المقالات

19 يوليو 2024

نشكرك لأنك نعمة الحفظ

من أجمل الكلمات التي يمكن للإنسان أن يخاطب بها الله في نشكرك وحسب تقليد كنيستنا، فإن هذه العبارة هي المقدمة التعبدية التي تفتتح بها صلواتنا في كل المناسبات بعد أن تتلو الصلاة الربانية. نعمة الحفظ ارفع عينى إلى الجبال، من حيث ياتي عوني معونتي من عند الرب صانع السماوات والأرض لا يدع رجلك نزل. لا ينعس حافظك، إنه لا ينعس ولا ينام حافظ إسرائيل الرب حافظك الرب ظل لك عن يدك اليمنى لا تضربك الشمس في النهار، ولا القمر في الليل الرب يحفظك من كل شر. يحفظ نفسك. الرب يحفظ خروجك ودخولك من الآن وإلى الدهر (مز ۱۲۱) هذ المزمور يتكلم عن الحفظ بصورة جيدة، ويوضح كيف أن الله يحفظ الإنسان في كل وقت وكل مكان وفي كل لحظة من حياته، وستتكلم هنا عن مجالات حفظ الله للإنسان. أولاً : الله يحفظ الكون فالكون الذي تعيش فيه له نظام بديع ودقيق، فنستيقظ في الصباح المجد الشمس والحركة، ونجد بلادا بها ظلام في الوقت الذي يوجد فيه بلاد أخرى بها نهار وهكذا فالله يضبط الكون كله، فهو يضبط حركة الكواكب وحركة المجموعة الشمسية وحركة النجوم وحركة الأفلاك وإذا غفل الله ولو جزءا صغيرا من الثانية وهذا طبعا ليس من المنطق).فإن كل هذا سيتخبط معا لذلك فإن الله يضبط الزمن والوقت واليوم والشهر، فمثلاً يحتفل الإنسان بعيد ميلاده في يوم محدد، وفي مثل هذا اليوم من كل عام يزيد عمر هذا الإنسان عاماً، وهكذا كل إنسان يكون له تمييز وهوية عن الآخرين وايضا الله يضبط قانون الجاذبية الأرضية، فهذا القانون هو الذي يحفظ الحياة كلها، فعندما أراد بعض العلماء إرسال اشخاص إلى القمر أو إلى الكواكب الأخرى كانت أهم المشكلات التي واجهتهم في الجاذبية الأرضية وكيف يمكن أن يمتلك الصاروخ قوة القوى من الجاذبية الأرضية حتى يستطيع أن ينطلق من مجال الأرض وأيضا كيف يستطيع الإنسان أن يسير فوق سطح هذه الكواكب بدون جاذبية !! إن الأرض تدور حول محورها، وتوجد بها فصول وشهور وأيام وساعات ودقائق وثوان وكل هذا الله يحفظه أمام الإنسان في الحياة الإنسانية. ثانيا: الله يحفظ نفسك من الاسئلة المشهورة في مجال الطب ماهو أكبر وأهم عضو في جسم الإنسان يقول البعض الكبد، والبعض الآخر يقول الكليتين وهكذا.. لكن أهم عضو في جسم الإنسان هو الجلد لأنه هو الذي يحفظ الإنسان ومساحته تقریبا ۲ متر مربع لذلك يوجد تخصص في كليات الطب للأمراض الجلدية ويقول الكتاب "هو حافظ نفوس أتقياته من يد الأشرار ينقذهم" مز ۹۷: ۱۰) "كثيرة هي بلايا الصديق ومن جميعها ينجيه الرب يحفظ جميع عظامه واحد منها لا ينكسر "(مز ١٩:٣٤-٢٠)، وأيضا يحفظ الله نفس الإنسان من الشيطان الذي دائما يحاول الإيقاع به، وجعله في حالة من التوهان لذلك تصلي قائلين "كل حسد وكل تجربة، وكل فعل الشيطان، ومؤامرة الناس الأشرار وقيام الأعداء الخفيين والظاهرين انزعها عنا" فالله يسيج حول الإنسان ويحفظه من كل هذه الشرور، والله لا يحفظ أولاده فقط بل يحفظ أيضا مبغضيه مثل الملحدين الذين ينكرون وجوده لعلهم ينتبهون يوما ويعودون إلى انفسهم وأيضا يحفظ الله الإنسان من كل فكر غير جيد أو شهوة ضارة أو صداقة غير مناسبة أو إلخ، وقد يسأل الإنسان نفسه عندما ينتبه أين كان عقلى وأنا أفعل هذا الأمر وهنا يشعر بحفظ الله له من كل هذه الشرور. ثالثا: الله يحفظ الإنسان من نفسه فيحفظ الإنسان من لسانه، لأنه قد يكون أحياناً لسانا غاشا !! ويسبب له كثيرا من المتاعب. لذلك يقول معلمنا داود النبي" اجعل يارب حارسا لفمی احفظ باب شفتی" (مز ٢:١٤٣) لذلك من التدريب الروحية الجميلة. أن يصلى الإنسان في داخله قبل الحديث أو الرد على أي سؤال قائلاً" يارب ارشدني واجعل في فمي قولاً حكيماً "وهذا ما فعله نحميا النبي حين ساله الملك لماذا وجهه حزين فقبل ان يجيب نحميا على الملك ويذكر له اخبار بلاده يقول الكتاب إنه رفع قلبه بالصلاة إلى الله أولاً "فصليت إلى إله السماء "(نح ٤:٢). وهكذا يجب على كل شخص منا أن يرفع قلبه إلى الله دائما قبل أن ينطق باية كلمة، ويقول "ضع يارب حافظاً لفمى وباباً حصينا الشفتي " فأحيانا قد ينطق الإنسان بكلمة يندم عليها باقي عمره فالكلمة قد يكون لها تأثير اقوى من أي سلاح ويمكن أن تسبب جرحا عظيما لا ينسى وكما يقول الكتاب "هدوء اللسان شجرة حياة واعوجاجه سحق في الروح" (ام ٤:١٥) وايضا يحفظ الله الإنسان من محبة المال فصحبة المال إحدى الحروب القوية التي تحارب العالم كله، ولذلك يقول الكتاب "لأن محبة المال اصل لكل الشرور الذي إذا ابتغاه قوم ضلوا عن الإيمان وطعنوا انفسهم باوجاع كثيرة (اتي٦ :١٠) لذلك نجد ان اغلب القضايا المطروحة امام المحاكم هي عن المال سواء كان ذلك بين إخوة أو أزواج أو ابناء أو الخ فالله يحفظ نفس الإنسان من هذه الشهوات المالية التي تتعبه.وقد قرأت قصة لطيفة عن إنسان قام بسؤال بعض الأشخاص عن المال الذي يحتاجونه لكي ما تكون معيشتهم جيدة" فأجاب أحدهم خمسة الاف جنيه وقال آخر عشرة الاف واخر عشرون الفا، وهكذا وهنا سأله أحدهم كم هو راتبك ؟! أجاب إلى أعمل في شركة كبيرة واتقاضى خمسين ألف جنيه !! فسألوه هل انت سعيد بهذا الراتب وهل هو جيد بالنسبة لك؟! أجاب: لا إنى تعيس جدا !! فإن ابنى من ذوى الاحتياجات الخاصة ولا يستطيع اللعب مع ابن البواب الذي هو بكامل صحته !! فالمهم ليس هو المال لكن المهم هو الشبع الداخلي فالله يحفظ نفس الإنسان من شهوة محبة المال. وأيضا الله يحفظ نفس الإنسان من الطموح الزائد. فهناك شخص يكون طموحه أكبر مما هو متاح له. وهناك قصة عن شخص قام بفتح محل لبيع الأجهزة الكهربائية. وقد بدأ بعدد صغير من الأجهزة ثم زادت تجارته بالتدريب ثم بدا طموحه يزداد في توسيع تجارته ولكن بطريقة خاطئة فبدا في اقتراض المال من البعض لشراء اجهزة أكثر لكى ما تزيد تجارته !! وفي أحد الأيام حدث سطو على المحل وتمت سرقته وهنا تعرض هذا الإنسان لمشكلة كبيرة وهي كيف سيمكنه سداد ما تم اقتراضه من المال إن هذا الإنسان لم ينتبه لكي يكون طموحه بحدود وبحساب وبحكمة. فالله يحفظ نفس الإنسان من الشرود والإهمال والاستهتار وقساوة القلب ويحفظ نفس الإنسان من وقت الراحة والمقصود بالراحة هنا هو وقت الاستهتار والكسل والإهمال ومثال لذلك خطية داود النبي مع امرأة أوريا الحثي" وكان في وقت المساء أن داود قام عن سريره وتمشى على سطح بيت الملك. فرأى من على السطح امرأة تستحم وكانت المرأة جميلة المنظر جداً" (۲ صم ۲:۱۱). فالراحة والاستهتار وصلت بداود إلى ارتكاب خطية كبيرة. وأيضا يحفظ الله نفس الإنسان من الافتخار والإعجاب بالذات، كما يقول المثل" يا أرض اتهدي ما عليك أدى" إن كان ذلك في علم أو خدمة أو أسرة، أو إلخ. فبولس الرسول هذا القديس العظيم قال "اعطيت شوكة في الجسد لثلا ارتفع وائلا ارتفع بفرط الإعلانات أعطيت شوكة في الجسد، ملاك الشيطان، ليلطمني لئلا ارتفع" (۲کو ۷:۱۲).فمعلمنا القديس بولس الرسول الله أعطاه نعما كثيرة جداً، وتراءى له مرات عديدة. ونال إعلانات إلهية كثيرة، وكل هذا كان من الممكن أن يقوده إلى الكبرياء لهذا سمح له الله بشركة في الجسد، وقد تكون هذه الشوكة تعب في الظهر أو ضعف في النظر أو أحد الأمراض الجلدية أو إلخ لكن ما يحفظه من الوقوع في خطايا الكبرياء. رابعاً: الله يحفظ الإنسان في الإيمان جميعاً قد تسلمنا وديعة الإيمان منذ نعومة أظافرنا، فكنيستنا القبطية تعلمنا أن تقال سر المعمودية بعد أيام قليلة من ولادتنا، وأيضا تعين إشبيناً للطفل المعمد. بحيث يكون مسئولاً عن تسليمه الإيمان. وغالبا ما يكون هذا الإشبين هو الأم أو الأب الذي يكون مسئوليته إيداع الإيمان في قلب الطفل المعمد لذلك تصلى وتقول احفظنا في إيمانك وانعم علينا بسلامك فالإيمان وديعة غالية جداً، ولكن للأسف كثيرين وقعوا في خطايا الإلحاد فأحياناً تتقابل مع شاب عمره لا يزيد عن العشرين عاماً، وتجد أفكاره بعيدة تماماً عن الإيمان!! ولينتبه كل أب وكل أم أن دورهما كإشبين. لا ينتهى بانتهاء مرحلة الطفولة، لكنه دور يستمر مدى الحياة، ومسئولية سيسألان عنها أمام الله ويقول معلمنا بولس الرسول التلميذه تيموثاوس "وأحفظ الوديعة الصالحة بالروح القدس الساكن فينا" (۲ تي١ :١٤) ويذكر لنا التاريخ أنه في أيام البابا أثناسيوس الرسولي، وذلك في القرنين الثالث والرابع الميلاديين، ظهرت بدعة اريوس وانتشرت انتشاراً واسعاً جداً. ولكن مع هذا، حفظ الله كثيرين في الإيمان وفي مقدتهم القديس أثناسيوس الرسولي حتى إنه قيل له العالم كله ضدك يا اثناسيوس، فأجاب وأنا ضد العالم. وأيضاً يذكر لنا التاريخ أنه في القرون الأولى تعرضت الكنيسة لكثير من العذابات والاضطهادات، وبالرغم أن البعض لم يحتمل هذه العذابات وأنكر، إلا أن الله حفظ وديعة الإيمان مع كثير من الشهداء والمعترفين، لذلك تصلي قائلين احفظنا في الإيمان واحفظ وديعة الإيمان التي سلمتها لنا رحلة في الكتاب المقدس تبين حفظ الله للإنسان حفظ نوح وأسرته في بداية الخليفة العالم كله أصابة الشر ولكن الله حفظ نوحاً وأولاده وزوجته من هذا الشر العظيم ونجاهم من الطوفان، وقد كان عددهم ثماني انفس فقط "فمحا الله كل قائم كان على وجه الأرض الناس والبهائم، والدبابات، وطيور السماء فانمحت من الأرض وتبقى نوح والذين معه في الفلك فقط" (تك ۲۳:۷) حفظ لوط وبناته فأخرجهم من مدينة سدوم بأيدي ملاكين قبل أن يهلكها بالنار والكبريت نتيجة غضبه عليها "ولما طلع الفجر كان الملاكان يعجلان لوطا قائلين: قم خذ امراتك وابنتيك الموجودتين لئلا تهلك بإثم المدينة. ولما تواني امسك الرجلان بیده وبید امراته وبيد ابنتيه لشفقة الرب عليه، وأخرجاه ووضعاه خارج المدينة، (تك ١٩: ١٥-١٦). حفظ يعقوب لقد حفظ الله ابانا يعقوب من وجه أخيه عيسو الذي أراد قتله بسبب تحايله على ابيه واخذ البركة منه (تك ٤١:٢٧) "فقال عيسو لي كثير يا اخي . ليكن لك الذي لك. فقال يعقوب لا إن وجدت نعمة في عينيك تأخذ هديتي من يدى لأني رأيت وجهك كما یری وجه الله فرضيت على" (تك ٩:٣٣-١٠) حفظ يوسف في غربته حفظ الله يوسف الصديق خلال رحلة العبودية الطويلة والتي بدأت من بيع إخوته له كعبد ثم مروره بتجارب وضيفات كثيرة في بيت فوطيفار وفي السجن و... إلخ ولكن حفظ الله له هو الذي جعله الرجل الثاني في مصر بعد فرعون قال فرعون ليوسف "انظر قد جعلتك على كل أرض مصر وخلع فرعون خاتمه من يده وجعله في يد يوسف (تك ٤١:٤١-٤٢). حفظ موسى النبي حفظ الله موسى الصغير من القتل فيذكر لنا الكتاب كيف أن أمه وضعته في سلة صغيرة في النيل ثم انتشلته ابنة فرعون من الماء وأحبته واتخذته لها ابناً - لقد دبر الله أن يعيش موسي في بيت فرعون الذي أمر بقتل أطفال العبرانيين وليس هذا فقط بل سمح الله أيضا أن تكون مرضعته هي امه التي غذته ليس فقط من لبنها ولكن أيضاً من الإيمان وقد تهذب موسى بكل حكمة المصريين "فتهذب موسى بكل حكمة المصريين وكان مقتدرا في الأقوال والأعمال ( أع٢٢:٧) حفظ الله بنى إسرائيل في البرية حفظ الله شعب بني إسرائيل في البرية ما يقرب من أربعين عاما وقد نتساءل هل ثيابهم لم تبل هل أحذيتهم لم تتقطع؟!! هذا حفظ الله!! لقد حفظ الله ودبر لهم جميع احتياجاتهم كما قال الكتاب "فقد سرت بكم أربعين سنة في البرية لم تبل ثيابكم عليكم، ونعلك لم تبل على رجلك"(تث٥:٢٩) وليس هذا فقط بل كان الله يرسل لهم ايضا سحاية في النهار لكيما تظللهم وتحميهم من أشعة الشمس، وعمود من نور فى الليل ليضي لهم الظلام "وكان الرب يسير أمامهم نهارًا في عمود سحاب ليهديهم في الطريق، وليلاً في عمود نار ليضيء لهم. لكي يمشوا نهارا وليلا(خر٢١:١٣). - حفظ داود من بطش شاول لقد حفظ الله داود من بطش شاول الملك. الذي أراد مرارا كثيرة قتله ولكن الله دائماً كان يحفظه فيقول المرنم "أصابوني في يوم بليتي وكان الرب سندى اخرجني إلى الرحب خلصنى لانه سر بی (مز ۱۸:۱۸-١٩) - حفظ استير كلمة استير تعنى "نجمة المشرق" لقد كانت استير مجرد فتاة يتيمة أخذت في السبي، وقد وضع الله في قلب ابن عمها ان يهتم بتربيتها وحفظها الله في السبي وليس هذا فقط بل ايضا جعلها ملكة "فأحب الملك استير أكثر من جميع النساء ووجدت نعمة وإحسانا قدامه اكثر من جميع العذاري فوضع تاج الملك على راسها وملكها مكان وشتي اس١٧:٢) وايضا استطاعت أن تنقذ شعبها من الإبادة، وصار لها سفر في الكتاب المقدس!! حفظ الله لكثيرين حفظ الله دانيال في جب الأسود فلم تمسه "إلهي أرسل ملاكه وسد أفواه الأسود فلم تضرني لأني وجدت بريئا قدامه (دا ٢٢:٦) وحفظ الفتية الثلاثة في أتون النار، فلم يصبهم أذى" لم تكن للنار قوة على اجسامهم وشعرة من رؤوسهم لم تحترق وسراويلهم لم تتغير، ورائحة النار تعليهم، (دا۳ : ۲۷) وحفظ أيضا يونان في بطن الحوت واما الرب فاعد حوتا عظيما ليبتلع يونان "فكان یونان في جوف الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليال" (يون ۱۷:۱)، ومازال الله يحفظ الإنسان حتى الآن ولكن من يعيشون في الأمور المادية لا يصدقون ذلك، ولكن الكتاب المقدس كتاب أمين يقدم لنا قصة الخلاص، وقصة عناية الله بالإنسان.وايضا حفظ القديس بطرس وهو في السجن ، "وإذا ملاك الرب اقبل ونور اضاء في البيت فضرب جنب بطرس وايقظه قائلاً: قم عاجلاً فسقطت السلسلتان من يديه"( ۷:۱۲)، وحفظ بولس الرسول في أتعاب الكرازة الكثيرة "بأسفار مرارا كثيرة بأخطار سيول بأخطار لصوص بأخطار من جنسي بأخطار من الأمم بأخطار في المدينة بأخطار في البرية بأخطار في البحر (٢ كو ١١ :٢٦) وحفظ الله ايضا الرهبنة في مصر من القرن الثالث الميلادي وحتى الآن بالرغم من كل ما مرت به من اتعاب وضيقات و شداند. وحفظ الشهداء مثل مارجرجس امیر الشهداء وقصته التي نعلمها جميعا، وكيف حفظه الله من السم القاتل وحفظ القديس يوليوس الاقفهصي كاتب سهر الشهداء وقد سجل لنا أكثر من ٢٠٠ قصة استشهاد وقد تتسائل كيف تركوه كل هذه الفترة بدون استشهاد !! هذه هي عناية الله وحفظه، وإن كان في النهاية صار شهيدا أيضا، ولكن بعد أن ترك لنا باقة عطرة من سير الشهداء لقد حفظ الله الكنيسة كل هذه القرون ونحن الآن نفتخر بكنيستنا التي عمرها الآن الفين سنة من الزمان ولذلك نقول ابواب الجحيم لن تقوى عليها، (مت١٨:١٦)، وهذه الأبواب ليست بابا أو اثنين ولكنها أبواب كثيرة جدا. كانت عبر القرون وعبر التاريخ أكثر من أية كنيسة في العالم كله فالله يحفظ الإنسان ويحفظ الكون ويحفظ نفسك ويحفظك من نفسك ويحفظك من ضعفات كثيرة والكتاب المقدس يستطيع أن يرشد الإنسان، ويوضح له مراحل كثيرة من حفظ الله له فاحياناً إذا شخص طرفت عيناه، يقولون له" العين عليها حارس " وبالطبع هذا الحارس قد تم تعيينه من قبل الله، فالله يحفظ الإنسان، لكن الإنسان أحيانا يعتدي على ما أعطاء الله مثل اعتدائه على نهر النيل وتلويثه بمواد كيماوية ضارة، قد تصيب الإنسان بأضرار بالغة وهناك قصة لطيفة عن قرية صغيرة تقع على شاطئ البحر في افريقيا، وقد منح الله هذه القرية رمالاً بها بعض الكيماويات التي تساعد على شفاء الإنسان من بعض الأمراض، لذلك كان يتوافد على هذه القرية كثير من السائحين لنوال نعمة الشفاء وكانت بيوت هذه القرية تتكون من طابق واحد فقط وكان أساس معيشة هذه القرية على دخل السياحة، وفي أحد الأيام جاء شخص إلى هذه القرية، واقترح على أهلها أن يقوموا ببناء عمارات كبيرة للسكن فيها. بدلاً من هذه البيوت الصغيرة، على أن يستخدموا في البناء الرمال الموجودة بكثرة في القرية وبالفعل قام السكان، بذلك ولكن كانت النتيجة انه لم يعد هناك رمال للسواح الذين يحضرون للقرية للشفاء وبالتالي انقطع الدخل الذي كانوا يعيشون عليه وكان هذا بسبب اعتدائهم على الطبيعة التي منحها الله لهم فالله يحفظ الإنسان ويقف بجانبه في كل ضيقة، كما يقول الكتاب "في كل ضيقهم تطايق، وملاك حضرته خلصهم (إش ٩:٦٣)، فالله يحفظك يحفظ حياتك بداية من الكون حتى جلدك الذي يحفظك من ملايين الميكروبات والملوثات، ويحفظ إيمانك وسلامك وهدوءك ويعطيك نعمة الحفظ الدائم وهناك تدريب لطيف وهو أن تقرأ الكتاب المقدس تحت عنوان عناية الله بالإنسان، بمعنى أنه اثناء قراءتك تقوم بتجميع الآيات التي توضح عناية الله بالإنسان وستجد في نهاية قراءة الكتاب أن لديك كنزا من الآيات تساعدك وتسندك خلال مسيرة حياتك بكل ما فيها من تجارب وضيقات وتعطيك الطمانينة أن الله سيعتني بك. قداسة البابا تواضروس الثاني عن كتاب نشكرك لأنك
المزيد
05 يوليو 2024

نشكرك لأنك نعمة المعونة

من أجمل الكلمات التي يمكن للإنسان أن يخاطب بها الله هي «نشكرك». وحسب تقلید كنيستنا، فإن هذه العبارة هي المقدمة التعبدية التي نفتتح بها صلواتنا في كل المناسبات، بعد أن نتلو الصلاة الربانية. اللهم، إلى تنجيتي. يارب إلى معونتي أسرع. ليخز ويخجل طالبو نفسي ليرتد إلى خلف ويخجل المشتهون لى شرا. ليرجع من أجل خزيهم القائلون: «هه هه!» وليبتهج ويفرح بك كل طالبيك، وليقل دائما محبو خلاصك: «ليتعظم الرب» أما أنا فمسكين وفقير اللهم أسرع إلى. معيني ومنقذى أنت. يارب لا تبطؤ (مز ١:٧٠-٥) الله هو صاحب المعونة، وكلمة المعونة كلمة معزية ولها معان وأبعاد كثيرة فمثلاً قد يشعر الإنسان في بعض الأحيان أنه لا يستطيع القيام بعمل ما !! أو أنه عاجز على مواجهة بعض المواقف أو بعض الأشخاص، وهنا لا يعزيه إلا هذه الصلاة القصيرة، والتي نحبها جميعا اللهم التفت لمعونتي يارب أسرع وأعنى»، وهذه الصلاة تعتبر من الصلوات السهمية التي من الممكن أن تقال في أي وقت وفي أي مكان. وأيضا يقول الله على فم إشعياء النبي هذه العبارة المعزية "لا تخف لأني معك لا تتلفت لأني إلهك.قد أيدتك وأعنتك وعضدتك بيمين برى.إنه سيخزى ويخجل جميع المغتاظين عليك. يكون كلا شيء مخاصموك ويبيدون. تفتش على منازعيك ولا تجدهم. يكون محاربوك كلا شيء وكالعدم لأني أنا الرب إلهك الممسك بيمينك، القائل لك: لا تخف. أنا أعينك" (إش ١٠:٤١-١٣). ومن أكثر الأمثلة المشهورة عن معونة الله لأولاده، هو داود النبي فهو شخص كان أصغر إخوته، وله بنية جسدية ضعيفة، وقد اختاره الله وأرسل له صموئيل النبي لكيما يمسحه ملكاً عوضاً عن شاول الملك، ليقود مملكة بني إسرائيل ويخلصها "فأخذ صموئيل قرن الدهن ومسحه في وسط إخوته وحل روح الرب على داود من ذلك اليوم فصاعدا" (١صم ١٣:١٦) ومن المعروف أنه هناك ثلاثة ملوك، تم تناوبهم على كرسى إسرائيل وهم شاول و داود وسليمان، وقد أقام كل منهم أربعين عامًا على كرسى المملكة، وهذه هي المملكة المتحدة. بمعنى أن هذه هي الفترة التي كانت أسباط إسرائيل الاثنا عشر تحت قيادة ملك واحد، ثم بعد فترة ملك سليمان، انقسم أسباط بني إسرائيل إلى مملكتين، مملكة يهوذا وكانت تتكون من سبطين، ومملكة إسرائيل وتتكون من عشرة أسباط.وداود النبي كما يقول عنه الكتاب "وكان أشقر مع حلاوة العينين وحسن المنظر" (١صم ۱۲:١٦)، فهو مجرد راعي غنم، ذی حس مرهف في كتابة الشعر وكتب لنا العديد من المزامير، وقد تعرض لتجارب كثيرة منها القتل من قبل شاول وبالرغم من كل محاولات شاول لقتل داود، إلا أنه في إحدى المرات أتيحت الفرصة لداود لقتل شاول، ولكنه رفض فعل ذلك، واكتفى بقص جزء من جبة شاول التي كان يرتديها !! وقال داود لشاول: لماذا تسمع كلام الناس القائلين: هوذا داود يطلب أذيتك؟ هوذا قد رأت عيناك اليوم هذا كيف دفعك الرب اليوم ليدى في الكهف وقيل لي أن أقتلك ولكنني أشفقت عليك وقلت: لا أمد يدى إلى سيدى لأنه مسيح الرب هو(١صم ٩:٢٤-١٠) وقد وعد الله داود بالمعونة، كما قال الكتاب: وقد أرحتك من جميع أعدائك والرب يخبرك أن الرب يصنع لك بيتاً (۲صم ۱۱:۷)، وقد استمرت معونة الله تسند داود حتى صار ملكاً، وحتى في سقوطه لم تتركه معونة الله!! ودفعته إلى التوبة، وهذا يتضح من خلال مزمور التوبة ارحمني يا الله تعظيم رحمتك (مز ۵۰ قبطی). وأيضا معونة الله كانت مع يوسف الصديق (تك ٣٩ -٥٠)، الذي كان في ضياع كامل وبيع كعبد ولم يكن له ذكر.. ولكنه بهذه المعونة صار الرجل الثاني في تاريخ مصر !! رغم أنك عندما تتأمل في قصته تجد أن جميع الأبواب قد أغلقت في وجهه.. أبواب الأهل وأبواب الأصدقاء إلا أن الله كان يحفظ له نصيبا صالحا !! ومعونة الله نراها أيضاً مع دانيال النبي، فعندما وضع في جب الأسود تدخلت المعونة الإلهية وأنقذته وأغلقت أفواه الأسود، وعندما جاء الملك للسؤال عنه قال له دانيال: «إلهى أرسل ملاكه وسد أفواه الأسود فلم تضرني لأني وجدت بريئاً قدامه، وقدامك أيضاً أيها الملك، لم أفعل ذنباً (دا ٢٢:٦)، وكلمة إلهي تعنى إيماني أي يد إلهي التي تقف خلفى حتى إن كنت في جب الأسود!! وعبارة «أرسل ملاكه أي أن إلهي يهتم بي اهتماماً خاصاً جداً حتى أنه أرسل ملاكاً يتميز أنه له قدرة فائقة، تستطيع أن تسد أفواه الأسود. فمن يستطيع أن يسد أفواه أسود جائعة !! فالمعونة الإلهية هي التي سدت أفواه الأسود. وإذا تأملنا في حياة إرميا النبي، نجد أن المعونة الإلهية كانت معه في بداية خدمته، فيقول الكتاب: «ها قد جعلت كلامي في فمك.. هأنذا قد جعلتك اليوم مدينة حصينة وعمود حديد وأسوار نحاس على كل الأرض.. فيحاربونك ولا يقدرون عليك، لأني أنا معك، يقول الرب، لأنقذك (إر۱: ۹-۱۹). والمعونة الإلهية أيضاً هي التي سندت الرسل في الخدمة، فقد كانوا مجرد جماعة من الصيادين وبسطاء الناس. وهي أيضاً التي سندت الشهداء في عذاباتهم، فعندما نقرأ قصص الشهداء نتعجب ونتساءل من يستطيع أن يتحمل كل هذه الآلام ؟!! إنها نعمة ومعونة خاصة من الله في توقيت الاحتياج ما هي أهمية معونة الله؟! إن كل إنسان منا يحتاج إلى معونة الله لأنه أولاً: هو القادر على كل شيء. ثانياً: نحتاج المعونته في الحياة الروحية. ثالثاً: نحتاج للمعونة في وقت الضيقات. رابعاً: نحتاج معونة من الله في الخدمة. أولاً: الله هو القادر على كل شيء إن الإنسان مهما كبر أو تعاظم، فإن قدراته تظل محدودة أمام قدرة الله. كما يعلمنا الكتاب قائلاً: «بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئاً (يو٥:١٥). فالله هو الذي يعطينا الصحة والقدرة والفكر وكل شيء، وهذه هي معونة الله للإنسان. ثانياً: الاحتياج للمعونة في الحياة الروحية نحتاج المعونة الله في الحياة الروحية بمفرداتها المختلفة من القراءة في الكتاب المقدس والصلوات والأصوام وممارسة الأسرار الكنسية عامة، وخصوصاً في أيام الصوم الكبير، وكيف يصوم الجميع إلى أوقات متأخرة من النهار، بالرغم من وجودهم في مدارسهم وكلياتهم وأشغالهم، وذلك لكيما يتقدموا للتناول من جسد الرب ودمه في القداسات المتأخرة!! وبعد هذا الصيام الطويل الذي يبدأ من منتصف الليل، وحتى وقت متأخر من النهار، يأكل الإنسان طعاماً نباتياً ذا طاقة قليلة !! وعندما نتساءل كيف يكون هذا ؟!! نجيب هذه هي المعونة الإلهية، كما يعلمنا الكتاب: الأن الجسد يشتهى ضد الروح والروح ضد الجسد، وهذان يقاوم أحدهما الآخر، حتى تفعلون ما لا تريدون (غل ١٧:٥).فمثلاً القديس موسى الأسود كانت حياته قبل التوبة حياة شهوانية جداً ... وخاطئة بالجملة.. وهنا نتساءل ما الذي حدث في حياته حتى تحولت من قاع الشر والخطيئة إلى القداسة والبر، حتى أنه أصبح قديساً للتوبة وسيرته موجودة بيننا، ونحن في القرن الـ ٢١ وإلى النهاية؟!! إنها المعونة الإلهية، فهذه المعونة هي التي وقفت مع موسى الشرير ودعته إلى التوبة وعندما أعلن توبته انسكبت نعمة الله في حياته وصار قديساً قوياً، كما نسميه القديس موسى القوى. ثالثاً: المعونة في الضيقات ونحتاج أيضاً للمعونة الإلهية في وقت الضيقات، فأي إنسان في هذه الحياة يتعرض لضيقات كثيرة، قد تكون كبيرة أو صغيرة، لكن ما يجب أن نعلمه جيداً أن كل ضيقة هي لخير الإنسان، كما يقول الكتاب: احسبوه كل فرح يا إخوتي حينما تقعون في تجارب متنوعة (يع ٢:١)، ففى كل تجربة تمر على الإنسان يتمجد الله ويشعر الإنسان بالمعونة الإلهية عندما يجد يد الله تعمل. فمثلاً المعونة الإلهية تساعد الإنسان في وقت المرض، فأحياناً يقول الأطباء عن حالة ما، أنه يوجد تطور في هذه الحالة، ولكن لا يخضع هذا التطور لكتب الطب!! وهذا ما نعبر عنه بلغتنا البسيطة: «أنه معجزة !! وقصص تدخل الله بنعمته ومعونته في حال المرض كثيرة جداً. رابعاً: المعونة في الخدمة ونحتاج المعونة الإلهية أيضاً في الخدمة فالخادم إمكانياته محدودة جداً، ولا يوجد خادم يستطيع أن يقول المثل المشهور يا أرض انهدى ما عليك أدى !! بمعنى أن الخدمة لن تستمر في حال عدم وجوده!! لذلك من المهم أن نتعلم أهمية عملية التغيير، والطبيعة تعلمنا هذا، فمثلاً: الشجرة يتغير حالها في الفصول المختلفة ففى فصل الخريف تتساقط أوراقها، وفي فصل الشتاء تجف، وفي فصل الربيع تزهر مرة أخرى، وفى فصل الصيف تخرج أثمارها، وهكذا فالمعونة الإلهية تستطيع أن تعمل مع كل إنسان، فمثلاً النعمة الإلهية هي التي غيرت بولس الرسول وحولته من شاول المضطهد للكنيسة، والذي اسمه كان يرعب المسيحيين!! إلى بولس الرسول أعظم كارز إن بولس لم يكتف بمطاردة المسيحيين في أورشليم فقط، بل تتبعهم بعد هروبهم، كما قال الكتاب: أما شاول فكان لم يزل ينفت تهدداً وقتلاً على تلاميذ الرب، فتقدم إلى رئيس الكهنة وطلب منه رسائل إلى دمشق إلى الجماعات، حتى إذا وجد أناساً من الطريق، رجالاً أو نساء، يسوقهم موثقين إلى أورشليم (أع ۱:۹-۲). ولكن في أحد الأيام وهو في الطريق اصطادته النعمة الإلهية، فقال: «يارب، ماذا تريد أن أفعل؟ (أع ٦:٩)، إن القديس بولس الرسول عرف المسيح في النصف الثاني من حياته، لكن في النصف الأول من حياته كان يضطهد كنيسة الله بإفراط، كما ذكر في رسائله "كنت أضطهد كنيسة الله بإفراط وأتلفها "(غل ۱۳:۱) أما في النصف الثاني من حياته، فكان يكرز باسم الرب باتساع، لدرجة أنه سمى عملاق الكرازة، وقد تعرض لأخطار وضيقات كثيرة جداً، وخدم وبذل بما يفوق الوصف، إلى جانب أنه كتب لنا ١٤ رسالة في الكتاب المقدس، لقد كان القديس بولس أداة للاضطهاد، وبالمعونة والنعمة صار أداة للكرازة والخدمة. فبولس الرسول نموذج لباقي الرسل فمثلاً مارمرقس الرسول عندما أتى إلى مصر لم يكن يمتلك أي شيء!! فلم يكن لديه مال أو أى إمكانيات أو وسائل مواصلات، لكن اعتماداً على المعونة الإلهية جاء إلى مصر وبشر، وانتشر الإيمان بالمسيح في كل مكان. ويقول الكتاب الروح أيضاً يعين ضعفاتنا» (رو ٢٦:۸)، بمعنى أن المعونة الإلهية تعين ضعف الإنسان، فتذكر دائماً أن يد الله تعمل، فأحياناً يظن الإنسان أن الله في السماء، والإنسان هنا على أرض الشقاء وأحياناً أخرى يظن آخر أن الله قد نساه!! وهذا الفكر قد وقع فيه داود النبي حين قال "إلى متى يارب تنساني كل النسيان؟ إلى متى تحجب وجهك عنى؟" (مز ۱:۱۳). فتذكر دائماً العبارة التي تقول" ولكن لنا هذا الكنز في أوان خزفية، ليكون فضل القوة لله لا منا" (٢ كو٧:٤) والمقصود بهذا الكنز هو المعونة الإلهية أما الأواني الخزفية فهي أجسادنا فالإنسان مثل الإناء الزجاجي يتعب من أقل الأشياء فالإنسان ضعيف جداً، لكن بداخله (الكنز يد الله التي تعمل والمعونة التي تعمل في ضعفه، فيكون فضل القوة لله لا منا، وكما أن الله يعين الإنسان، فنحن أيضاً نحتاج معونة بعضنا إلى بعض فالله يسرع بإعانة الإنسان من خلال الإنسان. أمثلة المعونة الإنسان لأخيه الإنسان يقول الكتاب ليعط الرب رحمة لبيت انيسيفورس، لانه مرارا كثيرة أراحتي ولم يخيل بسلسلتی (۲تی ۱ :١٦) قبولس الرسول كان في هذا الوقت تحت التحفظ والسلاسل، وقد أراحه انيسيفورس، فهذا الله ارسل معونته البولس الرسول من خلال بيت انيسيفورس وأيضاً نظراً عن الشماسة فيبي، التي كتب عنها القديس بولس قائلاً أوصى إليكم باختنا فيبي التي هي خادمة الكنيسة التي في كنجريا كي تقبلوها في الرب كما يحق القديسين وتقوموا لها في أي شيء احتاجته منكم، لأنها صارت مساعدة لكثيرين ولى أنا ايضاء (رو١٦ : ١-٢). لقد كانت بمثابة الابنة الروحية البولس ونقرأ في قصة حياة القديس يوحنا ذهبي الفي كيف أنه في وقت من الأوقات منع الإمبراطورة من دخول الكنيسة، لأنها اغتصبت حق أرملة فقيرة، ولأنها كانت إمبراطورة شريرة وقفت امامه بالمرصاد وأرادت أن تنهي حياته بطريقة غير مباشرة قأمرت بنفيه إلى بلاد بعيدة، وقد أوصت بعدم إراحته طوال هذه الرحلة الشاقة ونظراً الصعوبة المواصلات في هذا الوقت لم يحتمل القديس هذا التعب وتتيح في نهاية الرحلة ولكن أرسل الله معونته القديس من خلال الشماسة أولمبياس التي كانت تقوم بتوصيل رسائله الشعبه، فقد كانت مثالاً للابنة الروحية الساهرة على رعاية أبيها القديس يوحنا الذهبي القم، وكانت أيضا تدير له الغذاء والدواء معونة البشر البشر تظهر في أمثال كثيرة. فمثلاً نقول الحار قبل الدارة، وأيضاً الرفيق قبل الطريق والصديق عند الضيق وأسئلة كثيرة نجدها في حياتنا اليومية، وترى كيف بدير الله معونته للبشر من خلال بشر واتذكر انني في إحدى المرات اثناء خدمتي خارج البلاد، قبل مسئوليتي الحالية، فوجئت في المطار أنني لا استطيع دخول هذه البلد. لان جواز السفر قارب على الانتها.. وقانون هذه الدولة يمنع دخول أحد إلا إذا كان جواز سفره له صلاحية ٦ أشهر على الأقل وكانت هذه الدولة تبعد عن مصر ما يقرب من عشر ساعات فأرسل الله لي المعونة، من خلال أحد العاملين في المطار الذي تصمني بالتوجه الأخذ رأى المسئول في هذه المشكلة، وانتهت المشكلة بقبول دخولي البلاد، بشرط أن الغادر البلد قبل نهاية جواز السفر بيوم واحد وهكذا كانت معونة الله فحسب قوانين هذه الدولة كان على الرجوع إلى مصر، ولكنهامعونة الله ! فالله يدير في حياة البشر أموراً كثيرة جداً، والكتاب يعلمنا قائلاً: ملفين كل همكم عليه لانه هو يعتنى بكم، (١بط ٥ :۷)، فاجعل وعود الكتاب المقدس حاضرة أمامك باستمرار كيف تستمتع بمعونة الله؟ لكي تستطيع أن تستمتع بمعونة الله باستمرار، أمامك ثلاث خطوات، وهي أولاً: صلواتك لأنه من خلال الصلاة يسكب الله معونته، لذلك كنيستنا مليئة باشكال وانواع من الصلوات ثانياً: كن إنساناً متضعاً، فالكتاب يعلمنا قائلا: لأن الله يقاوم المستكبرين. وأما المتواضعون فيعطيهم نعمة ابط ٥:٥ ) فالاتضاع هو بمثابة قناة تنسكب فيها معونة الله للإنسان، ولكن قد تجد أحيانا إنساناً متكبراً، يعتقد أنه يستطيع أن يعمل وينجح، بدون معونة الله له أما الإنسان المتضع، والذي يشعر باحتياجه لنعمة الله ومعونته، فهو الذي يكون له رصيد عند الله يسكبه في وقت الاحتياج ثالثاً كن إنساناً مجتهداً في العمل. في الدراسة، في الخدمة، في المسئولية في كل شيء فاجتهد أيها الحبيب في حياتك وأعلم أن النعمة لا ثاني وانت مستلق على ظهرك، كما يعلمنا الكتاب إن إله السماء يعطينا النجاح ونحن عبيده تقوم وتبني (نج ۲ : ۲۰)، فالنجاح هو معونة من الله فحاول أن تشعر أيها الحبيب بالنعمة والمعونة التي يقدمها لك الله في كل يوم. واجعل تدريبك اليومي هذه الآية المعزية فاتحة المزمور الـ ٧٠: اللهم التفت إلى معونتي يارب أسرع وأعنى كررها باستمرار وتعر بها كصلاة قصيرة تقال في كل وقت، وتصلى دائما أن يعطينا الهنا الصالح النعمة والمعونة في كل وقت. قداسة البابا تواضروس الثاني عن كتاب نشكرك لأنك
المزيد
28 يونيو 2024

نعمة الستر

من أجمل الكلمات التي يمكن للإنسان أن يُخاطب بها الله هي «نشكرك» وحسب تقلید کنیستنا، فإن هذه العبارة هي المقدمة التعبدية التي نفتتح بها صلواتنا في كل المناسبات، بعد أن نتلو الصلاة الربانية وعندما وضع الآباء فقرات هذه الصلاة، رأوا بنعمة الروح القدس أن يضعوا في مقدمتها النعم السبع الرئيسية التى يشملنا بها الله في كل يوم وهذه النعم جديرة بالتأمل والتمعن والإحساس القوى بقيمتها،وفعلها فى حياتنا اليومية نشكرك يارب لأنك سترتنا، أعنتنا، حفظتنا، قبلتنا إليك، أشفقت علينا، عضدتنا وأتيت بنا إلى هذه الساعة عن هذه النعم اليومية يتحدث هذا الكتاب، بتأملات روحية هادفة ومعينة لك عزيزي القارئ. نعمة الستر "لا تدينوا لكى لا تدانوا ، لأنكم بالدينونة التي بها تدينون تدانون، وبالكيل الذي به تكيلون يكال لكم. ولماذا تنظر القذى الذي في عين أخيك وأما الخشبة التي في عينك فلا تفطن لها ؟ أم كيف تقول لأخيك دعنى أخرج القذى من عينك، وها الخشبة في عينك؟ يا مرائي، اخرج أولاً الخشبة من عينك، وحينئذ تبصر جيدا أن تخرج القذى من عين أخيك" (مت ٧ : ١-٥) النعمة الأولى وهى «نعمة الستر»، «نشكرك لأنك سترتنا »إن إحدى الصفات التي نصف بها إلهنا الصالح أنه إلهنا الساتر، وستر الله لا يوجد في مفردات اللغة، فلا توجد كلمات تستطيع وصفه، فالله يستر على جميع البشر ولا يستطيع إنسان في الكون أن يقف أمام الله ويقول له: إنه لا يحتاج إلى الستر فحتى الذين يعيشون في الخطية يحتاجون إلى الستر،وأيضا البعيدون عنه والذين ينكرون وجوده والذين قلوبهم فارغة من أي شيء الله يستر عليهم وأيضا الذي يستخدم لسانه في استخدامات شريرة الله يستر عليه حتى اللص عندما يسرق يقول:ربنا يستر !! وفي التقليد الشعبي عندما تسأل شخصا مختبرا للحياة ماذا تريد من الدنيا ؟!! يجيبك تلقائيا بدون أدنى تفكير الستر والصحة وإن سألته ماذا عن المال والتكنولوجيا، ووسائل الترفيه المختلفة، والسفر و...؟!! يجيبك كل هذا ليس له أية قيمة دون الستر والصحة وإن دققت في الأمر ستجد أن الحياة تختصر في هاتين الكلمتين الستر والصحة ولا أحد في هذا الكون يستطيع أن يحصر عدد المرات التي ستر الله عليه فيها، وداود النبي الذي عاش مضطهدا فترة من حياته يقول: «احفظني مثل حدقة العين بظل جناحيك استرني» (مز ۸:۱۷)، وأيضا يقول: «استرنى من مؤامرة الأشرار، من جمهور فاعلى الإثم» (مز ٢:٦٤). وهناك قصة لطيفة قرأتها :يقول أحدهم كنت أشترى كل يوم من بائع صحف صحيفة الـ «لوموند»، كي أتعلم منها اللغة الفرنسية لكن هذا البائع علمني درسا هو أهم من اللغة الفرنسية، وهو درس العمر كله، فيقول عندما كنت أسأله كل يوم كيف حالك اليوم؟ كان يجيبني: «في نعمة الستر» فأندهش من إجابته!! فسألته في يوم لماذا الستر تحديدا؟!! فأجابني: «لأننى مستور من كل شيء فاندهشت وسألته عن أي ستر تتحدث وقميصك مرقع بألوان شتی!!». فصمت قليلاً ثم قال لي: يا ابنى الستر أنواع فعندما تكون مريضا ولكنك قادر على السير بقدميك فهذا ستر من مذلة المرض عندما يكون في جيبك مبلغ بسيط يكفيك لتنام وأنت شبعان حتى لو كان شبعك هذا من الخبز فقط، فهذا ستر من مذلة الجوع عندما يكون لديك ملابس، ولو كانت مرقعة فهذا ستر من مذلة البرد عندما تكون قادرا على الضحك وأنت حزين لأي سبب، فهذا ستر من مذلة الانكسار عندما تكون قادراً على قراءة الصحيفة التي بين يديك، فهذا ستر من مذلة الجهل عندما تستطيع أن تتصل في أي وقت بأهلك لتطمئن عليهم وتطمئنهم عليك، فهذا ستر من مذلة الوحدة عندما يكون لديك وظيفة أو مهنة، حتى لو بائع صحف تمنعك عن مد يدك إلى أى شخص، فهذا ستر من مذلة السؤال عندما يبارك لك الله في ابنك، وفي صحته وتعليمه وبيته، فهذا ستر من مذلة القهر عندما يكون لديك زوجة صالحة، تحمل معك هم الدنيا ، فهذا ستر من مذلة انكسار الزوج أمام زوجته ثم قال لي: «الستر يا ابني ليس هو ستر «الفلوس»، وإنما ستر النفوس». فتذكر دائما أنك تملك نعما يتمناها ملايين البشر. لماذا يستر الله علينا الله الذي خلقنا واعطانا نعمة الحياة يستر علينا لأنه: واهب الغفران ولانه كلى المحبة ولانه نبع الأبوة. أولا الله واهب الغفران فهو الذي غفر لنا، فمن كان يستطيع أن يغفر خطية الإنسان إلا الله الذي خلقه فيقول الكتاب و الكلمة صار جسدا وحل بيننا، (يو١٤:١) فتجسد الله ثم الصليب والخلاص والفداء كان من أجل غفران خطية الإنسان، ولا يوجد شيء أخر أو إنسان أخر يستطيع أن يغفر خطيئة الإنسان، لذلك الله يستر علينا.ويقول إشعياء النبي "فرحا افرح بالرب تبتهج نفسي بالهي لانه قد ألبسني ثياب الخلاص کسانی رداء البر مثل عريس يتزين بعمامة ومثل عروس تتزين بحليها (إش١٠:٦١) وكلمة كساني، هنا تعبر عن ستر الله على الإنسان وستر الله على الإنسان ياتي منذ الخليفة منذ خطيئة ادم وحواء التي بدأت باللسان وشهوة الطعام "فرآت المرأة أن الشجرة جيدة للأكل وأنها بهجة للعيون وأن الشجرة شهية للنظر، فأخذت من ثمرها واكلت وأعطت رجلها أيضا معها فأكل (تك٦:٣) ودخلت الحية من هذا الباب وانزلق الإنسان وكسر الوصية وفی سفر حزقيال يشبه النفس البشرية بالإنسان الملقي في التراب ويريد من يأتي ويستر عليه فيقول "فمررت بك ورأيت وانه زمنك زمن الحب فبسطت ذیلی عليك وسترت عورتك وحلفت لك ودخلت معك في عهد يقول السيد الرب فصرت لي (حز٨:١٦) ونلاحظ هنا أن العهد القديم يتكلم عن زمن الأنبياء ولكن بروح النبوة لما هو آت في العهد الجديد، وكآن النفس البشرية في العهد القديم ومنذ أيام آدم. صارت كالإنسان المتروك والملقي في الطريق والتراب وقد فقد كل شيء له حتى صار حاله يرثي له وعبارة "فمررت بك ورأيتك" انه ليس أول من مر بها لأنه قد مر بهذه النفس انبياء كثيرون ثم يقول وإذا زمنك زمن الحب وهذه العبارة تشير إلى زمن حضور السيد المسيح على أرض البشر ويكمل وسترت عورتك وحلفت لك ودخلت معك في عهد وهذا أشار إلى زمن العهد الجديد وعندما نتأمل في سفر القضاة نجد أنه كلما تعرض شعب بنى إسرائيل لمشكلة يقيم لهم الله قاضيا (مخلصا) ليحل لهم مشكلاتهم ويتوبوا عن خطاياهم. ثم بعد فترة وجيزة يعودون لخطاياهم مرة أخرى فيقيم الله لهم قاضيا آخر، وهكذا .مر على بني إسرائيل عدة قضاة من الرجال والنساء، وكان أخرهم صموئيل النبي وهكذا حياة الإنسان فالله هو واهب الغفران وحينما اقام الرب لهم قضاة كان الرب مع القاضي وخلصهم من يد أعدأئهم كل أيام القاضي لأن الرب ندم من أجل أنينهم بسبب مضايقيهم وراحميهم وعند موت القاضي كانوا يرجعون ويفسدون أكثر من آبائهم" (قض١٨:٢-١٩)ونقرأ عن خطيئة داود النبي مع أمرأة أوريا الحثي."لماذا احتقرت كلام الرب لتعمل الشر فى عينيه" قد قتلت أوريا الحثى بالسيف واخذت امراته لك أمراة وإياه قتلت بسيف بنى عمون" (٢صم٩:١٢)، وقد تاب داود عن خطيئته كما قال الكتاب "فقال داود لناثان قد اخطأت إلى الرب فقال ناثان لداود الرب ايضا قد نقل عنك خطيتك لا تموت" (۲صم١٣:١٢) وقد رنم لنا داود النبي مزمور التوبة الذي نصلي به دائما في بداية جميع صلواتنا فقال "استر وجهك عن خطايای وامح كل اثامی" (مز٩:٥١)، هذا هو الله واهب الغفران للإنسان وايضا من الأمثلة المشهورة لله واعب الغفران، قصة المرأة الخاطئة في بيت سمعان الفريسي وبينما كان سمعان إنسانا معجبا بنفسه دخلت إلى بيته امراة يعلم الجميع أنها امرأة خاطئة، ثم انحنت وسكبت دموعها على قدمي السيد المسيح وقدمت توبة وهنا انزعج سمعان وقال "لوكان هذا نبيا لعلم من هذه المرأة التى تلمسه وما هي إنها خاطئة (لو٣٩:٧)، ولكن السيد المسيح غفر لها وستر عليها لأنها أحبت كثيرا كما يقول الكتاب "من أجل ذلك أقول لك قد غفرت خطاياها الكثيرة لانها أحبت كثيرا والذي يغفر له قليل يحب قليلا" (لو ٤٧:٧) وقد صارت هذه القصة مثالاً لنا، حتى أن الكنيسة رتبت أن تصلي بهذه القطعة في نصف الليل. ثانيا: الله كلى المحبة يقول الكتاب "الله محبة" (١يو٨:٤) فمحبة الله محبة دائمة وفي محبته هذه يستر على نماذج كثيرة من البشر، وقد تحدث مع أشخاص كثيرين وأعلى هذه المحبة، وتجلت هذه المحبة مع أبينا يعقوب، ومع ايليا النبى فمحبة الله فياضة وليس لها حدود ثالثا: الله نبع الأبوة فنحن نصلي ونقول "يا أبانا الذي في السموات".. وعندما نرسم شماسا لكي ما يصير کاهنا ندعوه "ابونا" فكلمة الأبوة هي المفتاح، والله هو نيع الأبوة ونحن نستمد هذه الأبوة منه، فالأبوة في معناها الأصلي هي الستر والحماية واروع مثال في الكتاب المقدس يشرح لنا معنى الأبوة هو مثل الابن الضال وهذا المثل رتبت لنا الكنيسة أن يقرأ في الأحد الثالث من الصوم الكبير لكيما توضح لنا كيف أن هذا الابن الذي أخطأ بكل أشكال الخطايا، عندما عاد وجد أحضان أبية مفتوحة يقول الكتاب "وإذ كان لم يزل بعيدا راه ابوه.فتحنن وركض ووقع على عنقه وقبله"( لو٢٠:١٥) فتخيل معي هذا المشهد الرائع الأب يستقبل الابن ويقدم له الهدايا من حذاء وخاتم وحلة ويذبح العجل المسمن ولكن الأهم من كل هذا أنه قدم لنا الحضن والقبلة ولم يتأفف منه وهذا هو الستر والحماية.ومن ناحية أخرى نرى موقف الأخ الكبير فاقد الأبوة التي تكلم على أخيه بكلمات رديئة فقال "ولكن لما جاء ابنك هذا الذي أكل معيشتك مع الزواني "(لو ٣٠:١٥) ولعل أخيه لم يكن قد وقع في هذه الخطية "اكل معيشتك مع الزواني" لقد فضح أخاه ولم يكتف بهذا، بل اهان آباه ايضا حينما قال له "أبنك هذا" وكأنة يقول له انك لم تحسن تربية ابنك، لكن الأب بالستر أعاد ابنه إلى رتبته الأولى مثال آخر للستر هو "المرأة السامرية" (يو٤) وهذه القصبة تقرأ على مسامعنا ثلاث مرات في السنة هذه الإنسانة عندما ذكرت في الكتاب سميت باسم بلدها، فقد ستر عليها الله ولم يذكرها بالاسم حتى لا تفضح.وقد كان الحوار معها مليئا بالستر والحماية والرقة والعذوبة وهذا ما جعل هذه الإنسانة التي كانت بعيدة جدا أن تصبح قريبة جدا وقديسة وكارزة لقد ستر عليها رغم أنه كان في هذا الزمان من المفترض أنه لا يتقابل معها أو يتحدث إليها ولكن السيد المسيح دخل إلى أعماقها من خلال الاحتياج "اعطيني لأشرب" (يو٧:٤) ثم بدأ معها حوارا لطيفا قادها إلى التوبة حتى صارة إنسانة كارزة فيقول الكتاب "فتركت المرأة جرتها ومضت إلى المدينة وقالت للناس: هلموا انظروا إنساناً قال لي كل ما فعلت ألعل هذا هو المسيح"(يو٢٨:٤-٢٩) فالله يستر على الإنسان لانه واهب الغفران وكلي المحبة، ونبع الأبوة. ستر الإنسان على أخيه الإنسان ويأتي لدور الإنسان نحو أخيه الإنسان، فالله يستر على الإنسان صباحا ومساءً، ويستر على الخليقة كلها بحلول الليل، فالليل يمكن أن نسميه الستر العام من الله،وفي الأديرة يصلي الرهبان "صلاة الستار»، وهذه الصلاة عبارة عن مختارات من مزامير الأجبية عبر اليوم كله. يقول الكتاب: "لماذا تنظر القذى الذي في عين أخيك، وأما الخشبة التي في عينك فلا تفطن لها (مت ۳:۷)، فلماذا لا تستطيع أن تستر على أخيك ؟!! ولماذا تريد أن تفضحه ؟!!.. انتبه أيها الحبيب، لأن لسانك هذا قد يضيعك ويفقدك الأبدية، ويقول الكتاب "لا تدينوا لكي لا تدانوا . (مت ۱:۷)، فهذه الآية بالرغم من قلة عدد كلماتها إلا أنها يتوقف عليها مصير الإنسان كله. وهناك قصة وردت في كتب الآباء، على راهب كان يعيش في البرية ولكنه كان غير ملتزم بقوانينه الروحية، وفى يوم نياحته وحسب عادة الرهبان اجتمع حوله الآباء لكيما يأخذوا العبرة والمنفعة. وكانت المفاجأة أنهم قد وجدوه مبتسما !! فسألوه كيف تكون مبتسما وقد كنت مقصرا في قوانينك الروحية؟! فأجابهم إني أعلم أنى كنت مقصرا في حياتي الروحية، ولكني قد التزمت بآية واحدة فقط وهي: "لا تدينوا لكي لا تدانوا " فعندما أتى الملاك وأراد محاسبتي، قلت له كيف يكون هذا وأنا لم أدن أحدا من يوم رهبنتي ؟!! فعندما سمع الملاك هذا الكلام تركه ومضى. أمثلة لستر الإنسان على أخيه الإنسان أولاً ستر خصوصيات الآخر إن كل إنسان له عائلة .. وأصدقاء.. ومعارف.... وأقارب.. وأولاد.. وإلخ، ولكن ليس معنى هذا أن له الحق في كشف خصوصيات الآخر ونقل أخباره، والأغرب من هذا أننا قد نجد شخصا يتحدث عن نية شخص ما !! أو يتخيل ما يدور في تفكير اخر بالنسبة لأمر معين!! وهنا أسأل نفسك أيها الحبيب، هل تعرف كيف تستر على خصوصيات الآخر؟! لذلك دائما ما ننصح الأزواج حديثى الزواج أن يحافظوا على خصوصياتهم، ولا يتحدثوا عما يدور بينهم إلى الآخرين، حتى ولا إلى والديهم حتى لا تسوء الأمور أو ينهار البيت. وهذا أمر مهم جدا في كيان وبناء الأسرة، فليس كل ما تسمعه لك الحق في الحديث عنه، فيقول الكتاب "لأنك بكلامك تتبرر وبكلامك تدان" (مت ۳۷:۱۲) ومن أمثلة ذلك المرأة التي أمسكت في ذات الفعل (يو ۸)، وقد تجمع الناس من حولها وأرادوا رجمها ونسوا خطاياهم !! أما السيد المسيح فعالج الأمر بمنتهى الستر، فيقول الكتاب: "وأما يسوع فانحنى إلى أسفل وكان يكتب بإصبعه على الأرض" (يو ٦:٨). يقول بعض الآباء إن السيد المسيح كان قد انحنى، لكيما يكتب بعض خطايا الراجمين وعندما قرأ كل واحد منهم خطيئته، أنزل الحجارة إلى الأرض ومضى!! وأما هم فلما سمعوا وكانت ضمائرهم تبكتهم، خرجوا واحدًا فواحدًا مبتدئين من الشيوخ إلى الآخرين (يو٨ :٩)، وهنا قال يسوع للمرأة: "يا امرأة أين هم أولئك المشتكون عليك أما دانك أحد فقالت: لا أحد يا سيد. فقال لها يسوع ولا أنا أدينك اذهبي ولا تخطئي أيضا (يو: ۱۰-۱۱). ثانيا: حفظ خصوصیات سر الاعتراف سر الاعتراف هو أحد الأسرار الرئيسية في حياة كنيستنا ، وهو يضبط ميزان ومسار الحياة الروحية للإنسان، وهو أيضا يضبط الطريق الروحي للإنسان، فأب الاعتراف هو بمثابة الكاهن والرفيق والمرشد، وهو الذي يوضح الطريق للمعترف.وكل ما يسمعه الكاهن في سر الاعتراف يجب أن يحفظ تماما والكاهن الذي يفشي أسرار الاعتراف يستوجب العقاب، ولكن قد يتخيل شخص ما، أن الكاهن قد أفشى سر اعترافه لأنه قد سمعه يقص قصة مقاربة لاعترافه في إحدى عظاته، رغم أن الأب الكاهن يكون قد سرد هذه القصة بدون أية تفاصيل!! فسرية سر الاعتراف وخصوصياته هي إحدى صور الستر. ولذلك ممارسة سر الاعتراف من أصعب الممارسات التي يمارسها الكاهن، لأنه تتجمع عنده أحوال وخصوصيات آخرين ولا يستطيع أن ينطق بحرف وأحياناً يكون الكاهن في مأزق خطير جدا عندما يسأله أحد عن شخص يريد الارتباط به!! وهنا أنصح الكاهن أن يتحلى بالحكمة دون أن يفشي أي سر لا من بعيد ولا من قريب، فاستر على غيرك ما دمت محتاجا إلى الستر. وهناك قصة لطيفة نحكيها للأطفال: وهي عن أم دائما ما كانت تقول لابنها عن إحدى جاراتها إنها «بوشين" !! وفي أحد الأيام حضرت هذه الجارة لزيارة الأم، وهنا بدأ هذا الابن في الدوران حول كرسى هذه الجارة!! فسالته الجارة ماذا تفعل يا ابني ؟!! فأجابها الطفل إنى أبحث عن وجهك الآخر، لأن ماما تقول إنك "بوشين" !! فهذه الأم لم تستر على جارتها، فحتى إن كانت هذه الجارة بهذه الصفة كان يجب عليها أن تستر عليها، حتى لا يتعلم ابنها منها هذا التعليم الخاطئ والكتاب يقول: «اعطوا تعطوا كيلاً جيدًا ملبدا مهززوا فائضا يعطون في أحضانكم لأنه بنفس الكيل الذي به تكيلون يكال لكم (لو ٦ : ٣٨). كيف نقتني فضيلة الستر؟ أولاً :- تذكر ستر الله لك إن الله يستر علينا في مواقف عديدة وفي سقطات كثيرة وفي خطايا مختلفة وأتذكر أننى أثناء خدمتى قبل البطريركية طلب منى أن أذهب إلى شخص كبير في السن ومريض، لكيما يتناول من جسد الرب ودمه، وبالفعل ذهبت إليه، ولكن قبل أن يأخذ التناول طلب منى أن يعترف. وكانت أول كلماته أن الله ستر عليه في خطايا كثيرة، منذ أن كان عمره تسع سنوات ثم بدأ يسرد هذه الضعفات والخطايا وبعد يومين من اعترافه انتقل من هذا العالم !! فالله يستر علينا جميعا، ومن لا يشعر بستر الله هو إنسان جاحد. ثانيا : تعلم أن تحب الآخرين تعلم أن تحب الآخر مهما كان يحمل من ضعفات، حب الجانب الحلو الذي في الإنسان، فأي إنسان به جانب حلو وجانب سيء، فانظر إلى الجانب الجيد فيه، فالسيد المسيح عندما تحدث مع زكا العشار اهتم بجزء صغير، وهكذا فعل مع السامرية. وأيضا مع اللص اليمين اهتم بالكلمة الجيدة التي قالها : اذكرني يارب متى جنت في ملكوتك (لو ٤٢:٢٣)، واعتبرها توبة.. أو صلاة.. أو حياة جديدة.. لقد ركز السيد المسيح في هذه العبارة، ولم يركز في باقي الأخطاء السابقة، والقديس بطرس الرسول يقول: ولكن قبل كل شيء لتكن محبتكم بعضكم لبعض شديدة، لأن المحبة تستر كثرة من الخطايا (١ بط٨:٤). والقديس مار أفرام السرياني يقول: التلذذ بعيوب الآخرين يدل على أننا ممتلئون بغضة.والقديس مكاريوس الكبير يقول: يا أخي أحكم على نفسك قبل أن يحكموا عليك وهنا نتذكر قصة القديس الأنبا موسى الأسود، عندما طلبوا منه أن يحضر محاكمة أحد الرهبان امتنع في البداية ولكن مع إصرار الآباء على حضوره أطاع وحضر، ولكنه دخل إليهم وهو يحمل على ظهره شوالاً من الرمل!! فسأله الآباء ما هذا يا أبانا ؟!! فأجاب هذه خطایای تجری وراء ظهري، وقد أتيت اليوم لأحكم على غيري !! وهذا ما يجب أن نتعلمه کی ما نعيش به ونغير من سلوكنا، ولنعلم جيدا أن الذي يريد أن يسير في طريق السماء، يجب أن يتحلى بنعمة الستر على الآخرين، لأنه هو أيضا يتمتع بستر الله عليه. ثالثا : تعلم ألا تدين غيرك وهنا قد يتساءل البعض: إذاً، لماذا يوجد مجالس تأديب؟! نجيب أن هذا نظام في إدارة العمل، ولكن ما نريد أن نتحدث عنه هنا هو الإدانة على المستوى الشخصي وفي علاقاتنا الاجتماعية والشخصية والأنبا أنطونيوس يقول: «لا تدن غيرك لئلا تقع في أيدى أعدائك». بمعنى أن الذي يدين إنساناً على خطية ما، يأتي اليوم الذي يقع فيه، في نفس الخطية التي أدان عليها . وأيضا يقول أحد الآباء: "إذا أدنا أنفسنا لا يبقى لنا وقت لندين فيه الآخرين".وكما يقول أحد القديسين: "ليس هناك أفضل من أن يرجع الإنسان بالملامة على نفسه في كل شيء". فالعبارات كثيرة جدا في موضوع الستر، لكن خلاصة الأمر أنك عندما تصلى صلاة الشكر في كل مرة، يجب أن تصلى وتقول أشكرك يارب لأنك سترت حياتي في الماضى وفى الحاضر سترت على أسرتي الكبير فيها والصغيرسترت على أصدقائي سترت على خدمتي سترت على كنيستي سترت على مجتمعي والستر يشتمل أيضا الحفاظ على خصوصيات الوطن الذي نعيش فيه، لذلك نسمع أحيانًا خبرا أن شخصا ما ، تم اتهامه بالخيانة العظمى وهذا يعنى أنه أفشى أسرار وطنه!! لذلك يجب على كل إنسان أن يضع حسابا لكل كلمة ينطق بها فنعمة الستر نعمة غالية جدا، حاول أن تشعر بها ، وتذكر دائما عدد المرات التي ستر الرب عليك فيها، وحاول أن تستر على كل من تعرفهم، وكل من هم حولك وتعلم هذه الفضيلة في حياتك كل يوم. قداسة البابا تواضروس الثاني عن كتاب نشكرك لأنك
المزيد
21 يونيو 2024

تجديد العقل

بمناسبة عید حلول الروح القدس أحب أن أكلمكم عن صلاة نقولھا باستمرار: "قَلْبًا نَقِیًّا اخْلُقْ فِيَّ یَا الَلهُ، وَرُوحًا مُسْتَقِیمًا جَدِّدْ فِي أحِشائي" (مز ٥۱: 10 )، لأن أحد مفاعیل الروح القدس ھو عمل التجدید فالروح القدس یجدد فكر الإنسان ویعطيه الاستنارة في حیاته الله حینما خلق الإنسان خلقه بصفات ثلاثة: عاقلاً، وعاملاً، وعابدًا فصار للإنسان: عقل یفكر، وید تعمل، وقلب بروحه یتصل باﻟﻠﮫ باستمرار. شخصيات ﻓﻲ الكتاب اﻟﻤقدس تميزت برجاحة العقل: یقول الكتاب عن دانیال والفتیة الثلاثة: "أَمَّا ھؤُلاَءِ الْفِتْیَانُ الأَرْبَعَةُ فَأعَطَاھُمُ الله مَعْرِفَةً وَعَقْلاً فِي كُلِّ كِتَابَةٍ وَحِكْمَةٍ، وَكَانَ دَانِیالُ فَھِیمًا" (دا ۱: 17)وقال داود النبي لأبیجایل زوجة نابال الكرملي التي تصرفت بحكمة: "مُبَارَكٌ عَقْلُكِ" ( ۱صم ۲٥: 33) وفي العھد الجدید مدح السید المسیح المرأة الكنعانیة التي قالت: "نَعَمْ، یَا سَیِّدُ! وَالْكِلاَبُ أَیْضًا تَأْكُلُ مِنَ الْفُتَاتِ الَّذِي یَسْقُطُ مِنْ مَائِدَةِ أَرْبَابِھَا" (مت15: 27) أما زكا العشار فحینما تقابل مع السید المسیح وتغیر حاله واكتسب رجاحة العقل وقال:"ھَا أَنَا یَارَبُّ أُعْطِي نِصْفَ أَمْوَالِي لِلْمَسَاكِینِ، وَإِنْ كُنْتُ قَدْ وَشَیْتُ بِأحَدٍ أرَدُّ أرَبَعَةَ أضْعَافٍ" (لو ۱۹: 8) فقد حصل خلاص له ولأھل بیته. وبولس الرسول لما استنار عقله قال: "أَنَا الَّذِي كُنْتُ قَبْلاً مُجَدِّفًا وَمُضْطَھِدًا وَمُفْتَرِیًا" ( ۱تي ۱: ۱۳ )، وصار كارزًا بل وعملاقًا في الكرازة. ﻟﻤاذا خلق الله العقل للإنسان؟ وظیفة العقل الأولى، ھي التعرف على الله والخلیقة كلھا. یقول المزمور "اَلسَّمَاوَاتُ تُحَدِّثُ بِمَجْدِ للهِ، وَالْفَلَكُ یُخْبِرُ بِعَمَلِ یَدَیْھِ" (مز ۱۹: 1) فالنجوم والنباتات والحیوانات كلھا تجعل الإنسان یعیش روح التأمل. وظیفة العقل الثانیة، ھي إنه وعاء للمعرفة الواسعة في العالم. وظیفة العقل الثالثة، ھي أنه یساعد الإنسان في اتخاذ قراراته. فلو كان عقل الإنسان على مستوى الاستنارة والتجدید المستمر تكون قراراته صحیحة وتسیر حیاته بطریقة سلیمة. ما ﻫﻲ علامات العقل السليم؟ ۱- أن الله ھو الذي یقوده ولیس الھوى الشخصي وكنیستنا تعلمنا أن أول رشمة للمیرون تكون على النافوخ، وھو موضع العقل، وذلك لتقدیس العقل وتخصیصه ﻟﻠﮫ لیعمل فیه یقول المزمور: "وَصَایَا الرَّبِّ مُسْتَقِیمَةٌ تُفَرِّحُ الْقَلْبَ. أَمْرُ الرَّبِّ طَاھِرٌ یُنِیرُ الْعَیْنَیْنِ. نَامُوس الرَّبِّ كَامِلٌ یَرُدُّ النَّفْسَ. شَھَادَاتُ الرَّبِّ صَادِقَةٌ تُصَیِّرُالْجَاھِلَ حَكِیمًا. خَوْفُ الرَّبِّ نَقِيٌّ ثَابِتٌ إِلَى الأَبَدِ.أَحْكَامُ الرَّبِّ حَقٌّ عَادِلَةٌ كُلُّھَا" (مز ۱۹: 7-9) وأیضًا "سِرَاج لِرِجْلِي كَلاَمُكَ وَنُورٌ لِسَبِیلِي" (مز119: 105)ھناك أناس ربما یقرأون لكنھم لا یسمحون لكلمة الإنجیل أن تجدد حیاتھم، لذلك تعلمنا الكنیسة قبل قراءة الإنجیل أن نطلب من الله أن یفتح ذھننا لنفھم. ۲- أن یكون العقل مملوءًا بمعرفة متوازنة،لا یمیل للیمین ولا للیسار، فالاتزان ھو من علامات صحة العقل وفي اللغة المتداولة نقول "فلان متزن فلان كلامه موزون". ویقول الكتاب: "بِكَلاَمِكَ تَتَبَرَّرُ وَبِكَلاَمِكَ تُدَانُ" (مت ۱۲: 37 )، "وَمَن قَالَ: یَا أَحْمَقُ، یَكُونُ مُسْتَوْجِبَ نَارِجَھَنَّمَ" (مت ٥: 22) لذلك فإن آباء البریة فضلوا الصمت كثیرًا جدًا، لأن "كَثْرَةُ الْكَلاَمِ لاَ تَخْلُو مِنْ مَعْصِیَةٍ" (أم ۱۰ :19) ۳- أن تكون للعقل مرجعیة، فالذین بلا مرشد كأوراق الخریف یسقطون سریعًا. ومھما كبرالإنسان في المعرفة وفي خبرات الحیاة فإنه محتاج دائمًا أن یكون له مرجع یرجع إلیه كنوع من صمام الأمان. وكنیستنا تعلمنا أن یكون لنا آباء اعتراف ومرشدین حكماء طوال حیاتنا نسمع عن القدیس أثناسیوس العظیم أن مرجعیته كانت البابا ألكسندروس ال ۱۹ . والقدیس أغسطینوس كانت مرجعیته القدیس أمبروسیوس، وكذلك سیرة القدیس أنطونیوس. ٤- أن یكون العقل دائمًا متجددًا، وفي كل مرة نشعر أن الفكر بدأ في الحیدان نقول: "رُوحًا مُسْتَقِیمًا جَدِّدْ فِي أحِشائي" لنعود إلى الاستقامة یقول المزمور عن الرجل الصالح: "یَكُون كَشَجَرَةٍ مَغْرُوسَةٍ عِنْدَ مَجَارِي الْمِیَاهِ" (مز1 :3) والمیاه الجاریة ھي میاه متجددة وبالتالي فإنھا مرویة ونافعة إن عملیة تجدید العقل ھي عملیة روحیة داخلیة، فیھا عمل للنعمة وعمل لإرادة الإنسان معًا ومن حلاوة كنیستنا أنھا تعمل لنا طقسًا فرایحي،وكیھكي، وصیامي، وشعانیني، وسنوي. ھذاالتنوع "عِنْدَ مَجَارِي الْمِیَاهِ"، ھو التجدید المستمر. إن عملیة التنوع والتجدید والتغییر المستمر یضفي بھجة، وتشویقًا، واستنارة. في نھایة سفر مراثي إرمیا یقول: "جَدِّد أَیَّامَنَا كَالْقَدِیمِ" (مرا ٥ :21) بمعنى اجعل أیامنا الحاضرة فیھا روح الجدة كما كانت في القدیم وھناك آیة واضحة قالھا القدیس بولس الرسول "تَغَیَّرُوا عَنْ شَكْلِكُمْ بِتَجْدِیدِ أَذْھَانِكُمْ" (رو ۱۲: 2)وتجدید الذھن ھو شكل من أشكال التوبة. بعض سمات العقل غير السليم: ۱- عقل التھویل: یھول الأمور، كما یضیف إضافات وینسج روایات. ۲- العقل المنحرف: ھو دائمًا یعیش في الخیال والتصورات. ۳- العقل المشحون بالیأس:یرى أن كل شيء لا یصلح، لن ینفع، سیفشل. لیس عنده رجاء. ٤- العقل المتجمد: لا یتطور بل یعیش في خبراته القدیمة ویرفض كل جدید. ٥- العقل الروتیني: لا یتغیر عن الروتین الذي اعتاده، ولا یعرف التجدید ولا الابتكار. ھنا ویجب أن نعرف الفرق بین مصطلحین: الأصالة (الجذور)، والمعاصرة (الشجرة والثمر)، وعملیة الجمع بین الاثنین تحتاج إلى العقل الذي یجدده الروح القدس. ٦- العقل الفضولي: یبحث عن الأخبار، ویشبع نفسیًا حینما یعرفھا وینقلھا. ھذا عقل مریض. ۷- العقل المنقاد: لا یعرف إلا شخص واحد،یكون بطلاً في نظره، یصیر مسلوبًا لفكره وكأنه مسبي. ۸- العقل المشوش: حینما یتكلم ینتقل من موضوع لثاني ثم ثالث ورابع وتبحث عن أصل الموضوع فلا تجده. ھو تائه. ۹- العقل المنفعل: یكون دائمًا متوترًا وقلقًا،وأبسط كلمة تثیر انفعاله. ۱۰ - العقل الشھواني: الذي تتحكم فیه الخطیة والشھوات. مقترحات لكيفية ﺗﺠديد العقل: إن النعمة تساعد الإنسان في تجدید ذھنه وعقله،لكن یجب أن یكون لإرادة الإنسان دور، لذلك أقدم عدة مقترحات: ۱- یتجدد العقل من خلال القراءة المستمرة وعلى رأسھا قراءة الإنجیل، واظب على تدریب قراءة الإنجیل كل یوم، وجدد عقلك بقراءات مستمرة ومتنوعة. ۲- یتجدد العقل بالجلوس إلى الكبار، في أخذ المشورة من الأمناء، فإن خبرات الماضي تستطیع أن تفید الإنسان في الحاضر وتكون مؤثرة جدًا. ۳- من الممكن أن یتجدد العقل بمعرفة التاریخ،فلحكمة بالغة نجد في كنیستنا السنكسار والدفنار. اﻟخلاصة: مع احتفالنا بعید حلول الروح القدس نرفع قلوبنا ونقول: "قَلْبًا نَقِیًّا اخْلُقْ فِيَّ یَا لَلهُ، وَرُوحًا مُسْتَقِیمًا جَدِّدْ فِي أحِشائي". نصلي ونطلب من خلال عمل الروح القدس، أن یمنحنا الله روح التوبة والتجدید والاستنارة في كل حیاتنا. قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
14 يونيو 2024

"أعظم قوة"

من الكلمات المبھرة في الحیاة الإنسانیة كلمة "القوة" وھي كلمة واسعة المعاني وعدیدة الأبعاد والمجالات فھناك قوة العلم والمعرفة والمعلومات وھناك قوة المال والثروة والكنوزوھناك قوة البدن والصحة والعضلات وھناك قوة الفكر والأدب والفلسفات وھناك قوة النسك والزھد والتقشف وھناك قوة السیطرة والاستحواذ والتحكم وغیر ذلك كثیر ونوعیات ربما یصعب حصرھا وذات يوم تساءلت ما ﻫﻲ أعظم قوة ﻓﻲ حياة الفرد؟!أو حياة اﻟﻤجتمع؟!أو حياة الشعوب وشغلني السؤال وأنا أقرأ في كتب التاریخ وقصص الزمان، ووجدت أن كل أنواع "القوة" تظھر على مسرح الزمان وتستمر وقتًا ثم تنتھي وھكذا كانت الممالك والإمبراطوریات الكبیرة والجیوش العتیدة وھكذا كان الملوك والأباطرة والطغاة، ومن كان دكتاتورًا في زمنه وانقضى ومن كان متمیزًا ومشھورًا في جیله وانتھى ومن صار علامة في حیاة البشر إیجابًا أو سلبًا حتى أن سلیمان الحكیم یقول في سفر الجامعة "بَاطِلُ الأَبَاطِیلِ، الْكُلُّ بَاطِلٌ مَا الْفَائِدَةُ لِلإِنْسَانِ مِنْ كُلِّ تَعَبِه الَّذِي یَتْعَبُه تَحْتَ الشَّمْسِ؟" ( ۱: ۲ ،3) ویظل التساؤل: ما ھي أعظم قوة في حیاة الإنسان؟ وما ھي ھذه القوة التي تحمي الإنسان من السقوط في الخطأ؟! إنھا قوة "الغفران" التي ینالھا الإنسان من لله،وھي قوة "التسامح" أو المسامحة التي یقدمھاالإنسان لأخیه الإنسان وقبیل صعود السید المسیح إلى السماء بعد قیامته ظل أربعین یومًا یظھر لتلامیذه قائلاً: "ھكَذَا كَانَ یَنْبَغِي أنَّ الْمَسِیحَ یَتَألَمَّ وَیَقوُمُ مِنَ الأمَوَاتِ فيِ الْیَوْمِ الثَّالِثِ، وَأَنْ یُكْرَزَ بِاسْمِه بِالتَّوْبَةِ وَمَغْفِرَةِ الْخَطَایَا لِجَمِیعِ الأُمَمِ" (لو ۲٤: 46،47) أمام الخطایا یظھر إله الغفران: "إِله رَحِیمٌ وَرَؤُوفٌ، بَطِيءُ الْغَضَبِ وَكَثِیرُ الإِحْسَانِ وَالْوَفَاءِ حَافِظُ الإِحْسَانِ إِلَى أُلُوفٍ غَافِرُ الإِثْمِ وَالْمَعْصِیَةِ وَالْخَطِیَّةِ وَلكِنَّه لَنْ یُبْرِئَ إِبْرَاءً" حتى أن موسى النبي یصلي ویقول "إِنَّه شَعْبٌ صُلْبُ الرَّقَبَةُ وَاغْفِرْ إِثْمَنَا وَخَطِیَّتَنَا وَاتَّخِذْنَا مُلْكًا"(خروج ۳: 6-9)إن الإنسان یعیش في عالم ملئ بالجروح والمشاعر السلبیة والإساءات التي تصیبه من الآخرین، وتكون النتیجة ھي إصابته بمشاعر المرارة والغضب والقلق والخوف والظلم والاكتئاب والانتقام وكل ھذه الجروح والمواقف تسبب له حالة إحباط نفسي یختلف من وقت لآخر وھذا یؤثر على جسده ونفسه وروحه وبالتالي على سلوكیاته وتصرفاته سواء في البیت أو الكنیسة أو المجتمع وتنشأ عنده حالات الكراھیة والیأس والانطواء وغیاب الفرح مع أعراض أخرى مدمرة قاسیة ولا یجدي مع ذلك النسیان أوالإنكار أو الابتعاد ویقف الإنسان حائرًا ماذا یفعل؟! ولیس ھناك علاج أو مخرج من ھذه الحالة إلا بالغفران والمسامحة إن قوة التسامح ھي المنقذالوحید للخروج من ھذه المشاعر السلبیة التي شعرت فیھا النفس بالإیذاء النفسي العمیق ومعروف أن الشریعة في العھد القدیم لا تقتصرعلى وضع حد للانتقام "عَیْنًا بِعَیْنٍ" (خروج ۲۱: 23) ولكنھا أیضًا تنھي عن بغض الأخ لأخیه، كما تحرم الانتقام والحقد نحو القریب (لاویین ۱۹: ۱۸-۱۷) وقد تأمل ابن سیراخ الحكیم في ھذه التشریعات واكتشف الرابطة التي تربط بین غفران الإنسان لأخیه وبین الغفران الذي یلتمسه الإنسان من لله: "اِغْفِرْلِقَرِیبِكَ ظُلْمَه لَكَ فَإِذَا تَضَرَّعْتَ تُمْحَى خَطَایَاكَ"(سیراخ ۲۸: 2) والقاعدة واضحة جدًا أمام الإنسان؛ أن الله لا یمكن أن یغفر لمن لا یغفر لأخیه ومن أھمیة ذلك أن السید المسیح وضع ھذه القاعدة في الصلاة الربانیة التي نرددھا كل یوم حتى لا ننساھا إن مسامحة أخیك شرط طلب الغفران الإلھي (لوقا ۱۱: 4٤؛ متى ۱۸: 23) ولذا نجد السید المسیح یفرض على بطرس الرسول ألا یمل من الغفران (متى ۱۸ )، ونقرأ أن إستفانوس الشماس الأول مات وھو یغفر لراجمیه (أعمال ۷ :10) لأن الذي "یحب" علیه أن یعي أن ھناك فعلین یعملھما: أن یسامح وأن ینسى أیة إساءة إن الإنسان المسیحي یجب أن یغفر دائمًا ویغفربدافع المحبة أسوة بالمسیح (كولوسي ۳: 13) ولا یقاوم الشر إلا بالخیر (رومیة ۱۲: ۲۱ ) إن السید المسیح لم یدعو الخطاة إلى التوبة والإیمان فقط، بل أعلن أنه لم یأتِ إلا لیشفي ویغفرإن مقابلة الخیر بالخیر ھو عمل إنساني، ومقابلة الخیر بالشر ھوعمل شیطاني، أما مقابلة الشر بالخیر فھو عمل إلھي فالغفران عمل صعب على البشر لأنه لیس من طبیعتھم، ولكنه یحتاج قوة إلھیة خاصة نابعة من المحبة التي سكبھا لله في قلب الإنسان المسیحي (رومیة ٥:5)،وبھا یغفر ویسامح ویغسل قلبه ونفسه من الإساءة ومن المرارة، ولذا نصلي یومیًا "قَلْبًا نَقِیًّا اخْلُقْ فِيَّ یَا الَلهُ، وَرُوحًا مُسْتَقِیمًا جَدِّدْ فِي أحْشَائِي" (مزمور ٥۰) یا صدیقي: أن تسامح الإنسان الآخر الذي أساء إلیك ھو قرارك بإرادتك ورغبتك واختیارك ولكن اعلم أن مكسبك كبیر للغایة وھو الحصول على قدر أكبر من الرحمة الإلھیة والشفاء الداخلي الذي تحتاجه في حیاتك الحاضرة والآتیة أیضًا كما نصلي في مدیحة الصوم الكبیر طوبى للرحما على المساكین فإن الرحمة تحل علیھم والمسیح یرحمھم في یوم الدین ویحل بروح قدسه فیھم والمساكین ھنا لیس فقط فقراء المال والعوز ولكن أصحاب الشخصیة الفقیرة في السلوك والتصرف والأدب والأخلاق والمعاملة. لتكن صلاتك: أعطني یارب طاقة تسامح وغفران لكل من أساء إليَّ املأ قلبي بمحبتك فأستطیع أن أحب حتى الذین أساءوا إليَّ في مشوارحیاتي لا تدعني أحمل ضغینة ضد أي أحد علمني أن أسامح وأن أغفر وأن أحب رغم الضعف والفكر والمیول القلبیة الشریرة التي تحاربني وتبعدني عن طاعة وصیتك الغالیة "اِغْفِرُوا یُغْفَرْ لَكُمْ" (لوقا ٦: 37) أوعدك یارب أن أبدأ صفحة جدیدة كلھا تسامح وغفران وتوبة وحیاة نقیة أطلب فیھا نعمتك وروحك القدوس مرشدًا ومعینًا لحیاتي آمین. قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
07 يونيو 2024

معونة للمساكين

اﻟﻤساكين ثلاثة أنواع: ۱- مساكین بالروح: "طُوبَى لِلْمَسَاكِینِ بِالرُّوحِ،لأَنَّ لَھُمْ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ" (مت ٥: 3) المسكین بالروح ھو الإنسان الذي یعیش في اتضاع ووداعة ونقاوة. یعیش على الأرض لكن یخاف على نصیبه في السماء، لذلك حیاته على الأرض تكون مستقیمة وصحیحة. وإن سقط أو ارتكب أیة خطیة یتوب سریعًا لیكمل مشواره بطریقة صحیحة.والمساكین بالروح یعیشون في مخافة الله على الدوام. مثال لھم أمنا العذراء مریم التي قالت: "لأَنَّه نَظَرَ إِلَى اتِّضَاعِ أَمَتِه" (لو ۱: ٤۸ )، وھي التي اختارھا الله لنقاوتھا الفائقة لیتجسد منھا ویولد، وصارت ھي فخر جنسنا. ۲- مساكین الاحتیاج: الكل لھم احتیاجات متعددة، وأحیانًا من لا یجد احتیاجه یقع في الخطأ یقول السید المسیح: "تَعَالَوْا یَا مُبَارَكِي أَبِي، رِثُوا الْمَلَكُوتَ الْمُعَدَّ لَكُمْ مُنْذُ تَأْسِیسِ الْعَالَمِ. لأَنِّي جُعْتُ فَأَطْعَمْتُمُونِي. عَطِشْتُ فَسَقَیْتُمُونِي. كُنْتُ غَرِیبًا فَآوَیْتُمُونِي. عُرْیَانًا فَكَسَوْتُمُونِي. مَرِیضًا فَزُرْتُمُونِي. مَحْبُوسًا فَأَتَیْتُمْ إِلَيَّ" (مت ۲٥ :34 -36)،ھنا ذكر ٦ احتیاجات. وفي الصوم الكبیر نردد مدیحة "طوبى للرحماء على المساكین"، فأنت في كل مرة تخدم إنسانًا صاحب احتیاج أنت تخدم المسیح مباشرةً. ۳- مساكین لا یعرفون الله: ھؤلاء حملوا الجھل في قلوبھم ولم یعرفوا طریق الرب. وأي إنسان لا یعرف الله ھو إنسان جاھل ومسكین ویستحق الشفقة لأنه لا یعرف الله صاحب الخیرات والنعم. طلب الله منا أن نهتم باﻟﻤساكين:- "طُوبَى لِلَّذِي یَنْظُرُ إِلَى الْمَسْكِینِ. فِي یَوْمِ الشَّرِّ یُنَجِّیه الرَّبُّ. الرَّبُّ یَحْفَظُهٌ وَیُحْیِیه. یَغْتَبِطُ فِي الأرَضِ، وَلا یُسَلمِّهٌ إلِىَ مَرَامِ أعَدَائِه الرَّبُّ یَعْضُدُه وَھُوَ عَلَى فِرَاشِ الضُّعْفِ" (مز ٤۱: 1-3) "مَنْ یَحْتَقرِ قرَیبَهُ یخُطِئُ، وَمَنْ یَرْحَم المْسَاكِینَ فَطُوبَى لَهُ" (أم ۱٤: 21) "مَنْ یَسُدُّ أذُنَیْه عَنْ صُرَاخِ المْسْكِینِ، فھَوُ أیَضًا یَصْرُخُ وَلاَ یُسْتَجَابُ" (أم ۲۱: 13) مساكين ذكروا ﻓﻲ الكتاب المقدس: داود النبي قبل أن یكون ملكًا في بعض الأوقات كان مسكینًا لا یجد طعامًا له ولا لمن حوله ویرسل یطلب من نابال. وإرمیاء النبي أیضًا كان مسكینًا وحمل في جسده وقلبه آلام شعبه. وأیوب بعد أن ضُرب كان مسكینًا. بل بولس الرسول یقول عن السید المسیح نفسه: "فَإِنَّكُمْ تَعْرِفُونَ نِعْمَةَ رَبِّنَا یَسُوعَ المْسِیحِ، أنَّهُ مِنْ أجَلكِم افْتَقرَ وَھُوَ غَنيِّ، لكِيْ تَسْتَغْنُوا أَنْتُمْ بِفَقْرِهِ" ( ۲كو8 :9) الفقراء الفقیر ھو الفقیر فعلاً الذي تضیق به الحیاة ویقول القدیس یوحنا ذھبي الفم عنھم: "الفقراء حراس الملكوت". هناك نوﻋﺎن من اﻟﻨاس: ۱- غیر محتاج یأخذ من مسكین: مثل آخاب الملك الذي اشتھى قطعة الأرض الصغیرة التي لنابوت الیزرعیلي، واغتصبه. وھذا شر. ۲- مسكین یعطي من احتیاجه: مثل الأرملة التي قدمت الفلسین فأشار إلیھا السید المسیح وقال: "الْحَق أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ ھذِهِ الأَرْمَلَةَ الْفَقِیرَةَ قَدْ أَلْقَتْ أَكْثَرَ مِنْ جَمِیعِ الَّذِینَ أَلْقَوْا فِي الْخِزَانَةِ، لأَنَّ الْجَمِیعَ مِنْ فَضْلتَھِمْ ألَقَوْا. وَأمَّا ھذِهِ فَمِنْ إعِوَازِھَا ألَقَتْ كُلَّ مَا عِنْدَھَا، كُلَّ مَعِیشَتِھَا" (مر ۱۲: 43-44) ھذا ھو قمة العطاء، وھو یدل على عظم الإیمان. طريقة خدمة اﻟﻤساكين من قصة أعرج باب الهيكل الجميل ( أع 3 :2-10) ۱- التقدیر: "فَتَفَرَّسَ فِیه بُطْرُسُ مَعَ یُوحَنَّا" أي بدءا ینظرا إلیه باھتمام واحترام ویتحدثا معه. من المھم أن نتعامل مع المساكین عمومًا بتقدیر لشخصھم. ولنعلم أن أي منا كان من الممكن أن یكون في نفس ظروف ھذا المسكین (مشرّد، بلا مأوى، إلخ). ۲- استعداد العطاء: "لَیْسَ لِي فِضَّةٌ وَلاَ ذَھَبٌ،وَلكِنِ الَّذِي لِي فَإِیَّاهُ أُعْطِیكَ". أي تكون مستعدًا دائمًا للعطاء والتقدیم. إیاك أن تقول "لا یوجد"لأنك إن قلتھا فلن تجد بالفعل، أما إن قدَّمت بحسب قدرتك فسوف یبارك لله ویعطي أكثر وأكثر،والقصص في ھذا المجال كثیرة جدًا. ھناك من یغلق یده، ویقسي قلبه، ولا یعرف أن یعمل عمل رحمة، لكن ھناك من ھو متكل على الله ویقدِّم وھو یعلم أن الله ھو الذي یغطِّي الاحتیاجات. بالنسبة لمن یخدم الفقراء في الكنیسة، فلیعلم أن ما في یده لیس له فضل فیه، وإن الله ھو الذي یحرك القلوب، وأما وظیفته ھو، فھي أن یكون أمینًا.ومن المھم أن نعلم الأطفال العطاء من الصغر، وأن نحرص على تقدیم عشور دخلنا ﻟﻠﮫ لبركةالبیت كله. ۳- القیام بعمل: "بِاسْمِ یَسُوعَ الْمَسِیحِ النَّاصِرِيِّ قُمْ وَامْشِ. وَأَمْسَكَهٌ بِیَدِهِ الْیُمْنَى وَأَقَامَهٌ، فَفِي الْحَالِ تَشَدَّدَتْ رِجْلاَهُ وَكَعْباهُ، فَوَثبَ وَوَقَفَ وَصَارَیَمْشِي". تكلم الرسولان مع الأعرج بابتسامة وحنیة وإیمان قوي، فنال الرجل شفاءً كاملاً. نوعيات اﻟمعونة للمساكين: في العھد القدیم ذكر حجر المعونة stone of help"فَأَخَذَ صَمُوئِیلُ حَجَرًا وَنَصَبَه ٌبَیْنَ الْمِصْفَاةِ وَالسِّنِّ، وَدَعَا اسْمَهٌ" حجر المعونة" وَقَالَ: إِلَى ھُنَا أَعَانَنَا الرب" ( ۱صم ۷: ۱۲ ).وكلمة "حجر" تعني أن یستند الإنسان على أساس. ۱- معونة نفسیة: ھناك من یحتاج إلى تشجیع وتقدیر واھتمام وحب. البعض عندھم شعور أن لا أحد یحبھم. وفي نظریات التربیة یقولون إن الوالدین بین الحین والآخر لابد أن یسألوا الأبناء إن كانوا یشعرون بمحبتھم لھم أم لا، لیتأكدوا أن أولادھم یشعرون بمحبتھم. الشخص الفقیر دائمًا مجروح وخجل، فكیف تستطیع أن تقدم له المعونة النفسیة وتساعده؟ ۲- معونة روحیة: كیف یندمج الشخص في وسط الكنیسة ویكون له دور وخدمة، كیف تكون له أجبیة خاصة وإنجیل خاص.. نقدم لكل شخص بحسب ظروفه. ۳- معونة مادیة: ھناك مجالات واسعة جدًا للعطاء مثل: السكن، التعلیم، العلاج، زواج البنات إلخ.نحن نحاول أن نعمل مشروعات صغیرة، من خلالھا یكبر الشخص ویعیش حیاة طیبة بعمله. فلم نعد نسمیھا "خدمة أخوة الرب" بل نسمیھا "مكتب التنمیة". نرید في كل بیت عمل وتعب وتنمیة.ھناك بلاد كبیرة قامت على المشروعات الصغیرة.وھذه المشروعات الصغیرة تتجمع وتعمل مشروعًا كبیرًا. ٤- معونة اجتماعیة: أن یشعر الشخص بحضوره في المجتمع، وأنه محبوب لذاته، وله تقدیر ومكانة في المجتمع. والحقیقة من أعظم الإنجازات التي تمت في مصر في السنوات القلیلة الماضیة أن الدولة أزالت المناطق العشوائیة وعملت مساكن جدیدة محترمة یسكن بھا الناس ویعیشوا حیاة وقورة. كذلك مشروع "حیاة كریمة"ھذا المشروع یرتقي بالحیاة.. فحاول أن تكون لك مساھمة حتى ولو قلیلة جدًا، وتذكر الولد الذي كان معه خمسة أرغفة وسمكتین، وأنھا لما وضعت في ید المسیح شبع منھا خمسة آلاف رجل ماعدا النساء والأطفال وفضل عنھم ۱۲ قفة. إن المعونة الاجتماعیة ھي أن تحب كل إنسان وتقدم حتى ولو فلسین معونة للمساكین. ختام: یجب أن نشعر أننا كلنا مساكین أمام الله، كل إنسان مھما كبر به نقطة ضعف (صحیة، نفسیة،روحیة، اجتماعیة)، لذلك نقول في المزمور: "أَمِلْ یَا رَبُّ أُذُنَكَ. اسْتَجِبْ لِي، لأَنِّي مَسْكِینٌ وَبَائسِ أنَا"(مز ۸٦ : 1) والمعونة التي تقدمھا لتكن بمحبة، لیس كفرض أو واجب أو مظھریة. وما تقدمه بمحبة سیأتي بنتائج ویكون له أثرًا كبیرًا.نصلي ونقول: "معونة للمساكین"، فتذكَّر حجر المعونة، أي أن یكون كل مسكین واقفًا على أرض صلبة فلا یشعر بالضیاع وسط أي مجتمع. قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
24 مايو 2024

وداعة للفضلاء

من هم الفضلاء؟ كلمة "الفضلاء" جمع كلمة "فاضل" من"الفضیلة"، فالفاضل ھو من ینمو في الفضیلة إن كل إنسان مسیحي ھو صورة للمسیح في كل مكان یحل فیه، لأن السید المسیح قال لنا: "أَنْتُم مِلْحُ الأَرْضِ أَنْتُمْ نُورُ الْعَالَمِ" (مت ٥: 13, 14) وقیل أنتم "رَائِحَةُ الْمَسِیحِ الذَّكِیَّةِ" ( ۲كو ۲: 15) یقول القدیس بطرس: "نِھَایَة كُلِّ شَيْءٍ قَدِاقْتَرَبَتْ، فَتَعَقَّلُوا وَاصْحُوا لِلصَّلَوَاتِ. وَلكِن قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ، لِتَكُنْ مَحَبَّتُكُمْ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ شَدِیدَةً،لأَن الْمَحَبَّةَ تَسْتُرُ كَثْرَةً مِنَ الْخَطَایَا. كُونُوامُضِیفِینَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا بِلاَ دَمْدَمَةٍ (تذمر). لِیَكُنْ كُلُّ وَاحِدٍ بِحَسَبِ مَا أخَذَ مَوْھِبَةً، یَخْدِمُ بِھَا بَعْضُكُمْ بَعْضًا، كَوُكَلاَءَ صَالِحِینَ عَلَى نِعْمَةِ اللهِ الْمُتَنَوِّعَةِ"(۱بط ٤: 7-10 )ھذه الكلمات ھي دعوة للحیاة الفاضلة. وقد أعطى الله كل إنسان موھبة معینة لكي نكمِّل بعضنا بعضًا. لذلك قال معلمنا یعقوب: "كُل عَطِیَّةٍ صَالِحَةٍ وَكُلُّ مَوْھِبَةٍ تَامَّةٍ ھِيَ مِنْ فَوْقُ، نَازِلَةٌ مِنْ عِنْدِ أَبِي الأَنْوَارِ" (یع ۱: 17) كيف نكسب الفضيلة؟ یسمح لله للبعض أن یولدوا بالفضیلة، وھي حالات خاصة مثل یوحنا المعمدان الذي قیل عنه "من بَطْنِ أُمِّه یَمْتَلِئُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ" (لو ۱: 15) ومثل إرمیا النبي الذي قال الله له "قَبْلَمَا صَوَّرْتُكَ فِي الْبَطْنِ عَرَفْتُكَ" (إر ۱: 5). أما غالبیة الناس فیجاھدون من أجل الوصول لحیاة الفضیلة، مثلما نسمع عن جھاد القوي القدیس الأنبا موسى الأسود. ﻟﻤاذا نقول "وداعة للفضلاء"؟ لأن الفضیلة لا تعیش ولا تظھر إلا بوداعة الإنسان، فمن لیست عنده وداعة لا تظھر فضیلته.والفقرة التي نقرأھا في صلاة باكر توضح ذلك"فَأَطْلُب إِلَیْكُمْ، أَنَا الأَسِیرَ فِي الرَّبِّ أَنْ تَسْلُكُوا كَمَا یَحِقُّ لِلدَّعْوَةِ الَّتِي دُعِیتُمْ بِھَا بِكُلِّ تَوَاضُعٍ، وَوَدَاعَةٍ،وَبِطُولِ أَنَاةٍ، مُحْتَمِلِینَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فِي الْمَحَبَّةِ مُجْتَھِدِینَ أَنْ تَحْفَظُوا وَحْدَانِیَّةَ الرُّوحِ بِرِبَاطِ السَّلاَمِ"(أف ٤: 1-3) في ھذه الفقرة نجد ثلاثة أمور: ۱- السلوك: "أَنْ تَسْلُكُوا كَمَا یَحِقُّ لِلدَّعْوَةِ" فكل منا له دعوة مختلفة عن الآخر (أب، كاھن، خادم،مدرس، مھندس، طبیب، إلخ.) یجب أن یسلك في ھذه الدعوة بكل أمانة. وفي سلوك الإنسان یقول الله تعبیر مطمئن: "لا تَخَفْ، أَیُّھَا الْقَطِیعُ الصَّغِیرُ، لأَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ سُرَّ أَنْ یُعْطِیَكُمُ الْمَلَكُوتَ" (لو ۱۲: 32) ۲- الاحتمال: "مُحْتَمِلِینَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فِي الْمَحَبَّةِ"، وھذه الفقرة نقرأھا كل صباح في صلاة باكر قبل أن نخرج ونتعامل مع البشر، لنتعلم أن نحتمل بعضنا بعضًا في المحبة، فلا نتأثر بتعبیروجه أو كلمة أو تصرف. بل السید المسیح قال "أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ" (مت ٥ :44) لذلك یجب أن یكون القلب مفتوحًا لكل إنسان. ۳-الاجتھاد: "مُجْتَھِدِینَ أَنْ تَحْفَظُوا وَحْدَانِیَّةَ الرُّوحِ بِرِبَاطِ السَّلاَمِ"، بمعنى احفظ سلامة أسرتك،وسلامة خدمتك، وسلامة المجتمع الذي تعیش فیه أن یكون مجتمعًا ثابتًا وقویًا، وھكذا ما ﻫﻲ الوداعة؟ كل إنسان منا لابد أن یقدِّم الفضیلة وھي محفوظة بالوداعة. وقال السید المسیح: "اِحْمِلُوانِیرِي عَلَیْكُمْ وَتَعَلَّمُوا مِنِّي، لأَنِّي وَدِیعٌ وَمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ، فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُمْ" (مت ۱۱: 29) المسیح الذي فیه كل كمالات الفضائل كانت الوداعة والتواضع ھما الفضیلتان الأساسیتان التي علمنا وطلب منا أن نقتدي به فیھما. وطوبى للإنسان الذي یحتمل ویعرف إنه بذلك یتشبه بسیده وكلمة ودیع أو لطیف ھي أسماء جمیلة ھومعنى اسم القدیسة دمیانه، وأحد معاني اسم داود النبي ونتذكر أن السیدة العذراء قالت في تسبحتھا: "أَنْزَل الأَعِزَّاءَ عَنِ الْكَرَاسِيِّ وَرَفَعَ الْمُتَّضِعِینَ" (لو ۱: 52) وقال القدیس موسى الأسود: "وداعة القلب تتقدم الفضائل كلھا والكبریاء ھي أساس كل الشرور". كيف نعيش الوداعة؟ التواضع یحتاج الوداعة: التواضع فضیلة تحتاج للوداعة وأنت تمارسھا. مثال لذلك قصة داود النبي ونابال الكرملي: ذھب رسل داود إلى نابال لیطلبوا بعض الطعام في یوم احتفاله، فغضب وطردھم وتصرف بحماقة كمعنى اسمه (نابال=حماقة) فقرر داود أن ینتقم منه، ولما علمت زوجته أبیجایل الحكیمة، جمعت مأكولات وخرجت مع بعض الغلمان فقابلت داود ورجاله في الطریق ثم بدأت تتكلم بكلام لطیف وودیع ومتضع، وقدّمت لداود نصیحة فتراجع عن انتقامه لنفسه، وقال لھا "مُبَارَك عَقْلُكِ" ( ۱صم ۲٥: 33) ھكذا فإن وداعة الإنسان تصرف الغضب ویقول الكتاب "اَلْجَوَاب اللَّیِّنُ یَصْرِفُ الْغَضَبَ،وَالْكَلاَمُ الْمُوجعُ یُھَیِّجُ السَّخَطَ" (أم ۱٥: 1) انتبه وأنت تتحاور مع أي إنسان ألا یخرج منك لفظ یتعب أو یجرح أو لا یقبله الآخر. الوداعة تحمي المحبة: إن عالم الیوم جوعان للمحبة، ھو عالم غارق في المادیات والتكنولوجیا والاختراعات الحدیثة ومنصات التواصل الاجتماعي والأفكار الغریبة الشاردة، كما قال السید المسیح "الْعَالم كُلَّه قَدْ وُضِعَ فِي الشِّرِّیرِ"(1یو ٥ :19) یقول القدیس موسى الأسود "قساوة القلب تولد الغیظ والوداعة تولد الرحمة"علِّم نفسك أن تقول الكلمة التي تتسم بالوداعة لما أحضروا للسید المسیح امرأة ضبطت في الخطیة، وأوقفوھا في الوسط، وأمسك كل منھم حجرًا لیرجمھا، جلس ھو بمنتھى الھدوء والوداعة وكتب خطایاھم على الأرض بدون تحدید وقال لھم "مَن كَانَ مِنْكُمْ بِلاَ خَطِیَّةٍ فَلْیَرْمِھَا أَوَّلاً بِحَجَرٍ" (یو ۸: 7) فانصرفوا. لم یھاجمھم ولم یفضحھم بل تصرف بمحبة ووداعة، ثم نظر للمرأة في وداعة وقال لھا "أَمَا دَانَكِ أَحَدٌ وَلا أَنَا أَدِینُكِ. اذْھَبِي وَلاَ تُخْطِئِي أَیْضًا" (یو ۸: 10-11)ھكذا نقدِّم فضیلة المحبة بالوداعة. الوداعة مع الشجاعة: لابد أن یكون الإنسان شجاعًا لكن الشجاعة بدون وداعة تكون تھورًا طرد السید المسیح الباعة والصیارفة الذین یبیعون ویشترون بشكل لا یتناسب مع قدسیة الھیكل وطھر الھیكل، وقال: "بَیْتِي بَیْتَ الصَّلاَةِ یُدْعَى وَأَنْتُمْ جَعَلْتُمُوهُ مَغَارَةَ لصُوصٍ" (مت ۲۱: 13) وھي عبارة فیھا تعلیم ومبدأ ونصیحة دانیال النبي وھو في الأسر، اتھموه بأنه یعصى الملك لأنه یرفض أن یسجد لتمثال الذھب، وكانت النتیجة أنه ألقي في جب الأسود،وفي الیوم التالي عندما ذھب إلیه الملك ووجده حیًا، رد على الملك بمنتھى الوداعة قائلاً "یَا أَیُّھَا الْمَلِكُ، عِشْ إِلَى الأَبَد! إِلھِي أَرْسَلَ مَلاَكَه وَسَدَّ أَفْوَاهَ الأُسُودِ" (دا ٦: 21,22) الوداعة في العبادة والصلوات: "تَأَوُّهَ الْوُدَعَاءِ قَدْ سَمِعْتَ یَا رَبُّ. تُثَبِّتُ قُلُوبَھُمْ. تُمِیلُ أُذُنَكَ" (مز ۱۰: 17) الإنسان الودیع الذي یقدم مع صلاته بكاء أو تأوه ھذا یستمع له الله یقول القدیس أمبروسیوس "إن الوداعة ھي القاعدة الأولى الجدیرة بالاتباع في التسبیح والترتیل. وصلواتنا نفسھا تكون بالوداعة مقبولة ومرضیة جدًا وتكسبنا نعمة عظیمة لدى الله" فالعبادة التي تقدَّم ﻟﻠﮫ بوداعة تكون مقبولة أمامه. الوداعة ﻟﻬا هذه الصفات اﻟﺜلاث الرئيسية: ۱- اللطف: "كُونُوا لُطَفَاءَ" (أف ٤: 32) إن مجرد كلمة لطیفة یكون لھا أثر كبیر یستمر لزمن طویل. ۲- التسامح: "اغْفِر لَنَا ذُنُوبَنَا كَمَا نَغْفِرُ نَحْنُ أَیْضًا لِلْمُذْنِبِینَ إِلَیْنَا" (مت ٦: 12) والشخص المتسامح یمرر الأمور ولا یعقدھا. ۳- الاتضاع: ھو "أرض حاملة لكل الفضائل"،كما یعلمنا الآباء. ختام تعلمنا الكنیسة أن نصلي لمن ھم في موضع تقدیم الفضیلة (الفضلاء)، فنطلب أن یشملھم الله بالوداعة، لتظھر الفضیلة بالوداعة. قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
17 مايو 2024

صلاًحا للأغنياء

ما هو الغنى؟ في معجزة إشباع الجموع قدَّم طفل صغیر خمس خبزات وسمكتین باركھا السید المسیح فتم توزیعھاعلى خمسة آلاف، وأكل الجمیع وشبعوا بل وفضل عنھم ۱۲ قفة من الكسر (مت ۱٤) والمقصود بالغنى أساسًا ھو البركة، فھذا الطفل یعتبر غنیًا، بالرغم من أن ما بیده كان قلیلاً،والمرأة صاحبة الفلسین كانت لدیھا عملة بسیطة جدًا، قدمتھا من أعوازھا، لكن قال السید المسیح "إِنَّ ھذِهِ الأَرْمَلَةَ الْفَقِیرَةَ أَلْقَتْ أَكْثَرَ مِنَ الْجَمِیعِ"(لو ۲۱: 3 ,4) إن الغنى لیس ھو غنى المال فقط. أنواع من الغنى ۱- الغني بالحب: عنده طاقة حب: "إِنْ كُنْتُ أَتَكَلَّمُ بِأَلْسِنَةِ النَّاسِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَلكِنْ لَیْسَ لِي مَحَبَّةٌ، فَقَدْ صِرْتُ نُحَاسًا یَطِنُّ أَوْ صَنْجًا یَرِنُّ" ( ۱كو ۱۳ :1) ۲- الغني بالعطاء: عنده روح العطاء فیعطي من الأعواز: "الْجَمِیعَ مِنْ فَضْلَتِھِمْ أَلْقَوْا وَأَمَّا ھذِهِ فَمِنْ إِعْوَازِھَا أَلْقَتْ كُلَّ مَا عِنْدَھَا، كُلَّ مَعِیشَتِھَا"(مر ۱۲ :43 ,44) ۳- الغني بالإیمان: إیمانه قوي "أَمَا اخْتَارَ للهُ فُقَرَاءَ ھذَا الْعَالَمِ أَغْنِیَاءَ فِي الإِیمَانِ، وَوَرَثَةَ الْمَلَكُوتِ" (یع ۲: 5) مثل الشھداء ٤- الغني بكلمة ربنا: تكون الوصیة في لسانه وفي حیاته، ویعیش الوصیة. ٥- الغني بالستر: القدیس الأنبا أبرآم كان یقول "لا حُزنا ولا عُزنا". في التاریخ الكتابي ھناك أغنیاء كثیرون كانوا قدیسین مثل: إبراھیم أبو الآباء، وإسحاق،ویعقوب، ویوسف الصدیق، وأیوب، ودانیال النبي، وداود الملك، وسلیمان، ومتى العشار،وأكیلا وبریسكلا، ویوسف الرامي، وغیرھم. وفي التاریخ المسیحي: الأنبا أنطونیوس، والأنباأرسانیوس معلم أولاد الملوك، ومكسیموس ودومادیوس، والملكة أناسیمون السائحة، والملكة ھیلانة، والملك زینون، والمعلم إبراھیم الجوھري وغیرھم. یقول القدیس أغسطینوس: "لیس الشر في أن یكون لدیك ممتلكات بل في أن الممتلكات تمتلكك". الصلاح الصلاح صفة من صفات الله. حینما قال الشاب الغني للمسیح "أَیُّھَا الْمُعَلِّمُ الصَّالِحُ، مَاذَا أَعْمَلُ لأَرِثَ الْحَیَاةَ الأَبَدِیَّةَ؟ فَقَالَ لَه یَسُوعُ: لِمَاذَا تَدْعُونِي صَالِحًا؟ لَیْسَ أَحَدٌ صَالِحًا إِلاَّ وَاحِدٌ وَھُوَ اللهُ" (مر ۱۰ : 17, 18)وكلمة "صلاح" نسمیھا باللغة الحدیثة "التدبیرالحسن". لذلك یجب أن نعرف المبدأ الذي قدَّمه الكتاب المقدس: "أَنَّ مَحَبَّةَ الْمَالِ أَصْلٌ لِكُلِّ الشُّرُورِالَّذِي إِذِ ابْتَغَاهُ قَوْمٌ ضَلُّوا عَنِ الإِیمَانِ، وَطَعَنُوا أَنْفُسَهُمْ بِأَوْجَاعِ كَثِيرَةٍ" (اتي6: ١٠). فليس "المال" إنما محبَّة المال أَصْلِّ لِكُلِّ الشَّرُورِ" لأن المال من نعم الله. معنى كلمة صلاح من أحرفها "ص" = صدق: "السالِكُ بِالْكَمَالِ يَخْلُصُ، وَالْمُلْتَوِي في طَرِيقَيْنِ يَسْقُطُ فِي إِحْدَاهُمَا" (أم ۲۸:۱۸) الصادق هو إنسان مستقيم، لا يكسب ماله بطرق ملتوية. "ل" = لين: ألا يكون صاحب قلب قاسي. ولا تنسوا أن الله قال: "لا يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَخْدِمَ سَيِّدَيْنِ لا تَقْدِرُونَ أَنْ تَخْدِمُوا اللهَ وَالْمَالَ" (مت ٦ : ٢٤) هنا المال وضع في مكانة كأنه إله، وهو بالحقيقة صنم. القلب الرحيم لا يعرف الغلظة، بل هو قلب ممتلئ رحمة وحنانا قدم لنا السيد المسيح مثل الغني ولعازر كان الغني يسكن قصرًا، وكان لعازر الفقير يستعطي على بابه، تلحس الكلاب قروحه لكن تبدل الحال لما انتقلوا، فصار الغني يشتهي أن يأتي هذا الفقير الذي أهمله ليبرد لسانه بطرف أصبعه احترزوا فإن أحد أعراض المال إنه يقسى القلب لذلك قيل" مَحَبَّةُ الْمَالِ أَصَلِّ لِكُلِّ الشَّرُورِ " ( ١ تي ٦ :١٠). "أ" = اكتفاء: أن يكون الإنسان مكتفيا من الداخل وليس عنده جشع ولا أنانية ولا انفرادية ولا ذاتية. "في يَوْمٍ مُعَيَّنِ لَبِسَ هِيرُودُسُ الْحُلَةَ الْمُلُوكِيَّةَ، وَجَلَسَ عَلَى كُرْسِي الْمُلْكِ وَجَعَلَ يُخَاطِبُهُم فَصَرَخَ الشَّعْبُ: هَذَا صَوْتُ إِلَهِ لَا صَوْتُ إِنْسَانٍ فَفِي الْحالِ ضَرَبَهُ مَلَاكُ الرَّبِّ لأَنَّهُ لَمْ يُعْطِ الْمَجْدَ للَّهِ، فَصَارَ يَأْكُلُهُ الدودُ وَمَاتَ"( اع ۱۲ : ۲3-۲1). "ح" = حكمة: يقول يوحنا ذهبي الفم: "ليس هناك أية خطيئة في كونك غنيًا ولكن الخطيئة أن تكون غنيا بدون عقل". مثل الغني الغبي الذي أعطاه الله ثروات كثيرة فقال: "أعمل هذا: أَهْدِمُ مَخَازِنِي وَأَبْنِي اعظم، وَاجْمَعُ هُنَاكَ جَمِيعَ غلاتي وَخَيْرَاتِي وَأَقُولُ لِنَفْسي يَا نَفْسٌ لَكِ خَيْرَاتٌ كثيرة، موضوعة لسنين كَثِيرَةٍ. اسْتَرِيحِي وَكُلِي وَاشْرَبِي وَافْرَحِي فَقَالَ لَهُ اللهُ: يَا غَبِيُّ هَذِهِ اللَّيْلَةَ تُطْلَبُ نَفْسُكَ مِنْكَ، فَهَذِهِ الَّتِي أَعْدَدْتَهَا لِمَنْ تَكُونُ" (لو ۱۲: ۱۸-20)، أي كانت النتيجة أنه أخذ لعنة. أما الطفل الذي قدم الخمس خبزات والسمكتين الطعام الذي يكفيه لكنه فكر في الجموع فكانت النتيجة أنه أخذ بركة. قال القديس غريغوريوس النزينزي: "الثروة لیست شرا، ولكن هي شر إذا استخدمت بشكل طمعي وجشعي".هذه كلها نقاط مهمة في معنى عبارة "صلاحا للأغنياء". خطة بولس الرسول (٢-٤-٢) تحت عنوان صلاحا للأغنياء": أولاً: ينهي الأغنياء عن أمرين "أَوْصِ الْأَغْنِيَاءَ فِي الدَّهْرِ الْحَاضِرِ أَنْ لَا يَسْتَكْبِرُوا ، وَلَا يُلْقُوا رَجَاءَهُمْ عَلَى غَيْرِ يَقِينِيَّةِ الْغِنَى بَلْ عَلَى اللهِ الْحَيِّ الَّذِي يَمْنَحُنَا كُلَّ شَيْءٍ بِغِنى للتَّمَتَّع " ( ١ تي ٦ : ١٧). ١- "لا يَسْتَكْبِرُوا": لأن قَبْلَ الْكَسْرِ الْكِبْرِيَاءُ،وَقَبْلَ السُّقُوطِ تَشَامُحُ الرُّوح" (أم ١٦: ١٨). ٢- " لَا يُلْقُوا رَجَاءَهُمْ عَلَى غَيْرِ يَقِينِيَّةِ الْغِنَى : اجعل رجاءك على الله، لا تظن أن غناك يسندك يمكن أن يضيع في لحظة. يقول سفر الجامعة: "من يُحِبُّ الْفِضَّةَ لَا يَشْبَعُ . مِنَ الْفِضَّةِ، وَمَنْ يُحِبُّ الثَّرْوَةَ لا يَشْبَعُ مِنْ دَخل هذا أَيْضًا بَاطِلٌ" (جاه: ۱۰) وقال السيد المسيح: "لأنَّهُ مَاذَا يَنْتَفِعُ الْإِنْسَانُ لَو ربح العالم كُلَّهُ وَخَسِرَ نَفْسَهُ" (مت ١٦: ٢٦). ثانيا: ينصح الأغنياء بأربعة أمور وَأَنْ يَصْنَعُوا صَلَاحًا، وَأَنْ يَكُونُوا أَغْنِيَاءَ فِي أَعْمَالَ صَالِحَةِ، وَأَنْ يَكُونُوا أَسْخِيَاءَ فِي الْعَطَاءِ، كُرَمَاءَ فِي التوزيع" (اتي ٦: ١٧-١٨). ١- أَنْ يَصْنَعُوا صَلَاحًا": اصنع بمالك أعمالاً صالحة، وإياك أن تستخدمه في أمر غير صالح. ٢- أَنْ يَكُونُوا أَغْنِيَاءَ فِي أَعْمَال صَالِحَة : تُقدِّم لأخوة الرب الأصاغر لمشروعات الكنيسة لمدارس الأحد، للإكليريكيات والمعاهد اللاهوتية لنشر الكتب والأبحاث، لمشروع "بنت الملك"، ولا بد أن يتسع ذهنك لاحتياجات أخرى كثيرة في الكنيسة. ٣-أَنْ يَكُونُوا أَسْخِيَاءَ فِي الْعَطَاءِ": عندما تكون سخيا في عطائك سيكون الله سخيا معك،ويعود عليك بنعم في أشياء كثيرة. ٤- "كُرَمَاءَ في التوزيع": كن كريما في التوزيع، وحتى إن لم يكن لديك لا تمتنع. ثالثا: يضع أمام الأغنياء هدفين مهمين مُدَّخِرِينَ لأَنْفُسِهِمْ أَسَاسًا حَسَنًا لِلْمُسْتَقْبَلِ لِكَيْ يُمْسِكُوا بِالْحَيَاةِ الأَبَدِيَّة" ( ١ تي٦: ١٩). ۱ - مُدَّخِرِينَ لأَنفُسِهِمْ أَسَاسًا حَسَنًا لِلْمُسْتَقْبَلِ"، يكون الإنسان مدبرًا صالحًا لما في يده ويضع أساسا صالحًا للمستقبل. ٢- لِكَيْ يُمْسِكُوا بِالْحَيَاةِ الْأَبَدِيَّةِ"، "طُوبَى لِلَّذِي يَنْظُرُ إِلَى الْمِسْكِينِ (بكل الأشكال) فِي يَوْمِ الشَّرِّ يُنَجِّيهِ الرَّبُّ" (مز ١:٤١) قال يوحنا ذهبي الفم: "إن الفقراء حراس - الملكوت" أنت أيها الغني لكي ما يكون عملك صالحًا انظر دائما إلى الحياة الأبدية وأمسك بها، اجعل أمامك نصيبك الذي في السماء، واجعل نظرك إلى الله يقول سفر الأمثال: "الرَّجُلُ الْأَمِينُ كَثِيرُ الْبَرَكَاتِ، وَالْمُسْتَعْجِلُ إِلَى الْغِنَى لَا يُبْرَأ" (ام ۲۸: ۲۰) فإن أعطاك الله نعما، فكن مدبرًا حسنا فيما أعطاك واخدم به وفرح به آخرین. فالفرح يأتي عندما تعطي وليس عندما تأخذ. قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
10 مايو 2024

قيامة المسيح

عيد القيامة هو العيد الأول في مسيحيتنا فلولا القيامة ما كانت المسيحية ولا كانت كنيسة ولا كان كتاب مقدس ولا كانت صلوات ولا كان أي شيء في الغرب يسمون عيد القيامة Easter والكلمة مشتقة من East وتعني الشرق فهو عيد مشرقي، يشرق على البشرية جميعًا ونحتفل به كما حدث في التاريخ يوم الأحد، ويوم الأحد كما نعرفSunday هو يوم النور وهذا العيد لا نحتفل به يوما واحدا، ولكن حسب الطقس الكنسي تحتفل به لمدة خمسين يوما ونعتبر أن هذه الخمسين يوما يوم أحد طويل الكنيسة تصلي فيها بنغمة الفرح، حتى صلوات الجنازات نصلي بها بنغمات الفرح القيامة في معناها المختصر هي عبور ، عبور من حالة الموت إلى حالة الحياة وهي عبور أيضًا من حالة الخطية إلى حالة البر يا إخوتي الأحباء إن كنا نحتفل بعيد القيامة من الموت فيوجد أموات في الفكر، وأموات في الروح، وأموات في الرجاء بعض الناس هم أموات في الفكر، والفكر الميت هو الفكر الحرفي أو الفكر الناموسي، وهو الفكر الذي لا يفكر، هو إنسان لكن لا يفكر ! ربما أقرب مثال إلينا في الكتاب المقدس هو شاول الطرسوسي كان إنسانا يهوديًا فريسيا متعصبا ، وكان متعلما تعليمًا راقيًا، وكان يفتخر أنه تعلم عند قدمي غمالائيل أشهر معملي اليهود في زمانه، لكن للأسف كان فكره مينا ، فكان يضطهد كنيسة الله بإفراط ولكن الله لم يشأ أن يتركه، ففي الوقت المناسب ظهر له السيد المسيح وهو مسافر على طريق دمشق وتبدل الحال تماما ، وقام من هذا الفكر الميت، وصار شاول الطرسوسي هو القديس العظيم بولس الرسول وصارت له قامة روحية عالية لأنه قام من موت الفكر الإنسان الميت في الروح هو الذي يعيش في الترابيات والأرض ولا يرفع نظره للسماء أبدا هذا الإنسان الميت في الروح ينطبق عليه قول الكتاب: «أنا عارف أعمالك ، أن لك اسمًا أنَّكَ حَيَّ وأَنتَ مَيت» (رؤيا 3: ۱)، بين الناس لك اسم أنك حتي ولكن الله يقول لك إنك في نظري ميت أحد الأمثلة في الكتاب المقدس لذلك هو زكا العشار كان إنسانا يهوديا يعمل عشارًا أي جابيًا للضرائب وكان كل عالمه في المال، وبسبب هذا المال ظلم الكثيرين، وكان جشعًا وعدوانيًا لأنه كان يسلم الذين يرفضون دفع الضرائب للسلطات الرومانية وعندما يتقابل زكا مع السيد المسيح يتبدل الحال، ويتحوّل زكا الذي كان ممسكًا بماله أو بمعنى أدق المال هو الذي كان يمسكه ويقيده، ويعلن أمام السيد المسيح أن نصف أمواله للمساكين، وإن كنت قد وشيت بأحد أرد له أربعه أضعاف ويتخلى عن المال ويتحوّل إلى إنسان قديس وبار، أو على الأقل إنسان قائم من موت الروح نوع آخر من الأموات هم الأموات في الرجاء وهؤلاء البشر الذين ليس لهم رجاء لا أدري كيف يحيون ؟! وهؤلاء تمثلهم في قصة القيامة رجاء، عالمها هو عالم الخطية؛ ولكن عندما تقابلت مع السيد المسيح وأخرج منها شياطين الخطية ثابت وقامت وصار لها رجاء، وأعطاها المسيح أن تكون أول مبشرة بقيامته، فهي التي نقلت خبر القيامة إلى سائر التلاميذ. كان الإنسان قبل القيامة عندما يموت، يموت في الأرض وتنتهي سيرته ليس أمامه فردوس، فالفردوس مغلق أمامه منذ سقطة آدم الأولى أما بالقيامة فقد انفتح الباب ، وصار الإنسان لا يعرف المستحيل، وغير المتسطاع عند الناس مستطاع عند الله الذي لا يعسر عليه شيء فالقيامة تعطي للإنسان أن مستقبله فيه باب مفتوح أحيانا يعيش الإنسان ويشعر أن المستقبل مغلق، ولكن الإحساس والشعور بالقيامة يعطي أملاً ويعطي الباب المفتوح أمام الإنسان القيامة أيضًا تمنح الإنسان فرحا بعد الحزن كان التلاميذ يعيشون في حزن فقد طلب السيد المسيح معلمهم أمامهم، ولكن عندما قام السيد المسيح في يوم الأحد لم يترك تلاميذه حزاني بل أعطاهم فرحا لذلك فكل يوم جمعة الذي هو تذكار الصليب له يوم أحد(تذكار القيامة)لا تعلمنا القيامة فقط أنه لا مستحيل، وتعطينا بعد الفرح في حياتنا بل هي تعطينا أيضا نوعا من الرجاء ضد اليأس.يُصاب الإنسان أحيانًا في حياته اليومية بالإحباط أو اليأس، ولكن في القيامة ينفتح باب الرجاء والنصرة أمام الإنسان، فالله ضابط الكل هو الذي يقود هذا العالم، وكل الخليقة ممسوكة في يد الله، ولذلك على الدوام يوجد الرجاء ويوجد الأمل الله لا يترك خليقته أبدا، فهو يعتني بالإنسان أينما كان ، الأمر الوحيد الذي لا يريده الله في الإنسان هو الخطية، لذلك إن قام الإنسان من خطيته سيجد يد الله الحانية تنظر إليه وتعينه القيامة فرح نعبر عليه في حياتنا في صلواتنا الصباحية ونعبر عليه في كل أسبوع في يوم الأحد ونعبر عليه أيضًا في الشهور القبطية في يوم ۲۹ من الشهر القبطي حيث نحتفل بالقيامة ونعبر عنه سنويا في فترة الخماسين التي تمتد الي خمسين يوما بعد عيد القيامة هذه القيامة التي نحتفل بها في هذه الليلة المباركة نفرح وتمتلئ قلوبنا بالفرح ويزداد فرحنا بحضور كل الأحباء ومشاركتهم معنا المشاركات التي تجمعنا سويًا في مناسباتنا الدينية والاجتماعية والقومية وهذه المشاركة التي يمكن أن نسميها المشاركة المصرية الدافئة هي التي تجمعنا جميعا في كل هذه المناسبات .لإلهنا كل مجد وكرامة من الآن وإلى الأبد، آمين. قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل