المقالات

05 نوفمبر 2022

إنجيل عشية الأحد الرابع من شهر بابه

تتضمن الحث على تقوية الايمان بالله مرتبة على فصل مشى السيد على الماء وتوبيخه لبطرس بقوله . " يا قليل الايمان لماذا شككت ( مت 14 : ٢٢-٣٦ ) أن سيدنا له المجد صعد إلى الجبل منفردا مرتين ليصلي : الأولى قبل آيـة تكثير الخبز يو٢:١ والثانية بعدها يو١٥:٦ . وذلك أولا ليعلمنا كيف نختلي في صلواتنا . وثانيـا ليختفى من وجه الذين أرادوا تنصيبه ملكا بعد نظرهم آية تكثير الخبز . وبقى وحـده إلى المساء حيث كانت سفينة التلاميذ في وسط البحر معذبة مـن الأمـواج بسـبب الريح الشديدة التي حركتها ليعودهم على احتمال الشدائد والمصائب . فبقوا الليل كلـه في اضطراب ولم يأتهم إلا في الهزيع الرابع من الليل ليعلمهم كيف يطلبونه بحرارة واجتهاد . ولما أبصروه ماشيا على البحر خافوا وظنوه خيالا فصرخوا . فقال لـهم " أنا هو لا تخافوا " . فقال له بطرس يا سيد : " إن كنت أنت فمرنی أن أتى إليك على الماء فقال له تعال . فنزل بطرس ومشى على الماء ولكنه خـاف مـن الريح وأبتدأ يغرق . فأمسك به يسوع وقال له : " يا قليل الإيمان لماذا شككت " مت٣١:١٤" : هذا كـل ما في فصل اليوم ومنه نتعلم مسألتين : أحداهما أن سيدنا له المجد صنع هنا خمـس عجائب . الأولى مشيه على البحر . الثانية مشى بطرس أيضا . الثالثة نجـاة بطـرس من الغرق . الرابعة تسكين الرياح والاضطراب . الخامسة بلوغ السفينة إلـى مينـاء السلام يو٢١:٦ . أما المسألة الثانية فهي أن أغلب التجارب والأحزان تأتينا من قلة الأيمان وعدم ثقتنا بإلهنا واعتمادنا على انفسنا . أو على مساعدة غيرنا . فألزم شئ أذن للإنسان إنما هو الايمان بالله والثقة بأقوالـه تعـالى . لأن الايمان هو أساس الخلاص وعليه تبنى احسـانات الله للبشـر . وبدونـه لا يمكـن ارضاؤه عب٦:١١ وهو أمر واضح من قول سيدنا له المجد لقائد المئة : " اذهب وكما أمنـت ليكن لك " مت١٣:٨. ومن قوله للأمرأة نازفة الدم : " ثقى يا ابنة إيمانك قد شـفاك "مت ٢٢:٩ ومن قوله لرئيس المجمع الذي ماتت ابنته : " لا تخف . آمن فقط" مر٣٦:٥ ومن جواب الرسـول للسجان : " آمن بالرب يسوع المسيح فتخلص أنت وأهل بيتك " أع ٣١:١٦ فهل يليق بنا أن يكون ايماننا فاتراً ونحن أبناه أولئك الذين جاهدوا الجـهاد الحسن . أولئك الذين قابلوا اضطهاد الحكام العتاة والملـوك القسـاة الطـغـاة مثـل ديوقلاديانوس ونيرون وغيرهما بكل شجاعة وإقدام . حتى انه قتل منهم 840 ألـف نفس في مدة حكم ملك واحد لم يفتر ايمانهم بل حفظوه لنا سالماً كما تسـلمـوه مـن الملائكة الأطهار . أو لم يكن لنا درس بسيط من توبيخ سيدنا له المجـد لبطـرس بقوله : " يا قليل الإيمان لماذا شككت " مت ٣١:١٤ اننا نتعلم منه ألا نزدرى بالنواميس الالهيـة حتى لا نكون قدرة ردية لغيرنا . لان قلة الايمان تسهل الازدراء بالناموس الالـهى وتهون على الانسان اهمال كل ما يقال له فضيلة . من منكم ايها الاحباء ينكر هذه الحقائق التي يؤيدهـا العقـل وتشـهد بـها الوقائع ؟ يا للعجب ! أنحتقر عمل الفضيلة هكذا حتى أن كلا منا يرتكب نوعـاً مـن الخطايا بدون خوف ولا خجل . ؟ وها قد انطبق علينا قول النبي : " كلهم قد ارتـــدوا معاً فسدوا . ليس من يعمل صلاحاً ليس ولا واحد " مز٣:٥٣ فأن قلتم ما هي علة ذلك ؟ قلت انما هو فتور الايمان .أمر مدهش جداً ! بل عجيب وغريب !!! إننا نصرخ كل يوم مـن عمـق قلوبنا قائلين " بالحقيقة نؤمن بإله واحد . الله ضابط الكل خالق السموات والأرض .. " ونحن نعمل كل لحظة ما يدل على فتور في ايماننا ؟ ألعل الاقوال برهان علـى حسن الإيمان ؟ كلا . وإنما الاعمال الحسنة هي البرهان على حسـن الايمـان قـال الرسول : ارنى ايمانك بدون أعمالك . وأنا أريك بأعمالي ايماني " يع ١٨:٢ فأي ايمان يبيـن لنا أعمالنا ؟ أليس الايمان الكامل العامل بالمحبة !! إن الله يأمرنا بمحبة أعدائنا مت٤٤:٥ ووعدنا نظير ذلك بأن نكون بني العلى لو٣٥:٦ فماذا نعمل نحن لإخواتنا وليس لاعدائنا ؟ أننا لم نخالف هذا الأمر الإلهي فقط مـن جهة أعدائنا لا . بل من جهة أخوتنا أيضا . فاننا نبغض ونعادي بعضنا بعضا حتـى الموت . نسب ونشتم . ننصب أشراك ومكائد ودسائس وشايات وشـكاوي . سـعايات وأضطهادات . وغير ذلك من الشرور والجرائم التي لا تليق بشعب المسيح . من أيـن هذه كلها ؟ وما هو السبب ؟ إنها من قلة الإيمان . والسبب هو قلة الإيمان . إن الكتاب المقدس يقول إن ساداتنا الرسـل كـانوا يشـتمون فيبـاركون . يضطهدون فيحتملون . يفترى عليهم فيصلون ويعظون المفترين لكـى يتوبـوا ١كو١٢:٤-١٣ . انظر استفانوس بكر الشهداء حينما كانوا يرجمونه فأنه سجد وصلى عـن راجميـه قائلا : " يارب لا تقم لهم هذه الخطية " "أع٦٠:٧ " فلماذا لا نقتفي آثارهم ونعمل كأعمالهم ؟ وما السبب غير ضعف إيماننا وقوة إيمانهم . إن الله تعالى يأمرنا كل يوم في كتابه أن نعطى صدقة : أي نطعـم الجـائع ونسقى العطشان ونأوى الغريب ونكسي العريان ونعول المريض ونعتني بـالمحبوس وغير ذلك . وقال صريحا : إن الفقراء أخوته فمن فعل بهم خيرا فقد فعله بی مت ٤٠:٥فهل قمنا بالواجب علينا حسب هذه الوصيه ؟ . كلا . بل أننا نحول وجهنا عـن الجـائع والعطشان . ونهمل المريض ونوبح القريب والبعيد وكل من يسألنا حاجة . يـا ليتنـا نتركه بل نمتهنه ونوبخه غير ملتفتين لقوله تعالى : " من يرحم فقيرا يقـرض الـرب ومن معروفه يجازيه " ام١٧:١٩ ألعل الله كاذب ؟ حاشا الله . فهو يعطى بدل الواحد مائـه مت ٢٩:١٩ وإنمـا نـحـن ضعفاء الإيمان ، ألعلك ياهذا تقول في نفسك إنى أمنت وأعتمدت وخلصت كقول سيد البرايا : " من أمن واعتمد خلص " مر١٦:١٦ فاقول لك أن بطرس أمن مثلك ولكـن السـيد وبخه قائلا : " يا قليل الأيمان . لماذا شككت " ألعل أيمانك أنت أعظم مـن ايـمـان بطرس ؟ ثم أن يهوذا الاسخريوطي كان مؤمنا ايضا . وتلميذا مصاحبـا للسـيـد لـه المجد لكنه كان قليل الإيمان . حتى أن قليلا من الفضة أضاع منه ذلك القليل البـاقي من إيمانه . وامنا حواء كانت إيضا مؤمنة . ولكن إيمانها كان فاترا فأيمـان كـهذا لا يركن إليه في خلاص النفس . لأنه كالماء الفاتر ليس حارا فيصلح للتطهير . ولا هـو بارد فيترك . لأجل هذا أسمحوا لي أيها الأحباء أن أقـول مـع الرسـول يعقـوب : " الإيمان بدون أعمال ميت " يع ٢٠:٢وإن كان أحد على غير ما رويـت . فلـيـرني عظـم ايمانه بأعماله لأرى إن كانت له ثقة بالله كثفة قائد المئة القائل : " يا رب قـل كلمـة فقط فيبرأ غلامی " مت ٨:٨ أو كإيمان وثقة الكنعانية التي قال لها السيد : " عظيـم أيمـانك . ليكن لك كما تريدين " مت ٢٨:١٥ أو إن كان يدخل الكنيسة بورع وليس كمتفرج . أو أن كـان ويسمع يقف بأحترام الأنجيل ولا يهرب وقت الوعظ ، أو أن كان لا يتحـادث عـن أشغاله أو متاجره في أوقات العبادة . أو أن كان يرحم الفقير ويطعم الجائع ويكسـى العريان ويؤاوى الغريب . إن كان يفعل هكذا فيكون مؤمنا بالحق . ويقول البعض لماذا لأنه شاهد أيات ؟ كقول السيد له المجد : " وهذه الأيـات تتبع المؤمنين . يخرجون الشياطين بأسمى ويتكلمون بألسنة جديدة . يحملون حيات وإن شربوا شيئا مميتا لا يضرهم ويضعون أيديهم على المرضى فيبرأون "مر١٧:١٦-١٨ " فنقـول لهؤلاء إنه بسبب ضعف إيماننا لا نرى الأن شيئا من ذلك لأنه يقول أن الأيات تتبـع المؤمنين لا قليلي الإيمان . فالأيات قد بطلت . لأن حرارة الأيمان قد بردت . ودليـل ذلك هو جواب السيد له المجد لتلاميذه عندما سألوه عن الروح النجس قائلين : لمـاذا لم نقدر نحن أن نخرجه . فقال لهم يسوع : " لعدم أيمانكم " أي لقلة ايمانكم مت١٩:١٧-٢٠ فها قد بينا لكم أيها الأحباء أن قلة الإيمان هي أصل جميع الشرور والإيمـان هو مصدر كل عمل صالح فسبيلنا أذن أن نتخـذ الحلـم طبعـا لنـا . وأن نكـون متواضعين عادلين رحومين عفوفين . متصفين بطول الآناة . ملتحفين برداءة العفـة . متعقلين . بسطاء . راسخين في الايمان . بنعمة وتعطف ربنا وإلهنا يسـوع المسـيح . الذي له المجد إلى أبد الآبدين . أمين . القديس يوحنا ذهبى الفم عن كتاب العظات الذهبية
المزيد
29 أكتوبر 2022

إنجيل عشية الأحد الثالث من شهر بابه

تتضمن الحث على سماع التعاليم الإلهية مرتبة علـى فصل ركوبه السفينة وانتهاره الريح . ( مر 4 : 35-41 ) يجب علينا ايها الأحباء أن نتمسك بالايمان الوثيق والأعمال الفاضلة وننتبـه من سنتنا . ونسارع إلى طاعة إلهنا . لنقدر على تسكين رياح المحن وتلاطم أمـواج المعاندين . لاننا اذا تركنا الاهتمام بالأشياء الحاضرة واللذات الزمنية . ووقفنا امـام ربنا كل حين فإنه حينئذ يجود علينا بالممالك السمائية والكنوز الأبدية . ويسمح بالخلود في النعيم . وكما أن الأباء الجسدانيين إذا أحدق بهم الأولاد من كـل جـانب وتركوا لعبهم وانعطفوا إلى طاعتهم بكل قلوبهم . يقبل عليـهم الأبـاء أتـم قبـول ويمنحونهم الأموال والهدايا والعطايا الجزيلة . هكذا يكون الأباء الروحيون . وكذلـك أكون أيضاً اليوم إذا رأيتكم مجتمعين اجتماعاً روحياً . مسرعين إلى سماع التعــــاليم الألهية بمحبة ونشاط . محافظين على العمل به مسرورين . معرضين عن الاهتمـام بالأمور الجسمانية . متهافتين للجلوس على المائدة الروحانية . فأنى اسر أن امنحكـم التعاليم المنقذة للنفوس وكما أن الفلاح إذا نظر إلـى جـودة الأرض ونقاهـا مـن الأشواك والأوساخ والحشائش الردية يروم إن يزرع الحبوب بكثرة . هكـذا يـكـون حالي أنا الأن فأني إذا رايت أراضي نفوسكم قد تنقت من الاهتمام بالسكر والبـذخ وطيشان الأذهان وهيمان الأفكار الشريرة وتكون عقولكم ناظرة إلى السماء وممتـدة نحو الباقيات ومستولية على قهر الطبيعة الجسمية . فأني اسارع إلى وضع البـذاربكثرة . حيث لا اشواك تخنقه . ولا طيور تلقطه . ولا عابر طريق يقلعه . أين هذا ايها الأحباء إذ كنا لا نسمع كلام الله ولا نعمل به ؟ الا نعلم كما أن الإيمان بدون عمـلى لا يجدي نفعا . كذلك سماع كلمة الله بدون فهمها والعمل بها لا يفيدنا شيئا فالذي يسـمع ولا يعمل يشبه ذلك الجاهل الذي بنى بيته على الرمل . لهذا أتضرع اليكم ايها الأحباء . ان يكون سماعكم للأقوال الألهيـة كسـمع الفاهمين لها والباحثين عن معانيها المسارعين إلى العمل بأوامرها . الحذريـن مـن مخالفتها . الخائفين من العقاب عن اهمالها . لنشابهوا الذي حفـر الأسـاس وأجـاد . ووضع الحجر على الصخرة مقدما النظر نحو ملاقاة الرياح ومصادمـة الأمواج وإلا يكون سماعكم كسمع المهملين الذين يضيعون أتعابهم باطلا . حيث يتعبون فـى جمع الحجارة وأبتياع الآلات وصرف نفقات الفعلة والبنائين ثم يضعـون الأسـاس على الرمل أسمعوا ربنا له المجد حيث يقول : " من يسمع أقوالي ويعمل بها أشـــبه برجل عاقل بنى بيته على الصخر فنزل المطر وجاءت الأنهار وهبـت الريـاح ووضعت على ذلك البيت فلم يسقط . لأنه كان مؤسسا على الصخرة " مت٢٤:٧-٢٥ وقال ايضـا " وكل من يسمع أقوالي هذا ولا يعمل بها يشبه برجل جاهل بنى بيته علـى الرمـل . فنزل المطر وجاءت النهار وهبت الرياح وصدمت ذلك البيت فسقط وكان سـقوطه عظیما مت٢٦:٧-٢٧ فسبيلنا إذن أن نقلع عن التلاهي بـــــــالزائلات وأعمالـها النجسـة كالـهزء والضحك وسماع الاصوات الخبيثة وما شبه ذلك . ولنتمسك بأعمال المحبة والرحمـة والرأفة والاتضاع والصدقة على المحتاجين والأفراج عـن المتضـايقين وأفتقـاد المسجونين.والأنشغال بالأمور العقلية المثمرة لهذا . كالصلوات والقـراءات وغـير ذلك . ونقف قدام ربنا بوجوه مشرقة وأعمال مضيئة . فنأخذ أكليـل الظفـر ونفـوز بنعمة ربنا والهنا يسوع المسيح الذي له المجد إلى الأبد أمين . القديس يوحنا ذهبى الفم عن كتاب العظات الذهبية
المزيد
22 أكتوبر 2022

إنجيل عشية الأحد الثاني من شهر بابه

تتضمن ذو السكر والتنعم . مرتبة على فصل حضور الجباة إلى بطرس لطلب المغرم ( مت ۱۷ : ٢٤-٢٧ ) إن سيدنا له المجد قد أدى ما لا يجب عليه بسهولة وبدون مانع ليعلمنا بمثـلى ذلك . وإن كان قد قبل تكليفا " جسمانيا ليعمل مثله المؤمنون . فلم لا نسـارع نحـن إلى العمل مسرورين ؟ فنصوم كما صام ونصلي بعقولنا ونرحم بضمائرنا ونسـالم ظالمينا . ونقوم بأداء ما يجب علينا غير متقنطيـن ولا نـادبين بـل فـرحيـن مسرورين لتيقننا بجميل المجازاة . وإن قلت ياهذا إني لا استطيع أن أصوم لضعـف الكبر أو لكثرة تعاقب الأمراض والعلل . قلت نعم . ولكن هذه وأن منعتـك مـن الصوم دائما فلا تمنعك من أن تكون غير متلذذ ولا متنعم ولا متبذخ " ولا كـاذب المغرم هو الغرامة التي تفرض عادة على احدى المتقاضين لخصمه عند سقوط دعـواه وهي خطأ من الناسخ طبعا . وصحتها الجزبة وهي التي فرضت من الله في العهد القديم علـى كل يهودي يبلغ عمره ٢٠ سنة ( خر 30 : ١٣-١٥ ) وقد أدرجها اليهود عادة سنوية للنفقـه على الهيكل حتى أن المسببين منهم في بابل كانوا يجبونها هناك ويرسلونها إلى أورشليم على ذمة نفقة الهيكل ( يوسيفوس ف ١٢ ك 18 في القدميات ) .ولا شره ولا حاسد ولا نمام ولا سكير ولا غير ذلك . لأن هذه وأن كـانت ليسـت صوم عن الطعام فأنها غير بعيدة من معناه . لأنه لا شئ يطرب الشياطين أكثر مـن التنعم والسكر إذا منهم تنبعث سائر الشـرور وتشـدد صرامـة العـاصين المسترسلين معهما " والمائلين إليهم يسقطون من مراتب البشر ويشـابهون غـير الناطقين . فأن قلت وكيف يشبه الأنسان الناطق بالحيونات غير الناطقة ؟ أجبتك أنـهم وان كانوا يختلفون بالصورة فقد يتشابهون بالفعال . لأن السكر والشبع يجعلان أناسـاً يتمرغون في نجاسات الأرض كالخنازير . وأخرين ينبشون الأموات مثـل الكـلاب وأخرون يهمهمون غضباً كالسباع . وأخرون يصـهلون علـى النسـاء والصبيـان كالخيول وأخرون يخطفون كالذئاب . وأخرين يمكرون كالثعالب وأخرون ينكشـفون ويمزقون ثيابهم ويشجون رؤوسهم ويلقون زواتهم في الأبار والمـهالك كالمجــانين وإني أخجل أن أذكر لكم واحدة فواحدة من أصناف تلك الرذائل الناجمة عن السـكر وذلك فضلاً عما يجرى للرجال والنساء بجرائره الردية من القبائح . ومثـل هـؤلاء يهينون المسيحية وينجسون طهارتهم الحاصلة لهم بالمعموديـة . ويطفـون حـرارة الروح المطهر لذواتهم ويحركون قوماً أخرين على الاستهزاء بالمؤمنين . ويلجئـون أخرون لسب خلائق الله التي صنعها للمنفعة . لأنهم عندما يرون أنه تصـدر عـن السكر قبائح ردية بهذه الكيفية فأنهم يلعنون النبيذ تارة . ويلعنـون البطـن أخـرى . ويقولون ولا كانت الخمر ولا كان الذين يشربونها أرأيت كيف بسبب أفعالك الرديـة أيها الأنسان قد جذبت اللعنة وأدخلت الهوان على ما خلقة الله لمنفعـة البشـر فـي المواد اللازمة الضرورية ؟ ولعلك تقول أن جميع ما خلقه الله إذ استعمله المجرمـون يسب ويعلن بسبب شرهم . كالحديد مثلا فأنه يلعن بســب أسـتعماله مـن القتلـة والمفسدين في البشر وكذلك الليل حيث يتم فيه فعلهم . وتلعن النساء والرجال لأجـل علة الزنا والفجور . لا لعمرى لا أؤثر صدور مثل هذا النقائص من تلـك الخلائـق لأن الله ما خلق الخمر إلا ليفرح لب الإنسان كما قال النبي أما السكيرون فيضيعـون بهجته مز١٥:١٠٤ لأن أي فرح يكون لك وأنت غائب العقل ناقص الحظ مائل عن مسـالك الصيانـة والعـدل . قـد اسـتولى عليـك الـدوار واحتجـت الى من يسعطك بالادهان كالمجانين . والى من يشد رأسك بالعصائب كالمحمومين وإلـى من يقودك إلى الطريق المستقيم كالعميان . وإلى مـن يحرصـك مـن المخـاوف كالأطفال . أفرأيت كم رذئله يستحبها السكير قد يأنف العقل من ســـــــــماعها ؟ ولسـت أقول هذا مخاطباً لكم ( معاذا الله ) لأن جميعكم تشربون وتسكرون . بل أوجه كلامـى إلى الذين لا يسكرون لكي ينبهوا الذين يسكرون . وذلك لأن مـن عـادة الطبيـب الحاذق أن لا يوجه الكلام إلى المريض ، بل يخاطب المحيطين به لا لأنهم مشـاركوه في المرض بل ليذكروه بأقوال الطبيب في الأوقات المحتاج إليه . وأنا أخاطبكم إيـها الأصحاء هكذا لتذكروا السكيرين بأقوال بولس الرسـول حيـث تحجـب ملكـوت السموات عن نظر السكيرين لأنه يقول : " لا تضلوا . لا زناة ولا عبــدة أوثـان ولا فاسقون .. يرثون ملكوت السموات " ١كو٩:٦-١٠ فسبيلنا أذن أن ننهض فكرتنا . ونبتعد عما يهلك ذواتنا . ونسـارع إلـى مـا يقربنا من ملكوت ربنا الذي له المجد إلى أبد الأبدين آمين. القديس يوحنا ذهبى الفم عن كتاب العظات الذهبية
المزيد
15 أكتوبر 2022

إنجيل عشية الأحد الأول من شهر بابه

تتضمن وجوب الرجاء بالله دون سواه مرتبة علـى فصل اشباع الخمسة آلاف رجل من الخمسة ارغفـة ( مت 14 : ١٤-٢١ ) والسمكتين إن السيد المسيح له المجد لما سمع بقطـع رأس يوحنـا المعمـدان تـرك أورشليم وأتى إلى برية قريبة من بيت صيدا ليستريح مع تلاميذه انفـراد . فتبعتـه جموع كثيرة . فتحنن عليهم وعلمهم ثم شفى مرضاهم بدون أن يطلب منه ذلك . ولما صار المساء تقدم إليه تلاميذه قائلين : " الموضع خلاء والوقت قد مضـى . اصـرف الجموع لكي يمضوا إلى القرى ويبتاعوا لهم طعاما . فقال لهم يسوع لا حاجة لـه ان يمضوا ... أعطوهم أنتم ليأكلوا .. وصنع لهم هذه الآية العظيمة التـى سـمعتم خبرها بفصل اليوم فأكل نحو أكثر من خمسة آلاف رجل مـاعدا النسـاء والاولاد وشبعوا . ورفع ما فضل عنهم اثنتا عشرة قفة مملوءة . وذلك مـن خمسـة أرغفـة وسمكتين مت ١٤ : ١٤-١٢. وهي أعجوبة عظيمة وبرهان مقنع على تحنن فادينا . وبـاعث قـوى لاحياء الثقة التامة داخل قلوب البشر وإلقاء رجائهم على الله دون سـواء . فالرجـاء ينشأ مع نشوء الانسان وهو طبيعي في قلوب البشر . الرجاء هو تعزيـة المريـض أثناء مرضه لانه يأمل الشفاء العاجل . تجد الرجاء في القلب النوتي عنـد مصادفـة أهوال البحار . فإنه يعلل نفسه بالرجاء لنجاته من الغرق . فلولا الرجـاء لمـا زرع زارع ارض ولا صنع صانع شيئا . لان كل الاشياء إنما تعمل على يقين فالرجاء هو الذي جعل هاتيك الجموع الكثيرة تمضى وراء السيد بدون زاد . لانـهم عرفوا أن القادر على شفائهم عن أمرضهم قادر أيضا على اشباعهم خبزا . الرجـاء هو تعزية الانسان في عالم الاتعاب والاحزان . وقد خلقه الله فينا ليكون هـو جلـت قدرته موضوع رجائنا . غير أن فريقا من الناس يلقـــون رجـاءهم علـى النـاس والاموال وما اشبه ذلك . فاسمع توبيخاته تعالى لامثال هؤلاء قال : " ماذا يصنع أيضـل لكرمي وأنا لم أصنعه له " أش ٤:٥ " وقال : " یا اورشلیم یا اورشلیم یا قاتلة الانبياء وراجمـة المرسلين اليها . كم مرة أردت أن اجمع أولادك كما تجمع الدجاجة فراخـهـا تحـت جناحيها ولم تريدوا " مت٢٧:٢٣ وقال أيضا : " ربيت بنين ونشأتهم أما هم فعصوا على " أش٢:١ وقال أيضا : " بسطت يدى طول النهار إلى شعب متمرد سائر في طريق غير صـالح وراء أفكاره " أش٢:٦٥ . وقال أيضا : " ملعون الرجل الذي يتكل على الانسان ويجعل البشـر ذراعه وعن الرب يحيد قلبه " ار٥:١٧ هذا بعض من أقواله تعالى . فلماذا لا نثق بها ونضع رجاءنا عليه ونــــذوق عذوبة خدمته قبل ان نذوق خدمة العالم ؟ لاسيما وهو يقول لنا بلســـان نبيـه داود : " ذوقوا وانظروا ما أطيب الرب . طوبى للرجل المتوكل عليه "مز٨:٣٤ وإلا فقولوا لي بحقكم أي شئ لم يصنعه لنا إلهنا ليستميل قلوبنا إليـه . وهـا هو يتراءف على البشر بكل هيئة ويخاطبهم بأنواع كثيرة . أحيانـا كمبشـر يبشـر المساكين في كل مدينة . ويلقى الصلح والسلام . وأحيانا كسامرى يعـزى الحزانـى ويشفى المرضى ويسكن الامواج ويهدئ العواصف . وتارة كراع إذا وجـد خروفـا ضالا حمله على أكتافه وقال لاصدقائه افرحوا معي لاني وجدت خروفي الضال لو٥:١٥-٦وتارة كأب شفوق يعانق أولاده ويباركهم قـائلا : " دعـوا الأولاد يـأتون إلـى ولا تمنعوهم لأن لمثل هؤلاء ملكوت السموات " مت ١٤:١٦ فما بالنا نترك إلهنا الشفوق علينا ونلقى رجاءنا على بشر مثلنا مائتين . مـع علمنا اننا بفقدهم نفقد حمايتهم أيضا فتضيع علينا مصالحنـا . وربمـا يصيبنـا أذى من أعدائهم بسبب انتسابنا اليهم . وما الذي يمنعنا من استدراك خطايانا والعودة إلـى صوابنا فنلقى رجاءنا على إلهنا . ونتكل عليه دون سواه . عمـلا بقولـه تعـالى : " لا تتكلوا على الرؤساء ولا على ابن آدم حيث لا خلاص عنده " مز٣:١٤٦ و " طوبى لمن إلـه يعقوب معينه ورجاؤه على الرب إلهه " مز٥:١٤٦ ولنعد على اسماعكم ذكر بعض الحوادث لتعلموا أن إلـهنا رؤوف ورحيـم بعباده المتكلين عليه . وفي كل حين يعينهم ويجيب طلبتهم . قال الكتــاب المقـدس : " مرض حزقيا ملك أورشليم للموت . فجاء اليه اشعياء النبي وقال لـه . هكـذا قـال الرب أوص بيتك لانك تموت ولا تعيش . فوجه وجهه إلى الحائط وصلى إلى الـرب قائلا : آه يا رب أذكر كيف سرت أمامك بالامانة وبقلب سليم وفعلت الحسـن فـي عينيك . وبكى حزقيا بكاء عظيما . ولم يخرج إشعياء إلى المدينة الوسطى حتى كـان كلام الرب إليه قائلا أرجع وقل لحزقيا رئيس شعبي هكذا قال الرب إله داود أبيـك . قد سمعت صلاتك . قد رأيت دموعك . هأنذا أشفيك . في اليوم الثالث تصعد إلى بيـت الرب . وأزيد على أيامك خمس عشرة سنة وأنقذك من يد ملك أشور مع هذه المدينـة وأحامي عن هذه المدينة من أجل نفسي ومن أجل داود عبدی " ٢مل١:٢٠-٦ فها قد أثبتنا اليكم أيها الاحباء من موسى والانبياء وأخبار الملوك وجـوب القاء الرجاء على الله دون سواه . فسبيلنا أذن أن نتواضع تحت يده القوية لكي يرفعنا في حينه . ملقيـن كـل همنا عليه لأنه هو يعتني بنا لأننا بدونه لا نقدر أن نفعـل شـيئا يو٥:١٥ ولنتمسـك بإقرار الرجاء الموضوع أمامنا كمرساة أمينة للنفس وثابتة تدخل إلـى مـا دخـل الحجاب عب١٩:٦ . غير حائدين عن اعتراف رجائنا فإن الذي وعد هـو أميـن عب٢٣:١٠ . له المجد والاكرام والعزة والسجود إلى الأبد أمين . القديس يوحنا ذهبى الفم عن كتاب العظات الذهبية
المزيد
08 أكتوبر 2022

إنجيل عشية الاحد الرابع من شهر توت

تتضمن توبيخ الذين يحزنون على الأموات كـالأمم مرتبة على فصل إحياء ابنة الرئيس ( مت ۹ : ۱۸ ٢٦ ) لا ينبغي لنا أن ننوح ونندب على أمواتنا بعد ان حقق لنا سيدنا لـه المجـد قيامة الأموات . فما بالنا الآن نبكي على الاموات بحرقة ونتخذ النائحات والنادبـات . وقد قهر سيدنا له المجد الموات وانتزع ملكه وسلطانه . فما بالك ياهذا تنوح كثـــــــرا وتكابد احزانا وهموما . وقد صار موتنا نوما يعرض من شأنه الزوال . ولقـد كـان يجب علينا أن نضحك بالخارجين عنا لأنهم يقولون : لـو صـدق هـؤلاء بقيامـة الأموات كما يدعون لما عمل نساؤهم على الاموات هذه الفعال . وأنت أيتها المـرأة ما بالك تندبين بالبكاء والعويل . وتكثرين من الحزن والنحيـب . وتتخذيـن النوائـح والصارخات والنادبات . وتخدشين وجهك وتنهشين سواعدك وتقصين شعر رأسـك وتلطمين على خدك ولا تسمعين لقول سيدنا : " أن الصبية لم تمت لكنها نائمـ إلا تنظرين حياتها بعد موتها الذي دعاه المخلص نوما ؟ فإن قلت لم لا تقـوم ابنتـى الآن كما قامت تلك ؟ قلت فإن كان هذا عملك على الميتة الواحدة هكذا . فما الفـائدة أن تعيش ابنتك مدة ثم تموت مرة أخرى . ثم أقول لك ولسائر المؤمنين : أما تعلمـون يا هؤلاء اننا في الدنيا معذبون معاقبون . مكابدون أحزانا وهموما يطـول وصفـها . لأن الله قد قال لأبينا الأول حينمـا وجـده مخالفـا للوصيـة الأولـى : " ملعونـة الارض بسببك . بالتعب تأكل منها كل أيام حيــاتك . وشـوكا وحسـكا تنبـت لـك وتأكل عشب الحقـل . بعـرق وجـهـك تـأكـل خـبزا حتـى تعـود إلـى الأرض التي أخذت منـها لانـك تـراب وإلـى الـتراب تعـود " ( ۲ ) ثـم قـال للمـرأة : " تكثـيرا أكـثر أتعـاب حبلـك . بـــــــالوجع تلديـن أولادا . وإلـى رجلـك يكون اشتياقك وهو يسود عليك " . " وإذا كـان هـذا . فمـا بالنـا ننـدب من خلصه الله من عالم الآفات . ونبكي بحرقة على من رفع مـن اراضـي الاحـزان والاتعاب . ولماذا ننظر اناساً آخرين يرهبون الموت ويظنونه موجباً للعـدم مطلقـاً . وآخرين يثلبون ( الله تعالى إذ يعدون هذه شدائد وضعها عليهم ويقـــــرون بـالعجز عنها . ويا للعجب من كونك تفعل مثل هذه الفعال ثم توزع عن ميتك الأموال وتقـدم لأجله القرابين وتسأل الكهنة أن يذكروه في الصلوات كثيراً !! فإن قلت إنمـا افـعـل ذلك لكي يجد راحة وعوناً . قلت وهل يجد راحة إلا الأحياء ؟ فإن كان حيا فما بـالك تندب كالاموات . فلا ينبغي لنا إذن أن نحزن على أمواتنا بل يجب علينـا أن نسـر ونفرح لنقلهم من ارض الحزن والشقاء إلى اماكن النعيم ، حيث لا غم ولا حـنون ولا أسف ولا ندم ولا هم ولا أنين . الملكوت الذي لم تره عين ولم تسمع بـه ه أذن ولـم يخطر على قلب بشر . ( ۲ ) فإن قلت إن الحزن لذواتنـا طبـع لازم . فكيـف تـخـرج الطبيعيات عن العمل بحسب ما يقتضيه طبعها ؟ أجبتك أن الذنب ليس هو لطبيعتـك الحيوانية . بل لعقلك المصرف لها . لأنك لو تففت عقلـك وروضتـه بـالنظر فى الناموس دائماً لغلب الطباع الجسيمة وقهرها وفعل ما تقتضيه طباعه الشريفة فــإن قلت إنما يحملني على البكاء والحزن هو انه كيف يمـوت ولا وارث لـه ؟ وكيـف يخلف الاموال والعقار والخدم والحقول وغير ذلك لقوم آخرين ؟ قلت وهل الارجـح عندك أن يرث داراً تسقط سريعاً وخداماً منحلين بطبيعتهم المائتة . وثيابـاً يفسـدها السوس والارضة ( 3 ) أو يكون وارثاً لنعيم الملكوت حيث لا تصل العوادي المفسـدة إلى ما هنالك . وليس يصير وارثا مع أخوة يحاكمونه ويخاصمونه على التعادل فـى قسمة الميراث . بل يكون وارثاً مع المسيح نفسه . فإن قلت ولمـن يـخلـف الامـوال والاملاك والحقول والعبيد والإماء ؟ أجبتك أنه ينبغي أن يخلفـها للمسـيح بتركـها للفقراء والمحتاجين . فإن قلت وكيف ينتفع بها وقد صار في محلة الاموات ؟ قلت لـك بأن تتصدق بها عنه على الفقراء والبائسين والأرامل والأيتام والمحتاجين وتقدمـها عنه قرابين ليجدها هناك سليمة عديمة الفساد والزوان . لاترسل أنت هذا وإن كان بعض الأعاجم يحرقون مع الميت جميع ذخائره وقناياه . فلـ ابنك قناياه سالمة من الحريق لينتفع بها هناك . لأنه إن كان قد ذهب من الدنيا وهو خاطئ مزقت عنه كتاب خطاياه وإن كان غير خاطئ كان لـه بـها زيادة الشرف والسرور أمام خالقه : فإن قلت كنت أريـد أن لا يفـارقني . قلـت إذا أردت أن تتمتع بجمال منظره فعش كعيشته الاولى حيث كان طفلا صغـيـرا فـإنك ستقابله سالما وتجتمعان كلاكما دائما في النعيم . فإن فكرت أنه لا يعود إلـى هنـاك فلم لا تفكر أنك أنت ستصير إليه بعد قلبل ويكون لك الحظ الأوفر في ذلـك حيـث تنتقل صائرا إليه ولا تنتقل مفارقا له . فإن خرج من الدنيا خاطئا فقد وقفت مسـاعي خطاياه عن التقدم بزيادة . فإن الله تعالى لو علم انه ينتقل عن خطيئته لما بادر إليـه مختطفا بسرعة قبل الشروع في التوبة . وإن كان قد خرج من الدنيا بارا صالحا فقـد حفظ عليه بره وصلاحه وخلصه من عالم الآفات والحزن . اخبرني يا هذا ما الـذي تراه في الدنيا من السعادة حتى تحزن على المفارقين لها ؟ إنك دائما ترى الاضـداد محيطة بك ودائرة عليك وأنت متقلب بين ضروب الآفات وأصناف الانكـاد . تـارة تطلب ما لا تجد . وتارة تفقد الموجودات والمحبوبات . وتارة تشكو تقـل الامـراض والأوصاب . وتارة تعذر الاكتساب . وتارة تتوجع لألم الخلان والأقران . وتارة تتـأوه لمصاعب الكبر . وترة تتمنى الموت لورود النوازل العامة ( ١ ) كالغلاء والجلاء وعـدم الأمطار وقيام الأعداء والمعاندين وتواتر الحروب والفتن وغير ذلك . فلم لا تصـبر على فراق الأحباب . وتسر بنقلهم من دار المصائب والحزن . ونجمع رأينـا علـى تصديق كلام ربنا في الاجتماع بهم هناك مبهجين مسرورين . وأنت أيتها المرأة إذا رأيت أن الذي أعطاك الأولاد هو الذي أخذهـم إليـه ليعطيهم أكثر مما عندك . وأنك صائرة إلى الاجتماع بهم بعد قليل . فكيـف تندبيـن وتحزنين عليهم ؟ فإن قلت اننى أرملة ووحيدة ولا ولد لي ولا معين قلـت وكيـف تقولين هذا وقد رجع أمرك إلى قاضي الأرامل وأب الأيتام . ألم تسـمعى الرسـول حيث يعطيك الطوبي بقوله إن رجاءها الله وحده ؟ فلو علمت مـا افي العيشة الحاضرة ومعاني الحياة الأجلة " لأعرضك بجملتك عـن هـذه . ورغبـت حقيقـة مسارعك إلى تلك . القديس يوحنا ذهبى الفم عن كتاب العظات الذهبية
المزيد
01 أكتوبر 2022

إنجيل عشيةالأحد الثالث من شهر توت

تتضمن تبكيت الذين يتنازعون في الرئاسات والقـراءات مرتبة على قول البشير " فشفي كثيرين من المرضى ... واخراج شياطين كثيرة ( مر 1 : ٢٩-٣٤ ) رأينا الأرواح النجسة والشياطين الخبيثة تسمع أقوال ربها وتجزع مـن الخالق لطبائعها هكذا . وتمتثل الأوامر بسرعة وتبــادر إلـى المراسـم بـالخوف والوقار . فما بالك أنت تسمعه دائماً يأمرك بمحبة الأخوة والاحسان للمسيئين اليـك . والمسامحة للمبغضين وأنت لا تصنع كذلك . لكنك تغضب أخاك وتخاصم صـاحبك وتود قتل مبغضيك وتنازع المؤمنين أيضاً . فاسمع ما يقوله بولس الرسول : " لانـ أولا حين تجتمعون في الكنيسة اسمع أن بينكم انشقاقات وأصدق بعض التصديـق . لانه لابد أن يكون بينكم بدع أيضاً ليكون المزكوم ظاهرين " " .ومعناه أنه إذا وقعـت بينكم شرور وخصومات يتميز الطائعون للمسيح بالصبر والاحتمال والصفـح عـن المسيئين لهم . ويظهر شر الأشرار بكثرة المحك ( والفجور والتنازع وحب الغلبـة وقال الرسول أيضاً : " أنواع مواهب موجودة ولكن الروح واحد وأنواع خدم موجودة ولكن الرب واحد " . وأنواع أعمال موجودة ولكن الله واحد الذي يعمل الكل في الكل . ولكنه لكل واحد يعطى اظهار الروح للمنفعة . فإنه لواحد يعطى بالروح كلام حكمـة ولآخر كلام علم بحسب الروح الواحد . ولآخر إيمان بالروح الواحد ولآخر مواهـب شفاء بالروح الواحد . ولآخر عمل قوات ولآخر نبوة ولآخر تمييز الارواح . ولأخـر أنواع السنة . ولآخر ترجمة السنة . ولكن هذه كلها يعملها الروح الواحد بعينه قاسـماً لكل واحد بمفرده كما يشاء " " " . ( معناه ) فما بالكم انتم الآن تتنافسون وتتغايرون إذا كان الله هو المقسم الرتب والمعطى بحسب الاستحقاق لكـل واحـد كـمـا يـحـب ويا للعجب من أن الذين يكثرون الخصام في الاسواق والشوارع يكسبون المذمة من الناس واللائمة من الناظرين . وكذلك الذين يشوشون على المجتمعيـن فـي أمـاكن اللعب والسباق والحانات وحلقات المشعبذين يوسقهم من حضر سبأ وشتماً ويـهانون . والذين يتنازعون في أبواب الملوك والعظماء . فأنهم يضربون بالسياط ويسـجنون ولا يرحمون . فإذا كان الذين يشوشون على هذه الاماكن العالمية يفعل بهم مثل هـذه الفعال . فالذين يشوشون على بيعة الله تعالى ومصاف الملائكة ومجــامع الشهداء والأبرار بماذا يعاقبون ؟ وبأي عذاب يعذبون . اسمع يا هذا قول الكتاب عن قـورح وداثان وأبيرام الذين حسدوا موسى وهرون وأرادوا أن يكونوا كهنة مثلهم وينقلـون عن رتبة اللاويين . قال الكتاب : " قام قورح وداثان وابيرام ومئتان وخمسون رجـلاً من رؤساء الجماعة على موسى وهرون وقالوا لـهما كفاكمـا . إن كـل الجماعـة بأسرها مقدسة وفي وسطها الرب . فما بالكما ترتفعان على جماعة الرب . فلما سـمع موسى سقط على وجهه . ثم كلم قورح وجميع قومه قائلاً غداً يعلن الرب من هو له ومن المقدس حتى يقؤبه إليه .. كفاكم يا بنى لاوى . أقليل عليكم أن إلـه اسـرائيل أفرزكم من جماعة اسرائيل ليقربكم اليه لكي تعملوا خدمة المســن وتقفـوا قـدام الجماعة لخدمتها . فقر بك وجميع أخوتك بنى لاوى معك وتطلبون أيضـاً كـهنوتاً . إذن انت وكل جماعتك متفقون على الرب . وأما هرون فما هو حتى تتذمروا عليـه . فارسل موسى ليدعو داثان وابیرام ابنى اليآب فقالا لا نصعد . أقليل أنك أصعدتنا من أرض تفيض لبناً وعسلاً لتميتنا في البرية حتى تترأس علينـا أيضـاً ترؤسـاً . ولا أعطيتنا نصيب حقول وكروم . لا نصعد . فأغتاظ جداً وقال للـرب لا تلفـت إلى تقدمتهما . حماراً واحداً لم أخذ منهم ولا أسات إلى أحد منـهم . وقـال موسـى لقورح كن أنت وكل جماعتك أمام الرب أنت وهم وهرون غدا . وخذوا كـل واحـد مجمرته فيها بخوراً وقدموا أمام الرب كل واحد مجمرته ، مئتين وخمسين مجمـرة . وأنت وهرون وكل واحد بمجمرته . فأخذوا كل واحد مجمرته وجعلـوا فيـهـا نـاراً ووضعوا عليها بخوراً ووقفوا لدى باب خيمة الاجتماع مع موسى وهرون . وجمـع عليهما قورح كل الجماعة إلى باب خيمة الاجتمـاع فـتراءى مجـد الـرب لكـل الجماعة . وكلم الرب موسى وهرون قائلاً ، افترزا من بين هذه الجماعة فإني أفنيهم في لحظة . فخرا على وجهيهما وقالا اللهم إله أرواح جميع البشر هل يخطئ رجـل واحد فتسخط على كل الجماعة . فكلم الرب موسى : كلم الجماعة قائلاً اطلعوا مـن حوالي مسكن قورح وداثان وابیرام ، فقام موسى وذهب إلى داثان وابـــرام وذهـب وراءه شيوخ اسرائيل . فكلم الجماعة قائلاً اعتزلوا عن خيام هؤلاء القوم البغـاة ولا تمسوا شيئاً مما لهم لئلا تهلكوا بجميع خطاياهم . فطلعوا من حوالي مســكـن قـورح وداثان وأبيرام . وخرج داثان وأبيرام ووقفا في باب خيمتهما ، نســـائهما وبنيـهما وأطفالهما . فقال موسى بهذا تعلمون أن الرب قد أرسلني لأعمل كـل هـذه وأنـها ليست من نفسي . إن مان هؤلاء كموت كل انسان وأصابتهم مصيبة كل انسان فليـس الرب قد ارسلني . ولكن إن ابتدع الرب بدعة وفتحت الارض فاها وابتلعتهم وكل ما لهم فهبطوا أحياء إلى الهاوية تعلمون أن هؤلاء القوم قد ازدروا بالرب . فلما فرغ من المتكلم بهذا الكلام انشـقت الارض التـى تحتـهم . وفتحـت الارض فاها وابتلعتهم وبيوتهم وكل من كان لقورح مع كل الاموال . فنزلوا هـم وكل ما كان لهم أحياء إلى الهاوية وانطبقـت عليـهم الارض فبـادوا مـن بيـن الجماعة . وكل اسرائيل الذين حولهم هربوا من صوتهم لانهم قــــالوا لعـل الارض تبتلعنا . وخرجت نار من عند الرب وأكلت المئتين والخمسين رجلا الذيـن قـربـوا البخور . ثم كلم الرب موسى قائلاً : " قل لألعازار بن هرون الكاهن أن يرفع المجـامر من الحريق وأذن النار هناك . فانهن قد تقدسن . مجـامر هـؤلاء المخطئيـن ضـد نفوسهم فليعملوها صفائح مطروقة غشاء للمذبح لانهم قد قدموها أمام الرب فتقدسـت فتكون علامة لبنى اسرائيل . فاخذ العازار الكاهن مجـامر النحـاس التـى قدمـها المحترقون وطرقوها غشاء للمذبح . تذكاراً لبني اسرائيل لكيلا يقترب رجل أجنبـي ليس من نسل هرون ليبخر بخوراً أمام الرب فيكون مثل قورح وجماعته كما كلمـه الرب على يد موسى " . ( ۱ ) فسبيلنا أن نهرب من طلب الرئاسات والامور العاليـة ونطلـب مـا فيـه خلاصنا ونسارع إلى العمل بأقوال ربنا . لنفوز بنعيم الملكوت الدائـم بنعمـة ربنـا يسوع المسيح الذي له المجد والوقار . الآن وكل أوان وغلى دهر الداهرين آمين . القديس يوحنا ذهبى الفم عن كتاب العظات الذهبية
المزيد
24 سبتمبر 2022

إنجيل عشية الأحد الثاني من شهر توت

تتضمن الحث على حفظ التعاليم الالهيـة والاستخفاف بالأموال والذخائر العالمية مرتبـة علـى فصـل حمـاة بطرس . ( لو 4 : 38 ) إذا كان الشرط في مداواة الاجساد البشـــرية أن يكـون الطبيـب مـاهرا والمريض مطيعا والخدام فرحاء موافقين . سيما وقد علمنا الآن عظم قدر المشـفى لأمراضنا والحامل لأوجاعنا . فكيف لا يجـب علينـا أن ننصـت نـحـن لأوامـره متفهمين . ونسارع إلى قبولهم مبتهجين . ونتعلم منه قوانيـن المـداواة الروحانيـة ومنافع العقاقير السماوية . لكي نقدر على معالجـة الامـراض الشيطانية وننقـذ المؤمنين من عذابها . ونتأهل أن يمسك بأيدينا ويرفعنا من بحار الرذيلـة وإذا كـان الذين يتعلمون العلوم الخارجية يحتاجون فـي تثبيتـهـا إلـى المذاكـرة والتكـرار . وملازمة القراءة ليلا ونهارا ثم يعلمونها للآخرين . كل ذلك قصدا منهم فـي ضبـط المعاني وتثبيتها في الأذهان كما ينبغى . وكذلك الذين يغرسون الحقول ويزرعـون الأراضي التقية يحتاجون في انجابها إلى التعهد بالسقى والقيام بخدمة الأرض كمـا يجب . وإلا فيخسروا واخراجها ويتعبوا فيها باطلا . فعلى هذا القياس يجب على الذين يسمعون العظات . ويتبعون فـى سـماع التعاليم الالهية أن يحفظوها بالمفاوضة والتكرار ليكونوا لها متذكرين فيتأهلوا بـأن يكونوا معلمين للآخرين . واسمع ياهذا قول الرسـول : " كونـوا عـاملين بالكلمـة لا سامعين فقط خادعين نفوسكم . لانه إن كان أحد سامعا للكلمة وليس عاملا فـذاك يشبه رجلا ناظرا وجه خلقته في مرأة . فإنه نظر ذاته ومضى وللوقـت نسـى مـا ويكون كالذي بنى بيته على الرمل " كما قال الكتاب المجيد . ويقول أيضا : أن كان أحد يظن أنه حكيم وعالم بينكم فلير اعماله بـالتصرف الحسـن فـي وداعـة و الحكمة . . ولاجل ذلك أنا لا أكف عن تذكيركم وتنبيهكم ومفاوضتكم فيمـا يجـب حتى أراكم ذاكرين لقراءآتكم . حافظين لتعاليمكم . عاملين بأقوال ربكم متغايرين فـي الفضائل . متباعدين عن مسالك الرذائل.لأسر أنا بحسن اعمـالكم وابتـهـج بجميـل مجازاتكم وأفرح بدخولكم إلى النعيم . فإن قلت وما الذي يدل على ذلك من أعمالنـا ؟ قلت بأن أراكم محبين لعمل الفضائل كالصلاة والصوم والرحمة والرأفـة والمحبـة وأمثال ذلك . مبغضين للرذائل أعنى الغضب والحسد والنميمة وحب الأموال وسـائر أقسام الرذيلة . لأن حب الأموال سبب لتوليد الشرور كلها وأداة لعمل الهالكين . فـإن قلت وكيف نقدر على بغض المال وقد جعل واسطة لتحصيل الامـور الضروريـة المحتاج إليها ؟ قلت حديثنا الآن هو عما يحب لذاته وينفق في إنالة اللذات البدنيـة . لا فيما يكسب من وجوه الحلال وينفق في اللوازم المحتاج إليها لقوام الحيـاة وفـي مصالح المقلين . فلا تظنن ياهذا أن طرح الاموال أمر جسيم . فإنك إذا امعنت النظـر رأيت كثيرا من الناس يفعلون ذلك لأجل طلب المديح من الناظرين . وذلك إنك تجـد قوما يخرجون عن الأموال الكثيرة . ويدعـون الأمـلاك والضيـاع والبضـائع والزراعات . وينقطعون في الجبال والمغائر طلبا لتصيد المديح من النـاظرين لـهم والسامعين لأخبارهم فقط . وتجد آخريـن يجـهدون أنفسهم ويتعبـون اجسـامهم ويماحكون ويظلمون ويحصلون الأموال من أرذل وجوهها . ولحبهم في المديح مـن الناس يصرفونها في ثمن الثياب الفاخرة والمركبات والأواني النفيسة وما لا تدعـو إليه ضرورة الحياة . وذلك لكي يراهم الناس فيمدحونهم ويعظمونهم . وتـرى قومـا أخرين يهتمون بالأطعمة الشهية ويروقون الخمر المعطر ويعدون الأنقال والأزهـار والملهين وغير ذلك . ويتبعون ويغرمون غرامات أخرى كثيرة يطول شـرحها ثـم يستدعون أناسا أغنياء ومتمولين ومن لا حاجة به إلى طعامهم ليقبلوا منهم المديـح الذائل لساعته تلك . ولعلهم لو عبر بهم في ذلك الوقت سائل جائع وعطشان وسـأل سد جوعه وعطشه لأعادوه خائبا بل وأوسقوه شتما وســـبا . ولـهذا تتقلـب اكـثر مسراتهم إلى الشرور المنكدة والمخاصمات القبيحة وأمور ردية يطول وصفها . وإذا كان هذا يغرم الأموال الجزيلة ليقبل المجد من الناس . وهذا ينفـق المبـالغ الجمـة ليكسب المديح الزائل وشيكا " وهذا يبذر ماله مجانا فيما يستحيل إلى الفساد ويقـذف به إلى المزابل سريعا . فكيف لا نتأمل نحن إلى هذه النقائص بعيون عقلنا ونكشـف عنها ستور الظلمات . وننظرها بالاذهان السليمة وتقدها بالأفكار المستقيمة . ونصـد المائلين إلى فعلها المتمسكين بذيول فخرها لننجو من بحارها سالمين . ياللعجب مـن كوننا نصرف الأموال الجمة وننفق المبالغ الكثـيرة . ونتعـب اجسـامنا وخدامنـا واولادنا في طلب المديح الزائل . المماثل الدخان أو البرق أو الـهواء أو الظـل أو الغبار وما أشبه ذلك في سرعته الاضمحلال . ولا نجعل ذلك لما لا يزول . وكيـف يحسن بالعقلاء أن يطلبوا الشرف من معادن الخساسة ولا يطلبون من الخالق تبـلرك وتعالى ؟ كيف يجمل بنا نحن أن نطلب المديح من العـاجز والنـاقص والمسـتحيل والمائت والخائف والمتقلب والذليل . ونعدل عن الطلب من السيد القادر الحكيم الحـى الرؤوف الباقي الذي لا يزول . الخالق لطبائعنا والمدبر لنظام حياتنا . والجائد بمثـل هذه المكارم على جنسنا . والمعد لنا وراثة النعيم . فسبيلنا أن نقتدى بآثار الفضائل ونعدل عن طرقات الاراذل ونتمسك بوصايا الحياة طائعين . لننال ملكوت ربنا يسوع المسيح الذي له المجد دائما آمين . القديس يوحنا ذهبى الفم عن كتاب العظات الذهبية
المزيد
04 يناير 2022

رحمة الله الظاهرة للبشر في تجسد ابن الله

يقول القديس بولس الرسول: "لأنّه هو سلامنا جعل الإثنين واحداً ونقض في جسده حائط السياج الحاجز أي العداوة" (افسس2: 14). الحق! إن المتجسد من العذراء نقض حائط السياج الحاجز، وصار الاثنان واحداً. تبدّد الظلام وأشرق النور وغدا العبيد أحراراً والأعداء بنين. زالت العداوة القديمة وساد السلام المرغوب من الملائكة والصِدّيقين منذ القديم، لأن الأمر المدهش قد تمّ، وهو أنّ ابن الله صار إنساناً، فتبعته الأشياء كلّها، المخلص يضع ذاته ليرفعنا، ولد بالجسد لتولد أنت بالروح. سمح للعبد أن يكون له أباً، ليكون السيد أباً لك أيها العبد. فلنفرح ونبتهج كلنا. لأن البطريرك "إبراهيم قد ابتهج ليرى فرأى وفرح" (يوحنا8: 56) فكم بالحري نحن الذين رأينا الرب في الأقمطة! لذلك، يجب علينا أن نسَّر ونبتهج بعظمة إحسانه. إنه لأمر يستحق الانذهال. لقد ساد السلام لا لمبادرتنا إلى الرب نحن الذين أخطأنا إليه ، بل لأن الساخط علينا نفسه قد شفق علينا. "فأسألكم من قبل المسيح أن تتصالحوا مع الله" (كورنثوس الثانية 5: 20) إذ خلق العلي بنعمته وحدها الانسان وأعطاه على الأرض أجمل مكان ليعيش فيه، ووهبه وحده العقل بين المخلوقات كلها، وسمح له برؤيته تعالى، والتلذذ بالحديث معه، ووعده بالخلود، وملأه بالنعم الروحية حتى أن الإنسان الأول تنبأ؛ ولكنه بعد هذه الخيرات كلها رأى العدو أجدر بالايمان ممن وهبه جميع ما ذكر، فاحتقر وصية الخالق وفضل من كان يعمل على هلاكه بكل الوسائط. ومع ذلك فما أباد الله الارض كما تقتضي العدالة، لما أظهر الإنسان من العقوق وعدم معرفة الجميل. بل صار يُعنى به أكثر من الأول، لأن الخطر اشتد كثيراً بعد استسلام جنسنا للإثم، وتعرضه للهلاك. ولكن الآب السماوي اهتم للخاطئ وحدثه كصديق مبيناً له خطر الهلاك المحدق به، ثم أعطاه الشريعة كمساعد له، وأرسل الأنبياء لتعلمه ما يجب عليه أن يفعل. "ثم أرسل له وريثه نفسه – أي ابنه – مولوداً من امرأة تحت الناموس ليفتدي الذين تحت الناموس لننال التبني" (غلاطية4: 4و5) لذلك نرى نبي الله متعجباً من حكمة الضابط الكل وصارخاً : "هذا هو إلهنا قد تراءى على الأرض وتردد بين البشر" (باروك 3: 38) ابن حقيقي لآب أزلي لا يعبر عنه ولا يدرك، اجتاز أحشاء بتولية، وتنازل ان يُولَد من عذراء، ولم يكفّ عن العمل والشروع بالأشياء حتى جاء بنا نحن الأعداء إلى الله، وصيّرنا اصدقاء له، فكان كمن يقف بين اثنين متقابلين باسطاً ذراعيه لهما ليوحدهما معاً. هكذا فعل ابن الله موحداً الطبيعة الإلهية مع البشرية، أي خاصته مع خاصتنا. هذه وفرة نعمة الرب. إن الذي غضب يسعى للسلام قاهراً المغتصب. قد يخلع الملك تاجه أحياناً ويلبس حلة جندي بسيطة حتى لا يعرفه أحد من أعدائه. أما السيد المسيح فقد جاء لابساً حلتنا حتى يُعرف، ولا يدع العدو يفر هارباً قبل القتال، ويدعو أتباعه إلى الاضطراب، إن غاية ابن الله هي الخلاص لا الإرهاب. ربما تقول: لماذا لم تكمل هذه المصالحة بواسطة أحد الأرواح غير المتجسدة أو أحد البشر، بل بواسطة كلمة الله؟ فالجواب لأنه لو حصلنا على الخلاص بواسطة أحد الصديقين لما علمنا مقدار عظم اهتمام السيد بنا، ولما أصبح موضوعاً للإعجاب مدى الأجيال. فانه ليس بالأمر المدهش الفريد لو دخل مخلوق في الاتحاد مع مخلوق آخر؛ وبالتالي، لما قدر الإنسان أن يعمل عملاً إلهياً. وسرعان ما يسقط الأرضي، كما عمل اليهود، إذ حوّلوا خلاصهم المعطى لهم بواسطة موسى إلى شرور أشدّ من التي تحمّلوها في أرض مصر، وكادوا يؤلهون موسى بعد موته. إنهم أرادوا أن ينادوا به إلهاً،وهم يعلمون أنهم معه من طبيعة واحدة. وأخيراً لو أرسل ملكاً أو بشراً لاجل إنقاذنا من السقوط لما حصلنا على الخلاص ولا قدرنا أن نقترب من الذي حصلنا عليه الآن. ولو أن قوام خلاصنا حصل من طبيعة ملائكية أو بشرية فكيف يُعطى لنا أن نجلس عن يمين الآب السماوي ونصير أعلى من الملائكة ورؤساء الملائكة، ونستحق ذلك الشرف الذي تتمنى القوات العلوية الدخول في مجده. ولو حرم الجنس البشري من هذا النصيب المغبوط ألا يظهر عدونا القديم كبرياء أعظم من الاولى ويفكر بتهييج السماء ذاتها؟ فمن أجل هذه الاسباب وغيرها أخذ ابن الله الطبيعة البشرية وكمّل خلاص الجنس البشري كله. وعليه إذا تصورنا عظمة تنازل الله فلنعطِ السيد الشرف الواجب، لأننا لا نقدر أن نكافئه إلا بخلاص نفوسنا، وبالاهتمام بالقريب. وليس من عيد أفضل من اهتمام المسيحي الحقيقي بالقريب، والاجتهاد بخلاصه. لأنّ المسيح لم يرضِ ذاته بل الكثيرين. هكذا يقول رسول المسيح: "غير طالب ما يوافقني بل ما يوافق الكثيرين لكي يخلصوا) “كورنثوس الاولى 10: 33( القدّيس يوحنا الذهبي الفم
المزيد
04 ديسمبر 2021

التجسد الإلهي

حب وعمل! بسبب الحب أخذ جسدنا وتراءف علينا ليس هناك سبب آخر لتجسده! الإنسان والحب جبل الإنسان مخلوًقا محبا، لا يقدر أن يتذوق الحياة ولا أن يمارس إنسانيته خارج دائرة الحب. يريد أن يكون محبوبا، لو أمكن من العالم كله! ويشتاق- بين الحين والآخر- لو اتسع قلبه ليحمل المسكونة كلها في قلبه بالحب! هذه ليست طبيعتي وطبيعتك، ولا هي أحاسيس عابرة تجتاز نفسي ونفسك، لكنها هي خبرة "الحياة"،خبرة الإنسان عبر كل العصور، وتحت كل الظروف.قد يبدو الإنسان جادا أو منهمكا في مسئولياته الكبرى، أو مشدودا إلى أبحاثه، أو غارًقا فى أعماله،وقد يكون الإنسان قاسيا وعنيًفا بل وأحياًنا مجرما وقاتلا... لكنه وسط هذا كله تجده متعطشا للحب... يخورأمامه سريعا ويستسلم! لكننا نتساءل: وهل يترك الله الإنسان محتاجا إلى الحب، يتسوله من هذا أو يستجديه من تلك، بغيرشبع؟! بل وكثيرا ما يجرى وراء الصداقات والزمالات والعواطف... وللأسف غالبا ما يكتشف بعد خبرةسنوات أن سر هذه العلاقة مع أحب إنسان لديه هو الأنانية!!! الله حب! إن كان الإنسان بطبعه محبا، فلأنه على مثال الله "الحب اللانهائي"... ينجذب إليه، لا ليقدم حساباعن أعماله، ولا ليقدم فروض الطاعة والولاء وصنوف العبادات والتذلل، ولا لينتظر مكافآت وجزاءات ولا ليتقي غضبه... لكنه أولا وقبل كل شيء يرتمي في أحضانه ويتكيء على صدره لينهل من ينابيع حبه، التي وحدها تقدر أن تروي نفسه الظمآنة! يقول ابن سيراخ أن من يأكل منه يعود إليه جائعا، ومن يشرب منه يعود ظمآًنا إليه! إنه ينهل من حب الله بلا حدود! هذا الحب الإلهي ليس كلاما بل عملا، أوجد له العالم قبل خلقته لا ليشبع احتياجات جسده، بل وأيضا لكي يتلمس حب الله العملي في الخليقة فترتوي نفسه جبل له حواء أيضا لكي لا يكون وحيدا، لكنه يتلمس محبة الله خلال تآنسهما معا، وهما يلهجان في أعمال الله ويسبحانه من أجل تدابيره المملوءة حبا! بعد السقوط، خرج "المخلوق المحب" من فردوس الحب إلى عالم مملوء وحشية، قانونه الظلم ودستوره العنف، إذ تحول من وحدة الحب إلى انقسامات الكراهية والأنانية، كل قبيلة لا تؤمن إلا بنفسها، تؤمن بالبقاء للأقوى والموت للأضعف!... تحول الإنسان إلى وحش كاسر لا يفترس أخاه بل ونفسه حتى ليصل أحياًنا إلى الرغبة في الانتحار، كارها نفسه! بمعنى آخر، خرج الإنسان من فردوس الحياة إلى عالم الموت، عوض الحب يمارس الأنانية... فإنه وإن صادق أو زامل أو ترفق، فغالبا ما يكون لأجل نفسه لإشباع حاجاته النفسية أو الاجتماعية! ومع هذا، ففي أعماقه يحس بين الحين والآخر بحنين أن يحب وأن يحب، لكنه كثيرا ما لا يجد من يحبه حًقا، وكثيرا ما يحسب أنه لا يوجد في العالم من يستحق حبه! لقد فسدت حياته الداخلية، كما فسد العالم المحيط به... وصار الأمر جد خطير! لقد فقد الإنسان حياته وطبيعته وبصيرته... فهل يتركه "الحب اللانهائي" هكذا يتخبط؟! الحب يقتحم حياتنا! في "فردوس الحب" كان الإنسان ينعم بالحب، يحصره الله بالحب، ويفيض هو حبا نحو الله، متهللا كلما "سمع صوت الله ماشيا في الجنة"... لم يكن محتاجا إلى وصية عن "الحب" ولا معلما يرشده ويدربه على"الحب"... لكن كان يكفيه اللقاء الدائم مع الله، والوجود المستمر في حضرته! أما وقد خرج الإنسان هائما في عالم الأنانية، لم يقف الله مكتوف الأيدي، بل كان يليق به أن يعلن حبه عمليا، فأرسل إلينا وصيته "حب!"... "حب الرب إلهك... حب قريبك كنفسك" أرسل الله الوصية أو الناموس يطالبنا بالحب، لكن الناموس كان صعبا والوصية غير قادرة على تغيير طبيعتنا. فصار الناموس وهو مقدس كاشًفا للضعيف غير معالج له... فيقول الإنسان "لما جاءت الوصيةعاشت الخطية فمت أنا. فوجدت الوصية التي للحياة هي نفسها لي للموت. لأن الخطية وهي متخذة فرصة بالوصية خدعتني بها وقتلتني" هذا ما فعله الناموس، وهذا ما أكده الأنبياء، إذ جاءوا نبيا يلي نبيا من أجل تنفيذ وصية الحب.فكشفوا العجز البشري وحاجتهم إلى من يعيد إليهم طبيعة الحب المفقودة. الحب يتجسد! إذ كان الإنسان موضع لذة الله وموضوع حبه كان يلزم ألا يبقى الله في سمواته يعلن حبه للإنسان وهو منعزل عنه. لا يكفي أن يرسل إليه الوصية أو الناموس، ولا أن يبعث إليه بالأنبياء، لكن حبه ألزمه أن يلتقي بالإنسان في عالمه... يدخل معه طريقه، ويشاركه حياته الأرضية لكي يحمله بالحب على كتفيه ويعيده من جديد إلى "عالم الحب"، إلى الحياة السماوية! تجسد "الحب" ليعيش بين البشر، واحدا منهم، حاملا إياهم إلى "حياة الحب" المفقودة... وكما يقول القديس يوحنا الذهبي الفم "صار ابًنا للإنسان لكي يصير أبناء الإنسان أبناء لله". جاء يلاطف الإنسان بالحب،يجذبه إليه، واهبا إياه طبيعة جديدة، طبيعة الحب الحقيقي التي تفرح قلب الله. "هكذا يصبح الإنسان قيثارة،متوافقة، نغمها الروحي يسحر الله"! بحق دعي التجسد سرا أنه سر حب الله اللانهائي، إذ "هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية".الإله المعبود صار إنساًنا، وقابل الذبائح والتقدمات "صار كاهًنا وذبيحة"! أعلن حبه بالعمل لا بالكلام "فإن الله لم يجازنا عن تعدياتنا الكثيرة التي اقترفناها ضده رغم إحساناته علينا، بل أعطانا ابنه. جعله من أجلنا خطية تركه يدان ويموت كملعون! إنه يشبه ملكا يرى لصا على وشك الإعدام فيرسل ابنه الوحيد الحبيب، ينقل عليه الموت ذاته بل وخطأ المجرم! هذا كله من أجل خلاص المذنب ورفعه إلى كرامة عظيمة".لقد ترنم الآباء بهذا التجسد العجيب الذي دخل إلى حياتنا ليرفعنا إلى الصداقة مع الله، والشركة مع السمائيين، والتمتع بحياة الحب يقول القديس غريغوريوس العجائبي "المولود من الله الآب أخذ لنفسه من العذراء جسدا حتى يدين الخطية في الجسد، ويهزم المجرب، معلًنا بداية القيامة وتأسيس الحياة الأبدية ونشأة الصداقة بين الناس والآب".ويقول مار إفرآم السرياني "المجد لذاك الذي نظر إلينا إننا قبلنا التشبه بالوحوش في هياجنا وجشعنا، فنزل إلينا وصار واحدا منا، حتى نصير نحن سمائيين". ويقول مار يعقوب السروجي: "الحب جذبك لتأتي إلى بلدنا من أجلنا... حبك خلطك معنا بالجنس، لنرتل لك! صرت معنا ومنا، إذ أنت ربنا. هوذا عمانوئيل معنا، بجوارنا...".لنحب... بالإيمان والروح والعمل! "هو أحبنا أولا..." لقد بادرنا بالحب لكي يجذبنا إليه، لا بالعاطفة والمشاعر ولا بالكلام والوصية، إنما فوق الكل بالعمل والبذل! تجسد وتأنس، تألم وصلب، مات ودفن، قام ليقيمنا معه حاملين "جدة الحياة". يفتح ذراعيه بالحب نحو العالم... يدعو الجميع، ويلح في الدعوة، مؤكدا "أن كل الفضل هنا لصاحب الدعوة، وما على المدعوين إلا الطاعة"... يريد أن يبرق في كل نفس ويدعوها باسمها كما في طريقها إلى دمشق لكي يخلق من شاول المقاوم بولسا المحب قائلا "لستم أنتم اخترتمونى بل أنا اخترتكم" قدم عملا وبذلا،ولا يزال يقدم الدعوة الشخصية لكل أحد، لكى من يؤمن به يتجاوب معه بالحب العملي، فيرتمي في أحضانه بالنعمة الإلهية لينعم بالخلاص... الخلاص هو التلاقي بين حب الله العملي وحب الإنسان الإيماني العملي. هو خروج من الذات بالروح القدس لكي يدخل الإنسان الحياة الجديدة في المسيح يسوع، كحياة إنجيلية عملية، ممارسة حب مع ذاك الذي يحبها هذا التلاقي يتم بالطبيعة الجديدة التي ننالها بالمعمودية، بالروح القدس الذي ننعم به في الميرون هذا ما أكده الكتاب قائلا "من آمن واعتمد خلص...". لنؤمن ولنعتمد، حاملين الروح القدس فينا،الذي وحده يقدر أن يدخل بنا ونحن في كامل حريتنا إلى "الحياة الإلهية"... "إذ لا نقدر أن نجري في طريق الله إلا محمولين على أجنحة الروح" لابد للتنعم بفاعلية سر التجسد أن نقبل روحه القدوس عوًنا وسندا ينطلق بنا إليه، لنعيش في شركة مع الإله المتجسد، نمارس حياته الفاضلة فينا. يقول القديس يوحنا الذهبي الفم:"بمعونة الله نحن نفعل الخير الذي نعمله"،"ليس أقوى من الذي يتمتع بالعون السماوي، كما أنه ليس أضعف من الذي يحرم منه"، "لنكن أقوى من الجميع، ممتلئين ببولس وبطرس ويعقوب ويوحنا، فإن غاب عنا العون الإلهي لا نقدر أن نقاوم أتفه إغراء". تلاقي عملي الله في حبه بذل ابنه بإرادته الكاملة، إرادة محبة عاملة، ونحن أيضا يلزمنا أن نلتقي مع هذه الإرادة بإرادة كاملة، إرادة حب باذل... هذا هو سر خلاصنا! أحبنا أولا بإرادته ونزوله إلينا، ونحن به نحبه بقبوله فينا بالإيمان العملي! بمعنى آخر لا يلزمنا الله بالخلاص قسرا، كما لا يطلب منا إيماًنا سلبيا بل عاملا... هذا ما أكده القديس يوحنا الذهبي الفم، إذ أقتطف القليل من أقواله في هذا الشأن."أوجد الخالق طبيعتنا سيدة نفسها. في رحمته يهبنا معونته على الدوام، وهو مدرك ما هو مختبيء في أعماق القلب. إنه يرجونا وينصحنا وينهانا، محذرا إيانا من تصرفاتنا الشريرة، لكنه لا يفرض علينا شيئًا قسرا. يعرض الأدوية المناسبة، تاركا الأمر كله لقرار المريض نفسه"."نحن سادة، نستطيع أن نجعل كل عضو فينا آلة للشر أو للبر"."الله لا يريد أن تكون العطية بكاملها من جانبه، لكنه يريد أن تدخل فيها الصلاة حتى لا يصير العبد بغير مكافأة."الله يريد أن يظهر العبد وكأنه قد ساهم في شيء فلا يسقط في الخجل"."النعمة دائما مستعدة! إنها تطلب الذين يقبلونها بكل ترحيب. هكذا إذ يرى سيدنا نفسا ساهرة وملتهبة حبا يسكب عليها بفيض غناه، وبغزارة تفوق كل طلبته". "الله يدعو ويجذب إلى الحق الذين حتى في أخطائهم يطلبون طريق الحق"."إن عطش أحد فليقبل إلي ويشرب".أنا لا أسحب أحدا بالقوة ولا بالعنف، لكن إن كان أحد ممتلئًا إرادة حسنة ومشتعلا بالرغبة، هذا أناأدعوه"."يلزمنا أولا أن نصنع ما نستطيع، فيعمل الله فينا". "كيف صار بولس بولسا؟ من نفسه أم من الله؟ من الله، لأنه من نفسه!"."لا يغضبنا الله ولا نعمة الروح تلزم إرادتنا، إنما ينادينا الله وينتظر لكي نتقدم بملء حريتنا. فإذا مااقتربنا يعطينا كل عونه"."أي شعلة يشعلها الروح في داخلنا، نستطيع نحن إن أردنا أن نوهجها أكثر فأكثر، وإن لم نرد نفقدهاللحال"."الله في حبه قد أعدنا من قبل (النعمة) للخلاص. هذا الخلاص نبلغه لا بمجهودنا ولا بأعمالناالصالحة، بل بالنعمة. ولكن ليس بها فقط بل بالفضائل أيضا. لأنه لو كان كل شيء من قبل النعمة وحدها لخلص جميعنا. ولو كان كل شيء بفضيلتنا الشخصية فما فائدة شفاعة المسيح وتجسده؟! بالحقيقة نحن مخلصون بالنعمة وحدها ولا بالفضيلة وحدها بل بالاثنين معا"."الله يطلب منا حجة صغيرة حتى يقوم هو بكل العمل". بالنعمة أنتم مخلصون! إن كان القديس يوحنا الذهبي الفم يؤكد أهمية الجهاد لكنه يخشى أن نسقط في الكبرياء، فنظن أننا بجهادنا الشخصي ندخل الحياة الإنجيلية، بتقوانا أو بأعمالنا الصالحة، لذلك ينصحنا قائلا:"لا شيء يجعل أعمالنا الصالحة عديمة الفائدة وباطلة إلا عندما نتذكرها ظانين أننا فعلنا الحسنى". "أعترف أنك تخلص بالنعمة، لكي تشعر بأن الله دائن لك، ليس من أجل أعمالك الصالحة بل من أجل أحاسيسك النبيلة... فإن أسندناها لله، تكون مكافأتنا عن اتضاعنا أعظم من مكافأتنا عن الأعمال نفسها".أخيرا، لقد أحبك الله ونزل إليك، لكي يرفعك بنعمته إليه... إنه ينتظر على الدوام لقاءك، لكي تعلن له حبك وتقبله في حياتك.بركة الرب ترافقك القديس يوحنا ذهبي الفم
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل