المقالات

26 سبتمبر 2024

الغنوسية الثنائية

تؤمن معظم المدارس الغنوسية بالثنائية، إذ تضع هوة عميقة تفصل بين العالم الروحي والمادي يوضح Hans Jonas الثنائية الراديكالية (المتطرفة) للغنوسية أنها توجد على مستويات كثيرة: "الله والعالم؛ الروح والمادة؛ النفس والجسد؛ النور والظلمة؛ الخير والشر؛ الحياة والموت" تتطلع الغنوسية القديمة إلى الله ليس أنه فوق العالم، ويسمو فوق المادة فحسب، وإنما ليس له أي دور في خلقة المادة. "العالم من عمل القوات السفلية التي وإن كانت قد نزلت من عنده وتعرف الله الحقيقي، لكن معرفتهم له يعوقها العالم الذي يسودون عليه" العالم المادي شر، يلزم أن يهرب منه الإنسان وذلك خلال المعرفة السرية لله الحقيقي يتطلعون إلى العالم وإلى الجسد بكونهما السجن الذي فيه النفس حبيسة، يلزمها خلال المعرفة أن تتحرر منه. يقول د. بارت إهرمان: "لقد سقطنا هنا في الفخ، صرنا مسجونين. وعندما نتعلم مَنْ نحن، وكيف يمكننا الهروب، نستطيع العودة إلى بيتنا السماوي" اتفقوا معًا على رفض انتساب مصدر المادة إلى الله العلي أو إله الصلاح. نشأت أنظمتهم على الفصل أو التناقض بين خالق الكون المادي Demiurge أو "الإله الخالق" وبين الكائن الإلهي الأعلى (الأسمى) غير المدرك. تعليمهم بخصوص الله وعلاقته بالخليقة تحمل ثنائية إلى أبعد مدى. فهم يعتقدون بأن الآب الفائق السمو أو ما يدعونه الكائن الأسمى روحي تمامًا، أبدي، سامٍ، ليس بخالقٍ ولا علاقة له نهائيًا بالخليقة. علي نقيضه الخالق للعالم المادي الساقط الشرير وهو متعجرف، غالبًا ما يُدعي الديميرج Demiurge أي "الصانع"، هذا الذي خطأ يظن في نفسه إله وحيد. هذه الفرق الغنوسية أو شبه الغنوسية تحط منه وتسخر به، لأنه صانع للأمور المادية وهي تتحد معه، ولأنه لا يعرف الأب الطاهر للعالم الحقيقي غير المادي، هذا التعليم بخصوص الله والخالق، يظهر في عملٍ يرجع إلى القرن الثالث يسمى Hypostasis of the Archons. يظهر هذا العمل الصراع بين "السلاطين" والأرخونات وبين أب الحق. كما يظهر الاعتقاد بوجود صراعات بين السلاطين أنفسها المتعددة. أما ما يهمنا بالأكثر هو أن البشرية هي من صنع الأرخونات [تطلع عدم الفساد إلى أسفل في منطقه المياه، فظهرت صورتهما (الإيمان الحكمة Pistis Sophia) في المياه. وصارت سلاطين الظلمة إنها تُفتن بتلك الصورة التي ظهرت لهم في المياه لكنهم لا يستطيعون أن يمسكوا بها، وذلك بسبب ضعفهم. فإن الكائنات التي لها مجرد نفس لا تقدر أن تمسك من لهم الروح. إنهم من أسفل، أما هي فمن فوق. هذا هو السبب أن عدم الفساد تطلع إلى أسفل إلى منطقة (المياه)، حتى بإرادة الآب يمكنها أن تُجلب بالكامل في اتحاد مع النور. وضع الحكام (الأرخونات) خططًا، وقالوا: "هلم نخلق إنسانًا يكون ترابًا من الأرض". لقد شكلوا مخلوقهم بكونه كله من الأرض.] بقي الإنسان المملوء بالنفس بلا حياة على الأرض. لكن عالم الروحيات Pleroma (عدم الفساد) يرسل الروح ليسكن في الإنسان ويهب آدم حياة خُلق العالم المادي والبشرية كجزءٍ من العالم الساقط منذ البداية، وإله العلويات يمده بنسمة الحياة الروحية، لكن الخليقة في أصلها هي من عمل كائنات أخرى من أشهر الغنوسيين فالنتينوس Valentinus. بحسب ما ورد في أوريجينوس والقديس إكليمنضس السكندري يعلم فالنتينوس بوجود نظام هيراركي بين الكائنات الروحية تدعي بالأيونات aeons. من أكثر الأيونات انحطاطا صوفيا Sophia التي سقطت وولدت الخالق Demiurge، إله كتاب العبرانيين. هذا الخالق الشرير خلق العالم المنظور، وهو مادة شريرة، لأننا نحن الأرواح النقية ارتبطنا بأجسام جسدانية. المسيح هو أيون له جسم ليسوع البشري، جاء ليحررنا من سجن المادية بالقول "نحن" لا يعني كل إنسان، فإنه ليس لكل البشر شرارة إلهية في داخلهم، إنما العقلاء أصحاب المعرفة "gnosis" على وجه التحديد يهتمون بما تعرفه (الشرارة الإلهية). قلة قليلة هي القادرة على قبس هذه التطلعات. أما عامة المسيحيين الذين ينقصهم قوى العقل، فيمكنهم فقط أن يبلغوا العالم المتوسط للخالق. أما من هم خلاف هؤلاء فيهلكون. بحسب الفكر الغنوسي لا رجاء للخلاص بالنسبة لغالبية الجنس البشري يمكننا أيضا أن نتعرف على أفكار الغنوسيين عن الله مما ورد في أبوكريفا يوحنا، وهو عمل من القرن الثاني يقدم لنا إعلانا سريًا على لسان يسوع ليوحنا [قال لي: "يوحنا، يو(ح)نا، لماذا تشك؟ ولماذا أنت خائف؟ إنك لست معروفًا بهذه الصورة، هل أنت هكذا؟ لا تكن جبانًا. أنا هو ذاك (الذي معكم جميعًا على الدوام). أنا (هو الأب)، أنا هو الأم، أنا هو الابن، أنا هو غير الدنس غير الفاسد. الآن (آتي لأعلمك) ما هو كائن، (وما كان)، وما سيكون، حتى تعرف الأمور التي لم تعلن (والأمور المعلنة وأعلمك) عن (جنس الإنسان) الكامل غير المزعزع. الآن (ارفع وجهك) لكي (تتقبل) الأمور (التي أعلمك إياها) اليوم و(تخبر بها) الأرواح رفقاءك الذين هم (من) جنس الإنسان الكامل (غير المزعزع).] ما يهمنا هو أنه يقدم الله بصورة مركبة ككثير من الغنوسيين، يحوي أبًا وأمًا وابنًا. أغلب النصوص الغنوسية تقدم الله كاثنين معًا، حيث تظهر الأم اللاهوتية جزءً من زوجين أصليين couple original. لقد اشتكي القديس إيريناؤس من فالنتنيوس الذي تحدث عن الله كمن يضم جزئين، جزء هو الله الذي لا يُدرك، العمق، الأب البدائي، ومن الجانب الآخر النعمة، السكون، الرحم أم الجميع. هذه النعمة والسكون هما الجانب النسائي المكمل في الله، رحمها تقبل بذرة المصدر غبر المُدرك لكي تلد انبثاقات للكائن الإلهي. الاعتقاد بأنثى إلهية يميز الغنوسيين عن تقديم الله عند اليهود والمسيحيين. إلا أنه من الواضح أن حديثهم عن الجانب النسائي ليس ماديًا، ولا يعنون الجنس بالمفهوم العام، إنما الفيوضات الإلهية. أما التقليد اليهودي – المسيحي فيرفض وجود جنس في الله. الكتاب المقدس لا يحقر من شأن المرأة، لأن الله خلق الإنسان ذكرًا وأنثي على صورته (تك 1: 27). بينما نجد في الإنجيل الغنوسي المنسوب لتوما 114: [قال سمعان بطرس لهم (التلاميذ): دعوا مريم تتركنا، فإن النساء لسن أهلاً أن يعشن. قال يسوع: "أنا نفسي أقودها لأجعلها ذكرًا، فتصير هي أيضًا روحًا حيًا، تشبهكم أنتم الذكور. فإن كل امرأة تجعل من نفسها ذكرًا ستدخل ملكوت السماوات.] في كتاباتهم يقدم الغنوسيون الله متعاليًا حتى لا يوسخ يديه بالبشرية، يعمل بواسطة رسل. أما في العهد الجديد فنرى الله صار جسدًا، ودخل إلى آلامنا، حاملاً إياها لأجلنا. فالفارق ضخم للغاية. يتطلع الغنوسيون إلى العالم أنه شر في ذاته. [الشر الذي يتخلل التاريخ هو آفة، أساسًا هو غريب عن العالم. لكن بالتدريج تزايدات النظرة السوداء للحياة؛ أصل العالم نفسه يُنسب إلى خطأ مريع، والشر نال مركز السلطان على العالم، وليس كمن اغتصب السلطة، وإنما هذا هو وضعه الأصلي أراء الغنوسيين في شخص يسوع المسيح شخص يسوع وعمله على الصليب والخلاص يمكننا التعرف على شخصية ربنا يسوع كما يعلم الغنوسيون من خلال ثلاثة نصوص: النص الأول: [رأيته بوضوح وقد قبضوا عليه. قلت: "ماذا أري يا رب؟ بالحقيقة هو أنت الذين أخذوه؟ هل يمكنني أن أمسك بك؟ هل يسمرون قدمي آخر ويديه؟ من هو هذا الذي على الصليب، المسرور الذي يضحك؟" قال لي المخلص: "الذي تراه مبتهجًا وضاحكًا علي الصليب هو يسوع الحي. أما ذاك الذي يسمرون يديه ورجليه بالمسامير فهو جانبه الجسدي، البديل. لقد وضعوا في خزي ما هو على شبهه. وتطلعوا إليه، (وتطلع) إليّ.] مع غموض النص لكن الواضح أنه يوجد كائنان: الرب الحي، المخلص يسوع، وأيضا البديل الجسدي ليسوع. فالمخلص من عند الآب، كائن روحي، الذي ليس له أدنى علاقة بالجسد والأجسام والموت. لم يكن ممكنًا له أن ينشغل بوجود مادي ساقط وفاسد. البديل الأرضي الحي بشري مجرد يمثل يسوع، قد صلب. يسوع السماوي لم يتألم على الصليب. البديل الأرضي ذُبح، ويسوع السماوي ضحك علي جهل العالم. النص الثاني: [إنه آخر...شرب المر والخل، وليس أنا. ضربوني بالقصبة، لكن كان آخر! سمعان الذي حمل الصليب على كتفه. إنه آخر الذي وضعوا عليه إكليل الشوك. أما أنا فكنت أضحك في الأعالي...علي خطأهم.. وكنت أضحك على جهلهم.] النص الثالث: في هذا النص يقدم يوحنا خبرته عن جسد المسيح المقام: [سأخبركم عن مجد آخر أيها الأخوة؛ أحيانًا عندما أردت أن ألمسه وجدت على غير توقع جسدًا ماديًا صلب، ولكن في مرات أخرى عندما تلمسته فكيانه غير مادي وغير جسدي... كأنه غير موجود تمامًا.] في نفس النص حاول يوحنا أن يتتبع أثر قدمي المخلص، فلم يجد لها وجود، وكأن يسوع هو كائن روحي. التجسد بالنسبة للكاتب ظهور، وليس تأنسًا حقيقيًا فيسوع الحقيقي عند أغلب الغنوسيين ليس له كيان بشري حقيقي، بل روحي بحت بلا جسد.وهذا طبعا كافي لدحض شبهات أتباع محمد أن الغنوسيين هم المسيحييم قبل التحريف وإلا فليقولوا لنا إذا كانت الغنوسية هي الدين المسيحي الحق فهل يؤمنون أنه لم يكن للمسيح جسد وكان مجرد روح؟ هل يؤمنون أنه مخلص؟ هل يؤمنون أنه رب؟ هل يؤمنون ان المخلص السماوي ليس له علاقة بالمادة لأنه شر وفساد؟؟ ماذا يقول الغنوسيون عن يسوع المسيح؟ يمكن تقسيم الغنوسيين من جهة نظرتهم نحو يسوع المسيح إلى فريقين. الفريق الأول: يعتقد أن يسوع إنسان عادي، منهم: كيرنثوس Cerinthus: يهودي اعتنق المسيحية في القرن الأول،معاصر ليوحنا الرسول في أواخر أيام حياته وحذر منه كثيرا، بل وكتب الإنجيل بالوحي في مواجهة هرطقته، وتأثر بالأفكار الغنوسية، حيث كان على العلاقة بالغنوسية الإسكندرانية والأبيونيين Ebionites. هذا علّم بأن العالم ليس من صنع الكائن الأسمى (الله)، بل من صنع الديميرج الخالق Demiurge أو من صنع ملائكة أقاموه من مادة لا شكل لها بدأ يسوع حياته على الأرض كإنسان مجرد حتى عماده، حيث حل "المسيح" أو قوة إلهية علوية عليه تركته قبل الصلب تعاليمه أحزنت الكنيسة، إذ يقول القديس بوليكاريوس إذ سمع القديس يوحنا تلميذ الرب عن كيرنثوس أنه في حمام عام بأفسس ركض خشية أن يسقط المبنى على عدو الحق. ويؤكد القديس إيريناؤس من رجال القرن الثاني أن القديس يوحنا كتب إنجيله ليرد على كيرنثوس. الفريق الثاني: يعتقد أن يسوع المسيح جاء في جسدٍ خياليٍ أو سماويٍ غير ماديٍ، من أمثلة هؤلاء: 1. فالنتينوس: (القرن الثاني): مواطن مصري عاش في روما من سنة 136 إلى 165م، وكان يأمل أن يُسام أسقفًا بسبب علمه وفصاحته. يعتقد أن العالم الروحي "بليروما Pleroma" يتكون من 30 أيونًا، يكونون نوعًا من التعاقب، كل أثنين معًا. العالم المنظور أوجدته الحكمة Sophia الساقطة؛ وأن إله العهد القديم هو الخالق Demiurge. أما الخلاص فتحقق بواسطة الأيون المسيح الذي اتحد مع يسوع الإنسان سواء عند الحبل به أو عند عماده، لكي يهب الإنسان المعرفة الواهبة الخلاص كما قال أيضًا: إن المسيح نزل من السماء بجسد غير مادي، واجتاز من العذراء كما تجتاز المياه في قناة. 2. مرقيون Marcion: (مات حوالي سنة 160م): مركز نظريته اللاهوتية هي أن الإنجيل المسيحي هو إنجيل الحب، مختلف تمامًا عن الناموس. لقد رفض العهد القديم تمامًا، حاسبًا إله اليهود هو الإله الخالق Demiurge لا علاقة له نهائيًا بإله يسوع المسيح. جاء يسوع ليعلن عن الله السامي، إله الحب، غايته أن يطيح بالخالق Demiurge تمامًا يعتقد أن المسيح جاء لابسًا هيئة جسد يقول العلامة ترتليان في مقاله ضد مرقيون: [إلهنا - حسب أتباع مرقيون – لم يعلن نفسه في البداية، ولا بواسطة الخليقة، وإنما يحقق هذا بنفسه في المسيح يسوع.]يرى مرقيون أن يسوع عبر خلال سماء الخالقDemiurge، وظهر هنا في الأسفل. لم يستطع أن يأخذ جسدًا ماديًا، لأن المادة شر جوهري، وإنما أخذ ما يماثل الجسد أو مظهره. لهذا ليس له ميلاد ولا طفولة ولا عماد، إنما له ظهور مفاجئ في مجمع السنهدريم. لقد بشر المسيح وصنع عجائب، لكنه لم يقاوم الديميرج Demiurge، ولا أعلن التمييز بين الإلهين. كان يحيط به تلاميذ الديميرج، الذين مدحوا إلههم بسبب معجزات يسوع، وقد سمح يسوع بهذا. لقد عرفه بطرس أن المسيا، مسيا الديميرج، وصمت يسوع دون تعليق حتى يمنعه من نشر الأكذوبة. 3. تاتيان السوري Tatian: وُلد في أوائل القرن الثاني في حديايين من أبوين وثنيين، وتهذب بثقافة يونانية هيلينية. أقام في بلاد اليونان ثم ذهب إلى روما حيث قبل الإيمان المسيحي ما بين عام 150 و160م. وكان تلميذًا للقديس يوستين، لكنه سرعان ما استقل عنه في آرائه. وفي عام 172 ذهب إلى الشرق وانشأ فرقة تسمى الإنكراتيين Encratites تُحرم أكل اللحم وكل ذي نفس والخمر والزواج. انكروا جسد المسيح، معتقدين إن له شبه جسد، وليس جسد حقيقي رد عليه كل من القديس إيريناؤس وترتليان والقديس إكليمنضس السكندري والقديس هيبوليتس وأوريجينوس. 4. برديصان Bardanenes (Bar – Daisan): نشر تعاليمه خلال مجموعة ضخمة من الألحان السريانية كتبها بمعاونة ابنه Harmonius. اعتقد أن جسم المسيح كان خيالاً، وأنه لا تكون قيامة. حول نظرة الغنوسية ليسوع 1. ما كان يمكننا التعرف على يسوع التاريخي نهائيًا بدون الأناجيل الأربعة الموحي بها من الله، ولا قصة حياته، بما تحملها من معانٍ، ولا فهم حقيقي لأعماله، وكيف تصرف، وعلاقاته بالغير. الأناجيل الغنوسية ليست أناجيل نهائيًا بالنسبة للأناجيل الموحى بها من الله، إذ لم تقدم لنا حقائق تاريخية ولا أعماله ولا اتجاهاته... يرى بعض الغنوسيين يسوع ليس هو الإله المتجسد الذي جاء لخلاص البشرية من الخطية، بل هو "معلم ومُعلن ورئيس روحي" وهو بشري، أو أيون بين الأيونات يتوسط بين الكائن الأسمى والبشرية، لكنه يشير إلى الطريق للمسيح. في التعليم الغنوسي يسوع ليس بأعظم من تلميذ، لكن يعين التلميذ ليسمو به في المعرفة وإدراك المسيح. غالبًا ما تصوره الأناجيل الغنوسية أشبه بخيال، ظهر كما لو كان إنسانًا. لقد سيطر اللاهوت الدوسيتي Docetisn على الكثير من الكتابات الغنوسية. 2. الجماعات الغنوسية تتطلع إلى الله أنه أخنث. يعتقد بعض الغنوسيين أنه يلزم النظر إلى اللاهوت بكونه "ذكر أنثوي Masculofeminine"، "الذكر العظيم – الأنثى صاحبة السلطان". فاللاهوت الكامل عندهم يتحقق في توازنه بين الأنثى والذكر. وينظر البعض الآخر إلى هذا كنوع من المجاز حيث أن اللاهوت ليس فيه جنس، ذكر أو أنثى. ومجموعة ثالثة تقترح بأن الشخص يمكنه أن يصف المصدر الأولي إما بالذكر أو الأنثى، معتمدًا على أي شيء يود أن يؤكد.
المزيد
25 سبتمبر 2024

تواضع الله في تمجيده لأولاده

الله لم يشأ أن يكون موجودًا وحده، فأنعم بالوجود على كائنات أخرى صارت موجودة بمشيئته "ومن تواضع الله أنه حينما خلق الإنسان خلقه في مجد"على صورة الله وشبهه ومثاله فكانت صورة الله أول مجد للإنسان وكانت البنوة لله مجدا آخر أعطاه للإنسان ويقول الكتاب"الذين سبق فعرفهم، سبق فعينهم، ليكونوا مشابهين لصورة ابنه والذين سبق فعينهم، فهؤلاء دعاهم أيضًا والذين دعاهم فهؤلاء بررهم أيضًا والذين بررهم فهؤلاء مجدهم أيضًا" (رو8: 29: 30)"الخليقة نفسها ستعتق من عبودية الفساد إلى حرية مجد أولاد الله" (رو8: 21) ونقرأ في الكتاب عن إكليل المجد، وعن المجد العتيد أن يستعلن فينا (رو8: 18). وإننا إن كنا نتألم مع الرب فسنتمجد معه (رو8: 17) إنها أمجاد كثيرة تنتظر الإنسان في الأبدية غير الأمجاد التي يمنحها الله له في العالم ويقول في المزمور (91: 14، 15) "لأنه تعلق بي أنجيه أرفعه لأنه عرف اسمي يدعوني فأستجيب له معه أنا في الضيق، أنقذه وأمجده". إن الله يفرح حينما يمنح المجد لأولاده ولكن المجد الذي للناس شيء، والمجد الخاص بالله وحده شيء آخر ذاك هو مجد لاهوته مجد لاهوته لا يعطيه لآخر إنه مجد الله في الأعالي إنه المجد غير المحدود وغير المدرك، الذي نقول له عنه "لك المجد والعزة والسجود" مهما نال الإنسان من مجد، فلن يؤثر هذا على مجد الله. فالنار قد تضيء منها مليون شمعة دون أن تنقص منها شيئًا مبارك الرب الذي مجد أولاده بأنواع وطرق شتى: منها مواهب الروح القدس، واجتراح المعجزات، وما أعطاهم من سلطان على الشياطين وكل قوات العدو وجعلهم هيكلًا لروحه القدوس، ومنحهم التبني والمجد (رو9: 4). قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث عن كتاب كلمة منفعة الجزء الاول
المزيد
24 سبتمبر 2024

بيننا مُصالِح

هناك آية شهيرة قالها أيّوب عن الله، أثناء ضيقته وحيرته من التجربة العنيفة التي أصابته وهي تَصلُح أن تُقال بِلِسان البشريّة كلّها: "لأَنَّهُ لَيْسَ هُوَ إِنْسَانًا مِثْلِي فَأُجَاوِبَهُ، فَنَأْتِي جَمِيعًا إِلَى الْمُحَاكَمَةِ لَيْسَ بَيْنَنَا مُصَالِحٌ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى كِلَيْنَا" (أي9: 32-33). فقد كان أيّوب يحاول أن يتواصَل مع الله، ليفهم ماذا يَحدُث؟ ولماذا توالَت المصائب عليه؟ ولكنّه لا يستطيع الوصول إلى الله، إذ ليس هو إنسانًا مثله، وبالتالي لا يوجَد مُصالِح يستطيع أن يوفِّق بينه وبين الله..! لقد كان هذا هو وضع البشريّة بعد السقوط، عندما فقدت شركتها مع الله ولكنّ كان تدبير الله أن يتجسّد الابن الوحيد الكلمة، لكي يكون هو المُصالِح الذي يَضَع يدَه على كِلَينا، أي الله والبشريّة، فهو ابن الله وابن الإنسان في نفس الوقت، مساوٍ لله بلاهوته ومساوٍ للإنسان بناسوته، في شخصه الواحد الفريد وبالتالي فقد كان هو المُصالِح المثالي الذي يستطيع أن يضع يده على كلينا، ويصالحنا معًا فنستعيد نحن البشر الشركة مع الله ونحيا إلى الأبد في أحضانه..! من أجل هذا، فالآن "بيننا مُصالِح"..! القدّيس بولس الرسول يشرح كيف أنّ الخطيّة صنعت حاجزًا من العداوة مع الله،والمسيح بتجسّده وفدائه هَدَمَ هذا الحاجز فيقول: "الآنَ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، أَنْتُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ قَبْلاً بَعِيدِينَ، صِرْتُمْ قَرِيبِينَ بِدَمِ الْمَسِيحِ. لأَنَّهُ هُوَ سَلاَمُنَا، الَّذِي جَعَلَ الاثْنَيْنِ (اليهود والأمم) وَاحِدًا، وَنَقَضَ حَائِطَ السِّيَاجِ الْمُتَوَسِّطَ، أَيِ الْعَدَاوَةَ. مُبْطِلاً بِجَسَدِهِ نَامُوسَ الْوَصَايَا فِي فَرَائِضَ، لِكَيْ يَخْلُقَ الاثْنَيْنِ فِي نَفْسِهِ إِنْسَانًا وَاحِدًا جَدِيدًا، صَانِعًا سَلاَمًا، وَيُصَالِحَ الاثْنَيْنِ فِي جَسَدٍ وَاحِدٍ مَعَ اللهِ بِالصَّلِيبِ، قَاتِلاً الْعَدَاوَةَ بِهِ. فَجَاءَ وَبَشَّرَكُمْ بِسَلاَمٍ، أَنْتُمُ الْبَعِيدِينَ وَالْقَرِيبِينَ. لأَنَّ بِهِ لَنَا كِلَيْنَا قُدُومًا فِي رُوحٍ وَاحِدٍ إِلَى الآبِ. فَلَسْتُمْ إِذًا بَعْدُ غُرَبَاءَ وَنُزُلاً، بَلْ رَعِيَّةٌ مَعَ الْقِدِّيسِينَ وَأَهْلِ بَيْتِ اللهِ" (أف٢: ١٣-١٩) لعلّنا نلاحظ أنّ الله هو دائمًا صاحب مبادرة التصالح، إذ أنّ الإنسانَ عاجزٌ.. ولكن يبقى دور الإنسان أن يتجاوب بفرح مع نداء التوبة الذي يقدّمه له الله، بل ويصير حاملاً لنفس رسالة الله له بالمصالحة، وتوصيلها للعالم كلّه لكي يتصالح الناس مع الله مثله وهذا يوضّحة القدّيس بولس الرسول بشكل جميل ومُركَّز، عندما يقول:"اللهَ كَانَ فِي الْمَسِيحِ مُصَالِحًا الْعَالَمَ لِنَفْسِهِ، غَيْرَ حَاسِبٍ لَهُمْ خَطَايَاهُمْ، وَوَاضِعًا فِينَا كَلِمَةَ الْمُصَالَحَةِ إِذًا نَسْعَى كَسُفَرَاءَ عَنِ الْمَسِيحِ، كَأَنَّ اللهَ يَعِظُ بِنَا. نَطْلُبُ عَنِ الْمَسِيحِ: تَصَالَحُوا مَعَ اللهِ" (٢كو٥: ١٩-٢٠) ماذا نحتاج لكي نتصالح مع الله؟ نحتاج لثلاثة أمور على الأقلّ: أوّلاً: نفهم إيماننا الثمين: أنّ الله هو أبونا وأنّه بذل ابنه الوحيد من أجلنا،وأنّه أعطانا روحه ليسكن فينا،وأنّ محبّته لنا لا تتغيّر أبدًا، ولا تنقص بسبب سوء أفعالنا نؤمن أنّنا في المسيح قد صِرنا أبناء الله بالتبنّي، وأعضاء أهل بيته، ولسنا بعد غرباء عنه فالعودة للمصالحة مع الله، والارتماء في حضنه، هو الوضع الطبيعي لكلّ الأبناء. ثانيًا: نواجه أنفسنا بصدق.. كما يقول مار إسحق السرياني: "اصطلح مع نفسك تصطلح معك السماء والأرض" لحظات صدق مع النفس، هي كفيلة بوضع الإنسان في مواجهة حقيقيّة مع الله، واكتشاف حُبّه الهائل لنا مع إدراك مدى الانحدار والمهانة التي أصابتنا نتيجة البُعد عن الله فنعود إليه بسرعة، قارعين باب تعطّفه، وملتمسين مراحمه، مِثل الابن الضال والعشّار، فيأخذنا في أحضانه ويغمرنا بحبّه وقبلاته وتبريره وسلامه فنفرح معًا..! الصلاة هي باب التوبة فهي ارتماء في حضن الله و"الذي يظنّ أنّ له بابًا آخَر للتوبة غير الصلاة، فهو مخدوع من الشياطين" كما يقول مار إسحق أيضًا لذلك فالمواظبة على الصلاة بكلّ القلب، تجعل توبتنا حيّة باستمرار، فنحيا في سلام مع الله. ثالثًا: نتّخذ خطوات عمليّة للتوبة: الخطيّة تُشكِّل حاجزًا بيننا وبين الله، لذلك لا مَفَرّ من التخلُّص منها بالتوبة، لكي تتمّ المصالحة، واستعادة الشركة معه وذلك يتمّ باتّخاذ خطوات داخل أنفسنا وخارجها أيضًا الخطوات الداخليّة: تَشمَل محاسبة النفس والندم على الخطيّة، ثمّ التصميم على تغيير الوضع وعدم العودة مرّة أخرى إلى ما قد تركناه، مع ثقة في حبّ الله وقوّة الغفران التي في دمه، أي قوّة الحياة الجديدة الغالبة للموت التي في دمه الثمين. الخطوات الخارجيّة: تشمل الاعتراف أمام الشخص الذي أخطأت في حقّه، مع الاعتذار، ومحاولة إصلاح الخطأ بقدر المستطاع. ثُمّ الاعتراف أمام الله والأب الكاهن لنوال التحليل والإرشاد الروحي. نقطة أخيرة:يلزمنا أنّ ننتبه إلى أنّ "الذّات" هي أكبر عائق للمصالحة مع الله ومع النفس ومع الآخَرين.. فهي عدو مُزعِج يَرفُض الاعتراف بالخطأ، ويتهرّب من الاعتذار، ولا يقبَل الخضوع للتأديب.. لذلك فالتواضع وإنكار الذّات هما أساسيّان لإتمام أيّة مصالحة حقيقيّة مع الله أو مع الآخَرين..! القمص يوحنا نصيف كاهن كنيسة السيدة العذراء بشيكاجو
المزيد
23 سبتمبر 2024

مقدمة علمية للنظرية التربوية عند العلامة اكليمنضس الاسكندري

١ - البعد اللاهوتي لنظرية « المربى » عند الآباء ليست هناك نظرية إلا إذا كانت متأصلة وواضحة ومؤسسة على قواعد لاهوتية سليمة . فاللاهوت عندهم ليس علما منفصلا وانما هو حياة نابضة وقوة دينامية تبعث الحيوية في كل فكر وعمل ومن الصعب أن تفصل اللاهوت عن الأنجيل، عن الكنسيات عن التربويات في نظرية « المربى » ( إلا من جهة الدراسة الأكاديمية ) لان هذه الأبعاد كلها متكاملة ومرتبطة كارتباط أضلاع المربع الواحد اللاهوت يعطى للنظرية بعدها الإلهى والاسكاتولوجي (الاخروى) والكنسيات والتربويات تعطى للنظرية مجال التطبيق العملى والخبرة المعاشة والأمر عندى أن مناهجنا ونظرياتنا ودروسنا في التربية الكنسية تحتاج إلى مزيد من الاتجاه الآبائي هذا يصعب أن تفصل ما هو لاهوتى عما هو كنسى عما هو إنجيلي عما هو تربوى اجتماعي وتعلمنا خبرة كليات اللاهوت الأجنبية خطوره التركيز على الجانب الفكرى في الدراسة اللاهوتية فاللاهوت لا يعرفه الا الودعاء المتضعون كم أتعب الكنيسة أريوس الهرطوقي؟ ! ولكن اثناسيوس الرسولى الذي تتلمذ على يد أنطونيوس كان لاهوتياً نموذجياً لأن سيرته خلت من التعالى والغطرسة والحديث عن الذات واحتقار مؤلفات الآخرين . اللاهوت عند الآباء الأوائل لاهوت ثالوثي تقليدي آبائي ، وهو لاهوت نسکی باطنی mystical .. هو لاهوت حي صالح الحياة اليومية ومواجهة مشكلات الانسان وتحدياته فهو لاهوت لا يغلق عليه في خزائن المعاهد الدينية ولا يستخدم للاستعراض في المؤتمرات والدراسات إنه حياة الثالوث الأقدس فينا إنه فاعلية الأسرار وحياة الشركة في طبيعتنا وإنسانيتنا إنه خبرة عمل النعمة السرى في جهادنا ونسكنا المتواضع يؤمن اكليمنضس أن الله فوق كل علم و تصور وتفكير وعنده أن هناك فارقاً جذرياً بين السعى نحو الله والسعي نحو أشياء عن الله الله لا يعيش فى حيز المكان إنما هو فوق المكان والزمان وملكية الأشياء الله فى ذاته هو وحده الذي يعرف نفسه وهو وحده الذي يعرف حب الله فى ملئه و تمامه نحن نتحدث عما هو في الله بواسطة ما هو كائن من الله نحونا ، فليس هناك مصفوفة أو قائمة تحتوى وترسم حدوداً تصف الله ليس هناك انسان يستطيع أن يعرف ويصف جوهر الله يؤكد اكلمنيضس حقيقة تسامى الله وتعاليه. فهو يقول اننا لا نقرأ في الكتب المقدسة عن يد وفم وقدم وأعين الله ،وان الله يغضب ويهدد وحينما توجد مثل هذه التعبيرات في الكتب المقدسة فانما هي تعبيرات مجازية بسبب القصور والضعف البشرى .لقد وجدنا ان اكليمنضس في تركيزه على تسامى الله المطلق متأثرتأثرا كبيرا بفيلو الفيلسوف اليهودي الشهير والأفلاطونية الحديثة لا تؤمن بوجود وسيط بين الواحد ( الله ) وبين الانسان ، هذا الوسيط الذى ينقل المعرفة من الواحد إلى الشخص البشرى ولكن اكليمنضس لم يكن هكذا والا خرج من دائرة اللاهوت المسيحى فهو يؤمن بأن الابن الكلمة هو الوسيط الحقيقي وانه شخص تاريخي لا جدال في ذلك وعند اكليمنضس أن الله عادل وطيب ،وأن طيبته مرتبطة بعدله وعدله مرتبط بحسنه وجوده ، فقصاص الله ليس مرتبطاً فقط بعدله بل وبإحسانه فهو كالدواء الذى يعطى من الطبيب للمريض الله من شأنه أن يربى الانسان كما يربى الأب الجسدى أولاده ويصلح أخطائهم وقبل ان تستكمل أراء اكليمنضس اللاهوتية في نظريته التربوية لابد لنا أن نعلق على تأثير ما ذكرناه على المجال التربوي . ١- لابد أن ندعو إلى تعميق الجذور اللاهوتية في التعليم الديني. ٢- حقا ان الآب فى نور لا يدنى منه ولكننا لا نوافق على أن الله في تساميه وعلوه يتباعد عنا . فالاب يحبنا وبذل ابنه والابن يخبرنا ان نطلب من الآب ،والمنهج التربوى يهدف إلى شركتنا مع الآب وابنه بالروح القدس الساكن فينا . ٣- ان ارتباط عدل الله ورحمته في مفهوم واحد يصحح لنا ما نقرأه في بعض الكتب التي تصور التناقض - الى حد ما - بين العدل والرحمة فالله جماع المتناقضات ولكن ليس فيه تناقض .. فهو عادل وطيب دون أن تكون طيبته ضعفا ولا عدله وجزمه قسوة لهذا يلزم مراجعة اتجاهات التعليم الديني بحيث أن تكون خبرتنا التربوية متجهة نحو تكامل الجانبين منذ المراحل الأولى التعليمية فلا يصح أن نجعل درسا له هدف ابراز عدل الله دون أن يكون الحديث متكاملا عن الرحمة، ولا يصح أن نصور الله طيباً بطريقة تجعل الأطفال يستهينون بلطف الله فعند نظرية اكليمنضس الرحمة والحق تقابلا . ( يتبع ) نيافة الحبر الجليل مثلث الرحمات المتنيح الانبا بيمن أسقف ملوى وأنصنا والاشمونين عن مجلة الكرازة العدد الثامن والعشرون عام 1975
المزيد
22 سبتمبر 2024

الاحد الثانى من شهر توت

تقرأ بعد أنجيل قداس الأحد الثاني من شهر توت تتضمن الحث على محبة الله والقريب من قول الأنبا ديمتريوس بطريرك انطاكية مرتبة على قوله: "تحب الرب إلهك من كل قلبك وقريبك مثل نفسك " ( لو ١٠ : ٢٥-٢٧ ) اسمعوا يا احبائى وانصتوا : أميلوا أسماعكم وأبصاركم وحواسكم الباطنة والظاهرة إلى أقوال الرب سبحانه على ألسن أنبيائه ورسله انظروا إلى القديسين والآباء واقتدوا بطرقهم الحسنة انظروا إلى الرأفة والمحبة التي للقديسين ولنتشبه بهم وبآثارهم وحبهم لله من كل قلوبكم ومحبة القريب والبعيد لأن الرب إله المجد يعطى الطوبى لمن هذه أفعاله ويؤكد قائلا: "ليس لأحد حب أعظم من هذا أن يضع الإنسان نفسه لأجل أحبائه" فالأولى بنا ألا نشق عليهم بأذيه أبدا. ولا نسعى فيهم بشر خفى أو ظاهر . واسمعوا قول الرب في انجيله المقدس: "أحب قريبك مثل نفسك" وقال أيضاً: كل ما تريدون أن يفعل الناس بكم افعلوا هكذا أنتم أيضاً بهم. لان هذا هو الناموس والأنبياء" وقال السادات الرسل في تعاليمهم هكذا فيا لهذا التعاليم العظيمة المملؤة ربحاً ويا لهذه الوصايا الروحانية أن كل ما لا تريده أن يصيبك لا تفعله أنت بأحد فلنرجع يا أحبائى إلى المحبة الكاملة التي ينبغي أن نعتمدها مع الله تعالى وإلى الطاعة التامة لجلاله من كل القلب والنية وحسن الطوبة وننظر إلى أبينا أبراهيم أب الأباء الذي دعى خليل الله وكون الله امتحنه لأنه كان عارفاً بضميره. ولكنه أراد بذلك أن يشيع ذكره لجميع البشر لكي يقتدوا بأثاره الجميلة فقال له: خذ ابنك وحيدك الذى تحبه واصعده لى محرقة على أحد الجبال انظروا إلى هذا الشيخ العظيم كيف انه لم يشفق على من كان يتمنا ولم يحصل عليه إلا بعد كبره وانقطاع رجائه من الولادة ولما أمره الله بذبحه أطاعة ولم يخالفه. فعرف الله فكره وباركه وأعطاه ذكراً مؤبداً وجعله أباً لجميع الشعوب والقبائل وجعل القديسين كلهم ينتسبون إليه يا أحبائى إن كنا لا ننظر إلى أبينا أبراهيم ونتشبه به في ذبح ابنه فلنتشبه بهذه الامرأة الخاطئة التي أفرغت همتها في محبة السيد المسيح له المجد وأخذت الطيب الفائق ودهنت به قدميه حتى استحقت مغفرة خطاياها الكثيرة. أيها الاخوة من منكم له دموع حارة غزيرة مثل هذه الأمرأة. فإن السيد له المجد لم يغفر لها خطاياها فقط. بل جعل لها ذكراً شائعاً مؤبداً. والقديسون يسألون أن يكونوا مثلها فسبيلنا يا أحبائى أن نتشبه بهؤلاء ولا نرخص لانفسنا في عدم الاجتهاد في تحصيل الزاد قبل الارتحال والتأهب للأنتقال فإن الوقت قريب والموت حاضر غير بعيد وبعد الموت الحساب والمجازاة عما قدمناه نسأل ربنا وإلهنا ومتولى خلاصنا أن يسامحنا بذنوبنا ويدخلنا إلى ملكوته الابدى ويعطينا نعمته السرمدية لأن له المجد والقدرة والجبروت والعظمة والوقار مع أبيه الصالح والروح القدس.الآن وكل أوان وإلى الأبد أمين. القديس يوحنا ذهبى الفم عن كتاب العظات الذهبية
المزيد
21 سبتمبر 2024

شفاء حماة سمعان

تَقْرَأ الكِنِيسَة فِي العَشِيَّة اليُوْم مِنْ إِنْجِيل مُعَلِّمنَا مَارِ لُوقَا أصْحَاح 4 وَهُوَ يَتَكَلَّم عَنْ شِفَاء حَمَاة سَمْعَان وَكُلِّنَا نَحْفَظ هذَا الفَصْل لأِنَّ الكِنِيسَة عَلِّمِتنَا أنْ نُصَلِيه فِي صَلاَة الغُرُوب{ ثُمَّ قَامَ مِنَ الْمَجْمَعِ وَدَخَلَ بَيْتَ سِمْعَانَ وَكَانَتْ حَمَاةُ سِمْعَانَ بِحُمَّى شَدِيدَةٌ فَسَأَلُوهُ مِنْ أَجْلِهَا فَوَقَفَ فَوْقَاً مِنْهَا وَزَجَرَ الْحُمَّى فَتَرَكَتْهَا وَفِي الْحَالِ قَامَتْ وَخَدَمَتْهُمْ وَعِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ كَانَ الَّذِينَ عِنْدَهُمْ مَرْضَى بِأنْوَاع أمْرَاضٍ كَثِيرَة يُقَدِّمُونَهُمْ إِلَيْهِ ، أمَّا هُوَ فَكَانَ يَضَع يَدَيْهِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَيَشْفِيهُمْ ، وَكَانَتْ الشَّيَاطِين تَخْرُجُ مِنْ كَثِيرِينَ وَهِيَ تَصْرُخُ وَتَقُولُ : أنْتَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ فَكَانَ يَنْتَهِرَهُمْ وَلاَ يَدَعَهُمْ يَنْطِقُونَ ، لأِنَّهُمْ كَانُوا قَدْ عَرَفُوهُ أنَّهُ هُوَ الْمَسِيحُ }( لو 4 : 38 – 41 ) وَالمَجد لله دَائِمَا أمِين . لِمَاذَا وَضَعَت الكِنِيسَة هذَا الفَصْل فِي صَلاَة الغُرُوب ؟ لأِنَّهَا وَجَدَت الغُرُوب هُوَ عِنْدَ النِهَايَة وَفِي النِهَايَة الإِنْسَان مُحْتَاج أنْ يُشْفَى وَيُعْتَق مِنْ خَطَايَا اليُوْم فَنَقُول لَهُ يَارَبَّ نَحْنُ لاَ نُرِيد أنْ يَمُر اليُوْم وَنَحْنُ مَازِلنَا مُصَابِين بِالحُمَّى فَنَرْجُوك أنْ تَأتِي وَتَشْفِينَا لِذلِك يَقُول الكِتَاب { فَسَأَلُوهُ مِنْ أَجْلِهَا } أي لاَ يَلِيق أنْ تَكُون مَوجُود مَعَنَا وَوَاحِدَة مِنّا مُصَابه بِالحُمَّى لِذلِك تَقُول الكَنِيسَة أنَّ هذَا الفَصْل مِنْ الإِنْجِيل مُنَاسِب لِصَلاَة الغُرُوب نِهَايِة اليُوْم أنْ يَقِف الإِنْسَان مُتَضَرِّع أمَام الله كَحَمَاة سَمْعَان الإِنْسَان المَحْمُوم بِحُمَّى شَدِيدَة وَالَّذِي كَتَبَ ذلِك الإِنْجِيل هُوَ مُعَلِّمنَا مَارِ لُوقَا وَهُوَ طَبِيب أي يَعْرِف تَشْخِيص المَرَض وَقَالَ إِنَّهَا حُمَّى شَدِيدَة وَلَيْسَت حُمَّى عَادِيَة أي الحَرَارَة مُرْتَفِعَة جِدّاً وَالكِنِيسَة وَضَعِت هذَا الفَصْل مِنْ الإِنْجِيل لأِنَّهُ يُنَاسِب نِهَايِة اليُوْم لأِنَّ كُلَّ إِنْسَان إِعْتَرَاه مَرَض وَأُصِيبَ بِحُمَّى شَدِيدَة لاَبُد أنْ يَسْألُوا مِنْ أجْلُه وَلاَبُد أنْ أقِف أمَام الْمَسِيح كَمَرِيض أطْلُب الشِفَاء فِي نِهَايِة اليُوْم مِنْ الأمرَاض الكَثِيرَة الَّتِي أصَابِتنِي اليُوْم يَقُول الكِتَاب { وَعِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ كَانَ الَّذِينَ عِنْدَهُمْ مَرْضَى بِأنْوَاع أمْرَاضٍ كَثِيرَة يُقَدِّمُونَهُمْ إِلَيْهِ } أنْتَ وَاحِد مِنْ هذِهِ الفِئَات وَلَسْتَ غَرِيب عَنْهَا إِمَّا مُصَاب بِحُمَّى شَدِيدَة أوْ مُصَاب بِأحَد هذِهِ الأمْرَاض الكَثِيرَة فَلاَبُد أنْ تَقْتَرِب إِليه أيْضاً يَقُول الكِتَاب { وَكَانَ يَضَع يَدَيْهِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَيَشْفِيهُمْ } جَيِّد أنَّكَ عِنْدَمَا تُصَلِّي هذَا الجُزء أنْ تَنْحَنِي وَكَأنَّكَ تَقُول لَهُ " ضَعْ يَدَكَ عَلَيَّ وَاشْفِينِي " وَكَأنَّ الكِنِيسَة تُرِيد أنْ تَضْمَن لِكُلَّ إِنْسَان أنْ يَتَقَابَل مَعَ الْمَسِيح فِي هذَا اليُوْم بِالوَاقِع مِنْ خِلاَل أسْقَامه وَأمْرَاضه وَآلاَمه حَتَّى وَإِنْ كُنْت خَاطِئ فَلَنْ يَمُر اليُوْم دُونَ أنْ تُقَابِل رَبِّنَا يَسُوع الْمَسِيح وَإِنْ كُنْت مَرِيض فَمَرَضِي سَيَكُون عِلَّة مُقَابَلَتِي بِهِ وَإِنْ كُنْت مَرِيض فَمَرَضِي لَنْ يَكُون سَبَب إِبتِعَادِي عَنْهُ بَلْ سَيَكُون سَبَب إِقْتِرَابِي لَهُ لَنْ يَكُون سَبَب خَجَلِي وَبُعْدِي عَنْهُ بَلْ سَبَب قُربِي مِنْهُ لِشِفَائِي . مَا هِيَ الحُمَّى ؟ الآبَاء يَقُولُون أنَّ الحُمَّى هِيَ تَشْبِيه دَقِيق لِلخَطِيَّة فَفَي عُرْف الطِب الحُمَّى لَهَا عَدِيد مِنْ الأسبَاب أي أنَّهُ مِنْ أكثَر الأمْرَاض الَّتِي تُحَيِّر الأطِبَاء الحُمَّى أوْ الحَرَارَة المُرْتَفِعَة مِئَات الأسبَاب تَجْعَل حَرَارِة الإِنْسَان تَرْتَفِع قَدْ يَكُون جَرْح أوْ أي شِئ فِي الجُوف أوْ وَرَم دَاخِلِي لاَ يَتَضِح أوْ كُلَّهَا أشْيَاء خَفِيَّة غِير وَاضِحَة هكَذَا الخَطِيَّة أسبَابهَا دَفِينَة فِي الإِنْسَان تَحْتَاج تَدْقِيق وَفَحْص وَأمَانَة كَي تَعْرِفُهَا الخَطِيَّة تُسَبِّب الحُمَّى وَلِمَاذَا الحُمَّى خَطِيرَة فِي الطِب ؟ يَقُول الطِب أنَّ كُلَّ شَرْطَة فِي إِرْتِفَاع دَرَجِة الحَرَارَة تُسَبِّب زِيَادَة فِي نَبَضَات القلب لِنَفْرِض أنَّ نَبَضَات الإِنْسَان الطَبِيعِي مِنْ 70 – 80 نَبْضَة الشَّخْص الَّذِي تَرْتَفِع حَرَارته شَرْطَتَان نَجِد نَبَضَات قَلبه 90 – 95 نَبْضَة أرْبَع شُرَط تِزِيد النَبْض إِلَى 110 نَبْضَة دَرَجَتَان كَامِلَتَان تِزِيد النَبْض إِلَى 140 – 150 نَبْضَة أي أنَّهُ يِحَمِّل القلب ضِعْف مَجهُودة فِي اللَحْظَة فَمَا بَال لَوْ ظَلِّت الحَرَارَة مِنْ 3 – 4 أيَّام مُرْتَفِعَة ؟ وَلِنَفْرِض أنَّ الحَرَارَة 40 سَنَجِد القَلب مُحَمَّل خَمَس أضْعَاف مَجْهُودة فِي اللَحْظَة لِذلِك الحُمَّى فِي الطِب شِئ خَطَر جِدّاً وَنَجِد أنَّ الأطِبَاء لَدَيْهُمْ الإِسْتِعدَاد لِوَضع الشَّخْص المَرِيض بِالحُمَّى فِي الثَّلْج وَلاَ أنْ تَرْتَفِع حَرَارِة جَسَده فِترَة طَوِيلَة كَي يِفدُوا القَلب وَيَجْعَلَهُ يَحْتَمِل الثَّلْج رَغمْ حَرَارته المُرْتَفِعَة مُقَابِل حِمَايِة القَلب إِذاً الحَرَارَة خَطِيرَة جِدّاً عَلَى الإِنْسَان هكَذَا الخَطِيَّة فِي كُلَّ لَحْظَة تَسْرِي فِيهَا فِي الإِنْسَان تُحْدِث فِيهِ تَلَف وَدَمَار وَمُوت حُمَّى شِديدَة الخَطِيَّة قَاتِلَة بَلْ وَمُسْتَهْلِكَه وَمُمِيتَة وَمُدَمِّرَة لِذلِك مِنْ التَشْبِيهَات الدَقِيقَة لِلخَطِيَّة الحُمَّى أسبَابهَا دَفِينَة وَمُضِرَّه جِدّاً لِلإِنْسَان تَأكُل مِنْ حَيَاته فِي كُلَّ لَحْظَة وَرُبَّمَا يَكُون الإِنْسَان مُسْتَهتِر وَيَقُول سَأتُوب فِي المُسْتَقبَل وَلَيْسَ الآن لاَ الأمر مُحْتَاج يَقَظَة وَتَنْبِيه إِحْذَر أنَّكَ لَوْ تَهَاوَنْت مَعَ الخَطِيَّة لَحْظَة أوْ لَوْ كَانِت قَدْ سَبِّبِت لَكَ حُمَّى شَدِيدَة وَتَهَاوَنْت مَعَهَا أوْ تَعَوَدتَهَا أوْ غِير عَارِف لأِسبَابهَا هذِهِ هِيَ العِلاَقَة بَيْنَ الخَطِيَّة وَالحُمَّى لِذلِك جَيِّد أنْ يَفْحَص الإِنْسَان نَفْسه بِتَدْقِيق وَيَكُون لَهُ مُرَاقَبَة لِنَفْسه وَلِدَوَافعه وَالأعْرَاض الخَارِجِيَّة وَلِيَسْأل نَفْسه لِمَاذَا نَطَقت بِهذِهِ الألفَاظ ؟ أوْ لِمَاذَا مَشَاعرِي إِتِجَاه هذَا الشَّخْص صَارِت عُدوَانِيَّة ؟ لِمَاذَا نَظَرَاتِي غِير مُنْضَبِطَة ؟ أقُولُ لَكَ هذِهِ كُلَّهَا أعْرَاض حُمَّى إِعْرَف الأسْبَاب مِنْ الدَّاخِل قَدْ يَكُون قَدْ حَدَثَ إِسْتِهتَار أوْ تَهَاوُن أوْ قَدْ نُزِعَت مَخَافِة الله أوْ إِشْتِيَاقك لِلأبَدِيَّة خَمُد أوْ قِرَاءَاتك لِلإِنْجِيل ضَعُفَت هذِهِ كُلَّهَا أسبَاب لِذلِك الخَطِيَّة تُؤدِي إِلَى حُمَّى وَالحُمَّى إِذَا أُهْمِلَت تُؤدِي إِلَى مُوت الإِنْسَان وَهذَا مَا تَفْعَله الخَطِيَّة لاَ تُسَبِّب فَقَط مُوت جَسَدِي بَلْ تُؤدِي إِلَى مُوت أبَدِي لِذلِك هِيَ أخْطَر كَثِيرَاً مِنْ الحُمَّى هذِهِ هِيَ عِلاَقِة هذَا الفَصْل مِنْ الإِنْجِيل بِصَلاَة الغُرُوب . سَأَلُوهُ مِنْ أَجْلِهَا :- إِنْ كُنْت مُصَاب بِحُمَّى لاَ تَصْمُت وَإِنْ كَانِت خَطِيِتَك شَدِيدَة لاَ تَتَبَاطَئ يُوجَد طَبِيب شَافِي يَعْرِف أمْرَاض النَّفْس وَالرُّوح طَبِيب مَاهِر يَعْرِف جَيِّدَاً تَشْخِيص مَرَضك وَلاَ يَحْتَار المَطلُوب مِنْكَ أنْ تَعْرِض نَفْسَك عَلِيه فَقَط وَهُوَ يَعْرِف جَمِيع الأمْرَاض وَعِنْده كُنُوز الأدوِيَة طَبِيب مَاهِر لِذلِك إِعْرِض نَفْسَك عَلِيه لأِنَّكَ مُحْتَاج أنْ تَنَال مِنْ الحُمَّى شِفَاء وَنَجَاه إِعْرِض نَفْسَك عَلِيه لأِنَّكَ فِي كُلَّ يُوْم تَترُك الحُمَّى دَاخِلَك فِيهِ ضَرَر شَدِيد عَلِيك وَعَلَى حَيَاتَك سَأَلُوهُ مِنْ أَجْلِهَا يُوجَد طَبِيب شَافِي لَهُ سُلْطَان مَاذَا فَعَل ؟ وَقَفَ فَوْقَاً مِنْهَا وَزَجَرَ الْحُمَّى فَتَرَكَتْهَا :- وَقَفَ فَوْقَاً مِنْهَا وَهيَ نَائِمَة وَقَفَ بِجَانِبهَا وَزَجَرَ الحُمَّى لَهُ سُلْطَان شَدِيد لَمْ يَتَفَاوَض مَعَ الحُمَّى أوَّلاً لِكي يَعْرِف مَا هِيَ ؟ لاَ هُوَ زَجَرْهَا مُبَاشَرَةً دُونَ تَفَاوُض تَخَيَّل أنَّ مَا يُهَدِّدَك بِالهَلاَك وَالمُوت وَأنْتَ تَعْرِف مَنْ لَهُ سُلْطَان أنْ يَزْجُره فَلِمَاذَا تَتَبَاطَئ ؟ إِنْ كُنْتَ تَعْرِف مَنْ لَهُ سُلْطَان أنْ يَزْجُر سَبَب مُوتَك فَإِعْرِض نَفْسَك عَلِيه وَقُلْ لَهُ أنْتَ هُوَ شِفَاء نَفْسِي وَجَسَدِي وَرُوحِي قُلْ كَلِمَة وَقِف فَوْقِي وَازْجُر حُمَّتِي كَيْمَا تَتْرُكَنِي فِي الحَال كَلِمَة مِنْكَ تَشْفِينِي وَنَظْرَة مِنْكَ فِيهَا الشِّفَاء وَضْع يَد مِنْكَ تُدَاوِي كُلَّ أسْقَامِي أنْتَ طَبِيب نَفْسِي وَجَسَدِي لَهُ سُلْطَان أحِبَّائِي أحْيَاناً نَتَخَيَّل أنَّ الخَطِيَّة لَيْسَ لَهَا حَل بَلْ وَلَهَا سُلْطَان قَوِي جِدّاً نَعَمْ هذَا كُلَّه خَارِج الْمَسِيح الخَطِيَّة تَرْبُط الإِنْسَان بِقُيُود وَسَلاَسِل نَعَمْ خَارِج الْمَسِيح الخَطِيَّة مُؤذِيَّة أقُول لَكَ نَعَمْ خَارِج الْمَسِيح بَلْ وَتُسَبِّب مُوت لكِنْ فِي الْمَسِيح يَسُوع تُنْتَهَر بِكَلِمَة فِي الْمَسِيح يَسُوع لَيْسَ لَهَا سُلْطَان أحَد الآبَاء يُشَبِّه الخَطِيَّة فِي وُجُود الْمَسِيح بِأسَد مُفْتَرِس قَدْ نُزِعَت كُلَّ أضْرَاسه وَأُزِيلَت عَنْهُ شَرَاسَته هكَذَا الْمَسِيح يَسُوع أبَادَ الخَطِيَّة لِذلِك الخَطِيَّة دَاخِلنَا مُمَاته بِالْمَسِيح يَسُوع وَقَفَ فَوْقَاً مِنْهَا وَزَجَرَ الحُمَّى فَتَرَكَتهَا ثِق فِي قُدْرَة رَبِّنَا يَسُوع الْمَسِيح عَلَى شِفَاءك وَلاَ تَتَعَامَل مَعَ خَطَايَاك عَلَى أنَّهَا أقوَى مِنْهُ لاَ خَطَايَاك لَنْ تَعْسُر عَلَى الْمَسِيح وَلَنْ تَسْتَحِيل عَلِيه وَإِلاَّ تَكُون قَدْ قَلِّلت مِنْ قُدْرَته عِنْدَمَا نَسْمَع عَنْ طَبِيب مَاهِر نَضَع ثِقَتنَا فِيهِ وَنَذْهَب لَهُ مُبَاشَرَةً لأِنَّنَا سَمَعْنَا عَنْ قُدْرَاتَهُ وَمَهَارَتَهُ أحَد الآبَاء يَقُول { إِنَّ الطَبِيب يُمْدَح بِمَرْضَاه } أي كُلَّمَا كَانَ المَرَض صَعْب وَاسْتَطَاعَ الطَبِيب عِلاَجه تِعْرَف مَهَارِة الطَبِيب كُلَّمَا كَانَ المَرَض مُسْتَعْصِي وَاسْتَطَاعَ الطَبِيب تَشْخِيصه وَعِلاَجه كُلَّمَا كَانَ الطَبِيب مَاهِر وَجَيِّد الطَبِيب يُمْدَح بِمَرْضَاه وَالْمَسِيح أيْضاً يُمْدَح بِمَرْضَاه وَمَنْ هُمْ مَرْضَاه ؟ نَحْنُ رَبِّنَا يَسُوع الْمَسِيح كَثِيرَاً مَا تَوِّب خُطَاه عُتَاه فِي الخَطِيَّة هَلْ تَقُول أنَّ الخَطِيَّة صَعْبَة ؟ أُنْظُر إِلَى القِدِيس مُوسَى الأسوَد سَتَعْرِف أنَّ الْمَسِيح يُمْدَح بِمَرْضَاه مَهْمَا ثَقُلَت الخَطَايَا يُوجَد مَنْ لَهُ قُوَّة وَاقْتِدَار بِكَلِمَة يَزْجُرَهَا وَيَنْتَهِرَهَا ثِق فِي قُدْرَة الْمَسِيح عَلَى شِفَاءَك بِكَلِمَة مِنْهُ يَقُول لَك" مَحْلُول مِنْهَا " فَتُشْفَى ثِق أنَّهُ بِكَلِمَة مِنْهُ يَقُول لَك " إِيمَانَك قَدْ شَفَاك ( لو 18 : 42 ) " فَتُشْفَى يَزْجُر الخَطِيَّة فَتَتْرُكَك يَقُول لَك " لِعَازَر هَلُّمَ خَارِجاً ( يو 11 : 43 ) " ثِق فِي هذِهِ القُدْرَة اللانِهَائِيَّة . فِي الْحَالِ قَامَتْ وَخَدَمَتْهُمْ :- لَمْ تُوجَد مَرْحَلَة إِنْتِقَالِيَّة بَيْنَ المَرَض وَالشِّفَاء قَدْ نَقُول لَهَا أنَّ شَفَاءِك لَمْ يَكْمُل بَعْد أنْتِ فِي مَرْحَلِة النَقَاهَة لاَ مُجَرَّد أنْ شُفِيَت نَالَت قُوَّة وَقَامَت نَقُول لَهَا قَدْ كُنْتِ مُنْذُ لَحَظَات قَلِيلَة مَرِيضَة جِدّاً وَكُنَّا نُبَاشِرِك بِالعِلاَجَات المُخْتَلِفَة وَكُنَّا حَزَانَى لِمَرَضِك وَأنْتِ الآن قُمْتِ لِتَخْدِمِينَا ؟هذِهِ قُدْرِة رَبَّنَا يَسُوع الْمَسِيح اللانَهَائِيَّة يُحَوِّل الإِنْسَان لَيْسَ مِنْ خَاطِئ إِلَى تَائِب فَقَط بَلْ مِنْ خَاطِئ تَائِب إِلَى قِدِيس خَادِم رَوعَة وَجَمَال فَفِي الحَال قَامَت وَخَدَمَتْهُمْ لَمْ تُشْفَى فَقَط بَلْ أصبح بِهَا قُوَّة لِشِفَاء بَلْ وَلِخِدْمِة الآخَرِين بَلْ وَلِتَلبِيَة إِحْتِيَاجَات الآخَرِين .. هذِهِ قُوَّة عَمَل الله فِي النَّفْس يُعْطِيك قُوَّة فَوْقَ الطَبِيعَة لاَ تُصَدِّقهَا إِنْسَان مِثل القِدِيس أُوغُسْطِينُوس لَمْ يَتُب فَقَط بَلْ وَصَارَ قِدِيس لَيْسَ قِدِيس فَقَط بَلْ وَأُسْقُف يُعَلِّم زَجَرَ الحُمَّى الَّتِي فِيهِ فَقَامَ وَعَلَّم أيْضاً شَاوِل الطَرْسُوسِي كَانَ ذَاهِب إِلَى دِمشق لِيَضطَهِد الكِنِيسَة وَيَتْلِفُهَا بِإِفْرَاط فَوَقَفَ فَوْقَاً مِنْهُ وَزَجَرَ الحُمَّى فَشَفَاه وَقَامَ يَخْدِم ( أع 9 : 1 – 3 ) هذَا عَمَل الْمَسِيح يُرِيد نِفُوس تَشْهَد لَهُ وَتَقُول تَعَالُوا أنْتُمْ خُطَاه أنَا خَاطِئَة مِثْلُكُمْ لكِنَّه تَعَامَل مَعِي وَشَفَانِي وَحَوَّلَنِي مِنْ مَرِيض إِلَى إِنْسَان مُعَافَى مِنْ خَاطِئ إِلَى بَار لَيْسَ بَار فَقَط بَلْ وَخَادِم لأنِّي الأقدَر عَلَى التَحَدُّث بِقُوَّتَهُ فَكُلَّ إِنْسَان أصَابَهُ مَرَض وَكُلَّ إِنْسَان أصَابَهُ عَجْز كَامِل أكثَر إِنْسَان يُعْطِيهِ رَجَاء هُوَ مَنْ كَانَ مَرِيض مِثْله الإِنْسَان الْمَسِيحِي عِنْدَمَا يَخْتَبِر عَمَل الله فِي حَيَاته تِغَيَّره وَتِتَوِبه وَأكثَر مِنْ ذلِك تُحَوِّله إِلَى خَادِم فَفِي الحَال قَامَت وَخَدَمَتْهُمْ تُرِيد أنْ تَجْذِب نِفُوس كَثِيرَة لَهُ وَتَحْكِي لِكَثِيرِين عَنْ حُبَّه وَاقْتِدَاره تَعَالُوا إِنْسَان قَالَ لِي كُلَّ مَا فَعَلْتُ ( يو 4 : 29 ) تَعَالُوا لِمَاذَا أنْتُمْ صَامِتِين وَبَعِيدِين عَنْهُ ؟ تَعَالُوا وَتَلاَمَسُوا مَعَهُ هُوَ صَاحِب قُوَّة لاَ نِهَائِيَّة فَلِمَاذَا أنْتُمْ بَعِيدِين ؟ جَيِّد فِي سِفر التَكْوِين أنْ يَذْكُر أنَّ أبِينَا يَعْقُوب كَانَ وَاقِف خَارِج بِيْت خَاله لاَبَان وَهُوَ فِي خَجَل فَقَالَ لَهُ لاَبَان كَلِمَة رَائِعَة قَالَ { فَقَالَ ادْخُلْ يَا مُبَارَكَ الرَّبِّ لِمَاذَا تَقِفُ خَارِجاً وَأنَا قَدْ هَيَّأْتُ الْبَيْتَ } ( تك 24 : 31 ) نَحْنُ قَدْ أعْدَدنَا كُلَّ هذِهِ الوَلِيمَة لَكَ وَأنْتَ فِي خَجَل تَقِف خَارِجاً ؟ هَيَّا أُدْخُل لأِنَّ كُلَّ شِئ قَدْ أُعِدَّ لَكَ هكَذَا السَيِّد الْمَسِيح لَهُ المَجد يَقُول لَك لِمَاذَا تَقِف صَامِت تَتَأمَّل فِي مَرَضَك ؟ يُوجَد طَبِيب مَاهِر قَادِر عَلَى شِفَاءَك لَيْسَ شِفَاءَك فَقَط بَلْ وَقَادِر أنْ يُحَوِّلَك إِلَى قِدِيس لَيْسَ قِدِيس فَقَط بَلْ وَخَادِم هُوَ يُرِيد أنْ يُعْلِن قُدْرِته فِيك وَيُمْدَح بِكَ وَيُكْرَز بِهِ مِنْ خِلاَلَك يُرِيد أنْ يُثبِت عَمَله مِنْ خِلاَلَك أنْتَ فَاعْطِهِ الفُرْصَة تَخَيَّل أنَّكَ تِعْرَف عَنْ إِنْسَان خَطَايَاه الكَثِيرَة ثُمَّ تَرَاه يَدْخُل الكِنِيسَة وَيَعْتَرِف وَ يِتنَاوِل ثُمَّ يَبْدَأ فِي الخِدمَة وَيَأتِي بِآخَرِين لِلْمَسِيح كُلِّنَا سَنَتَعَلَّم مِنْهُ وَنَقُول مُبَارَك أنْتَ يَارْبَّ وَعَجِيب عَجِيب فِي قُدْرِتَك وَفِي تُوبتَك فَأنْتَ القَادِر أنْ تُحَوِّل وَتَأتِي بِأبْنَاء كَثِيرِينَ إِلَى المَجد ( عب 2 : 10) فِي الحَال قَامَت وَخَدَمَتْهُمْ . وَعِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ كَانَ الَّذِينَ عِنْدَهُمْ مَرْضَى بِأنْوَاع أمْرَاضٍ كَثِيرَة يُقَدِّمُونَهُمْ إِلَيْهِ :- النَتِيجَة الطَبِيعِيَّة لِمَا رَأوه المَوجُودِين أنَّ كَثِيرِينَ في الوَلِيمَة كَانَ لَهُمْ مَرْضَى وَلأِنَّهُمْ رَأوه يَزْجُر الحُمَّى فَقَالَ كُلَّ مِنْهُمْ أبَي مَرِيض أُمِي مَرِيضَة أُخْتِي عَمِّي وَأتُوا بِهُمْ جَمِيعَاً لِيَسُوع وَظَلَّ فِي البِيْت مِنْ الصَّبَاح حَتَّى الغُرُوب وَأتُوا إِليْهِ بِكُلَّ هؤلاَء المَرْضَى إِذاً حَمَاة سَمْعَان كَانِت سَبَب إِتْيَان مَرْضَى كَثِيرِينَ إِليْهِ وَشِفَائِهِمْ إِذاً شِفَائِي أنَا سَيَكُون سَبَب بَرَكَة لِلآخَرِين وَيَأتِي مَرْضَى كَثِيرُون وَهُوَ يَضَع يَدَهُ عَلَى كُلَّ وَاحِد مِنْهُمْ وَيَشْفِيهُمْ لِذلِك الكِنِيسَة تَضَع هذَا الفَصْل مِنْ الإِنْجِيل فِي نِهَايِة اليُوْم وَتَقُول لَك إِحْذَر أنْ يَمُر عَلِيك اليُوْم وَأنْتَ مَازِلت فِي الحُمَّى إِحْذَر أنْ تَكُون الحُمَّى قَدْ أصَابَتك وَأنْتَ صَامِت لاَ إِنْ كُنْت قَدْ أُصِبت بِحُمَّى وَالحُمَّى شَدِيدَة وَالخَطِيَّة أحْدَثِت فِيك دَمَار فَلاَبُد أنْ تَقِف أمَامه بِثِقَة فِيهِ فَيَزْجُرَهَا وَيُقِيمَك فَتَقُوم لَيْسَ تَقُوم فَقَط بَلْ تَقُوم وَتَخْدِم وَتَقُول لَهُمْ تَعَالُوا وَهُوَ يَضَع يَدَهُ عَلَيْكُمْ وَيَشْفِيكُمْ هذَا هُوَ إِخْتِبَار عَمَل الله فِي حَيَاتنَا أنَّهُ وُجِدَ شَدِيداً إِخْتَبَرْنَا حَنَانه إِخْتَبَرْنَا شِفَاءه إِخْتَبَرْنَا مَحَبِّته إِخْتَبَرْنَا قُدْرِته فَتَسْتَطِيع أنْ تُقْنِع النَّاس وَتُحْضِر كُلَّ إِنْسَان فِي الْمَسِيح يَسُوع الله قَادِر أنْ يَمِد يَدَهُ وَيَشْفِينَا مِنْ حُمَّى شَدِيدَة أصَابِتنَا لِمُدَّة طَوِيلَة رَبِّنَا يِكَمِّل نَقَائِصنَا وَيِسْنِد كُلَّ ضَعْف فِينَا بِنِعْمِته لَهُ المَجد دَائِمَاً أبَدِيّاً آمِين. القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا انطونيوس محرم بك الاسكندرية
المزيد
20 سبتمبر 2024

مائة درس وعظة (٤٧)

صفات المسيح « أتشبه بك » لا يخاصم ولا يصيح ولا يسمع أحد في الشوارع صوته. قصبة مرضوضة لا يقصف وفتيلة مدخنة لا يطفئ (مت ۲۱:۱۲) خمس صفات رئيسية للمسيح له المجد تجدها في هذه الآية هوذا فتاي الذي اخترته، حبيبي الذي سرت به نفسی أضع روحي عليه فيخبر الأمم بالحق لا يخاصم ولا يصبح، ولا يسمع أحد في الشوارع صوته القصبة مرضوضة لا يقصف، وفتيلة مدخنة لا يطفى حتى يخرج الحق إلى النصرة وعلى اسمه يكون رجاء الأمم، (مت ۱۲ ۱۸-۲۱) ١- لا يخاصم قلبه لا يعرف الخصام لأن الخصام يعنى عدم وجود محبة، ففي الزمن القديم كان اليهود يخاصمون السامريين، ولكن مسيحنا الحلو يقطع مشواراً كبيراً ليقابل المرأة السامرية وعندما قابلته قالت له كيف تكلمني وانت رجل يهودي وأنا امرأة سامرية (فاليهود لا - يعاملون السامريين) فبدأ السيد المسيح بلطف يقتادها إلى التوبة وخطوة بخطوة يظهر جمالها وتصير كارزة ويشير إليها ويقول: هوذا فتاي الذي اخترته وحبيبي الذي سرت به نفسى لا يخاصم أحداً. فالأفضل لك أن تراجع نفسك. ٢- لا يصيح غضب الإنسان لا يصنع بر الله وغضب الإنسان يظهر في ملامح الوجه وفي الكلام وفي السلوك وإن أقام الغضوب أمواتاً فليس مقبولاً أمام الله - مثلما علمنا الآباء لو ضبطت مشاعرك وفكرك وقلبك يشير إليك المسيح ويقول هوذا فتاى الذي اخترته حبيبي الذي سرت به نفسی. ٣- لا يسمع أحد في الشوارع صوته كانت البيوت كلها دور واحد ولم يكن هناك زجاج للنوافذ ولا أبواب خشب مثل الموجودة عندنا حالياً لذلك يمكن للناس التي تسير في الشارع أن تسمع ما يدور داخل البيت فالذي تكون حياته هادئة لا يسمع أحد في الشوارع صوته، والحياة الهادئة تعبر عن الإنسان الذي يسعى إلى رضا المسيح فيقال عنه هوذا فتاى الذي اخترته حبيبي الذي سرت به نفسی مثال شخص يكون كمحطة إرسال أو إذاعة طوال اليوم فعندما يقابلك هذا الشخص يبادرك بالسؤال الشهير هل لديك أخبار وان لم يكن لديك أخبار يتطوع هو بل ويتبرع ويقدم لك طائفة من الأخبار وأحيانا يكون وكالة أنباء سيئة الأخبار فيثور قائلاً "الم تدر" فقد حدث كذا وكذا نجده شخصاً مزعجاً حتى وهو يقوم بتربية أولاده سواء هو أو الأم فعند تربية الأولاد والبنات لابد أن يكونا هادي الملامح فيكون كلاهما كإنسان هادي السير دائماً فالأمور العظيمة تتم في السر أي في هدوء یعنی الشجرة الضخمة التي تعطى ثمراً هل يسمع أحد صوتها ". ٤- قصبة مرضوضة لا يقصف مرضوضة (يعنى قطعة خشب هشة) لا يقصف (لا يكسر) ويقول ليس منها فائدة بمعنى أنه حتى لو عاش الإنسان في الخطية مستحيل أن ينظر المسيح إليه بهذا الشكل كان هناك إنسان شرير من هامة راسه حتى اسفل قدميه والله منتظر عودته، وصلب هذا الإنسان مع المسيح على الصليب والله يتأني عليه وعندما قال هذا اللص ، اذكرني يارب متى جئت في ملكوتك قبله المسيح فوراً، وكانه يقول له انا منتظرك منذ زمن بعيد انت قصبة مرفوضة فانتظرتك أن ترفع صلاة .. لذلك أجابه المسيح على الفور اليوم تكون معي في الفردوس ويصير هذا الإنسان من أوائل الذين دخلوا إلى الفردوس قصبة مرضوضة لا يقصف دائماً عنده أمل ورجاء دائما عنده نوع من التشجيع ٥- فتيلة مدخنة لا يطفى يوجد انسان يقفل باب الرجاء أمامك، ويوجد انسان اخر يفتح أمامك باب الأمل وفي هذا يتم تقسيم الناس إلى نوعين متفائلين ومتشائمين. ا- المتفائل يقول الله وردة جميلة لكن بها بعض الشوك. ب- المتشائم يقول: ما هذا الشوك الذي يحيط بالوردة تری ماهی نظرتكم إن نظرت للوردة تكون متفائلاً وعندك رجاء مثل نظرة المسيح إلينا نحن الخطاة المسيح ينتظر عودتنا لانه يرى فينا جمالاً افضل ویرى أن كل إنسان له نصيب في الملكوت هوذا فتاي الذي اخترت وحبيبي الذي سرت به نفسی. قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
19 سبتمبر 2024

بدعة السيمونية

سِيمون / شراء موهبة الرب بدراهم السيمونية من أخطر البدع التى عصفت بالكنيسة القبطية لم تكن البدعة السيمونية من أخطر البدع التى واجهت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية من الخارج فحسب بل أنها أخترقتها وتغلغلت فيها وعصفت بها، حدث هذا الإختراق فى بعض الأزمنة أثناء الإضطهاد الإسلامى الشديد حيث كان الولاة المسلمين يفرضون أتاوة مالية على بطاركة القبط بدفع مبالغ ضخمة من المال فيضطرون إلى الجولان على بيوت الأقباط فى الوجه البحرى ثم القبلى لجمع هذه الأموال كما كانوا يضطرون إلى بيع مراكز الأساقفة بدراهم وهذا لتسديد ما طلب منهم للوالى أو الخليفة. أنواع السيمونية والسيمونية التى طبقت فى ثلاث أنواع الأول هى السيمونية المالية، أو السيمونية بالمقايضة، والنوع الثالث السيمونية الوثنية وقد أنشأ هذه البدعه سيمون الساحر وقد أنضم إلى الكنيسة الأولى أملاً فى الحصول على القوة الإلهية عارضاً مالاً على الرسل ظاناً منه أن قوة الرسل الإعجازية إنما هى قوة سحرية يتعلمها ويمارسها مع الناس للحصول على المال كما كان يفعل قبل إيمانه، وقد أطلق أسم السيمونية فيما بعد على الجزء المالى الخاص بها فى بيع مراكز الأسقفيات فقط أو عن طريق مقايضة المركز بشئ آخر كما سبق واوضحنا من قبل ولكن لم تنجرف الكنيسة القبطية إلى تطبيق الشق الثاالث أى ما تطورت إليه هذه الهرطقة حيث أن سيمون عبده الناس كإله هو وإمرأة عاهرة. شراء موهبة الإله بالبيع بالمال أو بالمقايضة ولما كان الشراء فى العصور القديمة يتم بالمقايضة قبل ظهور النقود فبيع المواهب والمراكز الكنسية سواء يتم بالمال أو المقايضة لقاء شئ أو عمل ما أو خدمة أو قرابة أو منصب أو تنازل عن شئ... ألخ يطلق عليهما السيمونية وتعتبر السيمونية المالية من أخطر البدع التى عصفت بالكنيسة القبطية حيث كان يضطر إليها بعض البطاركة ألأقباط أحياناً للحصول على المال لسداد الأتاوة التى كانت تفرض عليهم من بعض الولاة المسلمين الذين حكموا مصر، أو كان يلجأ إليها أشخاص بدفع مبالغ مالية للوصول إلى منصب فى الكنيسة القبطية،ومن الآباء البطاركة الذين أشتهروا بالسيمونية - كيرلس الثالث [75] كان يدعى داود بن لقلق - حاول بكل السبل [بالرشاوى والوسائط والحيل أن يرسم بطريركا ] - وبسببه ظل الكرسي خاليا 20 سنة، ونجح أخيرا في الوصول لغايته إذ دفع 3 آلاف دينار للحكومة - رسم باسم كيرلس الثالث - أعاد السيمونية. - استولى على أموال الأديرة. - وأخيراً أجبره الأساقفة على عقد مجمع قدموا فيه طلباتهم لتحديد إختصاصاته. من هو سيمون؟ سيمون هو ساحر أدهش شعب السامرة بسحره، فكانوا يقولون أن سحره شيء عظيم، وكان يرضى شهوة نفسه من العظمة وترديد الناس لإسمه كما كان يجنى أرباحاً طائلة من سحرة فقداعتقدأهل السامرة أن قوة إلهية عظيمة حلت فيه! وذهب فيلبس الرسول والشماس يكرز بالإنجيل في السامرة ورأى سيمون المعجزات التي تجري على يد فيلبس، فأيقن أنها تجري بقوة أعظم من سحره، فآمن واعتمد ولازم فيلبس مندهشاً من المعجزات التي يجريها. ويبدو أن إيمانه لم ينشأ عن إقتناعه بقوة إلهية حقيقية إنما كان عن خداع فقد ظن أن في المسيحية قوة سحرية أقوى من قوة سحره. وقد ردت قصة سيمون في الإصحاح الثامن من سفر الأعمال (9-24) وسمعان هو اسم عبراني معناه ((السامع)) وسمع بطرس ويوحنا عن عمل الله في السامرة، فنزلا إليها وأجرى الرب بهما معجزات أخرى شبيهة بتلك التي حدثت يوم الخمسين (أعمال 2) فأندهش سيمون أكثر، وأسرع طالباً معرفة تلك القوة السحرية العظيمة مقدماً المال ثمناً لذلك، فوبخه بطرس بشدة وطلب منه أن يتوب وقد عرفت الكنيسة الأولى شناعة هذه الخطيئة فأطلقت اسم السيمونية على كل من يتاجر في الوظائف الكنسية وقد واجه الكارزون الأولون بالمسيحية مقاومة من السحرة، مثلما جرى مع عليم الساحر الذي قاوم بولس الرسول (أعمال 13: 6 و 7). ولكن قوة معجزات التلاميذ هزمت السحرة كما هومت قوة الرب التى حلت فى موسى سحرة فرعون. هل السيمونية فئة من البدعة الغنوسية؟ وقد كان لسيمون أتباع أعجبوا بقوة سحرة أطلق عليهم اسم السيمونيون اعتبروا سيمون نبياً لهم. وهم شيعة صغيرة من شيع الغنوسيين يقول اوريجانوس عنهم أنهم ليسوا مسيحيين لأنهم يعتبرون سيمون مظهر قوة إلهية ويقول ايريناوس أن سيمون هذا هو أبو الغنوسيين،ولكن لم يتأكد ألعلاقة بين السيمونية والهرطقة الغنوسية فهى علاقة غير معروفه تماماً. وذلك لسبب بسيط هو أن السيمونية تعتمد على السحر فى الإنتشار أما الغنوسية فتعتمد على الفلسفة ولعل الصواب جانب الآباء المسيحيين الأولين الذين ربطوا بين سيمون الساحر (أعمال 8) مع فكرة الغنوسية تفسير الجزء الخاص بسيمون الساحر فى سفر أعمال الرسل من العهد الجديد من تفسير وتأمُّلات الآباء الأولين - القمص تادرس يعقوب ملطي - كنيسة الشهيد مار جرجس بإسبورتنج إيمان سيمون الساحر "وكان قبلاً في المدينة رجل اسمه سيمون، يستعمل السحر، ويُدهش شعب السامرة، قائلاً أنه شيء عظيم" كان استخدام السحر أمرًا شائعًا في العالم القديم. في البداية كان السحرة يدرسون الفلسفة وعلم التنجيم والأفلاك والطب الخ. لكن صار اسم "السحرة" يشير إلى الذين يستخدمون معرفة الفنون بغرض التعرف على المستقبل، بدعوى أن ذلك يتحقق خلال تحركات الكواكب، ويشفون المرضى بالتعاويذ السحرية (إش 2: 6؛ دا 1: 20؛ 2: 2). وقد حرّمت الشريعة ذلك (لا 19: 31؛ 20: 6) "وكان الجميع يتبعونه، من الصغير إلى الكبير، قائلين: هذا هو قوة اللَّه العظيمة"يرى بعض الدارسين أن سيمون هذا هو الذي أشار إليه المؤرخ يوسيفوس، الذي وُلد في قبرص، وكان ساحرًا. استخدمه فيلكس الوالي لكي يغوي دروسللا Drusilla أن تترك زوجها عزيزوس Azizus وتتزوجه. لكن رفض بعض الدارسين ذلك، لأن سيمون هنا غالبًا ما كان يهوديًا أو سامريًا، كرَّس حياته لدراسة فنون السحر. درس الفلسفة في الإسكندرية، وعاش بعد ذلك في السامرة ادعي أنه المسيح، ورفض ناموس موسى، وكان عدوًا للمسيحية، وإن كان قد اقتبس بعض تعاليمها لكي يجتذب بها البعض "وكانوا يتبعونه لكونهم قد اندهشوا زمانًا طويلاً بسحره" إذ رأى عدو الخير كلمة الله يتجسد، وربما أدرك أن مملكته تنهار، بذل كل الجهد لإقامة العقبات في كل موضع، فحث سيمون على عمل السحر زمانًا طويلاً، وخدع الجميع من الصغير إلى الكبير كان سيمون الساحر (ماجوس) شخصية خطيرة، لها سمعتها في الأوساط التاريخية والعلمية، استخدم وسائل شيطانية كثيرة، وحسبه الجميع قوة الله العظيمة. وبحسب القديس إيريناوس كان يجول بامرأة تدعى هيلانة، تُدعي أنها من تجسد سابق من إله العقل، أو من فكر الإدراك الإلهي الذي خرجت منه كل القوة الملائكية والمادية. ويقدم القديس هيبوليتس تقريرًا شاملاً لمنهجه القائم على أساس غنوسي، دعاه "الكشف الأعظم" ويروي الشهيد يوستين كيف استطاع هذا الساحر أن يجتذب أشخاصًا يكرسون حياتهم لنظامه بواسطة قوة السحر، ليس فقط في السامرة، بل وفي إنطاكية أيضًا وروما. وقد عُمل له تمثال في روما نُقش عليه: "تذكار لسمعان الإله المقدس". وقد أثار الحكام في روما ضد المسيحيين. ويُقال أنه دخل في صراعٍ مريرٍ مع القديس بطرس انتهي بدحره. وبتقرير العلامة أوريجينوس بقت جماعة السيمونيين تخرب في الكنيسة حتى منتصف القرن الثالث "قوة الله العظيمة"، وتعني: "الله القوي" أو "يهوه الجبار". جاء في كتاب اليوبيل (أبوكريفا يهودي) أن الشعب في مصر كان يخرج وراء يوسف ويصيحون El- El wa abir El، ومعناه "الله والقوة الذي من الله". ويرى البعض أن الترجمة الدقيقة لعبارة "قوة الله العظيمة" هي: "هذا هو قوة الله، الإله الذي يُدعى العظيم"تسبب سيمون في عزل بيلاطس بنطس، فقد أعلن أنه سيذهب إلى جبل جرزيم، ويستخرج من تحت أنقاض هيكل جرزيم الآنية التي كان يستخدمها موسى نفسه. فانطلقت وراءه الجماهير، مما اضطر بيلاطس أن يرسل حملة من الجنود فحدثت مذابح رهيبة. اشتكى السامريون للحاكم الروماني في سوريا، فأبلغ روما التي استدعت بيلاطس بلا عودة. يروي هيبوليتس أنه في استعراض له بروما طلب أن يدفنوه حيًا، مدعيًا أنه سيقوم في اليوم الثالث، فدُفن ولم يقم "ولكن لمّا صدقوا فيلبس، وهو يبشّر بالأمور المختصّة بملكوت اللَّه، وباسم يسوع المسيح، اعتمدوا رجالاً ونساء". يقول لوقا البشير: "ولكن لما صدقوا فيلبس"،وكأنهم قارنوا بين الحق الذي شهد له فيلبس الرسول، والسحر والأعمال المبهرة التي مارسها سيمون، فأعطى الروح القدس قوة لكرازة فيلبس حطمت أباطيل إبليس وجنوده يقرن القديس فيلبس ملكوت السماوات بالعماد باسم يسوع المسيح. في عرضٍ رائعٍ، يقدم لنا الشهيد كبريانوس خبرته بخصوص معموديته، قائلاً: [إنني مثلك، ظننت مرة إنني كنت حرًا، مع إنني كنت أسيرًا، مقيدًا في ظلمةٍ روحيةٍ. نعم كنت حرًا، أحيا كيفما أشاء. ولكنني كنت في فراغٍ إلي زمنٍ طويلٍ. كنت أبحث على الدوام عن شيءٍ أؤمن به. مع تظاهري بأنني واثق من نفسي، كنت كموجةٍ تلطمها الريح. كنت أيضًا أنجذب إلي كل أمور هذه الحياة معتزًا بالممتلكات والسلطة. بينما كنت أعرف في قلبي أن كل هذه الأمور ليست إلا كفقاعةٍ علي البحر، تظهر الآن ثم تتفجر لتزول إلي الأبد. مع تظاهري باليقين الخارجي، كنت أعرف أنني مجرد تائه في الحياة، ليس لي خطة أسلكها، ولا مسكن تستقر فيه نفسي يمكنك أن ترى إنني لم أعرف شيئًا عن الحياة الحقيقية، الحياة الجديدة المقدمة لنا من فوق. لأنني كنت أبحث عن الحق خلال خبراتي الذاتية، معتمدًا علي طرق منطقي الذاتي، لذا بقي الحق مراوغًا. وإذ اعتمدت علي فهمي الخاص، كان نور الحضرة الحقيقية لله مجرد إشراقة بعيدة سمعت أن رجالاً ونساءً يمكنهم أن يُولدوا من جديد، وأن الله نفسه أعلن طريق تحقيق هذا الميلاد الجديد بالنسبة لنا، وذلك لمحبته للخليقة التائهة مثلي في البداية ظننت أن هذا مستحيل. كيف يمكن لشخص مثلي عالمي وعنيف أن يتغير ويصير خليقة جديدة؟ كيف يمكن لمن هو مثلي أن يعبر من تحت المياه ويعلن أنه قد وُلد من جديد؟ هذا بالنسبة لي أمر غير معقول، أن أبقى كما أنا جسمانيًا، بينما يتغير صُلب كياني ذاته، وأصير كأنني إنسان جديد لم أرد أن أترك عدم إيماني، ومقاومتي لهذه الفكرة بأنني أولد من فوق. لقد اعترضت: "نحن من لحمٍ ودمٍ، مسالكنا طبيعية، غريزية، مغروسة بحق في أجسامنا. إننا بالطبيعة نقدم أنفسنا على الغير، ونسيطر ونتحكم ونصارع لكي نغلب الآخرين مهما كانت التكلفة. توجد بعد ذلك عادات اقتنيناها حتى وإن كانت تضرنا، صارت هذه العادات جزًء منا، كأنها أجسامنا وعظامنا. كيف يُمكن لشخصٍ أحب الشرب والولائم أن يصير ضابطًا لنفسه ومعتدلاً؟ كيف يمكنك أن تستيقظ صباحًا ما وبمسرةٍ ترتدي ثوبًا بسيطًا وقد اعتدت علي الملابس الفاخرة وما تجلبه من الأنظار والتعليقات؟ كيف يمكنك أن تحيا ككائنٍ متواضعٍ بينما قد نلت كرامة في أعين الجماعة؟ هكذا كان تفكيري الطبيعي، إذ كنت في عبودية لأخطاء لا حصر لها تسكن في جسدي. بالحقيقة يئست من إمكانية التغيير. فقد تكون تلك العادات ضارة لي، لكنها كانت جزءً مني. لذلك كان التغير مستحيلاً، فلماذا أصارع؟ فإنني كنت أشبع رغباتي بتدليلٍ ولكن في يومٍ أخذت خطوة وحيدة بسيطة وضرورية متجهًا نحو الله تواضعت أمامه وكطفل قلت: "أؤمن". نزلت تحت المياه المباركة فغسلت مياه الروح الداخلية وسخ الماضي، وكأن بقعة قذرة قد أُزيلت من كتانٍ فاخرٍ، بل وحدث ما هو أكثر أشرق نور عليَّ كما من فوق. اغتسلت في سلامٍ لطيفٍ. تطهرت في الحال. قلبي المظلم يتشبع بحضرته، وعرفت... عرفت... أن الحاجز الروحي القائم بيني وبين الله قد زال. تصالح قلبي وقلبه. أدركت الروح، نسمة الآب، قد حلّ فيّ من هو فوق هذا العالم. وفي تلك اللحظة صرت إنسانًا جديدًا منذ ذلك الحين وأنا أنمو في معرفة كيف أحيا بطريقٍ ينعش حياتي الجديدة المعطاة لي ويعينها. ما كنت أتشكك فيه صار لازمًا أن أتعامل معه بكونه الحق واليقين. ما كنت أخفيه يلزم أن يخرج إلي النور. بهذا ما كنت أسيء فهمه بخصوص الله والعالم الروحي بدأ يصير واضحًا وأما عن عاداتي الخاصة بإنساني القديم، فقد تعلمت حسنًا كيف تتغير... حيث تُعاد خلقة هذا الجسد الأرضي بواسطة الله. في كل يوم أنمو علي الدوام، صرت أكثر قوة، وحيوية في روح القداسة الآن أخبرك ببساطة الخطوة الأولي في طريق الروح: قف أمام الله كل يومٍ بوقارٍ مقدسٍ، كطفلٍ بريءٍ ثق فيه. هذا الاتجاه يحمي نفسك. يحفظك من أن تصير مثل الذين ظنوا أنهم متأكدون أنهم يخلصون، فصاروا مهملين. بهذا فإن عدونا القديم، الذي يتربص دومًا، أسرهم من جديد لتبدأ اليوم أن تسير في طريق البراءة، الذي هو طريق الحياة المستقيمة أمام الله والإنسان. لتسر بخطوة ثابتة. أقصد بهذا أنك تعتمد علي الله بكل قلبك وقوتك ألا تشعر به، الآب، إذ هو موجود حولك؟ إنه يود أن يفيض عليك... فقط اذهب إليه وأنت متعطش للحياة الجديدة... افتح الآن نفسك واختبر نعمته، التي هي الحرية والحب والقوة، تنسكب عليك من أعلى، تملأك وتفيض افتح نفسك أمامه الآن، هذا الذي هو أبوك وخالقك. كن مستعدًا أن تنال الحياة الجديدة وتمتلئ بها... هذه التي هي الله نفسه.] "وسيمون أيضًا نفسه آمن، ولمّا اعتمد كان يلازم فيلبس، وإذ رأى آيات وقوات عظيمة تُجرى اندهش"استطاع سيمون في البداية أن يميز بين الحق والباطل، وما هو من الله وما هو من الشيطان، فآمن وصار مرافقًا لفيلبس الرسول. لقد أبهرته الآيات والقوات العظيمة، وللأسف اندهش فاشتهاها، وصمم أن يشتريها بالمال. القديس أغسطينوس يقول: " عندما نسمع: "من آمن واعتمد خلص" (مر 16: 16)، فبالطبع لا نفهم ذلك على من يؤمن بأيّة طريقة، فالشيّاطين يؤمنون ويقشعرّون (يع 2: 19). كما لا نفهم ذلك على من يتقبّلون المعموديّة بأيّة طريقة كسيمون الساحر الذي بالرغم من نواله العماد إلا أنه لم يكن له أن يخلص. إذن عندما قال: "من آمن واعتمد خلص" لم يقصد جميع الذين يؤمنون ويعتمدون بل بعضًا فقط، هؤلاء الذين يشهد لهم أنهم راسخون في ذلك الإيمان الذي يوضّحه الرسول: "العامل بالمحبّة" (غل 5: 6). " القديس كيرلس الأورشليمي: " حتى سيمون الساحر جاء يومًا إلى الجرن (أع 13: 8) واعتمد دون أن يستنير، فمع أنه غطس بجسمه في الماء، لكن قلبه لم يستنر بالروح. لقد نزل بجسمه وصعد، أما نفسه فلم تُدفن مع المسيح ولا قامت معه (رو 4: 6، كو 12: 2). ها أنا أقدم لكم مثالاً لساقطٍ حتى لا تسقطوا أنتم. فإن ما حدث كان عبرة لأجل تعليم المتقرّبين لهذا اليوم (يوم العماد). إذن ليته لا يكون بينكم من يجرب نعمة اللَّه، لئلا ينبع فيه أصل مرارة ويصنع انزعاجًا (عب 15: 12)! ليته لا يدخل أحدكم وهو يقول: لأنظر ماذا يعمل المؤمنون! لأدخل وأرى حتى أعرف ماذا يحدث؟! (أي يدخل لمجرد حب الاستطلاع). أتظن أنك ترى الآخرين وأنت (في نيتك أن) لا ترى؟! أما تعلم إنك وأنت تفحص ما يحدث معهم، يفحص اللَّه قلبك؟! " وللحديث بقية
المزيد
18 سبتمبر 2024

أنواع من المحبة

أريد أن أكلكم فى هذه المحاضرة عن أنواع كثيرة من المحبة ما هي المحبة ؟ وما أنواعها ؟ وما هي درجاتها ؟ وما هو المقبول منها الله والمحبة الإلهية : المحبة هي الله الله محبة وكما يقول الكتاب "الله محبة من يثبت في المحبة ، يثبت في الله ، والله فيه" في البدء كانت المحبة ، كان الله منذ الأول ، قبل الكون وبهذا الحب خلق الله الكون خلق الملائكة واحبهم ، وخلق البشر وأحبهم .وكما أحب الله خلائقه ، أحبته خلائقه أيضاً أحب الانسان الله ، ولم يكن له حب غير هذا هذه هي المحبة الالهية آدم قبل خلق حواء ، كانت محبته مركزة في الله وحده . المحبة الروحية : ثم خلق الله حواء، معيناً لآدم ، وعرف آدم في علاقته بها قبل الخطية ، لوناً آخر من المحبة هو المحبة الروحية لم يكن الجسد قد بدأ دوره بعد، وكانت محبة آدم الحواء محبة روحية تشبه محبة الأخ لأخية ، والأب لابنه والصديق لصديقه، ومثل محبة الملائكة للبشر . وبالمحبة الروحية التي كانت بين آدم وحواء قبل الخطية ، بدأ الانسان يحب الانسان الى جوار محبته لله ، دون تعارض ، ودون أن تنقص احدى المحبتين شيئا من الأخرى . ثلاثة أنواع أخرى من المحبة : ثم سقط الإنسان ، وبسقوطه وقع في ثلاثة أنواع أخرى من المحبة ، يمكن أن تبعده عن محبة الله ، ثلاثة أنواع من المحبة لا هي إلهية ،ولا هي روحية ، فماذا كانت ؟ ۱ - محبة الذات ، اذ اشتهى لذاته أن تكبر « وتصير مثل الله » . ۲ - محبة المادة ، اذ اشتهى ثمرة الشجرة ووجدها « بهجة للعيون» . ٣- محبة الجسد ، اذ تفتحت عيناه ، وفقد براءته ، وخضع لشهوة الجسد ،والجنس . وهكذا وقع الانسان فى محبة العالم بكل أعماقها ، كما قال عنها الرسول إنها شهوة الجسد ، وشهوة العين ،وتعظم المعيشة لم تكن عنده هذه الأمور من قبل : لم يكن يحارب قبلا بمحبة الذات في تعظم المعيشة ،لم يكن يشتهى أن يكبر لم يكن أيضاً محارباً بمحبة المادة كان ينظر إلى جميع الأشجار فى بساطة دون أن يجد إحداها "شهية للنظر،وجيدة للأكل ،وبهجة العين" كذلك لم يكن يعرف شهوة الجسد كان عرياناً وينظر إلى رفيقه العريان ، دون خجل أو شهوة ومن ذلك الحين ، والانسان تتنازعه هذه الأنواع الخمس من المحبة المحبة الألهية، والمحبة الروحية، ومحبة الذات، ومحبة الجسد، ومحبة المادة وحياة الانسان الروحية ما هي إلا جهاد متواصل يتنقى فيه من أنواع المحبة الخاطئة ، لكي يثبت في المحبة الإلهية. حدود المحبة البشرية الطاهرة : حتى المحبة البشرية الطاهرة بكل أنواعها ،وضع لها الرب حدوداً، فقال " من أحب أبا أو أما أكثر منى فلا يستحقنى ،ومن أحب إبناً أو إبنة أكثر منى فلا يستحقني" ( متى ۱۰ : ۳۷ ) المحبة الالهية ، هي الأولى والأهم، وتشمل القلب كله وهكذا قال الكتاب " تحب الرب إلهك من كل قلبك، ومن كل نفسك ومن كل قوتك " ( تث ٦ : ٥٠ ) وبعد ذلك تأتى المحبة البشرية الطاهرة، محبة القريب : تحب قريبك كنفسك "ولكن على شرط أن هذه المحبة لا تزيد على محبة الله ، ولا تتعارض مع محبة الله كل محبة طاهرة نحبها للناس ، ينبغى أن تكون داخل محبة الله ليست منفصلة عنها ،وليست الى جوارها ، وانما داخلها بالنسبة إلى أهل العالم كان الشيطان يحاربهم بالجسد أو المادة أو الذات مثلما حارب العالم قبل الطوفان حين « رأى أولاد الله بنات الناس أنهن حسنات"( تك ٢:٦ ) ومثل كل حروب الجسد التي لا تحصى كذلك حروب المادة ، مثل محبة المال ، ومحبة القنية أما أولاد الله ، فعندما يريد الله أن يجربهم انما يمتحنهم في المحبة الطاهرة الروحية ، مثلها اختبر الله ابراهيم في محبته لابنه أراد الله أن يرى هل محبة الأب لابنه ، هذه المحبة الطاهرة ، المحبة الطبيعية ، وليست للابن فقط، وانما بالأكثر للابن الوحيد ، ابن المواعيد ابن الشيخوخة ، الذي انتظره الأب سنوات طويلة ،هل هذه المحبة يمكن أن تفوق محبته لله ، ويمكن أن يعصى الله بسببها إن طلب إليه أن يرفع سكينه على هذا الابن ، ويقدمه محرقة ؟! إن ابراهيم أبا الآباء أثبت أن محبة الله في قلبه تفوق كل محبة أخرى،مهما كانت طاهرة وروحية وطبيعية بهذا الوضع، وبنسبة أقل بكثير ، أخذت حنه ابنها صموئيل ، ابنها الوحيد ، الذي ولدته بعد عقم ، ابن الصلوات والدموع ،وقدمته عارية للرب ، يخدم الرب كل أيامه ،وأثبتت أن محبتها لله أكثر ان محبتنا للناس في الخدمة هي محبة الهية نحن نحب الله ، ونريدهم أن يحبوه كما نحبه واكثر ، نريد أن ندخل الله في قلوبهم، لأننا نحب الله ونحب ملكوته . فلنختبر محبتنا : كثيرا ما تظن أم أنها تحب ابنها محبة حقيقية : ولكن يعوزها أن تعرف : هل هذه محبة روحية كجزء من محبتها لله ؟ أم هي مجرد محبة طبيعية ؟ أم هي محبة لذاتها هي ؟! إنها تحب ابنها : تطعمه وتلبسه وتسمنه و تربيه وتعلمه وتزوجه ولكنها في كل ذلك لم تظهر محبتها الروحية له ، ولم تظهر محبتها لله فيه ،ولم تهتم بروحه وأبديته إنها محبة الدم للدم ، محبة طبيعية ولكنها لم تصل بعد إلى المستوى الروحي ! وقد تختبر محبة لابنها عندما يطلب أن يخصص للرب كاهنا أو راهبا فاذا رفضت أن تعطيه للرب ، ووقفت في طريقه الروحي فماذا نسمى محبتها إذن ؟ ألا تكون مجرد محبة للذات ،الذات التي لا تريد أن تتنازل عن ملكيتها ، حتى لو كان هذا التنازل للرب نفسه !! من أعظم الأمثلة في محبة الأم ،ما عملته أم موسى لابنها في سنوات الطفولة القليلة ثبتت محبة الله في قلبه ، ولقنته معرفة الله بطريقة استطاع بها أن يصمد أمام العبادات المصرية القديمة في قصر فرعون مدى ٤٠ عاماً ... ! ! انها محبة الام التي تكون أشبينة لابنها ، وليست مجرد مربية تدلله لتكسب محبته ، ولو على حساب محبة الله ما أكثر الأمهات اللاتى يفسدن أولادهن تحت اسم الحب والعطف والتدليل وقد يساعدن الأولاد على هذا الفساد بالمال ،وقد يخفين عن الاب حقيقة الابن وطيشه بل قد يكذبن ، وكل ذلك باسم الحب إن رفقة كادت تضيع ابنها يعقوب من فرط محبتها الزائدة له، وأوقعته بمحبتها في خطايا كثيرة لذلك علينا أن نختبر محبتنا ، ما نوعها ؟ في صدق وتدقيق فان كنت حقا تحب الله ، اسأل نفسك : هل تحب الجلوس معه ، والحديث إليه ، والتأمل فيه ؟ هل تشتاق إليه كما تشتاق الأرض العطشانة إلى الماء ؟ هل تفضله على كل محبة أخرى ، وعلى كل لذة أخرى ؟ لذلك كان أعمق الناس محبة لله ،هم الذين سعوا الى محبته واكتفوا بها ،وفضلوها على الكل أولئك الذين من أجل الله تركوا الأهل والأحباب ،وتركوا كل شيء ،ولم يحبوا العالم ولا الأشياء التي في العالم من أجل عظم محبتهم للملك المسيح ومن أمثلة هؤلاء ، الرهبان والمتوحدين والسواح الذين لم يجعلوا في قلوبهم ولا في أفكارهم سوى الله وحده ، الذي صار لهم الكل في الكل ويشبه المتوحدين والسواح في محبتهم لله ، أو يفوقهم ، الشهداء لأنهم لم يتركوا فقط كل شيء من أجل الله ، انما تركوا الحياة أيضا من اجله بكل ما فيها من الذين تملك أيضاً المحبة الإلهية على قلوبهم ، الرعاة والخدام ،الذين يبذلون ذواتهم من أجل بناء ملكوت الله ،يضحون بكل راحتهم ، وكل وقتهم ، وكل جهدهم من أجل أن يدخلوا محبة الله في قلوب الناس المحبة الالهية في عمقها ، هي المحبة الذين تفرغوا لله ، قلبا ووقتا ،وصارت محبة الله هي شغلهم الشاغل يفكرون في الله ، يتحدثون إلى الله ، يستمتعون بالله ، ينفردون بالله ، ينشغلون بالله ليس لهم عمل سوى الله وحده وليست لهم شهوة سوى الله وحده فهل أنت كذلك أم لك شهوات أخرى ورغبات ومشغوليات ردية كانت أم غير ردية ؟! الانسان اذا دخل في عمق الروحيات ، لا تصبح له شهوة ولا رغبة ولا طلبة سوى الله وحده ،الله ساكنا في قلبه وفي قلوب الناس وعمل هذا الانسان هو أن يغربل جميع المحبات التي في قلبه ،ولا يستبقى سوى الله ،وداخل الله يجد كل محبة أخرى يحتاج الأمر منا الى اعادة تقييم الأمور الذي يحب الله ،يعطى كل القيمة لمحبة الله ، وتفقد باقي الأمور قيمتها يقول مع بولس الرسول " خسرت كل الأشياء، وأنا أحسبها نفاية ، لكى اربح المسيح" ومثل موسى النبي الذي ، حسب عار المسيح غنى أفضل من كل خزائن فرعون نحتاج أيضا أن نتخلص من محبة الذات ، لأنها كثيرا ما تشغلنا عن محبة الله وان فكرنا فيها ، نهتم كيف تصير ذاتنا صورة الله وهيكلا لله حقاً إننا بعدنا عن الهدف الحقيقي للحياة ، واخترنا لنا أهدافاً أخرى عالمية أصبحنا نهتم بما سنتركه ،ولا نهتم بما سنلقاه العالم كله سنتركه فلماذا ننشغل به ؟! ليتنا نراجع المحبة التي في قلوبنا تنقيها ،ونفرغها لله ،وتنمو فيها يوما بعد يوم وتهتم بالمحبة الالهية أكثر من الكل . قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث عن مجلة الكرازة العدد الثامن والعشرون عام 1975
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل