الكتب

شبابنا وفكر الرهبنة

يقول مرتل إسرائيل الحلو: عرفني يا رب الطريق التي أسلكها (مز 143)، وعروس النشيد في مناجاتها:أخبرني يا من تحبه نفسي أين ترعى؟ أين تربض عند الظهيرة؟ (نش 1: 7). إن كنت ترعاني في الزيجة، وهناك أجدك من بيتي وبين أفراد أسرتي فهناك أتبعك وأطيعك وإن كنت تنتظرني في البتولية فهناك وجهتي ونحوك سعيي وبالجملة فإني ألهج بقلبي قائلًا: لتكن لا إرادتي بل إرادتك وأنشد لك:ليس لي رأى ولا فكر ولا شهوة أخرى سوى أن أتبعك. أتبعك أينما تمضى (لو 9: 57) كما أحس انك تتبعني وتهيئ لي ميراثًا وخلاصًا هذا مقداره. عدد لا بأس به من الشباب فكروا، أو يفكرون في الرهبنة(الحياة الديرية).. بعيدًا عن صخب العالم وآلام ضجيجه، ويمكننا تقسيم هؤلاء إلى فريقين: * فريق يرى أن الحياة الديرية أنسب لخلاص نفسه ونموه في محبة المسيح. * وفريق آخر يراها مناسبة لإخفاء ضعفاته والهروب من التزامات يعجز عن الوفاء بها. نعم.. فلم يصر جميع الشبان رهبانًا وإنما اتخذ كل منهم الوسيلة المناسبة لخلاصه. إذًا فالرهبنة ليست للكل، ليست لكل من اشتهى أو طلب، بل لكل من يناسب، وقد يثمر إنسان في العالم أكثر مما يثمر في الدير (الرهبنة)، والعكس أيضًا صحيح. لذلك فمن الخطأ أن يحسب الشاب أن الرهبنة هي الطريق الأساسي والأمثل لخلاصه دون غيرها من الطرق يتشبث بهذا الرأي، ويدافع عنه بكل قوته، ويسيطر عليه هذا الفكر بحيث لا يقبل أية أفكار أو اقتراحات أخرى لخلاصه يختلف مع ذويه ومع أب اعترافه، وقد يختلف مع نفسه، ويصبح فكر الرهبنة بالنسبة له: سبب جدال خفي، ويعلق كل خلاصه به، وتصبح حياته في صخب وضوضاء، وقد يتسبب هذا التشبث في عثرة الكثيرين لا سيما أسرته ومع كل ذلك فقد يكون ذلك الشاب متوانيًا في أمر خلاصه، فاترًا في علاقته بالله، فقط هو يعلق كل آماله الروحية بالدير!

الحياة الأبدية

عندما كنا نسمع عن الدينونة والأبدية أو نفكر فيهما ونحن في حداثتنا، كنا نُسر إذ تمر في مخيلتنا روائع المناظر وشتي مظاهر المتعة، ثم ما لبثنا أن دخلنا في فترة المراهقة فإذا بالتفكير في مثل تلك الأمور ينتابنا معه قشعريرة وخوف من المجهول، لا سيما بعد أول واقعة وفاة حدثت لشخص نعرفه أمور كثيرة كانت تؤرقنا من جهة الحياة الأبدية مثلا مسألة اللانهاية وماذا تعني، وكذلك الدينونة والتي كانت تثير فينا الرعب، حالما تتمثل أمامنا النار والعويل ووجه الله الغاضب أمام الأشرار ثم العذاب الدائم وظلت فكرة القيامة العامة والحياة الباقية تشغل أفكار الجميع، فهي حياة لم يختبرها أحد من قبل ليروي لنا عنها أو يصفها، وفي المرة الوحيدة التي صعد فيها إنسان ورآها، حتى هذه الخبرة وللأسف الشديد لم يجد صاحبها من الأمور الأرضية ومفردات اللغات البشرية ما يعينه علي وصفها أو تشبيهها، فقال: "وَسَمِعَ كَلِمَاتٍ لاَ يُنْطَقُ بِهَا، وَلاَ يَسُوغُ لإِنْسَانٍ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهَا" (2 كو 12: 4) وبتعبير آخر "مَا لَمْ تَرَ عَيْنٌ، وَلَمْ تَسْمَعْ أُذُنٌ، وَلَمْ يَخْطُرْ عَلَى بَالِ إِنْسَانٍ" (1 كو 2: 9) والمقصود بهذا هو أن أجمل ما رأته عين بشرية في هذه الحياة يقصر في الواقع عن أن يعكس المجد الذي هناك، وهكذا أجمل ما سمعته إذن أو ما تخيله قلب لا يرقي مطلقًا إلي ذلك الفرح والمجد العتيد أن يستعلن في البشرية عندئذ إذن فالحياة الأبدية وكما خبرها معلمنا بولس الرسول للحظات أو لدقائق ربما، كانت أروع من أن يعبر عنها، وعندما أراد القديس يوحنا الرسول أن يصف أورشليم السماوية، بحث هو الأخر في أرضنا وعالمنا الترابي فلم يجد سوي الأحجار الكريمة ليصف بها ذلك المجد مثل: "يشب... جمشت... زمرُد ذبابي.. إلخ." ومع ذلك فهذه أرضية ترابية وأما تلك فأبدية باقية ثم تَدَرجْنا قليلًا قليلًا بخصوص تناولنا لفكرة الأبدية حتى وصلنا إلي تصوَر أفضل، ألا وهو ما عبر عنه أيوب الصديق قائلًا: "هُنَاكَ يَكُفُّ الْمُنَافِقُونَ عَنِ الشَّغْبِ، وَهُنَاكَ يَسْتَرِيحُ الْمُتْعَبُون. الأَسْرَى يَطْمَئِنُّونَ جَمِيعًا، لاَ يَسْمَعُونَ صَوْتَ الْمُسَخِّرِ. الصَّغِيرُ كَمَا الْكَبِيرُ هُنَاكَ، وَالْعَبْدُ حُرٌّ مِنْ سَيِّدِهِ" (أي 3: 17-19) وأدركنا بالتالي أنها حياة تتسم بالكمال، ثم أدركنا أخيرًا أن الحياة الأبدية هي الله ذاته، وأنه في معرفته (بالمسيح يسوع أبنه) معرفة لهذه الحياة"وَهذِهِ هِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ: أَنْ يَعْرِفُوكَ أَنْتَ الإِلهَ الْحَقِيقِيَّ وَحْدَكَ وَيَسُوعَ الْمَسِيحَ الَّذِي أَرْسَلْتَهُ" (يو 17: 3) إن الله هو الهدف المشترك ما بين الحياتين، هو مصدر كل فرح وطمأنينة، ولعل ذلك يفسر قول المخلص "لأَنْ هَا مَلَكُوتُ اللهِ دَاخِلَكُمْ" (لو 17: 21) وذلك في رده علي سؤال الفريسيين له عن موعد الملكوت ومتى يأتي، وإن كانت الحياة الأبدية عبارة عن كتاب فإن هذه الحياة التي نحياها الآن يجب أن تكون مقدمة هذا الكتاب، في هذا يقول القديس يوحنا سابا المعروف بالشيخ الروحاني (لا دخول إلي ذلك البلد، بلد نور الأنوار وعالم أبد الآبدين لمن لم يختبره منذ الآن، فلا يقدر أن يرتاد ذلك البلد من لم يعتده من هنا، إذ تعاني عين بصيرته من الغشاوة حينذاك بأشعة نور الغمام الخارج من هناك ليتنعم به، فإنه حالما تغرب عن عينه شمس العالم يقسم ميراثه ويرحل لملاقاة الشمس العظيمة بنور العوالم العلوية)(1) غير أن التفكير في الأبدية والدينونة يفقد مع الوقت تأثيره، مثل ما يحدث عند انتقال أحد الأشخاص إذ سريعًا ما تهدأ المشاعر وينصرف الناس إلي شئونهم ناسين أو متناسين الرسالة الروحية التي تركها بوفاته وقد كان المؤمنون في أول عهدهم بالإيمان مثقلون بفكر إسكاتي (أخروي) حيث كانت المناداة في الوعظ والإرشاد تلِح بأن المسيح علي الأبواب... ولن يبطئ، ويؤكد معلمنا بولس الرسول لهم ذلك بقوله " نَحْنُ الَّذِينَ انْتَهَتْ إِلَيْنَا أَوَاخِرُ الدُّهُورِ" (1 كو 10: 11) وشاع تداول تعبير مارانا ثا(2) للإشارة إلي اللهفة الشديدة إلي مجيء الرب، وكان هذا النداء ينعش المؤمن ويجدد فيه الرجاء. هذا وقد نما بقوة الاعتقاد بظهور الرب الوشيك، فباع الكثيرين ممتلكاتهم وقاموا بتوزيع أثمانها وصعد إلي أسطح منازلهم راكعين وهم باسطون أيديهم نحو العلاء مرددين " نَعَمْ!... آمِينَ. تَعَالَ أَيُّهَا الرَّبُّ يَسُوعُ" (رؤ 22: 20) وقليلًا قليلًا ولأن يوم الرب يأتي كلص، وشعر البعض بأنهم انتظروا طويلًا، فقد تحرًك الشك في قلوبهم من جهة مجيء الرب، وكتب معلمنا بولس الرسول يشجع مثل أولئك، في رسالته إلي العبرانيين. ويلاحظ أن تعبير "وَفِيمَا أَبْطَأَ الْعَرِيسُ نَعَسْنَ جَمِيعُهُنَّ وَنِمْنَ" (مت 25: 5) يجب أن يُفهم علي أن العذارى قد ملَوا الانتظار فناموا، لا أن الرب أبطأ، فهو آت في الوقت المحدد من جهته ولن يعقه أحد!!ثم انتهز قوم أرديا ذلك فشككوا في الأمر برمته، إلي هذا أشار القديس بطرس قائلًا: "أَنَّهُ سَيَأْتِي فِي آخِرِ الأَيَّامِ قَوْمٌ مُسْتَهْزِئُونَ، سَالِكِينَ بِحَسَبِ شَهَوَاتِ أَنْفُسِهِمْ، وَقَائِلِينَ: أَيْنَ هُوَ مَوْعِدُ مَجِيئِهِ؟ لأَنَّهُ مِنْ حِينَ رَقَدَ الآبَاءُ كُلُّ شَيْءٍ بَاق هكَذَا مِنْ بَدْءِ الْخَلِيقَةِ" (2 بط 3: 3-4) ويجب الانتباه إلي أنه قد لا يأتي المسيح (أقصد المجيء الثاني "الباروسيَا") هذا اليوم أو هذه السنة، ولكن الكثيرون سيذهبون إليه عندما ينحلون من هذا الجسد، ومن هنا يجب الاستعداد دائمًا.

أجراء وأبناء

هذه القصص كتبت خلال الفترة ما بين سنة 1990حتى 1995م وطبعت عدة طبعات وصل بعضها إلى عشرة بالنسبة لبعض الأجزاء ، وقد ضممناها هنا فى كتاب واحد ،و أرجو أن يتسع لكتابة المزيد منها . وبعض هذه القصص حقيقية غير أنها كتبت هنا بتصرف .. والبعض الآخر يضم العديد من المواقف والتى حدثت بالفعل ،و البعض الثالث هو نسج الخيال حيث تعرض القصة لقضية ما ، أو تطرحها للمناقشة . أرجو أن يغفر القارئ لى تقصيرى وهفواتى

الموسيقى القبطية

الموسيقي هي الجمال المسموع، وهي أرقي الفنون تسمو بالنفس إلي أعلي المراتب وتخترق الوجدان، والإنسان والذي يتكون من جسد ونفس وروح يحتاج إلي إشباع كل واحدة من هذه الثلاثة؛ فالطعام للجسد، والنعم والمواهب للروح، وأما النفس وهي مجموعة الغرائز والانفعالات والمشاعر والأحاسيس فإن الموسيقي هي إحدى أهم مصادر إشباعها، وهي لغة أثيرية حسب تعبير الأستاذ الشوان (1)، لأنها لا ترى ولا تلمس ولا تثبت في الفضاء، فهي ذبذبات تحدثها سلسلة من الأصوات المتتابعة المتلاحقة فتلتقطها الأذن وتتعرّف علي ما فيها من خطوط لحنية، تماماً كما نستشعر ما في الشعر من أوزان وتفعيلات وقد تلامس الإنسان أول ما تلامس مع الموسيقي، من خلال أصوات الطبيعة مثل حفيف الأشجار وخرير الماء ونقيق الضفادع وزقزقة العصافير وثغاء الماعز وهديل الحمام، وكذلك من تموّجات الصوت عند الحديث، بل يُقال أن الإنسان البدائي كان يسلّي نفسه عن طريق ضرب قطع الصوان بعضها بالبعض الأخروفي حنجرة الإنسان قدرة خارقة علي التنويع في إصدار الأصوات ما بين خشن ورقيق، خفيض ومرتفع، أو مدّ الكلام أو إضغامه وذلك في محاولة منه للتعـبير عمّا يرغب فيه، كما توجد في جسده وسائل أخري لضرب الإيقاعات، ومن هنا فقد يستخدم حركات الجسم للتعبير، وهو الشكل البدائي للرقص، الأمر الذي عرفه الحيوان والطير كوسيلة للتفاهم في الحزن والفرح والإنذار بقدوم الخطر الخ وقد عرف قدماء المصريون المزمار منذ القديم، وكان الفلاّحون والرعاة يضربون عليه ويتسلّون به لاسيما في أزمنة الحصاد حين يقضون الليالي في مرح يضربون علي السلاّمية، وينفخون في المزمار والذي يشبه الماسورة ويُصنع من الغاب وله ستة ثقوب تحدث نغمات مختلفة عند مرور أصابع اليد عليها، وكذلك يتسلّون بها في أوقات الحراسة ليلاً أو إدارة السواقي.

فضيلة الشكر

الشكر هو النهج الذي تتبعه الكنيسة في العلاقة مع الله، نبدأ به كافة صلواتنا، سواء الليتورجية منها (الجماعية) أو الفردية، ففي رفع البخور نبدأ بصلاة الشكر وفي القداس وفي الأسرار الكنسية، وفي صلوات السواعي وفي الرسامات وفي افتتاحيات المهرجانات أو المشروعات، وعند تبريك المنازل أو المحال. وفي الزيارات السريعة، وعند الاستعجال وضيق الوقت - إذا كان الاختصار مناسبًا - في الصلاة، فستكون صلاة الشكر هي المُرجّحة والطبيعية في مثل هذه المناسبات، بل حتى الصلوات الارتجالية نبدأها بالشكر، وأول عبارة نلقنها للأطفال كصلاة هي عبارة الشكرذلك حتى يكون الشكر هو الخلفية التي سنتحدث عليها مع الله ونطلب منه، أو نعتذر إليه أو نشكو إليه أو حتى نسبّحه فنقدم تسابيح الشكر "واظبوا على الصلاة ساهرين فيها بالشكر" (كولوسى 4: 2). سواء استجاب لطلباتنا أم لا فنحن نشكره مسبقًا، نعرف أنه يحبنا وسوف يعمل ما فيه خيرنا ولذلك نشكره ومع أننا نشكره مقدّمًا، إلا أننا أيضا نطرح احتياجاتنا عند قدميه

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل