كثيراً جداً، ومذكوراً في العهد الجديد، ومثل اسم موسى النبي نجده مكرراً ما يقرب من ٧٠٠ مرة في العهد القديم والجديد، وهناك أسماء مشهورة مثل بطرس الرسول ويوحنا وداود وهكذا.
ثانيا: أسماء ذكرها قليل ولكن عملها كبير.
نجد أسماء ذكرها قليل ولكن عملها كبير، وحتى هذه الأسماء الله اعطاها رسالة فبالرغم من أنها غير مشهورة إلا أن لها فعلاً كبيرا مثل امهات القديسين اللواتي أعطين ابناءهن لله، ونحن لا نعلم أسماءهن
ثالثا: اسماء قليلة الذكر ولكنها عظيمة الفعل.
بعض هذه الأسماء قليلة الذكر في الكتاب المقدس ولكنها عظيمة الأثر بالفعل فمثلا اذكركم بيرنابا الرسول الذي لم يأت ذكره في الكتاب المقدس إلا في عدة سطور، ولكن لولا برنابا ما وصلت الكنيسة إلى بولس الرسول وانضم إلى الإيمان وأصبح رسول الأمم. اسم آخر من الأسماء وهو مردخاي الذي ربي طفلة صغيرة أصبحت فيما بعد ملكة عظيمة وهي أستير لذلك اجتهد أن يكون عندك هذه الصفة وهي المسئولية اهتم بالمسئولية حتى ولو كانت صغيرة، وثق أن الله سيعوضك ويبارك تعبك وستفرح بالثمر الذي يمكن أن تقدمه لله مثلما فرح مردخای باستير ابنة عمه التي صارت ملكة، ونسميها "نجمة الشرق" في تاريخها العظيم لا يهم أن يكون للإنسان مكانة أو منصب من الممكن أن يكون غير معروف أو غير مشهور، ولكن هذا الاسم له عمل عظيم، المهم أن تكون لك أمانة الله والرب يقول في سفر الرؤيا "كن أمينا إلى الموت فساعطيك إكليل الحياة " (رؤ ١٠:٢) وهذه الآية تنطبق على مردخای تماما فبالرغم من انه سبي في بلاد غربية إلا انه لم يترك إيمانه. ولما أصبح مسئولاً عن استير لم يترك مسئوليته ورباها تربية جيدة وعلمها جيداً. ولما تعرض لمؤامرات كان ثابتاً على المبدأ، وكان لديه إحساس عال بالمسئولية لذلك نحن نعتبره بطلا من أبطال العهد القديم، رغم أن مساحة ذكر حياته في الكتاب القدس محدودة جداً.
قداسة البابا تواضروس الثانى
عن كتاب صفحات كتابية
المزيد