المقالات

03 يناير 2020

دوام بتولية العذراء ج3

ابنها البكر ينبغي الآن أن أتقدم إلى النقطة الثالثة إنه يرى أن مريم قد حملت بأبناء آخرين، ويقتبس العبارة “فصعد يوسف أيضاً إلى مدينة داود، ليكتتب مع مريم المخطوبة إليه وهي حبلى وبينما هما هناك تمت أيامها لتلد، فولدت ابنها البكر” (لو 2) وهو يحاول من هذا أن يظهر أن عبارة البكر لا تستعمل إلا لشخص له أخوة. كما أنه يدعى الابن الوحيد من هو وحيد لأبويه. وموقفنا هو هذا كل ابن وحيد هو ابن بكر، ولكن ليس كل بكر هو ابن وحيد وان تعبير البكر لا يشير إلى شخص ولد بعده آخرون، ولكن إلى واحد ليس له من يسبقه قال الرب لهارون “كل فاتح رحم من كل جسد يقدمونه إلى الرب من الناس والبهائم يكون لك، ولكن بكر الإنسان ينبغي لك أن تقبل فداءه، وبكر البهائم التجسة تقبل فداءه” (عدد 18) إن كلمة الرب تُعرِّف البكر بأنه كل فاتح رحم وإلا فإن كان اللقب يتعلق فقط بمن لهم أخوة أصغر منهم فإن الكهنة ما كانوا يستطيعون أن يطالبوا بالأبكار إلى أن يولد ما بعدهم، لأنه ربما في حالة ما إذا لم تكن هناك ولادة أخرى، فإن هذا يبرهن على أنهم كانوا مجرد أبناء وحيدين! يقول الكتاب إن الذين يقبل فداؤهم “من ابن شهر تقبل فداءه حسب تقويمك من المال هسة شواقل حسب شاقل القدس ولكن بكر البقر أو بكر الضأن أو بكر الماعز لا تقبل فداءه إنه مقدس” (عدد 18) إن كلمة الله ترغمني على أن اكرس كل فاتح رحم إن كان من أبكار الحيوانات الطاهرة، وإن كان من أبكار الحيوانات غير الطهارة فيجب أن أفديه وأعطي ثمنه للكاهن فهل يجوز أن أجيب وأقول “لماذا تقيدني بفترة قصيرة هي شهر؟ لماذا تقول عنه انه بكر في حين أنني لا أستطيع أن أخبر ما إذا كان سيولد بعده أخوة له أم لا أنتظر حتى يولد الثاني، لست مديناً للكاهن بشيء حتى يولد الثاني فيضبح الأول بكراً !!” ألا تصرخ كل الحروف ضدي وتقنعني بحماقتي، وتعلن بأن البكر هو لقب لمن يفتح رحماً ولا ينحصر في من له أخوة؟ولنأخذ إذن مثال يوحنا أننا متفقون على أنه كان ابناً وحيداً وأريد أن أعرف ألم يكن أيضاً بكراً، وألم يكن بالكلية مذعناً للناموس؟ ليس هناك شك في هذا الأمروكل حوادث الكتاب تتكلم هكذا على المخلص “ولما تمت أيام تطهيرها حسب شريعة موسى، صعدوا به إلى أورشليم ليقدموه للرب – كما هو مكتوب في ناموس الرب أن كل فاتح رحم يدعى قدساً للرب – ولكي يقدموا ذبيحة كما قيل في ناموس الرب زوج يمام أو فرخي حمام” (لو 2) فإن كانت هذه الشريعة تختص فقط بالابكار، ولم يكن ممكناً أن يكون هناك أبكار ما لم يولد أخوة بعدهم، فانه لم يكن هناك أحد مطالباً بشريعة الأبكار إذ هو غير مستطيع أن يخبر ما إذا كان هناك من سيولدون بعده ولكن طالما الذي ليس له أخوة صغار مقيداً بشريعة الأبكار، فاننا نستخلص من ذلك بأنه كان يدعى بكراً كل فاتح رحم ليس له من يسبقه، وليس ذلك الذي يتبع ميلاده بأخ أصغرإن موسى يكتب في سفر الخروج “فحدث في نصف الليل أن الرب ضرب كل الأبكار في أرض مصر، من بكر فرعون الجالس على كرسيه إلى بكر الأسير الذي في السجن، وكل أبكار القطعان” (خر 12) فاخبرني هل الذين أهلكهم المهلك كانوا هم أبكارك فقط أم ما هو أكثر من ذلك؟ هل كانوا يشملون الابناء الوحيدين؟ إن كان الذين لهم أخوة هم فقط المدعوون أبكاراً، إذن فقد نجا الابناء الوحيدون من الموت وفي هذه الحالة تصير اضحوكة، فان وافقت بانهم قد قتلوا، فاننا نكسب نقطتنا، وهي أن الابناء الوحيدين يدعوهم أيضاً أبكاراً. القديس جيروم أسقف أثينا
المزيد
02 يناير 2020

دوام بتولية العذراء ج2

“ولم يعرفها حتى ولدت ابنها البكر” (مت 1). أولاً ليست هناك حاجة إلى أن يجاهد خصمنا لاظهار أن كلمة “عرف” تعني الاضطجاع كما لو كان أحد ينكر هذا !إنه يقول أيضاً أن لفظ “حتى” أو “إلى أن” يسير في زمن محدد ومعين، عندما يكمل يحدث بعده ما لم يكن قد حدث سابقاً ويقول “من الواضح أنه عرفها بعد أن ولدت واجابتنا باختصار هي هذه. أن كلمتي “عرف”، “حتى” في لغة الكتب المقدسة لكل منهما معنى مزدوج. فمن جهة الكلمة الأولى فانه قد قدَّم لنا بحثاً ليظهر أنها تشير إلى المعاشرة الجنسية، كذلك ليس أحد يشك في أنها قد تدل أحياناً على معرفة الفهم.، ومثال ذلك “وبقى الطفل يسوع في أورشليم وأبواه لم يعرفا”. وهكذا بالنسبة إلى كلمة “حتى” أو “إلى أن”، فانه يُرَّد عليه بسلطة نفس الكتاب الذي يشير بها أحياناً إلى زمن محدود كما أخبرنا هو بهذا، وأحياناً إلى زمن غير محدد. مثلما حينما قال الله على فم النبي لبعض الأشخاص “وحتى الشيخوخة أنا هو” (إش 46)، فهل سيتوقف عن كونه إلهاً عندما يشيخون؟! والمخلص يقول للرسل في الإنجيل “وها أنا معكم كل الأيام وإلى إنقضاء العالم” (مت 28). فهل بعد أن ينقضي العالم سيترك الرب تلاميذه في نفس الوقت الذي يجلسهم فيه على أثنى عشر كرسياً ليدينوا أسباط إسرائيل الاثني عشر. وأيضاً بولس الرسول إذ يكتب إلى أهل كورنثوس يقول: “وبعد ذلك النهاية، متى سلم الملك لله الآب متى ابطل كل رياسة وكل سلطان وكل قوة لأنه يجب أن يملك حتى يضع جميع الاعداء تحت قدميه” (1 كو 15)، فهل الرب سيملك فقط حتى يصبح أعداؤه تحت قدميه، وفي الحال إذ يصيروا تحت قدميه يتوقف عن أن يملك؟! بالطبع أن ملكه سيبدأ حينئذ، أن يكون في ملئه عندما يبدأ أعداؤه أن يصيروا تحت قدميه. إن داود في المزمور الرابع للمصاعد يقول هكذا “مثل عيون العبيد نحو أيدي سادتهم، ومثل عيني الامة نحو يدي سيدتها، كذلك أعيينا إليك يا الله حتى يتراءف علينا”(مز 123)، فهل سينظر النبي نحو الله حتى ينال الرحمة، فإذا ما نالها يحوِّل عينيه إلى أسفل إلى الأرض؟ بينما قد قال في موضع آخر “كلت عيناي اشتياقاً إلى خلاصك وإلى كلمة برك” (مز 19). كان يمكن أن أجمع ما لا يُحصى من الأمثلة بهذا الشأن .. ولكني على أية الحالات سأضيف قليلاً منها، واترك للقارئ أن يكتشف بنفسه ما يشبهها قيل في سفر التكوين “فمات هناك موسى عبد الرب في أرض موآب حسب قول الرب مقابل بيت فغور، ولم يعرف إنسان قبره إلى هذا اليوم” (تث 34) وسواء كانت عبارة “إلى هذا اليوم” تشير إلى وقت كتابة أو وقت نشر هذه الأسفار، فإن سنوات كثيرة قد مضت منذ ذلك اليوم دون أن يكتشف قبر موسى ليته يصنع حسناً ويلتفت معنا إلى اصطلاح الكتب المقدسة إن بعض الأشياء التي تبدو غامضة إن لم توضح يشار إلها بوضوح، بينما تترك الأخرى إلى إدراك عقولنا وبهذا يمكننا أن نفسر ما قيل عن يوسف لقد أشار الإنجيلي إلى ظرف معين كان يمكن أن يصير مجالاً للافتراء، وهو أن مريم لم يعرفها رجل حتى ولدت. ولقد فعل هذا حتى نكون أكثر تأكداً أن هذه التي أمسك عنها يوسف حيث كان هناك مجال للشك في مضمون الرؤيا، هذه لم تُعرَف أيضاً بعد الولادة وباختصار، أن ما أريد أن أعرفه هو هذا لماذا أمسك عنها يوسف حتى يوم الولادة؟سيجيب هلفيديوس “طبعاً لأنه سمع الملاك يقول إن الذي حبل به فيها من الروح القدس .. وهل كان يمكن للرجل البار أن يفكر في الاقتراب منها عندما سمع أن ابن الله في أحشائها؟!”حسناً، إننا نؤمن إذن أن نفس الرجل الذي كانت له مثل هذه الثقة بحلم، حتى أنه لم يجرؤ أن يلمس إمرأته. هذا عندما عرف فيما بعد من الرعاة أن ملاك الرب قد نزل من السماء وقال لهم “لا تخافوا، فها أنا أبشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب، أنه ولد لكم اليوم في مدينة داود مخلص هو المسيح الرب” (لو 2)، وعندما انضم إليه الجند السمائي منشدين “المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وفي الناس المسرة”وعندما رأى الرجل البار سمعان يحمل الطفل ويصيح “الآن يارب أطلق عبدك بسلام لأن عيني قد أبصرتا خلاصك”، وعندما رأى حنة النبية والمجوس والنجم وهيرودس والملائكة، فإن هلفيديوس يريدنا أن نصدق أن يوسف على الرغم من معرفته جيداً بمثل هذه العجائب المدهشة يجرؤ أن يلمس أم الرب، هيكل الله، ومسكن الروح القدس؟!إن مريم في كل هذا “كانت تحفظ جميع هذه الأمور متفكرة بها في قلبها” (لو 2) أنت لا تستطيع أن تقول أن يوسف لم يكن يعرف هذه الأمور، لأن لوقا يخبرنا بأن “يوسف وامه كانا يتعجبان مما قيل فيه” (لو 2) القديس جيروم أسقف أثينا
المزيد
01 يناير 2020

دوام بتولية العذراء

سئلت من أحد الأخوة منذ زمن ليس بطويل، أن أجيب على نبذة كتبها شخص اسمه هلفيديوس ولقد ترددت كثيراً في هذا، لا لأنه عمل صعب، وإنما خوفاً من ان إجابتي تجعله أهلاً لأن يهزم ينبغي لي أولاً أن أدعو الروح القدس ليوضح المعنى بواسطة فمي ويدافع عن بتولية الطوباوية مريم، وينبغي أن أدعو الرب يسوع ليحرس المسكن المقدس، الاحشاء التي حلَّ فيها أشهراً، من كل شبهة إتصال جنسي وينبغي أيضاً أن أتوسل إلى الله الآب ليظهر أن أم ابنه استمرت عذراء بعد ما ولد ابنها ليست لنا رغبة أن نجري في ميادين الفصاحة وإنما سندلي بحجتنا من كلمات الكتاب المقدس الفعلية، وننفض الحجج بنفس الاثباتات التي استخدمها ضدنا. قبل أن يجتمعا كانت أول حججه هي قول متى الرسول“قبل أن يجتمعا وجدت حبلى من الروح القدس” (مت 1) ويعلق هلفيديوس على هذا بأن الإنجيلي ما كان ليقول “قبل أن يجتمعا” إن كان سوف لا يجتمعان بعد ذلك لأنه ليس أحد يستعمل عبارة “قبل أن يتغذى” عن رجل ليس ذاهباً إلى الغذاء لست أدري ما إذا كنت أحزن لأجله أم أضحك ! تماماً كما لو أن شخصاً قال “قبل الغذاء في الميناء، أبحرت إلى افريقيا”، فهل كلماته هذه لا تنضبط حسناً ما لم يرغم يوماً على الغذاء في الميناء؟! وإن اخترت أن أقول أن “بولس الرسول قبل أن يذهب إلى اسبانيا، قيد في روما”، أو إن قلت “قبل أن يتوب هلفيديوس أدركه الموت”، فعل ينبغي لبولس إذ يفك أسره أن يمضي مباشرة إلى اسبانيا، أو هل ينبغي لهلفيديوس أن يتوب بعد الموت على الرغم من أن الكتاب يقول “ليس في الجحيم من يشكرك” (مز 6) ألا ينبغي لنا أن نفهم أن عبارة “قبل”على الرغم من أنها كثيراً ما تشير إلى ترتيب الوقت، إلا أنها في بعض الأحيان تشير فقط إلى الترتيب في الفكر، فليس هناك ضرورة لتحقيق هذا الفكر ـ إذا ما تدخل سبب كاف لمنع أفكارنا من أن تتحقق إذاً فعندما يقول الإنجيلي “قبل أن يجتمعا”إنما يشير إلى الوقت الذي سبق الزواج مباشرة، ويظهر أن الأمور تقدمت هكذا بسرعة، حتى أن هذه التي خطبت وكانت على وشك أن تصبح زوجة قبل ذلك وجدت حبلى من الروح القدس ولكن لا يتبع هذا أنه أجتمع بمريم بعد الولادة، إذ أن هذه الرغبة قد أخمدت بالوسيلة التي بها حبلت وعلى الرغم من أننا نجد أنه قيل ليوسف في حلم “لا تخف أن تأخذ مريم امرأتك”، وأيضاً “فاستيقظ يوسف وأخذ إليه امرأته”، فينبغي أن لا يضطرب أحد بهذا لأننا نعرف أن الكتاب من عادته أن يعطي هذا اللقب للمخطوبات. والمثل الآتي من سفر التثنية يثبت هذه النقطة، إذ يقول“إذا كانت فتاة عذراء مخطوبة لرجل،فوجدها رجل في المدينة واضطجع معها، فاخرجوهما كليهما إلى باب تلك المدينة وارجموهما بالحجارة حتى يموتا الفتاة من أجل أنها لم تصرخ في المدينة، والرجل من أجل أنه أذل امرأة صاحبة، فتنزع الشر من وسطك” (تث 22) ولكن إن كان أحد يسأل لماذا حبلت العذراء بعد ما خطبت، وليس حينما كانت غير مخطوبة أو ليس لها زوج بلغة الكتاب؟ لأشرح ذلك بأنه كانت هناك ثلاثة أسباب:- أولاً: لكي بنسب يوسف – التي كانت مريم قريبته – يمكن أن يظهر أيضاً أصل مريم. ثانياً: حتى لا تُرجم طبقاً لشريعة موسى كزانية. ثالثاً: حتى أنه في هربها إلى مصر تجد معها من يعزيها، كحارس وليس كزوج. لأنه من كان في ذلك الوقت سيصدق كلمة العذراء أنها قد حبلت من الروح القدس وأن الملاك جبرائيل قد أتى وبشرها بغرض الله؟ ألم يكن الكل سيقولون رأيهم ضدها مثل سوسنة؟ لأنه في وقتنا الحاضر، على الرغم من أن العالم كله قد اعتنق الإيمان، مازال اليهود يجادلون في أنه عندما قال إشعيا “هوذا العذراء تحبل وتلد ابناً” كانت الكلمة العبرانية تعني فتاة وليس عذراء (ألما وليس بتوللا) فانه باستثناء يوسف واليصابات ومريم نفسها وبعض آخرين من الذين نفترض أنهم سمعوا بالحقيقة من هؤلاء، فالكل كانوا تعتبرون يسوع ابناً ليوسف. وإذا كان هذا هو الحال، فان الإنجيليين بتوضيحهم للرأي السائد، فانهم يدعونه أباً للمخلص. مثال ذلك “فأتى بالروح إلى الهيكل، ولما دخل بالطفل يسوع أبواه ليصنعا عنه كما يجب في الناموس” (لو 2). وفي موضع آخر: “وكان ابواه يذهبان كل سنة إلى أورشليم في عيد الفصح” … لاحظ أيضاً أن مريم نفسها التي أجابت جبرائيل بقولها “كيف يكون هذا وأنا لست أعرف رجلاً؟!” تقول لابنها من جهة يوسف “يا ابني، لماذا فعلت بنا هكذا؟ هوذا أبوك وأنا كنا نطلبك معذبين” (لو 2) الإنجيليون يدعون يوسف أباً، ومريم تعترف أنه أب، ليس لأن يوسف كان حقاً أباً للمخلص، وانما لكي تحفظ سمعة مريم، نظر إليه من الكل على أنه أب على الرغم من أنه سمع قبلاً قول الملاك “لأن الذي حبل به فيها هو من الروح القدس” (مت 1)، وعلى الرغم من أنه فكر قبلاً في تخليتها سراً. وهذا يظهر أنه كان يعرف تماماً أن الحبل ليس منه هوذا قد قلنا كثيراً – بقصد التعليم وليس للرد على الخصم – لنظهر لماذا دعي يوسف أباً للرب، ولماذا دعيت مريم امرأة ليوسف. وهذا أيضاً بالمثل اجابة عن لماذا دعي بعض الأشخاص أخوة له، على أن هذه النقطة ستجد مكانها فيما بعد. القديس جيروم أسقف أثينا
المزيد
13 ديسمبر 2019

ميمر دخول العذراء الهيكل للقديس كيرلس أسقف اورشليم

بالحقيقة يا أحبائي قد كمل اليوم كلام داود المرتل " مساكنك محبوبة أيها الرب إله القوات، نفسي تشتهي أن تدخل ديارك يارب، قلبي وجسدي يتهللان بالله مخلصي ". بالحقيقة قلب الملك يستريح في قصره الذي هو مريم لأنها اشتهت أن تصير في هيكله المقدس وقلبها يطلب مساكنه أكثر من كل العالم وأمواله الزائلة ووجهها يتهلل بتعليم الكهنة وطهارة جسدها نقية جدًا أفضل من ان تكون في مساكن آبائها وأقاربها لأن العصفور قد وجد له مسكنًا واليمام عشًا حيث تضع فراخها هكذا هي العذراء فرحت بوجودها في هيكل الرب، وتهللت عندما وجدت مسكنًا لإله يعقوب هكذا أخبر آباؤنا الرسل عن دخول العذراء إلى الهيكل وذلك أنه عندما بلغت العذراء السنة الأولى من عمرها حيث كان وقتئذ يوجد في هيكل الرب زكريا بن براشيا الكاهن الأعظم الذي أوقف حياته لخدمة الرب، فظهر له ملاك الله ذات يوم قائلا : السلام لك أيها الشيخ المبارك قم وأخبر حنة ويواقيم أن يحتفظا بالطفلة التي ولدت ويقدماها لهيكل الرب وديعة طاهرة تظل مرعية بك .. فلما سمع زكريا هذا تعجب كثيرًا وبارك الله وقص رؤيته على زوجته أليصابات التي قامت مسرعة معه حيث توجد العذراء البتول، فلما وصلا سلما على حنة ويواقيم اللذان تجمعهما رابطة القرابة، وبعد هنيهة من الزمن قام الكاهن العظيم زكريا وشرح ما سمعه من الملاك بشأن العذراء فأجابته والدتها قائلة : يا أبي القديس إن كل ما أومات به قد قيل لي قبل أن أحبل بها وقد سبقت فأنذرت أن كل ما يعطي لنا ذكرًا أم أنثى ندفعه لجدمة الرب داخل هيكله المقدس،فبارك زكريا السيدة العذراء وانثنى راجعًا هو وزوجته المباركة إلى مدينته بسلام.وفي ذات يوم حالما كانت تسكب على الرضيعة ماء لتحميها، رأت وجهها يتلألأ نورًا ساطعاص ففرحت وباركت الله وسبحت مع داود النبي " إلهي قد رفعت شعبًا متواضعًا وأذللت أعين العظماء ". بسبب حلولك في بيتي أنا المسكينة،نظرت إلى تواضعي في شدتي وخلصتني بما أوجدته مني من الثمرأنا العاقر، عيناي نظرتا خلاص الرب القدوس إله إسرائيل.طوبى لي أنا الحقيرة لأن المولودة مني مريم العذراء والدة الإله،فلتفرح معي قوات السماء، والقسوس الروحانيين، والحيوانات غير المتجسدة، والكراسي وكل خدام الله والشاروبيم والسارافيم. أشكرك أيها الرب الإله ضابط الكل وأمجدك إلى الأبد آمين.ولما قالت حنة هذا لفت الرضيعة بأقماط ووضعتها على سرير وجلست أمامها مبتهجة بما أعطيت من نعمة عظيمة. ولما بلغت الثانية من عمرها صنع أبواها وليمة عظيمة للفقراء والمساكين في ذلك اليوم الذي فيه والدها أن يذهب بها إلى هيكل الرب. لكن حنة طلبت من زوجها إبقاءها إلى أن تبلغ السنة الثالثة من عمرها وفعلا تم إبقاءها إلى أن أتمت السنة الثالثة وبضعة أيام يقدرونها بثمانية عشر يومًا. وإذ بدأت الصبية تمشي على الأرض تذكرت والدتها أن تذهب بها إلى هيكل الله لتخدمه بالطهارة كما سبقت وأنذرت قبل الحبل بها، وليتم قول داود النبي القائل " إن أرجلنا قامت في طريق مستقيمة " فأرسل يواقيم إلى الرعاة يأمرهم بإحضار ذبائح وقرابين كثيرة ثم ذهبا بها إلى أورشليم بالصبية يتبعهم الجمع الغفير من الناس، وستةعذارى من بنات اليهودية الطاهرات يلقبن باسم مريم أيضًا.وكان ذلك في اليوم الثالث من شهر كيهك والأمرالعجيب الذي احتارت فيه فلاسفة بني إسرائيل أن الصبية لما تركها أبواها ومع حداثتها لم تتألم ولم تبك ولم تقلق بل ظلت ساكتة ساكنة بالهيكل وهي تنمو كل يوم حتى أنها كانت موضوع حديث بني إسرائيل. وكان الكثير يقصدون إلى الهيكل لينظروا مريم ابنة يواقيم ويحمدوا الله لأن خضوعها ووداعتها كان ظاهرًا في حياتها.كانا أبواها غنيين من نسل داود الملك فكانا يبعثان لها الطعام وكانت تقبله بشكر وخضوع دون افتخار، وبعد أن يخرجا من عندها تستحضر فقراء الهيكل وتعطيهم طعامها تحيرت عقول الكهنة وقلقت أفكارهم إلى أن انكشف لهم ظهور الحقيقة برؤية نور ساطع سماوي من نعمة الروح القدس. وبذلك صارت وسط الهيكل كأنها حلة نورانية، ولا عجب في ذلك لأنها إناء مختار أو بالحري مسكن طاهر لروح الله القدوس، وفي آخر كل أسبوع كان أبواها يعملان وليمة للفقراء في بيت الرب فكانت مريم تخدمهم وتعطي الطعام لكل محتاج، وظلت سيرتها الحسنة وأعمالها المرضية تزداد يومًا فيومًا.عظيم هو مجد بتوليتك يا مريم العذراء لأنك وجدت نعمة أمام الرب الكائن منك. أنت السلم الذي رآه يعقوب ثابتًا على الأرض ومرتفعًا إلى السماء والملائكة عليه، أنت العليقة التي رآها موسى النبي والنار في أغصانها ولم تحترق. أنت الحقل الذي لم يزرع وأخرج ثمرة الحياة. أنت الكتر الذي اشتراه يوسف ووجد فيه الجواهر مختفية أعني بذلك مخلصنا الذي ولد منك لخلاص البشرية.. افرحي يا والدة الإله تهليل الملائكة. افرحي يا بشرى الأنبياء يا من استحققت حلول الكلمة القدوس في بطنك.افرحى يا من بواسطتها قد خلص آدم وذريته. افرحي يا من أرضعت مغذي كل البرية. افرحي أيتها القديسة أم الأحياء. جميعهم. نطلب إليك أن تشفعي فينا لدى ابنك الإله المتجسد منك الذي أتى وخلص العالم بأجمعه. كرامتك يا مريم العذراء من يقدر أن ينطق بها لأن الله أحبك وسكن فيك. الساكن في النور الحقيقي تنازل وسكن في بطنك تسعة أشهر. قد ولدتيه وبقيت عذراء لأن هذا هو الحجر الذي رآه دانيال النبي مقطوعًا من جبل بغير يد إنسان. هو الله الكلمة الذي تجسد من العذراء، وولد من الآب قبل كل الدهور الذي أخذ جسدًا من العذراء مريم بغير زرع بشر حتى يخلصنا فمن لا يطوبك أيتها الحمامة النقية أم المسيح ؟!. عظيمة هي رحمته فإياه نسأل بشفاعة هذه العذراء القديسة والدة الإله أن يتجاوز عن هفواتنا ويستر عيوبنا وينجينا من ضربات الشياطين، وشدائد الزمان، ويثبتنا في الإيمان المسيحي إلى النفس الأخير، ويجعلنا مستحقين دخول البيعة المقدسة الواحدة الجامعة الرسولية، متشبهين بملائكته النورانية، ويجعل باب بيعته مفتوحًا على ممر الأزمان. ويخذل سائر الأعداء، ويرزقنا الطمأنينة في الوطن ويعطف قلوب المتولين علينا بالرأفة والإحسان. وأن يسمعنا الصوت الفرح القائل " تعالوا إ لى يا مباركي أبي رثوا اُلملك المعد لكم من قبل إنشاء العالم ". " الذي لم تره عين ولم تسمع به أذن ولم يخطر على قلب بشر " بشفاعة. السيدة العذراء مريم وجميع الأنبياء والرسل والشهداء والصديقين وكل من أرضى الرب بأعماله الصالحة إلى دهر الدهور آمين. كنت منذ ثلاث سنين يا مريم أعطوك للهيكل فمشيتي مثل الحمامة والملائكة يأتون إليك.
المزيد
14 سبتمبر 2019

ما هو عيد النيروز (رأس السنة القبطية)‏

بمناسبة رأس السنة القبطية معروف إنها سنه الشهداء –تقويم الشهداء – ولذلك نقول بارك إكليل السنة بصلاحك. سنتكلم عن إكليل الشهادة أو روح الاستشهاد. روح موجودة في الكتاب المقدس. موجودة في حياة المسيحيين بصفة عامه سواء استشهد هذا الإنسان أو لم يستشهد تبقى هذه الروح متأصلة فيه ويسلك بها مهما كانت الظروف.. ولو جاء وقت وعرض عليه الاستشهاد يتقدم للاستشهاد عن طيب قلب بفرح وشوق للأبدية يقول معلمنا بولس الرسول: "من سيفصلنا عن محبة المسيح أشده أم ضيق أم اضطهاد؟!".. عاوز يقول أنه لا شئ يفصلنا عن محبة المسيح فإني متيقن أنه لا موت ولا حياة ولا.. تقدر أن تفصلنا عن محبة الله فهذه هي روح الاستشهاد مهما حدث لا يمكن أن تتزحزح محبته لربنا "لا موت ولا حياة".. يعني حتى لو وصلت إلي درجة الموت الذي هو الاستشهاد لا تفصله عن محبته التي في المسيح يسوع هذه هي روح آباؤنا..يقول "خفة ضيقتنا الوقتية تنشئ لنا ثقل مجد أبدي "وربنا قال "من وجد نفسه يضيعها ومن أضاع نفسه من أجلي يجدها الجسد يضمحل ويفني فسواء فني بالجهاد.. بالاستشهاد أو بالأمراض.. فالأفضل أن الإنسان يقدمه ذبيحة حيه لله بالجهاد والتفاني في خدمة الله ومحبته حتى الاستشهاد.. مثل معلمنا بولس الرسول يوصف الجهاد الكثير الذي قدمه من أجل الله" في الأتعاب أكثر في السجون أو في.. فموضوع الاستشهاد أو روح الاستشهاد بيكون يعيشها الإنسان المسيحي.. يعيشها الشهيد طوال حياته لكن لحظة الاستشهاد هي قمة الفرح والشهوة التي يتم فيها اشتياقات قلبه وهذا هو الوقت الذي يفرح فيه. إن طلبته إستجيبت مثلما ظهرت العذراء للقديس بستفروس وقالت له "طلبتك إستجيبت.. والملاك ميخائيل سيكون في حراستك حتى تنال إكليل الشهادة".. يبقى الإنسان مشتاق أن يخلع هذا الإنسان العتيق "لى اشتهاء أن أنطلق وأكون مع المسيح ذلك أفضل جداً "فيعيش الإنسان المسيحي في حياة جهاد روحي وضبط للنفس إلى أبعد الحدود وهذه توصله لحياة الاستشهاد وليس لحظة الاستشهاد. يبقى عايش حياة استشهاد تتكلل بيوم الاستشهاد أو لحظة الاستشهاد متكل في جهاده طبعاً على نعمة ربنا وعايش حياة تسليم لمشيئة ربنا. من الحاجات الجميلة التي كان يعيشها آباؤنا أنهم كانوا عايشين حياة شكر..حياة الشكر ممكن تكون حياة استشهاد أيضاً لأن الإنسان لما يشكر وهو في الضيق يحسب له إكليل شهادة. يعنى ترى واحد مثل يوسف الصديق وهو ذاهب يخدم إخوته ويحمل لهم الطعام مبتهج وفرحان إنه سيقابل إخوته ويقدم لهم الأكل فيجد صدمة قوية.. هذا هو صاحب الأحلام يرموه في البئر ثم يبيعوه للإسماعيليين.. قاسيه. قاسيه جداً ويتحملها وجُرح في بيت أحبائه.. جُرح من اخوته ويوسف كان شاكر ربنا ثم دخل فى مرحله أصعب دخل في اتهام صعب جدا.. ورغم هذا لم يحصل على براءة وقتها بل دخل السجن واحد يقول ده جزاؤه واحد يمشى مع ربنا ويبقى أمين.. ولم يعمل خطيه.. ويترمى فى السجن! تلاقى ربنا يحّوش له المجد بتاعه.. تقول دى روح استشهاد ولا حاجه تانى.. يتحمّل وبشكر. تعرف مقدار الشكر الذي عاشه يوسف تراه لما قابل إخوته فى المرة الأولى والثانية وبعد نياحة أبوه هذا أقوى كثيراً.. إخوته خايفين ولكن لأن يوسف كان عايش حياة شكر وحياة استشهاد يقول أنتم قصدتم بى شراً ولكنّ الله قصد بى خيراً.. وبهذه الروح.. بروح الاستشهاد عال اخوته وكل الذين خرجوا من إسرائيل وكل من ولدوا أيضا في مصر واحد مثل أيوب كان عايش حياة شكر.. والشيطان لم يعجبه حياة الشكر التي يعيشها أيوب.. فبدأ يحتال على أيوب لكي يخرجه من حياة التسليم والسلام والهدوء كان دائم الشكر لربنا ويقول "الرب أعطى والرب أخذ فليكن اسم الرب مباركاً"، "الخير من الرب نقبل والشر لا نقبل" لو دخلنا في تاريخ الكنيسة نجد نماذج كثيرة جداً من حياة الاستشهاد حتى ولو بدون سفك دم يعنى آباء البريه بدون استثناء نجدهم عاشوا حياة استشهاد قويه واحد مثل الأنبا أنطونيوس أو الأنبا بولا فرحوا وتركوا كل شئ هذه كانت روح استشهاد مكسيموس ودوماديوس كان الأنبا مقاريوس يسميهما الشهيدان الصغيران والشهيدان الغريبان الأنبا بيشوي الذي هرب من الاستشهاد لأنه خايف أن الرجل الذي سيقتله يذهب إلى جهنم بسببه ولكن من الداخل يعيش حياة استشهاد؛ يعنى كونه يربط شعره في سقف القلايه وكلّما ينعس يتشد الشعر فيصحى تانى دى تسميها إيه؟ روح استشهاد قوية. ومع بداية سنة جديدة نقول له يارب هذا تقويم الشهداء وهذه سنة الشهداء اجعلنا نسلك بنفس روح آبائنا الشهداء وتكون هذه السنة سنة مقبولة. اتركها هذه السنة أيضاً لكيما نجاهد جهاداً قانونيا مثل جهاد آباؤنا الشهداء فنستحق أكاليل مقدسة مثلهم ربنا يعطينا يا أحبائي أن نجاهد لكي نستحق أن نُكلل مثلهم.1 لإلهنا كل مجد وكرامة إلى الأبد آمين. الأنبا ديميتريوس أسقف ملوى وأنصنا والاشمونين
المزيد
11 سبتمبر 2019

فلنضيء الشموع أمام صور الشهداء

من بركة الله علي البشر أنه منحهم أعيادًا.. فقد ورد في سفر اللاويين قائمة بأعياد كثيرة (لا 23). وجعل هذه الأعياد أيام فرح ومحافل مقدسة.. عملًا من الأعمال لا يعملون فيها. إنها أيام تفرغ للرب واعتكاف (لا 23: 36)، يقدمون فيها وقودًا للرب، وقرابين، وذبائح ومحرقات.. ويقدمون عطاياهم ونذورهم.. إن الله يريد لأولاده أن يفرحوا، ولكن فرحًا مقدسًا. لذلك عندما خلق الله الإنسان، خلقه في جنة، لكي يحيا في فرح.. وكذلك في الأبدية، سيجعله أيضًا في فرح، في النعيم الأبدي.. وعلي الأرض أيضًا، يقول الكتاب "أفرحوا في الرب كل حين وأقول أيضًا أفرحوا" (رسالة فيلبي 4:4). وجعله أولى ثمار الروح "محبة وفرح وسلام" (رسالة غلاطية 5: 22).. ووضع للمؤمنين أعيادًا للفرح، تكون محافل مقدسة.. وجعل الرب هذه الأعياد أيام راحة، وأيام تلاقٍ. يتفرغون فيها من تعب العالم ومشاغله ومشاقه، ويلتقون معًا في محافل، في شعور بالمودة والارتباط. وكانت الراحة أول ما وهبه الله للناس بعد الخليقة.. فيقدسون يومًا للرب، أي يخصصونه له، ويصبح يومًا للراحة والعبادة (لاويين 23: 1-3). وجعل الرب الأعياد مصحوبة بذكريات هامة ومقدسة. وفي العهد الجديد منحنا الرب أيضًا أعيادًا لكل منها ذكرياته. ومن الصالح للإنسان أن يتذكر تلك المناسبات. فنذكر ميلاد السيد الذي كان بداية لقصة الخلاص، ونذكر ما فيه من حب، ومن تواضع وإخلاء للذات.. وأعطتنا الكنيسة أن نعيد في عيد الغطاس. فنذكر المعمودية وأهميتها، ونذكر معمودية التوبة. كما نذكر الظهور الإلهي وعقيدة التثليث، ونذكر أيضًا يوحنا المعمدان. وتشبع نفوسنا بالذكريات المقدسة، ونأخذ ما فيها من معانٍ روحية ومن عظات، ومن قدوة صالحة لنفوسنا. ولو نسينا كل هذه الذكريات، لخسرنا الكثير. فهي ليست أيامًا للفرح العالمي، وللهو، ولمجرد الإفطار وتغيير الطعام، والفرح مع أصحابنا بمستوى علماني!! كلا، إنما نتذكر باستمرار أن الأعياد أيام مقدسة. و اليوم هو عيد النيروز (رأس السنة القبطية) ذكري شهداء الأيمان. وفي هذه الذكري العطرة تضاء الشموع بصفه خاصة أمام أيقونات الشهداء والقديسين. حقا تضاء كل يوم. ولكننا اليوم نتأمل في ذكراهم. حين نوقد الشموع أمام صورة العذراء والشهداء والقديسين نأخذ من الشمعة ما يذكرنا بهم؛ إذ أن الشمعة تحترق لكي تنير للآخرين وتذوب وقد تنصهر لكي يظهر ضوءها في غسق الدُجى. والعذراء والشهداء والقديسون احترقوا وأحرقوا ذواتهم لكي ينيروا لنا الطريق، فهذا الطقس هو لتكريم سيرة هؤلاء الشهداء والقديسين. ويذكر تاريخ الباباوات عن البابا سرجيوس الأول انه في يوم 2 فبراير سنة 687 م. رتب عيدا للقديس سمعان الشيخ وكانت تقدم فيه الشموع بكثرة حتى سمي بعد ذلك بعيد الشموع. ومما يلفت نظر العابد في عبادته أن الشموع تضاء ليس في الليل بل في النهار وتستخدم في وسط الأنوار الكثيرة الكهربائية وكان معروفا في الطقس الكنسي قديما أنه أثناء أيقاد الشموع والقناديل كانت تقال صلوات خاصة مثل "اجعل أيها الرب ظلمتي نورًا"، و"الرب نوري وخلاصي ممن أخاف".. و"أنر عيني لئلا أنام نوم الموت" إن الشمعة الموقدة أمام أيقونة السيد المسيح تعلن أنه نور العالم، والشمعة الموقدة أمام أيقونة العذراء تعلن أن هذه هي أم النور، والشمعة الموقدة أمام أيقونة القديس والشهيد تعلن أن هذا هو السراج المنير الموضوع على المنارة في أعلي البيت لكي يضئ لكل من فيه. فنحن نوقد الشموع كعلامة رمزية لإشعالنا بغيرة قداستهم وحبهم وتقديم أية ملموسة من آيات التكريم والوفاء والتسبيح الصامت والشكر على ما يقدمونه نحونا أمام المنبر السماوي حسن أن نوقد الشموع أمام الأيقونات لكن يجب أن يكون ذلك مقترنا بغيرة القلب واشتعاله بالقداسة كالشمعة التي تلتهب لتضئ فتقدم الشموع أمام الأيقونات توسلا أن تكون حياتنا منيرة متشبهين بالعذارى الحكيمات ذوات المصابيح المضيئة ومتممين وصية الرب أن تكون سرجنا موقدة لتحفزنا على الصلاة والسهر. وحينما أثبت الشمعة في موضعها فستظل تشتعل وتضئ. أود من كل نفسي أن أدوم هكذا منيرًا لمن حولي. هذا هو شعوري حينما أقدم شمعة واثقًا حتما أنني سأنال نعمة ومعونة بشفاعة هؤلاء القديسين. وهناك العديد من القيم الروحية في الشمعة فهي تعطينا فكرة عن نور المعرفة والمواهب الإلهية التي تأتينا من فوق "لتكن أحقاءوكم ممنطقة وسرجكم موقدة". وكما أن الشمعة مادة كثيفة ليست من طبيعتها إعطاء نور لكنها عندما تتلامس مع النار تضئ وتستمر مضيئة كذلك القديسون فهم نور العالم، يستمدون نورهم من شمس البر فكلما اقترب الإنسان من فاديه الذي هو شمس البر أضاء كموسى. وكلما كان الوسط ظلاما ظهر فيه نور الشمعة بقوة أكثر مهما كانت الشمعة صغيرة وينتفع بنورها الكثيرون، وهكذا القديسون في وسط ظلام هذا العالم يضيئون كالكواكب في ملكوت أبيهم. وكما أن الحرارة تذيب الشمعة إلا أنها تقسي الطين.. هكذا يكون تلين قلب الإنسان الروحي وتصلب قلب الشرير. كما أن الشمعة مضيئة ومحرقة فكما تضئ قد تحرق.. والقديسون أيضًا يقدمون القدوة الصالحة لنا ولكنهم سيشهدون على دينونتنا. وتعطينا الشمعة مثلا في الجهاد حتى النهاية و في الشمعة معني التضحية بالنفس لأجل الآخرين فالقديسون يضحون بالنفس والنفيس فهم نور العالم وهم ملح الأرض والملح يذوب ليعطى طعما وملوحة للآخرين. والكنيسة إذ تضع الشموع أمام الأيقونات المقدسة وذخائر القديسين لأنهم بمثابة أنوار تضئ الطريق للكنيسة المجاهدة ونجوم تتألق في سماء المجد. المتنيح القمص مرقس عزيزكاهن كنيسة المعلقة، مصر القديمة
المزيد
20 يونيو 2019

القدوة فى حياة الخادم

لا يستهن أحد بحداثتك، بل كن قدوة للمؤمنين فى الكلام و التصرف فى المحبة فى الروح فى الإيمان فى الطهارة" (1 تى 4 : 12)الإنسان المسيحى مطالب أن يكون قدوة للآخرين بصفة عامة و الخادم بصفة خاصة و هذا يعتمد أساسا على عمل الروح القدس فى الإنسان الذى يحيا للمسيح. "لى الحياة هى المسيح" (فى 1: 12) وهكذا كتب القديس بولس الرسول أيضا إلى تلميذه تيطس قائلا " مقدما نفسك فى كل شىء قدوة للأعمال الحسنة" (تى 2: 6 – 7). و المطلوب من الكل أن يكونوا قدوة لذا يقول الرسول "كونوا متمثلين بى معا أيها الإخوة ولاحظوا الذين يسيرون هكذا كما نحن عنكم قدوة" (تى 3:17( أولاد الله جميعا يجب أن يكونوا قدوة لجميع الناس " يروا الناس أعمالكم الحسنة ويمجدوا أباكم الذى فى الموات" (مت 5:16) ولقد دعانا المسيح له المجد نورا للعالم وملحا للأرض..ولذا يقول الرسول بولس "لأنه الله هو العامل فيكم أن تريدوا و أن تعملوا من أجل المسرة. إفعلوا كل شىء بلا دمدمة أو مجادلة لكى تكونوا بلا لوم و بسطاء أولادا لله بلاعيب فى وسط جيل معوج و ملتوٍ تضيئون بينهم كأنوار فى العالم" (فى 2:13-15) ولقد قدم لنا ربنا و مخلصنا يسوع المسيح ذاته قدوة قائلا "تعلموا منى لانى وديع و متواضع القلب فتجدوا راحة لنفوسكم"(مت 11:28) و أيضا لأجلهم أقدس أنا ذاتى(يو 17 : 19 ) لذا وجب على كل الرعاة و الخدام أن يقدموا ذواتهم قدوة و مدققين بأن يكونوا بلا عثرة للمخدومين مرددين مع الرسول " لسنا نجعل عثرة فى شىء لئلا تلام الخدمة" (2كو 6 : 13 )إن سبب إنتشار المسيحية لم يكن فقط بالوعظ و التعليم و إنما بالقدوة فى حبياة المؤمنين مما جذب إليهم الكثيرون متحققين من صدق تعاليم المسيح مما يحلو ان نسمى حياة القدوة بالإنجيل الخامس أو الإنجيل المعاش. قدوة فى الكلام:- أى أن يكون له الكنز الصالح(القلب) الذى يخرج منه الصالحات، فبأى لسان نتكلم؟!.. يوصينا الرسول يعقوب قائلا "ليكن كل إنسان مسرعا فى الاستماع مبطئا فى الغضب" (يع 1 : 19). بلا شك أن لغة الانسان تظهره و تكشف مابداخله من مبادىء أو أمثلة روحية. " الصديق يبغض كلام الكذب" ( أم 13 : 15 ) " كثرة الكلام لا تخلوا من معصية. أما الضابط شفتيه فعاقل" (أم 10 : 19)كيف تتكلم إلى غيرك؟!.. لا تقاطع غيرك فى الكلام ولا تتعجل فى الرد بل تعلم فضيلة الإستماع.إحذر أن يتكلم لسانك بالباطل الذى لا يمجد إسم إلهك أو تدنس فمك بالكلام الدنس. قدوة فى التصرف:- أى قدوة فى السلوك.. فسلوك الخادم لابد أن يظهر مسيحيته سواء فى البيت أو الكنيسة أو فى العالم فى البيت طائعا و باذلا فى الكنيسة مصليا و خادما فى العالم عاملا و طاهرا" من علم و عمل يدعى عظيما فى ملكوت السموات" (مت 5:19 )إن السلوك الخاطىء من بعض الخدام يؤثر مباشرة على المخدومين مما يسبب العثرة لهمو قيل" ويل لمن تأتى بواسطته العثرات" (نت 18: 7)هذه الأخطاء إما أن يقلدها الخدام فتضيع روحياتهم أو أن ينتقدوها فيقعون فى خطية الإدانة.. فالسلوك المستقيم للخادم أو للمسيحي بصفة عامة ينبع من خضوعة للوصية, الإلهيه فى حياته و التى تتحول فى حياته إلى منهج ومبدأ روحى لا يتغير بتغيير الظروف المحيطة به. قدوة فى المحبة:- يتميز أولاد الله بالمحبة... لأن المحبة قد إنسكبت فى قلوبكم بالروح القدس المعطى لهم (رو 5: 5 ) من أجل ذلك ففى امكان الانسان المسيحى أن يكون قدوة فى المحبة.ففى محبتنا لله .. نبغض العالم و شهواته و نسعى دائما لإرضائه و صنع مشيئته و تنفيذ وصيته ولا نحتسب نفوسنا ثمينة عندنا حتى نتمم بفرح الخدمة التى إستلمناها من يده فلا نسعى وراء الراحة بل نستعذب كل تعب من أجل مجد إسم القدوس. وفى محبتنا للقريب و للأخوه و حتى للأعداء سنبارك من يلعننا و نحسن إلى من يبغضنا و نصلى لأجل من يسىء إلينا."نشتم فنبارك نضطهد فنحتمل يفترى علينا فنعظ" (1 كو 4 : 2) مثال سيدنا يسوع المسيح الذى قيل عنه ..".إذا شتم لم يكن يشتم عوضا " (1 بط 2 : 23 ) قدوة فى الروح:- هذا يعنى عمل الروح القدس و ثماره فى حياة الإنسان المسيحيى روح و ديع هادىء ...روح متواضع و منسحق...روح وقور لا يعرف الهزل أو كلام السفاهة..روح أمين على أسرار الآخرين إن الخدمة كما يقول قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث ليس كلاما و إنما هى روح و حياة (يو 6 : 63) و أن الخادم الذى لايملك سوى معلومات لايأخذون منه سوى هذه المعلومات بلاروح ..فالخادم الروحى ليس مجرد درس بل حياته كلها خدمة...إنه حياه روحية تتحرك فى عمق و تؤثر روحيا فى غيرها بطريقة مشوقة غير مصطنعة و يكون غسم الرب حلوا فى فمه يتحدث عنه بطريقة تجذب و تربح النفوس. بعض الناس يظنون ان المبادىء المسيحية مثاليات من يستطيع تنفيذها أما الخادم الروحى فيقدم هذه المثاليات منفذه فى حياته. قدوة فى الإيمان:- إيمان بإبن الله الذى احبنى و أسلم نفسه لأجلى (غل 2: 20) و كما يقول يوحنا الحبيب " هذه هى الغلبة التى تغلب العالم إيماننا. من هو الذى يغلب العالم إلا الذى يؤمن أن يسوع هو إبن الله" (1 يو 5 : 4،5) فنؤمن أنه ليس للشيطان سلطان علينا...ولا للخطية..ولا للعالم فنسلك كما يليق ببنوتنا لله ولا نشابه أهل هذا الدهرإيمان بالحياة الأبدية..: اتيت لتكون لهم حياة وليكون لهم أفضل" (يو 10 : 10) هذه هى الحياة التى عرفها أباؤنا القديسون بالإيمان فنظروها و صدقوها و حييوها وأقروا بأنهم غرباء و نزلاء (عب 11 : 13) مثال أبينا إبراهيم فالخادم الحقيقى يعيش متغربا فى العالم و بعد نفسه و الآخرين للحياة الأفضل و يسعى دائما أن تكون سيرته محفظة فى السموات (فى 3 : 20)إيمان بان الله معنا " يدعون إسمه عمانوئيل الذى تفسيره الله معنا" (مت 1 : 23) الخادم المؤمن يشعر دائما انه ليس بمفرده فلا ينظر لضعفه بل يثق بأن الله معه سند و معين فلا يخاف ولا ينزعج مهما كانت الريح ضده و أمواج بحر هذا العالم..فهو يتمسك بإلهه و متوكل عليه "طوبى لجميع المتوكلين عليه" حتى يستطيع أن يشدد الضعفاء و يعزى المتضايقين و كما يقول بولس الرسول " مبارك الله الذى يعزينا فى كل ضيقتنا حتى نستطيع ان نعزى الذين هم فى كل ضيقة بالتعزية التى نتعزى بها نحن من الله" (2 كو 1 : 3 – 4 ) قدوة فى الطهارة:- " فى كل شىء نظهر أنفسنا كخدام الله فى صبر كثير فى شدائد فى ضرورات فى ضيقات..فى اتعاب فى أسهار فى أصوام فى طهارة فى علم فى أناة فى لطف" (2 كو 6 : 6 )هكذا يؤكد بولس الرسول على وجوب حياة الطهارة للخادم بصفة عامة لأنه سيدعو الناس للملكوت و هذا لايدخله شىء دنس او نجس فهو لا يشارك فى أعمال الظلمة ولا يسلك طريق المستهزئين ولا يعطى أذنا لأباطيل العالم و يغمض عينيه عن الشر مرددا هذه الوصية" فإذ لنا هذه المواعيد أيها الاحباء لنطهر زواتنا من كل دنس الجسد و الروح مكملين القداسة فى خوف الله" (2 كو 7 : 1 ). القمص يوحنا أديب
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل