المقالات

21 فبراير 2023

الكتاب المقدس وأثره في الحياة الروحية ( ب )

ذكرنا في العدد الماضي أن أهمية الكتاب المقدس في حياة المؤمن تأتى من انه كـلام الله ونستكمل موضوعنا . ٢- الكتاب المقدس هو تاريخ البشرية:- وفیه دراسة لتاريخ البشرية من بدايته إلى نهايته ، وفيه نلمس معاملات الله مع النفس البشرية على اختلاف احوالها وأنواعها انه مدرسة لأخذ الخبرات فمثلا في سفر التكوين تتعرف على خبرة ادم وحواء في خطوات السقوط ، واثار الخطية ووعد الخلاص ، وفي قصة قايين تعرف على ضرورة وإمكانية النصرة على الخطية ، وعلى خطوة الخضوع لصوت العدو ، وفى إبراهيم تتعرف على معنى تبعية الرب في إيمان وثقة ، وفي إسحق نثق في مواعيد الله الصالحة ، وفي يعقوب نتعرف على خطورة التسرع والخداع والعاطفة ، كما نتعرف على اسلوب التصالح مع الناس ، ومن يوسف نتعرف على حنان الله إذ يدبر خلاص الجميع ، ومع يشـوع نتعرف على سر النصرة في أريحا ، وسر الهزيمة في عاي ، وفي القضاة نرى ابطال ايمان ، ونتعرف على بركات الطهارة وخطورة الانحراف في شمشون وهكذا وهكذا. مدرسة واسعة متعددة المراحل تبدأ في التكوين ، وتنتهي في الرؤيا حيث صراع الكنيسة والعـالم ونصرة الله النهائية .. خبرات لا تنتهي ناخذها كعصارة جاهزة لبنيانا نحن الذين انتهت الينا أواخر الدهور » ( ۱ کو ۱۱:۱۰ ) . ٣- الكتاب المقدس هو مكان لقاء واتحاد مع الله :-إلا أننا حينما نجلس هادئین متأملين في كلمة الله نتقابل مع الرب وسرعـان مـا نتـحـد به انفسنا إن فرصة دراسة الكتاب حين تكون بروح الصلاة والحب لله نصير شبيهة بجلسة مريم عند قدمي المسيح حيث اختاريت مریم النصيب الصالح الذي لن ينزع منهـا ( لو ٤٢:١٠). ومـا هو النصيب إلا الرب ... الرب لن ينزع منها فقد اتحدت به وأحبته وتحولت بسبب كثرة الجلوس عند قدمية ، إلى شبه صورته القدسية الم يقل الرسول « ناظرين مجد الرب بوجه مكشوف ، كما في مرأة ، تتغير إلى تلك الصورة ، من مجد إلى مجد ، كما من الرب الروح » ( ٢كــو ٣ : ١٩ ) الـم يقـل أيضا : « لأن الذين سبق فعرفهم سبق ليكونوا مشابهين صورة ابنه ، ( رو ۸ : ۲۹ )؟ إن مداومة القراءة في كلام الله بروح الصلاة ، تعطى النفس اتحادا وثباتا شخصيا في الرب يسوع. ختاما فلنسمع ذلك القول المأثورة يوجد أعظم رجـاء لأعظم خاطئ يقرأ الكتاب المقدس ، ويوجد أعظم خطر على أعظم قديس يهمل الكتـاب وباختصار الكتاب المقدس يكشف لي حـاجــتى إلى الله وانتظار الله لي ... إنه نقطة لقـاء الخـاطي المسكين مع قلب الله المحب ، ان فـقـرة واحـدة قـراها اوغسطينوس كانت كفيلة بأن تخلص نفسه وتجعل منه قديسا في الكنيسة إنها الآيات التي وردت في ( رو١١:١٣ - ١٤ ) أفتح كـتـابك الآن واقراها بخشوع وتأمل لتدرك أثر الكتاب فى حياتك ، والرب معك. نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
المزيد
14 فبراير 2023

الكتاب المقدس وأثره في الحياة الروحية ( أ )

يجدر بالمسيحي أن يدرس كلمة الله بانتظام يوميا ، وذلك تتميما لوصية الرب : « فتشوا الكتب لأنـكـم تـظـنـون أن لـكـم فيها حياة أبدية » ( يو 39 : 5 ) . وقد وصف الرب كلامه بقوله : « الكلام الذي أكـلـمـكـم بـه هـو روح وحـيـاة » ( يو 63 : 6 ) . أما داود فقد امتدح من يلهج في نـامـوس الـرب نـهـارا وليـلاً ووصـفـه قـائلاً : كـشـجـرة مغروسة عند مجاري المياه ، التي تعطي ثمـرهـا في أوانه ، وورقها لا يذبل » ( مزا : 3 ) . من هنا لا نسـتـغـرب قـول إرميا النبي : « وجـد كـلامـك فـأكـلـتـه فكان كلامك لي للفرح ولبهجة قلبي » ( إر 16:15 ) . وتأتي أهمية الكتاب المقدس في حـاية المؤمن من الأسـبـاب التالية : 1. الكتاب المقدس هو كلام الله : وحين يتـكـلـم الـلـه يـجـب أن ينصت الإنسـان ! وهـو حـين يتكلم إنما يعلن لنا أسـراره المقدسة ومقاصده في الخليقة والتاريخ ، وأعـمـالـه مع أولاده المطيعين لوصاياه . بل إننا من خلال كلام الله نتعرف على شـخـصـه الحبيب المبارك ، ووعـوده الصـادقـة الأمـينة ونصائحه الغالية الخلاصية . من يستطيع أن يحـيـا بدون كلمة الله - إنها بالحقيقة « روح وحياة » . إنهـا غـذاء الروح « ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان ، بل بكل كلمة تخرج من فم الله » ( مت ٤ : ٤ ) . . إنهـا نور للطريق « سـراج لرجلي كلامك ونور لسبیلی » ( مز ١٠٥ : 119 ) . . إنها السيف الحاد الذي به نبتر التعاليم الكاذبة « كلمة الله حية وفعالة وأمضى من كل سيف ذی حدین » ( عب ١٢ : ٤ ) . . ثم إنهـا سـر الاغـتـسـال والنقاوة ، إذ يقول الرب : « أنتم الآن أنقياء لسبب الكلام الذي كلمتكم به » ( يو 3:15 ) . - الله يتكلم إلينا .... فننصت . الله يعلن لنا حبه ... إليه ؟ فلنشبع به ! ـ الله يعلن لنا مـقـاصـده . فلنتفهمها جيدا ! - الله يقدم لنا مواعيده . فلنتمسك بها ! كـلام الـلـه قـوة ، ترفع الضعيف وتشدده . كـلام الله نور ، پرشـد النفس السائرة في البرية . ۔ کلام الله غـذاء ، يشـبع القلب بحب المسيح والنفوس . ـ كـلام الله سيف ، يبـتـر التعاليم الغريبة ويفرزها . ( يتبع ) نيافة الحبر الجليل الانبا موسى أسقف الشباب
المزيد
31 يناير 2023

قـانـونيـة الـتوبـة

التوبة القانونية ، الفعالة والمقبولة ، يجب أن تشمل الركائز التالية :- ١ - الندم الصادق : على كل ضعف أو سقطة أو عبودية رديئة . ٢ - العزم الأكيد : على ترك طريق الخطية والسير بحسب الله . ٣ - الإيمان الواثق : بشخص الفادي الحبيب ، الذي لا يرد خاطئاً تائبا . ٤ - الاعتراف الأمين : أمام الله بحضور الأب الكاهن ، وكيل سر التوبة ، الذي أخذ من الرب سلطة الحل والربط ، لبناء حياتنا وضمان استقامتها . ١ ـ الــنــدم : والحقيقة أنه لا جدال في أنه لا توبة بدون ندم ، وإلا فلماذا أتوب ، ما لم أشعر بفساد الخطية وقدرتها على تدمير حياتي . ولا توبة بدون عزم يهدف إلى تغيير مسار حياتي ، ويثور على ضعفاتي وبعدى عن الله ، ويهتم بأن يقترب الإنسان من الرب ليحيا . كذلك فالسيد المسيح هو غافر خطايانا ، ومنقذ حياتنا من الفساد ، ومكللنا بالمراحم والرأفات . الندم حقيقة علمية اختبارية قبل أن علم النفس تكون حقيقة دينية . ذلك أن يؤكد لنا الاحساس بالندم بعد خلال ما تسميه « sense of guilt ) . وهو ليس توهماً بسبب المعتقدات الدينية ، بدليل ندم الملحدين بعد أي ظلم أو خطأ يقترفونه . لأنه هناك في أعماق الإنسان « الشريعة الأدبية » أو « الضمير» « الناموس الأدبي الطبيعي » ... وهو الذي يوخز الإنسان حين يخطىء ، ويثنى عليه حين يصيب . أما في الفكر الفلسفي فالندم عند سارتر مثلاً قضية كبرى ، لم يستطع أن خلال مسرحيته الشهيرة يحلها من « الذباب » . فالثورة على الندم بالمزيد من الخطأ ، ترفع حدة الندم في قلب الإنسان ، ولا يريح الإنسان سوى التوبة والاعتذار والعودة إلى الصواب . ٢ ـ العـــــزم : العزم : أساسي جداً لصدق التوبة عن استنكاري للخطية ، وإدراكي لقوتها التدميرية الهائلة في الحياة نهر اعلان الانسانية . ولذلك فمهما بذلك الإنسان من جهد في سبيل التوبة والقداسة والنصرة ، فهو جهد في محله ، وثمار هذا الجهد مفرحة : السلام ، وراحة الضمير ، والقرب من الله ، والعلاقات الطيبة البناءة مع الناس ، والنجاح في كل مجالات الحياة . ٣ ـ الثقة في دم المسيح : الثقة في دم المسيح : ضرورة لا بد منها لعدة أسباب :- أ- فبدون دم المسيح تستحيل المغفرة ، إذ أن دم المسيح كان عوض موتنا نحن كحكم صدر علينا بسبب الخطية . والرب بصليبه دفع الدين ، وغفر لنا خطايانا « بدون سفك دم لا تحصل مغفرة » . كما أن دم المسيح هو الذي يطهرنا من تلوث الاثم ، « دم يسوع المسيح ابنه يطهرنا من كل خطية » ( ١ يو ۱ : ۷ ) إنه الاغتسال اليومي بالتوبة ، الذي يطهر أعماقنا من الإثم . ب- كذلك فدم المسيح يقدسنا بمعنى أنه يخصصنا هياكل مقدسة لله .« يسوع . لكى يقدس الشعب بدم نفسه ... تألم خارج الباب » ( عب ۱۳ : ۱۲ ) . ج- وهو أيضاً يثبتنا في الرب ، « من يأكل جسدى و يشرب دمي ، يثبت في وأنا فيه » ( يو ٦ : ٥٦ ) . ... د- كما أنه يقيمنا ويحيينا حياة أبدية « من يأكل جسدى و يشرب دمي ، فله حياة أبدية ، وأنا أقيمه في اليوم الأخير » ( يو ٦ : ٥٤ ) . أي بديل إذن يمكن أن يعوضنا عن دم المسيح ؟ !! فلترجع إلى الرب بكل القلب ، واثقين في دمه القاني ، وحبه العجيب ، طالبين عمله الإلهى في قلوبنا المحتاجة وإلى مقال قادم حول « الاعتراف » . نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
المزيد
24 يناير 2023

كــيـف أبـدأ حـــياتي الروحـية ؟

الحياة الروحية معناها ببساطة الحياة حسب الروح القدس ، وبقوة وفعل الروح القدس في الطبيعة البشرية . ونحن نشكر الله أننا أخذنا تجديد الروح في المعمودية ، وسكنى الروح في الميرون ، وما علينا إلا احترام هذه القوة في حياتنا من خلال وسائط النعمة في ممارسة حياة يومية مستمرة . وأهم هذه الوسائط :- ١- التوبة اليومية المتجددة. ٢- الشركة اليومية في الصلوات المتنوعة. ٣- الاتحاد بالرب في الافخارستيا . ٤- الشبع اليومي بالإنجيل . ٥- القراءات الروحية البناءة. ٦-حضور الاجتماعات المشبعة. ٧- الخدمة في الحقل الكنسى. ٨- الشهادة للمسيح في الحياة اليومية العامة فالبداية إذن هي : « التوبة اليومية المتجددة » وهي موضوع حديثنا في هذه المرة . تعريف التوبة :- كثيراً ما يختلط على الشباب تعريف التوبة . فمنهم من يتصور أن التوبة هي حالة من عدم الخطية . أن هذا مع مستحيل طالما أننا في هذا الجسد الضعيف ، الذي سماه الرسول « جسد الخطية » .... وكان يشن صارخاً ، بلساننا جميعاً : « ويحى أن الإنسان الشقي ، من ينقذني من جسد هذا الموت ؟ » ( رو ٦ : ٢٤ ) كما قال : « نحن الذين لنا باكورة الروح ، نحن أنفسنا أيضاً ، نثن في أنفسنا ، متوقعين التبنى : فداء أجسادنا » ( رو ۸ : ٢٣ ) . إذن ، فالحياة بعصمة كاملة من الخطية ، مستحيلة مادمنا على الأرض وفى هذا الجسد ولكن ، هل معنى هذا أن نعيش في الخطية ؟ !! حاشا ! بل المعنى البسيط للتوبة هو « الرجوع إلى الله » ... في عشرة صادقة يومية ، تمنحنى قوة الانتصار على الخطية ... أما إذا تكاسلت أو تراخيت فسوف أسقط واتعثر ... ولكننى سريعاً سأقوم صارخاً : « لا تشمتی بی یا عدوتی ، لأني إن سقطت أقوم » ( می ۷ : ۸ ) . التوبة إذن ليست هي عدم الخطية ولكنها هي الحياة فوق الخطية كقول الرسول : « الخطية لن تسودكم ، لأنكم لستم تحت الناموس ، بل تحت النعمة » ( رو ٦ : ١٤ ) . والجهد الأساسي الذي يبذله الشاب هو جهد في اتجاه الشركة والنصرة والعشرة المشبعة ، التي تجعله يدوس تلقائياً على عسل الخطية المسموم ، للخطية بأن تسوده أو تسيطر. جوهر التوبة السليمة هو الشبع بالمسيح ، وليس هو الصراع الذاتي ضد خطية ما أو أكثر ... فالرب يريدنا ككل : الفكر ، والمشاعر ، والاتجاهات ، والكيان كله ، لا ليستحوذ عليه كمحتاج إليه ، لكن ليطهره و يقدسه و يهبه لنا جديداً ظافراً في المسيح يسوع . إن التوبة الصادقة تشبه إقامة المقعد الذي كان يجلس على باب الهيكل ، ويستعطى ( أع ٣ : ١- ١٠ ) . لقد قام بقوة الرب يسوع المسيح ، ووقف ، ووثب ، وصار يمشى ويتمجد الله . هل معنى هذا أنه لن يجلس أو يتعثر في الطريق ؟ لكن المهم أنه صارت لديه قدرة على القيامة بعد أي تعثر أو سقوط . لهذا يقول آباؤنا القديسون : [ أليق بنا أن نموت في الجهاد ، من أن نحيا في السقوط ] . ومعلمنا يوحنا يحدد مفهوم التوبة بكلمات واضحة للشباب فيقول : « یا أولادى ، أكتب إليكم هذا لكي لا تخطئوا ( هذه هي نية وجهاد كل شاب وشابة ، أن لا يخطىء أبداً ) . وإن أخطأ أحد ( هذا هو الاستثناء من القاعدة ، التعثر الذي يحدث نتيجة حرب من العدو أو اهمال من الإنسان أو جوع روحي ) فلنا شفيع عند الآب ، يسوع المسيح البار ( إذ ترجع إليه كشفيعنا الكفاري الوحيد ، ونستسمحه على ضعفنا وفتورنا وسقوطنا ، وتغتسل في دمه الطاهر ، وتطلب معونته حتى لا تسقط ثانية ) » ( ١ يو ۲ : ۱ ) . هذا عن مفهوم التوبة ... فماذا عن قانونيتها ؟ هذا مقالنا القادم بمشيئة الله. نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
المزيد
20 يناير 2023

التوبة...معمودية ثانية

قال القديس يوحنا الدرجي: "ثوب المعمودية دنّسناه كلنا، لكن دموع التوبة هى جرن ثانٍ للمعمودية. المعمودية توبة ثانية"... ذلك لأن جوهر المعمودية هو "الموت مع المسيح، والقيامة معه" كقول الرسول بولس: «مَدْفُونِينَ مَعَهُ فِي الْمَعْمُودِيَّةِ، الَّتِي فِيهَا أقِمْتُمْ أيْضًا مَعَهُ بِإِيمَانِ عَمَلِ اللهِ، الَّذِي إقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ» (كو2: 12). التوبة أيضًا "ميتانيا" (ميتا= تغيير، نوس= الذهن).. أي أن التوبة هي تغيير وتجديد الذهن، كقول الرسول: «وَلاَ تُشَاكِلُوا هَذَا الدَّهْرَ بَلْ تَغَيَّرُوا عَنْ شَكْلِكُمْ بِتَجْدِيدِ أَذْهَانِكُمْ لِتَخْتَبِرُوا مَا هِيَ إِرَادَةُ اللهِ الصَّالِحَةُ الْمَرْضِيَّةُ الْكَامِلَة» (رومية 2:12). الإنسان التائب – في الحقيقة - يقوم بأمرين: 1- "ميتانيا" بالمعنى الحرفي، أن يغيّر ذهنه من طريق الشر إلى طريق الخير. 2- "ميتانيا" بالمعنى الحِسّي، أن يسجد بجبهته حتى إلى الأرض، ثم يقوم... تمامًا كأنه "مات وقام" مع المسيح! التغيير في التوبة - إذن- هو تغيير عميق فى الذهن، فبعد أن كان الإنسان يعيش بفكر السقوط والخطيئة، يغيّر ذهنه ليعيش بفكر القيامة والروح!. لذلك رسمت الكنيسة أن يكون الرشم الأول من رشومات الميرون على الرأس، لأن فيه "العقل" الذى يقود كل شيء في حياة الانسان.. فإذا ما تركناه لنفسه أو لعدو الخير، فقد يقودنا إلى الخطأ، أمّا إذا أسلمناه لقيادة الروح القدس، ودشّناه بالميرون، يستنير، ويقودنا بفكر الإنجيل وإرشادات الروح!! • إن خطيئة الشيطان بدأت بفكرة: «أَصْعَدُ فَوْقَ مُرْتَفَعَاتِ السَّحَابِ. أَصِيرُ مِثْلَ الْعَلِيِّ» (إشعياء 14: 14). • وخطيئة الإنسان بدأت بفكرة: «تَكُونَانِ كَاللهِ عَارِفَيْنِ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ» (تك3: 5). • والتوبة أيضًا تبدأ بفكرة: «أَقُومُ وَأَذْهَبُ إِلَى أَبِي» (لو15: 18). وهكذا تتغيّر الحياة كلها، تجديدًا لفعل المعمودية والميرون. ويستكمل الكاهن رشومات الميرون؛ الـ36 صليبًا هكذا: + صليب على الرأس: لتقديس الفكر. + 7 صلبان على الحواس: لتقديس الحواس. + صليبان على الصدر والبطن: لتقديس الأحشاء والقلب. + صليبان على الظهر: لتقديس الإرادة. + 6 صلبان على كل من الذراعين: لتقديس الأعمال. + 6 صلبان على كلا الساقين: لتقديس الخطوات. تصوّر معي - أخي القارئ - إنسانًا تغيّر بعمق، من الظاهر والباطن: الفكر والحواس والقلب والإرادة والأعمال.. هذا هو التائب الحقيقى!! .... فليعطنا الرب أن نتوب هكذا نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
المزيد
26 يوليو 2022

الشباب... والعاطفة

هناك خلط واضح فى مفهوم العاطفة والحب وفى اللغة اليونانية تترجم كلمة "الحب" بثلاث كلمات 1- "ايروس" (Eros)... أى الحب الجسدانى الشهوانى 2- "فيلى" (Phily).أى الحب الإنسانى العادى 3- "أجابى" (Agapi)... أى الحب الروحانى المقدس والعاطفة هى طاقة الحب، التى تتشكل بنوع من هذه الأنواع، حينما يقودها الإنسان إلى الوجهة التى يريدها... فهو يمكن أن يتدنى بها إلى مستوى الحسيات والخطيئة، أو يكتفى بمحبة إنسانية نشاهدها كل يوم فى الحياة العملية، أو يتسامى بها - بنعمة المسيح وعمل روح الله القدوس - لتصير محبة روحانية مقدسة، من خلالها يتعامل مع كل الناس فى الأسرة والكنيسة والمجمع والصداقة والزواج. 1- ما هى العاطفة ؟ العاطفة - حسب علماء النفس - هى انفعال متكرر نحو شخص أو شئ أو قيمة... ومن كثرة تكراره يتثبت ويصير عاطفة. فمثلاً يتعرف الإنسان بشخص ما لأول مرة... فيشعر نحوه بالقبول والارتياح... ويتكرر هذا الانفعال عدة مرات كلما ألتقى مع هذا الشخص... فيصير هذا الانفعال عاطفة حب لهذا الشخص. ويمكن أن يحدث العكس... حينما يشعر الإنسان بانقباض أو عدم ارتياح نحو شخص آخر... ويتكرر هذا الانفعال فيتحول إلى عاطفة سلبية هى الكراهية (نتحدث هنا نفسياً لا روحياً بالطبع). كذلك حينما ينفعل الإنسان بارتياح نحو شئ ما (كالصلاة أو الألحان أو التسبحة أو الخدمة)... فيحبها وتتحول عنده إلى عاطفة مستقرة.. وبالعكس إذا انفعل بعدم ارتياح نحو شئ آخر (كالمال أو الأفلام الرديئة) فلا يحبها، بل بالحرى يرفضها. ونفس الأمر فى مجال القيم... فيحب الإنسان الطهارة والشجاعة والوداعة.. ويكره النجاسة والتهور والعنف... الخ.وهكذا تصير العاطفة (سلباً وإيجاباً) نتيجة لانفعال متكرر، نحو شخص، أو شئ، أو قيمة... يثبت فيتحول إلى عاطفة. 2- موقع العاطفة فى الكيان الإنسانى العاطفة جزء من الجهاز النفسى للإنسان، فإذا ما قلنا أن الإنسان يتكون من: 1- روح... تتصل بالله وبالإيمانيات والسماويات 2- وعقل... يفكر ويدرس ويحلل ويستنتج 3- ونفس... تحس وتشعر وتحب وتكره 4-وجسد... يسعى ويتحرك على تقع العاطفة فى نطاق النفس.. فالجهاز النفسى فى الإنسان فيه خمسة مكونات أساسية هى: 1-الغرائز (أو الدوافع)... كالجوع والعطش والجنس وحب الاستطلاع والأبوة والأمومة وحب الاقتناء وحب الحياة... الخ 2-الحاجات النفسية... كالحاجة إلى الأمن، والحب، التقدير، والانتماء، والتفرد، والمرجعية 3-العواطف... أى المشاعر التى نكتسبها نحو أشخاص أو أشياء أو قيم 4-العادات... التى تتكون لدينا بفعل التكرار، سواء العادات السلبية أو الإيجابية 5-الاتجاهات... أى الخطوط الرئيسية التى يتبناها الإنسان فى حياته، وتكون سائدة على تصرفاته... فواحد يحب الله والكنيسة والخدمة، وآخر - للأسف - يحب المال والمقتنيات... الخ. العاطفة إذن هى جزء من الجهاز النفسى للإنسان، وهى لا تصلح - وحدها - لقيادة الإنسان، بل الإنسان الحكيم، وبخاصة الإنسان الروحى، هو من "روحه تقود جسده، والروح القدس يقود روحه" كما علمنا مثلث الرحمات قداسة البابا شنوده الثالث. إذن... كيف أقود عواطفى؟ 3- كيف أقود عواطفى؟ الإنسان الروحى عنده ضوابط ثلاثة غاية فى الأهمية، من خلالها يقود عواطفه، لتسير فى الخط السليم الروحى البناء، فكثيراً ما قادت العاطفة الإنسان فى طريق هادم ومدمر، حينما سلم قيادته للمشاعر، وربما للأمور الحسية، كما يحدث فى علاقات الشباب مثلاً التى تقودهم أحياناً إلى الخطية، وربما إلى ترك المسيح... أو فى محبة المال والعالم.. حتى أن ديماس ترك المسيح وبولس، لأنه أحب العالم الحاضر.. والضوابط الثلاثة للعاطفة هى: 1-العقل: أعطاه الله للإنسان لكى يدرس الأمور، ويوازن فيما بينها، ليختار الأصلح. وكمثال: هل يوافق العقل أن يرتبط الإنسان بعاطفة مع آخر خارج الحظيرة، أو إنسان غير روحى يمكن أن يدمر روحياته؟! ومثال آخر: هل من السليم حدوث ارتباط عاطفى بين شاب وشابة فى سن مبكر، وهما بعد فى "المرحلة الجنسية الشاملة" قبل أن يدخلا إلى "المرحلة الجنسية الأحادية" والتى فيها يمكن للإنسان أن يكون فى استقرار نفسى جيد، يسمح له باختيار شريك الحياة؟ ومثال ثالث: عند اختيار شريك الحياة، هل هنالك توافق روحى واجتماعى وثقافى وتربوى، أم أن هناك مجرد عاطفة؟ وهكذا 2-الروح: بمعنى أن من يشعر بعاطفة معينة نحو شخص، أو شئ، أو قيمة، عليه – مع الدراسة العقلية – أن يصلى ويسترشد برأى أبيه الروحى، هل هو يسير فى الطريق السليم أم لا؟ إن الزوجة الصالحة هى من عند الرب، لذلك فالشاب المسيحى الروحانى عليه أن يصلى كثيراً، ومن أعماق قلبه، لكى يعطيه الرب الإرشاد المناسب والاستنارة الجيدة، ليعرف مشيئة الله فى كل أمر، مستعيناً فى ذلك بأمرين: الصلاة الحارة وإرشاد أب الاعتراف. 3-الروح القدس: وقد ذكرنا ذلك أخيراً لأنه الضمان النهائى، بل الضمان اللانهائى، فى حياة الإنسان وقراراته. إن عقل الإنسان محدود، ومن الممكن أن يخطئ، وهو لا يستطيع أن يعرف الأعماق، ولا المستقبل... لذلك يمكن أن تكون قراراته خاطئة. وروح الإنسان محدودة، ويمكن أن تتلوث أو تتوه أو تخطئ... لذلك فالضمان الأكيد والفريد هو عمل روح الله، وقيادته المضمونة... والإنسان الذى يريد أن يقود عواطفه حسناً عليه أن يرجع إلى الله، فى الكتاب المقدس، وفى الصلاة، وفى الارشاد الروحى، وفى المثابرة على الاستنارة المسيحية من خلال الاجتماعات والقراءات... وبعد كل ذلك يجب أن يسلم قيادة نفسه وعواطفه وأفكاره للسيد المسيح، طالباً منه أن يكون القائد الوحيد لسفينة حياته. وهكذا يسلِّم الإنسان إرادته بإرادته لله، تتحد إرادة الإنسان بإرادة الله، ويضمن الإنسان سلامة مسيرته.. "سلمنا فصرنا نحمل" (أع 15:27). نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
المزيد
19 يوليو 2022

سلوكيات شبابيه

هناك تباين كبير بين الشباب في نوعياتهم وسلوكياتهم ، وهذه بعض الملاحظات في ذلك: 1- الشباب والإستهتار:- كالنوع الذي لا يكف عن المزاح والضحك ، حتي داخل الإجتماع ، مفسدا الجو الروحي للإجتماع ... ولا يستجيب إلي نصيحة أو توبيخ ... وربما ليس في نيته - ولو حاليا – أن يتوب! وقد قالها واحد من الشباب للخادم "أنا لن أحضر إجتماع الشباب ، لأنني لو حضرت فسوف أتوب ، وأنا لا أريد أن أتوب"!! وهذه النوعية من الشباب ، تحتاج إلي زلزال روح الله ، فمن يعطيه هذا إلا روح الله القدوس ... ربما بكلمة ... ربما بصرخة حب ... ربما بتجربة إلهية توقظه ... ربما بتوقيف الكاهن له حينما يأتي إلي التناول سائلا إياه عن الإعتراف محذرا إياه أن القدسات للقديسين ... هناك مداخل وأساليب كثيرة يستخدمها الله من أجل إيقاظ هذا الشاب المستهتر ، ليبدأ التفكير في خلاصه وأبديته.إن المواجهة الحانية لهذا النوع من الشباب ، هامة للغاية ، عملا بتعليمات الرب لحزقيال "إن لم تتكلم لتحذر (الشرير) من طريقه ، فذلك الشرير يموت بذنبه ، أما دمه فمن يدك أطلبه" (خر 8:33) 2- الشباب والوسوسة:- هذا النوع له نفسية مرهفة ، يجعله يضطرب أمام أبسط شئ ، وأصغر خطأ ، ويكاد يصل إرتباك ويأس ومدمر ، إذا ما إرتكب خطيئة ما ... وربما – مثلا – حينما يتناول ثم يخطئ يتصور أن هذا تجديف علي روح الله ، أو أنها خطيئة إلي الله مباشرة ، ليس لها غفران ولا توبة إنها نفسية رهيفة ،لا تتحمل أن تعطيها حرية زائدة أو مطلقة ، فهذه تربكها بالأكثر ،بل علينا أن نجعله يتعرف علي جوهر التدين،ومحبة المسيح ،وإتساع صدره ، فيسلك بثقة ،دون إنفلات أو إستهتار. 3- الشباب والناموسية :- ذلك النوع الفريس في أسلوبه ، يسلك بالحرف ، ويرتبك إذا ما قصر في قانونه الروحي ، حتي غي حالة العذر ، ويتعب ضميره أنه لم يصلي كل المزامير مثلا ، بينما بينما هناك ظرف خاص أجبره علي ذلك .وهنا نتذكر ذلك الراهب الذي جاء إلي القديس أنطونيوس ، يشكو تعبا الضمير لأنه يصلي 200صلاة فقط في اليوم . فأجابه القديس أنطونيوس أنه يصلي 150 صلاة فقط وضميره مستريح. ثم أردف القديس قائلا : لابد أنك تقدر أن تصلي أكثر ، ولا تفعل!! المهم ... هو الإتصال الصادق بالرب ، في حرية الروح ، لا في عبودية الحرف ... وهذا بلا شك يحتاج إلي توجيه مستمر ، وإرشاد سليم ، لا ينحرف يمينا نحو الإهمال ، ولا يسارا نحو الفريسية ... بل يكون معتدلا يدفعه نحو حلاوة العشرة مع اله أكثر من البطولة في أداء الممارسات الدينية. 4- الشباب والروتينية:- الذي يكتفي بتنفيذ شكليات الدين ، دون الدخول إلي جوهره ... ربما يحضر القداس مبكرا ، ويخدم كشماس ، لكن في روتين وجفاف ، وليس بمشاعر صادقة وحارة أمام الله . ليس هناك إتصال حقيقي بالرب ... حتي الأجبية يصليها في روتينية جافة ، وكذلك الخدمة ، دون بذل جهد حيوي في حرارة الروح ، وتعب الكرازة الفعال.وهذا النوع من الشباب يحتاج أن يدخل –بنعمة الله- إلي حيوية ممارسة وسائط النعمة ،الصلاة الحية ، القراءة المشبعة لكلمة الله ، الكتب الروحية ، الحضور المستفيد من الإجتماعات الروحية ... وتحريك القلب بالمطانيات وقرع الصدر قبل الصلاة ، أو بالشبع ببعض الآيات ، أو بترنيمة أو بلحن أو بجزء من القداس ، أو بالغوص العميق في فحص النفس ، أو التأمل في محبة الله وعطاياه ، أو الذهاب إلي الأديرة في خلوات روحية ... أو الإعتراف الأمين بخطايا معينة تمنع فيض السلام الإلهي ... أو بالصلاة من أجل أخرين في ضيقة أو إحتياج ... لكي يخرج الإنسان من الروتينية إلي الحيوية ، فيمارس وسائط النعمة بروح الإبن لا بروح العبد أو الأجير . 5- الشباب والطموح:- إن الطموح الذي يتجه نحو أهداف أرضية مادية وبقوة الإنسان الذاتية ، هذا يختلف عن منهج "إستثمار الوزنات " حيث يكون الهدف هو تمجيد الله والوسيلة هي عمل الله فينا. لذلك فمن المهم أن يقنع الشباب بضرورة إعتماد هذا التمييز بين الأمرين ، فلا يتحرك نحو أهداف أرضية بقوته الذاتية ولمجده الشخصي ، بل عليه أن يستثمر ما أعطاه له الرب من مواهب ووزنات ، بقوة الله ، ولمجد الله ... وبالطبع سيكون هناك نجاحات أرضية ومادية وعلمية وإحتماعية ، ولكنها كلها ستكون لمجد الله وليس لتضخيم الذات ... وحتي الحياة الروحية والخدمة ينطبق عليها نفس التمييز ... فهناك فرق بين جهاد روحي وكرازة وخدمة وأعمال محبة وصلاوات وأصوام لمجد الذات ، وبإقتدار بشري محض ، يهدف إلي الإحساس بالبطولة اوالتميز او التفوق ، ويسعي إلي حب المديح والمجد الباطل ... ويبين أن يقوم الإنسان بكل هذه الجهود الروحية والكرازية ، بقوة الله ، ولمجد الله . الخيط رفيع ، ولكنه هام وخطير ... ومن هنا تكون فضيلة الإفراز والتمييز –كقول القديس أنطونيوس- هي أهم وأخطر الفضائل.ولهذا أوصانا الأباء ، أن نجتذب الشباب إلي أسفل حينما نراههم صاعدين إلي أعلي ، دون أساسات روحية من الإتضاع والإرشاد والتمييز ، خوفا من سقوطهم الرهيب ، في الصلف والكبرياء ، والإحساس بالتميز.كذلك يحرص الأباء الروحيون ، علي إرشاد أبنائهم كيف يقرأون بستان الرهبان ، حتي لا يطمحوا إلي تدريب وممارسات روحية عالية ، قبل الوقت ، ودون أساسات سليمة ، مما قد يعرضهم إلي أمراض روحية خطيرة ، ليس أقلها الكبرياء ، وربما صغر النفس ، بل إلي أمراض نفسية وجسدية أو نفس جسدية! 6- الشباب والتقمص:- ذلك حين يقلد الإنسان شخصا أخر ، وهو معجب به ، فيحاكيه في كل شئ ظاهري ، الحركة وأسلوب الكلام ، سواء بطريقة شعورية أو لا شعورية . وبالطبع الغيرة في أمور حسنة وبدوافع مقدسة ، ولمجد الله تختلف عن "التقمص" الذي لا يعدو أن يكون "حيلةدفاعية لا شعورية" من أجل الإختفاء وراء شخصية أخر لإكتساب رضا الناس وللهروب من الإحساس بالفشل أو عدم القدرة علي الأداء الجيد. وبالطبع فالعلاج هنا يكمن في إقتناع الشباب بأنه لا جدوي من التقليد والمحاكاة والتقمص ،فالرب الذي أعطي الأخر قادر أن يعطيني ، وما يناسبه من عطايا لا يناسبني أحيانا كثيرة.ينبغي أن يعرف الشاب أن الرب قادر أن يخلق منه أيقونة حلوة ، متميزة ، فريدة ، فإمكانيات روح الله الهائلة ، غير المحدودة قادرة أن تخلق من كل إنسان شيئا مختلفا ... المهم أن أخضع نفسي لعمل الله ، بدافع مقدس هو تمجيد الله ، والله قادر أن يعمل فيّ كما يعمل في غيري ، ليخلق منا جميعا أعضاء مقدسة في جسده الطاهر ، الكنيسة ، تختلف تماما في تكوينها ووظيفتها ، ولكنها تتكامل معا في وحدة وحب ووئام. وهنا نتذكر كلمات الرسول "فإن الجسد أيضا ليس عضوا واحدا ، بل أعضاء كثيرة. إن قالت الرجل لتي لست يدا ، لست من الجسد ، ألم تكن لذلك من الجسد؟ وإن قالت الأذن ، لأني لست عينا لست من الجسد ، ألم تكن لذلك من الجسد؟ لو كان كل الجسد عينا ، أين السمع؟ لو كان الكل سمعا ، أين الشم؟ وأما الأن فقد وضع الله الأعضاء ، لكل واحد منها في الجسد كما أراد . ولكن لو كان جميعها عضوا واحدا ، فأين الجسد؟ فالآن ... أعضاء كثيرة ، ولكن جسد واحد؟" ( 1كو 14:12- 20) الفنان يختلف كثيرا عن التاجر ، فالتاجر يطبع من الصورة ألف نسخة ، ليكتسب منها ، ولكن الفنان يجتهد –ربما لشهور- ليخلق صورة جميلة ، ولا يسعي إلي بيعها عموما ، بل يكفيه أن يراها أمامه في كل حين ، في غلاوة طفل عزيز لديه! هكذا روح الله ، الفنان العظيم ، قادرا أن يخلق من لك نفس صورة جميلة ، وعضوا حيا ، وأيقونة فريدة ، فلماذا أتقمص شخصية أخري، وألغي عمل روح الله فيّ؟! إذن فليقتنع كل شاب أن يكون نفسه ولنخاطبه دائما Be yourself وهذا لا يعني تضخيم الذات ، ولكن إعطاء فرصة للتفرد الإنساني ، والعطايا الشخصية التي استودعها الله في كل نفس ، لكي تسهم في بنيان الجسد الواحد ، لمجد الله ، معطي الكل. 7- الشباب والرياء:- حين يظهر الإنسان م لا يبطن ... فيأخذ الشكل الخارجي للروحيات ، دون العمق الداخلي ... ويأخذ صورة التقوي، وينكر قوتها . والمطلوب طبعا هو الإهتمام بالداخل والخارج معا، فلا يهمل أي من الحياتين ، يجتهد أن يقدم صورة مسيحية جيدة ، نابعة من أعماق مسيحية جيدة. يحتاج إذن هذا النوع من الشباب ، إلي التوجيه نحو الداخل ، نحو الجوهر والحقيقة ، نحو الرب الساكن فينا ، ليعرف أن الله يريد هذا البعد السري والعميق في حياتنا ، تماما كما يريد الصورة الأمينة الشاهدة له ، وهو الذي قال "ليكن تقدمك ظاهرا أمام جميع الناس" ( 1 تي 15:4) قال أيضا "أبعد عن العمق" (لو 4:5) هل نتذكر هنا القول المأثور المعروف "كل إناء ينضح بما فيه" أم نتذكر –بالأولي- كلمات الرب يسوع للفريسيين "ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراءون ، لأنكم تنقون خارج الكأس والصحفة ، وهما من الداخل مملوءان إختطافا ودعارة! أيها الفريسي الأعمي ، نق أولا داخل الكأس والصحفة ، لكي يكون خارجهما أيضا نقيا" (مت 25:23-26) 8- الشباب والخنوع:- كثيرا ما يسقط الشباب في خطايا معينة ويستمر سقوطهم فيها ، حتي رغم الجهاد ، وهكذا يدخل في إحساس بصغر النفس أمام الخطيئة ، ويسلك بخنوع تام ، ويأس مرير ، فاقدا روح الرجاء ولعل هذا النوع من الشباب ، يحتاج أن نذكره بقول الرسول "أن الله لم يعطنا روح الفشل ، بل روح القوة والمحبة والنصح" ( 2 تي 7:1).ليهتف بعد ذلك قائلا "أستطيع كل شئ في المسيح الذي يقويني" ( في 13:4) ويرنم علي الدوام قائلا "في هذه جميعها ، يعظم إنتصارنا بالذي أحبنا"(رو 37:8) وعليه ان يخاطب الخطيئة قائلا "لا تشمتي بي يا عدوتي لأني إن سقطت أقوم ، وإن جلستفي الظلمة ، فالرب نور لي" (مي 8:7) ألم يقل لنا نبي الروح يوئيل "ليقل الضعيف بطل أنا" (يوئيل 10:3) ولذلك يقول الرسول بولس "حينما أنا ضعيف ،فحينئذ أنا قوي" ( 2كو10:12) ذلك بعد أن صرخ للرب ثلاث مرات ، أن تفارقه شوكة الجسد ( وهي غالبا قروح ذات رائحة صعبة) ، إذ قال الرب له "تكفيك نعمتي ،لأن قوتي في الضعف تكمل" ( 2كو12:9) لهذا هتف قائلا "فبكل سرور أفتخر بالحري في ضعفاتي (أي الضعف البشري طبعا وليس الخطيئة) ، لكي تحل عليّ قوة المسيح" ( 2كو9:12) كثيرا ما يحتاج الشباب إلي روح الرجاء ، حتي لا يظل خاضعا للخطيئة ، خاضعا تحت نيرها ، غير واثق من إمكانية النصرة في الرب يسوع.وهنا ملاحظة أخري هامة ، إذ كثيرا ما يصير الجهاد السلبي للإنتصار علي خطيئة معينة ، غير مصحوب بجهاد إيجابي وهو الشبع الروحي ... وبدون شبع لا ينجح جهاد "بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئا" (يو5:15) لهذا يجب إقناع الشباب ، بأن الشبع الروحي هو الطريق السليم إلي النصرة ، بل بالحري إلي الإتحاد بالرب ... فالهدف ليس فقط أن تنتصر علي الخطايا ، بل أن نتحد بالمسيح "والنفس الشبعانة تدوس العسل" (أم 7:27). 9- الشباب وحب الظهور:- في أعماق الشباب نداء نحو تحقيق الذات ، ولا شك أن هذا الإحتياح النفسي إحتياج مشروع ، لو أنه كان بالمسيح ولمجد المسيح ، أما الخطأ فهو أن يسعي الشباب إلي حب الظهور ، وإستجداء المديح ، وتضخيم الأنا ، وعبودية الذات ... فالذات هنا ستكون بديلا عن المسيح ، بعكس منهج يوحنا المعمدان ، الذي كان عنده السيد المسيح بديلا للذات "ينبغي أن هذا يزيد ، وأني أنا أنقص" ( يو30:3)، بعكس منهج الرسول بولس الذي قال "مع المسيح صلبت فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيّ" ( غل 20:2). هذا النوع من الشباب الذي يسمي selfcentric أو Egocentric أي المترمكز حول ذاته ، كثيرا ما يسقط في "المهرجانية " و "الإستعراض" أو سرق مجهود إخوته ، والبحث عن المديح والمكافأة ... إنما يعمل لحساب الذات ، وليس لحساب المسيح ، ويحتاج إلي مواجهة حانية من مسئول الخدمة أو المجموعة ، كما يحتاج إلي توجيه روحي نحو المسيح يسوع وخلاص النفس ، لأنه "ماذا ينتفع الإنسان ، لو ربح العالم كله وخسر نفسه" ( مر 36:8) . إن العالم بكل أمجاده والكرة الأرضية بكل ما فيها ، إذا وضعت داخل قلب الإنسان المثلث ، ستتبقي زوايا المثلث فارغة ، ولن يشبع قلب الإنسان المثلث إلا الله المثلث الأقانيم. الشاب الأناني يكون علي الدوام مرفوضا من الكل : في الأسرة ، الكنيسة ، المجتمع ... لكن الأخطر من ذلك ، أنه يعرض نفسه للهلاك الأبدي! بينما يكون الإنسان المتضع ، محبوبا من الكل ، إذ يبرز دور إخوته في كل عمل ، ويختفي هو وراء رب المجد ، معطيا كل المجد لله ، الذي أعطاه كل ما لديه من عطايا أو وزنات "أنت الذي أخذت ، لماذا تفتخر كأنك لم تأخذ؟! أي شئ لك لم تأخذه" ( 1كو7:4). 10- الشباب والسخط:- دائما غير راضين عن أي شئ ومهما كان العمل ناجحا ومفرحا ، تجده يفتش عن سلبيات قليلة ، ويركز عليها ، ويشيع جوا من التذمر والرفض والمرارة ، بدلا من أن يشيع جوا من التشجيع والنقد البناء.ومعروف نفسيا أن هذا الشاب يعاني من سلبيات داخلية تجعله "إكتئابيا" بمعني أن يجنح إلي الحزن والكأبة بدلا من روح الفرح والإنطلاق والإيجابية.وواضح أن الرب يسوع ، كان نموذجا رائعا في البحث عن الإيجابيات في بحر السلبيات! فها هو يشجع زكا ، ويمتدح السامرية ، ويشيد بتوبة المرأة الخاطئة! بعضنا يري النصف الفارغ من الكأس ، ويركز عليه ، ويتناسي أن هناك نصف أخر مليئ. وقديما قال لنا الأباء "ليس عطية بلا زيادة ، إلا التي بلا شكر".يحتاج شبابنا إلي "النظرة الإيجابية" و "النقد البناء" الذي يري الإيجابيات أولا ثم يتحدث في السلبيات ليصلحها. وهذا مهم ، ليس في حياتنا العائلية والكنسية والمجتمعية فحسب، بل أنه مهم حتي في حياتنا الخاصة والشخصية ... لأن روح الرجاء والتوجيه الإيجابي ، أفضل من روح السخط واليأس . وليكن شعارنا دائما "أنسي ما وراء ، أمتد لما هو قدام" (في 13:3). نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
المزيد
06 يونيو 2022

القیامة والشباب

القیامة ھى تدفق قوة الفداء المحییة، وعلامة على قبول الآب لذبیحة الصلیب. ١- القیامة ھى فیض الحیاة الإلھیة المقدمة لنا فى المسیح یسوع. ٢- وھى ھزیمة لمملكة الموت بدخول سید الحیاة إلیھا.. "نزل إلى الجحیم وسبى سبباً" (أف )، والسید المسیح بالصلیب بلغ قمة التخلى والطاعة والعطاء. ٣- مجد اللاھوت كان فى المسیح، وھو فى الجسد، ولكنه كان فى الظاھر یعطش ویجوع وینام، وقد ظھر مجد اللاھوت فى القیامة المجیدة. 4- صورة القیامة ظھرت بطریقة جزئیة فى التجلى (مت ١:١٧- ٩) و (لو ٢٨:٩ )، ثم فى الصورة النھائیة... جسد القیامة الممجد. ٥- الصلیب كان یحمل قوة القیامة؛ وكانت آلة العار، ھى طریق المجد والظفر (كو ١٤:٢-١٥ ). وفى الصلیب سحق الرب الشیطان وداسه تحت قدمیه. بركات القیامة: ھى تحریر للبشریة من الخطیة، فقد واجه یسوع الشیطان وحطمه وخلص البشریة، وأقامنا معه (أف ٦:٢ ). وزرع فى الإنسان طاقة القیامة، وقوة الحیاة التى لا یھزمھا موت الخطیة كما نصلى فى القداس: "ولا یقوى موت الخطیة ولا على كل شعبك" (القداس الإلھى). القیامة والشباب: ١- القیامة تحررنا نحن الشباب من عقدة الخوف من الخطیة، لأن المسیح بطل الخطیة بذبیحة نفسه، وبقیامته أبطل عز الموت،وأعطانا بالإیمان شركة حیاتھ فى جسده ودمھ، أن نستمتع بقوة قیامته مانحاً إیانا طاقة متجددة. ٢- القیامة تعطینا رجاء دائماً لأننا مولودین ثانیة بالمعمودیة، لرجاء حتى بقیامة یسوع من الأموات. وصار لنا ثقة فى أن كل ظلمة صلیب حتما یبعھا نور القیامة، وأن یسوع فى كل آلامه، تألم مجرباً، لكى یعین المجربین (عب ١٨:٢). ٣- القیامة تضمن لنا حیاة النصرة، ولیس ھذا معناه عدم وجود ضعف، ولكن لا یحدث عودة إلى الخطیة، ما دام المسیح القائم یحل فى القلب ویملك الحیاة. وأن ضعفت أقول: "لا تشمتى بى یا عدوتى أن سقطت أقوم" ( میخا ٨:٧ ) النصرة لیس العصمة، بل عدم البقاء فى الضعف، والثقة فى قوة المسیح الذى ھزم الموت، وأعطانا القیامة، وأقامنا معه. ٤- اختبار قیامة المسیح فى حیاتنا یعطینا نحن الشباب حیاة السلام والفرح، بدلاً من القلق والاضطراب. فالتلامیذ "فرحوا إذ رأوا الرب" (یو ٢٠:٢٠ )، ونزع الھم من قلوبھم، لأننا نلقى بھمومنا بثقة على الرب یسوع، الذى بذل ذاته لأجلنا، وھو یعولنا ویھتم بنا. ٥- القیامة تحررنا من الاھتمام بالغد، فنحن الشباب یشغلنا الماضى بذنوبه وآلامه، ویقلقنا المستقبل. ولكن القیامة تعطینا بالمعمودیة،أن نصیر خلیقة جدیدة، "فالأشیاء العتیقة قد مضت" وأثق بأننى حینما اعترف بتوبة صادقة بخطایاى، فسوف یغفرھا لى المسیح الذى أحبنى. وھكذا أحیا فى ملء التسلیم، فلا أھتم بالغد، بل ألقى حیاتى فى حضن الرب یسوع بثقة البنین. ٦- القیامة تحررنا من الشك والریبة فالرسول توما إذ أراه المسیح جنبه، سآمن، ونحن یمكن أن تكون لنا شركة قویة مع المسیح من خلال:- أ- نوال نعمة الغفران فى الاعتراف والتحلیل. ب- سكنى المسیح بجسده ودمه فى القلب، فى سر الأفخارستیا. ج- شركة كلمة الإنجیل التى تحرر النفس والذھن. د- أخذ قوة فى الصلاة بإیمان. ھ- السلوك بتدقیق ومحاسبة النفس فى دور وصیة الإنجیل. بھذه الخطوات جمیعھا سوف تصیر حیاتنا بكاملھا للرب، لكى یستخدمھا لمجد اسمه، ویرتب كل شئ بحكمته. تطبیقات : واظب على صلاة باكر التى تتذكر فیھا قوة القیامة وفعلھا. لیكن لیوم الأحد انطباعه الخاص، سواء بالاشتراك فى القداس والذبیحة، أو على الأقل المرور على الكنیسة مع صلاة قصیرة، طبعاً مع ضرورة الانتظام فى القداس الذى یناسب مواعیدك. كلما تعثرت فى خطیة، قم سریعاً وصلى، فھذه قیامة جدیدة! نیافة الحبر الجليل الانبا موسى أسقف الشباب
المزيد
09 مايو 2022

عطايا القيامة

إن هذه القيامة القوية، سكبت فى البشرية قوة القيامة، ومنحتها عطايا عجيبة، ما كان ممكناً أن نحصل عليها لولا أنه مات وقام، وأقامنا معه. ومن عطايا القيامة أنها: 1- سحقت الموت: فمع أن الخطية نتج عنها حكم الموت، وهكذا "وضع للناس أن يموتوا مرة، وبعد ذلك الدينونة" (عب 27:9)، والموت هنا هو الموت الجسدى، وهو غير الموت الروحى أى الإنفصال عن الله، والموت الأدبى، إذ تهين الخطية الإنسان، فيسقط فريسة للشيطان، وحتى جسده يموت بالأمراض والكوارث والشيخوخة، كما يختلف أيضاً عن الموت الأبدى، العقاب النهائى للخطية، "تأتى ساعة حين يسمع جميع من فى القبور صوته، فيمضى الذين فعلوا الصالحات إلى قيامة الحياة، والذين فعلوا السيئات إلى قيامة الدينونة" (يو 29:3). هنا الموت الرباعى انهزم، وسحق تماماً بقيامة المسيح إذ "أقامنا معه وأجلسنا معه فى السمويات" (أف 6:2).. فهو الذى قال: "من آمن بى، ولو مات فسيحيا" (يو 25:11).. "إنى أنا حىَ، فأنتم ستحيون" (يو 19:14.وهكذا انتهى الموت إلى الأبد، وصار هتاف المؤمنين: "أين شوكتك ياموت؟ أين غلبتك ياهاوية" هو 14:13. 2- هزمت الشيطان إذ قال الرب قبل صلبه: "رأيت الشيطان ساقطاً مثل البرق من السماء" (لو18:10)، كما قال أيضاً: "رئيس هذا العالم يأتى، وليس له فىَ شئ" (يو30:14). "الآن يطرح رئيس هذا العالم خارجاً" (يو31:12).وهكذا لم يعد للشيطان الساقط سلطاناً على البشر، ما لم يعطوه هم هذه الفرصة. بل أن الرب طلب منا أن نقاوم إبليس... "قاوموا إبليس فيهرب منكم" (يع 7:4)، ووعدنا قائلاً: "إله السلام سيسحق الشيطان تحت أرجلكم سريعاً" (رو 20:16).لهذا فما أعجب الذين يسلمون أنفسهم بإرادتهم للشيطان، وهم يعرفون أنه "الحية القديمة"، "إبليس"، "المقاوم"، "عدو الخير"، "الكذاب وأبو الكذاب"!!! وما أعجب الذين يخافون منه، فيظنون أنه قادر أن يؤذيهم بسحره وأعماله الشيطانية، وينسون قدرة الرب الساحقة وسلطانه المطلق على الكون، بكل ما فيه، وبكل من فيه!! بل ما أعجب الذين يلجأون إليه لحل مشكلاتهم فى الزواج، وفى العلاقات، والمعاملات اليومية، لأنهم بهذا يعلنون عدم إيمانهم بالله، ويعطون الشيطان مكان المعبود والملجأ، وهو الذى يهلك تابعيه، ثم يقف ويقهقه فرحاناً بهلاكهم!! ناهيك عن أولئك المساكين الذين يعبدون الشيطان، فى ضلالة جديدة، زحفت على العالم، حتى وصلت إلى مصر!! 3-أبطلت الخطيئة فالقيامة المجيدة كانت وسيلة خلاص الإنسان، لأن الرب يسوع "مات لأجل خطايانا وقام لأجل تبريرنا" (رو 25:4). لأنه بفدائه العجيب: أ- مات عوضاً عنا، فرفع العقوبة عن كاهلنا... ب- وجدَّد طبيعتنا بروحه القدوس، فصرنا أبناء الله... "أما شوكة الموت فهى الخطية، وقوة الخطية هى الناموس" (1كو 56:15)... بمعنى أننا حينما نسقط فى الخطية، نصير تحت حكم الناموس الذى يقول: "أن أجرة الخطية هى موت" (رو 23:6). ولكن "شكراً لله الذى يعطينا الغلبة بربنا يسوع المسيح" (1كو 57:15)، الذى جعل الرسول بولس يهتف قائلاً: "أن الخطية لن تسودكم، لأنكم لستم تحت الناموس، بل تحت النعمة" (رو 14:6)، وهكذا أبطلت قيامة المسيح، سلطان الخطيئة علينا. 4- أثبتت ألوهية المسيح: لأنه حينما قام الرب: . بقوته الذاتية... . وقام بجسد نورانى... . وقام ولم يمت ولن يموت إلى الأبد...أثبتت هذه الأمور جميعاً أنه الإله الذى "ظهر فى الجسد" (1تى 16:3).كما أثبت الرب قوة لاهوته فى مواضع أخرى كثيرة، حينما أرانا: 1- سلطانه المطلق: . على الموت... حينما أقام الموتى حتى وهو ميت على الصليب (مت 52:27). . على المرض... حينما شفى أعتى الأمراض المستعصية (مت 18:9-26). على الخلق... حينما خلق عيناً من الطين وحوَل الماء إلى خمر (يو 1:9-34 ، يو 1:2-11). . على الأفكار... حينما عرف أفكار اليهود والتلاميذ دون أن يخطروه (لو 24:22). . على المستقبل... حينما أنبأ بخراب أورشليم وصلب بطرس (مت 37:23-39). . على الغفران... حينما غفر للمفلوج والزانية (لو 36:7، يو 2:8-11). . على الشيطان... حينما أخرجه بكلمة وحتى بدون كلمة!! (لو 18:17 - مر 29:7). . على الطبيعة.. حينما انتهر الرياح والموج ومشى على الماء وجعل بطرس يمشى عليه أيضاً (مت 26:8 - مت 28:14-32). . على النبات... حينما لعن التينة فيبست من الأصول (مت 9:21 - مر 20:11). . على الحيوان... حينما سمح للشياطين بدخول الخنازير (لو 18:17). . على الجماد... حينما بارك الخبزات وأشبع الألوف (مت 19:14). 2- قداسته المطلقة : فهو الذى "لم يعرف خطية" (2كو 21:5، 1بط 22:2)، وقد تحدى اليهود قائلاً: "من منكم يبكتنى على خطية؟!" (يو 46:8)، فانسدت الأفواه، وانعقدت الألسنة.ومعروف أنه ليس هناك إنسان واحد بلا خطيئة... وقديماً قال باسكال: "إن وجدنا إنساناً بلا خطية، فهذا هو الله آخذاً شكل إنسان"... وبالفعل كان الرب يسوع بلا خطية، مما يؤكد ألوهيته المجيدة. 3- حياته الخالدة : فالرب يسوع مولود منذ الأزل، "مولود من الآب قبل كل الدهور، نور من نور، إله حق من إله حق" (قانون الإيمان). وبعد أن تجسد لخلاصنا، ومات وقام، ها هو حى إلى الأبد ولم يحدث فى التاريخ أن عاش إنسان بعد موته، حتى إذا ما أقيم من الأموات، فذلك لفترة بسيطة لمجد الله، ثم يموت ثانية. أما السيد المسيح فهو "الحياة"... أصل الوجود، وواجب الوجود، إذ "فيه كانت الحياة" (يو 4:1)، وهو الذى قال: "أنا هو الطريق والحق والحياة" (يو 6:14)... "أنا هو القيامة والحياة" (يو 25:11). 4- فتحت لنا الفردوس: لأن السيد المسيح حينما مات على الصليب، نزلت نفسه الإنسانية المتحدة بلاهوته إلى الجحيم، ليطلق أسر المسبيين هناك، الذين كانوا فى انتظار فدائه المجيد. لهذا يقول الرسول بولس: أن المسيح له المجد "نزل أولاً إلى أقسام الأرض السفلى، ثم صعد إلى العلاء، وسبى سبياً، وأعطى الناس عطايا" (أف 8:4،9.كما يقول معلمنا بطرس: "ذهب فكرز للأرواح التى فى السجن" (1بط 9:3).لهذا ترنم الكنيسة يوم القيامة قائلة:"يأكل الصفوف السمائيين،رتلوا لإلهنا بنغمات التسبيح،وابتهجوا معنا اليوم فرحين،بقيامة السيد المسيح،قد قام الرب مثل النائم،وكالثمل من الخمرة،ووهبنا النعيم الدائم،وعتقنا من العبودية المرة،وسبى الجحيم سبياً، وحطم أبوابه النحاس...".ولهذا أيضاً قال الرب للص اليمين: "اليوم تكون معى فى الفردوس" (لو 42:23)... وتقضى الكنيسة ليلة سبت الفرح، بعد أن انفتح الفردوس، وهى تسبح للمخلص، وتفرح بالخلاص، وتتلو أناشيد الخلاص فى العهدين: القديم والجديد، ثم تقرأ سفر الرؤيا لترى شيئاً مما رآه الحبيب .!! 5- أعطتنا الجسد النورانى: لأن الرب "سيغير شكل جسد تواضعنا، ليكون على صورة جسد مجده" (فى 20:3). فهذا الجسد الكثيف الذى نلبسه الآن، هو من التراب، ولكنه سيلبس صورة سمائية حينما يتغير، ويتمجد، ويصير روحانياً، نورانياً.وها أمامنا اللوحة المجيدة التى رسمها لنا معلمنا بولس الرسول حينما قال: "لأن الرب نفسه بهتاف، بصوت رئيس ملائكة، وبوق الله، سوف ينزل من السماء، والأموات فى المسيح سيقومون أولاً، ثم نحن الأحياء الباقين، سنخطف جميعاً معهم فى السحب، لملاقاة الرب فى الهواء، وهكذا نكون كل حين مع الرب" (1تس 16:3،17).وهو نفس السر الذى كشفه لنا الرسول بولس حينما قال أيضاً: "هوذا سر أقوله لكم: لا نرقد كلنا، ولكن كلنا نتغير. فى لحظة، فى طرفة عين، عند البوق الأخير، فإنه سيبوق، فيقام الأموات عديمى فساد، ونحن نتغير. لأن هذا (الجسد) الفاسد لابد أن يلبس عدم فساد، وهذا المائت يلبس عدم موت. ومتى لبس هذا الفاسد عدم فساد، ولبس هذا المائت عدم موت، فحينئذ تصير الكلمة المكتوبة: ابتلع الموت إلى غلبة" (1كو51:15-54).وهكذا "نكون مثله، لأننا سنراه كما هو" (1يو 2:3). "ناظرين مجد الرب بوجه مكشوف كما فى مرآة، نتغير إلى تلك الصورة عينها، من مجد إلى مجد، كما من الرب الروح" (2كو 18:3).وواضح أن التشابه هنا هو فى جسد القيامة، وما سيعطيه الرب إياه من قداسة وخلود، وليس فى شئ آخر، فسوف يظل الله هو الله، والبشر هم البشر، ولكن مجددين ومقدسين بالروح القدس. نيافة الحبر الجليل الانبا موسى أسقف الشباب
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل