المقالات

01 مارس 2023

الأمانة في القليل

قال الكتاب "كنت أمينًا في القليل، فسأقيمك على الكثير" أي كنت أمينًا في الأرضيات، فسأقيمك على السمائيات. كنت أمينًا في هذا العالم الحاضر، فسأقيمك على الأبدية ويمكن تطبيق هذا المبدأ في مجالات شتى كثيرة إن كنت أمينًا في محبتك للقريب يمكن أن يقيمك الرب على محبة العدو، أي يعطيك النعمة التي تستطيع بها أن تحب عدوك إن كنت أمينًا من جهة خدمة الرب في وقت فراغك، يمكن أن يهبك الرب الحب الذي به تكرس حياتك كلها له إن كنت أمينًا من جهة عدم قبولك للخطايا الإرادية، يمكن أن ينقذك الرب من الخطايا غير الإرادية إن كنت أمينًا في حفظ عقلك الواعي من الفكر الشرير، يعطيك الرب حينئذ نقاوة العقل الباطن، ويعطيك الرب أيضًا نقاوة الأحلام إن كنت أمينًا في سن الطفولة يقيمك الرب على الأمانة في سن الشباب، وهى أكثر حروبًا إن كنت أمينًا من جهة عدم إدانة الآخرين بلسانك، حينئذ يعطيك الرب عدم الإدانة بالفكر وهى أصعب وبالمثل إن كنت أمينًا في ضبط نفسك من جهة الغضب الخارجي الظاهر، حينئذ يهبك الرب النقاوة من الغضب الداخلي أيضًا، النقاوة من الغيظ والحقد وأفكار الغضب إن كنت أمينًا في الروحيات العادية (ثمار الروح) يمكن أن يقيمك الرب على مواهب الروح وبدون الأمانة في الأولى لا تُعطَى الثانية إن الله يختبرك أولًا في الشيء القليل فان وجدك أمينًا فيه، حينئذ يأتمنك على ما هو أكثر أما إن أظهرت فشلك وعدم أمانتك في القليل، فمن الصعب أن يقيمك على الكثير وكما قال الكتاب "إن جريت مع المشاة فأتعبوك، فكيف تستطيع أن تُباري الخيل؟"، ونص الآية هو: "إِنْ جَرَيْتَ مَعَ الْمُشَاةِ فَأَتْعَبُوكَ، فَكَيْفَ تُبَارِي الْخَيْلَ؟" (سفر إرميا 12: 5) العجيب أن كثيرين يظنون في أنفسهم القدرة على القيام بمسئوليات كبيرة بينما هم عاجزون عن القيام بما هو أقل منه. النعمة التي معهم لا يستخدمونها، ومع ذلك يطالبون بنعمة أكبر، ناسين قول الرب "كنت أمينًا في القليل، فسأقيمك على الكثير" (مت 25: 21)، إنه شرط.. قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
المزيد
22 فبراير 2023

كيف تعامل الناس؟

هناك وسائل عديدة تستطيع إن تنجح بها في معاملة الناس وتكسب قلوبهم، وبهذا تقودهم بالحب في طريق روحي، وكما قال الكتاب "رابح النفوس حكيم". 1- حقق للناس في حياتك المثاليات التي يشتهونها. 2- ازهد فيما في أيدي الناس يحبك الناس لا تشعر الغير بأنك تتخذ منهم موقف المنافس، الذي يريد أن يستولى على ما في أيديهم، وما يريدون الحصول عليه. 3- احتمل غيرك في وقت ضعفه وفي وقت خطئه واكسبه بطول البال وبالصفح وبسعة الصدر: فلا شك انه سيندم على ما أساء به إليك حينما يخلو إلى نفسه. 4- امدح الناس وأشعرهم بتقديرك لهم، وبأن كل خير يعملونه هو موضع إعجابك، ولا يخفى عليك. 5- احترم غيرك وعامل الكل بأدب، ليس فقط الكبار منهم ومن أنت مجبر على احترامهم، بل حتى الصغار أيضًا ومن هم اقل منك سنا ودرجة. 6- اعمل على بناء الناس، وليس على تحطيمهم. 7- لا تكن كثير التوبيخ للناس، وان اضطررت لذلك ليكن ذلك دون أن تجرح أحدًا، ولا تسيء الظن بالناس ولا تحاول أن تصطادهم بتصرف وبكلمة، ولا تشعرهم بأنك تتخذ منهم موقف المنتقد وموقف العدو. 8- اعذر الناس ودافع عنهم بقدر ما تستطيع بأسلوب الحق لا بأسلوب النفاق وبقدر ما يحتمل الموقف بطريقة سليمة لا رياء فيها ولا مجاملة فيها على حساب الحق. 9- أعط باستمرار وابذل والذي لا تستطيع أن تعطيه معونة قدم له كلمة طيبة وابتسامة لطيفة ومجاملة حَقة وقم بواجبك نحو الكل دون تقصير. 10- عامل الناس باتضاع ووداعة، برقة ولطف، فاللطف من ثمر الروح القدس كما قال الرسول (غل5: 22). 11- افهم الناس واجعلهم يفهمونك بهدوء وروح طيبة، وهكذا عش معهم في التفاهم المتبادل، بالمحبة والهدوء. 12- ادخل في علاقات المشاركة الوجدانية المتبادلة "فرحًا مع الفرحين، وبكاء مع الباكين"، لا تترك مناسبة تطيب بها قلوب الناس دون أن تشترك فيها. قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث عن كتاب كلمة منفعة الجزء الاول
المزيد
15 فبراير 2023

الهدوء

الهدوء صفة جميلة يتصف بها الإنسان الروحي، ومنها هدوء القلب، وهدوء الأعصاب، وهدوء الفكر، وهدوء الحواس، وهدوء التصرف، وهدوء الجسد الإنسان الهادئ لا يضطرب قلبه لأي سبب، ولا يفقد هدوءه مهما ثارت المشاكِل. وكما قال داود النبي "إن يحاربني جيش فلن يخاف قلبي، وإن قام عليَّ قتال ففي هذا أنا مطمئن" لأنه هدوء مصدره الإيمان إن فقد الإنسان هدوءه من الداخل، يبدو أمامه كل شيء مضطربا، وكل شيء بسيط يبدو معقدًا إن التعقيد ليس في الخارج، وإنما في داخله وإن هدأ القلب يمكن أن تهدأ الأعصاب أيضًا، فلا يثور الشخص، وإنما يحل الإشكال في هدوء إن العقل إن عجز على حل أمر ما تتدخل الأعصاب لحله، وقد تعلن الأعصاب الثائرة عن قلة الحيلة وفقدان الوسيلة، وكلما تعبت الأعصاب تزداد ثورتها والشخص الهادئ قلبًا وأعصابًا، يمكنه أن يكتسب الهدوء في التفكير وفي التصرف، فيفكر تفكيرًا متزنًا مرتبًا بغير تشويش ويتصرف في اتزان وهدوء، ليس في صخب الانفعال ولا في اضطراب الأعصاب ومما يساعد على الهدوء الداخلي، الهدوء الخارجي: هدوء المكان، وهدوء البيئة، والبعد عن المؤثرات المثيرة لذلك فان الرهبان الذين يعيشون في هدوء البرية، بعيدًا عن الضوضاء، وعن صياح الناس، وعن إثارة الأخبار والأحداث هؤلاء يكون تفكيرهم أكثر هدوءًا وتكون قلوبهم وأعصابهم هادئة، ويكونون في الغالب قد اعتادوا الهدوء وحياة الوحدة والانفراد تجلب الهدوء عموما بسبب هدوء الحواس لأن الحواس هي أبواب للفكر كما يقول القديسون فما تراه وما تسمعه وما تلمسه يجلب لك فكرًا، فإن استراحت حواسك من جميع الأخبار، استراحت نفسك من الأفكار والمكان الهادئ يساعد على هدوء الحواس وبالتالي هدوء الفكر وهدوء القلب وهدوء الأعصاب لذلك فان كثيرين يبعدون عن الأماكن الصاخبة التماسًا للهدوء إن محبي الهدوء يبحثون عنه بكل قلوبهم، ولكن البعض -للأسف- يحبون الصخب ولا يعيشون إلا فيه ويسأمون من الهدوء! قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث عن كتاب كلمة منفعة الجزء الاول
المزيد
01 فبراير 2023

النعمـة [ ٢ ] النعمة التي تعطى..علينا أن نختبرعطاءها.

وقيل عن السيد الرب وهو يتكلم في المجمع ويشرح ما ورد عنه في سفر إشعياء النبي كان الجميع يشهدون له ، ويتعجبون من كلمات النعمة الخارجة من فمه ، ( لو ٤ : ٢٢ ) وهكذا كان بولس الرسول يطلب أن يعطيه النعمة ما يتكلم به ، فقال في رسالته إلى أفسس مصلين بكل صلاة وطلبة لأجلى لكي يعطى لى كلام عند افتتاح فمي ، لأعلم جهارا بسر الإنجيل ، ( اف ٦ : ۱۸- ۱۹ ) النعمة أيضا تعطى قوة كما قال القديس بولس الرسول لتلميذه تيموثاوس فتقو انت يا ابني بالنعمة التي في المسيح يسوع ، ( ۲ تی ٢ : ١٠ ) وقال عن فاعلية النعمة في خدمته ، ولكن بنعمة الله انا ما انا ونعمته المعطاة لي لم تكن باطلة ، بل أنا تعبت أكثر من جميعهم ، ولكن لا أنا ، بل نعمة الله التي معی ( اکو ۱۰:۱۵ ) ، وقيل عن خدمة بولس في أخائية فلما جاء ساعد كثيرا بالنعمة الذين كانوا قد امنوا ( اع ٢٧:١٨ ) وقيل عن النعمة في ،تبشير الرسل بالقيامة وبقوة عظيمة كان الرسل يؤدون الشهادة بقيامة الرب يسوع ، ونعمة عظيمة كانت على جميعهم ( اع ٤ :٣٣ ) ، إن القوة العظيمة في شهادتهم ، كانت بسبب النعمة العظيمة التي عليه لا شك أن الوعظ يحدث تأثيره ، بسبب عمل النعمة في كلماته النعمة قوة خفية تعطى للإنسان تحرك فيه محبة الله ، وتحرك فيه الرغبة في التوبة تعطيه مشاعر مقدسة ، وتعطيه قوة على السير في طريق الله ، قوة على الصمود أمام حروب العدو واغراءاته. النعمة التي تعطي المواهب وتعطى للمتواضعين . فالمواهب هي هبة من الله هي عطية من نعمته ، لذلك يجب لا يجوز الا يفتخر الإنسان بمواهبه ، لأنها ليست منه بل موهوبة له الله أنعم عليه بها ، إذن هي من عمل النعمة. ولذلك فالمواهب وكل عمل النعمة ، إنما يتمتع بها المتواضعون ، كما يقول الكتاب « تسربلوا بالتواضع ، لأن الله يقاوم المستكبرين ، أما المتواضعين فيعطيهم نعمة ، ( ابط ٥:٥ ) . وتكرر نفس الكلام في رسالة معلمنا يعـقـوب الرسول ( يع ٦:٤ ) . فالمتكبر إذ يستخدم نعمة الله للافتخار وتمجيد ذاته تفارقه النعمة لأنه يستخدمها لضرورة روحية ، هكذا ورد ايضا في العهد القديم ، في سفر الأمثال ويعطى نعمة للمتواضعين ( أم ٣ : ٣٤ ) ۔ ليتنا . في حياتنا جميعا ، تختبر عمل النعمة . كثير من الناس ، لم يختبروا النعمة بعد! لقد جربوا قوتهم البـشـرية وجربوا المواهب والمهارات والحيل البشرية ، وجربوا المعونة التي تأتيهم من الناس ، ولكنهم للاسف لم يختبروا نعمة الله . وكلما يقع أحد منهم في إشكال ، يحاول أن يصل إلى الحل ، إما بعقله البشري ، أو عن طريق الناس ، دون أن يسكب نفسه أمام الله طالبا تدخل نعمته. هناك إذن من يعتمد على أصحابه أو على ذاته ، وهناك نوع من الناس يفتح السموات بصلاته وكل واحد من هذين له منهج في الحياة يختلف عن الآخر ولعل واحدا يتساءل : أنا لم أر هذه النعمة التي تعطى! أنت لم ترها ، لأنك لم تختبرها . ولم تختبرها لأنت لم تطلبها ، ولم تطلبها لأنك لا تشعر حتى الآن بقيمتها في حياتك من كل ناحية .. لذلك حاول أن تصر على الأخذ من الله وحده وقل له يارب انا لن أخذ إلا من أنت لن أطلب من العالم ، ولا من الناس ولا من مواهبي وذكائی : سأطلب منك أنت ، وسوف أخذ لانك انت القائل : « اسالوا تعطوا ، اطلبوا تجدوا إقـرعـوا يفتح لكم ، ( مت ٧:٧ ) لماذا تاهت عنى هذه الوعود الإلهية ولم أختبرها ؟! لماذا لم أجرب الصلاة التي أخذ بها من عطايا النعمة الإلهية ما أريده هوذا الرب يقول لنا ما سبق أن قاله لتلاميذه إلى الآن لم تطلبوا شیئا باسمی اطلبوا تأخذوا ليكون فرحكم كاملا ، ( يو ٢٤:١٦ ) الصلاة إذن تفتح لنا أبواب النعمة . العيب إذن فينا ، لأننا نطرق بعـد أبواب النعمة فلنحاول أن نطرق بابها لنأخذ ... في بعض الأحيان تعمل النعمة لأجلنا دون أن نطلب ، ولكن عندما ياتينا الخير قد لا ننسبه إلى النعمة ، إنما لمصادر أخرى !! أما إذا كنا نطلب ، وتأتينا الاستجابة فحينئذ سنفرح بالرب ونشكره ، وتتعمق علاقتنا به كتب يعطينا ما نطلبه . وبعد ، لعلنا نحتاج إلى مقالات أخرى لكي نتابع أحاديثنا عن النعمة ، فإلى اللقاء في تلك المقالات إن أحبت نعمة الله وعشنا . قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
المزيد
25 يناير 2023

النعمـة النعمة التي تعطى..علينا أن نختبرعطاءها

كل الخيرات التي تحيط بالإنسان هي عطية من النعمة ، لذلك فإن الذي يحيا في رغد من العيش ، يقول عنه عامة الناس" فلان عايش فى النعمة" إنها النعمة التي تعطي البركة في كل ما يملكه الإنسان ، فيزيد جدا ويتسع ، كما قال الرب في وعوده لمن يطيع وصاياه .مباركة تكون سلتك ومعجنك ( تت ٨ : ٥ ) مباركة تكون ثمرة بطنك وثمرة أرضك وثمرة بهائمك نتاج بقرك وإناث غنمك ، ( تث ٤:٢٨ ) يأمر لك الرب بالبركة في خزائك وفي كل ما تمتد إليه يدك ويفتح لك الرب كنزه الصالح ليعطي مطر أرضك في حينه ... ( تث ٨:٢٨ -١٢) وليس في هذا فقط في الخيرات المادية ، بل يقول الكتاب كل عطية صالحة وكل موهبة تامة هي من فوق نازلة من عند أبي الأنوار » ( بع ١ : ١٧ ) إن مباركة ما عندك ، هي من النعمة التي تعطی ، فلا يعوزك معها شی ، ( مز ۱:۲۳ ) النعمة التي تعطى بركة للخمس خبزات والسمكتين ، فتكفي لإطعام خمسة آلاف رجل ما عدا النساء والأطفال ، ويفضل عنهم الكثيره ( مت ١٤ : ۱۷۔۲۱ ) إنها النعمة المعطية التي تنزل المن والسلوى من السماء فتغطى الأرض ، ( خر ١٦ : ١٣) وقال موسى النبي عن ذلك المن هو الخبر الذي اعطاكم الرب لتأكلوا ( خر ١٥:١٦ ) . النعمة أيضا فجرت لهم ماء من الصخرة ( مز ٢٠:٧٨ ) ، إنها النعمة التي تفتح كـوى السموات فتفيض بركة حتي لا توسع ( ملا ٣ :١٠ ) نعمة الرب تعطى بسخاء وتبارك القليل فيصير كثيرا هي التي باركت كوز الدقيق وكوز الزيت في بيت أرملة صرفة صيدا في عهد إيليا النبي مالم يفرغ كوز الدقيق ، ولم ينقص كوز الزيت طول فترة المجاعة ، ( امل ١٤:١٧ -١٥ ). إنها النعمة التي عاش بها تلاميذ السيد المسيح ، فخرجوا إلى الخدمة بلا ذهب ولا فضة ولا نحاس في مناطقهم ولا مزود الطريق ( مت ٩:١٠-١٠ ) ، ولم يعوزهم شي ( لو ٣٥:٢٢ ) .. كانت نعمـة الله هي التي ترعاهم في طريق خـدمـتـهم ، وتسـد كل احتـياجـاتهم ولم تكتف النعـمـة بسـد احتياجاتهم ، بل أكثر من هذا يقول الرسول کفقراء ونحن نغنی کثيرين ! كان لا شيء لنا ونحن نملك كل شي .( ۲ کو ٦ : ١٠ ) .ولكن ما أجمل قول الرب للقديس بولس الرسول تكفيك ،نعمتی ... ( ۲ کو ۹:۱۲ ) إلى هذا الحد ، تكون النعمة كافية ، في المرض ، في الضعف ، وفي الفقر والعون لا يحتاج الإنسان إلى شيء آخر . ما دامت النعمة تعمل فيه ، وتعمل من أجله. النعمة خرج بها أبونا إبراهيم من أرضه فقيرا ، وعاش بعد ذلك كاغنى أغنياء الأرض وخرج بهـا مـوسى النبي هاربا من أرض مصر ، وهو لا يملك أي شيء ، ثم عاد ليعيد إلها للفرعون » ( خر ١:٧ ) وخرج بها يوسف الصديق ، وهو عبد للإسماعيليين ثم عبد لفوطيفار ، وتولته النعمة حتى صار أبا لفرعون ، وسيدا لكل بيته ، ومتسلطا على كل أرض مصر ( تك٨:٤٥ ) أعطت العناية الإلهية نعمة في أعين الكل أعطاه الرب نعمة في عيني فوطيفار ، فوكله على بيته ، ودفع إلى يده كل ما كان له ، ( تك ٤:٣٩ ) . ولما القي في السجن « بسط الله إليه لطفا ، وجعل له نعمة في عيني رئيس السجن » ( تك ۲۱:۳۹ ) فدفع إليه جميع الأسرى .. ( تك ٢٣:٣٩ ) ، ثم أعطاء الرب نعـمـة في عيني فرعون ، فجعله الثاني في المملكة ، وخلع خاتمه من يده وجعله في يد يوسف وقال له . بدونك لا يرفع إنســــــان يده ولا رجله في كل أرض مصر ( تك٤٤:٤٢:٤١ ) نعمة الرب عملت أيضا مع يعقوب أبي الآباء . فقال الرب ، عرفانا بنعمته ، « صغير أنا عن جميع ألطافك وجميع الامانة التي صنعت إلى عبدك ، فانی بعصای عبرت هذا الأردن ، والآن قد صرت جيشين ( خر١٠:٣٢ ) ، وأعطاه الرب نعمة في عيني أخيه عيسو ، وهو خائف منه ، فركض عيسو للقائه وعانقه ، ووقع على عنقه وقبله ، وبكيا ( تك ٤:٣٣ ). دائما في لغة الكتاب المقدس - يعبر عن رضي شخص عن اخر بكلمة ، وجد نعمة في عينيه كما قال الكتاب عن دانيال النبي ، وأعطى الله دانيال نعمة ورحمة عند رئيس الخصيان ( دا ٩:١ ) ، وكما قال أبونا يعقوب لعيسو أخيه إن وجدت نعمة في عينيك ، تأخذ هديتي من يدی ( تك ١٠:٣٣ ) كما قال لابنه يوسف « إن كنت وجدت نعمة في عينيك اصنع معى معروفا وأمانة لا تدفني في مصر ، بل اضطجع مع ابائي ( تك ٢٩:٤٧ - ٣٠) وكما قال جدعون لملاك الرب "إن كنت قد وجدت نعمة في عينيك ، فاصنع لى علامة" ( قض ٦ : ١٧ ) ، وقيل عن الطلاق « إن أخذ رجل امرأة وتزوج بها ، فإن لم تجد نعمة في عينيه كتب لها كتاب طلاق ( تت ١:٣٤ ) النعمة ايضا تعطى كلمة للمبشرين والوعاظ كما قيل في المزمور « انسكبت النعمة على شفتيك » ( مز ٢:٤٥ ) [ البقية العدد المقبل ] قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
المزيد
12 يناير 2023

جاء السيد المسيح يطلب ويخلص ما قد هلك [ ٢ ]

هذا العالم الذي يحب الظلمة جاء الرب لكي يخلصه من ظلمته إلى خاصته جاء وخاصته لم تقبله » ( يو ١ : ١١ ) ، وعدم قبولهم له معناه أنهم هلكوا والرب جاء يطلب ويخلص ما قد هلك رفضهم له ، أكان يعني أنه هو يرفضهم بل على العكس يسعى إليهم لكي يخلصهم من ذلك الرفض لأنه يريد أن الجميع يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون » ( اتی ٢ : ٤ ) كذلك جاء يطلب الوثنيين الذين يعبدون آلهة أخرى غيره هم لا يعرفونه ، ولكنه يعرفهم ويعرف ضياعهم وقد جاء لكي يطلبهم « النور أضاء في الظلمة ، والظلمة لم تدركه ، ( يو ٥:١ ) ، ولكنه لم يتركهم بسبب عدم إدراكهم له ، إنما جاء ليعطيهم علم معرفته ، وقد قال عن كل هؤلاء ، ولی خراف آخر ، ليست من هذه الحظيرة ينبغي أن أتي بتلك ايضا فتسمع صوتي ، وتكون رعية واحدة لراع واحد ( يو ١٦:١٠ ) . ما أكثر ما احتمل الرب لكي يخلص ما قد هلك لست أقصد فقط مـا احـتـمله على الصليب ، ولكني أقصد أيضا ما احتمله اثناء كرازته من الذين رفضوه حتى من خاصته التي لم تقبله حقا ما أعجب هذا أن يأتي شخص ليخلصك فترفضه وترفض خلاصها ومع ذلك يصر على تخليصه لك وحتى الذين اغلقوا أبوابهم في وجهه صبر عليهم حتى خلصهم . كان في محبته وفي طول اناته لا يياس من أحد ويفتح باب الخلاص أمام الكل فهو "يمنح الرجاء حتى للأيدي المسترخية وللركب المخلعة " ( عب ۱۳:۱۲ ) قصبة مرضوضة لا يقصف ، وفتيلة مدخنة لا يطفى ( مت ۲۰:۱۲ ) جاء ليخلص الكل والكل كانوا مرضى وضعفاء وخطاة ومحتاجين إليه وهو قد قال ولا يحتاج الأصحاء إلى طبيب بل المرضى ما جئت لأدعو ابرارا بل خطاة إلى التوبة ، ( مر ٢ : ١٧ ) . من أجل هذا لم يجد المسيح غضاضة أن يحضر ولائم الخطاة والعشارين ويجالسهم ويأكل معهم ويجتذبهم إليه بالحب ويقول للمرأة التي ضبطت في ذات الفعل ، وأنا أيضا لا أدينك ، ( يو ٨: ١١ ) فما جاء ليدينها بل ليخلصها وهكذا قيل عنه أنه محب للعشارين والخطاة ، ( متی ۱۹:۱۱ ) بل أنه جعل أحد هؤلاء العشارين رسولاً من الاثني عشر ( مت ۱۰ ) واجتذب زكا رئيس العشارين إلى التوبة ودخل بيته لكي يخلصه هو وأهل بيته وقال اليوم حدث خلاص لأهل هذا البيت إذ هو ايضا ابن لإبراهيم » ( لو ١٩ : ٩ ) فتذمروا عليه قائلين : إنه دخل ليبيت عند رجل خاطئ ، ولكنه كان يطلب ويخلص ما قد هلك إنه لم يحتقر الخطاة مطلقا ، فالاحتقار لا يخلصهما إنما يخلصهم الحب والاهتمام والرعاية والافتقاد والعلاج المناسب العالم كله ، كان في أيام المسيح قصبة مرضوضة وفتيلة مدخنة فهل لو فسد العالم وهلك يتخلى عنه الرب ؟! كلا بل يخلصه حتى لو فقد صوابه ، فالرب لا يحتقره بل يعيده إلى صوابه حتى الذين قالوا أصلبه أصلبه ، لم يمنع الخلاص عنهم بل قال للاب ، وهو على الصليب - يا أبتاه اغـفـر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون » ( لو ٣٤:٢٣ ) قال هذا لانه كان يطلب ويخلص ما قد هلك ولهذا فتح باب الفردوس للص المصلوب معه . لم يكن ينظر إلى خطايا الناس بل إلى محبته لهم لم ينظر إلى تعدياتنا وإنما إلى مغفرته التي لاتحد ، اما تعدياتنا فقد جاء ليمحوها بدمه وحينما كان ينظر إليها كان يرى فيها ضعفنا ، ولذلك قال له المرتل ، إن كنت للاثام راصدا يارب من يثبت ؟! لأن من عندك المغفرة ، ( مز ١٣ ) . لاحظ أن الرب في تخليصه لنا إنما يغفر من أساء إليه ، فالذي هلك هو إنسان خاطئ قد أساء إلى الله والرب جاء لكي يطلب خلاصه .. !! ما أكثر الملايين وآلاف الملايين الذين عاملهم الرب هكذا بكل صبر وطول أناة حتى تابوا وخلصوا إذ اقتادهم بلطفه إلى التوبة » ( رو ٢ : ٤ ) كثيرون سعى الرب إليهم دون أن يفكروا هم في خلاصهم وضرب مثالين لذلك الخروف الضـال والدرهم المفقود ( لو ١٥ ) . ومثال ذلك أيضا الذين يقف بابوابهم ويقرع لكي يفتحوا له ( رؤ ٣ : ٢٠ ) وكذلك الأمم الذين ما كانوا يسعون إلى الخلاص ، ولكن السيد المسيح جاء ليخلصهم ويفتح لهم باب الإيمان ويقول لعبده بولس ، اذهب فإني سأرسلك بعيدا إلى الأمم . ( اع٢١:٢٢ ) وكانت وسائل السيد المسيح لأجل خلاص الناس كثيرة منها التعليم فكان يعظ ويكرز ويشرح للناس الطريق السليم . كذلك استخدم أسلوب القدوة الصالحة وترك الناس مثالا ( ايو ٢ : ٦ ) واسـتـخـدم اسلوب الحب وطول الأناة ، والصبر على النفوس حتى تتضح كما استخدم الاتضاع والهدوء والوداعة . وأخيرا بذل ذاته ومات عن غيره حاملاً خطايا الكل. قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
المزيد
10 يناير 2023

جاء السيد المسيح يطلب ويخلص ما قد هلك

هذا ما أعلنه السيد الرب نفسه ، حينما قال في قبوله توبة زكا العشار الأن ابن الإنسان قد جاء لكي يطلب ويخلص ما قد هلك » ( لو ١٩ : ١٠ ) يقصد أن يخلص الخطاء ولماذا جـاء ليخلصهم السبب أنه أحبهم على الرغم من خطاياهم ! وفي هذا يقول ايضا هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به ، بل تكون له الحـيـاة الأبدية ، ( يو 16 ) إذن هو حب أدى إلى البذل بالفداء. قصة تجسد المسيح إذن هي في جوهرها قصة حب لقـد أحب الله العالم ، العالم الخاطي المقهور من الشيطان ، والمغلوب من الخطية العـالم الضعيف العاجز عن إنقاذ نفسه ، أحب هذا العالم الذي لا يسعى إلى خلاص نفسه ، بل الذي انقلبت أمامه جميع المفاهيم والموازين ، وأصبح عالما ضائعا .. والعجيب أن الله لم يات ليـدين هذا العالم الخاطئ ، بل ليخلصه وهكذا قال ماجئت لادين العالم بل لأخلص العالم » ( يو ٤٧:١٢ ) لم يات ليوقع علينا الدينونة ، بل ليحمل عنا الدينونة من حـبـه لنا لما وجدنا واقعين تحت حكم الموت ، جاء ليموت عنا ومادامت أجرة الخطية موت ، ( رو٣:٦ ) لذلك حمل بنفسه خطايانا ، ودفع الثمن عنا بموته ولكي يمكن أن يموت أخلى ذاته ، وأخـذ شكل العبد ، وصار إنسانا مثلنا فكانت محبة الرب مملوءة اتضاعا في مولده وفي صلبه في هذا الاتضاع قبل أن يولد في مذود بقر ، وأن يهرب من هيرودس كما أنه في اتضاعه ، اطاع حتى الموت ، موت الصليب ( في ٢ : ٨ ) وقبل كل الآلام والإهانات لكي يخلص هذا الإنسان الذي هلك. رأى الرب كم حطمت الخطية الإنسان فتحنن عليه. كان الإنسان الذي خلق على صورة الله ومثاله ، قد انحدر في سقوطه إلى اسفل وعرف من الخطايا ما لا يحصى عدده ، حتى وصل إلى عبادة الأصنام وقال في قلبه ليس "إله" الجميع زاغوا وفسدوا معا ليس من يعمل صلاحا ليس ولا واحد( مز ١٤ : ۱-۳ ) ، ووصلت الخطية إلى المواضع المقدسة. الإنسان وقف من الله موقف عداء ، ورد الله على العداوة بالحب فجاء في محبته يطلب ويخلص ما قد هلك ، وطبعا الذي هلك هو الإنسان ، الذي عصي الله وتحداه وكسر وصاياه ، وبعد عن محبته وحفر لنفسه ابارا مشققة لا تضبط ماء ( إر ٢ : ١٣ ) ولكن الله ـ كما اختبره داود النبي لم يصنع معنا حسب خطايانا ولم يجـازنا حسب أثامنا وإنما كبعد المشرق عن المغرب وأبعد عنا معاصينا ( من ۱۰۳ : ١٠-١٢ ) ولماذا فعل هكذا يقول المرتل ولأنه يعرب جبلتنا يذكر أننا تراب نحن " ( مز ١٤:١٠٣) حقا إن الله نفذ ( محبة الأعداء ) على أعلى مستوى جاء الرب في ملء الزمان حينما أظلمت الدنيا كلها ، وصار الشيطان رئيسا لهذا العالم » ( يو ١٤ : ٣٠ ) ، وانتشرت الوثنية وكثرت الأديان وتعددت الآلهة .. ولم يعيد الرب سوى بقية قليلة قال عنها إشعياء النبي "لولا أن رب الجنود أبقى لنا بقية صغيرة لصرنا مثل سادوم وشابهنا عمورة ( إش ١: ٩ ) جاء الرب ليخلص هذا العالم من الموت ومن الخطية وقف العالم عاجزا يقول الشر الذي لست اريده ، إياه أفعل ، ليس ساكنا في شئ صالح ، ان افعل الحسنى لست اجـد » ( رو ١٧:٧-١٩ ) انا محكوم على بالموت والهـلاك وليس غيرك مخلص ( إش ١١:٤٢ ) ، هذا ما كانت تقوله أفضل العناصر في العالم ، فكم وكم الأشرار الذين يشربون الخطية كالماء ، ولا يفكرون في خلاصهم إن كان الذي يريده الخير لا يستطيعه ، فكم بالأولي الذي لا يريده !! إنه حقا قد هلك لم يقل الرب إنه جـاء يطلب من هو معرض للهلاك ، وإنما من قد هلك .. الخطية في أعنف صورها كانت قد دخلت إلى العالم ، وبالخطية الموت وهكذا اجتاز الموت إلى جـمـيع الناس ، إن أخطأ الجـمـيع » .. وهكذا « ملك الموت من أدم » ( رو ٥ : ١٢ - ١٤ ) . والرب في سمائه ، استمع إلى أنات القلوب وهي تقول : قلبي قد تغير لم اعد اطلب الله وما عدت أريد الخير والتوبة لا ابحث عنها ، ولا أفكر فيها ، ولا أريدها ! لماذا ؟ لأن النور جاء إلى العـالم ولكن العالم أحب الظلمة أكثر من النور ، لأن أعـمـالـهم كـانت شريرة » ( يو ٣ : ١٩ ) ومادام قد أحب الظلمة أكثر من النور إذن فسوف لا يطلب النور ولا يسعى إليه . [ البقية العدد المقبل ] قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
المزيد
09 يناير 2023

فاعلية العيد في حياتك [ ٢ ]

بميلاد المسيح عرفنا الحب الذي أحبنا الله به وحطم فينا مشاعر الخوف وهكذا قال لنا الكتاب لا خوف في المحبة بل المحبة الكاملة تطرح الخوف إلى خارج ، ( ۱ یو٤ : ۱۸ ) . وإذا فعلاقنا بالله اخذت تتغير واصبحت حبا لا أوامر ونواه ، فقال لا اعود اسمیكم عبيدا. ٤- لقد قدم لنا ميلاد المسيح مفاهيم جديده .... قبل ميلاده ، كان السائد هو الفهم الفريسي من حرفية الناموس كان البـر السـائد هو الفـروض والـواجـبـات ، وليس الروح ، وليس الحب وجاء المسيح ليصحح مفاهيم كثيرة ويقول عبارته المشهورة سمعتم أنه قيل .. أما أنا فأقول لكم . نعم قل لنا ، أيها المعلم الصالح ، الذي بهت الجموع من تعاليمه ، وكان يعلمهم سلطان وليس كالكتبة كان قمة حلاوة ، وكله مشتهيات وقد شرح لنا وصاياه في عبارة « الكلام الذي أقوله لكم ، هو روح وحياة .... وهكذا أعطانا الروح والحياة ... أعطانا الفهم ، وسعه النعمة النعمة التي تقود الإرادة ، كما أن الفهم السليم يقود العقل وكما كانت كلمته هي روح وحياة ، كانت كلمته هي روح وحياة ، كانت كلمته قوية وفعالة ، بالنعمة وهكذا شرح القديس يوحنا البشير فقال لأن الناموس بموسى أعطى ، أما النعمة والحق فبيسوع المسيح صارا ( يو ١ : ١٧) إن ميلاد المسيح كان مولدا لهذه النعمة ، التي فاضت على محبيه ... وأصبحت كلمة النعمة ، تستخدم كثيرا بل أصبحت عماد الحياة الروحية وصار للنعمة في المسيح يسوع مفاعيل كثيرة عجيبة ، فهناك النعمة المخلصة والنعمة الحافظة ، والنعمة المرشدة .. كل ذلك مع الاحتفاظ بإرادة الإنسان حرة في قبول النعمة أو عدم قبولها وفي المسيح صارت قداسة الحياة ، هي حياة الشركة مع الروح القدس الروح الذي يعمل معنا ، وفينا وبنا الروح الذي أرسله المسيح لنا ليسكن فينا الى الأبد ، ولكي يأخذ من استحقاقات المسيح ويعطينا ... إن ميلاد المسيح صار فاصلا بين جيلين وعصرين وتاريخين وهكذا يتحدث العالم كله عن تاريخ ما قبل الميلاد لأن الميلاد فصل بين زمن وزمن ، وبين حال وحال البشرية التي أمنت بتعاليم المسيح صارت شيئا آخر غير البشرية فيما قبل الميلاد. البشرية التي منحها المسيح الإيمان ومعرفة الله ومحبة الله وعشرته غير البشرية التي كانت قبل الميلاد غارقة في الوثنية والجهل ، وحتى اليهود قبل الميلاد كانوا عارفين في الطقوس والفروض قال الله عنهم هذا الشعب يعبدنی بشفتيه ، أما قلبه فمبتعد عنى حقا ما أصدق الملاك الذي قال للرعاة في ميلاد المسيح ها انا ابشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب . لولا ميلاد المسيح ، ما حصلنا على كل البركات ، وكل المواهب ، وكل الخـلاص الفداء ، وكل عمل الروح الذي ترتب على هذا الميلاد. إنه الباب الذهبي الذي فتح علينا كل هذه النعم الإلهية ... ونحن جميعا نركع أمام المذود ونحيي هذا الميلاد البتولي . ونطلب من الرب أن يعطينا بركة هذا الميلاد وفاعليته في حياتنا محاولين أن نتعمق في كل معني روحي تعلمناه من الميلاد ، لكي نمتصه في داخلنا ، ونطبقه في حياتنا العملية . ونقف إلى جوار المذود ، متذهلين من هذا الاتضاع العجيب من هذا الحب الإلهي الذي دفع إلى هذا الاتضاع وشـاعـرين بقيمة النفس البشرية عند الله ، وقيمة خلاصها ... نمتص هذا كله ونحياه ... نتعلم الحب ، ونتعلم التواضع ، ونتعلم البذل والفداء ، ونحيا هذا كله ، ونخلى ذواتنا ، كما أخلى الرب ذاته .. ونجول نصنع خيرا ، كما كان يجول يصنع خيرا . وننمو في القامة والنعمة ، كما قيل عنه واضعين أمامنا هذا المثال ، لكي نتغير الى هذه الصورة عينها . مبارك هذا الميلاد العجيب ، الذي لم يحدث مثله في التاريخ ، ولن يحدث ومباركة هي العذراء القديسة التي استحقت أن تكون الإناء المخـتـار لهذا الميلاد ، ولهذا الخلاص الذي منحه الله للبشرية ليت صورة العذراء تكون أيضا ذات فاعلية في حياتنا ، ننتفع بها ، مع ابنها الحبيب ، أمين . قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
المزيد
06 يناير 2023

فاعلية العيد في حياتك

لقـد بارك طبـيـعـتنا وقـدم لنا الصـورة الإلهـيـة .. وبميلاده عـلـمـنـا الـزهـد والاتـضــــاع والحـب. مـيـلاد المسـيـح فـــــــاصـل بين تاريخ وتاريخ. هل ميلاد المسيح قصة حدثت من حوالي عشرين قرنا ، ورواها التاريخ ، وكتبها الآباء الرسل في الإنجيل ، وانتهى الأمر ؟ ! أم أن ميلاد المسيح حدث حي ، لايزال يعمل في البشرية بفاعليته ، ويعمل فيك أنت أيضا ؟ ١- أول فاعلية أنه بارك طبيعتنا لقد قدس الطبيعة البشرية ، وأعطانا الدليل العملى على امكانية القداسة بهذه الطبيعة عينها ، فيما كان مجربا مثلنا في كل شيء ، بلا خطيئة ، ( عب ٤ : ١٥ ) . قدس هذا الجسد ، ولم يعد الجسد خطينة أو يقود إلى خطيئة ، كما يظن البعض ! بل أصـبـح جـسـدنا هو هيكل لله ، والروح القدس يحل فيه وفي ذلك يقول لنا الرسول « فمـجـدوا الله في أجسادكم وفي أرواحكم التي هي لله ( 1 کو ٦ : ١٩ ، ۲۰ ) هذه الفاعلية في مباركة طبيعتنا ، ننالها أولاً بالمعمودية ثم بالميرون . ويقول القديس بولس عن هذا : "لأنكم كلكم الذين اعتمدتم بالمسيح ، قد لبستم المسيح » ( غل ٣ : ٢٧ ) ويقول القديس يوحنا "المسـحـة التي أخذتموها منه ثابتة فيكم "( ١ يو ۲ : ۲۷ ) وبمباركة المسيح لطبيعتنا ، أعطانا أن نصير أولاد الله بالميلاد الثاني "وأمـا الذين قبلوه ، فـأعطاهم سلطانا أن يصيروا أولاد الله" ( يو١ : ۱۲ ) . وكيف يصيرون ؟ بأن يولدوا من الماء والروح كما قال لنيقوديموس ( يو ٣ : ٥ ) لقد قدم لنا السيد المسيح في ميلاده الصورة الإلهية التي خلقنا على شبهها ومثالها ، لأنه « صورة الله غير المنظور ، ( کو ١ : ١٥ ) . ونحـن كلمـا اقـتـربنا الى المسيح ، يصـيـر لنا الرجـاء أن نتـغـيـر الى تلك الصورة عينها ، من مجد الى مجد » ( ۲ کو ۱۸ ) أتراك في صـورته ، وقد اتبعت المثـال العملي الذي تركه لنا ؟ هل أنت ابن لله باللقب ، أم ابنه بالنعـمـة وبالحياة التي تعمل فيك " كما قال القديس يوحنا الحـبـيب « بهذا أولاد الله ظاهرون » ( ١يو ۳ : ۱۰ ) . « إن علمتم أنه بار هو ، فأعلموا أن كل من يفعل البر مولود منه » ( ١یو ۲ : ۲۹ ) فأنت ابن لله ، مولود من الماء والروح ، ولك صورة الله وبحياة البر التي تحياها تظهر أنك ابن لله .. لأن أبناءه لهـم صـورته في البـر والقداسة. ٢- ومن فاعلية الميلاد فينا أنه يعلمنا الاتضاع . إن صورة الميلاد العجيبة ، في مذود البقر ، في قرية بيت لحم الصغيرة ، من أم فقيرة هي العذراء مريم ، في رعاية نجار فقير هو يوسف ، إنما تعطينا فكرة عن الزهد في الغني وبتعمقنا في هذه المعاني نتغير الى هذه الصورة عينها .. هذا المسـيح الزاهد ، الذي لم ينزل الى العالم على أجنحة الشاروبيم ، ولا في مركبة نورانية ، بل أخلى ذاته وأخذ شكل العبد انما يعلمنا الاتضاع . وفاعلية صورة ميلاده تنخس ضمائرنا كلما انتفخت نفوسنا وتكبرت ... ما أعظم هذا الحب الذي أحبنا به حـتى ارتضى أن يولد في مذود . إن قصة الميلاد في جوهرها هي قصة حب قصة تبدأ بعبارة « هكذا أحب الله العالم ... الحب ( يو ٣ : ١٦ ) . ٣- وأهم فاعلية في ميلاده هي الحب كم أحبنا صار بيننا ، وحتى دعى يسوع ، ای مخلص لنا وحتى دعى « عـمـانوئيل ، أي الله معنا وبهـذا الحـب وحـدنا به ، فـصـار هـو الرأس ونحـن الـجـسـد وصـار هو الكرمـة ونحن الأغصان ، ومعه في السماء ومعه في كل مكان نجتمع فيه كما قال « حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسـمي . فهناك أكـون في وسطهم » ، وكما قال أيضا « حينما أكون أناء تكونون أنتم أيضا( يو ١٤ : ٢ ). قصة الميلاد تعطينا فكرة عن محبة الآب للبشرية ، وعن محبة الابن لها . إن الابن قد قدم لنا محبة الآب . عرفنا كم هو يحبنا ، ورأينا في شخصه « من رآني فقد رأى الآب » ( يو ١٤ : ٩ ) . « الآب لم يره أحـد قط . الابن الـوحـيـد الكائن في حضن الآب هو خبر » ( یو١ : ۱۸ ) وعلمنا أيضا في هذا الحب أن ندعو الله أبانا . وقال لنا عن كل طلباتنا « أبوكم السماوي يعلم أنكم تحتاجون إلى هذه كلها" لقد جاء المسيح الى العالم ، فعلمنا المحبة ، وقال لنا إن المحبة هي الوصية العظمى ، وأن لها شطرين : الأول هو محبة الله ، والثاني محبة الناس . وقال" بهذا يعلم الجميع أنكم تلاميذي ، إن كان لكم حب بعضكم نحـو بعض" وعرفنا رسوله يوحنا أن الله مـحـبـة من يثبت في المحبة ، يثبت في الله ، والله فيه .... [ البقية العدد المقبل]. قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل