المقالات

02 مارس 2024

إنجيل عشية الأحد الرابع من شهر أمشير ( لو ۱۷ : ۱ - ۱۰ )

" وقال لتلاميذه لا يُمكن إلا أن تأتي العثرات، ولكن ويل للذي تأتي بواسِطَتِهِ خَيْرٌ لَهُ لو طوّقَ عُنْقُهُ بِحَجَرٍ رحى وطُرِحَ في البحر، مِنْ أَنْ يُعثِرَ أَحَد هؤلاء الصغار. احترزوا لأنفُسِكُمْ وإن أخطأ إليك أخوك فوبخه، وإنْ تاب فاغْفِرْ لَهُ وإن أخطأ إِلَيْكَ سبعَ مَرَّاتٍ في اليوم، وَرَجَعَ إلَيكَ سبعَ مَرّاتٍ في اليوم قائلاً أنا تائب، فاغفر له فقال الرُّسُلُ للرَّبِّ زِدْ إيماننا! فقال الرب لو كان لَكُمْ إِيمَانٌ مِثْلُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ، لكُنتُمْ تقولونَ لِهَذِهِ الجُمِّيزَةِ انقلعي وانغرسي في البحر فتُطِيعُكُمْ وَمَنْ مِنكُمْ لَهُ عَبدٌ يَحرُثُ أو يرعى، يقولُ له إذا دَخَلَ مِنَ الحَمْلِ تَقَدَّم سريعًا واتَّكِي بل ألا يقولُ لَهُ أعدد ما أتعَشَّى به، وتمنطق واخد مني حَتَّى أَكُلَ وأَشْرَبَ، وبعد ذلك تأكل وتشرب أنت؟ فهل لذلك العبد فضل لأنَّهُ فَعَلَ ما أُمِرَ بهِ ؟ لا أظُنُّ كذلك أنتُمْ أيضًا، مَتَى فعلتُمْ كُلَّ ما أُمِرْتُمْ بِهِ فقولوا إِنَّنا عَبِيدٌ بَطَّالُونَ، لأَنَّنَا إِنَّمَا عملنا ما كانَ يَجِبُ علينا " العثرات : قال الرب للرسل الأطهار إن العثرات في طريق الملكوت والبلوغ إليه في العالم ولا مفر من وجودها لابد أن تأتي العثرات لأن عدو الخير المقاوم لله، روح الظلمة كائن في العالم، بل هو رئيس هذا العالم والعامل في أبناء الظلمة، وهم إذا يعملون لحسابه ضد المسيح أحد النفوس البسيطة ولكن ويل لذلك الإنسان الذي يسبي كالأطفال إلى سبي الخطايا ويوقعه في فخ إبليس ويل لذلك الإنسان، خير له لو طوّق عنقه بحجر الرحى وطرح في البحر لأنه إن كان المسيح المُخلّص قد أقام الساقطين ورد الضالين وصار طريقًا للمفديين فمن هو ذلك الإنسان الذي يجسر أن يكون عثرة في طريق المفديين بدم المسيح إنه يكون قد باع نفسه للشيطان فمسكين من قد صار له هذا الويل أما بنو الملكوت فيقال لهم "قوموا الأيادي المسترخية والركب المخلعة لكي لا يعتسف الأعرج بل بالحري يبرأ اسندوا الضعفاء ، شجعوا صغار النفوس، تأنوا على الجميع". إن الصغار أي النفوس الضعيفة والمبتدئة هي عند المسيح في مركز الاهتمام والحب كمثل الحملان الصغار عند راعي الخراف يحملها على منكبيه ويحميها من كل الأخطار احترزوا لأنفسكم وإن أخطأ إليك أخوك" كان الرب يُخاطب التلاميذ كأطفاله الصغار وكان يحنو عليهم بحبه الفائق فلما كلمهم عن العثرات قال"احترزوا لأنفسكم" وقد كررها كثيرًا ليوقظ فيهم حاسة الإفراز والتمييز والصحو الروحي لأن الفخاخ منصوبة في كل مكان والشيطان طلب أن يغربلهم وكم مرة قال لهم تحرزوا لأنفسكم من خمير الفريسيين بهذا المفهوم العالي في النظر إلى أخيك وحرصك على خلاصه وأن لا يتعثر في طريق خلاصه، بهذا المفهوم يصير الإنسان مسيحيًا، تابعًا لوصية المسيح من القلب مستنير البصيرة فإن أخطأ أخوك فقد سقط أمامك !! أفلا تقيمه؟ هذا هو جوهر الأمر : إنني أنظر إلى أخي بحب فإن سقط أقيمه أمد يدي وأساعده وأقيل عثرته.ربما ينغلب الإنسان من شيطان الغضب فيسقط أو من فخ تعظيم الذات أو تدليل الذات، أو الكبرياء أو يكون شيطان البغضة وعدم المحبة قد جربه أو أطنان الأفكار التي يبيعها الشيطان لعقل الإنسان أو فخاخ الشياطين المنصوبة حولنا شيء مهول ومن فينا لم يذق مرارة السقوط إننا ضعفاء ومساكين. إن أخطأ إليك أخوك فوبخه أي عاتبه) وإن تاب فاغفر له وفي موضع آخر قال المسيح "إن أخطأ إليك أخوك اذهب (أنت إليه وعاتبه وإن قبل منك فقد ربحت أخاك وإن لم يقبل خذ معك واحدًا أو اثنين إلخ وإن أخطأ إليك سبع مرات في اليوم ورجع إليك "، إذن الأمر يرجع إلينا إننا في حال قبول الأخوة نكون قد ربحنا وإن لم يغفر الإنسان لأخيه فقد خسر خسر أخاه وأية خسارة جسيمة هذه أن أخسر أخي !!. إنه لحمي ودمي هو عضو في جسد المسيح، هو لي كباقي أعضاء الجسد وهل يستغنى الجسد عن عضو فيه؟!. المحبة المسيحية في هذه الحالة ليست كلامًا أجوف أو شعارات بل هي طريق عملي للحفاظ على وحدانية الجسد، وحيويته. كيف أخسر أخي وأعيش هادئ البال؟ شيء مستحيل، بل كيف لا أربحه حتى لو وضعت نفسي عنه إنني مصر على ربح أخي حتى لو حاولت ذلك سبع مرات سبعين مرة في اليوم هذا هو روح المسيح الذي لا يعرف الفشل في خلاص الآخرين إن قبولي لأخي الراجع إلي يرفعني إلى صورة مخلصي، لأنه من يقبل التائب؟ ومن يفرح برجوع التائب؟ المسيح لا يُسر بموت الخاطئ مثلما يرجع ويحيا نحن نعمل مع الله، إن كنا بالحقيقة أولاد الله نحن نسعى كسفراء عن المسيح إن كنا بالحقيقة للمسيح.وعمل المسيح الرئيسي هو الفداء وغفران الخطايا حتى للصالبين فكم بالحري للإخوة إن تمتعنا بغفران المسيح مشروط دائما بغفراننا للآخرين كما علمنا في الصلاة اغفر لنا ذنوبنا كما نغفر نحن أيضًا فإن غفرتم للناس زلاتهم يغفر لكم أبوكم أيضًا زلاتكم"وقد قال الرب المثل عن العبد الذي لم يترفق بالعبد رفيقه بل طالبه بما عليه متشددًا ولم يمهله بل عامله بقسوة كيف أن سيد ذلك العبد رجع فطالبه بكل الدين الذي كان قد سامحه به وقال الرب "هكذا أبي السماوي يفعل بكم إن لم تتركوا من قلوبكم كل واحد لأخيه زلاته" (مت ١٨ : ٣٥). قال الرسل إذ سمعوا وصية الرب من جهة الغفران للأخ، قالوا : "زد إيماننا". الأمر إذن كما فهمه الآباء الرسل يحتاج إلى إيمان قوي لتنفيذ وصية المسيح وهذا حق لأن من يستطيع أن يفتح قلبه باتساع ليستوعب أخطاء أخيه مرة وسبعين مرة إلا إذا صدق إيمانه بزيادة في المسيح الذي يقوي ويعين إن الغفران عمل إيماني بالدرجة الأولى... يحتاج إلى شجاعة وجسارة بها يغلب الإنسان العداوة بالحب ويغلب الكبرياء بالاتضاع ووداعة المسيح وهل بدون إيمان نستطيع أن نفعل شيئًا ؟. بدون إيمان لا يمكن أرضاء الله !! ختام فصل الإنجيل هو صمام الأمان لجميع الوصايا وهو إنكار الذات وإن عملنا كل البر نقول إننا عبيد بطالون لم نفعل سوى ما أمرنا به. وأين نحن من عمل كل البر ؟ وأين نحن من هذه الوصايا العالية؟! نحن الذين انتهت إلينا أواخر الدهور نحن بالكاد نحب الأحباء وصدرنا يضيق أحيانًا بأقرب الأقربين وبالكاد نجد أسرة متحابة أو أخوة غير متخاصمين لقد زرع الشيطان زرعه وألقى فخاخه وعثراته وتعثر بها كثيرون وسقط آخرون ونحتاج إلى أن تدركنا مراحم الله ليتنا نصلي مع الرسل ونطلب بتوسل إلى المسيح قائلين زد إيماننا وأعطنا هذه النعمة الغافرة تسكن فينا واجعل الحنان في قلوبنا نحو جميع الإخوة فنغفر ونسامح ونطيع وصاياك، وإن فعلنا ذلك فنحن عبيد بطالون طالبون رحمتك ولم نفعل حتى ما أمرنا به فلتدركنا مراحمك سريعًا لأننا قد تمسكنا جدًا. المتنيح القمص لوقا سيدراوس عن كتاب تأملات فى أناجيل عشيات الأحاد
المزيد
24 فبراير 2024

إنجيل عشية الأحد الثالث من شهر أمشير ( يوه : ٣٩ - ٤٧ )

" فتشوا الكُتُبَ لأَنَّكُمْ تظُنُّونَ أَنَّ لَكُمْ فِيها حياةً أبديةً. وهي التي تشهد لي. ولا تُريدون أن تأتوا إليَّ لتكونَ لَكُمْ حَياةُ. مَجِدًا مِنَ الناس لستُ أقبل، ولكني قد عَرَفتُكُمْ أَنْ ليستْ لَكُمْ مَحَبَّةُ الله في أَنفُسِكُمْ. أنا قد أتيتُ باسم أبي ولستُم تقبلونني. إنْ أَتَى آخَرُ بِاسمِ نفسه فذلك تقبلونه. “كيف تقدرون أن تؤمنوا وأنتُمْ تقبلُونَ مَجِدًا بَعضُكُمْ مِنْ بَعضِ، والمَجدُ الذِي مِنَ الْإِلَهِ الواحِدِ لستُم تطلبونَهُ؟ لا تظُنُّوا أنّي أشكوكُمْ إِلَى الآب. يوجد الذي يَشكوكُمْ وهو موسَى، الذي عَلَيْهِ رَجَاؤُكُمْ. لأَنَّكُمْ لو كنتُم تُصَدِّقون موسَى لَكُنتُمْ تُصدقونني، لأنَّـه هــو كتَبَ غني. . فإِنْ كُنتُم لستُمْ تُصَدِّقُونَ كُتُبَ ذَاكَ، فكيف تُصَدِّقُونَ كلامي؟ " . علل عدم الإيمان: ما دار من حديث في الأصحاح الخامس بعد أن شفى المسيح له المجد مريض بركة بيت حسدا في يوم السبت... وقال: "أبي يعمل حتى الآن وأنا أعمل، فطلبوا أن يقتلوه ليس لأنه نقض السبت فقط بل قال إن الله أبوه معادلاً نفسه بالله" فأجاب يسوع في حديث مشوق وكشف لهم سر الآب والابن وسر الوحدانية في ذات الله، ولكن من يفهم ومن يؤمن. لقدأضمروا أن يقتلوه فكيف يسمعون كلامه؟. فصل إنجيل العشية هو ختام حديث المسيح له المجد وفيه كشف العلل التي كانت تعمل في قلب الرؤساء معلمي الشعب. ١ - إن كلمة الله لا مكان لها في القلب: فهم يعرفون معرفة العقل وكلام الشفاه. أما القلب فمبتعد عن الله بعيدًا كما قال إشعياء النبي: "هذا الشعب يكرمني بشفتيه". لذلك دلّهم المسيح على الطريق إن أرادوا... قائلاً: "فتشوا الكتب" والمطلوب ليس قراءة الكتب الإلهية، بل أن يتعمق الإنسان القصد الإلهي من المكتوب "لأن كل ما كتب كتب لأجل تعليمنا".إن المعرفة العقلية للكتب المقدسة دون ممارسة حياة التقوى وحياة الفضيلة والسير بحسب الكتب وحفظ الوصايا يغلق على الإنسان باب الخلاص. تفتيش الكتب معناه أن يبحث الإنسان عن حياته الأبدية فيما هو مكتوب تظنون أن لكم فيها حياة أبدية". فيأخذ الإنسان لنفسه كلمة يحيا بها ويخضع لها ويخبئها في كنز قلبه. ليست الكتب الإلهية كتب معرفة عقلية كباقي علوم الدنيا. بل هي كلام الحياة الأبدية إلى من نذهب وكلام الحياة الأبدية عندك"، لذلك فالكلام يؤكل وجد كلامك فأكلته". كما فعل الرب مع حزقيال وإرميا وباقي الأنبياء الذين أكلوا كلمة الرب فصارت في فمهم كالعسل ولكن مرة في الجوف لأنها مبكتة على الخطايا ومطهرة للضمير. ٢- لا تريدون أن تأتوا لتكون لكم حياة هذه هى العلة الرئيسية التي صدت جماعة اليهود ورؤسائهم عن معرفة المسيح - العناد - لا يريدون. وهذا ما أبكى المسيح على أورشليم وهو منحدر من جبل أحد الشعانين بكى على المدينة وقال: كم مرة الزيتون يوم أردت أن أجمع بنيك ولم تريدوا".إن مريض بركة بيت حسدا الذي صار الكلام كله بسبب شفائه في يوم السبت سأله الرب قائلاً: أتريد أن تبرأ ؟. فإن كانت الإرادة حاضرة فالخلاص يصيـر فـي يـد الإنسان لأن المسيح أكمل الخلاص، لمن يريد، ومن يؤمن، ومن يقبل كل من يسأل يأخذ وكل من يطلب يجد أما إذا رفض الإنسان مشورة الله من جهة نفسه فمن يشفع فيه؟ هم لم يريدوا أن يقبلوا المسيح، والمسيح يحترم حرية الإنسان الذي أبدعها فيه وخلقها كصورته المسيح لا يضطر الإنسان أن يقبله ولا يجبره قسرًا أن هو يريد أن الجميع يخلصون ولا يشاء موت الخاطئ بل يُسر برجوعه إليه ولكن من يتمسك بخطاياه ويرفض يسير وراءه الخلاص ويصر على العناد يخسر ويندم حيث لا ينفع الندم. ٣- كيف تقدرون أن تؤمنوا وأنتم تقبلون مجدًا بعضكم من بعض هذه العلة خطيرة تُخرج الإنسان خارج دائرة الإيمان: كل من يسعى ويقبل مجدًا من الناس !!.قال الرب بغاية الوضوح واضعًا المنهج الإلهي للحياة الفضلي: "مجدًا من الناس لست أقبل". من يقبل مجد الناس وأجرة من يد الناس فقد حرم نفسه من مجد الله ومجازاة الله.كانوا يصومون ليمدحهم الناس.وكانوا يصلون ليعظمهم الناس.وكانوا يصنعون صدقة ليظهروا أمام الناس.فأغلق قدامهم باب ملكوت المسيح.مجد الناس يُزكي الذات ويضخمها ويعلي الكبرياء والافتخار الباطل، وهذه كلها ضد ملكوت المسيح الوديع متواضع القلب.مسيحنا هو مسيح المذود والصليب والمتكأ الأخير فهو تقبله !! .كبرياء اليهود ومدح أنفسهم أخرجهم خارجًا. "إن أتى آخر باسم نفسه تقبلونه، لقد قبلوا ما هو بشري ورفضوا ما هو إلهي تمركزوا حول الذات البشرية البغيضة فرذلوا الحق بل رذلوا من الحق."لا تظنوا إني أشكوكم إلى الآب".هكذا قال الرب موضحًا أنه أضمر من جهتهم كل حب وكل إرادة صالحة. لقد جاء المسيح مخلصًا للعالم... جاء إلى خاصته..وخاصته لم تقبله.لما رفضته إحدى البلاد قال ابني زبدي: "أتشاء أن نطلب أن تنزل عليهم نار من السماء فقال الرب لستما تعلمان من أي روح أنتما ابن الإنسان لم يأتِ ليهلك بل ليخلص". ما كانت إرادته أن يهلك أحد وحتى ساعة صلبه غفر للذين سمروه والذين صلبوه!!. فهو لا يشكوهم إلى الآب ولا يدينهم على رفضهم إياه ولكن يوجد من يشكوهم.الناموس الذي يعلمونه والكلمة الإلهية التي أؤتمنوا عليها فحفظوها في الخزائن للأجيال ولم يحيوا بها، وموسى كاتب الناموس هو الذي يشكوهم لأنه قال عن المسيح وكتب عن المسيح وقال : إن نبيًا مثلي يقيم لك الرب من إخوتك ويكون أن كل نفس لا تسمع لذلك النبي تقطع تلك النفس من شعبها". هذه هي الدينونة علل كثيرة كمنت في داخل نفوسهم فأعمت عيونهم عن النظر ومسامعهم عن قبول الحق . فكان النور الحقيقي أمامهم ولكنهم عميان وكان الحق متجسدًا بينهم ولكنهم لم يفتشوا فيمجدوه. المتنيح القمص لوقا سيدراوس عن كتاب تأملات فى أناجيل عشيات الأحاد
المزيد
17 فبراير 2024

إنجيل عشية الأحد الثاني من شهر أمشير ( يو ٤ : ٤٦ - ٥٣ )

فجاءَ يَسوعُ أيضًا إلى قانا الجليل، حيث صَنَعَ الماء خمرًا. وكان خادمٌ للمَلِكِ ابْنُهُ مَريض في كفرناحوم.هذا إذ سمِعَ أَنَّ يَسوعَ قد جاءَ مِنَ اليَهوديَّةِ إِلَى الجليل انطلَقَ إِليهِ وسألهُ أَنْ يَنزِلَ ويَشفِي ابْنَهُ لأَنَّهُ كَانَ مُشْرِفًا عَلَى الموت. فقالَ لَهُ يَسوعُ: لا تؤمِنونَ إِنْ لم تروا آيات وعجائب. قالَ لَهُ خادِمُ المَلِكِ: يا سيد، انزل قَبلَ أنْ يَموت ابني. قالَ لَهُ يَسوعُ: اذْهَبْ ابْنُكَ حَيُّ. فَآمَنَ الرَّجُلُ بالكَلِمَةِ التي قالها لهُ يَسوعُ، وذَهَبَ. وفيما هو نازِلُ اسْتَقبَلهُ عَبيدُهُ وأخبروه قائلين: إِنَّ ابْنَكَ حَي.فاستَخبَرَهُمْ عن السّاعَةِ التي فيهـا أخـذ يتعافى، فقالوا له: أمس في السَّاعَةِ السَّابِعَةِ تركتهُ الحُمَّى. فَفَهِمَ الأَبُ أنَّهُ فِي تِلكَ السَّاعَةِ التي قالَ لَهُ فيها يَسوعُ: إِنَّ ابْنَكَ حَيُّ. فَآمَنَ هو وبَيتُهُ كُلُّهُ . "لا تؤمِنونَ إِنْ لم ترَوْا آيَاتٍ وعَجائب": الإيمان بحسب ما عرَّفه الروح القدس في رسالة العبرانيين هو الثقة بما يُرجى والإيقان بأمور لا تُرى.. فكيف إن كان الإيمان يعتمد على رؤية الآيات والعجائب؟ لما طلب خادم الملك من المسيح. وقد كان هذا من كفرناحوم حيث صنع المسيح أكثر آياته ولكن إيمانهم كان ضعيفًا متعثرًا حتى بكتها الرب وقال: "وأنتِ يا كفرناحوم أترتفعين إلى السماء إنك تنحطين إلى أسفل الجحيم" وذلك بسبب عدم الإيمان وبسبب الكبرياء والاعتداد. نقول لما طلب خادم الملك شفاء ابنه في الواقع كان هذا الرجل صاحب إيمان بالرب وثقة كبيرة في كلمة المسيح لأنه لما قال له الرب اذهب ابنك حي، آمن الرجل بالكلمة وشفي ابنه في اللحظة عينها بحسب ما تحقق من عبيده بعد ذلك. ورغم كون الرجل من كفرناحوم إلا أن إيمانه بالمسيح لم يتأثر بالضعف العام في الإيمان الذي أصاب البلدة كلها حتى وقعت تحت تبكيت الرب وإنذاره، وهذا يجعل هذا الرجل مستحقًا للنعمة التي نالها من المسيح، مثل لوط الذي عاش في سدوم واحتفظ بكماله ومثل الأبرار في كل جيل وفي كل مكان يبقى إيمانهم شاهدًا للمسيح.ولكن الكلمة التي وجهها الرب: "لا تؤمنون إن لم تروا آيات وعجائب"، في الواقع وجهها للجميع وغالبًا ما كان الكثيرون منهم من كفر ناحوم لقد ربط الرب عندهم الإيمان بالمعجزات المرئية. فإن لم يروا آيات لا يؤمنون، وإن كان الإيمان يرتبط بالحس والرؤيا فبئس الإيمان يصير !. وهذا الإيمان يزول بزوال تأثير الآية أو المعجزة، فإيمان المعجزات إيمان الانبهار من الأشياء فائقة الطبيعة، وهو إيمان عن عجز حيث يرى الإنسان نفسه عاجزا عن فهم أو إدراك ما يرى، ويرى نفسه مضطرا للتصديق ولا يملك سواه. هنا تكون إرادة الإنسان ملغاة تماما . بل إن الإنسان لا يملك إرادته ولا يملك قدرته على الاختيار بحرية، إذ تكون المعجزة قد شلت حركة الإرادة. فلما يذهب عنه هذا التأثير المؤقت ويعود الإنسان مالكًا إرادته ويعود إليه وعيه الطبيعي وينسى ما رأى وما لمس لأن العادة في الإنسان أن ينسى. حينئ يعود الإنســـــان إلى ما كان عليه من عدم الإيمان وقساوة القلب ويسير في طريقه الذي اعتاد عليه ويمارس حياته كأن شيئًا لم يحدث. ومرة بعد الأخرى لا يعبأ الإنسان بما يرى إذ تكون شدة الانبهار عنده قد .ضعفت فلا يتحرك القلب نحو الإيمان بل على العكس يصير إلى البلادة وعدم التصديق بالأكثر .فالآية عند المسيح ليست عنصرًا ضاغطا على إرادة الإنسان للإيمان... ولكنها إعلان حبه ورحمته وحنانه نحو خليقته وهى شهادة للمسيح الذي جاء يطلب ما قد هلك.وليس كل الذين رأوا الآيات آمنو ولو أنهم آمنوا إلـى حين !! أين الذين رأوا المرضى يشفون والعميان يبصرون والخرس يتكلمون والشياطين يخرجون؟ بل أين الذين رأوا الموتى يقومون؟. وأين الذين رأوه يكسر خمس خبزات الشعير للخمسة آلاف رجل ما عدا النساء والأولاد؟. لم تكن المعجزات بحال من الأحوال هي العامل الرئيسي للإيمان، ولكن من كان له إيمان فبإيمانه نال مواعيد الله ورضاه ،ونعمته وحتى الذين نالوا على مستوى الجسد شفاءً أو إحسانًا من المسيح كان إيمانهم في شخصه هو المحرك الذي اقتادهم إلى المسيح وبحسب إيمانهم كان لهم كقول الرب.نحتاج إلى كلمة الرب يسوع في هذه الأزمنة، لأن الناس صاروا يطلبون الآيات والمعجزات بشغف شديد، ويجرون وراء ها باندفاع بلا وعي ويزيدون الأمر حكايات وإشاعات ودعاية من كل نوع ويسمون هذا تقوية للإيمان الضعيف وتمجيدًا الله ولكـن إلى أين؟ وقد حذر الرب كثيرًا من هذا الأمر لأنه في الأيام الأخيرة ستكون آيات وعجائب كثيرة ويضل كثيرون ولو أمكن المختارون أيضًا !! حذار من الجري وراء هذا وحذار من أن نعلّق إيماننا على ما نرى أو ما نسمع. سألني البابا كيرلس السادس نيّح الله نفسه يومًا وكنت قد صليت قداسًا في كنيسة السيدة العذراء بالزيتون سألني صليت فين؟ قلت له في كنيسة السيدة العذراء في الزيتون فدعى لي قلت له هل ذهبت يا سيدنا إلى هناك؟ قال لي: : لماذا ؟. قلت له: لكي ترى العذراء القديسة مريم قال لي: يا ابني العذراء معانا كل يوم. فبالرغم من الظهور الحقيقي للعذراء القديسة مريم في تلك الأيام وبالرغم من أنه كلف لجنة من الآباء الأساقفة فعاينت وشاهدت وأصدرت البطريركية بيانا وافيا عن الظهور وبرغم كل ذلك لم يذهب البابا ولم يرغب في رؤيا بالعين بحسب الناس، فقد كانت رؤى الإيمان وعينا قلبه شاخصتين إلى السماء كل حين كان ذلك عنده أكثر بكثير من رؤية العين ولمس اليد وسماع الأذن. يا ليت إيماننا بالمسيح يظل راسخًا مؤسسا على صخر الدهور لا تحركه العوامل الخارجية، لا تزيده رؤيا حسية. ذُكر في البستان عن أحد الآباء أن الشيطان جاءه بشكل ملاك قائلاً : أنا الملاك جبرائيل أرسلت لأبشرك فقال له الراهب مشيحًا بوجهه عنه لعلك أرسلت إلى غيري وآخَر قال: لا أريد أن أرى الملاك على الأرض. لقد عزفت نفوسهم عن الرؤيا المادية إذ كانت أبصارهم قد تعلقت بالروحيات. الإيمان تصديق القلب وليس رؤيا العين. المتنيح القمص لوقا سيدراوس عن كتاب تأملات فى أناجيل عشيات الأحاد
المزيد
10 فبراير 2024

إنجيل عشية الأحد الأول من شهر أمشير (يو ٦ : ١٥ - ٢١)

" وأَما يَسوعُ فإِذ عَلِمَ أنهُم مُزمِعون أن يأتوا ويَحْتَطِفوهُ لِيَجْعَلُوهُ مَلِكًا، انصَرَف أَيْضًا إِلَى الجَبَلِ وحده. ولمّا كانَ المساءُ نَزَلَ تلاميدُهُ إِلَى البحرِ، فَدَخَلُوا السفينة وكانوا يَذهَبونَ إِلَى عَبر البحر إلى كفرناحوم. وكانَ الظَّلامُ قد أقبل ، ولم يَكُنْ يَسوعُ قد أتى إليهِمْ. وهاج البحـر مـن ريـح عظيمةٍ تهب. " فَلَمّا كانوا قـد جَدَّفوا نحو خمس وعِشرين أو ثلاثينَ غَلَوَةً، نَظَرُوا يَسُوعَ ماشيًا على البحرِ مُقتَرِبًا مِنَ السَّفِينَةِ، فخافوا. فقالَ لَهُمْ: أنا هو، لا تخافوا. "فرضوا أن يقبلوه في السَّفِينَةِ. وللوقتِ صارَتِ السَّفِينَةُ إِلَى الأرض التي كانوا ذاهبين إليها ". الشاطئ الآخر: في شهر أمشير تكثر الرياح التي تهب عنيفة، فشهر أمشير معروف لدى كافة أنه شهر الزوابع في كل أنحاء مصر. وإنجيل العشية يُشير إلى الرياح العظيمة التي هبت وهيجت البحر وداهمت سفينة الرسل الأطهار. ولكن المسيح أتاهم ماشيًا على الماء وحين رضوا أن يقبلوه. صارت السفينة إلى الشاطئ الآخر.عمل إعجازي فائق أن تصل هذه السفينة بسلام إلى الشاطئ الآخر حالما دخلها المسيح.الشاطئ الآخر بالنسبة للمسافرين في بحر هذا العالم. الأبدية... والوصول إلى الأبدية... إلى شاطئ الأمان حيث لا اضطراب ولا خوف ولا زوابع ولا ظلام... هو أمنية غالية على نفس الإنسان المسيحي. كل ما يشغل باله هو متى أصل بسلام إلى الشاطئ الآخر؟ مادامت السفينة في وسط الماء، وفي وسط البحر، فهى عرضة لهذه الأهوال وللرياح والأمواج.لا تأمن للبحر إذا صار هادئًا إلى زمان. فهدوء البحر لا يدوم. قد تمر أيام سلام بلا حروب وبلا اضطراب وكأن الحروب الروحية بطلت وكأن الشيطان قد أوقف نشاطه وكأن التجارب صارت بعيدة عنا !! إن كل هذا إلى حين. حينما جرب الشيطان السيد المسيح على جبل التجربة قيل: "فلما أكمل إبليس كل تجربة تركه إلى حين". ثم بعد ذلك عاود مناوشاته وحروبه حتى الصلب. ولما حارب موسى عماليق وكسره . قال: "للرب حرب مع عماليق من دور فدور". عادت الحرب وتعود طالما عماليق الروحي كائن. فإن هدأت مناوشات الجسد وحروبه إلى حين. فهل مات الجسد؟ وإن سكنت الأفكار المضادة والخيالات. فهل بطل الفكر أن يكون ؟ هكذا كان الآباء القديسون يقظون لا يعطون الأمان ولا يسلمون نفوسهم للتعاون بل كان انتباههم ووعيهم في حالة الصحو الدائم. وكانوا يقولون إلى أن تبلغ السفينة الشاطئ الآخر لا يجب أن ينام الملاحون ولا يتهاونوا لحظة لا أمان للبحر لأنه في لحظة تهيج الرياح وتنقلب أحوال البحر الهادئ فيصير صاخباً بالأمواج.جاء العدو المجرّب للقديس أنبا مقار وهو على فراش الموت يقول له: طوباك يا مقاره لقد غلبت" فقال له القديس وهو في يقظة الروح ولو أنه في انحلال الجسد، قال له: "لم أبلغ بعد إلى الشاطئ الآخر". القديس بولس الرسول أيضًا رغم ما صنع به الرب من العجائب ورغم ما تعب وكرز وشفى مرضى وأقام موتى، يقول: "الست أني قد نلت أو صرت كاملاً... ولكنـي أنسى ما هو وراء وأمتد إلى ما هو قدام نحو جعالة دعوة الله"، والجعالة هى الملكوت ... فإلى أن يصل إلى الشاطئ الآخر يظل يسعى ويمتد ويجاهد... حتى يأخذ إكليله.يُخطئ الذين يمدحون أحدًا وهو في وسط جهاده ولم يصل بعد إلى الشاطئ الآخر لأن كثيرين بعد أن قطعوا شوطًا كبيرًا من السير، انقلبت بهم الأحوال وانقلبوا إلـى سيطرة غير مرضية ولم يصلوا إلى الميناء. وانكسرت سفنهم في وسط البحر. كثيرون من الذين كنت أذكرهم لك أذكرهم الآن باكيًا وهم أعداء صليب المسيح". شيء محزن "ديماس قد تركني لأنه أحب العالم الحاضر". فالعبرة دائما بالنهايات ... حين تصل السفينة إلى الشاطئ الآخر بسلام. كثيرون بدأوا بالروح ولكن أكملوا بالجسد. كنت مرة جالسًا مع أبينا عبد المسيح الحبشي الراهب المتوحد ، فسألني كيف الحال ؟ وكان كلامه للغة العربية وفهمه لها ضعيفًا ، قلت له أشكر الله، ففهم أنني أقول أشكر الله أنني وصلت أو أنني صرت كاملاً، فصار يضربني ويقول، حمد الله إيه؟ إيه شمشون؟ إيه نهاية؟ إيه أبو مقار؟. وكان أبونا بيشوي كامل جالسًا بجواري، وهو يعرفه تمامًا فقال له: أبونا بيقول حمدًا لله أنا خاطئ وضعيف!!. فهدأ الرجل وابتسم.لقد كان القديسون حريصين أن لا يثق الإنسان في شيء طالما هو مازال في الجسد . فهو عرضة للحروب وعرضة للسقوط "من هو قائم فلينظر لئلا يسقط". حتى القائم أي الذي يعيش في المستويات العالية بعيدًا عن الخطايا والأهواء فلينظر لئلا يسقط لأنه لا يوجد من هو فوق مستوى السقوط.فإن كان الإنسان يسهو أو يتغافل فإنه يسقط. آباء وأنبياء أخطأوا في لحظات ضعف أو رياح مفاجئة أو فخاخ الشياطين. فأين نحن من هؤلاء؟.فلنحذر من غدر البحر، وقسوة الرياح وتلاطم الأمواج ولا نأتمن الحياة في الجسد طالما نحن لم نصل إلى الشاطئ الآخر.وليكن معلومًا أن ضمان وصول السفينة إلى الشاطئ الآخر هو المسيح فيها ، فبدونه لا خلاص ولا وصول ليس بأحد غيره الخلاص".ووصول السفينة إلى الشاطئ الآخر هكذا بسلام هو عمله الإعجازي لأن ليس في مقدور أحد - مهما بلغ من خبرة أو فن - أن ينجو من هياج بحر العالم وتلاطم أمواجه. فالخلاص ليس بالقوة ولا بالقدرة البشرية بل بنعمة المسيح وحده وهو الذي يحملنا إلى الأبدية بذراع قوية ويد ممدودة فلنسبحه ونمجده ونزيده علوا. المتنيح القمص لوقا سيدراوس عن كتاب تأملات فى أناجيل عشيات الأحاد
المزيد
03 فبراير 2024

إنجيل عشية الأحد الرابع من شهر طوبه( يو٥ : ٣١-٤٦ )

" إِنْ كُنتُ أَشْهَدُ لَنَفسي فشهادتي ليست حقا. "الذي يَشْهَدُ لي هو آخَرُ ، وأنا أعلَمُ أَنَّ شَهَادَتَهُ التي يَشْهَدُها لي هي حَقٌّ. " أنتُمْ أَرْسَلْتُمْ إِلَى يَوحَنَا فَشَهِدَ للحَقِّ.وأنا لا أقبَلُ شَهادَةً مِنْ إنسان، ولكني أقولُ هذا لتخلصوا أنتُم. كـان هـو السراج الموقدَ المُنير، وأنتُمْ أَرَدتُمْ أن تبتهجـوا بنوره سـاعَةً. "وأما أنا فلي شَهادَةً أَعظَمُ من يوحنا، لأنَّ الأعمال التي أعطاني الآب لأكملها،هذِهِ الأعمالُ بعينها التي أنا أعمَلُها هى تشهَدُ لِي أَنَّ الْآبَ قد أرسلني. والآبُ نَفسه الذي أرسَلَني يَشهَدُ لي.لم تسمعوا صوته قط، ولا أبصرتُمْ هَيئَتَهُ، وليست لكُمْ كَلِمَتُهُ ثابتَةً فيكُم، لأنَّ الذي أرسله هو لستُم أنتُمْ تؤمِنونَ بهِ. فتّشوا الكُتُبَ لأَنَّكُمْ تَظُنُّونَ أَنَّ لَكُمْ فِيها حياة أبدية. وهى التي تشهَدُ لي. ولا تُريدون أن تأتوا إلَيَّ لتكونَ لكُم حياة.مجدًا مِنَ الناسِ لستُ أقبَلُ، ولكني قد عَرَفتُكُمْ أن ليستْ لَكُمْ مَحَبَّةُ الله فى أنفُسِكُمْ. أنا قد أتيتُ باسم أبي ولستُم تقبلونني. إنْ أَتَى آخَرُ بِاسمِ نَفسِهِ فذلك تقبلونَهُ. كيف تقدرون أن تؤمنوا وأنتُمْ تقبلُونَ مَجِدًا بَعضُكُمْ مِنْ بَعض، والمجد الذي مِنَ الإِلَهِ الوَاحِدِ لستُم تطلبونَهُ؟ لا تظُنُّوا أني أشكوكُمْ إِلَى الآب. يوجَدُ الذي يَشكوكُمْ وهو موسَى، الذي عَلَيهِ رَجَاؤُكُمْ. لأَنَّكُمْ لو كنتُم تُصَدِّقُونَ مُوسَى لَكُنتُمْ تُصَدِّقُونَنِي، لأَنَّهُ هُو كَتَبَ عنى شهادة القديس يوحنا المعمدان عن المسيح شهادة صادقة قاطعة من جهة أنه عمّد ابن الله وقد رأى الروح نازلاً عليه مثل حمامة ورأى بعينه أن السموات انشقت بأذنه صوت الآب الصارخ قائلاً: "هذا هو ابني الحبيب الذي به وسمع سررت".ويوحنا المعمدان لم يكن يعرفه ولكن الذي أرسله قال له الذي ترى الروح نازلاً ومستقرًا عليه هو هو الذي سيعمّد بالروح القدس. وشهد يوحنا المعمدان في الغد أن المسيح هو حامل خطية العالم وقال: "من له العروس فهو العريس". فالمسيح هو العريس الحقيقي الذي اشترى الكنيسة بسفك دمه. أما صديق العريس فيفرح فرحًا من أجل صوت العريس.وقال عن المسيح: إن" رفشه في يده وسينقي بيدره ويجمع الحنطة إلى مخازن الأبدية ويحرق القش بنــار لا تُغنى".وقال يوحنا المعمدان عن المسيح: "ينبغي أن ذلك يزيد وأني أنا أنقص". وقال: "أنا لست مستحقًا أن أنحني وأحل سيور حذائه". وقال: "إن الآب يحب الابن وقد دفع كل شيء إلى يده. الذي يؤمن بالابن له حياة أبدية والذي لا يؤمن بالابن لن يرى حياة بل سيمكث عليه غضب الله".هذه هي شهادة يوحنا التي شهدها للحق الذي هو المسيح.ولم يشهد يوحنا من نفسه بل ما سمعه من الذي أرسله وما نطق به الروح القدس الذي يشهد للمسيح كروحه الخاص.وليس كثيرًا على يوحنا أن ينطق بهذه الشهادة لأنه امتلأ من الروح القدس من بطن أمه وارتكض ساجدًا للمسيح وهو بعد في الحشا. وقد سبقت أمه القديسة أليصابات فطوبت العذراء القديسة مريم كأول البشر الذين مجدوا أم ربي وبهذا صارت أليصابات باكورة من مجدوا العذراء . لا أقبل شهادة من إنسان: لم يكن المسيح محتاجًا إلى شهادة إنسان، لأن من هو الإنسان حتى يشهد الله؟ هل تُزكي المسيح شهادة إنسان؟حاشا .الذي يشهد لبنوته الحقيقية هو الآب والروح القدس، الشهادة للمسيح جاءت دائمًا من فوق ولم تأت من الأرض. لما ولد المسيح في صورة العبد وأخلى ذاته وولد في مذود، جاءت الشهادة من فوق بجمهور من جند السماء يسبحون ومجد الرب أضاء على الرعاة وبشارة من فم الملاك ونجم سماوي قاد المجوس إلى حيث كان. ولما تعمّد الرب في الأردن جاءت الشهادة من السماء صوت الآب هذا هو ابني الحبيب... وحلول الروح بهيئة جسمية. ولما قارب الصليب قال: مجدني بالمجد الذي كان لي عندك قبل كون العالم. فكان صوت الآب: "مجدت وأمجد أيضًا". وقد ظن الذين سمعوا أنه رعد هو الذي حدث أو ملاك كلمه.ولما صلب على الصليب جاءت الشهادة من فوق إذ غابت الشمس في وسط النهار وكانت الظلمـة علـى الأرض كلها من وقت الساعة السادسة إلى وقت الساعة التاسعة والصخور تشققت والأموات قامت وانشق حجاب الهيكل من فوق.وأيضًا شهدت للمسيح أعماله ، فهو لا يحتاج إلى شهادة الناس بل على العكس كان يأمر الذين نالوا النعم والآيات والأشفية ألا يقولوا لأحد . وأعماله شهدت للاهوته أنه هو هو الخالق رب الطبيعة آمر الريح ومسكن الأمواج. وهو مقيم الموتى من القبور وهو غافر الخطايا وقابل الخطاة وهو الأزلى الأبدي الكائن في كل مكان وفوق الزمان. فما حاجته إذن إلى شهادة الناس؟ شهادة الكتب : "فتشوا الكتب التي تظنون أن لكم فيها حياة أبدية وهى التي تشهد لي". إن شهادة يسوع المسيح هي روح النبوة. فكل الكتب الموحى بها من الله، والتي هي أنفاس الروح القدس، وهى التي كتبها وتكلم بها أناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس وهي ليست كلمة إنسان، بل هي بالحق كلمة الله الحية الفعالة التي هي أمضى من كل سيف ذي حدين.وهى قول الله وكلمته المرسلة بيد عبيده الأنبياء. "قال الرب لموسى"، قول الرب الذي صار إلى إرميا،وحزقيال... كلمة الرب التي جعلها في فمهم وعلى لسانهم. هذه هى الكتب التي صار اليهود أمناء عليها يحفظونها في خزائنهم ويحرصون على تمجيدها شكليًا. ولكن المسيح يوجههم أن يفتشوها ويفحصوها ويدخلوا إلى أعماقها ليدرك قصد الله من كل كلمة وكيف أنها كلها كتبت عنه وله ولأجله وأنها كلها تُشير إليه وتتحدث عن أنه هو هو المسيا وليس غيره وأنه كما قال إشعياء : "يُدعى اسمه مشيرًا إلها قديرًا أبا أبديًا رئيس السلام". لأن كل من وعى المكتوب رأى المسيح لأن الذين كتبوا رأوا المواعيد من بعيد وصدقوها وحيوها. وها القديس بطرس يوم الخمسين يوم أن امتلأ من الروح القدس أخرج ما كان مكنونا في كنوز العهد القديم والمزامير شهادة عن المسيح. والقديس اسطفانوس وهو ممتلئ من الروح القدس أيضًا شرح في إيجاز معجز وتسلسل بديع من إبراهيم إلى موسى وكيف أنهم عندما رفضوا موسى (المُخلَّص من العبودية) كرمز للمسيح - كان هذا عين ما فعله رؤساء الكهنة وكتبة الشعب حين رفضوا المسيح وقال لهم اسطفانوس: "أنتم دائما تقاومون الروح القدس كما كان أباؤكم أيضًا، يا قساة الرقاب وغير المختونين بالقلوب والآذان. هذه هي الشهادة للمسيح الكائن منذ الأزل وإلى الأبد واحدًا مع الآب والروح القدس الذي تجسد من أجل خلاصنا.شهادة من الآب والروح القدس الناطق في الأنبياء وشهادة أعماله التي تنطق بلاهوته ووحدانيته مع الآب، كما أن الآب يقيم الموتى ويحييهم كذلك الابن أيضًا يُحي من يشاء . كل ما هو للآب هو لي"، "أنا والآب واحد". لكن قبل شهادة يوحنا المعمدان - التي هي أصلاً من الله - لكي تؤمنوا أنتم هكذا قال الرب، لأنهم إن كانوا يشهدون ليوحنا المعمدان بنسكه وبره وتعففه عن العالم، وقوة إرساليته ككارز بالتوبة... إلخ، فلعلهم يقبلون كلامه من جهة المسيح. ولكن كان يوحنا المعمدان بالنسبة لهم كسراج منير مؤقت فابتهجوا بنوره ،ساعة، ثم أهملوه وانطفأ نوره في قلوبهم فلم يعبأوا به ولا بكلامه ولا بكرازته. بل رفضوا مشورة الله من جهة أنفسهم غير معتمدين منه فأغلقوا على أنفسهم في الظلام. ولكن طوبى لأولئك الذين قادهم هذا السراج الموقد المنير إلى شمس البر. فأقبلوا إلى النور الحقيقي الذي يُضيء لكل إنسان. إن كل تلاميذ يوحنا المعمدان جاءوا إلى المسيح وأصبحوا له، وقادتهم تلمذتهم للمعمدان لمعرفة المسيح المُخلّص. وهذه هى غاية كرازة المعمدان وإرساليته. لأنه جاء كسابق يُهيئ الطريق قدام المسيا، ويُهيئ للرب شعبًا مستعدًا ويرد القلوب ويشفي تجبر العصاة ويقودهم إلى حمل الله حامل خطية العالم. المتنيح القمص لوقا سيدراوس عن كتاب تأملات فى أناجيل عشيات الأحاد
المزيد
27 يناير 2024

إنجيل عشية الأحد الثالث من شهر طوبه ( يو ١:٥-١٨)

وبعد هذا كان عيد لليهود، فصَعِدَ يَسوعُ إِلَى أورشليم، وفى أورشليمَ عِندَ باب الضأن بركَةً يُقالُ لها بالعبرانيةِ بَيتُ حِسدا لها خمسة أروقة. " في هذِهِ كانَ مُضطَحِعًا جُمهورٌ كثيرٌ مِنْ مَرْضَى وعُمي وعُرجِ وعُسم، يتوقعون تحريك الماءِ. لأَنَّ مَلَاكًا كَانَ يَنزِلُ أحيانًا في البركَةِ ويُحَرِّكُ الماءَ فَمَنْ نَزَلَ أَوَّلاً بَعدَ تحريك المـاء كـان يبرأُ مِنْ أَيِّ مَرَضِ اعْتَراهُ. وَكانَ هناكَ إِنسانُ بِهِ مَرَضٌ منذ ثمان وثلاثين سنة. هذا رَآهُ يَسوعُ مُضطَحِعًا، وعَلِمَ أَنَّ لَهُ زَمانًا كثيرًا، فقالَ لَهُ: أتُريدُ أنْ تبرأ ؟. أجابَهُ المَريض: يا سيد، ليس لي إنسان يُلقيني في البركةِ مَتَى تحرّك الماء، بل بينما أنا آت يَنزِلُ قُدّامي آخَرُ. قَالَ لَهُ يَسوعُ: قُمِ احْمِلْ سَرِيرَكَ وامش". فحالاً برئ الإنسانُ وحَمَلَ سريرَهُ ومَشَى. وكان في ذلك اليوم سبت.فقال اليهودُ للذي شُفي: إِنَّهُ سبتُ! لا يَحِلُّ لَكَ أَنْ تحمل سريرَكَ. أجابَهُمْ: إِنَّ الذي أبرأني هو قال لي: احمل سريرك وامش. فسألوه : مَنْ هو الإنسانُ الذي قال لك: احمل سريرك وامش؟. أما الذي شفي فلم يَكُنْ يَعْلَمُ مَنْ هو، لأَنَّ يَسُوعَ اعْتَزَلَ إِذ كَانَ فِي المَوْضِعِ جمع. بعد ذلك وجَدَهُ يَسوعُ في الهيكل وقال له: ها أنت قد برئت، فلا تُخطئ أيضًا، لئلا يكون لك أَشَرُّ. فمَضَى الإِنسانُ وأخبَرَ اليَهُودَ أَنَّ يَسوع هو الذي أبرأه.ولهذا كان اليهودُ يَطرُدُونَ يَسوع، ويُطلبونَ أَنْ يقتلوهُ، لأَنَّهُ عَمِلَ هذا في سبت. " فأجابَهُمْ يَسوعُ: أبي يَعْمَلُ حتَّى الآن وأنا أعمَلُ. فمن أجل هذا كان اليهودُ يَطلُبُونَ أكثرَ أَنْ يَقْتُلُوهُ، لأَنَّهُ لَم يَنقُضِ السَّبْتَ فقط، بل قال أيضًا إنَّ الله أبوهُ، مُعادلاً نفسَهُ بالله ". بركة بيت حسدا: يقع الأحد الثالث من شهر طوبه بعد احتفال الكنيسة بعيد الظهور الإلهي، لذلك رتّب الآباء أن تكون قراءات الأحد الثالث والرابع من شهر طوبه تدور حول المعمودية المقدسة إكراما لعماد السيد المسيح الذي أنار لنا الحياة والخلود، وفيه قبلنا نعمة البنوة بحميم الميلاد الجديد وتقديس الروح القدس. في إنجيل العشية شفاء مريض بركة بيت حسدا، حيث الملاك الذي كان ينزل أحيانًا في البركة ويحرك الماء، ومن نزل أولاً كان يبرأ من أي مرض اعتراه. والفكر المسيحي يتجه لا إلى بركة حسدا ، وملاك يحرّك الماء، وشفاء الجسد بل إلى الماء والروح وجرن المعمودية الذي هو الرحم المقدس للكنيسة.وليس ملاك هو الذي يحرّك الماء بل روح الرب على المياه، صوت الرب بعظيم الجلال الروح الذي كان يرف على وجه الماء منذ بدء الخليقة المادية هو هو يرف على مياه الخليقة الجديدة. ورهبة الله التي شقت الطريق في الماء للشعب ليعتمد لموسى إذ غطتهم السحابة واحتضنهم الماء من كل جانب. وأيضًا مثل أيام إيليا الشبي حيث إله المجد أرعد برعود وبروق ونار نازلة من السماء حيث الذبيحة محاطة بالماء برسم الثالوث (إذ في حال سكب المال قال: "ثنوا... وثلثوا")، وبعدها صار مطر ماء الحياة بعد قبول الذبيحة، بعد أن أغلق إيليا السماء ثلاث سنين وستة أشهر. هذه هى بركة بيت الرب إلهنا في أورشليم الجديدة أي في كنيسته المقدسة.إنها ليست شفاء من أمراض الجسد بل هي قيامة من الأموات. دفنا معه في المعمودية للموت... حتى كما أقيم المسيح من الأموات بمجد الآب هكذا نسلك نحن في جدة الحياة".لقد وجدنا يسوع... لقد انتهى الزمن الذي يقول فيه البائس ليس لي إنسان، لأنه وجد لنا شفيع ووسيط، الإنسان يسوع المسيح.هذا هو ابن الإنسان الذي صار لكل إنسان ملقى في فراش الخطية للموت، وهو يقترب من كل الذي ألقاهم العدو وطرحهم أمواتا بالخطايا.والمسيح حينما يجدد الطبيعة ويشفي من الأمراض،يقول: "لا تعد تخطئ لئلا يكون لك أشر".الخطية هي السبب الأساسي لكل الكوارث حتى لو لم نقر بذلك لأن كثيرًا ما نعزي ما أصابنا إلى أسباب وأسباب والخطية وراء كل مصيبة، لأنها طرحت كثيرين جرحى وكل قتلاها أقوياء.لمَّا أقام المسيح هذا الرجل الملقى ٣٨ سنة أقامه بقوة القيامة التي فيه، لأنه هو قيامتنا، وهو الذي أقامنا معه. قال له: "قم"، تماما كما قال للعازر المنتن: "هَلُمَّ خارجًا" فخرج الميت قول المسيح - أي كلمته الخالقة - يُحيي الموتى ويدعو الأشياء غير الموجودة كأنها موجودة. قال للمفلوج الذي قدّمه الأربعة: "قم احمل سريرك"، وقال للمخلع: "قم"، فقام وحمل سريره. وهو قالها لنا يوم المعمودية بعد أن كنا جالسين في الظلمة وظلال الموت قالها فقمنا معه.وكلمته هذه يقولها لنا كل يوم وكل ساعة، وهي كلمة الحياة الأبدية، وهى كلمة الإنجيل الذي يحمل لنا قوة الحياة وقوة القيامة. كلمة المسيح حية وفعّالة وأمضى من كل سيف ذي حدين". ومن يسمعها يقوم من الموت، لذلك قبل أن نقرأها في الكنيسة نقول أوشية الإنجيل "طوبي لآذانكم لأنهـا تسمع". وهذا حق لأن الذين يسمعون يحيون. حمل الصليب لقد صار لنا الصليب في قيامتنا عوض السرير الذي حمله من كان مريضًا لأن حمله للسرير كان الدليل الملموس والمنظور أنه حاز على صحة الجسد فصار قادرًا لا على المشي فقط بل على حمل السرير. هكذا صار لنا الصليب علامة حياة في المسيح، كل من يحمله ويمشي تابعًا المُخلّص يعرف الجميع أنه قد انتقل من الموت إلى الحياة.لما سئل الرجل، من الذي قال لك أن تحمل سريرك... أجاب على الفور الذي أبرأني هو قال لي احمل سريرك... ورغم أنه كان السبت الذي حرص اليهود على حفظه بحسب الحرف فقط ولكن لم يملك الرجل إلا الطاعة للذي أبرأه. فماذا نقول عن الذين أقامهم المسيح من الأموات وأمرهم "من أراد أن يأتي ورائي يحمل صليبه كل يوم ويتبعني". ماذا لنا سوى أن نتبعه حاملين صليبه المحيي الذي به خلصنا وأنقذنا من موت الخطية.لنحمل الصليب بشكر وفرح ونفتخر به قائلين: "حاشا لي أن أفتخر إلا بصليب ربنا يسوع المسيح الذي به صلب العالم لي وأنا للعالم". وليكن في اعتبارنا أن كثيرين سيعترضون سبيلنا ويعترضون على حملنا للصليب بين متهكم وشاتم، وبين مستثقل ومستصعب، وبين ناقد وحاقد... لأن كثيرين هم أعداء الصليب لأن" كلمة الصليب" عن الهالكين جهالة أما عندنا نحن المخلصين فهو قوة الله". قيل عن الرجل الذي كان مريضًا، إذ قد شفاه الرب لم يكن يعلم من هو يسوع، لقد قبل نعمة الشفاء ولم يتعرّف على المنعم عليه. أما نحن فنقول: "أنا عارف بمن آمنت". إنه الذي أعطانا نعمة الحياة الجديدة ونعمة البنوة والولادة التي من فوق وأعطانا روحه.هو حال وساكن فينا وأعطانا جسده ودمه الأقدسين وأعطانا أن نصير شركاء الطبيعة الإلهية وورثة الملكوت... ألا نعرفه ؟!.إن كل هذه العطايا والنعم أنعم بها علينا في شخصه فصرنا نقول: لأعرفه" وقوة قيامته" وشركة آلامه متشبها بموته".بل إننا لا نعرف آخر سواه، فليس لنا معين في شدائدنا وضيقاتنا إلا هو. وليس لنا ذراع بشر نتكل عليه. وليس لنا اسم آخر تحت السماء إلا اسم يسوع بل إننا نقول واثقين: "من لي في السماء ومعك لا أريد شيئًا على الأرض". إننا نعرفه، ونعترف بقيامته ونبشر بموته المحيي ونحمل صليبه إلى النفس الأخير. المتنيح القمص لوقا سيدراوس عن كتاب تأملات فى أناجيل عشيات الأحاد
المزيد
13 يناير 2024

إنجيل عشية الأحد الأول من شهر طوبه ( لو ٤ : ٤٠ - ٤٤ )

وعِندَ غُروبِ الشَّمس، جميع الذين كانَ عِندَهُمْ سُقَماءُ بأمراض مُختَلِفَةٍ قَدَّمُوهُمْ إِلَيْهِ، فَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَشَفاهُمْ. وكانَتْ شَياطين أيضًا تخرُجُ من كثيرين وهى تصرخ وتقول: أنتَ المَسيحُ ابن الله. فانتَهَرَهُمْ ولم يَدَعَهُمْ يتكَلَّمُونَ، لأَنَّهُمْ عَرَفوهُ أَنَّهُ المَسيحُ. ولَمَّا صَارَ النَّهَارُ خرجَ وذَهَبَ إِلَى مَوْضِعِ خَلَاءٍ، وَكَانَ الجُمُوعُ يُفَتِّشونَ عَلَيهِ. فجاءوا إليهِ وأَمْسَكُوهُ لِئلا يَذْهَبَ عنهُمْ. فقالَ لَهُمْ: إِنَّهُ يَنبَغِي لي أَنْ أُبَشِّرَ المُدنَ الأَخَرَ أيضًا بملكوت الله، لأني لهذا قد أُرسلت. فكانَ يَكرِزُ في مجامع الجليل ". عند غروب الشمس: عند غروب الشمس - إذ كان سبت - جاءوا إليه بعد أن انقضى السبت وكأنهم وجدوه بعد غروب سبت الناموس ونهاية زمن الفرائض الجسدية حيث لا تمس ولا تجس الأمور التي كانت موضوعة كمؤدب للإنسان إلـى زمــان الخلاص وظهور نعمة ربنا يسوع المخلصة. قدموا إليه سقماء بأمراض مختلفة فوضع يديـه علـى كل واحد منهم . فالتعامل مع المسيح يأخذ دائما الصفة الشخصية، فالمسيح جاء من أجل كل واحد، وذاق الموت من أجل كل واحد، فعمل الفداء هو أن يموت واحد عوضًا عن واحد، يطلق السجين ويمسك الذي يفديه أو يكون عوضًا عنه. لذلك فإن الرب كان يضع يديه على كل واحد على حدة. كان ممكنا أن يشفيهم بالجملة بكلمة. ولكن هذا العمل الفردي يقودنا إلى التأمل في العلاقة الشخصية مع المسيح. نحن في الكنيسة أعضاء كثيرون ولكن يظل لنـا طـابع الخصوصية. فمع أننا مولودون من آباء وأمهات مسيحيين، لكن المسيحية لا تورث بل هي نصيب خاص يأخذه كل واحد في المعمودية لشخصه الخاص. أي يأخذ نصيبه بنفسه ولا يأخذ له آخر ينوب عنه. فأنا أعتمد، وأنا أتناول، وأنا أتحد بالمسيح وأنا أعترف له بخطاياي، وأنا أشعر أنه صلب على الصليب لأجلي.وهذا يوحدني بكل الأعضاء المتمتعين بذات النعم بالروح الواحد. شخص الإنسان لا يذوب في الجماعة، لكن يتحقق باتحاده بباقي أعضاء الجسم لكمال العمل الإلهـي فـي الكنيسة كأعضاء الجسد الواحد في تألف الروح الواحد ولكن مواهب وعطايا مختلفة لبنيان الجسد الواحد.وشياطين تخرج من كثيرين وهي تصرخ: كيف يطيق الشيطان أن يوجد في حضرة المسيح؟ هذا مستحيل فإن عشنا للمسيح كما ينبغي أو حل المسيح بالإيمان في قلوبنا وسكن الروح مرتاحًا في أحشائنا. فإن الشيطان يكون مطرودًا ليس له مكان فينا.الشياطين تأخذ فرصة حين يغيب المسيح عنا، وفي الحق أنه لا يغيب. فهو لا يخلو منه مكان ولا زمان. ولكن نحن نتغرب بإرادتنا ونحيا بذواتنا ونخضع لما هو في العالم.وننسى أننا له فيغيب عن ذهننا بإرادتنا، فنسلم عقولنا وأهواءنــــا للعدو فيستعبدنا ويهيننا الشيطان يجبر لا يقتحم حياة أولاد الله رغما عنهم.هو قد فقد السلطان الذي كان له علينا، لذلك فكل حروب الشياطين هى في عرض ما له من بضاعة. ولكن لا يستطيع أن أحدًا على الشراء، وهو يزين بضاعته بكل خديعة وزينته كاذبة. ولكن لا يجبرنا ولا يستطيع أن يغصبنا على قبولها. في الأزمنة القديمة كان الإنسان بدائيا في فكره. ويعتمد كثيرًا على قوة جسده. فكان الشيطان يستولي على الجسد يسكن فيه. أمـا فـي هـذا الزمــان فـقـوة الإنسان صارت في عقله، فعندما يستولي الشيطان على هذا العقل فإنه يسكنه ويخربه ويخرب به ممالك بأكملها. "ولما صار النهار ذهب إلى موضع خلاء": كثيرًا ما نقرأ هذه العبارة عن المسيح مُخلّصنا... فهو يرسم لنا برنامج الحياة. أليس هو الطريق؟. لابد أن يكون موضع خلاء أي بعيدًا عن أعين الناس، وبعيدًا عن مباهج الدنيا الكاذبة، وبعيدًا عن ضوضاء المدن، وبعيدًا عن المشاغل والمشاكل والمباحثات والجدل، وبعيدًا عن الاهتمامات اليومية مهما علا شأنها... لابد من موضع خلاء أختلى فيه مع المسيح ولا أجد سواه وأقول: "أنا لحبيبي وحبيبي لي" لابد من موضع خلاء أجد فيه نفسي التي توزعت وتشتت أعود أجمعها أجمع فكري وقلبي وميولي، وأفحص ضميري ودوافعي، وأطرحها أمام الله أُصـحـح مـا فسـد منها، وأُصلي حتى الشبع بدون موضع خلاء تتراكم الخطايا ولا أدري بدون موضع خلاء أعتاد على التهاون والتسويف موضع الخلاء هو معمل تجديد الذهن، والقلب وتجديد الله، ومراجعة النفس وشحن ما فرغ منها في العهود مع العالم. ينبغي لي أن أبشر": الكرازة والخلاص وخدمة النفوس وردها وفداؤها من طرق الهلاك، هذه هى رسالة المُخلّص فالخدمة واجب ليس منه بد ولا يقبل التسويف ولا الاعتذار ، بل هي إلزام يؤخذ بجدية مطلقة، ينبغي = يجب (أي لابد ولا بديل). متى يرقى فينا هذا الحس الإلهي، ومتى تشغل خدمة نفوس بالنا إلى حد الواجب المقدس الذي لا بديل عنه. يارب، اغرس فينا هذا الاهتمام نحو نفوس أولادك إنه ينبغي أن نذهب ونفتش عنهم حتى نجدهم ولا نرتاح حتى أحضر إليك كل إنسان.نسعى كسفراء لك، نكرز بالبشارة ونقول: تصالحوا مع الله". المتنيح القمص لوقا سيدراوس عن كتاب تأملات فى أناجيل عشيات الأحاد
المزيد
30 ديسمبر 2023

إنجيل عشية الأحد الرابع من شهر كيهك( لو ۸ : ۱ - ۳ )

" وعلى أثر ذلك كان يسير في مدينة وقريةٍ يَكرز ويبشر بملكوت الله، ومَعَهُ الاثنا عشر. وبَعضُ النِّساءِ كُنَّ قد شفين من أرواح شرِّيرَةِ وأمراض: مريم التي تُدعى المجدلية التي خرج منها سبعة شياطين، ويونا امرأة خوزي وكيل هيرودس وسوسَنَةً، وأخَرُ كثيرات كُن يَحْدِمنَهُ مِنْ أموالِهِنَّ ". يذكر إنجيل العشية إلى جانب التلاميذ الذين تبعوا الرب في التجديد سائرين معه وهو يسير من مدينة إلى مدينة ومن قرية إلى قرية يكرز ببشارة الملكوت وهو إذ قد اختار التلاميذ ليكونوا معه وأعطاهم السلطان على شفاء الأمراض وإخراج الشياطين وملأهم من كل معرفة وكل حكمة روحية. وصاروا أعمدة الكنيسة وأساسات المدينة السماوية... يذكر الإنجيلي تبعية النساء اللواتي رافقنـه أيضًا كباكورة ونواة لبنيان الكنيسة المقدسة ومثل اللبنات الأولى في الأساسات جاء ذكر تلك النسوة اللائي صرن قديسات. بعضهن كن قد شفين من أرواح شريرة. وبعضهن كن قد شفين من أمراض. وقد خص الإنجيلي بالذكر مريم المجدلية التي أخرج الرب منها سبعة شياطين. ويونا امرأة خوزي وكيل هيرودس وسوسنة. وقد أسدى الرب إليهن معروف الخلاص وتجديد الحياة وذُقن نعمة المسيح والوجود معه والحياة به وله. وصارت تبعيتهن له هي الحياة نفسها فقد وجدن حياتهن بعد ضياع... فاللاتي كن مسكنا للشياطين صرن مسكنا للروح القدس. قوة تغيير مهولة وشتان بين سكنى روح الظلمة قتال الناس المهلك والمخرب روح النجاسة والفجور وكـل أنـواع الشرور، وبين سكنى روح الله القدوس روح النعمة والاتضاع والحب الحقيقي والنور الأبدي. هذه قدرة المسيح المُخلّصة وهى تظهر جليًا في الذين تبعوه سائرين في دروب القداسة بعد أن غير الرب شكلهم ونقلهم من الظلمة إلى النور والمسيرة مع المسيح والوجود في حضرته للذين جذبهم بمحبة لا تنتهي. فهى تمتد بالإنسان السائر مع الله على الأرض إلى أن يتبع الخروف مع خوارس السمائيين الذين يتبعونه أينما يذهب ويقتادهم إلى ينابيع الماء الحي ويمسح كل دمعة من عيونهم. فطوبى لهؤلاء النسوة القديسات تابعات المُخلّص والملتصقات به في خدمة حقيقية نابعة من قلب معترف بجميل الرب.ولكن ما يفوق العقل ويوقف الفكر عن أن يتقدم، ما سجله الروح القدس في هذا الفصل بالقصد الإلهي الفائق أن النسوة كن يخدمن الرب من أموالهن إلى هذا الحد يسجل الروح القدس هذا الأمر لأهمية خاصة فائقة عن الإدراك... كيف يحتاج الرب لمن يخدمه من أمواله؟ من أين لهؤلاء النسوة أو غيرهن من الذين يخدمون الرب في كل جيل... من أين لهن أموال؟ وهل يولد الإنسان ذا أموال؟ ألا يولد الإنسان عاريًا عادمًـا كـل شـيء فقيرًا مُعدما ؟ والمسيح أليس هو الواهب الجميع خيرات؟ وهو يفتح يده فيشبع كل حي غنى من رضاه؟ أليس منه الجميع؟ ومن يده أعطيناه؟ شيء مخجل حقًّا أن يحتاج الرب إلينا!! من نحن؟ حتى نعطيه. ولكن الرب يلذ له أن يسجل هذا الأمر فهو لا ينسى كأس الماء البارد ولا فلسي الأرملة. ألا يصير هذا مشجعًا لنا في خدمتنا، أن لا نكل في عمل الخير، وأن ننفق ونفق، كقول الرسول بولس ، وأن نعطي بحسب الطاقة بل فوق الطاقة مادام الأمر كذلك إذ أننا إذا انفتحت عيون قلوبنا وعاينا كيف يقيّم الرب أعمال المحبة المقدمة لشخصه المبارك، لانطرحنا نبذل أنفسنا بلا فتور ونقدم من إعوازنا طالما يد الرب الحنون ممدودة يقبل عطايانا ويسجلها في سجلات الأبد كما سجل الرب لهؤلاء النسوة هذا التسجيل الإنجيلي المبارك فصرنا نقرأه بعد آلاف السنين.العذراء القديسة صاحبة السر الإلهي وكل مجدها الداخل؟ ومن يستطيع أن يدرك شيئًا من أسرارها مع ابنها وإلهها ؟. لم يكن للعذراء مريم أموال تخدم بها الرب فقد عاشت فقيرة حتى في طفولتها حينما كانت وديعة في الهيكل. ولكن أحب الله فقرها !! أليس هو مولود المذود؟ ولكنها خدمته كما لم يخدمه أحد، حين قالت: هوذا" أنا أمة الرب". باعت نفسها عبدة للذي اشتراها فأكرمها وجعلها أُمَّا له. تُرى ماذا تسجل في سفر تذكرة الله من نحو العذراء القديسة مريم، لما سلّمت جسدها ونفسها وروحها حتى تظللها القوة العلوية وتنازل الابن الكلي وحل في الحشا البتولي؟! وماذا عن احتمالها سيف الشك من الآخرين الذي جاز في نفسها واحتملته بلا كلمة؟ ثم ماذا عن احتمالها رؤية ابنها وإلهها مصلوبًا معلقًا على خشبة، مرفوضًا من الناس، حاملاً عار العالم كله؟ إن قلب العذراء مريم وما خدمت به الرب يسوع منذ اللحظة التي فيها قبلت البشارة المحيية وحتى آخر حياتها على الأرض نقول إن قلبها صار كأعماق المحيطات عود على ذي بدء: نعود إلى العذراء القديسة مريم وقد وضع لنا إنجيل العشية معايير الرب ومكاييله لكل من خدمه بقليل أو بكثير فالله ليس بظالم حتى ينسى تعب المحبة. فإن كانت النسوة اللواتي خدمنه من أموالهن تسجل عملهن في الإنجيل كأنه معروف أسدى إلى الرب يسوع. فماذا نقول ونحن نتأمل أمه العذراء القديسة صاحبة السر الإلهي وكل مجدها الداخل؟ ومن يستطيع أن يدرك شيئًا من أسرارها مع ابنها وإلهها ؟. لم يكن للعذراء مريم أموال تخدم بها الرب فقد عاشت فقيرة حتى في طفولتها حينما كانت وديعة في الهيكل. ولكن أحب الله فقرها !! أليس هو مولود المذود؟ ولكنها خدمته كما لم يخدمه أحد، حين قالت: هوذا" أنا أمة الرب". باعت نفسها عبدة للذي اشتراها فأكرمها وجعلها أُمَّا له. تُرى ماذا تسجل في سفر تذكرة الله من نحو العذراء القديسة مريم، لما سلّمت جسدها ونفسها وروحها حتى تظللها القوة العلوية وتنازل الابن الكلي وحل في الحشا البتولي؟! وماذا عن احتمالها سيف الشك من الآخرين الذي جاز في نفسها واحتملته بلا كلمة؟ ثم ماذا عن احتمالها رؤية ابنها وإلهها مصلوبًا معلقًا على خشبة، مرفوضًا من الناس، حاملاً عار العالم كله؟ إن قلب العذراء مريم وما خدمت به الرب يسوع منذ اللحظة التي فيها قبلت البشارة المحيية وحتى آخر حياتهاعلى الأرض نقول إن قلبها صار كأعماق المحيطات التي لا يسبر أحد أغوارها واحتوت أسرارًا ليست للملائكة أن تطلع عليها ولا يسوغ لإنسان أن يتحدث عنها. وما نالته من الرب إكرامًا وتكريمًا يعلو على الشاروبيم ولكن لنا فيها نعمة الأمومة ترنو إلينا بحبها وتطَّلع علينا من المساكن العلوية، وتفرح بأولادها في نجاحهم في الإيمان والقداسة والمحبة، وتشفع فينا في حال الضعف والخطايا وتتوسل إلى ابنها وحبيبها أن يتراءف بالضعفاء والخطاة. فهى أم الله وأمنا نحن الخطاة في آن واحد. المتنيح القمص لوقا سيدراوس عن كتاب تأملات فى أناجيل عشيات الأحاد
المزيد
23 ديسمبر 2023

إنجيل عشية الأحد الثالث من شهر كيهك ( مر ۱ : ٢٩ - ٣٤ )

ولَما خرجوا مِنَ المَجْمَعِ جاءوا للوقتِ إِلَى بَيتِ سمعان وأندراوس مع يعقوب ويوحنا، وكانت حمـاة سمعان مُضطَحِعَةً مَحمومَةً، فللوقت أخبروه عنها. فتَقَدَّمَ وأقامها ماسكا بيدها، فتركتها الحمى حالاً وصارت تخدمُهُمْ . " ولَما صار المساء، إذ غَرَبَتِ الشَّمسُ، قَدَّموا إليه جميعَ السُّقَمَاءِ والمَجانين. "" وكانت المدينة كلها مُجتَمِعَةً على الباب. فشَفَى كثيرين كانوا مرضى بأمراض مختلفة، وأخرج شياطين كثيرة، ولم يدع الشَّياطين يتكلمونَ لأَنَّهُمْ عَرَفوهُ ". وضع الآباء هذا الفصل من الإنجيل متلاحما مع إنجيل القداس الذي يتكلّم عن زيارة العذراء القديسة مريم للقديسة أليصابات عندما سمعت من رئيس الملائكة جبرائيل أن المدعوة عاقرا صارت حبلى بالمعمدان السابق قامت العذراء القديسة بسرعة إلى الجبال مثل مركبة الشاروبيم يحركها الروح وعجلات النار ودخلت بيت زكريا وسلّمت على أليصابات. وأقامت العذراء القديسة عندها نحو ثلاثة أشهر تخدمها في شيخوختها. فإنجيل العشية يذكر أن الرب بعدما شفى حماة سمعان من حمتها الصعبة، في الحال قامت وصارت تخدمهم أي تخدم المسيح وكنيسته في شخص التلاميذ المجتمعين فالخدمة هی المحور الذي تدور حوله أحداث وأحاديث هذا الأحد من شهر كيهك. لقد سجّل الإنجيل لحماة سمعان رغم أنها امرأة متقدمة في الأيام إلا أنها حال ما أخذت من يد المسيح نعمة شفاء إذ أقامها ماسكا بيدها تشددت يداها للعمل والخدمة. إن كان أحد يخدم فكأنه من قوة يمنحها الله". أنواع خدم مختلفة ولكن الروح واحد هو روح المسيح واهب النعم ومعطي الخيرات لا توجد خدمة كبيرة وأخرى صغيرة. كل واحد حسب ما قسم الله له نصيبا من الإيمان. حماة سمعان خدمت مائدة المسيح وتلاميذه في بيتها الذي صار بمثابة كنيسة بحلول المسيح فيه... مثل مرثا التي خدمت أيضًا المسيح وتلاميذه في بيتها بينما اهتمت مريم بخدمة الاستماع إلى كلمات المسيح جالسة عند قدميه متتلمذة باتضاع وسكون.فإن كنا أخذنا من يد المسيح التي لمستنا وأقامتنا، أخذنا من ملئه نعمة فوق نعمة فلا نتكاسل عن الخدمة ولا نعتفي منها. بل في حالة أخذنا يصير الروح فينا نشيطا فنخـدم بحسب مواهب الله الممنوحة لنا.الخادم ففي الخدمة المدبر فباجتهاد. الراحم فبسرور . الواعظ في الوعظ الأب في وزنة الأولاد الممنوحين له من الله كعطية صالحة لأن البنين ميراث من الرب. الأم تخدم في مجالها لأنها تخلص بولادة البنين إن ثبتت في الإيمان والتقوى مع التعقل. * ليس شرطاً أن يخدم الإنسان تحت اسم أو رتبة. الخدمة ليست حكراً على أحد يستطيع كل واحد أن يخدم المسيح في حقله الذي يرسله إليه قائلاً: "يا ابني اذهب اليوم اعمل في حقلي". الحقل متسع بلا نهاية والحصادكثير.خدمة الموائد أيضاً في الكنيسة الأولى كان لها شأن كبير ولم تنحصر في العمل المادي لأن القائمين عليها كانوا مملوئين من الروح القدس والإيمان كمثل اسطفانوس. تعلم من العذراء القديسة الخدمة النشيطة (تأملها وهى مسرعة على الجبال في الطرق الوعرة). الخدمة لا تستثقل شيء ولا تستعظم شيء. كنا نتأمل في حياة العذراء الطاهرة فقال لي أبونا بيشوي كامل: "أعتقد أن العذراء القديسة في حال إقامتها في الهيكل كانت تميل إلى الخدمة الحقيرة مثل الكنس أو غسل الأواني ... إلخ. ولم تكن تحب أن تكون خدمتها ظاهرة ممدوحة من الناس". لقد أدرك أبونا بيشوي بروحه ميول العذراء الطاهرة أليست هي أم الوديع متواضع القلب؟!. أقامت القديسة العذراء عند أليصابات نحو ثلاثة أشهر، في الوقت الذي كانت أليصابات في الشهور الأخيرة لحملها ولم تكن تقدر على خدمة ما... فكانت العذراء القديسة معينتها وشفيعتها وقد استصغرت أليصابات نفسها واستكثرت أن تجيء إليها العذراء حين قابلتها صارخة: "مــن أيــن لـي هـذا أن تأتي أم ربي إلي" (لو ١ : ٤٣).وما أن حان ميعاد ميلاد يوحنا المعمدان حتى أدركت العذراء أن كثيرين سيأتون ويفرحون بيوحنا وأيادٍ كثيرة ستمتد للخدمة وسيكون زحام كثير. هنا انسحبت الحمامة الحسنة بهدوئها راجعة إلى بيتها لأن هذا هو منهجها أن تعمل في صمت وهدوء وبعيدًا عن الضوضاء وكثرة الناس. المتنيح القمص لوقا سيدراوس عن كتاب تأملات فى أناجيل عشيات الأحاد
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل