المقالات

05 فبراير 2020

التغصب

وَإِحنا مقبولون على صوم يونان و الصُوم المُقدَّس يجِب أنْ نعرِف مُفتاح مُهِمْ لِنِعم كبِيرة لِلصُوم المُفتاح ده إِسمه التغصُّب إِحنا عايشِين بِالجسد وَكُلّ أعمال الرُّوح تُقاوم مِنْ الجسد وَبِما أنَّ فِترة الصُوم فِترة جِهاد رُوحِى فبالتأكِيد لازِم نتعلَّم التغصُّب لأِنَّهُ ما مِنْ مرَّة أحِب أصُوم أوْ أسامِح أوْ أصَلِّى أوْإِلاَّ وَأجِد شئ مِنْ داخِلِى يمنعنِى وَأُصبِح فِى صِراع بين الجسد وَالرُّوح وَعَلَىَّ بِنِعمِة ربِّنا أنْ أنحاز لِلرُّوح لِكى آخُذ بركات الصُوم فِترة مُقدَّسة وَجمِيلة علشان يتعوَّد الإِنسان فِيها عَلَى التغصُّب فِى رِسالة بُولُس الرَّسُول لأِهل رُومية أصْحَاح 12: 11 - 12[ غير مُتكاسِلِينَ فِي الاِجتِهاد0حارِّينَ فِي الرُّوحِ0عابِدِينَ الرَّبَّ0فرِحِينَ فِي الرَّجاءِ0صابِرِينَ فِي الضِّيقِ مُواظِبِينَ عَلَى الصَّلوةِ ] مافِيش بركة مِنْ بركات الرُّوح ستُعطى إِلاَّ بِغلبة الجسد وَطول ما إِحنا مُنحازِين لِلجسد وَميَّالِين لَهُ طول ما إِحنا محرُومِين مِنْ بركات الرُّوح علشان كِده لازِم أتخطَّى حدود طاقتِى كجسد عِندِئِذٍ أدخُل أرض الموعِد صحِيح هِى رِحلة شاقة بِها أتعاب كثِيرة وَبِدُون علامات لكِنْ لازِم أجتازها مُمكِن أجِد بعض التعزيات مُمكِن أشوف قلِيل مِنْ الثمر لكِنْ لاَ أتعوَّد عَلَى ذلِكَ وَمُمكِن تكُون عيِنات الثمر تصِلنِى جافَّة كما وصل عنقُود العِنب جاف زبِيب [ حارِّينَ فِي الرُّوحِ فرِحِينَ فِي الرَّجاءِ صابِرِينَ فِى الضِّيقِ ] طبعاً ما هُوَ الباب ضيَّق وَربِّنا قَالَ لنا كِده وَقَالَ كمان الطرِيق كرب وَقلِيلُون الَّذِينَ يدخُلُون ( مت 7 : 14 ) علشان كِده لمَّا أُقدِم عَلَى الطرِيق لاَ أُصدم لأِنَّهُ صعب أصل ربِّنا قَالَ كِده وَلَوْ لقِيته سهل يُبقى فِى حاجة غلط كما قَالَ بُولُس الرَّسُول لأِهل كُورنثُوس [ كُلَّ واحِدٍ كما ينوِي بِقلبِهِ ليس عَنْ حُزنٍ أوِ اضطِرارٍلأِنَّ المُعطِي المسرُورَ يُحِبُّهُ اللهُ ] ( 2 كو 9 : 7 ) " المُعطِي المسرُور " العطاء فِى شكل حُب خِدمة بذل صلاة يجِب أنْ ننتبِه أنَّهُ مِنْ أكثر أعداء الحياة الرُّوحِيَّة الكسل وَالتراخِى00مِش مُمكِن آخُذ بركِة الرُّوح وَأنا فِى كسل أوْ إِخضاع لأِهواء الجسد لكِنْ أنا عايِش فِى الجسد وَالجسد ضاغِط عَلَىَّ علشان كِده لازِم أغصِب نَفْسِى عدِّى مرحلِة التغصُّب وَشُوفِى اللذَّة وَالنِّعمة الَّلِى تأخُذِيها ما فِى لذَّة رُوحِيَّة إِلاَّ وَنأخُذها بِتغصُّب مرَّة راح واحِد راهِب لأِبِى مقَّار وَقَالَ لَهُ أنَّ الحرب قويَّة عليه وَطلب الصلاة مِنْ أجله فصَلَّى لَهُ أبو مقَّار وَلكِنّه عاد مرَّة أُخرى يشتكِى ثُمَّ مرَّة ثالِثة فصَلَّى أبو مقَّار لله يُعاتِبه وَيسأله أنْ يرفع الحرب عَنْ هذا الرَّاهِب فسمح الله لِلشيَّاطِين أنْ تُجِيب أبو مقَّار وَقالُوا لَهُ " مُنذُ أنْ صلِّيت لِهذا الرَّاهِب وَنحنُ بعدنا عنَّه وَلكِنَّه يأكُل كثِيراً وَينام كثِيراً وَيرتاح كثِيراً " علشان كِده الحرب أصلاً مِنْ أعضاءنا الكسل مِنَّا لمَّا الشيطان يلاقِينِى قوِّمت نَفْسِى وَصلِّيت وَبدأت أفرح بِالصلاة يبدأ هُوَ حربه مِش مُمكِن يحارِبنِى وَأنا أصلاً كسلان لكِنْ لاَ ننسى أنَّ لَهُ حصُون داخِلنا كما قَالَ بُولُس الرَّسُول [ الخطِيَّة وَهِي مُتخِّذة فُرصةً بِالوصِيَّةِ خدعتنِي بِها وَقتلتنِي ]( رو 7 : 1 )[ فَإِنِّي أعلمُ أنَّهُ ليس ساكِن فِىَّ أى فِي جسدِي شئ صالِح ]( رو 7 : 18 ) إِذن لازِم أقدِّم جِهاد وَالجِهاد عايز تغصُّب وَالتغصُّب عايِز إِيمان وَالإِيمان عايِز ثبات وَهكذا سلسِلة مِنْ الجِهاد المُفرِح لاَ ننسى الأرملة الَّتِى أزعجت القاضِى قائِلة إِنصِفنِى مِنْ خِصمِى( لو 18 : 3 ) طِلبة لاَ تنقطِع وَ لاَ تهدأإِنجِيل قُدَّاس اليوم يعلِّمنا عَنْ الصلاة وَقَالَ أنَّهُ يوجد شخص ذهب لِصدِيقه لِيُعطِيه ثَلاَثَ أرغِفة لأِنَّهُ أتى إِليهِ ضُيُوف وَألحَّ عليهِ لأِنَّ الصدِيق قَدْ ذهب لِلفِراش00يقُول إِنْ لَمْ يقُم وَيُعطِيه لِصداقتِهِ يُعطِيه لأِجل لجاجتِهِ ( لو 11 : 8 ) رغم أنَّ هُناكَ ثَلاَثَ نِقاط تبعث اليأس فِى نَفْسَ ذلِكَ الرجُل وَهِى :- 1/ أنَّهُ يُرِيد أنْ يأخُذ شئ ليس مِنْ حقَّه0 2/ أنَّهُ أتى فِى وقت غير مُناسِب0 3/ إِنتهار صدِيقه لَهُ0 وَلكِنْ لجاجتِهِ تتعدَّى يأسه عدم إِستحقاقِى لاَ يجعلنِى أتراجع وَلكِنْ يجعلنِى أصِر أكثر وَأدُق الباب أكثر وَ لاَ أنصرِف فارِغة وَإِنْ كَانَ الوقت غير مُناسِب لكِنْ أنا محتاج وَالخطِيَّة غلبانِى وَإِنْ كُنت بِأزعِجكَ فالأِنِّى مغلُوب وَمُحتاج أنا لاَ أطلُب كثِيراً أنا أطلُب خُبز( حياة ) حاف00أنا بِأزعِجكَ علشان أقدِّم لَكَ شئ الصُوم فُرصة لِلتغصُّب بعد الصُوم يُصبِح التغصُّب عاده وَآخُذ فرح فِى فِترِة الصُوم لازِم نُؤهلّ لِلتعب نُؤهلّ لِلتضحِية تضحِية بِراحِة الجسد بِلذَّة أكل مُعيَّن القِدِيسِين يعلِّمونا أنَّ الصلِيب دواء الشهوة ما هُوَ الصلِيب ؟هُوَ الألم وَما أجمل الألم إِذا كَانَ إِختيارِى وَما هُوَ الألم الإِختيارِى ؟هُوَ ألم الجوع السهر المِيطانيات التسامُح علشان كِده ربِّنا يحِب يشتمَّ رائِحة تغصُّب يقُول مارِإِسحق [ إِسهر بِغير ضجر لأِنَّ الله يُحِب الساهِر بِفرح ] يعنِى لمَّا ألاقِى نَفْسِى مِش عارفة أدِّى ربِّنا حاجة أعطِى لَهُ مِنْ وقت راحتِى وَنُومِى وَمِنْ أتعاب جسدِى يقُول الكاهِن فِى الصلوات السَّريَّة [ إِجعلنا أنْ نشترِكَ معهُمْ فِى الأعراق الَّتِى قبلُوها لِحِفظ التقوى ] لازِم نِتعب وَ نِعرق لِحِفظ التقوى يقُول واحِد مِنْ القِدِيسِين[ إِتعِب جسدكَ بِالصلاة حَتَّى تُؤهلَّ لِحِفظ الملائِكة إِتعِب جسدكَ بِالصلاة حَتَّى يتقدَّس سرِيركَ بِعرق الصلاة ] يا سَلاَمَ لَوْ السرِير بِتاعِى إِبتلَّ بِعرق الصلاة وَالمِيطانيات[ بِغير تعب بِالصلاة لاَ تسمح لِنَفْسَكَ أنْ تنام ] أى صلاة لازِم تكُون بِجِهاد وَصِراع عارفِين أنَّ العملِيَّة مِش سهلة وَالأمر ليس بِقولِنا لِلجسد أنْ يقُوم لِلصلاة فيقُول آمِين يقُول أحد القِدِيسِين [ إِذا حان وقت الصلاة حدث التثاؤب وَالكسل وَإِذا حان وقت المائِدة حدث نشاط وَإِسراع ] وَعلشان كِده يقُول [ لاَ تُصدِّق يا أخِى أنَّهُ بِدُون تعب الجِهاد تنعتِق مِنْ خطاياكَ ]إِوعِى تنسِى إِنْ الفُرصة الَّلِى جاء فِيها العدو وَزرع الزوان إِلاَّ لمَّا كَانَ النَّاس نِيام يعنِى فِى الكسل وَالغفلة علشان كِده إِوعِى تفكَّرِى إِنْ النِّعمة الرُّوحِيَّة ستهبُط عليكِ مِنْ السما وَلكِنْ دِى عايزه رِحلة طوِيلة بِها أتعاب وَسقُوط وَقِيام وَتغصُّب[ أرض الموعِد لاَ تُعطى بِسهولة وَالخَلاَصَ لاَ يُعطى بِراحة ] وَلَوْ تخيَّلنا أنَّ جسدنا بِطبِيعة ملائِكِيَّة وَإِذا إِرتفع عَنْ شهواته هذا صعب علشان كِده لَوْ نظرنا لِلمُكافأة يهون علِينا الجِهاد أبونا يعقُوب علشان يأخُذ راحِيل زوجة خدعوه 7 سنوات وَشغَّلوه 7 سنوات أُخرى وَيقُول الإِنجِيل [ وَكانت فِي عينيهِ كأيَّامٍ قلِيلةٍ بِسببِ محبَّتِهِ لها ] ( تك 29 : 20 ) طول ما راحِيل قُدَّامِى طول ما جِهادِى يهون وَلكِنْ الأمر ليس بِسهل بِدلِيل قول يعقُوب أنَّ الحر أكله بِالنَّهار وَالجلِيد فِى الليل ( تك 31 : 40 ) كُلّ ما الإِنسان يضع هدف قُدَّام عينيهِ كُلّ ما يهون عليه التعب كُلّ خطوة وَلَوْ بسِيطة كُلّ رفع يد كُلّ رفع قلب كُلّ تنهُّد كُلّ قُدَّاس نحضره كُلّ صلاة لاَ تُنسى مِنْ الله لأِنَّ هذِهِ خطوات ضروريَّة لِنوال الحياة الأبديَّة وَطول ما إِحنا فِى الجسد الضعِيف طول ما ربِّنا عايزنا نفرَّط فِيه وَنسأمه وَ لاَ نثِق فِيهِ وَ لاَ نرتاح لَهُ عَلَى قد ما أقدر لاَ أثِق فِى جسدِى وَ لاَ أتبع شهواته وَ لاَ مشورته لأِنِّى إِنخدعت مِنّه قبل كِده كما إِنخدع كثِيرِين مِنْ جسدِهِمْ علشان كِده لازِم الجسد ده يُقدَّم ذبِيحة وَلِكى يُقدَّم الجسد ذبِيحة لازِم المُفتاح وَهُوَ التغصُّب زمان لمَّا كانوا يقدِّموا ذبِيحة كانوا يربُطوها بِأربع قرُون المذبح ما هُوَ الربط بِقرُون المذبح إِلاَّ التغصُّب ربِّنا سمح إِنِّى أعِيش فِى التغصُّب كُلّ يوم وَمافِيش صوم يوم يشفع عَنْ صوم يوم آخرعلشان كِده أعمال الرُّوح عايزه تُحلِّق وَتسمو فعايزه ناس غالبة جسدها بِالتغصُّب إِنْ كَانَ بنِى إِسْرَائِيلَ تاهوا فِى البرِّيَّة 40 سنة إِلاَّ أنَّ توهانهُمْ كَانَ ضرورة وَهُوَ المؤهِل لِدخُول أرض الموعِد00فإِذا كانِت فِترة طوِيلة فِى حياتِى لَمْ أرى فِيها بركة وَ لاَ أخذت فِيها تعزية لكِنْ لَنْ أعود لِلخلف وَسأغصِب نَفْسِى وَأُقاوِم لأِنِّى حَتَّى الآنَ لَمْ أُقاوِم حَتَّى الدم لمَّا أبتدِى بِتغصُّب أشعُر أنَّ حِدَّة الموقِف خفِّت شوية بِشوية أوِل قِيام لِلجسد أصعب قِيام أوِل خمس دقائِق فِى الصلاة أصعب خمس دقائِق وَالعشرة دقائِق الَّتِى تليهُمْ أصعب مِنْ الدقائِق الَّتِى تلِيها وَهكذا وَقَدْ أصِل فِى النِهاية إِنِّى لاَ أستطِيع أنْ أختِم صلاتِى لِماذا ؟ لأِنَّ غِنى الرُّوح لمَّا يأخُذ الإِنسان يجِد نَفْسَه أمام تيار يرفعه وَ لاَ يستطِيع أنْ يُقاوِمه علشان نأخُذ بركات الرُّوح لازِم نغيَّر طبِيعة الجسد وَأُسلُوبه فلابُد أنْ أنقِل جسدِى بِأهوائه وَميوله مِنْ موضِع مُظلِم إِلَى النُور وَمِنْ سُلطان الجسد إِلَى مجد أولاد الله وَهذا ليس بِسهل الله أشفق عَلَى بنِى إِسْرَائِيلَ مِنْ رجوعِهِمْ لأِرض مِصْرَ مرَّة أُخرى لِذا أتاههُمْ 40 سنة أى أغلق الرَّبُّ عليهِمْ بِمراحِمه حَتَّى لاَ يعودوا لِلعبُوديَّة مرَّة أُخرى وَمِنْ حُب ربِّنا لِنا يُرِيدنا أنْ نذُوق الأبديَّة وَيكُون لِهذا المذاق فرحة كبِيرة تخيَّلوا مريم أُخت مُوسى بعد ما شافِت فرعُون وَهُوَ يغرق أخذت الدُّف وَترنَّمت لِلرَّبِّ لاَ تترنَّم مريم إِلاَّ إِذا كانِت شايفة عمل الله معها لازِم نِعرف أنَّ هُناكَ تعب كثِير وَلكِنْ لمَّا نشوف المُكافأة يهون التعب لازِم أدفع نفقة مِنْ عقلِى وَقلبِى وَجسدِى لآِخُذ بركِة الرُّوح لازِم أدفع النفقة لأِشعُر بِحلاوِة هذِهِ البركة علشان أشوف القِدِيسِين فِى السما وَأجلِس معهُمْ لازِم أعِيش حياتهُمْ وَإِذا كَانَ جسدِى لاَ يُساعِدنِى أنْ أعِيش حياتهُمْ إِذن لازِم يكُون الحل فِى التغصُّب أحياناً التغصُّب يُولِّد عاده بِدُون روح لأِنَّ التغصُّب درجات أوَّلاً تغصُّب الجسد ثُمَّ تغصُّب الفِكر وَهذا أصعب0 بعض أقوال الأباء:- 1/ إِعلموا أنَّهُ إِذا إِستمالِتنا كلِمات الصلاة وَإِستحوِذِت عَلَى إِنتباهنا فحِينِئذٍ سوف تستمِيل قلب الله وَإِنْ لَمْ تسترعِ إِنتباهنا فكيف تسترعِى إِنتباه الله0 2/ إِحتمِل الملل وَالضجر وَالأفكار الشِّريرة الَّتِى يسوقها عدو الخِير علينا وَخصوصاً وقت الصلاة وَطالما كُنت لاَ تخضع لها وَ لاَ تمِيل لِلمُشاركة فِيها بَلْ تتألَّم وَتتنهَّد وَتُظهِر عدم رِضاكَ عنها تُحسب لَكَ عمل أفضل مِنْ الصلاة لأِنَّ الآباء وضعُوها فِى مرتبِة الإِستشهاد0 3/ لأِنَّ الجِهاد فِى الصلاة ضِد عدو الخِير يُحسب أفضل مِنْ الصلاة وَلأِنَّ الإِستشهاد هُوَ إِنسان يذبح مشِيئتهُ وَأنا أثناء الصلاة أذبح ذِهنِى وَأسمَّره عَلَى صلِيب محبِّة ربِّنا00لِذا الأمر يتطلَّب تغصُّب مِنْ كُلّ النواحِى مِنْ ناحِية الصُوم وَالصلاة0 4/ كُلّ الأعمال الرُّوحِيَّة عايزه جِهاد وَالجِهاد عايِز تغصُّب وَالتغصُّب عايِز إِيمان وَنِعمة وَالنِّعمة عايزه جِهادوَلأِنَّ الجسد كُلّه خِداع وَهذِهِ طبِيعة ضعِيفة فِى الجسد لِذا يجِب أنْ نقِف لِلصلاة فِى نشاط وَ لاَ نُرِيح الجسد حَتَّى لاَ يتمرَّد0 ربِّنا يسنِد كُلّ ضعف فِينا بِنِعمِته لَهُ المجد دائِماً أبدِيَّاً آمِين. القس أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا أنطونيوس محرم بك الاسكندرية
المزيد
02 فبراير 2020

لِماذا نلبِس0وَماذا نلبِس ؟

لماذا نلبس؟ فِى مرحلة ما قبل السُقُوط عَاشَ الإِنسان فِى وِحده مَعْ الله فِى كيان مُتكامِل غير مُنقَسِم يحيا فِى إِنسِجام تام بينَ النَّفْس وَالجسد وَالرُّوح فِى تمتُّع بِكُلَّ عطايا الله الفائِقة مُستخدِماً كُلَّ ما لديهِ مِنْ قوى نفسِيَّة وَجَسَدِيَّة وَرُوحِيَّة كى يُحَقِّق هدف وجود أى التمتُّع بِالشَرِكة وَالحُب مَعْ الله وَلاَ يفوتنا أنْ نذكُر أنَّ الله خلقَ الإِنسان عارِياً وَمَعْ ذلِك لَمْ يخجل مِنْ عُريه وَلاَ شَعَرَ بِهِ بَلْ كَانَ ينظُر إِلَى جَسَدهُ نظرة برِيئة مُقدَّسة أمَّا بعد السُقُوط إِكتشف الإِنسان حالة عُريه الَّتِى كَانَ يحيا بِها دونَ أى خجل إِنَّها الخطِيَّة الَّتِى أحدثت فجوة ضخمة بينَ الله وَالإِنسان وَنَجِد أنَّ تيار الحياة الَّذِى كَانَ يتدفق مِنْ الله فِى الإِنسان يتوقف فَصَارَ الإِنسان يتحرَّك وَيتصرَّف وَكأنَّ الله غائِب عنهُ وَحدثَ شرخاً عظِيماً فِى كيان الفرد أدَّى إِلَى التمزُق الدَّاخِلِى فَصَارت النَّفْس قَلِقة غير مُستقِرة وَالجسد يُعَبِّر عَنْ كُلَّ ما فِى النَّفْس مِنْ قلق وَتمزُّق فَنَجِد أنَّ إِكتشاف العُرى كَانَ بِسبب الخطِيَّة فَيقُول الكِتاب المُقدَّس [ فَانفتحت أعيُنُهُمَا وَعَلِمَا أنَّهُمَا عُرْيَانَانِ0فَخَاطَا أوراق تِينٍ وَصَنَعَا لأِنْفُسِهِمَا مَآزِر فَنَادَى الرَّبُّ الإِلهُ آدم وَقَالَ لَهُ أينَ أنتَ0فَقَالَ سَمِعْتُ صوتَكَ فِي الجنَّةِ فَخَشِيتُ لأِنِّي عُريان فَاختبأتُ ] ( تك 3 : 7 – 10 ) أُنظُر عزِيزِى القارِئ مَا الَّذِى جعلَ آدم يقُول " لأِنِّى عُريان فَاختبأت "كيفَ شَعَرَ بِالعُرى وَهُوَ ليسَ جدِيد عليه ؟ إِنَّهُ مِنْ نتائِج الخطِيئة عَلَى الجسد إِنَّ الخطِيئة أشعلت الغرائِز وَأعطتها الحِدَّة وَالجموح كما أثَّرت فِى القلب وَالفِكر فحرقتهُما نقاوتهُما الأولى00كما سلبت مِنْ العينين طهارتهُما وَبساطتهُما00فَسُرعان ما لجأَ الإِنسان إِلَى تغطِية جَسَده بِأوراق التِين وَكَانَ يظُن أنَّ هذا سوف يستُر عَلَى خطِيئتهُ وَيُغَطِّى عَلَى إِثمه00وَلَمْ يعلم أنَّهُ يحيا فِى حضرِة الَّذِى كُلَّ شىء عُريان وَمكشُوف أمام عينيهِ ( عب 4 : 13 )00وَهذِهِ التغطِية الَّتِى يصنعها الإِنسان لِجَسده دونَ الرُجُوع لله نُسَّمِيها " الحِشمة الكاذِبة " إِذ أنَّ مَا حدث مَعْ آدم وَحواء يتكرر معنا باستمرارعِندما يُغَطِّى إِنسان جَسَدهُ بينما القلب وَالفِكر مُشتعِلان بِالشهوات وَينفضِح هذا الأمر فِى السلُوك الخارِجِى مِثل طرِيقة المشى وَالحدِيث وَالنظرات وَالمُلاَمَسات وَهكذا قَدْ يظُن الإِنسان أنَّهُ وجدَ حلاً لِمُشكِلة عُريه وَكأنَّهُ يُغَطِّى جَسَدَهُ كُلَّه بِأوراق التِين وَلَكِنْ الله لاَ يُسَر بِهذا الغطاء لأِنَّهُ فاحِص القُلُوب وَلاَ ينظُر إِلَى الخارِج فقط وَلَكِنَّهُ يطلُب القلب أوَّلاً [ يَا ابنِي أعْطِنِي قَلْبَكَ ] ( أم 23 : 26 ) وَمِنْ هُنا نجِد أنَّ الله يتدخل بِذاته الإِلَهِيَّة وَألبس آدم وَحواء لُباساً مِنْ الجِلد سترَ بِهِ عورتهُما لِيستُرهُما تماماً وَيحفظ كرامتهُما( تك 3 : 21 )وَلأِنَّ العُرى فضِيحة وَخِزى وَعار لاَ يُحتمل جَعَلَ الله يتدخل لِيستُرهُما فَمِنْ هذا المُنطلق نرى أنَّ العُرى هُوَ رفض لِتَدَّخُل الله وَإِصرار عَلَى إعتبار أنَّ الله غائِب بَلْ أنَّ العُرى هُوَ تحدٍ لِلخالِق الَّذِى سَتَرَ عُرى آدم وَحواء وَألبسهُما وَلعلَّ هُنا نكُون بدأنا نفهم إِجابة السؤال لِماذا نلبِس ؟؟ نلبِس فَنطلُب ستر الجسد بِاللُباس إِعترافاً وَخضوعاً بِما عملتهُ الخطِيئة فِى الإِنسان وَتمجِيداً لِلخالِق الَّذِى ألبسنا لِيستُر عُرينا لِيحفظ لنا كرامة أجسادنا وَيُعطِيها جمالاً وَوَقاراً وَلاَ ننسىَ أنَّ ربِّنا وَمُخَلِّصنا يسُوع المسِيح عُلِّقَ عَلَى الصلِيب عُرياناً لِيُذَكِّرنا أنَّهُ أزالَ عنا عارنا وَفضِيحتنا وَيُعطِينا أنْ نكتسِى بِثوب برِّهِ وَطهارَتِهِ فَنحيا فِى نقاوة وَكرامة0 وما رأى المسيحية فى فرض زى معين:- أِنَّنا نحيا فِى بركات فِداء الله لِلإِنسان وَقَدْ تصالح الإِنسان مَعْ الله بِالتجسُّد وَالصلِيب وَأصبح الرُّوح القُدس ساكِن فِى الجسد فَصَارَ الجسد فِى كرامة هيكل الرُّوح القُدس( 1كو 6 : 19 ) وَأجسادنا أعضاء المسِيح نَفْسه ( 1كو 6 : 15 ) فَصَارَ يلِيق بِالجسد كُلَّ وقار وَإحترام فَصَارت الحِشمة تُعَبِّر عَنْ معرِفة الله إِذْ تكشِف عَنْ أمور رُوحِيَّة باطِنِيَّة تنبُع مِنْ قلب وَعقل مُتَحِدان بِالله وَيملُك عليها مخافة الله هُنا سَنَجد الشَّابَّة وَالفتاة المسِيحِيَّة فِى ملبس مُحتشِم مُلتزِم بِحسب قول مُعَلِّمنا بُولِس الرَّسُول [ وَكَذلِكَ أنَّ النِّساء يُزَيِّنَّ ذواتِهِنَّ بِلِباسِ الحِشمةِ مَعَ وَرَعٍ وَتَعَقُّلٍ ] ( 1تى 2 : 9 ) مِنْ هُنا يأتِى اللُباس المُحتشِم المُلتزِم فِى حُرِّية كامِلة وَليسَ فرضاً أوْ كبتاً لأِنَّهُ لاَ يُمكِنْ أنْ تكُون الحِشمة بِسبب تقالِيد إِجتماعِيَّة بِفرض زِى مُعَيَّن أوْ أى ضغُوط خارِجِيَّة فَلاَ نستطِيع أنْ نُسَمِّى هذا الزِى حِشمة لأِنَّهُ ليست تعبِيراً عَنْ عِفة داخِلِيَّة حقِيقِيَّة أوْ إِحتراماً وَتوقِيراً لِجَسَدٍ مُنِيرٍ مُبارك موضِع لِسُكنىَ الله وَالحِشمة تعبِيراً عَنْ تناغُمْ الدَّاخِل مَعْ الخارِج النِعمة الدَّاخِلِيَّة وَالعِفة الخارِجِيَّة وَبِهذا تُصبِح الحِشمة ضرورة لذِيذة وَمُفرِحة إِذْ أنَّها نابِعة عَنْ قناعة داخِلِيَّة كامِلة وَنُرِيد أنْ نلفِت الأنظار لِحَقِيقة هامة وَهِىَ إِنْ إِلتزمَ البعض بِزِى مُحتشِم مفرُوض عليهُمْ فِى بعض المُعتقدات أوْ طبائِع الشُّعُوب أوْ مدارِس أوْ جامِعات نَجِد أنَّ الدَّافِع لِهذا الزِى يُظهِر أفكاراً مُختلِفة مِنها المُساواة الإِجتماعِيَّة أوْ الظُهُور بِمظهر موَّحد أوْ السُلُوك بِجِدِيَّة وَقَدْ يعتقِد البعض فِى فرض زِى مُعَيَّن هُوَ تغطِية جسد مُثِير لِلغرائِز وَكُلَّ مَا فِيهِ ردِئ أمَّا فِى حِشمة الشَّابَّة المسِيحِيَّة فَالأمر مُختلِف تماماً فهىَ تُغَطِّى جَسَدَها وَأعضاؤه ليسَ لأِنَّهُ قبِيح أوْ شر وَلاَ لِمُجرَّد إِلتزام بِشكل موَّحد أوْ حَتَّى مُجرَّد حِفظ لها بَلْ لأِنَّ جَسَدها مُبارك وَكرِيم يلِيق بِهِ الغطاء وَالستر لأِنَّهُ بِحسب تعبِير إِشعياء النَّبِى أنَّ لِكُلَّ مجدٍ غطاء ( اش 4 : 5 ) وَمِنْ هُنا نَجِد أنَّ الدَّافِع مُختلِف تماماً فَالجسد يُغَطَّى لأِنَّهُ مسكن لله هيكل لله وَعضو فِى جسد المسِيح المُقدَّس وَليسَ لأِنَّهُ ردِئ أوْ قبِيح وَبعد هذِهِ الجولة حول حقِيقة لِماذا نلبِس نأتِى إِلَى أمر آخر هُوَ ماذا نلبِس وَهل نتبع أى مُوضة. ماذا نلبس؟ بعد أنْ عرفنا مِقدار كرامة الجسد وَأنَّهُ ليسَ مُجرَّد تِمثال بَلْ مسكن لِلرُّوح وَيخفِى كُلَّ ما هُوَغالٍ وَنَفِيس مِنْ هُنا تبدأ بِستر هذا الجسد لِكى يخفِى ما فِى داخِل هذا الهيكل المُقدَّس مِنْ كنُوزوَلَكِنْ إِنْ تعرَّى هذا الجسد فقد فَقَدَ هذا الهيكل كرامتهُ وَانسكبت قِيَمه الغالِية النَفِيسة عَلَى الأرض وَتَصِير لِلنهب وَالسَرِقة بِكُلَّ مَا فِيهِ مِنْ غالٍ ثمِين وَبِحسب تعبِير آباءنا القِدِيسِين{ هَا نحنُ سائِرُون فِى طرِيق اللُصُوص فلنحذر وَنَتَحَفظ }وَكُلَّما حَرَصت النَّفْس عَلَى زِينة الدَّاخِل بِالفضائِل الرُّوحِيَّة كُلَّما إِمتلأ كنز القلب بِالصَّلاح صَارت الحِشمة مطلب داخِلِى كَسِتار يخفِى مَا فِى الدَّاخِل مِنْ جواهِر ثمِينة لِذلِك عَلَى الشَّابَّة المسِيحِيَّة أنْ تختار ثِيابها بِتدقِيق وَعِناية لِتحفظ لِجَسَدها كرامتهُ وَمعناه الإِلهِى مهما كانت نظرة أهل العالم إِلَى الموضات وَالمباهِج لأِنَّهُ ينبغِى أنْ يُطاع الله أكثر مِنْ النَّاس فَليسَ كُلَّ مَا هُوَ جدِيد أوْ موضة يُناسِب الشَّابَّة المسِيحِيَّة خصوصاً أنَّنا نَجِد أنَّ الموضات الحدِيثة رُبما لاَ تمِيل إِلَى عُرى الجسد بَلْ إِلَى الملابِس الضَّيَّقة جِدّاً الَّتِى تجعل الجسد كَأنَّهُ عارِياً مُظهِرةً جمِيع ملامِحهُ وَتفاصِيله فيظهر بِشكل مُعثِر غير لائِق وَالعجِيب أنْ نرى أنَّ غالِبِيَّة المُرتَدِيات لِهذِهِ الملابِس مَسِيحِيات وَرُبما مُرتديات صُلبان فِى أعناقِهِنَّ وَأصبح المُجتمع ينظُر إِلَى الشَّابَّة المسِيحِيَّة أنَّها غير مُلتزِمة وَرُبما أرجع البعض الَّلذِينَ يفتقِرُونَ إِلَى المعرِفة المسِيحِيَّة أنَّ هذا السلُوك يرجع إِلَى أنَّ المبادِئ المسِيحِيَّة لاَ تُدَقِق فِى هذِهِ الأمور وَهُناكَ مَنْ يفترِى عَلَى المسِيحِيَّة أنَّها تدعو إِلَى هذِهِ الخلاعة0 سؤال هام :- إِنْ كَانَ هُناك مِنْ الشَّابَّات من تنازلت عَنْ حقَّها فِى إِتباع الموضة الحدِيثة مِنْ أجل إِتباع عادات وَتقالِيد وَأوامِر وَإِستجابت لها وَاستمرت عَلَى ذلِك وَحَصَرت نَفْسها فِى إِطار ضيِّق مِنْ الملابِس وَتنازلت عَنْ أنْ تُظهِر جمال شعرها وَغيره فَلِماذا الفتاة المسِيحِيَّة لاَ ترغب أنْ تلتزِم فِى إِرتداء ثِياب حِشمة هل لاَ يوجد لديها مِنْ أسباب مُقنِعة لِذلَك وَتُفَّضِل إِتباع الموضة عَنْ الحِشمة وَلاَ تُرِيد أنْ تستُر مَا أرادَ الله إِكرامه وَقداسته ؟وَالعجِيب أنَّهُ حِينما نتحدث مَعْ شابَّاتنا المسِيحِيات نجدهُنَّ يأخُذن الأمر فِى سطحِيَّة وَسِهولة وَهُنا نسمع الكثِير مِنْ الإِجابات نَوِد أنْ نُبرِز بعضها :- إِنِّنِى لاَ أرى أنَّهُ مُلفِت أوْ مُعثِر0 هذا أفضل مَا وجدته بِالمحلات فَإِشتريته0 أنا غير مسئولة عَنْ نظرات الآخرِين0 أتبادل أنا وَأُختِى الملابِس ، أوْ هذِهِ ملابِس قدِيمة عِندِى0 هذِهِ هِىَ الملابِس الَّتِى تلفِت نظر الشَّباب لِلزواج0 أُرِيد أنْ أحيا سِنِّى وأظهر كَشَّابَّة عصرِية لِذلِك وجدنا أنَّهُ يلزم علينا أنْ نتحدث فِى هذا الأمر00لِنَتَعامل معهُ بِأكثر تدقِيقاً وَوَقاراً وَرداً عَلَى أنَّ بعض الملابِس تلفِت نظر الشَّباب لِلزواج نقُول نحنُ نُرِيدك أنْ تظهرِى فِى صورة جمِيلة وَلَكِنْ فِى حِشمة وَبساطة وَلَكِنْ إِعلمِى أنَّكِ إِنْ تكالبتِى عَلَى كُلَّ موضة مُستحدثة غرِيبة ألقيتِ السُخرِية مِنْكِ فِى قُلُوب الشَّباب وَعرفوا أنَّ داخِلِك نزعات ردِيئة وَميول وَأهواء يشوبها الطمع وَرُبما يُحِب الشَّاب مظهر الشَّابَّة المُتَبَرِّجة وَالغِير مُحتشِمة لاَ لِشىء أكثر مِنْ اللهو بِها أمَّا الشَّابَّة المُلتزِمة فَتَكُون موضِع إِحترام الجمِيع أمَّا إِنْ فَكَّر الشَّاب فِى الزواج فَهُوَ لاَ يتزوج إِلاَّ إِذا وثق وَرأى مَا يدفعه أنَّ هذِهِ الشَّابَّة سوف تحمِل إِسمه وَتُرَّبِى أولاده فَلاَ يثِق ولاَ يعتقِد إِلاَّ فِى الحياء وَالعِفة أمَّا إِنْ إِنجذب شاب لِمُجرَّد مظاهِر خارِجِيَّة فَسوف يظهر مِنْهُ بعد الزواج هذا السلُوك مَعْ كُلَّ مَنْ يراها لأِنَّهُ يكُون قَدْ أثبت أنَّهُ لاَ يهتم إِلاَّ بِكُلَّ مَا هُوَ سطحِى وَزائِل وَبِالزواج تتغيَّر ملامِح الجسد وَتنشغِل الزوجة بِالأطفال وَأمور المنزِل فَهل سيبقىَ من إِنجذب لِلمظاهِر الخارِجِيَّة عَلَى حُب وَتقدِير وَإِنْ حافظت الزوجة عَلَى جمالها وَاهتمامها بِنَفْسِها هل سيثِق الزوج فِى سلُوك مِنْ رآها يوماً غير مُتحفِظة وَسُرعان مَا تحيا فِى جو مِنْ الغِيرة وَالتضيِيق وَالرِقابة وَالشك والإِستبداد لأِنَّكِ مهما حاولتِ أنْ تُودِعِى الثِقة فِى نَفْسه وَأنتِ زوجة فَلاَ يُمكِنْ أنْ ينسىَ أنَّكِ كُنتِ رخِيصة وَأنتِ شابَّة لِذلِك ننصح الشَّابَّات بِالإِلتزام وَالحِشمة وَالتدقِيق فِى إِختيار الملابِس المُناسبة بِالنِسبة لَهُمْ لأِنَّها تُعَبِّر عَنْ جوهر شخصِيَّة مُلتزِمة وقوره أتذكر فِى إِجتماع لِقداسة البابا شنوده الثَّالِث سُئِلَ قداسته عَنْ هل إِرتداء البنطلون لِلشَّابَّة خطأ ؟ وَمَا يجِب أنْ ترتديه الشَّابَّة المسِيحِيَّة أجابَ قداسِة البابا إِجابة رائِعة شامِلة وَراقِية فِى معناها وَتعبِيراتها فَقَالَ أنَّ هُناكَ ثلاثة أنواع مِنْ الملابِس لابُد مِنْ الإِبتعاد عنها لِلشَّابَّة المسِيحِيَّة وَيجِب أنْ تختار ثِيابها فِى ضوء هذِهِ الثلاثة معايير:- 1- الملابِس الضاغِطة أى الضَّيَّقة الَّتِى تُبرِز ملامِح الجسد 2- الملابِس المكشوفة أى الغِير مُحتشِمة الَّتِى تكشِف الجسد 3- الملابِس الشَّفافة أى الَّتِى يُرى مِنْ خِلاَلها ملامِح الجسد ليتنا نتبع هذِهِ النصِيحة الغالية أثناء إِختيارنا ماذا نلبِس وَهُنا لابُد أنْ نُبرِز صورة حيَّة يجِب أنْ نضعها أمام شابَّاتنا وَفتياتنا لِكى يعلموا إِلَى أى حد يجِب أنْ يحفظُوا حِشمة وَكرامة أجسادهُمْ0 قديسات حفظن حشمة أجسادهن:- تعالوا نتذكر بعض القِدِيسات اللواتِى حفظن حِشمة أجسادِهِنَّ فِى أصعب الظرُوف :- القديسة بوتامينا:- بعد سلسِلة مِنْ العذابات القاسِية أخِيراً جاءَ حُكم الموت بِوضعِها فِى الزِيت المغلِى وَفِى كُلَّ هذا كَانَ مَا يشغِلها ألاَّ تتعرَّى أمام أحد فطلبت ألاَّ تخلع ثِيابها بَلْ يضعونها فِى برمِيل الزِيت المغلِى رويداً رويداً وَهىَ ماسِكة ثِيابها بِيديها إِلَى أسفل كى لاَ يظهر جُزء مِنْ جَسَدها إِنَّها لاَ تُبالِى بِألم الجسد بَلْ تُفَّضِل حِفظ عِفَتها وَحِشمتها وَغَرَقَ جَسَدها فِى الزِيت المغلِى وَماتت أمَّا روحها فَإِنطلقِت إِلَى السَّماء مُكَلَّلة بِأكالِيل البتولِيَّة وَالعِفة وَالإِستشهاد بِكُلَّ مجد وَكرامة حقاً أنَّها ماتت وَلَكِنْ علَّمت بِسُلُوكها وَموتِها أكثر مِنْ كلامها وَحياتها0 القديسة بربتوا:- كانت فتاة عفِيفة مُتزوِجة حدِيثاً وَلديها طِفل رضِيع وَكانُوا أثناء تعذِيبها يُسمِعُونها صوت بُكاء طِفلها الرضِيع الجائِع لِلضغط عليها وَلَكِنْ حُبَّها الوفِير لِيَسُوع المسِيح فادِيها وَمُخلِّصها كَانَ أعظم مِنْ أى حُب آخر سواء جَسَدِى أوْ عاطِفِى فَظلَّت صامِدة أمام كُلَّ الضغُوط وَأخِيراً حُكِم عليها بِالموت بِواسِطة الوحوش المُفترِسة أمام حشد كبِير مِنْ أهل المدِينة وَفِى ساحة الإِستشهاد رَكَعت تُصَلِّى فِى منظر مؤثِر وَعِندئِذٍ تقدَّم إِليها ثور هائِج وَضربها بِقرنيهِ فَطرحها عَلَى الأرض وَأصابها إِصابات بالِغة وَكادت تفقِد الوعى وَفِى شِدَّة آلامها وَخطورة هذا الموقِف لَمْ تهتم بِجِراحاتها وَلاَ كيف تنجو مِنْ هياج الوحُوش بَلْ أخذت تُلَملِم أطراف ثوبِها المُمزق لِتستُر جَسَدها حَتَّى هاجمها الثور مرَّة ثانِية وَثالِثة إِنْ إِهتمامها هذا كَانَ مثار حدِيث كُلَّ من شاهد هذِهِ الحادِثة إِنَّها كانت عِظة بالِغة عَنْ العِفة المسِيحِيَّة أمام أهل المدِينة بَلْ وَأمام كُلَّ البشرِيَّة عَلَى مر العصُور فِى ضوء معرِفتنا بِبُوتامِينا وَبربِتوا وَكُلَّ من سَلَكَ فِى حِفظ حِشمة جَسَدِهِ تُرى كيف سيدِين الله أى إِنسانة إِستهانت بِعِفِتها أوْ تعرَّت بِإِرادِتها وَأفسدت صورة مجد الله وَدنَّست هيكلِها0 القس أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا أنطونيوس محرم بك الاسكندرية عن كتاب ثياب الحشمة
المزيد
26 يناير 2020

مَجِّدُوا الله فِي أجسادكُمْ

مُقَدِمة أجسادنا مُقدَّسة يلِيق بِها كُلَّ كرامة فَتَعالوا معنا لِنَتَجَوَّل معاً فِى هذا الكِتاب لِنَعرِف كيف نُكَرِّم هذا الجسد وَكيف يسلُك بِوَقار وَحِشمة لأِنَّهُ هيكل الله تعالوا نَعرِف ما هُوَ مفهُوم الجسد فِى المسِيحِيَّة وَما الَّذِى يُناسِب هذا الجسد مِنْ ملابِس تلِيق بِكَرامته وَقداسته وَكيف نهتم بِالزِينة الدَّاخِلِيَّة وَنَتَعرَّف عَلَى تعالِيم الآباء حول الحِشمة إِنَّها دعوة إِلَى شبابنا وَشاباتنا وَفِتياننا وَفتياتنا لِيعرِفوا مِقدار كرامة أجسادهُمْ فَتسلُك كُلَّ شابَّة بِوَقار وَحِشمة شاهِده بِمظهرها عَنْ حقائِق ثمِينة آمَنت بِها وَاقتنعِت وَسَلَكت بِمُقتضاها إِنَّهُ حقاً شىء مؤسِف أنْ تظهر الشَّابة المسِيحِيَّة الَّتِى لها كنُوز البركات وَالمواعِيد الصَّادِقة وَلها قدوة مِنْ ربوات العذارى الحكِيمات فِى المُجتمع بِمظهر غير لائِق مِمَّا يُسِىء إِلَى مسِيحها وَمسِيحِيتها وَلاَ ننسى أنَّ المظهر الخارِجِى يُعَبِّر عَنْ الجوهر الدَّاخِلِى وَالنَّاس لاَ ترى الجوهر بَلْ المظهرفَنَحنُ علينا مسئولِيَّة مِنْ خِلال مظهر الشَّابَّة المسِيحِيَّة أنْ نُعلِنْ عَنْ مسِيحَنَا وَإِنجِيلَنَا وَكنِيسَتنا وَقِدِيسِينا لأِنَّها رِسالة المسِيح وَبِحسب تعبِير مُعلِّمنا بُولِس الرَّسُول صِرنا منظراً لِلعالم لِلملائِكة وَالنَّاس( 1كو 4 : 9 ) فَعَلينا أنْ نعتنِي بِأمور حَسَنة قُدَّام جمِيع النَّاس ( 2كو 8 : 21 ) فَأنتُمْ شُهُود المسِيح وَرُبما اليوم فِى المُجتمع لاَ نستطِيع أنْ نَتَعرَّف عَلَى الشَّاب المسِيحِى بِسِهُولة لأِنَّهُ يُشابِه الآخرِين فِى المظهر الخارِجِى أمَّا بِالنِسبة لِلشَّابَّة فَصَارت أكثر وضُوحاً وَلَكِنْ هل هذا مكسب لنا أم خِسارة هل إِستفدنا بِهذا التميُّز الَّذِى يُمكِنْ أنْ نُعلِن بِهِ مجد الله فيِنا0وَرُبما يعرِف الكثِيرُون ما يُقال عَنْ شابَّة مسِيحِيَّة غير مُلتزِمة فِى ملابِسها أرجو أنْ يستخدِم الله هذِهِ الكلِمات لِتغيِير أفكار وَملامِح كُلَّ شابَّة مسِيحِيَّة فَقَدت طرِيقها وَبِحسب تعبِير القدِيس كبريانُوس إِحفظن أنفُسَكُنَّ أُسلُكنَ بِوَقارإِجعلنَ المسِيح يُكَافئ فِيكُنَّ الله الغنِى فِى النِعمة المُتأنِّى عَلَى كُلَّ أحد يستخدِم هذِهِ الكلِمات لِمجد إِسمه القُدُّوس مَجِّدُوا الله فِي أجسادكُمْ بِحسب تعبِير القِدِيس إِيرِيناؤس أنَّ الجسد هُوَ علامة الشخص وَظُهوره بِمعنى أنَّ الجسد هُوَ الهيكل المادِى الَّذِى يحوى نسمة الحياة الإِلهِيَّة الَّتِى نفخها الله فِى الإِنسان ( تك 2 : 7 ) وَقد يتهِمْ البعض الجسد أنَّهُ مصدر كُلَّ الشرُور أوْ يتعامل أحد مَعْ جسده بِإِحتِقار وَهذا يتعارض مَعْ الفِكر المسِيحِى الإِنجِيلِى السلِيم لأِنَّ الإِنجِيل يُعَلِّمنا أنَّ مصدر الخطِيَّة ليسَ فِى الجسد بَلْ فِى القلب الَّذِى هُوَ مركز النَّفْس فَمِنْ القلب تخرُج سَرِقة وَزِنا وَقتل ( مت 5 : 28 ) وَما الجسد إِلاَّ وسِيلة تعبِير عَنْ رغبات القلب لِذلِك الرَّبَّ يَسُوع يُقَدِّم لنا عِلاجاً لِلخطايا بِإِقتلاع جذُورها مِنْ القلب فَنَجِده يُعالِج القتل بِإِقتلاع جِذره مِنْ القلب الَّذِى هُوَ الغضب وَكَذلِك الزِنا وَالسَرِقة وَغيرِها مِنْ هُنا علينا أنْ ننظُر نظرة جدِيدة لأجسادنا أكثر إِكراماً وَوَقاراً يكفِى أنَّ الله حِينَ أعلن محَّبتهُ لِلبشرِيَّة أخذَ جسداً وَحلَّ بيننا بِهذا الجسد أكل وَشرب وَنام وَتعب فَصَارَ الجسد شيئاً مُقدَّساً وَصَارَ مسكناً لله وَهيكل لَهُ فَتَباركت طبِيعِتنا بِحلُول الله المُتَّجَسِد فِى وسطنا وَحِينَ قدَّم إِبن الله جَسَده المُقدَّس وَدَمَهُ الكرِيم لِنأكُلَهُ وَنشربهُ بِسِرٍ إِلهِى فائِق الإِدراك لِيتحِد بِنا وَبِأجسادنا صَارت أجسادنا تقتات مِنْ الخُبز السَّماوِى كُلَّ مَنْ يأكُلَهُ لاَ يجوع وَيحيا إِلَى الأبد فَصَارت أجسادنا تحيا فِى العالم وَلكِنَّها محسوبة أنَّها ليست مِنْ هذا العالم فَأخذنا فِى أجسادنا ما يصعُب التعبِير عنهُ وَبدأنا مُشاركه سعادة الحياة الأبدِيَّة وَعدم الفساد وَلاَ ننسىَ أنَّ أجسادنا حِينَ دُفِنت فِى مِياه المعمودِيَّة نالت الصِفة المُقدَّسة الَّتِى لاَ تُمحىَ وَصَارت لاَبِسة لِلمسِيح وَحِينَ دُهِنت بِزيت الميرُون المُقدَّس الَّذِى مصدره الأطياب وَالحنُوط الَّتِى وُضِعت عَلَى جسد المسِيح المُقدَّس00فَأخذنا فِى أجسادنا نِعمة التلامُس مَعْ جسد المسِيح وَبِحسب تعبِير مُعَلِّمنا يُوحنَّا الرَّسُول أمَّا أنتُمْ فَلَكُم مسحة مِنْ القدُّوس ( 1يو 2 : 20 ) فَأجسادنا ممسُوحة بِها سِتة وَثَلاَثُون رشماً بِالميرُون المُقدَّس عَلَى جمِيع أعضائها إِعلاناً لِتقدِيس هذا الجسد بَلْ وَتكرِيسه لِلمسِيح وَكأنَّ أعضاءنا مختومة لِحِساب المسِيح لِتحيا فِى ملكِيَّة المسِيح وَلنا أنْ نعلم أنَّ زيت الميرُون هذا هُوَ الَّذِى يُدَّشِن الكنائِس وَالمذابِح وَالأوانِى المُقدَّسة فَأرادت الكنِيسة أنْ تُكَرِّس أجساد أولادها عَلَى مِثال تكرِيس الأوانِى المُقدَّسة أى كرامة وَمجد تلِيق بِهذا الجسد الَّذِى إِستمدَ مجده وَكرامته مِنْ جسد المسِيح نَفْسَهُ فَعلينا أنْ نُدرِك أنَّ أجسادنا هِىَ أعضاء فِى جِسمه وَمِنْ لحمه وَمِنْ عِظامه لِذلِك سمح الله لِهذا الجسد أنْ يشترِك فِى مجد الحياة الأبدِيَّة بعد أنْ تتغيَّر طبِيعته وَيلبِس عدم فساد وَمجد بِما يُناسِب طبِيعة الحياة الأبدِيَّة نعم سيُغَيِّر شكل جسد تواضُعنا لِيَكُون عَلَى صورة جسد مُمجَّد ( فى 3 : 21 )هُنا نفهم ماذا يُرِيد مُعَلِّمنا بُولِس الرَّسُول حِينَ أوصانا مجِّدُوا الله فِى أجسادكُم( 1كو 6 : 20 ) وَنجِد أنَّ أجساد القِدِيسِين وَالشُهداء وَعِظامِهِمْ صَارت سبب بركة وَشِفاء بَلْ وَأعطت حياة كما حدث مَعْ عِظام ألِيشع النَّبِي الَّتِى أقامت ميت حقاً إِنَّهُمْ مجَّدُوا الله فِى أجسادهُمْ بِأعمال الجِهاد وَالنُسك وَأعراق التقوى وَآلام الإِستشهاد فَصَارت أجساد تحمِل قوة عمل الله فِيها ربِّنا يسنِد كُلّ ضعف فِينا بِنِعمِته لَهُ المجد دائِماً أبدِيَّاً آمِين. القس أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا أنطونيوس محرم بك الاسكندرية عن كتاب ثياب الحشمة
المزيد
19 يناير 2020

نَجَاة أعْظَمْ فِي الكَنِيسَة

قَدِيماً كَانَ الهَارِب مُلْتَزِماً أنْ يَبْقَى فِي المَدِينَة حَتَّى مَوْت رَئِيسُ الكَهَنَة فَيَخْرُج مِنْهَا وَمَسِيحْنَا رَئِيسُ الكَهَنَة الأعْظَمْ مَاتَ مَرَّة لِيَدْخُلْ بِنَا لَيْسَ فِي مَدِينَة بَلْ دَاخِلَهُ فَتَرَكَ لَنَا الكَنِيسَة جَسَدَهُ عَلَى الأرْض إِمْتِدَاداً لِجَسَدِهِ الَّذِي لاَ يَمُوت حَتَّى لاَ يَخْرُج أحَدٌ مِنْهُ وَتَرَكَ لَنَا جَنْبَهُ المُقَدَّس كَبَاب مَفْتُوح لِكُلَّ النِّفُوس الهَارِبَة إِلَيْهِ مِنْ الدَيْنُونَة فَتَدْخُلْ إِلَيْهِ وَتَسْكُنْ فِي عَرْش نِعْمَتِهِ وَنَتَمَتَّعْ بِحِمَايَتِهِ إِلَى الأبَدْ . بَرَكِة العَهْد الجَدِيد :- فِي القَدِيمْ كَانَ القَاتِل يَهْرَب مِنْ وَجْه الوَلِيِّ إِلَى مَدِينَة المَلْجَأ لِيَحْتَمِي فِيهَا حَتَّى تَتِمْ مُحَاكَمَتُه وَإِنْ وُجِدَ بَرِيئاً يَبْقَى إِلَى مَوْت رَئِيسُ الكَهَنَة وَلكِنْ إِنْ وُجِدَ مُذْنِباً كَقَاتِل مُتَعَمِّدْ تَحْكُمْ الشَّرِيعَة عَلَيْهِ بِالقَتْل { فَافْعَلُوا بِهِ كَمَا نَوَى أَنْ يَفْعَلَ بِأَخِيهِ فَتَنْزَعُونَ الشَّرَّ مِنَ وَسْطِكُمْ وَيَسْمَعُ الْبَاقُونَ فَيَخَافُونَ وَلاَ يَعُودُونَ يَفْعَلُونَ مِثْلَ ذلِكَ الأَمْرِ الْخَبِيثِ فِي وَسْطِكَ لاَ تُشْفِقْ عَيْنُكَ نَفْسٌ بِنَفْسٍ عَيْنٌ بِعَيْنٍ سِنٌّ بِسِنٍّ يَدٌ بِيَدٍ رِجْلٌ بِرِجْلٍ } ( تث 19 : 19 – 21 ) وَلكِنْ أُنْظُر الآنْ فِي نِعْمَة وَبَرَكِة العَهْد الجَدِيد يَتَنَازَل الله وَيُطِيلْ أنَاتُه عَلَى الجَمِيع بِالرَّحْمَة لأِنَّهُ أعْطَانَا أنْ نَحْيَا الزَّمَان المَقْبُول وَكُلَّ يَوْم يُدْعَى يَوْم خَلاَص وَجَعَلَ الفُرْصَة قَائِمَة لَنَا فَلَيْتَنَا نَسْتَفِيدْ مِنْ كَنِيسَتُه المُقَدَّسَة الَّتِي تَرَكَهَا لَنَا أفْضَلْ مِنْ مُدُن مَلْجَأ العَهَد القَدِيم وَنَتَمَتَّعْ بِأُبُوِتُه وَعِنَايَتُه التَّامَّة بِمَا نُظْهِرَهُ مِنْ الإِيمَان العَدِيمْ الرِّيَاء نَحْتَمِي فِي كَنِيسَتُه المُقَدَّسَة حَيْثُ صَارَ لَنَا القَّاضِي هُوَ الفَّادِي هُوَ أبُونَا وَمُخَلِّصْنَا يَسُوع الْمَسِيح الَّذِي عِوَض الإِنْتِقَام وَعَدَم الشَفَقَة فَتَحَ أبْوَاب مَرَاحِمَهُ الَّتِي لاَ تُغْلَق لِنَنْعَمْ لاَ بِالبَرَاءَة فَقَطْ بَلْ وَحَقّ الإِشْتِرَاك فِي أمْجَادِهِ إِنَّهُ أب مَغْلُوب مِنْ مَحَبَّتِهِ لأِوْلاَدُه فَصَنَعَ مَعَهُمْ أكْثَر جِدّاً مِمَّا يَسْألُون أوْ يُفَكِّرُون لأِنَّهُ أبو الرَّأفَة مُبَارَك ذَاكَ الَّذِي أعْطَانَا زَمَاناً لِلتَوْبَة لِنَسْتَجِيبْ لِنِدَاء رُوحُه القُدُّوس فِي دَاخِلْنَا وَنُسْرِع إِلَيْهِ وَلاَ نُؤَجِلْ فَنَنَال الحِمَايَة وَالبَرَاءَة لأِنَّ وَعْدُه أمِين أنَّ كُلَّ مَنْ يُقْبِل إِلَيْهِ لاَ يُخْرِجَهُ خَارِجاً لِلجَمِيعْ سَوَاء إِقْتَرَفُوا الخَطَايَا سَهْواً أوْ عَمْداً إِنَّهُ يَتَأنَّى وَيَدْعُو – بَلْ يَتَرَجَّى – فَمُبَارَك مَنْ سَمَعَ وَعَمَلَ وَلَبَّى النِدَاء وَإِلاَّ يَقِفْ فِي اليَوْم الأخِير خَارِجاً نَادِماً لاَ يَسْتَطِيعْ أحَدٌ أنْ يَصِفْ المَرَارَة وَالحَسْرَة الَّتِي يُعَانِي مِنْهَا مِثْل مَنْ أضَاعَ بِيَدِهِ فُرَص خَلاَصُه المُتَاحَة لَهُ طُول زَمَان حَيَاتُه وَهُوَ سَيَحْكُمْ عَلَى نَفْسُه لاَ تُشْفِقْ عَيْنُك . لاَ يَنْتَظِرْنَا فَقَطْ بَلْ وَأيْضاً مَنْ صَلَبُوه :- أُمِّة إِسْرَائِيل الَّتِي ضَرَبَتْ الْمَسِيح وَقَتَلَتْهُ حِينَ كَانَ قَدْ تَنَازَل لُطْفُه أنْ يَصِير قَرِيباً لَهَا وَيَسْكُنْ فِي وَسَطْهَا فَصَارَ عَلَيْهَا دَمَهُ وَهيَ إِلَى الآنْ مُهَاجِرَة أرْضَهَا وَلاَ تَزَال خَارِجَة عَنْهَا وَرَئِيسُ الكَهَنَة قَائِمْ يُمَارِس كَهَنُوتُه الآنْ دَاخِل الأقْدَاس حَيْثُ هُوَ الآنْ وَهُنَا تَعُود نِعْمَة الله تَعْمَلْ فِي بَقِيَّة هذِهِ الأُمَّة إِنْ رَجَعَتْ إِلَى نَفْسَهَا وَاعْتَرَفَتْ بِخَطَايَاهَا فَسَيَسْحَبْ الله مِنْ نِعْمَتِهِ أنَّهُمْ قَتَلُوه سَهْواً بِغَيْر عِلْم غَيْر مُبْغِضِينَ لَهُ وَيُرْجِعَهُمْ إِلَى نَصِيبَهُمْ وَيَرْحَمَهُمْ وَالرُّوح القُدُس أشَارَ لَهُمْ عَلَى لِسَان القِدِيس بُطْرُس الرَّسُول أنَّهُ يُرِيدْ أنْ يَحْسِبْ ذَنْبُهُمْ مِنْ نُوع السَهْو وَالجَهْل حَيْثُ قَالَ لَهُمْ { الآنَ أَيُّهَا الإِخْوَةُ أَنَا أَعْلَمُ أَنَّكُمْ بِجَهَالَةٍ عَمِلْتُمْ كَمَا رُؤَسَاؤُكُمْ أَيْضاً وَأَمَّا اللهُ فَمَا سَبَقَ وَأَنْبَأَ بِهِ بِأَفْوَاهِ جَمِيعِ أَنْبِيَائِهِ أَنْ يَتَأَلَّمَ الْمَسِيحُ قَدْ تَمَّمَهُ هكَذَا فَتُوبُوا وَارْجِعُوا لِتُمْحَى خَطَايَاكُمْ لِكَيْ تَأْتِي أَوْقَاتُ الْفَرَجِ مِنْ وَجْهِ الرَّبِّ } ( أع 3 : 17 – 19) وَلكِنَّهُمْ فِي حَمَاقَتِهِمْ لَمْ يَقْبَلُوا هذَا الكَلاَم بَلْ إِسْتَمَرُّوا فِي عِنَادِهِمْ فَأدْرَكَهُمْ الغَضَبْ إِلَى النِّهَايَة – وَلكِنْ لَيْسَ إِلَى الأبَدْ – وَهذَا مَا يُوضِحَهُ لَنَا مُعَلِّمْنَا بُولِس الرَّسُول فِي رِسَالَتِهِ البَدِيعَة إِلَى أهْل رُومِيَة { فَإِنِّي لَسْتُ أُرِيدُ أَيُّهَا الإِخْوَةُ أَنْ تَجْهَلُوا هذَا السِّرَّ لِئَلاَّ تَكُونُوا عِنْدَ أَنْفُسِكُمْ حُكَمَاءَ أَنَّ الْقَسَاوَةَ قَدْ حَصَلَتْ جُزْئِيّاً لإِسْرَائِيلَ إِلَى أَنْ يَدْخُلَ مِلْؤُ الأُمَمِ وَهكَذَا سَيَخْلُصُ جَمِيعُ إِسْرَائِيلَ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ سَيَخْرُجُ مِنْ صِهْيَوْنَ الْمُنْقِذُ وَيَرُدُّ الْفُجُورَ عَنْ يَعْقُوبَ وَهذَا هُوَ الْعَهْدُ مِنْ قِبَلِي لَهُمْ مَتَى نَزَعَتُ خَطَايَاهُمْ }( رو 11 : 25 – 27 ) فَهَا هُوَ يُعْلِنْ نَفْسَهُ مُخَلِّصاً لِصَالِبِيهِ لِكُلَّ غَلِيظ الرَّقَبَة مُعَانِدْ لِكُلَّ مُتَهَاوِنْ وَلِي أنَا أيْضاً وَلِجَمِيعْ المُؤمِنِينَ بِإِسْمِهِ فَإِقْبَلْنَا إِلَيْكَ أيُّهَا الصَّالِحٌ مُحِبُ البَشَرإِذْ نَدْنُو إِلَى مَذْبَحِكَ المُقَدَّس كَكَثْرِة رَحْمَتِكَ القس أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا أنطونيوس محرم بك الاسكندرية عن كتاب مدن الملجأ
المزيد
05 يناير 2020

دُخُول المَدِينَة

عِنْدَ البَاب :- { يَقِفُ فِي مَدْخَلِ بَابِ الْمَدِينَةِ وَيَتَكَلَّمُ بِدَعْوَاهُ فِي آذَانِ شُيُوخِ تِلْكَ الْمَدِينَةِ فَيَضُمُّونَهُ إِلَيْهِم إِلَى الْمَدِينَةِ وَيُعْطُونَهُ مَكَاناً فَيَسْكُنُ مَعْهُمْ } ( يش 20 : 4 )عِنْدَ البَاب يَقِفُ شُيُوخ كَهَنَة وَلاَوِيِّين يُرَحِبُّوا بِسَلاَمِة الوُصُول وَإِعْطَاء الإِطْمِئْنَان وَالسَّلاَم وَهُنَا يَتِمْ فَحْص الأمر مَعَ القَاتِل لِيُثْبِتْ لَدَيْهِمْ أنَّهُ لَمْ يَقْتُل عَنْ عَمْد أوْ تَرَصُّدْ أوْ بُغْضَه ( تث 19) ثُمَّ يُفْسَحٌ لَهُ مَكَاناً وَيَسْتَقِرُ فِيهِ أمَّا إِذَا وُجِدَ القَاتِل مُذْنِباً إِذْ قَتَلَ عَمْداً وَلَهُ بُغْضَه فَكَانُوا يُسَلِّمُونَهُ إِلَى وَلِيِّ الدَّم لِيَقْتُلَهُ وَهذِهِ دَعْوَة لِلدُّخُول فِي أعْمَاق قَاتِل النَّفْس وَهُوَ يَتَحَدَّث مَعَ كَاهِنْ إِسْتَقْبَلَهُ عِنْدَ الوُصُول إِلَى بَاب المَدِينَة :- القَاتِل وَهُنَا بَدَأَ القَلَق يَدْخُلَنِي بَعْد أنْ شَعَرْت بِالإِطْمِئْنَان فَذَهَبْتُ إِلَى كَاهِنْ مَا هذَا الَّذِي يَحْدُث ؟هَلْ سَتُسَلِمُونِي إِلَى وَلِيِّ الدَّم بَعْد أنْ إِلْتَجَأت إِلَيْكُمْ ؟ الكَاهِنْ فَإِذَا بِهِ يَحْتَضِنِّي وَيَهْمِس لاَ تَخَفْ لاَ تَخَفْ نَحْنُ مَعَك الله أقَامَنَا لِنَحْمِي أوْلاَدُه الَّذِينَ إِلْتَجَأُوا إِلَى مَدِينَتِهِ نَحْنُ مَوْضُوعُون لأِثْبَات بَرَاءَتَك وَسَنَسْمَعَك وَنَتَمَهَّلْ وَنَتَحَقَّق وَلاَ نُورِدْ حُكْم إِفْتِرَاء بَلْ مَا يُفَرِّحْنَا دِخُولَك مَدِينَتْنَا فَهِيَ مُقَامَة مِنْ أجْلَك وَأقْسَى أمر عَلَيْنَا هُوَ مَا تَخَاف أنْتَ مِنْهُ . القَاتِل وَكَيْفَ يُصْدِرُونَ حُكْماً فِي أمرٍ لَمْ يَرَوْنَهُ ؟ الكَاهِنْ أنْتَ تَتَعَجَّبْ مِنْ رُوحٌ الإِفْرَاز وَالمَشُورَة وَالإِلْهَام الإِلهِي الَّتِي أنْعَمْ بِهَا الرَّبَّ عَلَى هؤُلاَء الشُّيُوخ فَتَجِدْهُمْ يُمَيِّزُون المَلاَمِحٌ الصَوْت القِصَّة وَإِنْ إِخْتَلَطَ الأمر يَسْألُون وَيَتَمَهِّلُون . القَاتِل سَامِحْنِي لِكَثِرِة أسْئِلَتِي فَالأمر يَتَعَلَّق بِمَصِير حَيَاتِي كُلَّهَا . الكَاهِنْ إِسْأل كَيْفَمَا تَشَاء فَأنَا أُرِيدُ رَاحَتَك . القَاتِل هَلْ أغْلَب الَّذِينَ أتُوا إِلَى المَدِينَة دَخَلُوا أم أُسْلِمُوا إِلَى وَلِيِّ الدَّم ؟ الكَاهِنْ بِالطَبْع أغْلَبَهُمْ دَخَلُوا .. لأِنَّهُمْ صَدَّقُوا الوَعْد بِالحِمَايَة وَأتُوا بِسُرْعَة إِلَى مَدِينَة المَلْجَأ وَلَمْ يُؤَجِّلُوا وَلَمْ يَرْتَبِكُوا بِشَيْءٍ فِي الطَّرِيق فَأغْلَب الَّذِينَ سُلِّمُوا لِيَدِ وَلِيِّ الدَّم سَلَّمُوا أنْفُسَهُمْ بِأنْفُسَهُمْ مِنْ خِلاَل الإِسْتِهْتَار أوْ طَلَبَ الحِمَايَة فِي مَكَانٍ آخَر . القَاتِل مَاذَا يُقْصَدْ بَالقَتْل عَنْ عَمْدٌ ؟ الكَاهِنْ أي الَّذِي دَبَّر وَسَعَى وَتَحَدَّى مِثْلَ مَنْ ضَرَبَ بِأدَاة حَدِيدْ أوْ حَجَر يَدْ كَأنْ يُقْذَف بِهِ بِشِدِّة وَيَضْرَبَهُ حَتَّى يَمُوْت وَلَمْ يَسْمَعْ لِمَشُورِة الحُكَمَاء وَألْقَى الكَلاَم خَلْفَهُ وَسَمَعَ لِمَشُورِة المُعَانِدِينْ وَلَكَ أنْ تَعْرِف أنَّ وَلِيِّ الدَّم يَطْلُبْ مَا لَهُ مِنْ حَقٌ وَعِنْدُه شُهُود وَإِنْ كُنَّا لاَ نَضْمَنْ شَهَادَتِهِمْ وَلكِنْ نَحْنُ أيْضاً لَنَا شُهُود . القَاتِل لَمْ أسْتَطِعْ أنْ أتَذَكَّر تَفَاصِيل الحَادِث مِنْ شِدِّة إِرْتِبَاكِي وَلكِنْ غَالِباً كَانَ هُنَاك مَجْمُوعَة مِنْ طَرَفُه وَآخَرُونَ مِنْ طَرَفِي وَالله يَعْلَمْ وَيَشْهَدْ إِنِّي لَمْ أقْصِدْ أبَداً قَتْلَهُ . الكَاهِنْ سَنَسْمَعْ وَلاَ نَأخُذْ بِكَلاَم أحَدٌ إِلاَّ المَشْهُود لَهُ بِالأَمَانَة وَالإِسْتِقَامَة وَحِينَ تَتَفِقٌ شِهَادَتِهِمْ مَعَ شُعُورْنَا الدَّاخِلِي يَصْدُر الحُكْم . القَاتِل وَمَاذَا تَرَى فِي أمْرِي ؟ كَيْفَ سَيُحْكَمُ عَلَيَّ ؟ الكَاهِنْ أنْتَ سَيُسْمَحُ لَكَ بِالدُّخُول وَالحِمَايَة فِي المَدِينَة يَظْهَرُ ذلِك مِنْ سُرْعِة مَجِيئَك وَكَثْرِة أسْئِلَتَك وَثَبَات عَزِيمَتَك فِي النَّجَاة . القَاتِل أشْكُرَك أشْكُرَك هَلْ سَنَلْتَقِي ثَانِيَةً ؟ الكَاهِنْ بِالطَّبْع دَاخِلْ المَدِينَة . ضَرُورِة الإِعْتِرَاف :- هذِهِ المَرْحَلَة تُمَثِّلْ بِالنِسْبَة لَنَا لِقَاء الإِعْتِرَاف أي لِقَاء كَهَنِة الكَنِيسَة قَبْل التَّقَدُم لِلأَسْرَار الإِلَهِيَّة وَالتَّمَتُّع بِبَرَكَات الخَلاَص لاَبُدْ مِنْ تَحْقِيق يُعْلِنْ صِدْق الرَّغْبَة فِي الدُّخُول لِلكَنِيسَة وَالإِحْتِمَاء فِيهَا وَطَلَبْ النَّجَاة وَهذَا مَا يَشْعُر بِهِ الكَاهِنْ فِي إِنْكِسَار المُعْتَرِف حِينَ يُعْلِنْ نَدَمُه وَحُزْنُه عَلَى كُلَّ مَا صَدَرَ مِنْهُ بِجَهْل وَيَطْلُبْ المَعُونَة لِلتُوْبَة وَيَلْتَمِس غُفْرَان الله إِمَّا أنْ يَشْعُر أنَّ هُنَاك تَهَاوُن وَعِنَادهذَا لاَ يُسْمَح لَهُ بِالإِشْتِرَاك فِي الأسْرَار المُقَدَّسَة بَلْ يَأخُذْ فِتْرِة حِرْمَان لِيَتَأدَّبْ وَيَعْرِف أنَّ القُدْسَات لِلقِدِّيسِين أي الَّذِين رَفَضَوا خَطَايَاهِمْ وَجَاهَدُوا ضِدَّهَا وَأتُوا مُنْكَسِرِينْ وَمُقِرِينَ بِهَا يُسْمَحُ لَهُمْ بِالدُّخُول وَالتَّمَتُّعْ بِبَرَكَات الخَلاَص . دُخُول المَدِينَة :- وَعِنْدَ الدُّخُول يَضُمُّونَهُ إِلَيْهِمْ تَعَالَ أُدْخُلْ إِلَى فَرَحٌ سَيِّدَك مَدِينَة مُعَدَّة لِلحَيَاة بِالكَمَال كُلَّ شَيْءٍ أُعِدَّ كُلَّ الإِحْتِيَاجَات المَادِيَّة وَالنَّفْسِيَّة وَالرُّوحِيَّة المَدِينَة الَّتِي تُمَثِّلْ الْمَسِيح تَجِدْ فِيهَا كُلَّ مَا يَلْزَمَك وَكُلَّ مَا تَحْتَاج وَلَكَ ضَمَان فِي الْمَسِيح يَسُوع أنَّكَ سَوْفَ لاَ تَشْعُر بِحِرْمَان أبَداً يَضُمُّونَهُ بِمَحَبَّة وَاحْتِضَان وَيُعْطُونَهُ مَكَاناً لِيَسْكُنْ مَعَهُمْ مَا أبْهَجَهَا مَدِينَة وَمَا أرْوَعَهَا بُيُوت مَنَازِل كَثِيرَة مِنْهَا الَّتِي تَمَّ السُكْنَى فِيهَا وَمِنْهَا الخَالِي الَّتِي تَنْتَظِر مَنْ يَأتِي وَيَسْكُنْ فِيهَا وَسُكَّان المَدِينَة كَهَنَة وَلاَوِيِّين يَكْتَسِبَهُمْ أصْحَاب جُدُد يُقِيمْ وَسَطْ حُمَاة الشَّرِيعَة وَمُعَلِّمُوهَا فَيَحْمُونَهُ بِمُوجَبْ القَانُون الإِلهِي وَيَكُونْ أيْضاً تَحْتَ رِعَايَتِهِمْ الرُّوحِيَّة فِي المَدِينَة رَاحَة وَسَلاَم هُدُوء لاَ يَشُوبُه خَطَر هُنَاكَ الأمَان الَّذِي يُنْزَعُ مِنْهُ الخِيَانَة هُنَاكَ سَيْف وَلِيِّ الدَّم المُنْتَقِمْ مَنْ يَسْتَطِيعْ الوُصُول إِلَيْهِ ؟ بَلْ شَعْرَة وَاحِدَة مِنْ رَأسِهِ لاَ تَسْقُطْ لأِنَّهُ فِي حِمَى رَئِيسُ الكَهَنَة الأعْظَمْ وَيُعَاوِنَهُ كَهَنِتُه وَخُدَّامُه وَلَيْسَ هُوَ فَقَطْ فِي إِطْمِئْنَان تَام بَلْ وَأيْضاً جَمِيعْ سُكَّان المَدِينَة يَسُودُ عَلَيْهِمْ سَلاَم وَثِقَة حَيْثُ أنَّهُ تَقَابَلْ مَعَ أُنَاس يَعْرِفَهُمْ وَقَعُوا فِي نَفْس ظُرُوفُه وَجَدَهُمْ فِي حَالٍ أفْضَل جِدّاً مِمَّا كَانَ يَتَوَقَعْ بِالنِسْبَة لَهُمْ وَبِحَسَبْ قَوْل المُرَنِمْ { وَيَكُونُ الرَّبُّ مَلْجَأً لِلْمُنْسَحِقِ مَلْجَأً فِي أَزْمِنَةِ الضِّيقِ } ( مز 9 : 9 ) . المَدِينَة وَالكَنِيسَة :- هُنَا نَجِدْ فِي مَدِينَة المَلْجَأ صُورَة لِلكَنِيسَة مَدِينَة الله عَلَى الأرْض الَّتِي أسَّسَهَا عَرِيسَهَا وَهَيَّأَهَا وَوَضَعَ فِيهَا كُلَّ أسْرَارُه المُقَدَّسَة المُعْطِيَة الحَيَاة لِيَجِدْ كُلَّ إِنْسَان خَاطِئ رَاحَة لِنَفْسِهِ وَنِهَايَة لأِتْعَابِهِ دَاخِلْ المَدِينَة الأمَان التَّام وَاليَقِينْ آتٍ عَنْ طَرِيق كَلِمَة الله فَهُوَ يَعْلَمْ بِزَوَال الخَطَر عَنْهُ لأِنَّ الله أخْبَرَهُ بِذلِك وَلاَ يُحْسَبُ أمر تَأكُدِهِ فِي نَجَاتِهِ مِنْ الغُرُور فِي شَيْءٍ فَطُمَأنِينَتِهِ حَقِيقِيَّة لاَ شَكَ فِيهَا وَهُنَا نَرَى إِمْتِدَاد لِعَمَلْ الله مَعَنَا فِي ضَمَان كَلِمَة الله الثَّابِتَة بِأمر سَلاَمَتِنَا وَنَجَاتِنَا بِمُجَرَّدْ أنْ نَلْتَجِئُ إِلَيْهِ وَنَدْخُلْ كَنِيسَتَهُ نَجِدْ الحَيَاة بَعْدَ المَوْت – هذَا وَعْد الله لَنَا – أنَّ الَّذِي يَهْرُب إِلَى هُنَاك يَحْيَا وَأمَام هذِهِ المَحَبَّة وَالرَّحْمَة لَيْسَ لِي إِلاَّ أنْ أتَضَرَّع بِكَلاَم دَاوُد النَّبِي القَائِلْ { أُذْكُر لِعَبْدَك كَلاَمَك الَّذِي جَعَلْتَنِي عَلَيْهِ أتَكِلْ هذَا الَّذِي عَزَّانِي فِي مَذَلَتِي } ( مز 119 : 49 ) . فِي المَدِينَة :- فِي المَدِينَة المَكَان رَحِيب نَدْخُل وَنَخْرُج هُنَاك فِي بَهْجَة وَأمَان الكُلَّ مَدْيُون بِحَيَاتُه الكُلَّ يَتَحَدَّث عَنْ فَرْطٌ صَلاَحٌ الله وَرَحْمَتَهُ الَّذِي دَبَّرَ هذَا الفِدَاء العَجِيبْ حِينَ تَسْمَعْ هُنَاك أصْوَات تَسْبِيح تَجِدُه بِالحَقِيقَة تَسْبِيحاً جَدِيداً إِنَّهَا تَسْبِحَة الغَلْبَة وَالخَلاَص وَتَعْرِف مَعْنَى تَعْلِيَات الله فِي حَنَاجِرَهُمْ وَالَّذِي سَبَقَ وَرَتَّلْ " أُعَظِّمَك يَارَبَّ لأِنَّكَ إِحْتَضَنْتَنِي " هُنَا رُبَّمَا لاَ يَجِدْ لِسَان يَنْطِق بِهَا فَيَجِدْ نَفْسُه يَحْتَاج إِلَى لُغَة جَدِيدَة وَلِسَان جَدِيد يُعَظِّمْ الَّذِي رَفَعَهُ مِنْ أبْوَاب المَوْت وَالَّذِي أنْقَذَ نَفْسَهُ مِنْ المَوْت وَعَيْنَيْهِ مِنَ الدُمُوع وَرِجْلَيْهِ مِنَ الزَلَلْ الكُلَّ لاَ يَسْتَطِيعْ أنْ يَسْكُتْ بَلْ يُرِيدْ أنْ يُحَدِّث بِفَضْل مَنْ دَعَاه وَيُخْبِر بِكَمْ صَنَعَ بِهِ الرَّبَّ وَرَحَمَهُ وَنَحْنُ الآنْ فِي كَنِيسِة الْمَسِيح الغَنِيَّة بِالأسْرَار المُقَدَّسَة لَنَا أنْ نُعَبِّر عَنْ سَلاَمَتِنَا وَطُمَأنِينَتِنَا بِمِثْل هذِهِ الكَلِمَات الدَّالَة عَلَى الثِّقَة التَّامَة وَاليَقِينْ الكَامِلْ فَهَيَّا نَحْتَمِي فِي الكَنِيسَة وَنَطْمَئِنْ دَاخِلْهَا وَنَثِق بِخَلاَصِنَا المُعَدْ لَنَا دَاخِلهَا فَنَفْرَحٌ وَنَتَهَلِّلْ وَنُسَبِّح تَسْبِيحاً جَدِيداً وَنُخْبِر بِكَمْ صَنَعَ مَعَنَا الرَّبَّ وَرَحَمَنَا وَإِنْ سَمَعْنَا أحَدٌ وَتَسَاءَل مَنْ هؤُلاَء وَلِمَاذَا يُسَبِّحُون هكَذَا ؟ يُقَالُ لَهُمْ هؤُلاَء الَّذِينَ أُشْتُرُوا مِنْ بَيْنَ النَّاس ( رؤ 14 : 5 ) هُمْ الَّذِينَ بَيَّضُوا ثِيَابَهُمْ فِي دَمِ الخَرُوف ( رؤ 7 : 14) فَهُمْ يُعَبِّرُونَ عَنْ فَرَحِهِمْ بِخَلاَصِهِمْ وَعَمَلْ إِلَهَهُمْ مَعَهُمْ لِذلِك هُمْ يَهْتِفُونَ وَيُصَوِّتُونَ وَيَنْشِدُونَ هُمْ لاَ يُخْبِرُونْ عَنْ أنْفُسَهُمْ فِي شَيْءٍ بَلْ يَتَحَدَّثُونَ بِفَضْل الَّذِي دَعَاهُمْ وَوَهَبَ لَهُمْ طَرِيقاً وَمَدِينَة وَأخْرَجَهُمْ مِنْ سُلْطَان المَوْت وَالظُّلْمَة . مَوْت رَئِيسُ الكَهَنَة الأعْظَمْ :- وَهُنَاكَ حَدِيثاً آخَر هُوَ مِحْوَر لَهْفِة وَشَغَفْ الجَمِيعْ وَهُوَ مَوْت رَئِيسُ الكَهَنَة العَظِيمْ الَّذِي بِهِ يَنَال الجَمِيعْ العِتْق وَالحُرِّيَّة{ يُقِيمُ هُنَاكَ إِلَى مَوْتِ الْكَاهِنِ الْعَظِيمِ الَّذِي مُسِحَ بِالدُّهْنِ الْمُقَدَّسِ } ( عد 35 : 25 )هَلْ رَأيْتَ مَوْتاً يُعْطِي فَرَحاً ؟ هَلْ سَمِعْتَ عَنْ أحَدٌ يُرِيدْ مَوْت مَنْ يُحِبُّه وَيُمَجِّدَهُ ؟ وَهُنَا نَتَسَاءَل لِمَاذَا يَنْتَظِر حَتَّى مَوْت رَئِيسُ الكَهَنَة ؟ رَئِيسُ الكَهَنَةهُوَ الأب الرُّوحِي لِجَمِيعْ شَعْبِهِ الَّذِي يُقَدِّم عَنْهُمْ الذَّبَائِح دَائِماً لِلتَّكْفِير عَنْ أخْطَائِهِمْ وَسَهَوَاتِهِمْ ( لا 16 : 17) وَوُجُودْ القَاتِل سَهْواً فِي مَدِينَة المَلْجَأ مَدَى حَيَاة رَئِيس الكَهَنَة فَلِكَيْ يَكُون تَحْتَ رِعَايَتِهِ الرُّوحِيَّة دَائِماً وَمَوْضُوع صَلاَتُه وَشَفَاعَاتُه وَتَكْفِيرُه لأِنَّ رَئِيسُ الكَهَنَة هُوَ المُعَلِّمْ لِلشَّرِيعَة وَالمَسْؤُل عَنْ تَنْفِيذِهَا وَوُجُودْ القَاتِل فِي حِمَاه يَدُل عَلَى أنَّهُ فِي حِمَى شَرِيعَة الله وَفِي ظِلِّهَا لاَ يَجُوز لأِحَدٌ أنْ يَعْتَدِي عَلَيْهِ وَفِي عَوْدِة الرَّجُل إِلَى بَيْتِهِ بِمُجرَّدْ وَفَاة رَئِيس الكَهَنَة إِشَارَة إِلَى أنَّهُ إِسْتَفَادَ فِعْلاً بِتَكْفِيرِهِ عَنْهُ وَقَدْ نُظِّفَتْ حَيَاتُه مِنْ خَطَأ السَهْو الَّذِي لَوَّثَ يَدَهُ بِدَمِ إِنْسَانٍ . وَهُنَا نُرِيدْ أنْ نُبْرِز عِدَّة نِقَاط :- 1- مُدُن المَلْجَأ كُلَّهَا تَتْبَعْ اللاَّوِيِّين وَرَئِيسَهُمْ هُوَ رَئِيسُ الكَهَنَة وَكَأنَّ القَاتِل سَجِين رَئِيسُ الكَهَنَة وَحِينَ يَمُوت يُصْبِح مِنْ حَقِّهِ الخُرُوج . 2- القَاتِل يَتَمَتَّعْ بِكَفَّارِة وَحِمَايِة رَئِيسُ الكَهَنَة الَّذِي يُقَدِّم كَفَّارَة عَنْ الشَّعْب كُلُّه لِسِمُو مَرْكَز رَئِيسُ الكَهَنَة فَإِنَّهُ حِينَ يَمُوت فَالحُزْن عَلَيْهِ يَبْتَلِعْ أي حُزْن آخَر فَيَتْرُك الوَلِيِّ القَاتِل إِذَا خَرَجَ مِنْ مَدِينَة المَلْجَأ . 3- مَوْت رَئِيسُ الكَهَنَة يُشِير لَمَوْت رَئِيسُ الكَهَنَة الحَقِيقِي وَهُوَ يَسُوع الْمَسِيح الَّذِي بِمَوْتِهِ عَتَقْنَا مِنْ أُجْرِة الخَطِيَّة وَحُكْمَهَا وَوَهَبْنَا الحُرِّيَّة الكَامِلَة . حَقَّاً إِنَّهُ مَوْت عَجِيبْ مَوْت أرْجَعْ القَاتِل لأِحْضَان عَائِلَتُه مَوْت أطْلَق أسْرَى الرَّجَاء مَوْت فَكَّ القُيُود وَهُوَ رَمز بَدِيعْ لِمَوْت رَئِيسُ كَهَنَتِنَا الأعْظَمْ الَّذِي بِمَوْتِهِ رَدَّنَا إِلَى أحْضَان الآب السَّمَاوِي وَدَخَلْنَا فِي رَعِيَّة بَيْت أهْل الله إِنُّهُ مَوْت رَئِيسُ كَهَنَة قَدَّمَهُ لاَ بِذَبِيحَة حَيَوَانِيَّة بَلْ بِدَمِ نَفْسِهِ فَصَارَ مَوْتاً فَرِيداً إِذْ قَدَّم ذَبِيحَة نَفْسِهِ وَهُوَ رَئِيسُ كَهَنَة أعْظَمْ مِنْ هَارُون وَمِنْ مَلْكِي صَادِق{ قُدُّوسٌ بِلاَ شَرٍّ وَلاَ دَنَسٍ قَدِ انْفَصَلَ عَنِ الْخُطَاةِ وَصَارَ أَعْلَى مِنَ السَّموَاتِ الَّذِي لَيْسَ لَهُ اضْطِرَارٌ كُلَّ يَوْمٍ مِثْلُ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ أَنْ يُقَدِّمَ ذَبَائِحَ أَوَّلاً عَنْ خَطَايَا نَفْسِهِ ثُمَّ عَنْ خَطَايَا الشَّعْبِ لأِنَّهُ فَعَلَ هذَا مَرَّةً وَاحِدَةً إِذْ قَدَّمَ نَفْسَهُ } ( عب 7 : 26 – 27 ) وَبِهذَا يَكُون قَدْ أبْطَلَ سُلْطَان الخَطِيَّة بِذَبِيحِة نَفْسِهِ( عب 9 : 26 ) . فَصَارَ لَنَا هذَا المَوْت هُوَ رَصِيد خَلاَص وَمَغْفِرَة حَيَاة دَائِمَة تَتَغَنَّى بِهِ الكَنِيسَة عَبْرَ الأجْيَال وَتَجْعَلَهُ نَشِيدْ حُبْ وَوَفَاء " بِمَوْتِكَ نُبَشِر " وَنَصْنَعُ ذِكْرَى آلاَمِهِ المُقَدَّسَة فَلاَ تَجِدْ فِي عُشَّاق يَسُوع عُذُوبَة ألَذْ مِنْ الحَدِيث عَنْ مَوْتِهِ وَصَلْبِهِ وَقِيَامَتِهِ وَيَسْتَأسِرَهُمْ الحَدِيث عَنْهُ وَكَأنَّهُ لاَ يُوْجَدٌ غَيْرَهُ حَدِيث بِحَسَبْ قَوْل مُعَلِّمْنَا بُولِس الرَّسُول { لَمْ أَعْزَمْ أَنْ أَعْرِفَ شَيْئاً بَيْنَكُمْ إِلاَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ وَإِيَّاهُ مَصْلُوباً } ( 1كو 2 : 2 ) . الخُرُوج مِنْ المَدِينَة قَبْل مَوْت رَئِيسُ الكَهَنَة :- { وَلكِنْ إِنْ خَرَجَ الْقَاتِلُ مِنْ حُدُودِ مَدِينَةِ مَلْجَئِهِ الَّتِي هَرَبَ إِلَيْهَا وَوَجَدَهُ وَلِيُّ الدَّمِ خَارِجَ حُدُودِ مَدِينَةِ مَلْجَئِهِ وَقَتَلَ وَلِيُّ الدَّمِ الْقَاتِلَ فَلَيْسَ لَهُ دَمٌ } ( عد 35 : 26 – 27 )إِنْ خَرَجَ القَاتِل خَارِج أسْوَار مَدِينَة المَلْجَأ قَبْل مَوْت رَئِيسُ الكَهَنَة وَقَابَلَهُ وَلِيِّ الدَّم يَقْتُلَهُ وَفِي مِثْلِ هذَا الظَّرْف تَكُونُ مَسْؤُلِيَتَهُ عَلَى نَفْسِهِ ( لَيْسَ لَهُ دَمٌ ) أي يَكُونْ وَلِيِّ الدَّم بَرِيئاً وَلاَ يُحَاسَبْ عَلَى قَتْلِهِ وَلاَ يُطَالِبْ القَضَاء بِدَمِهِ لأِنَّ القَاتِل هُوَ الَّذِي تَرَكَ مَدِينَة المَلْجَأ وَيَكُون كَسَر الشَّرِيعَة وَخَالَفْهَا وَبِالتَّالِي تَمَرَّدْ عَلَى التَّرْتِيب الَّذِي وَضَعَهُ الرَّبَّ وَخَرَجَ عَنْ حِمَى مَدِينَة المَلْجَأ وَحِمَى رَئِيسُ الكَهَنَة وَالكَهَنَة وَاللاَّوِيِّين وَبِالتَّالِي إِسْتَهَانَ بِالإِمْتِيَازَات الَّتِي أعْطَاهَا لَهُ الرَّبَّ وَالفُرْصَة الَّتِي مَنَحَتْهَا إِيَّاهُ الشَّرِيعَة وَهذَا مَا نَجِدِهُ فِي كُلَّ مَنْ إِبْتَعَدَ عَنْ الكَنِيسَة مَدِينَة مَلْجَأهِ وَاسْتَهَانَ بِكُلَّ مَا تُقَدِّمُه لَهُ وَاعْتَقَدَ أنَّ لَهُ خَلاَصً خَارِجْهَا وَأنَّ لَهُ ضَمَان حَيَاة بِدُون كَفَّارِة رَئِيسُ الكَهَنَة الأعْظَمْ فَيَكُون بِذلِك عَرَّى نَفْسُه مِنْ الحِمَايَة وَأخْلَى نَفْسُه مِنْ سُلْطَان النَّجَاة فَيُبْتَلَعْ مِنْ وَلِيِّ الدَّم الَّذِي يَتَرَبَصْ بِهِ يَنْتَظِر أنْ يَبْتَلِعُه كَحَقٍّ لَهُ وَلَيْسَ لَهُ دَم وَهُنَا نُذَكِّرَك أنْ تَرْجَعْ إِلَى كِتَابْنَا " بَيْت رَاحَاب " لِتَرَى أنَّ الرُّوح الوَاحِدٌ الَّذِي يَعْمَلْ فِي الكِتَاب المُقَدَّس كُلُّه يُرِيدْ أنْ يُلْزِمْنَا بِألاَّ نَبْرَحٌ الكَنِيسَة وَإِلاَّ نَهْلَك وَهذَا هُوَ التَّحْذِير الَّذِي قَالَهُ الجَّاسُوسَان لِرَاحَاب { اجْمَعِي إِلَيْكِ فِي الْبَيْتِ ( رَمز الكَنِيسَة ) أَبَاكِ وَأُمَّكِ وَإِخْوَتَكِ وَسَائِرَ بَيْتِ أَبِيكِ فَيَكُونُ أَنَّ كُلَّ مَنْ يَخْرُجُ مِنْ أَبْوَابِ بَيْتِكِ إِلَى خَارِجٍ فَدَمُهُ عَلَى رَأْسِهِ وَنَحْنُ نَكُونُ بَرِيئَيْنِ } ( يش 2 : 18 – 19) فَكُلَّ مَنْ يَخْرُج مِنْ مَدِينَة المَلْجَأ وَأيْضاً مِنْ بَيْت رَاحَاب الَّتِي هِيَ مُجَرَّدْ رُمُوز لِلكَنِيسَة يَهْلَك فَيَالِعِظَمْ العَطَايَا المَجَّانِيَّة الَّتِي تَنْتَظِرْنَا فِي الكَنِيسَة المُقَدَّسَة . القس أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا أنطونيوس محرم بك الاسكندرية عن كتاب مدن الملجأ
المزيد
29 ديسمبر 2019

فِي الطَّرِيق

الطَّرِيق مُتَسِعْ حَوَالِي 32 ذِرَاعاً وَفِي حَالَة جَيِّدَة وَاللاَفِتَات وَاضِحَة وَالكَهَنَة مَا إِنْقَطَعُواعَنْ الإِرْشَاد لِلطَّرِيق .. وَالمَدِينَة مُهَيَّأة وَالمَكَان يَنْتَظِر إِذاً الهَّارِب بِلاَ عُذْر . الشَّيْطَان هُوَ وَلِيِّ الدَّم : إِنَّ وَلِيِّ الدَّم الَّذِي يُطَالِبْ بِنَفْس القَاتِل هُوَ الشَّيْطَان الَّذِي قِيلَ عَنْهُ أنَّهُ قَتَّالاً لِلنَّاسٌ مِنَ البَدْءِ ( يو 8 : 44 ) .. الَّذِي يَظُنْ أنَّ نِفُوس الخُطَاة صَارَت مِلْكاً لَهُ فَهُوَ يَتَمَسَّك بِأنَّ أُجْرِة الخَطِيَّة مَوْت .. فَيَطْلُبْ نَفْس الخَاطِئ كَحَقٍّ لَهُ .. وَيَسْعَى أنْ يُوقِعْ بِالنَّفْس قَبْل أنْ تُدْرِك مَدِينِة المَلْجَأ .. وَيُرِيدْ أنْ يَطْمِس مَلاَمِحْهَا .. وَيَلْغِي عَلاَمَاتِهَا .. وَيَضَعْ رُوح يَأس وَفَشَلْ فِي نَفْس القَاتِل وَيُقْنِعُه أنَّ الوُصُول إِلَيْهَا مُسْتَحِيلْ .. وَلكِنْ مُبَارَك الرَّبَّ الإِله الَّذِي جَعَلَ لَنَا سِتَّة مُدُنٍ قَرِيبَة وَفَسِيحَة وَمَهَّدْ الطَّرِيق إِلَيْهَا وَجَعَلَ لَهَا عَلاَمَات وَاضِحَة لِكَيْ لاَ يُوقِعْ وَلِيِّ الدَّم بِالنَّفْس المُتَمَسِكَة بِالرَّجَاء وَلكِنْ عَلَيْهِ أنْ يَرْكُض ( يَجْرِي ) .. يِتْعَبْ وَلاَ يَطْلُبْ رَاحَة لأِنَّ الوَقْت مُقَصِّر .. وَوَلِيِّ الدَّم لَمْ يَهْدأ وَلاَزَالَ يَطْلُبْ .. وَهُنَا نَجِدْ أنَّ القَاتِل يُعَبِّر عَنْ هذِهِ المَرْحَلَة الصَّعْبَة فَنَدْخُلْ فِي أعْمَاقُه لِنَسْمَعْ مَا يَجُول بِخَاطِرِهِ . أشْعُر أنَّ وَلِيِّ الدَّم عَلَى وَشَك أنْ يَقْبِض عَلَيَّ بِيَدَيْهِ الحَدِيدِيَّة .. فَأحْكُمْ عَلَى نَفْسِي بِأنِّي هَالِك لاَ مَحَالَة .. وَحِينَ تَضْعُف نَفْسِي أجِدٌ مَرَاحِمْ الله تُدْرِكَنِي .. وَعَلاَمَتِهِ تَسْنِدَنِي وَكَهَنَتِهِ تُرْشِدَنِي فَأشْكُر الله الَّذِي بِكَثْرِة رَحْمَتِهِ جَعَلَ الطُرُق مُمَهَّدَة وَسَهْلَة .. وَبِالرَّغْم مِنْ خُطُورِة المَوْقِفْ وَهَجَمَات الخُوْف وَالشَّك كُنْتُ أشْعُر بِالأَمَان .. وَلكِنِّي لاَ أعْرِف بِالضَبْط المَدِينَة بَعِيدَة أم قَرِيبَة وَكَمْ مِنْ الوَقْت يَلْزَم لِلوُصُول إِلَيْهَا فَوَقَفْت عِنْدَ كَاهِن أسْأل .. أخْبِرْنِي المَدِينَة بَعِيدَة أم قَرِيبَة وَكَمْ مِنْ الوَقْت يَلْزَم لِلوُصُول إِلَيْهَا ؟ فَأجَابَنِي هِيَ قَرِيبَة جِدّاً إِنْ أسْرَعْت وَمَا أبْعَدَهَا إِنْ تَوَانَيْت .. فَأخَذْت أجْرِي وَأجْرِي وَكُلَّ تَفْكِيرِي وَقُوَّتِي فِي إِنْحِصَار كَيْفَ أنْجُو مِنْ وَلِيِّ الدَّم .. وَفِي الطَّرِيق وَجَدْت بَسَاتِين وَأشْجَار وَأزْهَار .. وَلكِنِّي كَيْفَ أقِفْ وَأنَا هَارِبْ لأِجْمَع بَعْض الزُّهُور أوْ أنْظُر بَيْتاً أوْ حَقْلاً فَمَا لِي وَكُلُّ هذَا ؟!!! فَحَيَاتِي فِي خَطَرٍ وَوَلِيِّ الدَّم يَتَعَقَّبَنِي . وَكُلَّمَا أجِدٌ عَلاَمَة أطْمَئِنْ وَأهْدأ .. وَلكِنِّي وَجَدْت فِي الطَّرِيق مَنْ يَجْلِس وَمَنْ يَمْشِي وَمَنْ يَلْهُو .. فَسَألْت الكَّاهِنْ هَلْ هؤُلاَء مِثْلِي يَلْجَأون إِلَى المَدِينَة ؟ فَقَالَ لِي لاَ تَسْأل .. عَلَيْكَ أنْ تُسْرِع .. وَوَجَدْت زَحَام مِنْ النَّاس يَكَادْ يُغْلِق الطَّرِيق فَخُفْت وَلكِنِّي عَزَمْت أنْ أجْتَاز مِنْ وَسَطِهِمْ .. وَعَرَفْت شَيْئاً أفْزَعَنِي .. أنَّ هذَا الزَّحَام هُوَ نَتِيجِة أنَّ وَلِيِّ دَم أمْسَكَ بِفَرِيسَتِهِ .. وَلكِنْ بِمِقْدَار فَزَعِي بِمِقْدَار مَا إِكْتَسَبْت سُرْعَة أكْثَر .. وَوَضَعْت فِي قَلْبِي ألاَّ أنْظُر إِلَى الوَرَاء وَألاَّ أُكَلِّمْ أحَداً .. وَلاَ أُرِيدْ إِلاَّ مَدِينِة المَلْجَأ .. فَهذَا المَشْهَدْ جَعَلَنِي أكْثَر جِدِّيَّة وَلاَ شَيْء عِنْدِي لَهُ قِيمَة غَيْر المَدِينَة .. وَعَاوَدَنِي إِحْسَاس الخُوْف .. وَلاَزَالَتْ المَدِينَة تَبْدُو بَعِيدَة .. وَتَصَارَعَتْ أفْكَارِي .. هَلْ مِنْ نَجَاة ؟ وَأرَدْت أنْ أسْأل ..كَمْ قَاتِل مِثْلِي نَجَى ؟ وَكَمْ أُلْقِيَ القَبْضُ عَلَيْهِ .. وَلِمَاذَا ؟ وَإِنْ كَانَ الله أرَادَ أنْ يُخَلِّص فَلِمَاذَا يَسْمَح أنْ يَمُر وَلِيِّ الدَّم بِالطَّرِيق ؟ وَرَأيْتُ كَاهِناً وَجَدَنِي حَزِيناً بَاكِياً .. فَوَقَفْت لأِسْأل .. فَلَمْ يَدَعْنِي أتَكَلَّمْ وَأشَارَ إِلَيَّ وَوَجْهَهُ مُبْتَسِماً .. أنَّ هَا هِيَ المَدِينَة .. فَرَأيْتَهَا وَإِنْ كَانَتْ لاَزَالَتْ بَعِيدَة .. وَلكِنِّي فَرِحْت جِدّاً وَصَارَت أمَام عَيْنِيَّ .. لاَ أجِدْهَا تَقْتَرِبْ وَلكِنَّهَا تَبْدُو تَتَضِحٌ .. فَلاَ أُرِيْد أنْ أرَى غَيْرَهَا .. وَظَلَلْت أجْرِي وَأجْرِي حَتَّى خَارَت قُوَاي .. وَلكِنِّي أقْسَرْتُ نَفْسِي حَتَّى وَصَلْت .. يَا لَهَا مِنْ صُورَة بَدِيعَة لِمَرْحَلِة جِهَادْ الإِنْسَان عَلَى الأرْض الَّذِي جَعَلَ فِي قَلْبِهِ إِشْتِيَاقَات الحَيَاة الأبَدِيَّة وَالتَّمَتُّع بِعَمَلْ خَلاَص الْمَسِيح فَلاَ يُبَالِي بِأفْرَاح العَالَمْ وَلاَ تَعُود تَجْذِبُه أُمُور إِسْتَعْبِدِتُه قَدِيماً . أحِبَّائِي هُوذَا وَقْت مَقْبُول .. وَيَوْم خَلاَص لاَ نَنْظُر إِلَى الوَرَاء .. نَرْكُض لِكَيْ نَنَال هُوذَا وَلِيِّ الدَّم وَرَاءَك .. وَالمَدِينَة مِنْتَظَرَاك القس أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا أنطونيوس محرم بك الاسكندرية عن كتاب مدن الملجأ
المزيد
22 ديسمبر 2019

الطَّرِيق

بَعْد أنْ تَعَرَّفْنَا عَلَى شَرِيعِة مُدُن المَلْجَأ وَالمَفْهُوم الرُّوحِي لِمُدُن المَلْجَأ وَعَدَد وَمَوْقِعْ مُدُن المَلْجَأ وَوَجَدْنَا فِي كُلَّ تَفَاصِيلَهُمْ إِشَارَة لِعَمَلْ الله وَنِعْمَتِهِ وَرَحْمَتِهِ وَصَلاَحِهِ كَمَا أنَّنَا سَنَجِدْ أنَّ بَرَكَات كَثِيرَة فِي إِنْتِظَارْنَا تُكْتَمَلْ بِالدُّخُول فِي الطَّرِيق حَتَّى الوُصُول إِلَى مَدِينِة المَلْجَأ وَالإِقَامَة فِيهَا إِلَى مَوْت الكَّاهِنْ العَظِيمْ ثُمَّ الرُّجُوع إِلَى البَيْت فَهَيَّا نُسْرِع فِي الرِّحْلَة إِلَى مَدِينِة المَلْجَأ وَلاَ نَطْمَئِنْ إِلاَّ بِالوُصُول إِلَيْهَا . الطَّرِيق :- تُصْلِحُ الطَّرِيق : إِهْتَمَّ الله بِوُضُوح وَسِهُولِة الطَّرِيق فَأمَرَ{ تُصْلِحُ الطَّرِيقَ } ( تث 19 : 3 ) إِذْ كَانَتْ الطُرُق فِي القَدِيمْ تُمَهَدْ خِلاَل سِير الحَيَوانَات الَّتِي تَحْمِلْ الأثْقَال وَخَاصَّةً القَوَافِلْ وَكَانَ اليَهُود فِي ذلِك الحِينْ لاَ يَعْرِفُون الطُرُق إِذْ عَاشُوا فِي البَرِّيَّة طَوَال أرْبَعِينَ عَاماً وَلكِنْ إِلْتِزَاماً بِالأمر الإِلهِي " تُصْلِحُ الطَّرِيقَ " يَلْتَزِم المَسْؤُلُون أنْ يُهَيِّئُوا الطُرُق المُؤَدِيَة إِلَى مُدُن المَلْجَأ فَيُزِيلُوا كُلَّ العَقَبَات الَّتِي تُعَطِّل الإِنْطِلاَق إِلَيْهَا فَيَرْدِمُون الحُفَر وَيُقِيمُون المَعَابِر وَالجُسُور عَلَى الأنَّهَار وَالمَجَارِي الَّتِي فِي الطَّرِيق وَقَدْ عَيَّنُوا يَوْماً فِي كُلَّ سَنَة فِي شَهْر آزَار يُرْسَلْ إِلَيْهَا خُبَرَاء يَفْحَصُون الطُرُق وَيُصْلِحُون مَا تَلِفَ مِنْهَا وَقَرَّر مُعَلِّمُوا اليَهُود أنَّ عَرْض الطَّرِيق لاَ يَقِلْ عَنْ إِثْنَيْن وَثَلاَثِينَ ذِرَاعاً أي مَا يَقْرُب مِنْ ثَمَانِيَة عَشَرَ مِتْراً أوْ يَزِيدْ . عَلاَمَات الطَّرِيق :- وَعَلَى طُوَال الطَّرِيق وَعِنْدَ مَدَاخِلِهِ وَمُنْحَنَيَاتِهِ تُوضَعْ عَلاَمَات وَاضِحَة تُشِير إِلَى مَدِينَة المَلْجَأ مَكْتُوب عَلَيْهَا بِخَطٍ وَاضِحٌ " miklot ( مَلْجَأ ) " وَيَقِفْ بِجِوَار العَلاَمَة كَاهِنْ لِلإِرْشَاد إِلَى الطَّرِيق لِنَنْظُر يَا أحِبَّائِي فِي جَمَال عِنَايِة الله وَمَرَاحِمِهِ الَّتِي تُحِيطُ بِالخَاطِئ الَّذِي يُدَبِّر كُلَّ الأُمُور مِنْ أجْل ضَمَان الخَلاَص وَيَجْعَلَهُ بِلاَ عَائِق وَلاَ مَانِعْ إِنَّهَا تَفَاصِيلْ الوُصُول إِلَى مَلَكُوت إِبْن مَحَبِّة الله إِنَّهُ إِلَهْنَا الَّذِي رَاعَانَا بِكُلَّ الأدْوِيَة المُؤَدِيَة إِلَى الحَيَاة الَّذِي يَنْتَظِرْنَا فِي أبَدِيَتِهِ مُنْذُ الأزَل الَّذِي لَيْسَ عِنْدَهُ خُسَارَة – إِنْ جَازَ القَوْل – إِلاَّ هَلاَكِنَا الَّذِي جَعَلَ ضَمَان الوُصُول إِلَيْهِ مَقْرُون بِشَخْصِهِ الحَبِيب إِذْ قَالَ أنَا هُوَ الطَّرِيق{ لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى الآبِ إِلاَّ بِي } ( يو 14 : 6 ) وَلَوْ أرَدْنَا أنْ نُلْقِي ضَوءً عَلَى العَلاَمَات المَوْجُودَة لَنَا لِضَمَان الوُصُول إِلَى المَدِينَة نَجِدْ مِنْهَا :- 1- الإِنْجِيل عَلاَمَة عَلَى الطَّرِيق :- الله مَهَّدْ الطَّرِيق لِمَعْرِفَة إِبْنِهِ يَسُوع الْمَسِيح خِلاَل الآبَاء وَالأنْبِيَاء وَالرِمُوز وَالأحْدَاث حَتَّى لاَ يُوْجَدْ عُذْر لِمَنْ يَرْفُض الإِلْتِجَاء إِلَيْهِ لَقَدْ أرْسَلْ إِلَيْنَا نُبُوَات وَاضِحَة أشْبَه بِعَلاَمَات تُشِيرنَحْو شَخْص المُخَلِّص مَدِينَة مَلْجَأنَا الحَقِيقِيَّة . 2- فِي النُّبُوَات :- فَنَجِدْ عَلاَمِة نَسْل المَرْأة يَسْحَق رَأس الحَيَّة ( تك 3 : 15){ لاَ يَزُولُ قَضَيبٌ مِنْ يَهُوذَا وَمُشْتَرِعٌ مِنْ بَيْنَ رِجْلَيْهِ حَتَّى يَأْتِي شِيلُونُ وَلَهُ يَكُونُ خُضُوعُ شُعُوبٍ } ( تك 49 : 10){ هَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْناً وَتَدْعُو اسْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ } ( أش 7 : 14) . 3- فِي 3الأشْخَاص :- جَعَلَ مِنْ هَابِيل وَنُوح وَمَلْكِي صَادِق وَإِبْرَاهِيم وَيُوسِف وَمُوسَى عَلاَمَات مُضِيئَة فِي طَرِيق الوُصُول إِلَيْهِ وَوَضَعَ شَجَرِة الحَيَاة وَفُلْك نُوح وَسُلَّم يَعْقُوب وَعُلِّيقَة مُوسَى وَخَرُوف الفِصْح وَالمَنَّ وَغَيْرَهَا عَلاَمَات وَاضِحَة لِلقِيَادَة إِلَى مَدِينِة المَلْجَأ الفَرِيدَة يَسُوع الْمَسِيح وَبِالجُمْلَة فَالإِنْجِيل هُوَ كَلِمَة الله الَّتِي أُعْلِنَتْ لَنَا فِي شَخْص يَسُوع الْمَسِيح كَلِمَة الآب أنْتَ عَلاَمَة عَلَى الطَّرِيق وَبِقَدْر أمَانَتْنَا لِلإِنْجِيل وَتَشْكِيلْ أرْوَاحْنَا بِكَلاَم الإِنْجِيل نَصِير نَحْنُ أيْضاً إِنْجِيلاً فَنَصِير رِسَالِة الْمَسِيح المَقْرُوءة مِنْ جَمِيعْ النَّاس يَقْرأ الكُلَّ فِينَا كَلِمَة miklot ( مَلْجَأ ) وَيَجِدُونَ فِي أعْمَاقْنَا طَرِيقاً يَقُود إِلَى المُخَلِّص وَكَمَا كَانَتْ الطُرُق مُهَيَّأة وَمُصْلَحَة يَلِيق بِخُدَّام الكَلِمَة أنْ يُهَيِّئُوا الطَّرِيق لِكُلَّ نَفْس كَيْ تَلْتَقِي بِالمُخَلِّص كَمَلْجَأ لَهَا يَلْتَزِمُوا أنْ يُزِيلُوا كُلَّ عَقَبَة وَرَدْم الحُفَر وَإِقَامِة الجُسُور وَالمَعَابِر لِفَتْح أبْوَاب الرَّجَاء أمَام الرَّاجِينَ رَحْمَتَهُ فَيَتَمَتَّعُوا بِبِر الْمَسِيح وَقَدَاسَتِهِ عِوَض رَجَاسَاتِهِمْ وَعَدَم الفَسَاد يَسْتَقِر عِوَض فَسَادِهِمْ . 4- الكَنِيسَة عَلاَمَة عَلَى الطَّرِيق :- وَالكِنِيسَة هِيَ عَلاَمَة تَحْمِلْ ذَاتَ الكَلِمَة miklot ( مَلْجَأ ) تَقُودْ كُلَّ نَفْس فِي طَرِيق الحَقَّ وَتَدْخُلْ بِهِ إِلَى المَلْجَأ الإِلهِي لِيَتَمَتَّعْ بِحُرِّيِة مَجْد أوْلاَد الله وَسَلاَمٌ الله الَّذِي يَفُوق كُلَّ عَقْل وَفَرَحٌ السَّمَاء الَّذِي لاَ يَنْقَطِعْ فَنَجِدْ مَنَارَات الكَنِيسَة فِي إِرْتِفَاع يَخْرُج مِنْهَا ضُوء يُبَدِّدْ الظَّلاَم وَيُرْشِدْ التَّائِهِينْ إِلَى المَلْجَأ الحَقِيقِي مِثْل سَفِينِة نَجَاة تُنَادِي كُلَّ مَنْ تَخَبَّطْ بِلاَ هَدَف مَعَ أمْوَاج بَحْر العَالَمْ فَتُنَادِي عَلَيْهِ وَتَدْعُوه لِلتَّمَتُّع بِالخَلاَص الَّذِي تُقَدِّمَهُ مِنْ أجْلُه . 5- القِدِّيسُون عَلاَمَة عَلَى الطَّرِيق :- بِحَسَبْ وَصِيِّة الكِتَاب المُقَدَّس{ إِنْ لَمْ تَعْرِفِي أَيَّتُهَا الْجَمِيلَةُ بَيْنَ النِّسَاءِ فَاخْرُجِي عَلَى آثَارِ الْغَنَمِ وَارْعِي جِدَاءَكِ عِنْدَ مَسَاكِنِ الرُّعَاةِ } ( نش 1 : 8 ) وَكُلَّ مَنْ يَسْلُك فِي الطَّرِيق سَيَجِدْ أُلُوف غَيْرِهِ سَبَقُوه وَمَهَّدُوا الطَّرِيق لَهُ وَكُلَّ فَضِيلَة وَلَهَا عَلاَمَات تَقُود إِلَيْهَا فَمَا أكْثَر العَلاَمَات فَبِمُجَرَّدْ أنْ تَجِدْ عَلاَمَة إِلاَّ وَتَرْغَبْ فِي الطَّرِيق وَتُفَتِّش عَنْ غَيْرِهَا فَيَزْدَاد شَوْقَك لِنِهَايِة الطَّرِيق الَّذِي تَلْتَقِي فِيهِ مَعَ جَمِيعْ الَّذِينَ سَبَقُوك فِي ذَاتَ الطَّرِيق فَحِينَ تَتَعَرَّف عَلَى قِدِيس تَأكُلَك غِيرِة أعْمَالُه وَيُثَبِّتْ أقْدَامَك عَلَى الطَّرِيق وَيَقُودَك إِلَى غَيْرِهِ فَأيٍ مَنْ أحَبَّ العِفَّة وَلَمْ يَجِدْ لَهَا عَلاَمَات وَعَلاَمَات !!! وَمَنْ رَغَبَ فِي النُسْك وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يَحْمِلُه !!! وَمَنْ إِشْتَاقَ إِلَى الدُّخُول مِنْ البَاب الضَّيِق إِلاَّ وَوَجَدَ مَنْ يَقُودَهُ إِلَى المَدِينَة المَمْلُؤَة أفْرَاح وَسُرُور !! فَلَيْسَ مَنْ سَارَ وَرَائِهِمْ إِلاَّ وَتَعَلَّقْ بِمَسِيحِهِمْ وَلَيْسَ مَنْ عَرِفَ مَسِيحِهِمْ إِلاَّ وَاشْتَاقَ لِمَعْرِفَتِهِمْ لِذَا يَلِيقُ بِنَا أنْ نُجَاهِدْ بِرُوح الحَقَّ كَأعْضَاء فِي كَنِيسِة الْمَسِيح وَنُدْرِك أنَّ حَيَاتِنَا هِيَ إِخْتِفَاء فِي الْمَسِيح يَسُوع مَلْجَأنَا وَمُعِينَنَا أُنْظُر إِلَى شَخْص يَسُوع الْمَسِيح سَتَجِدَهُ تَنَازَل جِدّاً لِيَكُون قَرِيباً جِدّاً مِنْكَ إِذْ مَهَّدْ طَرِيقاً بِتَجَسُّدِهِ لِيَصِل إِلَيْكَ طَرِيقاً كَرَّسَهُ لَنَا حَدِيثاً بِالحِجَاب أي جَسَدِهِ ( عب 10 : 20 ) فَتَجِدَهُ مِنْتِظْرَك فِي كُلَّ مَكَان وَفِي كُلَّ وَقْت فِي ظَلاَم الَّليْل مَعَ نِيقُودِيمُوس فِي الظَّهِيرَة يَأتِي إِلَيْكَ حَتَّى وَإِنْ كَانَ مُتْعَباً لِتُقَابِلُه مَعَ السَّامِرِيَّة وَفِي الصَّبَاح البَّاكِر تَجِدَهُ مَعَ الَّتِي أُمْسِكَتْ فِي ذَاتَ الفِعْل( يو 8 : 1 – 11) فَجَعَلَ نَفْسَهُ مُصْغِياً لَنَا فِي كُلَّ وَقْت وَوَضَعْ أُذُنَهُ قَرِيبَة جِدّاً إِلَى شَفَتَيْنَا وَفِي أي وَقْت دُعِيَ أجَاب فَمَنْ يَدَّعِي إِبْتِعَادُه ؟ إِلاَّ مَنْ إِبْتَعَدَ هُوَ عَنْ طَرِيقِهِ فَهُوَ يَطْلُب الجُلُوس مَعَك فِي أي مَكَان الجِبَال البِحَار بَيْنَ الزُّرُوع فِي البُيُوت فِي الهَيْكَل سَيَلْتَقِي بِكَ بَلْ وَحَتَّى وَهُوَ عَلَى الصَّلِيب سَيُكَلِّمَك وَلَيْتَكَ تُصْغِي إِلَيْهِ لِتَسْمَعْ وَعْد ضَمَان الدُّخُول لِلمَلَكُوت وَإِنْ حَتَّى نَزَلَ إِلَى الجَحِيم سَيَتَقَابَلْ مَعَ سُكَّان الجَحِيم لِيَرْفَعَهُمْ وَيُقَدِّمَهُمْ قُرْبَاناً لأِبِيهِ الصَّالِحٌ فَهُوَ خَرَجَ مِنْ عِنْدَ الآب لِيُقَابِلَك فِي طَرِيق الحَيَاة وَأنْتَ تَسْكُنْ فِي الجَسَدٌ فَتَقَدَّم إِلِيه لِتَجِدْ نِعْمَة وَعَوْناً فِي حِينِهِ وَكُلَّ حِين هَيَّا أسْرِع إِلَيْهِ لأِنَّهُ وَعَدَ أنَا هُوَ الطَّرِيق وَاجْعَل طَرِيقُه طَرِيقَك لِتَكُون أنْتَ مِنْ الَّذِينَ مَدَحَهُمْ دَاوُد النَّبِي طُرُق بَيْتَك فِي قُلُوبِهِمْ ( مز 84 : 5 ) وَاعْلَمْ أنَّهُ لَيْسَ بِبَعِيدٍ عَنْكَ ذَاكَ الَّذِي تَعِبْتَ فِي البَحْث عَنْهُ كُلَّ أيَّام حَيَاتَك فَهَيَّا نَسْلُك فِي الطَّرِيق لأِنَّهُ يَنْتَظِرْنَا هُنَاك وَمِنْ كَثْرِة تَعَلُّقْنَا بِهِ نُتْقِنُه فَيُقَال عَنَّا هذَا خَبِيراً فِي طَرِيق الرَّبَّ ( أع 18 : 25 )فَنُضِيفْ عَلاَمَة جَدِيدَة تُنَجِّي آخَرِينَ أيْضاً . القس أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا أنطونيوس محرم بك الاسكندرية عن كتاب مدن الملجأ
المزيد
15 ديسمبر 2019

عَدَد مُدُن المَلْجَأ مَوْقِعْ المُدُن الطَّرِيق المُؤَدِّي إِلَيْهَا :-

عَدَد مُدُن المَلْجَأ :- قَدْ يَرَى البَعْض أنَّ إِيجَادْ مَدِينَة مَلْجَأ وَاحِدَة كَافٍ جِدّاً لِلدِلاَلَة عَلَى نِعْمَة الله الغَنِيَّة وَلكِنْ مُبَارَك إِسْم إِلهْنَا الَّذِي يَعْمَلْ فَوْقَ مَا نَفْتَكِر وَأكْثَر جِدّاً مِمَّا نَطْلُبْ وَنَنْتَظِر فَنَجِدْ أنَّ الله يَأمُر بِإِقَامِة سِتَّة مُدُن وَلَيْسَتْ مَدِينَة وَاحِدَة أوْ إِثْنَتَيْنِ . وَلِمَاذَا سِتَّة ؟ رَقَمْ سِتَّة يُشِير إِلَى أيَّام الخَلِيقَة أيَّام العَمَلْ الكَامِلَة لِلإِنْسَان وَكَأنَّ الإِنْسَان مُعَرَّض فِي عَمَلُه أنْ يُخْطِئ فَيَجِدْ فِي الله مَلْجَأ لَهُ كُلَّ أيَّام غُرْبَتِهِ عَلَى الأرْض فَأذْرُع الله مَفْتُوحَة لِلإِنْسَان كُلَّ أيَّام حَيَاتُه عَلَى الأرْض لاَ يُغْلِقْهَا مُطْلَقاً إِذْ خَلَقَ الله الإِنْسَان فِي اليَوْم السَّادِس وَهُوَ مُعَرَّض لِلخَطَأ كُلَّ يَوْم فَيَلْزَمُه سِتَّة مُدُن يَا لِعِظَمْ مَحَبِّة إِلهْنَا الَّذِي حِينَ دَبَّر فِدَاء الإِنْسَان أحَبَّ أنْ يُغَطِّي كُلَّ أيَّام غُرْبِة الإِنْسَان عَلَى الأرْض فَنَجِدُه يُصْلَبْ فِي اليَوْم السَّادِس وَفِي السَّاعَة السَّادِسَة وَرَقَمْ سِتَّة هُوَ رَقَمْ نَاقِص يَحْتَاج أنْ يُكْتَمَلْ بِالسَّابِعْ فَمَا هُوَ السَّابِعْ الَّذِي يُكْمِلْ هذَا النَّقْص سِوَى رَبَّنَا يَسُوع الْمَسِيح الَّذِي أكْمَلْ وَيُكَمِّلْ هذَا النُقْصَان إِذْ أتَى إِلَى العَالَمْ وَحَلَّ بَيْنَنَا وَنَصَبْ مَدِينَتَهُ لِنَجِدْ فِيهَا كَمَال المَلْجَأ فَهُوَ المَلْجَأ الحَقِيقِي فَهُوَ مَدِينِة مَلْجَأنَا السَّابِعَة الكَّامِلَة الَّذِي عُيُون الكُلَّ تَتَرَجَاه هذَا الَّذِي رَأى المَرْأة السَّامِرِيَّة الَّتِي كَانَ لَهَا خَمْسَة أزْوَاج وَالَّذِي مَعَهَا لَيْسَ زَوْجِهَا وَبذلِك أصْبَحُوا سِتَّة رِجَال وَلكِنْ مَنْ السَّابِعْ الَّذِي سَيَدْخُلْ حَيَاتْهَا وَيَفْطُمْهَا مِنْ رِبَاطَاتِهَا السِتَّة القَدِيمَة ؟ إِنَّهُ شَخْص رَبِّنَا يَسُوع الْمَسِيح الَّذِي عُيُون الكُلَّ تَتَرَجَاه مُشْتَهَى كُلَّ الأُمَمْ ( حَجَّي 2 : 7 ) الَّذِي صَارَ لَهَا وَلَيْسَ لَهَا فَقَطْ بَلْ وَلَنَا جَمِيعاً مَدِينِة مَلْجَأ حَصِينَة الَّذِي تُرِتِلْ لَهُ نِفُوسْنَا مَعَ دَاوُد النَّبِي أَمَّا أَنْتَ فَمَلْجَإِي الْقَوِيُّ ( مز 71 : 7 ){ اللهُ لَنَا مَلْجَأٌ وَقُوَّةٌ . عَوْناً فِي الضِّيقَاتِ وُجِدَ شَدِيداً } ( مز 46 : 1) . مَوْقِعْ المُدُن :- قَدْ إِهْتَمَّ الرَّبَّ أنْ يُقَرِّبْ مُدُن المَلْجَأ مِنْ قَاتِلْ النَّفْس سَهْواً وَهُوَ البَّائِس المِسْكِين فَهُوَ يَجْعَلْ نِعْمَتِهِ الغَنِيَّة وَالثَّمِينَة تَفِيض وَتُلاَقِي كُلَّ مِحْتَاج حَيْثُمَا كَانْ هذِهِ هِيَ تَدَابِير إِلَهْنَا الصَّالِح الَّذِي إِهْتَمَّ أنْ تَكُون هذِهِ المُدُن فِي وَسَطْ أرْضِهِمْ فَلاَ يُنَاسِبْ أنْ تَكُون هذِهِ المُدُن بَعِيدَة أوْ صَعْب الوُصُول إِلَيْهَا إِنَّهُ الإِله العَارِف بِضَعْف البَشَر الَّذِي يُقَدِّم كُلَّ شَيْء مِنْ أجْل النَّجَاة إِنَّهُ بِر إِلَهْنَا المُعْلَنْ لِجَمِيعْ النَّاس . وَسَطِ أَرْضِكَ تُثَلِّثُ تُخُومَ أَرْضِكَ :- ثُلْث عُلْوِي وَسُفْلِي وَوَسَطْ وَفِي مُنْتَصَفْ كُلَّ ثُلْث تُوضَعْ مَدِينَة لَيْسَ لَهَا عِلاَقَة بِالأسْبَاط حَتَّى لاَ تُطِيل الطَّرِيق بِحَيْثُ أنْ تَكُون قَرِيبَة لِلكُلَّ وَيُسْرِع إِلَيْهَا القَاتِلْ لِيَنْجُو وَكَانَ الوُصُول إِلَى مُدُن المَلْجَأ سَهْلاً فَقَدْ كَانَ البُعْد بَيْنَ المَدِينَة وَأي مَكَان قَدْ يَحْدُث فِيهِ القَتْل لاَ يَزِيدْ عَنْ ثَلاَثِينَ مِيلاً يَسْتَطِيعْ القَاتِلْ أنْ يَقْطَعْهَا فِي نِصْف يَوْم تَقْرِيباً بِشَرْط الإِسْرَاع . وَسَطْ أرْض إِسْرَائِيل :- هذَا المَكَان هُوَ المُحَبَّبْ لِحُلُول الله فَهُوَ يَشْتَاق أنْ يَكُون فِي وَسَطْنَا فَتَرَى أنَّهُ حِينَ أمَرَ مُوسَى النَّبِي بِمَكَان الخَيْمَة الَّتِي تُعْلِنْ حُضُورُه وَسَطْ شَعْبِهِ إِخْتَارَ الوَسَطْ { لأِسْكُنَ فِي وَسْطِهِمْ }( خر 25 : 8 )إِنَّهُ يُرِيدْ المَرْكَز يَدْعُو الجَمِيعْ يَرَاهُ الجَمِيعْ مِحْوَر الجَمِيعْ يُرِيدْ أنْ يَكُون مَوْضُوع إِنْشِغَالْنَا كَمَا وَجَدْنَا مُخَلِّصْنَا يَسُوع الْمَسِيح يُحِبْ الوَسَطْ حَتَّى أنَّهُ فِي صَلْبِهِ إِخْتَارَ الوَسَطْ وَسَطْ لِصَيْنِ ( يو 19 : 18) وَفِي القِيَامَة وَقَفَ وَسَطْ تَلاَمِيذُه ( لو 24 : 36 )وَفِي مَجْدِهِ سَنَرَاهُ وَسَطْ العَرْش خَرُوفٌ قَائِمٌ كَأنَّهُ مَذْبُوحٌ ( رؤ 5 : 6 ) . مَوَاقِعْ المُدُن :- المُدُن الَّتِي أُخْتِيرَت لِتَكُون مُدُن مَلْجَأ هِيَ ثَلاَثَة :- مُدُن شَرْق الأُرْدُن :- حَيْثُ يَسْكُنْ سِبْطَيْنِ وَنِصْف ( رَأُوبِين ؛ جَاد ؛ نِصْف مَنَسَّى ) وَهيَ :- (1) بَاصِر :- الَّتِي تَقَعْ فِي المُرْتَفَعَات الوَاقِعَة شَرْقَيّ مَصَبْ نَهْر الأُرْدُن فِي البَحْر المَيِت فِي نَصِيب رَأُوبِين فَتَكُون المَدِينَة الجَنُوبِيَّة لِلمَلْجَأ وَيُقَابِلْهَا فِي الغَرْب حَبْرُون وَكَلِمَة " بَاصِر " تَعْنِي " حِصْن " وَالْمَسِيح حِصْنَنَا الَّذِي نَرْكُض إِلَيْهِ وَنَتَحَصَّنْ . (2) رَامُوت جِلْعَاد :- تَقَعْ عَلَى بُعْد خَمْسِين مِيلاً إِلَى الشَّمَال مِنْ بَاصِر فِي مُرْتَفَعَات جِلْعَاد الَّتِي وَقَعَتْ نَصِيباً لِسِبْط جَاد فِي المَنْطِقَة المُتَوَسِطَة تُقَابِلْهَا تَقْرِيباً فِي الأرَاضِي القَرِيبَة مَدِينَة شَكِيم " رَامُوت " تَعْنِي" مُرْتَفَعْ " فَالْمَسِيح رَفَعَهُ الله وَهُوَ فِي السَّمَاء وَنَزَلَ إِلَى الأرْض لِيَرْفَعْنَا مَعَهُ إِلَى السَّمَاء . (3) جُولاَن :- تَقَعْ فِي المُرْتَفَعَات شَرْقَيَّ بَحْر الجَلِيل فِي نَصِيب سِبْط مَنَسَّى فَكَانَتْ مَدِينِة المَلْجَأ الشَّمَالِيَّة وَيُقَابِلْهَا فِي الغَرْب مَدِينِة قَادِش وَكَلِمَة "جُولاَن" تَعْنِي" فَرَحٌ " فَالرَّبَّ فَرِح بِأوْلاَدُه وَهُمْ يَفْرَحُونَ بِإِلَهِهِمْ وَقَدْ تُعْنِي" تَجُول "وَهُنَا تُشِير لِمَسِيرِة المُؤمِنِين مَعَ فَادِيهُمْ نَحْو السَّمَاء وَالعَجِيبْ أنَّ بَعْض هذِهِ المُدُن كَانَتْ مَرْكَزاً لِلعِبَادَات الوَثَنِيَّة صَارَتْ مُدُن لِلمَلْجَأ تَحْمِلْ طُمَأنِينَة وَسَلاَمَاً لِكُلَّ مَنْ يَلْجَأ إِلَيْهَا تُمَثِّلْ بَيْت الله وَاهِبْ التَّعْزِيَة . مُدُن غَرْب الأُرْدُن :- وَهيَ تَقْرِيباً فِي المُقَابِلْ مَعَ الثَّلاَث مُدُن الأُخْرَى شَرْق الأُرْدُن وَسَطْ كُلَّ ثُلْث مِنْ الأرْض :- (1) قَادِش :- الَّتِي كَانَتْ تَقَعْ عَلَى بُعْد نَحْو خَمْسَة عَشَرَ مِيلاً إِلَى الشَّمَال مِنْ بَحْر الجَلِيل فِي القِسْم الَّذِي خَرَجَ نَصِيباً لِسِبْط نَفْتَالِي كَلِمَة " قَادِش " تَعْنِي " المُقَدَّس " وَتُشِير إِلَى قَدَاسِة الْمَسِيح وَبِرِّهِ . (2) شَكِيم :- تَقَعْ فِي الطَّرْف الشَّرْقِيَّ مِنْ الوَادِي الَّذِي يَمْتَدْ مِنْ الغَرْب إِلَى الشَّرْق بَيْنَ جَبَلْ عِيبَال وَجَبَلْ جَرْزِيم فِي مُرْتَفَعَات أفْرَايِمْ وَدَاخِلْ حُدُود نَصِيب سِبْط أفْرَايِمْ فِي مَوْقِعْ مُتَوَسِطْ فِي أرْض كَنْعَان كَلِمَة " شَكِيم " تَعْنِي " كِتْف "وَقَدْ حَمَلَ الْمَسِيح صَلِيبُه عَلَى كَتِفُه فَالكِتْف تُشِيرإِلَى قُوَّة عَمَلْ الْمَسِيح فِي حَمْلِنَا إِلَيْهِ وَنَقْل خَطَايَانَا إِلَيْهِ فَيَحْمِلْهَا وَيُعْطِينَا بَرُّه . (3) حَبْرُون :- الَّتِي كَانَتْ تُسَمَّى أيْضاً قَرْيِة أرْبَع وَكَانَتْ تَقَعْ فِي نَصِيب يَهُوذَا عَلَى بُعْد نَحْو عِشْرِين مِيلاً إِلَى الجَنُوب مِنْ أُورُشَلِيم " حَبْرُون " تَعْنِي " زَوَاج أوْ إِرْتِبَاطٌ " وَهذَا يُشِير إِلَى إِتِحَادْنَا بِالْمَسِيح عَرِيس نِفُوسْنَا الحَقِيقِي وَفِي هذَا الجَدْوَل مُخْتَصَر لِمَوْقِعْ وَمَعَانِي أسْمَاء سِتَّة مُدُنْ المَلْجَأ :- الجِهَة شَرْق الأُرْدُن غَرْب الأُرْدُن شَمَال جُولاَن = فَرَحٌ قَادِش = قَدَاسَة وَسَطْ رَامُوت جِلْعَاد = مَرْتَفِعْ شَكِيم = كِتْف جَنُوب بَاصِر = حَصِين حَبْرُون = زَوَاج أوْ إِرْتِبَاط وَفِي أسْمَاء هذِهِ المُدُن نَجِدْ كُلَّ مَا نَحْتَاجُه مِنْ الْمَسِيح فَهُوَ قَدَاسِتْنَا وَكِتْفِنَا وَعَرِيسْنَا وَفَرَحْنَا وَارْتِفَاعْنَا وَحِصْنِنَا مَا أبْهَج النَّفْس الَّتِي تَمَتَّعَتْ فِيهِ . تَوْزِيعْ المُدُن :- وَرَغْم أنَّ شَرْق الأُرْدُن يَسْكُنْ سِبْطَيْنِ وَنِصْف فَقَطْ حَدَّدْ الله لَهُمْ ثَلاَث مُدُن مَلْجَأ مِثْلَهُمْ مِثْلَ تِسْعَة أسْبَاط وَنِصْف غَرْب الأُرْدُن رُبَّمَا يَرْجَعْ هذَا إِلَى أنَّ غَرْب الأُرْدُن هُنَاك تُوْجَدٌ خَيْمَة الإِجْتِمَاع فِي وَسَطِهِمْ يُقَرِّبُونَ ذَبَائِح وَعِبَادَة وَأمَّا فِي الشَّرْق لاَ يُوْجَدٌ فَهؤُلاَء البَعِيدِين ( سُكَّان الشَّرْق ) يَحْتَاجُونَ إِلَى مُدُن أكْثَر إِذْ أنَّ البَعِيدْ عَنْ العِبَادَة مُعَرَّض لِلخَطَأ أكْثَر فَيَحْتَاج إِلَى مُدُن أكْثَر وَمُدُن شَرْق الأرْض وَسُكَّانْهَا هُمْ الَّذِينَ طَلَبُوا أنْ يَمْتَلِكُوهَا مِنْ مُوسَى النَّبِي وَلاَ يَعْبُرُونَ الأُرْدُن{ إِنْ وَجَدْنَا نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ فَلْتُعْطَ هذِهِ الأَرْضُ لِعَبِيدِكً مُلْكاً وَلاَ تُعَبِّرْنَا الأُرْدُنَّ } ( عد 32 : 5 ) وَيَرْجَعْ السَبَبْ فِي إِشْتِيَاقِهِمْ لِهذِهِ الأرْض لِمَا إِتَسَمَتْ بِهِ مِنْ صَلاَحِيَة لِلرَعْيّ وَقَدْ مَلَكَ سِبْط رَأُوبِين وَجَاد مَوَاشٍ وَفِيرَة جِدّاً فَأحَسُّوا أنَّهُمْ أحْوَج إِلَى هذِهِ الأرْض مِنْ غَيْرِهِمْ وَكَانَتْ هذِهِ إِشَارَة إِلَى إِخْتِيَارِهِمْ البَشَرِي وَفَقَدُوا إِشْتِيَاق التَّطَلُّع إِلَى الأرْض الَّتِي وُهِبَتْ لِلجَمَاعَة كُلَّهَا مِنْ قِبَل الرَّبَّ تَفِيضُ لَبَناً وَعَسَلاً وَبِهذَا إِنْفَصَلُوا عَنْ التِّسْعَة أسْبَاط وَنِصْف غَرْبَيَّ الأُرْدُن فَصَارُوا كَمَنْ فِي عُزْلَةعَرَّضَتْهُمْ لِهَجَمَات الأعْدَاء حَتَّى إِضْطَّرَ بَاقِي الأسْبَاط لِلتَدَخُّل لإِنْقَاذِهِمْ( 1صم 11 ؛ 1مل 22 )أرَادُوا أنْ يَطْلُبُوا أكْلاً لِبَقَرِهِمْ وَمَوَاشِيهِمْ وَرَفَضُوا المَذْبَح وَالخَيْمَة وَالشَرِكَة مَعَ إِخْوَانِهِمْ وَهُنَا نَجِدْ فِي السِّبْطَيْنِ وَنِصْف سُكَّان شَرْق كَنْعَان صُورَة حَيَّة لِكَنِيسِة العَهْد القَدِيم الَّتِي كَانَتْ وَلاَ تَزَال جُزْءاً لاَ يَتَجَزَّأ فِي كَنِيسَة الله الوَاحِدَة وَلكِنَّهَا لَيْسَتْ فِي غِنَى بَرَكَات كَنِيسَة العَهْد الجَدِيد الَّتِي عَبَرَت مِيَاة المَعْمُودِيَّة المُقَدَّسَة ( نَهْر الأُرْدُن ) وَحَمَلَتْ فِي وَسَطْهَا المُقَدَّسَات إِنَّهَا صُورَة بَدِيعَة لِلكَنِيسَتَيْنِ جُزْء نَالَ نَصِيباً خِلاَل النَّامُوس ( مُوسَى ) حَيْثُ تَمَّتْ الغَلْبَة عَلَى يَدَيْهِ عَلَى فِرْعُون وَأخَذَ الوَصَايَا وَقَادَ الشَّعْب فِي البَرِّيَّة حَتَّى حُدُود أرْض المِيعَاد أمَّا الجُزْء الأعْظَمْ فَقَدْ تَحَقَّق فِي قِيَادِة يَشُوع ( يَسُوع ) الَّذِي دَخَلَ بِهِمْ إِلَى الأرْض عَيْنِهَا الَّتِي تَفِيضُ لَبَناً وَعَسَلاً أمَّا غَرْب الأُرْدُن فَلَهُمْ مَذْبَحٌ وَخَيْمَة وَذَبِيحَة وَكَهَنَة وَتَقْدُمَات وَأعْيَاد وَإِنْ كَانَ سُكَّان شَرْق الأُرْدُن صَنَعُوا لأِنْفُسِهِمْ مَذَابِح إِلاَّ أنَّهَا كَانَتْ مُجَرَّدْ رَمْزاً وَلكِنْ المَذْبَح الحَقِيقِي فِي الغَرْب الَّذِي يُمَثِّلْ المَذْبَح الحَقِيقِي الَّذِي لِكَنِيسِة العَهْد الجَدِيد الله أوْجَدٌ مَلْجَأ لِكَنِيسِة العَهْد القَدِيم مِنْ خِلاَل الذَّبَائِح الدَّمَوِيَّة كَرَمْز إِلَى أنْ نَتَمَتَّعْ بِالذَّبِيحَة الحَقِيقِيَّة ذَبِيحِة نَفْسِهِ فِي العَهْد الجَدِيد كَذَبِيحَة وَفِدَاء وَكَفَّارَة لَيْسَ رَمْزاً بَلْ مَلْجَأً حَقِيقِيّاً فِيهِ خَلاَصِنَا وَفِدَاءِنَا وَرُبَّمَا هُنَا نَجِدْ صُورَة بَالِغَة لِصَلاَح الله الَّذِي تَعَامَلْ مَعَ السِّبْطَيْنِ وَنِصْف بِكُلَّ رَأفَة إِذْ كَانَ يُمْكِنْ أنْ يَقْضِي لَهُمْ أنَّ مَادُمْتُمْ قَدْ إِخْتَرْتُمْ مِيرَاثَكُمْ فِي أرْض خِلاَف أرْض المَوْعِد وَاقْتَنَعْتُمْ وَرَضَيْتُمْ بِأقَلْ مِنْ كَنْعَان أرْض المَوْعِد فَلاَ تَنْتَظِرُوا أنْ تَتَمَتَّعُوا بِإِمْتِيَازَات وَبَرَكَات هذِهِ الأرْض فَيَجِبْ أنْ تَكُون قَاصِرَة فَقَطْ عَلَى سُكَّانْهَا وَلِهذَا يَجِبْ عَلَى قَاتِلْ النَّفْس سَهْواً لِكَيْ يَنْجُو بِحَيَاتُه أنْ يَجْتَاز نَهْر الأُرْدُن وَيَتَحَصَّنْ فِي إِحْدِى مُدُن المَلْجَأ هُنَاك وَلكِنْ الله يُعَامِلْهُمْ بِحَسَبْ نِعْمَتِهِ وَلاَ بِحَسَبْ نَامُوسِهِمْ إِذْ أفْكَارُه غَيْر أفْكَارِهِمْ وَطُرُقُه غَيْر طُرُقِهِمْ وَقَدْ نَرَى نَحْنُ أنَّ إِيجَادْ مَدِينَة مَلْجَأ وَاحِدَة لِلسِّبْطَيْن وَنِصْف كَافٍ جِدّاً لِلدِلاَلَة عَلَى نِعْمَة الله وَمَحَبَّتِهِ وَلكِنْ مُبَارَك إِلَهْنَا الَّذِي يَعْمَلْ فَوْقَ مَا نُفَكِّر وَأكْثَر جِدّاً مِمَّا نَطْلُب أوْ نَفْهَمْ وَلِهذَا إِقْتَضَتْ نِعْمَة الله الغَنِيَّة أنْ تَجْعَلْ مِنْ إِقْلِيمْ السِّبْطَيْنِ وَنِصْف الصَّغِير الرَّافِض الدُّخُول إِلَى أرْض المِيعَاد أنْ يَكُون لَهُمْ ثَلاَث مُدُن مَلْجَأ فِي تَسَاوٍ مَعَ التِّسْعَة أسْبَاط وَنِصْف سُكَّان غَرْب الأُرْدُن هذَا هُوَ إِلَهْنَا الصَّالِح الَّذِي لاَ يُعَامِلْنَا بِحَسَبْ تَعَدِيَاتْنَا بَلْ بِحَسَبْ كَثْرِه مَحَبَّتِهِ لِلبَشَر . القس أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا أنطونيوس محرم بك الاسكندرية عن كتاب مدن الملجأ
المزيد
08 ديسمبر 2019

شَرِيعِة مُدُن الْمَلْجَأ

وَمِنْ هذِهِ التَّدَابِير الرَّائِعَة شَرِيعِة مُدُنْ الْمَلْجَأ الَّتِي نَوِدْ أنْ يَقُودَنَا رُوح الله فِي رِحْلَة هَادِئَة مَعَهَا لِنَتَعَرَّفْ عَلَى أهْدَافْهَا وَمَقَاصِدْهَا وَبَرَكَاتْهَا وَلاَبُدْ أنْ نَأخُذْ فِكْرَة أوَّلاً سَرِيعَة عَنْ هذِهِ الشَّرِيعَة مِنْ خِلاَل الإِطِّلاَع عَلَى هذِهِ الأجْزَاء المُقَدَّسَة( تث 19 ؛ يش 20 ؛ عد 35 ){ مَتَى قَرَضَ الرَّبُّ إِلهُكَ الأُمَمَ الَّذِينَ الرَّبُّ إِلهُكَ يُعْطِيكَ أَرْضَهُمْ وَوَرِثْتَهُمْ وَسَكَنْتَ مُدُنَهُمْ وَبُيُوتَهُمْ تَفْرِزُ لِنَفْسِكَ ثَلاَثَ مُدُنٍ فِي وَسَطِ أَرْضِكَ الَّتِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ لِتَمْتَلِكَهَا تُصْلِحُ الطَّرِيقَ وَتُثَلِّثُ تُخُومَ أَرْضِكَ الَّتِي يَقْسِمُ لَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ فَتَكُونُ لِكَيْ يَهْرُبَ إِلَيْهَا كُلُّ قَاتِلٍ . وَهذَا هُوَ حُكْمُ الْقَاتِلِ الَّذِي يَهْرُبُ إِلَى هُنَاكَ فَيَحْيَا . مَنْ ضَرَبَ صَاحِبَهُ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَهُوَ غَيْرُ مُبْغِضٍ لَهُ مُنْذُ أَمْسِ وَمَا قَبْلَهُ وَمَنْ ذَهَبَ مَعْ صَاحِبِهِ فِي الْوَعْرِ لِيَحْتَطِبَ حَطَباً فَانْدَفَعَتْ يَدُهُ بِالْفَأْسِ لِيَقْطَعَ الْحَطَبَ وَأَفْلَتَ الْحَدِيدُ مِنَ الْخَشَبِ وَأَصَابَ صَاحِبَهُ فَمَاتَ فَهُوَ يَهْرُبُ إِلَى إِحْدَى تِلْكَ الْمُدْنِ فَيَحْيَا لِئَلاَّ يَسْعَى وَلِيُّ الدَّمِ وَرَاءَ الْقَاتِلِ حِينَ يَحْمَى قَلْبُهُ وَيُدْرِكَهُ إِذَا طَالَ الطَّرِيقُ وَيَقْتُلَهُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ حُكْمُ الْمَوْتِ لأَنَّهُ غَيْرُ مُبْغِضٍ لَهُ مُنْذُ أَمْسِ وَمَا قَبْلَهُ . لأِجْلِ ذلِكَ أَنَا آمُرُكَ قَائِلاً ثَلاَثَ مُدُنٍ تَفْرِزُ لِنَفْسِكَ . وَإِنْ وَسَّعَ الرَّبُّ إِلهُكَ تُخُومَكَ كَمَا حَلَفَ لآِبَائِكَ وَأَعْطَاكَ جَمِيعَ الأَرْضِ الَّتِي قَالَ إِنَّهُ يُعْطِي لآِبَائِكَ . إِذْ حَفِظْتَ كُلَّ هذِهِ الْوَصَايَا لِتَعْمَلَهَا كَمَا أَنَا أُوصِيكَ الْيَوْمَ لِتُحِبَّ الرَّبَّ إِلهَكَ وَتَسْلُكَ فِي طُرُقِهِ كُلَّ الأَيَّامِ فَزِدْ لِنَفْسِكَ أَيْضاً ثَلاَثَ مُدْنٍ عَلَى هذِهِ الثَّلاَثَ . حَتَّى لاَ يُسْفَكَ دَمُ بَرِيٍّ فِي وَسَطِ أَرْضِكَ الَّتِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ نَصِيباً فَيَكُونَ عَلَيْكَ دَمٌ . وَلكِنْ إِذَا كَانَ إِنْسَانٌ مُبْغِضاً لِصَاحِبِهِ فَكَمَنَ لَهُ وَقَامَ عَلَيْهِ وَضَرَبَهُ ضَرْبَةً قَاتِلَةً فَمَاتَ ثُمَّ هَرَبَ إِلَى إِحْدَى تِلْكَ الْمُدُنِ يُرْسِلُ شُيُوخُ مَدِينَتِهِ وَيَأْخُذُونَهُ مِنْ هُنَاكَ وَيَدْفَعُونَهُ إِلَى يَدِ وَلِيِّ الدَّمِ فَيَمُوتُ لاَ تُشْفِقْ عَيْنُكَ عَلَيْهِ فَتَنْتَزِعَ دَمَ الْبَرِيِّ مِنْ إِسْرَائِيلَ فَيَكُونَ لَكَ خَيْرٌ }( تث 19 : 1 – 13) نَجِدْ أنَّ الله يُدَافِعْ عَنْ الَّذِي يُقْتَل سَهْواً بِغَيْرِ عَمْدٍ أوْ بُغْضَه وَيَأمُر بِإِقَامِة مُدُن مَلْجَأ لِيَحْتَمِي فِيهَا فَأمَرَ الله مُوسَى بِإِقَامِة ثَلاَث مُدُن شَرْق الأُردُن وَأكْمَلَهُمْ يَشُوع بِثَلاَث مُدُن أُخْرَى غَرْب الأُرْدُن لِكَيْ يَحْتَمِي فِيهَا كُلُّ قَاتِل نَفْس سَهْواً وَبِغَيْرِ عَمْدٍ وَيَسْكُنْ فِي تِلْكَ المَدِينَة حَتَّى يَقِفْ أمَام الجَمَاعَة لِلقَضَاء وَلاَ يَخْرُج مِنْهَا إِلاَّ بَمَوْتِ الكَّاهِنْ العَظِيمْ ثُمَّ يَرْجِعْ إِلَى مَدِينَتِهِ وَبَيْتِهِ وَاهْتَمَّ الله أنْ تَكُون المُدُن مُوَزَعَة تَقْرِيباً عَلَى حُدُود مِسَاحِة الأرْض بِحَيْثُ تَكُون فِي وَسَطْ الأسْبَاط وَالطُّرُق المُؤَدِيَة إِلَيْهَا تَكُون مُصْلَحَة وَوَاضِحَة كَلِمَة " مَلْجَأ " تَأتِي مِنْ لَجَأَ وَلَجَأَ إِلَى الشِئ أوْ المَكَان أي إِعْتَصَمَ بِهِ وَلاَذَ بِهِ وَاسْتَنَدَ إِلَيْهِ وَالمَلْجَأ هُوَ المَلاَذْ أوْ المُعْتَصَمْ وَكَانَ تَوْزِيع مُدُن المَلْجَأ يَجْعَل مِنْ القَاتِلْ سَهْواً أنْ يَهْرَب إِلَى إِحْدَاهَا قَبْل أنْ يُدْرِكَهُ وَلِيِّ الدَّم( المُنْتَقِمْ ) وَكَانَ وَلِيِّ الدَّم فِي إِسْرَائِيل قَدِيماً هُوَ أقْرَب الذُّكُور إِلَى القَتِيلْ وَكَانَ مُلْتَزِماً بِأخَذْ الثَّأر لِقَرِيبُه المَقْتُول ( عد 35 : 19) وَمِنْ هُنَا كَانَ ضَرُورَة لِتَدَخُّل إِلهِي لِحِمَايِة القَاتِلْ السَهْو فَسَمَحَ الله وَدَبَّر بِإِقَامِة مُدُن المَلْجَأ وَهُنَا يَجِبْ أنْ نَدْخُلْ فِي عُمْق التَّدْبِير الإِلهِي لِنَعْرِف مَا هُوَ المَعْنَى الرُّوحِي لِمَدِينِة المَلْجَأ ؟ المَفْهُوم الرُّوحِي لِمَدِينِة المَلْجَأ :- سَفْك الدَّم :- فِي ( تك 9 : 6 ) نَجِدْ أبْنَاء نُوحٌ تُقَدَّم لَهُمْ وَصَايَا أنَّ مَنْ يَسْفِك دَم إِنْسَان يُسْفَكُ دَمَهُ إِنْتِقَاماً لِلدَّم وَلكِنْ فِي حَالِة سَفْك دَم خَطَأ وَلَيْسَ عَنْ عَمْد أوْ بُغْضَه أمَرَ الله بِإِقَامِة مُدُن مَلْجَأ يَحْتَمِي فِيهَا القَاتِلْ سَهْواً وَأوْصَى الله بِتَحْدِيدْ ثَلاَث مُدُن وَإِذْ كَانَ الشَّعْب إِقْتَرَبَ مِنْ الدُّخُول إِلَى أرْض المَوْعِدْ قَدَّم لَهُمْ تَوْجِيهَات بِإِقَامِة ثَلاَث مُدُن أُخْرَى بَعْدَ عُبُورِهِمْ الأُرْدُن .. { وَإِنْ وَسَّعَ الرَّبُّ إِلهُكَ تُخُومَكَ كَمَا حَلَفَ لآِبَائِكَ وَأَعْطَاكَ جَمِيعَ الأَرْضِ الَّتِي قَالَ إِنَّهُ يُعْطِي لآِبَائِكَ فَزِدْ لِنَفْسِكَ أَيْضاً ثَلاَثَ مُدْنٍ عَلَى هذِهِ الثَّلاَثِ حَتَّى لاَ يُسْفَكَ دَمُ بَرِيٍّ فِي وَسَطِ أَرْضِكَ } ( تث 19 : 8 – 10) الله يُرِيدْ أنْ يُوقِفْ تَيَار الدَّم لِذلِك حَدَّدٌ هذِهِ المُدُن وَأسْمَائِهَا وَمَوَاقِعْهَا وَشُرُوطْهَا هُنَا نَجِدْ مَجَالاً وَاسِعاً لِنِعْمَة الله الَّتِي سَمَتْ وَتَسْمُو دَائِماً فَوْقَ ضَعَفَات الإِنْسَان وَسَقَطَاتُه فَالله يَهْتَمْ بِالضُّعَفَاء حَتَّى أنَّهُ يَنْظُر إِلَى قَاتِلْ النَّفْس سَهْواً وَلاَ يَتْرُكَهُ بَلْ يُدَبِّر لَهُ مَلْجَأً يَحْتَمِي فِيهِ لِيَضْمَنْ سَلاَمَتِهِ وَأمْنِهِ . مُدُن المَلْجَأ ضِمْنَ مُدُن اللاَّوِيِيِّن :- وَلاَبُدْ أنْ نَعْرِف أنَّهُ حِينَ دَخَلَ الشَّعْب أرْض المِيعَاد تَمَّ تَقْسِيم الأرْض عَلَى الأسْبَاط أمَّا سِبْط لاَوِي فَلَمْ يُعْطِهِ مُوسَى نَصِيباً بِحَسَبْ وَعْد الرَّبَّ لَهُمْ .. { الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ هُوَ نَصِيبُهُمْ كَمَا كَلَّمَهُمْ } ( يش 13 : 33 ) وَبَعْدَ أنْ تَمَّ تَقْسِيمْ الأرَاضِي عَلَى الأسْبَاط أمَرَ الرَّبَّ إِعْطَاء اللاَّوِيِّين مُدُن خَاصَّة بِهِمْ لِيَسْكُنُونَ وَسَطْ الأسْبَاط وَحَدَّدْ لَهُمْ ثَمَانٍ وَأرْبَعُونَ مَدِينَة مَعَ مَسَارِحْهَا" أي المِسَاحَة الَّتِي حَوْلَهَا " ( يش 21 : 41 ) . وَصْف مُدُن المَلْجَأ :- { أَوْصِ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يُعْطُوا اللاَّوِيِّينَ مِنْ نَصِيبِ مُلْكِهِمْ مُدُناً لِلسَّكَنِ وَمَسَارِحَ لِلْمُدُنِ حَوَالَيْهَا تُعْطُونَ اللاَّوِيِّينَ فَتَكُونُ الْمُدُنُ لَهُمْ لِلسَّكَنِ وَمَسَارِحُهَا تَكُونُ لِبَهَائِمِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ وَلِسَائِرِ حَيَوَانَاتِهِمْ . وَمَسَارِحُ الْمُدُنِ الَّتِي تُعْطُونَ اللاَّوِيِّينَ تَكُونُ مِنْ سُورِ الْمَدِينَةِ إِلَى جِهَةِ الْخَارِجِ ألْفَ ذِرَاعٍ حَوَالَيْهَا فَتَقِيسُونَ مِنْ خَارِجِ الْمَدِينَةِ جَانِبَ الشِّمَالِ أَلْفَيْ ذِرَاعٍ وَتَكُونُ الْمَدِينَةُ فِي الْوَسْطِ هذِهِ تَكُونُ لَهُمْ مَسَارِحَ الْمُدُنِ } ( عد 35 : 2 – 5 ) كَانَتْ كُلَّ مَدِينَة مِمَّا يُعْطَى لِلاَّوِيِّين تَتَوَسَط الضَّوَاحِي( المَسَارِح ) الَّتِي تُحِيطْ بِهَا مِنْ الجِهَات الأرْبَعْ بِعَرْض ثَلاَثَة آلاَف ذِرَاع مِنْ سُور المَدِينَة إِلَى الخَارِج مِنْ كُلَّ جِهَة الألْف ذِرَاع تُخَصَّص لإِقَامِة مَسَاكِنْ العَبِيدْ وَحَظَائِر المَوَاشِي وَالحَيَوَانَات الأُخْرَى وَمَخَازِنْ لِلغِلاَل وَالثِّمَار وَرُبَّمَا زَرَعُوا بِهَا بَسَاتِين وَكُرُوم وَالألْفَيّ ذِرَاعٍ تُخَصَّص كَمَرَاعٍ لِلمَاشِيَة وَالأغْنَام وَقَدْ دَبَّرَ الله بِحِكْمَتِهِ إِقَامِة القَاتِلْ بَيْنَ الكَهَنَة وَاللاَّوِيِّين وَهُمْ مُعَلِّمُوا الشَّرِيعَة فَيَحْمُونَهُ بِمُوجَبْ القَانُون الإِلهِي وَيَكُونْ أيْضاً تَحْت رِعَايَتِهِمْ الرُّوحِيَّة فَيَفْتَقِدُونَهُ وَيُعَلِّمُونَهُ وَهُنَا يُعْلِنْ الله إِهْتِمَامُه بِخُدَّامُه الَّذِينَ لاَ يَرِثُونَ أرْضاً لكِنَّهُمْ يَسْكُنُون فِي مُدُن مُعَيَّنَة خَصَّص بَعْضٍ مِنْهَا كَمَلْجَأ لِلَّذِينَ يَقْتِلُونَ إِنْسَاناً سَهْواً وَكَأنَّ الله أرَادَ أنْ يُعَرِّف الشَّعْب أنَّ غَايِة الكَهَنَة هُوَ إِرْشَادَهُمْ إِلَى السَيِّدْ الْمَسِيح المَلْجَأ الحَقِيقِي الَّذِي فِيهِ يَخْتَفِي المُؤمِنُون مِنْ الشَّر وَالشِّرِّير الله أقَامَ الكَهَنَة وَسَطْ الشَّعْب لأِجْل التَّعْلِيمْ وَالقَضَاء{ يُعَلِّمُونَ يَعْقُوبَ أَحْكَامَكَ وَإِسْرَائِيلَ نَامُوسَكَ }( تث 33 : 10)تَخَيَّلْ مَعِي أنَّ القَاتِلْ سَيَسْكُنْ وَسَطْ الكَهَنَة يَسْمَعَهُمْ يُرِتِلُون وَيُسَبِّحُون وَيَنْصِتْ إِلَى تَفْسِير الشَّرِيعَة هذَا الأمر سَيَجْعَلَهُ فِي تَعْزِيَة وَمَسَرَّة لأِنَّنَا لاَ نَنْسَى أنَّ هذَا الشَّخْص إِنْفَصَلَ عَنْ عَائِلَتُه وَأحِبَّائُه وَانْتَقَلَ إِلَى حَيَاة جَدِيدَة فِي مَدِينَة لاَ يَعْرِف فِيهَا أحَدٌ وَلكِنَّهَا مُعَدَّه بِالأفْرَاح وَمَمْلُؤَة بِالأمْن السَّلاَم . الله مَلْجَأنَا :- هذِهِ المُدُن هِيَ نَصِيب لِلرَّبَّ إِنَّهَا إِشَارَة إِلَى أنَّ الله مَلْجَأ الخُطَاة .. وَإِذْ كَانَ اللاَّوِيِّين يَحْمُون القَتِيل بِحَسَبْ الشَّرِيعَة وَهُوَ يَعِيش فِي وَسَطِهِمْ فَلِذلِك كَانَ قَتْل إِنْسَان يَحْتَمِي بِمُدُن المَلْجَأ هُوَ إِهَانَة لله وَلاَ يُوْجَدٌ أي سِلاَحٌ يَحْمِي القَاتِلْ دَاخِلْ مَدِينَة المَلْجَأ سِوَى كَلِمَة الله وَوَعْدُه وَهذَا يُشِير إِلَى أنَّ وَعْد الله وَكَلِمَتَهُ فِيهَا حِمَايَة كِفَايَة لَنَا فَنَحْنُ نَثِق فِي أنَّ مَوَاعِيدُه صَادِقَة وَغَيْر كَاذِبَة فَهُوَ الأمِين عَلَى غُفْرَان خَطَايَانَا وَهُوَ الَّذِي سُرَّ أنْ يُعْطِينَا المَلَكُوت . الخَلاَص وَمُدُن المَلْجَأ :- نُلاَحِظْ أنَّ مُوسَى النَّبِي أوْصَى بِالمُدُن وَلكِنْ بَعْد دُخُولَهُمْ إِلَى كَنْعَان ثُمَّ قَامَ بِبُنَائَهُمْ يَشُوع{ اجْعَلُوا لأَنْفُسِكُمْ مُدُنَ الْمَلْجَإِ كَمَا كَلَّمْتُكُمْ عَلَى يَدِ مُوسَى } ( يش 20 : 2 ) إِذاً النَّامُوس أوْصَى وَيَشُوع تَمَّمْ وَعَمَلْ لِيَصِير يَسُوع هُوَ المَلْجَأ الحَقِيقِي الله مَالِك السَّمَاء وَالأرْض وَهَبْ شَعْبُه أرْض المَوْعِد بِكُلَّ مَا فِيهَا مِنْ مُدُن ثُمَّ عَادَ وَطَلَبْ أنْ يَكُون لَهُ ثَلاَث مُدُن فِي كُلَّ ضَفَّة تُنْسَبْ لَهُ يَلْجَأ إِلَيْهَا الطَّالِبُونَ رَحْمَتَهُ مَا أعْظَمْ تَدَابِير عَمَلْ الله المُعْتَنِي بِكُلَّ أحَدٌ الَّذِي أنْقَذَنَا مِنْ حُكْم المَوْت الأبَدِي المُؤَكَدْ إِذْ أرْسَلْ إِبْنَهُ الوَحِيدْ لِيَكُون لَنَا مَلْجَأً حَصِيناً فَنَحْنُ الَّذِينَ كُنَّا أمْوَاتَاً بِالذُّنُوب وَالخَطَايَا الَّتِي سَلَكْنَا فِيهَا أحْيَانَا مَعَ الْمَسِيح .. لَقَدْ أنْقَذَ بِمَوْتِهِ عَلَى الصَّلِيب المُنْقَادِينْ إِلَى المَوْت المَمْدُودِينْ لِلقَتْلِ ( أم 24 : 11) وَرَفَعْنَا مِنْ أبْوَاب المَوْت ( مز 9 : 13) إِذْ بَذَلَ نَفْسَهُ فِدَاءً عَنَّا وَبِذلِك تُشِير مَدِينِة المَلْجَأ إِلَى الْمَسِيح مُخَلِّص العَالَمْ الَّذِي حَلَّ بَيْنَنَا ( يو 1 : 14) وَلَمْ يَعُدْ بَعِيداً عَنَّا بَلْ إِقْتَرَبَ إِلَيْنَا جِدّاً لِيَصِير حِصْنَنَا فِيهِ نَتَحَرَّر مِنْ الدَّيْنُونَة ( رو 8 : 1) تَطَّلْع أشْعِيَاء النَّبِي إِلَى هذِهِ المَدِينَة الفَرِيدَة فَقَالَ { مَدِينَةٌ قَوِيَّةٌ يَجْعَلُ الْخَلاَصَ أَسْوَاراً وَمَتْرَسَةً }( أش 26 : 1) وَأوْضَح أشْعِيَاء وَقَالَ { يَكُونُ إِنْسَانٌ كَمَخْبَإٍ مِنَ الرِّيحِ وَسِتَارَةٍ مِنَ السَّيْلِ}( أش 32 : 2 ) . مَدِينِة المَلْجَأ وَالْمَسِيح :- وَجَدْنَا شَخْص رَبَّنَا يَسُوع الْمَسِيح فِي تَجَسُّدِهِ بِالحَقَّ مَلْجَأً حَصِيناً لِكُلَّ مَنْ أتَى إِلَيْهِ صَارَ مَلْجَأً لِلمَرْأة الخَاطِئَة بِالرَّغْم مِنْ وُجُودْهَا فِي بَيْت الفَرِّيسِي فَأوْقَفْ الإِنْتِقَادَات وَدَافَعْ عَنْهَا وَبَرَّرْهَا وَهِيَ صَامِتَة هَلْ رَأيْتَ مَلْجَأً مِثْلَ هذَا ؟ كَذلِك فَعَلَ مَعَ لاَوِي وَمَعَ زَكَّا وَالَّتِي أُمْسِكَتْ فِي ذَاتَ الفِعْل المَضْبُوطَة لِيُحْكَمُ عَلَيْهَا بِمَوْتٍ مُحَقَّق وَجَدْنَاه يُدَافِعْ عَنْهُمْ دُونَ أنْ يَطْلُبُوا مِنْهُ وَلكِنْ بِمُجَرَّدْ وُقُوفِهِمْ بِجَانِبِهِ هُوَ يُقَدِّم الحِمَايَة الكَافِيَة وَإِنْ إِتَهَمَهُ أحَدٌ بِحِمَايِة الخُطَاة !!! يُذَكِّرَهُمْ أنَّهُ لاَ يَحْتَاج الأصِحَاء إِلَى طَبِيب بَلْ المَرْضَى وَيُعَرِّفَهُمْ بِقِيمِة هذَا الَّذِي إِلْتَجَأَ إِلَيْهِ إِذْ هُوَ إِبْن إِبْرَاهِيم لأِنَّهُ جَاءَ لِيَطْلُبْ وَيُخَلِّص مَا قَدْ هَلَك . الكَنِيسَة مَلْجَأنَا :- وَلِيَضْمَنْ لَنَا دَوَام بَقَاء وَعْدَهُ بِسَلاَمِة الخَاطِئ طَالَمَا إِلْتَجَأَ إِلَيْهِ هَيَّأ لَنَا أرْوَع مَدِينِة مَلْجَأإِنَّهَا دَاخِلْ جَنْبَهُ المَطْعُون الَّذِي سَمَحَ أنْ يُفْتَح لِكَيْ نَدْخُلُ إِلَيْهِ وَنَسْكُنْ فِي عَرْشِ نِعْمَتِهِ وَيَكُونُ بِهذَا أسَّسْ كَنِيسَتُه الَّتِي هِيَ مَدِينَة المَلْجَأ الَّتِي تَحْمِلْ بَهَاء الْمَسِيح الَّذِي يُشْرِق عَلَى النِّفُوس إِنَّهَا تُنَادِي الجَمِيعْ إِهْرَبُوا إِلَى المَلْجَأ إِلَى الرَّجَاء الَّذِي يُقَدِّمَهُ لَكُمْ الْمَسِيح وَبِحَسَبْ تَعْبِير القِدِيس إِيرِينِيِئُوس أُسْقُفْ لِيُون يَنْبَغِي أنْ نَلْجَأ إِلَى الكَنِيسَة وَنَحْتَمِي فِي حِضْنَهَا وَنَرْضَعْ وَنَتَغَذَّى مِنْ أسْرَارِهَا الإِلَهِيَّة لأِنَّ الكَنِيسَة غُرِسَتْ فِي وَسَطْ العَالَمْ كَفِرْدُوس نَعِيمْ عَلَى الأرْض إِنَّهَا المَجَال الخِصْب لِعَمَلْ رُوح الله فَهِيَ إِسْتِمْرَار لِلبِشَارَة المُفْرِحَة حَيَّة وَحَاضِرَة وَدَائِمَة وَمَنْ هُوَ القَاتِلْ السَهْو الغِير مُبْغِض ؟هُوَ يُشِير لِلخَاطِئ الَّذِي هُوَ أنَا وَأنَا أقْتُلْ نَفْسِي سَهْواً رَغْم إِنِّي أعْلَمْ أنَّ أُجْرِة الخَطِيَّة مَوْت إِلاَّ إِنِّي دَائِمْ السَعْي إِلَيْهَا بِكُلَّ شَوْق وَاجْتِهَادْ وَأنْسَى أوْ أتَنَاسَى إِنِّي بِخَطَايَاي أذْهَبْ إِلَى الجَحِيمْ وَالهَلاَك وَهُنَا تَتَصَارَعْ رَغَبَات الإِنْسَان مَعَ حِيَلْ العَدُو فَيَدْخُلْ إِلَى اللامُبَالاَه فَالخَاطِئ يُرِيدْ أنْ يُحَقِّق رَغَبَات لَمْ يُدْرِك أنَّهَا لِهَلاَكُه فَهُوَ يَقْتُلْ نَفْسُه مَعَ أنَّهُ لاَ يُبْغِضْهَا فَهُوَ يَقْتُلْ بِغَيْر عِلْم " سَهْو " وَرَغْم مَحَبِّتْنَا لأِنْفُسَنَا إِلاَّ أنَّنَا نُهْلِكَهَا وَالسَيِّدْ الْمَسِيح الدَّيَان العَادِل يَنْظُر إِلَى الخَاطِئ أنَّهُ لاَ يُدْرِك هذَا مَا رَأيْنَاه فِيهِ حِينَ إِلْتَمَسَ العُذْر لِصَالِبِيه إِذْ قَالَ أنَّهُمْ لاَ يَدْرُونَ مَا يَفْعَلُون فَهُوَ مِنْ كَثْرِه صَلاَحُه جَعَلَ مِنْ تَعَدِّي الإِنْسَان عَدَم دِرَايَه وَحِينَ يَدْخُلْ الخَاطِئ فِي مَشَاعِر تَوْبَة حَقِيقِيَّة وَصَادِقَة يَكْتَشِفْ مِقْدَار الجَهْل وَالزِيف الَّذِي كَانَ يَحْيَاه فَيَصْرُخ خَطَايَا صِبَاي وَجَهْلِي لاَ تَذْكُر وَحِينَ يَتَضَرَّع الكَّاهِنْ أمَام الذَّبِيحَة عَنْ خَطَايَا شَعْبُه يَذْكُرْهَا { جَهَالاَت شَعْبَك }هذَا الشُّعُور أدْرَك مُعَلِّمْنَا بُولِس الرَّسُول الَّذِي كَانَ قَبْلاً يَضْطَهِدْ الْمَسِيحِيِّين وَيَظُنْ أنَّهُ يُقَدِّم خِدْمَة لله فَهُوَ لاَ يُدْرِك مَا يَفْعَلْ لِذلِك نَجِدَهُ يَعْتَرِف بِجَرْأة{ لكِنَّنِي رُحِمْتُ لأَنِّي فَعَلْتُ بِجَهْلٍ فِي عَدَمِ إِيمَانٍ } ( 1تي 1 : 13) فَإِنْ كَانَ قَتَلْ أوْ سَيَقْتِل أحَداً فَهُوَ يَعْتَرِف بِجَهْلٍ فَعَلْتُ ذلِك وَهذِهِ أرْوَع مَشَاعِر التَوْبَة الَّتِي تَجْلِب مَرَاحِمْ الله الغِير مُتَنَاهِيَة وَهيَ الإِعْتِذَار عَنْ الجَهْل وَلأِنَّ مَرَاحِمْ الله وَاسِعَة فَلَمْ يَشَأ أنْ يَجْعَلْ لِكُلَّ إِسْرَائِيل مَدِينَة مَلْجَأ وَاحِدَة بَلْ أمَرَ بِإِقَامِة سِتَّة مُدُن وَهذَا مَا سَوْفَ نَتَحَدَّث عَنْهُ . القس أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا أنطونيوس محرم بك الاسكندرية عن كتاب مدن الملجأ
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل