العظات
معجزة شفاء المفلوج
إنجيل هذا الصباح المبارك يحكي معجزة ربما نكون كلنا نعرفها وهي عن المفلوج الذي حمله أربعة رجال أصدقائه .. ربنا يسوع في مدينة كفرناحوم إجتمع في منزل ومن المعروف عن شخصية ربنا يسوع المحبوبة الجذابة أنه حيثما وُجِد تجمع زحام حوله .. ربنا يسوع لو تأملنا في شخصيته نجد أنه كم كانت الجموع شغوفة لسماع تعاليمه مرة يقول الكتاب ﴿ اجتمع ربوات الشعب حتى كان بعضهم يدوس بعضاً ﴾ ( لو 12 : 1) .. يصعد على الجبل لكي يتكلم .. لم يقل الكتاب لنا في كل مرة إجتمع فيها ربنا يسوع مع الجموع كم كان عددهم ؟ وجدنا أنه في المرة التي كان فيها على الجبل كان عددهم خمسة آلاف رجل غير النساء والأطفال .. تخيل هذا العدد في عظة يقولها ربنا يسوع على جبل وبالطبع كانت المدينة كلها في ذلك الوقت لا تتعدى إثنين مليون نسمة تقريباً .
بذلك نجد هذه النسبة تعلن أن ربنا يسوع شخصية جذابة جداً وكل من يسمعه يحرص على أن يعود ليسمعه مرة أخرى .. ﴿ ثم دخل كفرناحوم أيضاً بعد أيام فسُمع أنه في بيت وللوقت اجتمع كثيرون حتى لم يعد يسع ولا ما حول الباب ﴾ ( مر 2 : 1 – 2 ) .. مجرد أن عرفت الجموع أنه في بيت تجمعوا حوله في البيت .. لذلك كان ربنا يسوع يُعلم في أي مكان قد يكون على جبل أو مكان عام .. في مجمع .. على شاطئ البحر .. لأنه حيثما تواجد ربنا يسوع تواجد زحام حوله .. لم يسع البيت الجموع من كثرتها حتى أمام الباب .. ﴿ فكان يخاطبهم بالكلمة وجاءوا إليه مقدمين مفلوجاً يحمله أربعة وإذ لم يقدروا أن يقتربوا إليه من أجل الجمع كشفوا السقف حيث كان ﴾ ( مر 2 : 2 – 4 ) .. هنا نتكلم عن نقطتين هما :
1. روح الخدمة في الرجال الأربعة .
2. هدف المعجزة .
1. روح الخدمة في الرجال الأربعة :
===========================================
ذهب الرجال الأربعة ليسمعوا ربنا يسوع مثل غيرهم ومثل من في البيت لكن كان لديهم روح خدمة وكانوا حريصين على أن يأخذوا معهم شخص لا يستطيع أن يذهب ويريدونه أن يتقابل مع ربنا يسوع .. أرادوا أن يأخذوا معهم إنسان مفلوج .. ومرض الفلج هو الشلل الكلي .. الإنسان المقعد الذي كل أعضاؤه ضامرة .. عضلات الجسد كله ضامرة وغير عاملة .. هذا هو الإنسان المشلول .. أخذوه وحملوه معاً على سريره ليقدموه للمسيح .. هذه هي روح الخدمة التي يجب أن يتحلى بها الإنسان المسيحي الذي لا يريد أن يذهب وحده بل يذهب ومعه أصحابه .. وعندما يذهب ومعه أصحابه لا يفكر في أصحابه الذين إعتادوا الذهاب بل يفكر في أصحابه الذين لا يستطيعون الذهاب .
هذه هي روح الخدمة التي يجب أن يتحلى بها الإنسان المسيحي بنعمة الله .. أن يكون له غيرة وله حب وأمانة نحو سائر إخوته خاصةً الذين لا يستطيعون ولا يعرفون أن يأتوا .. خدمة يطلق عليها الآباء إسم خدمة المفلوجين .. وبالطبع مفلوج بالمعنى الجسدي أن جسده لا يتحرك أما المفلوج بالمعنى الروحي فهو كل نفس لها قيود داخلها تمنعها من الحياة مع الله .. المفلوج بالمعنى الروحي هو شخص لم تتعود رجليه أن تقف للصلاة وليس له يدين إعتادتا أن ترتفعا للصلاة وليس له لسان تعود مباركة الله وتسبيحه وذِكر إسمه – هذا مفلوج روحياً – .. وعندما تسأل نفسك كم مفلوج تعرفهم تجد أنهم كثيرون .. نفوس كثيرة لا تعرف طريق الله وليس بها مخافة الله .. نفوس كثيرة أرجلها لا تعرف طريق الله وليس في قلبها مخافة الله .. نفوس كثيرة مفلوجة لا تستطيع أن تتقدم في طريق الله ولا خطوة واحدة .
لابد أن أشعر في قلبي أن عليَّ مسئولية نحو هذه النفوس .. لا يكفي أن أذهب بمفردي .. لا يكفي أن أهتم بخلاص نفسي وحدي .. كلما ذاقت النفس عذوبة وحلاوة الحياة مع الله كلما شعرت أنها لا تستطيع أن تعيش وحدها معه بل تشتاق أن تقدم له كل يوم نفوس جديدة .. بل تقول مع داود النبي ﴿ ذوقوا وانظروا ما أطيب الرب ﴾ ( مز 34 : 8 ) .. لا تريد أن تترك شخص لم يعرف الله .. لا تترك شخص مازال مُقيد مفلوج ليس بداخله حركة الإشتياق لله .. معلمنا بولس الرسول كان يقول ﴿ من يضعف وأنا لا أضعف من يعثر وأنا لا ألتهب ﴾ ( 2كو 11 : 29 ) .. من أسمع عنه أنه مازال لا يعرف الله ويعيش في عثرة وأنا لا أعثر من أجله ؟! من الذي أشعر أنه يعيش في ضعف وأنا لا أضعف من أجله ؟!
لذلك قال ﴿ صرت لليهود كيهودي لأربح اليهود وللذين تحت الناموس كأني تحت الناموس لأربح الذين تحت الناموس .......... صرت للكل كل شيء لأخلص على كل حالٍ قوماً ﴾ ( 1كو 9 : 20 – 22 ) .. معلمنا بولس الرسول مملوء غيرة حتى أنه قال لنا كلمة صعب جداً فهمها ﴿ كنت أود لو أكون أنا نفسي محروماً من المسيح لأجل إخوتي أنسبائي حسب الجسد ﴾ ( رو 9 : 3 ) .. نستطيع أن نقول أنَّ نفس الكلمة تنطبق على الرجال الأربعة الذين حملوا المفلوج .. كان يمكن لكل واحد منهم أن يقول أنا أريد أن أسمع وحدي أو أن أسمع براحتي .. وحدي أستطيع أن أدخل بسهولة لكن لأننا أربعة ونحمل معنا مفلوج فهذا سيحرمنا من أن نسمع .. لا .. هم قبلوا أن يُحرموا من أن يسمعوا ولكن من أجل عمل أفضل من أن يسمعوا .. يجب أن نهتم بخلاص غيرنا وكما قال بولس الرسول ﴿ لكي نُحضر كل إنسانٍ كاملاً في المسيح يسوع ﴾ ( كو 1 : 28 ) .. نحضر نحن .. المفروض أن نخرج خارج أنفسنا ونسأل عن إخوتنا ونهتم بأن نُحضر للمسيح نفوس جديدة ونهتم بخدمة المفلوجين ونهتم بخدمة الذين ليس لهم أحد يذكرهم .
إهتم بإفتقاد الإخوة .. إهتم بإفتقاد الناس التي أخذها العالم وابتلعها .. إن لم يحمل الإنسان المسيحي في قلبه روح غيرة ومحبة لإخوته يكون هناك خطأ في حياته المسيحية .. الذي عايش المسيح بالفعل لا يستطيع أن يهدأ حتى يأتي بنفوس كثيرة للمسيح .. القديس يوحنا فم الذهب يقول لو قلت أنَّ الشمس لا تضئ أصدقك لكن لو قلت أنَّ المسيحي لا يخدم لن أصدقك .. يريد أن يقول كون الشمس لا تنير فهذا شئ لا يصدقه عقل لكن قد أصدقك .. لكن .. أن تقول لي مسيحي لا يخدم فلن أصدقك أبداً .. لماذا ؟ لأنَّ نور المسيحي أقوى من نور الشمس لأنَّ نوره من نور خالقه الله .. قال الله ﴿ لا يمكن أن تُخفى مدينة موضوعة على جبلٍ ﴾ ( مت 5 : 14) .. كيف تُغطى مدينة كائنة على جبل ؟ هل تغطيها بيدك أو بسِتر ؟ لا يمكن أن تُغطى .. ﴿ ولا يوقدون سراجاً ويضعونه تحت المكيال ﴾ ( مت 5 : 15) .. يريد أن يقول لك أنت مثل مدينة كائنة على جبل تضئ للآخرين بحياتك وسيرتك وسلوكك .
الإنسان المسيحي لابد أن يعيش الخدمة وروح الخدمة .. هؤلاء الرجال الأربعة لم يريدوا أن يذهبوا وحدهم .. لم يشعروا أنهم مسئولين عن أنفسهم وحدهم فقط بل عن الاخرين أيضاً هذه هي الروح التي يجب أن نتحلى بها ونلتزم بها .. ربنا يسوع قال عن نفسه ﴿ كما أنَّ ابن الإنسان لم يأتِ ليُخدم بل ليخدم وليبذل نفسه فدية عن كثيرين ﴾ ( مت 20 : 28 ) .. رأينا ربنا يسوع بشخصه المبارك يجول يصنع خير .. ويشفي كل مرض تسلط عليهم .. يقول الكتاب أنه ﴿ ولما رأى الجموع تحنن عليهم إذ كانوا منزعجين ومنطرحين كعنمٍ لا راعي لها ﴾ ( مت 9 : 36 ) .. الإنسان الذي تذوق حلاوة الحياة مع الله يكون حنون على إخوته وينظر لهم بنظرة حب وحنان وشفقة ويكون غيور على خلاصهم بل وساعي لخلاصهم .. هذه هي الروح المسيحية التي لابد أن تكون فينا إتجاه كل نفس .
إن كنت لا تستطيع أن تُحضر نفوس لله .. إن كنت عاجز عن أن تُعلم فعلى الأقل صلي من أجلهم .. على الأقل قدم لهم نموذج جيد قدوة لهم يجعل قلوبهم تتحرك نحو الله .. مسئولية نحن غير مدركين لها وسُندان عليها .. إن كان ليس لدينا روح خدمة .. الله خلق الإنسان بطاقة حب وطاقة فكر جبارة إن حصر نفسه في نفسه فهو بذلك أول الخاسرين وأول المُتعبين .. أكثر شئ يتعب الإنسان أن لا يهتم سوى بنفسه فقط .. لكن عندما يكون له روح خدمة إتجاه الآخرين تجده يقول ﴿ أحيا لا أنا بل المسيح فيَّ ﴾ ( غل 2 : 20 ) .
يقول القديس يوحنا ذهبي الفم تشبيه رائع عن الكنيسة فيقول أنها جسد المسيح ويأتي بتشبيه من العهد القديم .. وهو عندما سكر أبونا نوح في أحد المرات وتعرى فدخل عليه إبنه كنعان ورآه فتهكم على أبيه وخرج دون أن يستره .. لكن عندما دخل إبنيه سام وحام ورأيا عُري أبيهما أحضرا ملآه ورجعا بظهرهما وسترا أبيهما لكي لا ينظرا عُريه .. وعندما أيقن نوح هذا الموقف لعن كنعان وبارك سام وحام .. يقول القديس يوحنا ذهبي الفم أنَّ الكنيسة هي جسد المسيح وكل جزء في الكنيسة فارغ من المؤمنين هو جزء مُعرى وإن رأيت هذا الجزء المُعرى لابد أن تغطيه ليس بستر بل بمؤمنين تُحضرهم للكنيسة لأنَّ حضورهم هو الذي يستر الكنيسة .. إذاً عليك أمرين مهمين أولهما إنك لابد أن تأتي أنت بنفسك لئلا تكون متسبب في العُري وهذا أصعب لأنك المُتسبب .. وثانيهما أنه إن وجدت جزء مُعرى فكَّر في إخوتك لكي تأتي بهم لتستر الكنيسة جسد المسيح وتنال بركة .. لذلك لابد أن تتعامل مع الكنيسة على أنها جسد المسيح التي هي حريصة على أن تكون ممتلئة وفرحة ومتهللة بجماعة المُصليين والمُسبحين لأنَّ الله يحب جمهور المُعيدين لذلك لابد أن تشعر بروح المسئولية ليس نحو نفسك فقط بل ونحو الآخرين أيضاً .
اليوم نتعلم روح الخدمة من الرجال الأربعة الذين حملوا المفلوج وإن كانوا قد حُرموا من سماع كلمة الله .. نتعلم روح الخدمة والبذل وتقديم الآخرين عن أنفسنا .. الإنسان الذي يحب أن يقدم غيره عن نفسه يريد أن يتمتع الآخرين بالله مثله ولا يكون هناك شخص محروم من عِشرة الله الحلوة .
هؤلاء الرجال الأربعة عندما ذهبوا إلى المسيح وجدوا أنه من الصعب الوصول إليه .. لم يرجعوا بل فكروا كيف يتغلبوا على هذه العقبة .. الذي له روح الخدمة يغلب العوائق وليس الزحام هو الذي يجعله يتراجع عن روح الخدمة .. الإنسان الذي به روح الخدمة لا يعطلها أي عوائق .. مادام القلب مملوء بحب الله والنفس مملوءة بالغيرة إذاً لن توجد عوائق لهذه الخدمة .
2. هدف المعجزة :
======================
كل الناس تتخيل أنَّ هدف المعجزة أن يتلامس هذا المفلوج مع المسيح ويُشفى من مرضه .. وربما هذا الهدف هو الذي كان في هؤلاء الرجال الأربعة أيضاً .. ﴿ وبعدما نقبوه دلوا السرير الذي كان المفلوج مُضجعاً عليه فلما رأى يسوع إيمانهم قال للمفلوج يا بُني مغفورة لك خطاياك ﴾ ( مر 2 : 4 – 5 ) .. لم يتوقعوا من يسوع أن يقول له تلك العبارة بل توقعوا أن يقول له قم إحمل سريرك وامشِ .. توقعوا أن يقول له أنت برئت قم مُعافى لكن لم يتوقعوا أن يقول له مغفورة لك خطاياك .. بالطبع كان هناك قوم من الكتبة وقالوا ﴿ لماذا يتكلم هذا هكذا بتجاديف ﴾ ( مر 2 : 7 ) ؟ أي ما معنى إنسان يقول مغفورة لك خطاياك .. ما سلطانه على غفران الخطايا ؟ ﴿ من يقدر أن يغفر خطايا إلا الله وحده فللوقت شعر يسوع بروحه أنهم يفكرون هكذا في أنفسهم فقال لهم لماذا تفكرون بهذا في قلوبكم أيُّما أيسر أن يُقال للمفلوج مغفورة لك خطاياك أم أن يُقال قم واحمل سريرك وامشِ ﴾ ( مر 2 : 7 – 9 ) .. أنتم في أذهانكم أيهما أيسر أن أُقيمه من سريره أم أن أغفر له خطاياه ؟ أراد أن يقول لهم إقامته من سريره أمر سهل جداً لكن الأصعب هو مغفرة الخطايا .. ﴿ ولكن لكي تعلموا أنَّ لابن الإنسان سلطاناً على الأرض أن يغفر الخطايا ﴾ ( مر 2 : 10) .. أريد أن أُعلمكم أمر مهم جداً وهو أنَّ مغفرة الخطايا أهم جداً من أنه يكون مفلوج .. كون أنه يكون مفلوج ويظل بمرضه أو لا يظل بمرضه فهذا أمر لا يشغل ربنا يسوع بقدر ما يشغله غفران الخطايا .. لذلك قال له ﴿ لك أقول قم واحمل سريرك واذهب إلى بيتك ....... حتى بُهت الجميع ومجدوا الله ﴾ ( مر 2 : 11 – 12) .
هدف المعجزة هنا هو خلاص النفس .. لو نظرنا إلى كل المعجزات التي صنعها ربنا يسوع نجد أنَّ هدفه ليس أن يجمع الجموع ويصنع المعجزة لكي يفتخر بصنعها ويظهر أنه رجل عجائب .. لا .. لم يكن هذا هدفه .. لم يكن هدفه أن يأخذ الجموع إلى الجبل ويعلمهم لكي يمضي الوقت ويجوعوا فيطعمهم ويُقال عنه أنه أشبعهم .. لا .. ما من معجزة عملها إلاَّ وهدفها إعلان لاهوته .. إلاَّ وهدفها خلاص النفس وهذا أروع وأجمل من مجرد أكل وشرب وشفاء مرض .
أروع معجزة يصنعها فينا ربنا يسوع أن نتلامس معها هي توبتنا .. إختبارنا الشخصي كل يوم بغفرانه لنا .. غفران ربنا يسوع أجمل من شفاء مفلوج لذلك كوننا نقف عند هذا الحد نكون قد أخلينا ربنا يسوع من جوهره الإلهي .. عندما يأتي إنسان ليتعامل مع ربنا يسوع لمجرد أنه يشفيه أو يحل له مشكلة فهذا الأمر يجعل نظرته ضعيفة جداً وقليلة عن ربنا يسوع لكن يجب أن نتخطى ذلك بكثير لكي نتلامس معه كإله ونتذوق منه غفران خطايانا وأن نعرف كيف نمجده لأنه صنع معنا أمر عظيم في حياتنا .. أجمل وأعظم معجزة يصنعها فينا أن نتغير إلى تلك الصورة عينها .. أعظم معجزة يصنعها فينا الله أنه يعطينا نفسه على المذبح مأكل ومشرب حقيقي لكي يثبتنا فيه ويثبت هو فينا .. أعظم معجزة يعملها الله فينا هي التوبة ونعمة مغفرة الخطايا .
أحياناً الناس وخاصةً في جيلنا يتعلقون بالمعجزات .. كثيرون يقرأون معجزات البابا كيرلس وأبونا عبد المسيح المناهري وأبونا يسى و ..... ويتركون الكتاب المقدس .. كثيرون فكرهم نحو المسيح أنه يحل فقط المشاكل في حين أنَّ هدف ربنا يسوع نحونا غير ذلك .. هدفه توبتنا وخلاص أنفسنا .. لذلك ما من معجزة صنعها ربنا يسوع إلا وكشف لنا هذا الجانب .. الجموع التي أكلت من الخبز وشبعت وأشبعها فرحت .. وقالوا لقد أشبعنا لنظل سائرين معه حتى لا نجوع لكنه قال لهم أنتم مخطئون أنا لست ساحر أطعمكم وأشبعكم .. لا .. ﴿ اعملوا لا للطعام البائد بل للطعام الباقي للحياة الأبدية ﴾ ( يو 6 : 27 ) .. أعطاهم فكر إلهي فكر عن خلاص أنفسهم .
عندما ننظر لمعجزة صيد السمك التي عملها مع بطرس الرسول .. قال له ﴿ ابعد إلى العمق ﴾ ( لو 5 : 4 ) .. قال له بطرس ﴿ قد تعبنا الليل كله ولم نأخذ شيئاً ولكن على كلمتك أُلقي الشبكة ﴾ ( لو 5 : 5 ) .. هل الذي تعب الليل كله ولم يصطاد شىء الآن يقول له ربنا يسوع أدخل للعمق ؟ ودخل بطرس للعمق واصطاد سمك كثير جداً حتى كادت السفينة أن تغرق فإستعان بسفينة يعقوب ويوحنا التي هي أيضاً كادت أن تغرق من غزارة الصيد والشباك كانت تتخرق من كثرة الصيد .. هل إنتهت المعجزة إلى هذا الهدف أنَّ المسيح جعلهم يصطادون سمك كثير ؟ .. لا .. ليس هذا هدف المعجزة بل هدفها أعظم بكثير وهو أنَّ بطرس سجد لربنا يسوع وقال له ﴿ اخرج من سفينتي يارب لأني رجل خاطئ ﴾ ( لو 5 : 8 ) .. إذاً المعجزة هدفها خلاص النفس وتبرير الإنسان ومن هنا تحول من سمعان إلى بطرس ومن صياد سمك إلى صياد الناس .. وهنا مجد المعجزة .
صعب أن نرغب في السير وراء المعجزة لأجل المعجزة مثل اليهود الذين قالوا له نريد أن نرى آية .. نريد معجزة .. كثيراً ما يطلب الإنسان معجزة من أجل أطماع شخصية أو أهداف أرضية أو من أجل تأمين حياة .. في حين أنَّ هذا ليس هدف ربنا يسوع مع النفس .. والعجيب أنه عندما نرى عمل المسيح المعجزة مع بطرس نجد الكتاب بعدها يقول ﴿ تركوا كل شيءٍ وتبعوه ﴾ ( لو 5 : 11) .. إذاً ماذا عن السمك يا معلمنا بطرس ولمن تتركه ؟ يقول الأمر الآن أصبح ليس صيد سمك كثير الأمر أكبر من ذلك بكثير .. الأمر في الذي أعطاني السمك .. هل يليق أن أتمسك بالسمك وأترك الذي أعطاني إياه ؟
هكذا اليوم مع المفلوج ربنا يسوع قال له ﴿ قم واحمل سريرك واذهب إلى بيتك ﴾ .. هل أفكر في الذي قال هذه العبارة ومن هو وما هي قدرته ؟ إذاً يجب أن أكون قد تلامست مع الله وعندما أتلامس معه أتبعه أينما يمضي .. ربنا يسوع لا يحب أن يظهر معنا في حياتنا في شكل أمر يعطي إندهاش للنفس أو يصنع عمل عجائبي أي مثلاً يصعد أعلى الجبل ويُلقي نفسه فتأتي الملائكة وتحمله .. لا .. هذا فكر شيطان لذلك هو لم يسمح لهذا الفكر وقال له ﴿ لا تجرب الرب إلهك ﴾ ( لو 4 : 12) .. في حين أنه قادر أن يصعد إلى جناح الهيكل ويُلقي نفسه ولا يُؤذى .. هو قادر .. لكن يقول لماذا وما هدف ذلك ؟ أي معجزة أصنعها لابد أن يكون هدفها توبة النفس وخلاصها وإعلان مجد لاهوتي في النفس وفي أولادي ووسط الكنيسة .
لذلك يجب أن لا نطلب أمور تحقق إيماننا لأن إيماننا أكبر من كل الأمور المرئية .. أنا لست منتظر معجزة لأعرف أنَّ إلهي هو الإله الحقيقي .. لا .. أنا إيماني أقوى بكثير من كل ما هو مرئي .. أنا أؤمن به داخل قلبي ونفسي وعقلي أنه قادر ومقتدر وأكبر دليل يعلن لي أنَّ إلهي قادر ومُقتدر أنه يغفر لي خطاياي وأنه يعدني بالحياة الأبدية وأنه يعطيني مجد ألوهيته في داخلي وأنه خلقني على صورته ومثاله – هذا أكبر مجد – لكن كون أنَّ هناك أمور أخرى أتعلق بها .. أقول لك أنت بذلك لم تفهم هدف المسيح من صنع أي معجزة .. إن كان المفلوج أول كلمة قالها له هي مغفورة لك خطاياك ثم بعد ذلك قال له قم إحمل سريرك وامشِ إذاً الأهم من شفاء الجسد هو شفاء مرض النفس .
قد يسمح الله كثيراً بأمراض للجسد لكيما تكون شفاء للنفس .. قد يسمح الله للإنسان أن يُحرم من بعض الأمور الأرضية من أجل اقتناء ما هو أهم وهو الأمور السماوية فنجد أنه قد يسمح لأبرار وقديسين أن يتألموا في الجسد ويُصابوا بأمراض ومع ذلك يقول أنَّ هدف الله من الإنسان هو خلاص نفسه .. أهم بكثير من بعض آلام في الجسد بل قد تكون آلام الجسد سبب بركة للنفس والروح .. لذلك هدف المعجزة في فكر المسيح وفي فكر الإنجيل هو تغيير الإنسان وتوبة الإنسان وليس مجرد فعل ظاهري .
الله الذي تحنن على المفلوج يتحنن علينا ويقول كلمة الخلاص لكل نفس أنَّ مغفورة لك خطاياك لنقوم ونحمل سريرنا ولا يعود سلطان المرض يغلب علينا بل نقوم ونمجد ذاك الذي أعطانا السلطان والمجد وشفانا .
ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته
له المجد دائماً أبدياً آمين
قوة الحق عند القديس يوحنا المعمدان
فِى بِداية السنة القبطيّة الكنيسة تُعيّد بِتذكار القديس العظيم يوحنا المعمدان ، لِذلك قصدت الكنيسة أنّ أول إِسبوع مِن السنة القبطيّة يُقرأ فيهِ فصل مِن إِنجيل مُعلّمنا لوقا الّذى يقول " أنّهُ ليس أحد فِى مواليد النساء أعظم مِن يوحنا المعمدان "
القديس يوحنا المعمدان تجمّع فِى شخصيتهُ أمور كثيرة :
+ الحُب لله + التقوى وحياة البِر
+ حياة الخفاء + حياة الوحدة والنُسك
ومع هذا كُلّهُ إِلاّ أنّ القديس يوحنا يتميّز بأمور عديدة أُخرى ، سوف نأخُذ منها حاجة واحدة فقط لأنّ الكلام عن يوحنا المعمدان كثير وجميل ، مِن الحاجات التّى تجذِب الإِنتباه فِى شخصيّة يوحنا المعمدان هى :
قوة الحق :
القديس يوحنا المعمدان قد لا يطيق أن يرى الشر وكان يُوبّخ المُتهاونين بِقوّة ، وكان يُنادىِ بالتوبة للجميع ، وكان صوتهُ قوىِ ، لِذلك قيل عنهُ " صوت صارِخ فِى البرّيّة "
مِن المُميّزات الشخصيّة لدى القديس يوحنا أنّهُ كان صوتهُ قوىِ ، فعندما يُوبّخ كان يُوبّخ بإِنتهار وبِجبروت فكانت الناس تهابه
وظهرت قوّة الحق عِند القديس يوحنا المعمدان فِى الموقف الّذى تسبّب فِى إِستشهادهُ ، إِنّهُ سمع أنّ الملك هيرودس تزوّج مِن إِمرأة أخيهِ وهذهِ مِن الأمور المحظورة ولمْ يستطع أحد أبداً أن يفتح فمهُ أمام هيرودس ، لكِن القديس يوحنا وجدناهُ يصرُخ فِى هيرودس بِنفَس القوّة التّى تعوّدناها منهُ أنّهُ لا يحِلّ لك أن تتخِذّ هيروديّا إِمرأة أخيك زوجة لك
مِن أين تأتىِ قوّة الحق :
==================================================
قوّة الحق لا تأتىِ إِلاّ مِن قناعة داخِليّة نابعة مِن داخِل الإِنسان 0
لا تأتىِ إِلاّ لمّا يكون الإِنسان عايشها 0
يجب أن يكون الإِنسان مُرتبِط بِها 0
يجب أن يكون الإِنسان شاهِد لها أولاً فِى داخِل نفسه 0 لِذلك لا تجِد إِنسان بيحِب الحق إِلاّ وأن يكون هو عايش الحق 0
لِذلك نجِد مِن ضِمن ألقاب السيّد المسيح أنّهُ قال عن نفسهِ " أنا هو الطريق والحق00" ، وأيضاً السيّد المسيح قال " أنّهُ مِن علامات مجيئه هى أن تعرِفون الحق والحق يُحرّركُم " ، بِمعنى إِذا أنتُم عِشتُم مع المسيح هتعرفوا الحق وساعِتها الحق هيحرّركُم 0
معرِفة الحق وحياة الحق هو جُزء مِن تكوين الإِنسان الروحىِ ، الإِنسان الّذى يعيش مع ربنا يكون قوىِ وحُجّتهُ قويّة ويكون ثابت كالصخرة والتهديدات لا تنفع معهُ 0
قوّة الحق داخِل الإِنسان تجعل الحق يشهِد لنفسه وتجعلهُ إِنسان قوىِ جبّار مِن داخلهُ ولا يستطيع أحد أن يُثنيه عن حُبّه للحق أو عن حياة الحق الّتى يعيشها 0
حياة الحق وسلوك الحق تجعِل مِن الإِنسان فِى إِحترام وتقدير مِن الجميع ، قيل عن هيرودس بالنسبة لموقفهِ مِن يوحنا المعمدان أنّهُ كان يهابه 0
لو تنظُر للقديس يوحنا المعمدان تجِدهُ منظر مُحتقر ، إِنسان عايش فِى البرّيّة لابِس وبر الإِبِل لكِن عِنده مهابة ، المهابة هذهِ مِن داخلهُ لأنّهُ عايش الحق ومُقتنع بهِ ، ومِن قوّة الحق المُعلنه بِداخلهُ
أحد القديسين يقول عنهُ " أنّهُ فضلّ أن يكون بِلا رأس عن أن يكون بِلا ضمير " ، وأيضاً التقليد يقول " أنّ بعدما قُطِعت رأس يوحنا صرخت وقالت أنّهُ لا يحِلّ لك أن تأخُذ هيروديّا إِمرأة أخيك زوجة لك " هذهِ شِهادة حق قويّة
كان مُمكِن القديس يوحنا يتنازل عن رأيهُ فِى هذا الموقف مِن أجل حياتهُ ، لكِن لا00فضّل الموت عن أن يكون بِلا ضمير
الإِنسان المُتمسّك بالحق تجِد عِندهُ مبادىء قويّة أساسيّة لا يستطيع أن يتنازل عنها ، لا يتقلّب ولا يتغيّر ولا يتراجع ولا يخاف أبداً ، عِندما يكون الإِنسان عايش مِن داخلهُ الصِعاب فلا يخاف مِن الصعب لأنّهُ عايش هذهِ الحياة ولا يخاف 0
لكِن الخوف مِن إِنسان يُحِب أن يُدلّل نفسه ، الخوف على الإِنسان الّذى يعيش حياة الإِستهتار مِن الداخِل ، هذا عِندما يُمتحن فِى الخارِج يسقُط ، لأنّ الّذى لا يعرِف أن يشهِد للحق أمام نفسه لا يعرِف أن يشهِد للحق مِن خارِج نفسه 0
الّذى لا يستطيع أن يغلِب نفسه مِن الداخِل لا يعرِف أن يغلِب نفسه مِن الخارِج ، الّذى لا يعرِف أن يقف أمام نفسه لا يستطيع أن يقف أمام الناس 0
صوت يوحنا المعمدان صوت يُصّحىِ الضمائر ، صوت يُصّحىِ الكسالى ، صوت يُصّحىِ الناس التّى لا تُحِب الحق وتُحِب الباطِل والظُلمة ، صوت يُبكّت الخُطاه ، صوت يوقظ الضمائر0
لِذلك نحنُ فِى إِحتياج لصوت الحق هذا ، نحنُ فِى إِحتياج لنشهِد للحق بِلا خوف ، مُحتاجين أن يكون عِندنا قوّة القناعة التّى تجعِل الإِنسان لا يُكمِلّ شهواته داخِل نفسه ولكِن يكون مُطاوِع للحق داخِلهُ 0
محتاج الإِنسان أن يقول لِنفسه الأول لا يحِلّ لك ، وقتها يعرِف يتكلّم مع الخارِج ويقول لا يحِلّ لك ، الإِنسان أكثر حاجة تغلِبه هى نفسه ، لِذلك يقول أحد القديسين " تعّود ألاّ يكون لك عدواً إِلاّ ذاتك " ، عايز يقول لا يكون عدو لك إِلاّ ذاتك وتُريد أن تكره إِكره خطيّتك 0
المسيح وصّانا وقال لازِم تُبغِض نِفَسك ، النِفَس التّى تُدلّلِ نفسِها والتّى لا تكره خطيّتها تجِدها عايشة فِى صُلح مع الخطايا بِتاعِتها ، خُذ مِن النِفَس ديّه توانىِ و كسِل وتتغيّر مع كُلّ جيل ومع كُلّ لون وكُلّ مُجتمِع ، تجِدها تعيش هُنا بِشكل وهُناك بِشكل 0
قوّة الحق لمْ تُعلن فِى داخِلها ، لا يعرِف أن يقول لِنفسه لا يحِلّ لك ، الإِنسان مُحتاج أن ينجح أولاً مع نفسه ، لِذلك يقول الإِنسان الّذى يُجاهِد فِى مخدعهُ لا يتعب فِى الخارِج ، الإِنسان الّذى يخاف على نفسه ومركزه وكرامته تجِدهُ يتغِلِب بِسهولة ، إِجعِل كنزك فِى الداخِل0
أيضاً تجِد أنّ السيّد المسيح عِندما لقّب الكنيسة لقّبها " بِعمود الحق وقاعِدتهُ " ، شاهِدة الحق هى الكنيسة ، سفكت دم أولادها مِن أن أجل أن تشهِد للحق ، حق المسيح 0
القديس يوحنا ذهبىّ الفم حكوا لهُ عن أنّ الإِمبراطورة ظلمِت إِمرأة ، نجِدهُ لمْ يسكُت وبّخها وأنذرها وكان شديداً معها ، نجِد الإِمبراطورة أنّها سمعِت مِن يوحنا كلام لمْ تتعّود أن تسمعهُ أبداً ، وقالت مَنْ هذا الّذى يفعِل هكذا معىِ ، قالوا لها هذا البطرك ، فقالت مَنْ هو هذا البطرك ! أنا سوف أؤّذيه ، وأتت بِقرار نفيه 0شِهادة الحق التّى بِداخلهُ عِندهُ إِستعداد أن يتحمِل نفقتها حتى وإِن كانت مؤلِمة وإِن كانت صعبة ، لِدرجة أنّهُ يقول " أنّ كلِمة الحق لمْ تُبقىِ لى أصدقاء " 0
القديس أثناسيوس الرسولىِ نجِدهُ يُدافِع عن الإِيمان بِقوّة رغم أنّ أعداؤه كُتار " آريوس كان مكّار وكان عِندهُ موهِبة فِى الخطابة وكان بيعمل أشعار للناس ويستميلهُم ويُثبّت الإِيمان بِتاعه هو " 00ولمّا يجى أثناسيوس يتكلّم الناس تقول أنّ آريوس صح وأنت خطأ 0
كان مُمكِن أن يقول أنّ آريوس صح ويمشىِ الموضوع ، لكِن قوّة الحق عِندهُ أكبر بكثير مِن أعداؤه ، قوّة الشِهادة بالحق للسيّد المسيح جعلتهُ يُعادىِ كُلّ الناس مِن أجل شِهادتهُ للحق0
ومِن أجل شِهادة أثناسيوس للحق قال عنهُ القديسين " لولا شِهادة أثناسيوس لصار العالم كُلّهُ آريوسياً " ، " الناس قالت العالم ضِدّك يا أثناسيوس قال وأنا ضِدّ العالم " ، الإِنسان الّذى بِداخلهُ شِهادة ضمير صالِحة 00الّذى بِداخلهُ قوّة حق 00تجِدهُ عِندهُ إِستعداد أن يكون ضِدّ العالم 0
لِذلك فِى المزمور الخمسين الّذى نُصلّيه كُلّ يوم نقوله " لأنّك هكذا أحببت الحق " ، القديس عِندما يعيش مع ربنا ويقرّب مِن ربنا نجِدهُ يكتسِب جُرءه وشجاعة ، النِفَس التّى يكون فيها قوّة عمل الله مِن الداخِل لا تعرِف الخوف 0
أمثِلة لِقديسين شهدوا للحق :0
===========================================================
مارِجرجس الّذى وقف أمام المنشور وكان السبب فِى إِستشهاده ، لِشهادتهُ بالحق
القديسة دميانة التّى لعنت الرِسالة وكاتبها وقارئها ، التّى كانت تستميلها إِلى التبخير لأبولّون
القديس إِيليّا النبىِ الّذى وقف أمام آخاب الملك وقال لهُ " حىّ هو الرّبّ أن لا يكون طلّ ولا مطر إِلاّ عِند قولىِ " ، شِهادة للحق ولا يهمّهُ ماذا سوف يفعِل بهِ الملِك
طول ما يوجِد يوحنا وإِيليّا طول ما يوجِد هيرودس وآخاب ، هيرودس وآخاب مُقاوِمين للحق وإِيليّا ويوحنا شُهداء للحق ، نحنُ فِى عالم ومُجتمع يكثُر فيهِ هيرودس وآخاب ويندُر فيهِ إِيليّا ويوحنا
الكنيسة تُريد أن تقول ينبغىِ أن يكون فيكُم إِمتداد للآباء والأنبياء ، ينبغىِ أن يكون فيكُم قوّة حق مُعلنة للكُلّ ، ينبغىِ أن تشهدوا أمام الجميع بالتوبة والخلاص وبِعمل الله
عِندما يتكلّم عن ربنا يسوع المسيح فِى العهد القديم يقول " هوّذا فتايا الّذى أحببتهُ ، حبيبىِ الّذى سُرّت بهِ نفسىِ ، أضع روحىِ عليه لِيُخبِر الأُمم بالحق " 00قال عليهِ أنّهُ يُخرِج الحق إِلى النُصرة وأنّهُ يُخبِر الأُمم بالحق
لِذلك عِندما صلّى ربنا يسوع المسيح فِى الصلاة الوداعيّة قال " قدّسهُم فِى حقّك " ، إِجعلهُم أن يكونوا مُقدّسين للحق
كيف للإِنسان أن يعيش فِى المُجتمع بِدون ما يؤثّر عليه ؟ أن تكون قوّة الحق بِداخلهُ قويّة ، أنا لىِ منهج مُعيّن ، لىِ حياة ، لىِ رجاء ، أنا مُتمسّك بوصايا ، أنا الإِنجيل يحكُمنىِ ، جميل العِبارة التّى قيلت عن دانيال النبىِ " وضعت فِى قلبىِ ألاّ أتنجّس بأطايب المِلك ولا بِخمر مشروبه "
قوّة الحق التّى بِداخِل الإِنسان تجعلهُ غالِب لِنفسه مُتخطّىِ ضعفاته ، هو ده عمل نعمة ربنا التّى تعمل فيهِ
كيف للإِنسان وسط شر كثير أن يكون شمعة تنّور وتُضىء للحق ، بولس الرسول وقف أمام فيلِكس الوالىِ ومكث يتكلّم معهُ عن البِر والدينونة والتعفُفّ وجعل فيلِكس الوالىِ يرتعِد ، شِهادة للحق فِى أى وقت
النِفَس التّى حبّتِ أطماع العالمْ الكثيرة الإِيمان هُنا يضعُف النِفَس عِندما تكون مربوطة بالأرض الإِيمان يضعُف
مُعلّمِنا بولس الرسول قال " حاشا لىِ أن أفتخِر إِلاّ بِصليب ربنا يسوع المسيح " ، إِوعى تِخجِل مِن إِسمك ، أو صليبك ، بل بالعكس أنا لا أستحِق أن أحمِل صليبك ، دا إِنت أعطيتنىِ مجد وكرامة لا أستحِقها
ربنا يُعطينا أن يكون الحق فِى قلوبنا وضمائرنا وعقولنا ، أن نكون مُحبين للحق ، أن نكون أدوات للحق ، نُعلِن الحق فِى كُلّ مكان
ربنا يُكمِلّ نقائصنا ويسنِد كُلّ ضعف فينا بِنعمتهُ
لإِلهنا المجد دائماً أبديا امين
لقاء العذراء بإليصابات
الأحد الثالث من شهر كيهك المبارك وفيه قمة قصد الكنيسة من الإحتفال بهذا الشهر وهو التمهيد للتجسد الإلهي والشركة في حياة التسبيح بربنا يسوع وتمجيد أمنا العذراء .. عرفت السيدة العذراء ببشارة الملاك وهذا كان إنجيل الأسبوع الماضي .. قال لها ﴿ الروح القدس يحل عليكِ وقوة العلي تظللكِ ﴾ ( لو 1 : 35 ) .. أخذت البشارة ثم قال لها ﴿ هوذا أليصابات نسيبتكِ هي أيضاً حبلى بابنٍ في شيخوختها ﴾ ( لو 1 : 36 ) .. هنا الإنجيل يقول ﴿ فقامت مريم في تلك الأيام وذهبت بسرعة إلى الجبال إلى مدينة يهوذا ودخلت بيت زكريا وسلمت على أليصابات ﴾ ( لو 1 : 39 – 40 ) .. العذراء تتمتع بروح إتضاع عالية وروح بذل وخدمة للآخرين عندها إستعداد لتحمل مشقة وسفر وتعب .. لا تنظر إلى ما هو لنفسها بل ما هو للآخر .
درس جميل نتعلمه أن الإنسان لا يشفق على ذاته وكيف يخرج من دائرة الإهتمام بذاته إلى دائرة الإهتمام بالآخرين .. كيف يفكر الإنسان في ألم الآخرين وتعبهم .. من أجمل الأشياء التي نحتاجها أن لا يفكر الإنسان في نفسه ولا ينحصر في إهتماماته ومشاكله ومتاعبه بل لابد أن يرى الآخر عندئذٍ يرى مشاكله تصغر .. عندما ينحصر الإنسان في مشاكله يراها كبيرة فينظر إلى ذاته ويزداد شفقة عليها ويحزن على نفسه ويحاول أن يجعل الآخر يهتم به من أجل ألمه .. لكن أفضل وسيلة للعلاج هي عكس هذا تماماً وهي بدلاً من أن يجعل الآخرين يرون ألمه يرى هو ألم الآخرين .
هكذا فعلت السيدة العذراء وقامت مسرعة وإن كانت أليصابات حبلى فالعذراء أيضاً حبلى .. وإن كانت أليصابات في شيخوخة فالعذراء صبية صغيرة السن لا تتحمل المسئولية عن إمرأة كبيرة .. كان يجب أن الكبير هو الذي يخدم الصغير في هذه الحالة لكن السيدة العذراء عندها روح إتضاع وبذل عالية وهذه الروح هي مدخل حلول الله في النفس .. الله لا يستريح إلا في النفس المتضعة .. لا يستريح ولا يسكن بقوة كما سكن في العذراء إلا إذا كانت النفس على هذا المستوى لأنه إن لم تتحلى النفس بروح الوداعة والخدمة والإتضاع ما كان الله رتب هذا الإختيار للعذراء .
عندما سمعت أليصابات سلام العذراء مريم ﴿ إرتكض الجنين بابتهاجٍ في بطني ﴾ ( لو 1 : 44) .. بعض الترجمات تقول * سجد يوحنا الجنين الصغير * – سجد – وبعض الترجمات تقول * رقص * وكأنه من شدة فرحه قام يهتز .. هذا حضور ربنا يسوع الذي هو محسوس حتى بالنسبة للجنين الذي لم يتكون بعد ولم يكتمل بعد .. حضور المسيح يجب أن يصاحبه فرحة وسجود ومسرة بالروح وابتهاج نفس .. هل عندما أدخل الكنيسة تكون لي نفس البهجة ؟ هل عندما أتقدم للتناول تكون عندي نفس البهجة ونفس المشاعر ؟ هل عندما أقف للصلاة تكون عندي نفس الرنة المفرحة ونغمة الإبتهاج ؟ هذا هو حلول الله .
النفس التي تشعر بحضور الله إحساس الروح لا يسعفها أن تنطق بأي كلمات لكن يجد نفسه قد خرج عن شعوره فيجد جسده يهتز .. وهنا إمتلأت أليصابات من الروح القدس .. العجيب أن الكتاب ذكر لنا إنفعال الجنين قبل إنفعال أليصابات .. ﴿ صرخت بصوتٍ عظيمٍ وقالت ﴾ .. من شدة فرحتها لم تتكلم بطريقة عادية بل صرخت .. الكتاب يعلمنا عن صراخ الملائكة كما يقول قداس القديس إغريغوريوس ﴿ يسبحون ويصوتون ﴾ .. هل الذي يسبح يصوت ؟ يقول نعم من شدة الإنفعال .. هنا أليصابات صرخت بصوت عظيم وقالت ﴿ مباركة أنتِ في النساء ومباركة هي ثمرة بطنِك فمن أين لي هذا أن تأتي أم ربي إليَّ ﴾ ( لو 1 : 42 – 43 ) .. أجمل إعتراف سمعه ربنا يسوع على الأرض .. عندما قال لتلاميذه خاصته في آخر أيامه في قيصرية فيلبس عندما قال ﴿ من يقول الناس إني أنا ﴾ ( مت 16 : 13) .. قالوا إيليا وآخرون أرميا .. فقال لهم ﴿ وأنتم من تقولون إني أنا فأجاب سمعان بطرس وقال أنت هو المسيح إبن الله الحي ﴾ ( مت 16 : 15 – 16) ؟ ربنا يسوع فرح جداً بهذا التصريح وقال له ﴿ طوبى لك يا سمعان بن يونا ﴾ ( مت 16 : 17) .
اليوم أليصابات تقول ﴿ أم ربي ﴾ وهو لم يولد بعد وليس في آخر أيام حياته على الأرض .. لم تراه أليصابات يقيم موتى أو يشفي مرضى أو يعلم لكنه مازال جنين في بطن أمه وتقول * أم ربي * .. ﴿ فمن أين لي هذا أن تأتي أم ربي إليَّ ﴾ .. جيد أن تكون السيدة العذراء متضعة جداً وأليصابات متضعة جداً .. العذراء تعطيها الإكرام وأليصابات تعطيها الإكرام لذلك مزمور اليوم يقول ﴿ الرحمة والحق التقيا البر والسلام تلاثما ﴾ ( مز 85 : 10) .. ما هذا ؟ الله يعمل في أبراره لأنهم في النهاية هم الذين يهيئون له طريق الخلاص .. يريد أن يقول لك سأبارك جنس البشر وسآتي منهم وبذلك رحمته تقابلت مع عدله وحقه .
خلال العهد القديم كان هناك صراع بين الحق والعدل .. والرحمة والعدل .. الرحمة تقول خلص الإنسان من رباطاته يكفي أنه مطرود .. والعدل يقول لا الإنسان أجرم ولابد أن يفي الحق .. فماذا يفعل ؟ قال ﴿ يوم تأكل منها موتاً تموت ﴾ ( تك 2 : 17) .. إذاً لابد أن يموت الإنسان .. فمتى تلتقي الرحمة مع العدل ؟ تلتقي في المسيح يسوع وفي خلاصه .. ﴿ فهوذا حين صار صوت سلامِك في أذنيَّ إرتكض الجنين بابتهاجٍ في بطني فطوبى للتي آمنت أن يتم ما قيل لها من قبل الرب ﴾ ( لو 1 : 44 – 45 ) .. الروح القدس أعلم أليصابات بكل السر الإلهي وبكل التدبير الإلهي .. تقول لها طوباكِ .. ما سر طوباوية العذراء ؟ أنها آمنت أن يتم لها ما قيل من قِبَل الرب .
قد تسمع إنسانة أخرى وتقول هذا كلام صعب جداً كلام يفوق العقل .. كيف أكون حبلى ؟ إقنعني هذا مستحيل .. هل تقصد إنسانة أخرى ؟ ﴿ الروح القدس يحل عليكِ ﴾ .. لو حدث ذلك مع إنسانة أخرى قبل العذراء كان يمكن للعذراء أن تصدق لكن عندما تكون هذه الحادثة هي الفريدة على الأرض – الحادثة الوحيدة – لم يوجد مخلوق حدث معه هذا الأمر .. لذلك نحن نصمم أن المسيح مولود لكن غير مخلوق .. ﴿ مولود غير مخلوق ﴾ .. لماذا ؟ لأنه ليس من نتاج زرع بشر لم يوجد رجل تسبب في إيجاده .. فلابد أن يكون إنسان .. كيف ؟ يقول آتي من إمرأة بشر .. لكن أيضاً لابد أن يكون إله .. قال يكون إله لكن لا يأتي بزرع بشر .. فاجتمع فيه الإلهي والإنساني .. إنسان كامل لأنه أخذ جسد من العذراء وإله كامل لأنه أتى من الروح القدس .. من هنا صدقت العذراء هذا الكلام رغم أنه كلام قد نجده نحن الآن كلام صعب إستيعابه .. لو أراد التاريخ أن يعيد نفسه ويكلم فتاة عذراء ويقول لها هذا الكلام لن تصدقه رغم أنه حدث من قبل مع السيدة العذراء .
سمعان الشيخ وهو يترجم النبوة لم يصدق ولم يستطع أن يكتب ﴿ ها العذراء تحبل ﴾ ( أش 7 : 14) .. ولم يرد أن يكتبها وقال سأكون إضحوكة للجميع وواضح أنه قد يوجد خطأ في الترجمة فكتب * ها الفتاة * .. ثم قال * ها إمرأة * لكنه وجد نفسه قد يكون متجاوز للنص .. فقال سأكون وسطي لن أكتب * ها العذراء * أو * ها إمرأة * بل سأكتب * ها الفتاة * وليفهم كلٍ كما يفهم .. كلمة * فتاة * تجعله على الحياد .. سمعان الشيخ لم يستطع أن يستوعب بينما السيدة العذراء إستوعبت لذلك قال الكتاب ﴿ طوبى للتي آمنت أن يتم ما قيل لها من قبل الرب ﴾ .. جيد أن يعيش الإنسان مواعيد الله بسكوت ورعدة .. جيد أن يشعر أن مواعيد الله صادقة وأمينة مهما كانت تبدو مستحيلة أو فائقة عن الإستيعاب البشري لكنها مواعيد حقيقية غير كاذبة .
السيدة العذراء آمنت ولم نراها تجادل كثيراً أو تتكلم كثيراً لم تقل سوى ﴿ كيف يكون هذا ﴾ ( لو 1 : 34 ) .. قال لها الملاك ﴿ الروح القدس يحل عليكِ ﴾ .. ووجدنا إجابتها سريعة كأنه حديث لم يأخذ منها وقت طويل .. حديث به فعل الروح .. قالت ﴿ هوذا أنا أمة الرب ليكن لي كقولك ﴾ ( لو 1 : 38 ) .. لقد صدقت كلام الله لتكن مشيئته ثم وجدناها تفتح صفحة من صفحات قلبها وفكرها وتقول أروع كلمات ينطقها لسان بشر .. فتحت قلبها وأخرجت من كنوزه لأننا ما نعلمه عن السيدة العذراء قليل وكلماتها قليلة جداً بل ومعدودة جداً .. قالت تسبحتها ﴿ تعظم نفسي الرب وتبتهج روحي بالله مخلصي ﴾ ( لو 1 : 46 – 47 ) .. وجدنا أن عندها ذخائر كنوز خرجت في هذه اللحظة .. من أين جاءت ؟ جاءت من نفس قريبة جداً من كلمة الله .
السيدة العذراء كانت دائمة القراءة في الكتاب المقدس .. كان الكتاب محفور في قلبها وفكرها .. لم تقرأ الكتاب لمجرد قراءة للعقل بل قراءة لتهليل الروح .. لم تكن قراءة للمعرفة بل قراءة للفهم والوعي .. الفتاة العذراء البسيطة التي لم تنل قسط من التعليم وجدناها تقول كلمات تفوق تصديق البشر .. الإنسان الذي فيه كلمة الله يبتهج بها فتصعد الكلمات إلى عقله وشفتيه فينطق بها بتلقائية وتدفق .. عندما يقال أن فلان يجيد اللغة الإنجليزية يقال أنه متدفق في اللغة .. السيدة العذراء لديها هذا التدفق في كلمة الإنجيل .. من أين ؟ من أنها كانت دائمة الممارسة فيه .. يدها في الإنجيل دائماً .
فتحت صفحات قلبها واتجهت نحو تسبحة حنة النبية في سفر صموئيل .. وبدأت تردد ما يشبهها ولكن بلسان حالها هي وهذا منهج نتعلمه في صلواتنا .. نجد أن الكنيسة عندما وجدت أن السيدة العذراء فعلت هذا الأمر قالت لنا إن أردتم التسبيح فلتسبحوا بالمزامير .. قولوا تسبحة موسى النبي عندما خرج من أرض مصر في الهوس الأول وقولوا تسبحة الثلاثة فتية في الهوس الثالث و ...... قد يعترض البعض ويقول مالنا نحن والثلاثة فتية ؟ قد يعترض البعض على صلوات الأجبية ويقول لن أصلي بالمزامير بل سأصلي بكلماتي أنا .. نجيبه أن السيدة العذراء سبحت تسبحة حنة ونحن نفعل مثلها .. تقول لك الكنيسة سبح بمزامير 149 ، 150 في الهوس الرابع .. إستخدم المزامير والكتاب في تسابيحك فالسيدة العذراء تكلمك بتسابيح من الكتاب ومن شدة جمال الكلام تجد نفسك تقوله بمشاعرك أنت .. هذه هي العذراء .
تخيل عندما تقرأ في الكتاب وتشبع به تجد نفسك في الصلاة تصلي بكلام الإنجيل وأجمل قصد للإنجيل أن يتحول فينا إلى صلاة لذلك قل له ﴿ إفتح شفتي فيخبر فمي بتسبيحك ﴾ ( مز 51 : 15) .. عندما يرى إنسان مقابلة بين شخصين ويجد في المقابلة تسابيح يعرف أنها مقابلة سماوية ولنرى مقابلة العذراء مع أليصابات .. ثم نرى مقابلاتنا مع بعضنا البعض فيما نتكلم ؟ صعبة جداً مقابلاتنا لأن فكرنا غير مشغول بالله وقلبنا غير مشغول بالإلهيات ولأننا منغمسين في أوجاع الأرض نجد حديثنا كله أرضي .. تجد الناس في مقابلاتها تتكلم في أي شئ في السياسة .. في الغلاء .. في الإقتصاد .. في الرياضة .. لكن كي نتكلم معاً في كلمة الإنجيل نشعر بخزي لأنه ليس داخلنا هذه الأمور .. لماذا ؟ لأن كلمة الله ليست في القلب .. عندما تسكن كلمة الله في القلب يفرح وعندما يفرح نشعر داخلنا أننا لا نستطيع أن نسكت فنتكلم بأقوال الله .. ﴿ إن كان يتكلم أحد فكأقوال الله ﴾ ( 1بط 4 : 11) .. هذه هي العذراء .
جيد عندما تقرأ في سيرة الأنبا أنطونيوس عن مقابلته مع القديس العظيم الأنبا بولا .. وتتخيل ترى ماذا كانا يقولان في مقابلتهما ؟ وتشتاق أن تعرف حديثهما معاً كانا يتكلمان عن عظائم الأمور .. تكلما عن عمل الله مع البشر .. تكلما عن مراحم الله .. تكلما عن خير الله .. تكلما عن عظائم الأمور .. الإنسان الذي يفرح بالله يتكلم بالفرح .. لذلك دائماً يتكلم الإنسان بالأمور التي تشغله ويهتم بها .. دائماً يعبر الإنسان في أحاديثه عن حالته .. قد يذهب البعض إلى مكان معين فنسألهم هل أعجبك المكان ؟ وماذا أعجبك فيه ؟ شخص يقول المكان هادئ .. آخر يقول الطقس جيد .. آخر يقول المكان نظيف .. آخر يقول الناس هناك بهم جفاء .. كل شخص يتكلم عما يهتم به .. إذا لم تكن تعرف كيف تكون واضح مع نفسك لاحظ حديثك ستعرف إهتماماتك من كلامك .. أنظر فيما تتكلم فهذا هو ما يشغل قلبك .. هل تتكلم في الله ؟ تقول لا إذاً لم يشغل الله قلبك إذاً الله ثانوي في حياتك .. تريد أن تعطيه ساعة أو نصف ساعة مجرد إرضاء للضمير أو واجب أو خوف أو عادة عودونا عليها أهلنا .. لكن لا .. لابد أن ينبع الأمر من الأعماق من الداخل .
السيدة العذراء نطقت بهذه الكلمات وهي غير مهيئة لها .. لم تكن تحفظها لتسمعها لأليصابات بل فتحت أعماق قلبها .. هكذا تحاسب نفسك وتقول هذا ما نحاسب أنفسنا عليه لما نفتح أعماق قلوبنا ماذا نقول ؟ لذلك الذي يسبح الله هو قمة بهجة الحياة مع الله .. التسبيح هو أرقى لغة .. أجمل حالة روحية يشتاق لها الإنسان هي التسبيح .. عندما يتهلل الإنسان يرنم .. ﴿ أمسرور أحد فليرتل ﴾ ( يع 5 : 13) .. السيدة العذراء تتكلم ﴿ لأن القدير صنع بي عظائم وإسمه قدوس ورحمته إلى جيل الأجيال للذين يتقونه ﴾ ( لو 1 : 49 – 50 ) .. تتكلم عن عظمة أعمال الله .. ما هي أعمال الله العظيمة في حياتها ؟ أعمال الله العظيمة هل أنا تلامست معها ؟ هل شعرت بعظمة الله في حياتي وبدأت أتكلم عنه أنه قدير ؟ والقدير قدرته أدركتني فصنعت بي عظائم .. هل أتكلم عن الله وأعماله وأترجمها لحياتي أنا وأعمال الله تتحول إلى فرحة لي ؟ هذه هي السيدة العذراء .
السيدة العذراء تعتبر كل أعمال الله لمجدها هي وفرحها هي وتهليلها هي لأن كل ما كتب كتب لتعليمنا وتذكيرنا .. تتكلم عن ﴿ أنزل الأعزاء عن الكراسي ورفع المتضعين أشبع الجياع خيرات وصرف الأغنياء فارغين ﴾ ( لو 1 : 52 – 53 ) .. تعرف قصد الله وتعرف أنه إله المتضعين وأنه لن يستريح فيمن يجلس على الكراسي العالية أو الذين قلوبهم متكبرة لذلك نقول في القداس ﴿ الناظر إلى المتواضعات ﴾ .. * متواضعات * أي المتضعين البسطاء الله ينظر لهم مثل السيدة العذراء وأليصابات .. إنسان بسيط في مظهره لكن داخله حلول الله .. جيد هو الإنسان الذي لا يهتم بمظهره أو بما يقوله الناس عنه .. أترك كل هذا .. الكرامة الحقيقية في إرضاء الله والإرتفاع الحقيقي في سكنى الله .. جيد هو الإنسان الذي يفكر أن الغنى ليس غنى المال بل غنى الأعمال الصالحة كما قال بولس الرسول ﴿ أوصِ الأغنياء في الدهر الحاضر أن لا يستكبروا ولا يلقوا رجاءهم على غير يقينية الغنى بل على الله الحي الذي يمنحنا كل شيءٍ بغنىً للتمتع وأن يصنعوا صلاحاً وأن يكونوا أغنياء في أعمال صالحة ﴾ ( 1تي 6 : 17 – 18) .. السيدة العذراء غنية في الأعمال الصالحة .
تقول ﴿ عضد إسرائيل فتاه ﴾ ( لو 1 : 54 ) .. لأنها تقرأ الكتاب المقدس جيداً تعرف أنه يوجد وقت إفتقاد لإسرائيل ووقت خلاص وزمن مقبول فقالت أنه ذكر رحمته ﴿ كما كلم آباءنا لإبراهيم ونسله إلى الأبد ﴾ ( لو 1 : 55 ) .. هل تعرف أن ما يحدث الآن هو تحقيق نبوات من أيام إبراهيم .. السيدة العذراء رابطه الكتاب كله في فكرها .. نعم هذا هو الإنسان الذي يعي حقيقة الكتاب ويتعامل مع كل جزء منه ببهجة ويعرف القصد منه .. السيدة العذراء تعرف ما هو قصد النبوات وما هو موضوعها ومحورها .. تعرف أن ما يحدث الآن هو تذكر رحمة الله لإسرائيل ونبوات إبراهيم أن بنسله تتبارك جميع قبائل الأرض ونسله قد أتى من العذراء في شخص ربنا يسوع .. جيد أن تقترب من مشاعر السيدة العذراء وكلما إقتربنا إلى مشاعرها كلما شعرنا بقيمة التجسد الإلهي وكلما إقتربنا من التجسد الإلهي كلما عرفنا ماذا يجب أن يكون الإنسان ليستحق حلول الله فيه .
السيدة العذراء نموذج للجنس البشري ونقول عنها في التسبحة أنها ﴿ فخر جنسنا ﴾ .. أجمل ما في جنسنا ولأنها مننا فهي جنسنا .. هي فخرنا أجمل ما في جنسنا .. ربنا حل في إنسانة منا فصار حلول الله ليس في العذراء فقط بل في الجنس البشري كله ومن هنا عرفنا الله الطريق لاستحقاق حلوله فينا .. يقول ﴿ لتكن نفسك كمريم ﴾ .. هل تعرف كيف يحل الله فيك ؟ كن مثل مريم .. ليكن لك روح خدمة واتضاع مثل مريم .. إحفظ الكتاب المقدس واقرأه واسهر معه .. قد أشعر بحزن عندما تهدر الناس الوقت بالساعات أمام تفاهات والكتاب المقدس مغلق .. الناس تتكلم كثيراً وطويلاً دون أن تقول كلمة من الإنجيل .. الناس لا تشعر بفرح بل ومنغمسين في هموم وأحزان لأنه لا يوجد فيهم فرح روحي .. الفرح الروحي يغلب .. إجلس مع إنجيلك .. تجد الناس تئن وتشكو وأنت تسندهم بآية أو موقف أو حادثة .. لماذا ؟ لأن داخلك الكتاب .. ﴿ فم الصديق يتلو الحكمة ولسانه ينطق بالحب ناموس الله في قلبه فلا تتعرقل خطواته ﴾ ( مز 37 : 30 – 31 ) .. هذه هي السيدة العذراء ناموس الله في قلبها .. إفتح إنجيلك واقضي معه أوقات طويلة .
المتنيح أبونا بيشوي كان عندما لا يجلس مع الإنجيل في اليوم ساعتين يكون متضايق وعصبي .. ساعتين وسط إنشغالاته الكثيرة .. فكان ينصح تاسوني أنچيل أن تجلس مع الإنجيل طويلاً لأنه محروم من الجلوس معه ويسألها كم من الوقت جلستِ مع الإنجيل اليوم ؟ تقول له ساعة .. يقول لها قليل جداً إجلسي معه أكثر .. ومنا من رأى إنجيله ولأنه كان كثير القراءة فيه فقد ملأ هوامشه تأملات وعندما إمتلأ أرسله إلى المطبعة ليضيفوا له صفحة بيضاء فارغة بين كل صفحة وصفحة في الإنجيل كي يكتب تأملاته .
هذه هي السيدة العذراء .. وهذه هي كلمة الله التي تهللت بها
التي عندما تفتح قلبها تجد لسانها ينطق بأقوال الله ببساطة وسهولة
ربنا يعطينا أن نستعد في هذه الأيام المقدسة لتجسده وحلوله المبارك فينا
هذا السر العظيم أن يتحد الله بالإنسان وأن يحل فيه
ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته
له المجد دائماً أبدياً آمين
كانت جموع كثيرة تسير معه
إِنجيل هذا الصباح المُبارك يُكلّمنا عن ربنا يسوع المسيح وهو فىِ فترة مُنتصف خدمتهُ ، إِبتدأ يُعلّم ويعمل مُعجزات ويُعرّف أُناس كثيرة جداً عِندها رغبة أن ينظروا مَن هذا ؟ وكُلّما ذهب إِلى مكان زحمه جداً وأُناس كثيرة بعدما سمِعوا كلامهُ أيّنما ذهب ذهبوا وراءهُ ، ربنا يسوع يُعلّم الناس وتسمع ويخرُج يخرُجوا ورائهُ
مِثل لو 14 : 25 " وكان جِموع كثيرة سائرين معهُ " ، كانت الجِموع تذهب معهُ أيّنما ذهب إِلى أى مكان ، وربنا يسوع حبّ أن يُصفّىِ هؤلاء الجِموع ( الجمع الكبير ) ويُعرّفهُم الهدف ، " فالتفت وقال لهُم : إِن كان أحد يأتىِ إِلىّ ولا يُبغض أباهُ وأُمّهُ وامرأتهُ وأولادهُ وإِخوتهُ وأخواتهُ ، حتى نفسَهُ أيضاً ، فلا يَقدرُ أَنْ يكُون لىِ تلميذاً" ( لو 14 : 25 – 27 )
ومِن الّذين سمِعوا هذا الكلام صُدموا ، نحنُ نمشىِ معك وفىِ نفس الوقت نكون فىِ بيوتنا ومع أولادنا ، وأنّ الذى يمشىِ ورائهُ لابُد أن يكون حامل صليب وليس فارغ وإِبتدأ يقول لهُم " ومَنْ مِنْكُم وهو يُريدُ أن يبنىِ بُرجاً لا يجلسُ أوّلاً ويحسبُ النّفقة ، هل عِندهُ ما يلزمُ لِكمالهِ ؟ لئلاّ يضع الأساس ولا يقدِر أنْ يُكمّل " ( لو 14 : 28 – 29 )
إِبتدأ يقول لهُم ليس الأمر هو أن تمشىِ ورائىِ ولكن هذا المشى لهُ حِساب النفقة ، إِحسب التكلفة فىِ مشيّك ورائىِ حتى لا تمشىِ ورائىِ وبعد ذلك تترُكنىِ
جميل جداً أنّ ربنا يسوع المسيح يُريدنا لمّا نسير معهُ يكون ذلك بِشكل صحيح ، وجميل فىِ ربنا يسوع المسيح يُحب أن يرى كيفيّة العمل أكثر مِن شكل العمل ، يُحب أن يرى فىِ داخلنا صوم ، صلاة ، فضيلة ، وهل أنا أسير فِضول أم مِثل الناس أسير أم مبهور بهِ ؟ لِماذا أنا سائر ؟ وما هى الدوافع ؟ ولِماذا أتيت للكنيسة ؟ لِماذا أنا مسيحىِ ؟ وماذا فعلت مِن أجل الكنيسة ؟
" المِلحُ جيّد ولكِن إِذا فسَد المِلحُ ، فبِماذا يُصلَحُ ؟ لا يصلُحُ لأرضٍ ولا لِمزبلةٍ ، فيطرحونهُ خارِجاً 0مَنْ لهُ أُذُنان للسمّع ، فليسمعْ " ، أنتُم سائرين ورائىِ حلو جداً ( مِلح جيّد ) يُصلح ويُعطىِ مذاق ولكن إِذا كان هذا الملح نفسهُ فاسد ( لا يصلُح لأرضٍ ولا مزبلة ) ، لا يُمكن وضعهُ على الأرض ولا على المزبلة ، لأنّ المزبلة يُستفاد منها والملحُ يفسد الأرض والمزبلة ، لا يُمكن لِمكان أن يُرحّب بِهذا المِلح
أنت مِلح لك رِسالة فىِ العالم أن يكون لنا طعم مُميّز لنا تأثير ، تحفظ العالم مِن كُلّ شر ومِن كُلّ دنس ، وربنا يسوع ينظُر للكنيسة وشعبه فيرفع غضبهُ عن مِئات مِن الخطايا ، جميل أن يعرف الإِنسان أنّهُ سائر وراء السيّد المسيح لِماذا ؟
لِيشهد لهُ ، لِيكون لِملكوته إِمتداد على الأرض ، ربنا علّمنا أن يكون لنا هدف ويكون لنا طعم ويختلف عن طعم العالم ، أرسلنا الله حِفظ للعالم ، جميل أن يعرف الإِنسان لِماذا أرسلنا الله إِلى هذا المكان ؟ فىِ عمل ، مدرسة ،
لو الملح لم يصنع دورهُ يكون ملح فاسد ، ملح لا يُملّح هو خادع أرسلنا للعالم حِفظ للعالم مِن الفساد ، القديسين يقولوا " غضب الله يأتىِ لا لِزيادة الشر بل لِقلّة الأشرار"
فىِ سدوم وعمورة ليس كم واحد هالك ولكن كم واحد بار ؟ قيل أنّ الله كان يرفع غضبهُ عن العالم ويُرسل الأمطار ويأتىِ بِفيضان النيل بِصلوات الأنبا بولا
أنا ليس مِثل أهل العالم ، أنا لىِ طعم مُختلف قليل ولكن لهُ تأثير ، لابُد أن أعرف لِماذا أرسلنىِ الله إِلى العالم ؟ ، أرسلنا مِلح وشفاعة وقيمة للعالم ، لِنفرض أنّ فىِ العالم غلاء ، مشاكل ، حرب ، لى دور فىِ الشفاعة والصلاة
الكنيسة تُصلّىِ وتقول " إِرفع يارب الغلاء والوباء وسيف الأعداء " ، تشعُر أنّ لها دور فىِ الشفاعة والحِفظ تشهد للمسيح فىِ وسط العالم ، مِن يشعُر أنّ لهُ دور حول الناس التى لا تعرِف الله ، مِن يأنّ بِداخلهُ مِن أجل إِنسان بعيد عن المسيح ، ولكن المُشكلة أننّا إِنحصرنا فىِ ذواتنا
الله قال لأبونا إِبراهيم " أُباركك وتكون برَكة " أن تكون برَكة " فىِ نسلك تتبارك قبائل الأرض " ، هدف الله أن يعرِف الشروط مِن السير ورائهُ ليس السير كجُزء مِن الحياة والوقت ، لا بل كُلّ أهل بيتك وبل ونِفَسك تكون قبل منّىِ ، أتُريد أن تكون لى تلميذ وتسير ورائىِ ؟ إِجعلنىِ أتقدّم عِن كُلّ عاطفة داخلك وأنا أكون مركز حياتك
أجمل ما فىِ الحياة المسيحيّة حِمل الصليب هو إِنتصار الروح ، سحق الشيطان ، غلبة العالم ، والقديسين يُقسّموا حِمل الصليب إِلى مُستويين :
+ المُستوى الأول : خاص بِك
+ المُستوى الثانىِ : خاص بالسيّد المسيح لأنّ إِسم المسيح دُعىّ علىّ
المُستوى الثانىِ وهذا يُعتبر فىِ حد ذاته صليب " تكونوا مُبغضين مِن الجميع مِن أجل إِسمىِ " ، العالم يكره ويُدبرّ لنا مؤمرات ولا يُعطىِ لنا حقّنا طالما نحنُ نسير بِوصايا المسيح ، ولكن فىِ العالم أنا أبكّتهُ لأنّىِ نور والظُلمة تكره النور ، نُبغض لأنّ لنا رائحة المسيح الذكيّة التى تُظهر الرائحة الكريهة ، الناس التى تعيش فىِ العالم ولا تحمل إِسم السيّد المسيح ، العالم يُمجّدها ويُمجّدها هُم خُطاه مِثل ( الفنانين ، المُغنّيين ، زُناه ، ) كُلّ هؤلاء العالم يُمجّدهُم
ولكن قديس تقىِ العالم يحتقره ويُقللّ مِن شأنهُ ويُهينهُ لأنّ إِكرامنا ليس مِن العالم ولكن نحمل الصليب وإِسأل القديسين والآباء الرُسل كم إِستهتر بِهُم العالم وعذّبهُم
المُستوى الأول ويختلف الصليب مِن شخص إِلى آخر ولكن لنا صليب مُشترك صليب صِراع الأهواء والشهوات والموت والحياة والإِنسان العتيق كصليب خاص بِجسدىِ
مُعلّمنا بولس الرسول يقول " الّذين هُم للمسيح يسوع قد صلبوا ذواتهُم مع الأهواء والشهوات " ، الإِنسان العتيق يُصلب ويموت وأنا أُروضّ جسدىِ لأنّ الّذى يتبع الشهوات لا يستطيع أن يعرِف المسيح " الإِنسان الطبيعىِ لا يفهم ما هو لِروح الله " ، الإِنسان الجديد الّذى أخذتهُ فىِ المعموديّة مِن أجل الحياة " مِن أجلك نُمات كُل النهار "
الإِنسان الّذى يرفُض الصليب الّذى داخل جسدهُ لا يقدر أن يتبعهُ ، الّذى يرفُض الصوم والصلاة رفِض حِمل الصليب ، هُناك صليب لابُد أن أسير بِحُبّهِ وبِحُب وصاياه
مثلما قدّم السيد المسيح ذاتهُ على الصليب وقدّم نفسهُ ذبيحة هكذا نفسىِ وصلواتىِ وأصلُب شهواتىِ ونفسىِ ولِماذا أصلُب نفسى ؟ العالم يصلُبنىِ وأنا أصلُب العالم ، أنا مُسيّطر على العالم ومسرّاته لا تغلبنىِ وأنا غير مشدود لهُ ، لابُد أن يتطّور العالم والذى لا يعيش الصليب ينخدع وينجذب ، عِيش الصليب فالصليب هو جسدك
المُستوى الثالث صليب آخر يُرسلهُ الله مِن الظروف المُحيطة ، واحد مُتضايق بِسبب مرض ، ضيقة ماليّة ، صُلبان يُرسل صليب مُتعب فىِ الأسرة زوجة أو زوج مُتعب بِهذا الصليب تخلُص ، الصليب يُميت الذات يُقوّيك ويسندك ويجعلك دائماً مُحتاج أن تصرُخ للّه ، إِمسك فيهِ ، الله يُحاول أن يُشعرنا بِضعفنا ، الله يعرف أنّ إِماتة الجسد صعبة فيُرسل ضيقة أو صليب تفعل ذلك ، فأصرُخ للّه فيحدُث نفع فىِ حياتىِ ولكن حدث العكس وتذمرّ الإِنسان ورفض الصليب ، كُلّ هذا عدم حمل الصليب ، الإِنسان الرافض الصليب ( مُتمرّد ، صوتهُ عالىِ ، رافض مَن حولهُ وشاعر أنّ حياته سلسلة مِن الآلام ، يُحاول الإِنتقام لِنفسهُ )
قيل عن ربنا يسوع المسيح " قاتلاً العداوة بِدم صليبهُ " ، الّذى يعيش الصليب يعرِف يقتُل العداوة ، سيّدك حمل الصليب إِفعل مثلهُ ، إِن لم تفعل ذلك لا تستحق السير ورائىِ ، لأنّ السير ورائىِ يكون بِحسب قصدىِ وهواى " لأنّ ليس التلميذ أفضل مِن مُعلّمهِ " ، أُنظر ما حدث لى وقبلت ، الإِنسان الذى يفتح فاه لأعدائه وهو لم يفتح فاه ، سيّدك أُهين وصُلب إِفعل مثلهُ
أحسب النفقة إِبتدأ إِنفق وإِجعل عِندك إِستعداد أن تعرِف كثير عن البُرج حتى يعلو ، كُلّ واحد يبنىِ بُرج واصل إِلى السماء لهُ نفقات مُحتاج إِلى ( صلاة ، صوم ، جِهاد ، محبّة لِربنا وللأعداء ) ، هذهِ هى نفقة بُناء بُرج الحياة ، فلا تكون بخيل لأنّك لو بنيت وليس لك الشياطين يسخروا بك والملائكة تضحك عليّك
السائر وراء المسيح أخذ الشكل أنّهُ سائر مع المسيح ، ما هى النفقة هُنا ؟ نفقة مِن المال والصحة والرحمة ، أهاننىِ أسامحه هذهِ نُقطة فىِ شكلها خِسارة ولكن فىِ الداخل بُناء للبرُج
مِن أجمل الأمور فىِ بُناء البُرج أنسى ماذا فعلت ولكن أتذكّر ما بقى لى ، دائماً أمامهُ ما هو ناقص عِندهُ " أنسى ما هو وراء وأمتد إِلى ما هو قُدّام " ، أنسى كم أنا صومت أو صليت أو سامحت وأفكّر كم سأفعل مرّة أُخرى مِن صوم وصلاة وتسامُح وأرسل شفاعة للسماء مِن القديسين
أنا فقير وغلبان لكن نفسىِ أغلب مُشتاق أكملّ وطالما طلبت تأخُذ ، الحياة مع ربنا لها نفقة والأرض لن تُمطر عطايا ، إِحسب نفقتك مِن كُلّ مجالات حياتك ، تعلّم حياة الترك الكامل ، إِصرف على البُرج السماوىِ ، مهما كان معك مِن ثروة إِصرف على هذا البُرج ، حياة صلاة وتقوى القديسين الّذى جعلوا بُرجهُم حصين مُزيّن بالفضائل بُرج ملىء عطايا
" تُبغض نفِسك " ، هذا البُرج يأخُذ كُلّ طاقتك ، إِسأل نِفسك إِلى أى مرحلة وصل البُرج وأحياناً طويلة يقف لا يزيد ، وأحياناً أشوّههُ وأهدمهُ ولكن زوّد بُرجك وإِحسب النفقة ، المفروض أنّ الإِنسان يُحاول يكون مُدقّق فىِ حياتهُ وتابع المسيح بأى شكل
الله يفرح بالسير ورائهُ ولكن تكون حياة وحدة واحدة ليس منظر فىِ الكنيسة وآخر فىِ المنزل وآخر فىِ الشارع ، لكن الكنيسة فىِ داخلىِ أنا دائماً مشغول بِربنا فىِ الداخل والخارج ، لأنّ الكنيسة لا تعنىِ التركيز فىِ الكنيسة ولكن هى إِمتحان ماذا فعلت طول اليوم خارج الكنيسة
الطالب فىِ الإِمتحان لا يخترع ولكن يكتُب مُحصّلة السنة الدراسيّة ، الإِنسان الذى لهُ حياة مع ربنا فىِ النهار يقف فىِ الكنيسة يشعُر بأنّ فىِ جدوى أو فائدة ، يشعُر بِفرحة روحيّة وإِنسجام فىِ الصلوات والحضور الإِلهىِ
ربنا يسوع ينظُر للجموع السائرة ورائهُ ويقول لهُم الشروط 00لابُد أن تكون معىِ أنا 00تحمل الصليب00تحسب النفقة00وبُرج حياتك الواصل إِلى السماء تُنفق عليهِ مهما كلّفك الأمر لأنّهُ ليس هُناك أهم منهُ
كُن حكيماً فىِ حِساب حياتك لتكُن تلميذ للمسيح ، يا ترى هل الّذين سمِعوا هذا الكلام تركوهُ أم هُناك مِن مشى ورائهُ لأنّ " كلِمة ربنا سيف ذو حدين " تجعلنىِ أميّز القلب والهدف لِماذا أنا معهُ وسائر ورائهُ
ربنا يُعطينا أن نكون تلاميذ حقيقيين لهُ ومِلح لِحفظ العالم ولا نبخل فىِ الإِنفاق على البُرج ونكون أُمناء فىِ حمَل الصليب
ربنا يسند كُلّ ضعف فينا بنعمتهُ
ولإِلهنا المجد دائماً أبدياً آمين
إقامة بن أرملة نايين
لو 7 : 11 – 17 ، آحاد شهر بابه المُبارك ياأحبائىِ تدور حول خط واحد وهو سُلّطان ربنا يسوع على النِفَس البشريّة ، وأقوى نوع فىِ سُلّطانه على النِفَس البشريّة هو " إِقامة الموت " ، والإِنجيل هُنا يتكلّم عن شاب ميّت وربنا يسوع تقدّم ولمِس النعش وقال " أيّهُا الشاب لك أقول قُم "
وأُم هذا الشاب هى سيّدة أرملة أى فقدت زوجها واليوم فقدت إِبنها الوحيد ، وعِندما تفقد إِبنها الوحيد يكون فىِ داخلها حُزن شديد ، مات إِبنها وكفّنوه وكانت مِن العادات فىِ ذلك الحين أنّ المدافن تكون خارج المدينة ، عِند باب المدينة بالضبط
وعِندما كان الناس خارِجون بالشاب الميّت لكى يدفنوهُ وهذا كان موكب صعب جداً ، كان كُلّهُ حُزن وعويل ، وجدنا موكب آخر فيهِ ربنا يسوع وهذا الموكب داخل البلد ، " ذهب معهُ كثيرون مِنْ تلاميذهِ وجَمع كثير " ، كان يسوع فىِ المُقدّمة وتلاميذهُ ورائهُ والسيّدة أيضاً كان معها جمع كثير " وهى أرملة ومعها جمع كثير مِن المدينة "
موكب خارج فيهِ ميّت وموكب داخل فيهِ ربنا يسوع موكب فيهِ موت وموكب فيهِ رئيس الحياة
والموكبين تقابلوا فىِ نُقطة واحدة ، فربنا يسوع وجد السيّدة حزينة حُزن شديد جداً " فتحنّن عليّها وقال لها لا تبكىِ " وأحب أن أتكلّم معكُم فىِ نُقطتين :
(1) تراءف عليّها (2) تقدّم ولمس النعش
ربنا يسوع عِندما يجد الإِنسان بيبكىِ على ميّتهُ يتراءف ويُقيم موتى الخطايا لأنّ إِقامة خاطىء مِن خطيتهُ هى القيامة الحقيقيّة ، فالموت الحقيقىِ هو موت الخطيّة فهو الّذى يجعل الإِنسان يخسر مصيرهُ الأبدى فِعلاً
فالخطيّة هى التى جلبت الموت وهى سبب الموت ، إِذاً الخطيّة هى أقوى مِن الموت ، وسُلّطان ربنا يسوع على الموت هو أن يُقيم الخُطاه مِن موت الخطيّة 0وأبونا فىِ الصلاة يقول " لا تدع موت الخطيّة يقوى علينا ولا على كُلّ شعبك "
فالسيّدة أُم الشاب بِتبكىِ ودموعها بِتجعلها لا ترى مَن أمامها ولكن يسوع لمّا رأها تحنّن وتراءف ، وهُنا لم يكُن أحد قد دعى ربنا يسوع لكى يُقيم هذا الميّت ، ولكن هُنا هو الّذى ذهب ، ذهب بِتدبير لكى يُعطىِ حياة دون أن يطلُب منهُ أحد
ربنا يسوع عِندما يجد نِفَس قد إِجتازها الموت وتسلّط عليّها يتراءف وأحشائهُ فىِ الداخل تتحرّك ، فزكريّا عِندما ولد يوحنا المعمدان قال " بأحشاء رحمة إِلهنا التى بِها إِفتقدنا المُشرق مِن العلاء " ( لو 1 : 78 )
فلم يكُن أحد يقدر أن يطلُب مِن ربنا أن يأتىِ على الأرض ويموت ويُصلب ، ولكن ربنا مِن تحنّنهُِ غُلب ، ولِذلك مَن الذى أقامنا معهُ ؟! تحنّنهُ
فمِن الأمور التى حرّكت تحنّنهِ دِموع أُمّه ألا وهى الكنيسة ( أُمنا ) ، فهى عِندما تجدنا ميتيين بالخطايا تكون حزينة جداً ، لأنّ عِلاقتنا بالكنيسة ليست خارِجيّة ولكنّها داخليّة لأننا أبناء00أبناء00أبناء وبِشفاعة الكنيسة عن أولادها تغلِب تحنُّن ربنا " كما يتراءف الآب على البنين يتراءف الرّبّ على خائفيهِ "
فأنا أقف وأقول لهُ يارب أنا ميّت ، ميّت بِمعنى كلمة ميّت ميّت فاقد الحِس فاقد النُطق ، أنا غير قادر على أن أنحاز للصلاح ، أنا غير قادر أن أنحاز للروحيّات ، عايش فىِ قيود الجسد ، ميّت ، وهُنا الكنيسة تبكىِ عليك وتجلب لك حنان ربنا لكى يقترب إِليك ويُقيمك ، النِفَس الميّتة بالذنوب والخطايا المحمولة على نعش لها رجاء عِند ربنا يسوع ، فما الذى جعل ربنا يسوع يقترب مِن الخُطاه ؟! حنانه ما الذى جعلهُ يتجسّد ؟! حنانه فهو مغلوب مِن تحنّنهُِ
ولِذلك الكِتاب عِندما يذكُر قصة السامرىِ الصالح يقول " ولمّا رآه تحنّن " ، فهذا هو رجاءُنا فىِ ربنا يسوع ، ولِذلك أقول لهُ : يارب تحنّن ، والكنيسة تصرُخ وتقول " أعنّا يا الله مُخلّصنا لأننا قد تمسكنّا جداً " ، فلِكى حنان ربنا يتحرّك أقف أمامهُ مُنكسر ، القلب المُنكسر والمتواضع لا يُرذلهُ الله
فكلِمة " إِرحمنا " تجلب علينا حنان ربنا ، كلِمة " أعنّىِ " ، كلِمة " خلّصنىِ " تجلب عاطفة ربنا المُذخّرة لنا لأننا أولاده ، ولأنّهُ هو ينبوع الحياة ومُعطىِ كُلّ حياة ، فأقف أمامهُ مِثل العشّار الذى وقف مِن بعيد ولم يشأ أن يرفع رأسهُ ، فهذا الوضع يجلب حنان ربنا ، لِدرجة أنّ القديسين يقولوا " أكثروا مِن السجود فىِ الصلاة " ، فالإِنسان الذى يطأ رأسهُ للأرض هو إِنسان يجلِب حنان ربنا ، والكنيسة تقول " إِحنوا رؤوسكُم أمام الرّبّ " ، فإِحناء الرأس هو إِنكسار وخضوع ومذلّة ، فهو يدُل عن إِنسان خجلان مِن ربنا ، ونحنُ بِنخجل مِن خطيتنا أمام ربنا يسوع ينبوع كُلّ حنان فنقف ونحنُ نشعُر بِخزينا وهُنا نأخُذ حنان ربنا ورأفاته
وفىِ موقف إِقامة هذا الشاب لم يوجد أحد قد طلب مِن ربنا يسوع ولكنّهُ هو تحرّك ، وحتى أُمّه لم يذكُر الكِتاب أنّها طلبت مِن ربنا يسوع فحتى ولو الإِنسان فقد أى شفاعة أو حنان مِن المُحيطين بهِ ، فإِنّ شفاعة ربنا يسوع كفيلة بأن تُقيمه ، وحنان ربنا يسوع كفيل أن يُعطىِ حياة للموتى
ونحنُ الأحياء الّذين فىِ موكِب الداخلين ، الإِنسان يسأل نفسه : أنا فىِ أى موكِب ؟! موكِب الحياة أم موكِب الموت ، كُلّ إِنسان فينا بيعمل خطايا هو بيفقد جُزء مِن طريقهُ لأورشليم السمائيّة ، ويسير فىِ الطريق المُضاد
وكُلّ إِنسان بيفعل الصلاح هو يسير فىِ طريقه لأورشليم السمائيّة إِلى أن نتقابل كُلّنا ، فأنا مَن الذى أتبعهُ وفىِ أى موكِب أسير ؟!! نحنُ لنا رجاء فىِ رئيس الحياة وفىِ حنانه لنا ، لنا رجاء حتى ولو كان الموت قد غلبنا
ولِذلك ربنا يسوع قصد أن يذكُر لنا مُعجزة إِقامة ميّت ، لكى يؤكّد لنا أننا حتى ولو كُنّا موتّى فهو قادر أن يُقيمنا ، وبِذلك نقول لهُ : فإِن كان للميّت رجاء فهكذا رجائىِ فيك يارب ، أنا رجائىِ فيك مِثل رجاء الميّت ، حنانك هو الذى يجعلك تقترب إِلىّ
فالموت لهُ سُلّطان ولهُ مهابة ، ولكن يقول الكِتاب " ثُمّ تقدّم ولمِس النعش " فالناس الّذين يحملوهُ وقفوا فقال كلِمة عجيبة " أيّهُا الشاب لك أقول قُم " ، ما هذا ؟!!رئيس الحياة مُتقدّم إِلى الموت يتحداه
الموت مع الحياة إِلتقوا فىِ نُقطة ، وهذا نِفَس ما حدث فىِ الصليب ، لقد تلامس ربّ المجد مع الموت وصار هو والموت فىِ مواجهة فغلِب الموت ، وهُنا عِندما تقدّم ولمِس النعش وقال للشاب لك أقول قُم ، قال " أين شوكتك ياموت ، أين غلبتِك يا هاوية " ، ربنا يسوع لهُ سُلّطان على الموت لأنّهُ هو رئيس الحياة
وكان لِشعب إِسرائيل أن يعبُر نهر الأردُن لكى يدخُل أرض كنعان فقال لهُم أن يجعلوا التابوت يتقدّمهُم ويبعدوا عنهُ ألف ذِراع ، وعِندما فعل الشعب هكذا رجعت المياه إِلى الخلف ، فنهر الأردُن بيرمُز إِلى الموت ، مُستحيل أن ندخُل أورشليم السمائيّة دون أن نعبُر الموت ، فلِكى ندخُل كنعان لابُد أن نعبُر نهر الأردُن ، ولكى لا يبتلعنا الموت ربنا يسوع يتقدّمنا ويجتاز بِنا الموت ، فنحنُ نموت ولكن لا يبتلعنا الموت
وفىِ العهد القديم ربنا غضب على شعب إِسرائيل فعمل وبأ بينّهُم فقتل 70 ألف نِفَس ، فموسى تشفّع عن الشعب ، وهارون أخذ يُبخّر بين الموتى والأحياء فوقف الوبأ ووقف الموت ، وهذا ما فعلهُ ربنا يسوع ، فهو عمل فاصل بين الموت والحياة
فسُلطان ربنا يسوع هو مُمكن أن يكون فىِ كلِمة فقط خارجة مِن فمهِ ، ولِذلك لا تستهن بِكلمة الإِنجيل لأنّها لها قُدرة على إِقامة الموتى ، فأى إِنسان تُقاس قدرتهُ بِكلمتهِ ، وربنا يسوع عِندما يقول لِشخص لك أقول قُم فهذهِ الكلِمة مُقتدرة
والقديس بولس فىِ رسالتهُ إِلى العبرانيين الإِصحاح الأول يقول " حامل كُلّ الأشياء بِكلمة قُدرتهِ" ( عب 1: 2 ) ، هذهِ الكلِمة هى التى مصدر القُدرة والقوّة ، ولِذلك فىِ الكنيسة أى أمر يتم بالكلِمة لأنّ الكلِمة مُقتدرة لأنّها كلِمة بالروح ولها سُلطان ، فأبونا عِندما يقول " وهذا الخُبز يجعلهُ جسداً مُقدّساً لهُ " ، فنجد أنّ الخُبز يتحّول إِلى جسد ، وأيضاً الأب الأسقُف عِندما يضع على واحد يدهُ فإِنّهُ بيجعلهُ شمّاس ، ومِن هذا أخذت الكنيسة سُلطانها بالكلِمة ، فكلِمة الإِنجيل بِتدخُل إِلى داخلىِ وتُعطينىِ حياة ولها إِقتدار فىِ قوّتها
وربنا يسوع فىِ كُلّ سُلطانة فىِ إِقامة الموتى بيُعطىِ علامة حياة ، فأبنة يايرُس عِندما قامت جعلها تأكُل وعِند إِقامة لِعازر ربّ المجد يسوع قال للّموجودين حلّوه ودعوهُ يمضىِ وعِندما أصبح لِعازر يمشىِ صار ذلك علامة حياة والشاب الّذى نتكلّم عنهُ هُنا يقول عنهُ الكِتاب " وإِبتدأ يتكلّمُ "
ربنا يسوع عِندما أحبّ أن يصنع معنا مُعجزة أعطانا الحياة ويتكلّم ولا يستطيع أن يسكُت ، يتكلّم مِن عظمة رحمتهُ معنا ، ولِذلك إِقترن بِكلمتهُ ولو خضعنا لِكلمتهُ فإِنّ كلِمتهُ قادرة أن تُحيينا وتُخلّصنا مِن كُلّ دنس
أنا ضعيف وعِندما أعيش الوصيّة أجد أنّ الكلِمة لها سُلطان ، وأطلُب مِن الكنيسة أن تشفع لىّ وأُقدّم دِموع مِن أجل أخوتىِ وبِذلك نصير كُلّنا بِنشفع فىِ بعض ، ويقول الكِتاب هُنا عن الشاب " فدفعهُ إِلى أُمّهِ " ( لو 7: 15 ) ، أرجعهُ لأُمّهِ
ربنا يسوع بيرّجعنا للكنيسة ، والكنيسة هى المسيح والمسيح هو الكنيسة ، المسيح ترك لنا أحضان الكنيسة لكى نشبع منّها
ربنا يُكملّ نقائصنا ويسند كُلّ ضعف فينا بنعمتهِ ولإِلهنا المجد دائماً أبدياً آمين
معجزة صيد السمك
تقرأ علينا ياأحِبّائِى الكنِيسة فِى هذا الصباح المُبارك إِنجِيل مُقابلة ربنا يسُوع المسِيح مَعَْ بُطرُس الرسُول أسفرت عَنْ تحوّل مُعلّمِنا بُطرُس مِنْ صيَّاد لِلسمك إِلَى صيَّاد لِلنَّاس
وَالمُعجِزة دى ياأحِبَّائِى وَالحادِثة دى مُهِمَّة جِدّاً لأِنَّها كانت بِدايِة تعارُف أربعة مِنْ أهم الآباء الرُسُل على ربِنا يسُوع المسِيح ، الّلِى صاروا أعمدة فِى الكنِيسة المُقدّسة ، لأنّ هُمَّا إِتنين إِخوات وَإِتنين إِخوات تانيين شُركا فِى نَفْسَ المهنة
بُطرُس وَأندراوِس إِتنين إِخوات بِيصطادوا ، لهُم إِتنين شُركا فِى نَفْسَ المهنة الّلِى هُوَ يعقُوب وَيُوحنا ، فَأربعة شُركا بِيصطادوا مَعَْ بعض ، كُلّ يوم رِزقهُمْ مُشترك ، حياتهُمْ مُشتركة ، ربِنا يسُوعَ العارِف قلُوب الجمِيع شايِف فِى الأربعة دول إِستعداد حلو ، شايِف فِيهُمْ قلُوب نقيَّة ، شايِف فِيهُمْ حماس لِعمل الله ، شايِف فِيهُمْ أوانِى طاهِرة ، أوانِى مجد ، فَمستخسرهُمْ إِنَّهُمْ يضيَّعوا حياتهُمْ فِى حكايِة صيد السمك ، فَعايِز يحوّلهُمْ مِنْ حكايِة صيَّادِى سمك إِلَى صيَّادِى ناس
طيِّب تعمِل إيه ياربِى يسُوعَ ؟ حاوِل تروح توعظهُمْ ، حاوِل تروح تكلّمهُمْ ، حاوِل تروح توجِهّهُمْ ، طيِّب إيه المكان المُناسِب لَوْ واحِد يكلِّم واحِد فِى موضُوع مُهِم جِدّاً زى ده ؟ يعنِى روح لهُ بيته ، أوْ يتكلِّم معاه كِده فِى وقت خاص ، يكُون الشخص ده إِلَى حدٍ ما عِنده إِستعداد يِسمع
لكِنْ ربِنا يسُوعَ لهُ إِسلوب تانِى عجِيب مُرتفِع فوق أذهانَّا جِدّاً جِدّاً ، يروح لهُ فِين ؟ يروح لهُ فِى مكان شُغله ، يروح لهُ فِى مكان إِهتماماته ، المكان الّلِى بيقضِى فِيه مُعظم اليوم ، صيد السمك
وَمعرُوف إِنْ الراجِل الّلِى يصطاد سمك ، لمَّا يجِيب السمك على الشاطِىء وَهُوَ لِسَّه على الشاطِىء تُبقى النَّاس مستنياه عشان يبِيع لهُمْ السمك ، وَبعد ما يبِيع السمك يُقعد ينضّف الشِباك بِتاعته وَيعِد نَفْسَه لِتانِى يوم
لمَّا يرّوح بيته فِكره برضُه مشغُول بِإيه ؟ بِالشُغل بِتاعه وَالصيد وَالنهارده كان يوم كويس ، النهاردة مِش كويس ، ربِنا يعوَّضنا بُكره ، ربِنا يخلِّى بُكره زى النهاردة ده لَوْ يوم كويس ، وَهكذا
فَالراجِل طول النَّهار ذِهنه مشغُول بِإيه ؟ بِالشُغل بِتاعه ، عشان كِده نلاقِى إِنْ الإِنسان مِنْ أكتر الحاجات الّلِى تُبقى بؤرِة إِهتماماته أكل العِيش ، وَ لاَ ننسى أبداً إِنْ مُعلّمِنا بُطرُس الرسُول كان رجُل مُتزوِج ، وَكانت حماته تحيا معهُ ، فَكان عليه أعباء
طيِّب ربِنا يسُوعَ لمّا يحِب يدخُل لِلإِنسان يدخُل لهُ مِنين ؟ مِنْ موضِع إِهتمامه ، شوف المكان الّلِى الإِنسان بِيهتم بِه إيه ؟ وَإيه الحاجة الّلِى سحبه ذِهن الإِنسان وَتفكيره واخدُه مِنّه ، مُعظم طاقته وَمُعظم فِكره رايِح فِى المكان ده ، ربِنا يسُوع يدخُل مِنّه
فَنلاقيه يِجِى لواحده زى السامريَّة مِنْ خلال الموضُوع الّلِى شاغِلها إِنْ لها خمسة أزواج ، يروح لِمتى العشَّار فِى مكان الجِباية ، نلاقِى ربِنا يسُوعَ كُلّ إِنسان يحاوِل إِنْ هُوَ يتخاطِب معهُ بِالأسلُوب الّلى الأسلُوب ده بِالنسبة لِلإِنسان هُوَ مُفتاح شخصيته
فَمُفتاح شخصيَّة مُعلّمِنا بُطرُس هى إيه ؟ حكايِة صيد السمك ، ياما ربِنا يُبقى عايِز يكلّمنا وَمِش عارِف ، فيُقعد يفكّر عَنْ إِسلُوب مُناسِب يكلّمنا بِه أوْ يتعامِل معانا بِه ، تملِّى يتعامِل مَعَْ كُلّ واحِد فِينا مِنْ موضِع إِهتماماته
فكتير جِدّاً ربِنا يكلّمنا مِنْ خلال أشغالنا ، أوْ يكلّمنا مِنْ خلال أولادنا ، أوْ يكلّمنا مِنْ خلال أمر شاغِل بالنا جِدّاً ، فكُلّ إِنسان مَثَلاً مُحِب لِلعالم تلاقِى ربِنا يكلّمه مِنْ خلال العالم ، كُلّ إِنسان مُحِب لِلمال تلاقِى ربِنا يكلّمه مِنْ خلال المال ، الإِنسان المُحِب جِدّاً لِلمال ، المال نَفْسَه يقوله أنا زائِل ، المال نَفْسَه بِيقوله أنا مُتغيِّر ، المال نَفْسَه يقوله لاَ تضع ثِقتك فىَّ لأِنْ زى ما إِنت شايِف كِده أنا ضعِيف ، فَتَملِّى ربِنا كِده يخلِّى الإِنسان يتعلّم مِنْ خلال حياته اليوميَّة
الإِنسان الشهوانِى يلاقِى الشهوة نَفْسَها بِتقوله أنا مِش حا أشبّعك ، يلاقِى الشهوة نَفْسَها بِتقوله حا تخرُج مِنْ عندِى أكثر عطشاً ، حا يلاقِى الشهوة نَفْسَها بِيتعامِل معاها بِزهق وَملل وَقرف ، ليه ؟ أهو ربِنا عايِز يعلّمنا مِنْ خلال نِقاط ضعفِنا
طيِّب ربِنا يسُوعَ شايِف إِنْ مُعلّمِنا بُطرُس الرسُول كُلّ حياته محورها صيد سمك ، يقوله خلاص أدخُل له مِنْ خِلال صيد السمك ، زى كِده لمَّا يُبقى فِى كِده بندول الساعة عمَّال يلِف يلِف لكِنْ هُوَ متركِّز فِين ؟ فِى نُقطة
إِحنا حياتنا أحياناً تُبقى متركِّزة فِى نُقطة ، بس بِنُبقى بِندور حوالِيها ، أهو ربِنا عايِز يدخُل لِنا مِنْ خلال النُقطة دى
راح ربِنا يسُوعَ المسِيح على شاطِىء البحر ، لقى النَّاس كتير متجمّعة ، النَّاس متجمعِين ليه ؟ يشتروا سمك ، طيِّب وَالمراكِب جاية ، إِستنى يسُوعَ مَعَْ النَّاس وَالمراكِب جاية ، المراكِب جات فاضية ، وَالنَّاس هاجِت ، النَّاس الّلِى راكبِين مراكِب مكشرين ، وَالنَّاس الّلِى حا يشتروا سمك دول مِش حا يشتروا سمك عشان يكلوه لاَ ده حا يتاجروا فِيه ، يعنِى ده كُلّ النَّاس ديّت الموضُوع مُرتبِط بِإيه ؟ بِأكل العِيش بِتاعهُمْ ، فَالنَّاس كُلّهُمْ فِى حالة مِنْ الإِحباط سواء الّلِى جايين مِنْ رحلِة الصيد الفاشلة أوْ الّلِى واقفِين على الشط وَمشتروش سمك ، لأِنْ هى كمان كِده النهاردة مِش حا يشتغلُوا
أمَّا الواحِد يُبقى مهيأ نَفْسَه إِنْ هُوَ النهارده يشترِى شوية وَيبيعهُمْ وَيكسب فِيهُمْ أد كِده وَيلاقِى الموضُوع رسِى على مفِيش يلاقِى نَفْسَه إِيه ؟ تِعِب ، وَالنَّاس ديّت عايشة خُبزنا كفافنا ، يعنِى كُلّ يوم بِيومه ، كُلّ رِزق يوم بِيومه ، فَهُوَ يعنِى النهاردة لمّا يُبقى مفِيش دى حاجة صعبة عليهُمْ
طيِّب الجو ده كُلّه ربِنا يسُوعَ المسِيح يعمِل فِيه إيه بقى ؟ قالَكَ عايِز الحقّ يعنِى ، أنا الّلِى عامِل كُلّ الحكاية دى ، أنا الّلِى أمرت إِنْ السمك يهرِب مِنْ البحر فِى هذا الوقت عشان خاطِر أنا عايِز النَّاس دى كُلّها تُقعد تسمعنِى
يروح قايِل لِبُطرُس يعنِى بعد إِذنك طب مُمكِنْ أدخُل جوا السفينة بتاعتك وَأكلِّم النَّاس دى ؟ يكلِّم مِين ؟ يكلِّم النَّاس المُحبطة دى ، آه عايِز أتكلّم معاهُمْ شوية ، دخل ربنا يسُوعَ المسِيح علشان خاطِر يعنِى يتكلِّم مِنها
يقولَكَ [ فَدَخَلَ إِحدى السَّفينتينِ الَّتِى كانت لِسمعانَ ] ( لو 5 : 3 ) وَقال لهُ [ أنْ يُبْعِدَ قلِيلاً عَنْ الْبرِّ ثُمّ جلسَ وَصَارَ يُعلِّمُ الجُمُوعَ مِنَ السفِينةِ ] ( لو 5 : 3 ) ، يبدو إِنّه وقت مُش مُناسِب ، يبدو المكان مُش مُناسِب ، شاطىء بحر لاَ وقت مُناسِب وَ لاَ مكان مُناسِب وَ لاَ حالِة النَّاس النَفْسيَّة مُناسبة ، وَ لاَ إِنت يارب تعرف نوعيَّة النَّاس دى ، دى تشكِيله ، دى تشكِيله ، إِنت تعرف الأشخاص دى منين ؟ رُبما تكُون تعرف واحِد وَلاّ إتنين وَلاّ تلاتة لكِنْ كُلّ النَّاس الّلِى قاعدة دى وَإِلاّ كُلّ النَّاس الّلِى واقفة دى تعرفهُمْ مِنين ؟
صعد يُعلِّم مِنْ السفِينة ، إِبتدا النَّاس – مُتخيِّل كِده – إِنّهُمْ قاعدِين يسمعوه مفِيش وَ لاَ واحِد مِنهُمْ مركِّز معاه ، هُمّا قاعدِين يسمعوه كُلّ واحِد سرحان فِى إيه ؟ فِى همّه ، كُلّ واحِد سرحان حا يرّوح إِزاى بيته فاضِى ، كُلّ واحِد سرحان فِى إِيه ؟ سرحان فِى فشله ، كُلّ واحِد إيه ؟ مضايِق ، مفِيش حد مركِّز معاه
إِبتدا يسُوع يستمِر فِى الكلام ، إِبتدا واحِد ينصِت ، الّلِى بعده ينصِت ، إِبتديت المجموعة كُلّها تنصِت بِما فِيهُمْ مِين ؟ بُطرُس ، بعد ما بُطرُس كان مقعّد يسُوع فِى السفِينة بِتاعته لكِنْ دِماغه مِش معاه أبداً ، أهو إِحنا أحياناً كِده ، أحياناً نبتدِى فِى حياتنا مَعَْ ربِنا مِش مركِّزِين ، أحياناً نبتدِى فِى صلواتنا مِش مَعَْ ربِنا ، أحياناً نقرا الإِنجِيل وَإِحنا مِش مَعَْ الإِنجِيل ، أحياناً طيِّب أحياناً أتعلّل أنا ، أتعلّل أنا ليه مِش مركِّز ؟ أقول أصل أنا مشغُول بِحاجات كتير ، فِى حاجات كتير جِدّاً ، حاجات كتير
ده ياما النَّاس تقولّك مِنْ أكبر الحاجات يا أبونا الّلِى أسرح فِيها فِى الصلاة الّلِى تكُون الحاجات المُقلِقة جِدّاً وَالحاجات الّلِى أنا مشغُول بِها جِدّاً ، الّلِى أحياناً مفكرش بِه أبداً وَتكُون حاجات مُهِمّة قوِى تجِيلِى بِالذات وقت الصلاة وَتجِيلِى بِالذات وقت قرايِة الكِتاب المُقدّس ، الهموم وَالأحزان وَالإِحتياجات وَالفشل وَالسرحان كُلّه يِجِى ، يمكِن الواحِد لمّا يكُون بِيعمِل أىّ عمل تانِى يُبقى مركِّز فِيه ، إِنشا الله حتَّى يكُون بِيتفرّج على التلِيفزيُون يُبقى مركِّز وَفاهِم الأحداث دى رايحة فِين وَجاية مِنين ، وَيحكِى لَكَ الكلام
طيِّب إِذا كان واحِد مَعَْ التلِيفزيُون مركِّز ، إِشمعنى الصلاة ؟ يقولّك لأ الصلاة لها حربها ، كتير مِنّنا بِنُبقى قاعدِين مَعَْ ربِنا يسُوعَ لكِنْ قلبِنا وَذِهنِنا مِش معاه ، طيِّب وَبعدِين ؟ ربِنا يسُوعَ ما يسبناش يستمِر فِى الكلام يستمِر فِى الكلام ، لِغاية لمّا يبتدِى يلاقِى كِده القلب وَالذِهن يتسحِب معاه
جرّب كِده جرّب إِنْ إِنت تثبُت فِى صلاة كُنت بادِيها بِطياشة ، جرّب إِنْ إِنت تقاوِم أفكار الملل وَالضجر الّلِى تجِيلك أثناء صلاة القُدّاس ، جرّب إِنْ إِنت تثبُت فِى الإِنجِيل حتَّى لَوْ كُنت إِنت مِش فاهِم ، جرّب جرّب إِنْ إِنت لاَ تستسلِم لأفكار عدم الفهم ، جرّب إِنْ إِنت يكُون لَكَ فِى الحياة مُثابرة
جرّب وَإِعلم إِنْ كُلّ شيء هُوَ مِنْ صُنع إِيده ، يعنِى الرِحلة الفاشلة بِتاعِت رِحلِة الصيد بِتاعِت مُعلّمِنا بُطرُس مِنْ صُنع إِيد ربِنا ليه ؟ أصل أقولّك على حاجة ، لَوْ كان بُطرُس إِصطاد سمك كتير وَجابه على الشط وَالنَّاس قعدِت تبِيع وَتشترِى وَتفاصِل وَده ياخُد أكتر مِنْ ده ، وَده ياخُد أكتر مِنْ ده ، وَبُطرُس مشغُول لِلبيع ، فِكرك كان يسُوعَ علِّم ؟
طيِّب لَوْ كان وقف يعلِّم كان حد وقف يسمعه ؟ محدِش وقف ، محدِش فاضِى له ، إيه الّلِى واقِف يعلِّم ده إِحنا عايزِين نشتغل ، أحياناً ربِنا يحرّك الأمور علشان هُوَ يدخُل ، أحياناً ربِنا يستخدِم فشل مِنْ أجل نجاح ، أحياناً ربِنا يستخدِم ضعف مِنْ أجل قوّة ، أحياناً ربِنا يضعنِى فِى ضِيقة مِنْ أجل إِنْ أنا ألجأ إِليه ، أحياناً ربِنا يخلِينِى أعرف إِزاى لاَ أتكِل على ذاتِى وَ لاَ قُدراتِى وَ لاَ خبراتِى علشان خاطِر ألقِى بِكُلّ رجائِى عليه
فيقولِى أدِى كُلّ خبرتك فِى الصيد منفعِتش ، وَأدِى كُلّ إِجتهاداتك ، وَأدِى كُلّ سهرك منفعش ، عشان كِده مُعلّمِنا بُطرُس لمّا قعد يسمع الكلام قلبه إِنجذب ، قلبه إِتاخِد ، إِتسحب ، ياما كِده الواحِد يبتدِى كِده بِسرحان لكِنْ يبتدِى كِده هوَّ آية تسحبه ، كلمة تخبط جوه قلبه ، كلمة تجيبه ، كلمة تصطاده ، أتارِى إِنت يارب يسُوعَ المسِيح بدل لمّا كُلّ النَّاس دى صيَّادِين وَشُغلِتهُمْ تِجارِة السمك ، إِنت الصيَّاد الماهِر الّلِى تعرف إِزاى تصطاد النِفُوس
إِذا كُنت إِنت بِتخلِّى الراجِل الصيَّاد ده يعرف يصطاد سمك ، السمك الّلِى لاَ يعرف وَ لاَ يفهم تعرف إِزاى تقوده لِلشباك ، فكيف أنت خالِق الكُلّ تعرف أنْ تقُود العقول وَالقلُوب وَأنت جابِلها وَعارِفها وَفاحِصها
فعرف يجذِب إِليه فإِصطاد ربِنا يسُوعَ المسِيح فِى الشبكة بِتاعته كُلّ النَّاس الّلِى كانِت موجودة ، لِدرجِة إِنّه لمّا ربِنا يسُوع المسِيح لقى النَّاس مُنجذِبة جِدّاً لِتعليمه فحب إِنْ هُوَ يختتِم تعلِيمه أمامهُمْ جمِيعاً بِشيء عملِى
سِمعوا عجبهُمْ الكلام حبُّوا ربِنا حبُّوا كلامه حبُّوا تعالِيمه قال بس لاَ يكفِى ، أنا عايزهُمْ يشوفوا ، فبصَّينا لقينا بيقُول لِمُعلّمِنا بُطرُس [ إِبْعُدْ إِلَى العُمقِ ] ( لو 5 : 4 ) ، فعايز يقوله هُوَ إِنت مِش كُنت واقِف على الشط وَإِنت شايفنِى وَأنا جاى فاضِى ، أدخُل تانِى لِلعُمق وَالنَّهار طلع وَإِنت عارِف كويس إِنْ السمك ما يتجمّعش فِى النَّهار ، لمّا الشمس تطلع خلاص السمك يهرب
قاله [ إِبْعُدْ إِلَى العُمقِ ] ، بصَّينا لقينا بُطرُس بيقوله [ قَدْ تعِبنا الليل كُلّهُ وَلَمْ نَأخُذْ شيئاً ] ( لو 5 : 5 ) ، إِنت مِش واخِد بالك وَإِلاّ إيه ، إِحنا قلبنّاها شمال وَيمين الليل كُلّه ، ياما الإِنسان يا أحِبّائِى يضع فشله أمام الله وَكأن إِنْ خلاص مفِيش فايدة ، أحياناً الإِنسان بِيُبقى وصل لِنُقطة يأس مُعيّنة وَأكِنَّه بِيقُول لِربِنا مفيش فايدة ، أحياناً أُعلِن لِربِنا إِنْ أنا أكِن أنا عارِف أكتر مِنّه أوْ فاهِم أكتر مِنّه وَالحِجّة الّلِى أقولها قُدّامه إِنْ أنا تعِبت الليل كُلّه وَلَمْ أصطاد شيء
فَعايِز أقوله خلاص مِش مُمكِن أضِيف إِلَى فشلِى فشل جدِيد ، مِش مُمكِن أجرّب تجرُبة جدِيدة وَأخرُج مِنها بِفشل أزعل أكتر ، بدل لمّا فشلت مرّة أفشل مرّتين ، [ قَدْ تعِبنا الليل كُلّه وَلَمْ نأخُذْ شيئاً ] ، أحياناً يا أحِبَّائِى ده بِيُبقى حالنا ، حالنا إِنْ إِحنا مُحبطِين ، حالنا إِنْ إِحنا حاسين إِنْ مفيش رجا مِنْ حياتنا ، لاَ قادرِين نخلُص ، لاَ قادرِين نتوب ، لاَ قادرِين نتغيَّر ، حالنا زى ما هُوَ ، الخطايا هى هى
ياما واحِد يِجِى يعترِف يقولّك يا أبونا لَوْ فِى recorder أسجِل لَكَ الإِعتراف بِتاعِى بحيث كُلّ مرّة أقوله هُوَ هُوَ كُنت مُمكِن أجِيب لَكَ ألـ recorder ، هُوَ نَفْسَ الكلام [ قَدْ تعِبنا الليل كُلّه وَلَمْ نَأخُذْ شيئاً ] ، مفيش فايدة
أقولّك دى أفكار يأس ، أقولّك طالما إِنت بِتضع ضعفاتك ديّت أمام ضابِط الكُلّ ، خالِق الكُلّ خلاص ما تقلقش ليه ؟ لأِنْ كلِمة مِنّه تكفِى ، أمر مِنّه يكفِى ، لأِنّهُ قادِر لأِنّهُ هُوَ القدِير ، لأِنْ هُوَ المُخلِّص الّلِى يصنع عظائِم ، وَقَدْ كان
بُناءاً على الكلام الّلِى سِمعه مُعلّمِنا بُطرُس الرسُول وَجذب قلبه قاله [ إِبْعُدْ إِلَى الْعُمقِ ] ، لقيناه مِش قادِر يتكلِّم ، فقال طيِّب أنا ها أدخُل بس إِرضاءاً لِكلِمتك ، كرامة لَكَ ، أنا مِش عايِز أزعلك ، لكِنْ يعنِى [ على كلِمتك أُلقِى الشبكة ] ( لو 5 : 5 )
جمِيل يا أحِبَّائِى إِنْ إِحنا فِى جِهادنا مَعَْ ربِنا نتكِل على كلِمته ، جمِيل جِدّاً لمّا الإِنسان يجاهِد ، يجاهِد بِكلِمة الله ، ما أجمل إِنْ الإِنسان وَهُوَ واقِف قُدّام ربِنا فِى أىّ حالة كانِت يكلِّم ربِنا بِكلامه ، ما أجمل إِنْ أنا أتكلِّم مَعَْ ربِنا وَأقوله " أنت قُلت " " أنت قُلت " " أنت وعدت "
ما أجمل إِنْ أنا أخُد آية مِنْ ربِنا وَأعتبرها وعد مِنّه وَأتمسّك بِه ، تخيَّل إِنت كِده لمّا واحِد ياخُد وعد مِنْ واحِد مُهِم إِنْ هُوَ مثلاً حا يديله وظِيفة وَ لاّ يشغّله وَ لاّ يعمِل معاه كذا وَ لاّ كذا ، تخيَّل إِنت كِده لمّا واحِد يدِى واحِد كِده وعد بِحاجة مُهِمّة زى كِده ، يقوله خلاص إِنت وعدتنِى ، إِنت قُلت لىَّ
أهو أنا المفرُوض أخُد مواعِيد ربِنا ديّت وَزى ما تعلّمنا الكنِيسة وَتقُول إِنْ [ مواعِيده الحقيقيَّة غير الكاذِبة ] ، إِنت قُلت إِنت قُلت يارب انت أمرت إِنت قُلت [ على كلِمتك أُلقِى الشبكة ] إِنت قُلت [ وَعاضِد الصِّدِّيقِينَ الرّبُّ ] ( مز 37 : 17 ) إِنت قُلت كِده إِنت قُلت [ الرّبّ فادِى نِفُوس عبيده وَكُلّ مَنَ إِتكل عليه لاَ يُعاقبُ ] ( مز 34 : 22 ) إِنت قُلت إِنت قُلت أنا على كلِمتك أُلقِى الشبكة أقوله [ إِقترِبْ إِلَى نَفْسِى فُكّه ] ( مز 69 : 18 ) وَأقوله [ فرِّح نَفْسَ عبدك] ( 86 : 4 ) أقوله
إِتكلِّم مَعَْ ربِنا بِمواعِيده ، إيه رأيك لمّا إِنت تتكلّم مَعَْ ربِنا بِآيات مِنْ عِنده ، على كلِمتك على كلِمتك إِنت قُلت [ أتُرِيدُ أنْ تبرأ ؟ ] ( يو 5 : 6 ) وَأنا أقولّك [ أُرِيد يا سيِّد ] إِنت قُلت وَأنا بِأقولّك
ما أجمل إنْ أنا أكلِّم ربِنا بِكلامه ، ما أجمل إِنْ أنا أفكّره بِأحكامه ، ما أجمل إِنْ أنا أفكّره بِمواعِيده لىَّ ، علشان كِده هِنا يقوله إيه [ على كلِمتك ]
صدّقونِى يا أحِبَّائِى كُلّ جِهاد لِينا خارِج جِهاد قوَّة كلِمة الإِنجِيل جِهاد ضعِيف باطِل ، عايِز تشعُر فِعلاً إِنْ إِنت بِتتكلِّم كلام قانونِى ، وَعاوِز تشعُر إِنْ كلامك كلام مقبُول لدى الله ، إِتكلِّم بِكلامه
ما أجمل كلِمات أرميا النبِي لمّا كان يقُول لِربِنا كِده [ أبرّ أنت يارب مِنْ أنْ أُخاصِمك] ، إِذا كُنت حا أكلّمك حا أكلّمك بِأحكامك إِنت ، يعنِى إيه بِأحكامك ؟ عارِف لمّا يِجِى واحِد كِده مُتهم وَيتكلِّم يقُول " أنا عارِف إِنْ مهما إِتكلّمت مِش حا تسمعونِى لكِنْ أنا حا أكلّمكُمْ بِالقانُون ، أنا حا أجِيب لكُمْ مواد القانُون الّلِى تثبت براءتى "
[ أبرّ أنت ياربُّ مِنْ أنْ أُخاصِمك ] ( أر 12 : 1 ) ، جمِيل جِدّاًَ إِنْ الإِنسان يكلِّم ر بِنا مِنْ جِهة أحكامه ، [ على كلِمتك أُلقِى الشبكة ] ، إِجعل جِهادك جِهاد كلِمة الله ، إِجعل جِهادك مسنُود بِكلِمة ربِنا ، معمول بِكلِمة ربِنا ، له قوَّة فِعل كلِمة ربِنا ، وَكلِمة ربِنا محمولة بِقوّة ، هى نَفْسَها تحمِل قوّة فِى داخِلها ، تسنِد وَتجِد بِها قوَّة وَدالَّة فِى التنفِيذ ، هى نَفْسَها حاملة قوَّة ، هى نَفْسَها حيَّة
[ على كلِمتك أُلقِى الشبكة ] ، فَراح بُطرُس خد المركِب بِتاعته وَدخل لِلعُمق وَألقى ، بس خلِّى بالكُمْ يقُول إيه [ ألقى الشبكة ] ، هُوَ فِى الحقيقة المركِب بِتاعِت بُطرُس أولاً كان معاه إتنين تانِى شُركا ، بس لأِنّهُمْ مِش مصدقين قوِى حكايِة إِنْ هُمّا يدخلوا يصطادوا دخّلوا مركِب واحدة بس عشان خاطِر ربِنا يسُوعَ ما يزعلش ، مدخلوش المركبتين ، وَلمّا بُطرُس دخل بِمركِب واحدة ما ألقاش كُلّ الشبك ، ألقى إيه ؟ شبكة واحدة ، قال مفيش داعِى نفرِد كُلّ الشِباك ، خلّيها واحدة عشان ننزِّلها شوية وَنطلّعها فاضية ، نطلع له تانِى نقوله مفيش
يا دوب نزِّل واحدة لقى الحكاية إيه مِش مصدّق روحه ، بِتتقل وَهُوَ مِنْ خِبرته معاه الصيَّاد مَعَْ إِنّه يهِز بس الشبكة كِده ، يلمِسها يفهم هى فِيها إيه ، فايهِز مِش مصدّق ، قال يمكِن يكُون كِده متعلّقة فِى صخرة وَإِلاّ حاجة ، مِش مصدّق ، يسحب أكتر يشعُر إِنْ فِى جوه حركِة حياة ، مِش حاجة صمَّاء ، لأ دى حركِة حياة ، يسحب أكتر يشوف المنظر بقى ، فِيض مِنْ السمك الكتير ، فيقوا عملوا إيه ؟ نادوا لِلجماعة الّلِى على الشط قالوا تعالوا ساعدونا ، تعالوا ده الصيد كتير جِدّاً ، تعالوا
فنادوا لهُمْ يقُول كِده [ فَصَارتْ شَبَكَتُهُمْ تتخرَّقُ فَأشارُوا إِلَى شُركائِهمُ الَّذِينَ فِى السفينةِ الأُخرى أنْ يأتُوا وَيُسَاعِدُوهُمْ ] ( لو 5 : 6 – 7 ) ليه ؟ لأِنْ هُمّا ما كانوش إِتحرّكوا لِسّه هِناك ، [ فَأتوا وَمَلأُوا السفينتينِ ] ( لو 5 : 7 ) ، يعنِى واضِح إِنْ السفينة التانية لمّا إِبتدِت تِيجِى لهُمْ ربِنا كتّر الصيد أكتر لِدرجِة إِنْ خلاّ السفينتين يتملوا [ حتَّى أخَذَتَا فِي الْغَرَقِ ] ( لو 5 : 7 )
إيه الّلِى عايزِين نقوله هِنا ؟ عايِز أقولّك إِنْ ربِنا هيديك على قدر سعيك ، على قدر إِيمانك ، على قدر جِهادك ، إِبتديت معاه بسيِط بِشبكة واحدة هيديك برضه بس هيديك بسيِط ، إِبتديت معاه بِكُلّ شبكك بِالسفينتين هيديك أكتر وَأكتر وَأكتر
يقولّك إِفتح فمك وَأنا أملأه ، ربِنا يسُوعَ لمّا يأمُر بِشيء عايزك تعمِله بِإِيمان ، عايزك تصدّق كلامه ، تصدّق مواعِيده ، ما تُبقاش بِترمِى الشبكة وَإِنت مهزوز ، وَإِلاّ وَإِنت مِش واثِق ، لأ [ على كلِمتك أُلقِى الشبكة ] ، يأمُر السمك يأمُر السمك ، يجمّعه يجمّعه ، يجِيب لهُمْ أسماك البِحار وَالمُحِيطات ، ما هُوَ ضابِط الكُلّ [ البِحار وَالأنَّهار وَالينابِيع وَكُلّ ما فِيها ] ، كُلّ ما فِيها رهن إشارتة ، كُلّ السمك يتجّمع هِنا يتجّمع ، على اليمين على اليمين ، على الشمال على الشمال
ما أجمل عملك معايا يارب لمّا أثِق فِى كلِمتك وَأطيع أمرك ، وَلَوْ كُنت حتَّى متردِّد وَأبتدِى أنّفِذ الآية وَلَوْ بِضعف لكِنْ إِنت حا تبتدِى تملانِى قوَّة عشان أنّفِذها بِأكتر قوَّة ، عشان أخُد كُلّ القوَّة
ربِنا عايزك تصدّق آية ، يقولّك آية صدّقها ، مِش قادِر أصدّقها ، يقولّك طب إِبتدِى خطوة إِبتدِى خطوة يِجِى واحِد يقولّك مثلاً آية [ تُحِبُّ قرِيبك كَنَفْسِكَ ] ( مت 22 : 39 ) ، أحِب النَّاس زى نَفْسِى ! أنا بحِب نَفْسِى قوِى ، طب إِبتدِى بس إِبتدِى ، إِبتدِى إِعمِل إيه دخّل سفينة واحدة بلاش سفينتين ، طب يعنِى ألقِى إيه شبكة واحدة !!
إِعمِل بس جُزء ، إِبتدِى قدِّم حُب قليل تبُص تلاقيك مسكت ثمر كتير ، لمّا مسكت ثمر كتير إِبتديت إيه تنّزِل كُلّ شِباكك ، بعدما إِبتديت تنّزِل شِباكك كُلّها إِبتديت تعمِل إيه تجِيب غيرك وَتقول لهُمْ تعالوا ، تعالوا معايا أنا وجدت صيد كتير ، أنا سفينتِى حا تغرِق مِنْ كُتر الصيد
زى ما ربِنا يقُول كِده أنا هديكُمْ نِعم حتَّى تقولوا [ كفانا كفانا ] ، إِبتدِى نّفِذ وصيَّة كِده وَشوف كمية الفرحة الّلِى تدِب جوه قلبك
فرح الصيد يا أحِبَّائِى ده فرح لاَ يُعبَّر عنّه ، لَوْ جِبنا راجِل مليونير مليونير يعنِى كنُوز الدُنيا دى تحت رجليه وَقعّدته يصطاد وَمِسك سمكة كميَّة الفرحة الّلِى تدخُل جوه قلبه كبيرة جِدّاً ، لِدرجِة يقولوا إِنْ مِنْ ضِمن الخطوط العِلاجيَّة لِبعض الأمراض إِنّه يخلِّى المرِيض يروح يصطاد ليه ؟ يقولّك عشان عايزِين نفرّح الراجِل ده ، فَعشان نفرّحه ننصحه بِوقت مُعيّن يقعُد يصطاد ، وَهُوَ قاعِد فِى وسط كِده ما هُوَ مهموم وَمُحبط وَيائِس وَمضايق يصطاد يحُط الصِنَّارة يطلّعها يلاقِى سمكة ، يا سلام عِلاج الدُنيا ، إيه ده لُون مِنْ ألوان العِلاج
أهو ربِنا يسُوعَ عاوِز يقولّك كِده ، إِنت ليه بِتفرح بِالصيد ؟ يقولّك أصل دى ما بتعبش فِيها قوِى ، حاجة كِده جاية لى مِنْ عند ربِنا ، حاجة ملهاش أىّ قواعِد ، مُمكِنْ ترمِى عشر مرّات مرّة تيِجِى كده يعنِى ، معتمِدة كتير جِدّاً على الحظ
صيد السمك ده أمر متعلّق تماماً بِيد الله ، فَربِنا حب يجِيب ولاده مِنْ هذِهِ الفِئة الّلِى كُلّ يوم بِيتعاملوا مَعَْ إيه ؟ مَعَْ إِيد ربِنا مُباشرةً ، يقولّهُمْ أنا الرازِق تماماً مفهاش أىّ شطارة ، مفهاش أىّ زكاوة هى كِده ، ربِنا عايِز يدِى يدِى مِش عايِز يدِى ما يدِيش ، فَيملا السُفن كُلّها
ربِنا عايزنِى أبتدِى بِقدر بسِيط وَهُوَ يفيض علىَّ لِغاية لمّا أقوله كِفاية يارب أنا قلبِى لَمْ يحتمِل هذِهِ الفرحة ، أحياناً ربِنا يدِى الإِنسان فرحة الّلِى يعيش فِى وصاياه يقُول كِده إِنَّها فرحة تفُوق فرحِة الوجُود فِى الفردُوس
تعالى كِده جرّب مرّة تصلِّى بِالإِحساس ده وَجرّب كِده تقرا الإِنجِيل بِالإِحساس ده تلاقِى دبِت فِى قلبك فرحة زى فرحِة أبونا آدم وَهُوَ فِى حضرِة الله فِى الفردُوس ، طب لمّا السفينة إِتملِت رِجعوا بقى لِلشاطِىء وجدوا مين ؟ وجدوا يسُوعَ ، طيِّب وَبعدين ؟ أوِل حاجة عملوها مَعَْ يسُوعَ عملوا إيه ؟ يقولّك على بُطرُس إِنّه سجد لهُ [ فَلّما رأى سِمعانُ بُطرُسُ ذلِكَ خَرَّ عِندَ رُكْبتيْ يَسُوعَ قائِلاً أُخرُجْ مِنْ سفِينتِي ياربُّ لأِنِّي رَجُلٌ خَاطِىءٌ ] ( لو 5 : 8 )
إيه ده ؟ إِبتدى يعرف إِنْ الّلِى كان بِيكلِّمه ده مِش مُجرّد مُعلِّم ، مِش مُجرّد كلام لطِيف كان بيقوله ، لاَ ده كلام وَعمل ، ده كلام مُقتدر ، ده كلام محمول بِقوَّة ، فَإِبتدا رصِيد إِيمانه بِربِنا يزِيد
إِحنا محتاجين البُعد ده يا أحِبَّائِى ، أنا أحياناً كتير بأُعجب بِكلِمة الإِنجِيل ، بحِبها ، حلوة كلِمة جمِيلة ، مُمكِن تشكلِّى لُون مِنْ ألوان الإِشباع العقلِى ، مُمكِن مُمكِن أأقرا آية ألاقيها لذِيذة ، لطِيفة ، حلو جمِيل قوِى
[ حِب عدوّك ] ، جمِيلة ياسلام هُوَ فِى أجمل مِنْ كِده كلام ، يقولّك خلِّى بالك عجبِتك نّفِذ بقى ، إِلقِى الشبكة ، صعب ألقِى الشبكة دى مِش أدّاها ، أقولّك معلِش إِعمل بقى على أدّك ، أعمِل على أدِّى ، أوِل لمّا أحِب غيرِى وَبِالذات عدوِّى شوف الفرحة الّلِى تيِجِى لَكَ وَشوف الثمر الّلِى تصطاده ، طب بعد ما تصطاد الثمر ده تعمِل إيه ؟ أسجُد له ، أرّجع له الفضل ، ياما ننِجح فِى حياتنا بس ما نرّجعش النجاح له ، ياما نفشل ثُمّ ننجح وَننسى نسجُد له
المفرُوض إِنْ أنا فشلت ، طب نجحت ، أعمِل إيه ؟ أعرف إِنْ سِر النجاح هُوَ ، لأ أحياناً أرّجع النجاح ده لِكبريائِى ، لِذاتِى ، لِغرورِى ، لِخبرتِى ، أقول أصل أنا صِبرت وَالّلِى يصبُر ينول ، أصل كُلّهُم يئسوا لكِنْ أنا مايأستِش ، أنا راجِل مُثابِر
أقولّك لاَ لاَ لاَ لاَ المفرُوض إِنْ إِنت تحُط رجاءك ده كُلّه فين ؟ فِيه هُوَ ، تتكِل على مين ؟ تتكِل عليه هُوَ ، أدِى الإِنسان الّلِى عايِش فِعلاً مسنُود على كلِمة ربِنا ، يفرح بِثمر ربِنا
يقولّك [ مِنْ تعب يديه يرى وَيفرح ] ، مِنْ تعب يديه ! عشان كِده النتيجة الطبيعيَّة لِنا إِحنا أحِبَّائِى إِنْ إِحنا نعمِل إيه ؟ إِنْ إِحنا لمّا ربِنا يدِينا النِعمة دى إِنْ إِحنا نعمِل إيه ؟ نسجُد لهُ ، [ خَرَّ عِندَ رُكبتيْ يسُوعَ ]
بس فِى الحقيقة فِى كلِمة خرجت مِنْ مُعلّمِنا بُطرُس إِحنا مِش عايزِين نتعلِّم المنهج ده مِنّه ليه ؟ خلِّى بالك مُعلّمِنا بُطرُس هِنا كان لِسّه فِى بِدايِة مُعاملاته مَعَْ ربِنا يسُوعَ ، لِسّه معرفوش قوِى ، فلمّا وجد ربِنا يسُوعَ ملا له السفينة فسجد لهُ ، بس قاله بقى لغاية هِنا وَكفاية لغاية هِنا وَكفاية ، أنا مِش قادِر أأقعُد معاك تانِى ، أنا وحِش جِدّاً جِدّاً وَإِنت كويس جِدّاً جِدّاً فَأنا مِش قادِر أأقعُد معاك [ أُخرُج مِنْ سفينتِى يارب لأِنِّي رجُلٌ خَاطِىءٌ ] ( لو 5 " 8 ) ليه ؟ أصل أنا راجِل وحِش ، أصل أنا راجِل خاطِى [ أُخرُج مِنْ سفينتِى يارب لأِنِّى رجُل خاطِىء ]
يقولّك لأ ده منهج غير مقبُول ، مِش لأِنِّى وحِش أقول أبعِد عَنْ ربِنا ، مِش لأِنِّى خاطِى أقول أخرُج ، ده أنا عايِز أقوله العكس ، خليك معايا فِى السفينة بتاعتِى بِإِستمرار لأِنِّى راجِل وحِش ، فبدل ما أقوله أُخرُج عنِى يارب لأِنِّى رجُل خاطِى ، أقوله أُمكُث معِى يارب لأِنِّى رجُل خاطِى
عشان كِده لَوْ تلاحظوا الكنِيسة عاملة لِنا صلوة جمِيلة جِدّاً ياريت نتمسَّك بِها كُلّنا بعد ما تتناوِل تصلِّى صلاة بعد التناوِل ، فَمِنْ ضِمن العِبارات الجمِيلة جِدّاً فِى صلاة بعد التناوِل نقوله إيه ؟ أنا أخدت المسِيح وَأنا راجِل خاطِى ، فبقوله إيه بقى [ أُمكُث معِى لأِنّ النَّهار قَدْ مال وَرافقنِى إِلَى أنْ ينسم النَّهار فَإِنَّكَ وحْدك غايتِى ] ، أنا عايزك إِنت ، أنا خدتك وَلمّا خدتك حا أمسِكك وَلَمْ أُرخِيك ، مِش حا أفرّط فِيك تانِى أبداً ، أنا خدتك فلمّا خدتك حا أتمسِك بِك إِلَى التمام ، [ أُمكُث معِى ] خليك معايا ، خطيتِى ما تبعدنِيش عَنْ ربِنا ، خطيتِى تجيبنِى لِربِنا ، ضعفِى ما يخلنِيش أهرب مِنّه وَلكِنْ زى ما تعلّمنِى صلاة الأجبية بدل ما أهرب مِنّه أهرب إِليه ، أروح له هُوَ ، هُوَ نجاتِى
بدل لمّا أقوله أُخرُج مِنْ سفينتِى ، أقوله لأخليك معايا فِى السفينة بِتاعتِى ، خلِّى بالكو نَفْسَ المُعجِزة دى ربِنا يسُوعَ عملها بس بعد القيامة ، خلاّهُمْ برضه يصطادوا سمك كتير بس كان هُوَ على الشط ، بس الّلِى حصل مِنْ مُعلّمِنا بُطرُس الرسُول عكس كِده تماماً ، هِنا بُطرُس يقوله [ أُخرُج ] ، لكِنْ لقينا بُطرُس راح نط مِنْ السفينة وَراح له ، أصله عرف إِنّه العِلاج مِش إِنّه يخرُج مِنّه وَلكِنْ العِلاج إِنّه يقترِب إِليه
نتعلّم يا أحِبَّائِى مِنْ المُعجِزة دى إِنْ إِحنا نضع ثِقتنا فِى ربِنا ، إِنْ إِحنا ندِى المجد لِربِنا الّلِى بِيفتقِدنا فِى موضِع إِهتمامنا ، الّلِى قادِر أنْ يصنع معنا أكثر ممّا نسأل أوْ نطلُب أوْ نفتكِر أوْ نفهم ، الّلِى عاوِز يعمِل معانا آية صالِحة تفوق إِمكانياتنا ، عشان نرّجع الفضل له فنسجُد له وَنقوله " أُمكُث معِى يارب لأِنِّى رجُل خاطِى "
ربِنا يدِينا أنْ نتمتّع بِصيد كتير ، فضائِل مُتضافِرة لِكى ما تمتلِىء سفينة حياتنا مِنْ الفضايِل حتَّى ما نُنادِى الآخرين لِكى يُمسِكوا فضايِل ، حتَّى نتقدّم إِليه وَنحنُ قَدْ أمسكنا ثمر كثير
ربِنا يسنِد كُلّ ضعف فِينا بِنعمِته
وَلإِلهنا المجد دائِماً أبدياً آمِين
الزمن والأبدية
∞ تُعَوِدْنَا كِنِيسِتْنَا يَا أحِبَّائِي فِي آخِر أسَابِيع قِبْطِيَّة فِي السَّنَة أنْ تُذَكِّرْنَا بِنِهَايِة العَالَمْ .. وَكَأنَّ الكِنِيسَة تَعِيش مَعَنَا يُوم بِيُوم وَسَاعَة بِسَاعَة وَلَحْظَة بِلَحْظَة .. وَكَأنَّ الكِنِيسَة تُرِيدْ أنْ تَنْقِل لَنَا مَشَاعِر مُعَيَّنَة .. فَنَحْنُ بِنَسْتَقْبِل سَنَة جِدِيدَة وَالكِنِيسَة تَقُول لَنَا إِسْتَفِيدُوا بِالسَّنَة .. فَالأيَّام بِتِجْرِي .. حَاوْلُوا أنْ تَسْتَفِيدُوا بِفُرْصِة الحَيَاة الَّتِي أعْطَاهَا لَكُمْ الرَّبَّ .. إِجْعَلُوهَا فُرْصَة لِبِرُّكُمْ وَلَيْسَ لِهَلاَكَكُمْ .. حَاوْلُوا أنْ تَغْلِبُوا الزَّمَنْ فَعِيشُوا فِي الزَّمَنْ وَلكِنْ لاَ تَعِيشُوا تَحْت سُلْطَان الزَّمَنْ .. وَلِذلِك المَزْمُور يَقُول ﴿ إِلَى دَهْرِ الدُّهُورِ سِنُوكَ . مِنْ قِدَمٍ أسَّسْتَ الأرْضَ وَالسَّموَاتُ هِيَ عَمَلُ يَدَيْكَ . هِيَ تَبِيدُ وَأنْتَ تَبْقَى وَكُلُّهَا كَثَوْبٍ تَبْلَى كَرِدَاءٍ تُغَيِّرُهُنَّ فَتَتَغَيَّرُ . وَأنْتَ هُوَ وَسِنُوكَ لَنْ تَنْتَهِي ﴾ ( مز 102 : 24 – 27 ) .. رَبِّنَا يَقُول لَنَا أنَّهُ هُوَ غَالِبْ الزَّمَنْ .. هُوَ فَوْقَ الزَّمَنْ وَارْتَفَعْ فَوْقَ الزَّمَنْ .
∞ رَبِّنَا يَسُوع يَا أحِبَّائِي عِنْدَمَا تَجَسَد بَارَك الزَّمَنْ وَحَوِّل الزَّمَنْ المَيْت إِلَى زَمَنْ خَالِدٌ .. وَحَوِّل سَاعَات اليُوْم إِلَى سَاعَات مُبَارَكَة وَمُقَدَّسَة .. وَحَوِّل كُلَّ لَحْظَة إِلَى لَحْظِة مَجْدٌ وَلَحْظَة خَالِدَة .. رَبِّنَا يَسُوع لَمَّا جَاءَ عَلَى الأرْض مَلأ الزَّمَان وَلَمْ يَكُنْ هذَا فَقَطْ فِي الفِتْرَة الَّتِي عَاشَهَا عَلَى الأرْض وَلكِنْ مَلأهُ إِلَى الإِنْقِضَاء فَقَدْ قَدَّس الزَّمَنْ وَبَارَكَهُ .
∞ كُلَّ مَا عَمَلَهُ رَبَّنَا يَسُوع فَقَدْ عَمَلَهُ لأِجْلِنَا .. فَهُوَ وُلِدَ لأِجْلِنَا وَصُلِب لأِجْلِنَا .. رَفَعْنَا فَوْقَ الزَّمَنْ .. فَالإِنْسَان الَّذِي يَعِيش فِي مَحَبِّة رَبِّنَا وَمَخَافِة رَبِّنَا يَكُون بِذلِك غِير مَغْلُوب مِنْ الزَّمَنْ وَلاَ يَقَعْ تَحْت وَطْأة أوْ سُلْطَان الزَّمَنْ .. فَعِنْدَمَا يَقُول لَهُ أحَدٌ إِنَّ الأيَّام بِتِجْرِي .. لاَ يَخَاف وَلاَ يَرْتَبِك لأِنَّهُ غَالِبْ الزَّمَنْ .
∞ مِنْ أجْمَل العَطَايَا الَّتِي سَيُعْطِيهَا لَنَا الرَّبَّ يَسُوع فُوق فِي السَّمَاء أنَّهُ لاَ يُوْجَدٌ زَمَنْ .. فَعَلَى الأرْض هُنَا الزَّمَنْ بِيِغْلِبْ الإِنْسَان وَبِيِضْغَطْ عَلِيه وَلِذلِك نَجِدٌ أنَّ النَّاس تُحِبْ المَال لِكَيْ تُؤمِّنْ المُسْتَقْبَل وَهذَا نَاتِج مِنْ ضَغْط الزَّمَنْ .. فَالزَّمَنْ هُوَ الَّذِي يُقْلِقٌ الإِنْسَان وَيُخِيفُه .. أحْيَاناً عِنْدَمَا يَفْقِد إِنْسَان أحَدٌ أحِبَّائُه نَجِدُه حَزِينْ جِدّاً لأِنَّهُ يُوْجَدٌ زَمَنْ سَيَعِيشُه مِنْ غِيرُه .. وَعِنْدَمَا يَكُون الشَخْص الَّذِي تَوَفَّى صَغِير نَجِد أنَّ النَّاس تِحْزَن أكْثَر .. لِمَاذَا ؟ لأِنَّ الزَّمَنْ الَّذِي كُنَّا نَتَوَقَعُه أنْ يَعِيشُه مَعَنَا هُوَ كَثِير وَلكِنْ هُوَ عَاش فِتْرَة قَصِيرَة .. وَلِذلِك فَإِنَّ الزَّمَنْ يُسَبِّب حُزْن وَتَوَتُر وَحُبْ المَال .
∞ رَبِّنَا يَسُوع جَاءَ عَلَى الأرْض وَقَدَّس الزَّمَنْ وَجَعَلْنَا غَالِبِينْ الزَّمَنْ عَلَى الأرْض .. وَفِي الأبَدِيَّة لاَ يُوْجَدٌ زَمَنْ .. فَالكِتَاب المُقَدَّس يَقُول أنَّ السَّمَائِيين سَيَظَلُّوا يُسَبِّحُون وَيُمَجِّدُون بِلاَ إِنْقِطَاع .. فَهَلْ سَيَشْعُرُون بِالمَلَلْ ؟ .. لاَ .. لأِنَّهُ لاَ يُوْجَدٌ زَمَنْ هُنَاك .. وَلِذلِك لاَ يُوْجَدٌ مَلَلْ .. فَإِنَّ عَطِيِة غَلْبِة الزَّمَنْ هِيَ أنْ أشْعُر إِنْ رَبِّنَا مَالِئ الكُون وَمَالِئ الزَّمَنْ .. وَجَعَلَنِي أعِيش فِي حَيَاة أعْلَى مِنْ الزَّمَنْ وَلاَ أعِيش تَحْت سُلْطَان السَّاعَة وَلاَ أكُون قَلِقٌ .
∞ وَجَدْنَا رَبَّنَا يَسُوع يَتَكَلَّمْ عَنْ الزَّمَنْ أنَّهُ سَاعَة .. تَكَلَّمْ عَنْ الصَّلِيب بِأنَّهُ سَاعَة فَيَقُول ﴿ قَدْ أتَت السَّاعَة ﴾ ( يو 12 : 23 ) .. فَعِنْدَمَا تَكَلَّمْ عَنْ الأبَدِيَّة قَالَ ﴿ لَيْسَ لَكُمْ أنْ تَعْرِفُوا الأزْمِنَةَ وَالأوْقَات ﴾ ( أع 1 : 7 ) .. وَكَأنَّ الله يَقُول لَك لاَ يَصِح أنْ أجْعَلَك تِعِيش تَحْت سُلْطَان الأزْمِنَة .. فَلاَ تَعِدٌ السَّاعَات .. فَهَدَف رَبِّنَا هُوَ أنْ يَجْعَلْنَا فَوْقَ سُلْطَان الزَّمَنْ وَيَدْفَعْنَا إِلَى ذلِك .. فَفِي يُوم الخَمِيس ( خَمِيس العَهْد ) أخَذَ يِكْسَر الجَسَد وَيَقُول لِتَلاَمِيذُه ﴿ خُذُوا كُلُوا هذَا هُوَ جَسَدِي ﴾ ( مت 26 : 26 ) .. مَعَ أنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَدْ تَمَّ الصَلْب .. فَكَيْفَ يَكُون ذلِك ؟ رَبَّنَا يَسُوع يَقُول لَنَا أنَّ الزَّمَنْ هُوَ يَكُون عِنْدَكُمْ أنْتُمْ .. عِنْدَكُمْ مَاضِي وَحَاضِر وَمُسْتَقْبَل أمَّا أنَا فَإِنِّي أعِيش فِي المِلْء .. فَلاَ يُوْجَدٌ عِنْدِي زَمَنْ مُجَزَّأ .. مَا أجْمَل إِنْ الإِنْسَان يَأخُذْ غَلْبِة الزَّمَنْ وَكُلَّ يُوم عِنْدُه يَكُون يُوم مُبَارَك وَمُقَدَّس وَجُمْلِة حَيَاتُه تَكُون حَيَاة مُبَارَكَة وَلاَ يَكُون الزَّمَنْ ضَاغِطْ عَلَى الإِنْسَان .. وَغِير مُخِيف لِلإِنْسَان وَهذَا يَجْلِب لِلإِنْسَان فَرَح دَائِم وَلاَ يَشْعُر الإِنْسَان بِرُعْب .. وَعِنْدَمَا يِكْبَر الإِنْسَان لاَ يَشْعُر بِخُوف أوْ قَلَقٌ .
∞ فَالسَيِّد الْمَسِيح عِنْدَمَا تَجَسَد قَدَّس الزَّمَنْ وَلِذلِك أنَا بَعِيش الزَّمَنْ وَأنَا مَرْفُوع فَوْقَ الزَّمَنْ .. وَلِكَيْ يُعْلِنْ لَنَا رَبَّنَا يَسُوع سُلْطَانُه فَوْقَ الزَّمَنْ نَجِدٌ فِي قِصِّة يَشُوع بْن نُون أنَّهُ عِنْدَمَا دَخَلْ فِي حَرْب وَاللِّيل بَدَأ يُخَيِّمْ عَلَى المَكَان وَكَانَ يَشُوع لاَ يُرِيدْ أنْ يُؤجِل الحَرْب إِلَى يَوْمٍ آخَر لأِنَّ جِيشُه كَانَ مُرْتَفِع عَلَى أعْدَائُه .. فَكَانَتْ لَهُ طِلْبَة عَجِيبَة مِنْ الرَّبَّ وَهيَ أنَّ الدُنْيَا تَظَلْ مُنِيرَة .. وَقَالَ يَارَب إِجْعَل الشَّمْس تَدُوم عَلَى جَبْعُون ( يش 10 : 12) .. وَفِعْلاً حَدَث ذلِك .. لَكَ اللِّيل يَا الله وَلَكَ النَّهَار .
∞ وَاحِدٌ إِسْمُه حَزَقِيَّا المَلِك أرْسَل إِلِيه رَبِّنَا أشْعِيَاء لِكَيْ يَسْتَعِدٌ وَقَالَ لَهُ ﴿ أوْصِ بَيْتَكَ لأِنَّكَ تَمُوتُ وَلاَ تَعِيشُ ﴾ ( أش 38 : 1) .. وَحَزَقِيَّا المَلِك هذَا كَانَ رَجُل بَار وَتَقِي وَقَدْ هَدَم مُرْتَفَعَات الأوْثَان المَوْجُودَةٌ فِي البَلَد وَقَامَ بِإِصْلاَح الهِيكَل .. وَعِنْدَمَا سِمِعْ ذلِك أخَذَ يَبْكِي لِكَيْ يُطِيل لَهُ الرَّبَّ عُمْرُه حَتَّى يِزَوِدٌ مِنْ الإِصْلاَحَات الَّتِي كَانَ يَقُوم بِهَا .. وَكَانَ الله يَعْرِف أنَّ هذَا هُوَ أجْمَل وَقْت يَأخُذْ فِيهِ حَزَقِيَّا فَهُوَ كَانَ فِي قِمَّة الإِسْتِعْدَادٌ .. وَكَانَ يَعْمَل أعْمَال جَمِيلَةٌ فِي الهِيكَل كَانَ سَيَذْكُرْهَا لَهُ الله .. فَقَالَ لَهُ الرَّبَّ ﴿ قَدْ سَمِعْتُ صَلاَتَكَ . قَدْ رَأيْتُ دُمُوعَكَ . هَأنَذَا أُضِيفُ إِلَى أيَّامِكَ خَمْسَ عَشَرَةَ سَنَةً ﴾ ( أش 38 : 5 ) .. فَيَالِفَرْحِة حَزْقِيَّا .. وَفِي ألـ 15 سَنَة أنْجَبْ حَزَقِيَّا إِبْن إِسْمُه مَنَسَّى .. وَمِنْ المُؤسِفْ جِدّاً أنَّ مَنَسَّى أفْسَد كُلَّ مَا عَمَلَهُ أبُوه وَأعَادَ عِبَادِة الأوْثَان وَصَنَعْ الشَّر أمَام الرَّبَّ لإِغَاظَتِهِ ( 2مل 21 : 1 – 9 ) .. وَجَعَل عِبَادِة الأوْثَان تَكُون بِدَاخِل الهِيكَل .. وَلكِنْ رَبِّنَا أذَلْ مَنَسَّى وَقَادَهُ إِلَى أرْض السَبْي وَتَاب وَرِجِعْ .. وَقَدْ مَلَك مَنَسَّى 55 سَنَة عَلَى المَمْلَكَة وَأضْعَفْ مُلْك أبِيهِ .. كُلَّ هذَا حَدَث عِنْدَمَا حَدَثِتْ مُحَاوَلَة فِي تَغْيِير الزَّمَنْ .
∞ وَلِذلِك عَلَيَّ أنْ أقُول لِلرَّبَّ إِنَّ هذَا الزَّمَنْ هُوَ مِلْكَك وَأنْتَ قَادِر أنْ تُسَخِّرُه فَسَخَّرُه لِخَلاَص نَفْسِي .. فَكُلَّ إِشْرَاق جَدِيد .. وَكُلَّ دَقِيقَة .. وَكُلَّ ثَانِيَة هِيَ فُرْصَة لِمُتَاجَرَة لِخَلاَص نَفْسِي .. مِثْل العَذَارَى الحَكِيمَات وَالجَاهِلاَت .. الجَاهِلاَت ظَنُّوا أنَّ الزَّمَنْ سَيَظَلْ بِلاَ تَغْيِير وَأنَّهُ مُمْكِنْ أنَّ العَرِيس لَنْ يَأتِي فَصَارَ صُرَاخ هُوذَا العَرِيس قَدْ أقْبَل ( مت 25 : 6 ) .. فَالعَذَارَى الحَكِيمَات وَالجَاهِلاَت كَانُوا مُتَشَابِهِينْ وَصَرَخُوا وَلكِنْ صُرَاخ الحَكِيمَات هُوَ صُرَاخ الفَرْحَة لأِنَّ العَرِيس جَاءَ .. فَالَّذِي كَانُوا يَسْتَعِدُّونَ لَهُ قَدْ جَاءَ .. وَلكِنْ الجَاهِلاَت كَانُوا يَصْرُخُون صَرَخَات الحَسْرَة وَالرُعْب .. فَالزَّمَنْ أحْيَاناً يَكُون لِخَلاَص الإِنْسَان وَأحْيَاناً لِهَلاَك الإِنْسَان .. وَلِذلِك يَقُول لَنَا الرَّبَّ أنَّ السِّنِينْ بِتْمُر فَهَلْ تَقْضِي الزَّمَنْ بِحِكْمَة أم أنَّهُ ضَاغِطْ عَلِيك ؟ .. فَعِنْدَمَا تَقُول أنَا أعِيش فِي دَوَامَة وَكُلَّ يُوم مُشَابِه لِلَّذِي قَبْلُه فَإِنَّهُ بِذلِك يَكُون الزَّمَنْ مِسَيْطَر عَلِيك وَلَنْ تُقَدِّس الزَّمَنْ .
∞ إِنْسَان آخَر يُقَدِّس الزَّمَنْ وَمِحَدِّدٌ أوْقَات لِلصَّلاَة فَهُوَ بِذلِك يَجْعَل الزَّمَنْ زَمَنْ أبَدِي وَمُبَارِك الزَّمَنْ وَمِسْتَفِيد مِنُّه .. حَيَاتْنَا يَا أحِبَّائِي مِحْتَاجَة لِهذِهِ النِّعْمَة وَهيَ نِعْمِة غَلْبِة الزَّمَنْ .. وَرَبِّنَا يُرِيدْنَا أنْ نَنْتَقِل مِنْ مَجْد إِلَى مَجْد وَلاَ يَمُر الزَّمَنْ فِي لَهْو بَلْ فِي يَقَظَة .. مِثْل طَالِبْ فِي المَدْرَسَة نِحَدِّدٌ لُه فِتْرَة قَبْل الإِمْتِحَان مَثَلاً 6 شُهُور .. وَهذَا الزَّمَنْ مَحْسُوب عَلِيه وَلِكَيْ لاَ يُظْلَم الطَّالِبْ قَدْ أعْطُوه هذِهِ الفِتْرَة .. فَإِنْ قَضَاهَا فِي إِجْتِهَادٌ سَيَكُون فِي نَجَاح .. فَهكَذَا رَبِّنَا قَدْ أعْطَانَا الزَّمَنْ الَّذِي نَعِيشُه الآنْ لِكَيْ نَرْبَح بِه .. وَلَوْ قَارِنَّا هذَا الزَّمَنْ بِالأبَدِيَّة فَسَنَجِدُه مِثْل نُقْطَة فِي مُحِيط وَسَنَجِدٌ أنَّ عُمْرِنَا هذَا تَافِه جِدّاً وَأنَّهُ سِنِينْ لاَ قِيمَة لَهَا .. فَنَحْنُ أكْثَر شِئ يِشْغِلْنَا هُوَ الزَّمَنْ الحَاضِر .. وَرَبِّنَا أكْثَر شِئ يِشْغِلُه هُوَ الأبَدِيَّة .. رَبِّنَا يِقُولَّك نِفْسِي أُعْطيك زَمَان الأبَدِيَّة .. إِتْعَب شِوَيَّة عَلَى الأرْض .. إِجْتَهِدٌ .. إِسْتَفَادٌ مِنْ كُلَّ وَقْت .
∞ القِدِّيسِينْ يِقُولُوا إِنْ العُمْر قَصِير وَمَهْمَا إِجْتَهَدُوا وَتِعْبُوا يَقُولُوا نَحْنُ لَمْ نَتْعَبْ .. فَأحَدٌ القِدِّيسِينْ كَانَ يِتْعِبْ نَفْسُه جِدّاً فَجَاءَ لَهُ الشَّيْطَان وَقَالَ لَهُ لاَ تِتْعِبْ نَفْسَك كُلَّ هذَا التَّعَبْ فَأنْتَ بَاقِي لَك عَشَر سِنِينْ سَتَقْضِيهَا فِي الأرْض .. فَقَالَ لَهُ القِدِيس بَاقِي لِي عَشَر سِنِينْ فَقَطْ ؟!! .. فَأنَا عَلَيَّ أنْ أُضَاعِفْ مِنْ جَهْدِي وَتَعَبِي .
∞ فَالإِنْسَان الَّذِي يَعِيش فِي إِسْتِهْتَار يَكُون عُمْرُه سَبَبْ دَيْنُونَة عَلِيه .. وَمَا هِيَ وِجْهِة نَظَر الله لِحَيَاتْنَا ؟ إِنَّ الغِنَى وَالفَقْر وَالصِّحَة وَمَا إِلَى ذلِك هِيَ أُمور لاَ تَشْغِل الله .. وَإِنَّمَا الأُمور الَّتِي تَشْغِلُه جِدّاً جِدّاً جِدّاً هِيَ الأبَدِيَّة .. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذلِك فَإِنَّهُ بِذلِك يَخْدَعْنَا وَحَاشَا أنْ يَكُون الله هكَذَا .. وَكَأنَّ الله يَقُول لَك أنَا لِكَيْ أكُون مُخْلِص مَعَك عَلَيَّ أنْ أأمِنْ لَك الأبَدِيَّة .
∞ فَعِنْدَمَا تَنْشَغِل بِأُمور صَغِيرَة تَافِهَة رَبِّنَا يَقُول لَك أنْتَ لَمْ تَسْتَطِعْ أنْ تَفْهَمْ أحْكَامِي بَعْد .. أتَذَكَّر سَيِّدَة ذَهَبَتْ لِلطَّبِيب لِتِعْمِل عَمَلِيَّة فِي القَلْب وَقَالَتْ لَهُ أُرِيدْ أنْ تَفْتَح لِي فَتْحَة صَغِيرَة .. فَالَّذِي يَشْغِلْهَا هُوَ أمر صَغِير تَافِه .. أمَّا الَّذِي يِشْغِل الطَّبِيب هُوَ العَمَلِيَّة .. وَهذَا مَا نَفْعَلُه نَحْنُ فَنَحْنُ بِنَنْشَغِل بِأُمور تَافْهَه صُغَيَّرَة مِثْل الغِنَى وَالمَال وَالمُقْتَنَيَات وَالصِحَّة أمَّا الله فَيُرِيدْنَا أنْ نَهْتَمْ بِالأهَمْ وَهُوَ الدَّاخِل .. فَالأُمور الخَارِجِيَّة هِيَ أُمور بَسِيطَة وَزِيَادَة وَالأُمور الدِنْيَاوِيَّة أُمور فَانِيَة عَابِرَة .. عَلَيْنَا أنْ نَهْتَمْ بِالأبَدِيَّة .. فَالله مَعَهُ مَفَاتِيح الأبَدِيَّة وَيُرِيدْنَا أنْ نَعِيش فَوْقَ الزَّمَنْ .. وَبِالزَّمَنْ القَصِير نِرْبَح أبَدِيَّة سَعِيدَة .
رَبِّنَا يُعْطِينَا أنْ نَقْضِي حَيَاتْنَا فِي رِضَاه
رَبِّنَا يِكَمِّل نَقَائِصْنَا وَيِسْنِد كُلَّ ضَعْف فِينَا بِنِعْمِتُه
وَلإِلهْنَا المَجْد دَائِماً أبَدِيّاً آمِين
من لاوى الى متى
إِنْجِيل هذَا الصَّبَاح المُبَارَك فَصْل مِنْ إِنْجِيل مَارِلُوقَا البَشِير يِتْكَلِّمْ عَنْ دَعْوِة لاَوِي اللِّي هُوَ صَارَ مَتَّى البَشِير .. { وَبَعْدَ هذَا خَرَجَ فَنَظَرَ عَشَّاراً اسْمُهُ لاَوِي جَالِساً عِنْدَ مَكَانِ الْجِبَايَةِ . فَقَالَ لَهُ اتْبَعْنِي . فَتَرَكَ كُلَّ شَيْءٍ وَقَامَ وَتَبِعَهُ . وَصَنَعَ لَهُ لاَوِي ضِيَافَةً كَبِيرَةً فِي بَيْتِهِ . وَالَّذِينَ كَانُوا مُتَّكِئِينَ مَعَهُمْ كَانُوا جَمْعاً كَثِيراً مِنْ عَشَّارِينَ وَآخَرِينَ . فَتَذَمَّرَ كَتَبَتَهُمُْ وَالْفِرِّيسِيُّونَ عَلَى تَلاَمِيذِهِ قَائِلِينَ لِمَاذَا تَأْكُلُونَ وَتَشْرَبُونَ مَعَْ عَشَّارِينَ وَخُطَاةٍ . فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ لاَ يَحْتَاجُ الأَصِحَّاءُ إِلَى طَبِيبٍ بَلِ الْمَرْضَى . لَمْ آتِ لأَِدْعُوَ أَبْرَاراً بَلْ خُطَاةً إِلَى التَّوْبَةِ } ( لو 5 : 27 – 32 ) .. خَرَجَ يَسُوع وَهُوَ عَارِفْ قَلْب كُلَّ وَاحِدٌ .. يِعْرَفْ الإِشْتِيَاقَات وَالإِسْتِعْدَادَات وَالضَّعَفَات .. رَايِحٌ مَكَان مَحَدِش يِحِبْ يِمُر مِنْ عَنْدُه .. رَايِحٌ مَكَان الجِبَايَة وَدَه مَكَان خَاص بِالعَشَّارِين .. العَشَّارِين هُمَّ جَمَاعَة مَنْبُوذِينْ مِنْ اليَهُود لأِنْ هُمَّ نَاس جَنِّدُوهُمْ الرُّومَان عَشَان يَخْدُوا الضَرَائِبْ .. الجَمَاعَة الرُّومَان لَمَّا حَبُّوا يِتْعَامْلُوا مَعَ جَمَاعِة اليَهُود فِي المُعَامَلاَت المَّادِيَّة لاَقُوا الجَمَاعَة اليَهُود مُتْعِبِين مَادِّياً وَلاَقُوا إِنْ الأمر دَه بِيْزِيدْ العَدَاوَة بِينْهُمْ وَبِينْ اليَهُود فَفَكَّرُوا فِي فِكْرَة إِنُّهُمْ أفْضَلٌ مِنْ إِنْ هُمَّ يِلِمُّوا الضَرَائِب بِنَفْسُهُمْ قَالُوا إِحْنَا نِخَلِّي نَاس مِنْهُمْ هُمَّ اللِّي يِلِمُّوا الضَرَائِب وَبَدَلْ مَا إِحْنَا نُحُطْ قَوَاعِدٌ لِهذَا الأمر هَنُطْلُبْ مِنْ اللِّي يِلِمْ الضَرَائِب دِي أرْقَام مُعَيَّنَة وَهُمَّ يِجِيبُوهَا بِمِعْرِفِتْهُمْ وَلَوْ حَصَّلُوا زِيَادَة عَنْ المَطْلُوب يَاخْدُوا هُمَّ الفَرْقٌ لِصَالِحْهُمْ مِش مُهِمْ .. فَعَمَلُوا لِكُلَّ فِئَة مِنْ الشَّعْب شَخْص مُعَيَّنْ يِدْفَعُوا لُه الضَرِيبَة وَبِذلِك أصْبَحٌ اليَهُود بِيِدْفَعُوا لِجَمَاعِة يَهُود زَيُّهُمْ .
فَاليَهُود يَنْظُرُوا عَلَى النَّاس اللِّي إِتْعَامْلُوا مَعَ الرُّومَان عَلَى إِنُّهُمْ خَوَنَة وَإِنْ هُمَّ بِيْثَبِّتُوا الإِحْتِلاَل الرُّومَانِي وَالإِسْتِعْمَار فِي البَلَدٌ وَإِنُّه عَمِيلْ لُهُمْ وَإِنُّه مُمْكِنْ يِغِش أهْلُه عَلَشَان يِرْضِي الرُّومَان وَإِنُّه عَشَان يِجْمَعْ فِلُوس مُمْكِنْ يِبِيعْ أهْلُه أوْ حَتَّى يِبِيعْ بَلَدُه – دَه العَشَّار – عَشَانْ كِدَه مُرْتَبِطَة كَلِمَة العَشَّار بِالخَطِيَّة يِقُولَّك العَشَّارِين وَالخُطَاة ( مت 9 : 11) .. لِيه ؟ لأِنْ شَخْص العَشَّار مَرْفُوض مِنْ المُجْتَمَعْ وَمِنْ كُلَّ النَّاس حَتَّى مِنْ أقْرِبَاؤه وَمِنْ أهْلُه .. يَسُوع عَدَّى عَلَى مَكَان الجِبَايَة وَالمَكَان دَه فِيه نَاس كِتِير عَشَّارِين قَاعْدِينْ فِيه وَجُمُوع كِتِير عَمَّالَه تِدْفَعْ فُلُوس وَنَاس عَمَّالَه تِغْضَبْ وَتِشْتِمْ وَتِهِينْ وَمَكَانْ فِيه ظُلْم وَرَشْوَه وَنِفَاقٌ وَرِيَاء وَحُبْ لِلعَالَمْ وَالمَال هُوَ دَه مَكَانْ الجِبَايَة .. مَاكُنَّاش نَتَوَقَعْ إِنْ شَخْص رَبِّنَا يَسُوع يِرُوح يِخْتَار وَاحِدٌ عَشَانْ يُبْقَى مِنْ تَلاَمِيذُه .. عَشَانْ يُبْقَى مِنْ النَّاس اللِّي هَتِكْتِبْ سِيرِة رَبِّنَا يَسُوع الْمَسِيح وَتُدَوِنْ لَنَا أعْمَالُه .. وَلكِنْ رَبِّنَا يَسُوع الْمَسِيح ذَهَبْ إِلَى مَكَانْ الجِبَايَة .
يِقُول كِدَه { فَنَظَرَ عَشَّاراً اسْمُهُ لاَوِي } .. نَظْرِة رَبِّنَا يَسُوع الْمَسِيح تِخْتِلِفْ عَنْ أي نَظْرَة أُخْرَى .. نَظْرَة فَاحِصَة وَتَخْتَرِقٌ عَقْل وَقَلْب الإِنْسَان بَلْ كَيَانُه كُلُّه .. نَظَرَ يَسُوع إِلَى وَاحِدٌ عَشَّار لاَوِي .. هُوَ عَارِفْ الإِسْتِعْدَاد .. هُوَ عَارِفْ مَا بِدَاخِلْ أعْمَاق الإِنْسَان .. نَظَر إِلِيه شَايْفُه قَاعِدْ فِي وَضْع صَعْب .. وَضْع كُلُّه مَال .. كُلُّه ظُلْم وَغِش وَرِيَاء وَنِفَاقٌ .. لُه كَذَا مِعْيَارٌ مَعَ كَذَا إِنْسَان .. طُول مَا هُوَ قَاعِدْ بِيِشْتِمْ وَيِحْلِفْ وَيِجْمَعْ مَال وَكُلَّ مَا جِمِعْ مَال أكْتَر كُلَّ مَا حُبُّه لِلمَال زَادْ أكْتَر .. وَالعَجِيبْ فِي هذَا الأمر إِنْ العَشَّار إِسْمُه لاَوِي أي مَعْنَاه مُخَصَّص أوْ مُكَرَّس لله .. وَلَمَّا نِقُول عَشَّار إِسْمُه لاَوِي يَعْنِي مَعْنَاه تَنَاقُض عَجِيبْ .. عَشَّار يَعْنِي إِنْسَان ظَالِمْ .. يَعْنِي إِنْسَان مُحِبْ لِلمَال وَالعَالَمْ وَمُخَصَّص لِلعَالَمْ فِي حِينْ إِنْ إِسْمُه لاَوِي أي مُكَرَّس وَمُخَصَّص لله .. وَدَه أمر عَجِيبْ يُبْقَى الإِنْسَان إِسْمُه مِسِيحِي لكِنْ تَصَرُّفَاتُه تَحْمِلْ عَكْس كِدَه تَمَاماً .. إِسْمُه لاَوِي لكِنْ رَبِّنَا يَسُوع الْمَسِيح شَايِفْ أعْمَاق هذَا اللاَّوِي وَنَظَر إِلِيه .
لَمَّا رَبِّنَا يَسُوع جِه إِخْتَارُه لاَقِينَا النَّاس بِتِتْذَمَّر .. هُوَ إِنْتَ بِتْكَلِّمْ وَاحِدٌ زَي دَه ؟!! يِقُولَّك أنَا مِش بَسْ بَكَلِّمُه أنَا كَمَانْ بَدْعُوه تِلْمِيذِي .. دَه إِنْتَ لَمَّا تِكَلِّمُه تِعْتِبِر عَنْدِنَا مُخَالْفَة لأِنْ إِحْنَا نَابْذِينْ النَّاس اللِّي زَي دُول .. قَالَ لَهُمْ يَسُوع { لَمْ آتِ لأَِدْعُوَ أَبْرَاراً بَلْ خُطَاةً إِلَى التَّوْبَةِ } .. { لاَ يَحْتَاجُ الأَصِحَّاءُ إِلَى طَبِيبٍ بَلِ الْمَرْضَى } .. إِيه نَظْرِتَك يَارَبِّي فِيه ؟ قَالْ أنَا مِشْ مُهِمْ عَنْدِي اللِّي بَرَّه أنَا يِهِمِّنِي اللِّي جُوَّه .. عَايِزْ أجِيبْ الإِنْسَان مِنْ وَحْل الأعْمَاق بِتَاعْتُه بِتَاعِتْ الخَطَايَا بِتَاعْتُه .. أنَا مَفِيش خَطِيَّة تِقْوَى عَلَى مَرَاحْمِي .. وَمَفِيش إِنْسَان يِقْدَر يِقُول أنَا مَنْبُوذٌ أوْ مَرْفُوض حَتَّى لَوْ كَانْ مَنْبُوذٌ وِسْطٌ أهْلُه .. حَتَّى لَوْ رَفَضُه أحِبَّائُه .
وَاحِدٌ مِنْ الأبَاء بِيْقُول إِنْ كَانْ فِي وَاحْدَةٌ أُم كَانِتْ قَاعْدَة مَعَاه بِتِشْتِكِي لُه مِنْ بِنْتَهَا لأِنْ هِيَّ عَمَلِتْ خَطِيَّة صَعْبَة جِدّاً .. فَالأُم بِتْقُول لأِبُونَا أنَا نِفْسِي مَاشُفْهَاش تَانِي .. نِفْسِي مَاتُبْقَاش بِنْتِي .. فَأبُونَا وَهُوَ قَاعِدٌ بِيْقُول فِي بَالُه " يَا سَلاَمٌ عَلِيك يَارَبِّي قَبُولَك وَاحْتِضَانَك وَحَنَانَك لِينَا دَه يَفُوق حُبْ الأبَاء وَالأُمَهَات " – حَنَانْ فَائِقٌ – رَبِّنَا يَسُوع الْمَسِيح رَايِحٌ لِهذَا العَشَّار عَشَانْ هُوَ الإِنْسَان اللِّي قَاعِدٌ عَنْد مَكَان الجِبَايَة .. اللِّي مَغْرُوس فِي الخَطَايَا وَالإِنْسَان اللِّي حَابِبْ الإِنْشِغَال بِأُمور العَالَمْ رَايِحٌ لِحَدٌ عَنْدُه وَنَاظِر إِلِيه وَيَدْعُوه .. جَمِيلٌ لَمَّا يِقُول إِنْ رَبِّنَا يَسُوع نَظَر إِلَى الشَّاب الغَنِي وَأحَبُّه ( مر 10 : 21 ) .. نَظْرَة تَجْعَلَهُمْ تَلاَمِيذ بَلْ وَشُهَدَاء بَلْ وَكَارِزِينْ .
عَشَانْ كِدَه إِحْنَا طُول مَا احْنَا فِي هذَا الزَّمَان نِتْمَتَعْ بِهذِهِ الحَيَاة وَالنَّظْرَة الحَانِيَة .. يِقُولَّك فِي مَجِيئُه فِي اليُوْم الأخِير إِنْ نَظْرِتُه هَتِخْتِلِفْ قَالْ عَنْهَا يُوحَنَّا الرَّائِي { عَيْنَاهُ كَلَهِيبِ نَارٍ } ( رؤ 1 : 14) .. هُنَا يَنْظُر إِلَيْنَا بِكُلَّ عَطْف وَرِقَّة وَحَنَان يَدْعُونَا وَيَجْذِبْنَا أمَّا فِي الزَّمَنْ الأخِير فَسَتَكُون عِينُه نَار لاَ نَحْتَمِلْ الوُقُوف أمَامَهَا أوْ النَّظَر إِلِيهَا .. سَتَكُون دَيْنُونَة عَظِيمَة .. سَتَكُون دَيْنُونَة لِكُلَّ إِنْسَان رَفَضْ نَظْرِتُه الحَانِيَة عَلَى الأرْض .. رَفَضْ أنْ يَتَجَاوَبْ مَعَ نَظَرَاتُه الحَانِيَة أوْ أنْ يَسْمَعْ لِصُوتُه أوْ رَفَضْ إِنْ تِكُون نَظْرِة عِتَاب وَجَذْب وَتُوبَة وَخَلاَص وَرَحْمَة .. أصْعَبْ شِئ إِنْ عَدُو الخِير يِقْنِعْنِي إِنْ أنَا لَيْسَ لِيَّ خَلاَص وَمَغْرُوس فِي العَالَمْ وَفِي حُبُّه وَإِنْ أنَا مَالِيش مَكَانْ عِنْدُه وَإِنُّه وَاضِعْ حَائِلْ بِينِي وَبِينْ رَبِّنَا .. مَا أجْمَلٌ أنْ يَكْتَشِفْ الإِنْسَان أنَّ لَهُ مَكَانْ فِي أحْضَانْ الله وَأنْ يَعْرِفْ الإِنْسَان مَدَى كَرَامَتُه فِي عِينْ خَالِقُه وَأنْ يَكُون لَنَا عِشْرَة كُلَّهَا رَجَاء وَكُلَّهَا حُبْ .. هُنَاك مَنْ يُحَارِبْهُمْ بِخَطَايَا .. وَهُنَاك مَنْ يُحَارِبْهُمْ بِأسْبَاب خَطَايَا .. وَهُنَاك مَنْ يُحَارِبْهُمْ بِنَتَائِج خَطَايَا .. عَدُو الخِير يِخَلِّي الإِنْسَان يِعِيش بِضَمِير مُثَقَّلْ وَمَقْطُوع الرَّجَاء وَمُحَمَّلْ بِاليْأس وَفَاقِدْ الأمَلْ وَالرَّجَاء .
يَسُوع رَايِحٌ عَنْد مَكَانْ الجِبَايَة وَلاَوِي جَالِس عَنْد مَكَانْ الجِبَايَة مَشْغُول وَكُلَّ مَا ضَمِيرُه عَايِز يِصْحَى يِقُولُّه إِنْتَ مَفِيش فَايْدَة مِنَّك وَإِنْتَ لَوْ تُبْت حَتَّى قُدَّام النَّاس النَّاس مِش هَتِقْبَلَك وَإِذَا كَانِتْ النَّاس مِش هَتِقْبَلَك يُبْقَى إِزَاي رَبِّنَا هَيِقْبَلَك ؟ نَظَرَ إِلَيْهِ رَبَّنَا يَسُوع الْمَسِيح .. مَا أجْمَلٌ أنْ نَعْرِف مَكَانِتْنَا عِنْدَ الله وَمَا أجْمَلٌ أنْ نَعْرِف أنَّ هذِهِ العِينْ الحَانِيَة هُمَا مِنْ أجْل خَلاَص كُلَّ إِنْسَان وَمِنْ أجْل جَذْب كُلَّ نَفْس تَائِهَة وَتَحْيَا فِي ضَلاَلْ خَطَايَا ثَقِيلَة .. نَظَرَ لَهُ وَقَالَ لَهُ إِتْبَعْنِي ( لو 5 : 27 ) .. شُفْت فِيه إِيه عَشَانْ تِقُولُّه إِتْبَعْنِي ؟ إِيه اللِّي إِنْتَ شَايْفُه ؟ إِنْسَان مُحِبْ لِلعَالَمْ وَالمَال وَالظُلْم وَمَمْلُوء غِش .. قَالْ كُلَّ دَه إِنْتُمْ شَايْفِينُه لكِنْ أنَا شَايِفْ حَاجَة تَانْيَة .. أنَا شَايِفْ جُوَّاه ضَمِير صَالِحٌ وَقَلْب نَقِي وَاسْتِعْدَادَات عَالِيَة جِدّاً لأِكْرَامِي وَمَجْدِي .. وَالعَجِيبْ أنَّهُ لَمْ يُخْزِي رَبِّنَا يَسُوع الْمَسِيح فَتَرَكَ كُلَّ شِئ وَقَامَ وَتَبِعَهُ .
نِفْسِي نِسْتَخْدِم خَيَالْنَا فِي أحْدَاث الكِتَاب المُقَدَّس .. مِنْ أكْتَر الحَاجَات اللِّي عَدُو الخِير بِيِسْتَخْدِمْهَا فِي إِيذَائْنَا الخَيَال وَيُمْكِنْ أنْ نَسْتَخْدِم الخَيَال أيْضاً فِي بُنْيَانَّا .. تَعَالُوا نَتَخَيَّلْ مَنْظَر لاَوِي وَهُوَ عَمَّال يِجْمَعْ فِي فُلُوس وَيِكْذِب وَيِخَبَّأ فِلُوس وَكُوشُوفَات .. تَخَيَّلُوا إِنْ لاَوِي زَي دَه لَمَّا يِسْمَعْ كَلِمَة زَي دِي يِقُولَّك إِيه { فَتَرَكَ كُلَّ شَيْءٍ وَقَامَ وَتَبِعَهُ } .. مَا أجْمَلٌ الإِنْسَان اللِّي تَجَاوَبْ مَعَ نِدَاؤه وَيَكُون كَارِه مَاضِيه وَيَكُون ضَمِيرُه مُثَقَّلْ وَيَكُون رَافِضْ لِكُلَّ ثِقَلْ المَاضِي وَغِير مُسْتَرِيحٌ لأِفْعَالُه وَخَطَايَاه وَفِي الحَال يَقُوم وَيَتْرُك كُلَّ شِئ وَيَتْبَعُه .. فِي دِعْوِتُه لِتَلاَمِيذُه أثْنَاء الصِيدْ يِقُولَّك { فَلِلْوَقْتِ تَرَكَا شِبَاكَهُمَا وَتَبِعَاهُ } .. فِي حِينْ إِنْ إِحْنَا لَمَّا نِشُوف إِنْ دَعْوِتُه لِبُطْرُس كَانْ قَاعِدْ طُول اللِّيل بِيِصْطَادٌ وَلَمْ يَصْطَادُ شَيْءً وَلكِنْ لَمَّا رَبِّنَا طَلَبْ مِنُّه يَدْخُلْ لِلعُمْقٌ فَدَخَلٌ .. يِقُولَّك { مَلأُوا السَّفِينَتَيْنِ حَتَّى أَخَذَتَا فِي الغَرَقِ } ( لو 5 : 5 – 7 ) .. وَلَمَّا شَافْ يَسُوع عَمَلْ مَعَاهُمْ كِدَه تَرَك كُلَّ شِئ وَتَبِعَهُ .
أصْل دَعْوِة رَبِّنَا يَسُوع تِغْنِي الإِنْسَان وَتِكْفِيه وَتشَبَّعُه .. { مَنْ لِي فِي السَّمَاءِ وَمَعَكَ لاَ أُرِيدُ شَيْئاً فِي الأَرْضِ } ( مز 73 : 25 ) .. بَعْد مَا كُنْت بَنْظُر إِلَى الأُمور المَادِيَّة إِنَّهَا أُمور تِفَرَّح قَلْبِي أصْبَحْت أنْظُر إِلَيْهَا إِنَّهَا أُمور أرْغَبْ فِي التَّخَلُص مِنْهَا .. هذَا هُوَ حَالْ الإِنْسَان بَعْد مَا يُبْقَى سَاعِي لِلخَطَايَا وَحَابِبْهَا وَمُتَلَذِّذٌ بِهَا وَمُتَمَسِّك بِهَا يَجِدٌ نَفْسُه قَدْ مَقَتْهَا وَأصْبَحٌ كَارِه لَهَا .. رَبِّنَا بِيِعْمِلْ مَعَانَا كِدَه .. طَبْ لِيه تِسِيب لاَوِي يِوْصَلْ لِلدَرَجَة دِي ؟ عَشَانْ يِجِي .. عَشَانْ خَاطِر يِكْتِشِفْ بِنَفْسُه وَيِعْرَفْ أدْ إِيه إِنْ الحَيَاة دِي لاَ وَلَنْ تُشْبِعُه وَيِعْرَفْ إِنْ طُول مَا هُوَ مُتَمَسِّك بِأُمور مَادِيَّة فَهُوَ مُتَمَسِّك بِأُمور وَهْم وَضَلاَلَة لأِنُّه لَوْ قَعَدْ طُول عُمْرُه يِسْعَى وَرَاء هذَا المَجَال فَسَوْفَ يَزْدَادْ عَطَشُه وَيَزْدَادْ حَالُه سُوء وَيَظِلْ جَوْعَان بَلْ وَفَقِير .
مَا أجْمَلٌ إِسْتِجَابِة الإِنْسَان لِرَبِّنَا يَسُوع وَدَعَوَات لاَوِي المُتَكَرِّرَة .. كَمْ مَرَّة رَبَّنَا يَسُوع يَنْظُر إِلَيْنَا وَنَحْنُ لاَ نَتَجَاوَبْ وَيِقُولِّي إِتْبَعْنِي وَأنَا لاَ أقُوم وَأتْرُك كُلَّ شِئ وَأنَا مُتَمَسِّك بِمَكَانْ الجِبَايَة .. الكِنِيسَة بِتْحَفِّز وِلاَدْهَا بِكُلَّ طَاقِتْهَا الرُّوحِيَّة اللِّي هِيَّ جَايَّة مِنْ رُوحٌ الله اللِّي هُوَ الرُّوح القُدُس اللِّي يُقَدِّس وَيُنَقِّي .. رُوحٌ رَبِّنَا إِسْتَوْدَعُه فِي الكِنِيسَة عَشَانْ يِنْقِلْ لِينَا كُلَّ ذَخَائِر الآب وَعَطَايَا الإِبْن وَكُنُوز الثَّالُوث القُدُّوس مِنْ الرُّوح القُدُس .. رُوحُه القُدُّوس هُوَ اللِّي بِيقُولِنَا تَعَالُوا إِتْبَعُونِي .. إِتْبَعُوا الإِبْن الحَبِيب الَّذِي سُرَّ بِهِ الآب .. إِتْبَعُوا اللِّي عَنْدُه الغِنَى وَعَنْدُه المِيرَاث الأبَدِي الَّذِي لاَ يَفْنَى وَلاَ يَضْمَحِلٌ وَعَنْدُه البِّر وَالحَقٌ وَالأمَانْ .
خُسَارَة تِقَضُّوا عُمْرُكُمْ عَنْد مَكَانْ الجِبَايَة وَفِي الغِش وَالرِّيَاء وَالخِدَاع وَحُبْ المَال وَالعَالَمْ .. قُوم وَلَمَّا تِقُوم هَيْقَطَّعْ عَنْكَ كُلَّ رِبَاطَات الخَطِيَّة لأِنَّ كَلِمَتَهُ مُقْتَدِرَة وَفِيهَا حَيَاة وَفِيهَا قُوَّة الفِعْل .. رَبِّنَا يَسُوع لَمْ يَأمُرْنَا أمر وَلَمْ يُعْطِي وَصِيَّة إِلاَّ وَمَعَهَا طَاقِة تَنْفِيذ لأِنْ مُمْكِنْ نِقُول إِنْ هِيَّ تِفُوق طَاقِة البَشَر لكِنْ هُنَا لاَوِي جَمَعْ نَفْسُه وَتَجَاوَبْ وَلِلوَقْت تَرَكَ كُلَّ شِئ وَتَبِعَهُ .. لَمَّا رَبِّنَا يَسُوع الْمَسِيح كُلَّ يُوم يِوَبَخْنَا عَلَى خَطِيَّة نَتَجَاوَبْ مَعَ نِدَاؤه .. لاَ أُعَانِدْ لَمَّا يِدْعُونِي إِليه لأِنْفُض عَنِّي غُبَار الخَطِيَّة .. أطْرَح عَنِّي نِيرْهَا وَأقْطَعْ عَنِّي ثِقَلْهَا لِدَرَجِة إِنُّه يِقُولَّك { وَصَنَعَ لَهُ لاَوِي ضِيَافَةً كَبِيرَةً فِي بَيْتِهِ } .
دَعْوِة رَبِّنَا يَسُوع دَعْوَة تِفَرَّحٌ الإِنْسَان فَرَحٌ لاَ مَثِيلَ لَهُ .. لَيْسَ لَهُ تَقْدِير .. فَرْحَة كِبِيرَة خَلِّتْ لاَوِي يِعْمِلْ عَنْدُه وَلِيمَة كَبِيرَة .. عَايِز يِقُول لِيَسُوع إِنْتَ أنْقَذْتِنِي .. أنَا كُنْت حَاسِس إِنْ أنَا عُمْرِي بِيضِيعْ وَإِنْ رَبَاطَات الخَطَايَا عَمَّالَه تِزْدَاد عَلَيَّ .. عَمَّالَه تُخْنُوقْنِي .. مِش حَاسِس بِحَيَاتِي .. أنَا مِنْ لَحْظِة مَا مَشِيتْ مَعَاك حَاسِس إِنْ كُلَّ رَبَاطَاتِي إِتْفَكِّتْ .. أنَا كُنْت عَبْد كُنْت عَايِش فِي الخَطِيَّة .. هُوَ دَه الإِنْسَان اللِّي يِتْجَاوِبْ مَعَ رَبِّنَا وَيُتْرُك كُلَّ شِئ وَيَتْبَعُه .. عَشَانْ كِدَه لَمَّا إِنْسَان يِعِيش مَعَ رَبِّنَا يِلاَقِي نَفْسُه مِنْ جُوَّه فَرِحٌ وَمُتَهَلِّلْ وَمَمْلُوء بِالرَّجَاء وَيَشِعْ حُبْ لِكُلَّ اللِّي حَوَالِيه لأِنْ الخَطِيَّة كَانِتْ كَاتْمَة فِيه كُلَّ اللِّي جُوَّاه .. كُلَّ الإِشْتِيَاقَات اللِّي جُوَّاه كَانِتْ خَانْقَة حَيَاتُه .. كَانِتْ نَازْعَة مِنُّه السَّلاَمٌ وَالفَرَحٌ .. لَمَّا تَخَلَّص مِنْ هذِهِ القُيُودٌ صَنَعَ وَلِيمَة عَظِيمَة .. يِقُولَّك إِنْ نَاس مِنْ العَشَّارِين رَايْحِينْ يِتْفَرَّجُوا عَلَى الوَلِيمَة دِي .. رَايْحِينْ يِتْفَرَّجُوا وَيشُوفُوا لاَوِي دَه عَامِلْ الوَلِيمَة دِي لِيه ؟ وَيَا تَرَى هُوَ عَامِلْهَا عَشَان خَاطِر هُوَ لُه قَصْدٌ مُعَيَّنْ مِنْهَا ؟ هُمَّ بِيْفَكَّرُوا بِالتِّفْكِير المَاضِي .
يِقُولَّك إِنْ تَلاَمِيذ الكَتَبَة وَالفِرِّيسِيِّينْ نَفْسُهُمْ إِتَّذَمَرُوا عَلَى تَلاَمِيذ رَبِّنَا يَسُوع .. لِيه ؟ لأِنْ الوَلِيمَة دِي كَانْ عَامِلْهَا لاَوِي وَلاَوِي عَايِزْ كُلَّ النَّاس اللِّي زَيُّه يِتْبَعُوا الْمَسِيح وَعَاوِزْهُمْ كُلُّهُمْ يِتْلاَمْسُوا مَعَاه .. فَدَعَى العَشَّارِين صِحَابُه .. دَعَاهُمْ لِيه ؟ عَشَان خَاطِر عَايِز قُوِّة التَّغْيِير اللِّي فِيه تِنْضَحٌ عَلِيهُمْ .. لكِنْ لَوْ نَظَرْنَا لِلوَلِيمَة دِي حَا نِلاَقِي حُضُور رَبِّنَا يَسُوع الْمَسِيح فِيهَا يُعْتَبَر تُهْمَة .. لِيه ؟ إِذَا كُنْت إِنْتَ نَظَرْت لِعَشَّار وَاحِدٌ وَمِشِي وَرَاك إِحْنَا إِعْتَبَرْنَاك خَايِنْ .. طَيِّبْ لَمَّا تَجَمَّعْ العَشَّارِين كُلُّهُمْ وَتُقْعُدٌ فِي وَسَطِهِمْ دِي كَارْثَة .. فَوَلِيمَة فِيهَا وَاحِدٌ عَشَّار عَتِيقٌ وَخَبِير وَقُدْوَة لِلعَشَّارِين قَاعِدْ جَايِبْ حَوَالِيه كُلَّ العَشَّارِين صِحَابُه وَنَتَخَيَّل يَسُوع فِي وَسَطِهِمْ نُقُولُّه إِنْتَ قَاعِدْ فِي مَكَان مِش بِتَاعَك .. العَشَّارِين كُلُّهُمْ مَعَ بَعْض .. دَه عَشَّار وَاحِدٌ يِخَلِّي النَّاس تِتْغَيَّر .. طَيِّبْ لَمَّا كُلَّ العَشَّارِين ؟ لَقِينَاهُمْ تَذَمَّرُوا عَلِيه وَمِش قَاعِدْ مَعَاهُمْ وَبَسْ لكِنْ كَمَان فِي وَلِيمَة .. وَلِيمَة مَعْنَاهَا أكْل وَأكْل مَعْنَاهَا رَاضِي عَنْهُمْ وَمِنْ هُنَا صَارَ غَضَبْ الفِرِّيسِيِّينْ وَالكَتَبَة وَشَاعَ هذَا الأمر أنَّهُ مُحِبْ لِلعَشَّارِين وَالخُطَاة وَأنَّهُ مِثْلَهُمْ وَأنَّهُ مُحِبْ لَهُمْ وَطَالَمَا إِنْتَ مُوَافِقٌ عَلَى إِتِجَاهَهُمْ تُبْقَى إِنْتَ شَرِيك لِظُلْمُهُمْ وَإِنِّك وَاحِدٌ مِنْهُمْ .
مَا أعْظَمْ دَعْوِتَك وَجُودَك وَصَلاَحَك وَمَجِيئَك وَقُدُومَك عَلَى الأرْض لِتَدْعِي كُلَّ ظَالِمْ لِيَتَمَتَّعْ بِحَقَّك وَكُلَّ إِنْسَان سَائِر فِي الظُلْمَة لِيُشْرِق عَلِيه نُورُه .. جِه عَشَان يَفْتَقِدْنَا فِي مَكَان جِبَايِتْنَا لِيُنْقِذْنَا .. عَنْدُه إِسْتِعْدَاد إِنُّه يِتْقَال عَلِيه إِنُّه مُحِبْ لِلعَشَّارِينْ وَالخُطَاة لكِنْ المُهِمْ إِنِّنَا نِيجِي .. عَنْدُه إِسْتِعْدَاد إِنُّه يُوَجَه إِلِيه تُهَمْ بِسَبَبْنَا لكِنْ إِحْنَا أيْضاً وِلاَدُه وَقَابِلْ إِنُّه يِتْقَال عَلِيه إِنُّه إِنْسَان أكُول وَشِرِّيبْ خَمْر ( لو 7 : 33 ) .. قِيلَ عَنْهُ هكَذَا عَشَان كِدَه لَمَّا قَالُوا عَنْ يُوحَنَّا المَعْمَدَان إِنُّه إِنْسَان جَامِدْ مِنْ البَرِّيَّة وَصَلْب الإِرَادَة وَمُنْعَزِل قَالُوا عَلِيه إِنُّه إِنْسَان رَافِض النَّاس وَرَافِض إِنُّه يَاكُل وَيِشْرَب مَعَ النَّاس إِنْسَان لاَ يَصْلُحٌ يِكُون نَبِي .. رَبِّنَا يَسُوع الْمَسِيح بِيِكَلِّمْ مَعَ النَّاس وَيَاكُل وَيِشْرَب أيْضاً قَالُوا لاَ يَصْلُحٌ أنْ يَكُون نَبِي .. فَرَاح رَبِّنَا يَسُوع قَالْ لُهُمْ { زَمَّرْنَا لَكُمْ فَلَمْ تَرْقُصُوا نُحْنَا لَكُمْ فَلَمْ تَبْكُوا } ( لو 7 : 32 ) .. إِنْتُمْ مِش عَاجِبْكُمْ حَاجَة لاَ كِدَه وَلاَ كِدَه .. لِيه ؟ لأِنْ إِنْتُمْ أسَاساً مِش عَايْزِينْ تِتُوبُوا لكِنْ إِنْتُمْ عَايْزِينْ تَنْتَقِدُوا وَبَسْ .. عَشَانْ كِدَه نَصِيبْنَا فِي رَبِّنَا كِبِير جِدّاً لكِنْ إِحْنَا لَمْ نَكْتَشِفُه .. دَعْوِة رَبِّنَا يَسُوع لِينَا كُلَّهَا حُبْ .. كُلَّهَا غُفْرَان .. كُلَّهَا تَغْيِير بَسْ أنَا أقُوم مِنْ مَكَانْ جِبَايْتِي وَأفْرَحٌ بِه وَأعْمِلْ لُه وَلِيمَة لأِنَّهُ قَبَلَ أنْ يَكُون مُحِب لِلعَشَّارِين .. يَا لِسَعَادِة الإِنْسَان الخَاطِي فِي رَبِّنَا يَسُوع الْمَسِيح لأِنَّهُ أعْطَى لَهُ الكَرَامَة دِي إِنِّي مُمْكِنْ أدْعُوه وَهُوَ يِجِي .. { لَمْ آتِ لأَِدْعُوَ أَبْرَاراً بَلْ خُطَاةً إِلَى التَّوْبَةِ } .. مَا أجْمَلٌ قُوِّة دَعْوِة رَبِّنَا يَسُوع وَمَا أجْمَلٌ أنْ نَكْتَشِفْ أنَّ هذِهِ الدَّعْوَة اللِّي مَاكَنْش حَدٌ يِتْوَقَّعْ أبَداً إِنْ هذَا الإِنْسَان يَثْبُتْ فِي هذَا التَّغْيِير وَيَصِير كَارِز عَظِيمْ .. اللِّي يِقْرَا إِنْجِيل مَتَّى يِسْأل مَعْقُول الكَلاَم دَه جَاي مِنْ لاَوِي ؟ مَعْقُولَة الكَلاَم دَه جَاي مِنْ إِنْسَان كَانْ مَغْرُوس فِي الخَطَايَا ؟ أدْ إِيه نِعْمِتَك يَارَب مُغَيِّرَة .
إِقْرأ رِسَالِة مُعَلِّمْنَا مَتَّى .. صَاحِبْ الإِنْجِيل المُلُوكِي مَتَّى .. وَلأِنَّهُ لاَوِي يَعْنِي مُنْغَمِس مَعَ اليَهُود عَشَان كِدَه كَتَبْ إِنْجِيلُه لِليَهُود .. أكْتَر إِنْجِيل إِسْتَشْهِدٌ بِآيَات مِنْ العَهْد القَدِيم هُوَ مَتَّى وَأكْتَر إِنْجِيل أبْرَز شَخْص رَبِّنَا يَسُوع كَالمَسِيَّا وَكَمَلِك وَمُخَلِّص هُوَ مَتَّى .. إِقْرأ بِشَارِة مَتَّى تِلاَقِي أكْتَر مِنْ 80 مَرَّة يِقُول يُشْبِه مَلَكُوت السَّموَات وَأكْتَر مِنْ 70 مَرَّة إِسْتَرْشِدٌ وَاسْتَشْهِدٌ بِالعَهْد القَدِيم .. نِعْمِة رَبِّنَا يَسُوع الْمَسِيح مُغَيِّرَة .. إِوْعَى تِثْتَثْقِلْ عَلِيك تُوْبتَك .
رَبِّنَا يَسُوع الْمَسِيح قَادِر إِنُّه يِغَيَّرَك .. نِعْمِتُه مُغَيِّرَة مُقْتَدِرَة .. مِين يِصَدَق إِنْ شَاوِل يُبْقَى بُولِس الرَّسُول .. مِين يِصَدَق إِنْ أُغُسْطِينُوس يُبْقَى الأُسْقُفْ العَظِيمْ صَاحِبْ أحْلَى كِتَابَات إِعْتِرَافَات .. أُغُسْطِينُوس صَاحِبْ أحْلَى إِعْتِرَافَات .. { الْمُقِيمُ الْمِسْكِينَ مِنَ التُّرَابِ . الرَّافِعِ الْبَائِسِ مِنَ الْمَزْبَلَةِ } ( مز 113 : 7 ) .. زَي مَا قَالْ أحَدٌ الأبَاء القِدِّيسِين { الطَّبِيبْ يُمْدَحٌ بِمَرْضَاه } .. كُلَّ مَا المَرِيض مَرَضُه كَانْ ثَقِيل وَالطَّبِيب أعْطَى لُه دَوَاء وَخَفْ يُعْتَبَر كِدَه الطَّبِيب بَقَى أشْطَر .. الفَضْل يِرْجَعْ مِش لِخَطِيِتِي وَلكِنْ لِقُدْرِتُه هُوَ .. { الدَّاعِي الكُلَّ لِلخَلاَص } ( مَا يُقَال فِي طِلْبِة آخِر كُلَّ سَاعَة ) .. مَا أجْمَلٌ النَّفْس الَّتِي تَتَجَاوَبْ مَعَ رَبِّنَا وَلاَ تَقْطَعْ رَجَاءْهَا مِنْ رَحْمِتُه .
قِيلَ عَنْ قِدِيس أنَّهُ كَانَ دَائِمْ السُقُوط لكِنْ كَانَ لَهُ رَجَاء قَوِي وَكَانَ لَهُ صَلاَة جَمِيلَة بِيُصَلِّيهَا وَالشَّيْطَان كَانْ بِيوَقَعُه وَكَانَ يَتَرَجَّى رَبِّنَا وَيِقُولْ لُه .. { أُنْظُر يَارَب إِلَى شِدَّة حَالِي وَانْتَشِلْنِي إِنْ شِئْت أوْ لَمْ أشَأ لأِنَّكَ تَعْلَمْ إِنِّي تُرَاب وَإِلَيْهِ أشْتَاق } .. يِجِي الشِيطَان يِقُولُّه { كَيْفَ وَأنْتَ إِنْسَان دَنِس الشَّفَتِينْ وَاليَدِينْ تَقِفْ أمَام الله ؟ } .. كَانْ يُرُدٌ عَلَى الشِيطَان وَيِقُول { إِنْتَ تِضْرَب بِمِرْزَبَّة وَأنَا أضْرَب بِمِرْزَبَّة وَحَنْشُوف مِينْ يِغْلِبْ إِنْتَ أم مَرَاحِمْ الله ؟ } .. وَالشِيطَان يِجِي وَيِقُولْ لُه { لكِنْ إِنْتَ إِنْسَان طَرِيقَك رَدِئ جِدّاً وَمَاضِيك مَلِئ بِالسُقُوط } .. كَانْ يُقْعُدٌ يِتْرَجَّى رَبِّنَا وَيِقُولْ لُه { إِنْ كُنْت تُقَفْ مَعَ القِدِّيسِين فَمَا الحَاجَة .. وَإِنْ كُنْت تُقَفْ مَعَ الأبْرَار وَالأطْهَار فَهذَا لَيْسَ بِجَدِيد وَلكِنْ إِظْهِر مَجْدَك فِيَّ أنَا المُحْتَاجٌ لِعَمَل نِعْمِتَك } .. أنَا السَّاقِطْ الجَالِس فِي مَكَان الجِبَايَة .. أنَا مُحْتَاجٌ .. أنَا الخَاطِي .. يِقُول فِي نِهَايِة القِصَّة { فَزُجَّ شَيْطَان اليَأس مِنْ حُسْن رَجَاؤه وَقَالَ لَهُ لاَ أعُودٌ أُهَاجِمَك بَعْدَ اليَوْم لأِنَّ بِسُقُوطَك وَقِيَامَتَك تَأخُذْ أكَالِيل أكْثَر } .
الله يُعْطِينَا أنْ نَتَجَاوَب مَعَ نَظَرَاتُه وَمَعَ صَوْتُه وَنَقُوم وَنَتْبَعُه غِير نَاظِرِينْ لأِمُور المَاضِي
وَلاَ أي شَهْوَة أوْ أي إِرْتِبَاط بِالعَالَمْ لأِنَّهُ قَادِرٌ أنْ يُغْنِينَا وَيُشْبِعْنَا وَيَكْفِينَا وَأنْ يَجْعَلْ مِنْ قُلُوبْنَا سَمَاء لَهُ
رَبِّنَا يِكَمِّلْ نَقَائِصْنَا وَيِسْنِدْ كُلَّ ضَعْف فِينَا بِنِعْمِتُه وَلإِلَهْنَا المَجْد دَائِماً أبَدِيّاً آمِين
الحاجة الى واحد
إِنجيل هذا الصباح المُبارك ياأحبائىِ يتكلّم عن البيت المحبوب جداً لدى شخص ربنا يسوع المسيح وهو بيت لِعازر ومريم ومرثا
معروف أنّ هذا البيت هو موضع راحة ربنا يسوع ، لأنّ ربنا يسوع لا يستريح إِلاّ عِند الناس التى قلوبها تُحبّه والنفوس التى تُرحّب بِقدومهِ ، فهو يُحب أن يستريح عِندهُم مِن كُلّ عناء
فوجدنا أنّ ربنا يسوع قبل أن يُصلّىِ كان يستريح فىِ بيت عِنيا ، واليوم نُحب أن نقترب مِن صِفات هذا البيت لكى يستريح فينا شخص ربنا يسوع المُبارك ، فوجدنا فىِ هذا البيت :
(1) لِعازر الذى ربنا يسوع يُحبّهُ
(2) مرثا التى تهتم بِخدمة البيت
(3) مريم التى تُحب أن تجلس عِند قدميهِ لِتتعلّم
وجدنا كُلّ نِفَس تُحب أن تقترب منهُ لكى يستريح فيها ، ما أجمل العِبارة التى قالها ربنا يسوع لِمرثا عِندما قال " مرثا مرثا أنتِ تهتمين وتضطربين لأجل أمورٍ كثيرة ولكن الحاجة إِلى واحد " ، يُريد أن يقول لها أنا أُريدك أن تكونىِ مِثل مريم ولِعازر ، فلا تنصرفىِ كثيراً عن الجلوس تحت أقدامىِ ، فإِنّ الجلوس تحت أقدامىِ أمر محبوب جداً
ربنا يسوع يُحب النفوس التى تجلس عِند قدميهِ لكى تسمع وتعمل ، تسمع بقلب مُنسحق وكُلّها إِنصات ، بل كُلّها شغف وحُب وإِتساع لتسمع الكلمة التى تعبُر أعماقها وتؤثرّ فيها ، ولِذلك ربنا يسوع قال لمرثا " الحاجة إِلى واحد "
لِنعتبر أنّ ربنا يسوع دخل بيتنا الشخصىِ ووجّه لنا هذا النِداء بل هذهِ الصرخة وقال " ولكن الحاجة إِلى واحد " ، ولِذلك لو ترك الإِنسان نفسهُ لِمشغوليات العالم فإِنّهُ سيرتبك بأمورٍ كثيرة ، وهذهِ قاعدة الذى يهتم بأمور خارج ربنا يسوع ، فلو بعدنا عن ربّ المجد يسوع وعمله وملكوته والتسليم لهُ فإِنّ ذلك يُنشأ إِرتباك لكن إِرتباكنا هذا يجعلنا ننزعج فنهرب إِليهِ
أنت مُحتاج للواحد ، ومِن هو الواحد ؟ هو شخص ربنا يسوع ، فلو ربنا دخل إِلى كُلّ واحد وإِلى بيتهِ فإِنّهُ سيقول لهُ " الحاجة إِلى واحد "
فهذهِ الآية نحنُ مُحتاجين أن نعيشها ، فتوجد إِحتياجات كثيرة جداً يرتبك بِها الإِنسان ويخدمها وينسى الحاجة إِلى واحد
فعُلماء النِفَس لكى يُحدّدوا إِحتياجات الإِنسان وجدوها كثيرة جداً لا تنتهىِ ، ولكن أكثر إِحتياج عِند الإِنسان ومُلح جداً هو أن يُحب ويشعُر أنّهُ محبوب ، وأيضاً الحاجة إِلى التقدير بأنّ الّذين حولهُ يُكرموه ويرفعوه
فأكثر شىء يُتعب الإِنسان هو أن يشعُر بأنّ الّذين حولهُ يحتقروه ويُقلّلوا مِن شأنهِ ولا يُقدّروه ، وأيضاً الإِنسان بِيحتاج إِلى الشعور بالأمان والسلام والطُمأنينة والإِستقرار وعدم الخوف وعدم الإِضطراب
وأيضاً توجد إِحتياجات بيولوجيّة مِثل الإِحتياج للأكل والشُرب والملبس ، كُلّ هذهِ الإِحتياجات كيف نقيسها على الحاجة إِلى الواحد ، فأنا يارب مُحتاج إِلى إِحتياجات كثيرة
1- الحاجة إِلى الحُب :
ما لم يشعُر الإِنسان بِمحبة ربّ المجد يسوع لهُ شخصياً ، ويشعُر بِحُبهِ الباذل الفادىِ فإِنّ الإِنسان سيظل فقير مِن معنى الحُب ، فمهما أحبّوه الناس فإِن محبة البشر محبة زائفة مُتغيّرة مُتقلّبة غير ثابتة ، بل أحياناً تكون محبة أنانيّة تميل إِلى الأخذ
ولكن عِندما نرى محبة المسيح فإِنّها محبة ثابتة غير مُتغيّرة حتى وإِن كُنّا خُطاه ، مات لإِجلنا الفُجّار ، والفاجر هو الإِنسان الذى إِستباح الخطايا ، وعِندما يفعل الخطيّة لا يخجل بل بالعكس يكون مُصرّ ومُصمّم ومُتلذّذ بالخطيّة ، ولكن هذا الإِنسان عِندما يشعُر بِمحبة الله فإِنّ هذهِ المحبة تُغطّىِ إِحتياجاته لأى محبة أُخرى ، لأنّها محبة ظاهرة بِشدّة ، الذى أحبّنىِ أنا وأسلم ذاته لأجلىِ أنا
فالإِنسان مُحتاج أن يأمِن لِهذا الحُب ، الذى لا يوجد أحد يُعطيه لهُ إِلاّ شخص ربنا يسوع ، تأملّ فىِ غُفرانه لك وكم أنّهُ يكمُن فيهِ محبّة
ومِن الأمور التى يحتاج إِليّها الإِنسان الحاجة إِلى الغُفران وذلك حتى لا يشعُر الإِنسان أنّ خطاياهُ بِتتراكم وبتزيد عليه
لا تبحث عن حُب خارج المسيح ، لا تجد نِفَسك جوعان وغير شبعان ، محبّة الناس لن تكفيك ، أنت مُحتاج لِحُب لا نهائىِ ، " هكذا أحبّ الله العالم " أى بِدون سبب ، بِدون أن يكون لىّ إِستحقاقات لِحُبّةِ ، أحبّنا فِضلاً ، أحبّنا أولاً لأنّهُ أراد أن يُحبّنا ، أحبّنا لأننّا عمله وصنعه يديهِ
2- الحاجة للتقدير :
الإِنسان مُحتاج لِمن يقول لهُ كلِمة ترفعهُ ، ولِمن يُحسّسهُ بقيمتهُ وبأنّهُ غالٍ ومُهم ، لا يوجد عِند ربنا يسوع أغلى منّىِ ومنك ، لا يوجد أقيّم عِند ربنا يسوع مِن الإِنسان ، فهو يقول لك أنت صورتىِ ، جعلت إِسمىِ عليك ، نحنُ صرنا شُركاء للطبيعة الإِلهيّة
فهل يوجد إِحتياج عِند الإِنسان بأن يشعُر بِقيمتهُ وهو شريك للطبيعة الإِلهيّة ، وهو إِبن للّه ، وهو إِناء للكرامة ، وهيكل للروح القُدس ، فعندما نشعُر بِذلك نشعُر بقيمة أنفُسنا ، وأشعُر أننّىِ غالىِ عِندهُ ، ربنا يسوع قال " لذّتىِ فىِ بنىِ آدم " الإِنسان محبوب جداً ، صورتىِ فيهِ
لن تجد تقدير مِثل الذى يُعطيه لك ربنا يسوع ، فإِن كُنت مُحتاج لتشجيع فإِنّك ستجد الإِنجيل يُكلّمك ويقول لك " قصبة مرضوضة لا يقصِف وفتيِلة مُدّخنّة لا يُطفأ " ، ويقول " الصدّيق يسقُط سبع مرّات ويقوم "
فهل يوجد أكثر مِن ذلك ! فالكِتاب المُقدّس تشجيع وسند ، فهل يوجد أكثر مِن أنّهُ يُعطينىِ جسده ودمه ! فمِن سيُقّدرنىِ هكذا ؟!!
فعِندما تكون مُحتاج للتقدير ويقول لك شخص كلِمة مديح فإِنّها ستكون مملوءة بالنِفاق والرياء ، ولكن عِندما يُشجّعك الذى خلقك وجبلك فهذا هو التقدير الحقيقىِ ، كرامة الإِنسان عِند ربنا كرامة عظيمة
سُليمان الحكيم يقول " إِنسان فىِ كرامة لا يفهم يُشبه البهائم التى تُباد " ، فأنت غالٍ أنت محبوب أنت مُكرّم عِند ربنا ، لا يوجد تقدير يُعطيه لى أحد مِثل ما يُعطينىِ ربنا يسوع ، فهو الذى يجعلنىِ أشترك معهُ فىِ الذبيحة الغير دمويّة فأشعُر أنّ قلبىِ مسكن لهُ وجسدىِ هيكل لِربنا
3- الإِحتياج للأمان
يظل الإِنسان طوال حياته يبحث الأمان ، فمثلاً يقول أنا أأمنّ على حياتىِ ويدّخر مِن الأموال وتجدهُ مُضطرب ومهموم ومهما فعل فإِنّهُ لا يشبع ولا يكتفىِ
الإِنسان فىِ داخلهُ إِحساس عميق للأمن ، خارج عن ربنا يسوع لا يوجد إِطمئنان ، اليد الإِلهيّة هى التى تحمل كُلّ نِفَس ، مُستحيل أن أطمئن بعيداً عن ربنا يسوع
والإِنسان مُحتاج أن يستقرّ ويأمن ولكنّهُ لا يستريح إِلاّ فىِ الله ، فإِن كان يظُن أنّهُ عِندما يدّخر أموال أنّهُ سيستريح ، ولكن كلاّ ، وكان يظُن أنّهُ عِندما يتمسّك بالدنيا أكثر أنّهُ سيستريح ، ولكن الأمر عكس ذلك ، الإِحتياج للأمن لن تجدهُ إِلاّ فيهِ هو
بولس الرسول يقول " لأنّهُ هو سلامُنا " ، لا يوجد سلام خارج عنّه ، لا يوجد أمن ولا إِستقرار ولا سكينة ولا إِطمئنان خارج عنّه ، الإِنسان بيأخُذ منهُ سلام ويشبع بهِ ، إِطمئنانىِ هو فىِ يد ربنا ، فالإِنسان عِندما يأخُذ وعد مِن ربنا عِندما يقول لهُ " لا تخف أنت لىِ " ، وعِندما يقول لىِ " أنّ حافظ الأطفال هو الرّبّ " ، ونحنُ نُصلّىِ ونقول " مواعيدك الحقيقيّة الغير كاذبة " ، فبِذلك أثق بهِ وأطمئن
فحينما أضطرب أهرب إِليّهِ فأستريح ، وعِندما أجثو أمامهُ أشعُر بالأمن والسلام ، يعتقد الإِنسان أنّهُ سيستريح عِندما يأخُذ بيت وأنّهُ سيجد فيهِ الأمن والسلام ، ولكن كلاّ فلن يجد أنّ البيت هو مصدر سلامه ، فالبابا شنوده الثالث يقول " لن يرتاح للأسوار فِكرىِ " ، فأى بيت أيا أن كان أنا سعيد فيهِ مادُمت فيهِ مع يسوع
القديس يوحنا ذهبىِّ الفم عِندما أتوا لِيفنوه قالوا لهُ إِننّا لن نجعلك تشعُر بالأمن فمِن حين لآخر سنُرسلك إِلى بلدٍ جديدة ، فقال القديس " للرّب الأرض وملؤها " ، فهو كان يشعُر أنّ أمنه لم يكُن بالمكان الذى سيعيش فيهِ بل فىِ أى مكان يعيش فىِ أمن مع الله
كثيراً ما ينخدع الإِنسان مِن نفسه ومِن شهواته ومِن عدو الخير ومِن إِحتياجاته ويُعلن أنّ لهُ راحة خارج ربنا يسوع ، ولكن أبداً فسنظل حيارى وفىِ شدّة وفىِ ضيق إِلى أن نشعُر أنّ راحتنا هى فيهِ
القديس أوغسطينوس كان يقول للّه " أعطنىِ أن أستريح فيك دون جميع رغباتىِ " ، أتُريد أن تأمنّ المُستقبل أمنّ الأبديّة ، والإِبن بيرث أبوه والله لم يترُك لى أموال ولا عمارة ولكنّهُ أعطانىِ الميراث الذى لا يفنى ولا يضمحلّ ، ترك لىِ شرِكة الحياة الأبديّة
وتجد أنّ الإِحتياجات البيولوجيّة مِن أكل وشُرب وملبس مهما أخذ منها الإِنسان فإِنّهُ لن يكتفىِ بها ولا يشبع منها إِن لم يأكُل بِشكُر ، وإِن لم يكُن لبسه فىِ المسيح يسوع ويكون لبِس بسيط ومُجرّد ليستُر الجسد ، وإِن لم يشعُر الإِنسان أنّ جماله هو مِن الداخل فإِنّهُ لن يعرف أن يختار ملابسهُ ، وسيجد أنّ اللبس يذلّه والأكل يذلّه
ولو حاولنا أن نُشبع كُلّ إِحتياجاتنا فإِننّا سنشعُر أننّا مُحتاجين للمسيح وللمسيح فقط ، ولِذلك ربنا يسوع عِندما خاطب الآب قال لهُ " أن يعرفوك أنت الإِله الحقيقىِ وحدك " ، كما نقول نحنُ لهُ " لأننّا لا نعرِف آخر سِواك "
فالإِنسان لو ترك نفسهُ فىِ إِشباع إِحتياجاته فإِنّهُ سيُذل ، ولو بحث عن إِحتياجه للحُب خارج عن المسيح فإِنّهُ سيتعب ، ولو بحث عن التقدير خارج المسيح سيُذل ، ولو بحث عن الأمان خارج المسيح فلن يشعُر بالأمان ، الحاجة الأصليّة التى تُشبع الإِنسان هى الحاجة إِلى واحد
فعُلماء النِفَس قد وجدوا أنّ هذهِ الإِحتياجات لن تُغطّىِ أو تُشبع أبداً ، لأنّ الإِنسان هو بئر مِن الرغبات ، فلو إِمتلك مُمتلكات مِثلاً فإِنّهُ لن يشبع ولكن لا يُشبعهُ إِلاّ الله خالقهُ
" فلن يُشبع القلب المُثلّث إِلاّ الله المُثلّث الأقانيم " ، فلو أعطينا لِهذا القلب المُثلّث الكُرة الأرضيّة فإِنّهُ سيظل فيهِ جوانب فارغة
قال المسيح لمرثا " أنتِ تهتمين وتضطربين لأجل أمور كثيرة ولكن الحاجة إِلى واحد " ، يا ليتنىِ أكتشف هذهِ الحاجة ، ولو بحثت عن هذهِ الإِحتياجات خارج المسيح فإِننّىِ بِذلك سأُصبح فقير ولن أشبع ، ولِذلك لابُد أن أرجع إِليهِ ، فوقفة الصلاة ستُشبعنىِ وستُغنينىِ ، ففىِ الكِتاب المُقدّس الله يُكلّمنىِ ويُهدّأنىِ ويُطمأننىِ ، إِشبع بجسده ودمه فهو يعلم بِكُل إِحتياجاتك
القديس أوغسطينوس يقول " إِنّ مِن يقتفىِ أثارك لن يضلّ قط ، إِنّ مَن إِمتلكك شبِعت كُلّ رغباته " ، فشخص مِثل موسى النبىِ عِندما تختبره وتقول لهُ : تُحب أن تعيش مُعزّز ومُكرّم فىِ قصر فرعون أم تكون مذلول مع شعب الله ؟ فنجد الردّ يقوله الكِتاب " بالإِيمان موسى لمّا كبِر أبى أن يُدعى إِبن إِبنة فرعون مُفضّلاً بالأحرى أن يُذلّ مع شعب الله على أن يكون لهُ تمتُّع وقتىِ بالخطيّة حاسباً عار المسيح غِنى أعظم مِن خزائن مِصرِ 00" ، فطوباك يا موسى ، فهذا هو الإِنسان الذى عرِف أن يُشبع إِحتياجاته صح
والإِنسان مُحتاج أن يُشبع إِحتياجاته ، ولِذلك وجدنا فِئات كثيرة تتبع ربنا يسوع لأنّهُم إِكتشفوا حُبّه فىِ قلوبهُم ، فتبِعوه مِن كُلّ قلوبهُم وقدّموا حياتهُم حتى الموت
الإِنسان مُحتاج أن يُراجع نفسه هل يُشبع كُلّ إِحتياجاته مِن ربنا يسوع ويشعُر بِغِنى أم أنّهُ يعيش مذلول ، ولِذلك عليهِ أن يرجع إِلى الله ولا يلجأ إِلى غيّرهُ ليشبع مِن فيض وغِنى ربنا يسوع المسيح
ربنا يسند كُلّ ضعف فينا بنعمتهُ
لهُ المجد دائماً أبدياً آمين