المقالات
29 مايو 2024
روحياتك في الخماسين
حقا إن أيام الخماسين أيام فرح، وليس فيها صوم ولا مطانيات حتى في يومي الأربعاء والجمعة ولكن في الفرح أيضًا، يمكن أن نكون روحيين وإلا كيف سنكون روحيين في الفردوس وفي ملكوت السموات حيث النعيم الدائم..؟!ما تفقده من الصوم والمطانيات يمكن أن تعوضه بمزيد من الصلاة ومزيد من القراءات الروحية ومن التأمل ومن الألحان والتراتيل عملا بقول الكتاب "أمسرور أحد بينكم فليرتل" ويمكن أن تتغذى بالتأمل في محبة الله التي صنعت كل هذا الخلاص محبة الرب الذي شاء أن يقضى مع تلاميذه أربعين يوما بعد القيامة، يلتقي بهم ويحدثهم عن "الأمور المختصة بملكوت الله" (اع1: 3) تدرب في هذه الفترة على الحديث مع الرب والتواجد في حضرة الله بالمزامير والصلوات الخاصة وصلوات الشكر على خلاص الله العجيب مع البعد عن أي شيء يعوق وجودك في الحضرة الإلهية عش في حياة الفرح بالرب ولكن لا تجعل فرحك فرحا جسدانيًا بالتسيب الزائد في الأكل فالإفطار ليس معناه التمادي في شهوة الطعام استخدم ضبط النفس أيضًا في حالة عدم الصيام .
قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
المزيد
28 مايو 2024
موت المسيح : هل هو ضعف؟
سؤال كيف يكون المسيح إلهاً ويموت ؟ كيف يموت الله ؟
أليس هذا ضعفاً ؟ ..
الجواب إن اللاهوت بطبعه لا يموت ولكن المسيح ليس مجرد لاهوت فقط ، انه أخذ ناسوتاً مثلنا ، أخذ جسداً متحداً بروح بشرية وعندما مات على الصليب، إنما مات بالجسد، أي انفصلت روحه الإنسانية عن جسده، دون أن يتأثر لاهوته بشيء من هذا الموت لأن اللاهوت لا يموت ودون أن ينفصل لاهوته عن ناسوته فقد انفصلت نفسه عن جسده، ولا هوته لم ينفصل قط لا عن نفسه ولا عن جسده، كما تقول القسمة السريانية على أنه حتى فى هذا الموت بالجسد كان المسيح قوياً فعند اسلامه الروح يقول الكتاب انه صرخ بصوت عظیم (مت ۲۷: ٥٠) هذا الصوت العظيم يدل على قوته، لأنه كان من الناحية الجسدية في حالة فى منتهى الوهن والتعب بعد خمس محاكمات والسير مسافة طويلة والضرب والجلد والاهانة وحمل الصليب وتسميره على الخشب فصراحه بعد هذا بصوت عظيم يدل على قوته لا على ضعفه كما أن هذا الموت تقدم إليه المسيح باختياره، فهو الذي بذل ذاته وما أعظم قوله فى الدلالة على قوته في هذا الموت لهذا يحبنى الآب لأنى أضع نفسى لأخذها أيضاً ليس أحد يأخذها منى، بل أضعها أنا من ذاتى لى سلطان أن أضعها ولى سلطان أن آخذها أيضاً » (يو ۱۰ : ۱۷ ، ۱۸ ) وكان موت المسيح في هذا ، عنصر قوة ، قوة الحب ، كان دليلاً على التضحية والبذل وكما قال : «ليس لأحد حب أعظم من هذا أن يضع أحد نفسه لأجل أحبائه » (يو ١٥ : ١٣)ومن أكبر الدلائل على قوة المسيح في موته أنه لما أسلم الروح إذا حجاب الهيكل قد انشق إلى اثنين من فوق إلى أسفل،والأرض تزلزلت ، والصخور تشققت ، والقبور تفتحت ، وقام كثير من أجساد القديسين حتى أن قائد المائة الذي كان يحرسه خاف - بسبب هذه المعجزات - هو وجنوده ، وقالوا : حقاً كان هذا ابن الله » (مت ٢٧ : ٥١ - ٥٤ ) دليل آخر على قوة المسيح في موته ، انه وهو ميت بالجسد ،ذهبت روحه إلى الجحيم وأطلق الأنفس التي كانت راقد على الرجاء تنتظر خلاص المسيح لها وفتح باب الفردوس ، ورد آدم وبنيه إلى الفردوس ومن دلائل قوته فى موت ، انه بالموت داس الموت ، وأصبح الموت حالياً مجرد قنطرة ذهبية يصل بها الناس إلى الحياة الأسمى والأفضل إن المسيح القائم من الأموت هو دليل على القوة التي انتصرت على الموت .
المزيد
27 مايو 2024
القيامة الأولى
"مبارك ومقدّس كل مَن له نصيب في القيامة الأولى، هؤلاء ليس للموت الثاني سلطان عليهم، بل سيكونون كهنةً لله والمسيح، وسيملكون معه ألف سنة" (رؤ20: 6) جاءت هذه الآية في سِفر الرؤيا، لتكشف حالة ومصير الذين لهم نصيب في القيامة الأولى فما هي القيامة الأولى؟ وما هو الموت الثاني؟ وما هو أصلاً الموت الأول؟! وهل هناك قيامة ثانية؟!!
أحاول في هذا المقال تقديم إجابات مبسّطة ووافية لكلّ هذه الأسئلة:
القيامة الأولى (رؤ20: 4-5) هي القيامة مع المسيح من موت الخطيّة، وهو ما بدأ بقيامة المسيح من الأموات، ويتحقَّق للمؤمنين في المعموديّة "مدفونين معه في المعموديّة، التي فيها أُقِمتُم أيضًا معه، بإيمان عمل الله الذي أقامه من الأموات" (كو2: 12) "قد مُتُّم مع المسيح" (كو2: 20) "قد قُمتُم مع المسيح" (كو3: 1) "كل مَن اعتمد ليسوع المسيح اعتمدنا لموته، فدُفِنَّا معه بالمعموديّة للموت، حتّى كما أُقيمَ المسيح من الأموات بمجد الآب هكذا نسلك نحن أيضًا في جِدّة الحياة لأنه إن كُنّا قد صِرنا متّحدين معه بشبه موته نصير أيضًا بقيامته فإن كُنّا قد مُتنا مع المسيح نؤمِن أنّنا سنحيا أيضًا معه" (رو6: 3-8)وهذه القيامة يلزمنا أن نعرف أنّها ليست حدَثًا محدودًا تمّ في الماضي أثناء معموديّتنا، ولكنها حدَث مُمتَدّ نعيشه كل يوم بمعنى أنّنا أخذنا في المعموديّة قوّة موت عن الخطيّة، وقوّة قيامة وحياة جديدة، لنعيش بهذه القوّة في حياتنا كل يوم وكل ساعة ولهذا يُكمِل معلِّمنا بولس الرسول حديثه بالروح القدس قائلاً "احسِبوا أنفسكم أمواتًا عن الخطيّة، لكن أحياءً لله بالمسيح يسوع ربنا لا تُمَلِّكَن الخطيّة (مرّة أخرى) في جسدكم المائت (الذي مات في المعموديّة) لكي تطيعوها في شهواته ولا تُقَدِّموا أعضاءكم آلات إثم للخطيّة بل قدِّموا ذواتكم لله كأحياء من الأموات، وأعضاءكم آلات برّ لله" (رو6: 12-13) والقيامة الأولى تشمل أيضًا ما يحدث بعد المعموديّة، عندما نُرشَم بمسحة الروح القدس (سِرّ الميرون)، فنصير كهنة لله، أي ممسوحين ومكرّسين لله، وكل حياتنا تكون ملكًا له فيصبح كل واحد فينا "مسيح الرب" وهذا هو "الكهنوت العام" الذي يشترك فيه جميع المسيحيين من رجال ونساء وأطفال وشيوخ أنّنا جميعًا بالميرون نكون كهنة الله (رؤ20: 6) وهذا بالطّبع غير "الكهنوت الخاصّ" الذي هو "سرّ الكهنوت" والذي يتمّ بوضع اليد [(أع8: 14-21)، (أع13: 3)، (1تي4: 14)، (1تي5: 22)، (2تي1: 6)] ونفخة الروح القدس (يو20: 20) فيصير الشخص وكيل سرائر الله (1كو4: 1) أمّا عن الألف سنة فهي تشير إلى الحياة السماويّة الممتدّة مع المسيح فرقم 1000 يشير دائمًا للحياة السماويّة الأبديّة التي لا تنتهي مع الله ولا ننسى أنّ الإنجيل يُخبِرنا أنّ "يومًا واحِدًا عند الرب كألف سنة، وألف سنة كيومٍ واحِد" (2بط3: 8). فمُلك الألف سنة يُشير إلى ملكوت دائم مع المسيح يوم واحِد لا ينتهي هو يوم الأبديّة! بهذا نكون قد فهمنا معنى القيامة الأولى والموت الثاني هو الهلاك الأبدي، والعذاب في بحيرة النار المُعَدَّة لإبليس وملائكته، كما هو واضح في [(مت25: 41)، (رؤ20: 14)].
أمّا الموت الأول فهو مفهوم ضِمنًا في شرح معنى القيامة الأولى فلا تأتي القيامة الأولى مع المسيح إلاّ بعد الموت الأول الذي يتمّ في المعموديّة، ويمتدّ في حياتنا كل يوم، بأن نموت عن الخطيّة وعن الشرّ الذي في العالم وهو ما وضَّحَهُ أيضًا معلِّمنا بولس الرسول بالروح القدس حينما قال "حاملين في الجسد كل حين إماتة الرب يسوع، لكي تظهر حياة يسوع أيضًا في جسدنا" (2كو4: 10) وهذا الموت الأوّل هو أساسيّ للقيامة الأولى، وبدونه لا يكون لنا نصيب فيها!
وأخيرًا ما هي القيامة الثانية؟!
يُحَدِّثنا السيد المسيح عنها في أكثر من موضِع، فيقول مثلاً "تأتي ساعة فيها يسمع جميع الذين في القبور صوته، فيخرج الذين فعلوا الصّالحات إلى قيامة الحياة، والذين صنعوا السّيِّآت إلى قيامة الدينونة" (يو5: 28-29) بمعنى أنّ القيامة الثانية تحدُث في يوم الدينونة عند مجيء المسيح الثاني، وتكون بالنسبة للأبرار حياةً أبديّة في ميراث الفرح والمجد والنور، أمَّا بالنسبة للأشرار فتكون هلاكًا أبديًّا أو ما يُسَمَّى بالموت الثاني خُلاصَة الكلام، أنّنا كمسيحيين نعيش الآن القيامة الأولى ليس فقط في فترة الخمسين المقدَّسة، بل كل يوم من أيام حياتنا بعد المعموديّة نموت عن محبَّة العالم، مُتَحَرِّرين من رباطاته الرديئة ونحيا بقوّة قيامة المسيح فينا، ثابتين في وصاياه، شاهدين لمحبّته، مُثمرين لمجد اسمه هذه هي القيامة الأولى "مبارك ومقدّس كل مَن له نصيب في القيامة الأولى، هؤلاء ليس للموت الثاني سلطان عليهم، بل سيكونون كهنةً لله والمسيح، وسيملكون معه ألف سنة" (رؤ20: 6).
القمص يوحنا نصيف كاهن كنيسة السيدة العذراء بشيكاجو.
المزيد
26 مايو 2024
القيامة والحرية الأحد الثالث من الخماسين
تَقْرأ عَلِينَا اليُوْم يَا أحِبَّائِي الكِنِيسَة فِي الأحَد الثَّالِث مِنْ الخَمَاسِين المُقَدَّسَة إِنْجِيل السَّامِرِيَّة وَهُوَ يُقْرأ فِي السَنَة ثَلاَث مَرَّات :-
خِلاَل الصُوم الكِبِير وفِي الخَمَاسِين المُقَدَّسَة وفِي يُوْم حُلُول الرُّوح القُدُس .
فِي الصُوم الكِبِير يِكُون مَقْصَدْهَا تِرَكِز عَلَى تُوبِتنَا .
وَفِي الخَمَاسِين يِكُون مَقْصَدْهَا تِرَكِز عَلَى حُرِيِتنَا .
وَفِي يُوْم حُلُول الرُّوح القُدُس يِكُون مَقْصَدْهَا أنْ تِرَكِز عَلَى عَطِيِة المَاء الحَي أوْ مَاء الحَيَاة الأبَدِيَّة أي عَطِيِة الرُّوح القُدُس وَاليُوْم الكِنِيسَة تُقْصُد أنْ تِرَكِز عَلَى حُرِيَّة مِنْ كُلَّ عُبُودِيَّة لأِنْ السَّامِرِيَّة كَانِت إِنْسَانَة مَرْبُوطَة وَمُقَيَدَة وَمَاضِيهَا هُوَ خَمْسَة أزْوَاج وَالَّذِي مَعَهَا الآن لَيْسَ زَوْجَهَا ( يو 4 : 18) فَهيَ عُبُودِيَّة قَاسِيَة كُلَّمَا تَتَخَلَّص مِنْ رَبَاط تَجِد رَبَاط آخَر وَرُبَّمَا تِكُون مَرْبُوطَة بِعِدِّة أرْبِطَة فِي آنٍ وَاحِد وَهَذَا يُمَثِّل حَال النَّفْس البَشَرِيَّة لِذلِك الكِنِيسَة وَضَعِته فِي هَذَا الوَقْت مِنْ السَنَة لِتُنَبِهْنَا أنَّهُ لاَبُد أنْ نَنْعَمْ بِالحُرِّيَّة لِنَتَنَعَمْ بِالقِيَامَة وَإِنْتَ تِقُول هِيَّ كَانْ لَهَا خَمْسَة أزْوَاج وَأنَا لَيْسَ لِي فَمَا عِلاَقَتِي أنَا بِهَا ؟ أقُول لَك أنَّ كُلَّ إِنْسَان مَرْبُوط فِي حَيَاته بِأُمور تُعِيقه عَنْ مَعْرِفَة الله وَهَذِهِ الرَبَاطَات تُمَثِّل الخَمْسَة أزْوَاج كُلَّ وَاحِد مِنَّا عِنْده أُمور تُعِيقه عَنْ الفَرَح بِالقِيَامَة كَمْ مِنْ إِنْسَان مِنَّا لَيْسَ عِنْده رُوح الإِتِصَال مَعَ الله وَالحُرِّيَّة لأِنَّهُ أقَامَنَا مَعَهُ لِنَتَمَتَع بِكُلَّ بَهْجِة القِيَامَة وَالكِنِيسَة اليُوْم تُنَاشِدَك أنْ تَنْحَل مِنْ رَبَاطَاتَك وَتَقُول لَك نُول الخَلاَص مِنْهُ لأِنَّ هُنَاك بَرَكَات وَقُوَّة كَبِيرَة مُعَطِّلَة مِنْتِظْرَاك وَكُلَّ وَاحِد عَنْده رَبَاطَات عَمِيقَة أفْقَدَته مَشَاعِر وَاتِصَال وَحُضُور إِلهه وَأفْقَدِته مَعْنَى حَيَاته فَهُوَ عَايِش وَكَأنَّهُ مَيِّت وَتَجِد بِدَاخِلَك إِنْسَان غِير سَعِيد وَاليُوْم مِثْل بَاقِي الأيَّام الَّتِي مَضَت وَبِذلِك يَكُون الْمَسِيح لَمْ يَقُمْ بِالنِسْبَة لَهُ وَالخَطِيَّة مِقَيِدَاه إِذَن الْمَسِيح لَمْ يَقُمْ لأِنَّ الْمَسِيح لَمَّا قَام نَقَلَ لَنَا بَرَكَات القِيَامَة القِدِيس يُوحَنَّا فَمْ الذَّهَب يَقُول { العُبُودِيَّة لِلخَطِيَّة أشْرَس مِنْ العُبُودِيَّة لِسَيِّد ظَالِم قَاسِي } لأِنَّ الخَطِيَّة لَمَّا تِسْتَعْبِد إِنْسَان تِذِلَّه وَتُهِينه وَتُفْقِده مَعْنَى حَيَاته مَا أجْمَل كَلِمَة دَاوُد النَّبِي لَمَّا نَادَى رَبِّنَا بِقَلْب يَإِن وَتَائِب { اقْتَرِبْ إِلَى نَفْسِي . فُكَّهَا } ( مز 69 : 18) إِقْتَرِب مِنْهَا لأِنَّ حُب الكَرَامَة وَحُب المَال ألَيْسَ هَذَا رِبَاط ؟!! لأِنَّهُ طَالَمَا الإِنْسَان مُتَمَسِّك بِالكَرَامَة لاَ يَعْرِف أنْ يَتَمَتَع بِبَرَكَات يَسُوع لأِنَّ الإِنْسَان فِي ذَاته يُرِيد أنْ يَكُون هُوَ مِحوَر العَالم كُلَّه لاَ يُفَكِّر إِلاَّ فِي نَفْسه وَحُقُوقه وَوَاجِبَاته وَلَكِنْ إِذَا إِنْحَل مِنْ هَذَا الرِبَاط نَجِد العَالم مِنْ حَوْله يَزِيد مِنْ مُغْرِيَاته وَيَتَفَنَّن كَيْفَ يَسْتَعِبِد النَّاس هَذَا حُب العَالم هَذَا رَبَاط حُب المَظَاهِر كُلَّهَا أُمور مِسْتَعْبِدَه النَّاس كَمْ مِنْ إِنْسَان يِهْتَمْ بِأُمور خَارِجِيَّة وَآخَر مِسْتَعْبِد لأِمُور مِنْ أجل النَّاس وَالمَظْهَروَهَذَا يَعْنِي أنَّكَ فِي عُبُودِيَة وَتَحْتَاج إِلَى حُرِّيَّة لِتَنْحَل مِنْ هَذِهِ الرَبَاطَات إِحْذَر أنْ يَكُون الْمَسِيح قَام وَأنْتَ مَازِلْت فِي القَبْر وَعَلَى بَابه خِتم إِحْذَر أنَّهُ قَدْ قَامَ وَأنْتَ مَازِلْتَ مَرْبُوط لأِنَّ الإِنْسَان دَائِماً فِي صِرَاع دَاخِله تَتَحَدَّث مَعَهُ عَنْ شِئ وَهُوَ عَايِش فِي حَيَاة أُخْرَى لأِنَّ وَاحِد فِي قَبر وَأنْتَ تُحَدِّثه عَنْ جَمَال الحَيَاة الخَارِجِيَّة مِثْل المَسْجُون الَّذِي تَتَحَدَّث مَعَهُ عَنْ أُمور النَّاس الخَارِجِيَّة وَلَكِنْ فَكَّر مَعَهُ كَيْفَ يَنْحَل مِنْ هَذَا الرِبَاط لأِنَّ الإِنْسَان فِي حَيَاته مَعَ رِبَاطَاته بِاسْتِهْتَار وَأكْبَر دَرَجَة هِيَ أنَّ الإِنْسَان يَتَعَالَى فِي عِلاَقته مَعَ الله وَيَتْرُك العَالم وَالخَطِيَّة يِسْتَعْبِده وَيَظِل صَامِت وَيَنْظُر إِلَى وَاقِعه عَلَى أنَّهُ لَيْسَ هُنَاك أفْضَل مِنْ هَذَا وَهَذَا هُوَ رَفْضه لِلحُرِّيَّة رَبَاطَات حُب العَالم وَالشَهَوَات كُلَّهَا أُمور تُحْصُد مَذَلَّة وَتَعُوق الإِنْسَان جِدّاً لِذلِك أحِبَّائِي إِنْسَان يُرِيد أنْ يَنْحَل مِنْ هَذِهِ الرَغَبَات يَنْحَل أوَّلاً مِنْ الرِبَاطَات الَّتِي بِالدَّاخِل وَلاَ يَنْظُر إِلَى أُمور خَلِيعَة وَيَظَل صَامِت لأِنَّ هَذِهِ هِيَ العُبُودِيَّة وَإِنْ نَظَرْت وَلَوْ لِلَحْظَة إِلَى شِئ بِهِ شَر وَتُحَاوِل الإِبتِعَاد عَنْهُ تَجِد جَسَدَك قَدْ إِمْتَلأَ شَهوَة مِنْ المَنْظَر الَّذِي مَرَّ بِهِ وَذَلِك لأِنَّكَ تَرَكْت نَفْسَك لِلعُبُودِيَّة لاَ تَتْرُك نَفْسَك وَلَوْ لِلَحْظَة وَلَوْ لِشِئ شِبه خَلِيع هَذَا إِنْسَان يَسْعَى أنْ يَفُك نَفْسه وَالمَذْلُول هُوَ مَرْبُوط وَمُسْتَعْبَد وَمُحْتَاج صُرَاخ وَآنِين لأِنَّهُ مَسْجُون دَاخِل رِبَاطَات المَال وَرِبَاط حَيَاته نَجِد إِنْسَان يَتَكِل عَلَى الكِذب وَالخِدَاع وَعَلَى المَال وَعَلَى وَكُلَّمَا زَاد المَال يَفْتَقِد لَهُ أكْثَر وَتَزْدَاد العُبُودِيَّة هَذَا حَال السَّامِرِيَّة الَّتِي تَقَابَلَت مَعَ يَسُوع مُقَيَّدَة وَمَشْلُولَة وَلَمْ تَرْفُض وَاقِعْهَا وَهيَ عَارْفَة أنَّهَا عَلَى خَطَأ وَنَحْنُ مَا هُوَ وَضْعِنَا وَنَحْنُ لاَ نَعْرِف أنَّنَا فِي الخَطِيَّة رَغْم أنَّ الكِنِيسَة وَالإِنْجِيل يُحَذِرْنَا مِنْهَا ؟ لَيْسَ الرِبَاطَات طَرِيق الحُرِّيَّة الَّذِي كَانَ لِلسَّامِرِيَّة بَلْ المُقَابَلَة مَعَ الْمَسِيح لأِنَّ المُقَابَلَة مَعَهُ تَحِل الأوْجَاع وَأنَا كَيْفَ أتَقَابَل مَعَهُ عَلَى المُسْتَوَى الشَّخْصِي وَالحَيَاتِي وَالدَّاخِلِي ؟ أنَا أتَقَابَل مَعَهُ وَأشْعُر بِهِ وَأتَقَابَل مَعَهُ فِي قَلْبِي فِي مَشَاعِرِي وَأكُون شَاعِر بِهِ جِدّاً وَيَقُول الكِتَاب أنَّهَا لَمَّا تَقَابَلَت مَعَهُ تَرَكَت جَرِّتهَا ( يو 4 : 28 ) وَ" الجَرَّة " هِيَ إِنَاء مَصْنُوع مِنْ الطِين نَجِد إِنْسَان يَأخُذ مِشْوَار مَخْصُوص فِي عِز الحَر لأِنَّ هُنَاك أمر أعْلَى يِشْغِلْهَا وَحِينَمَا تَقَابَلَت مَعَ الْمَسِيح تَرَكِت الجَرَّة الَّتِي مِنْ أجل أنْ تِمْلأَهَا جَاءَت فِي ذَلِك الوَقْت مِنْ النَّهَار الشَدِيد الحَرَارَة وَالجَرَّة المَصْنُوعَة مِنْ الطِين هِيَّ الشَهَوَات العَالَمِيَّة الَّتِي تَجُر الإِنْسَان لأِبعَد دَرَجَة فِي الأرْض وَالشَهَوَات تَسْتَعْبِدْنَا إِلَى أسْفَل وَتَزْدَاد سُلْطَان كَمْ مِنْ أنْفُس تَقَابَلَت مَعَ الْمَسِيح وَانْحَلِّت مِنْ رِبَاطَتْهَا مِثْل لاَوِي تَرَك مَكَان الجِبَايَة شَاوِل تَرَك مَكَانْته وَمَكَانه السَّامِرِيَّة تَرَكِت جَرِّتهَا الأُمُور الَّتِي شَغَلِته تَرَكْهَا وَتُشْعُر إِنَّك فِي حُرِّيَّة مَعَ الْمَسِيح مِنْ المُؤسِف أنْ نَكُون مَسِيحِيِين وَلَمْ نَتَقَابَل مَعَ الْمَسِيح لَوْ سَألنَا كَمْ وَاحِد مِنَّا يَشْعُر بِمَذَاقِة الْمَسِيح فِي حَيَاته وَمَعْرِفَته الحَقِيقِيَّة ؟ نَجِد نِسْبَة ضَئِيلَة جِدّاً مَرَّة مِنْ المَرَّات قَامَ كَاهِن فِي كِنِيسَة أُرثُوذُكْسِيَّة وَلَكِنْ خَارِج مَصْر بِعَمَل إِحْصَائِيَّة عَنْ الَّذِينَ لَهُمْ عِشْرَة حَقِيقِيَّة مَعَ يَسُوع وَشَاعِر بِه وَأحْضَر 150 شَاب وَشَابَّة مِنْ المُنْتَظِمِين فِي حَيَاتهُمْ وَالكِنِيسَة وَكَمْ مَرَّة تِحْضَر الإِجْتِمَاع وَكَمْ مَرَّة تِتنَاوِل مَعَ أصْدِقَائَك ثُمَّ سَأل السُؤال الَّذِي مِنْ أجله هَذِهِ الإِحْصَائِيَّة هَلْ تَشْعُر بِالْمَسِيح وَاقِعِيّاً فِي حَيَاتَك ؟ فَوَجَد نِسْبَة ضَئِيلَة جِدّاً إِنْسَان لاَ يَشْعُر بِيَقِين أنَّهُ يَعْرِفه لأِنَّ كَلِمَة " عَرَف أوْ مَعْرِفَة " فِي الكِتَاب المُقَدَّس تَعْنِي " زَوْجَيْن إِتَحَدُوا بِبَعْض " مَعْرِفَة لِلْمَسِيح بِمَعْنَى إِتِحَاد كَيَانِي وَجَسَدِي وَعَاطِفِي وَقَلْبِي إِنْدِمَاج وَلَوْ أرَدْت أنْ تَقُول أنَّكَ عَارِف الْمَسِيح إِسْأل نَفْسَك تِعْرَفه عَلَى أي مُسْتَوَى إِحْذَر مِنْ أنْ تَكُون المَعْرِفَة الشَكْلِيَّة أوْ النَظَرِيَّة مِثْل إِنْسَان يِسْألَك تِعْرَف رَئِيس البَلَد ؟ يُرُد قَائِلاً نَعَمْ أرَاه فِي التِلِيفِزْيُون أسْمَع لَهُ حَدِيث أقْرأ عَنْهُ فِي الصُحُف وَلَكِنْ تَقَابَلْت مَعَهُ لاَ وَالخُوف أنْ تَكُون مَعْرِفَتَك عَنْ يَسُوع مِثْل ذَلِك الإِنْسَان تِسْمَع عَنْهُ وَتِعْرَف عَنَّه مَعْلُومَات وَتَكْتَفِي بِهذِهِ المَعْلُومَات وَهَذَا خَطَأ كَبِير لأِنَّ هَذِهِ لَيْسَت مَعْرِفَة لاَ تَكْتَفِي بِمَعْلُومَة عَنْ الْمَسِيح وَحَيَاته المَفْرُوض إِنَّك تَقَابَلْت مَعَهُ فِي خَفَاءَك وَاحِد مِنْ الآبَاء القِدِّيسِين قَالَ { إِنْ وُلِدَ يَسُوع ألف مَرَّة فِي مِزْوَد وَلَمْ يُوْلَد فِي قَلْبَك هُوَ بِالنِسْبَة لَك لَمْ يَتَجَسَّد بَعْد } لاَبُد أنْ أشْعُر بِهِ فِي حَيَاتِي بِنَبَضَات قَلْبِي لأِنَّ فِكْر الكِنِيسَة لَمَّا تِصَلِّي تِقُول عَنْ الشَّهَوَات الثَقِيلَة كَيْفَ أتَحَرَّر مِنْهَا ؟ بِقُوَة أعْلَى مِنْهَا وَهيَ قُوَّة مَعْرِفَة الْمَسِيح وَخِبْرِة مَعْرِفِة الْمَسِيح وَهُنَاك إِتِجَاه يَجْعَل الإِنْسَان يَكْتَفِي بِالعِبَادَة فِي الكِنِيسَة وَلَكِنْ هَذَا لاَ يَكْفِي هِيَ تُنَمِّيك لِتَرْفَعَك وَاحِد مِنْ الآبَاء القِدِّيسِين يَقُول { الصَّلاَة فِي المَخْدَع خَيْر مِنْ ألف صَلاَة بَيْنَ النَّاس } الصَّلاَة الجَمَاعِيَّة هَامَّة وَلَكِنَّهَا لاَ تَلْغِي الصَّلاَة وَالعِشْرَة الفَرْدِيَّة لأِنَّنَا نَأخُذ فِكْر وَقَلْب وَعِبَادَة وَطِلْبَة وَاحِدَة وَقُلُوب مَرْفُوعَة إِخْتِبَار شَخْصِي جِدّاً إِنَّك تِعْرَفه إِحْذَر أنْ يَكُون الْمَسِيح بَعِيد عَنْكَ لأِنَّهُ دُفِن وَصُلِب وَقَامَ وَصَعَدَ مِنْ أجْلَك كُلَّ هَذِهِ العَطَايَا لاَبُد أنْ تَخْتَبِرْهَا أُنْظُر لِفِكْر الإِتِحَاد بِالْمَسِيح يَسُوع عِنْدَ مُعَلِّمنَا بُولِس الرَّسُول وَصَل لِدَرَجَة فِي الْمَسِيح بِالْمَسِيح وَمَعَ الْمَسِيح بَيْنَ كُلَّ آيَة وَأُخْرَى يَقُول وَاحِدَة مِنْ الثَّلاَثَة – إِنْسَان كُلَّ حَيَاته فِي الْمَسِيح وَبِهِ وَمَعَهُ – مَعَ الْمَسِيح صُلِبت ( غل 2 : 20 ) أقَامَنَا مَعَهُ ( أف 2 : 6 ) وَدُفِنّا مَعَهُ ( رو 6 : 4 ) إِنْدِمَاج كَامِل بِينَك وَبِينه هَذَا هُوَ الكَلاَم أُنْظُر إِنْتَ عَايِش أم لاَ ؟ فِي حَيَاتَك اليَوْمِيَّة تَصْرُخ لَهُ وَتَشْعُر أنَّهُ مَعَك سَتُجَاهِد بِالْمَسِيح وَفِيهِ وَمَعَهُ لِدَرَجِة أنْ تَصِل إِلَى حَالِة{ فَأَحْيَا لاَ أنَا بَلْ الْمَسِيحُ يَحْيَا فِيَّ } ( غل 2 : 20 ) هَذَا مَا حَدَث مَعَ السَّامِرِيَّة وَالقُوَّة الَّتِي أخَذِتهَا لأِنَّهُ كَانَ مُمْكِنْ أنْ تَتَقَابَل مَعَهُ وَلاَ تَشْعُر بِهِ مِثْلَمَا حَدَث فِي البِدَايَة كَانَت تَقُول لَهُ " أنْتَ رَجُل يَهُودِي وَأنَا إِمْرَأة سَامِرِيَة ( يو 4 : 9 ) "لأِنَّهُ مِنْ المُمْكِنْ أنْ أتَقَابَل مَعَ يَسُوع وَلاَ أعْرِفه لأِنَّ قَلْبِي مُغْلَق إِحْذَر مِنْ أنْ تَصْنَع حَوَاجِز مَعَ يَسُوع أُطْلُب مِنَّه إِنْتَ مَاء عَادِي يُعْطِيك مَاء حَيَاة إِعْطِي غُفْرَان وَاعْطِي قَلْب مَفْتُوح مَرْفُوع وَهُوَ يُعْطِيك لاَ يُمْكِنْ أنْ تَنَال حُرِّيَة دُونَ أنْ تَنَال حَيَاة مَعَهُ وَلاَ يُمْكِنْ أنْ نَدْخُل فِي حَيَاة مَعَهُ دُونَ أنْ نَنَال حَيَاة فِي أعْمَاق قَلْبه مَعْرِفَة الْمَسِيح تُصَحِّح كُلَّ حَاجَة وَالآلاَمَات تِترَفَع وَالأفْرَاح وَالطَّعَام وَالشُرْب تِكُون مَعَ الْمَسِيح وَتَشْكُره حَتَّى وَإِنْ حَصَلْت عَلَى المَال كُلَّ شِئ نَظْرِته تِخْتِلِف لإِنَّك نَظَرْت لَهُ فِي الْمَسِيح يَسُوع اليُوْم الكِنِيسَة تُرِيد أنْ تِرَكِّز عَلَى نَفْس مَرْبُوطَة بِالقِيَامَة تَنَال الحُرِّيَّة هَذِهِ بَهْجِة القِيَامَة إِنَّك إِنْسَان حُر تَتَقَابَل مَعَ الْمَسِيح وَتَقُوم فِي القِيَامَة نَحْنُ الآن تَرَكْنَا أُمور كُنَّا نَصْنَعْهَا فِي المِيطَانيَات وَالصُوم الإِنْقِطَاعِي وَلَكِنْ أقُول لَك الحُرِّيَّة وَهيَ جِهَاد أجْمَل كَثِيراً مِنْ جِهَاد الصُوم لأِنَّ جِهَاد الصُوم الكِبِير نَقُوم بِهِ لِنَنَال عَطِيِة وَلَكِنْ فِي الخَمَاسِين نُجَاهِد لأِنَّنَا نِلْنَا عَطِيَة بِالفِعْل لِنُحَافِظ عَلَيْهَا مِثْل إِنْسَان أرَادَ أنْ يَحْصُل عَلَى وَظِيفَة وَدَخَل إِمْتِحَان وَاجْتَهَد حَتَّى حَصَل عَلِيهَا هَلْ يَكْتَفِي بِذَلِك أم يُثْبِت جَدَارَة فِي هَذَا المَكَان ؟ وَنَحْنُ حِينَمَا نِلْنَا عَطِيِة الكَرَامَة نُجَاهِد لِنَتَمَتَّع بِالعَطَايَا حَتَّى نَصِل إِلَى خَمْسَة عَطَايَا وَهيَ عَطَايَا الرُّوح القُدُس وَالمَفْرُوض أنَّنَا اليُوْم لاَ نَهْدأ حَتَّى نَصِل إِلَى عَطِيِةالرُّوح القُدُس وَبَعْد مَا تَأخُذ العَطِيَّة العُظْمَى إِنْطَلِق جُول بَشِّر بِالخَلاَص حَتَّى تَسْتَشْهِد حَتَّى تَمُوت فِي الْمَسِيح يَسُوع حَيَاة مَلِيئَة بِالحَرَكَة الدَّائِمَة فِي الْمَسِيح لأِنَّنَا أحْبَبنَا حَقّاً وَتَرَكْنَا كُلَّ شِئ مِنْ أجْله رَبِّنَا يِفَرَّحْنَا بِه وَبِمَعْرِفَته فِي دَاخِل قُلُوبنَا رَبِّنَا يِكَمِّل نَقَائِصْنَا وَيِسْنِد كُلَّ ضَعْف فِينَا بِنِعْمِته وَلإِلهنَا المَجْد دَائِماً أبَدِيّاً آمِين.
القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا انطونيوس محرم بك الاسكندرية
المزيد
25 مايو 2024
إنجيل عشية الأحد الثالث من الخمسين( یو ۸ : ۱۲ - ۲۰ )
" ثم كلَّمَهُمْ يَسوعُ أيضًا قائلاً: أنـا هـو نــور العـالم.مَنْ يتبعني فلا يمشي في الظلمة بل يكون له نور الحياة فقال له الفَرِّيسيّون: أنت تشهَدُ لِنَفْسِكَ. شَهَادَتكَ لیست حَقًّا. أجابَ يَسوعُ وقالَ لَهُمْ: وَإِنْ كُنتُ أَشْهَدُ لنفسي فشَهادَتي حَقٌّ، لأني أعلَمُ مِنْ أين أتيتُ وإلى أين أذهَبُ وأما أنتُمْ فلا تعلمون من أين آتي ولا إلى أين أذهب أنتُمْ حَسَبَ الجَسَدِ تدينون، أما أنا فلست أدينُ أَحَدًا " وإن كُنتُ أنا أدين فدينونتي حَقٌّ، لأني لست وحدي، بل أنا والآب الذي أرسلني " وأيضًا في ناموسِكُمْ مكتوبٌ أَنَّ شَهَادَةَ رَجُلَينِ حَقٌّ: أنـا هـو الشَّاهِدُ لنفسي، ويَشْهَدُ لي الآبُ الذي أرسلني. فقالوا له:أين هو أبوك؟ أجاب يسوع: لستم تعرفونني أنا
ولا أبي لو عرفتُموني لَعَرَفْتُمْ أبي أيضًا هذا الكلام قاله يسوع في الخزانة وهو يُعَلِّمُ في الهيكل ولم يُمسكهُ أحَدٌ، لأنَّ سَاعَتَهُ لم تكن قد جاءَتْ بعد ".
ماء الحياة :
الكنيسة تقدم لنا المسيح القائم من الأموات إنه هو الماء الحي وماء الحياة وذلك بمراجعة حديث المسيح له المجد مع المرأة السامرية بحسب ما دونه القديس يوحنا الإنجيلي في الأصحاح الرابع من بشارته وهو إنجيل قداس الأحد الثالث من الخمسين المقدسة ففي ضوء القيامة يُفهم حديث المسيح مع السامرية بجلاء ووضوح وعمق جديد فالقيامة نور يغشي القلب والذهن وينير الأعماق الداخلية لمعرفة سر الله في وجه يسوع المسيح الذي أضاء علينا بالقيامة وأنار لنا الحياة والخلود.
الماء الحي المختص بحياة أرواحنا هو بالضبط مثل الماء المادي لحياة الجسد، فهو إذن ينبوع الحياة، ومصدر الحياة وواهب الحياة وبدونه لا تقوم حياة وإذا تكلم المسيح عن ذاته أنه ماء الحياة فهذا يجب أن ندركه أنه لكي نأخذه ونشربه ونرتوي به ونعطش إليه ونحيا به لا يقدم المسيح نفسه ماءً حيًا لكي نتأمل فيه أو ندركه بالعقل أو نفحص جمال ينبوعه والصفاء المطلق الذي له بل لكي ننال منه وبه حياة المسيح فينا.وفي إنجيل العشية يبدو بوضوح كيف أنصد الكتبة والفريسيون ولم ينالوا من المسيح شيئا بسبب مقاومتهم وغباوة أفكارهم وعدم معرفتهم للمسيح إذ قد عثروا فيه تأمل قول الرب للفريسيين: "لو كنتم عرفتموني لعرفتم أبي أيضًا" فالمسيح هو الذي عرفنا بالآب ووصلنا إليه في شخصه وهذا يوازي قول الرب للسامرية : لو كنت تعلمين عطية الله ومن هو الذي يكلمك"إذن قبول المسيح بالقلب والإيمان وانفتاح الوعي الروحي لمعرفة المسيح يصير بمثابة فتح الفم لشرب الماء وقبول عمله المحيي معرفة المسيح تختلف جذريًا عن المعرفة عن المسيح فكثيرون يعرفون معلومات عن المسيح،وكثيرون يدرسون بتفاصيل حياة المسيح على الأرض، وكثيرون يأخذون درجات علمية في دراسة الإنجيل وكل ما يختص بالمسيح منذ ولادته في بيت لحم إلى صنع الآيات ثم الصليب والقيامة والصعود كل هذه إن انحصرت في العقل أو الاستذكار أو الحفظ أو قدرات الذكاء أو كلام الكتب والتأليف فهي تبقى حبيسة العقل والفكر بعيدًا عن المعرفة الحقيقية للمسيح.المسيح تجسد وصار إنسانًا لأجلنا فالتعرف على شخص المسيح هو تعرف شخصي أعرفه كشخص حي بل هو مصدر الحياة وأتعرف عليه وأجده وتصير لي معه علاقة حياة وحب وحديث لا ينتهي وأشواق حقيقية وطاعة مذعنة لكلامه وعمل حساب لوجوده، ومهابة قوية للوقوف قدامه مع كل ما يلزم للعلاقة الحية التي تزاد مع الزمن وتتأصل كلما زادت الاختبارات وتتقوى كلما لمست يده في الضيقات العيب في أيامنا هذه هو كثرة المعرفة العقلانية وإدراك حتى أعمق أسرار الحياة الروحية إدراكًا عقليا، بينما الحياة العملية تسير في اتجاه آخر تماما بعيدًا عن هذه المعرفة وكأن الإنسان أصيب بانفصام في الشخصية فهو يحيا حياتين مختلفتين في آن واحد فهو من جهة المعرفة خبير، أما من جهة الاختبار فهو فقير أو يكاد يكون حاصلاً على أبسط المبادئ الروحية في التطبيق هنا الدعوة للمعرفة لو كنت تعلمين عطية الله؟". الماء الحي وهب لنا مجانا في قيامة المسيح والعائق الذي يعطلنا هو عدم المعرفة حق المعرفة لو كنت أعرف - معرفة حقيقية - معنى الذبيحة التي على المذبح وكيف أن الملائكة ورؤساء الملائكة قيام حولها في خوف ورعدة لتغير سلوكي تمامًا في حضوري ودخولي إلى الكنيسة وفي صلاتي ووقوفي في القداس الإلهي وفي وقاري في التناول من الأسرار وفي حياتي ما بعد القداس كمن حصل على المسيح حالاً في يعمل الأعمال ويتكلم في ويعمل بي. الحاصل الآن في أغلب الأحيان هو العكس تماما فقد زاد عدد الذين يتقدمون للأسرار لا عن توبة وتغيير حياة بل كما لقوم عادة ونظرة واحدة للذين يتناولون بعد القداس مباشرة كيف يتكلمون وفيما يتكلمون وماذا هم فاعلون لقد كانت لحظات التناول دقائق معدودة ثم انتهوا منها وعادوا يمارسون حياتهم الطبيعية وكأن شيئًا لم يكن أين المسيح الذي أخذوه ؟ الذي تناول المسيح يحيا به أحيا لا أنا بل المسيح يحيا في" الذي يتناول المسيح يصير له فكر المسيح به يحيا ويتحرك ويوجد عدم المعرفة يحرم الإنسان من جوهر الأمر وهكذا يكون مع باقي الأسرار أقول لنفسي لو كنت تعلمين عطية الله لطلبت فأعطاك ماء الحياة لو كنا نعلم وبحق - عطية الله في سر الإكليل المقدس -لاختلفنا جذريا في السلوك والممارسات وكل ما يمت لهذا الأمر بصلة ولكن أعمالنا وعادتنا تشهد علينا أننا لسنا نعلم ولسنا ندرك قالت السامرية للرب : يا سيد أعطني من هذا الماء" ماء الحياة لا يُعطى إلا للطالبين ماء الحياة يُعطى للعطاش إلى البر والآن إذ قام المسيح من الأموات وقد دفنا معه في المعمودية وولدنا من الماء والروح فقد صار ينبوع الماء الحي فينا ينبع من باطننا كما قال الرب للسامرية: "ويفيض إلى ينابيع ماء حي" قال هذا عن الروح القدس وها قد اعتمدنا بالروح القدس الماء الحي ينبع إذن من داخلنا فلا تطلبه خارجا منك بل اطلب أن يجدده الرب في أحشائنا، يجدد فينا هذا الينبوع الذي كان يجب أن يفيض ويروي ويجري كأنهار يفرح مدينة الله تركت المرأة جرتها عند قدمي يسوع، أي كفت عن طلب الماء الذي تعودت عليه وهذا أمر جوهري فلا يمكن أن يأخذ الإنسان من ماء العالم وماء المسيح في آن واحد من يشرب من ماء العالم يعطش" أما من يشرب من ماء المسيح فلا يعطش إلى الأبد إذن ترك الجرة كان دليلاً على التغيير الجذري ليس في الفكر فقط بل وفي السلوك أيضًا نخطئ كثيرًا حينما نطلب أن يعطينا المسيح ماء الحياة بينما نحن متمسكون بالجرة القديمة، نعود إليها نحن نتوق الشرب الماء المسموم إنجيل السامرية تقرأه الكنيسة ثلاث مرات المناسبة الأولى هي الأحد الرابع من الصوم الكبير المقدس والحديث عن قدرة المسيح مُخلّص الخطاة وكيف أن التوبة تغير أخطى الخطاة لتصير أول الكارزين من الأمم بالمسيح مُخلّص العالم والمناسبة الثانية هي الأحد الثالث من الخمسين المقدسة حيث يقدم المسيح نفسه قائما من الأموات ومحيي نفوس أولاده كالماء الحي الذي يروي ويفيض من باطنهم كأنهار ماء حي والمناسبة الثالثة في صلاة السجدة - حلول الروح القدس - وهنا تشير الكنيسة إلى عمل الروح في الإنسان الباطن وملء الروح القدس الذي حل على الرسل الأطهار فطافوا يبشرون بغنى المسيح الذي لا يستقصى.
المتنيح القمص لوقا سيدراوس
عن كتاب تأملات فى أناجيل عشيات الأحاد
المزيد
24 مايو 2024
وداعة للفضلاء
من هم الفضلاء؟
كلمة "الفضلاء" جمع كلمة "فاضل" من"الفضیلة"، فالفاضل ھو من ینمو في الفضیلة إن كل إنسان مسیحي ھو صورة للمسیح في كل مكان یحل فیه، لأن السید المسیح قال لنا: "أَنْتُم مِلْحُ الأَرْضِ أَنْتُمْ نُورُ الْعَالَمِ" (مت ٥: 13, 14) وقیل أنتم "رَائِحَةُ الْمَسِیحِ الذَّكِیَّةِ" ( ۲كو ۲: 15) یقول القدیس بطرس: "نِھَایَة كُلِّ شَيْءٍ قَدِاقْتَرَبَتْ، فَتَعَقَّلُوا وَاصْحُوا لِلصَّلَوَاتِ. وَلكِن قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ، لِتَكُنْ مَحَبَّتُكُمْ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ شَدِیدَةً،لأَن الْمَحَبَّةَ تَسْتُرُ كَثْرَةً مِنَ الْخَطَایَا. كُونُوامُضِیفِینَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا بِلاَ دَمْدَمَةٍ (تذمر). لِیَكُنْ كُلُّ وَاحِدٍ بِحَسَبِ مَا أخَذَ مَوْھِبَةً، یَخْدِمُ بِھَا بَعْضُكُمْ بَعْضًا، كَوُكَلاَءَ صَالِحِینَ عَلَى نِعْمَةِ اللهِ الْمُتَنَوِّعَةِ"(۱بط ٤: 7-10 )ھذه الكلمات ھي دعوة للحیاة الفاضلة. وقد أعطى الله كل إنسان موھبة معینة لكي نكمِّل بعضنا بعضًا. لذلك قال معلمنا یعقوب: "كُل عَطِیَّةٍ صَالِحَةٍ وَكُلُّ مَوْھِبَةٍ تَامَّةٍ ھِيَ مِنْ فَوْقُ، نَازِلَةٌ مِنْ عِنْدِ أَبِي الأَنْوَارِ" (یع ۱: 17)
كيف نكسب الفضيلة؟
یسمح لله للبعض أن یولدوا بالفضیلة، وھي حالات خاصة مثل یوحنا المعمدان الذي قیل عنه "من بَطْنِ أُمِّه یَمْتَلِئُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ" (لو ۱: 15) ومثل إرمیا النبي الذي قال الله له "قَبْلَمَا صَوَّرْتُكَ فِي الْبَطْنِ عَرَفْتُكَ" (إر ۱: 5). أما غالبیة الناس فیجاھدون من أجل الوصول لحیاة الفضیلة، مثلما نسمع عن جھاد القوي القدیس الأنبا موسى الأسود.
ﻟﻤاذا نقول "وداعة للفضلاء"؟
لأن الفضیلة لا تعیش ولا تظھر إلا بوداعة الإنسان، فمن لیست عنده وداعة لا تظھر فضیلته.والفقرة التي نقرأھا في صلاة باكر توضح ذلك"فَأَطْلُب إِلَیْكُمْ، أَنَا الأَسِیرَ فِي الرَّبِّ أَنْ تَسْلُكُوا كَمَا یَحِقُّ لِلدَّعْوَةِ الَّتِي دُعِیتُمْ بِھَا بِكُلِّ تَوَاضُعٍ، وَوَدَاعَةٍ،وَبِطُولِ أَنَاةٍ، مُحْتَمِلِینَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فِي الْمَحَبَّةِ مُجْتَھِدِینَ أَنْ تَحْفَظُوا وَحْدَانِیَّةَ الرُّوحِ بِرِبَاطِ السَّلاَمِ"(أف ٤: 1-3)
في ھذه الفقرة نجد ثلاثة أمور:
۱- السلوك: "أَنْ تَسْلُكُوا كَمَا یَحِقُّ لِلدَّعْوَةِ" فكل منا له دعوة مختلفة عن الآخر (أب، كاھن، خادم،مدرس، مھندس، طبیب، إلخ.) یجب أن یسلك في ھذه الدعوة بكل أمانة. وفي سلوك الإنسان یقول الله تعبیر مطمئن: "لا تَخَفْ، أَیُّھَا الْقَطِیعُ الصَّغِیرُ، لأَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ سُرَّ أَنْ یُعْطِیَكُمُ الْمَلَكُوتَ" (لو ۱۲: 32)
۲- الاحتمال: "مُحْتَمِلِینَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فِي الْمَحَبَّةِ"، وھذه الفقرة نقرأھا كل صباح في صلاة باكر قبل أن نخرج ونتعامل مع البشر، لنتعلم أن نحتمل بعضنا بعضًا في المحبة، فلا نتأثر بتعبیروجه أو كلمة أو تصرف. بل السید المسیح قال "أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ" (مت ٥ :44) لذلك یجب أن یكون القلب مفتوحًا لكل إنسان.
۳-الاجتھاد: "مُجْتَھِدِینَ أَنْ تَحْفَظُوا وَحْدَانِیَّةَ الرُّوحِ بِرِبَاطِ السَّلاَمِ"، بمعنى احفظ سلامة أسرتك،وسلامة خدمتك، وسلامة المجتمع الذي تعیش فیه أن یكون مجتمعًا ثابتًا وقویًا، وھكذا
ما ﻫﻲ الوداعة؟
كل إنسان منا لابد أن یقدِّم الفضیلة وھي محفوظة بالوداعة. وقال السید المسیح: "اِحْمِلُوانِیرِي عَلَیْكُمْ وَتَعَلَّمُوا مِنِّي، لأَنِّي وَدِیعٌ وَمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ، فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُمْ" (مت ۱۱: 29) المسیح الذي فیه كل كمالات الفضائل كانت الوداعة والتواضع ھما الفضیلتان الأساسیتان التي علمنا وطلب منا أن نقتدي به فیھما. وطوبى للإنسان الذي یحتمل ویعرف إنه بذلك یتشبه بسیده وكلمة ودیع أو لطیف ھي أسماء جمیلة ھومعنى اسم القدیسة دمیانه، وأحد معاني اسم داود النبي ونتذكر أن السیدة العذراء قالت في تسبحتھا: "أَنْزَل الأَعِزَّاءَ عَنِ الْكَرَاسِيِّ وَرَفَعَ الْمُتَّضِعِینَ" (لو ۱: 52) وقال القدیس موسى الأسود: "وداعة القلب تتقدم الفضائل كلھا والكبریاء ھي أساس كل الشرور".
كيف نعيش الوداعة؟
التواضع یحتاج الوداعة: التواضع فضیلة تحتاج للوداعة وأنت تمارسھا. مثال لذلك قصة داود النبي ونابال الكرملي: ذھب رسل داود إلى نابال لیطلبوا بعض الطعام في یوم احتفاله، فغضب وطردھم وتصرف بحماقة كمعنى اسمه (نابال=حماقة) فقرر داود أن ینتقم منه، ولما علمت زوجته أبیجایل الحكیمة، جمعت مأكولات وخرجت مع بعض الغلمان فقابلت داود ورجاله في الطریق ثم بدأت تتكلم بكلام لطیف وودیع
ومتضع، وقدّمت لداود نصیحة فتراجع عن انتقامه لنفسه، وقال لھا "مُبَارَك عَقْلُكِ" ( ۱صم ۲٥: 33)
ھكذا فإن وداعة الإنسان تصرف الغضب ویقول الكتاب "اَلْجَوَاب اللَّیِّنُ یَصْرِفُ الْغَضَبَ،وَالْكَلاَمُ الْمُوجعُ یُھَیِّجُ السَّخَطَ" (أم ۱٥: 1) انتبه وأنت تتحاور مع أي إنسان ألا یخرج منك لفظ یتعب أو یجرح أو لا یقبله الآخر.
الوداعة تحمي المحبة: إن عالم الیوم جوعان للمحبة، ھو عالم غارق في المادیات والتكنولوجیا والاختراعات الحدیثة ومنصات التواصل الاجتماعي والأفكار الغریبة الشاردة، كما قال السید المسیح "الْعَالم كُلَّه قَدْ وُضِعَ فِي الشِّرِّیرِ"(1یو ٥ :19) یقول القدیس موسى الأسود "قساوة القلب تولد الغیظ والوداعة تولد الرحمة"علِّم نفسك أن تقول الكلمة التي تتسم بالوداعة لما أحضروا للسید المسیح امرأة ضبطت في الخطیة، وأوقفوھا في الوسط، وأمسك كل منھم حجرًا لیرجمھا، جلس ھو بمنتھى الھدوء والوداعة وكتب خطایاھم على الأرض بدون تحدید وقال لھم "مَن كَانَ مِنْكُمْ بِلاَ خَطِیَّةٍ فَلْیَرْمِھَا أَوَّلاً بِحَجَرٍ"
(یو ۸: 7) فانصرفوا. لم یھاجمھم ولم یفضحھم بل تصرف بمحبة ووداعة، ثم نظر للمرأة في وداعة
وقال لھا "أَمَا دَانَكِ أَحَدٌ وَلا أَنَا أَدِینُكِ. اذْھَبِي وَلاَ تُخْطِئِي أَیْضًا" (یو ۸: 10-11)ھكذا نقدِّم فضیلة المحبة بالوداعة.
الوداعة مع الشجاعة: لابد أن یكون الإنسان شجاعًا لكن الشجاعة بدون وداعة تكون تھورًا طرد السید المسیح الباعة والصیارفة الذین یبیعون ویشترون بشكل لا یتناسب مع قدسیة الھیكل وطھر الھیكل، وقال: "بَیْتِي بَیْتَ الصَّلاَةِ یُدْعَى وَأَنْتُمْ جَعَلْتُمُوهُ مَغَارَةَ لصُوصٍ" (مت ۲۱: 13) وھي عبارة فیھا تعلیم ومبدأ ونصیحة دانیال النبي وھو في الأسر، اتھموه بأنه یعصى الملك لأنه یرفض أن یسجد لتمثال الذھب، وكانت النتیجة أنه ألقي في جب الأسود،وفي الیوم التالي عندما ذھب إلیه الملك ووجده حیًا، رد على الملك بمنتھى الوداعة قائلاً "یَا أَیُّھَا الْمَلِكُ، عِشْ إِلَى الأَبَد! إِلھِي أَرْسَلَ مَلاَكَه وَسَدَّ أَفْوَاهَ الأُسُودِ" (دا ٦: 21,22)
الوداعة في العبادة والصلوات: "تَأَوُّهَ الْوُدَعَاءِ قَدْ سَمِعْتَ یَا رَبُّ. تُثَبِّتُ قُلُوبَھُمْ. تُمِیلُ أُذُنَكَ" (مز ۱۰: 17)
الإنسان الودیع الذي یقدم مع صلاته بكاء أو تأوه ھذا یستمع له الله یقول القدیس أمبروسیوس "إن الوداعة ھي القاعدة الأولى الجدیرة بالاتباع في التسبیح والترتیل. وصلواتنا نفسھا تكون بالوداعة مقبولة
ومرضیة جدًا وتكسبنا نعمة عظیمة لدى الله" فالعبادة التي تقدَّم ﻟﻠﮫ بوداعة تكون مقبولة أمامه.
الوداعة ﻟﻬا هذه الصفات اﻟﺜلاث الرئيسية:
۱- اللطف: "كُونُوا لُطَفَاءَ" (أف ٤: 32) إن مجرد كلمة لطیفة یكون لھا أثر كبیر یستمر لزمن طویل.
۲- التسامح: "اغْفِر لَنَا ذُنُوبَنَا كَمَا نَغْفِرُ نَحْنُ أَیْضًا لِلْمُذْنِبِینَ إِلَیْنَا" (مت ٦: 12) والشخص المتسامح یمرر الأمور ولا یعقدھا.
۳- الاتضاع: ھو "أرض حاملة لكل الفضائل"،كما یعلمنا الآباء.
ختام
تعلمنا الكنیسة أن نصلي لمن ھم في موضع تقدیم الفضیلة (الفضلاء)، فنطلب أن یشملھم الله بالوداعة، لتظھر الفضیلة بالوداعة.
قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
23 مايو 2024
بدعة باسيليدس
فلاسفة الغنوسية - الفليسوف باسيليدس
الفيلسوف المسيحي باسيليدس الإسكندري (132-135 م) هو أول من قال أن المسيح شبه به .فباسيليوس من أتباع الغنوسية ادعى أن المسيح عندما أرادوا أن يصلبوه اتخذ صورة سمعان القيرواني وأعطاه صورته فصلب سمعان لا يسوع نظراً لعدم تصديقهم بأن صاحب هذه المعجزات لا يصلب ويموت هكذا بالرغم من وجود نبوءات موجوده فى كتب اليهود الموحى بها والتى ما زالت فى يدهم حتى الان ومن أشهرها النبوءات الموجوده فى كتاب أشعياء النبى اليهودى . أما يسوع فصعد إلى السماء كما أن هذا ادعاء أن سمعان القيروانى أخذ صورة السيد المسيح ليس له سند فى آيات الكتاب المقدس وأن هذا العمل الرخيص يدخل تحت بند خداع ومكر ودهاء إله وهذا الإله المخادع والماكر لا يخدع أو يمكر على الناس فهو إله بعيد تماماً عن إله المسيحية ويدخل هذا العمل تحت بند الأعمال الشيطانية أو نوعاً من أنواع السحر والسحر هى أستعمال قوة شريرة فى التأثير على الناس وهذا ضد عمل وصفات الإله الحقيقى ولا شك ان سمعان كان معروفاً لأنه كان عملاق وأن المسيح ضرب وآثار الجروح من الضربات ظاهرة عليه أى أن هناك فروق ظاهرة وواضحة بين الأثنين وكان أوّل من قال بإلقاء شِبْه يسوع علي غيره هو باسيليدس الذي تصوّر وجود صراع بين الآلهة العديدة والذين كان أحدهم يسوع المسيح. وقد نقل عنه القديس إريناؤس قوله: "وصنع الملائكة الذين يحتلون السماء السفلي المرئية لنا كل شئ في العالم، وجعلوا لأنفسهم اختصاصات للأرض والأمم التي عليها، ولما أراد رئيس هؤلاء، إله اليهود كما يعتقدون، أنْ يخضع الأمم الأخري لشعبه اليهود، واعترضه وقاومه كلّ الرؤساء الآخرين بسبب العدواة التي كانت بين أمّته وكل الأمم، ولمّا أدرك الآب غير المولود والذي لا اسم له أنّهم سيُدمّرون أرسل بِكْرَه العقل (وهو الذي يُدعي المسيح) ليُخلّص من يُؤمن به، من قوّة هؤلاء الذين صنعوا العالم. فظهر علي الأرض كإنسان لأمم هذه القوات وصنع معجزات. وهو لم يمتْ بل أُجبر سمعان القيرواني علي حمل صليبه وألقي شَبْهَه عليه واعتقدوا أنَّه يسوع فصُلِبَ بخطأٍ وجهلٍ . وإتّخذ هو شكل سمعان القيرواني ووقف جانبًا يضحك عليهم. ولأنَّه قوّة غير مادي وعقل الآب غير المولود فقد غيّر هيئته كما أراد وهكذا صعد إلي الذي أرسله".
من هو الفيلسوف باسيليدس الإسكندري؟
الفيلسوف المسيحي باسيليدس الإسكندري (132-135 م) هو صاحب فلسفة علم نشأة للكون (كوسمولوجيا) وقد أبتعد عن أسطورة صوفيا الخاصة بالغنوصية الكلاسيكية ؛ كما أنه أعاد تأويل المفاهيم المسيحية الرئيسية عن طريق الفلسفة الرواقية الشعبية للعصر.
بدأ باسيليدس منظومته ب"ثُمانية أولية" عبارة عن "الوالد غير المولود" أو الآب؛ العقل nous؛ "المبدأ المنظِّم" أو الكلمة logos؛ "الحصافة" phron?sis؛ الحكمة (صوفيا)؛ القدرة dunamis) و"العدل" و"السلام" وعبر الاتحاد بين الحكمة والقدرة، انوجدتْ مجموعةٌ من الحكام الملائكيين؛ ومن هؤلاء الحكام ولدت 365 سماءٌ أو أيون . كان لكلِّ سماء حاكمُها الرئيس arkh?n والعديد من الملائكة الأصغر. والسماء الأخيرة – التي هي، دنيا المادة التي نقطنها جميعًا – هي التي يحكمها، على ما قال، "إلهُ اليهود" الذي فضَّل الأمة اليهودية على الأمم الأخرى، وبهذا سبَّب كلَّ ألوان النزاع مع الأمم التي اتفق لها أن تتماسَّ معهم، بل حتى فيما بين اليهود أنفسهم. وهذا السلوك دفع حكَّام السماوات ال364 الأخرى إلى معارضة إله اليهود وإرسال مخلِّص – هو يسوع المسيح – من عالم الآب (أسمى العوالم) لإنقاذ البشر الذين يكدحون تحت نير ذلك الإله الغيور .
باسيليدس والدوكيتية (الموت الظاهرى على الصليب)
وبما أن عالم المادة هو المصدر الأوحد لهذا الإله الحاقد، لم يجد باسيليدس فيه أيَّ شيء ذي قيمة، وصرَّح بأن "الخلاص مُلْك للروح فقط؛ إذ إن الجسد فاسد بطبيعته" . بل إنه ذهب إلى أبعد من ذلك ليعلن، معارضًا الأرثوذكسية المسيحية، أن موت المسيح على الصليب كان موتًا ظاهرًا فقط، ولم يحدث فعلاً "في الجسد" – وهذا المذهب يسمَّى الدوكيتية إن المفهوم القائل بأن الوجود المادي هو وليد إله خالق غيور وفاسد، يفضِّل عِرقًا معينًا على باقي الأعراق، هو بالفعل التعبير "الأسطوري" عن اعتقاد أخلاقي متأصِّل بأن مصدر الشرور كلِّها هو الوجود المادي أو الجسماني. وبالفعل فقد ذهب باسيليدس إلى حدِّ التأكيد على أن الخطيئة هي النتاج المباشر للوجود الجسماني، وبأن ألم الإنسان هو العقاب المستحَق إما على خطايا فعلية مرتكَبة، أو حتى على مجرَّد الميل العام إلى الخطيئة، الذي ينجم عن النوازع الجسدية (راجع المقطعين و وز).ويعلن باسيليدس، في تكييفٍ للمقولات الأخلاقية الرواقية، أن الإيمان pistis "ليس القبول العقلاني لنفس تمتلك إرادة حرة" (المقطع ج)، بل هو بالحري الكيفية الطبيعية للوجود؛ وبالتالي، فإن كلَّ مَن يحيا في تناغُم مع "قانون الطبيعة" pronoia (الذي يطلق عليه باسيليدس اسم "الملكوت") سيبقى متحررًا من النوازع الجسدية وسيكون في حالة "خلاص" (المقطع ج). غير أن باسيليدس يتخطَّى المذهب الرواقي البسيط في اعتقاده بأن "الصفوة"، أي أولئك الذين يحيون بالإيمان، "غرباءٌ عن هذا العالم، كما لو أنهم متعالون بطبيعتهم" (مقطع ه)؛ إذ إن باسيليدس، على غير الرواقيين الذين آمنوا بكوسموس ماديٍّ واحد، أخذ بفكرة أن الكوسموس، كما رأينا، مكوَّن من سماوات عديدة، وأن العالم المادي هو السماء الدنيا، وبالتالي فهو فاسد. وبما أن هذه السماء الأخيرة تمثل "النحب الأخير" للفيض الإلهي، إذا جاز التعبير، وأنها ليست، ولا من أيِّ وجه، صورةً كاملة عن الألوهة الحقيقية، فإن اعتناق قوانينها لا يمكن له أن يفضي إلى أيِّ خير. لا بل إن الجسم، بما أنه الوسيلة التي يستخدمها حاكمُ هذا الكوسموس المادي لفَرْض قوانينه، فإن بلوغ الحرية مشروط بالتخلِّي عن جميع النوازع والرغبات الجسدية أو ب"عدم الاكتراث بها". غير أن عدم المبالاة adiaphoria هذا بنوازع الجسد لا يؤدي إلى مجرَّد تنسك راكد وباسيليدس لا يدعو مستمعيه إلى ترك العالم المادي، بما يجعلهم يذوبون في السلبية، بل هو يقدِّم لهم حياة جديدة، متوسلاً التراتبية العظمى من الحكَّام التي تشرف على العالم المادي (مقطع د). فحين يلجأ المرء إلى المرتبة العظمى للوجود تكون النتيجة "خلق أشياء طيبة" (المقطع ج، الترجمة معدَّلة). الحب والإبداع الشخصي – استيلاد الخير – هما النتاج الأخير لنظام باسيليدس الجدلي الملتبس؛ ولهذا السبب فهو أحد أهم التعبيرات الأولى للفلسفة المسيحية الحق، وإن لم تكن "أرثوذكسية".
المزيد
22 مايو 2024
القيامة تعزية ورمز
1- إن كلمة القيامة كلمة جميلة ، فيها تعزية للقلوب .
ولا شك أن قيامة المسيح كانت معزية لتلاميذه، وكانت لازمة لهم ، لتثبيت إيمانهم ولبناء الكنيسة وأتذكر أنني في هذا المعنى، كنت منذ أكثر من أربعين سنة، قد كتبت قصيدة قلت في مطلعها :
قم حطم الشيطان لا تبقى لدولته بقية
قم أنقذ الأرواح من قبر الضلالة والخطية
قـــــــم روّع الحـراس وابـهرهم بطلـــعتك البـــهية
قم قو إيمان الرعا ة ولم أشتات الرعية
واكشف جراحك مقنعاً توما فريبته قوية
واغفر لبطرس ضعفه وامسح دموع المجدلية
وقد كان هذا ، وفى قيامة السيد المسيح ، عزى تلاميذه،وفرحوا بقيامته، وآمنوا بالقيامة، وبأنها ممكنة . وآمنوا أنهم أيضاً سيقومون بعد الموت، فمنحهم كل هذا عزاء في حياتهم وعدم خوف من الموت على أني أريد اليوم أن أطرق موضوع القيامة من ناحية أخرى ، وهي: القيامة كرمز
2- القيامة هي رمز للتوبة :
أو التوبة تشبه بالقيامة :
فنحن نعتبر أن الخطية هي حالة من الموت، وأقصد الموت الروحي وكما قال القديس أوغسطينوس "إن موت الجسد، هو انفصال الجسد عن الروح أما موت الروح ، فهو أنفصال الروح عن الله " فالله هو ينبوع الحياة ، أو هو الحياة الكلية كما قال في الإنجيل «أنا هو الطريق والحق والحياة» (يو ١٤ : ٦ ) « أنا هو القيامة والحياة » ( يو١١ : ٢٥ ) من يثبت في الله يكون بالحقيقة حياً. ومن ينفصل عن الله يعتبر ميتاً والخطيئة هي أنفصال عن الله، لأنه لا شركة بين النور والظلمة ( ٢ كو٦ :١٤) فالخاطيء إذن هو ميت روحياً، مهما كانت له أنفاس تتحرك وقلب ينبض قد يكون جسده حياً ولكن روحه ميته وهكذا في مثل الابن الضال، الذي شرد بعيداً عن أبيه ثم عاد إلى ، قال عنه أبوه في هذه التوبة : ابنى هذا كان ميتا فعاش. وكان ضالاً فوجد ( لو ١٥ : ٢٤) وقيل في الكتاب عن الأرملة المتنعمة إنها ماتت وهي حية » ( اتى ٥ : ٦) وقال القديس بولس الرسول لأهل أفسس « إذ كنتم بالذنوب والخطايا التي سلكتم فيها قبلاً » (أف ۲ : ۱) وقال أيضاً ونحن أموات بالخطايا ، أحياناً مع المسيح وأقامنا معه، وأجلسنا معه فى السماويات » ( أف ٢ : ٥) وقال السيد المسيح موبخاً راعي كنيسة ساردس : إن لك إسماً أنك حى، وأنت ميت » (رؤ۳ : ۱) فحياته الظاهرية حياة حقيقية، لأن الحياة الحقيقية هي الحياة مع الله ، أو الحياة في الله ، هي الحياة في الحق، وفي النور والبرأما ذلك الخاطيء، فإن له إسماً أنه حي، وهو ميت لذلك كنت أقول في معنى الحياة الحقيقية :"أحقاً نحن أحياء ؟ " إن الحياة لا تقاس بالسنين والأيام، وإنما بالفترات الروحية الحلوة التي نقضيها مع الله هي وحدها التي تحسب لنا، والتي يقاس بها عمرنا الروحى، وبها يكون تقرير مصيرنا في يوم القيامة لذلك أيها الأخ بماذا تجيب حينما يسألك الملائكة كم هي أيام عمرك على الأرض ؟ هل ستحسبها بالجسد أم بالروح ؟ ومع ذلك ، فإن الخاطيء المعتبر ميتاً : إذا تاب تعتبر توبته قيامة وعن هذا المعنى يقول القديس بولس الرسول للخاطيء الغافل عن نفسه « استيقظ أيها النائم، وقم من الأموات، فيضيء لك المسيح» (أف٥: ١٤) مشبهاً التوبة هنا، بأنها يقظة روحية،وأنها قيامة من الأموات وقد ذكر الإنجيل للسيد المسيح ثلاث معجزات أقام فيها أمواتاً ويمكن إعتبار كل منها رمزاً لحالة من التوبة :أقام إبنة يايرس وهي ميتة في بيت أبيها (مر:٥)وأقام إبن أرملة نايين من نعشه في الطريق (لو٧) وأقام لعازر وهو مدفون في القبر من أربعة أيام وكانت كل إقامة من هذه الأحداث الثلاثة تحمل رمزاً خاصاً في حالات التوبة :-
أ - إبنة بايرس وهى فى البيت، ترمز إلى الذي يخطىء وهولا يزال في بيت الله ، فى الكنيسة، لم يخرج منها ولم يخرج عنها ولذلك قال السيد عن إبنة يايرس إنها لم تمت ، ولكنها نائمة » (مره :۳۹). ولما أقامها أوصاهم أن يعطوها لتأكل( مره : ٤٣ ) لأن هذه النفس تحتاج إلى غذاء روحي يقويها ، حتى لا تعود فتنام مرة أخرى .
ب - أما ابن أرملة نايين وهو ميت محمول في نعش فهذا ميت خرج من البيت ترك بيت الله، وأمه تبكى عليه ، أي تبكى عليه الكنيسة أو جماعة المؤمنين هذا أقامه المسيح، ثم دفعه إلى أمه» (لو٧: ۱٥). أرجعه إلى جماعة المؤمنين مرة أخرى.
ج - لعازر المدفون في القبر ، يرمز إلى الحالات الميئوس منها حتى أن أخته مرثا لم تكن تتخيل مطلقاً أنه سيقوم. وقالت للسيد قد أنتن، لأن له أربعة أيام » (يو١١: ۳۹). إنه يرمز للذين ماتوا بالخطية، وتركوا بيت الله ، بل تركوا الطريق كله ، ومرت عليهم مدة طويلة فى الضياع، ويئس من رجوعهم حتى أقرب الناس إليهم. ومع ذلك أقامه المسيح، وأمر أن يحلوه من الرباطات التي حوله (يو ١١ : ٤٤). فمثل هذا الإنسان يحتاج أن يتخلص من رباطاته التي كانت له في القبر كل هذه أمثلة تدعونا إلى عدم اليأس من عودة الخاطيء ،فلابد أن له قيامة إنني في مناسبة قيامة السيد المسيح ، أقول لكل خاطيء يسعى إلى التوبة :
قام المسيح الحى هل. مثل المسيح تراك قمت
أم لا تزال موسداً. في القبر ترقد حيث أنت
والحديث عن القيامة من الخطية، هو نفس الحديث عن القيامة من أية سقطة وقد يحتاج الأمر إلى دعوة للقيامة ، أي إلى حافز خارجي مثال ذلك كرة تدحرجت من على جبل تظل هذه الكرة تهوى من أسفل إلى أسفل، دون أن تملك ذاتها ، أو تفكر في مصيرها . وتظل تهوى وتهوى تباعاً ، إلى أن يعترض طريقها حجر كبير، فيوقفها ، وكأنه يقول لها إلى أين أنت تتدحرجين ؟! وماذا بعد ؟! »فتقف إنها يقظة أو صحوة بعد موت وضياع تشبه بالقيامة أو مثال ذلك أيضاً فكر يسرح فيما لا يليق كإنسان يسرح في فكر غضب أو أنتقام، أو في خطة يدبرها ، أو في شهوة يريد تحقيقها ، أو فى حلم من أحلام اليقظة ويظل ساهماً في سرحانه، إلى أن يوقفه غيره، فيستيقظ إلى نفسه،و يتوقف عن الفكر. إنها يقظة أو صحوة ، أو قيامة من سقطة .
3- هناك أيضاً القيامة من ورطة، أو من ضيقة : قد يقع إنسان فى مشكلة عائلية أو اجتماعية يرزخ تحتها زمناً ، أو في مشكلة مالية أو اقتصادية لا يجد لها حلاً أو تضغط عليه عادة معينة لا يملك الفكاك من سيطرتها أو تملك عليه جماعة معينة أو ضغوط خارجية، لا يشعر معها بحريته ولا بشخصيته ، ولا بأنه يملك إرادة أو رأياً وفي كل تلك الحالات يشعر بالضياع، وكأنه في موت ، يريد أن يلتقط أنفاسه ولا يستطيع إلى أن تفتقده عناية الله وترسل له من ينقذه، فيتخلص من الضيقة التي كان فيها ولسان حاله يقول : "كأنه قد كتب لى عمر جديد ". أليست هذه قيامة ؟
إنها حقاً كذلك .
4- القيامة هي حياة من جديد . ما يسمونه بالإنجليزية Revival
حياة جديدة يحياها إنسان، أو تحياها أمة أو دولة ، أو أية هيئة من الهيئات أو يحياها شعب بعد ثورة من الثورات التي تغير مصيره إلى أفضل، وتحوله إلى حياة ثانية، حياة من نوع جديد فيشعر أن حياته السابقة كانت موتاً ، وأنه عاد يبدأ الحياة من جديد و يود أن حياته السابقة لا تحسب عليه إنما تحسب من الآن هذه القيامة رأيناها في حياة الأفراد، ورأيناها في حياة الأمم رأيناها في أوروبا بعد عصر النهضة والانقلاب الصناعي، ورأيناها في فرنسا بعد الثورة الفرنسية المعروفة ورأيناها في روسيا بعد اعلان البروستوريكا ورأيناها أيضاً في الهند على يد غاندي، وأيضاً في كل دولة تخلصت من الاستعمار أو الاحتلال أوالانتداب ورأيناها في مصر ، مرة بعد التخلص من حكم المماليك، ومرة أخرى بعد ثورة ۱۹۱۹م، ومرة ثالثة بعد سنة ١٩٥٢ كما رأيناها كذلك في الثورة الاقتصادية أو فى النهضة الاقتصادية التي قادها طلعت حرب إن القيامة يا اخوتى ، ليست هى مجرد قيامة الجسد إنما هناك حالات أخرى كثيرة توحى بها القيامة، أو تكون القيامة رمزاً لها وتبدو فيها سمات حياة أخرى .
٥- ونحن نرجو من الله أن يجعل سمات القيامة في حياتنا باستمرار عمليات تجديد وحياة أخرى تسرى في دمائنا أفراداً أو هيئات كما قيل عن عمل الله في الإنسان إنه « يجدد مثل النسر شبابه» (مز ۱۰۳) . وأيضاً كما قيل في نبوءة اشعياء « وأما منتظرو الرب، فيجددون قوة يرفعون أجنحة كالنسور. يركضون ولا يتعبون يمشون ولا يعيون » (أش ٤٠ : ٣١ ) .
قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
المزيد
21 مايو 2024
انتصار القيامة
الإنسان هو الذي جلب على نفسه الموت بدخوله في شركة مع الشر بغواية «ذاكَ الَّذِي لَهُ سُلْطَانُ الموت، أي إبليس» (عب ١٤:٢) وجاء السيد المسيح لكي يحرر الإنسان من عبودية الموت، ولكي يبيد بالموت ذلك الذي له سلطان الموت ولكن الشيء العجيب حقا أن الذين حكموا على الله الكلمة المتجسد بالموت هم فئة من البشر الذين أعماهم إبليس عن معرفة الحق فأبهتي أيتها السماوات واقشعري أيتها الأرض لأن الإنسان الذي اختطف لنفسه قضية الموت بطاعته لإبليس، هو نفسه يحكم بالموت على رب الحياة الذي جاء ليحرره من الموت ومع ذلك لم يتراجع الرب عن محبته في إتمام الفداء، وفضح أكاذيب الشيطان، وإعلان الحق لقد اجتذب الرب الباطل إلى ساحة المواجهة ليعلن أن الحق دائما هو الذي يبقى، وأن المحبة قوية كالموت وأن مياها كثيرة لا تستطيع أن تطفئ المحبة، لأن لهيبها هو لهيب لظى الرب، والسيول لا تغمرها انتصر الخير على الشر وانتصر الحب على الكراهية وانتصر البذل على الأنانية. وانتصرت الحكمة على الحماقة، وصار أصل يسى راية للشعوب لكل من يريد أن يفهم إن قيامتك يا ربنا ومخلصنا كانت هي نور الحقيقة الباهر، والنتيجة الحتمية لانتصار المحبة التي تألقت على الصليب كانت الظلمة القائمة لمدة ثلاث ساعات كاملة ما بين صلب السيد المسيح وتسليمه الروح في يدي الآب تشير إلى الظلم الذي وقع عليه، لأنه قال لليهود عند القبض عليه في البستان « هذِهِ سَاعَتُكُمْ وَسُلْطَانُ الظُّلْمَةِ» (لو ٥٣:٢٢) ، وكانت تشير إلى قساوة قلوب البشر وإلى العمى الروحي الذي حجب عن اليهود الإيمان بالمسيح الخالق والفادي والمخلص وهو الأمر الذي أشار إليه بولس الرسول بقوله «إلهُ هَذَا الدَّهْرِ قَدْ أَعْمَى أَذْهَانَ غَيْرِ المؤمنين، لئلا تُضيء لَهُمْ إنَارَةُ إِنْجِيلِ مَجْدِ المسيح، الذي هُوَ صُورَةُ الله» (٢ كو ٤: ٤) كانت هذه الظلمة المعجزية بتدبير إلهي لإبراز ما في مؤامرة الشيطان من ظلمة ولكن أنوار القيامة قد بددت مؤامرة الشيطان، وأنارت الخلود والحياة في أذهان الذين آمنوا بقيامة الرب من بين الأموات كما أن نور الحب قد مزق الظلمات حتى أبهر من يؤمن بأن يسوع حقا هو ابن الله. فحتى قائد المئة الذي كان وثنيا لما رأى ما كان وأن الأرض تزلزلت والصخور تشققت( مت ۲۷ ٥١-٥٤) قال: «حَقًّا كَانَ هَذَا الإِنْسَانُ ابْنَ الله» (مر ١٥: ۳۹) هذا هونور الحقيقة الذي ومض عندما قام من داس الموت وبدد كثافة الظلمة في أذهان البشر حتى انقشعت باكرًا جدًا في فجر الأحد ولكن سوف يبقى سر النور مكنونا في سر الحب والبذل الذي اكتسح به الرب ظلمات الأنانية والانحصار حول الذات لأن هذا هو سر الثالوث الذي كل أقنوم فيه متجه كليا نحو الآخر بالحب هذا هو هتاف الحقيقة الأزلية أن «الله محبة»( ١يو٤ : ٨ ،١٦).
نيافة مثلث الرحمات الانبا بيشوى مطران دمياط ورئيس دير الشهيدة دميانة
المزيد