المقالات

18 نوفمبر 2018

شفاء الإرادة الضعيفة

معلمنا بولس الرسول يقول لنا في رسالته لأهل رومية أصحاح " 7 ، 8 " آيتين عن الإرادة تُعبِّر عن حالته قبل أن يعرف المسيح ﴿ ليس ساكن فيَّ أي في جسدي شيء صالح لأن الإرادة حاضرة عندي وأما أن أفعل الحُسنى فلستُ أجد لأني لستُ أفعل الصالح الذي أُريده بل الشر الذي لستُ أُريده فإياه أفعل ﴾ ( رو 7 : 18 – 19) لماذا ؟ لأني لم أعرف بعد المسيح لكن بعد معرفتي للمسيح الأمر تغيَّر تماماً ﴿ لا شيء من الدينونة الآن على الذين هم في المسيح يسوع السالكين ليس حسب الجسد بل حسب الروح ﴾ ( رو 8 : 1) الإرادة هي طاقة الفعل طاقة القرار طاقة الحركة في الإنسان الذي يحرك الفعل هو الإرادة إنسان بدون إرادة مثل جهاز بدون موتور نعم مظهره جيد مُتكامل لكن ليس بموتور إذاً صار قطعة ديكور إذاً إرادتنا هي المُحرك الفعلي لقرارتنا وكل ما نقتنع به يُترجم لفِعْل معروف أن إرادة الله لنا هي قداستنا ﴿ الذي يريد أن جميع الناس يخلُصون وإلى معرفة الحق يُقبلون ﴾ ( 1تي 2 : 4 )﴿ هذه هي إرادة الله قداستكم ﴾ ( 1تس 4 : 3 )إذاً الله يريد لي فماذا أريد أنا ؟ إن قلت له أنا أيضاً أريد القداسة يقول لي إذاً إرادتي وإرادتك تلاقيا تقول له هل أنت يا الله منتظر إرادتي ؟ يقول لي نعم أنا قادر على كل شئ لكن لكي أُخلِّصك لابد من إرادتك أنت يقول القديس أوغسطينوس ﴿ الله الذي خلقك بدونك لا يريد أن يُخلِّصك بدونك ﴾ وفي ترجمات أخرى يقول " لا يستطيع " يوم أن خلقك لم تكن موجود لكن يوم أن يُخلِّصك لابد أن يُخلِّصك بك أنت لابد أن تقول له أنا أريد أنا محتاج إذاً تعال هو يعطيك دعوة أن تدخل إلى عرسه لكن عليك أنت أن تُلبي الدعوة هو مشتاق أن تأتي إليه لأنه أعطاك الدعوة وهو يقول لك " ليتك تأتي لأني سأحزن إن لم تأتي إلى عُرسي " وأنت أيضاً تقول له أنا مشتاق أن آتي إلى عُرسك وهو يقول أنا منتظرك وتدخل إلى عُرسه وتجد فرحة لا تُوصف الإرادة تتكون من :- العقل الإقتناع . الميل والإحتياج صراع أو اتفاق بينهما . الهدف مثل طالب له هدف واقتناع وميل واحتياج لأمر مُعيَّن ومستقبل مُعيَّن . الميل والإحتياج موجودان والعقل مُقتنع والهدف موجود إذاً الإرادة حاضرة وجيدة . 1. العقل :- الأنبا أنطونيوس قال ﴿ أن الخطية هي الجنون هي اختلال العقل ﴾ لماذا ؟ لأن الخاطي هو من يضحي بأمر غالي جداً مقابل أمر رخيص فيُثبِت أن عقله غير سليم هل رأيت شخص معه خاتم سوليتير قيمته مائة ألف جنية ويأتي شخص آخر يقول له أعطني هذا الخاتم مقابل جنيهان فيعطيه له ثم يسأله إحذر أن يكون الجنيهان مُزوران ولا تخدعني ولما يأخذ الجنيهان يشعر أنه قد كسب ويشتري بهما أمور تافهة ويشعر أنه سعيد هكذا الخطية أمر أفعله ألهو به الآن ولكنه يُسبب لي خسارة كبيرة أمر دفع فيه ثمن غالي جداً أبيعه بخدعة وأتنازل عن الغالي بالرخيص لذلك أطلق الأنبا أنطونيوس على الخطية اسم " الجنون والإختلال " أما العقل فهو البِر ماذا أريد أنا وماذا أرتب لحياتي ؟ هل تعلم أن الخطية دمار ؟ البعض مقتنع أن الخطية دمار والبعض مقتنع أنها لذيذة مُمتعة المقتنع أن الخطية مُمتعة هو شخص إرادته ضعيفة ولم يصل إلى درجة الإقتناع أن الحياة مع الله أفضل جداً لم يصل إلى درجة الإقتناع بأن الخطيئة مدمرة جداً لنفسه وجسده وروحه لم يعرف الأضرار النفسية والروحية والجسدية المؤذية له باستمراره في الخطية وطاعتها القديس أوغسطينوس قبلما يتوب كانوا يطلبون منه أن يتوب لأن الخطية ضارة جداً كان يقول لهم أن الخطية لذيذة وليست ضارة قالوا له قل لله اشفِ إرادتي الضعيفة وقف أمام الله وقال له أن الخطيئة ألذ منك لكن لو أنت تريدني فلتكن أنت ألذ من الخطية ﴿ إني أجد في الخطية لذة عنك وإن أردتني تائباً فاعلن لي لذِّتك فإني أريد أقول لك ربما أريد أن أتوب ولكن ليس الآن ﴾ لما شخص يُعلن لذته بالخطية كيف تكلِّمه عن الإرادة مادام هو غير مقتنع لذلك ضع داخلك قناعة كاملة أن الخطية مدمرة وأنها أبعدتك عن الله وعن نفسك وعن الآخرأحد القديسين قال لله ﴿ أن الخطية جعلتني أخسرك وأخسر نفسي وأخسر السماء ﴾ خسرت ثلاثة الله ونفسي والسماء فهل هناك خسارة أفظع من ذلك كارثة لذلك يقول ﴿ عار الشعوب الخطية ﴾ ( أم 14 : 34 ) كارثة الشعوب الخطية لذلك إخوتنا في الغرب وأمريكا يضعون مُسميات أخرى للخطية ليهربوا من خزيها فيقولون عن أمور مُهينة لله جداً ومُهينة للإنسان إنها أمور فسيولوچية أو مشاعر طبيعية أو ميول إنسانية لأنه لم يستطِع أن يتواجه مع دناءِة نفسه ويريد أن يقنع نفسه بالخطية فيضع عناوين تعطيه مُسكِّن الإقتناع أو العقل من أهم مكونات الإرادة إنسان يريد أن يعمل رچيم فكَّر أن جسمه زائد في الوزن وشكله العام ردئ وسيُضَر صحياً وسيزداد النوم و إقتنع بدأ الرچيم بكل خطواته لكن لابد أن يقتنع أولاً بفكره الآن هل اقتنعت أن الحياة مع الله أفضل جداً ؟ هل وصلت إلى هذه الدرجة أم لا ؟ هل اقتنعت أن الحياة مع الله أفضل جداً جداً من الحياة مع العالم أو مع الناس أو مع ميولي أو مع شهواتي ورغباتي أم لا ؟ لذلك يقول أحد القديسين قبل أن تنام اسأل نفسك ثلاثة أسئلة مهمة :- أ‌- هل يا الله توجد محبة في قلبي أكثر منك من أي نوع ؟ مال أو عمل أو محبة زوج لزوجته أو أُم لأولادها أو صديق لصديقه أو أي نوع من المحبة في قلبي أكثر منك ؟ ب‌- هل توجد خطية مدفونة داخلي وصامت عنها أو متصالح معها ؟ نعم أنا خاطئ لكني رافض لكن هل توجد خطية داخلي راضي عنها ؟ ج- هل أرضيت الله في يومي هذا ؟ لو أجبت عن هذه الأسئلة الثلاثة بنعم " كُل قليلاً واسترِح ونام " إن أجبت عنهم بالخطأ أو عن أحدهم بالخطأ قِف وقفة مع نفسك " لا تأكل ولا تنام "محتاج أن تأخذ قرارعقلك يرفض أن تستمر في ذلك قل لا محتاج أقدم توبة العقل هل أنا مقتنع بحياتي مع الله ؟ مقتنع بحياتي في العالم ؟ مقتنع بما أفعله ؟ زِد درجة اقتناعك بالبِر لتدخل في الدرجة الأعلى رقم ( 2 ) . 2. الإحتياج والميل :- تُواجه بأمر آخر في الإرادة وهما أمران الإحتياج والميل لأن في كثير من الأحيان وخاصة في البِر يكون الميل عكس الإحتياج أو الإحتياج عكس الميل صراع شديد بينهما لكي تشفي إرادتك لابد أن يصطلح الميل مع الإحتياج لابد أن يتفق ميلك مع احتياجاتك واحتياجاتك مع ميولك إنسان محتاج للحياة فيأكل ليس له ميول كبيرة للأكل لكنه لابد أن يأكل لأنه محتاج أن يأكل إنسان محتاج للدراسة يدرِس لأنه محتاج للدراسة حتى لو لم يكن له ميول للدراسة إنسان محتاج للعمل فيعمل حتى لو لم يكن له ميول للعمل صراع بين الإحتياج والميل كل الأمور النافعة تجد نفسك تحتاجها ولا تميل إليها مثلاً تصوم أو تأكل ؟ تقول آكل تأخذ أجازة أم تذهب للعمل ؟ تُجيب أجازة تستيقظ أم تنام ؟ تُجيب أنام كل الأمور النافعة تجد نفسك ضدها تجلس للكمبيوتر للعب أم التعليم ؟ تُجيب ألعب دائماً تهرب مما هو مفيد وكأن الله واضع حافز أو مكافأة لمن يتعب والذي لا يتعب لا يأخذ فتجد ميولك تميل للأمور السهلة واحتياجاتك تفوق ميولك محتاج للصلاة ولا تميل لها محتاج للصوم ولا تميل له محتاج لله جداً ولا أستطيع أن أقول إني لا أميل له لكن أعمالي تُعلن إني لا أميل له مثل قصة قالها الشباب أن فتاة أرسلت إلى خطيبها تقول له أنت غالي عندي جداً لكنك تُطيل مكالماتك التليفونية وأنا أكون محتاجة للنوم وتتكلم في أمور غير شيقة بالنسبة لي ولا تعرف إن كنت مُهيأة للحديث في هذه الأمور أم لا ؟ وظلت تنتقده وفي نهاية القصة يقول الشباب هكذا نحن مع الله نقول له يارب نحن نمِل من الوقوف معك ولا نريد الحديث معك ونحن نكون مُتعبين ويا ليتكَ تتركنا نحن نتكلم ولا تتكلم أنت وليتكَ تتركنا نتحدث معك وقت ما نريد نحن وفي النهاية نقول له نحن نحبك كيف ؟ الميل والإحتياج أميل إلى الله موسى النبي لما رأى العُليقة مشتعلة قال ﴿ أميل الآن لأنظر هذا المنظر العظيم ﴾ ( خر 3 : 3 ) أميل للتسبيح أميل لحضور القداس مبكراً متى يحدث ذلك ؟ عندما تشفي إرادتي عندما يتفق احتياجي مع ميولي متى ؟ عندما أشعر بالإحتياج لله لأن دائماً الميل والإحتياج ضد بعضهما ويحتاجان وقت طويل ليتفقا الخطية هي ميل دون احتياج أُمنا حواء رأت الشجرة بهجة للعيون شهية للأكل مالت للأكل منها دون أن تحتاج لم تكن محتاجة للأكل بل للعكس كانت محتاجة أن لا تأكل لتظل في وضعها الأفضل لكنها مالت دون أن تحتاج هكذا الخطية ميل دون احتياج داود النبي مال لامرأة أوريا الحثي هل عنده احتياج ؟ لا بل كانت له زوجات كثيرة مال دون أن يحتاج فكان العار وكانت الخطية الخطية هي ميل دون احتياج البِر هو احتياج يبدأ حتى لو دون ميل إلى أن يتفق الميل والإحتياج . 3. الهدف :- ماذا أريد ؟ يارب أريد الأبدية إذاً نمِّي ميلك للأبدية يارب أريد أن أحيا في سلام يارب أريد أن أحبك ما هو هدفك ؟ جيد عندما أحب أبونا يعقوب راحيل فقالوا له اعمل بها سبعة سنوات فقال هي تستحق التعب من أجلها وعمل من أجلها سبعة سنوات لكنهم أعطوه ليئة واعترض فقالوا له لا تحزن لكن لكي تأخذ راحيل اعمل سبعة سنوات أخرى ووافق لكنه ارتبط براحيل أولاً ثم عمل سبعة سنوات أي أنه تزوج بليئة وبعد أسبوع تزوج براحيل لكنه صار مديون للابان بسبعة سنوات أخرى هذا هو الفرق بين العهد القديم والعهد الجديد كما قال القديسين العهد القديم أتعب لكي أنال ليئة والعهد الجديد آخذ نعمة كي أتعب بها أي النعمة مُقدِّمة للتعب بينما العهد القديم أتعب لكي أنال يعطيك الروح القدس يعطيك إنسان جديد يعطيك راحيل ويقول لك هيا إتعب إرضيها لما تكون راحيل معه ويتعب من أجلها كلما نظرها يقول لها تستحقين التعب من أجلِك﴿ وكانت في عينيهِ كأيامٍ قليلةٍ بسبب محبتهِ لها ﴾ ( تك 29 : 20 )هدف هل توجد راحيل في حياتك تتعب من أجلها ؟ تخيل عندما تتعب بدون هدف أمر ليس له داعي سَتَمَلْ هل توجد أهداف في حياتك ؟ هل تريد فضائل مُعيَّنة تقتنيها في حياتك ؟ هل تريد أن تُرضي الله ؟ هل الأبدية تشغِلك ؟ فِكْر الأبدية هل هو مغروس في حياتك تريد أن تسعى من أجله ؟ هل تحب أن تعيش في إرضاء الله ؟ ربنا يسوع قال﴿ أنا مجدتك على الأرض العمل الذي أعطيتني لأعمل قدأكملتهُ ﴾ ( يو 17 : 4 )هدف أنا مجدتك على الأرض له أهداف أحد الفلاسفة قال ﴿ لا تحزن إن لم تُحقق هدفك لكن احزن إن كنت بلا هدف ﴾ إحزن للمشكلة أن أكون بلا هدف وبلا طموح وآمال قديماً في السباقات كانوا يضعون عَلَمْ أو راية ويجرون في السباق وأول من أمسك العَلَمْ هو الفائز تخيل شخص لا يجري في اتجاه العَلَمْ أكيد عينه بها مشكلة لأنها لا ترى العَلَمْ يقولون له إتجاه العَلَمْ هنا إجري اتجاهه بكل قوتك تخيل أن عينك ليست على الهدف أو نريد أن تكون إرادتنا قوية ونحن ليس لنا هدف في أي اتجاه سنجري ولماذا أصلاً نجري مادام ليس لنا هدف ؟إذاً لماذا إرادتي ضعيفة ؟ لأنه ليس لي هدف لذلك أقل الأمور تُحزنني وتتعبني نقول صلي يُجيب الشخص الذي بلا هدف أفعل أي أمر إلاَّ الصلاة صُم يقول الصوم مُتعب إحضر قداس يقول القداس مبكر جداً إقرأ كلمة الله يقول لا أفهمها إذاً تعال قدم توبة يُجيب ليس لها داعي ليس له هدف لذلك الأمور بالنسبة له ثقيلة أحد القديسين قال قد تصل الأمور الروحية على الإنسان إلى درجة أنها أشقى من الجَلْد أي يحتمل الجَلْد أكثر من الأمور الروحية مسكين ليس له هدف " 3 " مكونات للإرادة أخطر من بعضهم العقل الميل والإحتياج الهدف . كيف تُشفَى إرادتي ؟ إبدأ وصلي . إجتهِد . إستمِر . 1. إبدأ وصلي :- إبدأ إن أردت أن تُقوِّي إرادتك إبدأ الآن أحد الشباب اختفى فترة شهور ثم رأيته وكان شكله قد اختلف كثيراً عما سبق فقد تحول إلى شاب رياضي له جسم مفتول العضلات وعرفت أنه كان يذهب إلى النادي ( چيم ) ويلعب ويتدرب يومياً ثمانية ساعات في تمارين شاقة إقتنع بالفكرة فكان يتدرب يومياً تمارين شاقة وله أطعمة مُعيَّنة وإن عرفنا مقدار الأطعمة التي يأكلها نندهش لكنه اقتنع بالفكرة ومارسها وتعب فيها وفي النهاية فرح بنفسه عندما رأى نتيجة جهاده في هذا الأمر نريد أن نُقوي إرادتنا إن كان الجسد له عضلات أيضاً الروح لها عضلات إن كان الأنبا بيشوي نحيل الجسد لكنه كان يُمارس كمال أرواح وليس كمال أجسام كان يقول لجسده لا تنام ولن تنام لن تأكل ستستيقِظ وتصلي وتقف باعتدال ودرَّب جسده لطاعة روحه وتقوَّت بالتدريج إلى درجة أن روحه صارت في قامات مرتفعة جداً الروح تحتاج تقوية تريد تغذية على كلمة الله وعلى جسد ودم يسوع يريد تدريب على وقفات صلاة كثيرة لم يفرح من أول مرة لا بل قاومه جسده كثيراً لم يرى ثمر سريع أمور كثيرة تُعيقه لكنه استمر إبدأ وصلي أُطلب إرادة قوية كيف تطلب إرادة من دون مصدر الإرادة ؟ كيف يُشفَى الإنسان بدون طبيب ؟ عندما تشعر بالتعب يزداد تحتاج لطبيب وكلما كان المرض أصعب كلما احتاج لطبيب ماهر وقد يقول له طبيبك في القاهرة ويحتاج حجز بعد شهرين ويستجيب لأنه محتاج هل معنى أن يقول لماذا أذهب إلى القاهرة ولماذا أنتظر شهرين إنه ليس مريض أو لا يشعر بمرضه ؟! مادام لا يشعر بمرضه لن يتعب إن أردت أن تبدأ لابد أن تكون وصلت إلى قناعة كاملة أنك محتاج أن تبدأ الآن القديس أوغسطينوس قرأ آية في رسالة رومية غيَّرِت حياته كلها ﴿ أنها الآن ساعة لنستيقظ من النوم فإن خلاصنا الآن أقرب مما كان حين آمنا قد تناهى الليل وتقارب النهار فلنخلع أعمال الظلمة ونلبس أسلحة النور ﴾ ( رو 13: 11 – 12)آية أقامت ثورة في حياة القديس أوغسطينوس " أنها الآن ساعة لنستيقظ " لنبدأ إن أردت أن تبدأ برفع اليدين إبدأ الآن محتاج أن أشعر أنها ساعة مقدسة لأستيقظ فأبدأ إن أردت أن تُقوِّي إرادتك سأُعطيك تدريب صغير قد تستخِف به لكن به تقوية إرادةعندما تصلي :- قِف باعتدال . إرفع يديك فترة طويلة . هذه هي الإرادة هذا الذي يقف كذلك يُعلن إرادة قوية في القداس تظهر الإرادة القوية والضعيفة صاحب الإرادة القوية ظاهر وإرادته لم تقوى في اللحظة بل تدرَّب كثيراً تدرَّب على إخضاع جسدك لروحك وابدأ الآن في بيتك تدرَّب على وقفات صلاة أطول بجسد مستقيم بأيادي مرفوعة لا تؤجل ولا تؤخر إن أردت أن تشفي إرادتك أُشعر بالخطر وابدأ الآن أحد القديسين عندما كان يصلي كان يخاطب جسده ﴿ إعلم أمام من أنت واقف الآن أنت واقف أمام من له سلطان أن يُلقيك في جهنم فاعتدِل وتعقَّل ﴾ يحفز جسده أن يقف في وضع صلاة مستقيم لذلك إبدأ الآن بممارسة كل الأعمال الروحية بحماس صوم لابد أن يكون صوم لأنه خطوة مهمة في تقوية إرادتك وخُذ فترات انقطاع تستيقظ مبكراً وتقول محتاج للإفطار وكوب نسكافيه لن أستطيع أن أبدأ يومي بدونه أقول لك هذا ما تحتاج أن تقول له " لا " إن أردت أن تشفي إرادتك لابد أن تقول لجسدك " لا " يُقام برنامج لمراهقين أمريكا اسمه " كيف تقول لا " رأوا أن الأولاد يسيرون في طريق انحلالات عجيبة وفقدوا هويتهم وميولهم المدنية والسياسية والأخلاقية أنا أيضاً محتاج أعمل لنفسي برنامج لأتعلم كيف أقول " لا " إن لم أعرف كيف أقول " لا " لنفسي لن أعرف كيف أقول " لا " لصديقي أو" لا " للتليفزيون أو النِت إبدأ خذ فترة صوم انقطاعي وعندما تشتاق للطعام قُل لجسدك ليس الآن أنت لست صاحب القرار إرادة تُشفَى إجعل الجسد مُروض وروحي وخاضع واجعله يسجد في الصلاة مرات وهو في الصباح كان صائم والآن واقف في الصلاة باعتدال ولا تستسلم لكسله فصار الجسد خادم للبِر ووسيلة أربح بها الملكوت صار الجسد وسيلة مجد وخلاص صار معي وليس ضدي لأن المسيح لما تجسد قدِّس الجسد روِّض نفسك للتقوى ﴿ أدرب نفسي ليكون لي دائماً ﴾ ( أع 24 : 16) . 2. إجتهِد :- لا تتخيل أن إرادتك تُشفَى من صلوة أو من لحظة لا هذه بداية لكن البداية لابد أن تُراعى وتُربَّى الآباء القديسون يقولون ﴿ إعطِ دماً لكي ما تأخذ روحاً ﴾ لكي تتقوى إرادتك المنهارة وتشعر برضى على نفسك أنك تفعل ما تريده هذا يحتاج تعب لما الإنسان دائماً لا يفعل ما يريده فيصير مُحبط وفاشل وفاقد هدفه وعدو الخير يحرِمه من أي بدايات وأي متعة ويسيطر عليه تماماً ويفقده مصداقيته ويُشعِره أنه وهو جالس مع نفسه جسده يقول له إنسى لن تستطيع أن تفعل أمر جيد أو تبدأ ما تعرفه كلام فقط إرادة ضعُفت جداً المُقعد ظل " 38 " سنة مُقعد أي نسى السِير الذي يظل فترة شهر لا يُحرك رِجله عندما يبدأ السِير نفسياً يخاف لأنه لا يثِق في رِجله ويسير بعَرج فما بال الذي كان مُقعد " 38 " سنة ؟ مهما كانت قيود الخطية الله قادر أن يجعلها لا شئ إتعب دائماً وليس يوم أو اثنين لابد أن يكون عندك مبدأ التعب في حياتك لأن أي شئ مفيد لن تناله بدون تعب ﴿ الذين يزرعون بالدموع يحصدون بالإبتهاج ﴾ ( مز 125 – من مزامير الغروب ) كيف أجني ثمر بدون أن أزرع أو أتعب ؟ مثل شخص عاد لزوجته في نهاية اليوم حزين يقول لها كل الناس أرضهم أثمرت قمح كثير إلاَّ نحن فسألته هل زرعت أنت قمح ؟ أجابها لا فقالت كيف تجني قمح دون أن تزرعه ما جناه الناس كان تعب عام كامل إتعب واجتهد لكي تشفي إرادتك لابد أن تُنميها وتُروضها وتُعلِّمها الخضوع للنعمة لأنه شئ طبيعي أن يخلق الله الجسد بهذه الطبيعة لكي يكون وسيلة الحياة الأرضية لكي يقوتك ويتعب ويعمل ووضع فيه هذه الميول ليكون سبب المحافظة على حياتك كون أن الجسد صار محصور في هذه الميول الأرضية فهذا يحتاج منك أن تجذبه إتعب التعب لذيذ تخيل شخص يدرب جسده فيتقوى يفرح ويشعر بالرضى .. هكذا لما تروض جسدك لميولك الروحية وتنمو روحياً تشعر بالرضى ليس رِضى من ذاتك بل لأن الله عمل فيك إتعب القديس العظيم أبو مقار قال ﴿ أخبروني عن بطَّال جمع مال أي بطَّال جمع مال وأي عطَّال ثروته لم تنفذ ﴾ لذلك لابد أن يكون جسدك عمَّال أي مداوم على التعب ليصل لدرجة مثل القديس بولا الطموهي الذي من شدة التعب والنسك صار جسده يابس كورقة الشجر حتى أن المسيح ظهر له وقال ﴿ كفاك تعباً يا حبيبي بولا ﴾ تخيل ؟ حتى أنه قال للمسيح ﴿ ماذا يكون تعبي أمام تعبك ومحبتك ودمك الذي سفكته من أجلي ﴾ من أكثر الأمور التي تُضعِف الإرادة الكسل جيلنا كسول لأن كل وسائل الراحة بجانبه كل الأمور يحركها بالريموت فهذا جعلهُ كسول الكسل الجسدي أثَّر على الحياة الروحية وصار الإنسان يريد أن يصلي بالريموت الريموت والسيارة والتكييف وجعل الإنسان كسول جداً والكسول لن يعطي ثمر روحي الآباء القديسين يقولون عن الراهب المجاهد الراهب العمَّال أي لا يتوقف عن العمل كن عمَّال ولا تنتظر بركات تهبِط عليك من السماء وأنت مُستلقي على ظهرك لا لابد أن تتعب وتجاهد وتصوم يُقال عن القديسين مكسيموس ودوماديوس أنهما لم ينامان قبل أن يغلبهما النوم أثناء صلاتهما لذلك يُقال إحذر أن تطاوع احتياجاتك بل اضبُطها كي تشفي إرادتك لا تطيع الجسد في طعام أو كلام بل فكَّر قبل أن تتكلم كما كان ينصح البابا كيرلس السادس أن تفكر في كلامك قبل أن تقوله هذا أمر ليس بسهل لأن الإنسان مُندفع يريد أن يتكلم ويُثبِت نفسه إذاً الأمر محتاج تدريب ﴿ لا تأكل إلاَّ إذا جعت ولا تنام إلاَّ إذا نعِست ﴾ إذاً الأمر محتاج تدريب ﴿ ولا تتكلم إلاَّ إذا سُؤِلت ﴾ أُناس ضبطت نفسها تمام يُقال أن 60 % من طعامنا غير ضروري ولا نحتاجه أي ممكن نعيش بـ 40 % مما نأكله بينما نحن نأكل أثناء الترفيه وعندما نعود للبيت نتعشى لما تدخل فِراشك وأنت بك طاقة أنت أعطيت عدو الخير مجال خصب لا تتكلم إلاَّ إذا سُؤِلت هذه مبادئ ممكن تكون عالية علينا لكن على الأقل كُل عندما تبدأ تشعر بالجوع لا تنام وأنت مملوء طاقة عالية لأن هذا معناه أنك لم تستثمِر طاقتك أثناء اليوم وأكلت كثيراً وإن سهرت فهل عملت عمل مفيد قِف مع نفسك وقفات . 3. إستمِر :- إن أردت أن تتقوى إرادتك خذ لنفسك هدف إسعى إليه واستمر مشكلتنا أننا سمعنا عظة وفرحنا بها نعود لمنزلنا نصلي هذه إرادة رائعة لكن هذا لا يُغيِّر الذي يُغيِّر الإستمرارالإنسان كيان مُرَّكب مُعقَّد ميول وعقل واتجاهات وجسد وعواطف لكي يخلُص هذا الكيان محتاج متابعة واستمرارلكي يتخلَّص هذا الكيان من ارتباطات محتاج قرارات ونعمة واستمرار لأن الخطايا لن تقف وجسدي مستمر إذاً العوامل الخارجية مستمرة إذاً عوامل التقوية لابد أن تكون مستمرة ربنا خلقنا كائن جائع محتاج للطعام دائماً هكذا روحياتي محتاجة تغذية دائماً الإستمرار لكي تشفي إرادتك يوجد علاج لكن أستمر فيه نحن كمصريين لدينا طبع عدم الإستمرار في أي أمر لو شخص لديه نظام تخسيس يقول له يوم حُر في الشهر لكنه يأخذ الشهر كله حُر لا الأمر محتاج استمراروالنتيجة تنالها بعد فترة طويلة الآباء يعطونا تدريب يقولون خذ تدريب ولو بسيط واستمر عليه أربعين يوم مثلاً نتفق على صلاة عشرة دقائق صباحاً وعشرون دقيقة مساءً إصحاحين في الإنجيل وتناول مرة في الأسبوع إستمِر أربعين يوم متواصل الأربعين يوم التالية ستتذوق هذا التدريب بمذاق آخر والمسيح يضمن ذلك والنعمة تضمن ذلك الكنيسة تجعلنا نصوم أربعين يوم رقم " 40 " هي حاصل ضرب 4 * 10 رقم " 4 " رقم أرضي جهات الأرض الأربعة و"10 " رقم سماوي وهو نهاية الأرقام أي رقم " 40 " هو عمل أرضي أنال به فضيلة سماوية يتحد الأرضي مع السماوي في الأربعين أنت إثبت على أربعين يوم بشرط لو تكاسلت يوم إخصِم عشرة أيام من التدريب إن أردت أن تقتني فضيلة إثبت تجد نفسك في أول أربعين يوم تتعوَّد الصلاة تقول لكني لا أفهم ولا أشعر بالصلاة لكن استمر ووعد من نعمة الله والكتاب المقدس أنك لن تقف للصلاة أربعين يوم بأمانة دون أن تنال نعمة إستمر وستجد الأربعين يوم التالية لها مذاق آخر الأول تتذوق صلاة الشفتين ثم تتذوق صلاة العقل ثم صلاة القلب ثم صلاة الروح وبعد ذلك ؟ ليس هناك حدود إستمِر ربنا يسوع صام أربعين يوم والفترة من القيامة للصعود أربعين يوم وخدم أربعين شهر وعاش على الأرض أربعمائة شهر موسى النبي ظل أربعين يوم والشعب ظل في البرية أربعين سنة حياتك فترة غُربة على الأرض إقضيها أربعينات ستجد الله يصعد بك وإرادتك تُشفَى وتكون نموذج إرادة مقدسة تشفي إرادات أخرى كيف أُشفَى ؟ أبدأ بصلاة وأعمال روحية وأجتهد وأستمِر سأجد إرادتي تُشفَى يوم مع يوم بالنعمة الشافية ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته له المجد دائماً أبدياً آمين. القس أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والأنبا أنطونيوس - محرم بك الأسكندرية
المزيد
11 نوفمبر 2018

عشرة المسيح الحقيقية

معلمنا بولس الرسول يقول ﴿ الذي أحبني وأسلم نفسه لأجلي ﴾ ( غل 2 : 20 )عِشرة شخصية مع يسوع قد نعرف يسوع لكن ليس لنا عِشرة معه أعرف أنه وُلِد في بيت لحم قرية صغيرة وأنه عاش فقير وله تعاليم جميلة وعمل معجزات كثيرة وأنه صُلِب وقُبِر وقام وصعد وأرسل الروح القدس .. هذه باختصار حياة ربنا يسوع كلها لكن هناك فرق بين إني أعرف وإني أختبر .. فرق بين إني أعرف وإني أعيش .. فرق بين إني أعرف وإني أتذوق القديس مارإسحق يقول ﴿ أن الكلام عن العسل شئ ومذاقة العسل شئ آخر ﴾ .. الكلام عن يسوع شئ ومذاقة يسوع شئ آخر .. العِشرة الشخصية ..الذي أحبني أنا .. لما تجسد تجسد من أجلي أنا وعلمني أنا وباركني أنا ولمسني أنا .. القديس يوحنا ذهبي الفم قال ﴿ لو لم يوجد في العالم سِواي لأتى ابن الله من أجلي ﴾ .. هذا يُدخِلنا في العِشرة الشخصية والتلامُس الشخصي .. الإختبار الشخصي .. لذلك هناك معرفة مع يسوع تُسمى :- المعرفة العقلية . المعرفة النظرية . المعرفة الإختبارية . نتكلم اليوم ليكون لنا عِشرة حقيقية ومعرفة اختبارية حياتية القديس يوحنا الحبيب يقول﴿ الذي رأيناه بعيوننا الذي شاهدناه ولمستهُ أيدينا ﴾ ( 1يو 1 : 1) رأيته وسمعته ولمسته القديس مارأفرآم كان يُخاطب حواسه قائلاً ﴿ أيتها العيون تأمليه أيتها الآذان اسمعيه أيتها الأفواه تذوقيه أيتها الأيدي باركيه أيتها الرُّكب احمليه ﴾عِشرة أحتك به حتى أن القديسين اشتاقوا أن يُعاشروه مثل أُمنا العذراء عِشرتها معه كانت استيقاظ ونوم وطعام واختلاط أنفاس الكلام عن يسوع شئ واختبار يسوع شئ آخرلا نريد أن نكون مجرد سامعين عنه أو مُنتمين إليه أو نعرفه لكن نريد أن نكون مُتعايشين معه قيل عن التلاميذ ﴿ كانوا معه ﴾( مر 16 : 10) القديس بطرس الرسول يقول ﴿ كنا مُعاينين عظمتهُ إذ كنا معه في الجبل المقدس ﴾ ( 2بط 1 : 16 – 18) لابد نحن أيضاً أن نقول " كنا معه " " كنا معه على الجبل المقدس ومُعاينين عَظَمَتهُ " كل لحظة صِدق في الصلاة هي لحظة تجلِّي كل قداس تحضره بأمانة هو وقوف حول الجلجثة كل تناول هو تلامُس حقيقي مع يسوع المصلوب القائم الحي لذلك الكنيسة في القداس تجعلنا نشعر أن يسوع جاء الآن ووُلِد الآن وصُلِب الآن وقام الآن المذبح يُمثِّل المذود وفي آن الوقت الجلجثة وفي آن الوقت القبر وفي آن الوقت القبر الفارغ المذبح يُمثِّل كل هؤلاء في بدايِة القداس يفرش المذبح ويقول هذا هو المذود والصليب الذي بأعلى الصينية هو النجم ويجعل الصينية كالمغارة فوقها نجم اللفائف الآن تُمثِّل أقمطة الطفل يسوع في وقت آخر يقول اللفائف تُمثِّل الأكفان إذاً نحن نحيا يسوع في القداس فعلياً وكل تلامُس مع مراحل حياته يكون تلامُس حق لذلك معلمنا بولس يقول ﴿ لأعرفه وقوة قيامته ﴾ ( في 3 : 10 ) عاشِرته أي عرفته أي تلامست معه لا نكتفي بالمعرفة النظرية أبداً لذلك نقول أن محبة المسيح محبة تحصرنا ( 2كو 5 : 14) لذلك لما وُلِد يسوع لابد أن أشعر أنه وُلِد من أجلي وبارك طبيعتي وأخذ جسدي وترك عرشه من أجلي التجسد من أجلي وعندما أراه ينمو أقول أنه أخذ نفس طبيعتي وعاش نفس مراحلي وباركها لما أجده يعلِّم كل تعليم قاله يسوع كان من أجلي لأن تعاليم يسوع أخذت صفة الخلود ولم تكن كلماته للمجموعة التي كانت تسمعه فقط لا لما قال خذوا كلوا هذا هو جسدي وهذا هو دمي ( مت 26 : 26 – 28 ) لم يقولها لمجموعة فقط مائة أو ألف لا بل قالها لنا كلنا عبر كل الأجيال لابد أن أُصغي لكل تعاليم يسوع وأضع نفسي داخلها لابد أن أعرف إني واحد من ضمن القطيع الذي أخذ هذه التعاليم كلها يسوع لما قال ﴿ طوبى للودعاء ﴾ ( مت 5 : 5 ) قالها لي أنا لما قال ﴿ ينبغي أن يُصلَّى كل حينٍ ولا يُمل ﴾ ( لو 18 : 1) قالها لي أنا لما قال ﴿ تحب قريبك كنفسك ﴾ ( مت 22 : 39 ) .. ﴿ أعطوا تُعطوا ﴾ ( لو 6 : 38 ) " إحمِل صليبك "( مت 16 : 24 ) قال لي أنا تعاليم يسوع لابد أن آخذها لي أنا من أصعب الأمور أن أجعل نفسي خارج دائرة تعاليمه وأقول أنه قال ذلك للكتبة والفريسيون وليس لي أنا والموعظة على الجبل قالها للجموع وليس لي أنا وما قاله في المجمع اليهودي ليس لي أنا وهذا قاله للتلاميذ أين أنا إذاً ؟ كل كلمة وكل تعاليمه قالها يسوع لي أنا إن أردت أن تدخل في عِشرة مع يسوع إعرف أن أفعاله كلها من أجلك وكلامه كله من أجلك إدخِل نفسك داخل كل كلمة ولا تقف خارجاً ولا تبتعد كثيراً قل هذه التعاليم لي أنا جيد جداً لما تسمع الكلام وجيد لما تقول الكنيسة ﴿ طوبى لعيونكم لأنها تُبصِر ولآذانكم لأنها تسمع ﴾ ( مت 13 : 16) أنتم الجالسون الآن الكلام لكم الكنيسة تعتقد أن المنجلية هي فم المسيح كل يوم يُقرأ عليك فصل إعرف أن المسيح هو الذي يقوله لك ولي فتعاليم يسوع خالدة مستمرة للأبد عِشرِة المسيح أن أكون مُستمع لكلامه وخاضع وعامل لكلامه ومتجاوب لكي أعاشِر شخص لابد أن يكون بيني وبينه حديث متبادل أنا أكلِّمه في الصلاة وأسمعه في الإنجيل هو يحدثني وأنا أكلِّمه حديث متبادل به إحساس لا أكلم نفسي ولا هو يكلم غيري لا ﴿ الذي أحبني وأسلم نفسه لأجلي ﴾ يصل إلى درجة أن الإنسان يعتبر كل كلمة من يسوع موجهة له هو كل معجزات يسوع لابد أن أعتبرها قد صُنِعت معي أنا .. يسوع شفى عيون العُمي .. أنا الأعمى .. كون إني أرى طريق الحق ولا أسير فيه فأنا أعمى .. كون إني أرى الوصية ولا أعمل بها فأنا أعمى .. كون أن خطاياي هذا عددها لا تُعد ولا تُحصى ولا أراها فأنا أعمى .. إذاً محتاج إنه يفتَّح عيني .. لما يفتح عيون العميان قل له أنا أيضاً واحد منهم فتَّح عيون قلبي .. أنت الذي شفيت اليد اليابسة قادر أن تشفي يدي المُمسكة عن فِعْل الخير .. أعمالي التي ليس بها صلاح .. أنت شفيت اليد اليابسة .. اليد المعتادة على الشُح والبُخل عندما تتعود على العطاء هذا هو شفاء اليد اليابسة أنت يارب تُخرِج الشيطان .. أنا داخلي شياطين كثيرة .. داخلي شيطان الغضب الهائج الثائر إخرِج مني شيطان الغضب .. أنت فتَّحت عيون العُمي وشفيت اليد اليابسة وأخرجت شياطين .. أنت يارب أقمت موتى أقِم موتى خطاياي .. كلمة منك تُقيم موتى نفسي فأحيني يا الله بحسب كلمتك وبحسب رحمتك حياة يسوع هي من أجلي وأعماله هي من أجلي .. هو فَعَل من أجلي وتكلم من أجلي وعلَّم من أجلي وصنع معجزات من أجلي بعد ذلك صُلِب .. لأجل من هذا الصليب ؟ لأجلي .. لكي أتأمل صورة يسوع المصلوب وأنا أرى إكليل الشوك وأنا أرى المسامير .. والدم السائل .. والجنب المفتوح .. وأنا أرى اليدين والقدمين المُسمرتين على الصليب أقول .. من أجلي .. من أجل خطاياي .. أقول له أنت يارب الذي شربت من أجلي المُر قادر أن تُزيل سُم الخطية الذي يضعه لي الشيطان .. أنت يارب يا من وضعوا لك إكليل الشوك ساعدني أن أنزع عنك إكليل الشوك بتوبتي عن خطاياي وعن كل فكر شرير وقبيح .. هذا كله أنا .. لا أنظر للصليب وأُخرِج نفسي خارج دائرته .. لا .. عِشرِة المسيح هي أن أُدخِل نفسي داخله .. هو فَعَل بالنيابة عني وأشعر بعمله معي أنا .. حتى في القبر .. أقول له كيف رئيس الحياة يُوضع في قبر ؟ خالق كل الموجودات يُوضع في قبر عليهِ خِتم وحُراس ؟ يا لعِظَم محبتك يارب .. كل هذا من أجلي .. نيابةً عني .. إن كان كل ذلك من أجلي ونيابةً عني إذاً أنت يارب عظيم ومُقتدِر وجبار لذلك لابد أن أدخل في الحدث ولا أنظره من بعيد .. قام من الأموات .. قام من أجلي وقمت معه .. هو لا يفرح أن يقوم هو من الموت وحده وأنا ميت .. هو لم يقُم نفسه لأنه لا يحتاج لقيامة لأنه رئيس الحياة .. هو قام لأجلي .. إذاً عِشرِة المسيح هي أن أتجاوب مع كل ما قال وما فعل وكل فِعْل خلاص فَعَلُه ينتقل لي قوِّته ظل " 40 " يوم يُعلِّم بعد القيامة .. إسمع تعاليمه .. ثم صعد لكي يُعِد لي مكان .. لكي يرفع قلبي له إلى فوق ولكي يعلمني أن حياتي فترة مؤقتة ثم أعود مرة أخرى إلى مكاني معه .. أنا تعلقت به جداً طول فترة حياته على الأرض ولما صعد قلت له لا تتركني فقال لي سأفعل لك أمران .. أولهما إني أُرسِل لك ما يعوضك غيابي وأنا منتظرك فوق لأنك ستكون هنا فترة قليلة وأنا صاعد أُعِد مكان لاستقبال ضيوفي .. لا تحزن مني لأني دعيتك على وليمة في بيتي وأستأذنك لأذهب إلى بيتي لأُعِد لك وليمتك وأنا منتظرك لا تتأخر .. عندئذٍ تعرف إني منتظرك فتتعجل المجئ إليَّ هذه هي حياتنا على الأرض .. نحن متعجلين للذهاب له وهو منتظرنا فوق .. إذاً كل فِعْل فَعَلُه كان من أجلي ونقل لي قُوِّته وأرسل لي الروح القدس وقال ليعوضك عن غيابي ويعلِّمك ويُرشدك ويُقدسك .. لن أتركك وحدك .. إذاً حياة يسوع هي من أجلنا وعِشرِة المسيح الحقيقية هي أن أتذوقه وأحبه وأعرفه القديس أوغسطينوس وصل به الأمر أن يقول لله إني أشعر أنه من شدة اهتمامك بي أنا أنه لا يوجد في العالم سواي .. والعكس لما يعيش إنسان في زيغان يقول أنه واحد وسط مليارات ولن يشعر الله به .. لكن لما يقترب لله يشعر أن الله لا يرى سواه فكان القديس أوغسطينوس يقول ﴿ أنت تحتضن وجودي برعايتك وكأنه لا يوجد في العالم سواي .. تسهر عليَّ وكأنك نسيت الخليقة كلها تهبني عطاياك وكأني أنا وحدي موضوع حبك ﴾ .. أنت منتبه لي أنا خاصةً .. لا ترى في الخليقة أحد سواي .. ﴿ ليتني أحبك يا إلهي كما أنك أحببتني ﴾ .. عِشرِة المسيح عِشرة حقيقية أدخل أسجد أمامه أشعر إني أسجد أمام إلهي الحقيقي .. الذي أنا واقف أمامه وهو أمامي ويفهمني وأفهمه .. ﴿ حي هو رب الجنود الذي أنا واقف أمامه ﴾ ( 1مل 18 : 15) .. عِشرة حية مُتجددة .. أي شئ حي يتجدد .. لن تنظر لشئ ميت لكن لو شئ حي حياته تجعلك منجذب له تُتابعه .. ما الذي يجعل عِشرتي مع الله حلوة ؟ أنها حية فعَّالة عاملة .. لا توجد أُم لديها طفل بعد بعض الشهور تَمَلْ منه وتريد آخر غيره .. ما الذي يجعلها لا تَمَلْ منه ؟ أنه حي ينمو معها .. يلهو معها ثم يبدأ السِير ويدخل المدرسة وينمو .. حي يتطور أمامها .. أمر مُفرِح .. حتى تُزوجه وعندما تُزوجه تفرح أنه يأتيها بأولاده إن أردت أن تكون عِشرِتك بالمسيح دائمة إجعلها عِشرة حية لأن الحياة التي في العِشرة تجلِب لها تجديد والموت يُعطيها روتين .. واحد يقول نفس الصلوات ونفس كلمات الإنجيل ونفس الأجبية والقداس ونفس الناس .. أمر مُمِل .. نفس صوت الكاهن ونفس صوت الشماس .. أمر مُمِل .. بينما آخر يقول أشعر بكل هذا لأن عِشرِته مع الله حية متجددة فعَّالة .. ﴿ الذي أحبني وأسلم نفسه لأجلي ﴾ .. ندخل داخله .. ندخل داخل وصاياه كما يقول ﴿ الله الذي أعبده بروحي ﴾ ( رو 1 : 9 ) .. عِشرِة حب .. عِشرة دائمة .. عِشرة لا تشيخ أبداً تبدأ معنا هنا على الأرض ولا تنتهي في الأبدية لأنها عِشرة مستمرة لا تنتهي لما نذهب للسماء نجد عِشرِتنا عِشرة دائمة للأبد نقف أمامه نُسبح ونُبارك ونُمجد لذلك لابد أن ندخل في عِشرة حلوة معه .. كل كلمة تُقال أعتبرها وعد ليَّ .. وكل إنذار يُقال أعتبره إنذار لي .. وكل تشجيع أعتبره تشجيع لي .. كل حنو على خاطئ أعتبره لي .. وكل توبيخ لمرائي أعتبره لي .. أنا .. أنا المريض والميت والخاطئ .. أدخِل نفسي داخل الأحداث لذلك لما تكون العِشرة بهذه الحياة والتجديد تجد نفسك سعيد بعِشرِتك مع الله .. لذلك ندخل داخل أعماق قلب أو عقل قديس تجده يقول العمر قصير جداً عن أن أعرف الله .. كل يوم أكتشف الجديد معه .. كل يوم أكتشف أنه مُفرِح ومُشبِع ولذيذ .. كل يوم أدخل في عمق جديد وأن غمر ينادي غمر( مز 42 : 7 ) .. لا يوجد أحد عاش مع الله فترة وقال كفى .. إسأل الأنبا بولا أول السواح قضيت ستون عام مع الله في البرية ماذا تفعل ؟ كفى عشر سنوات أو عشرون .. ماذا سيكون جديد ؟ يقول كل يوم في جديد .. كل يوم فرح جديد .. عِشرة جديدة .. مذاقة جديدة .. حب جديد .. تقرأ الإنجيل بعِشرة وعمق تشعر أنك لم تقرأه من قبل وتقول كيف لم أتذوق ذلك من قبل ؟ تحضر قداس تجده جميل .. تُصادق قديس لا تَمَلْ منه أبداً .. تدخل عمق آية تشعر أنها مصدر طاقة لك .. هي في حد ذاتها قوة دافعة لحياتك واشتياقاتك .. عِشرِة المسيح إجعل لك عِشرة فعَّالة فاعلة دائمة مستمرة مع يسوع .. لا تكتفي بالمعرفة النظرية .. لابد أن أعرفه وأتذوقه وأختبره وأقول ﴿ ذوقوا وانظروا ما أطيب الرب ﴾ ( مز 34 : 8 ) ربنا يعطينا عِشرة حية عميقة متجددة دائمة معه ويكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته .. له المجد دائماً أبدياً آمين القس أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والأنبا أنطونيوس - محرم بك الأسكندرية
المزيد
04 نوفمبر 2018

دوافع الخدمة

مِنْ سِفْر أرْمِيَا النَّبِي ﴿ قَدْ أقْنَعْتَنِي يَارَبُّ فَاقْتَنَعْتُ وَألْحَحْتَ عَلَيَّ فَغَلَبْتَ صِرْتُ لِلضَّحِكِ كُلَّ النَّهَارِ كُلُّ وَاحِدٍ اسْتَهْزَأَ بِي لأِنِّي كُلَّمَا تَكَلَّمْتُ صَرَخْتُ نَادَيْتُ ظُلْمٌ وَاغْتِصَابٌ لأِنَّ كَلِمَةَ الرَّبِّ صَارَتْ لِي لِلعَارِ وَلِلسُّخْرَةِ كُلَّ النَّهَارِ فَقُلْتُ لاَ أذْكُرُهُ وَلاَ أنْطِقُ بَعْدُ بِاسْمِهِ فَكَانَ فِي قَلْبِي كَنَارٍ مُحْرِقَةٍ مَحْصُورَةٍ فِي عِظَامِي فَمَلِلْتُ مِنَ الإِمْسَاكِ وَلَمْ أسْتَطِعْ ﴾ ( أر 20 : 7 – 9 ) الله كَلَّفْ أرْمِيَا بِإِنْذَار وَتَأدِيبَات الشَّعْب إِذَا إِسْتَمَرَ فِي شُرُورِهِ وَأنَّهُ سَيَسْمَح لَهُمْ بِالسَبْي وَالعُبُودِيَّة وَأنَّ الهِيكَل سَتَزُول مِنْهُ الذَّبَائِح وَالتَّقْدُمَات وَبَدَأَ أرْمِيَا النَّبِي يَتَكَلَّمْ لكِنُّه كَمَا قَالَ * صِرْتُ لِلهِزْءِ وَالسُّخْرَة وَالعَار كُل النَّهَار * أي لاَ إِسْتِجَابَة فَقَالَ ﴿ لاَ أذْكُرُهُ وَلاَ أنْطِقُ بَعْدُ بِاسْمِهِ فَكَانَ فِي قَلْبِي كَنَارٍ مُحْرِقَةٍ مَحْصُورَةٍ فِي عِظَامِي فَمَلِلْتُ مِنَ الإِمْسَاكِ ﴾ نَعَمْ لأِنَّهُ لاَ فَائِدَة مِنْ الشَّعْب لِذلِك سَأصْمُت لكِنْ لَمْ أسْتَطِع لِمَاذَا يَا أرْمِيَا ؟ لأِنَّ إِسْم الله كَالنَّار فِي قَلْبِي مَحْصُورَه فِي عِظَامِي مِنْ خِلاَل مَا نَرَاه فِي أرْمِيَا النَّبِي نَجِد أنَّ دَوَافِعْ الخِدْمَة عِنْدُه كَانَتْ دَوَافِعْ مَحَبَّة كَبِيرَة لله وَأنَّهُ يُوْجَدٌ عِنْدُه مَسْئُولِيَّة وَغِيرَة وَأنَّ إِسْم الله دَاخِلُه مَحْصُور فِي قَلْبُه وَعِظَامُه لِذلِك سَنَتَكَلَّمْ عَنْ أرْبَعِة كَلِمَات مُهِمَّة لاَبُدْ أنْ يَخْتَبِرْهَا الخَادِم لِيَعْرِف هَلْ خِدْمِتُه تَسِير فِي الطَّرِيق الصَّحِيح أم لاَ :- 1- أنْ تَكُون مَحَبِّتُه لله أمِينَة:- الَّذِي تَذَوَّق مَحَبِّة الله بِأمَانَة لاَ يَسْتَطِيع أنْ يَكْتَفِي بِهِ وَحْدُه الَّذِي تَذَّوَق صَلاَح الله وَغُفْرَانُه لَنْ يَكْتَفِي بِهَا لِنَفْسُه بَلْ تِلْقَائِي يَخْدِم لِذلِك مِنْ أجْمَل تَعْرِيفَات الخَادِم أنَّهُ تَائِب يَقُودٌ تَائِبِينْ كُلَّمَا كَانَ الخَادِم أمِين فِي تُوبْتُه وَمُتَجَدِّد كُلَّمَا إِسْتَطَاعَ أنْ يَقُودٌ مَخْدُومِيه لاَبُدْ لِلخَادِم أنْ يَكُون مُخْتَبِر مَحَبِّة الله وَيَشْعُر أنَّ الله يَحْمِلُه وَيُعْطِيه الأدْوِيَة المُؤدِيَة إِلَى الحَيَاة وَيَحْتَوِيه وَيُخَلِّصُه إِخْتِبَار مَحَبِّة الله عَلَى المُسْتَوَى الشَّخْصِي مُهِمْ جِدّاً وَكَمَا قَالَ بُولِس الرَّسُول ﴿ الَّذِي أحَبَّنِي وَأسْلَمَ نَفْسَهُ لأِجْلِي ﴾ ( غل 2 : 20 ) بِدُون هذَا الإِخْتِبَار خِدْمِتِي خِدْمَة شَكْلِيَّة غِير فَاعِلَة لأِنَّهَا لَيْسَتْ نَابِعَة عَنْ حُبْ وَاخْتِبَار وَتُوبَة وَبِذلِك تَكُون خِدْمَة عَقْلِيَّة قَدْ يَكُون الخَادِم قَدِير فِي كَلِمَاتُه لكِنُّه غِير مُؤثِّر بَيْنَمَا الخَادِم المُخْتَبِر مَحَبِّة الله قَادِر أنْ يَنْقِل الكَلاَم وَيِعَيِّشُه لِلمَخْدُوم لأِنَّهُ إِخْتَبَر الأمر وَبَدَلاً مِنْ أنْ يَقُول * المَجْدُ لَك يَا مَنْ تَحْتَمِلْنِي * يَسْتَطِيع أنْ يَقُول * المَجْدُ لَك يَا مَنْ تَحْتَمِلْنَا * الإِحْتِمَال إِنْتَقَل مِنْ إِخْتِبَارِي الشَّخْصِي أنَا إِلَى إِخْتِبَار المَخْدُومِين وَبِذلِك يَسْتَطِيع الخَادِم أنْ يِوَصَّل صُورِة الله المَحْبُوب الغَالِي لِلمَخْدُوم وَيِعَرَّفُه أنَّهُ مَوْضِع سَعْي الله وَلَذِّتُه حَتَّى وَإِنْ كَانْ شَخْص مُتْعِب مَفْقُود خِدْمِة الحُبْ مُهِمَّة إِخْتِبِر مَحَبِّة الله هُنَاك كَلِمَة وَإِنْ كَانَتْ كَلِمَة مُسْتَهْلَكَة لكِنَّهَا إِخْتِبَار مُهِمْ جِدّاً عَلَى المُسْتَوَى الشَّخْصِي وَهيَ * إِنَّنَا نُحِبْ الله * الحُبْ يَنْمُو بِالعَطَايَا وَالعَوَاطِف وَاللِقَاء النَّاس تَنْمُو بَيْنَهَا المَحَبَّة بِاللِقَاءَات المُسْتَمِرَّة بَيْنَهُمْ وَعِنْدَمَا يَتَذَوَقُوا الإِخْتِبَار الشَّخْصِي لِبَعْضِهِمْ يَزْدَاد الحُبْ بَيْنَهُمْ هكَذَا اللِقَاءَات الدَّائِمَة مَعَ الله تُنَمِّي المَحَبَّة فِي القَلْب وَمَا أرْوَع تَشْبِيهَات القِدِيس يُوحَنَّا الدَّرَجِي عِنْدَمَا قَالَ ﴿ لِيُقَبِّلَك ضَمِيرِي كَمَا قَبَّل يَعْقُوب حَبِيبُه يُوسِف ﴾ تَخَيَّل لِقَاء أبِينَا يَعْقُوب بِحَبِيبُه يُوسِف بَعْد أنْ كَانَ يَعْرِف أنَّهُ مَات ثُمَّ عَرَفْ أنَّهُ حَي يَقُول الكِتَاب ﴿ بَكَى عَلَى عُنُقِهِ زَمَاناً ﴾( تك 46 : 29 ) تَخَيَّل أنَّ لِقَاءَك بَالله عَلَى مُسْتَوَى لِقَاء يَعْقُوب بِحَبِيبُه يُوسِف !! لِقَاء حُبْ عَمِيق جِدّاً صَلِّي كَثِيراً وَتَعَانَق مَعَ يَسُوع فِي صَلَوَاتَك سَتَجِد أنَّكَ قَدْ صِرْت مُتَأنِّي وَمُحِبْ وَلأِنَّكَ إِنْ لَمْ تَأخُذ مِنْ مَحَبِّة الله وَتَشْبَع سَتَكُون خِدْمِتَك مُذَبْذَبَة لأِنَّ العَوَاطِف البَشَرِيَّة مُذَبْذَبَة وَتُحِبْ الإِسْتِهْلاَك وَلَهَا عَوَائِق لكِنْ مَحَبِّة الله مَحَبَّة بَاذِلَة ثَابِتَة . 2- أنْ يَمْتَلِئ بِمَحَبِّة الله:- المُرْوَى يُرْوِي إِنْ عِشْت مَعَهُ يَصْعَد كَلاَمُه مِنْ قَلْبَك إِلَى فَمَك﴿ مِنْ فَضْلَةِ القَلْبِ يَتَكَلَّمُ الفَمُ ﴾ ( مت 12 : 34 ) سَتَجِد أنَّ كَلاَمَك وَفِكْرَك هُوَ كَلاَم وَفِكْر الْمَسِيح عِشْ خِدْمِة التَّشَبُّع بِالْمَسِيح تَجِد أنَّ كُل مَا فِيك مِنْهُ تَجْلِس مَعَهُ كَثِيراً فَتَأخُذ مِنْهُ كَثِيراً وَتَتَلَذَّذ كَثِيراً وَتُرِيدْ أنْ تُعْطِي مَنْ حَوْلَك مِمَّا تَذَوَقْتَهُ السَّامِرِيَّة تَحَوَّلَتْ مِنْ خَاطِئَة إِلَى تَائِبَة إِلَى كَارِزَة التُوبَة وَالكِرَازَة خَطْوَة وَاحِدَة تِتُوب وَتِكْرِز قَالَتْ تَعَالُوا لأُِكَلِّمَكُمْ لاَ عَنْ نَفْسِي بَلْ عَنْهُ عَنْ خَطِيِتِي وَغُفْرَانُه عَنْ قُبْحِي وَحَلاَوْتُه السَّامِرِيَّة كَانَتْ تَعْرِف سِتَّة رِجَال كَمَا قَالَ الكِتَاب وَرَقَمْ " 6 " هُوَ رَقَمْ يُشِير لِلنَقْص مَنْ الَّذِي دَخَل رَقَمْ " 7 " ؟ الْمَسِيح يَسُوع تَوِّبْهَا وَمَلأهَا فَلَمْ تَنْظُر لآِخَر﴿ مَنْ إِمْتَلَكَك شَبَعَتْ كُل رَغَبَاتُه ﴾ بَعْد أنْ شَبَعِت كَرَزِت لِذلِك خِدْمِتْنَا هِيَ دَعْوَة لأِوْلاَدْنَا أنْ يَتُوبُوا فِي ثِقَة أنَّ الله سَيَقْبَل كَمَا نَتُوب نَحْنُ وَهُوَ يَقْبَل نَحْنُ لَسْنَا أصْحَاب فَضْل وَكُلَّمَا نَتُوب كُلَّمَا إِسْتَطَعْنَا أنْ نَدْعُو أوْلاَدْنَا أنْ لاَ يَسْتَثْقِلُوا خَطَايَاهُمْ عَلَيْهِ لأِنَّهُ فَعَلَ مَعَنَا وَعَمَلُه وَاضِح فِي حَيَاتْنَا الخَادِم لَهُ إِخْتِبَارُه وَلَهُ حَيَاتُه لِذلِك عِنْدَمَا يَعْرِف الخَادِم الْمَسِيح يَجِبْ أنْ يَتَزَايِد فِي مَعْرِفَتُه فَيَجْلِس مَعَ الإِنْجِيل أكْثَر وَمَعَ التَّسْبِيح أكْثَر وَعَلاَمِة الخِدْمَة الصَّحِيحَة هِيَ أنْ تُحِبْ الجُلُوس مَعَ الْمَسِيح أكْثَرهذَا يُعْلِنْ أنَّ خِدْمِتَك لَيْسَت ذَاتِيَّة وَنُعْلِنْ أنَّنَا عَرَفْنَا الْمَسِيح وَالمَخْدُوم يُعْلِنْ أنَّهُ عَرَفْ الْمَسِيح عِنْدَمَا عَرَفَك وَأنْتَ تَقِلْ وَالْمَسِيح يَزْدَاد عِنْدَ المَخْدُوم إِمْتَلِئ وَغَمْر يُنَادِي غَمْرالحَيَاة مَعَ الله لَيْسَ بِهَا إِكْتِفَاءوَكَمَا يَقُول الأبَاء﴿ يَسْتَقْطِبْهُمْ بِالكَمَال وَلاَ يَسْتَطِيعُوا أنْ يَسْتَقْطِبُوه ﴾أي الحَيَاة مَعَ الله لَيْسَ بِهَا إِنْتِهَاء تَخْرُج مِنْ قُدَّاس وَأنْتَ مُنْتَظِر قُدَّاس اليُوْم التَّالِي تَخْرُج مِنْ إِصْحَاح فِي الإِنْجِيل مُشْتَاق لِلإِصْحَاح التَّالِي تِنْهِي وَقْفِة الصَّلاَة وَإِنْتَ مُشْتَاق لِوَقْفِه صَلاَة أُخْرَى وَإِنْتَ دَاخِلَك تَتَمَنَّى ألاَّ تَنْتَهِي هذِهِ الوَقْفَة المُشْبِعَة فِي حُضُور الله لأِنَّ الحَيَاة تُعْطِي جِدَّة وَكُل يُوْم فِي العِلاَقَة الحَيَّة يُوْجَد تَجْدِيد . 3- أنْ تَكُون عِنْدُه غِيرَة عَلَى خِدْمِة الله:- الخَادِم لاَبُدْ أنْ تَكُون لَهُ غِيرَة عَلَى كُل عُضْو﴿ نُحْضِرَ كُلَّ إِنْسَانٍ كَامِلاً فِي الْمَسِيحِ يَسُوع ﴾ ( كو 1 : 28 )﴿ مَنْ يَعْثُرُ وَأنَا لاَ ألْتَهِبُ ﴾ ( 2كو 11 : 29 ) تَشْتَاق أنْ تُعَرِّف كُل شَخْص عَلَى الْمَسِيح وَتَحْزَن إِنْ غِيرَك لَمْ يَعْرِفُه بَعْد حَتَّى وَإِنْ كَانْ غِير مَسِيحِي سَتَجِد نَفْسَك تَرْفَع قَلْبَك لله لِكَيْ يِعْرَّفُه طَرِيقُه وَكَمَا قَالَ أرْمِيَا ﴿ فَقُلْتُ لاَ أذْكُرُهُ وَلاَ أنْطِقُ بَعْدُ بِاسْمِهِ فَكَانَ فِي قَلْبِي كَنَارٍ مُحْرِقَةٍ مَحْصُورَةٍ فِي عِظَامِي فَمَلِلْتُ مِنَ الإِمْسَاكِ وَلَمْ أسْتَطِعْ ﴾ نَار وَغِيرَه دَاخِلُه المُتَنَيِح أبُونَا بِيشُوي كَامِل كَانَ يَنْظُر لِلخِدْمَة فَيَعْرِف مَنْ مِنْ المَخْدُومِين لَمْ يَأتِي فَيَذْهَب لِيُحْضِرُه قَلْبُه مُلْتَهِب يَقُول فِي نَفْسُه خِسَارَة أنْ لاَ يَعْرِف أحَدٌ الله خِسَارَة إِنْ فُلاَن لَمْ يَأتِي اليُوْم لِيَتَعَرَّف عَلَى الْمَسِيح أكْثَر فَيُحِبُّه أكْثَر فَيِتْعَب وَيِبْذِل مِنْ أجْل أنَّ الكُلَّ يَعْرِفُه تَعَبْ الخِدْمَة يُعْلِن مِقْدَار المَحَبَّة لله يُقَال عَنْ أبِينَا يَعْقُوب أنَّ السِّنِين الَّتِي عَمَلَ فِيهَا مِنْ أجْل رَاحِيل ﴿ وَكَانَتْ فِي عَيْنَيْهِ كَأيَّامٍ قَلِيلَةٍ بِسَبَبِ مَحَبَّتِهِ لَهَا ﴾ ( تك 29 : 20 ) غِيرَه القِدِيس يُوحَنَّا ذَهَبِي الفَمْ قَالَ ﴿ إِنْ كُنْت تَقُول لِي أنَّكَ مَسِيحِي وَلاَ تَشْعُر أنَّ لَكَ إِلْتِزَام أنْ تَخْدِم أرَى أنَّكَ كَمِثْل مَنْ يَقُول أنَّ الشَّمْس لاَ تُعْطِي شُعَاع وَحَرَارَة إِذاً لَيْسَت شَمْس تَقُول لِي إِنَّهَا خَمِيرَة وَلاَ تُخَمِّر إِذاً لَيْسَت خَمِيرَة كَأنَّكَ تَقُول لِي عِطْر وَلاَ يُعْطِي رَائِحَة إِذاً لَيْسَ عِطْراً ﴾ هذَا هُوَ الْمَسِيحِي هُوَ شَمْس تُعْطِي شُعَاع وَحَرَارَة هُوَ خَمِيرَة تُخَمِّرهُوَ عِطْر يُعْطِي رَائِحَة الْمَسِيح الذَّكِيَّة لَمْ أسْتَطِع الإِمْسَاك لِذلِك الخَادِم يَفْتَقِد وَيَسْأل وَيَعْرِف هذَا وَذلِك وعِنْدُه غِيرَه﴿ هَلاَك وَاحِدٌ كَهَلاَك مَدِينَة ﴾ .. نَعَمْ هذَا هُوَ الخَادِم وَالمَخْدُوم لِذلِك أمر خَطِير جِدّاً أنْ تَشْعُر أنَّهُ لاَ يُوْجَد شِئ يُحَرِّكَك لِلخِدْمَة لأِنَّ هذَا مَعْنَاه أنَّكَ لَمْ تَذُق وَلَمْ تَخْتَبِر مَحَبِّة الله وَلَمْ تَشْعُر أنَّهُ إِلْتِزَام القِدِيس يُوحَنَّا ذَهَبِي الفَمْ يَقُول ﴿ حِينَمَا أرْعَى شَعْبِي أشْعُر أنَّ إِبْرُوشِيَتِي هِيَ عَالَمِي وَلكِنْ عِنْدَمَا أتَحَلَّى بِرُوح الكِرَازَة أشْعُر أنَّ العَالَم هُوَ إِبْرُوشِيَتِي ﴾فَرْق كَبِير بَيْنَ الإِبْرُوشِيَّة هِيَ عَالَمَك وَالعَالَمْ هُوَ إِبْرُوشِيِتَك كَمَا إِسْتَلَمَ القِدِيس إِغْرِيغُورْيُوس إِبْرُوشِيِتُه وَبِهَا سَبْعَة عَشَر أُسْرَة مَسِيحِيَّة وَتَنَيَّح وَبِهَا سَبْعَة عَشْر أُسْرَة غِير مَسِيحِيَّة غِيرَه﴿ مَنْ يَضْعُفُ وَأنَا لاَ أضْعُفُ ﴾ ( 2كو 11 : 29 ) جَمِيل فِي الطَقْس أنَّهُ عِنْدَ صَرْف الذَّبِيحَة أنَّهَا لاَ تُصْرَف قَبْل أنْ يَجْمَع الأب الكَاهِن الجَوَاهِر الَّتِي تُمَثِّل النِّفُوس البَعِيدَة الأعْضَاء الَّتِي تَاهَت مِنْ الجَسَد وَيَطْلُب مِنْ الشَّمَاس أنْ يَفْحَص مَعَهُ وَكَأنَّهُ لاَ يَعْتَمِد عَلَى نَفْسُه فَيَطْلُب المُسَاعَدَة وَلاَ يَهْدأ حَتَّى يَجْمَع كُل الجَوَاهِر لِلجَسَد الوَاحِدٌ لِذلِك لَيْتَكَ تَشْعُر يَا خَادِم الله أنَّ كُل مَخْدُوم جَوْهَرَة تَائِهَة فَلاَ تَهْدأ حَتَّى تَشْعُر أنَّ الجَسَد كُلُّه تَجَمَّع مَعاً . 4- أنْ يَكُون مُطِيع لِلإِنْجِيل:- كَمْ مَرَّة قَالَ إِذْهَبُوا إِكْرِزُوا نَادُوا بَشَّر؟ الكِتَاب مُمْتَلِئ بِهذِهِ الكَلِمَات﴿ هَأنَذَا أرْسِلْنِي ﴾ ( أش 6 : 8 ) .. إِذاً هِيَ طَاعَة وَأمر إِنْجِيلِي فَلاَ تَشْعُر أنَّكَ مُتَفَضِّل أنَّكَ تَخْدِم بَلْ هِيَ طَاعَة لأِمرأنْتَ جُنْدِي فِي جِيش الْمَسِيح وَعَلَيْكَ أنْ تُطِيع﴿ يَنْبَغِي أنَّهُ كَمَا سَلَكَ ذَاكَ هكَذَا يَسْلُكُ هُوَ أيْضاً ﴾ ( 1يو 2 : 6 ) تَخْدِم فِي كُل الحَالاَت وَكُل الأوْقَات وَفِي كُل الأوْسَاط المَرْأة المُمْسِكَة فِي ذَات الفِعْل كَانَت فِي الفَجْر أي أنَّ يَسُوع كَانَ يَخْدِم فِي اللِيل مَعَ السَّامِرِيَّة كَانَتْ خِدْمِتُه السَّاعَة الثَّانِيَة عَشْر ظُهْراً عَلَى الجَبَل فِي البَحْر فِي المَجْمَع أثْنَاء المَسِير قَالَ أسْرَار حَتَّى فِي لَحَظَات الإِسْتِرْخَاء يُقَال عِلْمِياً أنَّ المَعْلُومَة لاَ تَثْبُت إِلاَّ وَالنَّاس مُهَيَّأة بَعْد الفِصْح إِتَّكأ أي إِسْتَرْخَى وَأعْطَاهُمْ السِّر﴿ خُذُوا كُلُوا هذَا هُوَ جَسَدِي ﴾ ( مت 26 : 26 ) أهَمْ المَعْلُومَات أعْطَاهَا حَتَّى فِي وَقْت الإِسْتِرْخَاء حَتَّى عَلَى الصَّلِيب كَانَ يَخْدِم وَيَطْلُب مِنْ أجْل صَالِبِيه وَكَرَز لِلِّص اليَمِين وَيَفْتَح لَهُ بَاب الفِرْدُوس الخِدْمَة طَاعَة أنْ تُطِيع أمر الْمَسِيح وَتَسْلُك بِحَسَبْ أمْرُه وَالخِدْمَة وَاجِبْ رَاجِع نَفْسَك فِي هذِهِ الدَّوَافِع حَتَّى لاَ تَكُون قَدْ دَخَلْت الخِدْمَة مِنْ أجْل شَخْص أوْ أصْحَاب أوْ تَكُون قَدْ دَخَلْت فِي مَاكِينِة الخِدْمَة وَهُنَاك دَوَافِع أُخْرَى كَثِيرَة لِلخِدْمَة وَبِحَسَبْ مِقْدَار مَحَبِّتَك لله وَامْتِلاَءَك وَغِيرْتَك وَطَاعْتَك تَعْرِف نَجَاح خِدْمِتَك وَأي خَلَلْ فِي هذَا المِيزَان يُعْلِنْ أنَّ الخِدْمَة بِهَا أخْطَاء مُجَرَّدٌ أنْ تَمِل مِنْ الخِدْمَة أوْ تَشْكُو مِنْ الأوْلاَدٌ أوْ الوَقْت أوْ حَتَّى لَوْ لَمْ تَأتِي إِلَى الخِدْمَة لاَبُدْ أنْ تُتَابِع مِنْ الخَارِج خِدْمِتَك تَابِع تُوبِة أوْلاَدَك وَاعْتِرَافْهُمْ وَتَنَاوُلَهُمْ و أسَاسِيَات الحَيَاة مَعَ الله لَوْ لَمْ تَعِشْهَا لَنْ تَعْرِف كَيْفَ تَخْدِم وَلاَ تَكُون الخِدْمَة عِلاَقَة شَخْصِيَّة فَقَطْ بَلْ أسَاسِيَات الحَيَاة الرُّوحِيَّة حَتَّى تُحْضِرَهُمْ لِلْمَسِيح حَتَّى وَلَوْ بِالصَّلاَة بِرِحْلَة بِقُدَّاس الإِنْسَان الَّذِي عِنْدُه الغِيرَه الغِيرَه تِغْلِب الصِّعَاب رَبِّنَا يُكَمِّل نَقَائِصْنَا وَيِسْنِد كُل ضَعْف فِينَا بِنِعْمِتُه لَهُ المَجْد دَائِماً أبَدِيّاً آمِين القس أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والأنبا أنطونيوس - محرم بك الأسكندرية
المزيد
28 أكتوبر 2018

الخادم والازدواجية

الخادم يمثّل المسيح أمام المخدومين، يحمل فكره، يتكلم بكلامه، وينشر رسالته وتعاليمه. هكذا يرى المخدومون الخادم أنه في درجه من الكمال، وقد لا يستوعبون أنه شخص تحت الآلام مثلهم. وكثيرًا ما نجد الخادم قد يُسَرّ بهذه الصورة ويرسّخها في أذهان المخدومين، بينما الحقيقة مختلفه تمامًا! فتجد الخارج غير الداخل، والكلام غير الأفعال، والمظهر غير الجوهر، ممّا جعل الخادم يحيا في ازدواجية تجعله غريبًا عن نفسه. وأخطر ما في الأمر هو تباعُد المسافة بين ما يقول وما يفعل إلى أن يصل إلى درجة الازدواجية المريضة. وهناك موقف في الكتاب المقدس يوضّح لنا كيف يحيا الإنسان مزدوجًا؛ حين تقدّم أبونا يعقوب إلى أبيه إسحق لنوال البركة عوض عيسو البكر: «فتقَدَّمَ يعقوبُ إلَى إسحاقَ أبيهِ، فجَسَّهُ وقالَ: «الصَّوْتُ صوتُ يعقوبَ، ولكن اليَدَينِ يَدا عيسو». ولَمْ يَعرِفهُ لأنَّ يَدَيهِ كانتا مُشعِرَتَينِ كيَدَيْ عيسو أخيهِ، فبارَكَهُ. وقالَ: «هل أنتَ هو ابني عيسو؟». فقالَ: «أنا هو».» (تكوين 27: 21-24). كثيرًا ما يوجد داخلنا هذا التناقض: الصوت صوت يعقوب، واليدان (اللتان تشيران إلى الأعمال) يدا عيسو! وتجتهد النفس في تزييف حقيقتها لتأخذ ما ليس لها، وتدقّق وتجتهد لتلبس الثياب وتأخذ الشكل بل والرائحة، وتمتد إلى ما أهو أكثر وأعقد من ذلك وهو تغطية الجلد حتى يحصل على ضمان اقتناء الشخصية المرغوبة، ويتحمّل المخاطر ويستمرّ في الخداع حتى وإن ظهر الشك في أمره، ولكنه يؤكد: «أنا هو»! ما أخطر خداع النفس وما أسوأ النتائج حين يتوقّع المخدوم من الخادم كمالات لا يجدها، بل والأكثر حين تظهر أمور عكس ما يظهر أو يعلم. لقد مدح السيد المسيح من عَمِل وعَلَّم أنه يُدعَى عظيمًا في ملكوت السماوات (متى 19:5)، بل وقد وجدنا في شخصه القدوس تحقيقًا وتطبيقًا واضحًا لكل ما عَلَّم به، فلم يتكلم عن المتّكأ الأخير بينما يتنافس على المتكآت الأولى، ولم يحدّثنا أن «بيعوا أمتعتكم وأعطوا صدقة» بينما يسكن هو في القصور، ولم يتكلم عن ضرورة حمل الصليب بينما يهرب هو من حمله، بل على العكس نجده فعل أكثر مما تكلّم به لدرجة عجز الكلمات عن التعبير. أعظم عمل للخادم هو التأثير، والعين أكثر تفاعلاً من الأذن، فنحن لا نحتاج إلى كلمات بقدر ما نحتاج إلى أفعال، ولا نحتاج إلى خدام بل إلى نماذج، ومن المعروف أن أي تعليم يستمدّ قوته من قائله، فالذي جعل القديس تيموثاؤس يتبع بولس الرسول ليس فقط تعليمه بل سيرته وقصده وإيمانه وأناته ومحبته وصبره (تيموثاوس الثانية 10:3) التي رآها وتلامس معها بشكل عملي. ليت نفوسنا تتوحّد في خوف الله، ونقدم صورة للمسيح الذي يحيا في داخلنا، ولا ننجذب لغيره ولا نتبع غيره، فنقدم صورته وكلامه وحياته لأولاده فيجذبهم فيجروا وراءه. القس أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والأنبا أنطونيوس - محرم بك الأسكندرية
المزيد
21 أكتوبر 2018

الخادم وأخطر الأعداء

لا تتوقع خدمة بدون أعداء ولا تنتظر ثمر بغير جهاد وحين نتحدث عن الأعداء ربما يتوجه عقلك إلى الظروف والإمكانيات والمكان ولا تتوقع أبداً أن أكبر عدو لك هو ذاتك هو نفسك أنت كما ذكر أحد الآباء أن ليس لى عدو إلا ذاتى ولا أكره إلا خطاياى ولنتذكر دائماً أن أصحاب الرتب الملائكية سقطوا من شرف مكانتهم بسبب كبرياء قلوبهم فالأنا هى أخطر السلوك والتوجه الإنسانى حيث تصير الذات مركز الحياة تسيطر وتبطش حيث تتحول كل الأمور إلى مجرد وسائل لخدمتها حيث تصبح هى الهدف الأعلى للحياة وغايتها وما أخطر أن تأخذ الأنا الغطاء الروحى وتتظاهر بالشكل الإلهى لتتأله بالأكثر وتتعظم على حساب الله وقد يتربص هذا العدو بالأكثر بالخدام هؤلاء الذين قال عنهم الكتاب سراق الهياكل وأنهم رعوا أنفسهم فتجد فى الخدمة من يرغب فى أن يربط العمل بإسمه ويخشى أن يشاركه خادم غيره ويسعى ليظهر عمله فقط بين الناس ..وكأنه يريد أن يأتوا له ببوق ليتحدث عن إنجازاته الفريده وفى ذات الوقت يقلل من قيمة عمل غيره ويسخر منه ويسعى فى إعلان سلبياته ولا يدرى أنه يخسر بذلك أكثر مما يكسب وحين تسيطر الذات البشرية الكثيرة الخداع على خدمة الخادم تجده يستخدم سمو الكلام لصالح إشباع ذاته ويتعمد إبهار الآخرين بالعلم والمعرفة ولا يدرى أن السامع يدرك ما وراء الكلام فيتعجب كيف لم تنجح الوسيلة ؟؟؟ ويلجأ لوسائل أخرى متعددة ولا يعرف أن الخدمة عمل إلهى وحركة سماء وفعل روحانى وما الخادم إلا حضرة شفافة لصورة الله والذى عرفنا على الله هو إخلاؤه الذى بدونه لظل محتجباً بالنسبة لنا وهذا العدو يدفع إلى الإنفراد بالعمل وتقليل شأن الأجيال الجديدة ولا يؤمن بمواهب الآخرين ولا يشجع على توزيع المهام ولا يرغب فى طاعة الكبار ويستعف أن يسمع أى تعليم ولا يعترف بخطأه ويتعالى على الإجتماعات التى يحضرها كمخدوم وبدل من أن يشارك فى حمل المسؤليات يسرع بالنقد وإعلان السلبيات ويساعده فى ذلك ما حصل عليه من معرفة أو وعى بظروف الخدمة والخدام ما أخطر ذلك العدو الخفى الذى يهزمنا دون أن ندرى أننا إنهزمنا بل يجتهد أن يقنعنا أننا الافضل دائماً وكأنه يهمس فى أذن كل واحد فينا دائماً أنت تعرف أكثر أنت تخدم أكثر أنت موهوب أكثر أنت محبوب أكثرأنت .أنت.أنت .وللأسف نصدق لأننا نميل ان نصدق أحبائى لو نظرنا إلى آبائنا الرسل وخدمتهم الجليلة والعظيمة ندرك لماذا إختار الله الجهال البسطاء ليعمل بهم ويتمجد بهم ليصير ضعفهم أعظم كرازه بمرسلهم أحبائى الخلاص من الذات ليس أمراً هينا ً ولكنه يتطلب جهاد وعناء وصراخ ودموع لأنه عدو شرس ومتحور يظهر أحياناً ويختبىء أحياناً لذا علينا أن ننتبه ونطلب إنصفنى من خصمى إحمينى من نفسي أما يهمك أن أهلك وحين تتراجع الذات يظهر المسيح بنفس المقدار حينئذ يفرح الزارع والحاصد معاً . القس أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والأنبا أنطونيوس - محرم بك الأسكندرية
المزيد
14 أكتوبر 2018

الخادم ومحبته لإخوته الخدام

المحبة هي أهم علامات أننا تلاميذ السيد المسيح «بهذا يَعرِفُ الجميعُ أنَّكُمْ تلاميذي: إنْ كانَ لكُمْ حُبٌّ بَعضًا لبَعضٍ» (يو13: 35). المحبة هي مكان سكنى واستقرار المسيح، بل هي علامة وجوده... لهذا فقبل أن تفكر في متطلبات الخدمة فكر أولًا في محبتك لكل من حولك وبخاصة لإخوتك الخدام... أقوى درس سيبقى في نفوس المخدومين هو المحبة التي يلمسها المخدوم بين الخدام بعضهم لبعض... وفي غياب المحبة يبطل كل شيء... يبطل التعب وتبطل المعرفة وتبطل الأنشطة... وكأنك ألقيت ماء في كيس مثقوب. والمحبة تُلحَظ دون كلام وتُفهَم دون تفسير، لذلك فهي تسري في النفس، وتعلّم أكثر من التعاليم، وتبقى أكثر من الدروس. فإن حضر إلينا المخدومون ورأوا ولمسوا المحبة الحقيقية، فقد سلمناهم أسمى التعاليم، وإن لم يروا المحبة فقد أعثرناهم في جميع التعاليم. فكيف نتكلم عن الله ونحن لا نحب بعضنا بعضًا، فهذا يقدم دليلًا قاطعًا لعدم معرفة الله «مَنْ لا يُحِبُّ لَمْ يَعرِفِ اللهَ، لأنَّ اللهَ مَحَبَّةٌ» (1يو4: 8)، «مَنْ يُحِبُّ اللهَ يُحِبُّ أخاهُ أيضًا» (1يو4: 21)، لأنَّ مَنْ لا يُحِبُّ أخاهُ الّذي أبصَرَهُ، كيفَ يَقدِرُ أنْ يُحِبَّ اللهَ الّذي لَمْ يُبصِرهُ؟ فرق كبير بين المحبة التي مصدرها المبادئ الإنسانية، أو المبادئ الإلهية. فرق بين المحبة المحدودة بالمبادئ البشرية، والمحبة التي ينبوعها محبة الله نفسه، هذه المحبة التي تكلم عنها لسان العطر بولس أنها تحتمل كل شيء، وتصدق كل شيء، وترجو كل شيء، وتصبر على كل شيء. هذه المحبة التي مصدرها الله، وعلى مثال محبة الله التي تجعل القلب أكثر اتساعًا من السماء، وتخترقه حتى يصير بلا جدران، لأنه «إنْ كانَ اللهُ قد أحَبَّنا هكذا، يَنبَغي لنا أيضًا أنْ يُحِبَّ بَعضُنا بَعضًا» (1يو4: 11). فمن أراد أن يأخذ فضيلة المحبة لا يتعب كثيرًا ولا يذهب بعيدًا، بل ينظر إلى مقدار فيض محبة وقبول الله له هو شخصيًا، ويدرك كم سامحه الله، كم تأنى عليه، كم أعطاه وهو لا يستحق، فيمتلئ بها ويشبع بها ويفيض على الآخرين، إذ أن «اللهَ بَيَّنَ مَحَبَّتَهُ لنا، لأنَّهُ ونَحنُ بَعدُ خُطاةٌ ماتَ المَسيحُ لأجلِنا» (رو5: 8). ماذا يفيد تعب الخدمة ومواهب الخدام وأنشتطهم دون محبة؟ أحبائي... الله يسكن حيث المحبة، والمحبة أهم إعلان عن الله، وتسلمنا من معلمينا أن المحبة في الخدمة أهم من الخدمة أيها الرب القدوس المستريح في قديسيك، هب لنا حبًا يليق بخدامك وسفرائك الذين هم خدام محبتك، فنعبّر عن فيض محبتك التي انسكبت في قلوبنا بروحك القدوس المعطى لنا. القس أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والأنبا أنطونيوس - محرم بك الأسكندرية
المزيد
07 أكتوبر 2018

وعود أبدية

تعرّضت كنيستنا المحبوبة في الآونة الأخيرة إلى إعتداءات متعدّدة منها الهدم والحرق والسلب والتهديد والإزدراء، ومن الطبيعي أن نتضايق على هذه الأحداث المؤسفة، وبلا شك فإن الكنيسة التي يتربّى فيها الشخص المسيحي تتحول المباني فيها إلى معانٍ، وتحمل ذكريات وتعزيات تستمر معه رحلة العمر كله.وقد نتساءل: لماذا وكيف يسمح الله بهذه التعديات؟ أليس هو الحارس لكنيسته؟ وكيف يسمح بقتل وسرقة بيوت لأشخاص لا لشيء إلا لأنهم مسيحيين؟ كيف يترك الشر ينتصر؟ومع تذكُّر بعض المواعيد الإلهيه قد يعثر الشخص في تصديقها مثل: «أبوابُ الجَحيمِ لن تقوَى علَيها» (متى 16: 18)، «شَعرَةً مِنْ رؤوسِكُمْ لا تهلِكُ» (لوقا 12: 18)، «يَحفَظُ جميعَ عِظامِهِ. واحِدٌ مِنها لا يَنكَسِرُ» (مزمور 34: 20).ولكي نفهم هذه المواعيد علينا أن ندرك أنها مواعيد أبدية وليس زمنية، ولو كانت زمنية لكانت تتعارض مع كل تفاصيل حياة ربنا يسوع المسيح نفسه، ومع آلامه ومع صليبه، ومع كل ألوان العذابات والضيقات التي تعرض لها أباؤنا الرسل القديسؤن والشهداء.وهنا لابد أن تتضح بعض المفاهيم: فالمقصود بأن أبواب الجحيم لن تقوي عليها هو قوات الموت، ولا يُقصَد هنا بالموت الموت الجسدي، بل الموت الأبدي. بمعني أن الكنيسة تبقي حيّة خالدة عبر الزمان بل وبعد الزمان.ولا يُقصَد بحفظ العظام العظام الجسدية، بل حفظ أعماق النفس الداخلية.كثيرًا مايحدث تعارض في فهم التدابير الإلهيه لأننا نترجمها بمفاهيمنا البشرية!الله تدابيره سماوية أبدية، بينما اهتمامات الإنسان أرضية زمنية، من هنا يحدث الصدام والعثرة في المفاهيم.لنعلم أن أقصى الشر عند الله هو الخطية، وأشد الخسائر عنده هي الهلاك الأبدي، ولكن للأسف الإنسان لا يدرك هذا ويعتبر أن الشر هو التجارب والخسائر هي الأمور المادية.وسيظل هذا التعارض ويتسع كلما ابتعدناعن المفاهيم الإلهية، وسيتضح لنا تدريجيًا كلما اقتربنا إلى الحياة الأبدية ونحن بعد على الأرض إلى أن يكتمل إدراكنا لها في المجد الأبدي، حين ندرك ما لم ندركة ونتعجب لتدابيرة المملؤة حكمة ومجدًا، ولا يسعنا إلا أن نخر ونسجد ونسبح مع السمائين: «نَعَمْ أيُّها الرَّبُّ الإلهُ القادِرُ علَى كُلِّ شَيءٍ! حَقٌّ وعادِلَةٌ هي أحكامُكَ» (رؤيا 17: 7).ومع غاية تأثرنا على كنائسنا التي هُدِمت أو حُرِقت إلّا أننا نؤكد أن الكنيسة بالنسبة لنا ليس مجرد مبنى ولا مكان، بل هي العالم كله حيث يوجد الله معنا، هي نحن، وحيثما اجتمعنا توجد الكنيسة. القس أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والأنبا أنطونيوس - محرم بك الأسكندرية
المزيد
30 سبتمبر 2018

عيد الصليب

عِيد الصلِيب فِى الكنِيسة القِبطِيَّة الأرثُوذُكسِيَّة لَهُ كرامة عظِيمة حَتَّى أنَّهُ بعدما تعوَّدنا عَلَى نغمِة الصُوم بِكُلّ خشُوعها اليوم نُغيِّر النغمة إِلَى لحن شعانِينِى وَلحن شعانِينِى معناهُ قِمَّة الفرح رُبما يُعبِّر عَنْ الفرح أكثر مِنْ اللحن الفرايحِى لأِنَّ الصلِيب هُوَ سِر فرحنا سِر فرح ليس الكنِيسة فقط بَلْ البشرِيَّة كُلّها وَلِنقِف وقفة عِند الصلِيب كى نعِيش ما تُرِيد الكنِيسة مِنَّا أنْ نتذوَّقه الصلِيب فخر المسِيحِيَّة وَقوَّتها لَوْ أخلينا المسِيحِيَّة مِنْ فِكر الصلِيب لَنْ تصِير مسِيحِيَّة لَوْ أخذنا المسِيحِيَّة كُلَّها وَتجاوزنا الصلِيب وَلَوْ أخذنا الإِنجِيل كُلّه وَتركنا قِصَّة الصلِيب وَقُلنا لِنكُنْ مَعْ المسِيح الَّذِى تجسَّد وَصنع المُعجِزات سيُقال لنا أنَّنا جعلنا المسِيحِيَّة مِثل إِنسان توقَّف قلبه مركز فخر وَقُوَّة المسِيحِيَّة الصلِيب المسِيحِيَّة مُرتكِزة عَلَى الصلِيب فِى كُلّ أعمالها لِذلِكَ قَالَ المسِيح [ وَمَنْ لاَ يحمِلُ صلِيبهُ وَيأتِي ورائِي فَلاَ يقدِرُ أنْ يكُونَ لِي تلمِيذاً ] ( لو 14 : 27 )لاَ يوجد مسِيحِى حقِيقِى إِلاَّ وَهُوَ حامِل الصلِيب وَإِنْ إِستعفى مِنْ حمل الصلِيب فَهُوَ رافِض أنْ يكُون كسيِّده إِذاً هُوَ ليس مسِيحِى كرامِة المسِيحِى فِى إِهتمامه وَقبُوله لِلصلِيب فِكرِتنا عَنْ الصلِيب تغيَّرت بعدما كَانَ الصلِيب عُقُوبة أوْ ألم إِجبارِى يُرسِلهُ الله أصبح الصلِيب قُوَّة وَغلبة وَخَلاَصَ لابُد لِكُلّ واحِد أنْ يكُون لَهُ شرِكة فِى آلام المسِيح لاَ تستعفِى وَ لاَ ترفُض الَّذِى يحمِل صلِيبه بِشُكر وَفرح يكُون واعِى لأهم سِر فِى المسِيحِيَّة وَهُوَ شرِكة الآلام [ لأعرِفهُ وَقُوَّة قِيامتِهِ وَشِرِكة آلامِهِ مُتشبِّهاً بِموتِهِ ]( فى 3 : 10 ) كثِيرُون يعرِض الله عليهُمْ الملكُوت بِحمل الصلِيب وَهُمْ يرفُضُون هذا الصلِيب فِى المعنى الرُّوحِى هِدِيَّة يُرسِلها الله لِيُدخِلَكَ الملكُوت هل حولَّنا فِكرِة الصلِيب إِلَى قِطعة حُلِى ذهبِيَّة خارِجِيَّة تُحلِّى صُدُورِنا؟ لاَ الصلِيب ليس زِينة00الصلِيب الحقِيقِى كرامتة فِى حمله وَقبُوله وَالشُكر عليه لِذلِكَ عِيد الصلِيب يجعل الإِنسان يقِف وَيُراجِع نَفْسَه أين هُوَ مِنْ حمل الصلِيب وَقبُوله وَالشُكر فِى أى ألم ؟ لَوْ عرف الإِنسان الفقِير أنَّ فقره بِسماح مِنْ الله لِيدخُل الباب الضيِق وَينال الملكُوت لصار أعظم القِدِيسِين لَوْ أعطاك الله ألم وَقبلته بِشُكر ستُهيَّأ لِلمجد لكِنْ لِلأسف الإِنسان يرفُض الصلِيب لِذلِكَ لاَ تتعجَّب مِنْ أنَّ العالم يرفُض إِله يُصلب وَيُعرَّى وَيُتفل عليه هذا قِمَّة الإِزدراء لِله لكِنْ نحنُ نقُول هذا فِكر بشرِى لأِنَّ الله أتى لِيُكرِّس لنا طرِيق نسِير فِيهِ وراءه وَعِندما نسِير وراءه نراه أمامنا يحمِل صلِيبه لِذلِكَ لابُد أنْ أحمِل الصلِيب الله لَمْ يأمُرنا أنْ نحمِل الصلِيب وَهُوَ لَمْ يحمِله بَلْ هُوَ تقدَّمنا حامِل صلِيبه صلِيب بِهِ قِمَّة الإِزدراء وَالآلام النَّفْسِيَّة وَالجسدِيَّة تخيَّل أنَّكَ ترفُض هذا الفِكر إِذاً أنت ترفُض منهج المسِيح وَالطرِيق الَّذِى سار فِيهِ وَالفِكرة الَّتِى أسسها كحياة وَسلُوكَ رأيناه مضرُوب وَمُهان وَحامِل الصلِيب لِذلِكَ حمل الصلِيب صار مركز الحياة المسِيحِيَّة كرامِة القدِيس فِى الكنِيسة وَمجده يُقاس فِى السَّماء بِحمله الصلِيب وَليس بِعلمِهِ وَثقافتِهِ أوْ أشياء خارِجِيَّة بَلْ بِدرجِة أمانتِهِ لِحمل الصلِيب كَمْ إِحتمل لِماذا سُمِىَّ مارِجرجِس أمِير الشُهداء ؟ أليس هُناك شُهداء كثِيرُون تعذّبُوا ؟ نقُولَ لأِنَّ مارِجرجِس تعذَّب سبع سنوات أى كَانَ صلِيبه أثقل وَأكثر قُوَّة كرامِة المسِيحِى فِى حمله الصلِيب وَكُلَّما كَانَ أمِيناً وَحمل صلِيب أثقل كُلَّما مجده إِزداد لِذلِكَ المسِيحِى الحقِيقِى يفرح بِقبُول الألم يقُولَ بُولُس الرَّسُولَ[ أُسرُّ بِالضَّعفاتِ وَالشَّتائِم وَالضَّرُوراتِ وَالاِضطهاداتِ وَالضَّيِقاتِ ]( 2 كو 12 : 10 )هل تفرح يا بُولُس بِالضِيقات وَالشتائِم ؟ الَّذِى فِكره فِكر الصلِيب يُحِب الكُلّ وَيحتمِل الكُلّ وَكما يقُولَ مارِيعقُوب[ إِحسبُوهُ كُلّ فرحٍ يا إِخوتِي حِينما تقعُونَ فِي تجارِبَ مُتنوِّعةٍ ] ( يع 1 : 2 ) لِذلِكَ الكنِيسة مملؤة لُبَّاس صلِيب أُناس بِالفِعل حملُوا صُلبان ضِيقة مرض شِدَّه قَدْ تقُولَ أنَّ حياتكَ تسِير بِإِسلُوب هادِئ طبِيعِى أقُولَ لَكَ لَكَ أنْ تختار صلِيبكَ صلِيب الجِهاد الرُّوحِى وَقمع الجسد أحمِل صلِيب جسدِى[ الَّذِينَ هُمْ لِلمسِيح قَدْ صلبُوا الجسد مَعَ الأهواء وَالشَّهواتِ ] ( غلا 5 : 24 )إِنسان يُسَّمِر كُلّ يوم جسده وَيقِف أمام شهواته أى يصلِب الجسد وَالَّذِى يُسيّطِر عليه يُعلِن أنَّهُ صلِيبه أى غلبه أى إِنتهى مِنّه إِنسان ليس لديهِ مشاكِل نقُولَ لَهُ أُصلُب جسدك وَالجسد كثِير المُشاغبات حَتَّى أخِر لحظة فِى حياتكَ وَأحذر أنْ تتخيَّلّ أنَّهُ سيأتِى وقت وَيقِف الجسد عَنْ حِيله لاَ الجسد يرفُض العِفَّة وَالصُوم وَإِذاً هُناكَ هِدِيَّة أعطاها الله لَكَ الصلِيب داخِلَكَ أُضبُط جسدك الجسد يحتاج أنْ يُصلب وَيحتاج أنْ نقُولَ لَهُ لاَ وَنُسَّمِره وَنُعرَّيه وَ لاَ نُدلِّلهُ وَما أجمل الكنِيسة القِبطِيَّة كنِيسة نُسكَ وَتضيِيق عَلَى الجسد لأِنَّها تعلم أنَّ الجسد قَدْ يمنعكَ مِنْ الأبدِيَّة وَقَدْ يُساعِدك عليهاهل تُرِيد أنْ تحيا صلِيب أقوى ؟ أُصلُب ذاتكَ لأِنَّ الذَّات مركز الوجُود الكيانِى لِلإِنسان وَكثِيراً ما تتعالى وَتتفاخرالذَّات تحتاج صلِيب ذات مُماته مصلُوبة تموت مِنْ أجل المسِيح تُقدِّم نَفْسَها تحت أقدام المسِيح ذات ترفُض المدِيح وَتُخفِى أعمالها رُبما هُناكَ بركات كثِيرة فِى حياتكَ تُعطِلها ذاتكَ فأُصلُبها معرُوض عليكَ حمل صلِيب وَبركة وَالله ينتظِر أمانتكَ فِى حمل الصلِيب وَصفُوف القِدِيسِين خلفه تُنادِى عليك وَهُمْ حامِلُون الصلِيب المُهِمْ أنْ تُطِيع وَالقِدِيسِين يُشّجِعُوكَ لأِنَّهُ منهج فَلاَ تجزع وَ لاَ تمِل لأِنَّكَ ترى القِدِيسِين لأِنَّكَ ستعِى أنَّ الصلِيب ليس عُقُوبة بَلْ بركة وَعلامة إِنَّكَ تسلُكَ فِى الطرِيق الصَّحِيح [ ينبغِي أنَّهُ كما سَلَكَ ذاكَ هكذا يسلُكُ هُوَ أيضاً ] ( 1 يو 2 : 6 ) وَكما يقُولَ بُولُس الرَّسُولَ[ صُلِب العالم ُلِي وَأنَا لِلعالم ] ( غلا 6 : 14 ) أى أُسّمِر العالم وَ لاَ أخضع لِمُغرِياته وَما أكثر مُغرِيات العالم اليوم وَمباهِجه يتفنَّن كيف يُبهِر النَّاس كيف يكُون ذلِكَ العالم عالم مصلُوب أى فاقِد الإِبهار وَالمظهر البرَّاق ؟ تخيَّل أنَّكَ تعِيش هذا الفِكر العالم مصلُوب وَذاتكَ مصلُوبة وَجسدكَ مصلُوب ستكُون قَدْ دخلت شرِكة الآلام الحقِيقِيَّة فَلاَ تجزع مِنْ الصلِيب الثبات فِى الطرِيق الرُّوحِى مهما كَانَ فِيهِ ضعفات وَالثبات فِى الحرُوب الرُّوحِيَّة صلِيب كَانَ عدو الخِير يُصارِع الأنبا أنطونيُوس حَتَّى أنَّهُ كما يُصارِع إِنسان حَتَّى أنَّهُ ضربهُ وَتركهُ بين حىَّ وَميِت فِى قلاَّيته تخيَّل حرُوب عدو الخِير كيف تكُون صلِيب وَكَمْ ثِقله ؟ بينما كَانَ الأنبا أنطونيُوس مطرُوح فاقِد الوعى مِنْ شِدَّه الألم رفع عينيهِ فرأى ربَّ المجد واقِف فعاتب الأنبا أنطونيُوس ربَّ المجد يسُوعَ لأِنَّهُ أتى مُتأخِراً وَكأنَّهُ يقُولَ لَهُ أتيت بعدما ضُرِبت كُنت تأتِى لِتُدافِع عنِّى [ لِماذا لَمْ تأتِى فِى آلامِى وَإِلَى متى لاَ تضع حدَّاً لآِلامِى ] لِماذا لَمْ تأتِى أثناء الصِراع00فأجابهُ يسُوعَ [ أنا كُنت حاضِراً وَكُنت أُراقِب آلامكَ وَلأِنَّكَ صارعت وَغلبت سأجعلَكَ عموداً00يكُون إِسمكَ معرُوفاً فِى كُلّ مكان ] أحياناً يكُون فِى حياتنا صلِيب وَ لاَ نرى الجانِب الآخر مِنْ الصلِيب السيِّد المسِيح كَانَ يُدّبِر طغمات يُعلَّمها الأنبا أنطونيُوس كيف تغلِب وَيملأ بِها الصَّحراء أحياناً يرى الإِنسان الصلِيب مِنْ وِجهة واحِدة فتجزع نَفْسَه عِندما يرى الإِنسان آلام المسِيح يتعب وَيقُولَ أُرِيد أنْ أرى القِيامة أقُولَ لَكَ[ لاَ توجد قِيامة بِدُون ألم وَ لاَ يوجد ألم بِدُون جُلجُثة ] فرحك ينتظِركَ بعد حمل الصلِيب وَلأِنَّنا غير أُمناء فِى حمل الصلِيب لِذلِكَ لاَ توجد فِى حياتنا قِيامة الله يُرِيد كُلّ أولاده لُبَّاس صلِيب يسِيرُون فِى طرِيق حمل الصلِيب ليتنا نكُون مُهيَّئِين لِهذا الطرِيق أعطِنِى يارب أنْ أفرح بِحمل الصلِيب وَأكسر جسدِى وَأُقدِّم لَكَ جسدِى مكسُور ساجِدعلّمنِى أنْ أصلُب ذاتِى وَأغرِس صلِيبكَ فِى قلبِى كى أحيا الإِنتصار وَالقِيامة معكَ أرجُوكَ لاَ تستعفى مِنْ حمل الصلِيب ربِنا يسنِد كُلّ ضعف فِينا بِنِعمِته لَهُ المجد دائِماً أبدِيّاً أمِين. القس انطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والأنبا أنطونيوس - محرم بك - الأسكندرية
المزيد
16 سبتمبر 2018

نيرى هين وحملى خفيف

﴿ نِيري هيِّن وحِملي خفيف ﴾ ( مت 11 : 30 ) كثيرون يعيشون مع الله ويشعرون أن الطريق شاق وصعب والحِمْل ثقيل والوصية صعبة لكن ربنا يسوع يقول ﴿ نِيري هيِّن وحِملي خفيف ﴾ النِير هو ما يُوضع على ظهر الحيوان ليحمل الأثقال ومادام الحيوان بدون النِير يشعر أنه في وقت راحة فيعيش وكأنه طفل لكن مجرد أن يُوضع عليه النِير يصير جاد في سلوكه تعالوا نقول لله ضع نِيرك علينا هو يقول نِيري هيِّن أي خفيف الأنبا أنطونيوس كان يقول لأولاده ﴿ يا أولادي اعلموا أن وصاياه ليست ثقيلة ﴾الذي يجعل النِير هيِّن والحِمْل خفيف هو المحبة والذي يجعله ثقيل وصعب عدم المحبة ما الذي يجعل النِير هيِّن ؟ الحب الذي يحب الله يشعر أن طريقه لذيذ يستعذبون الألم أبونا إبراهيم ترك أرضه وعشيرته وهو مُبتهج رغم أنه ذاهب إلى مجهول نقول له أنت لا تعلم إلى أين تسيريقول مادام الله معي ومُعطيني نعمة لن أستثقِل الأمر نجد أن الإنسان الروحاني يفرح بالصوم ويلتهب وينتظر قدومه لأن النِير بالنسبة له هيِّن والحِمْل خفيف لأنه لا يشعر أن الصوم عذاب للجسد بل ترويض للجسد وارتقاء وسمو قديماً كان الآباء يعرفون الصوم دائماً ولا يشعرون بصوم وإفطار ولم يكن هناك توقيت ونتائج لأيام السنة وكان الزمن بالنسبة لهم مسئول عنه شخص مُعيَّن وكان ذلك الشخص يُرسِل راهب يُنادي بالصوم قبل بدايته بيومين وكان أحد الرهبان يُنادي الصوم بعد يومين فقال له شيخ أنا لي ثلاثة وخمسون سنة في البرية لم أعرف ميعاد صوم وإفطار لم يشعر بحرمان أو عذاب أو فُقدان لذة لأن نِيره هيِّن اِحمِل نِيره بحُب تجده خفيف ولتسأل شهيد عن حاله في العذابات وتقول له ماذا تفعل مع التعذيب هذا أمر لا يُحتمل كيف تتحمَّل كل هذه الإهانات والعذابات والألم ؟ يقول أنه يحب الألم لأجل المسيح أن تستضئ عينيك بنور المسيح تستثقِل الثوب الذي على جسدك والطعام الذي تأكله وكأنك تقول له ليتني أُقدم لك أكثرالشهداء أرادوا أن يقدموا له أكثر من حياتهم حتى أن الله ظهر للأنبا بولا الطموهي وقال له " كفاك تعباً يا حبيبي بولا " لأن جسده قد اضمحل من شدة النُسك حتى صار كورقة الشجر لكنه يُجيب الله ويقول ماذا يكون تعبي أمام قطرة من دمك سال لأجلي أمام صليبك أمام حبك للبشرية أنا ما فعلت شئ يليق بحبك نِيره هيِّن والألم لذيذ والحِرمان مقبول يرى الشهيد أثناء عذاباته جانب لن يراه الآخرون الناس ترى شهيد وسيف ودم مسفوك وقسوة وعذاب وهو يرى سماء مفتوحة وأكاليل ومجد وملائكة ويقول أنا في تنعم ومجد لأن عينه مفتوحة على أسرار الله ﴿ نِيري هيِّن وحِملي خفيف ﴾آية لا تُفهم إلاَّ بالحب ولا يفهمها إلاَّ عُشَّاق يسوع وتدفعهم أكثر في طريق الله ﴿ يجرون في طريق الأحزان بلا شبع ساعة ما أدركوا شهوة حُب الرفيق ما صبروا أن يبقوا في أفراح العالم لحظة واحدة ﴾يحملون تعاذيبهم لأن نِيره هيِّن الذي يقدم حياته لأجل الله هل يشعر أنه قدم شئ فائق لم يفعله غيره ؟معلمنا بطرس الرسول قال ليسوع ﴿ ها نحن قد تركنا كل شيءٍ وتبعناك ﴾ فقال له يسوع﴿ كل من ترك بيوتاً أو إخوةً أو أخواتٍ أو أباً أو أماً أو امرأةً أو أولاداً أو حقولاً من أجل اسمي يأخذ مئة ضِعفٍ ويرث الحياة الأبدية ﴾ ( مت 19 : 27 ، 29 ) يشعر أن هذه الأرض كلها هي له والبشرية كلها أولاده وهو مسئول عنهم كان المتنيح أبونا بيشوي كامل يقول للناس اعتبروني أفقر شخص فيكم وأغنى شخص فيكم لا أملُك شئ لكن كل ما لكم لي كان يشعر بالمكسب وإذا أتاه فقير ولم يكن معه شئ كان يضع يديهِ في جيب أقرب شخص له ويأخذ منه دون حساب ويعطي الفقير اُدخل إلى عمق الحياة مع الله تجد نفسك تسأل الله ماذا أُقدم لك يستحق حبك ؟ صومي مُخجِل لأني آكل كثيراً هو مجرد تغيير طعام هل يليق أن أمنع نفسي عن كذا وكذا كل ذلك أيضاً قليل أمام حبك هل أمنع نفسي عن أنواع أطعمة عن الماء عن وتظل هكذا حتى تشعر أنك تقدم جسدك كله بل وحياتك ذبيحة مُحرقة لله ذبيحة مُحرقة أي تُحرق بالكامل تقول له أريد أن أُقدم لك كل حياتي ذبيحة حية مقبولة أمامك جسدي وعقلي وقلبي وتُقدم بلا ندامة وتشعر أنك كسبت الكثير والكثير هل اختبرت نِيره ؟ إنه هيِّن هل تستثقِل وصاياه أم تشعر بلذتها ؟ إختبِر وادخل للعمق وتذوق وكلما تعمقت النعمة ترفعك درجة ودرجة وتشعر بلذة أكثر وأكثر إختبروا وتلذذوا ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته لإلهنا المجد دائماً أبدياً آمين القس أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والأنبا أنطونيوس – محرم بك الأسكندرية
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل