العظات
مفهوم الصداقة
نوِد أنْ نتحدّث اليوم فِى موضوع هام يؤّثِر على حياتنا وَعلى نموِنا الرّوحِى بِطريقة غير مُباشرة وَهُوَ الصداقة ، ففِى كثير مِنْ الأحيان يُمكِن أنْ تنمو حياة الإِنسان جِداً وَترتفِع بالله عَنَ طريق الصداقة ، وَالعكس صحيح فمِنْ المُمكِن أنْ تنقلِب حياته وَتزداد خِبراته السلبيّة وَيمُر بِسلسِلة مِنْ المتاعِب بِسبب هذِهِ الصداقة فقد نتعامل مَعَ صديق يُتعِب وَيُخرِب النَفْسَ ، وَعلى العكس فهُناك صديق يرفع وَيُنمِّى النَفْسَ ، [ المُسايِر الحُكماء يصير حكيماً وَرفيق الجُهّال يُضَرُّ ] ( أم 13 : 20 ) [ مَنْ يتقِى الرّبّ يحصُل على صداقة صالِحة لأنّ صديقهُ يكون نظيره ] ( بن سيراخ 6 : 17 ) ، وَهذِهِ الآية مِنْ سِفر حِكمة بن سيراخ وَتعنِى أنّك عِندما تتقِى الرّبّ تحصُل على صداقة حُلوة ، لأنّك غالِباً سوف تبحث عَنَ صديق يكون نظيرك ، وَأنت تُحِب الله وَتخافه وَبالتالِى سوف تُحاوِل أنْ يكون صديقك نظيرك ،[ الصديق الأمين دواء الحياة وَالّذين يتّقون الرّبّ يجِدونهُ ] ( بن سيراخ 6 : 16 ) ، فالّذى يتقِى الرّبّ سوف يجِد الصديق الجيِّد وَلقد ثبت لنا ياأحبائِى أنّ تأثير الصداقة على الفرد أكبر بِكثير مِنْ تأثير البيت ، وَمِنْ تأثير الكاهِن ، وَمِنْ تأثير الدراسة ، فهو أثر خطير جِداً ، لِدرجِة أنّك تسمع المثل المعروف وَالّذى يقول ( الطيور على أشكالِها تقع ) ، حيثُ أنّ صديقك يُعبِّر عَنَ شخصيتك ، وَهُناك مثل آخر يقول ( قُل لِى صاحبك مَنَ أقول لك مَنَ أنت ) ، فلنفرِض أنّ هُناك شخص يُعرِّفك بِنَفْسَه وَأنت لاَ تعرِفه ، فسوف تسأله عَنَ أصحابه ، وَمِنْ خِلال نوعيّات أصحابه سوف تكتشِف شخصيتهُ فليس مِنْ المعقول أنْ تكون إِنسان مُتفّوِق دِراسياً ، وَأخلاقك مُرتفِعة ، وَإِنسان مُحِب للنمو ، وَناضِج فِكريّاً ، وَأنْ تُعاشِر شخص فاشِل دِراسيّاً ، وَأخلاقه ليست جيِّدة ، وَتصرُّفاته رديئة ، وَلِسانه سىّء ،فهذا غير مُمكِن لأنّك تُحِب أنْ يكون هُناك سِمات مُشتركة بينك وَبين صديقك وَفِى الحقيقة فإِنّ الصداقة مُهِمّة جِداً ، حيثُ أنّ الإِنسان مخلوق إِجتماعِى لاَ يستطيع أنْ يعيش بِمُفردهُ ، فهو يُحِب أنْ يعيش مَعَ الآخرين ، وَأنْ تكون عواطِفهُ مُشبّعة ، وَأنْ يكون لهُ رفيق فرّبّ المجد مُنذُ بدء الخليقة عِندما خلق آدم قال [ وَقال الرّبُّ الإِله ليس جيِّداً أنْ يكون آدم وحدهُ 0 فأصنع لهُ مُعيناً نظيرهُ ] ( تك 2 : 18 ) ، فالله لاَ يُريد أنْ تكون بِمُفردك ، وَأنْ تُواجِه مشاكِلك بِمُفردك ، وَ لاَ أنْ تتضايق وَتفرح بِمُفردك ، فيجِب أنْ يكون هُناك مَنْ يُشارِكك مشاعِرك مِنْ خِلال شخص قريب مِنك ، وَليس المقصود بِكلِمة [ مُعين نظيره ] أنْ تكون المرأة فقط ، بل تعنِى أنْ يكون هُناك شخص نظير لك يُعينك ، فليس مِنْ الضرورِى أنْ تكون إِمرأة ، فأنت فِى حاجة لِمُعين نظيرك يُعينك وَلننظُر لِرّب المجد يسوع عِندما عيّن التلاميذ ، حيثُ جعلهُم مجموعة ، وَقسّم هذِهِ المجموعة لِمجموعات ، وَكُلّ مجموعة كانت تنقسِم لِمجموعتين ، فَلَمْ يكُن يُرسِل شخص بِمُفرده ، وَكان يقول[ إِثنان خير مِنْ واحِد لأنّهُ إِنْ وقع أحدهُما يُقيمهُ رفيقهُ ] ( جا 4 : 9 – 10 ) وَلِذلِك فالصداقة مُهِمّة جِداً ، فأنت فِى حاجة لِمُعين نظيرك ، وَهكذا فِى حياتك ، فالطبيب يكون فِى حاجة لِمُعين نظيره ، طبيب مِثله يكون قريب مِنهُ فِى الفِكر ، وَفِى الظروف ، بل حتّى فِى المُجتمع الدينِى ، فالشخص الّذى أعطاهُ الله إِتجاه نحو التكريس يجِب أنْ يجِد شخص مُعين نظيره ، يكون مُكرّس مِثله ، وَكذلِك الراهِب يحتاج لِمُعين نظيره ، راهِب مِثله ، وَكذلِك بالنسبة للكاهِن ، فهذا المُعين يكون قريب لِظروفِى وَمشاكِلِى فعِندما تتكلّم مَعَ كاهِن عَنَ مشاكِلك سوف يفهمك أكثر ، كذلِك عِندما تتحدّث مَعَ صاحبك عَنَ مشاكِلك سوف يفهمك جيِّداً ، فكُلّ شخص مِنّا فِى حاجة لِمُعين نظيره ، فالصداقة ليست عيباً ، وَليست مرض ، وَ لاَ خطر أبداً ، وَلكِنّها ضروريّة ، لكِن الخطورة تكمُن فِى مَعَ مَنَ تكون الصداقة ؟ حيثُ أنّ الوسط الّذى تعيش فيهِ وَتختاره يُحتِّم عليك سلوكيات كثيرة ، وَمِنْ المُمكِن أنْ يدفعك لأعلى ، أو يجعلك تهبُط لأسفل ، وَلنتخيّل مُعلّمِنا بُطرُس الرسول وسط إِخوتِهِ التلاميذ عِندما وقف ربّ المجد يسوع وَقال لهُم [ وَلمّا جاء يسوع سأل تلاميذه قائِلاً مَنْ يقول النّاس إِنِّى أنا إِبن الإِنسان ] ( مت 16 : 13 ) & ( مر 8 : 27 ) ، وَهُنا نجِد بُطرُس يُصرّح بأجمل تصريح وَيقول [ أنت هُوَ المسيح إِبن الله الحىّ ] ، [ فأجاب يسوع وَقال لهُ طوبى لك يا سمعان بن يونا إِنّ لحماً وَدماً لَمْ يُعلِن لك لكِن أبِى الّذى فِى السموات ] ( مت 16 : 17 ) ، فِى حين نرى بُطرُس فِى أثناء المُحاكمة ، عِندما كان يجلِس بين أُناس أصابت قلوبهُم البرودة تِجاه ربنا يسوع ، وَتِجاه معرفتِهِ ، وَتِجاه محبّتِهِ ، إِنتقلت إِلَى بُطرُس الرسول برودتهُم حتّى أنّهُ أنكرهُ كذلِك الإِنسان يستدفىء فِى وسط جو حار بينما إِذا وُجِد فِى جو بارِد تنتقِل إِليهِ البرودة ، وَلِذلِك يجِب أنْ تختار لك جواً حاراً ، فأنت إِذا أحضرت قِطعة مِنَ الفحم وَوضعتها بِداخِل شورية مُشتعِلة فإِنّ قِطعة الفحم غير المُشتعِلة ستجعل الشورية تُضىء ، فالحرارة تنتقِل إِليك مِنَ الوسط الّذى تعيش فيهِ وَلنأخُذ مِثالاً آخر أبونا لوط البار ، عِندما كان يحيا مَعَ أبونا إِبراهيم لَمْ نسمع عنهُ مُشكِلة ، وَلكِن عِندما تركهُ وَذهب إِلَى سدوم وَعمورة سمعنا بالمشاكِل ، وَأنّهُ كاد يهلك هُوَ وَأُسرتهُ ، لأنّهُ وضع نَفْسَه فِى وسط جُهنّم لِذلِك نجِد الفلاسِفة وَالعُلماء يقولون أنّ أطول رِحلة فِى حياة الإِنسان هى رِحلة البحث عَنَ صديق ، فأنت مِنْ المُمكِن أنْ تخرُج بِصديق واحِد مِنْ مراحِل عُمرك السابِقة ، تنمو بِهِ ،وَ تُحِب بِهِ الله ، وَتنمو بِهِ إِجتماعيّاً وَروحيّاً وَثقافيّاً ، وَعلى هذا فإِنّ الوسط الّذى تعيش فيهِ مُهِم جِداً وَلننظُر لأبونا نوح البار وَإِمرأته وَأولاده الثلاثة وَثلاثة مِنْ زوجات أولاده الّذين حفظهُم الله مِنْ الهلاك على الرغم مِنْ إِمكانيّة هلاك إِحدى زوجات أولاده إِذا وُجِدت فِى وسط آخر ، حيثُ هلك جميع أهل بيتِها مِنْ أُمها وَأبيها وَإِخوتها ، إِلاّ أنّ الّذى ضمن لهُم النجاة وَالخلاص الثمانية أنفُس الّذين يقول عنهُم مُعلّمِنا بُطرُس الرسول [ أنّ العالم تجدّد بِهُم ] ، لقد كانوا فِى وِحدة واحِدة معاً ، فإِذا إِنحرف فِكر إِحدى هذِهِ الزوجات إِلَى الشرّ ، فعِندما ترى نوح أثناء الصلاة ، ففِكرها يترد مرّة أُخرى لأنّها رأت نوح يرفع قلبهُ إِلَى الله بالصلاة ، فتقول لِنَفْسَها أنا شكلِى مرتِكبه شىء خطأ وَحضيع ، أنا يجِب أنْ ألحق نَفْسَى ، وَمِنْ المُمكِن أنّ أحد أولاد نوح يأتِى لهُ غرور العالم ، وَيشِدّه العالم ، لكِن عِندما يرى أهله مجموعة مُتماسِكة ، وَيرى نوح يتعب فِى بُناء السفينة ، فيقول يجِب أنْ أعتدِل وَأتعقّل ، لأنّ[ المُساير الحُكماء يصير حكيماً وَرفيق الجُهّال يُضَرُّ ] ( أم 13 : 20 ) ، فإِنّ الوسط الّذى يعيش الإِنسان فيهِ يؤّثِر عليه فإِنّ أبونا إِبراهيم نَفْسَه أبو الآباء عِندما وُضِع فِى وسط بِهِ فتور وَذهب أرض مِصر فكذِب ، فإِنّ أبونا إِبراهيم أبو الآباء وَأبو الإِيمان فهو مضرب المثل فِى الإِيمان كُلّه ، فعِندما كذب وَقال أنّ سارة أُخته وَليست زوجتة ، فإِنّهُ خاف لأنّهُ وقع فِى وسط شعب لاَ يخافوا ربِنا ، فكذِب فإِنّ الوسط الّذى يُحيط بالإِنسان يؤّثِر عليهِ جِداً ، فإِنّ الإِنسان فِى يدِهِ أنْ يختار الوسط الّذى يعيش فيهِ ، فهُناك أُمور لاَ تكون بيد الإِنسان ، وَلكِن ليست كُلّها ، فهُناك أُمور بيد الإِنسان ، لِذلِك أنّ إِختيار الإِنسان لِصديقه هُو أمر بيدِهِ ، لكِن الوسط الّذى حول الإِنسان يجِب أنْ يُقدِّسه ، وَيتمسّك بِربِنا ، فَلاَ يكون هُناك عيب عِندما يقوم الإِنسان بأختيار أصدقائه فرّبّ المجد يسوع المسيح قام بإِختيار تلاميذه الأثنى عشر ، وَالسبعين رسول ، وَأنّ ربّ المجد بِنَفْسِهِ كان لهُ ثلاث أشخاص مِنْ تلاميذه مُقرّبين لهُ جِداً ( بُطرُس وَيعقوب وَيوحنا ) ، وَكان لهُ واحِد أكثر إِقتراباً مِنْ الثلاثة وَهُوَ يوحنا ، فكان يُقال على يوحنا[ فألتفت بُطرُس وَنظر التلميذ الّذى كان يسوع يُحِبّهُ يتبعهُ ] ( يو 19 : 26 )( يو 21 : 20 ) ، وَلَمْ يُقال أنّ يوحنا هُوَ الّذى كان يُحِب يسوع ، فكُلّ النّاس كانت تُحِب يسوع ، لكِن يوحنا كان مُميّز بالنسبة لِيسوع ، فكان يسوع يُحِبه ، فَلاَ يكون مِنَ العيب أنْ يكون لِكُلّ شخص ناس كثيرة يعرفهُم ، وَلكِن هُوَ لهُ فرد مُقرّب إِلَى قلبِهِ لِذلِك يُقال فِى سِفر الحِكمة[ ليكُن المُسالِمون لك كثيرين ، أصحاب سرّك مِنْ الألف واحِد ] ( بن سيراخ 6:6 ) ،ولاَ يكون أىّ واحِد تتأّثِر بِهِ ، وَتسير معهُ ، وَتستجيب لِكلامه ، فإِنّ الصداقة هى شىء غالِى وَسامِى ، فيقول الكِتاب المُقدّس [ 00وَلكِن يوجد مُحِب ألزق مِنْ الأخ ] ( أم 18 : 24 ) ، فِعلاً يوجد أشخاص مُحبين ألصق مِنْ الأخ ، فإِنّ فِى الأسبوع الماضِى جاء شخص مِنْ الخارِج وَهُوَ مكث خمسة وَعشرون عاماً خارِج مصر ، فهذِهِ مُدّة طويلة جِداً ، وَأنّ كُلّ أعماله الخاصّة وَأسراره مَعَ صديق لهُ وَليس أخوه ، فإِنّهُ يعمل لهُ توكيل وَيبيع وَيشترِى وَلهُ حق التصرُّف ، فقام صديق هذا الشخص بِشراء عقار لهُ ، فذهبنا معاً لِنراه ، وَأنّ هذا الشخص الّذى جاء مِنْ السفر لَمْ يراه مِنْ قبل ، وَقال لِى أنّ صديقِى هذا إِشترى لِى مِنْ قبل عقار مِثل هذا وَلكِنّهُ قام ببيعه حتّى يُحقِّق رِبح لِى ، فإِنّ كُلّ أمواله تحت تصرُّف هذا الصديق وَهُوَ يستثمِرها ، فإِنّ هذا الصديق كما قال الكِتاب [ أنّهُ ألزق مِنْ الأخ ] فيجِب أنْ نسعى حتّى نجِد صداقة بِهذِهِ الشروط ، يجِب أنْ نسعى فِى البحث عَنَ صديق بِهِ شروط جميلة ، وَبِهِ يُقرِّبنا إِلَى ربِنا ، وَيُساعِد هذا الصديق صديقه فِى الإِشتعال بروح ربِنا ، وَنشعُر بعمل الله فِى حياتنا فيقول الكِتاب المُقدّس عَنَ لابان الّذى هُوَ خال يعقوب ، أنّهُ لَمْ يكُن يعرِف ربِنا ، فهو كان عابِد للوثن ،وَلكِن عِندما جاء يعقوب إِلَى لابان فأنّهُ تأثّر بِيعقوب جِداً وَقال لهُ[ فقال لهُ لابان ليتنِى أجِد نعمةً فِى عينيك 0 قَدْ تفاءلت فباركنِى الرّبُّ بِسببِك ]( تك 30 : 27 ) ، وَكان يُحِب أنْ يمكُث معهُ دائِماً ، وَكان لاَ يُريده أنْ يُسافِر وَيترُكهُ ، وَلكِن عِندما يعقوب ذهب لهُ كانت مُجرّد زِيارة مهما طالت وَسوف ينتهِى وقتها وَأيضاً فوطِيفار بيتهُ تبارك بِيوسِف ، فمِنَ المُمكِن أنْ تنتقِل إِليك بركِة ربِنا عَنَ طريق صديق ، وَمِنَ المُمكِن معرِفة ربِنا تدخُل إِلَى قلب الإِنسان وَمخافِة ربِنا عَنَ طريق الصديق ، وَيكون لها تأثير قوِى أكثر مِنَ العِظات ، وَأكثر مِنْ تأثير أبونا ، وَأكثر مِنْ تأثير البيت ، فإِنّ الصديق يكون لهُ تأثير شديد جِداً ، فإِنّهُ أثر رهيب لِذلِك تجِد مُعلّمِنا بولس الرسول يؤثّر فِى النّاس الّذين حولهُ وَيكونوا كُلّهُم أصحابه ، وَيتصادق معهُم ، وَلكِن إِحذر لأنّك لابُد أنْ تجتهِد وَأنْ تُدقِّق وَتتعب حتّى تجِد هذا الصديق ، فإِنّ [ المُكثِر الأصحاب يُخرِّب نَفْسَه ] ( أم 18 : 24 ) ، بِمعنى إِذا لَمْ يُدقِّق الإِنسان فِى إِختيار صدقاته وَيسير مَعَ أصدقاء كثيرين ، فإِذا كان أحد الأصدقاء يستمِع إِلَى أغانِى وَهذا الشخص يسير معهُ ، وَصديق آخر لِنَفْسَ الشخص يُريد أنْ يتفسّح وَهُوَ يسير معهُ أيضاً ، وَهكذا فإِنّ كُلّ مِنَ هب وَ دب مِنْ أصدقائه يفعل أىّ شىء وَهُوَ يسير معهُ ، مُنقاد معهُم ، فَلاَبُد أنْ تكون الصداقة لشخص يكون الإِنسان يشعُر فِعلاً أنّهُ مِنْ الله ، وَيُنمّيِه وَ يُثبِّت مخافِة الله داخِل قلبه فهُناك نموذج للصداقة فِى الكِتاب المُقدّس فِى سِفر صموئيل الأول 19 : 4 - 6 فهو نموذج قوِى جِداً عَنَ الصداقة ، وَهُوَ صداقِة داوُد مَعَ يوناثان ، فكان هُناك حُب رائِع يربُطهُم معاً ، لِدرجِة أنّ شاوُل الملِك أبو يوناثان كان مُتضايِق جِداً مِنَ هذِهِ الصداقة التّى بينهُم ، فكان شاوُل يقول لِيوناثان أنّ داوُد هذا المُنافِس لك على المملكة وَالحُكم ، يجِب أنْ تُراجِع نَفْسَكَ فِى هذِهِ الصداقة [ وَتكلّم يوناثان عَنْ داوُد حسناً مَعَ شاوُل أبيهِ وَقال لهُ لاَ يُخطِىء الملِك إِلَى عبدِهِ داوُد لأنّهُ لَمْ يُخطِىء إِليك وَلأنّ أعمالهُ حسنة لك جِدّاً 0فإِنّهُ وضع نَفْسَهُ بِيدِهِ وَقتل الفلسطينىَّ فصنع الرّبُّ خلاصاً عظيماً لِجميع إِسرائيل 0 أنت رأيت وَفَرِحْتَ 0 فلِماذا تُخطِىء إِلَى دمٍ برِىءٍ بِقتلِ داوُد بِلاَ سببٍ 0فسمِع شاوُل لِصوت يوناثان وَحلف شاوُل حىٌّ هُوَ الرّبُّ لاَ يُقتلُ] ( صموئيل الأول 19 : 4 – 6 ) فكان يوناثان يُدافِع عَنَ داوُد دائِماً أمام أبيهِ الملِك شاوُل الّذى كان يُريد أنْ يقتُلهُ ، وَلِدرجِة أنّ ذات مرّة دبرّ شاوُل مكيدة لِيقتُل فيها داوُد ، وَعِندما علِم يوناثان بِذلِك الأمر ، فذهب لِيُخبِر داوُد عَنَ هذِهِ المكيدة ، وَقال لهُ أنّ أبِى شاوُل يُريد أنْ يقتُلك ، إِهرب ، وَعِندما غضب شاوُل مِنْ يوناثان إِبنِهِ جِدّاً ، فقال شاوُل لإِبنِهِ [ فحمى غضب شاوُل على يوناثان وَقال لهُ ياإِبن المُتعوِّجةِ المُتمرِّدَةِ أما علِمت أنّك قَدِ إِخترت إِبن يسَّى لِخزيِكَ وَخِزىِ عورة أُمِّك ]( 1 صم 20 : 30 ) فإِنّ شاوُل قام بِشتم يوناثان ، فإِنّ يوناثان قام بِتفضيل داوُد وَصداقتِهِ عَنَ المملكة ، لأنّ الشعب كان يُحِب داوُد أكثر ، وَكانوا يُريدوا أنّ داوُد يكون ملِك عليهُم ، وَأمّا شاوُل كان يُريد أنْ يكون إِبنهُ هُوَ الملِك ، فكان داوُد هُوَ مُنافِس لِيوناثان على الحُكم ، وَشاوُل كان مُتأزِم مِنَ هذِهِ الصداقة ، لأنّهُ كان لاَ يُريد أنّ داوُد هُوَ الّذى يحكُم بل كان يُريد إِبنهُ فكان شاوُل يقول لِيوناثان [000 وَالآن أرسل وَأتِ بِهِ إِلىَّ لأنّهُ إِبنُ الموتِ هُوَ ]( 1 صم 20 : 31 ) ، [ فأجاب يوناثان شاوُل أباهُ وَقال لهُ لِماذا يُقتلُ 0ماذا عمِلَ ]( 1 صم 20 : 32 ) ، فغضِب شاوُل وَأمسك بِرُمح وَضربهُ بِهِ ، إِلاّ أنّهُ نجا مِنهُ ، فإِنّ شاوُل كان غيور على المملكة التّى ستضيع مِنَ إِبنِهِ بِسبب داوُد ، أمّا يوناثان فكان سعيد بِهذِهِ الصداقة حتّى إِذا ضحّى بالمملكة وَعِندما جاء خبر موت يوناثان لِداوُد ، فإِنّهُ حزِن جِداً ، وَقال داوُد[ قد تضايقتُ عليك يا أخِى يوناثان كُنتَ حُلواً لِى جِداً 0 محبَّتُكَ لِى أعجبُ مِنْ محبَّة النّساء] ( 2صم 1 : 26 ) ، [ كيف سقط الجبابِرة وَبادت آلات الحربِ ]( 2 صم 1 : 27 ) فإِنّ هذِهِ الصداقة كانت عميقة جِدّاً وَمليئة بالمحبّة مِنْ شروط الصداقة الأمينة أنْ تكون بعيدة عَنَ الأنانيّة ، بعيدة عَنَ الذاتيّة وَالنفعيّة ، وَلكِن مِثال الصداقة هذا بعيد جِداً عَنَ الأنانيّة ، فإِنّها عِلاقة وفيّة جِدّاً حتّى الموت ، فإِنّ كُلّ إِنسان يجِب أنْ يبحث عَنَ صداقة فِى هذا المُستوى ، فَلاَ يكون أىّ شخص يستحِق أنْ يكون صديق ، يجِب أنْ يكون هُناك تكافوء وَإِحترام وَمحبّة وَمُشاركة ، هذِهِ هى شروط الصداقة ، التكافوء ، فعِندما يقوم الشخص بإِختيار صديق يجِب أنْ يكون هُناك تكافوء فِى الفِكر وَالأخلاق وَالبيئة وَالثقافة وَالرّوحيات ، إِنْ كان هُناك فِى إِختلافات بين داوُد وَ يوناثان فِى الشكل ، أمّا الجوهر فهُم كانوا مُتكافِئين ، نَفْسَ القوّة وَالشجاعة وَالوفاء ، هذِهِ هى شروط الصداقة هذا هُوَ فِعلاً المُحِب الألصق مِنَ الأخ ، لِذلِك أمر مُهِم جِدّاً أنْ يبحث الإِنسان عنهُ ، أنْ يكون للإِنسان إِنفتاح على شخصيّة صديقه ، وَيكون يعرِفهُ جيِّداً ، وَيرتاح لك وَأنت ترتاح لهُ ، وَتتبادلوا الأسرار وِبِكُلّ إِطمئنان ، وَتقدِر أنْ تتكلّم معهُ عَنَ مشغولياتك وَأحزانك وَأفكارك فِى المُستقبل ، وَهُوَ يكشِف لك نَفْسَ الأُمور ، وَترتاحوا مَعَ بعضكُم لِبعض ، وَيكون الرباط الّذى بينكُم يكون رباط روحِى ، وَ لاَ تكون مُجرّد معرِفة سطحيّة وَمعرِفة نفعيّة الحقيقة غير ذلِك ، فأحياناً نُلاحِظ أنّ هُناك إِثنين مِنْ الأشخاص يسيروا مَعَ بعض ، وَنحنُ نقول عليهُم أصدِقاء ، لكِن الحقيقة فِى العِلاقة التّى بينهُم توجد غيرة بينهُم ، وَ مُجرّد أحدهُم يشترِى أىّ شىء الآخر يُقلِّدهُ مُباشرةً ، وَيشترِى نَفْسَ الشىء مِثلهُ ، وَيكون بينهُم صِراع ، فهذِهِ ليست محبّة حقيقيّة ، وَ لاَ تُسمّى بالصداقة أبداً القديس بولس الرسول كان لهُ صديق ، وَهذا الصديق نفعهُ جِداً وَهُو برنابا الرسول ، وَكان برنابا الرسول سِنّهُ كبير إِلَى حدٍّ ما وَأكبر سِنّاً مِنْ بولس الرسول ، وَبرنابا الرسول كان خال القديس مرقُس الرسول ، فمعنى ذلِك أنّهُ أكبر سِنّاً ، وَأطّلع برنابا على بولس وَصادقهُ وَعرِف ما يدور فِى ذهنِهِ وَأفكاره ، وَأطّلع على مراحِل تغييره وَعلى توبتِهِ ، وَوثِق فيِهِ ، أمّا بقيّة الرُسُل فكانوا يخافوا مِنْ بولس وَيرتابوا مِنهُ بِسبب ماضيه وَقلِقين مِنهُ وَمستغربين جِدّاً لهُ ، وَمستغربين لِتحّولِهِ ، وَلَمْ يرتاحوا لهُ أبداً ، وَلَمْ يقدِروا أنْ يُصدِّقوا التحوّل الّذى حدث لهُ ، وَلكِن الّذى توسّط لِشاوُل ( بولس ) للتلاميذ هُوَ برنابا وَقال لهُم أنّهُ تغيّر فِعلاً ، وَهُوَ وثق فِى بولس جِدّاً وَجلس مَعَ التلاميذ أولاً وَبدأ يتكلّم معهُم حتّى يطمئِنوا لِبولس قبل ما يدخُل بِبولس عليهُم ، وَعِندما دخل لهُم بولس وجدهُم مُرتابين ، وَبدأ هُوَ يتكلّم معهُم عَنَ عمل ربِنا معهُ ، وَيُعلِن لهُم أنّهُ تغيّر فِعلاً ، وَلكِن الّذى سهلّ هذا الموضوع بالنسبة لِبولس هُو برنابا وَصداقتهُ مَعَ برنابا الصداقة لابُد أنْ يكون فيها إِحساس روحِى مُتبادل ، وَكُلّ صديق يشعُر بأنين صديقه وَبإِحتياجاته ، وَتكون صداقة فيها مُشاركة وَإِرتقاء وَإِرتفاع ، فيشعُر أنّ حُزنِى حُزنه ، أحترمه وَأحترِم همومه ، وَيحترِم هُو الآخر هُمومِى ربّ المجد يسوع وجدناهُ صديقاً صدوقاً لِكُلّ أحد ، وجدناهُ يذهب لِيُشارِك النّاس فِى أفراحها ، وَليس مُجرّد حُضوره للعُرس ، وَلكِنّهُ يُشارِكهُم إِحتياجاتهُم فِى العُرس ، هُناك أشخاص يذهبون للأفراح فقط ، وَلكِن هُناك أشخاص يذهبوا للفرح وَيُشاركوا أهل الفرح فِى إِحتياجاتهُم ، فهُناك مُشاركة مِنْ ربّ المجد وَوصلت هذِهِ المُشاركة أنّهُ صعبِت عليهِ جِدّاً أرملة نايين التّى كانت تبكِى على وحيدها الّذى مات فصعب عليهِ جِدّاً هذا المشهد وَشاركها حُزنها ، وَوضع يدهُ على النعش وَأقام الصبِى الميِّت وَدفعهُ إِلَى أُمِهِ ، فإِنّهُ يصعب عليهِ جِدّاً أنْ يرى هذِهِ الأرملة حزينة لِوفاة إِبنها وحيدها فهو صديق يُشارِك النّاس أحزانها وَأفراحها بِوفاء وَحُب ، إِنّهُ صديق إِلَى درجة دفعتهُ أنْ يُشارِك الإِنسان فِى ألمه وَحُزنه وَفرحه ، لِدرجِة أنْ قيل على ربّ المجد أنّهُ بكى على قبر لِعازر ، فهو صديق مُشارِك إِيجابِى كان هُناك صداقة عميقة جِدّاً جِدّاً بين القديس أنطونيوس وَالقديس بولا ، وَعِندما كانوا يتكلّموا معاً كانوا يتحدّثوا فِى أحاديث ليست مِثل أحاديثنا العاديّة ، بل كانوا يتكلّموا عَنَ عظائِم الأُمور ، وَالعِلاقة التّى بين القديس أنطونيوس وَالقديس أثناسيوس ، الّذى جعل القديس أثناسيوس يُهدِى القديس أنطونيوس حُلّتهُ الكهنوتيّة الغالية عليه جِدّاً جِدّاً ، وَأنّ القديس أنطونيوس لاَ يُخبِر أحد عَنَ نياحتِهِ إِلاّ للقديس أثناسيوس ، فهى صداقة روحيّة عميقة وَلنتطرّق لِعلاقِة القديس أنطونيوس مَعَ القديس دِيديموس الضرير ، وَالّذى عِندما شعر بِهِ القديس أنطونيوس أنّهُ مُتضايِق وَحزين وَأستفسر عَنَ سبب حُزنِهِ وَتغيُّرِهِ ، نجِد أنّ القديس يقول له : إِنّهُ كان يتمنّى أنْ يراه وَهُوَ لأنّهُ ضرير لاَ يستطيع أنْ يراه ، فقال لهُ لاَ تحزن يا صديقِى دِيديموس لأنّك حُرِمت مِنْ نور البصر الّذى بِهِ نُعايِن الحشرات وَالحيوانات ، بل تهلّل لأنّ الله قَدْ منحك العين الباطِنيّة وَنور البصيرة التّى بِها تُشارِك الملائِكة فِى رؤيّة الله ، وَلقد كان القديس دِيديموس علاّمة مِنْ عُلماء اللاهوت ، وَ لازال فقد أسّس مدرسة لاهوتيّة فَلاَبُد أنّ كُلّ إِنسان يأخُذ باله جِدّاً مِنَ الصداقة ، ففِى سِفر العدد كان هُناك إِثنين أحّبوا أنْ يُمارِسوا الكهنوت دون أنْ يكونوا مِنَ سِبط لاوِى ، وَهُم قورح وَداثان ، فربِنا أهلكهُم وَأبادهُم ، فقال لهُم موسى النبِى [ فكلّم الجماعة قائِلاً إِعتزِلوا عَنْ خِيام هؤُلاء القوم البُغاة وَلاَ تمسُّوا شيئاً مِمّا لهُمْ لِئلاّ تهلكوا بِجميع خطاياهُمْ ] ( عد 16 : 26 ) ، فكان موسى يُحذّرهُم أنْ يبعِدوا عَنَ هؤلاء النّاس حتّى لاَ يهلكوا مِنْ خطاياهُم ، فيقول فِى رِسالة كورنثوس[ لِذلِك أُخرُجوا مِنَ وسطِهِم وَأعتزِلوا يقولُ الرّبُّ وَ لاَ تمسّوا نجِساً فأقبلكُمْ ]( 2 كو 6 : 17 ) ، فإِذا وُجِدت فِى وسط مُتعِب وَأنّ هُناك أُناس ليس فيهُم مخافِة الله فلتبتعِد ، وَفِى سِفر الرؤيا يتكلّم عَنَ مدينة بابِل الشرّيرة فيقول [ ثُمّ سمِعتُ صوتاً آخر مِنْ السماء قائِلاً أُخرُجوا مِنها يا شعبِى لِئلاّ تشترِكوا فِى خطاياها وَلِئلاّ تأخُذوا مِنْ ضرباتِها ] ( رؤ 18 : 4 )فلتكُن أنت أيضاً كذلِك ، فإِذا وجدت مجموعة ليس فيها مخافِة الله ، وَلديها ميول وَأفكار رديئة ، أُخرُج مِنها لئلاّ تأخُذ مِنْ ضرباتِها ، وَيُقال عَنَ خاطىء كورنثوس وَهذا كان إِنسان لهُ خطايا جسديّة وَكان شرّير ، وَلقد حكم عليهِ القديس بولس الرسول بالعزل وَالحرمان ، وَلكِنّهُ نصح الشعب قائِلاً [أنْ لاَ تُخالِطوا وَ لاَ تُؤاكِلوا مِثلَ هذا ] ( 1كو 5 : 11 ) ، أىّ لاَ تتكلّموا معهُ وَ لاَ تأكُلوا معهُ ، يجِب أنْ يتِم الإِبتعاد عَنَ هذا الشخص ، فهُناك خطورة شديدة فِى موضوع الصداقة وَسوف أُعطيك نموذج عَنَ أثر الصداقة فِى حياتنا ، فمِنَ أكثر الأُمور التّى كانت مُشجِّعة القديس أُوغسطينوس على الشرّ هُوَ أصدقائه ،وَمِنَ أكثر الأُمور التّى أخّرت توبتِهِ وَالتّى جعلتهُ يتمادى فِى الشّرور هى الصداقة ، فسوف نتعرّض لِجُزء مِنْ الإِعترافات التّى إِعترفها القديس أُوغسطينوس [ كان الخجل يعترينِى فيما لو قصّرت عَنَ رُفقائِى فِى إِتيان الفواحِش ] ، أىّ كان ينكسف مِنَ نَفْسَه إِذا إِرتكب شرّ أقل مِنَ أصدقائه [ كانت الفواحِش مبعث إِفتخارنا ] ، أىّ كانوا يتباهون أمام بعضهُم بالفواحِش ، وَكُلّ واحِد مِنهُم يُريد أنْ يتغلّب على الآخر فِى خطاياه [ أنا كُنت أتحاشى الذنب بإِرتكابِى الآثام وَحتّى لاَ تكون طهارتِى مجلبة لِعارِى ، هكذا كان العدو يرفُصنِى بِرجليه وَيدفعنِى إِلَى الهاوية ] فذات مرّة كان هُو وَأصدقائه مرّوا على حديقة بِها شجرِة كُمثرى ، فقال لهُم هيّا لِنسرِق ، فأُعجِبوا بالفِكرة ، أمّا أُوغسطينوس فكان والده غنِى ، وَكان لديهِ شجر أفضل مِنَ هذا مئة مرّة ، لكِنّهُ كان يسرِق شجر النّاس ، فيقول [ سرقت ما كُنت أملُك أفضل مِنهُ ] ، فهو كان يسرِق أشياء هُوَ كان يملُك أفضل مِنها ، لاَ طمعاً فِى المسروق عينِهِ بل حُبّاً فِى السرِقة وَالإثم ، لو كُنت وحدِى ما أقدمت على كُلّ ذلِك ، وَلكنِّى إِندفعت مرضاةً لِرفاق شاركتهُم فيها ، فلولاَ أصدقائه ما كان تجرّأ على فِعل كُلّ هذا فكانوا يسرِقوا الأشياء وَكان هُو لاَ يستخدِمها لأنّهُ لاَ يحتاج إِليها لأنّهُ غنِى ، فكانت الأشياء التّى يسرقها كان يُعطيها للكلاب وَالخنازير أو يرميها ، لِذلِك نُلاحِظ أنّ الشخص دائِماً يؤّثِر عليه المُحيط الّذى هُوَ فيه ، فكان القديس أُوغسطينوس طهارته مُجلِبة لِعاره فإِذا تصادق ولد مَعَ ولد آخر وَسألهُ هل تعرِف الأمر الفُلانِى ؟ فيكون الجواب بِكلِمة لأ ، فيتِم التريئة عليه وَيُقال لهُ إِنت منين ؟ وَمُمكِن تتِم التريئة عليه ، وَيُقال لهُ خلّيك جنب ماما وَيتغاظ وَيغضب هذا الولد لأنّهُ شاب فإِذا قال لهذا الشاب أحد أصدقائه هل شاهدت كذا ؟ فيسأل ما هُوَ كذا هذا ؟ فيقول لهُ لمّا تكبر ياشاطِر تعرِف إِيه هُوَ كذا ، فيغتاظ أكثر هذا الشاب ، فيكون شعور الشاب الداخِلِى أنّهُ يُريد أنْ يعرِف وَيُحِب أنْ يُشاهِد ، وَيكون فِى مُستوى معرِفة أصدقائه ، وَيُحِب أنْ يستمِع إِلَى كلامهُم لِيعرِف كُلّ هذِهِ الأُمور وَهُناك يكون فارِق بين شاب آخر يتصادق مَعَ شاب مِثلهُ ، وَيُحِب القُدّاس ، وَيُحِب التسبحة ، وَيُحِب الكِتاب المُقدّس ، وَعِندما يمشِى معهُ يكون الكلام بينهُم عَنَ البِر وَالتقوى ، وَيتكلّموا عَنَ عظائِم الأُمور وَالأحاديث التّى ترتفِع بِهُم إِلَى أعلى ، فهُناك فرق وَهذا هُوَ ما حدث بالضبط مَعَ القديس أُوغسطينوس ، وَلِذلِك نجِد أن القديس حدثت لهُ صدمة عِندما سمع بِوفاة أحد أصدقائه ، وَالّذى كان يظُن أنّ الدُنيا لاَ تقدِر عليهُم ، وَظلّ يُفكِّر عمّا سيكون نصيب مِثل هذا الشخص ، وَفكّر فِى أنّهُ أيضاً سوف يموت ، وَكره الموت جِداً وَخاف مِنهُ كثيراً ، وَعِندما بدأ ينتبِه وَبدأ فِى مُصاحبِة أشخاص تخاف الله وَرأى أشخاص مِنْ نَفْسَ سِنّه لديها إِشتياقات بتوليّة وَرهبنة ، وَبدأ فِى مُعاشرتهُم ، وَرأى فيهُم سلوكيات جديدة وَإِهتمامات جديدة ، لِذلِك يقول [ إِزددت حُبّاً جِداً لهُم ، وَبِقدر ما إِزددت حُبّاً لهُم إِزددت كُرهاً وَبُغضاً لِنَفْسِى وَلماضىّ وَأيقنت كم كُنت صغيراً عِندما سِرت مَعَ أُناس تخاف الله وَفيها معرِفة الله ] لِذلِك صارت حياته وَكِتاباته سنداً وَنوراً وَسِراجاً لِكُلّ تائِب ، وَلِكُلّ مُشتاق ، وَلِكُلّ نَفْسَ تُريد أنْ تحيا مَعَ الله فلتُراجِع نَفْسَكَ مَعَ أصحابك ، وَخيراً لك أنْ تكون بِمُفردك عَنَ أنْ يكون لك أصحاب مِثل أصحاب أُوغسطينوس ، لأنّنا نجِده قال[ إِذا كُنت وحدِى لَمْ أكُن لأُقدِم على فِعل أشياء مِثل هذِهِ ] فنادِراً ما نجِد شاب تورّط فِى أىّ خطيّة بِمُفرده ، فللأصدِقاء تأثير فِى ذلِك ، وَلقد قال الكِتاب المُقدّس [ لاَ تضِلّوا فإِنّ المُعاشرات الرديّة تُفسِد الأخلاق الجيّدة ] ( 1 كو 15 : 33 ) ، فحتّى إِذا كانت أخلاقك جيِّدة فلتُدقِّق جيِّداً فِى مُعاشراتك ، وَلتختار شخص أحسن مِنك لِتمشِى معهُ يرفعك وَيُنمّيك ، وَلتبحث عَنَ صديق يُنّمِى فيك الأُمور الناقِصة عِندك ، وَيجذِبك إِلَى أعلى ، وَلتجتهِد فِى ذلِك أمّا إِذا كُنت سعيد بأنّك تسير مَعَ مَنَ هُم أقل مِنك فإِنّك تؤّثِر على نَفْسَكَ بالسلب ،وَ تقضِى عُمرك وَسنينك تمُر مِنك فِى لاَ مُبالاه ، هذا بالإِضافة لتأثيرها السلبِى عليك وَالّذى يكون خطير جِداً أرجوك بنعمِة ربِنا أنْ تبحث لك عَنَ صداقة وَعَنَ وسط تعيش فيهِ ، يُنّمِيك وَيرفعك لِكى يكون مِنَ المُمكِن أنْ تُصبِح صداقاتك مُفتاح لإِنطلاق فِى حياة مَعَ الله ، فربِنا يسوع المسيح صديقنا وَمُخلِّصنا الّذى أتى إِلينا فِى شكلِنا وَفِى ذُلِّنا يُعرِّفنا كيف نختار صديق يسنِدنا فِى طريق جِهادنا ، وَيُعطينا نموذج حلو كى نرتفِع بِهِ وَنصِل بِهِ إِلَى أعماق الله ربِنا يسنِد كُلّ ضعف فينا بنعمِته وَلإِلهنا المجد دائِماً أبدياً آمين
تأملات فى حياة أبونا يعقوب ج1
أبونا يعقوب ج1
نرى في أبونا يعقوب كثير من الضعف البشري .. نجد فيه المكر وحب العالم والنصيب الأكبر .. كذب على أبيه وأخيه وخاله .. خداع .. إن حياة أبونا يعقوب قريبة جداً لحياتنا لأنها مليئة بالضعف البشري وأساليب البشر .
ولكي ندرس في حياة أبونا يعقوب نقرأ في سفر التكوين أصحاح 25 : 21 – 34 .. ” وصلى إسحق إلى الرب لأجل امرأته لأنها كانت عاقراً .. فاستجاب له الرب فحبلت رفقة امرأته وتزاحم الولدان في بطنها .. فقالت إن كان هكذا فلماذا أنا .. فمضت لتسأل الرب .. فقال لها الرب في بطنِك أُمتان ومن أحشائِك يفترق شعبان .. شعب يقوى على شعبٍ وكبير يُستعبد لصغيرٍ .. فلما كمُلت أيامها لتلد إذا في بطنها توأمان .. فخرج الأول أحمر كله كفروة شعرٍ .. فدعوا اسمه عيسو .. وبعد ذلك خرج أخوه ويده قابضة بعقب عيسو فدُعي اسمه يعقوب .. وكان إسحق ابن ستين سنةً لما ولدتهما .. فكبُر الغلامان .. وكان عيسو إنساناً يعرف الصيد إنسان البرية ويعقوب إنساناً كاملاً يسكن الخيام .. فأحبَّ إسحق عيسو لأن في فمهِ صيداً .. وأما رفقة فكانت تحب يعقوب .. وطبخ يعقوب طبيخاً فأتى عيسو من الحقل وهو قد أعيا .. فقال عيسو ليعقوب أطعمني من هذا الأحمر لأني قد أعييت .. لذلك دُعي اسمه أدوم .. فقال يعقوب بعني اليوم بكوريتك .. فقال عيسو ها أنا ماضٍ إلى الموت .. فلماذا لي بكورية .. فقال يعقوب احلف لي اليوم .. فحلف له .. فباع بكوريته ليعقوب .. فأعطى يعقوب عيسو خبزاً وطبيخ عدسٍ .. فأكل وشرب وقام ومضى .. فاحتقر عيسو البكورية “ .
السبب الأول لدراسة أبونا يعقوب أن يعقوب شخصية هادئة يسكن الخيام كثيراً .. أما عيسو فكان مُغامر وجرئ .. مَالَ إسحق لعيسو وأما رفقة فأحبت يعقوب .. ولأن يعقوب أحبَّ الجلوس في البيت تعلم الطبخ .. وعندما دخل عليه عيسو وطلب أن يأكل من طعامه إستغل يعقوب الفرصة وطلب منه أن يتنازل له عن بكوريته .. واستغل ضعف معرفة أخوه عن قيمة بركة البكورية واستغل أيضاً جوعه .. ولم يترك يعقوب الأمر يمضي هكذا فطلب من عيسو أن يحلف له وحلف .
جميل جداً أن يُظهِر الله بره وقداسته في أولاده خاصةً الضعفاء .. ” لا يستحي بهم الله أن يُدعى إلههم “ ( عب 11 : 16) .. نحن نقدس أبونا يعقوب رغم كل ضعفاته .. جميل أن أثق أن ضعفي هذا يمكن أن يتحول إلى قداسة في يد الله إن خضعت له .. ونشعر أن أنفسنا عبارة عن قطعة من العجين في يد الله يمكن أن يشكلها بطريقته .. فالله دائماً يعمل بنوعيات مستعصية .. مثل مريم المجدلية ( سبعة شياطين ) .. السامرية ( خمسة أزواج والذي معها ليس لها ) .. متى ( عشار ) .. زكا ( مُحب للمال ) .. الله يستخدم الضعفاء ليُعلن قوة مجده واقتداره .
أحد الآباء القديسين يقول أن الطبيب يُمدح بمرضاه .. نحن مرضى يسوع فهل أمراضنا تثقُل عليه ؟! قادر أن يشفينا .. فعندما دخل يسوع بيت حسدا أراد أن يشفي أصعب واحد بينهم ( ثمانية وثلاثون سنة عند البِركة ) .. غيَّر الله يعقوب إلى إسرائيل جديدة لأنه جاهد وغلب .. فالله قادر أن يصنع مني قديس .. مع ذلك عنده طموحات روحية كثيرة ولكن قليل التنفيذ مثلنا .
والسبب الثاني لدراسة أبونا يعقوب إنه أبو الأسباط الإثنى عشر .. أي بداية تاريخ الأمة الإسرائيلية .. تاريخ شعب الله .. إن حياة أبونا يعقوب بها ثلاث مراحل .. وأيضاً حياة شعب الله ثلاث مراحل وهم :
1.حياته مع أبوه إسحق ( البداية ) .
2.حياته عند خاله لابان ( عشرين سنة غُربة وعبودية ) .
3.حياته بعد ذلك مع أبوه إسحق ثانياً .
وأيضاً الأمة الإسرائيلية مرت بثلاث مراحل :
1.عندما كان الله يتعامل معهم بطريقة مباشرة .
2.عندما جاء المسيح ورفضته تشتتت الأمة اليهودية في كل الأرض وتغربت بلا ذبيحة وبلا هيكل وبلا مَلِك .. رغم إنهم في شتات ومتغربين في كل أنحاء العالم إلا إنهم أغنياء جداً .. مثل يعقوب وهو في بيت خاله أيضاً كان غني جداً .. إن الأمة اليهودية مشهورة بالمكر الذي ورثته من أبونا يعقوب وبه حصل على أموال كثيرة في بيت خاله .. تتحكم الأمة اليهودية في اقتصاد العالم كله ولكن بدون مأوى وبدون بيت .
3.دخولهم للإيمان وقبولهم الإيمان فيما بعد .. يُقابلها رجوع يعقوب إلى بيت أبيه .
هذا هو حال الأمة اليهودية من الغربة والشتات في كل الأرض .. ولكن خطة الله وتدبيره أن في نهاية المطاف سيقبلون الإيمان بسبب أن الله سيقبل شفاعة أنبياءه فيهم .. إبراهيم وإسحق ويعقوب ويشوع لأن الله لا يضيع تعب .. هؤلاء مُحبينه .
وكما رجع إخوات يوسف إليه وأعطاهم حنطة وخمر كذلك عندما يرجع شعبه .. وهذه الأمة الكبيرة سوف يكونون سبب غِنَى وبركة لكل الأمم حتى الغير مؤمنين وسوف يأكلون الخبز والخمر .. ولذلك معلمنا بولس الرسول يقول ” لأنه إن كان رفضهم هو مُصالحة العالم فماذا يكون اقتبالهم إلا حياة من الأموات “ ( رو 11 : 15) .. وسوف يكون الجميع رعية واحدة وراعٍ واحد .
السبب الثالث لدراسة أبونا يعقوب لكي نُعلن محبة الله للنفس البشرية مهما كانت حالتها .. كل هذا إلا إنه أحب يعقوب .. الله صالح وإلى الأبد رحمته .. وكما يقول معلمنا داود ” إن كنت للآثام راصداً يارب .. يارب من يثبُت لأن من عندك المغفرة “ ( مز 129 ) .. وكما يقول أرميا النبي ” من إحسانات الرب أننا لم نفنَ لأن مراحمه لا تزول “ ( مرا 3 : 22 ) .. كل هذا إلا إنه عزَّى يعقوب وجعله يشاهد السماء مفتوحة وهناك سُلم يصل الأرض بالسماء .
حياة أبونا يعقوب كلها صراع .. بدايةً من بطن أمه .. وهناك صراع بينه وبين أخيه .. وأيضاً استمر الصراع بينهم .. ثم صراع مع خاله .. صراع مع الله نفسه .. وجيرانه ( شكيم ) وأولاده .. سلسلة من الصراعات .
إن أخذنا صراعه مع أخوه عيسو :
+ هو صراع على البكورية .. رغم أن الفرق في الولادة لحظات .. يعقوب نزل وهو يمسك كعب عيسو الأول .
+ إن البكورية بها بركة .. وما هي ؟ إن البكر هو كاهن الأسرة ومسئول عن العبادة فيها .. أولاده وأمه وإخواته وأولادهم .. ويقدم ذبائح عوضاً عن الأسرة .. بهذا يكون رمز لربنا يسوع .
+ عيسو لا يعرف معنى البكورية .. ولكن كان يعتقد أنها ميراث فقط .. لكن الذي يعرف قيمة البكورية هو يعقوب .. ولكن للأسف أحبَّ أن يصل إليها بطريقة بشرية .. في حين أن الله قالها من البداية ” شعب يقوى على شعبٍ .. وكبير يُستعبد لصغيرٍ “ ( تك 25 : 23 ) .. لكنه لم يترك الله هو الذي يتصرف لذلك عاقب الله يعقوب وأمه رفقة لأنهم اشتغلوا بفكرهم وتغرَّب عنها يعقوب حتى ماتت رفقة وهو بعيد .
+ يوجد أُناس تنظر للحياة الروحية على إنها بركات مادية .. إن مادياً عيسو يُعتبر أغنى من يعقوب .. فإن عيسو رئيس مملكة أدوم ولديه من المال الكثير .. ولكن يعقوب حصل على ماله بالشقاء والتعب وعبودية .. ” كنت في النهار يأكلني الحر وفي الليل الجليد “ ( تك 31 : 40 ) .. عند رجوع أبونا يعقوب كان معه كثير من المال ولكنه فقد أحب شئ عنده .. فقد رحيل زوجته وفقد أمه .. رجع وهو أعرج .. شاهد صعوبات .. وتعرض لتجربة ابنه يوسف .. تجربة قاسية جداً .
+ حذاري أن تنظر إلى الحياة الروحية على إنها نجاح مادي .. لذلك يقول بولس الرسول ” قارنين الروحيات بالروحيات “ ( 1كو 2 : 13) .. إنها ليست كرامة أرضية .. غنم ومال .
+ باع عيسو البكورية الغالية بما هو رخيص ( طعام ) .. نحن أيضاً ما أكثر الأشياء الثمينة التي بعناها رخيص جداً .. بضعفاتي أستغنى عن امتيازات روحية وطاقة روحية جبارة .. مثل القديس يوحنا فم الذهب يقول ” بقليل من الخبز وبقليل من الماء وبثياب رثَّة بالية تربح الملكوت “ .. إحذر الإستهتار واحذر من الثعالب الصغيرة التي أفسدت الكروم .
+ إستغل يعقوب وأمه رفقة ضعف إسحق وعدم قدرته على الرؤية .. إستغلوا الضعف وخدعوه .. وألبسته أمه ثياب أخوه عيسو .. فعندما حاول إسحق أن يعتمد على حاسة الشم فأخطأ وظنهُ عيسو .. مكر رفقة ويعقوب .. وخُدِع إسحق وبارك يعقوب وقال له ” فليُعطِك الله من ندى السماء ومن دسم الأرض وكثرة حنطةٍ وخمرٍ “ ( تك 27 : 28 ) .. إن ندى السماء هو نِعَم الروح .. وكثرة حنطة وخمر إشارة إلى الشبع الروحي والفرح .
لكن عندما جاء عيسو واكتشف إسحق الحقيقة وقال ” باركتهُ نعم ويكون مُباركاً “ ( تك 27 : 33 ) .. إن ما حدث هو أمر إلهي ونفَّذ إسحق ذلك بالروح حتى لو كانت الطريقة خاطئة إلا أنه أمر إلهي واجب النفاذ .. فحَقَدْ عيسو على يعقوب ولهذا دخل أبونا يعقوب في دائرة الهروب .
رفقة :
ما هي أخطاء رفقة ؟
1.التمييز بين أولادها .. وإن قال الله شئ فالله قادر أن ينفذه بطريقته دون تدخُّل مني .
2.أساءت إلى ابنها البكر عيسو وكبَّرِت الفجوة بينها وبينه .
3.شوهت العلاقة بين الولدين .
4.خدعت زوجها .
5.جلبت على نفسها لعنة .. ” فقالت له أُمُّه لعنتك عليَّ يا ابني “ ( تك 27 : 13) .. هذا ما قالته ليعقوب .
علينا أن نستشير الله في كل الأمور .. فأحياناً الخطط البشرية تنجح وكما قال داود النبي لربنا في عتاب ” لماذا تنجحُ طريق الأشرار “ ( أر 12 : 1) .. علينا أن نعرف أننا عندما نريد الله يجب أن تكون أفعالي مستقيمة والكلام مستقيم .. أحصل على مواعيد ربنا باستحقاق روحي وليس بمكر بشري .
ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته
له المجد دائماً أبدياً آمين
معايير إختيار شريك الحياة ج2( كورس إختيار شريك الحياة)
كورس إختيار شريك الحياة 2 ( الإختيار )
لابد أن يتعرف الشخص على نفسه أولاً من هو ؟ ماذا يريد ؟ ما هدفه ؟ طموحاته مميزاته سلبياته واقعه أسرته إمكانياته
العلاقة الوحيدة التي يدخل فيها الإنسان في الإختيار هي الزواج لأننا لا نختار بقية العلاقات ( الأب - الأم - الأخ - الأخت - الأقرباء - بل حتي الأبناء وإن هناك صفات سوف تأتي من نفس الإختيار )
ومن العجيب انه قد تنجح العلاقات التي لانختارها أكثر وتثبت وتستمر أكثر من الزواج الذي نختارة وهذا يرجع إلي سوء الإختيار
ومعظم سلبيات الزواج نحملها للشخص ويتحمل مسؤليتها لانها ترجع إلي سوء الإختيار
أهمية التدقيق فى اختيار شريك الحياة :
الزيجة المسيحية واحدة، ودائمة.
والزواج المتوافق بمسئولياته لا يأتى من فراغ. بل بناء على تفكير عميق ودراسة واعية ناضجة.فهو مهمة كبيرة وخطيرة لا سيما فى الزمن الحالى.
ويجب أن نعرف أنه ليس كل اثنين متميزين فى السلوك والصفات، يصلحان كزوجين.
لذلك ينبغى التدقيق فى معرفة كل البيانات عن الطرف الآخر، والتعرف على شخصيته.
الأسس الضرورية للاختيار :
1 ـ الوقت المناسب.
مطلوب النضج الذى يؤهل للاختيار، وهذا النضج ينبغى أن يكون فكريا وعاطفيا ونفسيا واجتماعيا وماديا. فنظرة الشخص وقناعاته تختلف مع مدى النضج الذى يصل إليه.
2 ـ الواقعية :
أ ـ المادية : التقارب الذى لا يجعل الزواج شراء للزوجة
ومن الناحية الأخرى يستطيع أن يتحمل مسئولية المعيشة.
مع ضرورة عدم المغالاة فى الطلبات المادية مثل الشبكة، والشقة، والأثاث الزائد.
ب ـ الاجتماعية : فالفارق الكبير يسبب الكثير من المشاكل (الملابس، والاجتماعية فى التعامل مع الشباب.. والشاب الريفى. والمواقف بين الأهل، وطريقة تربية الأولاد)
ج ـ الثقافية : خصوصا إذا اختلف المؤهل فينبغى أن يعوض بالنجاح المادى والثقافى.
د ـ الشكلية : لا نطلب الجمال الجسدى ونبالغ فيه، مع ما فيه من احتمالات الغرور والنقص فى الملكات الأخرى بسبب الاتكال على الجمال.
وهناك الجمال الروحى الداخلى.
هـ ـ فى العمر (السن) : فالتقارب فى السن ضرورى لسهولة التفاهم (صعوبة التفاهم بين الأجيال المختلفة) حيث الفوارق الواسعة فى جوانب وخبرات الحياة.
3 ـ الإيمان :
الوحدة فى المعتقد والتكافؤ فى درجة التدين، والعلاقة الجيدة بالله التى تزيدنى قربا إليه.
ولأن الإنسان لا يعرف إلا الحاضر والظاهر فقط، فينبغى إشراك الله الذى يعرف الأعماق والمستقبل أيضا. لذلك ينبغى الإلحاح الشديد فى طلب إرشاد الله، وعدم إتمام الارتباط قبل الاطمئنان إلى موافقته لإرادة الله. وذلك بالقداسات والصلوات.
ثم ينبغى متابعة مبادئ وارتباطات الطرف الآخر. الكنيسة والتناول والأصوام والاعتراف، والعشور ..الخ.
4 ـ الاقتناع العقلى :
إن المقياس الروحى لن يلغى المقياس العقلى. ولكن إذا بدأنا بالمقياس العقلى فقط، فقد يلغى المقياس الروحى.
والاقتناع العقلى يؤمن الفرد من الانفعال العاطفى الذى يدفع الإنسان للارتباط نتيجة الانبهار أو الإعجاب.
هنا ينبغى الاهتمام بالكثير من الأمور مثل :
+ القدرة على تحمل ما لا يرضى فى الطرف الآخر ولا يستطيع أن يغيره.
+ التكافؤ فى النظرة العامة للأمور وأسلوب التفكير.
+ الصفات الموجودة فى الشخص الآخر ومدى موافقتها لى ولطبيعتى.
حيث يمكن أن تظهر أمور يمكن أن تهدد استقرار الحياة الزوجية مثل :
+ الاعتداد الفائق الحد بالكرامة وتقدير الذات والكبرياء والتعالى.
العناد ورفض المشورة. أو عدم الاهتمام بالرأى الآخر.
+ استمرار تدخل الآخرين بصورة مباشرة أو غير مباشرة.
+ الانجذاب نحو علاقات قديمة.
+ الأنانية.
+ البخل.
+ الحساسية الزائدة، وحدة الطبع.
+ عدم القدرة على مواجهة المواقف والتلعثم فى الكلام.
+ عدم الثقة فى النفس والانطوائية الشديدة والتقوقع.
+ السيطرة على الحديث، وعدم إعطاء الفرصة للآخرين.
+ عدم تقدير الوقت، وبالتالى عدم الانضباط فى الارتباطات والمواعيد.
+ النكدية.
+ الغيرة الشديدة والزائدة على الحد.
5 ـ القبول العاطفى :
ضرورة التقبل للشخص الآخر.
التقبل الذى يدع كل من الطرفين فخورا بالآخر.
وينبغى أن يكون هذا التقبل من الجانبين.
تقبل للشخصية ككل فى الطباع والتصرفات وكل ما يتعلق بالشكل العام فى جملته.
والتقبل غير الافتتان، وغير الإعجاب..الخ.
6 ـ الصراحة :
فينبغى الانتباه إلى أن الزواج يقوم على الحقائق الواضحة، كما يهدمه كل إخفاء متعمد.
فلا ينبغى التظاهر فى هذه الفترة بما ليس فينا، بل الصراحة لأن كل شىء سينكشف ولكن فى وقت يتعذر فيه الإصلاح.
مقاييس فى الإختيار
لابد من انجذاب وعواطف وبذل وتضحية وحياة مشتركة في الماليات والاهتمامات في الوقت والترفية والتسلية والمناسبات والزيارات
وحياة مشتركة في الروحيات والاهتمامات
اصعب فشل هو الفشل الزوجي
مقاييس فى الإختيار الزوجى
أ- مقاييس داخلية :
1- حد أدنى من التعاطف والتجاذب النفسى المتبادل.
2- حد أدنى من التناسب فى الطباع.
3- حد أدنى من الإتفاق على قيم أخلاقية أساسية.
4- حد أدنى من الإتفاق على أهداف مشتركة فى الحياة.
5- حد أدنى من التناسب الروحى.
ب- مقاييس خارجية :
1- الخصائص الجسمانية.
2- التناسب فى العمر.
3- التناسب فى المستوى الثقافى والتعليمى.
4- التناسب فى المستوى الاجتماعى.
5- الإمكانات الإقتصادية اللازمة لإتمام الزواج.
ويأتى القرار المناسب نتيجة للمحصلة النهائية لهذه المقاييس مجتمعة، ولكى يتمكن كل من الخطيبين من التأكد من صلاحية كل منهما للآخر ينبغى أن يأخذ فى الإعتبار الاحتياطات التالية:
1- الوضوح مع النفس : وبالتالى الصراحة التامة مع الآخر والمكاشفة المتبادلة بلا تمثيل، ولا تزييف للحقائق ولا إخفاء لأمور لها علاقة بحياتهما المشتركة المقبلة.
2- إتاحة فرصة كافية للتعرف : كل واحد على طباع الآخر عن قرب من خلال الأحاديث، والمواقف والمفاجآت المختلفة، وهذا يتطلب أن تكون فترة الخطبة كافية، بلا تسرع ولا تعجل.
3- الإستعداد المتبادل لقبول الآخر المختلف : "عنى" والتكيف على طباعه حتى لو استلزم ذلك "منى" التنازل عن أمور أفضلها ولا تروق له، أو تعديل سلوكيات وإتجاهات تعوقنى عن التفاهم معه والتلاقى به.. هذا هو أهم احتياط يؤخذ فى الإعتبار من أجل زواج ناجح.
4- تحكيم العقل وعدم الانجراف مع تيار العاطفة : حيث العاطفة الرومانسية خيالية، وتلتمس العذر لكل العيوب حتى الجوهرية منها، وتؤجل تصحيح الإتجاهات الخاطئة، وتضعف الإستعداد للتغير إلى الأفضل، فالعاطفة غير المتعقلة توهم الخطيبين بعدم وجود أية إختلافات، وتصور لهما استحالة حدوث أية مشكلات مستقبلية.
فإذا اعتبرنا أن الإختيار نقطة على خط الحياة الزوجية، فإن عملية الإكتشاف المستمر لشريك الحياة هى خط الحياة الزوجية كلها، وبدونها لا يتحقق نجاح الحياة العائلية.
مفاهيم خاطئة عند اختيار شريك الحياة – الزواج
الملكة والامير
في اختيارنا لشريك الحياة نهتم بالبحث عن الفتاة ذات الجمال الخارجي وهذا ما يزرعه في أعماقنا وسائل الاعلام المختلفة
الشد والجذب
في اختيارنا لشريك الحياة نسمع هذه العبارة "فيها حاجة شدتني مش عارف ايه الحاجة دي بس أنا مشدود لها
في أغلب الاحيان الانجذاب بهذه الطريقة الغير محددة يكون انجذاب غير صحي ويكون سببه احتياجات عميقة غير مسددة وهذا الانجذاب هو الاداة التي يسدد بها هذا الاحتياج
القضاء والقدر
"أنا منتظر البنت المكتوبة لي"
"أنا منتظر قسمتي ونصيبي"
وكأن الله قاسم لكل شخص شريكه في الحياة متعديا بذلك على عقولنا ونفوسنا التي خلقنا بها لكي نختار حياتنا بأنفسنا
معايير الإختيار :
من يعرف كرامة السر ودوافعه صحيحة سيعرف كيف يختار .. هناك مشكلتين .. الإختيار هو ماذا يريد الإنسان .. وكثير من الأحيان لا يعرف الإنسان نفسه ماذا يريد .. والجزء الآخر إن الإنسان أحياناً لا يعرف أن يفكر لنفسه بشكل صحيح .. لكن النضج الروحي يزن المشكلتين .
إن الله خلقنا عُقلاء بحرية ولذلك الله يُسر بذلك فينا .. إن المسيحية لا تلغي الشخصية المسيحية ولكنها تُقدسها وترفعها .. إذاً مشكلة الإختيار تحتاج أولاً نُضج روحي .. ثم طِلبة من الله لكي يعطي من يده الشخص المُعين لي .. ويساعدني على خلاص نفسي ونربح الملكوت معاً .. وعندما تكون الأهداف صحيحة تكون الإختيارات صحيحة .. بالإضافة إلى أن الصلاة والتأني والمشورة مهمين جداً في عملية الإختيار .
ومن الأشياء المهمة أيضاً في عملية الإختيار أن يكون هناك نظرة شاملة .. وتقدير لكل الأمور .. السن مثلاً .. الإمكانيات .. حياته مع الله .. عائلته وأُسرته .. ثقافته العامة .. ويجب أيضاً أن تكون النظرة عميقة وموضوعية .
مخاوف من الزواج وخصوصاً لدى البنات
الخوف من الرفض
الخوف من الفشل
الخوف من المجهول
الخوف من المسؤلية
الخوف من القيود
الخوف من العلاقات الجسدية
الخوف من تجارب سابقة
الخوف من تكرار نماذج معروفة
أسباب خاطئة فى الزواج
مجرد الهروب من البيت
الشعور بالوحدة يجب ان يعالج قبل الزواج لانه غالبا سوف يستمر
الجمال الخارجي الحسن غش والجمال باطل ام ٣٠:١٣
التسرع عموماً وخصوصاً لو بعد فك خطوبة كرد فعل
الضغوط الخارجيه
الشفقه والتعاطف
اطفاء الغريزة او التحرق
مجرد القرابه للتقاليد الاسرية
الانتفاع المادي او السفر او العمل
الرومانسية والعاطفية فقط الخالية من الموضوعية
هل الحب وحده يضمن نجاح ارتباط
هل انت مستعد للارتباط -
هناك اسباب خاطئة للارتباط ( الرغبه في التحرر من الاهل وصعوبه طباعهم - الاشتياق للجنس - التغلب علي الوحده - الانجاب - الاحتياج المادي - العطف علي الطرف الاخر - تعلق طرف دون الاخر - كل الاصدقاء مرتبطون -الحلم بيوم الزفاف والاحتفال به - الخوف من عدم ايجاد شخص مناسب وكسب العمر - وسيله للهجره
مواضيع للحوار اثناء بداية الارتباط
يفضل ان يكون لك نفس قيم واهداف الطرف الاخر وان وجد اختلافات هل يوجد اتفاق واحترام لوجه نظر الآخر
الشخص المناسب هو الذي لديه القدرة علي التواصل معك ومع افكارك ومشاعرك ويتصف بالمرونه والنمو والحكمه
الحب ليس كافياً لاختيار الشخص المناسب
....وجهات النظر في الموضوعات الجوهريه - هل تريد اطفال - المال المشكله الحقيقيه في رغبه التحكم والانانية والتدخل الزائد تحمل المسؤلية
العائلة والاصدقاء كيف يكون هناك اتزان بين قضاء بعض الوقت والتعلق الزائد
الغضب والتحكم في النفس - كيف تقضي وقت فراغك - الاماكن التي يحبها - ماهي اولويات يوم الاجازة - الهداف المستقبلية ماذا تريد
المشاركة في المسؤليات الانفاق وامور البيت
كيف تري نفسك هل انت انسان غيور كيف تعبر عن حبك كيف تستمع
العائلة
ماذا تمثل طفولتك - تاثير اسرتك ايجابي ام سلبي هل تعتقد ان هناك مشاعل تتوقعها من اسرتك وما هي نصيحتك للتعامل مالذي يعجبك ولا يعجبك في اهلك
كم طفل تريد وهل بعد الزواج مباشرة ام تؤجل
وكيف تري طريقة تربية الاولاد
ماهي هواياتك وهل تحافظ عليها بعد الزواج وايضا بعد انجاب الاطفال
ماهي طبيعة عملك - ماهي اكبر الصعوبات التي تواجهك
مشتروات البيت وطريقه الانفاق
كيف تقول او تقولي احبك ؟
وجودك في حياتي تجعل مشاكلي تقل - وجودك هو اجمل هديه من رب المجد يسوع في حياتي
لا يوجد سبب للتعاسة طالما انت موجود
اشعر بالخوف بدونك -احب اي شيء يخصك اخشي ان اجرحك
الاستماع الجيد لا تقاطع واظهر اقصي انتباة ولا تظهر اي نوع من الملل
ستتاكد من انك اخترت صح حينما تكتشف ان الطرف الاخر يساندك ويشجعك ( احذر السلبي الاناني الغضوب الكذاب المزعج الناقد المسيطر )
الشخص المناسب هو الذي يقدر احتياجاتك وطموحاتك طالما انها في حدود المعقول
بعض النصائح الهامة
حوار باحترام - توصيل مدي اهميته لكي -لاتنقد كثيرا - اعط اهتماما للمواهب والاهتمامات -اظهار الحنان والاشفاق - كسر الروتين وعمل مفاجئات
عدم الازعاج اثناء العمل -اظهر كم انت فخور بها او به اعطاء النصائح بطريقه غير مباشرة
نحذر من الدخول في مقارنات بين الاسرتين او بين الاصحاب كوني لطيفه ومتواصله مع اسرته - لا تكثري من ذكر مواقف سلبيه ولا تؤنبي ضميره شجعي افكاره وطموحاته اشكريه علي رعايته لك
الشخصيات المتعبة
الذي يظن انه يعلم كل شيء
الناقد السلبي وبطريقه مهينه
الذي لا تستطيع ان تعرف ما بداخله ويظهر عكس ما يبطن
الاناني المتمركز حول ذاته
الباحث عن المشاكل والمزعج دائماً الذي يجرح دون ان يشعر
هناك من يستمتع ان يري الطرف الآخر متالم يبكي مجروح مكسور مقهور يتلذذ بخوف الطرف الاخر منه ....هذا شخص مسيطر
علي العكس المقهور
وهو الذي يتعرض للاستغلال والقهر ولا يستطيع ان يعبر عن نفسة
لابد من وجود شيء من المرح في الحديث - لابد من الحديث عن مشاكلك مع الطرف الآخر
خطوط حمراء في الارتباط
عدم الاتفاق في القيم والمبادئ - توتر العلاقة الدائم
لاتتكلم عن مشاكلك مع الطرف الآخر عدم الاحترام المتبادل عدم الثقة الرغبه في العزل عن الاهل والاصدقاء
الكذب والخداع
حينما تشعر بالسعاده في غيابه او سفره
عدم التناسب الروحي
سمات لابد تتوفر في البنت
الحشمه من الوداعه ومن الثقه في الحمال الداخلي
الخجل مطلوب لانه يجذب الشاب ويشعره بالمسؤليه
ولانه يترجم الرغبه في الاحتماء بالطرف الاخر
الهدوء
النضوع والبشاشة والروحانية
الشباب والمسؤلية
مسؤلية الحب والعطاء القيادة الازمات العبادة والنمو
سؤال مهم أنت تختار الأفضل أم الانسب
أهمية فترة الخطوبة
قهى ليست للرومانسية واللهو والمتعة بل للدراسة والصلاة والإقتراب الحذر الملئ بالتفكير والتحليل ومعرفة الشخصية وإكتشفاها وإقترابها من الله ومعرفه علاقاته وأصدقائه وعلاقته بأسرته وعمله وسلوكياته ومهاراته وسلوك أهل البيت وتعوده لروح المشاركة مع أسرته والبذل والعطاء والبخل وإستقامة العلاقات والأسلوب والتفكير وأسلوب علاج المشاكل والمبادىء ولنحذر من الإنشغال فى النواحى الإجرائية والإستعجال خصوصاً للقادمين من الخارج
مشاكل فترة الخطوبة
التجمل فى نظر الآخر وابراز الإيجابيات فقط الرومانسية الزائدة وأحياناً الغرائز تجاهل الشاكل وقله الخبرة الإنعزال عن المجتمع والأسرة والكنيسة الإنشغال بالإجراءات والتجهيزات والأحتفالات ولا نهتم بأدق الأمور ولا اهتم بإعداد نفسى وشخصى لهذه الخطوة
كيف تهتم بالمسكن دون الساكن
النضج النفسى والروحى اللازم للإرتباط
عند اختيار شريك الحياة يجب أن نتأكد أننا قد بلغنا القدر المناسب من النضوج النفسي والروحي
ثالثاً : النضوج الانساني
• النضوج الروحي
• النضوج النفسي
• النضوج الجسدي
نتائج النضوج الانساني:
معرفة نفسي على حقيقتها
عدم الانسياق وراء العاطفة وحدها
بناء علاقة ناجحة بناءة
ملامح النضوج
خطورة العلاقات العاطفية المبكرة
مخاطرها عند اختيار شريك الحياة :
تمنع النضوج العاطفى للإنسان
النضوج العاطفى هو:
القدره على التحكم فى عواطفى و مشاعري
وَمَالِكُ رُوحِهِ خَيْرٌ مِمَّنْ يَأْخُذُ مَدِينَةً(أم16: 32)
جرح القلب
العلاقات المبكرة أغلبها ينتهى بالفشل وهذا يؤدي الى مأساة عاطفية ومازال الكثيرين قلبهم ينزف بسبب العلاقات العاطفية وهذا له تأثير سلبي جداً على اختيار شريك الحياة .
الدخول فى علاقة جنسية قبل الزواج
هذا النوع من العلاقات ينشئ جرح عميق وخصوصا بعد فشل العلاقة فهذه الأشياء لاتُمحى مع الأيام فهي أشياء تظل معى مدى الحياة وخاصة عند اختيار شريك الحياة .
ارتباط بالشخص الغير مناسب
فالارتباط فى كثير من الأحيان يكون بالشخص الذي اريده وليس بالشخص المناسب .
التعامل معها:
• روحياً
• نفسياً
• عملياً
الدور الإلهى فى اختيار شريك الحياه:
1- الدور الالهى فى معرفتى بمن انا:
الرب يعرفنى بنفسى و يساعدنى فى اكتشاف من اكون و ما هى الحاجات الى احتاج ان اشتغل عليها داخل نفسى لكى اكون لأفضل
2- معرفة ما يناسبنى:
هذا محتاج حكمه الهيه ,هل انا و الشخص الأخر نصلح بعضنا لبعض x-matching
هو ان اضع نفسى مكان الأخر فى العلاقه هل سيكون او سيكون سعيد اليس فقط انى انا سوف اكون سعيد
اذا اكتشفت انى انا فقط سأكون سعيد هذا معناه انه ليس الشخص المناسب
3- معرفة من هو الشخص :
الدور الالهى مهم فى معرفة من هو هذا الشخص فلو انا عارف على من أبحث سيكون من السهل جدا ايجاد هذا الشخص
فهذا الشخص سيظهر و لكن ليس بكثرة التواجد معا بل بكثرة رؤيتى له من على بعد و هو او هى يتصرف على طبيعته بدون اقنعة
لابد ان احسب نسبة نجاحنا مع بعض لو اقل من 100% لا يصلح
لازم تكون هى انسب حد لى
لازم يكون هو انسب حد لى
يوسف وحلم فرعون
عَرَفَ فِرْعُون يُوسِف عِنْدَمَا حَلَمَ حِلم وَلَمْ يَعْرِف تَفْسِيره عِنْدَئِذٍ تَذَكَّر رَئِيس السُّقَاة أنَّ يُوسِف فَسَّر لَهُ حِلْمه عِنْدَمَا كَانَ مَعَهُ فِي السِّجْن فَأخْبر فِرْعُون عَنْ يُوسِف .
مِنْ سِفر التَكوِين 41 : 9 – 16 { ثُمَّ كَلَّمَ رَئِيسُ السُّقَاةِ فِرْعَوْنَ قَائِلاً أنَا أتَذَكَّرُ اليَوْمَ خَطَايَايَ . فِرْعَوْنُ سَخِطَ عَلَى عَبْدَيْهِ فَجَعَلَنِي فِي حَبْسِ بَيْتِ رَئِيسِ الشُّرَطِ أنَا وَرَئِيسَ الخَبَّازِينَ . فَحَلُمْنَا حُلْماً فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ أنَا وَهُوَ . حَلُمْنَا كُلُّ وَاحِدٍ بِحَسَبِ تَعْبِيرِ حُلْمِهِ . وَكَانَ هُنَاكَ مَعَنَا غُلاَمٌ عبْرَانِيٌّ عَبْدٌ لِرَئِيسِ الشُّرَط فَقَصَصْنَا عَلَيْهِ . فَعَبَّرَ لَنَا حُلْمَيْنَا . عَبَّرَ لِكُلّ وَاحِد بَحَسَب حُلْمِهِ . وَكَمَا عَبَّر لَنَا هكَذَا حَدَثَ . رَدَّنِي أنَا إِلَى مَقَامِي وَأمَّا هُوَ فَعَلَّقَهُ . فَأرْسَلَ فِرْعَوْنُ وَدَعَا يُوسُفَ . فَأسْرَعُوا بِهِ مِنَ السِّجْنِ . فَحَلَقَ وَأبْدَلَ ثِيَابَهُ وَدَخَلَ عَلَى فِرْعَوْنَ . فَقَالَ فِرْعَوْنُ لِيُوسُفَ حَلُمْتُ حُلْماً وَلَيْسَ مَنْ يُعَبِّرُهُ . وَأنَا سَمِعْتُ عَنْكَ قَوْلاً إِنَّكَ تَسْمَعُ أحْلاَماً لِتُعَبِّرَهَا . فَأجَابَ يُوسُفُ فِرْعَوْنَ قَائِلاً لَيْسَ لِي . اللهُ يُجِيبُ بِسَلاَمَةٍ فِرْعَوْنَ } .
تَخَيَّل نَفْسِيَّة شَاب فِي السِّجْن يَتَعَامل مَعَ مَسْجُونِين .. نَفْسِيَّة حَزِينة مُكْتَئَبة وَيَقُول لَهُ أنْتَ تُفَسِّر الأحْلاَم فَيُجِيب فِرْعُون قَائِلاً { لَيْسَ لِي . الله يُجِيبُ بِسَلاَمَةٍ فَِرْعَوْنَ } ( تك 41 : 16 ) .. رَغمْ أنَّهُ جَاءَ مِنْ سِجْنه لِيُفَسِّر أحْلاَم أي أنَّ العَالم يَحْتَاجه لكِنَّهُ يَقُول لَسْتُ أنَا مَنْ يُفَسِّر أي الله هُوَ الَّذِي يَعْمل وَيُفَسِّر الحِلم وَيُطَمئِنَّا عَلَيْكَ .. هَلْ فِرْعُون يَعْرِف الله ؟ وَهَلْ يَقْبل هذِهِ الكَلِمة ؟ بِالطبع لاَ .. لكِنْ لأِنَّ يُوسِف مَشْغُول بِالله وَيُحِبَّه فَكَانِت هذِهِ إِجَابته لِفِرْعُون .
حِلْم فِرْعُون هُوَ سَبْع عِجُول سُمَان وَسَبْع عِجُول هَزِيلة .. أكَلِت السَّبْع عِجُول الهَزِيلة السَّبْع عِجُول السُمَان وَ ..... فَأجَابَ يُوسِف { حُلْمُ فِرْعَوْنَ وَاحِدٌ . قَدْ أخْبَرَ اللهُ فِرْعَوْنَ بِمَا هُوَ صَانِعٌ . البَقَرَاتُ السَّبْعُ الحَسَنَةُ هِيَ سَبْعُ سِنِينَ . وَالسَّنَابِلُ السَّبْعُ الحَسَنَةُ هِيَ سَبْعُ سِنِينَ . هُوَ حُلْمٌ وَاحِدٌ } ( تك 41 : 25 – 26 ) .. لِنُعِد عَدْد المَرَّات الَّتِي قَالَ فِيهَا يُوسِف كَلِمة " الله " .. أعلْن لِفِرْعُون تَفْسِير الحُلْمٌ أنَّ هُناك سَبْع سِنِين شَبَع سَيَأتِي بَعْدَهَا سَبْع سِنِين جُوع .. { وَأمَّا عَنْ تَكْرَارِ الحُلْمِ عَلَى فِرْعَوْنَ مَرَّتَيْنِ فَلأِنَّ الأمْرَ مُقَرَّرٌ مِنْ قِبَلِ اللهِ وَاللهُ مُسْرِعٌ لِيَصْنَعَهُ } ( تك 41 : 32 ) .. أرْبع مَرَّات يَقُول فِيهَا يُوسِف كَلِمة " الله " .
ثُمَّ قَالَ لِفِرْعُون عِلاَج المُشْكِلة { فَالآنَ لِيَنْظُرْ فِرْعَوْنُ رَجُلاً بَصِيراً وَحَكِيماً وَيَجْعَلْهُ عَلَى أرْضِ مِصْرَ . يَفْعَلْ فِرْعَوْنُ فَيُوَكِّلْ نُظَّاراً عَلَى الأرْضِ وَيَأخُذْ خُمْسَ غَلَّةِ أرْضِ مِصْرَ فِي سَبْعِ سِنِي الشَِّبعِ . فَيَجْمَعُونَ جَمِيعَ طَعَامِ هذِهِ السِّنِينَ الجَيِّدَةِ القَادِمَةِوَيَخْزُنُونَ قَمْحاً تَحْتَ يَدِ فِرْعَوْنَ طَعَاماً فِي المُدُْنِ وَيَحْفَظُونَهُ . فَيَكُونُ الطَّعَامُ ذَخِيرَةً لِلأرْضِ لِسَبْعِ سِنِي الجُوعِ الَّتِي تَكُونُ فِي أرْضِ مِصْرَ . فَلاَ تَنْقَرِضُ الأرْضُ بِالجُوعِ . فَحَسُنَ الكَلاَمُ فِي عَيْنَيْ فِرْعَوْنَ وَفِي عُيُونِ جَمِيعِ عَبِيدِهِ . فَقَالَ فِرْعَوْنُ لِعَبِيدِهِ هَلْ نَجِدُ مِثْل هذَا رَجُلاً فِيهِ رُوحُ اللهِ . ثُمَّ قَالَ فِرْعُوْنُ لِيُوسِفَ بَعْدَمَا أعْلَمَكَ اللهُ كُلَّ هذَا لَيْسَ بَصِيرٌ وَحَكِيمٌ مِثْلَكَ . أنْتَ تَكُونُ عَلَى بَيْتِي وَعَلَى فَمِكَ يُقَبِّلُ جَمِيعُ شَعْبِي . إِلاَّ إِنَّ الكُرْسِيَّ أكُونُ فِيهِ أعْظَمَ مِنْكَ } ( تك 41 : 33 – 39 ) .
وَضَعَ يُوسِف لِفِرْعُون خِطَّة لِعِلاَج المُشْكِلة وَحَسَبهَا حِسْبة رِيَاضِيَّة أنْ يَأخُذ خُمْس غَلَّة الأرْض خِلاَل السَّبْع سِنِين الشَّبْع .. إِنْ كَانَ الخُمْس فِي خَمْس سَنَوَات يُعْطِي ضِعْف المحصُول وَلأِنَّ الخِير كَثِير فِي سِنِي الشَّبْع فَسَتَكُون كَمِيَّة الغَلَّة المُخَزَّنَة فِي السَّبْع سَنَوَات كَثِيرة جِدّاً جِدّاً .. سَمِعَ فِرْعُون لِيُوسِف وَأُعْجِبَ بِالخِطَّة وَلكِنْ نُلاَحِظ أنَّهُ حَتَّى فِرْعُون بَدَأَ يَقُول كَلِمة " الله " وَيَتَحَدَّث عَنْ الله وَكَأنَّهَا عَدْوَى وَإِنْتَقَلْت لَهُ مِنْ يُوسِف .
وَأعْطَى السُّلْطَة لِيُوسِف عَلَى كُلَّ أرْض مِصْر .. { ثُمَّ قَالَ فِرْعَوْنُ لِيُوسُفَ انْظُرْ . قَدْ جَعَلْتُكَ عَلَى كُلَّ أرْضِ مِصْرَ . وَخَلَعَ فِرْعَوْنُ خَاتِمَهُ مِنْ يَدِهِ وَجَعَلَهُ فِي يَدِ يُوسُفَ ْ} ( تك 41 : 41 – 42 ) .. " الخَاتِم " رَمز السُّلْطَة لأِنَّهُ خِتم الدَولة .. هُناكَ دِول بِهَا رَئِيس لكِنَّهُ مَرْكز شَرَفِي لكِنْ الأهم هُوَ رَئِيس الوُزَرَاء .. هُنَا فِرْعُون جَعَلَ يُوسِف بِمَثَابِة رَئِيس وُزَرَاء وَمَرْكَزه أهمْ شَخْصِيَّة فِي الدَولة .
{ وَألْبَسَهُ ثِيَابَ بُوصٍ وَوَضَعَ طَوْق ذَهَبٍ فِي عُنُقِهِ . وَأرْكَبَهُ فِي مَرْكَبَتِهِ الثَّانِيَةِ وَنَادُوْا أمَامَهُ ارْكَعُوا . وَجَعَلَهُ عَلَى كُلِّ أرْضِ مِصْرَ } ( تك 41 : 42 – 43 ) .. يُوسِف خَارِج مِنْ السِّجْن مَعَهُ حِرَاسة وَمُتَوَقِع أنْ يَقُوم بِمُهِمَّة أوْ مَأمورِيَّة ثُمَّ يَعُود أوْ بِالأكثر يُعْطِيهِ فِرْعُون بَعْض المَال الَّذِي لَنْ يَفْعل بِهِ شِئ فِي السِّجْن .. لكِنَّهُ صَارَ أهمْ رَجُل فِي مِصْر وَاخْتَارَ لَهُ فِرْعُون زَوْجة إِسمَهَا أسْنَات .. { فَخَرَجَ يُوسُفُ عَلَى أرْضِ مِصْرَ . وَكَانَ يُوسُفُ ابْنَ ثَلاَثِينَ سَنَةً لَمَّا وَقَفَ قُدَّامَ فِرْعَوْنَ مَلِكِ مِصْرَ . فَخَرَجَ يُوسُفُ مِنْ لَدُنْ فِرْعَوْنَ وَاجْتَازَ فِي كُلِّ أرْضِ مِصْرَ } ( تك 41 : 45 – 46 ) .
اليَوْم يُوسِف يَجْنِي ثَمْر .. يُوسِف حَلْق شَعْرَهُ وَأبدل ثِيَابِهِ .. إِنْسَان خَرْج مِنْ السِّجْن وَيُرِيد أنْ يُقَابِل فِرْعُون فَلاَ يَلِيق أنْ يُقَابِلَهُ بِمَلاَبِس السِّجْن وَشَكْل السِّجْن .. فِي تَعْبِير الكِنِيسة يَقُول الآباء عَنْ " حَلْق الشَّعْر " هُوَ أنَّ الشَّعْر شِئ مَيِّت يَنْبُت مِنْ الرأس وَالَّذِي يَجْعَلك تَشْعُر بِهِ هُوْ نَبتِة الشَّعْر نَفْسَهَا لكِنْ الشَّعْرَة هِي شِئ مَيِّت .. الآباء يَقُولُون أنَّ الشَّعْر هُوَ الأعمَال المَيِّتة الخَارِجة مِنْ الجَسَد .. إِحْلقهَا .. أوْ الشَّعْر نَاتِج عَنْ الفِكر أي الأفكَار الخَارِجة مِنْ فِكر الإِنْسَان كَي يَقِف أمَام فِرْعُون لاَبُد أنْ يِحْلقهَا .. أيْضاً يَقُول الآباء إِنَّهَا إِشَارة لِخلع العَتِيق وَلِبْس الجَدِيد أي نُجَدِّد أذْهَانِنَا .
أنَا كَشَاب أنَا يُوسِف كَي أقِف أمَام فِرْعُون أي الرَّئِيس أي الله لاَبُد أنْ يَكُون لِي فِكر محلُوق أطْرَح عَنِّي ثِقل الأفكَار الشِّرِّيرة وَأبَدِّل ثِيَابِي .. لاَ يَلِيق أنْ أقِف أمَامه بِثِيَاب السِّجْن .. هذَا بِالنِسبة لِي لكِنْ هُنَا يُوسِف الَّذِي يُشِير لِلمَسِيح يَقُولُون عَنْهُ أنَّ يُوسِف فِي فِترة السِّجْن يُمَثِّل المَسِيح فِي الإِخْلاَء لَمَّا تَجَسَّد وَأخْذ شَكل العبد شكل مَسْجُون لكِنْ لَمَّا تَرَاءى أمَام الآب أي فِرْعُون تَرَاءى بِمَجده تَخَلَّى عَنْ صُورة السِّجْن .. يَسُوع لَمَّا تَجَسَّد جَاءَ لِلعَالم وَصُلِبَ وَ ..... كُلَّ هذَا كَانَ فِي السِّجْن ثُمَّ لَمَّا تَرَاءى أمَام الآب خَلْع ثِيَابه وَغَيَّرهَا وَحَلْق شَعْره أي لَبْس ثِيَاب المَجد .. رَجْع لِمَجده .. { وَالآنَ مَجِّدْنِي أنْتَ أيُّهَا الآبُ عِنْدَ ذَاتِكَ بِالمَجْدِ الَّذِي كَانَ لِي عِنْدَكَ قَبْلَ كَوْنِ العَالَمِ } ( يو 17 : 5 ) .
لَوْ كَانَ رَئِيس السُّقَاة عَمْل بِنَصِيحة يُوسِف الَّتِي طَلْبهَا مِنْهُ عِنْدَمَا فَسَّر لَهُ حِلْمه بِأنْ يَذْكُره أمَام فِرْعُون هَلْ سَيَكُون لَهُ أهَمِيَّة أمَام فِرْعُون ؟ لَوْ كَانَ أخْرَجَهُ فِرْعُون وَقتهَا كَانَ سَيَتوه فِي زِحَام مِصْر وَكَانَ سَيَعْمل فِي أي مَكْان وَعِنْدَمَا يَطْلُبه فِرْعُون قَدْ لاَ يَسْتَطِيع أنْ يَجِده .. إِذاً الله أبقَى يُوسِف فِي السِّجْن سَنَتِين لِخِيره وَهُوَ يُدَبِّر وَقت مُعَيَّن لِخِيره .. تَدْبِير إِلهِي .
أنْتَ كَشَاب إِعْرَف أنَّ الله صَانِع الخَيْرَات حَتَّى وَلَوْ تَأخْر عَنْكَ الخِير لاَ تَشْتَكِي وَلاَ تَتَذَمر فِي الوقت المُحَدَّد الله سَيُخْرِجك وَسَتَمْلُك .. الله مُدَبِر الخَلِيقة كُلَّهَا .. إِنْ كَانَ الرَّجُل الَّذِي يُنَقِّي قِطْعة مِنْ الحَدِيد يَعْرِف مَتَى يَضْرب عَلَيْهَا وَمَتَى يَضَعْهَا فِي النَّار .. الله صَانِع الخَيْرَات الصَّانِع المَاهِر الحَاذِق هَلْ لاَ يَعْرِف كَمْ مِنْ الوقت سَأكُون فِي الضِيق ؟
أحْيَاناً نُرِيد أنَّ الله يَسِير كَحَسَب هَوَانَا وَيِحَدِّد لَنَا الفَتَرَات وَنَقُول لَهُ هَلْ تُرِيد أنْ نَدْخُل السِّجْن ؟ نَحْنُ مُوَافِقُون لكِنْ كَمْ مِنْ الوقت سَنَكُون فِيهِ ؟ لاَ تُطِيل الوقت .. الله يَقُول لَكَ يَا ابْنِي إِترُكنِي أدَبَّر أمرك وَلاَ تَشْتَرِط عَلَيَّ مَاذَا أفْعل وَكَيْفَ ؟ لَنْ تَعْرِف مِثْلِي مَا هُوَ خِيْرك .. نَقُول لَهُ وَاضِح يَا الله أنَّكَ نَسْيتَنِي مَعَ رَئِيس السُّقَاة .. أُنْظُر الجِمِيل الَّذِي فَعَلْتَهُ مَعْك أنَا بَشَّرتك أنَّكَ سَتَحْيَا .. إِذْهب لِتَسْقِي فِرْعُون وَأوِّل مَرَّة تَسْقِيه إِعْرَف أنَّ الحِلْم الَّذِي فَسَّرتَهُ لَكَ تَحْقَّق ..لكِنْ لِلأسف رَئِيس السُّقَاة نَسْاه .
أحْيَاناً نَلْجَأ لِطُرُق فَاشِلة وَالله يَتْرُكنَا لأِنَّ الحَل عِنْده هُوَ .. أُصْبُر لِفِترة لاَزِمة .. مَا فَعَلْتَهُ زَوْجة فُوطِيفَار كَانَ لاَزِماً لِيَدْخُل يُوسِف السِّجْن وَالسِّجْن وَصَّلَهُ لِلمجد .. هذَا هُوَ الله .. لِذلِك يُوسِف يَقُول إِسم الله كَثِيراً وَهُوْ يُفَسِر الحِلْم .. وَجَمِيلة آية دَاوُد { وَتَكَلَّمتُ بِشِهَادَتك قُدَّام المُلُوك وَلَمْ أخْزَى } ( مز 118 – القِطعة 6 مِنْ الخِدمة الأُولَى مِنْ صَلاَة نِصف الَّلِيل ) .. رَغمْ أنَّهُ يَعْلم أنَّ كَلِمة الله قَدْ تُضَايِق فِرْعُون لكِنَّهُ صَمَّم أنْ يَقُولَهَا .
بَدَأَ يُوسِف يِفَسر حِلْم فِرْعُون لكِنْ أجمل مَا فِي الأمر أنَّ يُوسِف لَمْ يُفَسِر فقط الحِلم بَلْ وَضَعَ خِطَّة لِلعِلاَج .. جَيِّد أنْ تَصِل إِلَى تشخِيص مُشْكِلة فِي حَيَاتك لكِنْ هَلْ تَعْرِف كَيْفَ تَضَع خِطَّة لِعِلاَجهَا ؟ قَدْ نَعْرِف مُشْكِلة فِي بَلَدنَا أوْ عَمَلنَا أوْ كِنِيسِتنَا لكِنْ هَلْ نَعْرِف كَيْفَ نَضَع خِطَّة لِعِلاَجهَا ؟ أجمل مَا فِي يُوسِف أنَّهُ لَمْ يَأتِي لِيَقُص الأمر أوْ لِيْطرح مُشْكِلة فَقْط ثُمَّ يَعُود إِلَى حَيْثُ كَانَ .. لاَ .. بَلْ عَظَمَتَهُ أنَّهُ عَرْض الأمر وَعَرْض العِلاَج . لاَ يوجد طَبِيب يِشَخَّص مَرْض فَقْط دُونَ أنْ يُعْطِي عِلاَج .
مِنْ حِكمَة سَيِّدنَا البَابَا شِنُوده أنَّهُ عِنْدَمَا يَعْرِض عَلَيْهِ أحد الأباء الكَهَنْة مُشْكِلة يَقُول لَهُ بِإِسلُوب الدُعَابة .. وَمَا الحل ؟ أرْجُوك لاَ يَكُون عِنْدك رُوح نَقْض أوْ تَذَمُّر دُونَ أنْ يَكُون لَدْيكَ تَفْكِير إِيجَابِي وَهُوَ أنْ تَعْرِف الحل .. المَهَارة لَيْست فِي عَرْض المُشْكِلة أوْ العجز بَلْ المَهَارة فِي أنْ تَعْرِف كَيْفَ تِعَالجه .. المَهَارة لَيْست فِي مَعْرِفة المُشْكِلة بَلْ فِي وَضْع خِطَّة لِلشَّبْع .
قَالَ يُوسِف لِفِرْعُون فِي أيَّام الشَّبْع خَزِّن مِنْ غَلِّة الأرْض حَتَّى تَجِد مَا يَأكُلَهُ الشَّعْب فِي زَمن الجُوع .. خِطَّة جَمِيلة .. لِذلِك الكِتاب يَقُول { فَاذْكُرْ خَالِقَكَ فِي أيَّامِ شَبَابِكَ } ( جا 12 : 1) .. أيَّام الشَّبَاب أيَّام شَبْع إِسْعَى فِيهَا لِمَعْرِفة الله وَفِيهَا خَزِّن قَبْل أنْ تَأتِي أيَّام جُوع .. أنْتَ اليَوْم شَاب فِي الدِرَاسة ؟ جَيِّد لأِنَّ أيَّام العَمْل قَدْ لاَ يَكُون بِهَا وَقت لِلشَّبْع لِذلِك صَلِّي الآن وَسَبِّح وَرَنِّم وَتَنَاوَل .. خَزِّن لأِنَّهُ سَتأتِي أيَّام جُوع .. أُنْظُر لِحَيَاتك نَظْرة إِيجَابِيَّة لأِنَّهَا فِي يَد يَسُوع .
لِذلِك عِنْدَمَا سَمِعَ المَصْرِيُون يُوسِف بُهِتُوا مِنْهُ .. كُلَّ مَجد يُوسِف لأِنَّهُ رَفْض الخَطِيَّة .. هَلْ كَانَ يَتَوَقَّع أنَّ رَفْض الخَطِيَّة سَيأتِي عَلَيْهِ بِمْجد أم بِنَكبة ؟ أتَى عَلَيْهِ بِنَكبة لكِنْ فِي وَقتهَا فَقْط .. رَفْض الخَطِيَّة سَيُكَافِئك عَنْهُ الله وَإِنْ تَأخَّر .. قَدْ يَسْخر مِنْكَ أصْحَابك عِنْدَمَا تَرْفُض الخَطِيَّة أوْ تَقِف مَوْقِف مُعَيَّن لكِنْ إِنْتَبِه الله يُرِيد أنْ يُمْجِّدك .
قَول جَمِيل لِلقِدِيس يُوحَنَّا ذَهَبِيَّ الفَمْ عَنْ سَبْع سِنِين الشَّبْع يَقُول فِيهِ أنَّ الكِنِيسة هكَذَا سَارْت فَقَدْ كَانِت فِي فِترة مُعَيَّنة فِي حَالِة شَبْع فِي القرن الثَّالِث وَالرَّابِع كَانَ بِهَا قِدِّيسِين عُظَمَاء مِثْل الأنبَا بِيشُوي وَأبُو مَقَّار وَالأنبَا أنْطُونيُوس وَ ........... كُلَّ هؤلاء العُظَمَاء كَانُوا فِي وَقتٍ وَاحِد .. القِدِيس غِرِيغُوريُوس وَبَاسِيليُوس وَأثَنَاسيُوس وَ ........... جِيل وَاحِد .. لَيْتَكَ يَا الله كُنْت وَزَّعتَهُمْ عَلَى كُلَّ الأجيَال .. يَقُول لاَ .. توجد سِنِين جُوع وَسِنِين شَبْع خَزِّن فِي سِنِي الغِنَى وَالشَّبْع لِلجُوع .. نَحْنُ الآن فِي سِنِي الجُوع مَاذَا نَفْعل . نَتَذَكَّر أفعالهُمْ وَأقوالهُمْ .. قَالَ الأنبَا أنْطُونيُوس .. قَالَ القِدِيس يُوحَنَّا .. الكِنِيسة خَزِّنِت .. عِنْدَمَا لاَ أعْرِف تَفْسِير آية أعُود لِمْخزُون الآباء لأِعْرِفه .. الكِنِيسة بِهَا مَخزُون وَدَسَم وَغِنَى الآباء .
جَمِيل فِي يُوسِف أنَّهُ بَعْدَمَا عَرْض حل المُشْكِلة لِفِرْعُون قَالَ لَهُ { فَالآن لِيَنْظُرْ فِرْعَوْنُ رَجُلاً بَصِيراً وَحَكِيماً وَيَجْعَلْهُ عَلَى أرْضِ مِصْرَ } ( تك 41 : 33 ) .. بَدَأَ يَضْع الخِطَّة لِلعِلاَج .. لكِنْ هَلْ تَفْهمْ مِنْ كَلاَم يُوسِف أنَّهُ يَقْصِد نَفْسه ؟ أم يَقُول لِفِرْعُون أُرِيدك أنْ تَرَى إِنْسَان حَكِيم بَصِير ؟ فِكْرِة فِرْعُون عَنْ يُوسِف أنَّهُ أوَّلاً سَجِين أي بِلاَ كَفَاءة وَثَانِياً أنَّهُ سَاحِر يَحِل الأُمور بِالسِحر لكِنْ لَيْسَ مِنْ مُجْرَّد تَفْسِير حِلْم يَصِير رَئِيس وُزَرَاء .. يُوسِف قَالَ لَهُ أُنْظُر إِنْسَان حَكِيم بَصِير .. جَيِّد أنَّ يُوسِف يُقَدِّم حل يَقُوم بِهِ غَيْره .. إِتِضَاع .. يُقَدِّم الخِير بِدُون مُقَابِل شَخْصِي .. لَمْ يَقُل أنَا سَأقُوم بِهذَا الأمر .. لَمْ يَقُل .. أنَا .. حَتَّى أنَّ فِرْعُون فِي البِدَاية قَالَ لَهُ أنَا أعْلم أنَّكَ تُجِيد تَفْسِير الأحلاَم .
إِجَابِة يُوسِف { لَيْسَ لِي . الله يُجِيبُ بِسَلاَمَةٍ فَِرْعَوْنَ } ( تك 41 : 16) .. لَيْسَ لِي .. جَمِيل فِي يُوسِف أنَّهُ يُقَدِّم الخِير دُونَ أنْ يَطْلُب مَا لِنَفْسه .. أحْيَاناً عِنْدَمَا يُقَدِّم إِنْسَان شِئ يُرِيد هُوَ أنْ يَقُوم بِهِ وَنَحْنُ المَصْرِيِين لَدَيْنَا إِسلُوب هُوَ " يَا فِيهَا لاَ اخفِيهَا " .. يُوسِف يَعْلم أنَّ لَدَيْهِ الإِمْكَانِيَّة لِفِعْل ذلِك لكِنْ فِرْعُون لاَ يَعْلم وَيُوسِف لَمْ يَقُل لَهُ .. يَا لِرَوعِة يُوسِف فِي إِتِضَاعه وَتَقْدِيمه الآخَرِين عَنْ نَفْسه .. جَمِيل أنْ يَتَكَلَّم بِإِتِضاع وَحِكمة وَلَدَيْهِ ذِهن مُسْتَنِير .
عِنْدَمَا قَالَ لَهُ فِرْعُون قَدْ جَعْلتك عَلَى كُلَّ مِصْر .. { وَخَلَعَ فَرْعُونُ خَاتَمَهُ مِنْ يَدِهِ وَجَعَلَهُ فِي يَدِ يُوسُفَ } ( تك 41 : 42 ) .. لِنَرْبُط ذِلك بِرَبَّ المجد يَسُوع .. يُوسِف الَّذِي خَرَجَ مِنْ السِّجْن رَمز لِلمَسِيح الَّذِي قَامَ مِنْ الموت وَصَعَدَ لِلسَّمَاء وَتَرَاءى أمَام الآب .. هذَا هُوَ يُوسِف الَّذِي خَرَجَ مِنْ السِّجْن وَتَرَاءى أمَام فِرْعُون .. شَهَدَ لَهُ فِرْعُون وَجَعَلَ خَاتِمَهُ بِيَدِهِ .. مَا هذَا ؟ السِّجْن هُوَ القبر .. خَرَجَ مِنْ السِّجْن أي القِيَامة .. ذَهْب إِلَى فِرْعُون أي تَرَاءى أمَام الآب وَأخْذ الطَبِيعة الجِدِيدة المُمَجَّدة أي غَلْب الموت .. أخْذ الخَاتِم هذَا هُوَ عَطِيَّة الرُّوح القُدُس الَّتِي أعْطَاهَا يَسُوع لِلكِنِيسة .
قَالَ لَهُ فِرْعُون خُذ هذَا الخَاتِم لِتَخْدِم بِهِ البلد .. لِذلِك يَقُول { وَألْبَسَهُ ثِيَابَ بُوصٍ وَوَضَعَ طَوْق ذَهَبٍ فِي عُنُقِهِ . وَأرْكَبَهُ فِي مَرْكَبَتِهِ الثَّانِيَةِ وَنَادُوْا أمَامَهُ ارْكَعُوا } ( تك 41 : 42 – 43 ) .. مَنْ الَّذِي يَرْكع ؟ المَصْرِيِين أمَام يُوسِف الَّذِي بَاعَهُ إِخْوَتَهُ وَرَفَضُوه .. المَصْرِيُون رَكَعُوا أمَامه .. المَسِيح الَّذِي رَفَضِته خَاصِّته قَبَلَهُ الأُمم وَرَكَعُوا أمَامه وَسَجَدُوا لَهُ .
سِر عَظَمِة يُوسِف فِي
(1) لَمْ يَتَأثَّر بِالوَسْط المُحِيط :0
===================================
كَانَ عُمْره سَبْعة عَشَرَ سَنْة عِنْدَمَا بَاعُوه إِخْوَته وَالآن عُمْره ثَلاَثُون سَنْة .. هَلْ تَعْلم مَعْنَى السِن مِنْ سَبْعة عَشَرَ إِلَى الثَّلاَثِين فِي عُمْر شَاب ؟ أصْعب مَرْحَلْة يَحْيَاهَا الإِنْسَان بِهَا نِزَاعَات وَرَغَبَات وَشَهَوَات وَطُمُوحَات .. هذِهِ المَرْحَلْة عَاشَهَا وَسْط أرْض مَصْر .. وَهَلْ مِصْر مُتَدَيِنة ؟ بِالطبع لاَ لكِنْ يُوسِف عَاشَ فِي هذَا الوَسْط المُتْعِب وَحَفْظ نَفْسه .. هَلْ أسْتَطِيع أنَا أنْ أحْفظ نَفْسِي مَهْمَا كَانِت الإِغْرَاءات وَمَهْمَا كَانَ الوَسْط المُحِيط فَاسِد ؟
حَفْظ نَفْسه فِي بَيْت فُوطِيفَار وَحَفْظ نَفْسه مِنْ الشَّهوة وَحَفْظ نَفْسه فِي السِّجْن وَحَفْظ نَفْسه مِنْ الثَقَافة الغَرِيبة .. عَاشَ فِي وَسْط وَثَنِي وَالأخْطر أنَّ الكِتاب يَقُول أنَّ زَوْجة يُوسِف كَانْت إِبنة كَاهِن وَثَنِي .. كَانِت بِنْت كَاهِن فُوطِي فَارَعَ كَاهِن أُونَ .. وَأُون هُوَ وَثن .. قَدْ نَقُول هُنَا إِنْتَهَى يُوسِف بَعْد أنْ حَافِظ عَلَى نَفْسه فِي كُلَّ مَا سَبْق .. لاَ .. رَغمْ أنَّهُ تَزَوَّج بِنْت كَاهِن وَثَنِي إِلاَّ أنَّهُ حَفْظ نَفْسه حَتَّى أنَّهُ عِنْدَمَا أعْطَاهُ الله أولاد كَانَ مُمكِنْ يُعْطِيهُمْ أسماء مَصْرِيَّة مِثْل رَع .. أمنحُتُب .. لاَ .. سَمَّى إِبنْه البِكر " مَنَسَّى " .. { قَائِلاً لأِنَّ اللهَ أنْسَانِي كُلَّ تَعَبِي وَكُلَّ بَيْت أبِي } ( تك 41 : 51 ) .. قَدْ يَقُول الله أنْسَانِي أيَّام الهَمْ وَالظُلم وَلأِعِيش الآن حَيَاتِي .. لاَ .. عِنْدَمَا أعْطَاهُ الله إِبنْه البِكر شَكَرَهُ عَلَى عَطِيِته الجَمِيلة وَأسمَاه مَنَسَّى .
لكِنْ أسْنَات زَوْجَته لاَ تَعْرِف الله .. يَقُول يُوسِف .. لاَ .. هَلْ تَتَخَيَّل إِنِّي مَادُمْت قَدْ إِرْتَبْطت بِهَا أنْ أتَأثَّر بِهَا وَأحْيَا كَحَيَاتهَا ؟ .. لاَ .. هِيَ الَّتِي تَأثَّرت بِيَّ وَلَسْتُ أنَا بِهَا .. ثُمَّ أعْطَاهُ الله إِبنْه الثَّانِي فَسَمَّاه " أفْرَايِمَ " .. { وَدَعَا اسْمَ الثَّانِي أفْرَايِمَ قَائِلاً لأِنَّ اللهَ جَعَلَنِي مُثْمِراً فِي أرْضِ مَذَلَّتِي } ( تك 41 : 52 ) .. رَغمْ إِنِّي فِي أرْض صَعبة إِلاَّ أنَّ الله جَعَلَنِي مُثمِراً .. مَا أجملك يَا يُوسِف وَأنْتَ فِي بَيْت فِرْعُون مُتَذَكِّر دَائِماً الله وَلَمْ تَتَأثَّر .. لَمْ تَأخُذ طِبَاعِهِمْ لكِنَّكَ أخْذت مِنْهُمْ مَا يُنَاسِبك فَقْط .. مُمكِنْ تِعِيش ثَلاَثة عَشَرَ سَنْة فِي سِنْ حَسَّاس وَلاَ تَتَأثَّر ؟ لِذلِك لَوْ سَمْح الله لَكَ أنْ تُسَافِر أوْ تَكُون فِي أي مُجْتَمع إِحْذر أنْ تَتَأثَّر بِهِ بَلْ كُنْ مُؤثِّر فِيهِ .
(2) كَانَ مُجْتَهِد :0
===================
كُلَّ شِئ عَمَلَهُ بِإِتقان وَأمانة .. فِي بَيْت أبِيهِ كَانَ أمِين فِي خِدمِته لأِبِيهِ وَإِخْوَته .. قَالَ لَهُ أبوه إِذْهب إِفتَقِد إِخْوَتك .. أطَاعَ .. وَذَهَبَ إِلَى شَكِيمَ وَكَانَ بينَهُمْ وَبَيْنَ أهْل شَكِيمَ مُشْكِلة الَّتِي تَسَبَّبت فِيهَا دِينَا أُخْتُهُمْ وَكَانَ يُوسِف مُعَرَّض لِلخطر لكِنَّهُ ذَهْب وَلَمَّا لَمْ يَجِد إِخْوَته هُناك بَحَثَ عَنْهُمْ حَتَّى وَجَدْهُمْ .. أيْضاً فِي بَيْت فُوطِيفَار كَانَ أمِين نَشِيط حَتَّى أنَّ فُوطِيفَار وَكَّلَهُ عَلَى بَيْتَهُ .. فِي السِّجْن كَانَ أمِين مُجْتَهِد .
مُشْكِلِة الشَّاب أنَّهُ يَقُول لَكَ أنَا مُحْبط مُتْعب .. لأِنَّهُ غِير مُجْتَهِد رَغمْ أنَّهُ فِي إِمكَانِه أنْ يَجْتَهِد فِي كُلِّيِته وَيَحْصُل عَلَى تَقْدِير أوْ يَجْتَهِد وَيَتَعَلَّم مَهَارة .. لكِنَّهُ يَرْفُض .. سِر عَظَمِة يُوسِف أنَّهُ مُجْتَهِد فِي كُلَّ مَكَان يَذْهب لَهُ .. الإِجتِهَاد فِي العَمْل البَسِيط يِوَصَلْك لِلعَمْل الكِبِير .. الأمِين فِي عَمَله كَرَجُل عَامِل كَالأمِين فِي عَمَلْه كَرَئِيس .. الأمَانة لاَ تَتَجَزأ .. الأمَانة لاَ تَتَوَقف عَلَى مَوْقِع .. الأمَانة هِيَ الأمَانة فِي أي عَمْل .
يُوسِف مُجْتَهِد لِذلِك يَقُول الكِتاب { فَخَرَجَ يُوسُفُ مِنْ لَدُنْ فِرْعَوْنَ } ( تك 41 : 46 ) .. كَانَ بِإِمكَانه أنْ يَنَام فِي بَيْتِهِ وَيُعْطِي أوَامِر لِمَنْ حَوْله وَيُعَوِّض أيَّام المَذَلَّة وَالتَعْب وَيَسْتَرِيح .. لكِنْ الكِتاب يَقُول أنَّهُ خَرَجَ مِنْ لَدُنْ فِرْعُون { وَاجِتَازَ فِي كُلِّ أرْضِ مِصْرَ } ( تك 41 : 46 ) .. أمَامه عَمْل كَثِير يُرِيد أنْ يَرَى الأرْض الَّتِي تُعْطِي محصُول غَنِي وَيَبْنِي مَخَازِن وَيِخَزِّن مَاء وَيُصْلِح أرَاضِي وَيِخَزِّن قَمْحٌ وَ ......... نَقُول لَهُ جَيِّد أنْ تُوَكِّل إِنْسَان عَلَى كُلَّ هذِهِ الأعمَال .. يَقُول .. لاَ .. لاَبُد أنْ أعمَل بِنَفْسِي .. جَمِيل يَا يُوسِف فِي إِجتِهَادك وَأمانْتك .
خَرَجَ مِنْ عِنْدَ فِرْعُون وَاجْتَازَ فِي كُلَّ أرْض مِصْر .. قُلْنَا أنَّ يُوسِف يَرْمُز لِلمَسِيح .. يَسُوع جَاءَ إِلَى مِصْر وَاجْتَازَ أرْض مِصْر مِنْ أوِّل سِينَاء وَنَزَلَ جَنُوباً إِلَى بَرِّيَّة شِيهِيت حَتَّى أسْيُوط ثُمَّ عَادَ مَرَّة أُخْرَى .. إِجْتَازَ .
يُوسِف خَزِّن قَمْحٌ كَرَمل البحر .. مُتقِن جِدّاً فِي عَمَلْه .. هَلْ تُرِيد أنْ تَكُون عَظِيم ؟ إِجْتَهِد فِي عَمَلْك وَلِيَكُون لِوْقتك قِيمة وَلاَ تَكُنْ كَسُول مُبَدِّد لِلوقت .. مُشْكِلِتنَا أنَّنَا لاَ نُفَكِّر .. نُرِيد الأُمور تَسِير مِنْ ذَاتهَا .. أقْصَى شِئ أنَّكَ تَسْأل الشَّاب مَاذَا تَفْعل فِي الأجَازة الصَيفِيَّة ؟ يَقُول لَكَ أُمَارِس لِعْب الكُرة أوْ أذْهب إِلَى " السَايبر " .. وَفِي الدِرَاسة ؟ يَقُول لَكَ أسْتَرِيح مِنْ لِعْب الكُرة وَأفَكَّر فِي اللِعْبة الَّتِي سَأُمَارِسهَا الصِيف القَادِم .. هَلْ هذَا يَنْجح ؟ .. لاَ .. لاَبُد أنْ تَشْعُر بِإِهتِمَامَاتك .. لاَبُد أنْ يَكُون لَكَ إِهتِمَامَات عُظْمَى تَجْذِبك وَتَجْذِب إِنْتِبَاهك وَجَهْدك وَفِكرك .. إِهْتَمْ بِالوقت لأِنَّهُ أساس النَجَاح .
(3) كَانَ مَشْغُول بِالله :0
==========================
يُوسِف لَمْ تَنْقَطِع عِشْرَته مَعَ الله فِي أي مَرْحَلْة مِنْ المَرَاحِل .. رَغمْ مَشْغُولِيَاته الكَثِيرة لَمْ يَنْسَى الله حَتَّى بَعْدَ أنْ أخْذ هذَا المَنْصِب الحَسَّاس لَمْ يَنْسَى الله .. عِنْدَمَا أتُوا إِليْهِ إِخْوَته رَغمْ أنَّهُ تَعَامل مَعَهُمْ بِجَفَاء بعض الشِئ إِلاَّ أنَّهُ عَاملهُمْ بِكُلَّ حُنُو وَرِفق وَأعْطَاهُمْ غِنَى جَزِيل .. كَانَ بِإِمكَانه أنْ يَنْتَقِمْ بِقَسْوة لكِنَّهُ قَالَ أنَا مَازِلت أتَذَكَّر الله .. أنَا أعَامِل الله .. وَعِنْدَمَا قَالَ لَهُمْ أنَا يُوسِف أخْوكُمْ خَافُوا مِنْهُ جِدّاً فَأجَابَهُمْ لَسْتُمْ أنْتُمْ الَّذِينَ أرْسلتُمُونِي بَلْ الله الَّذِي أرْسَلَنِي لأِسْتِبقاء حَيَاة .
حَتَّى فِي مَجْده كَانَ فِي عِشْرة قَوِيَّة مَعَ الله .. كَانَ مُمكِنْ يِضْعف وَيَقُول هؤلاء هُمْ مَنْ بَاعُونِي شِمْعُون وَهذَا رَآوبِين وَيَهُوذَا الظَّالِمِين .. لاَ .. نَجِد لَهُ عِشْرة مَعَ الله .. لَهُ وَقت صَلاَة وَوَقت خَفَاء .. الله أعْطَاه رِسَالة فِي حَيَاته أنْ يَخْدِم الآخَرِين .. شَعَرَ أنَّ كُلَّ أُموره فِي يَد الله .
جَمِيل يُوسِف أنَّهُ شَاب وَجَمَعَ مَجَالين نَاجِحين فِي حَيَاته مَجَال عَمَلِي وَمَجَال رُوحِي .. كَثِيراً مَا يبدُو لَنَا أنَّ هَاتين النُقطَتين مُتنَاقِضَتين إِمَّا أنْ نَحْيَا حَيَاتنَا وَإِمَّا أنْ نَعِيش مَعَ الله .. لاَ .. أجمل شِئ أنْ تَحْيَا الإِثنَان مُتَوَازِيَان .
هذَا هُوَ يُوسِف الَّذِي يُنْفِق مِنْ طَاقِة ذِهْنه وَجَسَده لأِمُور حَيَاته الطَبِيعِيَّة وَالبَشَرِيَّة وَنَاجِح وَمُجْتَهِد فِي عَمَله .. هذَا هُوَ يُوسِف الَّذِي يُنْفِق طَاقِة ذِهْنه وَجَسَده لله .. نُقْطة نَصْطَدِم بِهَا .. مُعَادلة صعبة أنْ نُوَازِي حَيَاتنَا العَمَلِيَّة بِالرُّوحِيَّة .. هَلْ تُرِيدَنِي أنْ أحْيَا مَعَ الله ؟ أُترُكنِي فِي حُجرة وَاغلِق عَلَيَّ بَابهَا وَاعْطِنِي أجبِية وَإِنْجِيل وَ ....... هُمْ ثَلاَثة أيَّام فِي الدِير نَحْيَا فِيهَا مَعَ الله وَنَحْيَا حَيَاة الرُهبَان لكِنْ أنْ تَجْعَلَنِي أذْهب لِلعَمْل وَأسِير فِي الشَّارِع وَأذْهب لِلبِيت وَأرَى عَثَرَات ثُمَّ تَطْلُب مِنِّي أنْ أعِيش مَعَ الله فِي كُلَّ هذَا .. كَيْفَ ؟ أمر صعب حَاوِلت فِيهِ وَفَشْلت .. لاَ .. عَظَمِة يُوسِف أنَّهُ نَجَحَ فِي الإِثنَان .
لأِنَّنَا نَتَكَلَّم كَثِيراً عَنْ الآبَاء الرُهبَان وَأنَّهُمْ نَجَحُوا فِي عِشْرِتهُمْ مَعَ الله لأِنَّهُمْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ حَيَاة عَمَلِيَّة فَنَتَخَيَّل أنَّهُ لاَ يُمْكِنْ أنْ نَحْيَا الإِثنَانِ مَعاً .. لكِنْ لاَ .. يُوسِف جَمِيل لأِنَّ لَهُ حَيَاتك العَمَلِيَّة لَهُ عَمْل وَاحْتِكَاك مَعَ التَقِي وَالبَار .. يَعْرِف كَيْفَ يَتَعَامل مَعَ إِخْوَته رَغمْ أنَّهُمْ لاَ يُحِبُّوه وَيَتَعَامل مَعَ فُوطِيفَار الَّذِي يُحِبَّه وَمَعَ زَوْجة فُوطِيفَار الَّتِي لاَ تُحِبَّه .. مَعَ السُجَنَاء بِمُختَلْف أنواعهُمْ وَبِهُمْ أرْدِيَاء كَثِيرُون لأِنَّهُ لاَ يُوجد فِي السِّجْن إِنْسَان مَشْهُود لَهُ بِالإِحتِرَام .. وَمَعَ كُلَّ ذلِك كَانَ لِيُوسِف إِحْتِرَام عِنْدَ الكُلَّ وَمَحَبَّة عِنْدَ الكُلَّ وَحُنُو مَعَ الكُلَّ .. هذَا أجمل مَا تَتَعَلَّمه كَيْفَ تَكُون نَاجِح جِدّاً فِي حَيَاتك العَمَلِيَّة وَحَيَاتك مَعَ الله فِي نَفْس الوقت .. تَرَى دَاوُد النَّبِي وَهُوَ مَلِك يَقُول { سَبْعَ مَرَّاتٍ فِي النَّهَارِ سَبَّحْتُكَ عَلَى أحْكَامِ عَدْلِكَ } ( مز 118 – القِطعة 20 مِنْ الخِدمة الأُولَى مِنْ صَلاَة نِصف الَّلِيل ) .
هذَا كُلَّه جَعَلَ يُوسِف عَظِيم جِدّاً وَخَزِّن قَمْحٌ فِي أرْض مِصْر ثُمَّ وَصَلِت المَجَاعة لأِخْوَته وَذَهَبُوا لَهُ وَاشْتَرُوا مِنْهُ قَمْحٌ مَرَّة وَإِثنَان ثُمَّ أحْضر يَعْقُوب أبِيهِ وَجَعَلَهُمْ كُلُّهُمْ يُقِيمُون عِنْده فِي أرْض مِصْر كَجُزء مِنْ تَدْبِير الله كَي يَخْرُجُوا مِنْ أرْض مِصْر وَيَذْهَبُوا إِلَى كَنْعَان .
كُلَّ هذَا إِسْتَخدِمه الله بِشخْصِيِة يُوسِف .. كَيْفَ يَأتِي بَنِي إِسْرَائِيل لِمِصْر ؟ بِيُوسِف .. كَيْفَ يُسْتعبَدُوا فِي أرْض مِصْر مِنْ فِرْعُون وَيُقَاومُوا فِرْعُون كَي يَخْرُجُوا مِنْ مِصْر إِلَى كَنْعَان ؟ بِيُوسِف .. كَيْفَ يُدَبِّر الله الفِصْح مَعَ خُرُوجِهِمْ ؟ كُلَّ هذَا وَرَاءه يُوسِف .
تَخَيَّل أنَّ الله يَسْتَخدِم تَجْرُبَتك لِبُنيَان الكِنِيسة .. يَسْتَخدِمك أنْتَ لأِسْتِبقَاء حَيَاة .. يَسْتخدِمك أنْتَ فِي ضِيقة كَي يَتَعَلَّم غِيرك كَي يَرُوا إِحتِمَالك وَبِرَّك .. كَمْ الله عَجِيب فِي تَدْبِيره .. { وَخَلَعَ فَرْعُونُ خَاتَمَهُ مِنْ يَدِهِ وَجَعَلَهُ فِي يَدِ يُوسُفَ } ( تك 41 : 42 ) .. الله يُرِيد أنْ يُعْطِيك خَاتِمه .. سُلْطَانه .. قُوَّته .. مَسْحَته .. إِسْمه .. الله جَعَلَ إِسْمه فِي يَدِكَ فَمَاذَا تُرِيد أكثر مِنْ ذلِك ؟ قِصَّة يُوسِف بِهَا مَعَانِي عَظِيمة جِدّاً ليْتَنَا نَتَعَلَّم مِنْهَا .
رَبِّنَا يِكَمِّل نَقَائِصنَا وَيِسْنِد كُلَّ ضعف فِينَا بِنِعْمِته
لَهُ المجد دَائِماً أبَدِيّاً آمِين
سامرية القيامة - الاحد الثالث من الخماسين
] فلّما علِم الرّبّ أنّ الفريسيين سمِعوا أنّ يسوع يُصيّر ويُعمّد تلاميذ أكثر مِنْ يوحنّا ، مع أنّ يسوع نفسهُ لمْ يكُن يُعمِدّ بل تلاميذهُ ، ترك اليهوديّة ومضى أيضاً إِلى الجليل وكان لابُدّ لهُ أنْ يجتاز السامِرة فأتى إِلى مدينةٍ مِنْ السامِرة يُقال لها سوخار ، بِقُربِ الضّيعةِ الّتى وهبها يعقُوب ليُوسُف إِبنهِ 0وكانت هُناك بِئر يعقوب فإِذ كان يسوع قد تعِب مِنَ السّفرِ ، جلس هكذا على البِئرِ ، وكان نحو الساعة السادِسة فجاءت إِمرأة مِنَ السامِرة لِتستقىِ ماءً ، فقال لها يسوع : " أعْطينىِ لأشرْبَ " لأنّ تلاميذهُ كانوا قد مضوا إِلى المدينة لِيبتاعوا طعاماً فقالت لهُ المرأة السامِريّة : " كيف تطلُب منّىِ لِتشرب ، وأنت يهودىِ وأنا إِمرأة سامِريّة ؟ " لأنّ اليهود لا يُعامِلون السّامِريّين أجاب يسوع وقال لها : " لو كُنتِ تعلمين عطيّة الله ، ومِنْ هو الّذى يقولُ لكِ أعطينىِ لأشرب ، لطلبتِ أنتِ منهُ فأعطاكِ ماءً حيّاً " قالت لهُ المرأة : " يا سيّد ، لا دلو لك والبِئر عميقة فمِنَ أين لك الماء الحىّ ؟ ألعلّك أعظم مِنْ أبينا يعقوب ، الّذى أعطانا البِئر ، وشرِب مِنها هو وبنوهُ ومواشيهِ ؟ أجاب يسوع وقال لها : " كُلّ مَنْ يشربُ مِنَ هذا الماء يعطشُ أيضاً ولكِن مَنْ يشربُ مِنَ الماء الّذى أُعطيهِ أنا فلنْ يعطش إِلى الأبد ، بل الماء الّذى أُعطيهِ يصيرُ فيهِ ينبوع ماءٍ ينبُع إِلى حياةٍ أبديّةٍ " قالت لهُ المرأة : " يا سيّد أعطنىِ هذا الماء ، لِكىْ لاَ أعطشَ ولاَ آتىِ إِلى هُنا لأستقىِ " قال لها يسوع : " إِذهبىِ وأدعىِ زوْجك وتعالىْ إِلى هُنا " أجابت المرأة وقالتْ : " ليسَ لىِ زوج " قال لها يسوع : " حسناً قُلتِ : ليس لىِ زوج ، لأنّهُ كانَ لكِ خمسة أزواجٍ ، والّذى لكِ الآن ليس هو زوجكِ 0 هذا قُلتِ بالصّدقِ " قالت لهُ المرأة : " يا سيّد ، أرى أنّك نبىّ ! أباؤنا سجدُوا فِى هذا الجبل ، وأنتُمْ تقولُون إِنّ فِى أورُشليم الموضِع الّذى ينبغىِ أنْ يُسْجَدَ فيِهِ " قال لها يسوع : " يا إِمرأة ، صدّقينىِ أنّهُ تأتىِ ساعة ، لاِ فِى هذا الجبل ، ولاَ فَى أورشليم تسجُدون للآبِ أنتُمْ تسجُدوُن لِما لستُمْ تعلمون ، أمّا نحنُ فنسجُدُ لِما نعْلمُ لأنّ الخلاص هو مِنَ اليهود ولِكن تأتىِ ساعة ، وهى الآن ، حِين السّاجِدون الحقيقيّون يسْجُدُونَ للآبِ بالروح والحق ، لأنّ الآبَ طَالِب مِثلَ هؤلاء السّاجدين لهُ الله روح والّذين يسجُدون لهُ فبالرّوح والحق ينبغىِ أنْ يسجُدوا " قالت لهُ المرأة : " أنا أعلمْ أنّ مسِيّا ، الّذى يُقالُ لهُ المسيح ، يأتىِ فمتى جاء ذاك يُخبِرُنا بِكُلّ شىءٍ " قال لها يسوع : " أنا الّذى أُكلّمُكِ هو " [ } يو 4: 1 – 26 {
بسم الأب والإِبن والروح القُدس إِله واحِد آمين فلتحِلّ علينا نعمتهُ وبركتهُ الآن وكُلّ أوان وإِلى دهر الدهور آمين
تقرأ علينا الكنيسة ياأحبائىِ إِنجيل المرأة السامِريّة وأيضاً فِى أثناء رِحلتنا فِى الصوم الكبير قرأنا إِنجيل المرأة السامِريّة وقريباً بعد حوالىِ 3 أسابيع أى الأسبوع الرابع مِن الآن أخر إِسبوع فِى الخماسين المُقدّسة فِى صلاة السجدة فِى تذكار حلول الروح القُدس سوف نقرأ أيضاً إِنجيل المرأة السامِريّة ولكِن فِى كُلّ مرّة تُحاوِل الكنيسة أن تُركّز على معنى جديد
الكنيسة المُلهمة بالروح القُدس التّى أدركت أسرار الإِنجيل تعرِف تُوظّف فصول الكِتاب المُقدّس ، كُلّ فصل مُناسِب فِى مُناسبة مُناسِبة ، ففِى الصوم الكبير تقرأ إِنجيل السامِريّة كحادِثة توبة ، فإِنّ المرأة كانت تحيا فِى دنس عميق وقد تركت هذا الدنس وصارت كارِزة ، وفِى فترة الخماسين الحالِيّة التّى تعيشها الكنيسة الآن تُركّز لنا على الحياة ما بعد التوبة وهى الثبات فِى المسيح ، يلزمنا أن نثبُت فِى المسيح ولِكى نثبُت فِى المسيح لنا أن نأخُذ منهُ ماء الحياة لِكى ما نحيا ونرتوىِ ونفرح " يسوع هو الماء الحىّ " ، أمّا فِى صلاة السجدة بِيُقرأ إِنجيل السامِريّة لأنّهُ يُعلّمنا عن السِجود بالروح والحق ، فقال لهُم ] أنتُمْ تسجُدوُن لِما استُمْ تعلمُون أمّا نحنُ فنسجُد لِما نعلِم [ ، وقال لهُم وإِنّ الآب طالِب مِثل هؤلاء الساجِدين لهُ وإِنّ ] الله روح والّذين يسجُدوُن لهُ فبالّروح والحق ينبغىِ أن يسجُدوا [ ، والكنيسة يا أحبائىِ فِى كُلّ مُناسبة تضِع الفصل المُناسِب وتُعلّمنا كيف يثبُت ويرسخ فينا 0
ربّ المجد يسوع الخادِم الحقيقىِ الراعىِ الصالح ترك أورشليم وذاهِب بلده كفرناحوم ويقول لنا ] كان لابُد لهُ أن يجتاز السامِرة [ ، وهو فِى الحقيقة ياأحبائىِ الجماعة الّذين يعرِفون فِى الكِتاب المُقدّس يقولون أنّ الطريق ليس بالشرط أن يجتاز السامِرة ولكِن يوجِد طريق ساحِلىِ أجمل وأهدى ويمكِن يكون فيهِ نسمات لطيفة لأنّهُ ساحِلىِ ويمكِن يكون طريق أجمِل وهو على الضّفة اليُمنى مِن النهر الّذى يوصّلهُ لِبُحيّرة الجليل المكان الّذى يُريد الوصول إِليهِ 0
لِماذا قال أنّهُ لابُد أن يجتاز السامِرة ؟ لأنّ هذا لِتدبير خلاص وهذا موضوع يخُصّ إِهتمامات الله بالنِفَس وهو مِنْ أجل النِفَس يجتاز الطُرُق الصعبة ، وهو مِنْ أجل خلاص النِفَس يجِد أنّهُ لازِماً عليهِ وواجِباً عليهِ أن يجتاز الطريق الأصعِب ، وكان لابُد لهُ أن يجتاز السامِرة ، لِدرجة أنّ الطريق مُتعِب ومُشمِس وصحراوىِ لا يوجِد فيهِ ماء وأول ما رأى بير يقول الإِنجيل جلس هكذا على البئر 0
والبير فِى الكِتاب المُقدّس ملىء بالرموز والمعانى ، البير إِشارة إِلى الحياة00البير إِشارة إِلى المعموديّة00البير إِشارة إِلى الخير والبِرّ 00 البير إِشارة إِلى عطيّة الله 00ومِن هُنا ربّ المجد يسوع يتلاقى مع النِفَس البشريّة عِند البير 0
ويقول لها ] أعطينىِ لأشرب [، فتقول لهُ ] كيف تطلُب منّىِ لِتشرب وأنت يهودىِ وأنا إِمرأة سامِريّة [ ، ربّ المجد يسوع يُظهِر أنّهُ مُحتاج إِلى النِفَس ، يُظهِر هذا فِى إِتضاع عجيب وكأنّهُ هو المُحتاج للسامِريّة وإِن كانت هذهِ إِمرأة دنِسة ، وإِن كانت إِمرأة سيّئة الُسمعة ، إِلاّ أنّهُ تعِب مِنْ أجلِها ، وكان لابُد لهُ أن يجتاز السامِرة لِكى ما يتقابل مع هذهِ النِفَس ، والعجيب رغم كُلّ تنازُل الله ورغم كُلّ لُطف وإِحسانات ربّ المجد يسوع إِلاّ أنّ هذهِ النِفَس أول ما قال لها أعطنىِ لأشرب هى التّى تبعِدهُ وتقول لهُ أنت يهودىِ وأنا سامِريّة 0
أيام إِنقسام مملكِة إِسرائيل فِى عهد رحبعام إِبن سُليمان المملكة إِنقسمت فأحدثت عداوة بين المملكة الشماليّة والمملكة الجنوبيّة وكانت بينهُم حروب كثيرة ، لِدرجِة أنّ السامريين كانوا يرفُضون أن يذهبوا للجنوب فِى أورشليم لِكى يُعيّدوا وقالوا نقوم ونبنىِ هيكل ومذبح ونُعيّد هُنا ولا نذهِب هُناك فِى أورشليم ، فكانت العداوة شديدة جِداً لِدرجِة أنّهُ لو وُجِد فِى أورشليم اليهوديّة سامرىِ كان يُقتل فِى الحال 0
ربّ المجد يسوع كان يعرِف أنّها سامِريّة ويتعامل معها رغم هذهِ العداوة ، أصل هو جاء لِيُصالح السمائيين بالأرضيين ، النِفَس مع الجسد ، الشعب مع الشعوب ، ويقول لنا فِى سِفر هوشع ] أنا سأجعل الّذى هو ليس شعبىِ شعبىِ والتّى ليست محبوبة محبوبة [ ، أنا سأجعل الغير محبوبة النِفَس التّى يجزع مِنها الكُلّ مِثل السامِريّة أجعلها محبوبة ، أنا أتيت لِكى أرُدّ للإِنسان كرامتهُ ، أتيت لِكى أُزيل كُلّ الفوارِق التّى بين الناس وبعضها ، أتيت لأمنِع أنّ أحد يتكلّم على الآخر بِسبب اللون أو الجنس أو الشكل ، فإِنّ القانون اليهودىِ كان يُجرّم الحديث المرأة مع الرجُل فِى الطريق ، يُجرّم ، وكان اليهودىِ يحتقِر جِداً المرأة لِدرجِة أنّ التلاميذ تعجّبوا أنّهُ يتكلّم مع إِمرأة 0
فكان اليهودىِ كان يُصلّىِ ويقول أشكُرك يارب لأنّك لم تخلِقنىِ إِمرأة ، إِلى هذا الحد كان إِحساسهُم بالمرأة إِحساس مُتدّنىِ ومع هذا ربّ المجد يسوع جاء لِيفتقِد جهل وغباوِة الإِنسان ولِكى يعلم الإِنسان غرض الله مِن خلقتِهِ 0
قال بولس الرسول ] ليس المرأة دون الرجُل فِى المسيح يسوع [ ، فيأتىِ ربّ المجد يسوع لِكى يخترِق هذهِ النِفَس بالرغم مِنْ أنّ هذهِ النِفَس كثيراً ما تستخدِم أسلِحة لِكى تسِدّ إِختراق الرّبّ يسوع لها تستخدِم معاه سلاح الكنز والجاه والذكاء والثقافة والمعرِفة أنت يهودىِ وأنا سامِريّة وسِلاح المُراوغة ، كثيراً ياأحبائىِ النِفَس تأخُذ لِنفسها موضِع إِستغراب عِند الله وتُحاول أن تُقنِع نِفَسها وتقول لِنِفَسها أنا فين وربِنا فين ومين ربنِا بالنسبة لىّ وماذا يُريد منّىِ ربنا 0
كثيراً ما يأتىِ ربنا لِيفتقِد النِفَس ويأتىِ إِليّها ويُكلّمها وهى لا تستجيب ، كثيراً ياأحبائىِ يُحِب الرّبّ أن يخترِق قلب الإِنسان بإِشراقات مِنْ نوره تُزعزِع جِبال ومع ذلك نجِد النِفَس تقول أنت يهودىِ وأنا سامِريّة 0
يوجد فِى العالمْ الآن دعوة لِرفض الحياة مع الله ، العالمْ كُلّه ، لِدرجة أنّهُم يقولون أنّهُ مِنْ غير المعقول أنّنا نقوم بِقوانين وُضِعت مِنْ عشرين قرن يُريِدون أن يضعوا حواجِز بينّهُم وبين الوصيّة ، بينّهُم وبين ربّ المجد يسوع ، وعايزين يقولوا إِن كلامك مايناسِبناش إِنت مِنْ طبيعة وإِحنا مِنْ طبيعة ، لكِن ربّ المجد يسوع طويل الأناة كثير الرحمة وبار لا يُعامِلنا بِحسب جهلِنا ولا بِغباوِتنا 0
وبالرغم أنّ المرأة أخذت تصُدّهُ فِى الكلام وكان هذا كفيل بأن يترُكها ولكنّهُ تأنّى عليّها لِدرجِة أنّها كانت تشعُر فِى داخِل نِفَسها أنّها أمام نور وأمام حق ولا تستطيع أن تُقاوِمهُ ، لِدرجة أنّ ربّ المجد يسوع إِبتدأ يتدرّج معها فِى الحديث يُعلِن فيها عن نِفَسهُ بالتدريج ، وهى أيضاً كانت مُتدرِجة معهُ فِى الحديث ، إِبتدأت بأنت يهودىِ وأنا سامِريّة ثُمّ قالت لهُ يا سيّد ، ثُمّ قالت لهُ أرى أنّك نبىّ ، ثُمّ وصلت لِقمة الإِعلان الإِلهىِ وقالت لهُ أنّنا نعرِف أنّهُ فِى مسِيّا الّذى يُقال لهُ المسيح يأتىِ 0
بالرغم ياأحبائىِ النِفَس المُغلقة قلبها مِنْ ناحية إِعلانات الله إِلاّ أنّ طول أناته معاها وحُبّهُ وصلاحه لها وإِفتقادهُ لها رغم كُلّ إِنصراف عنهُ ورغم كُلّ غلق للأحشاء النِفَس عن مراحِم الله إِلاّ أنّ الله لازال مُتأنّىِ ولازال يُعلِن نِفَسهُ لِكُلّ قاسىِ ولِكُلّ جاحِد ولِكُلّ غريب عنهُ حتى عن غير المؤمنين وحتى للّذين خارِج رعيّتهُ جاء لِيُعلِن لهُم عن ذاته ، جاء الحديث فِى إِنجيل يوحنا فِى مرحلة فيها ربّ المجد يسوع يُريِد أن يُعلِن أنّهُ للكُلّ 0
فِى الحادِثة التّى يسبِق حادِث المرأة السامِريّة صنع الرّبّ يسوع فيها مُعجِزة فِى عُرس قانا الجليل لليهود ، والحادِث التالىِ كان حديثهُ مع نيقوديموس مِنْ عُلماء اليّهود ، أراد الله أن يُعلِن أنّهُ لليهود وللسامِريين للكُلّ ، وأراد الله أن يذهِب للمُحتاجين بل وأكثرهُم إِحتياجاً لِكى يُعلِن عن قوّة عمله وأنّهُ قادر أن يجذِب إِلى نفسه بِقليل وبِكثير ناس كثيرين ويدخُل بِهُم إِلى المجد ، ولمّا قالت أنت يهودىِ وأنا سامِريّة قالها إِدّينىِ لأشرب وأخذت تضع فِى حدود بينّها وبين يسوع ربّ المجد 0
قال لها يسوع ] لو كُنتِ تعلمين عطيّة الله ومِنْ هو الّذى يقول لك أعطينىِ لأشرب لطلبتِ أنتِ منهُ فأعطاكِ ماءً حيّاً [ ، قالت لهُ المرأة ] ألِعلّك أعظم مِنْ أبينا يعقوب [ ، عِندما مرّ أبينا يعقوب هو وغُلمانه وجِماله مِنْ هذهِ الأرض ولا يوجد معهُم ماء فعِندما رأوا هذا البير وجد الماء عميقة جِداً ومائها كاد أن يجِفّ ، قال يارب بعدما وجدت البير أجِدهُ مائهُ عميقة وليس فيهِ ماء ، فصلّى إِلى الله صلاة عميقة فحدثت الأُعجُوبة أنّ الماء أفاض 0
فقالت المرأة ألِعلّك أنت أعظم مِنْ أبينا يعقوب ، نُلاحِظ مِنْ حديثها أنّ قلبها مازال مُغلق وإِن كانت السامِريّة تعيش فِى شر ودنس إِلاّ أنّ فيها بعض نِقاط مُضيئة ، واضِح أنّها على معرِفة وغيره وذلك نُلاحِظهُ مِنْ خِلال حديثها السابِق لهُ 0
ثُمّ سالتهُ ] ياسيّد آباؤنا سجدوا فِى هذا الجبل وأنتُم تقولون إِنّ فِى أورشليم الموضِع الّذى ينبغىِ أن يُسجِد فيهِ [ ، سألت المرأة يا سيّد نحنُ لا نذهِب لأورشليم أين نسجُد ، إِذاً أين نسجُد لأنّهُ غير مسموح للسامِريين أن يذهبوا لأورشليم لكِن أنا أعرِف أنّ السِجود الحقيقىِ فِى أورشليم ، هل سِجودنا فِى السامِرة هو مقبول عِند ربنا ؟ قال لها لا فِى أورشليم ولا فِى الجبل ] الساجِدون الحقيقيّون يسجُدون للآب بالروح والحق [ ، أراد أن يقولها فِى أى مكان يكون السِجود وهذا مقبول عِند ربنا ، الحديث كُلّهُ غِنى 0
] قالت لهُ المرأة يا سيّد لا دلو لك والبِئر عميقة [ ، الإِنسان لمّا يستخدِم الذكاء والعقل ويستخدِم أساليب بشرِيّة لِكى يمنع نِفَسه مِنْ مُقابلة صريحة مع الّذى يُحبّهُ ، كثيراً ما الإِنسان يهرُب تماماً مِن مواجهة نِفَسهُ وعِندما يُلاقىِ حقيقة تكون صعبة مِثل حقيقة الموت لا يُحِب يُفكّر فيها ويخاف ويترُكها ، حقيقة الديّمومة أين أنت مِنْ الآخرين ، أين أنت مِنْ الوصايا ، المحبّة00العطاء00الإِتضاع00 وليس هذا فقط بل وأيضاً تُقدِّم لِنِِفَسك الأعذار ، أنت لا دلو لك والبئر عميقة ، أنت يهودىِ وأنا سامِريّة ، ألِعلّك أنت أعظم مِنْ أبينا يعقوب ، كثيراً ما النِفَس تُخادِع نِفَسها لِكى تهرُب مِنْ حقيقة خلاصِها ، فِى حين أنّهُ قائم معها الآن لِكى يُخلّصها ، قائم معها قُدّامها ، وإِبتدأ يُكلّمِها عن ماء الحياة الماء الحىّ 0] الماء الّذى أُعطيه يصير فيِهِ ينبوع ماء ينبُع إِلى حياة أبديّة [ 0
ربّ المجد يسوع يُعلن لنا اليوم ونحنُ فِى فترة أفراح القيامة أنّهُ هو ماء الحياة ، أنّهُ مات لِكى يُحّول موتنا لِحياة يُقدّم لنا حياة مِنْ جسدهُ ودمهُ ، مات لِكى يُعطينا نِفَسهُ كماء حياة ، ماهو الفرق بين منطقة حيّة ومنطقه ميّتة ؟ لِماذا الصحارىِ ليس عليّها إِقبال 00لِماذا لا تُبنى ولا تُزرع لا أحد يسكُن فيها ؟ لأنّهُ ليس بِها ماء ، ربّ المجد يسوع هو ماء الحياة ، داود النبىِ قال ] صارت لك نِفَسىِ مِثل أرض بِلا ماء [ ، يقول الرّبّ تعالى أنا الماء الحىّ لك سوف أُحّوِل صحرائك إِلى فراديس مملوءة أثمار ، فقط إِفتح قلبك للماء وأنا مُستعِد أفجّر فيك ينابيع 0
قال ] تجرِى مِن بطنهِ أنهار ماء حيّة [ ، ] تركونىِ أنا ينابيع الماء الحىّ وحفروا لأنّفُسهُم آبار مُشقّقة لا تضبِط ماء [ ، هو ينابيع الماء الحيّة وهو الماء الحىّ القادر بِنعمتهِ تحويل جفاف نِفَسىِ إِلى فردوس مُثمِر لهُ مِثل ما حدث للمرأة السامِريّة 0
الكِتاب المُقدّس يستخدِم كثيراً جداً تعبير المياه ، يقول المياه هى التّى نجّت 8 أنفُس أيام أبينا نوح ، يقول] وكان روح الله يرِفّ على وجه المِياه [ 000لِماذا ؟ لأنّ المياه إِشارة للحياة ، عِندما عطش أبائنا فِى البرّيّة قال الرّبّ لموسى إِضرب الصخرة ، والصخرة أخرجت لهُم ماء ، يقول مُعلّمِنا بولس الرسول ] والصخرة تابعتهُم وكانت الصخرة المسيح [ ، لأنّ الّذى أعطى الماء الصخرة والّذى يُعطىِ الحياة هو المسيح ، المسيح هو الصخرة الّتى تُعطينا ماء الحياة ، يُعطيهِ لنا بِلا كيل ولا حِدود ، هو يقول إِفتح فمك وأنا أملئهُ 0
القطيع وهو ذاهِب لِيشرب مِنْ بِركة يشرب على قدر ما يأخُذ ويستوعِب ، أمّا روح الله فِى الكنيسة ماء الحياة متروك لنا لِكى نشرب منهُ بِلا حِدود دون إِمتلاء ، إِنّنا لا نمتلىء بل بِإستمرار عطشانين إِليهِ ، يقول داود النبىِ ] عطِشت نِفَسىِ إِليّك يارب [ ] كما تشتاق الآيّل إِلى جداوِل المياه هكذا تشتاق نِفَسىِ إِليّك يارب [ ، الآيائل ( الغِزلان ) تُحِب أن تتغذّى وعِندما تأكُل تُصاب بِعطش شديد جِداً يكون مُميت وقاتل ، ففِى الحال تبحث عن الماء بِشغف وقوّة وسُرعة غير عاديّة 0
داود النبىِ يُشبّهنا أنّنا دائماً عطشانين لِربنا مِثل الأيائِل وهى عطشانة للماء بِطريقة فيها سُرعة وشغف وقوّة وحماس غير عادىِ 0
ربّ المجد يسوع يُعطينا حديث السامِريّة هذا لِكى يُعلّمِنا كيف نأخُذ مِنْ هذا الماء الحىّ ، لِذلك قال الرّبّ يسوع للسامِريّة ] لو كُنتِ تعلمين عطيّة الله [ ، نحنُ مُحتاجين أن نعلِم عطايا الله ، مُحتاجين جِداً أنّ عطايا الله كُلّها عطايا بِلا ندامة وليس بِكيل وليست بِفضّة أو ذهب ولكنّها عطايا مجانيّة تُعطى لِمن يبحث عنها ، مَن يشتاق إِليّها ، يقول عنها أنّها كنز الصالِحات ، كنز صلاح ، إِذا ذهبت لِشراء شىء بِتدفع فيهِ ثمن غالىِ جِداً لِشراء أى حاجة ، ماذا أفعل لآخُذ الصلاح ؟ يلزمك شيئين إِجتهاد وسعى وإِشتياق ، إِذا قدّمت الإِجتهاد والسعى والإِشتياق يكون الصلاح لك ، إِذا وجد عِندك الإِستعداد ربنا يجعِل لك البير لا يفرغ أبداً ، تأخُذ منهُ كُلّ يوم ويُعطيك بِفيض وبِغنى وليس بِكيل ، لو كُنتِ تعلمين عطيّة الله ، عطيّة مجانيّة ، ولِهذا قال أشعياء النبىِ ] تعالوا إِشتروا بِلا ذهب وبِلا فِضّة [ ، إِشتروا ، إِشتروا منهُ رحمة ، أحد القديسين قال ] حاولنا نبتاع لنا خلاصاً بِلا فِضّة وبِلا ثمن نأخُذ خلاص مِن الله خلاص مجاناً [ 0
فِى الكنيسة الأولى كانت الناس تظُنّ أنّ مواهِب الروح تُعطى بِدراهِم أو بِفلوس مِثل سيمون الساحِر عِندما شاهد التلاميذ يصنعون مُعجِزات قال أذهب لأُعطيهُم بعض المال وأجعلهُم يُعطونىِ أن أعمل مُعجِزات ، فقال لهُ بُطرُس ] لِتكُن فِضّتك معك للهلاك [ ، كُلّ شىء تِقدر تشتريه بالمال إِلاّ عطيّة الله 0
] إِن كُنتِ تعلمين عطيّة الله [ ، لِذلك الّذى يأخُذ مِنْ عطيّة الله يشعُر بِغنى غير عادىِ فهو يُريد خلاص وتوبة ورحمة ، وبيشعُر فِى كُلّ يوم أنّهُ بيأخُذ كُلّ هذا بإِقترابه مِنْ الله ، ويقول أنا بآخُذ مِن ربنا الشىء الّذى يعجز عنهُ كنوز الدُنيّا أن تُعطيها لىِ ، لكِن أنا غير مُحتاج لِكنوز الدُنيّا ، وإِذا أحسست أنّهُ يوجِد شىء ينقُصنىِ فِى حياتىِ لكِن مع المسيح أنا شبعان وغِنىِ ومالِك لِكُلّ شىء 0
رأينا أُناس لا تطلُب المال ولا تطلُب الماديّات لأنّهُم تركوا ، متى تركوا ؟ عِندما أخذوا عطايا الله إِحتقروا الماديّات والأرضيّات 0
] تجرىِ مِنْ بطنهِ ماء حىّ [ ، تجرىِ بِغزارة ، الّذى يضع نِفَسه فِى مجال عمل النعمة يشعُر أنّهُ يفيض بِها وفيها كُلّ يوم جُدد وعُتقاء ، ويُعطيها كجريان الأنّهار بِلا توقُفّ 00بِلا حِدود ، عطايا الله غنيّة جِداً ياأحبائىِ 00الماء الحىّ 0
ربنا يسنِد كُلّ ضعف فينا بِنعمتهُ
لإِلهنا المجد دائِماً أبدياً آمين
موسى النبى كخادم
إختيارنا لموسى النبي كنموذج للخادم لأن شخصيته بها الكثير الذي ينبغي على الخادم أن يضعها أمامه باستمرار مثل إعداده للخدمة .. أمانته .. طول أناته .. شفاعته .. محبته لشعبه .. نتحدث في أربع نقاط خاصة في شخصية موسى النبي وهي :
1. إعداده للخدمة .
2. شخصيته الحليمة .
3. وكيل عن الشعب .
4. شفيع عنهم .
أولاً .. إعداده للخدمة :
من البداية الله استخدم جمال موسى لإنقاذ موسى .. وهو طفل عندما أمر فرعون مصر أن يقتل كل بكر في بيوت اليهود .. وفي نفس الوقت سمح الله أن يُربى موسى في قصر فرعون " 40 " سنة .. وهذا هو أول الإعداد للخدمة .. الله يعرف أن موسى سيدخل هذا القصر فيما بعد ليتفاوض مع فرعون لكي يُخلِّص الشعب .. فتهذب موسى بكل حكمة المصريين حتى يعرف كيف يتفاوض مع فرعون .
لذلك يسمح الله بظروف يمر بها الخادم في حياته من طفولته وصداقاته وضيقات وتجارب وخبرات حتى يستخدم الله كل هذا في تكوين شخصية الخادم .
عند هروب موسى من مصر بعد قتله للمصري سمح الله بهذا لكي يعطيه درس في عدم الإندفاع والتهور .. ففي مرحلة البرية بدأ موسى في مرحلة الإعداد والتهذيب .. بدأ يعمل كراعي غنم .. فهناك علاقة بين راعي الغنم وراعي الخراف الناطقة ( الخادم ) .. ووجدنا ربنا يسوع المسيح يُشبِّه نفسه بإنه راعي صالح .
ظلَّ الإعداد في البرية " 40 " سنة .. إعداد للكيان والفكر والذات والطباع .. فأصبح موسى المتكل على ذراعه أصبح إتكاله كله على الله .. من رفاهية إلى بساطة .. صاغهُ الله من جديد لكي يُناسب الرسالة الجديدة .. في جميع مراحل حياتك سلِّم نفسك لله وأنت متأكد إنه سيستخدمك في المرحلة القادمة .
أراد الله أن يُعيد تشكيل وجدان موسى من جديد .. « عاد وعمله وعاء آخر » ( إر 18 : 4 ) .. وبدأ يتنازل موسى أخيراً عن ذاته وكرامته .. كل ظروف الحياة هي جزء من رسالتك .. يرغب الله أن يعلمك ما هو جديد لكي يستخدمها في مجدك .. ضعف .. تجربة .. ظروف مجتمع .
جميل أن تعيش في فترة إعداد كل أيام حياتك .. وأجمل ما في كنيستنا إنها تجعل الإنسان يعيش باستمرار بقلب تلميذ .. فإن كل مرشد له مرشد .. وكل مُعلِّم له مُعلِّم .. سلِّم نفسك لعمل الروح لكي يشكِّله حسب إرادة الله .
أجمل ما في موسى في فترة إعداده هي إنكسار ذاته .. فإن رائحة الطيب لا تخرج من القارورة إلاَّ لو انكسرت .. إنكساره جاء من القفر ورعي الغنم .
ثانياً .. شخصيته الحليمة :
في سفر العدد يقول « وأما الرجل موسى فكان حليماً جداً أكثر من جميع الناس الذين على وجه الأرض » ( عد 12 : 3 ) .. فالإنسان بطبعه متعجل ومتعصب فكيف يتحول الإنسان إلى حكيم ؟ يقول أحد الآباء « أن موسى النبي كان غضوب .. وفيما بعد كان هو الذي يُهدِّئ من غضب الله » .. يقول الله إلى موسى « اتركني ليحمى غضبي عليهم وأفنيهم » ( خر 32 : 10) .. فقال موسى « ارجع عن حمو غضبك واندم على الشر بشعبك » ( خر 32 : 12) .
رأينا مواقف ومحطات كثيرة تمرد فيها الشعب على الله وعلى موسى .. كل هذا وظلَّ هو حليم جداً .. ورأينا بولس الرسول يقول « أطلب إليكم بوداعة المسيح وحلمهِ » ( 2كو 10 : 1) .. كن طويل الأناة واعرف أن الله سيتدخل وإن تأنَّى .
لماذا كان هناك عشر ضربات .. إن كانت خطة الله هي خروج الشعب ؟ لماذا لم يحررهم من البداية .. الله يرغب أن يُخلِّصهم بذراع رفيعة .. أراد الله أن يعطي درس للعالم كله ( كل الأمم ) من خلال الضربات العشرة .. فإن الضربات العشرة كان لكل ما كانت تعبده الأمم يحول النهر إلى دم ( فهناك من يعبد النهر ) .. ولمن يعبد البقر فضرب الله البقر .
قديماً كانت الشعوب بدائية .. تعرف قدرة إلههم عن طريق :
أ . الحروب ب . الرخاء
الله أراد أن يُعلن عن طريق الضربات إقتداره هو ويعرَّف الجميع إنه الإله وحده .
إن تذوقت حنان الله معك وطول أناته عليك ستمتلئ أنت بالحنو وطول الإناة .. لو تذوقت غفران الله غير المحدود ستعرف كيف تغفر بلا حدود .. أي أن علاقتي كشخص بالآخرين هو إنعكاس لعلاقتي مع الله .
ثالثاً .. وكيل شعبه :
كان الله يتعامل مع الشعب على أنه شعبه هو .. وموسى أداة .. هو المفوض والوكيل لكن صاحب الشعب هو الله .. « رأيت مذلة شعبي » ( خر 3 : 7 ) .. حذاري وأنت في الخدمة تقول إنهم خاصتك وحدك وأولادك .. إن القديس أُغسطينوس كان حينما يقف ليصلي أمام الله يقول « أطلب إليك من أجل سادتي عبيدك » .. هذا شعب اقتناه المسيح بدمه وملكيته الخاصة .. وأما دور الخادم إنه وكيل لله فقط .. يقول معلمنا بطرس الرسول « ارعوا رعية الله التي بينكم » ( 1بط 5 : 2 ) .. فهو الذي يدبر .. والخادم له رسالة يأخذها من الله تجاه مخدومينا .. فأنت تتكلم بأقوال الله .. لا تتخطى دورك هذا .. إعرف إنك وكيل ويجب أن تكون أمين مثل موسى الذي كانت رسالته ثقيلة وشعب متمرد وفرعون قاسي وظروف البرية صعبة .
يقول سفر الخروج « الله لم يهدهم في طريق أرض الفلسطينيين مع أنها قريبة لأن الله قال لئلا يندم الشعب إذا رأوا حرباً ويرجعوا إلى مصر » ( خر 13 : 17) .. أراد وسمح الله بذلك وظلوا في حالة توهان في البرية " 40 " سنة حتى لا يعرف أحد أن يرجع إلى أرض مصر ثانياً لو رغب في ذلك .. أحد الآباء يعلمنا حقيقة ذهبية فيقول « ليتك تتكلم مع الله من أجل مخدوميك أكثر من أن تكلم مخدوميك عن المسيح » .
رابعاً .. شفيع لهم :
ما أجمل الخادم كشفيع .. لا ترى الضعف وتنقضه وتوبخ الضعيف .. بل هذا الضعف ضعه على نفسك .. إقرأ سفر الخروج يقول « فسد شعبك الذي أصعدتهُ من أرض مصر ... صنعوا له عجلاً مسبوكاً ....... اتركني ليحمى غضبي عليهم وأفنيهم » ( خر 32 : 7 – 10) .. فوجدنا موسى يتضرع أمام الله وقال « لماذا يارب يحمى غضبك على شعبك الذي أخرجته من أرض مصر » ( خر 32 : 11) .. بدأ موسى يُذكِّر الله بكل أعماله مع شعبه منذ خروجهم من أرض مصر حتى النهاية .. وذكَّر الله بوعده لإبراهيم وإسحق ويعقوب بأنه سيعطي لهم الأرض ولنسلهم فيقول الكتاب المقدس « فندم الرب على الشر الذي قال إنه يفعله بشعبه » ( خر 32 : 14) .
إجعل عندك روح الشفاعة .. الله أرسلك لهذا الدور .. ما أجمل قول الكاهن في القداس عن خطاياه وخطايا الشعب وأن هذا بسبب جهالاته .. إنه يحنن قلب الله ويقول له أن هذا بسبب جهالاته .
رأينا عندما أتى الله بالوبأ على الشعب صلى موسى إلى الله فقال له أن يأخذ بخور من على المذبح وتجعل هارون يبخر في وسط الشعب فوقف الوبأ ( عد 16 : 41 – 50 ) .. ما أجمل أن يكون موقف الخادم هكذا .جميل عندما يكون هناك ما يُحيرك أن ترفع ذلك إلى الله وهو الذي يقول لك ماذا تفعل من أجل المخدوم .. جميل أن يحمل الخادم فكر الله ويوصله للمخدوم .. وجدنا من ما سبق أن موسى النبي تعلَّم من إتضاعه وتعلَّم من حِلمه ووداعته .. تعلَّم موسى لأنه لا ينشغل بروح العالم إعرف أن رسالتك مهمة وخدمتك مهمة .. تعلَّم كيف تكون وكيل أمام الله وتتشفع من أجل الآخر وتعلَّم كيف تكون مراحل حياتك حلقة لإعدادك من أجل خدمة يسوع المسيح .ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته له المجد دائماً أبدياً آمين
المرأة الخاطئة
" وسأله واحد من الفريسيين أن يأكل معه فدخل بيت الفريسى واتكأ وإذا إمرأة فى المدينة كانت خاطئة إذ علمت أنّه متكىء فى بيت الفريسى جاءت بقارورة طيب ووقفت عند قدميه من ورائه باكية وابتدأت تبل قدميه بالدموع وكانت تمسحهما بشعر رأسها وتُقبّل قدميه وتدهنهما بالطيب فلّما رأى الفريس الذى دعاه ذلك تكلّم فى نفسه قائلاً لو كان هذا نبياً لعلم من هذه الإمرأة التى تلمسه وما هى إنها خاطئة فأجاب يسوع وقال له يا سمعان عندى شىء أقوله لك فقال قُل يا مُعلّم كان لمُداين مديونان على الواحد خمسمئة دينار وعلى الآخر خمسون وإذ لم يكن لهما ما يوفيان سامحهما جميعاً فقل أيهُما يكون أكثر حباً له فأجاب سمعان وقال أظن الذى سامحه بالأكثر فقال له بالصواب حكمت ثم إلتفت إلى المرأة وقال لسمعان أتنظر هذه المرأة إنى دخلت بيتك وماء لرجلى لم تعط وأمّا هى فقد غسلت رجلىّ بالدموع ومسحتهما بشعر رأسها قبله لم تقبلّنى وأمّا هى فمنذ دخلت لم تكُف عن تقبيل رجلىّ بزيت لم تدهن رأسى وأمّا هى فقد دهنت بالطيب رجلىّ من أجل ذلك اقول لك قد غُفرت خطاياها الكثيرة لأنها أحبت كثيراً والذى يُغفر له قليل يحب قليلاً ثم قال لها مغفورة لك خطاياك فابتدأ المتكئون معه يقولون فى أنفسهم من هو الذى يغفر خطايا أيضاً فقال للمرأة إيمانك قد خلّصك إذهبى بسلام "( لو7: 36 – 50 ) 0
تقرأ علينا الكنيسة ياأحبائى اليوم فصل من أجمل قراءات الكنيسة وهو إنجيل المرأة الخاطية ومن كثرة حب الكنيسة لهذا الإنجيل تقرأه لنا كل يوم فى صلاة نصف الليل فإن كان الإنسان قد قضى كل حياته فى الخطايا إلاّ أنّه له باب مراحم عند الله وهو فصل مملوء بالمعانى وبالتأملات وبنعمة ربنا سأتكلّم معكم فى ثلاث نقط :-
1- دموعها:-
فالمرأة الخاطية يمكن أنها الوحيدة فى الكتاب المقدس التى قدّمت توبة بدون كلام فاللص اليمين قال " وأمّا نحن فبعدل لأننّا ننال إستحقاق ما فعلنا" ( لو23: 41 ) ، ونجد المرأة التى أُمسكت فى ذات الفعل وقالت له إرحمنى والعشار وقف من بعيد ولم يشأ أن يرفع رأسه وقال " اللهم إرحمنى أنا الخاطى "ولكنها لم تقل كلمة ولكن بكت أتت من وراءه باكية وبكاء بغزارة ومن كثرة البكاء صارت دموعها تغسل رجليه فالإنسان بيبكى عندما يكون فى موقف صعب جداً ولم يقدر أن يحتمله وكانت مشاعرها كلها مُجتمعة وبتخرج فى صورة دموع فالدموع أكثر تعبيراً من الكلام لغة الدموع أقوى من لغة الكلام ولذلك إستحقت الغُفران من ربنا يسوع دموعها شفعت فيها فنحن نعرف عن المرأة الخاطية أنهّا كانت إمرأة سيئة السيرة وسيرتها بطاّلة فهى واحدة مشهورة بالدنس وبالخلاعة " وإذا إمرأة فى المدينة كانت خاطئة" .تخيّلوا ياأحبائى عندما يدخل الإنسان إلى حضرة ربنا وهو كلّه دنس إلاّ أنّه لو قدّم لربنا دموع فإن ربنا يغفر له كل خطاياه ولذلك فى سفر نشيد الأناشيد ربنا يسوع يقول للعروس " حوّلى عنى عينيك لأنهّما قد غلبتانى "فالإنسان الذى يبكى أمام الله هو بيستمطر مراحم الله بمجرد دمعة واحدة فقط فالمرأة الخاطية قد رسمت لنا طريق التوبة فهو ليس بالكلام فقط ولكن بالدموع أيضاً وهى عارفه طريقها فقط إتجهت نحو يسوع وقد شعرت أنّها ليس لها إستحقاق أن تسكُب طيب على رأسه ولكن قالت انا طيبى يستحق أقدامه
إنظروا عندما يشعر الإنسان أنّ خطيته ثقيلة عليه وعجزه يُشعره بثقل الخطية0فماذا يفعل ؟!! فإنه يبكى ويُعبّر عن حزنه ببكاءه ولذلك ياأحبائى كم أنّ صلاة الدموع محبوبة وكريمة عند ربنا داود النبى يقول لربنا " إجمع دموعى فى زق عندك " ، " زق " أى إناء فعندما أطلع فى السماء فوق تكون دموعى شاهدة لى وشاهدة لتوبتى يا ترى زقى كم يكون فيه ؟! فالدموع تحتاج لتوبة تحتاج لإنسان مُنسحق0تحتاج لإحساس مثل المرأة الخاطية الشاعرة بمقدار دنسها وآتية عند أقدام يسوع ونتيجة لمشاعرى الداخلية وصدق توبتى تأتى الدموع
ونحن نُصلى إنجيل المرأة الخاطية فى نصف الليل ولذلك بعده نُصلّى قطعة نقول فيها "" أعطنى يارب دموع كثيرة كما أعطيت منذ القديم للمرأة الخاطية0وإجعلنى مُستحقاً أن أبل قدميك اللتان إعتقتانى من طريق الضلالة وأقدّم لك طيباً فائقاً وأقتنى لى عمراً نقياً لكى أسمع أنا ذلك الصوت المملوء فرحاً إنّ إيمانك قد خلّصك " فنحن غرنا منها وغرنا من توبتهاومن جمال مشاعرها أحبائى جميل جداً أن ندخل فى داخل الأحداث ونعيشها ونقول له يارب لعلّ المرأة الخاطية حياتها كلها دنس والإنجيل لا يذكر لنا عنها إلاّ موقف توبتها إلاّ أنّ باب مراحمك كان مفتوح أمامها ، فالقديس أرسانيوس يُقال عنه انّه " لا يُرى إلاّ باكياً " ففى دير البراموس ببرية شيهيت يوجد عمود الأنبا أرسانيوس فكان يقف وراء العمود ويبكى حتى لا تمدحه الناس فعندما يعطى ربنا للإنسان عطية ويفتخر بها فإنّ ربنا يسحبها مباشرةً ولدرجة تجدوا فى العمود يوجد حُفرتخيلّوا أنّ الدموع حفرت الخرسانة فإنّ كانت الدموع حفرت الخرسانة ألّم تدخل إلى قلب ربنا الذى كُلّه مراحم ولذلك فإنّه يقول أنّ دموعك قد غلبتنى فحزقيا عندما صلّى وكان يبكى ، يبكى قال له الرب " ها قد سمعت صلاتك وقد رأيت دموعك " لدرجة داود النبى يقول له " أنصت يارب إلى دموعى " فهل الدموع بتتكلّم ؟!!ويقول أيضاً " صارت دموعى خبزاً " فقد صارت الدموع بدلاً من الأكل والشرب ، ويقول " أعّوم فى كل ليلة سريرى " ما هذه التوبة الجبارة !مع أنّ داود النبى قد فعل خطية واحدة إلاّ أنّه قدّم عنها توبة طوال عمره بإستمرار هو بيقدّم عنها توبة مُتجددة بالرغم من أنّ ناثان النبى قال له " أنّ الرب قد نقل عنك خطيتك " إلاّ أنّ القلب الحساس الذى كلّه محبة نحو ربنا بيشعر أنّه أهان الله ويشعر كم أنّه إحتقر الله تخيلّوا أنّ الخطية هى إحتقار لله فالله فى سفر صموئيل يقول : أنت إحتقرتنى فالمرأة الخاطية اليوم بحياتها تعرّفنا اللغة التى يليق بنا أن نكلّم بها ربنا لدرجة رب المجد يسوع قال لنا هكذا " طوبى لكم أيها الباكون الآن لأنكّم ستضحكون " فالذى يبكى هنا سيضحك فوق والذى يضحك هنا سيبكى فوق فلابد أننّا سنبكى فأيهما نختار نبكى هنا أم نبكى فوق ؟ فأنا أبكى هنا لأنّ هناك سيكون البكاء وصرير الأسنان إلى الأبد ، ولذلك يا أحبائى البكاء نتعلّمه من المرأة الخاطئة فثقل الخطية يُشعرنا بعجز كامل ولم يجد الإنسان وسيلة يُعبّر بها عن العجز الكامل إلاّ بالبكاء ولذلك المرأة الخاطية عندما بكت إستحقت الغفران لأنها قدّمت توبة بهذه المشاعر المتدفقة القديس مارأفرآم يُقال عنه " لا يُرى إفرآم إلاّ وعينيه ممُتلئتين " الإنسان يا أحبائى الذى عنده مشاعر حساسه نحو ربنا وهو بيقف بيتضرع لربنا وإحساسه بدنسه بيجد نفسه بطريقة تلقائية بيبكى
2- أنها أتت من وراءه:-
فلنفرض أنّ رب المجد يسوع كان مُتكأ فى المجلس فهى شعرت أنها بخطيتها ودنسها لم تحتمل أن ترى وجهه فهى أتت من وراءه وإنحنت عند رجليه ودموعها بتنزل على رجليه 0وصارت تمسح رجليه بشعرها فأجمل إحساس ياأحبائى فى التوبة أنّ الإنسان يشعر بإنكسار وإنسحاق وأنّه ليس له إستحقاق أن يقف أمام ربنا وليس إستحقاق أن يرى ربنا فالعشار لم يشأ ان يرفع رأسه فهو غير قادر أن يرفع رأسه تخيلّوا الإنسان الذى يأتى لربنا بهذه المشاعر ويقول له يارب إرحمنى ما أصعب يا أحبائى الإنسان الذى يتعامل مع ربنا وكأنّ ربنا بيشتغل عنده وكأنّه مستحق وشاعر أنّه أحسن وأنّه أفضل من غيره ولكن نحن يارب ليس لنا حق أبداً ليس لنا إستحقاق أبداً نحن سنأتى من وراءك فالمرأة الخاطية شاعرة أنّ عيون الناس كلّها بتدينها ولذلك كانت آتية وكلها خزى فى سفر عزرا يقول " لك ياسيد البر أمّا نحن فلنا خزى الوجوه " فماذا نقول لك يارب نحن لم نقدر أن نرفع أعيننا عارفين يا أحبائى إحساس المجرم الذى ذنبه ثبت عليه وقد أُدين وأصبح أمر فاضح فالإنسان لابد أن يشعر بذنبه ويشعر أنّه يريد أن يأخذ شىء لم يستحقه فالغفران شىء لا يستحقه ولكن هو من مراحمك يارب يوجد قديس إسمه مارإسحق يقول " إنّ الذى يعرف خزيه يعرف كيف يطلب النعمة " ، فالإنسان الذى يعرف خطيته ويعرف ثقلها فهو الذى ياخذ الغفران ولكن لو لم يعرف خزيه فإنّه يقول أنا أظل مثل باقى الناس فإن كنت تريد أن تعرف الإنسان الذى يعيش مع ربنا تستّدل عليه من إنكساره وربنا عندما يرى إنكساره يُمطر عليه بمراحمة داود النبى يقول " القلب المُنكسر والمتواضع لا يرذله الرب " ، الله لا يرذله مستحيل أبداً أنّ الله يرفض القلب المملوء بالإنكسار والإتضاع المرأة الخاطية عرّفتنا كيف ندخل ليسوع والإنسان لا يُبالى بأحد فكانت هى الوحيدة المستفيدة من الوليمة فالتى ليس لها حق للوليمة صارت هى التى إستفادت بالوليمة فحتى وإن كُنّا ليس لنا إستحقاق للعُرس ولكن ممكن الله يعطينى إستحقاق إن أتيت بإنكسارفقد عرفت ما الذى يليق بإكرام أقدامه فقد سكبت عليه دموع وسكبت عليها طيب ومسحتهما بشعر رأسها فالذى يأتى لربنا بقلب مكسور فهو يريد أن يأتى لربنا بأى درجة
3- محبتها :-
لقد سكبت على قدميه قارورة الطيب وهى ثمن كل الذى كسبته من الخطية فهى إشترت أجمل وأغلى عطر والعطر فى وقتها كان عطر مرّكز وكلّه عطر طبيعى وكأنّها تقول له يارب : أنا سأسكب طيبى عند أقدامك لأنها هى الوحيدة التى تحتمل دنس كم أنّ الإنسان عندما يقرأ قصتها يمتلىء غيرة منها فهى قصة حياة وقصة توبة مُتجددة لكل إنسان راغب بنعمة ربنا أن يتغيرالحب يا أحبائى الذى نمارس به التوبة يجعل الإنسان لا يبالى بالناس ولا يبالى بآراء الناس فهى عرفت أنّ يسوع فى هذا المكان فلابد أن أذهب إليه فهى تعلم بنظرات الناس كيف ستكون نحوها وبعتاب الفريسى وكأنّها تقول إن كان الفريسى سيمنعنى إلاّ أنّ يسوع سوف لا يمنعنى المرأة الخاطية آتية وهى كلّها ثقة أنّه سوف لا يرُذلها مهما كانت خاطئة فكما يقول أحد القديسين " إن لم تستطع أن تصل إلى رأس يسوع أقدم إلى أقدامه برأسك " ، فهذا هو طريق التوبة فإن كان الإنسان غير شاعر أنّه خاطىء فكيف يأتى وكيف يبكى وكيف يأتى وراءه وكيف يكون عنده إحساس بالخزى والخجل فإحساس الخزى والخجل هو الذى يؤتى بالحب الفائق وأن أشعر بقوة غفرانة فلو أنا شاعر إنى خاطىء بقدر بسيط فسيكون غفران ربنا لىّ بقدر بسيط فأحبّه بقدر بسيط ولكن لو أنا حاسس بخطيتى بقدر كبير سأشعر بخزى كبير وسأشعر بغفرانه الكبير وسأشعر بحبه الكبير فأقول له أنت يارب مُنقذ حياتى من الفساد نحن نستحق الموت ولكن هو رفع الموت عنّا ديننا كبير ومادام ربنا رفع ديننا الكبير فإن محبتنا له تكون كبيرة فإن كان قد أعطانى شىء بسيط فإننى ممكن أنساه ولكن لو أنا حاسس بخطيتى التى غفرها وبيغفرها وسيغفرها فأكون بإستمرار حاسس بدين كبير وبحب كبير والمرأة تاجها وكرامتها فى شعرها تخيلّوا أنها تفعل ذلك بشعرها فهى بتمسح به أقدامه ، إنظروا كيف أنّ مكان الكرامة والزينة جعلته كمنشفه فالمفروض أنّ كرامتى لا أضع لها إعتبار مثل المرأة الخاطية وهات شعرك وكنزك والشىء الغالى عليك وإمسح به أقدامه فهذا هو طريق التوبة فعندما أحب كثير فإنّه يغفر لى كثير فهنا أستحق الغفران الذى بلا ندامة ولذلك هى فعلت هذا والوليمة كانت تمر عادى والناس تهمهم عليها وهى مستمرة فى البكاء ومستمرة فى سكب الطيب فهى الآن ليست مع الناس ولكن غفران يسوع هو موضع شغلها فلم تشعر بكلام الناس والعجيب أنّ ربنا يسوع قال للفريسى " إنى منذ دخلت بيتك لم تُقبّل فمى أمّا هى فمنذ دخلت بيتك لم تكُف عن تقبيل قدمّى بزيت لم تدهن رأسى أمّا هى فقد دهنت بالطيب قدمّى" فأخذ يوصف كل الأمور التى فعلتها فهل أنت يارب مُنتبه من كل شىء فعلته المرأة فى رجليك فأنا شاعر بكل نقطة دموع بتنزل أنا حاسس بكل قُبلّة بتقدّمها لأقدامى أريد أن أقول لك أنّ كل أعمال التوبة التى تعملهاربنا بيتذكّرها وحاسس بها فمزمور يقول " يذكر لك جميع ذبائحك " ، ربنا يريد ذبائح التوبة ذبائح الحمد ذبائح رفع القلب ذبائح الشفتين ربنا ناظر لعبارات التوبة وناظر لدموعك وإن كان يحدث فى الخفاء إلاّ أنّ كل أعمالك ربنا يسوع فاكرها لك وإن كنّا لا نشعر بأنّه عمل يستحق الإكرام ولكن ربنا يسوع بيعطى له كل الإكرام هو راصد كل دموعى صدقونى كل كلمة بنقولها بقلب نقى هو بيذكرّها وبيجعلها دليل على التوبة فلابد أن نأخذ طريق المرأة الخاطية فإن كان ربنا يسوع تارك للمرأة الخاطية أقدامه لتقبلّها فهو لم يترك لنا فقط أقدامه ولكن تارك لنا جسده ودمه وليس لكى نأخذه من الخارج فقط ولكن لكى نأخذه داخلنا ونتحد به لإحذرى أن تدخلى الكنيسة وتركّزى على غيره فلا تُركّزى إلاّ عليه هو فقط فأدخل إليه بإحساس الإنسان الذى يريد أن يتطهّر من أدناسه ربنا يسند كل ضعف فينا ولإلهنا المجد دائماً أبدياً أمين
شروط تبعيه المسيح-الأحد الثالث من هاتور
" وكان جموع كثيرة سائرين معه فالتفت وقال لهم إن كان أحد يأتى إلىّ ولا يبغض أباه وأمه وامرأته وأولاده وإخوته وأخواته حتى نفسه أيضاً فلا يقدر أن يكون لى تلميذاً ومن لا يحمل صليبه ويأتى ورائى فلا يقدر أن يكون لى تلميذاً ومن منكم وهو يريد أن يبنى برجاً لايجلس أولاً ويحسب النفقة هل عنده ما يلزم لكماله لئلاّ يضع الأساس ولا يقدر أن يكملّ فيبتدىء جميع الناظرين يهزأون به قائلين هذا الإنسان ابتدأ يبنى ولم يقدر أن يكملّ وأى ملكٍ إن ذهب لمقاتلة ملكٍ آخر فى حرب لا يجلس أولاً ويتشاور هل يستطيع أن يلاقى بعشرة آلاف الذى يأتى عليه بعشرين ألفاً وإلاّ فمادام ذلك بعيداً يرسل سفارة ويسأل ما هو للصلح0فكذلك كل واحد منكم لا يترك جميع أمواله لا يقدر أن يكون لى تلميذاً الملح جيد ولكن إذا فسد الملح فبماذا يصلح0لا يصلح لأرضٍ ولا لمزبلة فيطرحونه خارجاً0من له أذنان للسمع فليسمع (لو14: 25- 35 ) والمجد لله إلى الأبد أمين
====================
بسم الآب والإبن والروح القدس إله واحد أمين فلتحل علينا نعمته وبركته الأن وكل أوان وإلى دهر الدهور أمين
إنجيل هذا الصباح المبارك ياأحبائى يتحدث عن رب المجد يسوع وهو ينظر إلى الجموع الكثيرة التى كانت تتبعه ومن الواقع يتضح أنّ شخص رب المجد يسوع كان شخص جذّاب جداً وكانت أحاديثه ومعجزاته وأعماله وسيرته الشخصية والذاتية كانت تُجذب إليه الكثيرين كما حدث فى الموعظة على الجبل وفى معجزة شفاء المفلوج0كانت الجموع كثيرة0
" وكان جموع كثيرة سائرين معه فألتفت وقال لهم " :
فى الحقيقة رب المجد يسوع ناظر للأعماق وأراد أن يقول لهم إن أردتم أن تتبعونى فلكم أن تعرفوا شروط هذه التبعية لا أريد التبعية الظاهرية ولا لأنى صانع معجزات ولا لأنى قد أشبعتكم فتتبعونى
لكن هناك شروط ومقاييس لهذه التبعية ما هى ؟
قال لهم شرطان للتبعية
الشرط الأول :0 " إن كان أحد يأتى إلىّ ولا يبغض أباه وأمه وامرأته وأولاده وإخوته وأخواته حتى نفسه أيضاً فلا يقدر أن يكون لى تلميذاً "
شرط صعب جداً0لكى تتبع الرب يجب أن تبغض أبوك وأمك وإمرأتك وأولادك وإخوتك ونفسك وذلك لتكون تلميذاً للرب0
الرب يسوع وبعينيه الثاقبة وضع شرطين أمام الجموع كأنّه أراد أن يقول لهم أنّه من الممكن أن يكون بينكم إثنان أو خمسة أو عشرة هم فقط الذين يتبعوننى هؤلاء هم تلاميذى فعلاً من كل قلوبهم يتبعونى أينما أمضى أمّا الباقين فأنا بالنسبة لهم شىء ثانوى أنا بالنسبة لهم صديق أو مُعلّم أو إنسان معجبين به وببطولاته 0
أنا لست بنبى ولا رسول ولا أنا صاحب دعوة فلسفة لا أريد هذا الزحام أنا أفضّل أن معى إثنان أو عشرة أو عشرين وبالشروط التى أريدها
& أنت يارب صاحب الوصايا التى تأمرنا بأن نحب ونكرم الأب والأم " إكرم أباك وأمك لكى تطول أيامك على الأرض وأن تحب قريبك كنفسك "0
& فى الحقيقة ياأحبائى إن ربنا أراد ان يقول أنا آمرك أن تحب أباك وأمك وزوجتك وأولادك لكن بشرط ؟ فى الرب يقول " أيها الأولاد أطيعوا والديكم فى الرب "
& كيف فى الرب ؟ أى محبتى لكل من حولى تكون محبة مقدّسة فى المسيح يسوع مصدرها الله00قوّتها هو الله سندها هو00فى أى شىء مبنى على محبتى هو الله ولذلك يأمر النفس أن تكون لها علاقة به أقوى من أى علاقة أخرى أقوى من أى عواطف بشرية لأنّ كل هذا فى الحقيقة ثبت أنّه حتى العلاقات الأسرية أساسها جسد وأساسها ذات ولحم ودم
& لماذا الإنسان يحب أباه وأمه وزوجته وأولاده وإخوته ونفسه بالأخص أكثر من أى شىء آخر؟ لأنّ كل هؤلاء ينّمون لديه ذاته وينّموا عنده إرتباط اللحم والدم ونحن لا نريد أن نعيش للذات ولا لللحم والدم0أحد الفلاسفة غير المسيحيين أكتشف ويقول أنّه وجد نفسه من أربعين سنة كان يحب أباه وأمه ويقول ومن عشرين سنة محبتى لأمى وأبى إنتقلت إلى زوجتى ثم بعد ذلك إنتقلت محبتى لأولادى
فهو يثبت من خلال المشاعر أنّه إنسان أنانى يعطى مشاعره لمن يأخذ منه أكثر من الذى يعطيه هو0فأحب امه وأبيه فى وقت عطائهم له ثم إنتقلت محبته لزوجته لأنّه وجد أنها التى تعطيه الأن أمّا أبواه فأصبح من الواجب عليه أن يعطيهم هو وليس سيأخذ منهم
ثبت أنّ علاقة الإنسان بالأكثر تتحكّم فيها الأنانية حتى أسمى مشاعر الإنسان علاقته بأسرته ولذلك لأنّ رب المجد لا يُخفى عليه شىء يقدّس الأسرة ويقدّس العلاقات الأُسرية لكنّه يضع نفسه فى مرتبة اعلى منهما بكثير0
فنتذّكر عندما إنتهى الرب من الموعظة على الجبل قامت سيّده تقول للرب " طوبى للبطن التى حملتك والثديين التى أرضعتاك " فنجد أنّه ردّ عليها وقال " بل طوبى للذين يسمعون كلام الله ويحفظونه " الإنتقال من علاقة الجسد والدم واللحم إلى علاقة أرقى وأسمى علاقة حفظ كلام الله وسماع كلامه
هذه هى النفس التى تستحق أن يسكن فيها الله ، أيضاً نذكر فى موقف آخر عندما قالوا له " هوذا أمك وإخوتك فى الخارج يطلبونك " قال لهم " من هى أمى وإخوتى إلاّ الذين يصنعوا مشيئة أبى "
أيضاً عندما كان المسيح صبى وأخذت العذراء مريم ويوسف النجار يبحثون عن يسوع فى الهيكل لمدة ثلاثة أيام وأخيراً وجدوه فقالت العذراء " هوذا أنا وأبوك كنّا نطلباك معذبين " فردّ عليها المسيح " أمّا تعلمان أنّه ينبغى أن أكون فيما لأبى " ، أراد المسيح أن يغرز ويركّز فى أفهام وأذهان تلاميذه نفس الفكرة أن يفطمهم عن العلاقات الجسدية والعلاقات العاطفية
ليس تحب هذا الرجل لأنّه أبوك بل تحب كل الناس كأنهم أبوك وايضاً أريدك أن تحب كل الأولاد كأنهم أولادك هذا هو مقصد رب المجد يسوع من شرطه الأول للتبعية
هو شرط صعب لكنه شرط راقى رب المجد يسوع يحب يعلن نفسه ملك على النفس
& فى العهد القديم كان الرب يقول عن نفسه أنّه إله غيور0والغيرة هذه طبع بشرى يحاول به يفهّمنا فكر روحى :
الغيرة هى عبارة عن شخص متعلّق بشخص آخر ويحب يكون له وحده ولا يريد أحد يقاسمه هذا الشخص
كذلك رب المجد يسوع غيور علينا خلقنا وأحبنا خلّصنا فدانا، يحب أن تكون محبتنا له هى المركز الأول وهو كل شىء قبل أى شىء آخر حتى والدينا أمى وأبى وزوجتى أولادى وإخوتى حتى نفسى يكون هو الأول يجب يكون هو مركز الحياة وليس أنا مركز حياتى ولا علاقاتى الجسدية ولا علاقاتى العاطفية لا
هو الأول وعندما يكون هو الأول أعرف أقّدس علاقاتى الأخرى وأعرف أتعامل مع من حولى من خلال المسيح يسوع0
ولذلك طلب الله فى العهد القديم من إبراهيم أن يقدّم إبنه إسحق ذبيحة " خذ إبنك حبيبك وحيدك وقدّمه لى محُرقة " كان الله يعرف قلب إبراهيم أنّه معه لكن وجد علاقات تنّم عن خطر وهى أن صار إسحق مركز حياة إبراهيم وصارت عواطفه مرّكزة فى إسحق وبدأ الله فى حياته مرتبة ثانية
نريد أن نصلح المعادلة يكون الله فى المرتبة الأولى لأنّ أنا الذى أعطيتك إسحق وليس آخر ، أريد أن أكون أنا الأول لأنى وجدت إسحق ينافسنى على محبتك
لكن إبراهيم كان قدير وإجتاز هذا القرار الصعب يقول " فبكّر إبراهيم " فبارك الله أبونا إبراهيم 0" من أحبّ أباً أو أماً أو زوجة أو أولاد أو أخوات أكثر منى فلا يستحقنى " ، يجب أن يكون الله مركز حياتى ولا أعطيه من فضلاتى أو أعطيه من أوقات الفراغ أو أعطيه بعد إنتهائى من إهتماماتى لا
يجب التبكير إليه يجب الإنشغال به يكون القلب ينبض بمحبته كل الأوقات هذا هو شرط تبعية يسوع الله ينظر إلى الأعماق ويعرف جيداً قلب كل واحد ومرتبة الله بالنسبة له لابد أن يُخلى الإنسان قلبه حتى يحضر الله
لا يمكن قلب مشغول بمحبات كثيرة بأشياء كثيرة وقلبى وفكرى مشتت وتريده يسكن عندك أنت لا تستحقنى وأيضاً لا أسكن فيك
ويمكن يكون هذا تفسير لكثير من الشكوى إننّا لا نحس بالله ؟ لسنا فرحانين به 00قلوبنا غير متحركة نحو محبته0أقف لأصلّى أجد نفسى لا أصلّى 00الكسل يغلبنى 00غير قادر يكون لى إيمان كافى بالأبدية ولست قادراً لكى أفرح بوصاياه0الأصل لأنّه يوجد عوائق كثيرة داخل القلب قلبى ملىء بأمور أخرى تبعدنى عنه أشعر أنّ المسافات بينى وبينه كبيرة وأنا الذى وضعتها
لذلك عندما رب المجد يسوع قال " قدّم إبنك وحيدك حبيبك إسحق " بيطلب من كل واحد منّا نفس التقدّمة يريد إسحاقنا ( أغلى شىء عندى ) رب المجد يسوع يطلب من كل واحد منّا أن يتنازل عن إسحاقه لكى يكون الله هو الأول فى القلب
& فى معجزة إقامة لعازر0طلبوا الرب يسوع وقالوا له إنّ لعازر مريض " ياسيد هوذا الذى تحبه مريض " تأنّى عليه ولم يذهب وبعدما كان مريض أصبح ميت بل وأصبح له أربعة أيام0فذهب لهم يسوع فوجدهم حزانى جداً وقالوا له نحن طلبناك فإبتدأ يكلّمهم عن القيامة " أنا هو القيامة والحياة ومن آمن بى فلو مات فسيحيا " فقالوا له نعم يارب سيقوم يوم الدينونة فقال لهم لا سيقوم الأن
كان الرب يسوع يحب هذه الأسرة ويرتاح لها ويستريح فى بيتهم لعازر ومريم ومرثا لكنّه شعر أنّ بينهم روابط عاطفية شديدة
لاحظ الله أنّ محبتهم لبعضهم البعض صنعت لون من ألوان الإنفصال عن الله لماذا ؟ لأنها محبة ذاتية بشرية ليست من خلال الله وهو يريد أن تكون المحبة من خلال الله محبة مقدسة روحانية وليست محبة ذاتية بشرية
وبعد إقامته للعازر أعاد ترتيب العلاقة الصحيحة فى الأسرة0صار يسوع هو الأول صار الحب الأكبر لذاك الذى أقام لعازر0
& إذاً يجب أن تحب واهب الشىء وليس الشىء من الصعب أن أحب الشىء دون أن أحب واهب الشىء هل من الممكن أن أتعلّق بالشىء ولا أتعلّق بواهب الشىء ؟ يقول الرب هذه عطاياى أنا أجدك تنصرف عنى بعطاياى بدل ما تكون عطاياى تمجدّنى فى حياتك وتزيدنى إرتفاعاً ومجداً فى حياتك
ومن هنا يقول يبغض أباه وأمه0لذلك يا احبائى شخص رب المجد يسوع مُشبع والذى يتبعه حقيقياً يعرف يعيش بدون الأتكالية على الأخرين يعرف كيف يعيش متكل عليه 00يعرف يكون هو السند له ولا يقلق
& القديس أنطونيوس كان له أخت وحيده بعد موت أبيه كان من الممكن العواطف البشرية تغلب عليه ويقول هى بنت وهى أختى وهى أمانة فى عنقى وعدو الخير فى هذه الأوقات يكون نشيط لكن لأنّ الأنبا أنطونيوس مشاعره ثابتة فى الله إستودع إخته فى يد الله فى يد من أعطاه هذه الوديعة قال لله هذه امانتك أنت وهذا عملك أنت وأنا أريد أن أخرج لأباركك وأسبّحك كل أيام حياتى أنا راغب فى الإنطلاق من رباطات الجسد رباطات ضعيفة أريد أن أغلبها
& يقال عن واحد أراد أن يترهبن وكل إخواته قد تزوّجوا ووالده توّفى ويعيش مع والدته وهى أم كبيرة فى السن ومريضة وكان ضميره يؤلمه أنه يترك أمه
كان مدّرساً وسبق أن جاءت له فرص للسفر للإعارة لكنّه كان لا يرغب فى السفر حتى لا يترك والدته وفى الدير هناك أحد الرهبان أعطى له مشورة وقال له أنا أريدك مطمئن من جهة والدتك إذهب وإسألها وقول لها أنّه جاءك عرض للسفر للدول العربية وإذكر لها المرتب الذى ستتقاضاه وإسمع ماذا ستقول لك 00وفعلاً سمع لنصيحة الراهب فكان رد والدته على السؤال إنها يمكنها أن تذهب عند إخواته فى فترة السفر هذه ويجب عليك السفر00ففى الحال إستراح ضميره0
إن كان ممكن إنسان يترك ماله من أجل ربح بعض النقود لماذا نتعجب أنّ إنسان يترك أهله من أجل الحياة الأبدية0فى الحقيقة صوت الأبدية داخله وصوت الإنجيل والوصايا يعمل بشدّة فأصبح سعيه للأبدية أكثر بكثير لسعيه للمال
ممكن للإنسان من أجل هدف أعلى يضحّى بهدف أقل لماذا لا يكون ربنا هدف أعلى فى حياتى وأن أعرف كيفية التعامل مع باقى الأهداف
& " ورجع كثيرون من تلاميذه إلى الوراء "
فى الحقيقة شرط مهم جداً أن أعرف أنّ كل عطاياى هى من يد الله فلا يليق أبداً أنّ عطايا الله تفصلنى عن محبة الله ولا يليق ابداً أنّ الذى يأخذ مركز عواطف حياتى يكون غير الله لأنّه هو واهب العطايا لذلك هو يُحب من كل القلب ولا يريد أن أحد ينازعه رغبات أخرى سواء زوجة أو أولاد ولا حتى نفسك
إن لم تتقدّم محبتنا لله عن محبتنا لإنفسنا إذاً نحن مازلنا لا نعرف الله لذلك إذا بقيت قلوبنا وعواطفنا وحياتنا كلها ليست مقدّمة كلها لله سنبقى لا نعرف الله إمّا أعرفه أو لا أعرفه إمّا أحببته أو لم أحبه بعد
طالما توجد أمور تعوقنى عنه سوف لا أعرفه ولا أعرف أسمعه ولا أعرف أطبّق وصاياه ولا أعرف أعيش معه 00سيقى الإنجيل بالنسبة لى مُبهم0
لذلك كان الأنبا أنطونيوس يقول لأولاده " إعلموا يا أبنائى أنّ كل الوصايا ليست صعبة ولا ثقيلة بل نور حقيقى وسرور أبدى لكلٍ من أكمل طاعته "
عندما الإنسان يُكمل طاعتها ويعرف كيف يقدّم ذاته على مذبح محبة ربنا مثل ما حدث للقديسة دميانة مع ابيها مرقس عندما قالت له " إنى أفضّل أن أسمع خبر موتك على إنك تبخّر للأوثان " أصل القديسة دميانة تبغض أباها فى المسيح يسوع وتحب أبيها فى المسيح يسوع لكن محبتها للمسيح أكبر من محبتها لأبيها
كان أحد القديسين وهو طفل صغير رأى أبيه فى موكب الإستشهاد فوالده عندما جاءت عينيه فى عين إبنه بكى الوالد على إبنه لأنّه رأى أنّه سوف يستشهد وإبنه هذا لمن سيتركه فنجد أنّ الإبن الصغير هذا ينظر لأبوه ويقول له إحذر أن تغيّر قلبك بسببى ( أصل أبوه ربّاه على محبة ربنا قبل أى شىء آخر )
الشرط الثانى : " من لا يحمل صليبه ويأتى ورائى فلا يقدر أن يكون لى تلميذاً "
من يتبعنى ليس بالمظهر ولا للمنظره ولا للإفتخار لكن التبعيّة هى حمل الصليب تبعية فيها ألم أنا متقدّمكم فى حمل الصليب وكما أنا متقدّمكم فى حمل الصليب ينبغى أنّه كما سلك ذاك ينبغى أن نسلك نحن أيضاً لكى نتشبّه بسيدنا حامل الصليب إذاً يجب أن نحمل الصليب
إن أردت أن لا تحمل الصليب فلا تكون تلميذاً لى 00ما هو الصليب الذى يمكن أن أحمله ؟
آلام – أوجاع – صلب الشهوات والذات – أصوام تأمرنا الكنيسة بها – مرض – حزن – ضيق – أى ألم من الألام الأرضية ‘ إعتبره صليب ولابد من إنك تحمل الصليب بنجاح لكى تكون فعلاً تلميذ حقيقى لربنا يسوع المسيح 0
كم الإنسان ياأحبائى يتذّمر من حمل الصليب ولمّا ننظر للصليب أنّه شىء مُتعب ومؤلم ولا ننظر إليه أبداً أنّه أداه للمجد وأداه للقوة فنحن لولا الصليب ما كان الخلاص ولا الملكوت0
ولولا الصليب ما كان لنا القوة ولا الفخر فالصليب هو باب ومفتاح لكل الأفراح ، ونحن لكى نكون تلاميذ له يجب أن نكون حاملين للصليب
الكنيسة تقول نصوم إذاً نصوم وآخذ فرصة من الصوم لصلب الذات وصلب الشهوات والجسد وأهواء الجسد وآخذ منه فرصة بأن أتمتّع بالقيامة0
نجد الكنيسة لكى تهيىء أولادها لأفراح أو لأعياد لابد أن يكون قبل الأعياد أصوام لأنّه لا يوجد قيامة بدون صليب ولا يوجد فرح بدون حزن ولا يمكن لإمرأة أن تولد بدون حِبل والحِبل ممكن يكون له ألم لكن عندما تلد ينتهى الألم والحزن كذلك الصليب هو شركة آلام مع ربنا يسوع المسيح
لا يليق أبداً أننّا ننفر منه أو نجزع أو نرفض أبداً أولاد الله يقبلوا الصليب فى حياتهم بفرح لأنهم عارفين أنّ هذا شرط ليكونوا تلاميذ
لذلك الذى يفهم هذا الفكر تكون حياته مرتفعة عن مستوى الألم 00لماذا ؟
لأنّه بيأخذ وينال من الصليب البركات التى تسنده على الألم الإنسان الذى يصوم بتغصّب يحمل الصليب وهو تعبان هذا إنسان متألّم ناظر للصليب من واجهه واحدة أمّا الذى يصوم بفرح وحامل الصليب بفرح وحاسس إن هذه شركة مع ربنا يسوع المصلوب المتألم الصائم أنا مشترك معه أنال معه نفس المجد
لكم أن تعلموا يا أحبائى أننّا ليس بذواتنا قادرين على حمل الصليب لأنّ الحامل الصليب الحقيقى هو ربنا يسوع المسيح لا يقوى على صليب يسوع إلاّ يسوع هو الذى صام عنّا وهو الذى صُلب عنّا وهو شاركنا فى الآلام وهو تجرّد قبلنا وهو الذى ظُلم " لأنّه فيما هو تألّم مجرّباً يقدر أن يُعين المُجربين "0
& يُقال عن طفلة صغيرة كانت مشلولة ساكنة فى منزل من دورين دخل والدها ومعه هدية كبيرة من أجل والدتها وكانت والدتها جالسة فى الدور الثانى فطلبت إبنته أن تأخذ الهدية لتعطيها هى لوالدتها فحزن والدها وقال فى داخله كيف تقدرين أن تعطيها لوالدتك وأنتِ لا تتحركين فقالت الإبنة لوالدها إحملنى يا ابى لكى أصعد إلى أمى وأعطيها الهدية
أريد يا أحبائى أن أقول أنّ الصليب نحن حاملينه لكن الله هو الذى حاملنا وحامل الصليب الحقيقى هو ربنا يحملها عنّا " أحزاننا حملها وأوجاعنا تحملّها " ، أى ضيقة هو شريك ضيقاتنا 0أى فقر 00أى ألم هو يرفع ويحملها معنا0
نحن لا نقوى على حمل الصليب لكن بولس الرسول يقول " شكراً لله الذى يقودنا فى موكب نُصرته ِ " هو حامل أمامنا ونحن وراءه0هو العزاء وهو السند وهو القائد لذلك "من لا يحمل صليبه ويتبعنى لا يقدر أن يكون لى تلميذاً "
لعلّ رب المجد يسوع أوضح الفكرة للجموع أراد أن يعلن لهم إحترسوا إنّ الحياة معى تحتاج لبعض المسئوليات وبعض الإستعدادات
هل لديك إستعداد أن تحبنى أكثر من نفسك أكثر من زوجتك وأولادك هل لديك إستعداد أن تكون عواطفك أنا مركزها هل لديك إستعداد أن تتخلّى عن الذات وعن رباطات اللحم والدم وتُفطم عنها من أجل أن تتّمتع بغناى0هل عندك إستعداد على حمل الصليب وتشاركنى حمل الصليب0إن حملت صليبك وإن عرفت فعلاً كيف يكون المسيح هو مركز حياتك وقتها أصبحت فعلاً من القلائل الذين فى وسط الجموع الكثيرة هؤلاء الذين عرفوا المسيح حقاً
& أحد الأباء القديسين قال " ما أكثر الذين يتزاحمون حول يسوع وما أقل الذين ينالون نعم شفاءه "0
كثير الذين حوله لكن الذين يعرفوه فعلاً قليلون00الذين لمسوه وخلصوا بواسطته الجموع كثيرة لكن نازفة الدم هى التى لمسته وهى التى إستفادت
الجموع كثيرة لكن المولود أعمى هو الذى صرخ وقال " يا إبن داود إرحمنى " هو الذى شُفى
الجموع كثيرة لكن المفلوج هو الذى شُفى
قليلون الذين يخلصون وإن كان الجموع كثيرة0
نريد أن نكون من القليلون الذين أتوا ليخلصوا
نريد أن نأتى بإيمان أن نلتقى به كمخلّص أتينا لنقترب إليه لكى نُشفى من أمراض خطايانا
ربنا يسند كل ضعف فينا بنعمته لإلهنا كل المجد أبدياً أمين
مثل الوكيل الأمين
مثل الوكيل الأمين
هو من أمثال السيد المسيح { يارب ألنا قلت هذا المثل أم للجميع أيضا. فقال الرب فمن هو الوكيل الأمين الحكيم الذي يُقيمه سيده على خدمه ليعطيهم العلوفة في حينها. طوبى لذلك العبد الذي إذا جاء سيده يجده يفعل هكذا بالحق أقول لكم إنه يُقيمه على جميع أمواله }( لو 12 : 41 – 44 ). الوكيل الأمين الحكيم هو مَثَل من أمثال ربنا يسوع التي هي كلها تخدم نفوسنا .
الوكيل أي إنسان مؤتمن على شئ .. الأمانة قليلة والوكلاء الأمناء قليلون .. يجب أن يكون كل شخص فينا هو وكيل أمين .. ما هي الأشياء التي ائتمني يسوع عليها ؟ ما هي مكافأة الأمانة ؟ ربنا يسوع ائتمني على ثلاثة أشياء:-
1/ نفسي .
2/ بيتي وأولادي .
3/ إخوتي وأحبائي .
1/ نفسي
أكثر شئ يجب أن يفهمه الإنسان أن الإنسان ليس مِلك لنفسه ولكنه أمين على نفسه – وكيل عليها – ولكن مع إغراءات العالم وحروب عدو الخير يقتنع الإنسان أن حياته هي مِلك له وليست مِلك لربنا .. ويقول لا يوجد إثبات إني مِلك لله .. فأنا الذي أقرر .. أي شئ أفعله .. حياتي هيَّ حياتي ومِلكي .. فعندما أريد أن أفعل أي شئ أفعله وينسى إنه وكيل .
يجب على الإنسان أن يفهم إنه مؤتمن على حياته وإنه سيقدم حساباً عنها أمام الله ويجب أن يعطي أيامه وكل نسمة في حياته لله .. القديس أثناسيوس قال عن أنبا أنطونيوس أنه كان يتنفس المسيح .. أي أن المسيح هو كل شئ في حياته .. لذلك الإنسان يجب أن يعرف أن أيامه ولحظاته وأوقاته وعمره ومواهبه وتفكيره وكل ما فيه هو مِلك لله ويجب أن يرده مع ربح ولا تقول { فلنأكل ونشرب لأننا غداً نموت } ( 1كو 15 : 32 ) .. سيأتي وقت وستعطي حساب وكالتك .. ماذا فعلت بالأيام التي أعطِتها لك ؟ ماذا فعلت بمشاعِرك ؟ هل أحببت بها نفسك وبيتك فقط ؟ أنا أعطيتك طاقة عاطفة كبيرة لماذا قصرتها على نفسك فقط ؟ أيامك ماذا فعلت فيها ؟ الزمن هو أحد الوزنات التي نحن مؤتمنون عليها .. وكل لحظة هي عطية من الله .. كل ما نملُك هو عطية من الله .
الوكيل الحكيم .. الحكمة مهمة جداً .. الحكيم يعرف كيف يتاجر وكيف يربح .. { ولد فقير وحكيم خير من ملك شيخ جاهل } ( جا 4 : 13) .. كل عطية من ربنا يجب أن نوجهها بشكل صحيح .. نحن عايشين من أجل رسالة .. ويوجد أشخاص عندها ملل ووقت فراغ ولا تعلم ماذا تفعل ولا تعلم لماذا هي عايشة .. نحن موجودين لنمجد الله ونربح الملكوت .. بولس الرسول قال { لي الحياة هي المسيح والموت هو رِبح } ( في 1 : 21 ) .
الله أعطاني نفسي ليس لكي أهلك ولا لكي أبددها .. الله ينتظرنا في الأبدية منذ الأزل .. خلقنا له لنتمجد به ولنشاركه مجده وبهاءه وحضوره الإلهي .. يجب أن أكون حريص على خلاص نفسي وأن أُشارك الله قصده من خلقتي وأن أقدم نفسي له وأن أتمتع بخلاصه ومواعيده وحفظت كتابه ووصاياه فيقول لي { نعماً أيها العبد الصالح والأمين كنت أميناً في القليل فأُقيمك على الكثير } ( مت 25 : 21) " الكثير " أي المجد الأبدي .. ومن يُدرك المجد الأبدي لا يعيش في كسل ولا تواني
{ طوبى للذين يعملون الأن بكل قوتهم فإن لحظة واحدة في ذلك المجد سوف تُنسيهم كل أتعابهم } .. كل تعب وصوم وتسامح .. الخسارة عند ربنا هل خلاص الإنسان ؟ الله يريدك أن تخلُص .. لن ينفع أن نتحجج أمام الله ونقوله في الأخر أعذرنا لم نقدر ولم يسعفنا الوقت أن نربح أنفسنا .. ولكن يوجد من هم في نفس عمرنا وظروفنا وقد جاهدوا وربحوا الملكوت هم من سيدينونا لأن لهم نفس ظروفنا .أول أمانة أنا إئتُمِنت عليها هي نفسي .. نفسي هي وديعة مِلك لله وموجودة عندي .. المشكلة أن الله يعطينا وقت طويل ثم يطلب الوديعة .. فأحياناً يظن الإنسان أن هذه الوديعة مع الوقت أصبحت مِلكي .. لا .. إنها وديعة لديَّ .. مبارك الإنسان الذي يتذكر أن عمره ونفسه ليسوا ملكي ولكن يجب أن أقدمها مع الله مع رِبح .. طاقتي .. مواهبي .. غرائزي .. حياتي .. عواطفي .. إمكانياتي الشخصية كلها لله .
2/ بيتي وأولادي :
بيتي وأولادي ليسوا ملكي ولكنهم مِلك لله .. { البنون ميراث من الرب .. وثمرة البطن عطية منه } ( مز 126 – من مزامير الغروب ) .. والأم تكون إشبين أي مؤتمنة على إبنها وهي وكيلة على إبنك ويجب أن تقدمه لله مع رِبح .. يشوع قال { أما أنا وبيتي فنعبد الرب } ( يش 24 : 15) .. { هأنذا والأولاد الذين أعطانيهم الرب } ( أش 8 : 18) .
قدمي لأولادِك نموذج حسن من بداية حياته .. شجعيه على معرفة ربنا من بداية حياته .. إغرسي فيه فضائل كواقع حقيقي في حياتِك بدل ما يكبر وتتحيلي عليه عشان يروح الكنيسة أو لكي يعترف .. مرة أم أعطت لإبنها عشرة جنيهات كي يعتِرِف فأبونا قالها لن ينفع لابد أن يرى نموذج حي .. هل وجد فيكِ نموذج حي للحياة الروحية ؟ هل علمتيه المحبة أم كان يسمع في البيت المقارنة بينه وبين أولاد خالاته وفي نفس الوقت نقوله { تحب قريبك كنفسك } ( مت 22 : 39 ) فيُصبح الولد ممزق يسمع كلام مين؟
ما أجمل زكريا وأليصابات اللذين قال عنهما الإنجيل { كانا كلاهما بارين أمام الله سالكين في جميع وصايا الرب وأحكامه بلا لوم } ( لو 1 : 6 ) وبسببهم وُجِد يوحنا المعمدان .. يجب أن نقدم أولادنا لربنا بلا عيب .. كثيراً ما نهتم بالأكل والشرب والملابس ولا نهتم بالحياة الروحية .. نهتم بأجساد أولادنا ولا نهتم بخلاص نفوسهم .. أولادنا فقدوا الرؤية الروحية بسبب أن الأسرة نسيت الحياة الروحية ومهتمة فقط بالأجساد .. أين الأسرة التي تعمل تمجيد للقديسين في أعيادهم ؟ ولو أولادي غير ملتزمين يجب أن يقدم الأباء والأمهات صلوات بدموع أمام الله ليتغيروا مثل مونيكا التي صلت 20 سنة من أجل إبنها .. نحن كثيراً نصلي من أجل أبنائنا لكي ينجحوا أو يسافروا أو يشتغلوا أو يتجوزوا ولكننا لا نصلي من أجل خلاص نفوسهم .
بيتي وأولادي هم عطية من الله يجب أن نحافظ عليها ونقدمها لله بدون خسارة بل بربح .. أغرس الفضائل والصلوات في أولادي .. البيت هو الذي يربي ويعلِّم ويسلِّم كل المبادئ للأولاد .. أنت مسئول عن الأولاد أمام الله .. نقدم لهم الوجبة الروحية الدسمة التي تُغذيهم روحياً .. الناس مهتمين فقط بالتعليم الذي أصبح هو الإهتمام الأول والأخير للأباء .
أبونا بيشوي كامل وهو شاب ذهب يفتقد أحد الشباب ففتح له أبو الولد وقاله الولد عنده ثانوية عامة وليس لديهِ وقت للكنيسة هذا العام .. فقال له أبونا طيب ممكن أجي أنا كل إسبوع أو إثنين لأقص له الدروس التي أخذناها في الكنيسة .. فقال له لا .. لا يوجد لديه وقت وإبني لابد أن يُصبح دكتور .. وبالفعل عدت السنين وذهب الأب ليسأل على هذا الخادم وقاله إبني أصبح دكتور ولكن أنا عندي مشكلة كبيرة هي إن إبني دكتور وارتبط عاطفياً ببنت ممرضة غير مسيحية وبدأ إيمانه يهتز وأنا فكرت إنه كان بيحبك وبيسمع كلامك فقلت أجي وأقولك عشان تساعده .. ما الفائدة من كونه دكتور ولكنه فقد خلاص نفسه .
3/ أمين على إخوتي وعلى الآخرين
من أصعب صفات جيلنا الإنغلاق على النفس والأنانية الشديدة وعدم حب العطاء وأن الإنسان يعيش لنفسه .. وأحياناً يكون إهتمامنا بأولادنا ليس سببه حب إبني أكثر ما هو بسبب حبي لنفسي .. ولكن الله طلب من إبراهيم أن يقدم إبنه وحيده إسحق ليُذكِّره أن إسحق هو مِلك لله .. لا تنشغل بالعطية عن العاطي .. ونحن أحياناً ننشغل بأولادنا عن الله ونبعِد عن ربنا بسبب أولادنا أو أبعد أولادي عن ربنا
الإنسان المسيحي يشعر بمسئولية تجاه الكل .. بولس الرسول يقول { من يضعُف وأنا لا أضعُف .. من يعثُر وأنا لا ألتهب } ( 2كو 11 : 29 ) .. هل أشعر بغيرة على كل أحبائي الذين لا يعرفون طريق الله ؟ هل بسأل عن أصدقائي وأصحابي الذين لم يحضروا القداس والعشية ؟ هل أنا وكيل حكيم أمين على كل من حولي أم أنا أعيش فقط في دائرة ذاتي ؟ المسيحي نور ولا يمكن أن يُوقد سراج ويُوضع تحت المكيال .
نحن يجب أن نشعر بمسئولية تجاه حتى غير المؤمنين ونصلي من أجلهم والكنيسة تقول { غير المؤمنين ردهم } .. الكنيسة وكيلة أمينة عن الخليقة كلها وتشفع في الكل .. والزوج أحياناً يكون بعيد عن ربنا ويحصر نفسه ودوره في توفير المال فقط للأسرة ويكتفي بأن أولاده وزوجته يذهبون إلى الكنيسة .
القديس أوغسطينوس كتب في إعترافاته أن أمه كانت تشعر بمسئولية تجاه زوجها مع أنه كان سكِّير وفاسق وكثيراً ما كان يهينها ويضربها ويحتقرها .. والقديس أوغسطينوس كتب عنها " كنت أراها تخدمه بكل إكرام واتضاع كمن يخدم جلالك يا الله " .. رغم كل عيوبه .. مسئولية الزوجة أن تصلي من أجل زوجها .
المكافأة
{ طوبى لذلك العبد الذي إذا جاء سيده يجده يفعل هكذا .. بالحق أقول لكم إنه يُقيمه على جميع أمواله } ( لو 12 : 43 – 44 ) .. الأمانة تجعل الله يأتمن الإنسان على كل شئ .. على مجد الأبدية .. وعلى عطايا الروح السماوية .. ونعرف حرية مجد أولاد الله .. لدرجة أن الله يعطيه سلطانه ومجده حتى وهو على الأرض .. الذي يفكر في المكافأة تهون عليه الأتعاب والمحاربات والمضايقات .. { الذين يزرعون بالدموع يحصدون بالإبتهاج } ( مز 125 – من مزامير الغروب ) .. فكَّر في المكافأة فتستهين بالتعب .. يكفي أن نسمع من الله كلمة " طوبى لذلك العبد " .. يكفى أنه يُقيمني على جميع أمواله .. أحد القديسين قال { أطِع الله يُطاوعك الله } .. فمهما يطلب من الله لا يرفضه له الله .. حتى أنه يُصبح للإنسان سلطان حتى على الطبيعة .. تُمطِر .. يُوقِف المطر .
الأكاليل منتظرانا .. الله يعدها لمحبي إسمه القدوس
الله الذي إئتمننا يجعلنا أُمناء فيما إئتمنا عليه ويساعدنا على خلاص نفوسنا وأولادنا وأزواجنا وكل من حولنا ويمتعنا بالنصيب الصالح
ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته ولإلهنا المجد دائماً أبدياً آمين