العظات

مراحل فى حياة يوسف الصديق

التَطَابُق بَيْنَ يُوسِف الصِّدِّيق وَالمَسِيح لَهُ المجد تَطَابُق عَجِيب وَمُذْهِل حَتَّى أنَّكَ قَدْ تَضْع إِسم يُوسِف الصِّدِّيق بَدَلاً مِنْ إِسم السَيِّد المَسِيح أوْ العكس وَلاَ تَجِد فرق .. عِنْدَمَا يَسْرِد الكِتاب قِصَّة بِكُلَّ تَفَاصِيلهَا الكَثِيرة يَكُون لَهُ قَصد مِنْ ذلِك فَمَثَلاً قِصَّة خُطُوبِة إِسحق لِرِفقة أخَذِت مِنْ الكِتاب أصْحَاح .. أيضاً قِصَّة فِطَام إِسحق أخَذِت أصْحَاح .. لأِنَّ الكِتاب لَهُ قَصْد مِنْ ذلِك .. أمَّا قِصَّة يُوسِف الصِّدِّيق فَهيَ فِي ثَلاَثة عَشر أصْحَاح مِنْ سِفر التَكوِين مِنْ أصْحَاح 37 إِلَى 50 . مِنْ سِفر التَكوِين 37 : 5 – 11 { وَحَلُمَ يُوسُفُ حُلْماً وَأخْبَرَ إِخْوَتَهُ . فَازْدَادُوا أيضاً بُغْضاً لَهُ . فَقَالَ لَهُمْ اسْمَعُوا هذَا الحُلْمَ الَّذِي حَلُمْتُ . فَهَا نَحْنُ حَازِمُونَ حُزَماً فِي الحَقْلِ . وَإِذَا حُزْمَتِي قَامَتْ وَانْتَصَبَتْ فَاحْتَاطَتْ حُزَمُكُمْ وَسَجَدَتْ لِحُزْمَتِي . فَقَالَ لَهُ إِخْوَتُهُ ألَعَلَّكَ تَمْلِكُ عَلَيْنَا مُلْكاً أمْ تَتَسَلَّطُ عَلَيْنَا تَسَلُّطاً . وَازْدَادُوا أيضاً بُغْضاً لَهُ مِنْ أجْلِ أحْلاَمِهِ وَمِنْ أجْلِ كَلاَمِهِ . ثُمَّ حَلُمَ أيضاً حُلْماً آخَرَ وَقَصَّهُ عَلَى إِخْوَتِهِ . فَقَالَ إِنِّي قَدْ حَلُمْتُ حُلْماً أيْضاً وَإِذَا الشَّمْسُ وَالقَمَرُ وَأحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً سَاجِدَةٌ لِي . وَقَصَّهُ عَلَى أبِيهِ وَعَلَى إِخْوَتِهِ . فَانْتَهَرَهُ أبُوهُ وَقَالَ لَهُ مَا هذَا الحُلْمُ الَّذِي حَلُمْتَ . هَلْ نَأتِي أنَا وَأُمُّكَ وَإِخْوَتُكَ لِنَسْجُدَ لَكَ إِلَى الأرْضِ . فَحَسَدَهُ إِخْوَتُهُ . وَأمَّا أبُوهُ فَحَفِظَ الأمْرَ } . هَلْ كَانَ مِنْ حَقٌّ يُوسِف أنْ يَقُص أحْلاَمه عَلَى إِخْوَته ؟؟ نَعْم أم لاَ ؟ الفرق بينَ نَعْم وَلاَ هِيَ كَلِمة رَكِّز عَلَيْهَا الآباء وَهيَ الدَّافِع .. مَا هُوَ دَافِع يُوسِف مِنْ قَصِّةِ الأحْلاَم عَلَى إِخْوَته ؟ كَانَ دَافِعْه بَسِيط .. رُبَّمَا كَانَ يَشْعُر أنَّهُ فِي يَوْمٍ مَا سَيَكُون ذُو مَرْكز مَرمُوق أوْ قَدْ يَكُون قَصْده أنْ يِفَرَّح إِخْوَته .. وَلكِنْ .. مَا كَانَ دَافِعْه هُوَ التَعَالِي عَلَى إِخْوَته أبَداً .. وَلكِنْ حَقِيقَةً لَمْ يَفْهَمه إِخْوَتَهُ لِذلِك لَمْ يَكُنْ مِنْ الحِكمة أنْ يَقُص عَلَيْهُمْ حِلْمه الثَّانِي لأِنَّهُ رَأى تَعْبِيراتِهِمْ وَتَعْلِيقَاتِهِمْ عَلَى حِلْمه الأوَّل . الآباء يَقُولُون مُبَاركة السَيِّدة العذراء الَّتِي كَانْت تَحْفظ الأُمور مُتَفَكِّره بِهَا فِي قَلْبِهَا أي كَانْت مُحْتَفِظة بِهَا لِنَفْسِهَا .. يُوسِف كَانَ يَتَكَلَّم فِي بَسَاطة لكِنْ لاَبُد مِنْ الحِكمة مَعَ البَسَاطة لأِنَّ أبِيهِ حَزِنَ مِنْهُ وَإِخْوَتَهُ حَسَدُوه وَلكِنْ لِعِظمْ مَحَبَّة أبِيهِ لَهُ حَفِظَ الأمر فِي قَلْبه وَجَعَلَهُ مَعْلُومة دَاخِله لَعَلَّهَا تَتَحَقَّق .. وَلكِنْ بعد ذلِك تَعَلَّم يُوسِف أنْ لاَ يَتَكَلَّم كَثِيراً فَهَلْ سَمِعْنَاه يَحْكِي قِصَّتَهُ فِي بَيْت فُوطِيفار ؟ .. لاَ .. سَألوه مَنْ أنْتَ ؟ أجَابَ أنَا عِبْرَانِي .. لِمَاذَا جِئت إِلَى هُنَا ؟ لأِنِّي مُباع .. مَنْ بَاعك ؟ تَرْتِيب مِنْ الله . أيضاً فِي السِجن وَسْط الظُرُوف القَاسِية بَدَأَ يَتَحَدَّث مَعَ السُجَنَاء فَسَألوه سؤال صَرِيح مَا هِيَ قِصِّتك ؟ أجَابَهُمْ بِكَلِمَتان { لأِنِّي قَدْ سُرِقْتُ مِنْ أرْضِ العِبْرَانِيِّينَ } ( تك 40 : 15) وَلِيفهمْ مَنْ سَألَهُ كَمَا يَفْهمْ وَسَألوهُ أيضاً لِمَاذَا أتيت إِلَى هَهُنَا ؟ أجَابَهُمْ { وَهُنَا أيضاً لَمْ أفْعَلْ شَيْئاً حَتَّى وَضَعُونِي فِي السِّجْنِ } ( تك 40 : 15) .. لَمْ يَحْكِي قِصَّة زَوْجة فُوطِيفار .. أنَا وُضِعْت فِي السِجن ظُلْم .. مَنْ ظَلَمك وَلِمَاذَا ؟ لَمْ يَقُل شِئ حَتَّى لاَ يَزدَاد الأمر عَلَيْهِ سُوء .. جَيِّد هُوَ الإِنْسَان الَّذِي يَعْرِف مَتَى يَتَكَلَّم وَمَتَى يَصمُت .. وَإِنْ تَكَلَّم يَعْرِف مَا يَقُول حَتَّى لاَ يَقْع فِي أخْطَاء .. أُصمُت بِحِكمة وَتَكَلَّمْ بِحِكمة . أوَّلاً : يُوسِف مَعَ إِخْوَتَهُ :0 ============================== أوِّل مَا تَكَلَّمْ الكِتاب عَنْ يُوسِف كَانَ عُمْره حَوَالِي سَبْعة عَشَرَ سَنْة وَكَانَ إِخْوَته أكبر مِنْهُ وَهُمْ مسئُولُون عَنْ كُلَّ عَمْل الرِعَاية الَّتِي لأِبِيهِمْ فَكَانُوا رُعَاة أغَنَام وَكَانْت الأغَنَام تَحْتَاج لِمَرَاعِي خَضرَاء وَهُمْ يَسْكُنُون حَبرُون وَلَمْ يَكُنْ بِحرمُون مَرَاعِي خَضرَاء كَثِيرة فَكَانَ الرُعَاة يَتَنَاوَبُون عَلَى المَرَاعِي .. وَلَمْ يَسْتَرِح أولاد يَعْقُوب لِهذَا الأمر لإِحْتِيَاجِهِمْ لِمَرَاعِي أكبر فَكَانُوا يَذْهَبُون لِمَدِينة مُجَاوِرة لَهُمْ وَهذَا الأمر كَانَ يَتَطَلَّب مِنْهُمْ أنْ يُقِيمُوا فِي هذِهِ المَدِينة لِفِترة وَكَانِت هذِهِ المَدِينة تُسَمَّى شَكِيمَ الَّتِي كَانْت قَدْ حَدَثت بِهَا مُشكِلة بِسَبب دِينَا إِبنة يَعْقُوب عِنْدَمَا خَرَجِت لِتَرَى بَنَات الأرْض فَسَقَطت فِي الخَطِيَّة مَعَ أحد رِجَالهَا وَعِنْدَمَا أرَادَ هذَا الرَّجُل أنْ يُصْلِح الأمر وَيَتَزَوَّجهَا طَلْب إِخْوَتهَا مِنْهُ أنْ يُخْتَتَنْ هُوَ وَكُلَّ رِجَال المَدِينة وَبِالفِعل تَمَّ خِتَانهُمْ وَبينَمَا هُمْ مُتَوَجِعُون قَامَ إِخْوَة دِينَا عَلَيْهِمْ وَقَتَلُوهُمْ . إِذاً فَهُناك مُشكِلة وَثَأر مَعَ أهْل شَكِيمَ .. وَظَلَّ يَعْقُوب فِي حَبرُون قَلِق عَلَى أولاده فِي شَكِيمَ فَأرْسل إِليهِمْ يُوسِف وَكَانَ أمِيناً جِدَّاً فَذَهَبَ وَرَاءَهُمْ إِلَى شَكِيمَ وَلَمْ يَجِدَهُمْ فَسَألَ عَلَيْهِمْ .. { فَأرْسَلَهُ مِنْ وَطَاءِ حَبْرُونَ فَأتَى إِلَى شَكِيمَ . فَوَجَدَهُ رَجُلٌ وَإِذَا هُوَ ضَالٌّ فِي الحَقْلِ . فَسَألَهُ الرَّجُلُ قَائِلاً مَاذَا تطْلُبُ . فَقَالَ أنَا طَالِبٌ إِخْوَتِي . أخْبِرْنِي ايْنَ يَرْعَوْنَ . فَقَالَ الرَّجُلُ قَدِ ارْتَحَلُوا مِنْ هُنَا . لأِنِّي سَمِعْتُهُمْ يَقُولُونَ لِنَذْهَبْ إِلَى دُوثَانَ . فَذَهَبَ يُوسُفُ وَرَاءَ إِخْوَتِهِ فَوَجَدَهُمْ فِي دُوثَانَ } ( تك 37 : 14 – 17 ) .. لأِنَّهُ لَوْ عَادَ إِلَى أبِيهِ وَقَالَ إِنَّهُ لَمْ يَجِدهُمْ فِي شَكِيمَ سَيْزدَاد قَلْق يَعْقُوب عَلَى أولاَده .. لكِنْ تَخَيَّل أنَّهُ ذَهَبَ إِليهِمْ فِي لَهْفة لِيَطمَئِن عَلَيْهِمْ . أمَّا هُمْ { فَلَمَّا أبْصَرُوهُ مِنْ بَعِيدٍ قَبْلَمَا اقْتَرَبَ إِليْهِمِ احْتَالُوا لَهُ لِيُمِيتُوهُ . فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ هُوذَا هذَا صَاحِبُ الأحْلاَمِ قَادِمٌ . فَالآنَ هَلُمَّ نَقْتُلْهُ وَنَطْرَحْهُ فِي إِحْدَى الآبَارِ وَنَقُولُ وَحْشٌ رَدِئٌ أكَلَهُ } ( تك 37 : 18 – 20 ) .. المفرُوض إِنَّهُ أتَى لِيَطمَئِن عَلَيْهِمْ أمَّا هُمْ فَإِحْتَالُوا لِيَقتِلوه وَيَضَعُوه فِي بِئرٍ .. { فَسَمِعَ رَأُوبَيْنُ وَأنْقَذَهُ مِنْ أيْدِيهِمْ . وَقَالَ لاَ نَقْتُلُهُ } ( تك 37 : 21 ) .. وَاضِح أنَّهُمْ كَانُوا قَدْ أمْسَكوه وَهُمْ يُفَكِّرُون فِي قَتْلِهِ لكِنْ رَأُوبَيْنُ أنْقَذَهُ مِنْ أيدِيهِمْ وَطَلَبَ مِنْهُمْ ألاَّ يَقْتِلُوه . { وَقَالَ لَهُمْ رَأُوبَيْنُ لاَ تَسْفِكُوا دَماً . اِطْرَحُوهُ فِي هذِهِ البِئرِ الَّتِي فِي البَرّيَّةِ وَلاَ تَمُدُّوا إِليْهِ يَداً . لِكَيْ يُنْقِذَهُ مِنْ أيْدِيهِمْ لِيَرُدَّهُ إِلَى أبِيهِ } ( تك 37 : 22 ) .. يُوسِف أمِين لأِخْوَتِهِ وَمُحِب لَهُمْ لكِنْ أحْلاَمه وَتَميِيز أبِيهِ لَهُ وَمَحَبَّته كَانْت مَسَار حَسْد إِخْوَته فَكَانَ يُوسِف مَجال بُغْضة لَهُمْ .. يَجِب عَلَى الإِنْسَان أنْ يُقَدِّم مَحَبَّة لِمَنْ حَوْله مَهمَا كَانِت مَشَاعِرْهُمْ .. يُوسِف كَانَ يَعْلم حَسَد إِخْوَته لكِنَّهُ كَانَ يُطَبِّق عَمْل المَحَبَّة الَّتِي لاَ تَطْلُب مَا لِنَفْسَهَا .. لاَ تَجْعل مَحَبِّتك مَشرُوطة بِمَنْ يَرُد لَكَ مِثْلَهَا . تُرْيَ مَا هُوَ مَوقِف رَأُوبَيْنُ ؟ بِالطبع مَوقِف سَلْبِي .. نَعْم هُوَ لَمْ يُرِد أنْ يُقتل يُوسِف وَأرَادَ أنْ يُعِيده لأِبِيهِ لكِنَّهُ خَافَ مِنْ إِخْوَتَهُ .. أحياناً نَكُون ضِد الخَطأ وَلكِنَّنَا نُسَايِر الموقِف لأِنَّنَا لاَ نْسَتَطِيع أنْ نَقِف ضِدَّه .. لاَ .. لاَ تَكُنْ مَعَ رَأُوبَيْنُ المُتَرَدِّد .. لاَ تَكُنْ الشَخْصِيَّة الَّتِي بِهَا الحَقٌّ مَكْتُوم بَلْ قُلْ رَأيك وَتَمَسَّك بِهِ مَادَامَ حَقٌّ حَتَّى وَإِنْ وَضَعُوك فِي البِئر مَعَ يُوسِف . اليَوْم تُعَيِّد الكِنِيسة لِلقِدِيس يُوحَنَّا ذَهَبِيَّ الفم وَيُحْكَى عَنْهُ أنَّ الإِمبرَاطُورة فِي عَهْده طَمَعِت فِي أرْض مِلْك لِسَيِّدة فَقِيرة فَجَاءت المرأة الفَقِيرة لِلقِدِيس يُوحَنَّا تَشْكِي لَهُ الإِمبرَاطُورة وَحَاوِل القِدِيس أنْ يُرْجِع الإِمبرَاطُورة عَمَّا فَعَلَتهُ مَعَ هذِهِ المرأة لكِنَّهَا رَفَضِت فَحَرَمهَا مِنْ دُخُول الكِنِيسة وَالتَنَاوُل .. كَانَ يُمْكِنْ أنْ يَقُول أنَّهَا إِمبرَاطُورة لاَ أسْتَطِيع أنْ أقِف ضِدَّهَا .. لكِنْ القِدِيس يُوحَنَّا كَانَ الحَقُّ دَاخِله وَاضِح فَأعْلَنَهُ لَهَا وَلَمْ يَعْبأ بِسُلطِتهَا . وَضْع أولاد يَعْقُوب أخِيهِمْ يُوسِف فِي البِئر وَيَقُول عَنْهُمْ الكِتاب أنَّهُمْ { جَلَسُوا لِيَأكُلُوا } ( تك 37 : 25 ) .. هذَا مَا حَدَثَ مَعَ رَبَّ المجد يَسُوع الَّذِي وَضَعَهُ إِخْوَتَهُ اليَهُود فِي البِئر أي القبر ثُمَّ جَلَسُوا لِيَأكُلُوا .. وَضَعُوهُ عَلَى الصَلِيب ثُمَّ جَلَسُوا لِيَأكُلُوا الفِصح .. يُوسِف بِيعَ بِعِشرِين مِنْ الفِضَّة لِلغُرَبَاء وَسَبب بِيعه الحَسْد وَوُضِعَ فِي البِئر ثُمَّ خَرَجَ مِنْهُ .. هكَذَا السَيِّد المَسِيح بِيعَ بِثَلاَثِين مِنْ الفِضَّة مِنْ إِخْوَتَهُ لِلرُومان وَسَبب بِيعْه الحَسْد أوْ صُلِبَ حَسَدَاً .. ثُمَّ وَضَعَهُ اليَهُود إِخْوَتَهُ فِي القبر وَخَرَجَ مِنْهُ حَيّ .. كُلَّ شِئ فِي يُوسِف يَرمُز بِدِقَّة لِلمَسِيح لَهُ المجد . يُوسِف بَينَ إِخْوَتَهُ مُحِب وَأمِين وَخَاضِع .. { فَقَالَ إِسْرَائِيلُ لِيُوسُفَ } ( تك 37 : 13 ) .. عِنْدَمَا يَقُول الكِتاب " يَعْقُوب " يَخْتَلِف قَصْده عَنْ قَوله " إِسْرَائِيل " .. عِنْدَمَا يَقُول " إِسْرَائِيل " يَقْصِد بِهَا يَعْقُوب الجَدِيد وَكَأنَّ أب يُنَادِي إِبنه بِإِسم تَدلِيله .. أمَّا عِنْدَمَا يَقُول " يَعْقُوب " فَهُوَ يَقْصِد يَعْقُوب القَدِيم .. فَنَجِد فِي يُوسِف مَرَّة يَقُول " يَعْقُوب " وَأُخْرَى يَقُول " إِسْرَائِيل " وَكَأنَّ الله يُعْلِن كَرَامته وَقَدَاسَته عِنْدَمَا يُنَادِيه إِسْرَائِيل لأِنَّهُ هُوَ الَّذِي أعْطَاهُ هذَا الإِسم وَلكِنْ عِنْدَمَا يُنَادِيه يَعْقُوب فَهُوَ يُكَلِّمْ يَعْقُوب الشخص . { ألَيْسَ إِخْوَتُكَ يَرْعَوْنَ عِنْدَ شَكِيمَ . تَعَالَ فَأُرْسِلَكَ إِلَيْهِمْ . فَقَالَ لَهُ هأنَذَا } ( تك 37 : 13 ) .. حَدِيث الآب وَالإِبن .. الآب قَالَ لإِبنِهِ الوَحِيد هَا إِخْوَتك فِي خَطر أي نَحْنُ الكِنِيسة فِي خَطر بَعِيدِينَ عَنِّي وَسَأُرْسِلُكَ إِليهِمْ فَقَالَ لَهُ هأنَذَا .. وَكَثِيراً مَا يُؤكِّد عَلَى ذلِك رَبَّ المجد يَسُوع فَيَقُول " أنَا مُرْسل مِنْ عِنْد الآب " ( يو 5 : 37 & يو 6 : 57 ) .. { خَرَجْتُ مِنْ عِنْدِ الآبِ } ( يو 16 : 28 ) .. هذَا مَا قَالَهُ الإِبن الوَحِيد { هأنَذَا } لِيُرسل لإِخْوَتَهُ فِي شَكِيم أي فِي الخَطر وَجَاءَ إِليْهِمْ لِيَجْتَاز مَعَهُمْ الخَطر . { فَقَالَ لَهُ اذْهَبِ انْظُرْ سَلاَمَةَ إِخْوَتِكَ وَسَلاَمَةَ الغَنَمِ وَرُدَّ لِي خَبَراً } ( تك 37 : 14 ) .. الآب قَالَ لِلإِبن إِذْهب إِفتَقِد سَلاَمة إِخْوَتك فَجَاءَ كَوَاحِد مِنَّا وَافتَقدنَا وَخَلَّصنَا ثُمَّ عَادَ لِلآب لِيَرُد لَهُ خَبر .. { لأِنَّ بِهِ لَنَا كِلَيْنَا قُدُوماً } ( أف 2 : 18) .. وَنَقَضَ العَدَاوة القَدِيمة .. { فَأتَى إِلَى شَكِيمَ } ( تك 37 : 14 ) ..جَاءَ لإِخْوَتَهُ لِيَفتَقِد سَلاَمِتهُمْ لِيَعُود لأِبِيهِ بِخَبر سَلاَمهُمْ .. هكَذَا يَرمُز يُوسِف لِلمَسِيح بِقُوَّة . وَبينَمَا هُوَ فِي البِئر جَاءت قَافِلة مِنْ الإِسْماعِيلِيِّينَ فَبَاعَهُ إِخْوَتَهُ لَهُمْ .. " الإِسْماعِيلِيِّينَ " هُمْ أُنَاس يَشْتَرُون مَوَاد التَحْنِيط وَيَبِيعُونَهَا فِي مِصْر فَأخَذُوا يُوسِف مَعَهُمْ وَنَزَلُوا بِهِ إِلَى مِصْر .. { فَسَحَبُوا يُوسُفَ وَأصْعَدُوهُ مِنَ البِئر وَبَاعُوا يُوسُفَ لِلإِسْمعِيِلِيِّينَ بِعِشْرِينَ مِنَ الفِضَّةِ . فَأتَوا بِيُوسُفَ إِلَى مِصْرَ } ( تك 37 : 28 ) .. رَأُوبَيْنُ فِي وَقت بِيع يُوسِف كَانَ مَعَ الغنم وَعَادَ سَرِيعاً لِيَأخُذ يُوسِف وَيَرُدَّه إِلَى أبِيهِ وَهُنَا عَلَمَ أنَّ إِخْوَتَهُ قَدْ بَاعوه . { وَرَجَعَ رَأُوبَيْنُ إِلَى البِئرِ وَإِذَا يُوسُفُ لَيْسَ فِي البِئرِ . فَمَزَّقَ ثِيَابَهُ . ثُمَّ رَجَعَ إِلَى إِخْوَتِهِ وَقَالَ الوَلَدُ لَيْسَ مَوْجُوداً . وَأنَا إِلَى أيْنَ أذْهَبُ } ( تك 37 : 29 – 30 ) .. نَدْم رَأُوبَيْنُ بعد أنْ مَضَى وَقت العَمْل .. لِذلِك يُرِيد الإِنْسَان أنْ يَعْمَل عَمَلاً لاَ يُؤجِله حَتَّى لاَ يَنْدَم .. أتوا بِقَمِيص يُوسِف وَلَطَّخُوهُ بِدم غَنَمٍ وَجَاءُوا إِلَى أبِيهِمْ وَقَالُوا { وَجَدْنَا هذَا . حَقِّقْ أقَمِيصُ ابْنِكَ هُوَ أمْ لاَ } ( تك 37 : 32 ) .. نَفْس مَوقِف اليَهُود مَعَ المَسِيح قَالُوا لاَ نَعْلم إِنْ كَانَ هُوَ أم لاَ . { فَتَحَقَّقَهُ وَقَالَ قَمِيصُ ابْنِي . وَحْشٌ رَدِيءٌ أكَلَهُ . افْتُرِسَ يُوسُفُ افْتِرَاساً . فَمَزَّقَ يَعْقُوبُ ثِيَابَهُ وَوَضَعَ مِسْحاً عَلَى حَقْوَيْهِ وَنَاحَ عَلَى ابْنِهِ أيَّاماً كَثِيرَةً } ( تك 37 : 33 – 34 ) .. هَلْ تَعْلَم لِمَاذَا حَزَنَ يَعْقُوب كُلَّ هذَا الحُزن عَلَى إِبْنِهِ يُوسِف ؟ لَيْسَ لأِنَّهُ إِبْنَهُ فَقْط بَلْ لأِنَّهُ كَانَ هُوَ السَبب لأِنَّهُ هُوَ الَّذِي أرْسَلَهُ إِلَى إِخْوَتِهِ لِذلِك نَاحَ عَلَيْهِ كَثِيراً وَأبَى أنْ يَتَعَزَّى .. { فَقَامَ جَمِيعُ بَنِيهِ وَجَمِيعُ بَنَاتِهِ لِيُعَزُّوهُ . فَأبَى أنْ يَتَعَزَّى وَقَالَ إِنِّي أنْزِلُ إِلَى ابْنِي نَائِحاً إِلَى الهَاوِيَةِ . وَبَكَى عَلَيْهِ أبُوهُ } ( تك 37 : 35 ) . ثَانِياً : يُوسِف فِي بَيْت فُوطِيفَار :0 ====================================== وَكانَ يُوسِف فِي بَيْت فُوطِيفَار رَجُلاً نَاجِحَاً .. { وَرَأى سَيِّدُهُ أنَّ الرَّبَّ مَعَْهُ وَأنَّ كُلَّ مَا يَصْنَعُ كَانَ الرَّبُّ يُنْجِحُهُ بِيَدِهِ . فَوَجَدَ يُوسُفُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْهِ وَخَدَمَهُ . فَوَكَّلَهُ عَلَى بَيْتِهِ وَدَفَعَ إِلَى يَدِهِ كُلَّ مَا كَانَ لَهُ } ( تك 39 : 3 – 4 ) ..يُوسِف وَجَدَ نِعْمَة فِي عَيْنَيَّ فُوطِيفَار فَوَكَّلَهُ عَلَى كُلَّ بَيْتِهِ جَعَلَهُ مُدِير البِيْت .. هُوَ الَّذِي يَقُول مَا يَأكُلُون وَمَا يَشْرَبُون وَ .......... حَتَّى أنَّ فُوطِيفَار كَانَ لاَ يَعْرِف إِلاَّ مَا يَأكُل فَقْط وَكَأنَّ يُوسِف هُوَ صَاحِب البِيْت . يُوسِف كَانَ فِي ظُرُوف قَاسِية مُرَّة يَكْفِيهِ خِيَانِة إِخْوَتَهُ لَهُ بَعْد أنْ كَانَ مُدَلَّل مِنْ أبِيهِ حَتَّى أنَّ إِخْوَتَهُ حَسَدُوه لأِنَّهُ لاَ يَعْمل مِنْ شِدِّة تَدْلِيل أبِيهِ لَهُ .. وَبَعْد كُلَّ هذَا يُصْبِح عَبد .. المفرُوض أنَّهُ يَكْتَئِب .. لاَ .. لأِنَّ يُوسِف مَعَ الله فَكَانَ رَجُل نَاجِح فِي كُلَّ مَا يَعْمل .. أحْيَاناً نُرْجِع النَّجَاح إِلَى الظُرُوف .. لاَ .. النَّجَاح يَعُود لِلإِرَادة مِنْ الدَّاخِل وَلَيْسَ لِلظُرُوف الخَارِجِيَّة .. يَعُود إِلَى الأمَانة فِيمَا تَعْمل حَتَّى وَإِنْ كَانَ بَسِيط . عَامِل أمِين أفضل مِنْ مُدِير غِير أمِين .. كُنْ أمِين فِي عَطِيَّة الله مَهْمَا كَانِت بَسِيطة .. لِذلِك الوَظَائِف وَالمَرَاكِز وَالمَنَاصِب لاَ توجد سِوَى عِنْدَنَا هُنَا فَقْط بيْنَمَا فِي دِول الخَارِج الكُلَّ يَعْمل وَلاَ توجد مَنَاصِب .. يوجد العَامِل مَعَ المُدِير وَالمُدِير مَعَ العَامِل لاَ فرق بينَهُمَا المُهِمْ أنْ يَكُون أمِين فِي عَمَله .. إِذاً النَّجَاح هُوَ بِإِرَادِة الإِنْسَان وَلَيْسَ بِالظُرُوف .. عَبْد نَاجِح أفْضل مِنْ سَيِّد فَاشِل لِذلِك يُوسِف رَغم ظُرُوفه القَاسِيَّة إِلاَّ أنَّهُ كَانَ نَاجِح لأِنَّهُ كَانَ مَعَ الله وَيَعْلم أنَّ الأمر هُوَ إِرَادَتَهُ .. يَقُول بِالطَبع أنَا لَسْتُ فَرِح بِمَا أنَا فِيهِ لكِنِّى أُحَقِّق قَصْد الله . هُنَاكَ قِصَّة خَيَالِيَّة يَحْكِيهَا التَّارِيخ اليَهُودِي تَقُول أنَّ يُوسِف وَهُوَ فِي بَيْت فُوطِيفَار حَلَمَ حُلم أنَّهُ يَهْرب وَهُوَ بِالطَبع يَحْفظ بَيْت فُوطِيفَار بِكُلَّ مَدَاخِله وَمَخَارِجه فَمَرَّ عَلَى البَوَّابة الأُولَى وَالثَّانِية وَ ....... وَعِنْدَ البَاب الخَارِجِي صَاحَ كَلب فَإِسْتَيقظ كُلَّ مَنْ فِي البَيْت وَلَمْ يَسْتَطِع يُوسِف أنْ يَهْرب .. فَسَألَ يُوسِف الله قَائِلاً لَهُ لِمَاذَا أنْتَ ضِدِّي دَائِمَاً ؟ ألاَ يَسْتَطِيع مَلاَك أنْ يُلْقِي الكَلب بِسَهم لِيَقتِلَهُ ؟!! فَأرَاهُ الله مَنْظر آلاف الموتَى وَقَالَ لَهُ إِنْ لَمْ تَهْرب وَكُنْت فِي بَيْت فُوطِيفَار سَيْحيَا كُلَّ هؤلاء وَلكِنَّك لَوْ هَرْبت سَيَمُوت هؤلاء .. فَمَاذَا تَخْتَار ؟ بِالفِعل لَوْ لَمْ يُبَاع يُوسِف وَيَذْهب لِبَيْت فُوطِيفَار مَا كَانَ وُضِعَ فِي السِجن وَتَعَرَّف عَلَى رَئِيس السُّقَاة وَلَوْ لَمْ يَتَعَرَّف عَلَى رَئِيس السُّقَاة مَا عَرَفَهُ فِرعُون وَأصْبح سَيِّد كُلَّ الأرْض لِيُنْقِذُهَا مِنْ المَجَاعة . فِي بَيْت فُوطِيفَار مُجَرَّد أنْ أصْبح فِي مَكَانة مَرْمُوقة حَتَّى أتت عَلَيْهِ تَجرُبة زَوْجة فُوطِيفَار .. الله حَنُون لَمْ يُعْطِيهِ التَجَارُب مُتَتَالِية .. فَهُوَ ظَلَّ فِي تَجَارُبه مِنْ عُمْر 17 سَنْة حَتَّى 30 سَنْة وَهُوَ فِي عُمْر الثَّلاَثِين مَلَكَ عَلَى مِصْر .. فِي بَيْت فُوطِيفَار ظَلَّ حَوَالِي 6 – 7 سَنَوَات فِي مَكَانة جَيِّدة ثُمَّ تَعْرَّض لِتَجرُبَة زَوجة فُوطِيفَار وَدَخَلَ السِجن وَهُوَ فِي عُمْر 23 سَنْة . كُلَّ هذَا أجزَاء مِنْ خِطَّة تَدْبِير الله لِيُوسِف وَالجَيِّد فِي هذِهِ القِصَّة أنَّ يُوسِف عِنْدَمَا أرَادِت زَوْجِة فُوطِيفَار أنْ تَمْسِكَهُ جَعَلَهَا تَمْسِكَهُ مِنْ الثُوب فَقْط فَتَرَكَهُ لَهَا وَخَرْج .. هُنَا يُشَابِه السَيِّد المَسِيح عِنْدَمَا وُضِعَ فِي القَبر وَأرَادَ الموت أنْ يُمْسِكَهُ لكِنَّهُ لَمْ يَكُنْ مُمكِنَاً أنْ يُمْسك مِنْهُ فَخَرَجَ وَتَرَكَ الأكفات لِتَكُون بُرْهَان قِيَامَتِهِ .. زَوْجة فُوطِيفَار تُشِير لِلموت الَّذِي أرَادَ أنْ يَمْسِك يُوسِف ( المَسِيح ) لكِنَّهُ خَرَجَ مِنْهُ .. قَامَ وَتَرَكَ الثِيَاب كَمَا المَسِيح لَهُ المجد كَعَلاَمة لِلقِيَامة . ثَالِثاً : يُوسِف فِي السِجن :0 ============================== زَوْجِة فُوطِيفَار إِدَّعِت عَلَى يُوسِف وَكَذِبت وَكَانِت النَتِيجة إِنَّهُ سُجِنَ .. كَانَ يَجِب عَلَى فُوطِيفَار إِنَّهُ بَعْد أنْ أعْطَى يُوسِف كُلَّ هذِهِ الأمَانة أنْ يَتَحَقَق الأمر لكِنَّهُ لَمْ يَتَحَقَق مِنْ شِئ وَوَضَعَهُ فِي السِجن .. { وَلكِنَّ الرَّبَّ كَانَ مَعَْ يُوسُفَ وَبَسَطَ إِلْيْهِ لُطْفاً وَجَعَلَ نِعْمَةً لَهُ فِي عَيْنَيْ رَئِيسِ بَيْتِ السِّجْنِ . فَدَفَعَ رَئِيسُ بَيْتِ السِّجْنِ إِلَى يَدِ يُوسُفَ جَمِيعَ الأسْرَى الَّذِينَ فِي بَيْتِ السِّجْنِ } ( تك 39 : 21 – 22 ) .. رَئِيس بَيْت السِّجْن رَجُل عَنِيف وَقَاسِي يَعْرِف كَيْفَ يُرَوِّض المُتَمَرِدِين وَلكِنْ الله جَعَلَهُ يُبْسِط عَلَى يُوسِف لُطفاً حَتَّى أنَّهُ وَكَّلَهُ عَلَى أُمور السِّجْن . { وَكُلُّ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ هُنَاكَ كَانَ هُوَ العَامِلَ } ( تك 39 : 22 ) .. هُوَ المُدِير الَّذِي يُوَزِّع الأعْمَال .. { وَلَمْ يَكُنْ رَئِيسُ بَيْتِ السِّجْنِ يَنْظُرُ شَيئاً البَتَّةَ مِمَّا فِي يَدِهِ . لأِنَّ الرَّبَّ كَانَ مَعَهُ وَمَهْمَا صَنَعَ كَانَ الرَّبُّ يُنْجِحُهُ } ( تك 39 : 23 ) .. المفرُوض أنَّ نَفْس يُوسِف مُرَّة لأِنَّ السِّجُون فِي ذلِك الوقت كَانِت قَاسِية جِدّاً لأِنَّ هَدْف السِّجْن وَقتَهَا أنْ يُوضع الإِنْسَان فِيهِ حَتَّى يَمُوت .. أيضاً أيَّام آبَائِنَا الشُهَدَاء كَانِت السِّجُون فِي بَاطِن الأرْض حَيْثُ الرُطُوبة العَالية جِدّاً الَّتِي قَدْ تُمِيت الإِنْسَان حَتَّى أنَّ بَطْن الأرْض تُسْتَخدم كَثَلاَّجَات لِحِفظ الأشيَاء لِذلِك كَانِت السِّجُون قَاسِية لكِنْ النَّجَاح لَيْسَ بِالظُرُوف بَلْ بِالإِرَادة . يُوسِف فِي السِّجْن كَانَ يَنْتَظِر الموت .. مَتَى ؟ الله يَعْلم .. إِذاً هُوَ الآن فِي صِرَاع أجَسَاد لكِنَّهُ حَتماً سَيَموت وَرَغم ذلِك بَسَطَ الله لَهُ لُطْفَاً وَنَجَحَ هُناك حَتَّى أنَّ الآبَاء يَقُولُون { أنَّ العُبُودِيَّة قَدْ تَزَيَّنْت بِيُوسِف وَالسِّجْن صَارَ مَكْان لَذِيذ لَهُ } .. أي مَكْان تَذْهب لَهُ مَهْمَا كَانَ رَدِئ هُوَ جَيِّد بِكَ .. إِذاً أنْتَ تَصْنع المَكْان بِالرُّوح الَّذِي فِيكَ . كَانَ كُلَّ سَجِين لَدَيهِ مُشْكِلة يَعْرِضهَا عَلَى يُوسِف وَكَأنَّهُ أب إِعْتِرَاف .. رَئِيس السُّقَاة حَكَى لَهُ حِلْمه أنَّهُ سَيُقَدِّم عَصِير لِفِرعُون فَقَالَ لَهُ يُوسِف سَتَعُود لِتُقَدِّم لِفِرعُون .. { فِي ثَلثَةِ أيَّامٍ أيْضاً يَرْفَعُ فِرْعَوْنُ رَأسَكَ وَيَرُدُّكَ إِلَى مَقَامِكَ . فَتُعْطِي كَأسَ فِرْعَوْنَ فِي يَدِهِ كَالعَادَةِ الأُولَى حِينَ كُنْتَ سَاقِيَهُ . وَإِنَّمَا إِذَا ذَكَرْتَنِي عِنْدَكَ حِينَمَا يَصِيرُ لَكَ خَيْرٌ تَصْنَعُ إِلَيَّ إِحْسَاناً } ( تك 40 : 13 – 14 ) .. مَا رَمز يُوسِف لِلمَسِيح فِي هذَا الأمر ؟ يُوسِف يُشِير لِلمَسِيح الَّذِي كَانَ فِي الجَحِيم لِيَرُد الَّذِينَ مَاتُوا عَلَى رَجَاء القِيَامة .. نَزل إِلَى الجَحِيم وَكَرَزَ لَهُمْ بِالخَلاَص كَمَا كَرَزَ يُوسِف لِرَئِيس السُّقَاة بِالخَلاَص مِنْ السِّجْن . أيْضاً يُوسِف كَانَ مَعَهُ إِثنَان محكُوم عَلَيْهِمَا بِالموت أحَدُهُمَا نَجَى مِنْ الموت وَالآخر مَاتَ .. كَمَا كَانَ السَيِّد المَسِيح مَعَ لِصَان أحَدُهُمَا نَالَ المَلَكُوت وَالآخر هَلَكَ .. الإِنْجِيل مملوء أسرار فَلاَ تُضَيِّع أوقَاتك فِي أُمور العالم التَافهة . يُوسِف هُنَا وَقَعَ فِي خَطْأ كَلَّفَهُ سَنَتَان فِي تَدْبِير الله وَهُوَ أنَّهُ بَدَأَ يَمِل مِنْ السِّجْن وَالمعرُوف أنَّ السَجِين يَنْتَظِر الموت البَطِئ وَلَيْسَ لَهُ فِترة سِجن مُحَدَّدة تَنْقَضِي ثُمَّ يَخْرُج مِنْهُ أي لَيْسَ لَهُ رَجَاء فِي الحُرِّيَّة .. لكِنْ يُوسِف قَالَ لِرَئِيس السُّقَاة { وَإِنَّمَا إِذَا ذَكَرْتَنِي عِنْدَكَ حِينَمَا يَصِيرُ لَكَ خَيْرٌ تَصْنَعُ إِلَيَّ إِحْسَاناً وَتَذْكُرُنِي لِفِرْعَوْنَ وَتُخْرِجُنِي مِنْ هذَا البَيْتِ } ( تك 40 : 14 ) .. لِهذَا السَبب فَقْط تَكَلَّم يُوسِف وَقَالَ { لأِنِّي قَدْ سُرِقْتُ مِنْ أرْضِ العِبْرَانِيِّينَ . وَهُنَا أيضاً لَمْ أفْعَلْ شَيْئاً حَتَّى وَضَعُونِي فِي السِّجْنِ } ( تك 40 : 15 ) .. أي أنَّهُ قَالَ الَّذِي لَمْ يَكُنْ يُرِيد أنْ يَقُولَهُ لِيُقنِع رَئِيسَ السُّقَاة . { وَلكِنْ لَمْ يَذْكُرْ رَئِيسُ السُّقَاةِ يُوسُفَ بَلْ نَسِيَهُ } ( تك 40 : 23 ) .. مَعْقُول تَنْسَى مَنْ بَشَّرك بِالخَلاَص ؟ أحْيَاناً نَكُون كَرَئِيس السُّقَاة نَحْتَاج لِمَنْ يُبَشِّرنَا ثُمَّ نَنَسَاه .. نَحْتَاج لِيَسُوع ثُمَّ بَعْد فِترة نَنَسَاه .. لَمَّا نَسَاه رَئِيس السُّقَاة جَعَلَ الله فِرعُون يَحْلم حُلماً يَحْتَار فِي تَفْسِيره فَيَتَذَكَّر رَئِيس السُّقَاة يُوسِف .. رَئِيس السُّقَاة نَسَى يُوسِف كَي يَخْرُج مِنْ سِجْنه فِي وَقت مُعَيَّن .. رَئِيس السُّقَاة لَهُ مَرْكز مَرمُوق لأِنَّ المَلِك يَأتَمِنْه عَلَى حَيَاته وَكَانَ مُمكِنْ أنْ يَطْلُب عَنْ يُوسِف وَيُخْرِجَهُ مِنْ سِجْنه لكِنَّهُ مَاذَا كَانَ يَفْعل لَوْ خَرَجَ بِمُجَرَّد خُرُوج رَئِيس السُّقَاة مِنْ السِّجْن ؟ قَدْ كَانَ يَعْمل عَبد مَرَّة أُخْرَى أوْ قَدْ يَتوه فِي مِصْر .. لكِنْ الله جَعَلَ رَئِيس السُّقَاة يَنْسَاه كَي يُتَمِّم مَقَاصِدَهُ .. لاَ تَقُل أنَّ الله نَسَاك .. نَقُول أنَّ هذِهِ فِترة لِيُتَمِّم الله قَصْده بِخُرُوجك لِمَكَانٍ أفضل . وَيَحْلم فِرعُون حِلمه وَيُفَسِّر لَهُ يُوسِف الحُلم وَيَشْهد لَهُ فِرْعُون أنَّهُ لَيْسَ حَكِيم مِثْلَهُ وَلَيْسَ إِنْسَان بِهِ الله مِثْلَهُ وَيَذْكُر فِرْعُون الأُمَمِي الله وَيُوسِف وَهُوَ يُفَسِّر لِفِرْعُون الحُلم رَغم نَفْسِيِته المُرَّة يَذْكُر الله لِفِرْعُون خَمْس مَرَّات .. وَعِنْدَمَا فَسَّر الحُلم أتَى بِالحل مَعَهُ فَقَالَ لَهُ فِرْعُون لاَ يوجد إِنْسَان يَعْرِف مَاذَا يَفْعل إِلاَّ أنْتَ . هُناك مَنْ يُبْرِز المُشْكِلة وَلاَ يَعْرِف حَلَّهَا وَآخر يَعْرِضهَا وَيَعْرِض الحِلُول مَعَهَا .. كَانَ مُمكِنْ لِيُوسِف أنْ يَقُول لَهُ هُناك سَبْع سَنَوَات جُوع سَتَأتِي وَسَنَمُوت كُلِّنَا جُوعاً .. لكِنَّهُ حَل المُشْكِلة وَقَالَ نِجْمع فِي سَبْع سَنَوَات الشَبع مَا يَكْفِي لِسَنَوَات الجُوع . لِذلِك يُوسِف يُشِير بِقُوَّة لِلسَيِّد المَسِيح .. وَعِنْدَمَا مَلَكَ عَلَى مِصْر كَانَ يُشِير لِرِجُوع المَسِيح لِمَجده الأبَدِي وَتَحْقِيق قَصْد الله .. أيْضاً عِنْدَمَا أتَى إِخْوَتَهُ لِيَسْجُدُوا لَهُ هذَا يُشِير لِمَجِيئه الثَّانِي أنَّهُ سَيَقْبلنَا وَيُدْخِلنَا بَيْتَهُ أي المَجْد الأبَدِي وَنَعِيش مَعَهُ وَيَعِيش مَعَنَا حَتَّى نَذْهب لِكَنْعَان أي السَّمَاء .. وَبَيْته هُوَ الكِنِيسة .. وَكَان يُؤكِلَهُمْ الحِنْطة أي الجَسَد وَالدَم وَأرَادُوا أنْ يُعْطوه ثَمَنَهَا فَأعَادهُ لَهُمْ لأِنَّ الحِنْطة أي جَسَدَهُ وَدَمَهُ لاَ تُقَدَر بِثَمَنٍ . رَبِّنَا يِكَمِّل نَقَائِصنَا وَيِسنِد كُلَّ ضعف فِينَا بِنِعْمِته لَهُ المجد دَائِمَاً أبَديّاً آمِين

عفة يوسف الصديق

يَقُول الكِتاب المُقَدَّس عَنْ فُوطِيفار فِي سِفر التَكوِين 39 : 6 – 12 { فَتَرَكَ كُلَّ مَا كَانَ لَهُ فِي يَدِ يُوسُفَ . وَلَمْ يَكُنْ مَعَْهُ يَعْرِفُ شَيْئاً إِلاَّ الخُبْزَ الَّذِي يَأكُلُ . وَكَانَ يُوسُفُ حَسَنَ الصُّورَةِ وَحَسَنَ المَنْظَرِ . وَحَدَثَ بَعْدَ هذِهِ الأُمُورِ أنَّ امْرَأةَ سَيِّدِهِ رَفَعَتْ عَيْنَيْهَا إِلَى يُوسُفَ وَقَالَتِ اضْطَجِعْ مَعِي . فَأبَى وَقَالَ لاِمْرَأةِ سَيِّدِهِ هُوَذَا سَيِّدِي لاَ يَعْرِفُ مَعِي مَا فِي البَيْتِ وَكُلُّ مَا لَهُ قَدْ دَفَعَهُ إِلَى يَدِي . لَيْسَ هُوَ فِي هذَا البَيْتِ أعْظَمَ مِنِّي . وَلَمْ يُمْسِكْ عَنِّي شَيْئاً غَيْرَكِ لأِنَّكِ امْرَأتُهُ . فَكَيْفَ أصْنَعُ هذَا الشَّرَّ العَظِيمَ وَأُخْطِئُ إِلَى اللهِ . وَكَانَ إِذْ كَلَّمَتْ يُوسُفَ يَوْماً فَيَوْماً أنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ لَهَا أنْ يَضْطَجِعَ بِجَانِبِهَا لِيَكُونَ مَعَْهَا . ثُمَّ حَدَثَ نَحْوَ هذَا الوَقْتِ أنَّهُ دَخَلَ البَيْتَ لِيَعْمَلَ عَمَلَهُ وَلَمْ يَكُنْ إِنْسَان مِنْ أهْلِ البَيْتِ هُنَاكَ فِي البَيْتِ . فَأمْسَكَتْهُ بِثَوْبِهِ قَائِلَةً اضْطَجِعْ معِي . فَتَرَكَ ثَوْبَهُ فِي يَدِهَا وَهَرَبَ وَخَرَجَ إِلَى خَارِجٍ } . مَجداً لِلثَّالُوث الأقدس . نَأخُذ جَانِب وَاحِد مِنْ حَيَاة يُوسِف العَفِيف يِنَاسِبنَا كَشَباب وَهُوَ عِفَّة يُوسِف .. مَا سَبب عِفَّة يُوسِف ؟ هُنَاكَ أرْبَعة أسبَاب نأخُذَهُمْ مَنْهج لِلعِفَّة :0 1) الخَطِيَّة لَيْسَ لَهَا مَوضِع فِي قَلبه .. قبل الصِرَاع مَعَ زَوجِة فُوطِيفار وَقبل صِرَاع العِين وَ..... الخَطِيَّة لَيْسَ لَهَا مَوضِع فِي قلبه . 2) كَانَ يَشْعُر أنَّهُ أمام الله كُلَّ حِين .. لِذلِك قَالَ لَهَا كَيْفَ أصنْع هذَا الشَّر العَظِيم وَأُخْطِئ إِلَى الله ( تك 39 : 9 ) .. إِحْسَاسه إِنَّه يُخْطِئ فِي حَقَّ الله إِحْسَاس مُهِمْ لاَبُد أنْ يَكُون فِينَا . 3) مَبدأ الهُرُوب . 4) تَرْك الثُوب . أسبَاب عِفَّة يُوسِف ======================== -1- الخَطِيَّة لَيْسَ لَهَا مَوضِع فِي قَلبه =============================================== القلب .. الله موجُود فِي قلب يُوسِف .. مِيُول وَإِتِجَاهَات يُوسِف لَيْست لِلخَطِيَّة .. لَيْست شِرِّيرة حَتَّى بِدُون وُجُوده لِلإِتِحَاد بِهَا قَلْبه لَيْسَ مَعَهَا لِذلِكَ يَقُول الكِتاب { فَوْقَ كُلِّ تَحَفُّظٍ احْفَظْ قَلْبَكَ } ( أم 4 : 23 ) .. القلب هُوَ مَركز المَشَاعِر وَالوُجُود وَالحَيَاة .. فَأينَ مَشَاعِرك وَوُجُودك وَحَيَاتك ؟ إِنْسَان قَلْبه يُحِب الخَطِيَّة وَمَائِل لِلشُّرُور بِطَبعه حَتَّى إِنْ وُجِدَ وَحده وَفِي ظُرُوف لَيْسَ بِهَا عَثَرَات .. يُخْطِئ لأِنَّهُ قَدْ دَخَلْت العَثَرَات إِلَى قَلْبه وَتَدَنَّست مَشَاعِره .. أمَّا يُوسِف فَكَانَ قَلْبه مَعَ الله .. الَّذِي حَفْظ يُوسِف مِنْ زَوجة فُوطِيفار أنَّ قَلْبه مَعَ الله رَغم أنَّ الخَطِيَّة كَانِت مُلِحَّة .. فَكُون أنَّ زَوجِة فُوطِيفار تَتَوَدَّد إِليهِ فِي المَنطِق البَشَرِي يِسعِد الإِنْسَان لكِنْ يُوسِف يِصُدَّهَا حَتَّى أنَّ الكِتاب يَقُول { وَكَانَ إِذْ كَلَّمَتْ يُوسُفَ يَوْماً فَيَوْماً } ( تك 39 : 10 ) .. أي فِي كُلَّ لَحْظة تُلِح عَلْيهِ .. مُبَارك أنْتَ يَا يُوسِف فَرْغم أنَّكَ مُباع مِنْ إِخوَتك لكِنَّك لَمْ تسقُط فِي الخَطِيَّة . أوِّل مَا عَرَفنَا يُوسِف كَانَ عُمره حَوَالِي 17 سنة وَهُنَا فِي قِصَّتِهِ مَعَ زَوجة فُوطِيفار كَانْت بعد مُرُور حَوَالِي 5 – 6 سَنَوات أي كَانَ عُمره حَوَالِي 22 سنة .. سِن شَباب وَغَرِيزة وَحَالته كَانِت مُؤلِمة وَمَظلُوم مِنْ إِخوَته وَفِي ظُرُوف عُبُودِيَّة لكِنَّهُ لَمْ يَخْضع لأِنَّ قَلْبه كَانَ مَعَ الله .. قَدْ تَزِل الخَطِيَّة إِنْسَان أوْ تِهِينه لكِنْ هُنَا الخَطِيَّة قَدْ تَرْفع يُوسِف كَمَا كَانَ يِخَطَّط الشَّيطَان وَإِنْ سَألنَا يُقال لَنَا سِر مَعَ الَّذِي يَرْفعك وَلاَ تَسِر مَعَ الَّذِي يَنْزِلُ بِكَ . أحد الآباء يُقَارِن بينَ دَاوُد النَّبِي وَيُوسِف فَيَقُول .. دَاوُد النَّبِي كَانَ لَهُ عَشرة زَوْجات وَخَطَّط لِلخَطِيَّة بينَمَا يُوسِف كَانَ مُباع مِنْ إِخوَتَهُ وَالخَطِيَّة تَلِح عَلْيهِ لكِنَّهُ نَجَا مِنْهَا .. القِدِيس يُوحَنَّا ذَهَبِيَّ الفَمْ يَقُول { إِنَّ نَجَاة الثَّلاَثة فِتية مِنْ الأتون أسهل مِنْ نَجَاة يُوسِف مِنْ هذِهِ الخَطِيَّة } .. وَالكِتاب هُنَا يَقُول عَنْ يُوسِف أنَّهُ { وَكَانَ يُوسُفُ حَسَنَ الصُّورَةِ وَحَسَنَ المَنْظَرِ } ( تك 39 : 6 ) .. " حَسَنَ الصُّورَةِ " أي حَسَن بِحَسب الدَّاخِل .. " وَحَسَنَ المَنْظَرِ " أي بِحَسب الشكل الخَارِجِي أي أنَّهُ كَانَ جَمِيل المنظر يُشبِه لأِمه رَاحِيل .. الأهمْ أنَّهُ حَسَن الصُّورة حَسَن دَاخِلِيَّاً .. لَيْسَ المُهِمْ هُوَ الخَارِج بَلْ قَلْبك هَلْ هُوَ جَمِيل وَحَسَن فِي عَيْنَيَّ الله ؟ لِذلِك يُوسِف مَشَاعرة لَيْست مُلَوَّثة وَلَمْ يُخَطِّط لِلخَطِيَّة . لِذلِك أيضاً يَسْألنَا الكَاهِنْ فِي القُدَّاس { أينَ هِيَ قُلُوبَكُمْ } نُجِيبه { هِيَ عِنْد الرَّبَّ } ( مَا يُقال بعد صَلاَة الصُلح فِي القُدَّاس البَاسِيلِي ) .. وَدَاوُد النَّبِي يَقُول { وَحِّدْ قَلْبِي لِخَوْفِ اسْمِكَ } ( مز 86 : 11 ) .. رَكِّز كُلَّ مَشَاعرك وَتَصَوُّرَاتك مَعَ الله .. لِذلِك قَالَ الكِتاب { وَرَأى الرَّبُّ أنَّ شَرَّ الإِنْسَانِ قَدْ كَثُرَ فِي الأرْضِ . وَأنَّ كُلَّ تَصَوُّرِ أفْكَارِ قَلْبِهِ إِنَّمَا هُوَ شِرِّيرٌ كُلَّ يَوْمٍ } ( تك 6 : 5 ) .. إِنْ كَانَ قَلْبِكَ مَيَّال لِلشَّر سُقُوطك سَهْل لكِنْ لَوْ حَفَظَ الإِنْسَان نَفْسه فِي مَرْحَلِة القَلْب فَهذَا مُهِمْ جِدّاً . يَقُول الآباء أنَّ العِفَّة لَيْسَ أسَاسهَا الزَوَاج لأِنَّ دَاوُد عِنْدَمَا سَقَطَ فِي الخَطِيَّة كَانَ مُتَزَوِج .. قَدْ يَكُون إِنْسَان مُتَزَوِج وَلَيْسَ عَفِيف وَقَدْ يَكُون إِنْسَان غِير مُتَزَوِج وَعَفِيف .. الإِنْسَان الشَّهوَانِي يَظِل حَيَاته كُلَّهَا غِير عَفِيف حَتَّى وَإِنْ تَزَوَّج يَكُون زَوَاجة غِير عَفِيف .. رَبِّي نَفْسك عَلَى العِفَّة وَأنْتَ شَاب لِتَظِل عَفِيف فِي زَوَاجك .. الزَوَاج المَسِيحِي إِمتِدَاد لِلعِفَّة وَلَيْسَ نِهَاية لَهَا لِذلِك دَرِّب نَفْسك عَلَى العِفَّة . يُوسِف كَانَ مَشغُول بِالله رَغم ظُرُوفه القَاسِية فَإِخوَته تَآمَرُوا عَلْيهِ وَوَضَعوه فِي جُبّ ثُمَّ بَاعوه .. تَخَيَّل وَلد مُدَلَّل يَسِير فِي مَوكِب عَبِيد وَيُباع فِي بَلَدٍ غَرِيبة وَلاَ يَعْرِف مَصِيره فِي الحَيَاة .. لِذلِك لاَ تُعْطِي نَفْسك أعذار لِلخَطِيَّة وَتَقُول لأِنِّي لاَ أعمل أوْ لاَ أستَطِيع المُذَاكرة .. لاَ .. رَغمْ ظُرُوف يُوسِف إِلاَّ أنَّهُ كَانَ رَجُل نَاجِح فِي بيت فُوطِيفار وَمَعَ إِخوَته وَفِي السِجن أقَاموهُ عَلَى السِجن وَفِي بيت فُوطِيفار كَانَ عَلَى كُلَّ شِئ .. جَيِّد أنْ تَفهم هذَا المَبدأ لِتُقَاوِم الخَطِيَّة .. عِش بِقَلْب مُتَحِد بِالله . رَغمْ كُلَّ الصُعُوبات كَانَ يُوسِف نَاجِح فِي كُلَّ الأُمور وَلَمْ يَنْسَى الله أبَداً .. حَتَّى أنَّهُ عِنْدَمَا فَسَّر حِلم فِرعُون ذَكر الله خَمْس مَرَّات .. مَا الَّذِي جَعَلَهُ يَذكُر الله لإِنْسَان لاَ يَعْرِف الله ؟ لأِنَّهُ مَشغُول بِالله .. وَتَزَوَّج يُوسِف بِأُمَمِيَّة إِسمَهَا أسْنَاتَ ( تك 41 : 45 ) وَلَمْ يَنْسَى الله بَلْ سَمَّى أولاده " مَنَسَّى " أى " الله إِفتَقَدنِي فِي غُربِتِي " .. وَ" أفْرَايِمْ " أي " الله مَتَّعَنِي بِالثمر فِي أرْضٍ غَرِيبة " .. كَانَ مُمكِنْ يَسِير عَلَى نَهج المَصرِيين وَيُسَمِّي أسماء مَصْرِيَّة لكِنَّهُ سَمَّى أولاده بِأسماء عِبرَانِيَّة وَلَمْ يترُك الله رَغمْ كُلَّ ظُرُوفه .. حَتَّى فِي السِجن وَفِي بيت فُوطِيفار يَذكُر الله .. هذَا سِر عِفِته لَمْ يَأتِي مِنْ فَرَاغ . يُوسِف إِستخِدم مَعَ هذِهِ المَرأة سِلاَحان لَعَلَّهَا تَسْتَيقِظ سِلاَح العَقل وَسِلاَح الضَمِير .. قَالَ لَهَا { هُوَذَا سَيِّدِي لاَ يَعْرِفُ مَعِي مَا فِي البَيْتِ } أي إِنْتَبِهِي زَوجُكِ أمَّنَنِي عَلَى بَيْتِهِ كُلَّه وَجَعَلَنِي أكبر إِنْسَان فِي البيت وَلَمْ يُمْسِك عَنِّي شِئ سِوَاكِ لأِنَّكِ إِمْرَأتَهُ .. كَيْفَ أخُونه وَأخُون أمَانته ؟ هذَا سِلاَح العقل .. لكِنَّهَا لَمْ تَسْتَيقِظ .. وَلَمَّا وَجَدَهَا لاَ تُصْغِي لَهُ أمسك لَهَا بِسِلاَح الضَمِير فَقَالَ لَهَا { كَيْفَ أصْنَعُ هذَا الشَّرَّ العَظِيمَ وَأُخْطِئُ إِلَى اللهِ } ( تك 39 : 9 ) .. وَلَمْ تُصْغِ لَهُ أيضاً . وَلَمْ تحدُث الخَطِيَّة فِي هذِهِ اللحظة وَلكِنْ بعد فِترة دَخَلَ يُوسِف البيت لِيَعْمل عَمَله بِأمَانة وَلَمْ يُدْرِك أنَّهَا قَدْ رَتَّبت لِلخَطِيَّة وَأخلت البيت مِنْ كُلَّ مَنْ فِيهِ لكِنْ يُوسِف رَفَضَ الخَطِيَّة أيضاً .. هُناك إِنْسَان يَأتِي بِالعقل وَآخر يَأتِي بِالضَمِير وَآخر لاَ يَسْتَيقِظ بِأي سِلاَح .. أنْتَ أي نُوع مِنْهُمْ ؟ مُبارك هُوَ الإِنْسَان الَّذِي يَسمع نِداء النِّعمة وَيَتَجَاوب مَعَهُ . فِي أحد المرَّات غَضَبَ دَاوُد عَلَى إِنْسَان إِسمه نَابَال لأِنَّهُ لَمْ يُعْطِ دَاوُد وَرِجَاله أُجرة فَقَالَ دَاوُد سَأبِيده وَلَنْ أترُك لَهُ بَائِل بِحَائِط وَبينَمَا هُوَ ذَاهِب لِنَابَال بِغَضَبه جَاءتهُ أبِيجَايِل زَوجة نَابَال وَقَالت لَهُ كَيْفَ تَصْنع هذِهِ الحَمَاقة ( 1صم 25 : 25 ) .. فَعَادَ عَنْ غَضَبِهِ وَقَالَ لَهَا مُبَارَكة أنْتِ وَلَمْ يَفْعل الشَّر .. دَاوُد إِستَجابَ لِسِلاَح العقل وَالضَمِير . سِر عِفَّة يُوسِف أنَّ قَلْبه مَعَ الله .. هَلْ تُرِيد أنْ تَقتَنِي العِفَّة ؟ العِفَّة لاَ تَأتِي مِنْ النِهَاية بَلْ مِنْ البِدَاية وَهيَ هَلْ قَلْبك مشغُول بِالله ؟ هَلْ تُحِب تردِيد آية أوْ لَحنْ أوْ........ ؟ -2- كَانَ يَشْعُر أنَّهُ أمام الله فِي كُلَّ حِين =============================================== عِنْدَمَا أسقُط فِي الخَطِيَّة لَنْ أُخْطِئ فِي حَقَّك أنْتَ بَلْ فِي حَقٌّ الله .. { كُلُّ مَنْ يَفْعَلُ الخَطِيَّةَ يَفْعَلُ التَّعَدِّيَ أيضاً } ( 1يو 3 : 4 ) .. دَاوُد النَّبِي أدرك ذلِك فَقَالَ { لَكَ وَحدك أخطأت } ( مز 50 ) .. لَمْ أُخْطِئ فِي حَقٌّ أورِيَّا أوْ زَوجته بَثشبع بَلْ أخْطَأتُ فِي حَقٌّ الله . الإِنْسَان الموجُود فِي حَضرِة الله لَوْ أخْطأ يَشعُر أنَّهُ أخْطأ فِي حَضرِة الله وَفِي حَقِّهِ .. الإِبن قَدْ لاَ يُخْطِئ أمام أبِيهِ وَلَوْ بِكَلِمة لكِنَّهُ قَدْ يَقُولهَا فِي عدم وُجُوده .. هكَذَا وُجُود الله يِنَظَّم حَيَاتك .. جَيِّد الإِنْسَان الَّذِي يَشْعُر دَائِماً أنَّهُ فِي حَضرِة الله .. عِنْدَمَا أرَادت إِمْرَأة خَاطِئة أنْ تُغوِي أحد القِدِّيسِين بِالخَطِيَّة أتَى بِهَا إِلَى سوق المَدِينة وَسَألهَا أنْ تَفْعل مَعَهُ الخَطِيَّة فَقَالت لَهُ كَيْفَ تَفْعلهَا وَسَط النَّاس ؟ فَقَالَ لَهَا وَكَيْفَ أُخْطِئ فِي وُجُود الله وَالله حَاضِر فِي كُلَّ مَكَان وَكُلَّ وَقت ؟ .. { جَعْلت الرَّبُّ أمَامِي فِي كُلَّ حِين } ( مز 15 – مِنْ مَزَامِير النُّوم ) .. قُلْ دَائِماً يَارْبَّ يَسُوع إِحْفظنِي .. يَارْبَّ يَسُوع إِرْحمنِي .. يَارْبَّ يَسُوع...... إِشغِل نَفْسك بِكَلِمَات تَجْعلك دَائِماً فِي حَضرِة الله وَهُوَ يَحْفظك مِنْ الذلل .. لِذلِك إِحْفظ قَلْبك وَيَقُول الكِتاب { مَنْ أحَبَّ طَهَارَةَ القَلْبِ فَلِنِعْمَةِ شَفَتَيْهِ يَكُونُ المَلِكُ صَدِيقَهُ } ( أم 22 : 11 ) . -3- مَبْدأ الهُرُوب ===================== مَبْدأ مُهِمْ وَخَاصَةً لِلشَّبَاب { اهْرُب لِحَيَاتِكَ ......... وَلاَ تَقِفْ فِي كُلِّ الدَّائِرَةِ } ( تك 19 : 17 ) .. إِهرب مِنْ أصْدِقاء مُعْثِرِين .. مِنْ مَجَال خَطِيَّة .. مِنْ ...... إِحْذر أنْ تَتَخَيَّل أنَّكَ قَوِي وَقَادِر .. لاَ .. { فَتَرَكَ ثَوْبَهُ فِي يَدِهَا وَهَرَبَ وَخَرَجَ إِلَى خَارِجٍ } ( تك 39 : 12 ) .. هَرْب . هَلْ تَعْرِف كَيْفَ تَعِيش مَبْدأ الهُرُوب ؟ مُجرَّد أنْ تَقع عَيْنيكَ عَلَى منظر غِير لاَئِق حَوِّلهَا .. مُجرَّد أنْ تَمُر عَلَى عَقْلك فِكرة رَدِيئة إِهرب مِنْهَا .. نَتَعَجب عِنْدَمَا نَرَى شَاب وَاقِف أمام منظر غِير لاَئِق وَمُستَمِر أمامه .. هذَا الأمر يَدْخُل فِكره وَيُلَوِّث مَشَاعره وَجَسَده وَيَثُور عَلْيه مرَّات وَمرَّات وَيَحْتاج لِجِهَاد طَوِيل لِيَتَخَلَّص مِنْهُ .. هَلْ رَأيت إِنْسَان يَقِف أمام سَارِقه وَيَفْتح لَهُ كُنُوزة وَيَترُكَهُ يَسْرِقُهَا ؟ هذَا هُوَ مَنْ يُعَرِّض نَفْسه لِلخَطِيَّة وَيَقِف أمَامهَا وَلاَ يَهرب . الله قَالَ لِلُوط إِهرب مِنْ الدَّائِرة .. وَبُولِس الرَّسُول يَقُول لِتِيمُوثَاوُس رَغم أنَّهُ كَانَ أُسقُف { أمَّا الشَّهَوَاتُ الشَّبَابِيَّةُ فَاهْرُبْ مِنْهَا } ( 2تي 2 : 22 ) .. نَقُولُ لَهُ تِيمُوثَاوُس أُسقُف !! يَقُول بُولِس .. نعم .. لكِنَّهُ لاَبُد أنْ يَعِيش مَبْدأ الهُرُوب لِيَنْجو مِنْ الخَطِيَّة .. إِهْرب مِنْ الكَلِمة وَالنظرة وَالإِنْفِعَال .. إِهْرب وَلاَ تَقِف وَتَقُول أنَا قَادِر وَأعْرِف كَيْفَ لاَ أسقُط . الآباء يَقُولُون { أنْتَ لَسْتَ أبَرَّ مِنْ دَاوُد وَلاَ أحكم مِنْ سُلَيمان } .. دَاوُد رَغمْ بِرَّه صَعَدَ عَلَى السَطح وَسَقَطَ فِي الخَطِيَّة .. وَسُلْيمان رَغمْ حِكمَتِهِ تَزَوَّج بِأُمَمِيات أملنَ قَلْبَهُ عَنْ الله .. لاَ تَترُك نَفْسك لِفِكرة أوْ مَنْظر أوْ صَدَاقة أوْ .. إِهْرب .. الله أسَّس مَبْدأ الهُرُوب وَوَجَدْناه نَفْسه يَهْرب مِنْ هِيرُودِس وَكَثِيراً مَا نَقرأ عِبَارِة { أمَّا يَسُوعُ فَاخْتَفَى ........ مُجْتَازاً فِي وَسَطِهِمْ } ( يو 8 : 59 ) .. وَدَاوُد يَقُول { إِلَى أنْ يَعْبُر الإِثم } ( مز 56 – مِنْ مَزَامِير السَّادِسة ) .. أي العدو يُوَّجِه ضَرَبَات صَعْبة إِهْرب مِنْهَا . فِي سَاحِة قِتال إِنْ وَجَدنَا سَاتِر يَقِفُونَ خَلْفَهُ أوْ خَنَادِق هَلْ نَقُول أنَّهُمْ جُبَنَاء ؟ .. لاَ .. هذِهِ حِكمِة الحرب أنْ تَحْمِي مَنْ فِيهَا .. يُوسِف هَرب رَغمْ أنَّهُ يَعْرِف هُرُوبه يِكَلِّفه وَطَهَارَتَهُ تُكَلِّفه أكثر لكِنَّهُ هَرْب وَفَضَّل الطَّهَارة . -4- تَرْك الثُوب ===================== إِذَا كَانَ الثُوب هُوَ الشِئ الَّذِي يَجْذِبنِي لِلسُقُوط سَأترُكه لَكَ .. لَوْ أخْسر شِئ مِنْ أجل إِقِتِنَاء مَا هُوَ أغْلَى سَأُعَرِّض نَفْسِي لِلُخسَارة الأقل مُقَابِل إِقِتناء الأفضل .. يُوسِف حَسَبهَا وَوَجد الأفضل تَرْك الثُوب .. { هُوَّذَا الثُوب خُذِيه } ( مِنْ قَصَائِد قَدَاسِة البَابَا شِنُوده الثَّالِث ) .. سَاعِدهَا بِجَسَده لِيَترُك لَهَا الثُوب .. مَبْدأ .. أنْ تَخْسر شِئ مِنْ أجل الطَّهَارة .. مَاذَا أخْسر ؟ أي شِئ مُقَابِل الطَّهَارة وَلَوْ صَدِيق أخْسره إِنْ كَانَ سَيفقِدنِي الطَّهَارة .. لاَ تَجْعل الثُوب أعز عِنْدك مِنْ الطَّهَارة .. قَدْ تَصِل بِكَ الدَرَجة لِشِئ أغْلَى مِنْ ذلِك .. قَدْ يَكُون العَمْل وَسِيلة لِلسُقُوط أقُول لَكَ أُترُكه حَتَّى وَإِنْ كُنْت لاَ تَجِد غَيْره أفضل لَكَ أنْ تَكُون بِلاَ عَمْل مِنْ أنْ تَكُون بِلاَ طَهَارة .. أُترُك الأمر الَّذِي يَربُطك بِهِ العدو .. لاَ يوجد عِنْدك أعز مِنْ طَهَارتك حَتَّى وَإِنْ كَانَ مَنْصِب أوْ مَال أوْ صَدِيق أوْ وَسِيلة إِشبَاع أوْ تَسَالِي .. الَّذِي يَضْع هذَا المَبْدأ أمَامه طَهَارته غَالية وَلاَ نَجِد عِنْده تَفَاوُض أوْ أنْصَاف حُلُول لأِنَّ عِنْده مَبْدأ .. كَانَ مُمكِنْ أنْ يَقُول يُوسِف نِجَارِي هذِهِ المرأة لِنَكسب رِضَاهَا فَهيَ زَوجة سَيِّدِي .. لاَ .. لكِنَّهُ لَمْ يَقُل ذلِك .. وَقَدْ نَقُول لِمَاذَا يَا الله كُلَّ هذِهِ الضُغُوط ؟ يَقُول لِتَذكِيِتك .. هُوْ يُرِيد أنْ يُعْطِيك إِكْلِيل .. فَقْد كَانَ لاَبُد أنْ توجد زَوجة فُوطِيفار لِتَأخُذ الإِكْلِيل .. إِنْسَان يَقُول آه لَوْ يِنْزع الله غَرَائِزِي .. نَقُول لَهُ مِنْ تَدبِير الله وُجُودهَا لِتَتَذَكَّى . مِنْ تَدَابِير الله العالية وُجُود زَوجة فُوطِيفار لِتَتَذَكَّى عِفَّة يُوسِف وَلِيَكُون لَنَا مِثْال .. " وُضِعَ لأِجل تَذكِيرنَا " .. كَي يَكُون لَنَا نَمُوذج وَلِتَكُون هذِهِ المرأة جُزء مِنْ خِطَّة الله كَي يُسْجن يُوسِف .. وَيُسْجن لِيُقَابِل رَئِيس السُّقَاة وَرَئِيس الخَبَّازِين لِيَعْرَفُوا أنَّهُ يَعْرِف تَفْسِير الأحلام .. وَلِيُقَابِل فِرعُون عَنْ طَرِيق رَئِيس السُّقَاة وَيُحَقِّق هَدَفه مِنْ قِصِّته وَهُوَ أنْ يَكُون مُخَلِّص لِمِصْر وَيَأتِي بِعَائِلته لِمِصْر لِيَضَعَهُمْ فِي أرْض وَحدَهُمْ وَهيَ أرْض جَاسَان وَيُكْثِرُوا وَيَزدَادُوا حَتَّى يَسْتَطِيعُوا أنْ يَخرُجُوا مِنْ مِصْر لِيذهَبُوا لأِرْض كَنْعَان .. زَوجة فُوطِيفار جُزء مِنْ خِطَّة كَبِيرة وَضَعْهَا الله . كُنْ أمِين فِي كُلَّ خَطوة مَهمَا كَانِت نَتَائِجهَا حَتَّى وَإِنْ كُنْت فِي نَظر العالم خَاسِر لكِنَّك فِي النِهَاية سَتربح .. سَتخرُج مِنْ هذَا العالم لِتَدخُل كَنْعَان السَّمَاوِيَّة . رَبِّنَا يِسنِد كُلَّ ضَعْف فِينَا بِنِعْمِته لَهُ المجد دَائِماً أبَدِيّاً آمِين

مراحل الجهاد الروحى من خلال سفر راعوث

يَحكِي سِفر رَاعُوث قِصَّة أُسرة كَانِتْ تَعِيش فِي مَدِينة حَدَثت بِهَا مَجَاعة فَذَهَبت الأُسرة لِمَدِينة أُخرَى تُدعَى مُوآب .. هذِهِ الأُسرة مُكَوَّنة مِنْ زُوج يُدعَى ألِيمَالِك وَزُوجة تُدعَى نُعْمِي وَوَلَدَان .. وَتَزَوَّج الوَلَدَان مِنْ أُمَمِيَتَان رغم أنَّ الوَصِيَّة كَانِت تمنع الزَوَاج مِنْ أُمَمِيَات .. مَاتَ ألِيمَالِك وَوَلَدَاه وَبَقِيت نُعْمِي وَكِنَتيهَا .. فَقَالت نُعْمِي لِكِنَتيهَا عُودَا لِبيتِ أبِيكُمَا وَلتحيَا كُلٍّ مِنْكُمَا حَيَاتَهَا .. وَافقت وَاحِدة وَعَادت لِبيتِ أبِيهَا .. أمَّا الثَّانِية وَهيَ رَاعُوث فَإِلتَصَقت بِحَمَاتِهَا وَعَادت مَعَهَا لِمَدِينتهَا .. وَلَمْ يَكُنْ مَنْ يَعُولَهُمَا . فَذَهَبت الكِنَّة لِلعمل فِي حَقْلٍ بِكُلَّ إِجتِهَاد وَأمَانة وَعِنْدَمَا عَمَلت بِالحَقل بِهذِهِ الأمَانة رَآهَا صَاحِب الحَقل فَسَألَ عَنْهَا لأِنَّهَا غَرِيبة فَقَالُوا لَهُ هِيَ فَتاة قَرِيبة لِنُعْمِي .. زَوجِة إِبنَهَا .. فَتَقَابل مَعَهَا وَمَدَحَهَا وَكَافَأهَا وَطَمأنَهَا وَهذِهِ أوِّل مرحلة فِي الجِهَاد الرُّوحِي جِهَاد الحُب .. أمَّا المرحلة الثَّانِية فَقَدْ قَالَ لَهَا بُوعز صَاحِب الحقل سَأجعَلِك تَعمَلِين لَيْسَ فِي الحقل فقط بَلْ مَعَ الجَمَاعة الَّذِينَ يجمعُون الحِزم وَالحِزم هِيَ رُبَط مِنْ الشَعِير المحصُود .. المرحلة الثَّالِثة حيثُ تَعَرَّفت رَاعُوث عَلَى بُوعز صَاحِب الحقل أنَّهُ قَرِيب لَهَا وَثَانِي وَلِي لَهَا أي ثَانِي شخص يَحِق لَهُ الزَوَاج مِنْهَا لِذلِك تَعَرَّفت عَلْيهِ فِي مَكَان مُنْعَزِل ( البيدر أي مَكَان فصل الحُبُوب ) .. قَدْ تَتَعَرَّف عَلِيه فِي مَكَان مُنْعَزِل كَالبيدر وَقَدْ تدخُل لَهُ مخدَعه .. أمَّا المرحلةالرَّابِعة فَهيَ الزَوَاج وَالوِحدة حيثُ تَزَوَّجت رَاعُوث مِنْ بُوعز وَأنجَبَا عُوبِيد أبو يَسَّى أبو دَاوُد .. إِذاً جَاءَ مِنْ نسلِهَا المَسِيح . مَرَاحِل الجِهَاد الرُّوحِي المرحلة الأُولَى : مرحَلِة الجِهَاد فِي الحَقْل :0 =================================================== { وَكَانَ لِنُعْمِي ذُو قَرَابَةٍ لِرَجُلِهَا جَبَّارُ بأسٍ مِنْ عَشِيرَةِ ألِيمَالِكَ اسمُهُ بُوعَزُ } ( را 2 : 1 ) .. عِنْدَمَا تُرِيد أنْ تَتَعَرَّف عَلَى شخص فِي دِرَاستك لِلكِتاب وَتَتَعرَّف عَلَى رَمزه إِعرَفه مِنْ أوِّل صِفة تُقَال عَنْهُ .. هُنَا قَالَ أنَّهُ رَجُل جَبَّار بَأسٍ وَمَنْ هُوَ جَبَّار البأس إِلاَّ يَسُوع .. إِذاً بُوعز يرمُز لِلمَسِيح .. { فَقَالَتْ رَاعُوث المُوآبِيَّةُ لِنُعْمِي دَعِينِي أذْهَبْ إِلَى الحَقْلِ وَألتَقِطْ سَنَابِل وَرَاءَ مَنْ أجِدُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيهِ . فَقَالَتْ لَهَا اذْهَبِي يَا بنتِي . فَذَهَبتْ وَجَاءَتْ وَالتَقَطَتْ فِي الحَقْلِ وَرَاءَ الحَصَّادِينَ } ( را 2 : 2 – 3 ) .. الله مِنْ لُطفه وَحَنَانه جَعَلَ الفُقَراء وَالغُرَباء وَالأرَامِل يلتَقِطُونَ وَرَاءَ الحَصَّادِين وَلاَ يأخُذُونَ صَدَقة مِنْ أحد .. وَكَأنَّهُمْ يَأكُلُونَ مِنْ عَرق جَبِينَهُمْ وَمِنْ يد الله نَفْسه وَلَيْسَ يد إِنْسَان .. لِذلِك كَانَ يَأمُر الحَصَّادِين أنْ لاَ يلتَقِطُوا مَا يسقُط مِنْهُمْ بَلْ يترُكوه لِلفُقَراء وَالأرَامِل وَ ...... لِيلتَقِطوه . { فَقَالَ بُوعز لِغُلاَمِهِ المُوَكَّلِ عَلَى الحَصَّادِينَ لِمَنْ هذِهِ الفَتَاةُ } ( را 2 : 5 ) .. بُوعز لَفَتِت رَاعُوث نَظَره وَهي تلتَقِط فِي حَقْلِهِ .. فَمَاذَا جَذَبَهُ بِهَا ؟ جَذَبَهُ جِهَادهَا وَأمَانِتهَا .. { فَأجَابَ الغُلاَمُ المُوَكَّلُ عَلَى الحَصَّادِينَ وَقَالَ هِيَ فَتَاةٌ مُوآبِيَّةٌ قَدْ رَجَعَتْ مَعَْ نُعْمِي مِنْ بِلاَدِ مُوآبَ وَقَالَتْ دَعُونِي ألتَقِطْ وَأجْمَعْ بينَ الحزَمِ وَرَاءَ الحَصَّادِينَ . فَجَاءَتْ وَمَكَُثَتْ مِنَ الصَّبَاحِ إِلَى الآنَ . قَلِيلاً مَا لَبِثَتْ فِي البيتِ } ( را 2 : 6 – 7 ) .. أوِّل مرحلة هِيَ مرحَلِة جِهَاد الحَقْل .. وَالحَقْل هُوَ العالم .. الحَقْل هُوَ الكِنِيسة .. الله صَاحِب الحَقْل عِينه عَلَى جِهَاد كُلَّ وَاحِد مِنّا وَعَلَى ثَمَرِة جِهَادنَا .. جِهَادنَا يَلفِت نَظَره فَيسأل .. لِمَنْ هذِهِ الفَتَاة ؟ مَنْ هذِهِ النَّفْس المُجَاهِدة ؟ بُوعز سَمَعَ عَنْ رَاعُوث كَلاَم رَائِع قِيلَ لَهُ أنَّهَا فِي الجِهَاد مُنْذُ الصَباح وَإِلَى الآن .. قَلِيلاً مَا لَبِثت فِي البيت .. تِجَاهِد مُنْذُ الصَباح وَإِلَى الآن .. الله يُحِب النَّفْس المُجَاهدة . أكِيد رَاعُوث تَعِبت اليَوْم كُلَّه وَأكِيد تَعَرَّضت لِمُضَايَقَات مِنْ بعض الحَصَّادِين .. لكِنْ مَاذَا فَعَلْت ؟ عِلاَج الضِيقَات هُوَ الثَبَات .. نَحْنُ كَثِيراً مَا نَتَعرَّض فِي جِهَادنَا لِفترَات مَلل وَمُفَارقة نِعمة وَعدم إِثمار وَجَفَاف .. يَا ليتنَا نثبُت .. يَا ليتَ يُقَال عَنَّا أنَّنَا نُجَاهِد مِنْ الصَباح إِلَى المَساء وَقَلِيلاً مَا نلبث فِي البِيت .. رَائِعة الآية الَّتِي تَقُول { يَا ذَاكِرِي الرَّبِّ لاَ تَسْكُتُوا وَلاَ تَدَعُوهُ يَسْكُتُ } ( أش 62 : 6 – 7 ) . المُكَافَأة الأُولَى لِلنَّفْس المُجَاهدة أنْ تَتَعَرَّف عَلَى المَسِيح .. عِنْدَمَا يَرَى أمَانِة جِهَادهَا يَقُول لَهَا كَمَا قَالَ بُوعز لِرَاعُوث { ألاَ تَسْمَعِينَ يَا بِنْتِي . لاَ تَذْهَبِي لِتَلْتَقِطِي فِي حَقْلِ آخَرَ وَأيضاً لاَ تَبْرَحِي مِنْ ههُنَا بَلْ هُنَا لاَزِمِي فَتَيَاتِي } ( را 2 : 8 ) .. وَكَأنَّ الله عِنْدَمَا يَرَى أمَانِى جِهَاد النَّفْس فِي حَقْل الجِهَاد الرُّوحِي يَقُول لَهَا أرْجُوكِ لاَ تَتعَبِي فِي حَقْلٍ آخر غِير حَقْلِي وَلاَ تلتَقِطِي مِنْ حَقْلٍ آخر .. أرْجُوكِ أُمْكُثِي مَعِي فِي حَقْلِي وَلاَ تَكُونِي كُلَّ سَاعة فِي حَالة مُختَلِفة .. إِثبَتِي مَعِي .. لاَ تسْمعِي عَنْ حَقْلٍ آخر يَجْذِبِك فَتَذهَبِين لِتلتَقِطِي فِيهِ . { بَلْ هُنَا لاَزِمِي فَتَيَاتِي } .. مَنْ هُمْ فِتيان الله ؟ هُمْ قِدِيسِيه .. الله يرجُوك أنْ تمكُث مَعَهُ وَتُلاَزِم قِدِيسِيه فِي كَنِيسَتَهُ ( حَقْلَهُ ) وَقِس جِهَادك عَلَى جِهَادهُمْ .. مَا أجمل النَّفْس الَّتِي تُلاَزِم فِتيانه .. مَا أجمل النَّفْس الَّتِي تَعِيش مَعِيَّة الله وَقِدِيسِيه وَكَمَا يَقُول بُولِس الرَّسُول { فَلَسْتُمْ إِذاً بَعْدُ غُرَبَاءَ وَنُزُلاً بَلْ رَعِيَّةٌ مَعَ القِدِّيسِينَ وَأهْلِ بَيْتِ اللهِ } ( أف 2 : 19 ) . { عَيْنَاكِ عَلَى الحَقْلِ الَّذِي يَحْصُدُونَ وَاذْهَبِي وَرَاءَهُمْ } ( را 2 : 9 ) .. لَنْ أسْمح لَكِ أنْ تَلْتَقِطِي كَأحد الفُقَرَاء أوْ الغُرَبَاء بَلْ سَأُقِيمِك عَلَى الحَقْل كَمسئُولة .. يَا الله أنْتَ تَتَوَدَّد لِي وَتَقُول لِي إِلزِمِي حَقْلِي وَلاَزِمِي فِتيَانِي وَعَيْنَاكِ عَلَى حَقْلِي ؟!! هذِهِ نِعَمْ أنَا لاَ أسْتَحِقَهَا .. الله لَنْ يَجعَلَنِي فقط أكُون فِي حَقْلِهِ بَلْ أكُون خَادِم فِيهِ .. يَا لِغِنَى مَحَبَّتِكَ وَلُطفك يَا إِلهِي . { ألَمْ أُوصِ الغِلْمَانَ أنْ لاَ يَمُسُّوكِ } ( را 2 : 9 ) .. الله يَقُول سَأجعل قِدِيسِيَّ يُسَاعِدُونِك وَيُلاَزِمُوكِ .. { وَإِذَا عَطِشْتِ فَاذْهَبِي إِلَى الآنِيَةِ وَاشْرَبِي مِمَّا اسْتَقَاهُ الغِلْمَانُ } ( را 2 : 9 ) .. " الآنِيَة " هِيَ " أوَانِي الرُّوح " .. الله يَقُول لِلنَّفْس المُجَاهدة إِشْرَبِي مِنْ مَاء الرُّوح فِي حَقْلِي .. نَفْس المَاء الَّذِي تشرَبِينَ مِنْهُ يَشْرب مِنْهُ فِتيَانِي .. نَفْس يَنَابِيع الرُّوح الَّتِي نَرْتَوِي مِنْهَا هِيَ الَّتِي إِرْتَوَى مِنْهَا القِدِيسِين .. نَفْس الإِنْجِيل وَنَفْس القُدَّاس وَنَفْس الأسرار وَ ........ الله يَقُول لِي إِشْرب مِنْ نَفْس الينبُوع الَّذِي شَرْب مِنْهُ القِدِيسِين .. يَا إِلهِي أنَا لاَ أسْتَحِق كُلَّ هذِهِ العَطَايَا .. فَمَاذَا تَكُون إِجَابَتِي ؟ يَجِب أنْ تَكُون كَإِجَابِة رَاعُوث عَلَى بُوعز { فَسَقَطَتْ عَلَى وَجْهِهَا وَسَجَدَتْ إِلَى الأرْضِ وَقَالَتْ لَه ُكَيْفَ وَجَدْتُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ حَتَّى تَنْظُرُ إِلَيَّ وَأنَا غَرِيبةٌ } ( را 2 : 10 ) ..أُسجُد لَهُ وَاشْكُره . أوِّل مَرْحَلة فِي الجِهَاد الرُّوحِي هِيَ جِهَاد الحَقْل .. إِتعب وَاثبت فَيبدأ رُوح الله يَعْمل دَاخِلْك وَكُلَّ جِهَاد لَهُ مُكَافَأة عَلَى قَدرِهِ .. رَاعُوث لَمْ تنظُر لِطَبِيعِتهَا كُونهَا إِمرَأة أوْ لِقَسْوِة شَمس الحَقْل أي شَمس التَجَارُب بَلْ نَظَرت كَيْفَ تجمع .. رَاعُوث تَخَلَّصت مِنْ رُوح التدلِيل .. نَحْنُ أيضاً لاَبُد أنْ نَتَخَلَّص مِنْ رُوح التدلِيل لِذلِك يَقُول الكِتاب { كُونُوا رِجَالاً } ( 1صم 4 : 9 ) .. التدلِيل يُفسِد النَّفْس .. رَاعُوث وَإِنْ كَانِت فَتَاة إِلاَّ إِنَّهَا تُحْسب كَرَجُلٍ فِي جِدِيِتهَا . رَاعُوث قَالَت لِبُوعز { كَيْفَ وَجَدْتُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ حَتَّى تَنْظُرُ إِلَيَّ وَأنَا غَرِيبةٌ} .. لكِنْ بُوعز قَالَ لَهَا أنَا أعرَفِك .. كَيْفَ عَرَفتَهَا يَا بُوعز ؟ يَقُول { إِنَّنِي قَدْ أُخْبِرْتُ بِكُلِّ مَا فَعَلْتِ } ( را 2 : 11 ) .. بُوعز أخبَرَهُ غُلْمَانه عَمَّا فَعَلت رَاعُوث مِنْ مَعرُوف بِحَمَاتهَا .. قَدْ نَتَخَيَّل أنَّ الله لاَ يَعرِفَنَا لكِنَّهُ يَقُول لَنَا " إِنِّي أُخبِرتُ بِكُلَّ مَا فَعَلْت " .. تُرَى بِمَاذَا أُخبِرَ عَنِّي ؟ أُخبِرَ بِتقصِيرِي أم تدلِيلِي ؟ أم أُخبِرَ عَنْ صَلَوَاتِي وَجِهَادِي ؟ المُوَظف لَهُ تقرِير سِرِّي مِنْ رَئِيسه .. هكَذَا نَحْنُ أيضاً الله يَعرِف عَنَّا كُلَّ شيء وَمَا أجمل الإِنْسَان الَّذِي يَشهد لَهُ ضَمِيره وَقِدِيسِين الله وَمَلاَئِكَته بِأمَانَتَهُ . قَالَ لَهَا بُوعز { لِيُكَافِئ الرَّبُّ عَمَلَكِ وَلِيَكُنْ أجْرُكِ كَامِلاً } ( را 2 : 12 ) .. مُكَافَأة رَائِعة .. عِنْدَمَا يُخبر عَمَّا فَعَلَت يُكَافِئَنِي بِأجرٍ كَامِل .. فَرِحت رَاعُوث بِمَا قَالهُ لَهَا بُوعز .. وَقَالَ لَهَا { عِنْدَ وَقْتِ الأكْلِ تَقَدَّمِي إِلَى ههُنَا وَكُلِي مِنَ الخُبْزِ وَاغْمِسِي لُقْمَتَكِ فِي الخَلِّ . فَجَلَسَتْ بِجَانِبِ الحَصَّادِينَ فَنَاوَلَهَا فَرِيكاً فَأكَلَتْ وَشَبِعَتْ وَفَضَلَ عَنْهَا } ( را 2 : 14 ) .. كَأنَّ الله يَهتَمْ بِالنَّفْس المُجَاهدة وَيُغَذِّيهَا بِنَفْسه مِنْ يَده فَتأكُل وَتَشبع وَيَفضل عَنْهَا . { ثُمَّ قَامَتْ لِتَلْتَقِطَ } ( را 2 : 15 ) .. أجمل مَا فِي رَاعُوث جِهَادهَا .. كَانَ مُمكِنْ رَاعُوث تَقُول فِي نَفْسِهَا قَدْ عَرَفنِي بُوعز وَمَدَحنِي يَكفِينِي ذلِك وَلَنْ ألتَقِط بعد بَلْ أستَرِيح .. وَتَتَرَاخَى .. لكِنْ رَاعُوث مُجَاهدة أمِينة أخَذت مُكَافَأة دَفَعَتهَا لِمَزِيد مِنَ الجِهَاد .. كَثِيراً مَا نُجَاهِد وَنَأخُذ مُكَافَأت وَلكِنْ تَكُون النَتِيجة لِذلِك أنَّنَا نَتَرَاخَى وَنُضَيِّع كُلَّ مَا فَعلنَاه وَجَاهِدنَا فِيهِ .. لاَ .. إِثبت فِي جِهادك لِتَنَال مُكَافَأة أكبر وَهيَ أنْ تَتَحِد بِهِ . فِي سِفر العدد توجد شَرِيعة تُسَمَّى شَرِيعة نَذِير الرَّبَّ وَهيَ أنْ يَنْذِر إِنْسَان نَفْسه فِترة مُعَيَّنة .. هذِهِ الشَرِيعة لَهَا شُرُوط وَهيَ أنْ لاَ يَشْرب خمر وَلاَ يَقُص شَعره وَلاَ يَمِس مَيِّت .. ثَلاَثة شُرُوط إِنْ أخطأ فِي وَاحِدة مِنْهَا قبل تَمَام فِترة النذر يُعِيد النذر مِنْ جَدِيد .. أي لَوْ نَذَر سَنْة وَأخَطأ فِي إِحدى الشُرُوط قبل تَمَام السَنْة يَعِيد السَنْة كُلَّهَا مِنْ جَدِيد .. نَحْنُ أحياناً نَفرح بِتَعْزِية فَنُهمِل بعدهَا جِهَادنَا .. لاَ .. يَجِب أنْ نثبُت وَنَستَمِر .. " ثُمَّ قَامَتْ لِتَلْتَقِطَ " .. مُوَاصَلة لِلجِهَاد بعد التعزِيَات وَعِنْدَمَا قَامت لِتَلتَقِط دَخَلْت المرحلة الثَّانِية لِلجِهِاد الرُّوحِي . المرحلة الثَّانِية : الجِهَاد بينَ الحِزَم :0 =========================================== { دَعُوهَا تَلْتَقِطْ بَيْنَ الحُزَمِ } ( را 2 : 15 ) .. رَاعُوث كَانِت تَلْتَقِط فِي الحَقْل .. الآن إِنتَقَلِت لِتَلْتَقِط بينَ الحِزَم .. وَالحِزَم أي مجموعات مِنْ الزرع مُتَجَمِعه مَعَ بعضَهَا .. هكَذَا ينقِلنَا الله مِنْ مَرحَلِة الجِهَاد فِي الحَقْل إِلَى الجِهَاد بينَ الحِزَم عِنْدَمَا يَرَى أمَانِتنَا فِي الجِهَاد .. ينقِلنَا لِدَرَجة أكبر .. يُعْطِينَا جِهَاد أكبر .. أنَا كُنْت أمِين فِي القَلِيل فَيُقِيمَنِي عَلَى الكَثِير كَمَا يَقُول الكِتاب ( مت 25 : 23 ) .. إِنْ كُنْت أمِين فِي تدرِيب رُوحِي أعْطَاهُ لِي أب الإِعتِرَاف أوْ فِي إِنْجِيلِي أوْ ..... آخُذ مُكَافَأة وَينقِلنِي إِلَى مَرحلة أكبر .. ينقِلنِي مِنْ مَجدٍ إِلَى مَجدٍ يِرَقِينِي تَرقِية أعَلَى .. لكِنْ لِلأسف نَحْنُ نَتَوَقف عِنْدَ حَد المُكَافَأة .. لاَ .. لاَ تَتَوَقف .. أُدخُل إِلَى مَرحَلِة الجَمع بينَ الحِزَم .. مَرحَلِة فِيض البَرَكَات وَالصَلَوَات الَّتِي بِلاَ مَلَلٍ وَالأصوَام الَّتِي بِلاَ تَعَب .. مَرحَلِة البَرَكَات المُضَاعَفة وَالجِهَاد المُفرِح . المَرحَلة الأُولَى جِهَاد بِهِ ألم .. أمَّا المَرحَلة الثَّانِية فَهِيَ جِهَاد مُسْتعذب لأِنَّ النَّفْس تَذُوق غَمرِة صَلاَح الله وَسَخَائه وَعَمَله مَعَهَا .. مَا لَمْ تَكُنْ قَدْ تَذَوَقتَهُ مِنْ قَبْل تَتَذَوَقَهُ فِي هذِهِ المَرحَلة .. { وَأنْسِلُوا أيضاً لَهَا مِنَ الشَّمَائِلِ وَدَعُوهَا تَلْتَقِطْ وَلاَ تَنْتَهِرُوهَا } ( را 2 : 16 ) .. نَحْنُ محفُوظِين فِي الله .. لاَ يَقتَرِب مِنَّا مَنْ يُضَايِقنَا هُوَ يَأمُر لاَ تَنْتَهِرُوهَا . أمَّا رَاعُوث { فَالْتَقَطَتْ فِي الحَقْلِ إِلَى المَسَاءِ } ( را 2 : 17 ) .. رَاعُوث أمِينة لِلنَهَاية .. عِنْدَمَا جَمَعْت بينَ الحِزَم جَمَعْت أكثر .. كَانَ مُمكِنْ تِجمع القَلِيل ثُمَّ تَتَرَاخَى .. لكِنْ لاَ .. الجِهَاد يُعْطِي لَذَّة فَنُجَاهِد لِلمَسَاء أي إِلَى نِهَايِة العُمر .. لِذلِك نُصَلِّي فِي المَسَاء صَلاَة الغُرُوب لِنَتَذَكَّر نِهَايِة العُمر .. أيضاً نُصَلِّي أُوشِية الرَاقِدِين فِي العَشِيَّة .. " إِلَى المَسَاءِ " أي إِلَى آخر لحظة فِي حَيَاتهَا .. عِنْدَمَا يِرَقِيك الله لِمَرحَلة أكبر لاَ تكتَفِي بَلْ زِد جِهَادك لأِنَّكَ كُلَّمَا زِدت فِي جِهَادك تَأخُذ لذَّة أكبر وَتَفرح أكثر فَتُجَاهِد أكثر .. جِهَاد لَذِيذ وَمُفرِح .. لاَ يوجد إِنْسَان يُصَلِّي وَيَفرح وَيَقُول كَفَى .. لاَ .. الجِهَاد لَيْسَ فِيهِ إِكتِفاء . الكِمِيَّة الَّتِي إِلتَقَطِتِهَا رَاعُوث كَانِت كَثِيرة جِدّاً لَمْ تَستَطِع أنْ تَحمِلهَا .. فَمَاذَا فَعَلِت ؟ .. { فَخَبَطَتْهُ } .. " خَبَطَتْهُ " أي " فَرَزَتهُ " .. لاَ يُمْكِنْ لإِنْسَان يَجمع وَرَاء الحَصَّادِين صَدَقة وَيَجمع هذِهِ الكِمِيَّة .. لكِنْ رَاعُوث أمِينة فَإِلتَقَطَتْ بينَ الحِزَم هذِهِ الكِمِيَّة الكَبِيرة حَتَّى المَسَاء .. جِهَاد حَتَّى المَسَاء .. أخَذِت مَا جَمَعِتْ وَذَهَبت إِلَى حَمَاتهَا نُعْمِي فَسَألتهَا نُعْمِي { أيْنَ الْتَقَطْتِ اليَوْمَ وَأيْنَ اشْتَغَلْتِ } ( را 2 : 19 ) .. سؤال جَمِيل .. نَسَأله لإِنْفُسَنَا .. أيْنَ جَاهدت اليَوْم وَمَاذَا جَمَعت ؟ مَاذَا حَصَّلت اليْوَم ؟ مَاذَا جَمَعْت مِنْ أعمال رُوحِيَّة ؟ كَمْ وَكَيْفَ شَبَعْت وَأخَذت ؟ فِي أي حَقْلٍ عَملت وَمَاذَا جَمَعْت ؟ مَا الَّذِي دَخَلَ عَقلِي وَقلبِي وَحَوَاسِي ؟ سؤال مُهِمْ لأِنَّ النَتِيجة لِرَاعُوث كَانِت مُفرِحة فَهَلْ هِيَ مُفرِحة لَكَ أيضاً ؟ قَالَت لَهَا نُعْمِي { لِيَكُنْ النَّاظِرُ إِلَيْكِ مُبَارَكاً } ( را 2 : 19 ) .. كَانَ مَظهر رَاعُوث مُفرِح .. هكَذَا الإِنْسَان المُجَاهِد بِهِ إِشعَاع مُفرِح . فَقَالَت رَاعُوث { فَأخْبَرَتْ حَمَاتَهَا بِالَّذِي اشْتَغَلَتْ مَعَُهُ وَقَالَتِ اسْمُ الرَّجُلِ الَّذِي اشْتَغَلْتُ مَعَْهُ اليْوَمَ بُوعَزُ . فَقَالَتْ نُعْمِي لِكَنَّتِهَا مُبَارَكٌ هُوَ مِنَ الرَّبِّ لأِنَّهُ لَمْ يَتْرُكِ المَعْرُوفَ مَعَ الأحْيَاءِ وَالمَوْتَى . ثُمَّ قَالَتْ لَهَا نُعْمِي الرَّجُلُ ذُو قَرَابَةٍ لَنَا . هُوَ ثَانِي وَلِيِّنَا } ( را 2 : 19 – 20 ) .. بَدَأت نُعْمِي تِعَرَّف رَاعُوث مَنْ هُوَ بُوعز وَهُنَا دَخَلِت رَاعُوث فِي المَرحَلة الثَّالِثة مِنْ الجِهَاد مَرحَلِة مَعرِفة بُوعز . المَرحَلة الثَّالِثة : التَعَرُّف عَلَى بُوعز :0 ============================================ حَتَّى الآن بُوعز فِي نَظر رَاعُوث رَجُل طَيِّب وَحَنُون فَتح لَهَا حَقْلَهُ وَأشبعهَا لكِنْ نُعْمِي قَالَتْ لَهَا لَيْسَ هُوَ رَجُل طَيِّب فقط بَلْ هُوَ ثَانِي وَلِيِّنَا .. هذِهِ هِيَ مَرحَلِة تَعَرُّف رَاعُوث عَلَى بُوعز .. { فَلاَزَمَتْ فَتَيَاتِ بُوعَزَ فِي الاِلْتِقَاطِ حَتَّى انْتَهَى حَصَادُ الشَّعِيرِ } ( را 2 : 23 ) . مَادَامَ العُمر موجُود وَيوجد نَفْس فِي الإِنْسَان .. الأسرار مُتَاحة وَالإِنْجِيل مَفتُوح فَلاَ تَتَكَاسل بَلْ قُمْ وَجَاهِد أكثر وَالتَقِط .. هَلْ الله يُعْطِيك كُلَّ هذِهِ البَرَكَات وَلاَ تَلتَقِط ؟ .. لاَ .. إِلتَقِط حَتَّى نِهَايِة فِترِة الحَصَاد . المَرحَلة الرَّابِعة : الإِتِحَاد بِهِ :0 =================================== مَرحَلِة الحِنْطة .. إِنتَهَى الحَصَاد وَبعد الحَصَاد يدخُل الزرع إِلَى البيدر لِفصل الحُبُوب .. { فَنَزَلَتْ إِلَى البَيْدَرِ وَعَمِلَتْ حَسَبَ كُلِّ مَا أمَرَتْهَا بِهِ حَمَاتُهَا } ( را 3 : 6 ) .. بِمَاذَا أمَرِتْهَا ؟ .. قَالَتْ لَهَا حَمَاتهَا كِي تُقَابِلِي بُوعز فِي مخدَعِهِ لاَبُد أنْ { اغْتَسِلِي وَتَدَهَّنِي وَالْبَسِي ثِيَابَكِ } ( را 3 : 3 ) : اغْتَسِلِي أي المَعمُودِيَّة .. وَفِي حَيَاتنَا اليومِيَّة معمودِيتنَا هِيَ التوبة اليومِيَّة . تَدَهَّنِي أي الميرُون .. وَفِي حَيَاتنَا اليومِيَّة سُكنَى الرُّوح القُدُس . الْبَسِي ثِيَابَكِ تِلقَائِي الثِياب هِيَ ثَمر الرُّوح .. أي تظهر عَلينَا أعمال رُوح الله . هَلْ تُرِيدِينَ أنْ تَدخُلِي لِلمَلِك المَسِيح .. مَارِسِي هذِهِ الثَّلاَثة .. إِغتَسِلِي .. تَدَهَّنِي .. إِلْبِسِي ثِيَابِك .. ثُمَّ أُدْخُلِي إِلَى مخدعه سِرَّاً .. هكَذَا قَالَتْ نُعْمِي لِرَاعُوث .. مَاذَا تَفعل فِي مَخدَعه ؟ .. { فَدَخَلَتْ سِرَّاً وَكَشَفَتْ نَاحِيَةَ رِجْلَيْهِ } ( را 3 : 7 ) .. النَّفْس الَّتِي تَتَقَابل مَعَ المَسِيح لاَ تَسْتَطِيع أنْ تَتَطَلَّع إِلَى بِهَاءه كَامِلاً فَيَكشِف لَهَا جُزء فقط .. فَمَا الجُزء الَّذِي يَكشِفه لَهَا ؟ يَكشِف رِجْليهِ وَكَأنَّ النَّفْس لاَ تَسْتَطِيع أنْ تَتَطَلَّع إِلَى وَجهِهِِ .. عَلَى قدر مَا تَسْتَطِيع يَكشِف لَهَا .. يَكشِف رِجْليهِ .. كَيْفَ دَخَلِت رَاعُوث لِمخدع بُوعز ؟ دَخَلِت سِرَّاً . { فَقَالَ مَنْ أنْتِ . فَقَالَتْ أنَا رَاعُوثُ أمَتُكَ . فَابْسُِطْ ذَيْلَ ثَوْبِكَ عَلَى أمَتِكَ لأِنَّكَ وَلِيٌّ } ( را 3 : 9 ) .. وَكَأنَّ النَّفْس تَقُول لله أنَا مِلك لَكَ فَإِبسِط ذَيْلَ ثَوْبِكَ عَلَيَّ وَاستُرنِي لأِنَّكَ وَلِيٌّ .. الكِنِيسة تَقُول لَهُ أنْتَ وَلِيٌّ إِرْتَبِط بِي لأِنِّي غَرِيبة وَابسِط ذَيْلَ ثَوْبِكَ عَلَيَّ .. إِنِّي أطلُب مِنْ الله أنْ يَتَحِد بِي .. { فَقَالَ إِنَّكِ مُبَارَكَةٌ مِنَ الرَّبِّ يَا بِنْتِي لأِنَّكِ قَدْ أحْسَنْتِ مَعْرُوفَكِ فِي الأخِيرِ أكْثَرَ مِنَ الأوَّلِ } ( را 3 : 10 ) .. أنَا سَعِيد بِكِ .. كَانَ مُمكِنْ لَكِ أنْ تُخَطِئِ السُلُوك وَلاَ تَتعَبِي لكِنَّك جَاهَدتِ بِأمَانة .. { إِذْ لَمْ تَسْعَيْ وَرَاءَ الشُّبَّانِ فُقَرَاءَ كَانُوا أوْ أغْنِيَاءَ . وَالآنَ يَا بِنْتِي لاَ تَخَافِي } ( را 3 : 10 ) .. كَلِمة رَائِعة " لاَ تَخَافِي " .. إِسمعهَا مِنْ الله فِي كُلَّ مَرحَلة تشعُر فِيهَا بِخوف .. { كُلُّ مَا تَقُولِينَ أفْعَلُ لَكِ } ( را 3 : 11 ) .. فِي البِدَاية كَانَ جِهَادِك لِتلتَقِطِي مِنْ محصُول بُوعز .. الآن عَينِك عَلَى بُوعز نَفْسه .. الآن يَا إِلهِي أطلُبك أنْتَ وَحدك .. قَالَ لَهَا بُوعز { لأِنَّ جَمِيعَ أبوابِ شَعْبِي تَعْلَمُ أنَّكِ امْرَأةٌ فَاضِلَةٌ } ( را 3 : 11 ) . قَالَ لَهَا .. أنَا ثَانِي وَلِي لَكِ وَلَيْسَ الأوَّل .. إِنْ رَفَضَ الأوَّل الإِرتِبَاطُ بِكِ سَأرتَبِطُ بِكِ أنَا .. الكِتاب يَقُول أنَّ بُوعز إِرْتَبَطَ بِهَا .. { فَأخَذَ بُوعَزُ رَاعُوثَ امْرَأةً وَدَخَلَ عَلَيْهَا فَأعْطَاهَا الرَّبُّ حَبَلاً فَوَلَدَتِ ابْناً } ( را 4 : 13 ) .. هذِهِ آخِر مَرحَلة .. مَرحَلِة { أنَا لِحَبِيبِي وَحَبِيبِي لِي } ( نش 6 : 3 ) .. مَرحَلِة الوِحدة وَالثمر .. لاَ أطلُب شِعِير بَلْ أطلُبك أنْتَ .. جَمِيلة النَّفْس الَّتِي تَتَلذَّذ بِالله فَلاَ تطلُب شِئ غيره .. إِنْ كَانَ يوجد شِعِير أنَا لاَ أطلُبه .. وَإِنْ كُنْت فِي الحَقْل إِلَى المَسَاء لَنْ أتَرَاخَى حَتَّى أدخُل إِليهِ مَخدعه .. أنَا أُرِيد أنْ أدخُل لِخَفَاءك وَتَبسِط ذَيْلُكَ عَلَيَّ .. مَرحَلِة جِهَاد لَيْسَ لأِجل تعزِية أوْ شَبع ذَاتِي أوْ سُرُور بَلْ مِنْ أجله هُوَ . إِسْأل نَفْسك فِي أي مَرحَلة أنْتَ ؟ فِي مَرحَلِة الحَقْل ؟ كُلِّنَا فِي مَرحَلِة الحَقْل لكِنْ هَلْ جِهَادك يِلفِت نَظر الله ؟ أنَا فِي الحَقْل جِئت ألتَقِط كَصَدَقة أم أتَعَامل مَعْك بِتَكَبُّر ؟ تَخَيَّل أنَّكَ شَحَّاذ وَتَتَكبَّر وَتَتَرَاخَى وَتَقُول أنَا أُصَلِّي وَلاَ أشعُر بِشِئ لأِنَّ الله لَيْسَ إِله لَطِيف وَحَنُون .. لاَ .. يَكفِي أنَّهُ يُعْطِيك نِعمة .. يَكفِي أنَّ الله سَمَحَ لَكَ بِالجِهَاد فِي حَقْله . توجد نِفُوس كَثِيرة لاَ تُعْجب بِالجِهَاد .. يَكفِينَا أنَّهُ يترُكنَا نُجَاهِد فِي حَقْله .. هُوَ يَقُول لَكَ تَعَالَ .. أنَا أُخبِرتُ بِكُلِّ مَا فَعْلت .. إِنْ كَانَ جِهَادك جَيِّد سَيَقُول لَكَ لاَزِم فِتيانِي وَحَقْلِي وَاشرب مِنْ ينبُوعِي .. فَأُسجُد لَهُ فَيُدخِلك فِي مَرحَلِة الحِزم وَعِنْدَمَا يَجِدك أمِين فِي جِهَادك يُدخِلك لِلبيدر فَكَلِّمه بِإِتِضاع وَقُلْ لَهُ إِبسِط ذَيْلُكَ عَلَيَّ .. أُطلُب الإِرْتِباط بِهِ هُوَ وَحدَهُ وَادخُل مَخدعه فَتَكُون النَتِيجة ثَمر المَسِيح . رَبِّنَا يِسنِد كُلَّ ضعف فِينَا بِنِعمِته لَهُ المجد دَائِماً أبَدِيّاً آمِين

بسوع محور الكتاب المقدس

[ فتِشُوا الكُتُب لأِنَّكُمْ تظِنُّون أنَّ لَكُمْ فِيها حيوةً أبديَّةً0 وَهِي الَّتِي تشهُد لِي ] ( يو 5 : 39 ) عِندما تقابل السيِّد المسِيح مَعَْ تلمِيذىّ عمواس قَالَ لهُما [ أيُّها الغبيان وَالبطِيئا القلُوب فِي الإِيمان بِجمِيع ما تكلَّم بِهِ الأنبياءُ0أمَا كَانَ ينبغِي أنَّ المسِيح يتألَّمُ بِهذا وَيدخُل إِلَى مجدِهِ ثُمَّ ابتدأ مِنْ مُوسى وَمِنْ جمِيع الأنبياء يُفسِّرُ لَهُما الأُمُور المُختصَّةَ بِهِ فِي جمِيع الكُتُب ] ( لو 24 : 25 – 27 )0 المسِيح مِحور الكِتاب بِعهديهِ00قِيل أنَّهُ لَوْ أردت أنْ تعرِف الإِبن ستجِده فِى العهد الجدِيد فقط لكِنَّنا نقُول لَهُمْ وَسنجِده أيضاً فِى العهد القدِيم00وَنتعرَّف عَلَى الإِبن فِى العهد القدِيم مِنْ خِلال : 1- المسِيح لَهُ ظُهورات حقِيقيَّة فِى العهد القدِيم 2- المسِيح لَهُ نُبُّوات فِى العهد القدِيم عَنْ كُلّ تفاصِيل حياته 3- المسِيح لَهُ مرموزات ترمُز إِليهِ فِى كُلّ تفاصِيل حياته مِثل المَنَ وَخرُوف الفِصح وَ هذِهِ ثلاث محاوِر مُهِمّة فِى الكِتاب المُقدَّس عَنْ المسِيح00أخطر شئ يجعلنا لاَ نستوعِب الثَّالُوث أنَّنا نشعُر أنَّ الإِبن إِبتدأ بِالتجسُّد نقُولَ لاَ هُوَ كَانَ موجُود فِى حضنِهِ الأبوىّ وَلَهُ صِفة أزليِّة الآب لِذلِكَ أعلن عَنْ وجوده فِى العهد القدِيم -1- ظُهورات حقِيقيَّة لِلمسِيح فِى العهد القدِيم : =========================================================== إِنجِيل يُوحنا يقُول [ الله لَمْ يرهُ أحد قطُّ الاِبنُ الوحِيدُ الَّذِي هُوَ فِي حِضنِ الآبِ هُوَ خبَّرَ ] ( يو 1 : 18 ) ظُهورات الله فِى العهد القدِيم كانت لِلإِبن فَنرى : 1 / ظُهوره لأبِينا إِبراهِيم فنجِد فِى سِفر التكوِين 18 [ ظهر لَهُ الرَّبُّ عِند بلُّوطات ممرا ] ( تك 18 : 1 ) وَمعرُوف فِى العهد القدِيم أنَّهُ قَالَ [ الإِنسانَ لاَ يرانِي وَيعِيشُ ] ( خر 33 : 20 ) فكيف ظهر لإِبراهِيم ؟ الإِبن هُوَ الَّذِى ظهر وَرآه إِبراهِيم وَكلّمهُ هذا تمهِيد لِلتجسُّد يُرِيد أنْ يقُول غير المُحوى وَغير المفحُوص وَغير المرئِى صار مرئِى حَتَّى لَمَّا يتجسَّد يكُون تجسُّدهُ أمر مُصدَّق لأِنَّهُ ظهر قبل ذلِكَ لإِبراهِيم [ فرفع عينيهِ وَنظر وَإِذا ثلثةُ رِجالٍ واقِفُون لديهِ0 فلمَّا نظر ركض لاِستقبالِهِمْ مِنْ بابِ الخيمة وَسجد إِلَى الأرضِ ] ( تك 18 : 2 ) كَانَ يُعلِن وَيُمّهِد الأذهان وَالقلُوب أنَّهُ سيتجسَّد وَأنَّهُ لَمَّا يأتِى سيسكُن فِى وسطكُم فَلاَ تتعجبُّوا لكِنَّهُمْ لَمْ يُصّدِقوه وَإِلَى الآنَ لاَ يُصّدِقُون تجسُّدِهِ رغم أنَّهُ مهد لَهُمْ مِنْ بِدايِة الخلِيقة 2 / ظُهوره لأبِينا لوط ظهر لَهُ اللهُ الإِبن وَقَالَ لَهُ [ أُهرُب لِحياتك لاَ تنظُر إِلَى ورائكَ ] ( تك 19 : 17 ) 3 / ظهر لِهاجِر وَكلَّمها عِندما هربت مِنْ وجه سارة جاءها ملاك الرَّبِّ عَلَى عين ماء فِى البرَّيَّة وَقَالَ لها إِرجعِى إِلَى مولاتِك 4 / ظهر لأبِينا يعقُوب عِندما تصارع يعقُوب مَعَْ رجُل حَتَّى طلُوع الفجر فَمَنْ كَانَ ذلِكَ الرجُل ؟ كَانَ هُوَ الله الإِبن كَانَ مِنْ ضِمن إِعلانات التجسُّد أيضاً وَيعقُوب فِى طرِيقه إِلَى لابان خاله رأى سُلَّم مرفُوع إِلَى السَّماء قَالَ عنْهُ الكِتاب [ وَهُوذا الرَّبُّ واقِف عليها فَقَالَ أنا الرَّبُّ إِلهُ إِبرهِيم أبِيك وَإِلهُ إِسحق ] ( تك 28 : 13 )00كيف يراه يعقُوب وَهُوَ الَّذِى لاَ يراهُ أحد ؟ الله يُعِد أنفُسنا لِنقبل حقِيقة التجسُّد فيقُول أنا ظهرت لإِبراهِيم وَيعقُوب وَ أنا أعِدَّكُمْ لِلرِسالة إِنِّى سآتِى بِرِسالة الآب هُوَ خبَّرنا عَنْ الآب 5 / ظهر لِمُوسى النبِى ظهر لَهُ الله مَنَ ؟ أُقنُوم الإِبن [ وَظهر لَهُ ملاكُ الرَّبِّ بِلهِيبِ نارٍ مِنْ وسط عُلَّيقةٍ ] ( خر 3 : 2 ) ثُمَّ نقرأ فِى سِفر الخرُوج مرَّات كثِيرة [ وَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسى ] مَنَ هُوَ الرَّبَّ ؟ الإِبن الَّذِى يصنع مشيئة الآب مُنذُ الأزل [ أتى وَحلَّ فِى الحشاء البتولِى غير الدنِس ، ولدتهُ وَهِي عذراء وَبتوليتِها مختُومة ] ( قِسمِة عِيد المِيلاد ) فِى مِلء الزمان كلِمة " أرسل " أى كَانَ مُنذُ الأزل ثُمَّ جاء وقت الإِرساليَّة أى التجسُّد 6 / ظهر لِيشُوع بن نون قَالَ لَهُ الرَّبُّ [ انظُر قَدْ دفعتُ بِيَدِكَ أرِيحا وَمَلِكها جبابِرةَ البأسِ ] ( يش 6 : 2 )0 7 / ظهر لِجدعُون عِندما طلب جدعُون مِنْ الله أنْ يجعل الأرض جافَّة وَالجزَّة رطِبة ففعل لَهُ الله طلبه ثُمَّ طلب ثانِى يوم العكس الأرض رطِبة وَالجزَّة جافَّة فَقَالَ لَهُ الرَّبَّ سأدفعُ المديانيين لِيَدِكَ 8 / ظهر لِمنُوح وَزوجتهُ والِدىَّ شمشُون ظهر لِصَمُوئِيل وَقَالَ لَهُ سأصنع أمر كُلّ مَنْ يسمع بِهِ تطِنُّ أُذُناه ظهر لِكثِيرين أُقنُوم الإِبن كُلّ ظُهورات الله فِى العهد القدِيم كانت لِلإِبن [ الاِبنُ الوحِيدُ الَّذِي هُوَ فِي حِضنِ الآبِ هُوَ خبَّرَ ] ( يو 1 : 18 )00كُلّ رسائِل الله كانت لِلشَّعْب مِنْ خِلال الإِبن لأِنَّهُ صانِع مشيئة الآب لأِنَّ إِرادتهُ هِى إِرادة الآب لأِنَّهُ وَالآب واحِد لِذلِكَ عِندما يظهر فِى الجسد لاَ تتعجبُّوا لأِنَّهُ ظهر لِيعقُوب فوق السُلّم وَجاء فِى زِيارة كملاك لإِبراهِيم وَكرجُل محسُوس لِيعقُوب وَضربهُ فِى حُق فخذِهِ وَكأنَّ الله قَدْ أعطاهُ علامة عَنْ وجوده فِى جسدِهِ فجعلهُ يعرُج باقِى عُمره -2- نبُّوات العهد القدِيم عَنْ المسِيح : =============================================== 1 / مُنذُ سقُوط آدم وَقَالَ لَهُ الله هذِهِ النبُّوة [ هُوَ يسحقُ رأسكِ وَأنت تسحقِين عقبهُ ] ( تك 3 : 15 ) مَنَ هُوَ ؟ نسل المرأة مُنذُ السقُوط أخذنا الوعد بِنسل المرأة أى إِنسان إِذاً الله تجسَّد ليس إِنسان عادِى بَلْ مُرسل مِنْ السَّماء نسل مرأة المرأة سبب الغواية مِنْ نسلها يأتِى الخلاص00كما أغويتِ يا حيَّة المرأة سأجعل نسلها يسحقُكِ إِذاً يُمّهِد مُنذُ السقُوط أنَّ مِنْ نسل المرأة يسحقُ رأس الحيَّة سِتَّة آلاف سنة بين هذِهِ النبُّوة وَالتجسُّد سيأتِى يوم مِنْ الأيَّام وَالمرأة سبب الغواية ستكُون سبب الخلاص وَقَدْ كَانَ فِى العذراء 2 / قَالَ الله لإِبراهِيم [ فَأجعلك أُمَّةً عظِيمةً وَأُبارِكُكَ وَأُعظِّمُ اسمك وَتكُونُ بركةً وَأُبارِكُ مُبارِكِيك وَ لاَعِنُكَ ألعنُهُ وَتتباركُ فِيكَ جمِيعُ قبائِلِ الأرضِ ] ( تك 12 : 2 – 3 ) جاء المسِيح مِنْ نسل يهُوذا يعقُوب وَهُوَ يُبارِك أولاده قَالَ بِالرُّوح لِيهُوذا إِبنه [ لاَ يزُولُ قضِيبٌ مِنْ يهُوذا وَمُشترِع مِنْ بين رِجليهِ حَتَّى يأتِي شِيلُونُ وَلَهُ يكُونُ خُضُوعُ شُعُوبٍ ] ( تك 49 : 10 ) مَنَ هُوَ ؟ المسِيح سيكُون لَهُ خُضُوع الشَّعُوب وَهُوَ مِنْ نسل يهُوذا رغم ذلِكَ عِندما يسمع العالم عَنْ التجسُّد يستهزِئون كيف وَهُوَ مهَّد الأذهان 3 / المسِيح نسل داوُد00تقُول النبُّوة [ وَيخرُجُ قضِيبٌ مِنْ جِذعِ يَسَّى وَينبُتُ غُصنٌ مِنْ أُصُولِهِ ] ( أش 11 : 1 ) مَنَ هُوَ يَسَّى ؟ يَسَّى هُوَ أبو داوُد يخرُج قضِيب مِنْ جِذع يَسَّى النسل مِنْ يهُوذا وَمِنْ إِبراهِيم وَيتبارك فِيهِ جمِيع قبائِل الأرض وَسيأتِى مِنْ نسل داوُد لأِنَّهُ يُدعى إِبن داوُد 4 / لِذلِكَ المسِيح هُوَ حجر زاوية الكِتاب [ الحجرُ الَّذِي رفضهُ البنَّاؤُونَ هُوَ قَدْ صَارَ رأسَ الزَّاوِيةِ ] ( مر 12 : 10 ) عِندما كانُوا يبنُون قدِيماً شكل نِصف دائِرة لَمْ يكُن لديهِمْ مواد تربُط الطُوب بِبعضِهِ فكانُوا يعتمِدُون عَلَى مهارتهِمْ فِى ترتِيب الطُوب فتتماسك00لكِنْ فِى شكل نِصف الدائِرة كانُوا يُرّتِبُون الطُوب معاً وَيعتمِدُون عَلَى حجر واحِد فِى الوسط تُعشِّق الإِتجاهين معاً بحيثُ إِنْ سحبتها ينهدِم المبنى كُلّه0 هذا هُو حجر الزَّاوِية قَدْ رفضهُ البنَّاؤُون لأِنَّ شكلهُ عجِيب عَنْ باقِى المبنى لكِنْ البُناء لاَ يفهم أنَّهُ الحجر الَّذِى يربُط الزَّاوِية00المسِيح رُفِض لأِنَّهُ غرِيب عَنْ باقِى العالم00كُلّ العالم جاء مِنْ نسل رجُل وَإِمرأة لكِنْ المسِيح مِنْ نسل مرأة فقط 00سلُوكه غرِيب عَنْ العالم موته غرِيب صعُوده غرِيب فرفضهُ العالم أيضاً نحنُ يرفُضنا العالم لأِنَّنا غُرباء عنهُ 5 / تكلَّمت النبُّوات عَنْ أدق تفاصِيل مِيلاده مِنْ عذراء كما تكلَّم أشعياء قبل المِيلاد بـ 750سنة [ ها العذراءُ تحبلُ وَتلِدُ ابناً وَتدعُو اسمهُ عِمَّانُوئِيلَ ] ( أش 7 : 14 ) هذا هُوَ كلامُ التوراه الَّذِى يحفظهُ اليهُود وَرغم ذلِكَ رفضُوا المسِيح00تخيَّل ؟ لأِنَّ النَّاس مُتخيِّلة أنَّ التوراه جُزء مِنَّا نحنُ فقط00نعم هُوَ جُزء مِنَّا لكِنّهُ خاص بِاليهُود وَهُمْ يكرهُونا وَيرفُضُون المسِيح0 لِذلِكَ هذا كلام ليس مِنَّا فقط بَلْ مِنْ اليهُود الَّذِينَ صلبوه حَتَّى إِسمه ذكرته النبُّوات صراحةً مِنْ قبلِ مِيلاده بـ 750سنة وَقَالَ عنهُ أشعياء يُدعى إِسمهُ عجِيب وَهُوَ فِعلاً عجِيب [ لأِنَّهُ يُولدُ لنا ولد وَنُعطى ابناً وَتكُونُ الرِّياسةُ عَلَى كتِفِهِ وَيُدعى اسمُهُ عجِيباً مُشِيراً إِلهاً قدِيراً أباً أبدِيّاً رئِيسَ السَّلاَمِ ] ( أش 9 : 6 ) الَّذِى يقرأ هذا مِنْ أشعياء النبِى يقُول لَهُ عَنْ مَنْ تتكلَّم وَأنت كُنت فِى عصرٍ مُظلِم الَّذِى يقرأ أشعياء يقرأ تفاصِيل حياة المسِيح حَتَّى صلِيبه وَكأنَّهُ واقِف تحت الصلِيب رُبما كَانَ قَدْ عاين الصلِيب أكثر مِنْ يُوحنا الحبِيب لِذلِكَ يُسمّى سِفر أشعياء " الإِنجِيل الخامِس " الإِنجِيل يُمّهِد لِمجِئ المسِيح مُتجسِّد مُنذُ بِدايِة الخلِيقة00وَهذِهِ هِى عظمِة الكِتاب00الكِتاب يُرِيدنِى أنْ أتقبلَّ أنَّ الله سيأتِى كإِنسان لأِنَّهُ يعلم إِنِّى ضعِيف وَصعب أنْ أستوعِبه فيقُول لِى سأُهيئ لَكَ ذلِكَ بِظهوراتِى لِلعهد القدِيم وَسأشرح لَكَ كُلّ تفاصِيل حياتِى فِى النبُّوات أشعياء يقُول [ ليتكَ تشُّقُّ السَّمواتِ وَتنزِلُ ] ( أش 64 : 1 ) وَقَدْ كَانَ وَنزل بِالتجسُّد 6 / دانيال النبِى تكلَّم عَنْ زمن مجِئ المسِيح بِكُلِّ دِقَّة فَقَالَ [ سبعُون أُسبُوعاً قُضِيتْ عَلَى شعبِكَ وَعَلَى مدِينتِكَ المُقدَّسةِ لِتكمِيلِ المعصية وَتتمِيمِ الخطايا وَلِكفَّارةِ الإِثمِ وَلِيُؤتى بِالبِرِّ الأبدِي وَلِختمِ الرُّؤْيا وَالنُّبُوَّةِ وَلِمسحِ قُدُّوسِ القُدُّوسِينَ ] ( دا 9 : 24 ) " مسح قُدُّوس القُدُّوسِين " أى " المسِيح " يُقال لِنفرِض أنَّ اليوم عِند الله بِسنة سبعُون إِسبُوع أى 7 x 70 = 490 سنة وَقَدْ ثبت أنَّهُ مِنْ زمن دانيال النبِى وَحَتَّى التجسُّد 490 سنة أى سبعُون إِسبُوع ألِهذِهِ الدرجة النبُّوات حدَّدت زمن تجسُّدِهِ وَمِنْ مَنَ وَمِنْ نسل مَنَ وَمتى يُولد وَأين يُولد ؟ نعم وَرغم ذلِكَ رفضهُ اليهُود 7 / مِيخا النبِى قَالَ فِى سِفره [ أمَّا أنتِ يا بيتَ لحمِ أفراتة وَأنتِ صغِيرة أنْ تكُونِي بين أُلُوفِ يهُوذا فمِنكِ يخرُجُ لِي الَّذِي يكُونُ مُتسلِّطاً عَلَى إِسْرَائِيلَ وَمخارِجهُ مُنذُ القدِيم مُنذُ أيَّامِ الأزلِ ] ( مى 5 : 2 ) مَنَ هذا ؟ هُوَ المسِيح مخارِجهُ مُنذُ أيَّام الأزل00مكان مِيلاده بيت لحم00وَالَّذِى يدرِس فلسطِين أيَّام المسِيح يجِد أنَّهُ مِنْ أحقر مُدُن فلسطِين بيت لحم وَ لاَ نتوقَّع أنَّ لها وجُود لأِنَّها صغِيرة جِدّاً وَمنسيَّة جِدّاً وَفقِيرة جِدّاً وَقَدْ يكُون سُكَّان أُورُشلِيم لاَ يعرِفونها وَقَدْ لاَ يسمعُون عنها00تحدَّد مكان مِيلاده قبل تجسُّدِهِ بـ 350سنة تقرِيباً كُلّ ما يلزمنا أنْ نعرِفهُ عَنْ المسِيح عرفناه قبل مجِيئه مُتجسِّد لأِنَّهُ حجر زاوِية الكِتاب 8 / تقُول النبُّوة [ مُلُوكُ ترشِيش وَالجزائِر يُرسِلُونَ تقدِمةً0 مُلُوكُ شبا وَسبإٍ يُقدِّمُون هدِيةً0 وَيسجُدُ لَهُ كُلُّ المُلُوكِ كُلُّ الأُممِ تتعبَّدُ لَهُ ] ( مز 72 : 10 – 11 )00نبُّوة عَنْ مجِئ المجُوس لَهُ وَهُمْ أُمم أى غُرباء لَوْ عملنا دِراسة فِى سِفر المزامِير عَنْ المسِيح سنأخُذ وقت طوِيل لأِنَّهُ واضِح جِدّاً فِيها وضُوح الشَّمس حَتَّى أنَّهُ يُقال عَنْ مزمُور " 22 " أنَّهُ مزمُور الصلِيب وَكأنَّنا نرسِم الصلِيب بِكُلِّ دِقَّة حَتَّى أنَّهُ قَالَ [ أُحصِي كُلَّ عِظامِي وَهُمْ ينظُرُون وَيتفرَّسُون فِيَّ0 يقسِمُونَ ثِيابِي بينهُمْ وَعَلَى لِباسِي يقترِعُون ] ( مز 22 : 17 – 18 )0 أدق تفاصِيل الصلِيب قِيلت فِى مزمُور " 22 " لَوْ وقفت عَلَى بُعد أمتار مِنْ الصلِيب لَنْ تراها لكِنْ داوُد رآها بِالرُّوح قبل المسِيح بِألف سنة أيضاً يُقال عَنْ هذا المزمُور أنَّهُ برنامِج الآلام مُنذُ أنْ رُفِع عَلَى الصلِيب حَتَّى مات مُنكَّس الرأس أيضاً كُون أنَّ المسِيح يتألَّم وَيصنع مُعجِزات وَيُصلب وَيموت وَيقُوم وَيصعد وَ000هذا كُلّه موضِع النبُّوات حَتَّى لاَ نعثُر فِيهِ عِندما يتجسَّد0 -3- رمُوز عَنْ المسِيح فِى العهد القدِيم : =================================================== رمُوز كثِيرة مِنها : 1 / فُلك نُوح الفُلك الَّذِى إِحتوى مَنَ خلصُوا نحنُ يحتوِينا المسِيح وَنحيا فِى المسِيح يسُوع فنخلُص إِذاً المسِيح هُوَ الفُلك وَنحنُ داخِلهُ محفوظِين مِنْ تيارات العالم المسِيح هُوَ المُخلِّص وَالفُلك هُوَ المُخلِّص المسِيح رفعنا مِنْ العالم إِلَى السَّماء وَالفُلك كَانَ داخِل الماء لكِنّهُ حفظ المُخلَّصِين مِنْ الماء المسِيح حفظنا مِنْ العالم وَرفعنا لِلسَّماء أيضاً الفُلك لَهُ باب مِنْ جانِبِهِ وَكُلّ الحيوانات وَكُلّ عائِلة نُوح دخلت مِنهُ لِماذا ؟ لأِنَّهُ جنب المسِيح الَّذِى دخلنا كُلِّنا مِنْ خِلاله كَانَ مُمكِنْ نُوح يصنع أكثر مِنْ باب لِلفُلك لِتسهِيل دخُول الحيوانات بِسُرعة لكِنّهُ عمل باب واحِد فقط وَجعل الحيوانات تدخُل الفُلك فِى سبعة أيَّامٍ ثُمَّ دخل هُوَ وَعائِلته لأِنَّ الحيوانات بطِيئة فأدخلها فِى سبعة أيَّامٍ مِنْ باب واحِد00لأِنَّهُ جنب المسِيح [ وَفُتِح جنبهُ بِالحربة كى ندخُل إِليهِ وَنسكُن فِى عرش نعمتِهِ ]0 لِماذا تدخُل الحيوانات فِى سبعة أيَّام ؟ لأِنَّها ترمُز لِلحياة الزمنيَّة الَّتِى نأخُذ فِيها إِنذارات التوبة وَبعدها يدخُل وَيُغلِق عليهُمْ الباب00إِذاً الإِنذارات قَدْ إِنتهِت عِندما كَانَ الفُلك يُبنى كَانَ إِنذارات بِالتوبة وَالمسِيح عَلَى الأرض كَانَ يُنذِر وَيُوّبِخ وَكَانَ سبب بِر لِلبعض وَدينُونة لِلبعض الآخر هكذا الفُلك كَانَ سبب لِبِر نُوح وَعائِلته وَدينُونة لِلعالم كُلّ شئ فِى الكِتاب يُشِير لِلمسِيح بِقوَّة كى يقُول لَكَ أنا هُوَ تعال وَتلامس معِى 2 / العُلِّيقة شجرة خضراء تشتعِل00معرُوف أنَّها لابُد أنْ تُحرق وَيُذبل ورقها وَيتفحَّم وَتموت وَتنتهِى وَتُصبِح فحم00لكِنْ العُلِّيقة كانت مُتوّهِجة بِالنَّار وَالشجرة خضراء كما هِى0 هكذا التجسُّد طبِيعة بشريَّة كامِلة مُتحِدة بِطبِيعة لاهوتيَّة كامِلة وَالشجرة لَمْ تؤذِى أى الطبِيعة البشريَّة لَمْ تتأذّى00يقُول لنا الله سآتِى فِى صورة إِنسان مُتحِد بِاللاهُوت وَإِنْ كُنت لاَ تفهم أُنظُر إِلَى العُلِّيقة كى تفهم ذلِكَ 3 / خرُوف الفِصح كُلّ تفصِيل دقِيق فِى خرُوف الفِصح يُشِير لِلمسِيح عُمره سنة أى فِى قِمّة نُضجه وَالمسِيح أُخِذ فِى قِمّة شبابه00يُوضع الخرُوف تحت الحِفظ أربعة أيَّام وَالمسِيح عِندما دخل أُورُشلِيم دخلها يوم الأحد لِيُقدَّم لِلذبحِ يوم الجُمعة نَفْسَ توقِيت حِفظ خرُوف الفِصح حَتَّى إِنْ كَانَ معِيب أوْ مرِيض يُرفض أيضاً أسلُوب طهيه وَأكله عَلَى أعشاب مُرَّة وَيؤكل بِعجلة وَالمسِيح تألَّم وَصُلِب بِسُرعة وَعجلة لَمْ يأخُذ كِفايتهُ فِى المُحاكمات00بِيلاطُس يُرسِلهُ لِحنَّان الآنَ ثُمَّ يعُود لِبيلاطُس الآنَ أيضاً ثُمَّ يُصلب بِسُرعة00عَجَلَة وَتحقِيق خرُوف الفِصح فِيهِ00الأعشاب المُرَّة وَالشوى يُشِير لآلام المسِيح00ما مِنْ شئ حدث فِى حياة المسِيح إِلاَّ وَأشار إِليهِ الرُّوح قبل مجِيئه0 4 / المن مُستدِير وَحلو المذاق وَيُجمع فِى الصَّباح وَإِنْ بات يُفسد00يُشِير لِلمسِيح مُستدِير أى ليس لَهُ بِداية وَ لاَ نِهاية أى أبدِى أزلِى00حلو المذاق لأِنَّ المسِيح حلقة حلاوه وَكُلّه مُشتهيات وَمُشبِع لأِنَّ المسِيح مُشبِع00يُجمع كُلّ صباح أى لابُد أنْ نراه جدِيد كُلّ صباح وَ لاَ يبِيت لِثانِى يوم أى لابُد أنْ تكُون عِبادتك مُتجدِّده وَالمسِيح مُتجدِّد معك كُلّ يوم00المسِيح يُظهِر نَفْسَه لنا مِنْ خِلال الأُمور غير العاقِله 5 / الصخرة الَّتِى ضربها مُوسى فأخرجت ماء مُعلّمِنا بولس الرسُول فهم أنَّها المسِيح [ لأِنَّهُمْ كانُوا يشربُون مِنْ صخرةٍ رُوحيَّةٍ تابِعتهُمْ وَالصَّخرة كانتِ المسِيحَ ] ( 1 كو 10 : 4 ) حَتَّى مِنْ خِلال الجماد أعلن نَفْسَه لنا صخرة أخرجت ماء وَالمسِيح لمَّا طُعِن بِالحربة أخرج جنبهُ دم وَماء 6 / الحيَّة النُحاسيَّة حيَّة نُحاسيَّة تُعلَّق وَأى إِنسان يُلدغ مِنْ الحيَّات ينظُر لها بِإِيمان فيُشفى00هذا هُوَ المسِيح [ وَأنَا إِنِ ارتفعتُ عَنِ الأرضِ أجذِبُ إِليَّ الجمِيعَ ] ( يو 12 : 32 )00كى كُلّ مَنَ ينظُر إِلَى الصلِيب بِإِيمان يُشفى مِنْ سُم الخطيَّة معقُول حيَّة تُعطِى شِفاء مِنْ حيَّة ؟ معقُول مُجرِم مصلُوب يُخلِّص ؟ هُوَ فِى نظر اليهُود مُجرِم هل مُجرِم يُخلِّص مُجرِم ؟ نعم كما خلَّصت حيَّة مِنْ حيَّة المسِيح المُعلَّق كمُجرِم وَمُذنِب وَأثِيم هُوَ الَّذِى يُخلِّصنِى وَيرفع عنِّى جُرمِى وَذنبِى وَإِثمِى 7 / خيمة الإِجتماع وَتابُوت العهد التابُوت فِى كُلّ بُعد وَكُلّ مادَّه وَكُلّ رسم فِيهِ يرمُز لِلمسِيح بِقوَّة00ما بِداخِلهُ مِنْ لوحىّ العهد وَقِسط المن وَعصا هارُون يرمُز لِلمسِيح حافِظ الشرِيعة وَمُعطِى غِذاء وَحياة جدِيدة لِذلِكَ عِندما يقُول الكِتاب [ عظِيم هُوَ سِرُّ التَّقوى اللهُ ظهر فِي الجسدِ ] ( 1 تى 3 : 16 )00نجِد أنَّهُ مهَّد لِهذا السِر مُنذُ سقُوط آدم وَمِنْ نسل المرأة سيأتِى وَسيُصلب وَسيسحق رأس الحيَّة أُربُط الكِتاب مَعَْ بعضه بِعهديهِ وَكما يقُول الآباء الَّذِى يربُط الكِتاب وَيرى بِهِ المسِيح تغمُرهُ فرحة تفُوق فرح الفردُوس وَلمَّا جاء المسِيح المُعلن عنهُ فِى الكِتاب فرحنا بِهِ لأِنَّهُ مُخلِّص العالم ربِنا يسنِد كُلّ ضعف فِينا بِنِعمته وَلإِلهنا المجد دائِماً أبدياً أمِين

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل