العظات
ونخبركم بما رأينا وسمعنا
بِسم الآب وَالإِبن وَالرُّوح القُدُس إِله وَاحِد آمِين
فَلتَحِل عَلِينَا نِعمِته وَبَركته الآن وَكُلَّ أوَان وَإِلَى دَهر الدُّهُور كُلَّهَا آمِين
مِنْ رِسَالَةُ مَارِ يُوحَنَّا الأُولَى 1 : 1 – 4 { الَّذِي كَانَ مِنَ الْبَدْءِ الَّذِي سَمِعْنَاهُ الَّذِي رَأَيْنَاهُ بِعُيُونِنَا الَّذِي شَاهَدْنَاهُ وَلَمَسَتْهُ أيْدِينَا مِنْ جِهَةِ كَلِمَةِ الْحَيوةِ . فَإِنَّ الْحَيوةَ أُظْهِرَتْ وَقَدْ رَأَيْنَا وَنَشْهَدُ وَنُخْبِرُكُمْ بِالْحَيوةِ الأَبَدِيَّةِ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَ الآبِ وَأُظْهِرَتْ لَنَا . الَّذِي رَأَيْنَاهُ وَسَمِعْنَاهُ نُخْبِرُكُمْ بِهِْ لِكَي يَكُونَ لَكُمْ أيْضاً شَرِكَةٌ مَعَنَا . وَأمَّا شَرِكَتُنَا نَحْنُ فَهِيَ مَعَ الآبِ وَمَعَ ابْنِهِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ . وَنَكْتُبُ إِلَيْكُمْ هذَا لِكَيْ يَكُونَ فَرَحُكُمْ كَامِلاً } .. نِعمَة الله الآب تَحِل عَلَى أروَاحنَا جَمِيعاً آمِين .
أجمل شِهَادة وَأجمل رِسَالة يُرْسِلهَا الخَادِم لِمخدُومِيه أنَّهُ يُعَرِّفَهُمْ بِالَّذِي رَأيْنَاه وَسَمِعْنَاه وَلَمَسَتْهُ أيدِينَا .. هذَا لَيْتَكُمْ تَأخُذُوه .. هذَا نُخْبِرَكُمْ بِهِ كَي يَكُون لَكُمْ شَرِكة مَعَهُ لأِنَّهُ لاَ يُمْكِنُنَا أنْ نَتَمَتَّع نَحْنُ بِهِ وَحْدِنَا .. لاَبُد أنْ تَتَمَتَّعُوا أنْتُمْ أيْضاً بِهِ مَعَنَا .
هذِهِ رِسَالِة الخَادِم .. صَعْب أنْ يَتَكَلَّم عَن شِئ لَمْ يُشَاهِده أوْ يَسْمَعه أوْ يَلْمِسه .. يَتَكَلَّم عَنْ أُمور نَظَرِية مُجَرَّد أنْ يَسْرِد قِصَص أوْ يَقُول مَعْلُومة .. هذَا أمر صَعْب لأِنَّهُ إِنْ نَظَرنَا لِرِسَالِتنَا وَدُورنَا نَجِده لاَ يَقِل عَنْ دُور مَارِ يُوحَنَّا .. كَي نَتَحَدَّث عَنْ أُمور لَمْ نَعْرِفهَا فَهذَا أمر صَعْب .. يَقُول مَارِإِسحق { الكَلاَم عَنْ العَسْل شِئ وَمَذَاقِة العَسْل شِئ آخر } .. نَتَكَلَّم عَنْ الصَلاَة شِئ وَنَعِيشهَا شِئ آخر ..نُرِيد أنْ نُرَبِّي مَخْدُومِين يَعْرِفُونَ الله وَيَعْرِفُونَ طَرِيق المَخْدع وَطَرِيق الصَّلاَة وَسِر الله فَنَتَذَوَّق نَحْنُ أوَّلاً سِر قُوَّة الخِدمة ..الإِمتحَان الَّذِي يُوضع فِيهِ الخَادِم هُوَ أنَّهُ يَنْشَغِل وَيِكبر وَيُوضع تَحْت ضَغط فَيُصبِح الله بِالنِسبة لَهُ مَاضِي وَكَأنَّهُ قَدِيماً كَانَ يَأتِي لِلخِدمة لِيُضَيِّع وَقت أوْ كَأنَّ الخِدمة كَانِت عَمْل إِجتِمَاعِي .. إِسَأل نَفْسك أيُّهَا الخَادِم لِمَاذَا تَأتِي لِلخِدمة ؟
الَّذِي رَأَيْنَاهُ وَسَمِعْنَاهُ .. هذِهِ رِسَالة لاَبُد أنْ تَصِل لِلآخَرِين .. { هَلُمُّوا انْظُرُوا إِنْسَاناً قَالَ لِي كُلَّ مَا فَعَلْتُ } ( يو 4 : 29 ) .. وَكَمَا قَالَ بُطرُس الرَّسُول { لأِنَّنَا لَمْ نَتْبَعْ خُرَافَاتٍ مُصَنَّعَةً إِذْ عَرَّفْنَاكُمْ بِقُوَّةِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ وَمَجِيئِهِ بَلْ قَدْ كُنَّا مُعَايِنِينَ عَظَمَتَهُ } ( 2بط 1 : 16) .. يَقُول كُنَّا مَعَهُ فِي الجَبَل المُقَدَّس أي رَأيْنَاه عَلَى جَبل التَجَلِّي .. رَأيْنَا مَجد لاَهُوته وَلَمَّا عَاشِرنَاه لَمْ نَسْتَطِع أنْ نَصْمُت فَكَلِّمنَا كُلَّ النَّاس .
المَسِيحِيَّة لَيْسَت نَظَرِيَّة أوْ أفكَار أوْ قِصص .. إِنْ سَألنَا طِفل صَغِير عَنْ مَبَادِئ المَسِيحِيَّة يَحْكِي لَنَا قِصَّة يَسُوع بِأكملهَا وَيَقُول المَبَادِئ المَسِيحِيَّة كُلَّهَا .. لَكِنْ .. مَاذَا فَعَلْت قِصَّته مَعَنَا وَمَا عُمْق تَأثِيرهَا فِينَا ؟ أيْنَ خَفَاءنَا مَعَ الله وَعِشْرِتنَا مَعَهُ ؟ أيْنَ عَايَنَنَا عَظَمَته ؟ عِنْدَمَا نَتَكَلَّم عَنْهُ نَقُول " نُخْبِرُكُمْ بِمَا رَأيْنَا أمْ بِمَا قَرَأنَا ؟ " .. إِنْ كَانَ بِمَا قَرَأنَا يَكُون حَدِيث عَقْل لِعَقْل .. أخطر مَا فِي الأمر أنَّنَا نَظُنْ أنَّ مَا نَعْرِفه نَحْيَاه .. مُمكِنْ نَتَكَلَّمْ فِي مَوضُوع رَائِع عَنْ الصَّلاَة لَكِنْ لِلأسف يَكُون مُجَرَّد مَعْرِفة لَكِنْ لَمْ نَحْيَاهَا .
مَا مَفهُوم " المَعْرِفة " فِي الكِتَاب المُقَدَّس ؟ مَفهُوم " المَعْرِفة " فِي الكِتَاب هُوَ " الزَوَاج " .. يَقُول الكِتَاب { وَعَرَفَ آدَمُ حَوَّاءَ } ( تك 4 : 1) .. إِسَتبدِل كَلِمة " تَزَوَجهَا " بِكَلِمة " عَرَفهَا " لأِنَّ هذَا هُوَ فِكر الكِتَاب عَنْ المَعْرِفة أنَّهَا إِتِحَاد .. لِذلِك عِنْدَمَا أعْرِف الله أي أتَزَوَجه أي أصِير مَعَهُ وَاحِد .. مَعْرِفة إِتِحَاد .. إِتِحَاد زِيجِي أسْتَطِيع أنْ أتَحَدَّث عَنْهُ .. هكَذَا عَلَى نَفْس المُستَوَى مَعْرِفة النَّفْس بِالله .. عِنْدَمَا تَسْأل إِنْسَان عَنْ زُوجته بِالطبع سَنَجِده يَعْرِف عَنْهَا كُلَّ شِئ لأِنَّهُ عَاشِرهَا بِكُلَّ ضَعَفَاتهَا وَقُوِّتهَا هكَذَا إِتِحَادنَا بِالله يُعْطِينَا مَعْرِفته .. المَسِيح جَاءَ لَيْسَ لِنَعْرِفه بِعُقُولِنَا وَنُقَدِّمه لِلعُقُول بَلْ نَعْرِفه أي نَتَزَوَجه وَيَصِير هُوَ مُكَمِّلُنَا فَنَسْتَطِيع أنْ نَتَكَلَّمْ مَعَهُ وَنَتَكَلَّمْ عَنْهُ .. { لِكَي يَكُونَ لَكُمْ أيْضاً شَرِكَةٌ مَعَنَا} .. دَاخِل دَائِرة المَعْرِفة أي فِي جَسَد المَسِيح .
قَدِيماً كَانَ الله يُرْسِل كُلَّ صَبَاح المَنَّ وَكَانِت النَّاس تَجْمَعه وَالَّذِي يِخَزِّنه يَفْسَد وَكَأنَّ الله يَطْلُب مِنْهُمْ أنْ يَأكُلُوا كُلَّ مَا يَجْمَعُوه .. هَكَذَا نَحْنُ .. المَنَّ هُوَ المَسِيح لأِنَّهُ نَزَلَ مِنَ السَّمَاء بِطَرِيقة مُعْجِزِيَّة وَمَذَاقه حُلو وَمُسْتَدِير أي لَيْسَ لَهُ بِدَاية وَنِهَاية .. هَكَذَا المَسِيح نَزَلَ مِنْ السَّمَاء بِطَرِيقة مُعْجِزَِيَّة وَحَلْقه حَلاَوة وَكُلَّه مُشتَهَيَات ( نش 5 : 16) وَلَيْسَ لَهُ بِدَاية وَلاَ نِهَاية وَصَغِير أي جَاءَ فِي صُورة عَبْد .. أهمْ شِئ أنْ نَأكُله لِذلِك المَسِيح لَمْ يَطْلُب مِنْهُمْ أنْ يَخَزِّنُوه بَلْ يَأكُلوه أي يَتَحِدُوا بِهِ وَهَذَا عَمْل المَسِيح .
نَحْنُ نَتَكَلَّمْ عَنْ مَسِيح لَيْسَ مَعْرُوف بِالعَقل بَلْ مُتَحِد مَعَنَا وَسَاكِنْ فِينَا .. قَالَ لَهُمْ تَجمَعُوه فِي الصَبَاح البَاكِر وَمُجَرَّد أنْ تُشْرِق الشَّمْس يَذُوب إِذاً يُجمع بَاكِر جِدّاً .. { الَّذِينَ يُبَكِّرُونَ إِلَيَّ يَجِدُونَنِي } ( أم 8 : 17) .. قَبْل أنْ تُشْرِق شَمْس التَجَارُب وَتَتعِبنَا .. إِسْتَيقِظ بَاكِراً مَعَ المَنَّ .. مَعَ الإِنْجِيل وَالصَّلاَة كَي تَسْتَطِيع أنْ تُوَاجِه شَمْس التَجَارُب .. إِذاً عِشرِتِي الدَّاخِلِيَّة مَعَ الله هِيَّ أسَاس مَعْرِفَتِي لله وَالشِئ الَّذِي أعْرِفه سَهل إِنِّي أصِفه لِذلِك عَلِّم أُمور أنْتَ تَحْيَاهَا .. { الَّذِي رَأَيْنَاهُ وَسَمِعْنَاهُ نُخْبِرُكُمْ بِهِْ لِكَي يَكُونَ لَكُمْ أيْضاً شَرِكَةٌ مَعَنَا } .. إِسَأل نَفْسك بِكُلَّ أمَانة أمَام الله .. مَا هُوَ خَفَاءك وَمَا هِيَ عِشْرِتك مَعَهُ ؟ يَقُول لَك إِنْ كُنْت تُعَلِّم نَظَرِيَات أم حَيَاة .. مَا أسهل النَظَرِيَات وَمَا أجمل الحَيَاة .
الأبَاء يَقُولُون أنَّ النَّفْس الَّتِي تَتَقَابل مَعَ الله وَيَكْشِف لَهَا نَفْسه تَأخُذ غِبطة وَفَرْحة أكثر مِنْ فَرحِة الفِردُوس .. إِنْ لَمْ تَكُنْ قَدْ تَذَوَّقت هذِهِ الفَرحة تَذَوَّقهَا الآن وَهذِهِ هِيَ عَظَمِة المَسِيحِيَّة أنَّهَا تُقَدِّم حَيَاة مُعَاشة .. أجمل مَا فِي المَسِيحِيَّة قِدِّيسِيهَا لأِنَّهُمْ قَدَّمُوا حَيَاة فَكُلّ وَصِيَّة تَبدُو مُسْتَحِيلة طَبَّقهَا القِدِّيسُون وَعَاشُوهَا .. إِذاً نَسْتَطِيع أنْ نَعِيشهَا إِنْ قُلْنَا " يَارْبَّ عَلِّمنِي " .. وَصِيِة { اِذْهَبْ بِعْ كُلَّ مَالَكَ وَأعْطِ الفُقَرَاءَ } ( مر 10 : 21 ) نَقُول إِنَّهَا وَصِيَّة صَعبة أوْ مُسْتَحِيلة لَكِنْ نَجِد الأنبَا أنطُونيُوس عَاشَهَا بِقُوَّة .
{ بَلْ قَدْ كُنَّا مُعَايِنِينَ عَظَمَتَهُ } ( 2بط 1 : 16 ) جَمِيل جِدّاً رَبِّنَا يَسُوع الْمَسِيح لَمَّا اخْتَار الإِثنى عَشر تِلْمِيذ يِقُولَّك إِخْتَارهُمْ لِيَكُونُوا مَعَهُ فِي كُلَّ مَكَان حَتَّى يَروه كَيْفَ يَفْعل مُعْجِزَاته وَكَيْفَ يُعَلِّم وَكَيْفَ يُقِيم مَوتَى وَ ........... مُعَايَشة .. هَكَذَا أنَا يَجِب أنْ أكُون مَعَهُ فِي مُعَايشة وَأتَشَبَّع بِرُوحه حَتَّى عِنْدَمَا أُعَلِّم يَكُون فِيَّ رُوحه .. نُلاَحِظ ذلِك فِي سِيَامِة الكَاهِن يَظِل أرْبَعِينَ يوم فِي الدِير لِيَكُون مَعَهُ فِي مُعَايشة .. البَابَا شُنُوده الثَّالِث وَضَعَ طَقْس رَائِع لِسِيَامِة الأسَاقِفة وَهُوَ أنَّ الأُسقُف بَعْد سِيَامَتِهِ يَظِل مُلاَزِم سَيِّدنَا البَابَا فِي كُلَّ زِيَارَاته وَإِجتِمَاعَاته سَوَاء شِئ يَخُصَّه أوْ لاَ يَخُصَّه ثُمَّ بَعْد ذلِك يَذْهب لِيُمَارِس مَهَام إِبرُوشِيَته .. هذِهِ حَيَاة تَلْمَذَة وَمُعَايَشة وَهَكَذَا فَعَلَ السَيِّد المَسِيح مَعَ تَلاَمِيذه .." لِيَكُونُوا مَعَهُ " .
كَمْ مِنْ الوَقت أكُون مَعَهُ كَي أتَشَبَّع بِهِ حَتَّى إِذَا وَقفت أمَام أولاَده تَكُون صُورَته مُنْطَبِعه فِيَّ فِي إِتِضَاعه وَمَحَبِّته وَهُدوءه وَاحتِمَاله وَوَقفِة الصَّلاَة .. إِنْ قَدِّمت ذلِك لأولاَده أكُون قَدْ قَدَّمت لَهُمْ نَمُوذج لَهُ .. جَيِّد أنْ نَتَكَلَّم بِمَا رَأيْنَا وَمَا سَمِعْنَا وَيَكُون لَنَا عِشره مَعَهُ وَإِلاَّ تَكُون خِدمِتنَا كَمبنَى كَبِير بِدُون أسَاس لأِنَّ عَمْل كُلَّ وَاحِد فِينَا سَيُمتَحن بِالنَّار سَوَاء كَانَ قش أوْ خَشب أوْ حَدِيد أوْ ذَهب .. إِنْ كَانَ قش أوْ خَشب فَسَتَأكُلَهُ النَّار وَإِنْ كَانَ حَدِيد سَيصمُد قَلِيلاً لَكِنْ إِنْ كَانَ ذَهْب فَإِنَّهُ يَصمُد لِلأبد .. إِسهرُوا عَلَى خَلاَص أنْفُسَكُمْ وَافرِزُوا وَقت أطول لِحَيَاتكُمْ الخَفِيَّة .. إِجلِس كَثِيراً مَعَ الإِنْجِيل سَتَجِد نَفْسك تَتَكَلَّم بِالإِنْجِيل .. فِي كُلَّ وَقت تَشَبَّع بِالقِدِّيسِين سَتَعِيش مِثْلُهُمْ .. تَشَبَّع بِالكِنِيسة سَتَحْيَا القُدَّاس وَالأجبِية وَ ........ وَتُعَلِّم تَعْلِيم الكِنِيسة لأِنَّكَ مُشَبَّع بِهَا .
أقوَى شِئ يُقِيم إِتِصَال هُوَ التَلاَمُس حَتَّى أنَّهُ يوجد أُسلُوب عِلمِي يُسَمَّى " التَلاَمُس " هذَا يُعْطِي إِتِصَال .. نَحْنُ مَعَ الله فِي وَضع تَلاَمُس .. { شِمَالُهُ تَحْتَ رَأسِي وَيَمِينُهُ تُعَانِقُنِي } ( نش 2 : 6 ) أي يَحْضُنَنِي فَأشعُر بِلْمسَتِهِ وَبَدَلاً مِنْ أنْ كَانَ يُوحَنَّا الحَبِيب يَتَكِئ عَلَى صَدره أضِع أنَا أيْضاً رَأسِي عَلَى صَدره وَيَكُون بِينِي وَبِينه تَلاَمُس .. القِدِيس يُوحَنَّا سَابَا قَالَ أنَّهُ يَتَمَنَّى أنْ يَتَلاَمس مَعَ الله عَلَى مُستَوى تَلاَمُس السَيِّدة العذرَاء مَعَهُ فَكَانَ يُقَارِن بَيْنَ مَا فَعَلَته السَيِّدة العذرَاء وَمَا يَشْتَاق أنْ يَفعله مَعَ المَسِيح فَقَالَ { يَا لَيْتَ نَفْسك تَكُون مُرَبِيَّة لَهُ مِثْل مَرْيم } .. يُرِيد أنْ يَدْخُل فِي عِشرة عَجِيبة مَعَهُ وَيُخَاطِب حَوَاسه قَائِلاً { أيَّتُهَا العُيُون شَاهِدِيه .. أيَّتُهَا الآذَان إِسمَعِيه .. أيَّتُهَا الأيدِي إِلمِسِيه .. أيَّتُهَا الرُّكب إِحمِلِيه } .. تَوَاصُل مَعَ الله وَعِشرة .. كَمْ مِنْ الوَقت تَجلِسه مَعَ يَسُوع ؟ كَمْ مِنْ الوَقت تَفرِزه لِلقِرَاءة وَالخِدمة وَالصَّلاَة وَالإِنْجِيل ؟ عَلَى قَدر مَا يَكُون الوَقت كَافِي عَلَى قَدر إِستِطَاعَتك لِلتَعْلِيم .
فِي خِيمِة الإِجتِمَاع أبعَاد التَابُوت 2.5 1.5 1.5 ذِرَاع .. لِمَاذَا هذِهِ الأنْصَاف ؟ لأِنَّ مَعْرِفِتنَا بِالله مَادُمنَا فِي الجَسَد وَفِي الغُربة مَعْرِفة نَاقِصة سَتَكتَمِل فِي الأبَدِيَّة لِذلِك يَقُول { وَهذِهِ هِيَ الحَيوةُ الأبَدِيَّةُ أنْ يَعْرِفُوكَ أنْتَ الإِلهُ الْحَقِيقِيَّ وَحْدَكَ وَيَسُوعَ الْمَسِيحَ الَّذِي أرْسَلْتَهُ } ( يو 17 : 3 ) .. لأِنَّنَا مَادُمنَا عَلَى الأرْض نُجَاهِد لَكِنْ لاَ نَأخُذ أكثر مِنْ النِصف .. أيْضاً لِمَاذَا الأُفُقِي مُسَاوِي لِلرأسِي ( 1.5 ، 1.5 ذِرَاع ) فِي التَابُوت ؟ لأِنَّ التَابُوت رَمز لِلمَسِيح وَلأِنَّهُ لَمَّا جَاءَ عَلَى الأرْض عَمَلَ إِتِزَان بَيْنَ السَّمَاء وَالأرْض فِي النَّهَار كَانَ يَجُول يَصْنَع خِير وَفِي الَّلِيل كَانَ يَقْضِيه كُلَّه فِي الصَّلاَة .. الإِتِزَان مَطلُوب فِي حَيَاتنَا وَلاَ يوجد بِهَا شِئ عَلَى حِسَاب شِئ حَتَّى آبَاء البَرِّيَّة يَفْعَلُونَ ذلِك .
تَكَلَّمنَا مِنْ قَبْل عَنْ أرْبَعة نِقَاط تُعَطِّل الخِدمة :0
نَحْنُ نَحْتَاج إِتِزَان بَيْنَ إِنْشِغَالاَتِنَا وَخَلاَص نِفُوسنَا لأِنَّ فِي ذلِك خِدَاع الشَّيَاطِين .. إِمَّا يِشغِلنَا بِأنْفُسَنَا فَقط أوْ بِالآخَرِين فَقط لِذلِك السَيِّد المَسِيح جَاءَ وَأحدث ذلِك الإِتِزَان .. مَتَى أقُول إِنِّي سَأخدِم وَمَتَى أقُول لاَبُد أنْ أخلو مَعَ نَفْسِي فِترة ؟ عِنْدَمَا أجِد نَفْسِي غِير مُثمِر مَعَ أولاَدِي لاَبُد عِنْدَئِذٍ أنْ أنَال فِترِة خِلوة مَعَ النَّفْس أجَدِّد فِيهَا فِكرِي وَحَيَاتِي الرُّوحِيَّة تَنْتَعِش .. أجمل مَا فِي الحَيَاة الرُّوحِيَّة أنَّ الله يُحِبَّهَا مُتَجَدِّدة حَتَّى لاَ تَكُون مُمِلَّة وَهُوَ كُلّ يُوم يُعْطِي إِحْسَانَات جَدِيدة .
عِشرِة المَسِيح هِيَّ دَافِع خِدمِتنَا وَلاَ يوجد مِنَّا مَنْ لاَ يَعْرِف كَيْفَ يَتَقَابل مَعَهُ .. كَثِيراً مَا نُهمِل صَلَوَاتنَا الخَاصَّة وَكَثِيراً مَا نَنْسَى المَذبح الدَّاخِلِي لِذلِك أهمْ نَصِيحة هِيَ أنْ نَقِف أمَامه كَثِيراً بِدُون حِسَاب لِلوَقت كَي نَعْرِفه .. عَلَى الأقل نَقِف سَاعة كَي نَأخُذ لأِنَّهُ كَيْفَ نَقُول لَهُ " قَدْ إِرتَسَمَ عَلَيْنَا نُور وَجهك يَارْبَّ " ( مز 4 – مِنْ مَزَامِير صَلاَة بَاكِر ) .. كَيْفَ نَتَعَلَّم مِنْهُ وَكَيْفَ يَكُون لَنَا فِكره ؟ ذلِك عِنْدَمَا نَجلِس مَعَهُ لِنَشْبع مِنْهُ .. نَظَّم وَقتك .. الَّذِي يَأخُذ هذِهِ الرُّوح يَكُون تَعْلِيمه لَذِيذ وَقَرِيب لِلقلب وَوَاقِعِي وَيَكُون شَخص مُغَيِّر لِنَفْسه وَلأِوَلاَده .. إِذاً هذَا إِنْسَان يَسِير فِي الطَرِيق الصَحِيح .
إِسمَع صُوته فِي الإِنْجِيل .. مَنْ مِنَّا لَهُ عِشرة وَلَذَّة مَعَ الإِنْجِيل وَإِنْ لَمْ يَقرأه يَشْعُر أنَّهُ يَنْقُصه شِئ مُهِمْ .. مَنْ مِنَّا تِفَرَّحه الأجبِية ؟ مَنْ مِنَّا يَكُون فِي جَلْسة مَعَ الآخَرِين وَيقطعهَا لِيَقُوم يُصَلِّي ؟ إِنْ لَمْ تَكُنْ قَدْ إِختَبرت لاَبُد أنْ تَخْتَبِر أنَّ لَنَا مِيعَاد نُحِب أنْ نَقِف فِيهِ مَعَ الله وَلاَبُد أنْ نَقِف فِيهِ لِلصَّلاَة .
عِشرِتك مَعَ الحَيَاة الكَنَسِيَّة .. كَيْفَ تَكُون خَادِم كَنَسِي ؟ كَيْفَ تَكُون مُسَبِّح مُحِب لِلعِبَادة مُتَمَرِّن عَلَى ألحَان الكِنِيسة حَتَّى وَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَحْفَظَهَا فَعَلَى الأقل تَفهَمَهَا وَيَخْفِق لَهَا قَلْبك .. ذُق الله وَحِبَّه وَاعْرَفه .. الله أرَادَ أنْ يِوَحَدنَا بِهِ وَيُعْطِينَا مِنْ صِفَاته حَتَّى وَإِنْ كُنَّا خُطَاه هُوَ يَسْتُرنَا قَبْل أنْ نَقتَرِن بِهِ المُهِمْ أنْ نَقبل نَحْنُ الإِقتِرَان بِهِ وَإِلاَّ يَكُون تَوَدُّده لَنَا دَينُونة عَلِينَا .
الله طَلْب مِنْ هُوشَع النَّبِي طَلْب عَجِيب قَالَ لَهُ إِتَخِذ لَكَ إِمرأة زِنَا زَوجة لَكَ ( هو 3 : 1 ) لأِنَّهُ قَدِيماً كَانِت الزَانِية لَهَا زِي خَاص بِهَا تُعْرَف مِنْ مَظهرهَا أنَّهَا زَانِية .. تَخَيَّل أنَّ الله طَلْب مِنْ هُوشَع أنْ يَقْتَرِن بِزَانِية وَيَكُون لَهُ بَنِين مِنْهَا .. هذَا هُوَ حَال المَسِيح الَّذِي إِقتَرن بِالبَشَرِيَّة الزَّانِية وَقَبَلَ أنْ يُدعَى عَلَيْهَا إِسمه .. وَأصبحت السَيِّدة الزَّانِية مُقتَرِنة بِهُوشَع كَمَا نَحْنُ إِقتَرَنَّا بِإِسم المَسِيح .. أنَا ذُقت الإِتِحَاد بِهِ رَغم إِنِّي خَاطِئ لِذلِك عَلَيَّ أنْ أقُول لِكُلّ النَّاس أنَا لَسْتُ أفضل مِنْكُمْ لَكِنَّه قَبِلَ أنْ يَقْتَرِن بِيَّ فَتَعَالُوا وَادخُلُوا دَائِرَته لِيَبْسِط ذِيله عَليكُمْ وَكَمَا يَقُول أجعل خَاتِم فِي إِصبَعك وَقِلاَده فِي عُنُقك ( حز 16 : 11 – 12 ) أي مَوَاهِب الرُّوح القُدُس وَخَطَايَاك لاَ أعُود أذكُرهَا .
أدِي عَمْل الْمَسِيح لِلنَّفْس وَعَمْل الْمَسِيح لِينَا إِحنَا وَلَمَّا إِحنَا نِلْنَا غُفْرَانه وَمَحَبِّته وَسَتره وَاحْتِضَانه لِينَا إِحنَا غِير المُسْتَحِقِين إِبتَدِينَا نِقُول لِكُلَّ النَّاس تَعَالُوا شُوفُوا الَّذِي رَأيْنَاه وَسَمِعنَاه وَلَمِسنَاه أُدخُلُوا مَعَهُ فِي شَرِكة لِيَبسِط ذِيله عَلَيْكُمْ .. حَوِّل هذَا الأمر إِلَى تَدْرِيب لِتَرَى أيْنَ أنْتَ مِنْهُ وَمِنْ عِشرِته وَخِدمِته وَصَلَوَاته .. وَهذَا سَيُغَيِّر مَلاَمِحك .رَبِّنَا يِسْنِد كُلَّ ضعف فِينَا بِنِعْمِته لَهُ المَجد دَائِماً أبَدِيّاً آمِين
توجهات فى الخدمة
بُولِس الرَّسُول يَقُول لِتِلْمِيذُه تِيمُوثَاوُس بَعْض النَّصَائِح فِي رِسَالَتُه الأُولِى لِتِلْمِيذُه فَيَقُول { لاَ تَزْجُرْ شَيْخاً بَلْ عِظْهُ كَأَبٍ وَالأَحْدَاثَ كَإِخْوَةٍ وَالْعَجَائِزَ كَأُمَّهَاتٍ وَالْحَدَثَاتِ كَأَخَوَاتٍ بِكُلِّ طَهَارَةٍ . أَكْرِمِ الأَرَامِلَ اللَّوَاتِي هُنَّ بِالْحَقِيقَةِ أَرَامِلُ . وَلكِنْ إِنْ كَانَتْ أَرْمَلَةٌ لَهَا أَوْلاَدٌ أَوْ حَفِيدَةٌ فَلْيَتَعَلَّمُوا أَوَّلاً أَنْ يُوَقِّرُوا أَهْلَ بَيْتِهِمْ وَيُوفُوا وَالِدِيهِمُ الْمُكَافَأَةَ . لأِنَّ هذَا صَالِحٌ وَمَقْبُولٌ أَمَامَ اللهِ . وَلكِنَّ الَّتِي هِيَ بِالْحَقِيقَةِ أَرْمَلَةٌ وَوَحِيدَةٌ فَقَدْ أَلْقَتْ رَجَاءَهَا عَلَى اللهِ وَهِيَ تُوَاظِبُ الطَّلِبَاتِ وَالصَّلَوَاتِ لَيْلاً وَنَهَاراً . وَأَمَّا الْمُتَنَعِّمَةُ فَقَدْ مَاتَتْ وَهِيَ حَيَّةٌ . فَأَوْصِ بِهذَا لِكَيْ يَكُنَّ بِلاَ لَوْمٍ . وَإِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يَعْتَنِي بِخَاصَّتِهِ وَلاَ سِيَّمَا أَهْلِ بَيْتِهِ فَقَدْ أَنْكَرَ الإِيمَانَ وَهُوَ شَرٌّ مِنْ غَيْرِ الْمُؤْمِنِ . لِتُكْتَتَبْ أَرْمَلَةٌ إِنْ لَمْ يَكُنْ عُمْرُهَا أَقَلَّ مِنْ سِتِّينَ سَنَةً امْرَأَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ مَشْهُوداً لَهَا فِي أَعْمَالٍ صَالِحَةٍ } ( 1تي 5 : 1 – 10 ) بُولِس الرَّسُول يَتَكَلَّمْ عَنْ العِلاَقَات الكَنَسِيَّة وَالفِئَات المُتَنَوِعَة فِي الكَنِيسَة يَتَكَلَّمْ عَنْ الأرْمَلَة وَعَنْ الشَّابَة وَعَنْ الحَدَثَات وَعَنْ الشَّاب وَمَا هِيَ العِلاَقَات بَيْنَهُمْ وَكَيْفَ يَتَعَامَلُونَ مَعاً وَمَا هِيَ المَسْئُولِيَات إِتِجَاه بَعْض لِذلِك سَنَتَكَلَّمْ عَنْ :-
1/ الكَنِيسَة جَمَاعِة المُؤمِنِين :-
لاَبُدْ أنْ نَعْلَمْ أنَّنَا نُشَكِّلْ الكَنِيسَة أوْ جَمَاعِة المُؤمِنِين أوْ نُشَكِّلْ جَسَدٌ الْمَسِيح السِّرِّي أي لاَبُدْ أنْ يَكُون لَنَا إِحْسَاس أنَّنَا نَتَكَامَلٌ مَعاً فِي وِحْدَه وَاحِدَة فِي جِسْمٍ وَاحِدٌ نُكَمِّلْ بَعْضَنَا بَعْض وَنُكَمِّلْ نَقَائِص بَعْض أي عَائِلَة وَاحِدَة وَكَمَا يَقُول مُعَلِّمْنَا بُولِس الرَّسُول { رَعِيَّةٌ مَعَ الْقِدِّيسِينَ وَأَهْلِ بَيْتِ اللهِ } ( أف 2 : 19) وَلِنَرَى كَيْفَ يُحِبْ الإِخْوَة بَعْضُهُمْ وَيَخَافُون عَلَى بَعْضُهُمْ وَيُحِبُّوا لِبَعْضُهُمْ النَّجَاح وَالكَنِيسَة الرُّبَاطٌ الَّذِي بَيْنَهَا لَيْسَ رَبَاطٌ جَسَدِي بَلْ رَبَاطٌ رُوحِي لِذلِك مَحَبِّتْهَا أقْوَى مِنْ المَحَبَّة الأخَوِيَّة لأِنَّهُ مَهْمَا كَانَ الرَّبَاطٌ الجَسَدِي فَهُوَ مَحْدُود وَزَائِلْ بَيْنَمَا رَبَاطٌ الرُّوح فَدَائِمْ لِذلِك الكَنِيسَة جَمَاعَة رُوحِيَّة مُتَآلِفَة مَعَ بَعْضَهَا مُحِبَّة لِبَعْض هَدَفْهَا وَاحِدٌ طَرِيقْهَا وَاحِدٌ رَئِيسْهَا وَاحِدٌ وَصَايَاهَا وَاحِدَة قَوَانِينْهَا وَاحِدَة يَجْمَعَهَا أُمُور كَثِيرَة مُشْتَرَكَة فِكْرِنَا إِتِجَاه الكَنِيسَة وَإِتِجَاه بَعْض لاَبُدْ أنْ تَكُون وَاضِحَة وَكَمَا يَقُول مُعَلِّمْنَا بُولِس الرَّسُول { الَّذِي فِيهِ كُلُّ الْبِنَاءِ مُرَكَّباً مَعاً } ( أف 2 : 21 )كُلَّ البُنَاء وِحْدَه وَاحِدَة كُلَّ عُضْو لَهُ كَرَامَة وَلَهُ حُبْ وَلَهُ مَوْهِبَة كُلَّ وَاحِدٌ مُهِمْ لأِخِيه تُوْجَدٌ لُوحَة رَسَمَ فِيهَا الفَنَّان الكَنِيسَة جَسَدٌ الْمَسِيح فَرَسَمْ الكَنِيسَة كَمَا هِيَ وَرَسَمْ الْمَسِيح هُوَ الوَجْه كَمَا المَذْبَح وَخَرَجْ مِنْهُ الجَسَدٌ الَّذِي هُوَ الكَنِيسَة هكَذَا أنْتُمْ الجَسَدٌ هذَا جَسَدٌ يَسُوع وَالرَّأس هُوَ الهَيْكَل نَحْنُ جَسَدُه أعْضَاء حَيَّة أعْضَاء مُحِبَّة مُتَكَامِلَة العِلاَقَة بَيْنَنَا لَيْسَتْ عِلاَقَة إِجْتِمَاعِيَّة أي لَسْنَا نُجَامِلْ بَعْضِنَا مُجَامَلاَت إِجْتِمَاعِيَّةهَلْ سَألْت عَلَى فُلاَن لأِنَّهُ غَائِبْ مِنْ فِتْرَة ؟ وَكَأنَّنَا نَسْأل عَنْ بَعْضِنَا كَوَاجِبْ إِجْتِمَاعِي وَمُجَامَلَة لاَعِلاَقِتْنَا بِبَعْض أعْمَقٌ عِلاَقَة تَحْكُمْهَا أُمُور رُوحِيَّة وَتَحْكُمْهَا الوَصِيَّة لِذلِك لَوْ عَرَفْنَا مَاذَا نَحْنُ بِالنِّسْبَة لِلْمَسِيح وَبِالنِّسْبَة لِبَعْضِنَا وَالْمَسِيح بِالنِّسْبَة لَنَا سَيَكُون كُلَّ وَاحِدٌ مِنَّا مُهِمْ بِالنِّسْبَة لأِخِيهِ أهَمِيِّة الْمَسِيح نَفْسُه وَلَهُ كَرَامِة الْمَسِيح وَلَنْ تَكُون عِلاَقِتْنَا بِبَعْض عِلاَقِة وَاجِبْ وَإِرْضَاء الأمر أرْقَى مِنْ ذلِك بِكَثِير لِذلِك هُنَاك لَحْن يَقُول { هؤُلاَء الَّذِينَ ألَّفَهُمْ الرُّوح مَعاً مِثْلَ قِيثَارَةnai `etaf\otpou eucop > `nje Pip/n/a/ e/q/u/ > `m`vrh; `noukuqara }( مَا يُقَال فِي ذُكْصُولُوجِيِة بَاكِر ) نَحْنُ مِثْلَ قِيثَارَة .. مَاذَا تَعْنِي قِيثَارَة ؟ القِيثَارَة هِيَ نَغَمَات مُتَنَوِعَة بِإِتِفَاق هذِهِ النَّغَمَات تَصْنَعْ لَحْن وَقِيمَة لكِنْ نَغَمَة وَاحِدَة لَيْسَ لَهَا قِيمَة وَلاَ تَصْنَعْ تَنَاسُق هكَذَا نَحْنُ كُلَّ وَاحِدٌ مِنَّا نَغَمَة مُسْتَقِلَّة وَلكِنْ إِتِحَادْنَا مَعاً بِإِتِفَاق يَعْزِف مَنْظُومَة جَمِيلَة وَلَحْن جَمِيلٌ لأِنَّنَا ألَّفْنَا الرُّوح مِثْلَ قِيثَارَة وَمَا أجْمَل أنْ يَكُون الرُّوح عَامِلْ فِينَا وَعَامِلْ مَعَنَا فَيَكُون إِتِفَاقْنَا إِتِفَاق رُوحِي هذِهِ فِكْرِتْنَا عَنْ بَعْضِنَالاَ يُوْجَدٌ شِئ إِسْمُه رَجُل مُهِمْ وَآخَر أقَلْ أهَمِيَّة لاَ كُلَّ عُضْو لَهُ كَرَامَة وَكُلَّ عُضْو لَهُ دُورُه وَلاَ يَسْتَهِنْ أحَدٌ بِالآخَر الكَاهِن مُهِمْ وَالشَّمَاس مُهِمْ وَالخَادِم مُهِمْ وَفَرْدٌ الشَّعْب مُهِمْ كُلَّ وَاحِدٌ يَعْمَلْ عَمَلْ هُوَ فِي حَدٌ ذَاتُه مُهِمْ فِي سِفْر صَمُوئِيل النَّبِي الثَّانِي عِنْدَمَا إِنْقَسَمْ أبْشَالُوم عَلَى دَاوُد أبِيهِ وَمَلِّك نَفْسُه عَلَى المَمْلَكَة وَنَجَحٌ فِي جَذْب مُعْظَمْ الشَّعْب وَبِالفِعْل أخَذَ مَعَهُ حُكَمَاء إِسْرَائِيل وَمِنْ ضِمْن هؤُلاَء الحُكَمَاء أخَذَ أخِيتُوفَل وَحَكِيمْ آخَر إِسْمُه حُوشَاي الأرْكِيّ الكُلَّ ذَهَبْ مَعَ أبْشَالُوم لكِنْ حُوشَاي الأرْكِيّ رَاجِعْ نَفْسُه وَعَادَ إِلَى دَاوُد النَّبِي فَقَالَ لَهُ دَاوُد أنَا غِير مُحْتَاجٌ لَك مَعِي هُنَا لكِنِّي مُحْتَاجٌ لَك مَعَ أبْشَالُوم كَيْ تُعْلِمْنِي كَيْفَ يُفَكِّر وَمَاذَا سَيَفْعَل وَلْتُبْلِغْنِي بِذلِك وَبِالفِعْل ذَهَبْ حُوشَاي الأرْكِيّ مَعَ أبْشَالُوم وَأبْطَل مَشُورَة أخِيتُوفَل أخِيتُوفَل قَالَ لأِبْشَالُوم إِنْزِل الآنْ عَلَى دَاوُد وَاقْتُلُه لكِنْ حُوشَاي قَالَ لَهُ إِنَّ دَاوُد رَجُل حَرْب وَلَيْسَ مِنْ السَّهْل القَبْض عَلِيه أوْ قَتْلُه بَلْ هُوَ مِحْتَاج تَخْطِيطٌ وَجَمْع عَدَد كَبِير مِنْ الشَّعْب لِذلِك هذَا أمر مِحْتَاجٌ لِبَعْض الوَقْت وَاسْتَحْسِنْ أبْشَالُوم مَشُورِة حُوشَاي الأرْكِيّ وَأرَادَ حُوشَاي أنْ يُبْلِغْ دَاوُد بِأنَّهُ إِحْتِمَال نِزُول أبْشَالُوم لَهُ سَيَكُون صَبَاحٌ الغَدْ وَلَمْ تَكُنْ هُنَاك وَسِيلِة إِتِصَالاَت سِوَى الإِتِصَال الشَّخْصِي بِأنْ يَذْهَبْ أحَدٌ لِيُبْلِغْ دَاوُد الأمر فَوَجَدٌ حُوشَاي خَادِمَة فَتَاة صَغِيرَة فَأرْسَلَهَا إِلَى إِثْنَان مِنْ الكَهَنَة كَانَ مُتَفِقٌ مَعْهُمَا لِيُبَلِّغْهُمَا تَحَرُّكَات أبْشَالُوم وَهُمَا بِدَوْرِهِمَا يُبْلِغَان دَاوُد فَذَهَبَتْ الجَارِيَة الصَّغِيرَة وَأبْلَغَتْ الكَاهِنَان بِأنَّ أبْشَالُوم سَيَأتِي لِدَاوُد لِيَقْضِي عَلَيْهِ اللَّيْلَة فَأرْسَلْ الكَاهِنَان وَلَدَيْهِمَا وَهُمَا شَابَّان صَغِيرا السِّنْ لِيُبْلِغَا دَاوُد وَلَمَّا دَخَلْ الشَّابَّان القَرْيَة رَآهُمَا بَعْض أتْبَاع أبْشَالُوم فَدَخَلاَ الشَّابَّان عِنْدَ إِمْرَأة وَاخْتَبَأَ عِنْدَهَا وَلَمَّا سَألُوا عَلَيْهِمَا قَالَتْ المَرْأة إِنَّهَا لاَ تَعْلَمْ عَنْهُمَا شَيْء وَبَعْد ذلِك خَرَجَ الشَّابَّان وَأبْلَغَا دَاوُد بِالأمر لِنَرَى هذِهِ القِصَّة سَنَجِدْ بِهَا حُوْشَاي الأرْكِيّ ثُمَّ الجَارِيَة يَلِيهَا الكَاهِنَان ثُمَّ الشَّابَّان ثُمَّ المَرْأة وَأخِيراً دَاوُد إِذاً المَلِك وَالجَارِيَة وَالشَّابَّان وَالكَهَنَة وَالحَكِيم وَالضِّدٌ أي أبْشَالُوم كُلَّ هؤُلاَء عَمَلْهُمْ نَجَاحٌ مَمْلَكِة دَاوُد نَحْنُ كُلُّنَا عَمَلْنَا نَجَاحٌ مَمْلَكِة الله وَانْتِشَار مَلَكُوتُه عَلَى الأرْض حَتَّى وَإِنْ كُنْت أنَا الجَارِيَة المُهِمْ أنْ أكُون أمِين كَجَارِيَة وَإِنْ كُنْت مَلِك أكُون أمِين كَمَلِك وَأمَانَتِي كَمَلِك تُسَاوِي أمَانَتِي كَجَارِيَة وَأمَانَتِي كَجَارِيَة تُسَاوِي أمَانَتِي كَمَلِك المُهِمْ أكُون أمِين إِذاً لَيْسَ بَيْنَنَا عُضْو أفْضَل مِنْ الآخَر وَلاَ يَفْتَخِر عُضْو عَلَى الآخَر – أبَداً – المُهِمْ أمَانَتِي فِي الدُور الَّذِي أقُوم بِهِ حَتَّى لَوْ كَانَ دُور صَغِير إِلاَّ إِنِّي أعْمِلُه بِأمَانَة عِنْدَمَا أقُوم بِدُورِي بِأمَانَة أكُون بِذلِك مُكَمِّل لِنَقَائِص شَدَائِدْ الْمَسِيح كَمَا قَالَ مُعَلِّمْنَا بُولِس الرَّسُول ( كو 1 : 24 ) فَلاَ تَبْحَث عَنْ دُورَك إِنْ كَانَ عَظِيمْ أوْ مُمَيَّزأوْ لَهُ كَرَامَة بَلْ إِبْحَث هَلْ أنْتَ أمِين فِي دُورَك ؟ أعْرَف إِنْسَان قَضَى خَمْسَة عَشَرَ سَنَة فِي الخِدْمَة كَانَ كُلَّ عَمَلُه أنْ يَجْلِس عَلَى بَاب الكَنِيسَة يَطْمَئِنْ أنَّ الأوْلاَد لاَ يَخْرُجُون مِنْ الكَنِيسَة بِدُون خُدَّامْهُمْ وَلَمْ أعْرِف قِيمِة هذِهِ الأُمُور إِلاَّ عِنْدَمَا خَرَجَ طَفْل مِنْ الكَنِيسَة وَحْدُه وَبَحَثْنَا عَنْهُ وَلأِنَّ الطِّفْل صَغِيرلَيْسَ لَدَيْهِ تَمْيِيز فَلَمْ يُسْتَدَل عَلِيه إِلاَّ مِنْ صُورِة مَدَارِس أحَدٌ الَّتِي مَعَهُ فَعَرَفُوا أنَّهُ مَسِيحِي وَأتُوا بِهِ إِلَى الكَنِيسَة فِي أحَدٌ المَرَّات تَسَاءَل جَمَاعِة رُهْبَان كَانُوا يَتَنَاقَشُون مَعاً هَلْ الأنْبَا أنْطُونْيُوس أخَذٌ رُتْبَة كَهَنُوتِيَّة قِس أم قُمُص أم رَاهِبْ عَادِي ؟ كُلَّ وَاحِدٌ مِنْ الرُّهْبَان قَالَ رَأيُه فِي الأمر مَاعَدَا شِيخٌ كَانَ جَالِس وَسَطِهِمْ صَامِتْ فَسَألُوه فَقَالَ لَهُمْ { أنَا لاَ أعْلَمْ دَرَجْتُه لكِنِّي أعْلَمْ أنَّهُ كَانَ عَامِلاً بِدَرَجَتِهِ } " عَامِلاً بِدَرَجَتِهِ " أي أمِين فِي دَرَجَتِهِ سَوَاء كَانَتْ دَرَجَة كَهَنُوتِيَّة أم غِير كَهَنُوتِيَّة لِذلِك لاَ تَبْحَث عَنْ دُور مُمَيَّز لكِنْ إِبْحَث عَنْ أمَانَتَك فِي دُورَك وَإِنْ كَانَ مُجَرَّدٌ تَسْقِي طِفْل المُهِمْ أنْ تَقُول يَارَب لَيْتَنِي أُرْضِيك مِنْ خِلاَل هذَا الدُور البَسِيطْ عَامِلْ بِدَرَجْتُه كُلَّ وَاحِدٌ مِنَّا لَهُ دُور وَلَهُ كَرَامَة فِي عِينْ الله كُلَّ وَاحِدٌ مِنَّا لاَبُدْ أنْ يَقْتَنِعْ بِدُورُه وَلاَ يَبْحَث عَنْ دُور أكْبَر نَحْنُ لاَ نَتَصَارَع عَلَى أدْوَار وَلَنْ يَصْنَعْ كُلَّ وَاحِدٌ مِنَّا نَفْسُه مِنْ خِلاَل دُور مُعَيَّنْ بَلْ مِنْ خِلاَل أمَانَتُه فِي أي دُور إِذاً نَحْنُ كَكَنِيسَة نَتَكَامَلْ وَلاَ يُوْجَدٌ مِنَّا مَنْ هُوَ أهَمْ مِنْ الآخَر أوْ أعْظَمْ مِنْ الآخَر وَالله عَلَّمَنَا أنَّ الدَّرَجَة فِي المَلَكُوت تُحْسَبْ بِالتَّعَبْ وَالأمَانَة وَسَنَرَى يَكْفِي أنَّ المَجْمَعْ يُذْكَر فِيهِ السَيِّدَة العَذْرَاء وَبَعْدَهَا يُوحَنَّا المَعْمَدَان الَّذِي كَانَ بِدُون رُتْبَة وَبَعْدُه تَأتِي مُفَارَقَة عَجِيبَة إِسْتِفَانُوس وَهُوَ شَمَّاس يُذْكَر قَبْل مَارِمَرْقُس البَطْرِيَرْك رَغْم أنَّ هذَا رَئِيس بَطَارِكَة وَهذَا رَئِيس شَمَامِسَة لأِنَّ السَّمَاء لَيْسَتْ بِالرُّتَبْ بَلْ لَهَا مَعَايِير مُخْتَلِفَة نَحْنُ كَجَمَاعِة مُؤمِنِين جَمَاعَة مُتَكَامِلَة لَيْتَنَا نَفْرَح وَنَقْتَنِعْ بِدَوْرِنَا الصَّغِير جِدّاً المُهِمْ أنْ نَكُون أُمَنَاء فِيهِ وَعَامِلِينْ بِهِ وَعِنْدَئِذٍ سَنَكُون مُثْمِرِينْ وَلَنَا كَرَامَة فِي عَيْنَيَّ الله وَعِينْ السَّمَاء لِذلِك لاَبُدْ أنْ يَعْرِف الإِنْسَان هذَا الأمر .. الأمر لَيْسَ ألْقَاب أوْ كَرَامَة أوْ مَاذَا يَقُولُونَ عَنِّي لِذلِك أهَمْ شِئ فِي الكَنِيسَة الرُّوح الوَاحِدِةٌ وَأنْ نَكُون مُتَكَامِلِينْ وَنُنَمِّي المَحَبَّة مُسْرِعِينْ إِلَى وِحْدَانِيِة الرُّوح بِرَبَاطٌ الصُّلْحٌ الكَامِلْ كَيْ نَكُون جَسَدٌ وَاحِدٌ وَرُوح وَاحِدَةٌ ( مَا يَقُولُه المُصَلِّي فِي صَلاَة بَاكِر ) .
2/ عِلاَقِة الخَادِم وَالمَخْدُوم :-
مَا حُدُود العِلاَقَة بَيْنَ الخَادِم وَالمَخْدُوم ؟ وَمَاذَا يَجِبْ أنْ يَفْعَلاَ إِتِجَاه بَعْضِهِمَا ؟أوَّلاً عِلاَقِتْنَا مَعَ المَخْدُوم هِيَ مِنْ خِلاَل شَخْص الْمَسِيح المُبَارَك هذِهِ نُقْطَة مُهِمَّة لاَ تَغِيب عَنْ عُيُونَنَا لاَ أُرِيدْ أنْ أتَعَامَلْ مَعَ المَخْدُوم وَيَغِيب الْمَسِيح مِنْ وَسَطْنَا وَإِلاَّ سَتَضِيعْ مِنَّا أشْيَاء كَثِيرَة وَسَيَدْخُلْ الهَوَى الفَرْدِي إِنْ كَانَ المَخْدُوم يِعْجِبْنِي أم لاَ هَلْ أسْتَلْطَفُه أم لاَ وَهكَذَا لكِنْ إِنْ تَعَامَلْت مَعَهُ مِنْ خِلاَل الْمَسِيح سَيَكُون لِي أمَان مِنْ عَقْلِي وَهَوَايَ الشَّخْصِي لاَبُدْ أنْ يَتَعَامَلْ الخَادِم مَعَ المَخْدُوم مِنْ خِلاَل الْمَسِيح وَلَيْسَ أحَدٌ آخَر يَقُول القِدِّيسِينْ عَنْ الخَادِم أنَّهُ حَضْرَة شَفَّافَة مَاذَا تَعْنِي حَضْرَة شَفَّافَة ؟ تَعْنِي أنَّهُ يُرَى مِنْ خِلاَلُه الْمَسِيح أي نَرَى الْمَسِيح الَّذِي وَرَاؤه وَلاَ يَصِيرحَضْرَة مُعْتِمَة فَلاَ يُرَى الْمَسِيح مِنْ خِلاَلُه إِذاً هُوَ زُجَاج وَلَيْسَ خَشَبْ أرَى مِنْ خِلاَلُه قَلْب وَاسِعْ غِيرَة أمَانَة حُبْ لاَ يَكُنْ قَلْبُه ضَيِّق أوْ لَهُ جَمَاعَة مُخْتَارَة كَمَا يَقُول الكِتَاب وَكَمَا يُوصِي الكَاهِن فِي رِسَامَتِهِ لأِنَّ هذَا أمر يِتْعِبْ الخِدْمَة جِدّاً وَيُدَمِّرْهَا وَيِتْعِبْ النَّاس يُوصِي الكَاهِن فِي رِسَامَتِهِ { ألاَّ يَكُون لَكَ جَمَاعَة مُخْتَارَة } أي يَكُون لِلكُلَّ وَيُحِبْ الكُلَّ وَيَتَعَامَلْ مَعَ الكُلَّ عَلَى إِنَّهُمْ أوْلاَد الْمَسِيح وَلاَ يُفَرِّق بَيْنَهُمْ وَيَحْتَوِي ضَعَفَاتِهِمْ وَيَرْبُطْهُمْ بِالكَنِيسَة الجَسَدٌ الوَاحِدٌ الخَادِم عَلَيْهِ دُور كَبِير هُوَ تَوْحِيدْ أوْلاَدُه كُلُّهُمْ وَأنْ يَغَار عَلَيْهِمْ غِيرَة الرَّبَّ غِيرَة مُتَقِدَة نَار الخَادِم مَمْلُوء بِالرُّوح وَالرُّوح صِفَتُه أنَّهُ نَار وَصِفَة النَّار أنْ لاَ يَقِفْ أمَامَهَا شِئ وَلاَ شِئ يَتَحِدْ بِهَا إِلاَّ وَيَصِير نَار مِثْلَهَا أي لَوْ إِتَحِدِت بِالخَشَبْ يَصِير الخَشَبْ نَار مِثْلَهَا أي تُحَوِّل الشِئ إِلَيْهَا هكَذَا الخَادِم بِنُور وَحَرَارِة الله الَّتِي دَاخِلُه لاَ تَجْعَلُه يَتَمَثَّل بِسَلْبِيَات مَنْ حَوْلُه بَلْ نَار الله تَعْمَلْ فِيه لِذلِك الكَنِيسَة تُحَافِظْ عَلَى إِسْتِخْدَامْهَا لِلشَّمْع كَنَار وَلِلفَحْم المُتَقِدْ بِالنَّار فَتَجِدْ الشُّمُوع حَوْلَ المَذْبَح وَحَوْلَ الإِنْجِيل عِنْدَ قِرَاءَتُه نَار نُور الله وَكَلِمَة الله نَار آكِلَة نَار تُحَوِّلْنَا لِطَبْعُه فَتَصِير قُلُوبْنَا مُتَقِدَة نَار غِيرِة الخَادِم لاَبُدْ أنْ يَكُون عِنْدُه غِيرَة وَيَكُون قَلْبُه مُتَقِدْ نَار عَلَى أوْلاَدُه وَلِنَرَى غِيرِة بُولِس الرَّسُول غِيرَة مَا بَعْدَهَا غِيرَة عَلَى كُلَّ مَكَان يَذْهَبْ إِلِيه وَكُلَّ مَكَان يَسْمَعْ عَنْهُ يُرِيدْ أنْ يَذْهَبْ إِلِيه بُولِس الرَّسُول نَمُوذَج لِلغِيرَة الخَادِم لاَبُدْ أنْ يَكُون عِنْدُه نَفْس الغِيرَة نَحْو هذِهِ المَسْئُولِيَّة تَشْبِيه عَجِيب قَالَهُ القِدِيس إِغْرِيغُورْيُوس الكَبِير فِي كِتَابُه " الرِّعَايَة " يَقُول فِيه عِنْدَمَا يَتَوَفَّى الزُّوج فِي العَهْد القَدِيم يَتَزَوَج أرْمَلْتُه أقْرَب رَجُل لِهذَا الزُوج لِيُقِيمْ لِلمُتَوَفِي نَسْل وَيُسَمَّى الوَلِي الأوَّل لأِنَّهُ يُعْتَبَر لَحْمُه وَدَمُه وَعِنْدَمَا يَرْفُض الوَلِي الأوَّل الزَّوَاج مِنْ الأرْمَلَة يَتَحَوَّل الشَّرْع لِلرَّجُل الَّذِي يَلِيه فِي القَرَابَة وَيُسَمَّى الوَلِي الثَّانِي ثُمَّ الثَّالِث وَهكَذَا حَتَّى يَقْبَلْ أنْ يَقْتَرِنْ بِهَا وَلِي لِيُقِيمْ نَسْل لِلمُتَوَفِّي عِنْدَمَا يَرْفُض الوَلِي الأوَّل الزَّوَاج بِأرْمَلِة المُتَوَفِّي تَعْمَلْ مَعَهُ الأرْمَلَة حَرَكَة غِير لَطِيفَة وَهيَ أنْ تَبْصُق فِي وَجْهِهِ لِمَاذَا ؟ لأِنَّهُ تَرَكَهَا لِلأبْعَد وَكَأنَّهَا تَقُول لَهُ كُنْت أوْلَى بِك ثُمَّ يُؤخَذْ مِنْهُ نَعْلُه حَتَّى لاَ يَكُون لَهُ فِيمَا بَعْد حَقٌ فِي هذِهِ الأرْمَلَة أوْ فِي المِيرَاث وَيُسَمَّى بَيْتَهُ بَيْت مَخْلُوع النَعْل وَهذَا كَانَ يَحْدُث كَثِيراً فِي العَهْد القَدِيم وَلكِنْ أشْهَر أرْمَلَة كَانَتْ رَاعُوث الَّتِي رَفَضَهَا الوَلِي الأوَّل وَتَزَوَّجْهَا الوَلِي الثَّانِي الَّذِي هُوَ بُوعَز القِدِيس إِغْرِيغُورْيُوس الكَبِير يَقُول أنَّ هذِهِ المَرْأة هِيَ الكَنِيسَة وَعَرِيسْهَاهُوَ رَبَّنَا يَسُوع الَّذِي صُلِيَ عَلَى الصَّلِيب وَقُبِر وَقَام وَصَعَدْ وَتَرَكَ الكَنِيسَة وَنَسْلَهَا لَمْ يُكْتَمَلْ بَعْد تَرَكَهَا لإِخْوَتُه لِيُقِيمُوا مِنْهَا نَسْل الَّذِي لاَ يَتَحِدْ بِالكَنِيسَة لِيُقِيمْ نَسْل لأِخِيه يُبْصَق فِي وَجْهَهُ مِنْ الكَنِيسَة فِي الأبَدِيَّة وَتَقُول لَهُمْ الكَنِيسَة إِنِّي لاَ أعْرِفَكُمْ ( لو 13 : 25 )أنْتَ لَمْ تَقْتَرِنْ بِي لِتُكْمِل نَسْل زَوْجِي عَرِيسِي فَيَسُوع تَرَك لَنَا الكَنِيسَة وَجَسَدْهَا وَنَسْلَهَا لَمْ يُكْتَمَلْ وَمَازَالَ يُكْتَمَلْ فِينَا فِعْلاً نُلاَحِظْ أنَّ الكِتَاب يَقُول عَنْ الكَنِيسَة { وَكَانَ الرَّبُّ كُلَّ يَوْمٍ يَضُمُّ إِلَى الْكَنِيسَةِ الَّذِينَ يَخْلُصُونَ }( أع 2 : 47 ) وَنَحْنُ حَتَّى الآنْ نُعَلِّمْ أوْلاَدْنَا أنْ يَتُوبُوا لأِنَّهُ قَدْ إِقْتَرَبَ مَلَكُوت السَّموَات وَنُعَلِّمَهُمْ أنَّنَا إِمْتِدَاد لِمَلَكُوت الْمَسِيح عَلَى الأرْض وَإِنْ لَمْ نَفْعَلْ هذَا الدُور بِأمَانَة نَجِدْ لُوْم مِنْ الكَنِيسَة وَنُصْبِحٌ كَأنَّنَا رَافِضِينْ أنْ نُكْمِلْ نَسْل الْمَسِيح لِذلِك لِنَرَى كَمْ الغِيرَة وَإِحْسَاس المَسْئُولِيَّة الَّتِي لَنَا إِنْ أرَدْنَا تَلْخِيص دُور الخَادِم مَعَ المَخْدُوم فَهُوَ :-
أ/ الصَّلاَة :-
كَمَا قَالَ صَمُوئِيل النَّبِي { وَأَمَّا أَنَا فَحَاشَا لِي أَنْ أُخْطِئَ إِلَى الرَّبِّ فَأَكُفَّ عَنِ الصَّلاَةِ مِنْ أَجْلِكُمْ }( 1صم 12 : 23 ) لَيْسَ مِنْ المُمْكِنْ أنْ أكُفْ عَنْ الصَّلاَة لأِجْلُكُمْ كَانَ الشَّعْب قَدْ طَلَبَ مَلِك يَمْلُك عَلَيْهِمْ مِثْلَ سَائِر الأُمَمْ فَقَالَ لَهُمْ الله سَأُعْطِيكُمْ مَلِك كَحَسَبْ إِرَادَتِكُمْ وَقَالَ لَهُمْ صَمُوئِيل النَّبِي نَعَمْ لَقَدْ طَلَبْتُمْ آخَر غَيْرِي لكِنِّي حَاشَاي أنْ أكُفْ عَنْ الصَّلاَة لأِجْلُكُمْ عَمَلْ الخَادِم أنْ لاَ يَكُفْ عَنْ الصَّلاَة لأِجْل المَخْدُومِينْ مَا مِقْدَار صَلَوَاتْنَا لأِجْل المَخْدُومِينْ ؟ كَثِيراً مَا نَشْكُوا أوْلاَدْنَا مِنْ ضَعَفَاتِهِمْ وَمَشَاكِلْهُمْ وَفَهَلْ صَلِّينَا لأِجْلُهُمْ ؟ الصَّلاَة مِنْ أجْل المَخْدُومِينْ مُهِمَة جِدّاً يَقُول أحَدٌ الأبَاء { لَيْتَنَا نَتَكَلَّمْ مَعَ يَسُوع عَنْ أوْلاَدْنَا أكْثَر مَا نَتَكَلَّمْ عَنْ يَسُوع مَعَ أوْلاَدْنَا }كَلِّمُه هُوَ عَنْهُمْ وَقُلْ لَهُ إِفْتَقِدْ فُلاَنْ يَارَبَّ وَاعْمَلْ مَعَ فُلاَنْ أنَا غِير قَادِر أنْ أجْعَلَهُمْ يُحِبُّوك فَإِجْعَلَهُمْ أنْتَ يُحِبُّوك أنْتَ الرَّاعِي الصَّالِحٌ إِنْ لَمْ تَحْرُس المَدِينَة فَبَاطِلاً حِرَاسَتِي لَهَا( مز 126 – مِنْ مَزَامِير الغُرُوب ) فَمَنْ يَحْرُسْهَا ؟ الله هُوَ العَامِلْ فِيكُمْ هُوَ القَادِر المُهِمْ أنْ نِرَاعِيه فِي خَدَمَاتْنَا إِطْرَح ضَعَفَات أوْلاَدَك أمَامُه وَثِقٌ أنَّهُ قَادِر أنْ يَعْمَلْ .
ب/ الإِرْتِقَاء بِفِكْرُهُمْ وَرَغَبَاتِهِمْ :-
هَلْ تُرِيدْ أنْ تُنَمِّي مَخْدُومِيك ؟ رَقِّي أفْكَارُهُمْ وَرَغَبَاتِهِمْ لاَ تَتْرُكَهُمْ بَلْ إِرْتَقِي دَائِماً بِهُمْ وَارْفَعْ مِنْ مُسْتَوَاهُمْ وَغَيَّر مِنْ عَقْلُهُمْ لَوْ تَرَكْنَا أنْفُسَنَا لِرَغَبَات الأوْلاَد وَأفْكَارِهِمْ سَنَجِدْ أنَّنَا لاَ نُفِيدَهُمْ فِي شِئ إِنْ جَلَسْت مَعَ مَجْمُوعَة لِتَعْرِف رَغَبَاتِهِمْ سَتَجِدْهُمْ يُرِيدُونَ اللِّعْب وَالتَّرْفِيه الإِكْل إِذاً ؟ وَتَجِدٌ دَائِماً رَغَبَاتِهِمْ الرُّوحِيَّة ضَعِيفَة وَقَلِيلَة لِذلِك عَلَى الخَادِم أنْ يُرَقِّي رَغَبَاتِهِمْ تَسْألْهُمْ إِلَى أيْنَ تُرِيدُون الرِّحْلَة ؟ يَقُولُون " دِيزْنِي لاَنْد " مَكَان مَلاَهِي نَعَمْ مِنْ وَاجِبِي أنْ أُوَفِّر لأِوْلاَدِي وَسَائِلْ التَّرْفِيه وَلكِنْ عَلَيَّ أيْضاً أنْ أرْتَقِي بِهُمْ وَأرْتَفِعْ أنْزِل لَهُمْ لأِرْفَعَهُمْ لأِنَّ هُنَاك قَاعِدَة تَقُول إِنْ تَرَكْت الأُمُور بِدُون ضَوَابِطْ تَجِدْ أنَّ مَنْ يَحْكُمْهَا هُمْ أدْنَى الفِئَات أي مَثَلاً فِي غَزْو أمَرِيكَا لِلعِرَاق عِنْدَ تَغْيِير القَادَة شَاعَ الفَسَاد لأِنَّ مَنْ يَحْكُمْ فِي غِيَاب القَادَة هُمْ أدْنَى فِئَة أيْضاً عِنْدَمَا جَاءَت المَرْأة لِيَسُوع وَسَكَبَتْ الطِيب زَرَعْ يَهُوذَا فِكْرَة أنَّ هذَا إِتْلاَف أمَّا بَاقِي التَّلاَمِيذْ تَقَمْقَمُوا أي أنْكَرُوا التَّصَرُّف وَاعْتَرَضُوا ( مت 26 : 8 ) عِنْدَمَا أتْرُك الأمر لِلقَاعِدَة العَامَّة نَجِدْ أنَّ الحَاكِمْ هُوَ أدْنَى مُسْتَوَى عِنْدَمَا يَتْرُك مُدَرِّس الفَصْل سَتَجِدْ الطَلَبَة يَفْعَلُون أشْيَاء غَرِيبَة وَتَجِدْ هَرَج وَمَرَج مَاذَا حَدَث ؟ أدْنَى مُسْتَوَى حَكَمْ الفَصْل لكِنْ عِنْدَمَا يَدْخُل المُدَرِّس الفَصْل مَرَّة أُخْرَى تَجِدْ أنَّ الأمر تَغَيَّر مَاذَا حَدَث ؟ إِرْتَقَى بِهُمْ صَارَ لَهُمْ هَدَف الخَادِم مُهِمِتُه أنْ يُرَقِّي رَغَبَات أوْلاَدُه وَأنْ يَرْتَقِي بِأفْكَارِهِمْ وَإِنْ هَيَّأ لَهُمْ تَرْفِيه لاَبُدْ أنْ يَكُون فِيه أُمُور رُوحِيَّة يُذَكِّرَهُمْ دَائِماً بِالأُمور الرُّوحِيَّة وَلاَ يَكُنْ بِالنِّسْبَة لَهُمْ مَصْدَر كَآبَة لاَ بَلْ يُرَاعِي أيْضاً أنَّهُمْ صِغَار وَلَهُمْ إِحْتِيَاجَات نَفْسِيَّة وَرُوحِيَّة لكِنْ لاَبُدْ أنْ يُوَفِّر لَهُمْ أُمُور رُوحِيَّة .
ج/ مُتَابَعَة حَالَتُهُمْ الرُّوحِيَّة :-
نَسْتَطِيعْ أنْ نَعْرِف الأُسْرَة الَّتِي بِهَا خِدْمَة مِنْ الَّتِي لَيْسَتْ بِهَا خِدْمَة كَيْفَ ؟ أحْيَاناً يَشْعُر الكَاهِن أنَّهُ يَفْعَل كُلَّ شَيْء لِلمَخْدُوم فَأيْنَ إِذاً دُور الخَادِم ؟ قَدْ نَجِدْ أوْلاَد وَبَنَات يَقُولُون أنَّ الخِدْمَة عَمَلِتْ لَهُمْ مُسَابَقَة فِي سِفْر مِنْ أسْفَار الكِتَاب وَإِنْ طَلَبْ الأب الكَاهِن مِنْ المَخْدُوم أنْ يَقْرَأ شَيْء مُعَيَّنْ فِي الكِتَاب يَقُول لَهُ المَخْدُوم أنَّهُ مَشْغُول فِي بَحْث فِي العَقِيدَة وَمُسَابَقَة فِي أحَدٌ الأسْفَار وَ يَشْعُر بِذلِك الكَاهِن أنَّ الخِدْمَة نَشِيطَة وَتَعْمَل وَمُهْتَمَّة بِالمَخْدُومِين أمَّا الخِدْمَة الَّتِي لاَ تَعْمَل تَجِدٌ أنَّ أب إِعْتِرَاف المَخْدُوم يَكُون خَادِم وَأب إِعْتِرَاف فِي نَفْس الوَقْت لاَبُدْ لِلخِدْمَة أنْ تُتَابِعْ المَخْدُوم رُوحِيّاً وَتَعْمَل عَلَى تَحْفِيظ الألْحَان وَالتَّرَانِيمْ وَتُقِيمْ أنْشِطَة وَدِرَاسَات وَتَحْفِيظ قِبْطِي هذَا دُور الخِدْمَة لاَبُدْ أنْ يَتَحَمَس قَلْبِنَا عَلَى أوْلاَدْنَا مُعَلِّمْنَا بُولِس الرَّسُول يَقُول { لَمْ أُؤَخِّرْ شَيْئاً مِنَ الْفَوَائِد إِلاَّ وَأَخْبَرْتُكُمْ وَعَلَّمْتُكُمْ بِهِ } ( أع 20 : 20 ) أي لاَ يُوْجَدٌ شَيْء يَهِمُكُمْ وَيَفِيدُكُمْ إِلاَّ وَأخْبَرْتُكُمْ بِهِ .
د/ إِمْتِلاَء الخَادِم مِنْ أجْل مَخْدُومِيه :-
كَمَا قَالَ بُولِس الرَّسُول { اعْكُفْ عَلَى الْقِرَاءَةِ وَالْوَعْظِ وَالتَّعْلِيمِ } ( 1تي 4 : 13)لاَبُدْ أنْ يَكُون لِلخَادِم جَلَسَات خَاصَّة لإِمْتِلاَئِهِ الشَّخْصِي الَّذِي يَمْتَلِئ يَعْرِف أنْ يُعْطِي وَيَفِيض الَّذِي تَذَوَّق إِنْجِيلُه يُرِيدْ أنْ يَتَذَوَقُه أوْلاَدُه وَالَّذِي تَذَوَّق جَمَال الألْحَان وَالقُدَّاس يَشْتَاق أنْ يَتَمَتَّعْ أوْلاَدُه بِمَا تَمَتَّعْ هُوَ بِهِ هذَا دُور الخَادِم أنْ يَكُون دَائِماً فِي عِلاَقِة مِلْء وَفِي دِرَاسَة دَائِمَة دَائِمْ التَّنْقِيب فِي المَكْتَبَات وَسَمَاع العِظَات هذَا بِلاَ شَك يَنْطَبِعْ عَلَى أوْلاَدُه وَإِحْذَر أنْ تَتَخَيَّل أنَّ الأوْلاَد لَنْ يَسْتَطِيعُوا أنْ يَفْرِزُوا مَنْ يُفِيد مِمَّنْ لاَ يُفِيد وَلِكَيْ لاَ يَكُون هُنَاك حَرَج إِنْ كُنْتَ تَتَعَامَل مَعَ مَخْدُوم لَيْسَ بَيْنَك وَبَيْنُه رَسْمِيَات مَثَلاً أخ صَغِير وَإِسْألُه سَيَقُول لَك أنَّ الخَادِم فُلاَن نُحِبْ أنْ نَسْتَمِعْ لَهُ لأِنَّهُ يُفِيد وَيَجْذِب بَيْنَمَا سَائِر الخُدَّام لَيْسَ بَيْنَهُمْ فُرُوق وَلاَ يَتَأثَّر بِهُمْ لِمَاذَا هذَا الخَادِم يُفِيد وَيَجْذِب ؟ بِالطَّبْع لأِنَّ هذَا الخَادِم بِهِ رُوح وَيُحِبْ كَلِمَة الله لاَ يُمْكِنَنِي أنْ أُفِيدْ أوْلاَدِي بِشَيْء إِلاَّ إِذَا إِخْتَبَرْت هذَا الشِئ وَعَرَفْتُه وَكَمَا يَقُول الكِتَاب{ تَعَالَ وَانْظُرْ } ( يو 1 : 46 ) عِنْدَمَا أعْرِف وَأتَذَوَق عِنْدَئِذٍ أسْتَطِيعْ أنْ أقُول " تَعَالَ وَانْظُرْ " يُوْجَدٌ خَادِم مُنْتَبِه لأِوْلاَدُه وَيَعْرِف مَنْ مِنْهُمْ لَمْ يَعْتَرِف مِنْ فِتْرَة وَمَنْ لَمْ يَتَنَاوَل مِنْ فِتْرَة وَيُشَجِّعْ وَيُحَفِّز وَاحِدٌ مِنْهُمْ عَلَى الآخَر كَيْ يُشَجِّعُه وَيُوَثِّر عَلِيه هذَا خَادِم وَاعِي لاحْتِيَاجَات أوْلاَدُه .
هـ/ العَمَل الفَرْدِي :-
لاَبُدْ أنْ يَهْتَمْ الخَادِم بِالعَمَل الفَرْدِي وَيُلاَحِظْ المُشْكِلَة وَالسُلُوك الفَرْدِي وَالضَّعْف الفَرْدِي وَيُلاَحِظْ أنَّ هذَا المَخْدُوم قَدْ دَخَلَ لَهُ فِكْر جَدِيد غَرِيبْ أوْ هذِهِ الفَتَاة صَارَت مَلاَبِسْهَا مُخْتَلِفَة عَمَّا قَبْل أوْ تَغَيَّر شَكْلَهَا مِمَّا يَدُل عَلَى أنَّ حَيَاتْهَا دَخَلْهَا شِئ غَرِيبْ لِذلِك الخِدْمَة الفَرْدِيَّة مُهِمَّة الْمَسِيح لَهُ المَجْد كَانَ يَهْتَمْ بِالجَمَاعَة وَالشَّعْب وَالفَرْد كَانَ يَهْتَمْ بِجَمَاعِة التَّلاَمِيذ كَانَ خَادِم جَمَاعِي وَخَادِم فَرْدِي إِنْ أرَدْنَا أنْ نَرَى نَمَاذِج خَدَمْهَا السَيِّدْ الْمَسِيح نَجِدُه كَثِيراً مَا إِنْفَرَدٌ بِنِيقُودِيمُوس وَانْفَرَدٌ بِزَكَّا وَبُطْرُس كَانَ لَهُ إِنْفِرَادَات عَدِيدَة أيْضاً فِي نَفْس الوَقْت يَنْجَح فِي خِدْمِة مَجْمُوعَات عَدِيدَة هذَا هُوَ الخَادِم يَهْتَمْ بِفَرْدٌ فَرْدٌ وَيَنْجَح فِي خِدْمِة المَجْمُوعَة وَيَعْرِف إِحْتِيَاجَات كُلَّ إِنْسَان وَيَشْعُر أنَّ كُلَّ إِنْسَان لَهُ قِيمَة وَلَهُ دُور وَيَعْرِف رَغَبَات أوْلاَدُه وَيَعْرِف كَيْفَ يُحَقِّقْهَا لَهُمْ الخِدْمَة الفَرْدِيَّة أمر مُهِمْ الخَادِم يَعْرِف مَوَاهِبْ أوْلاَدُه وَيَعْرِف كَيْفَ يُوَظِّفْهَا وَيُصَلِّي مِنْ أجْلُهُمْ وَيَرْتَقِي بِأفْكَارْهُمْ وَيُتَابِعْ حَيَاتْهُمْ الرُّوحِيَّة .
و/ الإِفْتِقَادٌ الدَّائِمْ :-
لاَبُدْ أنْ يَكُون الخَادِم مُفْتَقِدٌ إِحْذَر أنْ تَكْتَفِي بِمَا تَقُولُه لأِوْلاَدَك فِي مَدَارِس الأحَد إِحْذَر أنْ تَكْتَفِي بِأنَّ المَخْدُوم يَأتِي إِلَيْكَ لاَ لاَبُدْ أنْ تَفْتَقِدُه المَخْدُوم يَأتِي إِلَيْكَ فِي مَدَارِس أحَدٌ هذَا أمر لَهُ مَعْنَى جَمِيلٌ لكِنْ أنْ تَذْهَبْ أنْتَ لَهُ فَهذَا لَهُ مَعْنَى أجْمَلٌ قَدْ تَقُول أنَا هُوَ أنَا وَمَا سَأقُولُه لَهُ فِي الإِفْتِقَادٌ أقُولُه لَهُ فِي الكَنِيسَة أقُول لَك لاَ الأمر يَخْتَلِف عِنْدَمَا أتَكَلَّمْ مَعَهُ فِي بَيْتُه أوْ حُجْرِتُه فَهذَا أمر لَهُ مَعَانِي خَاصَّة جَمِيلَةٌ لأِنَّنَا لاَ نَنْقِلْ مَعْلُومَات بَلْ نَنْقِلْ رُوح وَحَيَاة كُون إِنِّنَا نِذْهَبْ إِلَى المَخْدُوم حَتَّى عِنْدُه فَهذَا أمر لَهُ مَعْنَى وَقِيمَة وَمَحَبَّة وَاهْتِمَام دُور الخَادِم مَعَ المَخْدُوم مَوْضُوع مُهِمْ لاَبُدْ أنْ تَعْرِف مَسِئُولِيِتَك أنَّكَ تُرَبِّي جِيل وَتُنْشِئ كَنِيسَة نَحْنُ نُرِيدْ أنْ يَكُون كُلَّ وَاحِدٌ مِنْ مَخْدُومِينَا عَمُودٌ فِي الكَنِيسَة لأِنَّ هؤُلاَء المَخْدُومِين هُمْ مُسْتَقْبَل الكَنِيسَة إِنْ عَاشَرْت خُدَّام لَهُمْ فِتْرَة فِي الخِدْمَة سَتَرَى ظَاهِرَة وَاضِحَة وَعَجِيبَة جِدّاً وَهيَ أنَّ الأجْيَال تَضْعُفْ وَسَيَقُولُون لَك أنَّ الأجْيَال الَّتِي تَرَبَّتْ فِي الكَنِيسَة مِنْ عِشْرِين سَنَة غِير الأجْيَال الَّتِي تَرَبَّتْ فِيهَا مِنْ عَشَر سَنَوَات غِير الأجْيَال الَّتِي تُرَبِّي الآنْ غِير الأجْيَال الَّتِي سَتَأتِي مُسْتَقْبَلاً ظَاهِرَة صَعْبَة جِدّاً أنَّ الأجْيَال تَضْعُف الأمر فِي إِنْحِدَار بِالطَّبْع الضُغُوطْ تَتَزَايَدْ وَالتَّحَدِّي العِلْمَانِي يَتَزَايَدْ وَالتَّطَوُر يَتَزَايَدْ التَّطَوُر الَّذِي كَانَ يَحْدُث فِي عِشْرِين سَنَة صَارَ يَحْدُث فِي سَنَتَيْن أي أنَّ السَنَة صَارَتْ تُسَاوِي عَشَر سَنَوَات قَدِيماً كُنَّا نَصْرُخ مِنْ التِلِيفِزْيُون وَنَشْكُو مِنْهُ الآنْ نَشْكُو مِنْ الدِّش وَالكُمْبِيُوتَر وَالإِنْتَرْنِتْ الأمر صَارَ مُعَقَدْ أكْثَر مِمَّا قَبْل فَقَدْ أصْبَحَتْ القَنَوَات الأُولَى وَالثَّانِيَة لِلتِلِيفِزْيُون العَادِي مَلاَئِكَة بَيْنَمَا كُنَّا قَدِيماً نَصْرُخٌ مِنْهُمَا هذَا يُعْلِنْ أنَّ التَّحَدِّي يَتَزَايَدْ وَيُؤَدِي إِلَى مَزِيدْ مِنْ الضَّعْف مُنْذُ سَنَوَات كَانَ ثَمَنْ الدِّش يَتَعَدَّى الألْف مِنْ الجُنَيْهَات الآنْ صَارَ ثَمَنُه بَسِيطْ وَفِي مُتَنَاوِل يَدْ الجَمِيعْ وَالأمر يَتَزَايَدْ تَعْقِيدْ فَهُنَاك الأُورُوبِّي وَهُنَاك أكْثَر مِنْ أرْبَعَة آلاَف قَنَاة فِي مُتَنَاوَل يَدَك تَخْتَار مِنْهُمْ كَمَا تَشَاء عَجِيبْ هذَا التَّحَدِّي وَإِنْ لَمْ يُقَابِلْنَا الآنْ سَيُقَابِلْنَا السَنَة القَادِمَة وَالَّتِي تَلِيهَا وَمَاذَا نُرِيدْ مِنْ أوْلاَدْنَا وَأمَامَهُمْ هذَا التَّحَدِّي ؟ هذَا الأمر يَحْتَاجٌ إِلَى أوْلاَد مُشَبَّعِين بِرَبِّنَا جِدّاً لاَبُدْ أنْ يَكُون الوَلَد شَبْعَان بِالله وَبِحُبُّه كَيْ يَعْرِف كَيْفَ يَدُوس كَيْ يَسْتَطِيعْ أنْ يَقُول لِهذَا الأمر لاَ وَلِذلِك المَسْئُولِيَة الَّتِي عَلَيْنَا كَبِيرَة جِدّاً .
3/ عِلاَقِة الأب الكَاهِن وَأمِين الخِدْمَة وَالخَادِم :-
ثَلاَثَة مَحَاوِر رَئِيسِيَّة هُمْ :-
أ/ الأب الكَاهِن:-
الله إِئْتَمَنْ الكَاهِن عَلَى الكَنِيسَة إِذاً هُوَ أمِين وَقَدْ أعْطَاه الله هذِهِ النِّعْمَة وَالكَهَنُوْت لَيْسَ لِلسُلْطَة بَلْ لِلمَسْئُولِيَّة وَنَسْتَطيعْ أنْ نَقُول عَنْ الكَاهِن أنَّهُ شَفِيع " `precbuteroc " تَعْنِي " شَفِيعْ " شَفِيعْ أمَام الله يَرْفَعْ قَلْبُه وَيَدِيه وَيَصْرُخٌ لله عَنْ شَعْبُه أيْضاً الكَاهِن وَكِيل عَلَى أسْرَار الله أُؤتُمِنْ عَلَى أسْرَارُه وَهُوَ لَيْسَ صَاحِبْهَا بَلْ وَكِيل عَلَيْهَا دُور الكَاهِن تَدْبِير وَرِعَايَة وَصَلاَة دُورُه أنْ يَحْتَضِنْ أوْلاَدُه وَلاَ يَطْلُبْ الكَرَامَة بَلْ الخِدْمَة رَغْم أنَّ القِدِيس أُغُسْطِينُوس كَانَ أُسْقُفاً إِلاَّ أنَّهُ كَانَ يَطْلُبْ طِلْبَة رَائِعَة يَقُول فِيهَا { أطْلُبْ إِلِيك مِنْ أجْل سَادَتِي عَبِيدَك } كَانَ يَتَعَامَلْ مَعَ مَخْدُومِيه عَلَى أنَّهُمْ سَادَتُه الكَاهِن خَادِم يَطْلُبْ مِنْ أجْل سَادَتُه عَبِيدُه الكَاهِنْ أيْضاً مُؤتَمَنْ عَلَى جَمَاعَة كَبِيرَة هُوَ أيْضاً بَشَر وَلَيْسَ مِنْ عَجِينَة أُخْرَى وَمِنْ رَحْمِة الله أنَّهُ عِنْدَمَا أرَادَ أنْ يَخْدِمْنَا خَدَمْنَا بِبَعْضِنَا البَعْض حَتَّى عِنْدَمَا يَكُون لِلكَاهِن ضَعَفَات نَقُول أنَّهُ بَشَر وَعِنْدَمَا يَكُون لَهُ إِرْتِقَاء نَقُول المَجْدُ لَك يَا الله لأِنَّكَ تَرْفَعْ البَشَر الكَاهِن نَمُوذَج مِنْ طَبْعُهُمْ كَمَا كَانَ الْمَسِيح عِنْدَمَا إِفْتَقَدْنَا أخَذَ شَكْلِنَا وَصَارَ كَوَاحِدٌ مِنَّا لِذلِك الكَاهِن خَادِم لِلشَّعْب وَمِنَ الشَّعْب هذِهِ النُقْطَة مُهِمَّة وَكَمَا يَقُول مَارِأفْرَآم { إِعْطِ الكَرَامَة اللاَّئِقَة لِلكَاهِن كَوَكِيل لأِسْرَار الله وَلاَ تَتَأمَّل فِي أعْمَالُه لأِنَّهُ مِنْ حِيثْ أعْمَالُه هُوَ إِنْسَان وَمِنْ حِيثْ دَرَجْتُه مَلاَك وَبِالرَّحْمَة صَارَوَسِيطْ بَيْنَ الله وَالنَّاس }أي لاَ تَتَأمَّل عَمَلُه لأِنَّهُ بِالرَّحْمَة وَلَيْسَ بِالإِسْتِحْقَاق صَارَ وَسِيطْ عِنْدَمَا إِخْتَارَ الله سِبْط لاَوِي مِنْ وَسَط الأسْبَاط لإِقَامِتْهُمْ كَهَنَة لَمْ يَكُنْ لإِسْتِحْقَاقِهِمْ بَلْ هُمْ مِثْل سَائِر الأسْبَاط لكِنَّهُ إِخْتَارَهُمْ لِيُقَدِّمُون ذَبِيحَة كَهَنُوت العَهْد الجَدِيد مُخْتَلِف فَقَدْ قَالَ الله لَنْ أخْتَار سِبْط بَلْ سَأخْتَار أُنَاس مُفْرَزِينْ لِهذِهِ الخِدْمَة الكَاهِن كَاهِن لأِجْل الكُلَّ وَلأِجْل الفَرْدٌ وَقَدْ نَتَخَيَّل أنَّ الكَاهِن لَيْسَ لَهُ شَعْب وَكُلَّ فَرْدٌ يُرِيدْ الكَاهِن لَهُ وَحْدُه وَعِنْدُه أمر وَيُرِيدْ أنْ يَكُون إِهْتِمَام الكَاهِن بِمَوْضُوعُه فَقَطْ الَّذِي عِنْدُه مُشْكِلَة أوْ أمر إِرْتِبَاطْ أوْ يُرِيدْ أنْ يَكُون الكَاهِن لَهُ وَحْدُهٌ لاَ كُون أنَّ الرِّعَايَة تَتَطَلَّبْ مِنْ الكَاهِن أنْ يَكُون عَلَى مَجْمُوعَة وَلَيْسَ فَرْدٌ بَلْ عَلَى مَجْمُوعَات كَبِيرَة جِدّاً لِذلِك لاَبُدْ أنْ نَفْهَمْ ذلِك حَتَّى لاَ يَصِير بَيْنَنَا وَبَيْنَ الكَاهِن تَعَبْ الكَاهِن إِسْمُه " أبُونَا " أي لِجَمَاعَة أي لَنَا كُلِّنَا .
ب/ أمِين الخِدْمَة :-
عَمَل أمِين الخِدْمَة تَنْظِيمْ وَتَرْتِيبْ الطَّاقَات يُشَجِّعْ وَيُدَبِّر وَيُوَظِّفْ الطَّاقَات يُتَابِعْ وَيُوَجِّه لاَ يُفَضِّل أحَدٌ عَنْ أحَدٌ يَسْعَى لارْتِقَاء الخِدْمَة لِمَجْد الْمَسِيح وَيَضَعْ خِطَطْ طَوِيلَة الأجَل وَقَصِيرَة الأجَل وَيُتَابِعْ الحَالَة الرُّوحِيَّة لِلخُدَّام بِحُبْ كَأخ وَلَيْسَ بِسُلْطَة وَلاَ يَتَكَلَّمْ بِإِسْلُوب مَتَى اعْتَرَفْت آخِر مَرَّة ؟ مَتَى تَنَاوَلْت آخِر مَرَّة ؟ أنْتَ لَنْ تَنْفَعْ لاَ هذَا أُسْلُوب لاَ يَلِيقٌ أنْ يَتَكَلَّمْ بِهِ أمِين خِدْمَة مَعَ الخُدَّام لكِنْ دُور الأمِين أنْ يَقْتَرِب إِلَى الخُدَّام بِكُلَّ مَحَبَّة وَاتِضَاع وَيُشَجِّعَهُمْ أيْضاً أمِين الخِدْمَة حَلَقِة وَصْل مَعَ الكَاهِن يَنْقِل لَهُ رَغَبَات الخُدَّام إِنْ كَانُوا يُرِيدُون رِحْلَة أوْ يُوْم رُوحِي أوْ يَسْمَعْ التَوْجِيهَات وَيَقْبَلْهَا وَيَنْقِلْهَا لِلخُدَّام وَيُنَسِّقٌ مَعَ الخُدَّام وَيَضَعْ فُرَص إِلْتِقَاء الكَاهِن بِالخُدَّام وَلاَ يُقِيمْ فَجْوَة بَيْنَ الكَاهِن وَالخُدَّام بَلْ بِالعَكْس يُقَرِّبْ المَسَافَة بَيْنَهُمْ لاَالمَفْرُوض أنْ يُوَفِّقٌ بَيْنَ الكَاهِن وَالخُدَّام لِيُسْرِع لِلبُنْيَان حَتَّى وَإِنْ كَانَ لِلكَاهِن رَأي مُعَيَّنْ فِي أحَدٌ الخُدَّام لاَ يَقُلْ الأمِين لِلخَادِم أنَّ مَنْ قَالَ هذَا هُوَ أبُونَا وَيَتْرُك الأمر هكَذَا فَتَتَوَتَّر العِلاَقَة بَيْنَ الكَاهِن وَالخَادِم لاَ حَتَّى وَإِنْ كَانَ هذَا رَأي الكَاهِن لاَ يَقُولُه الأمِين لِلخَادِم بِإِسْلُوب بِهِ تَجْرِيحٌ أوْ إِهَانَة .
ج/ الخَادِم :-
عَلَى الخَادِم أنْ يَعْرِض أفْكَارُه بِكُلَّ حُبْ وَاتِضَاع فِي إِجْتِمَاعَات الخِدْمَة لاَبُدْ أنْ يُفَكِّر الخَادِم فِي أوْلاَدُه وَسَائِر أوْلاَدٌ الخِدْمَة وَهذِهِ نُقْطَة قَدْ لاَ نَرَاهَا فَنَحْنُ أحْيَاناً نُفَكِّر فِي أوْلاَدْنَا بِمَعْزَل عَنْ سَائِر المَخْدُومِين وَكَأنَّ الخِدْمَة لَيْسَ بِهَا سِوَى أُسْرِتِي وَلكِنِّي دَائِماً أقُول لَيْتَنَا نَتَخَلَّص مِنْ اليَاء( ي ) أي أُسْرِتِي خِدْمِتِي كِنِيسْتِي أوْلاَدِي هذِهِ اليَاء مُتْعِبَة نَحْنُ الآنْ فِي صُوْم الرُّسُلٌ وَالرُّسُلٌ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ حَرْف اليَاء هذَا وَنَحْنُ نَصُوْم صَوْمَهُمْ كَيْ نَتَخَلَّص مِنْ اليَاء كَيْ يَقِفْ كُلَّ وَاحِدٌ فِي بَيْتِهِ يُصَلِّي مِنْ أجْل الخِدْمَة فِي العَالَمْ كُلُّه نَحْنُ رُسُلٌ وَكُلَّ صُوْم فِي الكِنِيسَة لَهُ مَعْنَى صُوْم الرُّسُلٌ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَعْنَى سَيَصِير أثْقَل الأصْوَام لِمَاذَا نَصُومُه ؟ لأِنَّهُ صُوْم لأِجْل إِنْتِشَار مَلَكُوت الله وَالخِدْمَة فِي كُلَّ مَكَان كَيْ يُحْيِي الله كَلِمَتُه فِي كُلَّ الأرْض وَيَمْتَدْ مَلَكُوتُه لِذلِك لاَبُدْ أنْ يَكُون لَنَا هَدَف لأِصْوَامْنَا لَيْتَنَا نَتَخَلَّص مِنْ اليَاء ( ي ) وَدَائِماً الإِنْسَان يَنْحَاز لأِي شِئ يَعْمَلُه وَيَتَخَيَّل أنَّ هذَا أجْمَل وَأفْضَل شِئ فِي كُلَّ الدُنْيَا الخَادِم عَلَيْهِ أنْ يَنْظُر لِلآخَرِينْ فِي أي شِئ يَعْمَلُه وَلاَ يَنْظُر لِخِدْمِتُه فَقَطْ أوْ أُسْرِتُه فَقَطْ لاَبُدْ أنْ يَخْضَعْ الخَادِم لِلتَّوْجِيهَات وَيَعْمَل فِي ظِلْ الرُّوح الوَاحِدَةٌ مَعَ إِخْوَتُه الخُدَّام وَمَعَ الأمِين وَمَعَ الكَاهِن لاَبُدْ أنْ يُشَارِك الخَادِم المَجْمُوعَة وَيُوَاظِبْ عَلَى اجْتِمَاع الصَّلاَة وَاجْتِمَاع الخِدْمَة هُنَاك خُدَّام تَعَوَّدُوا عَلَى عَدَم حُضُور اجْتِمَاع الخِدْمَة أوْ اجْتِمَاع الصَّلاَة أوْ الكَلِمَة الإِفْتِتَاحِيَّة وَيَأتُونَ عَلَى مِيعَاد أُسَرِهِمْ مُبَاشَرَةً وَيَقُولُون كَلِمَات الدَرْس وَبَعْدَهَا قَدْ يَقُول أحَدُهُمْ لأِوْلاَدُه أنَّهُ مَثَلاً فِي يُوْم الإِثْنِين القَادِم سَيَقُوم بِرِحْلَة لِدِير مَارِمِينَا وَلأِنَّهُ لَمْ يُنَسِّقٌ مَعَ الخِدْمَة لأِنَّ إِعْتِقَادُه أنَّ لاَ أحَدٌ يُفَكِّر فِي الخِدْمَة سِوَاه وَلاَ يَعْرِف إِنْ كَانَتْ الخِدْمَة تَقُوم بِنَشَاط مُعَيَّنْ أوْ مَهْرَجَانَات أوْ .أم لاَ هذِهِ الأُمور تَحْتَاج أنْ يُفَكِّر بِهَا المَجْمُوعَة وَصَعْب أنْ يَعْمَل الخَادِم بِمَعْزَل عَنْ إِخْوَتُه إِنْ كَانَ مُعَلِّمْنَا بُولِس الرَّسُول ذَهَبَ لِيَسْتَشِير المُعْتَبِرِينْ أعْمِدَة فِي الكَنِيسَة وَعَرَض عَلَيْهِمْ إِنْجِيلُه وَكِرَازَتُه وَفِكْرُه عَرَض ذلِك كُلُّه عَلَى بُطْرُس وَيَعْقُوب وَيُوحَنَّا وَقَالَ { لِئَلاَّ أَكُونَ أَسْعَى أَوْ قَدْ سَعَيْتُ بَاطِلاً }( غل 2 : 2 ) إِنْ كَانَ إِنْجِيلِي وَكِرَازْتِي مُوَافِقَة لِفِكْر الكَنِيسَة فَهذَا جَيِّدٌهذَا إِنْسَان يَخْدِم بِأُسْلُوب بِهِ المَجْد لِمَلَكُوت الله رَبِّنَا يِكَمِّل نَقَائِصْنَا وَيِسْنِد كُلَّ ضَعْف فِينَا بِنِعْمِتُه لَهُ المَجْد دَائِماً أبَدِيّاً آمِين
ما بين الخدمة الروحية والخدمة الإجتماعية
سنتحدث بنعمة ربنا عن موضوع هام وهو ما بين الخدمة الروحية والخدمة الإجتماعية .. وهذا الموضوع هام وخاصةً للخدام الذين يخدموا في خدمات مختلفة مثل المرضى أو المسنين أو ذوي الإحتياجات الخاصة لأنه لابد أن تكون هناك رؤية للعمل الذي نعمله .. وسنقرأ جزء من إنجيل معلمنا يوحنا بركاته على جميعنا آمين .. ﴿ أنا مجدتك على الأرض العمل الذي أعطيتني لأعمل قد أكملته والآن مجدني أنت أيها الآب عند ذاتك بالمجد الذي كان لي عندك قبل كون العالم .. أنا أظهرت اسمك للناس الذين أعطيتني من العالم كانوا لك وأعطيتهم لي وقد حفظوا كلامك والآن علموا أنَّ كل ما أعطيتني هو من عندك لأنَّ الكلام الذي أعطيتني قد أعطيتهم وهم قبلوا وعلموا يقيناً أني خرجت من عندك وآمنوا أنك أنت أرسلتني ﴾ ( يو 17 : 4 – 8 ) .
من المهم جداً أن نعرف لماذا نخدم وما هي دوافعنا وأهدافنا ؟ ولابد أن نعلم أنَّ الخدمة أساساً حركة روحية وليست حركة إجتماعية .. فيوجد في كل البلدان حركات إجتماعية هدفها الإهتمام بالناس مثل ذوي الإحتياجات الخاصة أو المرضى أو المسنين ولكن دوافعهم ورؤيتهم غير دوافعنا ورؤيتنا للخدمة لأنَّ العمل الذي نعمله هو روحي ومأخوذ من رسالة الإنجيل فنحن قد أخذنا عملنا من روح ربنا يسوع الذي يحركنا للإهتمام بهذه الأعضاء .. وسنتحدث عن أربعة نقاط هامة :0
1. هدف العمل .
2. شكل العمل .
3. إهتمامات العمل .
4. نتائج العمل .
1. هدف العمل :
=====================
لابد أن نعلم أنَّ الهدف من أي عمل هو هدف روحي فنحن نعمل أي عمل لتمجيد إسم ربنا يسوع وأي عمل يُعتبر إمتداد لملكوت الله على الأرض ونمو في معرفته .. والهدف أيضاً من أي عمل هو أن تعبد الناس الله وأن تلتف الناس حول الله وأن تنمو الناس في محبة الله .. وهناك هدف آخر من العمل وهو خلاص كل أحد وتوبة كل الناس .. ﴿ الذي يريد أنَّ جميع الناس يخلصون وإلى معرفة الحق يُقبلون ﴾ ( 1تي 2 : 4 ) .. ونستطيع أن نقول أنَّ الهدف من أي عمل هو إرضاء لله وأن نرى المسيح من خلال هذا العمل وأن ننفذ وصايا الله وأن أصل بإخوتي للملكوت .. وقد يتحول العمل إلى عمل إجتماعي لا يوجد المسيح فيه وذلك عندما يضيع الهدف .
فمن المهم أن توجد علاقة محبة بين الخادم وبين الإنسان الذي يخدمه .. ولكن هناك فرق بين الحب الإجتماعي والحب الروحاني .. وكذلك هناك فرق بين الإهتمامات الروحية والإهتمامات الإجتماعية .. ويقول القديس أوغسطينوس ﴿ أنه لا يخلص عن طريقك إلا من يحبك ﴾ .. لأنَّ هذه المحبة هدفها خلاص الإنسان فعلينا أن نفكر في وجود الله في أي عمل نعمله .. ولذلك نقول عبارة هامة في القداس وهي ﴿ ليتمجد ويتبارك ويرتفع إسمك العظيم القدوس في كل شيء كريم ومبارك ﴾ .. فعلى الخادم أن يسأل نفسه هل هذا شعار الخدمة ؟ لأنَّ الهدف من أي عمل هو مجد الله وأيضاً وجود قلوب تلتف حول الله ونفوس تحبه وبذلك تُصبح العلاقة ليست مجرد عطف على إنسان مريض ولكن هناك رؤية أعمق وهي هل هذا الإنسان سيذهب للسماء ؟ هل هو مستعد وتائب ؟ هل توجد خطية لم يتب عنها ؟ هل هو يحب كل المحيطين به ؟
إنَّ الشفقة واهتمامات الجسد لا تكفي فحياتنا مع المسيح يسوع أرقى من أي مستوى اجتماعي فاحذر من أن تنسى الهدف من أي عمل تعمله .. وأيضاً عندما يذهب الإنسان إلى أي مكان لابد أن يسأل نفسه لماذا أنا ذاهب إلى هذا المكان وما هو الهدف ؟ فالهدف من أي عمل هو جعل الناس تتلامس مع ربنا يسوع وأن تعرفه وبذلك يرى الناس المسيح من خلالنا ولكن العمل الإجتماعي هو مجرد لقاء وتخفيف الآلام وترويح عن الناس ورفع الحالة المعنوية لهم فهو ترفيه عن الناس .. ولكن عندما يذهب الخادم إلى المستشفى ليزور مريض ليس الهدف فقط هو رفع المستوى المعنوي عنده ولكن الهدف هو أن يشعر هذا الإنسان المريض بالمسيح الذي يحبه وأن يشعر أننا جسد واحد وأنَّ آلامه هي آلامنا فنحن دائماً نصلي له .. ولذلك فهناك علاقة بيننا وبين هذا الإنسان المريض .
وعندما تذهب إلى أي مكان لابد أن تعرف دوافعك .. وهناك قول هام لأحد الآباء يستطيع من خلاله أن يعرف الإنسان نفسه وهو * إسأل دوافعك * .. فالدافع الذي داخل الإنسان هو الذي يحركه حتى يذهب إلى مكان ما .. وربنا يسوع نفسه كانت أمامه رسالة على الأرض حتى أكملها .. فالهدف من أي عمل لابد أن يكون واضح ولا يتغير تحت أي ظرف .. فمثلاً إذا قابلني شخص بطريقة غير لائقة فلا أغير هدفي .. وأيضاً إذا ذهبت إلى مكان ولم أجد الترحيب فيه فلا أغير هدفي .. ولكن الخدمة الإجتماعية هي خدمة العين أي أنَّ الإنسان الذي يعاملني بطريقة جيدة أتعامل معه والإنسان الذي لا يعاملني بطريقة جيدة لا أتعامل معه ولكن العمل الروحي هدفه المسيح .. وقد نخدم في مكان يوجد فيه إخوتنا الكاثوليك وهنا علينا دور هام وهو أننا نمثل الأرثوذكسية فلابد أن نبين مدى محبة الكنيسة للكل ولابد أن يعرف الجميع أنَّ الكنيسة القبطية الأرثوذكسية متسعة بالحب وتحتضن الكل وترعى وتهتم بالكل .. فلابد أن يكون الهدف واضح في أي عمل نعمله سواء زيارة مريض أو عمل رحلة أو خدمة أي إنسان .
2. شكل العمل :
====================
هناك فرق بين التنظيمات الإدارية في العمل الروحي وبين التنظيمات الإدارية في العمل الإجتماعي فالروتين هو الذي يحكم التنظيمات الإدارية .. والعمل الإجتماعي له شكل وهيكل تنظيمي معين ويعتمد على الأقدمية ويحكمه قانون إجتماعي ولكن شكل العمل الروحي أنه جسم المسيح ونحن أعضاء في جسمه فنحن لحم من لحمه وعظم من عظامه فنحن لنا شكل وهو شكل المسيح فنحن جسم المسيح وإن كنا متباينين إلا أننا متكاملين لا يوجد ما يُسمى كبير أو صغير لأننا نكمل بعض .. فمثلاً في جسم الإنسان لا تستطيع العين أن تقول لليد أنها أحسن منها والعكس صحيح .. فالعلاقة بيننا ليست نداً أو تحدي ولكن هي علاقة تكامل فأصغر عضو فينا مهم جداً .
ففي جسم الإنسان سمح الله أنَّ كل جزء يعمل عمل مختلف ولكنه مهم فلا يوجد جزء مُهمل أو جزء ليس له دور وهذا هو شكلنا فنحن مجموعة عبارة عن جسم المسيح وكما يقول عن الكنيسة ﴿ هؤلاء الذين ألفهم الروح القدس معاً مثل قيثارة ﴾ ( ذكصولوجية باكر ) .. فعن طريق تعدد الأوتار والنغمات يتكون اللحن .. والقيثارة لا تعطي نغمة واحدة لأنها إذا أعطت نغمة واحدة فلا يتكون اللحن ولا يوجد التعبير ولا توجد نغمة نقول أنها أحسن من نغمة أخرى .. ولكن تفاعل النغمات مع بعض هو الذي يُكون اللحن وهو الذي يعطي معنى .. وهكذا العمل الروحي لا يوجد شخص يفتخر على آخر ولا يوجد شخص أهم أو أعلى من الآخر فأي عمل يقوم به الإنسان يُعتبر مهم وكريم في عيني الرب .
ولذلك نجد تعدد المواهب عند آبائنا الرسل .. فبطرس غير بولس غير يوحنا ولكن الله يُطيل أناته على الجميع .. فمثلاً فيلبس كان لديه أسئلة تدل على أنَّ هناك أشياء لا يفهمها .. فمثلاً عندما قال ﴿ أرنا الآب وكفانا ﴾ ( يو 14 : 8 ) .. فقال له رب المجد ﴿ الذي رآني فقد رأى الآب ﴾ ( يو 14 : 9 ) .. ثم نجد مدى قوة خدمة فيلبس واستشهاده فقد كان إنسان جبار .. فكل شخص له موهبته الخاصة به وكل شخص يمثل جزء مهم من المسيح ولذلك نجد أنَّ أبونا الكاهن في نهاية القداس يمسح الصينية حتى يتأكد من عدم وجود أي جزء صغير من الجسد .. فأي جزء صغير يُسمى بالجوهرة .. فأبونا الكاهن يحاول أن يجعل الصينية خالية من أي جوهرة حتى يطمئن أنَّ الجسد أصبح في أجساد المؤمنين وأصبحنا نحن جسمه .
وكذلك أي شخص يمثل جوهرة فعندما يهين أي إنسان أخوه كأنه أهان المسيح .. وأي إهانة لأي فرد في المجموعة كأنها إهانة للكل .. فإذا لم نحب بعضنا ونقدم محبة عملية لبعضنا فنحن بذلك نهين الجسد .. فشكل المجموعة الروحية هي مجموعة مُتألفة ومفعولة من الروح وبالروح .. ولذلك فنحن نُشكل جسد المسيح السري وهذه المجموعة لها روح مشتركة .. ﴿ وكان عندهم كل شيءٍ مُشتركاً ﴾ ( أع 2 : 44 ) .. فلا يوجد تحكمات أو سيطرة أو أوامر ولكن شكل المجموعة أنها تحيا لطاعة الوصية وشعارها ينبغي أنَّ ذاك يزيد وأنا أنقص ( يو 3 : 30 ) .. فكل واحد في هذه المجموعة يريد أن يعمل في الخفاء ولكن العمل الإجتماعي يحدث فيه تصارع على الأدوار ولكن العمل الروحي ليس كذلك بل نقدم بعضنا عن بعض في الكرامة .
ولذلك فشكل المجموعة نستطيع أن نرى من خلالها المسيح .. وإذا اختار الإنسان بين الخدمة أو المحبة فعليه أن يختار المحبة لأنه إذا أحب كل واحد الآخر فسنخدم أكثر ما نخدم ولكن بدون محبة .. فالخدمة بدون محبة لا فائدة لها ولهذا يقول رب المجد ﴿ بهذا يعرف الجميع أنكم تلاميذي إن كان لكم حب بعضاً لبعضٍ ﴾ ( يو 13 : 35 ) .. فالمحبة هي التي تميز العمل الروحي عن العمل الإجتماعي .. ﴿ محتملين بعضكم بعضاً بالمحبة مُسرعين إلى حفظ وحدانية الروح برباط الصلح الكامل ﴾ ( أف 4 : 2 – 3 ) .. فاسعى دائماً لبناء الحب فشكل الجماعة الروحية مختلف عن أهل العالم .. فنحن لا يحكمنا مناصب ولا رئاسة ولا نريد شئ سوى أن نحب بعضنا البعض ولكن العمل الإجتماعي يعتمد على مبدأ القيادة ويتبع مبدأ * فِرَق تِسِد * .. فالعمل الإجتماعي يغذي الفُرقة بين الناس حتى يظل هناك شخص كبير وهو الذي يتحكم في الأمور ولكن العمل الروحي يوحد ولا يفرق .. وإذا حدث خطأ من شخص فيحاول الجميع أن يستر عليه وقد يصل الأمر أنَّ كل شخص يحاول أن ينسب الخطأ إلى نفسه وليس لغيره وهذا عكس العمل الإجتماعي الذي فيه يريد كل شخص أن يبرر نفسه وينسب الخطأ إلى غيره وفي النهاية نستطيع أن نقول أنَّ شكل المجموعة الروحية كالآتي هي مجموعة تحكمها المحبة والروح الواحد والتآلف .
3. إهتمامات العمل :
===========================
يقول معلمنا بولس الرسول ﴿ صرت لليهود كيهودي لأربح اليهود وللذين تحت الناموس كأني تحت الناموس لأربح الذين تحت الناموس ...... صرت للكل كل شيءٍ لأُخلص على كل حالٍ قوماً ﴾ ( 1كو 9 : 20 – 22 ) .. فمعلمنا بولس الرسول يريد أن يربح كل النفوس إلى السيد المسيح ولذلك يقول بولس الرسول ﴿ أخذتكم بمكرٍ ﴾ ( 2كو 12 : 16) .. فهدف أي عمل هو أن نقرب الناس للمسيح فإذا كان هناك حفلة أو رحلة أو تعليم فلابد أن يوجد فيهم إهتمامات روحية .. ومن ضمن الإهتمامات أن نشجع الناس على الصلاة وأن نحرص على وجود إجتماع صلاة وان نشجع بعضنا على ممارسة الأسرار من توبة واعتراف وتناول .. وأيضاً من ضمن الإهتمامات أن نحفظ الألحان ونعمل أيام روحية وأن ننمي المحبة بين بعضنا وأن نوزع الأدوار علينا .. والهدف الروحي لا تظهر فيه القيادة بل تذوب المجموعة مع بعض فمن الصعب أن نعمل أي عمل بدون رؤية ولهذا يقول ﴿ بلا رؤيا يجمح الشعب ﴾ ( أم 29 : 18) .. فنحن نُعد كل شخص للأبدية ولهذا لابد أن نتحدث مع الناس عن السماء وعن التوبة وعن عظمة مكانة الأبرار في السماء .. فمن ضمن اهتماماتنا أن يخلُص كل أحد وأن نجذب كل أحد .
فمثلاً إذا كانت هناك رحلة فلابد أن نكلم الأولاد عن سيرة القديس الذي سنزوره ونعمل له تمجيد ونتحدث عن صفاته وفضائله وبذلك يحب الأولاد القديس ويرتبطوا به .. ولكن أحياناً ننسى هذا في الرحلة ونهتم بالمسابقات والجوائز .. ومن ضمن الإهتمامات كيف نجعل الخدام يحبوا الناس وكيف يحب الخدام بعضهم .. فهناك أمر هام وهو كيف نوصل المسيح لكل إنسان بل كيف نربط كل إنسان بالكنيسة .. فمثلاً في صوم الميلاد ممكن نحفَّظ الأولاد مرد الميلاد ونعطيهم كلمة عن الصوم وبذلك نربط الأمر بالكنيسة .. ولكن العالم عندما يعمل خدمة اجتماعية تكون مجرد لذة وقتية ومتعة ولكن أجمل ما في العمل الروحي هو الأثر الذي يتركه في الناس بعد ذلك .
فما أروع أبونا بيشوي كامل عندما كان يحب أن يربط أولاده بالقديسين فكان يأخذهم في أعيادهم إلى كنائسهم ويعمل سهرات روحية وتمجيد لهم وبذلك يجعل الأولاد يحبوا القديس .. فكل عمل نعمله لابد أن يكون له هدف روحي لأنَّ الأعمال الروحية هي التي تنمي الإنسان روحياً فنحن لسنا حركة أخلاقية بل روحية وهدفها أن نُحضر كل إنسان كاملاً في المسيح يسوع .. والعمل الروحي ليس لهو أو إضاعة للوقت بل هدفه أن نمجد الله ونعيش معه ونسبحه ونمجده .. وهناك اهتمامات أخرى وهي كيف نزرع في أولادنا الفكر الكنسي وكيف نغرسهم في الكنيسة وأيضاً كيف نثبت المخدوم في الكنيسة بحيث عندما يكبر ويواجه التحديات المختلفة لا يترك الكنيسة .
ومن ضمن الإهتمامات أيضاً هي كيف نختبر الإنجيل .. وأيضاً لابد أن نهتم بالخدمة الفردية وهذا عكس الخدمة الإجتماعية التي تهتم بالأعداد وبالجماهير ولا تهتم بالفرد فلابد أن يكون عند الإنسان رؤية ناحية كل نفس لكي تتوب وتخلُص .. فكثيراً ما نسمع عن أُناس إنتقلوا إلى السماء ولكن السؤال الأهم هل هؤلاء الناس كانوا مستعدين وتائبين ؟ ولذلك فنحن علينا دور وعلى كل نفس أيضاً دور ولكن هل نحن نؤدي الدور المطلوب منا أم لا ؟ وهذه هي الرؤية فنحن نصدر الناس إلى السماء وعملنا الأساسي هو أن نجعل الناس تذهب إلى السماء .
4. نتائج العمل :
=====================
إنَّ نتائج العمل الروحي يختلف عن نتائج العمل الإجتماعي فالعمل الإجتماعي عبارة عن مجموعة من الناس قضوا بعض من الوقت للمتعة الوقتية أو اللذة ولكن العمل الروحي من نتائجه قلوب مشتعلة وتنبض بمحبة الله .. ومن نتائجه أنَّ الناس تزداد نمو في حياتها الروحية وأصبحت نفوس تكرست لله بل أعطت عمرها وشبابها لله وأعطت وقتها لله .. ومن نتائج العمل الروحي أنَّ الناس تزداد في ثباتهم الكنسي وأصبحت المجموعة تنمو وتنضج روحياً بل تثمر أيضاً وقد يكون منهم رهبان وراهبات أو أساقفة أو كهنة أو مكرسين أو زوجات يجعلوا من بيوتهم كنائس ويربوا أولادهم في خوف الله ويُصبحوا قديسين يحملوا روح الخدمة من جيل إلى جيل وبذلك نشعر أنَّ الله تمجد وأنَّ الناس عرفت الله واتحدت به وتغيرت .فربنا يسوع كثيراً ما يسأل عن نتائج خدمتنا في حياتنا الداخلية وفي وسط المجتمع وفي المخدومين مثل أبونا بيشوي كامل الذي أثمر في الكنيسة كلها لأنه إنسان عنده محبة للكل وقلبه مفتوح ويعيش الإنجيل .. على العكس من العمل الإجتماعي فهو عبارة عن تقرير أو انتظار مديح أو ترقية أو مكافأة .. ولكن نحن ننتظر المدح والترقية والمكافأة في السماء فنحن نُمجد في السماء وعلى الأرض تتمجد الكنيسة ولذلك فمن ضمن نتائج العمل الروحي وجود ثمار مفرحة وأن تزداد الناس في محبتها لله وأن تطبق وصاياه .. فالعمل الإجتماعي لا يدوم ولكن العمل الروحي يدوم .. العمل الإجتماعي مؤقت أما العمل الروحي دائم ومستمر .ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته ولإلهنا المجد إلى الأبد آمين
الخادم إنجيل معاش
بِسْم الآب وَالإِبْن وَالرُّوح القُدُس الإِله الوَاحِدٌ أمِين
فَلْتَحِل عَلِينَا نِعْمِتُه وَبَرَكْتُه الأنْ وَكُل أوَان وَإِلَى دَهْر الدُّهُور كُلَّهَا أمِين
نَقْرأ مَعاً آيَتَيْن لِبُولِس الرَّسُول لِتِلْمِيذُه تِيمُوثَاوُس بَرَكَاتُه عَلَى جَمِيعْنَا أمِين .. ﴿ لاَ يَسْتَهِنْ أحَدٌ بِحَدَاثَتِكَ بَلْ كُنْ قُدْوَةً لِلمُؤْمِنِينَ فِي الكَلاَمِ فِي التَّصَرُّفِ فِي المَحَبَّةِ فِي الرُّوحِ فِي الإِيمَانِ فِي الطَّهَارَةِ ﴾ ( 1تي 4 : 12 ) & ﴿ وَأمَّا أنْتَ فَقَدْ تَبِعْتَ تَعْلِيمِي وَسِيرَتِي وَقَصْدِي وَإِيمَانِي وَأنَاتِي وَمَحَبَّتِي وَصَبْرِي وَاضْطِهَادَاتِي وَآلاَمِي ﴾ ( 2تي 3 : 10 – 11 ) .. نِعْمَة الله الآب تَحِل عَلَى أرْوَاحْنَا جَمِيعاً أمِين .
الخَادِم إِنْجِيل مُعَاش .. الخَادِم إِنْجِيل مَفْتُوح .. الخَادِم وَصِيَّة مُتَحَرِّكَة .. الخَادِم قُوِّة حَيَاة أكْثَر مِنْهُ قُوِّة مَعْرِفَة أوْ مَعْلُومَات .. لِذلِك سَوْفَ نَتَحَدَّث عَنْ ثَلاَث نِقَاط :0
(1) التَّعْلِيم بِالحَيَاة :
=========================
يَعْنِي لاَ فَائِدَة مِنْ كَلاَم دُونَ حَيَاة .. لاَ فَائِدَة مِنْ مَعْلُومَات دُونَ تَطْبِيق .. لاَ فَائِدَة مِنْ إِنِّي أكُون كَثِير المَعْرِفَة وَقَلِيل الفِعْل .. لِذلِك يَقُول ﴿ وَأمَّا مَنْ عَمِلَ وَعَلَّمَ فَهذَا يُدْعَى عَظِيماً فِي مَلَكُوت السَّموَات ﴾ ( مت 5 : 19) .. فَأنَّهُ ذَكَرَ هُنَا * عَمَلَ * الأوِّل .. فَالأهَمْ هُنَا هُوَ العَمَل أهَمْ مِنْ التَّعْلِيم لأِنَّ التَّعْلِيم سَهْل .. هُوَ تَلْقِين .. مِنْ المُمْكِنْ أنَّ أي شَخْص يَقْرأ مَوْضُوع وَيِسَمَّعُه .. فَمَثَلاً مُمْكِنْ أطْلُب مِنْ أي شَخْص أنْ يِحَضَّر مَوْضُوع عَنْ الصَّلاَة فَيَقُول .. مَا هِيَ الصَّلاَة ؟ فَيَرُدٌ * الصَّلاَة * هِيَ إِتِصَال بِالله وَهيَ حَدِيث خَفِي .. شُرُوط الصَّلاَة ؟ فَيَرُدٌ 1/ ..... ، 2/ ..... ، 3/ ..... .. فَمَا هِيَ المُشْكِلَة أنْ يَقُوم شَخْص بِقِرَاءِة مَوْضُوع مِنْ أي مَكَان وَيُلَقِّنُه لِلأوْلاَدٌ .. فَيَقُول ﴿ مَنْ عَمِلَ وَعَلَّمَ ﴾ .
نُلاَحِظْ أنَّ الجُزْء الَّذِي قَرَأنَاه لِمُعَلِّمْنَا بُولِس الرَّسُول لِتِلْمِيذُه تِيمُوثَاوُس يَقُول ﴿ أنْتَ فَقَدْ تَبِعْتَ تَعْلِيمِي وَسِيرَتِي ﴾ .. * سِيرَتِي * أي * حَيَاتِي * .. يَقْصِدٌ أنْ يَقُول أنْتَ رَأيْت حَيَاتِي عَامْلَه إِيه وَعَاشِرْتِنِي .. فَمَا رَأيُكُمْ إِذَا كَانَ عَاشَ تِيمُوثَاوُس الرَّسُول وَرَأى بُولِس الرَّسُول يَكْرِز وَيُخْبِر بِرَبِّنَا يَسُوع وَلكِنْ لاَ يَرَى حَيَاتُه مُنْضَبِطَة وَلاَ يَعِيش حَيَاة الإِنْجِيل وَيَرَى أنَّهُ إِنْسَان شَهْوَانِي وَغَضُوب .. وَأنَّهُ إِنْسَان مُحِبْ لِلمَال وَلَيْسَ لَدَيْهِ مَحَبَّة وَيُحِبْ ذَاتُه ؟ لكِنْ بُولِس غَيْر هذَا .. فَقَالَ لِتِيمُوثَاوُس ﴿ أنْتَ فَقَدْ تَبِعْتَ تَعْلِيمِي وَسِيرَتِي ﴾ .. أنْتَ رَأيْت كُل شِئ .
إِنِّي أُرِيدْ أنْ أقُول لَكُمْ شِئ مُهِمْ يَا أحِبَّائِي .. إِذَا سَألْتُكُمْ مَا قَصْد رَبِّنَا يَسُوع الْمَسِيح مِنْ تَجَسُّدِهِ ؟ فَيَكُون رَدُّكُمْ الخَلاَص وَالصَّلِيب وَالفِدَاء .. فَإِنِّي أقُول لَكُمْ أنَّ هذَا هَدَف لكِنْ هُنَاك شِئ مُهِمْ جِدّاً رَبِّنَا جَاءَ عَلَشَانُه .. فَهُوَ هَدَف مُهِمْ جِدّاً وَهُوَ أنَّهُ يَكُون نَمُوذَج لِلإِنْسَان .. فَيَقُول مُعَلِّمْنَا بُطْرُس ﴿ تَارِكاً لَنَا مِثَالاً لِكَيْ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِهِ ﴾ ( 1بط 2 : 21 ) .. فَرَبِّنَا يَسُوع الْمَسِيح جَاءَ فِعْلاً لِكَيْ يَصْنَع الفِدَاء .. فَكَانَ مِنْ المُمْكِنْ أنْ يَنْزِل مِنْ سَمَاه فَيَأتِي بِطَريقَتُه لأِنَّهُ إِله .. مُمْكِنْ مَثَلاً يَأتِي اليُوْم صَبَاحاً وَيُصْلَب بَعْد الظُّهْر وَيُنْهِي عَمَلِيِة الفِدَاء فِي خِلاَل أُسْبُوع مَثَلاً وَبِهذَا يَكُون تَمَّ الفِدَاء لكِنْ لأ .. لكِنُّه ﴿ حَلَّ بَيْنَنَا وَرَأيْنَا مَجْدَهُ مَجْداً كَمَا لِوَحِيدٍ مِنَ الآبِ ﴾ ( يو 1 : 14) .. ﴿ الَّذِي سَمِعْنَاهُ الَّذِي رَأيْنَاهُ بِعُيُونِنَا الَّذِي شَاهَدْنَاهُ وَلَمَسَتْهُ أيْدِينَا مِنْ جِهَةِ كَلِمَة الحَيَاة ﴾ ( 1يو 1 : 1)
رَبِّنَا يَسُوع الْمَسِيح بِشَخْصُه المُبَارَك لَمَّا جَاءَ عَلَى الأرْض جَاءَ لِكَيْ يُعَرِّفْنَا كَيْفَ نَسْلُك فِي العَالَمْ .. وَكَيْفَ نَسْلُك عَلَى الأرْض .. وَكَيْفَ نَسْلُك فِي المُجْتَمَع .. كَيْفَ نَتَعَلَّمْ المَحَبَّة .. وَكَيْفَ نَتَعَلَّمْ مَحَبِّة الأعْدَاء .. وَكَيْفَ نَعِيش فِي طَهَارَة وَقَدَاسَة .. وَكَيْفَ نَتَعَامَل مَعَ الخَاطِئ وَالمُتَوَانِي .. وَكَيْفَ نُقَدِّس كُل أحَدٌ .. وَكَيْفَ تُقَدِّس المُجْتَمَع بِسِيرْتُه وَحَيَاتُه تَارِكاً لَنَا مِثَالاً لِكَيْ نَتَّبِع خُطُوَاتِه .. جَاءَ لِكَيْ يُمَهِّد آذَانَنَا لِلحَيَاة الأبَدِيَّة .. جَاءَ عَلَشَان لَمَّا يِكَلِّمْنَا عَنْ وَصِيَّة نِكُون شُفْنَاه وَهُوَ يِعِيشْهَا قَبْل مَا يِكَلِّمْنَا بِهَا .. ﴿ كَمَا سَلَكَ ذَاكَ هكَذَا يَسْلُك ﴾ ( 1يو 2 : 6 ) .. لِذلِك نَقُول ﴿ شُكْراً للهِ الَّذِي يَقُودُنَا فِي مَوْكِب نُصْرَتِهِ ﴾ ( 2كو 2 : 14) .. فَهُوَ أمَامَنَا وَنَحْنُ نَسِير خَلْفُه وَأعْيُنَنَا عَلِيه .
فَالتَّعْلِيم بِالحَيَاة أجْمَل مِنْ التَّعْلِيم بِالكَلاَم .. فَيَقًُول مُعَلِّمْنَا بُولِس ﴿ كُونُوا مُتَمَثِّلِينَ بِي كَمَا أنَا أيْضاً بِالْمَسِيح ﴾ ( 1كو 11 : 1) .. أنَا بَتْمَثِّل بِالْمَسِيح وَأنْتُمْ تَتَمَثَّلُوا بِيَّ إِذاً أنْتُمْ تَتَمَثَّلُوا بِالْمَسِيح .. إِذاً التَّعْلِيم بِالحَيَاة هُوَ جَوْهَر التَّعْلِيم .. هُوَ تَسْلِيم أكْثَر مَا مِنُّه مَعْلُومَات .. لِذلِك سَيِّدْنَا البَابَا لَهُ عِبَارَة جَمِيلَة يِقُول ﴿ الخَادِم هُوَ إِنْجِيل مَفْتُوح .. هُوَ إِنْجِيل مَشْرُوح ﴾ .. يِمْكِنْ الإِنْجِيل عِنْدَمَا نَقْراؤه تَكُون هُنَاك آيَات تَقِفْ مَعَنَا لكِنْ عِنْدَمَا نَرَى إِنْسَان يَعِيش الإِنْجِيل فَبِذلِك أكُون فِهِمْت الإِنْجِيل .. مِنْ ضِمْن الكَلِمَات الجَمِيلَة لِسَيِّدْنَا البَابَا ﴿ أنَّ الخَادِم هُوَ وَسِيلِة إِيضَاح لِلفَضَائِل ﴾ .. فَإِذَا حَبِّيت أنْ تِشْرَح الإِتِضَاع هَات بِخَادِم مُتَضِعْ .. فَإِذَا حَبِّيت أنْ تَتَكَلَّمْ عَنْ الصَّلاَة هَات بِخَادِم مُصَلِّي .. فَالخَادِم وَسِيلِة إِيضَاح لِلفَضَائِل .
فَمَثَلاً عِنْدَمَا تَتَكَلَّمْ مَعَ الأوْلاَدٌ عَنْ نُوح وَالفُلْك وَقُوس قَزَح وَالغُرَاب وَالحَمَامَة وَتَأتِي بِنَمَاذِج تُسَاعِد فِي الدَّرْس إِذاً الدَّرْس يَثْبُت بِالنِّسْبَة لِلأوْلاَدٌ .. كذَلِك أنْتَ تَكُون أجْمَل وَسِيلِة إِيضَاح .. التَّعْلِيم بِالحَيَاة .. كُنَا فِي مُؤتَمَر لإِعْدَاد الخُدَّام لِشَبَاب وَشَابَّات الأسْكَنْدَرِيَّة فَفِي سَنَة مِنْ السَنَوَات تَعَلَّمْنَا تَرْنِيمَة تَقُول :
عَلِّمْنِي بِحَيَاتَك قَبْل كَلاَمَك لِيَّا
هذَا أفْضَل جِدّاً لِحَيَاتِي الأبَدِيَّة
وَكَأنَّهُمْ يَتَكَلَّمُوا بِلِسَان الأطْفَال .. كَأنَّ الطِّفْل يُخَاطِبْنِي أنَا كَخَادِم وَيَقُول لِي هذِهِ الكَلِمَات .
فَمِنْ المُمْكِنْ الخَادِم يَعِظْ الطِّفْل وَبَعْد وَقْت صَغِير جِدّاً يَرَى الطِّفْل هذَا الخَادِم غَضُوب Nerves .. وَمُمْكِنْ يِغْلَط فِي الكَلاَم .. وَخَارِج الخِدْمَة هذَا الخَادِم أمَام الطِّفْل يِهَذَّر بِطَرِيقَة غِير لاَئِقَة .. مِثْلَمَا كَانْ فِي وَقْت قَالُوا الخُدَّام أنَّهُمْ لاَ يُرِيدُوا أوْلاَدٌ إِبْتِدَائِي فِي النَّادِي الخَاص بِالكِبَار وَيَتَشَدَّدُوا فِي هذَا الأمر وَاتَضَح أخِيراً لأِنَّهُمْ يُرِيدُوا أنْ يَأخُذُوا رَاحِتْهُمْ .. وَلكِنْ فِيهَا إِيه عِنْدَمَا يَحْضَر الأوْلاَدٌ الصِّغَار فِي نَادِي الخُدَّام وَقْت لِعْبُهُمْ ؟!! وَلكِنْ عِنْدَمَا يَرَى الأطْفَال خُدَّامْهُمْ وَهُمَّ بِيِلْعَبُوا يِعْرَفُوا إِنُّهُمْ مُحِبِين وَمُتَعَاوِنِين وَرُوحْهُمْ جَمِيلَة وَطَيِّبَة – وَهُمَّ بِيِلْعَبُوا – .. وَمَالُوا .. فَمِنْ المُمْكِنْ إِنِّي ألْعَب مَعَاكُمْ شِئ عَادِي .. لكِنْ الخُدَّام الَّذِينَ طَلَبُوا هذَا الطَلَبْ يَعْرِفُون أنَّ بِهُمْ ضَعَفَات وَسَيَغْضَبُوا وَمُمْكِنْ يِشْتِمُوا وَصُوتهُمْ يِكُون عَالِي .. فَهُمْ لاَ يُرِيدُوا الأوْلاَدٌ يَرُوهُمْ بِهذَا الوَضْع .
الحِكَايَة يَا أحِبَّائِي لاَ تَحْتَاج إِلَى مَعْلُومَات .. إِحْنَا الأوْلاَدٌ الَّذِينَ نَخْدِمَهُمْ لاَ تَحْتَاج مِنِّنَا إِلَى مَعْلُومَات بَلْ تَحْتَاج إِلَى أنْ تَرَى مَسِيح وَاضِح أمَامَهُمْ .. تَرَى إِنْجِيل مُعَاش بِحَيَاتْنَا وَسُلُوكْنَا وَتَصَرُّفَاتْنَا وَهُدُوئْنَا .. بِوَدَاعِتْنَا .. بِصُوتْنَا الهَادِئ .. صَدِّقُونِي كُل جُزْء فِينَا يَجِب أنْ يَشْهَد لِلْمَسِيح .. النِّعْمَة عِنْدَمَا تَدْخُل فِينَا تُقَدِّس كُل حَيَاتْنَا .. تُقَدِّس نَظَرَاتْنَا وَتُقَدِّس مَشْيُه وَخَطَوَاتُه وَتُقَدِّس إِنْفِعَالاَتُه وَتَصَوُرَاتُه وَتَجْعَلُه أكْثَر إِلْتِزَاماً وَأكْثَر أدَباً .. أكْثَر صَمْتاً وَأكْثَر رَزَانَة .. هذَا هُوَ عَمَل النِّعْمَة .
الإِنْجِيل عِنْدَمَا يَدْخُل جُوَّا الكَيَان يُقَدِّسُه وَيَجْعَل مَلاَمِحُه عَلِيهَا نِعْمَة فَنَقُول ﴿ قَدْ أضَاءَ عَلَيْنَا نُور وَجْهَك يَارَب ﴾ ( مز 4 – مِنْ مَزَامِير بَاكِر ) .. لِذلِك قَالَ رَبِّنَا لَهُ المَجْد ﴿ الكَلاَم الَّذِي أُكَلِّمُكُمْ بِهِ هُوَ رُوحٌ وَحَيَاة ﴾ ( يو 6 : 63 ) .. فَلَيْسَ المَوْضُوع كَلاَم فَقَطْ بَلْ رُوح وَحَيَاة .. حَيَاة تُعَاش .. هُوَ رُوح تَتَحَوَّل إِلَى حَيَاة وَحَيَاة تَتَحَوَّل إِلَى رُوح .. إِنْجِيل مُعَاش .. لِدَرَجِة إِنُّه مُمْكِنْ أرَى فِيك كَأنَّكَ أنْتَ نَفْسَك مَزْمُور .. كَأنَّكَ إِيه ؟ أنْتَ نَفْسَك تَكُون آيَة .. جَمِيل جِدّاً أنَّ الإِنْسَان يَتَحَوَّل إِلَى إِنْجِيل .. فَرَبِّنَا يَسُوع الْمَسِيح قَالْ آيَة الوَاحِدٌ يِتْكِسِفْ مِنْهَا جِدّاً – أنَا نَفْسِي بَكُون مَكْسُوف جِدّاً مِنْهَا وَهيَ فِي يُوحَنَّا 17 – عِنْدَمَا قَالَ ﴿ لأِجْلِهِمْ أُقَدِّسُ أنَا ذَاتِي لِيَكُونُوا هُمْ أيْضاً مُقَدَّسِينَ فِي الحَقِّ ﴾ ( يو 17 : 19) .. فَإِنَّ كَلِمَة * أُقَدِّس * تَعْنِي * تَخْصِيص وَتَكْرِيس * .. يَعْنِي إِنْتَ يَارَب تُقَدِّس ذَاتَك لأِجْلِنَا فَيَجِبْ عَلِينَا نَحْنُ أنْ نُقَدِّس ذَوَاتْنَا .. إِذَا كَانْ هُوَ القُدُّوس الَّذِي بِلاَ شَر الَّذِي إِنْفَصَلَ عَنْ الخُطَاة مِثْلَمَا قَالَ مُعَلِّمْنَا بُولِس فِي الرِّسَالَة إِلَى العِبْرَانِيِّين ( عب 7 : 26 ) .. فَإِذَا حَال القُدُّوس الَّذِي إِنْفَصَلَ عَنْ الخُطَاة إِنُّه يُقَدِّس ذَاتُه فَيَجِبْ عَلَيْنَا مِنْ أجْل خِدْمِتْنَا أنْ نُقَدِّس وَنُخَصِّص ذَوَاتْنَا .
الحِكَايَة لَيْسَتْ حِكَايِة شِوَيِة وَقْت وَنَتَقَمَص شَخْصِيَّة مُعَيَّنَة فِي الخِدْمَة وَخَلاَص .. لكِنْ هذَا سُلُوك بِاسْتِمْرَار وَحَيَاة بِاسْتِمْرَار .. أقْدَر أقُولَّك أنَّ الوَاحِدٌ يَجِبْ أنْ يَتَحَوَّل إِلَى حَالِة وُجُودٌ فِي حَضْرِة الله الدَّائِمَة بِاسْتِمْرَار .. بِاسْتِمْرَار يِكُون الوَاحِدٌ فِي قَلْبُه وَفِي ذِهْنُه فِكْر إِنْجِيلِي وَيَعِيش بِمُقْتَضَاه وَيَكُون قُدْوَة لِلمُؤمِنِينْ .. فِي التَّصَرُّف .. فِي الرُّوح .. فِي الكَلاَم .. فِي طُول الأنَاة .. فِي الطَّهَارَة .. فِي كُل عَمَلْ يَكُون قُدْوَة وَيَكُون نَمُوذَج جَيِّد .. نَمُوذَج يِفَرَّح .
إِيلِيَّا النَّبِي كَانَ بَرَكَة فِي بَيْت سَيِّدَة صَرْفَة صَيْدَا .. يُوسِف البَّار كَانَ بَرَكَة فِي بَيْت فُوطِيفَار وَصَارَ بَرَكَة لأِرْض مَصْر كُلَّهَا .. نُوح البَّار كَانَ بَرَكَة لِلعَالَمْ كُلُّه وَحَفَظْ العَالَمْ مِنْ الهَلاَك .. الله أبْقَى ثَمَانِيَة أنْفُس بِبَرَكِة نُوح البَّار .. هذَا الإِنْسَان البَرَكَة .. هذَا الإِنْسَان الَّذِي يَعِيش وَيَكُون الإِنْجِيل فِي فِكْرُه وَفِي قَلْبُه لِدَرَجِة إِنُّه يِقُول أنَّ الله تَنَسَّم رَائِحَة سُرُور وَرَائِحَة رِضَى .. فَإِنْ رَبِّنَا فِرِح بِنُوح وَأوْلاَدُه .. التَّعْلِيم بِالحَيَاة .
كَثِيراً مَا نَسْمَع عَنْ قِدِّيسِينْ كَانُوا غِير مُؤمِنِينْ .. فَنِسْمَع عَنْ قِدِّيس إِسْمُه يَعْقُوب رَاجِل غَنِي وَأبُوه وَثَنِي وَكَانْ عَنْدُهُمْ قَطِيع غَنَمْ كِبِير .. وَكَانَ هُنَاك رَاعِي غَنَمْ مِسِيحِي .. فَالقِدِيس يَعْقُوب تَعَلَّمْ مِنْ رَاعِي الغَنَمْ أُصُول الْمَسِيحِيَّة بِدُون مَا الرَّاعِي يَقُول لَهُ عَنْ الْمَسِيح وَيِعَلِّمُه وَيِحَفَّظُه أي شِئ بَلْ عَلَّمُه بِالحَيَاة العَمَلِيَّة .. فَجَاءَ الرَّاعِي لأِبُو القِدِيس يَعْقُوب يَقُول لَهُ أسْتَأذِنَك فِي إِنِّي حَبَطَّل شُغْل .. فَسَألَهُ أبُو القِدِيس يَعْقُوب عَنْ السَبَبْ فَرَدٌ الرَّاعِي أنَا رَايِح لِلإِسْتِشْهَادٌ .. فَفِي البَلَد المُجَاوِرَة لَنَا هُنَاك جَمَاعَة تَجْعَل الْمَسِيحِيِّينْ يَسْتَشْهِدُوا .. فَالرَّاعِي يَسْتَأذِن لِكَيْ يَذْهَبْ لِلإِسْتِشْهَادٌ .. فَلَّمَا عَلِمَ القِدِّيس يَعْقُوب طَلَبْ مِنْ الرَّاعِي أنْ يَذْهَب مَعَهُ لِيَتَفَرَّج .. فَقَالَ الرَّاعِي لكِنْ مَتْخَفْش إِذَا شُوفْتِنِي وَأنَا بَدِبِح .. فَعِنْدَمَا وَصَلُوا لِلبَلَد كَانَ هُنَاك شَاب يُعَذَّب .. فَقَالَ الرَّاعِي * أتَعْلَم يَا يَعْقُوب مَنْ هذَا الشَّاب ؟ .. الشَّاب الَّذِي يُعَذَّب هُوَ إِبْن الوَالِي وَاسِيلِيدِس وَهذَا الشَّاب هُوَ القِدِّيس بُقْطُر * .. فَقَالَ يَعْقُوب وَهَلْ هذَا مَعْقُول ؟ فَقَالَ الرَّاعِي أصْل يَابْنِي هذَا العَالَمْ فَانِي .. وَفِي الحَال طَلَبْ يَعْقُوب مِنْ الرَّاعِي إِنُّه يَتَقَدَّم لِلإسْتِشْهَادٌ وَفِعْلاً تَقَدَّم لِلإِسْتِشْهَادٌ .. فَالْمَسِيحِيَّة هِيَ حَيَاة قُدْوَة .
فَهُنَاك قِصَّة مَعْرُوفَة .. ذَهَبَ مُدَرِّس إِلَى إِحْدَى الدُوَل العَرَبِيَّة وَلَمَّا ذَهَبْ كَانَتْ المُفَاجَأة أنَّ المُدَرِّس شَخْص مَسِيحِي .. فَقَالُوا لَهُ إِنَّنَا لاَ نُعَيِّنْ مَسِيحِيِّينْ .. إِنْتَ إِزَّاي جِيتْ ؟!! فَقَالَ لَهُمْ أنَا رَاسِلْتُكُمْ وَإِنْتُمْ بَعَتُوا لِي فَأنَا قُمْت بِإِخْلاَء طَرَفِي وَجِئْت فِعْلاً وَمَا يِنْفَعْش إِنِّي أرْجَع .. فَكَتَبُوا عَلِيه تَعَهُّدْ وَفَرَضُوا عَلِيه شَرْط وَهُوَ * أنَّكَ لاَ تَتَكَلَّمْ عَنْ الْمَسِيح وَلاَ تِجِيب سِيرْتُه أبَداً * .. وَهُوَ وَافِق .. وَبَعْد فِتْرَة لاَحْظُوا أنَّ الأوْلاَدٌ مُلْتَفِّين حَوْلَهُ وَيُحِبُّوه جِدّاً .. فَقَالُوا لَهُ فِي شِئ غَرِيب .. إِنْتَ شَكْلَك بِتِتْكَلِّمْ عَنْ الْمَسِيح وَإِحْنَا حَا نِسْأل الأوْلاَدٌ .. فَكَانْ رَدٌ المُدَرِّس أنَا لَمْ أفْتَح فَمِي وَلَمْ أتَكَلَّمْ بِشِئ .. أمَّا هُمْ فَرَاقَبُوه أثْنَاء تَأدِيَتُه لِحِصَصُه وَيُرَاقِبُوه أثْنَاء كَلاَمُه وَلاَحَظُوا إِنُّه لاَ يَتَكَلَّمْ عَنْ الدِّينْ .. وَبَدَأُوا يَتَعَجَّبُوا مَا هُوَ سِر إِنْجِذَاب الأوْلاَدٌ إِلِيه بِهذِهِ الدَّرَجَة ؟!! وَعِنْدَمَا سَألُوا الأوْلاَدٌ قَالُوا لَهُمْ أنَّ هذَا المُدَرِّس يَهْتَمْ بِنَا جِدّاً .. وَأخَذَ أرْقَام تِلِيفُونَاتْنَا وَعِنْدَمَا يَغِيب أي وَاحِدٌ مِنِّنَا يَتَصِل بِهِ وَيِسْأل عَلِيه وَيَطْمَئِنْ عَلِيه .. وَالوَلَدٌ اللِّي تِكُون دَرَجَاتُه ضَعِيفَة يِحَدِّد مِيعَاد مَعَاه دَاخِل المَدْرَسَة وَيِشْرَح لَهُ مَا يَصْعُب عَلِيه فَهْمُه .. وَالوَلَدٌ المُتَفَوِق يِجِيب لُه هِدِيَّة عَلَى حِسَابُه الخَاص .. وَبِهذِهِ الطَّرِيقَة الأوْلاَدٌ حَبُّوه وَحَبُّوا حَيَاتُه .. وَلَمَّا يِعْرَفُوا إِنْ السِّر فِي ذلِك إِلَهُه يَتْبَعُوا حَيَاتُه وَإِلَهُه فَهذَا هُوَ التَّعْلِيم بِالحَيَاة .. ﴿ وَأمَّا مَنْ عَمِلَ وَعَلَّمَ فَهذَا يُدْعَى عَظِيماً فِي مَلَكُوت السَّموَات ﴾ .. فَيَجِبْ كُل شَخْص يِسْأل نَفْسُه كَمْ شَخْص أحَبَّ الْمَسِيح بِسَبَبِي ؟ كَمْ شَخْص ؟!! فَإِنْتَ حَبِّبْت كَمْ شَخْص فِي الْمَسِيح بِسَبَبَك ؟ ﴿ يَرَوْا أعْمَالَكُم الحَسَنَة وَيُمَجِّدُوا أبَاكُم الَّذِي فِي السَّموَات ﴾ ( مت 5 : 16) .
(2) خُطُورِة التَّعْلِيم دُونَ حَيَاة :
=========================================
عَلِّمْ .. عَلِّمْ .. عَلِّمْ .. قُول .. قُول .. قُول .. إِتْكَلِّمْ .. إِتْكَلِّمْ .. إِتْكَلِّمْ .. وَلاَ يَكُون هُنَاك فِعْل فَهذَا يُسَبِّبْ بَلاَدَة .. جُمُودٌ .. رِيَاء .. إِزْدِوَاج .. بَلْ عَلَى العَكْس فَهذَا يِعْمِل الإِنْسَان عِنْدُه رُوح غُرُور وَكِبْرِيَاء .. فَكُل مَا الشَخْص يُعَلِّمْ فَكُل مَا يِفْتِكِر نَفْسُه كذَلِك فَيَظُنْ أنَّ الّذِي يُعَلِّمُه هذَا إِنَّهُ عَايْشُه .. فَتِكْبَر الذَّات بِدُون فِعْل وَيَتَأخَّر التَّقَدُم الرُّوحِي جِدّاً .. وَبَدَل مَا الخِدْمَة تَكُون وَسِيلِة خَلاَص تِكُون وَسِيلِة جُمُودٌ .. وَبَدَل مَا الإِنْسَان يِكُون فِي طَرِيقُه لِلقُرْب مِنْ رَبِّنَا لكِنْ فِي الحَقِيقَة إِنُّه بِالشَكْل يِكُون بِيقَرَّب لكِنُّه فِي الحَقِيقَة إِنُّه بِيِبْعِد عَنْ رَبِّنَا .. مَا أخْطَر أنْ تَتَحَوَّل الخِدْمَة إِلَى مِهْنَة .
فَإِنَّ الخَادِم يَذْهَب لِيُلْقِي دَرْس وَيِحَكِّي شِوَيَة .. وَيِهَذَّر وَيِنَكِتْ شِوَيَة وَخَلاَص عَلَى كِدَه .. مَا أخْطَر أنْ يَتَحَوَّل الأمر إِلَى مُجَرَّد تَلْقِين أوْ مَعْلُومَات .. فَهذَا أخْطَر لِدَرَجِة أنْ تَكُون الخِدْمَة عِبَارَة عَنْ مُسَكِّنْ .. يِزِيدْ المَرَض وَلاَ يُزِيلُه .. لِدَرَجِة أنَّ هذَا التَّعْلِيم يُضَخِّمْ ذَات الإِنْسَان وَيَجْعَلُه يَشْعُر بِأنَّ النَّاس أقَلْ مِنْهُ لأِنَّهُ هُوَ مُعَلِّمْ .. لِذلِك رَبِّنَا يَقُول ﴿ لاَ تَكُونُوا مُعَلِّمِين كَثِيرِين ﴾ ( يع 3 : 1) .. لاَ تَكُون حَابِبْ أنْ تَكُون مُعَلِّمْ وَخَلاَص بَلْ عِيش .. فَمَا أكْثَر الكَلاَم عَنْ المَحَبَّة لكِنْ مَا أرْوَع المُحِبْ .. فَمَا أكْثَر الكَلاَم عَنْ الصَّلاَة لكِنْ مَا أجْمَل المُصَلِّي .. فَهذَا شِئ يِجْذِب قَلْب رَبِّنَا .. هذَا شِئ يَجْعَل الإِنْسَان المُحِبْ جَذَّاب .
مَا أخْطَر أنْ نَكُون كَالكَتَبَة وَالفِرِّيسِيِّين الَّذِينَ يَعْرِفُوا النَّامُوس وَلاَ يَعِيشُوه .. مَا أخْطَر أنَّ الإِنْسَان يَتَحَوَّل إِلَى صِرَاع فِي دَاخِلُه بَيْنَ المَعْرِفَة وَبَيْنَ التَّطْبِيق .. فَهذِهِ خُطُورَة تِعْمِل إِزْدِوَاج وَجُمُودٌ وَتَجْعَل الإِنْسَان لَهُ شَكْل التَّقْوَى وَيُنْكِر قُوِّتْهَا ( 2تي 3 : 5 ) .. فَيَقُول الشَخْص أنَا خَادِم .. أنَا خَادِمَة .. أنَا رُوحْت .. أنَا عَمَلْت .. أنَا إِتْكَلِّمْت .. أنَا أدِّيت المَوْضُوع دَه .. أنَا شَرَحْت .. أنَا حَفَّظْت .. أنَا عَمَلْت .. أنَا قَرَأت .. فَمَا أخْطَر شَخْصِيِّة الإِزْدِوَاجِيَّة .
مَا أخْطَر أنْ تَتَحَوَّل حَيَاتْنَا إِلَى جُزْء فِي الخِدْمَة وَجُزْء لِلشَّخْصِيَّة الطَّبِيعِيَّة الخَاصَّة بِنَا .. فَمَثَلاً عِنْدَمَا تَقُول أنَّ الخَادِم يَلْتَزِم بِأشْيَاء مُعَيَّنَة لِلخِدْمَة .. فَمَثَلاً عِنْدَمَا تَقُول لِلخَادِمَات تَعَالِي الخِدْمَة بِدُون مِكْيَاچ وَبِدُون بَنْطَلُون .. تَعَالِي بِچِيبَة وَاسْعَة وَالْبِسِي حَاجَة حِشْمَة .. فَمُمْكِنْ أنْ تَأتِي الخَادِمَة وَقْت مَدَارِس الأحَدٌ مُنْضَبِطَة تَمَام وَفِي أي وَقْت غِير مَدَارِس الأحَدٌ بِشَكْل تَانِي خَالِص .. فَهذَا كَأنَّنَا بِنْمَثِّل سَاعْتِين .. وَلكِنَّنَا إِحْنَا فِي الخِدْمَة بِنْكُون أكْثَر إِلْتِزَاماً لكِنْ هذَا مَعْنَاه أنَّ هذِهِ الحَيَاة تَكُون غِير طَبِيعِيَّة بَلْ يَتِمْ التَّحْوِيل إِلَى أنْ تَكُون هذِهِ طَبِيعَتِي وَيَكُون هذَا سُلُوكِي وَشَخْصِيِتِي وَأنَا لاَ أقْبَل أنْ أكُون غِير ذلِك فَهذَا هُوَ الصَّح .. مَا أصْعَب الإِزْدِوَاج وَهذَا لِلأسَفْ السِمَة الَّتِي يَعِيشَهَا جِيلْنَا هذَا .. حِلْوِين جِدّاً جِدّاً جِدّاً دَاخِل الكِنِيسَة وَيَكُونُوا أيْضاً مَعَاك عَلَى الخَطْ خَارِج الكِنِيسَة .. ألْحَان وَتَسْبِحَة تَمَام وَغِير ذلِك أيْضاً تَمَام .
فَفِي قِصَّة كُنْت مَرَّة سِمِعْتَهَا إِنْ نَاس قَامُوا بِالإِتِفَاق مَعَ شَمَامِسَة عَلَى المُشَارْكَة فِي صَلاَة إِكْلِيل .. فَعَرَفُوا الشَّمَامِسَة مِيعَادٌ الإِكْلِيل وَفِي أي كِنِيسَة وَاتَفَقُوا فِعْلاً .. فَقَام شَمَاس يِسْأل النَّاس أصْحَاب الفَرَح * إِنْتُمْ بَعْد الكِنِيسَة رَايْحِينْ فِينْ ؟ * .. فَالنَّاس رَدُّوا إِنُّهُمْ رَايْحِينْ مَكَان لِلفَرْفَشَة بَعْد الإِكْلِيل .. فَالشَّمَامِسَة قَالُوا مُمْكِنْ إِحْنَا كَمَان نَقُوم بِالفَرْفَشَة .. فَهُمْ نَفْس الشَّمَامِسَة ( مِينَا وَمَايْكِل وَدِيڤيد وَجِرْجِس وَبِيشُوي وَ ....... ) .. فَهُمْ أثْنَاء الإِكْلِيل لاَبْسِين التُونْيَة وَمَاسْكِين الدَّف وَبَعْد الإِكْلِيل يِقْلَعُوا التُونْيَة وَيِسِيبُوا الدَّف وَيِمْسِكُوا حَاجَة تَانِي .. فَهذَا إِزْدِوَاج .
فَأنْتَ إِيه بِالظَّبْط ؟ مَاذَا تُرِيدْ ؟ مَاذَا تُحِبْ ؟ مَا هِيَ مُيُولَك ؟ أرْجُوك إِسْأل نَفْسَك هذَا السُؤال .. إِلَى أي التَّيَارَات تَمِيل ؟ مَنْ أنْتَ ؟ سُؤال مُهِمْ جِدّاً .. مَا أخْطَر إِزْدِوَاجْنَا .. القَلْب المَقْسُوم هذَا صَعْب وَلاَ نَسْتَطِيع أبَداً أنْ نَعْرُج بَيْنَ الفِرْقَتَيْنِ .. ﴿ إِنْ كَانَ الرَّبُّ هُوَ الله فَاتَّبِعُوهُ وَإِنْ كَانَ البَعْلُ فَاتَّبِعُوهُ ﴾ ( 1مل 18 : 21 ) .. مَا أصْعَب إِنْشِقَاق الإِنْسَان مِنْ دَاخِلُه .. فِي الجَامْعَة مَعَ أصْحَابُه يِجَارِي الجَو إِلَى أقْصَى دَرَجَة وَفِي الكِنِيسَة كَذلِك وَأيْضاً فِي الشُغْل كَذلِك .. لاَزِم نُمَجِّد رَبِّنَا وَلاَزِم يِكُون عِنْدَك الإِقْتِنَاع الكَافِي فِي شَخْصِيِتَك إِنَّك إِنْتَ كِدَه .. إِنْتَ مَسِيحِي وَيَجِبْ أنْ تَشْهَدٌ لِمَسِيحَك .. إِنْتَ فِيك شِئ مُخْتَلِف لاَزِم نِكُون عَايْشِينْ بِمُقْتَضَاه .. ﴿ مَجِّدُوا الله فِي أجْسَادِكُمْ وَفِي أرْوَاحِكُم الَّتِي هِيَ لله ﴾ ( 1كو 6 : 20 ) .. مَا هِيَ مَشِيئَة قَلْبَك .. وَمَاذَا تُحِبْ ؟
لِذلِك الإِنْسَان الَّذِي يَعِيش مَعَ الله فِعْلاً وَالإِنْجِيل مَغْرُوس بِدَاخِلُه فَلاَ يَعْرِف أنْ يَعِيش كُل فِتْرَة بِشَخْصِيَّة .. فَلاَ يَكُون عَايِش مِثْل الكَتَبَة وَالفِرِّيسِيِّينْ الَّذِي لَهُمْ حَيَاة فِي الشَّكْل وَلَهُمْ حَيَاة أُخْرَى فِي الخَفَاء وَمُخْتَلِفَة .. فَلاَ تَكُونُوا كَالنَّاس الَّذِينَ يُحَمِّلُوا الآخَرِينْ أحْمَالاً عَثِرَة وَلاَ يُحَرِّكُونَهَا بِأصَابِعَهُمْ ( مت 23 : 4 ) .. فَهُمْ كَانُوا يُعَشِّرُون النِّعْنَاع وَالشِّبِثَّ وَالكَمُّون وَتَرَكُوا الحَقَّ وَالرَّحْمَة ( مت 23 : 23 ) .. كَانُوا يَأكُلُوا مَال اليَتِيم وَلِعِلَّةٍ يُطِيلُونَ فِي الصَّلاَة ( مر 12 : 40 ) .. فَهذَا تَنَاقُض رَهِيب لِذلِك الخَادِم يَنْطَبِع عَلَى أوْلاَدُه .. فَالإِنْسَان الَّذِي فِي خِدْمِتُه عَايِش حَيَاة فِيهَا إِهْتِمَامَات رُوحِيَّة فَيَكُون أوْلاَدُه لَهُمْ إِهْتِمَامَات رُوحِيَّة .. وَالخَادِم الَّذِي يَهْتَمْ بِالمَظْهَر وَالشَّكْل وَالرِّيَاضَة وَالفُسْحَة وَالتَّرْفِيه يِكُونُوا أوْلاَدُه يِحِبُّوا الهِيصَة .
فَهَلْ أنَا بَحْرِص إِنِّي فِي يُوْم السَبْت أحْضَر عَشِيَّة وَأجْعَل أوْلاَدِي يِحْضَرُوا عَشِيَّة ؟ فَهَلْ أنَا بَحْرِص أنْ أحْضَر تَسْبِحَة فِي الكِنِيسَة ؟ فَهَلْ أنَا مُهْتَمْ بِحُضُور القُدَّاسَات ؟ هَلْ أنَا مُهْتَمْ بِأعْيَادٌ القِدِّيسِينْ ؟ هَلْ أنَا مُهْتَمْ بِالسَّهَرَات الرُّوحِيَّة ؟ فَلَوْ أنَا مُهْتَمْ بِكُل هذِهِ الأُمور فَأتَفِق مَعَ أوْلاَدِي أنْ يَحْضَرُوا هُمْ أيْضاً .. وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِي نَفْس هذِهِ الإِهْتِمَامَات وَلِي إِهْتِمَامَات أُخْرَى فَأوْلاَدِي سَيَتَعَلَّمُوا مِنِّي نَفْس الإِهْتِمَامَات .
خُطُورِة التَّعْلِيم دُونَ حَيَاة تَجْعَل الإِنْسَان يَكُون بِشَكْل مِنْ الخَارِج وَجَوْهَرُه شِئ مُخْتَلِف تَمَاماً .. وَهذَا يَجْعَلُه يِعِيش فِي رِيَاء وَفِي إِزْدِوَاجِيَّة وَفِي صِرَاع .. فِي صِرَاع فِي شَخْصِيِتُه .
(3) كَيْفَ نَحْيَا حَسَبْ الإِنْجِيل ؟
========================================= ===
كَيْفَ أكُون إِنْجِيل مُعَاش ؟ إِهْتَم بِمَبْدأ الفِعْل قَبْل الإِهْتِمَام بِمَبْدأ المَعْرِفَة .. فَرَبِّنَا قَالْ لِلنَّامُوسِي ﴿ إِفْعَل هذَا فَتَحْيَا ﴾ ( لو 10 : 28 ) .. مُهِمْ جِدّاً وَصِيِة * إِفْعَل * .. طَبَّقٌ .. فَقَالَ الغَنِي ﴿ هذِهِ كُلُّهَا حَفِظْتُهَا مُنْذُ حَدَاثَتِي ﴾ ( مر 10 : 20 ) .. لكِنْ رَبِّنَا رَكِّز عَلَى الفِعْل .. فَفِي الكِتَاب المُقَدَّس آيَة تَقُول ﴿ فَقَطْ عِيشُوا كَمَا يَحِقُّ لإِنْجِيل الْمَسِيح ﴾ ( في 1 : 27 ) .. لِذلِك يَكُون التَّرْكِيز عَلَى * عِيشُوا * .. مَا أجْمَل أنْ يَتَحَوَّل الإِنْجِيل إِلَى حَيَاة فِي دَاخِلْنَا .
جَمِيل جِدّاً رَبِّنَا يَسُوع الْمَسِيح لَمَّا يِقُول لِشَخْص * إِتْبَعْنِي * .. وَيَقُول ﴿ فَقَامَ وَتَبِعَهُ ﴾ ( مر 2 : 14) .. فَإِنَّ الشَخْص الّذِي قُدِّمَتْ لَهُ الدَّعْوَة قَامَ وَتَبَعَهُ .. فَعَمَلَ وَفَعَلْ .. فَمَا هُوَ الفِعْل الَّذِي حَصَلْ فِي حَيَاتْنَا الَّذِي نَقُول أنَّ الإِنْجِيل إِشْتَغَل بِدَاخِلْنَا ؟ إِنْ لَمْ يَتَحَوَّل الإٍِنْجِيل إِلَى سُلُوك فَيَتَحَوَّل بِالنِّسْبَة لَنَا إِلَى أي كِتَاب مِثْل الَّذِي دَرَسْنَاه فِي أُولَى إِعْدَادِي وَتَانْيَة إِعْدَادِي وَتَالْتَة إِعْدَادِي وَهَكذَا ..... لأِنَّهُ يُعْتَبَر كِتَاب وَبِهِ نَظَرِيَات .
لِذلِك يُكَلِّمْنَا عَنْ الإِيمَان العَامِل بِالمَحَبَّة .. لاَزِم يِكُون لَنَا إِيمَان عَامِل لَيْسَ مُجَرَّدٌ كَلاَم بَلْ إِيمَان عَامِل .. الإِنْجِيل مِشْ مَطْلُوب مِنِّنَا أنْ نَأخُذُه كَمَعْرِفَة وَمَعْلُومَات .. فَعِنْدَمَا تَقْرأ لاَزِم يَتَحَوَّل بِنِعْمِة رَبِّنَا إِلَى تَطْبِيق .. إِلَى تَدْرِيب .. إِلَى فِعْل .. إِلَى عَمَل .. أنْتَ يَجِبْ أنْ تَدْخُل إِلَى دَاخِل الإِنْجِيل .. مَا الَّذِي يَجْعَلْنَا نَعِيش فِي غُرْبَة عَنْ الإِنْجِيل ؟ لِمَاذَا تَقُول عَلَى الإِنْجِيل صَعْب ؟ لأِنَّنَا لَمْ نَقْرَاؤه بِاسْتِمْرَار .. لأِنَّنَا نَأخُذُه بِالفِعْل بِقِرَاءَة مِنْ الخَارِج .. فَعِنْدَمَا شَخْص يِعْزِمَك عَلَى حَاجَة سَاقْعَة هَلْ بِيُدْلُوقْهَا فُوق مِنَّك وَلاَّ بِيشَرَّبْهَا لَك فِي فَمَك ؟
وَالإِنْجِيل إِوْعَى تَاخْدُه بَرَّه مِنَّك .. بَرَّه مِنَّك حَيغَرَّقَك وَحَيِعْمِل لِيك كَلاَكِيع .. لكِنْ لَوْ تِشْرَبُه مِنْ الدَّاخِل يُبْقَى لَذِيذ .. لَوْ نِفْرِض وَإِنْتَ بِتِقْرا فِي الإِنْجِيل جُزْء خِلْقِة العَالَمْ .. ﴿ لِيَكُن نُورٌ ﴾ ( تك 1 : 3 ) .. مُمْكِنْ شَخْص يِقُول * أنَا مَالِي وَمَال ( لِيَكُنْ نُورٌ ) * .. العَالَمْ إِتْعَمَل وَلاَّ مَتْعَمَلْش خَالِص وَأنَا مَالِي .. لكِنْ تَقُول عِنْدَ خِلْقَة هذَا العَالَمْ * يَارَب إِلَى هذَا الحَدٌ إِنْتَ بِتْحِبِّنِي ؟ * .. مَا هُوَ هذَا العَالَمْ وَلِمَنْ خُلِقَ ؟ وَالكُون هذَا لِمَنْ ؟ فَإِنَّ رَبِّنَا خَلَقُه لَنَا فَنَقُول نَشْكُرَك يَارَب .
الكِنِيسَة وَاعْيَة تَقُول ﴿ ثَبَّتَ لِيَ الأرْضَ لأمْشِي عَلَيْهَا .. مِنْ أجْلِي ألْجَمْتَ البَحْر .. مِنْ أجْلِي أظْهَرْتَ طَبِيعَة الحَيَوَان ..... ﴾ ( جُزْء * قُدُّوس * فِي القُدَّاس الغِرِيغُورِي ) .. فَالخَلِيقَة كُلَّهَا أُنْشُودِة حُبْ لله .. شُوفُوا الرَّوْعَة .. تَخَيَّل إِنْتَ لَوْ لَمْ تَكُنْ الأرْض ثَابْتَة كُنَّا نِمْشِي إِزَّاي ؟ فَالوَاحِدٌ لَوْ كَانْ عَنْدُه مِشْوَار لأِخِر الشَّارِع كُنَّا نِمْشِيه فِي سَنَة .. لكِنْ رَبِّنَا ثَبِّت الأرْض لِينَا .. شُوف تَرْتِيب رَبِّنَا .. ﴿ لِيَكُن نُورٌ ﴾ .. قُولُّه يَارَب بَدِّد ظَلاَمِي .. بَدِّد ظُلِمِة حَيَاتِي .. بَدِّد ظُلْمِة الأيَّام .. الإِنْجِيل مِشْ المَقْصُودٌ مِنُّه إِنُّه يِحْكِي لِينَا قِصَص .. وَيِحْكِي لِيَنَا عَنْ أشْخَاص فِي العَهْد القَدِيم وَالجِدِيد .. وَيِحْكِي لِينَا عَنْ طَبَائِع الشُّعُوب .. وَيِحْكِي لِينَا عَنْ قِصَص حُرُوب .. وَيِحْكِي لِينَا عَنْ تَدْبِير الخَلاَص .. وَيِحْكِي لِينَا عَنْ أُمور كَثِيرَة .. فَلَيْسَ هذَا هُوَ المَقْصُودٌ لكِنْ يَجِبْ أنْ أكْتَشِف نَفْسِي فِي الإِنْجِيل .. يَجِبْ أنْ أكْتَشِف خَلاَصِي أنَا الَّذِي يَجِبْ أنْ أتَمَتَّع بِهِ دِلْوَقْتِي فِي الْمَسِيح يَسُوع .. مِنْ هُنَا يَتَحَوَّل الإِنْجِيل إِلَى حَيَاة وَإِلَى فِعْل وَإِلَى سُلُوك جَمِيل جِدّاً .. أنْ يَكُون لَك آيَات تَتَذَكَّرْهَا بِاسْتِمْرَار .. رَدِّد آيَة .. رَدِّد قَوْل .. مَثَلاً ﴿ اللَّهُمَّ إِلْتَفِت إِلَى مَعُونَتِي .. يَارَب أسْرِع وَأعِنِّي ﴾ ( مز 69 – مِنْ مَزَامِير بَاكِر ) .. رَدِّدْهَا .. رَدِّد آيَة وَاسْعَى لِتَطْبِيقْهَا فَتَأخُذ قُوِّة فِعْلَهَا .
فَفِي شَخْص إِسْمُه السَّائِح الرُّوسِي عَامِل كِتَاب فَهُوَ قَرَأ آيَة ﴿ صَلُّوا بِلاَ انْقِطَاعٍ ﴾ ( 1تس 5 : 17) .. وَظَلَّ يِسْأل وَيَقُول فِي أوْقَات بَنَام فِيهَا .. وَفِي أوْقَات بَاكُل فِيهَا .. وَفِي أوْقَات بَشْتَغَل فِيهَا .. فِضِل يِسْأل إِلَى أنْ عِرِف كَيْفَ يُصَلِّي بِلاَ إِنْقِطَاع .. أي يَكُون فِي حَالِة وُجُودٌ فِي حَضْرِة رَبِّنَا .. فِي إِتِحَاد ذِهْنِي وَفِكْرِي طَوَال النَّهَار وَظَلَّ يَقُول ﴿ يَارَبِّي يَسُوع الْمَسِيح إِبْن الله إِرْحَمْنِي أنَا الخَاطِئ ﴾ .. وَيُرَدِّدْهَا فِي كُل الأوْقَات حَتَّى فِي أوْقَات الأكْل .. فِي أوْقَات الشُغْل .. لَوْ مَاشِي .. لَوْ قَاعِدٌ فَهُوَ عِرِف مَعْنَى ﴿ صَلُّوا بِلاَ انْقِطَاعٍ ﴾ .. عِيش الآيَة لاَ مُجَرَّدٌ مَعْرِفِتْهَا فَقَطْ .
كَانَ أبُونَا بِيشُوي كَامِل – الله يِنَيِّح نَفْسُه – كَانْ إِسْمُه * إِنْجِيل مُعَاش * لأِنُّه مَكَنْش بِيِقْرَا الإِنْجِيل إِلاَّ لَمَّا يِشُوف إِزَّاي يِحَاوِل أنْ يِطَبَّقُه .. فَكَانَ يَتَكَلَّمْ مَعَ أحَدٌ أوْلاَدُه وَيَقُول لَهُ تِحِب أدِّيلَك هِدِيَّة ؟ فَيَرُدٌ الوَلَدٌ * إِدِّينِي يَا بُونَا * .. فَيَقُول أبُونَا * أدِّيلَك آيَة حِلْوَة تِعِيشْهَا * .. فَيَرُدٌ الوَلَدٌ * حَاضِر يَابُونَا * .. فَقَالَ أبُونَا ﴿ مَنْ أرَادَ أنْ يُخَلِّصَ نَفْسَهُ يُهْلِكُهَا ﴾ ( مت 16 : 25 ) .. يَالاَّ يَا حَبِيبِي رَبِّنَا مَعَاك .. فَهذِهِ الآيَة يِعِيش بِيهَا عُمْرُه كُلُّه .
فَمَا الَّذِي يُضَيِّع حَيَاتْنَا ؟ هُوَ أنَّنَا لاَ نُحِبْ أنْ نُهْلِكْهَا وَنُحِبْ أنْ نَحْتَفِظ بِهَا .. فَعِنْدَمَا نُحِبْ الذَّات فَالذَّات تَرْتَفِع .. لكِنْ الَّذِي يُحِب نَفْسُه يُضَيِّعُهَا .. أي طُول مَا أنَا بَحِبْ نَفْسِي فَأنَا بَضَيَعْهَا .. لكِنْ الَّذِي يُبْغِض نَفْسُه فَهذَا يَجِدْهَا .. كُل يُوْم ضَعْ نَفْسَك .. ضَعْ نَفْسَك فِي رَاحْتَك .. فِي أكْلَك .. فِي شُرْبَك .. فِي ذَاتَك .. فِي غِيرْتَك .. فِي إِنْفِعَالاَتَك مَعَ الآخَرِينْ .. إِنْفِق ذَاتَك .. إِبْذِلْهَا .. إِعْطِي .. فَهذِهِ قُوَّة جَبَّارَة .. الوَصِيَّة فِيهَا قُوَّة جَبَّارَة وَأجْمَل مَا فِي الوَصِيَّة إِنَّك لاَ تَعِيش وَصِيَّة إِلاَّ لَمَّا تِعِيش بَاقِي الوَصَايَا مَعَهَا .. لِيه ؟ فَعِنْدَمَا يُبْغِض الوَاحِدٌ نَفْسُه يُحِب الَّذِينَ حَوْلُه .. وَيُحِب العَطَاء .. وَيُحِب التَّسَامُح .. وَيُحِب الصُوْم فَتَكُون الوَصَايَا دَاخِلُه عَلَى بَعْضَهَا .
فَمَثَلاً الأسْكَنْدَرِيَّة مُصَمَّمَة بِطَرِيقَة تَكُون فِيهَا الشَوَارِع مُتَوَازِيَة وَسَهْلَة .. فَعِنْدَمَا نَذْهَب لِمِشْوَار يَكُون لَهُ طَرِيق يِوَصَّل لِمِشْوَارَك .. كذَلِك الوَصَايَا تِدَخَّلَك عَلَى بَعْضَهَا .. فَمَثَلاً الَّذِي يُصَلِّي بِلاَ إِنْقِطَاع يَعِيش الطَّهَارَة وَيَعِيش الحُبْ وَيَعِيش البَذْل وَيَعِيش الأبَدِيَّة .. فَأي وَصِيَّة تِسَاعْدَك فِي تَنْفِيذ الأُخْرَى وَالعَكْس .. الشَّر يِوَصَّل لِلشَّر .. الكِبْرِيَاء يِوَصَّل لِلغُرُور .. يِوَصَّل لِلشَّك .. يِوَصَّل لِلكَرَاهِيَّة .. تِوَصَّل لِلشَّهْوَة وَهكَذَا .. فَتَكُون شَبَكَات فِي بَعْضَهَا فَيَجِبْ أنْ تَعِيش الوَصِيَّة .. لاَ تَكْتَفِي أنَّكَ تَعْرِف بَلْ عِيش .
تِعْرَفُوا لِمَاذَا تَكُون تُوبِتْنَا تُوبَة وَقْتِيَّة شَكْلِيَّة ؟ لأِنَّهَا لَمْ تَكُون مِنْ الإِنْجِيل .. فَإِنَّ التُوبَة لَيْسَتْ مُجَرَّدٌ كَشْف عَقْل يَا أحِبَّائِي وَلاَ كَشْف ضَمِير .. التُوبَة بِالإِنْجِيل .. فَعِنْدَمَا نُحْضِر مَثَلاً وَلَدٌ غِير مِسِيحِي وَنِسْألُه * إِنْتَ مَاذَا تَفْعَل مِنْ الأُمور الوِحْشَة ؟ * .. فَيَقُول أنَا بَشْتِم بَابَا وَبَزَعَّل مَامَا وَبَاخُدٌ حَاجَات مِشْ بِتَاعْتِي وَبَتْفَرَّج عَلَى حَاجَات وِحْشَة وَأحْيَاناً تَكُون عِينِي وِحْشَة لَمَّا أمْشِي فِي الشَّارِع وَهكَذَا ...... فَهُوَ بِيْقُول خَطَايَا وَهُوَ وَلَدٌ غِير مِسِيحِي فَدَه يُعْتَبَر كَشْف عَقْل وَضَمِير .. فَهَلْ هذِهِ تَكُون تُوبَة ؟ هذِهِ لَيْسَت تُوبَة .. أحْيَاناً إِحْنَا تَكُون تُوبِتْنَا عَلَى مُسْتَوَى كَشْف العَقْل وَالضَمِير وَأحْيَاناً يَكُون إِعْتِرَافْنَا عَلَى مُسْتَوَى العَقَل وَالضَمِير .. فَهذِهِ لاَ تَأتِي بِتُوبَة وَلاَ تَأتِي بِاسْتِمْرَار .. فَالتُوبَة المَعْمُولَة بِالإِنْجِيل .. المَعْمُولَة بِالوَصِيَّة إِنِّي أنَا قِيِسْت نَفْسِي عَلَى الوَصِيَّة .. ﴿ سِرَاجٌ لِرِجْلِي كَلاَمُكَ وَنُورٌ لِسَبِيلِي ﴾ ( مز 119 : 105) .. ﴿ كَلاَمَك الَّذِي جَعَلْتَنِي عَلَيْهِ أتَّكِل ﴾ ( مز 119 : 49 ) .. أنَا بَقِيس نَفْسِي بِالإِنْجِيل .
الإِنْجِيل يَقُول ﴿ تُحِبُّوا بَعْضُكُمْ ﴾ ( يو 13 : 34 ) .. فَألاَحِظ نَفْسِي إِذَا كَانَ لاَ يُوْجَدٌ عِنْدِي مَحَبَّة .. فَأنَا بَكُون نِفْسِي أعْمِل هذِهِ الوَصِيَّة وَلاَ أعْرِف .. عِين غِير بَسِيطَة وَغِير نَقِيَّة .. فَالَّذِي يَتُوب بِرُوح الإِنْجِيل تَكُون تُوبْتُه لَهَا قُوَّة مَعْمُولَة بِالإِنْجِيل .. مَا أجْمَل أنْ يَكُون المِقْيَاس لِمُحَاسَبِة نَفْسِنَا هُوَ الإِنْجِيل .. وَهُوَ مُرْشِد لِطَرِيقْنَا وَالَّذِي يِعَرِّفْنَا الإِشْتِيَاقَات هُوَ الإِنْجِيل .. هُوَ الَّذِي يَرْفَعْنِي .. هُوَ الإِنْجِيل الَّذِي يِسْنِدْنِي .. فَيَقُول الكِتَاب المُقَدَّس ﴿ أبْتَهِج أنَا بِكَلاَمَك كَمَنْ وَجَدَ غَنَائِم كَثِيرَة ﴾ ( مز 119 : 162) .
الله يِنَيِّح نَفْسُه أبُونَا بِيشُوي كَامِل كَانْ مَرَّة فِي سَيِّدَة لَدَيْهَا ظُرُوف صَعْبَة فَاسْتَضَافْهَا أبُونَا فِي بِيتُه .. فَقَعَدِت عَنْدُه فِتْرَة لكِنْ تَاسُونِي أنْچِيل بَدَأت تُلاَحِظْ أنَّ هُنَاك أشْيَاء بِتُفْقَد مِنْ المَنْزِل وَبَدأَ الشَك يِرُوح إِلَى هذِهِ السَيِّدَة .. المُهِمْ تِدُور الأيَّام وَيِرُوح أبُونَا بِيشُوي وَتَاسُونِي أنْچِيل إِلَى هذِهِ السَيِّدَة فِي مَنْزِلْهَا يِزُورُوهَا فَالسِتْ قَدِّمِت لِيهُمْ حَاجَات فِي أطْبَاق كَانِتْ أخَدِتْهَا مِنْ ضِمْن الحَاجَات اللِّي أخَدِتْهَا مِنْ بِيتْ أبُونَا بِيشُوي .. فَتَاسُونِي أنْچِيل أخَدِت بَالْهَا مِنْ الطَبَق وَبَصِّتْ لأِبُونَا وَقَالِتْ لُه الطَبَق دَه بِتَاعْنَا .. فَرَدٌ عَلِيهَا حَنْرُوح فِين مِنْ الوَصِيَّة اللِّي بِتْقُول ﴿ قَبَلْتُمْ تُسْلَب أمْوَالِكُمْ بِفَرَحٍ ﴾ .. فَسَكَتَتْ تَاسُونِي أنْچِيل وَلاَ تَقْدِر أنْ تَقُول شِئ أمَام الوَصِيَّة فَإِنَّ الوَصِيَّة لَهَا قُوَّة .. يَعْنِي المَفْرُوض إِنِّي أضَعْ الآيَة أمَامِي وَأسِير بِهَا وَابْقَى أنَا بَتْقَاس عَلَى الآيَة وَيِكُون لِيَّ مَرْجِع وَيِكُون لِيَّ سَنَد .. فِيَّ قُوَّة أعِيش بِيهَا .. فَهذَا هُوَ الإِنْجِيل .. هذِهِ هِيَ الحَيَاة المَطْلُوبَة مِنِّنَا .
لاَ أنْسَى أبَداً طُول عُمْرِي بِنْت صُغَيَّرَة كَانِتْ بِتِعْتِرِف وَهِيَّ بِنْت بَسِيطَة وَغَلْبَانَة .. يَعْنِي مَعَنْدِهَاش إِمْكَانِيَات وَقَالِتْ لِي * صَحْبِتِي مَعَاهَا بَرَّايَة بِتِبْرِي لِوَحْدَهَا وَتِزَمَّر * .. فِعْلاً فِي بَرَايَات حَدِيثَة بِأشْكَال مُخْتَلِفَة وَفِي الغَالِبْ تِكُون مِنْ الخَارِج .. يَعْنِي بِتْحُط القَلَمْ فَتِبْرِيه وَنِشَارِة القَلَمْ بِتِتْجَمَّعْ فِي مَكَان مُعَيَّن .. فَأنَا إِفْتَكَرْت إِنْ البِنْت أخَدِتْهَا .. فَلِغَايِة هِنَا وَسَكَتِتْ البِنْت .. فَقُلْت لَهَا * يَعْنِي أخَدْتِيهَا ؟ * .. فَالبِنْت قَالِتْ * لاَ يَابُونَا أنَا مَخَدْتِهَاش * .. فَالبِنْت دِي بِتِعْتِرِف بِإِيه تِفْتِكْرُوا ؟ – البِنْت دِي فِي سَنَة تَانْيَة إِبْتِدَائِي – فَقَالِت يَابُونَا إِحْنَا أخَدْنَا مَرَّة دَرْس عَنْ * لاَ تَشْتَهِي مَا لِقَرِيبَك * .. فَأنَا إِشْتَهِيت بَرَّايِة صَحْبِتِي دِي .. فَالبِنْت جَايَة تِعْتِرِف إِنَّهَا إِشْتَهِت هذِهِ البَرَّايَة اللِّي الوَاحِدٌ وَهُوَ مَاشِي عِينُه بِتَاكُل الدُنْيَا كُلَّهَا .. ﴿ لاَ تَشْتَهِ ......... مِمَّا لِقَرِيبَك ﴾ ( خر 20 : 17) .
فَمَا الَّذِي أعْطَى قُوَّة لِلتُوبَة ؟ هِيَ الآيَة .. جَعَلِت التُوبَة لَهَا قُوَّة .. لكِنْ مُمْكِنْ كَانِتْ البِنْت تِقُول * عَادِي وَمَافِيهَاش حَاجَة * .. مَا أجْمَل أنْ أشْعُر أنَّ الوَصِيَّة تَحْكُمْنِي .. وَمَا أجْمَل أنْ أشْعُر أنَّ الوَصِيَّة وَاجِبَة التَّنْفِيذ .. هُنَا تَتَحَوَّل حَيَاتِي إِلَى إِنْجِيل وَإِنْجِيلِي إِلَى حَيَاة وَلاَ أتْرُكُه أبَداً .. وَعِنْدَمَا أقْرأ إِنْجِيلِي أكْتِشِفْ خَلاَصِي وَأكْتِشِفْ مَحَبِّتِي .. يَا سَلاَم عَلَى القُوَّة الَّتِي تَأخُذْهَا مِنْ الإِنْجِيل .. فَأنَا لاَ يُمْكِنْ أجْبِرَك عَلَى قِرَايِة الإِنْجِيل وَأقُولَّك مَاتِنْسَاش تِقْرَا الإِنْجِيل .. فَيِجِي شَخْص يِقُول لِي المُشْكِلَة إِنِّي بَنْسَى يَابُونَا .. فَأنَا أقُولَّك تِنْسَى لِيه ؟ لأِنَّك لَوْ إِنْتَ أخَذْت الإِنْجِيل مُذَاكْرَة يُبْقَى تِنْسَى لكِنْ لَوْ إِنْتَ أخَذْت الإِنْجِيل صَدَاقَة وَحَيَاة صَارَ الإِنْجِيل هُوَ دُسْتُورَك وَمَنْهَج حَيَاتَك .
لِمَاذّا حَيَاتْنَا وَاقْفَة وَنِمُوِنَا غِير سَرِيع ؟ وَلِمَاذَا مَحَبِّتْنَا لِرَبِّنَا بَطِيئَة ؟لأِنَّهُ لَمْ يَتَحَوَّل الإِنْجِيل إِلَى حَيَاة .. لَمْ تَعُدْ الوَصِيَّة مُقْنِعَة لِحَيَاتْنَا إِنَّنَا نَعِيش بِمُقْتَضَاهَا .. فَأنَا فِي طَرِيقٌ وَالإِنْجِيل فِي طَرِيقٍ آخَر .. وَمِنْ هُنَا تَكُون حَيَاتِي لَيْسَ لَهَا شَكْل .. لِمَاذَا ؟ فَأنَا إِسْمِي مَسِيحِي وَلكِنْ سِيرْتِي غِير مَسِيحِيَّة .. الْمَسِيحِي يَعِيش فِي العَالَمْ وَلكِنْ لاَ يَحْيَا بِحَسَبْ العَالَمْ .. الْمَسِيحِي يَكُون وَاثِقٌ إِنْ لَوْ كَانْ العَالَمْ أحَبَّ سَيِّدُه كَانَ العَالَمْ يِحِبُّه .. وَلكِنْ العَالَمْ إِضْطَهَد الْمَسِيح بِلاَ سَبَبْ .. إِذاً أنَا كَمَان يَجِبْ أنْ أعْرِف إِنِّي لاَ أُحِبْ العَالَمْ وَلاَ غُرُورُه وَلاَ شَهَوَاتُه وَلاَ مَبَاهِجُه .. فَأنَا لِيَّ طَرِيقٌ آخَر .. أنَا طَرِيقِي فِي السَّمَاء .. أنَا مَدِينْتِي فِي السَّمَاء .. أنَا الإِنْجِيل حَيَاتِي .. ﴿ جَعَلْت الرَّبُّ أمَامِي فِي كُل حِين لأِنَّهُ عَنْ يَمِينِي لِكَيْ لاَ أتَزَعْزَع ﴾( مز 16 : 8 ) .. ﴿ سِرَاجٌ لِرِجْلِي كَلاَمُكَ وَنُورٌ لِسَبِيلِي ﴾ .. كُل مَكَان أرُوح فِيه أقْدَر أنْ أقُول أنَا هِنَا أعِيش الإِنْجِيل .. سَاعِتْهَا أقْدِر أنْ أقُول إِنِّي أنَا إِنْجِيل مَفْتُوح .. كُل الَّذِي يَرَانِي كَأنَّهُ قَرَأَ الإِنْجِيل .قَرَأ آيَة وَيُحِبْ الْمَسِيح بِسَبَبِي رَبِّنَا يَسُوع الْمَسِيح يُكَمِّل نَقَائِصْنَا وَيُرْشِدْنَا لِلعَمَل بِوَصَايَاه وَيِسْنِد كُل ضَعْف فِينَا بِنِعْمِتُه وَلإِلَهْنَا المَجْد دَائِماً أبَدِيّاً آمِين
الخادم والتكريس
{ وكان إنسان مريضاً وهو لعازر من بيت عنيا من قرية مريم ومرثا أختها .. وكانت مريم التي كان لعازر أخوها مريضاً هي التي دهنت الرب بطيب ومسحت رجليه بشعرها .. فأرسلت الأختان إليه قائلتين يا سيد هوذا الذي تحبه مريض } ( يو 11 : 1 – 3 ) .
موضوعنا اليوم بنعمة الله عن التكريس .. وسنتكلم فيه عن ثلاث نقاط وهي :
1/ معنى التكريس :
======================
كلمة التكريس تعني التخصيص أو التقديس لله .. وهو سكب الحياة عند قدمي يسوع ليكون هو المالِك عليها .. أي نعيش في ملكية الله على حياتنا .. كما نقول في الصلاة الربانية { ليأتِ ملكوتك } ( لو 11 : 2 ) .. فلا نكون مِلك لأنفسنا بل لله فيظهر ملكوت الله على العالم من خلال الأشخاص المُكرسين .. فالتكريس هو أن يملُك الله على فكرك وحواسك وقلبك ومشاعرك .
مَنْ هو الشخص المُكرس ؟ وهل يعني التكريس عدم الزواج أو عدم العيش في الحياة الإجتماعية أو العملية ؟ الشخص المُكرس لله هو الذي يشعر أنه لله حتى إن كان متزوج أو غير متزوج .. يعمل أو متفرغ للخدمة .. فالتكريس هو حالة النفس وليس المقصود به حالة أو شكل الجسد فقط .. فهو حالة قلب وفكر أكثر منه حالة شكل اجتماعي أو لِبْس مُعين أو أي شكل خارجي .. ونحن جميعاً مُكرسون لله وقد تكرسنا له في المعمودية .. وقد دُشنَّا له بالميرون وصار لنا مسحة من القدوس ورُشِمنا " 36 " رشمة لإعلان ملكِية الله على جميع أعضائنا .. لذلك يقول الكاهن في طقس المعمودية { إجعلهم آنية طاهرة } .. فلا يكون للشيطان أي شئ في الإنسان الذي جحده في المعمودية .
هل التكريس له علاقة بالبتولية ؟ أحد القديسين يقول أن التكريس أحد ألوان البتولية والبتولية تعني الشخص غير المتزوج ولكنه أعطى معنى جديد للبتولية حيث قال أن البتولية الحقيقية هي حالة النفس التي لم تتزوج بمحبة العالم .
النفس العذراء ( عذراوية النفس ) .. النفس العذراء هي التي لم تعرف آخر سوى الله .. ونحن عذارى يسوع – العذارى الحكيمات – كما قال معلمنا بولس الرسول { خطبتكم لرجل واحد لأقدم عذراء عفيفة للمسيح } ( 2كو 11 : 2 ) .. فحياة التكريس هي حياة ملائكية .. هي عمل فوق طبع البشر .. هي حياة بلا هم .. هي حياة تغلب كل ضيق وكل حزن العالم .
وقد اختار الله أُناس ليكونوا مُكرسين ومُخصصين له منذ العهد القديم .. فقد كان الله يدعو إنسان مُعين يكون له وسط العالم مثل إبراهيم .. ثم بدأ يُخصص له كل بكر فاتح رحم .. ثم خصص لنفسه سبط من ضمن ألـ 12 سبط .. وفي العهد الجديد مَنْ هو المُكرس لله ؟ كلنا صرنا مُكرسين له .. كلنا مدعوين لحياة القداسة والتخصيص لله .. مثل مريم أخت لعازر التي أحبت يسوع وسكبت طيبها عند رجليه ومسحتهما بشعر رأسها فأعطاها الله كرامة حتى أن القرية أصبحت تُسمَّى بإسمها " من قرية مريم " .. هل مريم اشترت القرية ؟ لا .. ولكن دائماً هناك كرامة للشخص المُكرس لله .
فالنفوس المُكرسة هي التي استحسنت أن تعيش مع الله وتترك مباهج العالم .. { معك لا أريد شيئاً في الأرض } ( مز 73 : 25 ) .. نحن جميعاً مُكرسون لله والكنيسة ترفض تقسيم الشعب إلى علمانيين وغير علمانيين فليس بيننا مَنْ هو منسوب للعالم بل للمسيح .
2/ الحياة المُكرسة :
======================
حياة المُكرسون لها سمات أو صفات .. فلا يليق بنا أن نعيش محبة العالم أو محبة القنية أو حياة الجسد .. ولكن من السمات الأساسية لحياة المُكرس لله :0
أ/ العفة .
ب/ الفقر والزهد .
ج/ الطاعة والإتضاع .
أ/ العفة :
==========
والمقصود بها عفة الفكر والأفعال والتصرفات .. فالعفة هي الإنضباط في الإرادة والحواس والجسد والغريزة ومحبة العالم والذات .. { فحسن للرجل أن لا يمس امرأة } ( 1كو 7 : 1 ) .. الإنسان العفيف هو إنسان ضابط لنفسه .. والحقيقة أن كرامة البتوليين كبيرة لأنهم غلبوا طبعهم الشهواني فصاروا كالملائكة بل وأكثر كرامة من الملائكة لأن الملائكة طبيعتها طاهرة وليس لديها جسد ولا غريزة .
وهناك معادلة ذو قاعدة تقول :
خلق الله الحيوان له شهوة دون عقل .
وخلق الله الملائكة لها عقل دون شهوة .
وخلق الله الإنسان له عقل وشهوة .
فإذا تبع الإنسان شهواته صار حيواناً بل وأردأ من حيوان لأن لديه عقل .. وإذا تبع عقله صار أعظم من الملائكة لأنه غلب شهوته وانتصر على شئ في طبعه .
ب/ الفقر الإختياري :
=======================
والفقر يعني الزهد والإكتفاء والشكر .. فمعلمنا بولس الرسول يقول { تعلمت أن أكون مكتفياً بما أنا فيه .. أعرف أن أتضع وأعرف أيضاً أن أستفضل .... تدربت أن أشبع وأن أجوع .... } ( في 4 : 11 – 12) .. والقديس أغسطينوس قال { من يقتفي آثارك لن يضل قط .. ومَنْ امتلكك شبعت كل رغباته } .. وقال أيضاً { جلست على قمة العالم حينما صرت لا أشتهي شئ ولا أمتلك شئ في العالم } .. الفقر الإختياري هذا ما فعله الأنبا أنطونيوس عندما باع كل ما لهُ ووزعه على الفقراء .. فقر من أجل الله وإن كان هذا يحتاج إلى قامة روحية عالية فعلى الأقل لا تكن محباً للمال ولا طماع .. { الطمع الذي هو عبادة الأوثان } ( كو 3 : 5 ) .. نعم لأن الطماع يعبد الأشياء والمال هو سيِّده .
القديس أبو مقار كان رئيس الدير وفي يوم جاء إليه رجل يُقدم تبرع هدية للدير وكانت الهدية كيس به نقود كثيرة فرفضها أبو مقار وقال " لا يا ابني الفلوس هتربِكنا " ورفض أن يأخذها منه .. فقال له الرجل " إن لم تكن أنت تريدها فاعطِها للرهبان " .. فقال له أبو مقار سأجمع لك الرهبان ومن أراد أن يأخذها يأخذها .. وبالفعل أدخل كل راهب بالدور على حده حتى لا يخجل أحد من صاحبه وعرض عليه أن يأخذ كيس المال فلم يأخذ ولا راهب الكيس .. " 300 " راهب لم يأخذ واحد منهم النقود .. فتعجب الرجل وتساءل عن سر غناهم .. فالعالم يتصارع على المال وعلى الإمتلاك وهؤلاء لا يريدون أي شئ من العالم .. وترهبن هذا الرجل وقد بُنيت كنيسة دير البرموس بهذه النقود .
حقاً { النفس الشبعانة تدوس العسل } ( أم 27 : 7 ) .. النفس الشبعانة تجعل المال في جيبها وليس في قلبها .. { كفقراء ونحن نُغني كثيرين .. كأن لا شيء لنا ونحن نملُك كل شيءٍ } ( 2كو 6 : 10) .. يوجد مَثَل فرنسي يقول { المال عبد جيد وسيد ردئ } .. ومثال آخر للفقر الإختياري الأنبا أبرآم الذي كان فقيراً جداً مع نفسه وسخي جداً مع الناس .. فكانت ملابسه في منتهى البساطة والفقر .
ج/ الطاعة :
=============
مِن سمات النفس المُكرسة الطاعة .. الطاعة هي خضوع .. هي انكسار .. هي بساطة .. هي الإنجيل .. إبراهيم لما دُعِيَ أطاع وهو لا يعلم إلى أين يذهب .. النفس التي استنارت بالنعمة يكون من سماتها الطاعة .. لذلك نجد أن من أهم اختبارات الرهبنة ليس الصلاة ولا القامة الروحية بل الطاعة لأن الطاعة فيها كسر للذات والمشيئة وفيها إعلان محبة الله .. فيها التواضع .. فيها احترام الآخر بل وتقديس الآخر .. دائماً يُوضع الراهب في اختبار الطاعة .. مثل القديس يحنس القصير الذي سقى الخشبة لمدة ثلاث سنين حتى أثمرت بسبب الطاعة وصارت شجرة الطاعة .
ودائماً يُوضع الراهب الجديد ليعمل في الدير في مجال لا يُناسب شخصيته وميوله ليروه هل سيشتكي أو يطلب إرادته أم سيخضع .. فمثلاً إن كان واحد يحب الهدوء والتفكير يعطوه عمل يحتاج إلى مجهود عضلي .. وإن كان نشيط يحب الحركة يضعوه في المكتبة ليختبروا طاعته وخضوعه لعكس إرادته .. هذه الإختبارات لكسر الهوى وكسر الذات .. مثل راهب دكتور جعلوه يعمل في المضيفة يخدم الناس وكل واحد يطلب حاجة .. واحد عاوز يأكل وواحد عاوز يشرب شاي .. وواحد عاوز خبز .. حتى صرخ الراهب بعد فترة " أنا دكتور .. أنا دكتور " .. ذاته لم تحتمل .. الطاعة هي كسر الذات .
كان فيه شخص لديهِ شهادة ماﭼيستير في الزراعة وذهب ليترهبن وطلب منهم أن يعمل في زراعة أرض الدير .. فوافق رئيس الدير وقال له إننا نزرع كرنب ولكن عليك أن تزرعه بالمقلوب .. فذهب الراهب ليزرع الكرنب بالمقلوب ولكنه قال هذا خطأ .. كيف أزرع بالمقلوب ؟ أبونا مش عارف الزراعة إزاي .. زرع هو بالطريقة الصحيحة وقال إنه بدراسته سيستطيع أن يحسِّن المحصول عن كل عام .. ولما طِلِع المحصول ذهب الراهب لرئيس الدير ليُخبره أن المحصول طلع فقال إنت زرعته إزاي ؟ قاله زرعته صح .. قاله بس أنا قلت لك إزرعه بالمقلوب .. يا ابني إحنا مش عاوزين كرنب إحنا عاوزين طاعة .
قد يبدو الأمر بسيطاً ولكن في جوهره هو أمر فائق .. هذه هي صفات الإنسان المسيحي المُكرس لله .
3/ التكريس والملكوت :
===========================
الله يُكرم النفس المُكرسة له على الأرض وفي السماء .. فكرَّم مريم أخت لعازر على الأرض حتى دُعيت إسم القرية بإسمها كرامة لها لأنها أحبته وكرَّست نفسها وحُبها له .. الله يُكرم النفس المُكرسة سواء المتزوجين أو المُتبتلين .. فحينما تجلى يسوع تجلى مع موسى كمثال للمتزوجين ومع إيليا مثال المُتبتلين .. وإكرام الله لهذه النفوس تكون – كما قلنا – على الأرض وكذلك في السماء .. { هؤلاء هم الذين يتبعون الخروف حيثما ذهب } ( رؤ 14 : 4 ) .. { وهم يترنمون كترنيمة جديدة أمام العرش وأمام الأربعة الحيوانات والشيوخ ولم يستطع أحد أن يتعلم الترنيمة إلا المئة والأربعة والأربعون ألفاً الذين اشتُروا من الأرض } ( رؤ 14 : 3 ) .
فإذا كانت النفس أعطت كيانها لله أيُعقل ألا يُكرمها الله ؟! فالعارف بخفايا القلوب ألا يُضئ بنوره على هذه النفوس التي تكرست له !! هذه النفوس التي تعلن ملكوته على الأرض .. هذه النفوس التي هي سور حماية للعالم .. فقد خلق الله الإنسان ليتمجد فيه ويُعلن ملكوته فيه وهذه النفوس هي شفيعة عن العالم .
الملك قسطنطين رأى رؤية عن كرامة الناس الأبرار والأتقياء .. وكان هو في الواقع قد أنقذ الكنيسة من الإضطهاد والإستشهاد وأخرج المحبوسين في السجون المنتظرين حكم الموت وأمر ببناء الكنائس المنهدمة وأعلن الديانة المسيحية الديانة الرسمية في العالم وساعد الملكة هيلانة على اكتشاف الصليب المقدس فكان متوقع أن يجد لنفسه كرامة كبيرة في السماء نتيجة لكل ما فعله من أجل الله .. ولكنه رأى في الرؤية أنه يوجد نفوس كثيرة لها كرامة أكثر منه فتساءل مَنْ هؤلاء الذين لهم هذه الكرامة الكبيرة في السماء ؟ فعلم أنه الأنبا أنطونيوس والأنبا بيشوي والأنبا بولا .... أي طغمة الرهبان .. فحزن الملك قسطنطين لكونهِ مَلِكاً وليس راهباً .
الله سيُعطينا كرامة في السماء على حسب حالة نفوسنا واشتياقاتنا واهتماماتنا .. والنفوس المُكرسة تبدو أنها محرومة وأنها ضحَّت وباعت وتركت .. ويِمْكِن أن يتهمهم الناس بالجهل أو الإنطواء أو عدم مُسايرة العالم .. ولكن هؤلاء هم الذين لهم المكافأة السماوية فلا يمكن أن يتعب أحد من أجل الرب ولا يُكافأ .. فإذا كان كأس ماء بارد لا يضيع أجره فكم يكون أجر حياة بكاملها ؟!! كم يكون مقدار كيان الإنسان ؟ كم يكون مقدار إنسان قدم نفسه ذبيحة حية مقبولة عند الله .
التكريس هو ذبيحة .. لأننا نقدم نفوسنا ذبيحة على مذبح محبة الله وتُحرق نفوسنا كي نقدم لله حياة بالكامل .. ففي القداس الإلهي نقول { نُقرب لك قرابينك من الذي لك } .. فيارب ها هي نفسي وحياتي مِلكك وأعطيها لك بإرادتي فأصبحت لا أحيا لنفسي بل لك .. { فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيَّ } ( غل 2 : 20 ) .. لم أعُد لذاتي بل أتكلم بأقواله وأفعل أفعاله .. أفكَّر بفِكره .. أحب أولاده .. أحب التضحية من أجله .. أحب أن أخصص له عمري وحياتي .
كم نخجل عندما نقرأ عن قصص شبان وشابات معاصرين من دول أجنبية يُبشرون بالإنجيل في دول مثل الصين وروسيا وهم يعلمون أن التبشير ممنوع في هذه الدول ومن يُبشِر يُعرَّض للضرب والسجن والتعذيب وممكن الموت .. ومع ذلك فهم حسبوا أنفسهم مثل غنم للذبح وقالوا مع بولس الرسول { مِنْ أجلك نُمات كل النهار } ( رو 8 : 36 ) .. وها نحن في بلدنا يوجد الكثير من المسيحيين بالإسم الذين لا يعرفون شيئاً عن المسيح موجودين في القرى فهل ستذهب وتُخبرهم عن المسيح ؟ هل المسيح ملأ حياتك لدرجة أنك تعطي له عمرك وشبابك وأنفاسك التي هي أصلاً منه ؟ .. { هو مات لأجل الجميع كي يعيش الأحياء فيما بعد لا لأنفسهم بل للذي مات لأجلهم وقام } ( 2كو 5 : 15) .. المسيح مات بدلاً عني فأنا مديون له بعمري .. عمري هو حقه فإن أعطيته إياه فلا يكون هذا فضل مني بل هو حقه .. فإني أقدم لك عمري يارب لعلك تقبله وتقبل حياتي التي فديتها بدمك .. { لأن منه وبهِ وله كل الأشياء } ( رو 11 : 36 ) الله يكمل نقائصنا ويقبل حياتنا ويقدس تكريس نفوسنا وحياتنا له له المجد في كنيسته من الآن وإلى الأبد آمين
مسيح واحد واثنتى عشر رسولا
بِسْم الآب وَالإِبْن وَالرُّوح القُدُس إِله وَاحِد آمِين
فَلْتَحِل عَلِينَا نِعْمِتُه وَبَرَكْتُه مِنْ الآنْ وَكُل أوَان وَإِلَى دَهْر الدُّهُور كُلَّهَا آمِين
مَوْضُوعْنَا اليُوْم بِنِعْمِة رَبِّنَا أشْعُر أنَّهُ مَوْضُوع جَمِيل وَمُفْرِح وَمُهِمْ وَضَرُورِي لَنَا جَمِيعاً وَخُصُوصاً لِلخُدَّام وَهُوَ عَنْ * مَسِيح وَاحِد وَإِثْنَى عَشْرَ رَسُولاً * .. مُعَلِّمْنَا بُولِس الرَّسُول فِي رِسَالْتُه الأُولَى إِلَى أهْل كُورُنْثُوس 12 يَقُول ﴿ أنْوَاع مَوَاهِب مَوْجُودَة وَلكِنَّ الرُّوح وَاحِد .. وَأنْوَاع خَدِمٍ مَوْجُودَة وَلكِنَّ الرَّبَّ وَاحِد ﴾ ( 1كو 12 : 4 – 5 ) .. ثُمَّ يَبْدَأ يَتَكَلَّمْ عَنْ المَوَاهِب المُتَنَوِعَة وَوِحْدِة الجَسَد مُتَخَيِلاً لَوْ كَانَ الجَسَد كُلُّه عِين أوْ كُلُّه يَدْ أوْ كُلُّه رِجْل ... إِلخ .. سَوْفَ نَتَحَدَّث عَنْ " 4 " نِقَاط :0
أوَّلاً : الْمَسِيح الوَاحِد :
============================
مُعَلِّمْنَا بُولِس الرَّسُول يِقُول ﴿ هكَذَا نَحْنُ الكَثِيرِينَ جَسَد وَاحِد فِي الْمَسِيح ﴾ ( رو 12 : 5 ) .. كُلِّنَا وَاحِد فِي الْمَسِيح يَسُوع .. مَسِيح وَاحِد وَنَحْنُ وَاحِد فِيهِ وَهُوَ وَاحِد فِي الآب .. إِذاً نَحْنُ فِي الْمَسِيح فِي الآب وَاحِد .. لِذلِك نَجِد رَبِّنَا يَسُوع الْمَسِيح يَطلُب فِي يُوحَنَّا 17 وَهُوَ عَلَى وَشَك دُخُولُه إِلَى آلاَم الصَّلِيب رَافِعاً قَلْبُه لِلآب فِي حَدِيثُه الوُدَاعِي – وَنَحْنُ يَارَب نَتَمَنَّى أنْ نَسْمَع آخِر كَلِمَاتَك الَّتِي وَجَّهْتَهَا لِلآب قَبْل الصَّلِيب – نَجِدُه يَقُول ﴿ وَأنَا قَدْ أعْطَيْتُهُمْ المَجْد الَّذِي أعْطَيْتَنِي لِيَكُونُوا وَاحِداً كَمَا أنَّنَا نَحْنُ وَاحِد ؛ أيُّهَا الآبُ أُرِيدُ أنَّ هؤُلاَء الَّذِينَ أعْطَيْتَنِي يَكُونُونَ مَعِي ﴾ ( يو 17 : 22 ؛ 24 ) .
فَهُوَ يُرِيدْ أنْ نَكُون نَحْنُ وَاحِد فِيهِ كَمَا هُوَ وَاحِد فِي الآب .. أي نَكُون نَحْنُ فِيهِ فِي الآب وَاحِد .. وَأنْ نَكُون مُكَمَّلِين إِلَى وَاحِد ( يو 17 : 23 ) .. ﴿ هكَذَا نَحْنُ الكَثِيرِينَ جَسَد وَاحِد فِي الْمَسِيح ﴾ .. مِنْ أجْمَل الأشْيَاء الَّتِي تُحَقِّق هذَا الكَاهِن وَهُوَ يُصَلِّي عَلَى المَذْبَح وَأمَامُه جَسَد الرَّبَّ .. فَلَوْ أرَادَ أنْ يَنْظُر إِلَى الشَّعْب وَهُوَ مُعْطِي ظَهْرُه لَهُمْ تَجِدُه يَنْظُر إِلَى الجَسَد – أنْتُم الجَسَد – وَفِي النِّهَايَة أيْنَ يَذْهَب الجَسَد ؟ لَقَدْ أصْبَح فِينَا – فَنَحْنُ كُنَّا فِيهِ وَهُوَ فِينَا – نَحْنُ مَخْفِيِين دَاخِلُه وَهُوَ مَخْفِي دَاخِلْنَا .. نَحْنُ وَهُوَ وَاحِد .. هذِهِ هِيَ الكِنِيسَة .. هذَا هُوَ الْمَسِيحِي .. وَهذِهِ هِيَ حَيَاتْنَا كَخُدَّام أنْ نَكُون كُلِّنَا وَاحِد فِي الْمَسِيح يَسُوع .
قَدْ يَرُد عَلَيَّ شَخْص وَيَقُول * وَلكِنِّنَا لَسْنَا وَاحِد .. نَحْنُ مُخْتَلِفِين .. فَأنَا لِيَّ شَخْصِيَّة وَلِيَّ كَيَان وَلِيَّ فِكْر وَلِيَّ وُجُود وَلِيَّ طَاقَة وَلِيَّ مَوَاهِب مُخْتَلِفَة عَنْ الآخَر * .. أقُول لَك أنَّ كُل هذَا يَذُوب فِي الجَسَد الوَاحِد .. كُل إِنْسَان فِي شَخْصِيِتُه وَفِي عَمَلُه وَفِي وَزْنِتُه وَفِي كَيَانُه يُكَمِّل أخَاه .. ﴿ هكَذَا نَحْنُ الكَثِيرِينَ جَسَد وَاحِد فِي الْمَسِيح ﴾ .. فَأسَاس مَادِّة الجَسَد تَجِدْهَا الدَّقِيق وَهُوَ كَانَ حَبَّات قَمْح وَطُحِنَت .. فَلاَ وُجُود بِذَات حَبَّايِة القَمْح وَلكِنَّهَا مَوْجُودَة وَلاَ تَرَاهَا .. كُل الحَبَات قَدْ طُحِنَت وَعُجِنَت بِالمَاء وَأصْبَحَت كُلَّهَا مُتَحِدَة بِعَمَل الرُّوح وَصَارَت خُبْزَة وَاحِدَة .
هذِهِ هِيَ الحَيَاة فِي الْمَسِيح يَسُوع لِذلِك يَقُول الكِتَاب ﴿ يَنْبَغِي أنَّهُ كَمَا سَلَكَ ذَاكَ هكَذَا يَسْلُكُ هُوَ أيْضاً ﴾ ( 1يو 2 : 6 ) .. فَانْظُر كَيْفَ سَلَكَ الْمَسِيح وَاتْبَعُه .. وَمُعَلِّمْنَا بُطْرُس الرَّسُول يَقُول ﴿ تَارِكاً لَنَا مِثَالاً لِكَيْ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِهِ ﴾ ( 1بط 2 : 21 ) .. فَهُوَ مِثَال نَتْبَعُه فِي كُل أُمور حَيَاتُه .
لِذلِك شَرْط أسَاسِي لِلإِنْسَان لِكَيْ يُؤمِنْ حَيَاتُه وَخِدْمِتُه أنْ يَكُون وَاحِد فِي الْمَسِيح – فَقَطْ – .. فَطَالَمَا أنَّ لَكَ عِشْرَة فِي الْمَسِيح وَعَيْنَيْكَ عَلِيه إِطْمَئِنْ .. وَطَالَمَا أنَّكَ تِرَاجِع فِكْرَك عَلَى فِكْر الْمَسِيح وَفِكْرَك هُوَ فِكْر الْمَسِيح كَمَا يَقُول مُعَلِّمْنَا بُولِس الرَّسُول ﴿ أمَّا نَحْنُ فَلَنَا فِكْرُ الْمَسِيح ﴾ ( 1كو 2 : 16) .. فَكُلِّنَا سَنَخْدِم بِفِكْر وَاحِد .
بُولِس الرَّسُول فِي غَلاَطْيَة عِنْدَمَا شَكَّكُوا فِي رَسُولِيَتُه .. وَطَالَمَا شَكَّكُوا فِي رَسُولِيَتُه أي شَكَّكُوا فِي تَعَالِيمُه وَمِصْدَقِيَتُه قَالَ ﴿ وَلكِنْ إِنْ بَشَّرْنَاكُمْ نَحْنُ أوْ مَلاَك مِنَ السَّمَاءِ بِغَيْرِ مَا بَشَّرْنَاكُمْ فَلْيَكُنْ أنَاثِيمَا ﴾ ( غل 1 : 8 ) .. * أنَاثِيمَا .. أي مَحْرُوم * .. بِمَعْنَى أنَّهُ مَا بَشَّرْتُكُمْ بِهِ هُوَ بِحَسَبْ الإِنْجِيل وَبِحَسَبْ الْمَسِيح .. وَمَنْ يُبَشِرَكُمْ بِغَيْر مَا بَشَّرْتُكُمْ بِهِ فَلْيَكُنْ مَحْرُوماً .. وَاثِقاً أنَّ مَا يَقُولُه هُوَ مِنْ الْمَسِيح وَلَيْسَ مِنْ فِكْرُه الشَّخْصِي .. صَحِيح أنَّهُ يُوْجَد رُسُل كَثِيرِين وَخُدَّام كَثِيرِين وَلكِنْ لاَبُدْ مِنْ الفِكْر الوَاحِد وَالقَلْب الوَاحِد وَالتَّعْلِيم الوَاحِد .. جَيِّد جِدّاً أنْ يَكُون بَيْنَنَا تَمَايُز لكِنْ لاَبُدْ مِنْ الوِحْدَة .. وَجَمِيل جِدّاً أنْ يَكُون لَكَ مَوْهِبَة مُخْتَلِفَة عَنْ أخِيك وَهذَا شِئ نَافِع وَلكِنْ أيْضاً يَكُون هُنَاك إِتِفَاق .
تَخَيَّل مَثَلاً آلَة مُوسِيقِيَّة ( عُود ) وَهذِهِ الآلَة تَعْمَل نَغَمَة وَاحِدَة * دُو .. دُو .. دُو * .. كَيْفَ تُكَوِّن لَحْن ؟ وَلكِنْ كَذَا نَغَمَة مَعَ بَعْض تُكَوِّن تَنَاغُمْ وَانْسِجَام Harmony .. * دُو .. رِي .. مِي * تِعْمِل إِتِفَاق .. فَالمُسْتَمِع لَيْسَ مَشْغُولاً بِـ " دُو " وَحْدَهَا وَلكِنْ بِالنَغَمَة كَكُل .. هكَذَا نَحْنُ أيْضاً إِنْتَ وَاحِد فِي وَسَطْ مَجْمُوعَة لِكَيْ تَعْمَل فِي إِتِفَاق مَعَ إِخْوَتَك – فِي تَكَامُل – .. وَأجْمَل شِئ أنْ يَكُون هذَا العَمَل فِي الخَفَاء .. فَلاَ تُحَاوِل أنْ تَفْرِض نَغَمَتَك – تُظْهِر عَمَلَك – فَأنْتَ تَتَوَظَفْ حَسَبْ النَّغَمَة المَطْلُوبَة وَحَسَبْ الإِحْتِيَاج .
سُؤال هَام فِي تَعْلِيمْنَا لِلاَّهُوت .. أي العِبَارَتَيْن صَحِيح وَأيُّهُمَا خَطَأ :0
1/ الآب هُوَ الإِبْن هُوَ الرُّوح القُدُس ؟ 2/ الآب غِير الإِبْن غِير الرُّوح القُدُس ؟
العِبَارَة الأُولَى خَطَأ وَالعِبَارَة الثَّانِيَة صَحِيحَة .. فَالعِبَارَة الأُولَى لَيْسَت فَقَطْ خَطَأ وَإِنَّمَا بِدْعَة لأِنَّ الَّذِي صُلِبْ هُوَ الإِبْن وَالَّذِي أُرْسِل يُوم الخَمْسِين هُوَ الرُّوح القُدُس .. صَحِيح أنَّ الثَّلاَثَة هُمْ وَاحِد وَلكِنْ الثَّلاَثَة مُتَمَايِزِين وَيَعْمَلُوا فِي إِتِفَاق وَفِي وِحْدَة وَفِي إِنْسِجَام .. فَفِي صَلاَة بَاكِر نَقُول لِلعَذْرَاء ﴿ الآب إِخْتَارِك .. وَالرُّوح القُدُس ظَلَّلِك .. وَالإِبْن تَنَازَل وَتَجَسَد مِنِّك ﴾ .. وَلاَ أسْتَطِيع أنْ أُغَيِّر أيٍ مِنْ الأقَانِيم الثَّلاَثَة .. فَمَثَلاً إِنْ قُلْت * أنَّ الإِبْن ظَلَّلِك .. وَالآب تَجَسَد مِنِّك * تُصْبِح الجُمْلَة خَاطِئَة وَذلِك لأِنَّهُ يُوْجَد عَمَل لِكُل أُقْنُوم .
وَلكِنْ لأِنَّنَا فِي مُجْتَمَع يُحَارِب الوِحْدَة وَيَقُول إِنَّنَا نَعْبُد ثَلاَثَة آلِهَة .. لِذلِك نَحْنُ نَخْشَى فِي التَّكَلُّمْ عَنْ هذَا الأمر تَمَاماً خَوْفاً مِنْ إِمْتِزَاج الأُمور عِنْدَ النَّاس .. وَلكِنْ أقُول أنَّ هذَا خَطَأ .. فَكَمَا أنَّكَ لَدَيْكَ إِيمَان فِي تَكْوِين الشَّمْس بِأنَّ الضُوء لَيْسَ هُوَ الحَرَارَة وَلكِنْ الشَّمْس تُعْطِيك الضُوء مَمْزُوج بِالحَرَارَة وَلاَ نَسْتَطِيع فَصْلَهُمَا عَنْ بَعْض .. وَلكِنْ الحَرَارَة لَهَا خَوَاص وَالضُوء لَهُ خَوَاص .. هكَذَا أيْضاً الآب وَالإِبْن وَالرُّوح القُدُس فَهُمْ فِي إِتِفَاق وَإِنْ كَانُوا مُتَمَايِزِين كَأقَانِيم ثَلاَثَة .. أُرِيدْ أنْ أصِل مَعَك إِلَى حَقِيقَة هَامَة جِدّاً وَهيَ أنَّهُ لاَبُدْ أنْ نَكُون مُتَمَايِزِين – وَهذَا مِنْ جَمَال الحَيَاة – .. فَلَوْ كُنَّا جَمِيعاً نُسْخَة وَاحِدَة مِنْ بَعْضِنَا البَعْض نُصْبِح شِئ رَتِيب مُمِلْ .. وَلكِنْ كُل وَاحِد لَهُ صُوْت .. لَهُ مَلاَمِح .. لَهُ شَخْصِيَّة Character .
لِذلِك يَقُول الكِتَاب ﴿ جِدُّوا لِلمَوَاهِب الحُسْنَى .. وَأيْضاً أُرِيكُمْ طَرِيقاً أفْضَل ﴾ ( 1كو 12 : 31 ) .. وَأيْضاً ﴿ فَأنْوَاعُ مَوَاهِب مَوْجُودَة وَلكِنَّ الرُّوحَ وَاحِد ﴾ ( 1كو 12 : 4 ) .. مَا أجْمَل أنْ تَدْرِس شَخْصِيَات الرُّسُل .. مَثَلاً فَتَرَى بُولِس .. بُطْرُس .. يُوحَنَّا .. يَعْقُوب .. أنْدَرَاوُس .. فِيلُبُّس سَوْفَ تَرَى فِي كُلٍّ مِنْهُمْ شَخْصِيَّة مُخْتَلِفَة – وَأنَا أعْنِي هذِهِ الكَلِمَة * مُخْتَلِفَة * – عَنْ الأُخْرَى .. فَجَمِيعَهُمْ مُخْتَلِفِين فِي شَخْصِيَتْهُمْ وَلكِنْ يَعْمَلُون فِي إِتِفَاق .
إِذَا دَرَسْتُم شَخْصِيَات الرُّسُل تَجِد مَثَلاً بُولِس رَجُل غَيُور .. نَارِي .. جَبَّار .. فَيْلَسُوف .. وَبُطْرُس لَهُ رِسَالَة أُخْرَى إِخْتَارُه الرَّبَّ لَهَا .. فَتَجِد الرَّب يَخْتَار الأُمُمْ لِبُولِس لِكَيْ يُبَشِّرَهُمْ وَاليَهُود لِبُطْرُس .. فَكُل وَاحِد وَظَّفْ طَاقْتُه فِي خِدْمِة الْمَسِيح .. فَإِنْ عَمَل بُولِس وَيُوحَنَّا مُقَارَنَة مَعَ بَعْضَهُمَا تَجِد بُولِس يَقُول لِيُوحَنَّا * مَا هذَا الهُدُوء المُتَزَايِد ؟ * .. وَتَجِد يُوحَنَّا يَقُول لِبُولِس * مَا هذِهِ الشَّخْصِيَّة النَّارِيَّة الحَادَّة ؟ * .. وَلكِنْ يُوحَنَّا مَطْلُوب وَبُولِس مَطْلُوب وَرَبِّنَا يُقَدِّس هذَا وَيَسْتَخْدِم هذَا .. وَأيْضاً يُقَدِّس ذَاك وَيَسْتَخْدِم ذَاكَ .. هكَذَا نَحْنُ الكَثِيرِين جَسَد وَاحِد .. كُل وَاحِد لَهُ عَمَل وَيُكَمِّل الآخَر لِكَيْ نُصْبِح فِي النِّهَايَة كَامِلِين لِلبُنْيَان .
هُنَاك لَحْن فِي الكِنِيسَة يَقُول ﴿ هؤُلاَء الَّذِينَ ألَّفَهُمْ الرُّوح القُدُس مِثْلَ قِيثَارَة Nai `etaf\otpou eucop > `nje Pip/n/a/ e/q/u/ > `m`vrh; `noukuqara > ﴾ ( ذُكْصُولُوجِيَّة بَاكِر آدَام ) .. أي فِي إِتِفَاق نَغَمَات .. مَثَلاً شَخْصِيَّة مِثْل فِيلُبُّس تَجِدُه مُنْدَفِعاً بَسِيطاً جِدّاً .. فِي مُعْجِزِة إِشْبَاع الجُمُوع عِنْدَمَا قَالَ الرَّبَّ يَسُوع أُعْطُوهُمْ أنْتُمْ لِيَأكُلُوا ( مر 6 : 37 ) .. تَجِدُه يَقُول مُسْتَنْكِراً ﴿ لاَ يَكْفِيهِمْ خُبْز بِمِئَتَيْ دِينَارٍ لِيَأخُذ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ شَيْئاً يَسِيراً ﴾ ( يو 6 : 7 ) .. وَمَرَّة أُخْرَى يُكَلِّمَهُمْ الْمَسِيح عَنْ الآب تَجِدُه يَقُول ﴿ أرِنَا الآب وَكَفَانَا ﴾ ( يو 14 : 8 ) .. فَيَرُد عَلِيه الرَّب ﴿ أنَا مَعَكُمْ زَمَاناً هذِهِ مُدَّتُهُ وَلَمْ تَعْرِفْنِي يَا فِيلُبُّس ﴾ ( يو 14 : 9 ) .. هذِهِ هِيَ شَخْصِيِتُه وَلكِنْ الرَّب يَخْتَارُه وَيُقَدِّسُه وَيَسْتَخْدِمُه .. فَالرَّب لاَ يَطْرُد أحَد وَلاَ يَقُول أبَداً أنَّ هذَا غِير نَافِع لأِنَّهُ لاَ يُوْجَد إِنْسَان غِير نَافِع فِي أي شِئ .
أجْمَل شِئ أنْ نَعْمَل مَعاً وَنُكَمِّل نَقَائِص جَسَد الْمَسِيح .. كُل وَاحِد فِي رُتْبِتُه وَفِي عَمَلُه .. لاَ يَهِمْ مَا هُوَ عَمَلَك وَمَا هِيَ رُتْبِتَك وَلكِنْ المُهِمْ فِيمَا أنْتَ أمِين .. سِمْعَان الخَرَّاز الرَّجُل البَسِيط هَام جِدّاً فِي الكِنِيسَة .. وَكَذلِك الأُسْقُف وَالبَطْرَك وَالشَّمَاس وَالفَرَّاش .. الكُل مُهِمْ وَكُلُّنَا نَعْمَل فِي إِتِفَاق .. لِذلِك نَقُول عَنْ الثَّالُوث أنَّ كُل شِئ يَعْمَلَهُ الآب بِالإِبْن فِي الرُّوح .
س : فَمَنْ صَنَعَ الخَلِيقَة ؟
ج : الله الآب بِالإِبْن – هذِهِ هِيَ أدَق إِجَابَة – .. عِنْدَمَا قَالَ الله ( الآب ) لِيَكُنْ نُور ( تك 1 : 3 ) .. مَنْ عَمَل النُّور ؟ الإِبْن .. فَالآب يَأمُر وَالإِبْن يُنَفِذ .. يُوْجَد إِتِفَاق .. الإِنْسَان يَجِب أنْ يَعْرِف أنَّ مَسِيحْنَا مَسِيح وَاحِد .. وَرَب المَجْد قَالَ هكَذَا ﴿ كَمَا أرْسَلَنِي الآبُ أُرْسِلُكُمْ أنَا ﴾ ( يو 20 : 21 ) .. وَقَالَ ﴿ أنْ أفْعَل مَشِيئَتَكَ يَا إِلهِي سُرِرْتُ ﴾ ( مز 40 : 8 ) .
س : فَلِمَاذَا سَمَحَ الله لَنَا بِالتَمَايُز .. كُل وَاحِد وَلَهُ طَاقَة .. وَلَهُ مَوْهِبَة مُخْتَلِفَة عَنْ الآخَر ؟
ج : لأِنَّ الله يُرِيدْ أنْ يُثْرِي وَيُغْنِي الكِنِيسَة .. يَجِبْ ألاَّ يَكُون فِيهَا ضَعْف أوْ قُصُور أوْ عَجْز بَلْ تَنَوُّع وَتَعَدُّد .. يُرِيدْ أنْ يَسْتَخْدِم مَوْهِبِة كُل إِنْسَان فِي خِدْمِة بُنْيَان النُّفُوس .. القَارِئ وَالعَازِف وَالوَاعِظ وَالمُرَنِمْ .. شَخْصِيَّة مِثْل دَاوُد النَّبِي لَهُ مَلَكَات بَسِيطَة جِدّاً وَلكِنْ يَسْتَخْدِمْهَا الله مِنْ أجْل خَلاَص شَعْبُه كُلُّه .
مِنْ مَوَاهِب دَاوُد البَسِيطَة العَزْف .. التَّرْنِيم .. الشَكْل المُرِيح .. الغِيرَة .. الشَّجَاعَة .. التَّصْوِيب بِالمِقْلاَع .. تَخَيَّل مِنْ هذِهِ المَوَاهِب البَسِيطَة الله يُعِدُّه مَلِكاً عَلَى إِسْرَائِيل وَيَجْعَلُه يَتَدَرَّب عَلَى المَمْلَكَة دَاخِل قَصْر شَاوُل .. فَهذِهِ مِنْ تَدَابِير الله .. وَأيْضاً يُعِد مُوسَى النَّبِي لِقِيَادِة الشَّعْب وَذلِك دَاخِل قَصْر فِرْعُون .. لِذلِك يَسْتَخْدِم الله مَوَاهِبِي وَظُرُوفِي وَإِمْكَانِيَاتِي مِنْ أجْل عَمَل أعْظَم .
ثَانِياً : كِنِيسَة وَاحِدَة :
========================
الكِنِيسَة هِيَ جَمَاعِة المُؤمِنِين .. تَعْرِيف الكِنيسَة هِيَ جَسَد الْمَسِيح .. إِذاً نَحْنُ لَحْم مِنْ لَحْمُه وَعَظْم مِنْ عِظَامُه .. الكِنِيسَة تُشَبَّه بِالكَرْمَة .. جِمِّيزَة .. تِينَة لأِنَّهَا تَتَكَوَّن مِنْ غُلاَف بِهِ حَبَّات مَمْزُوجَة بِمَادَّة لَزِجَة .. نَحْنُ الحَبَّات المَحْفُوظُون فِي الكِنِيسَة المُتَحِدِين بِرَبَاط الصُلْح الكَامِل .. وَحَيَاتْنَا كُلَّهَا مَعَ بَعْض تُعْطِي ثَمَرَة وَاحِدَة وَكُلُّنَا نَتَلاَشَى فِي الْمَسِيح يَسُوع بِكُل مَوَاهِبْنَا وَقُدْرَاتْنَا وَطَاقِتْنَا .. لِذلِك نَقُول ﴿ وِحْدَانِيَّة القَلْب الَّتِي لِلمَحَبَّة فَلْتَتَأصَّل فِينَا ﴾ .. * وِحْدَانِيِة القَلْب أي Single Heart * .. وَفِي رِسَالِة أفَسُس ﴿ مُسْرِعِين إِلَى حِفْظ وِحْدَانِيِة الرُّوح بِرَبَاط الصُّلْح الكَامِل ﴾ ( أف 4 : 3 ) .. لِيَكُنْ لَك إِيمَان أنَّكَ أنْتَ وَإِخْوَتَك تُمَثِّلُوا الكِنِيسَة الوَاحِدَة .
نَقُول عَنْ الكِنِيسَة فِي عَصْر الرُّسُل ﴿ وَكَانَ لِجُمْهُور الَّذِينَ آمَنُوا قَلْب وَاحِد وَنَفْس وَاحِدَة ﴾ ( أع 4 : 32 ) .. لِذلِك أنْتَ عِنْدَمَا تَعْبُد الله بِرُوح وَاحِدَة تَسْتَمِيل قَلْب الله وَتَسْتَدِر عَطْفُه وَمَرَاحِمُه .. عِنْدَمَا نَقُول جَمِيعْنَا * إِرْحَمْنَا أوْ كِيرْيَالَيْسُون * تِهِز السَّمَاء وَتَنْقِل الجِبَال .. وَإِذَا سَافِرْت إِلَى أي بَلَد أُخْرَى تَجِد ألْحَان وَاحِدَة وَقِرَاءَات وَاحِدَة وَأصْوَام وَاحِدَة وَنَغَمَات وَاحِدَة وَإِتِجَاه وَاحِد .. وَإِنْ أرَادْنَا رُؤيِة مَنْظَر ( بَانُورَامَا ) لِبَنِي إِسْرَائِيل فِي البَرِّيَّة تَجِد خِيمِة الإِجْتِمَاع فِي الوَسَطْ وَحَوْلَهَا سِبْط لاَوِي حَوْلَهُمْ ألـ 12 سِبْط ( 3 أمَام .. 3 خَلْف .. 3 يِمِين .. 3 يَسَار ) مُتَجِهِين كُلُّهُمْ نَحْو كَنْعَان .. هكَذَا هِيَ الكِنِيسَة جَمَاعَة إِتَفَقَتْ فِي الهَدَف .. كُلِّنَا مِنْتَظِرِين المَلَكُوت .. لَنَا ضَوَابِط وَوَصَايَا وَاحِدَة .. لَنَا إِشْتِيَاقَات وَاحِدَة .. لَنَا قَائِد وَاحِد .. مَسِيح وَاحِد .. ﴿ شُكْراً لله الَّذِي يَقُودُنَا فِي مَوْكِب نُصْرَتِهِ ﴾ ( 2كو 2 : 14) .
وَفِي سِفْر نَشِيد الأنْشَاد ﴿ وَاحِدَة هِيَ حَمَامَتِي كَامِلَتِي ﴾ .. ﴿ الوَحِيدَة لأُِمِّهَا هِيَ عَقِيلَةُ وَالِدَتِهَا هِيَ ﴾ ( نش 6 : 9 ) .. هذَا كُلُّه فِي وَصْف الكِنِيسَة .. جَمِيل أنْ نَكُون مُتَحِدِين فِي الرَّأس فَالكِنِيسَة الوَاحِدَة هِيَ قَصْد رَبِّنَا .. ﴿ تَكُونُ رَعِيَّة وَاحِدَة وَرَاعٍ وَاحِد ﴾ ( يو 10 : 16) .. فِي سِفْر المُلُوك تَجِد أخِيَّا الشِّيلُونِي يُقَابِل يَرْبَعَام إِبْن سُلَيْمَان فَيَجِدُه لاَبِس ثُوب جَدِيد فَيُمَزِّقُه إِلَى 12 قِطْعَة وَيَقُول لَهُ هكَذَا رَبِّنَا سَوْفَ يُقَطِّع هذِهِ المَمْلَكَة ( 1مل 11 : 29 – 31 ) .. وَهكَذَا حَزَن رَبِّنَا عَلَى الإِنْقِسَام .
ثَالِثاً : خُطُورِة الإِنْقِسَام :
===============================
يَقُول مُعَلِّمْنَا بُولِس الرَّسُول إِلَى أهْل كُورُنْثُوس ﴿ أنْ تَقُولُوا جَمِيعُكُمْ قَوْلاً وَاحِداً وَلاَ يَكُونَ بَيْنَكُمْ إِنْشِقَاقَات بَلْ كُونُوا كَامِلِينَ فِي فِكْرٍ وَاحِدٍ وَرَأيٍ وَاحِدٍ ﴾ ( 1كو 1 : 10) .. أصْعَب شِئ أنْ تَكُون الكِنِيسَة مُنْقَسِمَة كُل وَاحِد بِفِكْر وَكُل وَاحِد بِرَأي وَبِهَدَف .. وَمَا يُسَاعِد عَلَى الإِنْقِسَام الذَّات .. الغِيرَة .. حُبْ الظُهُور .. الإِبْتِعَاد عَنْ الْمَسِيح وَعَنْ عِشْرِتُه .. كُل هذَا يَجْعَل الإِنْسَان مُحِبَاً لِمَجْدُه الشَّخْصِي .. عَلَيْكَ ألاَّ تَنْسَى رُؤيِة القِدِيس أثَنَاسْيُوس حِينَمَا رَأى الْمَسِيح وَثِيَابُه مُمَزَقَة وَوَجَدَهُ حَزِيناً جِدّاً .. فَبَكَى أثَنَاسْيُوس وَقَالَ لَهُ مَنْ مَزَّق ثِيَابَك يَا سَيِّدِي ؟ فَرَد عَلِيه * أرْيُوس * .
الإِنْقِسَام خَطِير وَالوِحْدَة رَائِعَة .. لاَحِظْ قَوْل الإِنْجِيل عَنْ المُؤمِنِين * ثُوْب مَنْسُوج غِير مِخَيَط * ( يو 19 : 23 ) .. One unit .. وَحْدَة وَاحِدَة .. لأِنَّ الإِنْقِسَام يُبْعِد رُوح الله وَيُحْزِن قَلْبُه .. كُلٍّ مِنْ بُولِس وَأبُلُّوس ذَهَبَا إِلَى كُورُنْثُوس لِخِدْمِة أهْلَهَا .. بَعْضُهُمْ إِنْحَاز لِبُولِس وَالبَعْض لأِبُلُّوس .. فَرَد عَلِيهُمْ مُعَلِّمْنَا بُولِس قَائِلاً ﴿ مَنْ هُوَ بُولُس وَمَنْ هُوَ أبُلُّوس .. بَلْ خَادِمَانِ آمَنْتُمْ بِوَاسِطَتِهِمَا ؛ لَيْسَ الغَارِسُ شَيْئاً وَلاَ السَّاقِي بَل اللهُ الَّذِي يُنَمِي ؛ أنَا غَرَسْتُ وَأبُلُّوس سَقَى ﴾ ( 1كو 3 : 5 ؛ 7 ؛ 6 ) .. كُل وَاحِد عَمَلَ عَمَلْ وَكُلٍّ مِنْهُمَا كَمَّل الآخَر .
قَدْ تَجِد فِي الكِنِيسَة مَجْمُوعَات أوْ إِتِجَاهَات أوْ أفْكَار أوْ آبَاء كَهَنَة مُخْتَلِفِين .. كُنْ أنْتَ إِنْسَان سَاعِي لِلوِحْدَة وَلِلحُبْ وَلِرَبَاط الصُّلْح الكَامِل وَلِلبُنْيَان .. بِمَا سَنَسْتَفِيد عِنْدَمَا يَقُول فَرِيق أنَّهُ تَابِع لِهذَا وَفَرِيق أنَّهُ تَابِع لآخَر ؟!! هَلْ إِنْقَسَمَ الْمَسِيح ؟ بُولِس الرَّسُول يَسْتَنْكِر هذَا الإِنْقِسَام مُعَاتِباً بِقَوْلُه ﴿ ألَعَلَّ بُولُس صُلِبَ لأِجْلِكُمْ ﴾ ( 1كو 1 : 13) .. أي هَلْ بُولِس هُوَ الَّذِي صُلِبَ لأِجْلُكُمْ ؟ لِتَجْعَل عِينَك عَلَى الْمَسِيح .. فَأنْتَ سَوْفَ تَخْدِم لأِوْلاَدَك فَعَلِّمْهُمْ كَيْفَ يِحَافْظُوا عَلَى أنْظَارِهِمْ ثَابِتَة فِي الْمَسِيح .. هذَا هُوَ عَمَلَك .. عَلَيْنَا أنْ نَقْتَاد وَرَاء الرَّب يَسُوع وَنَكُون رَعِيَّة وَاحِدَة لِرَاعٍ وَاحِد .. هذَا هُوَ الهَدَف .
وَقَالَ مُعَلِّمْنَا بُولِس ﴿ إِنْ كَانَ لِي كُلُّ الإِيمَانِ حَتَّى أنْقُلَ الجِبَالَ وَلكِنْ لَيْسَ لِي مَحَبَّة فَلَسْتُ شَيْئاً ﴾ ( 1كو 13 : 2 ) .. فَإِذَا أدْخَلْنَا الذَّات .. عَدَم المَحَبَّة .. غِيَاب حُضُور الله سَوْفَ نَضِل جَمِيعْنَا وَالمَجْد الذَّاتِي يَظْهَر .. وَرَب المَجْد قَالَ ﴿ كُلُّ مَمْلَكَةٍ مُنْقَسِمَةٍ عَلَى ذَاتِهَا تُخْرَبُ ﴾ ( مت 12 : 25 ) .. مَا أجْمَل أنْ نَعْمَل فِي إِتِفَاق وَفِي وِحْدَة حَتَّى وَإِنْ كُنَّا مُتَمَايِزِين .. وَمَا أجْمَل أنَّ كُلٍّ مِنَّا يَسْتَفِيد بِخِبْرِة الآخَر .. وَمَا أجْمَل أنْ أشْعُر أنَّنِي وَإِنْ كُنْت مُخْتَلِف عَنْ أخِي إِلاَّ إِنِّي أُكَمِّلُه .. وَمَا أجْمَل أنْ أشْعُر أنَّ لِيَّ دُور بَسِيطْ وَأخِي لَهُ دُور بَسِيطْ وَكُلِّنَا فِي النِّهَايَة نُمَثِّل عَمَل الله مِنْ خِلاَلْنَا .. فَالله هُوَ العَامِل فِينَا ( في 2 : 13) .
الإِنْقِسَام يُفَرِّح الشَّيْطَان جِدّاً وَهُوَ الَّذِي يَزْرَع الإِنْقِسَام بِدَاخِلْنَا .. فَهذَا هُوَ عَمَلُه لأِنَّهُ هُوَ أصْلاً مُنْقَسِم وَمُنْشَق وَمَطْرُود .. فَعَمَلُه أنْ يُقَسِّم وَيَشُق وَيَطْرُد .. تَخَيَّل أنَّ مُعَلِّمْنَا بُولِس الرَّسُول بِكُل تَقْوَاه وَعَمَلُه وَحُبُّه وَمَعْرِفَتُه قَالَ ﴿ وَإِنَّمَا صَعِدْتُ بِمُوجَبِ إِعْلاَنٍ وَعَرَضْتُ عَلَيْهِمْ الإِنْجِيلَ الَّذِي أكْرِزُ بِهِ بَيْنَ الأُمَمِ وَلكِنْ بِالإِنْفِرَادِ عَلَى المُعْتَبَرِينَ لِئَلاَّ أكُونَ أسْعَى أوْ قَدْ سَعَيْتُ بَاطِلاً ﴾ ( غل 2 : 2 ) .. * إِنْجِيلِي * أي * كِرَازْتِي .. طَرِيقَة خِدْمِتِي .. مَنْهَج كَرَازْتِي * .. * المُعْتَبِرِينَ أعْمِدَة * أي * الرُّسُل الَّذِينَ قَبْلُه * .. فَهُوَ يُرِيدْ أنْ يَخْدِم بِاتِفَاق مَعَ إِخْوَتُه وَذلِك لأِنَّ هَدَف بُولِس الرَّسُول أنْ يَتَمَجَد الْمَسِيح وَلَيْسَ أنْ يُمَجِّد ذَاتُه .. فَلاَ تَنْسَى أنَّ الهَدَف مِنْ خِدْمِتَك هُوَ ﴿ يَتَمَجَد وَيَتَبَارَك وَيَرْتَفِع إِسْمَك العَظِيم القُدُّوس فِي كُل شَيْءٍ كَرِيم وَمُبَارَك ﴾ ( جُزْء " إِهْدِنَا إِلَى مَلَكُوتَك " فِي القُدَّاس البَاسِيلِي ) .. فَنَحْنُ نُعَظِّمُه هُوَ لأِنَّهُ هُوَ الَّذِي صُلِبَ وَمَاتَ لأِجْلِنَا .
رَابِعاً : الطَّرِيق إِلَى الوِحْدَة :
====================================
أ/ الإِتِحَاد بِالرَّأس :
========================
أي بِالْمَسِيح وَبِفِكْرُه .. هذَا الَّذِي كَانَ يَجُول يَصْنَع خَيْراً ( أع 10 : 38 ) .. مُحِباً لِلعَشَّارِين وَالخُطَاة ( لو 7 : 34 ) .. الَّذِي قَالَ أنَّ إِبْن الإِنْسَان لَمْ يَأتِي لِيُدِين العَالَمْ بَلْ لِيُخَلِّص العَالَمْ ( يو 3 : 17) .. إِحْمِل فِكْرُه لِتُصْبِح وَاحِد فِيه وَبِالتَّالِي وَاحِد فِي إِخْوَتَك لأِنَّ إِخْوَتَك هُمْ وَاحِد فِيهِ .. إِتَحِد بِالْمَسِيح .. مُعَلِّمْنَا بُولِس الرَّسُول يَقُول ﴿ الَّذِي فِيهِ كُلُّ البِنَاءِ مُرَكَّباً مَعاً يَنْمُو هَيْكَلاً مُقَدَّساً فِي الرَّبِّ ﴾ ( أف 2 : 21 ) .. فَلاَ تَضَعْ أسَاس غَيْر الّذِي وُضِعْ بَلْ سِر وَرَائُه وَابْنِي عَلِيه .. هذَا أوِّل شِئ يِضْمَن الوِحْدَة .. طَالَمَا أنَّكَ مُتَحِد بِالرَّأس فَقَدْ نِلْت جَوْهَر الوِحْدَة لأِنَّ جَوْهَر الوِحْدَة هُوَ الإِتِحَاد بِالرَّأس .
ب/ الحُبْ الكَامِل :
=======================
الحُبْ الَّذِي يَحْتَمِل وَالَّذِي يَغْفِر .. الحُبْ المُتَسِع .. قَالُوا القِدِّيسُون ﴿ إِنَّ المَحَبَّة تَجْعَل قَلْب الإِنْسَان مُتَسِع أكْثَر مِنْ السَّمَاء ﴾ .. عِبَارَة جَمِيلَة قَالَهَا يُوحَنَّا المَعْمَدَان عِنْدَمَا جَاءُوا تَلاَمِيذُه قَائِلِينْ لَهُ أنَّ الْمَسِيح الَّذِي عُمِّدَ عَلَى يَدَيْكَ هُوَ يُعَمِّد هُوَ وَتَلاَمِيذُه .. فَرَد عَلِيهُمْ قَائِلاً ﴿ يَنْبَغِي أنَّ ذلِكَ يَزِيدُ وَأنِّي أنَا أنْقُصُ ﴾ ( يو 3 : 30 ) .. فَلْتَجْعَل لَدَيْكَ هذَا الفِكْر .. وَلكِنْ تَخَيَّل مَاذَا كَانَ سَيَحْدُث لَوْ أنَّ يُوحَنَّا عَمَل لَهُ مَدْرَسَة وَالْمَسِيح مَدْرَسَة .. وَيُوحَنَّا لَهُ تَلاَمِيذ وَفِكْر وَكِرَازَة وَالْمَسِيح لَهُ تَلاَمِيذ وَفِكْر وَكِرَازَة مُخْتَلِفَة ؟ كَانَ سَيَحْدُث إِنْقِسَام .
إِقْبَل غِيرَك وَاتَضِع وَاحْتَمِل ضَعَفَات غِيرَك وَلاَ تَنْظُر إِلَى ذَاتَك .. إِقْبَل هذَا وَاحْتَمِل ذَاكَ .. هذَا هُوَ الخَادِم الوَاعِي الَّذِي يَعْرِف كَيْفَ يِجَمَّع .....
يُوْجَد خَادِم تُعْطِيه مَجْمُوعَة فَيُوَحِدْهَا وَآخَر تُعْطِيه مَجْمُوعَة فَيُفَرِّقْهَا
يَجْمَع الحِمْلاَن إِلَى حُضْنُه يُفَرِّق الحِمْلاَن مِنْ حُضْنُه
يَسْتَرِد المَطْرُود وَيُجَبِّر الكَسِير وَيَعْصِب الجَرِيح وَيَطْلُب الضَّال يَطْرُد المَوْجُود وَيَكْسَر المَجْبُور وَيَجْرَح المَعْصُوب
ج/ أسَاسِي الرُّسُل وَالأنْبِيَاء :
===============================
فَلاَ تَحِيد عَنْ طَرِيق آبَائَك .. فَلِكَيْ تُوَحِد أُسْلُك نَفْس المَنْهَج لاَ تَخْتَرِع طَرِيقَة جَدِيدَة أوْ يَكُون لَك مَنْهَج خَاص .. لاَ تَقُل * أنَّ هذَا القُدَّاس مُمِلْ نُرِيدْ أنْ نُجَدِّدُه * .. أقُول لَك لاَ يَصِح .. إِتَفِق مَعَ الوِحْدَة .. حَافِظْ عَلَى تُرَاث آبَائَك وَكِنِيسْتَك .. أوْ تَقُول * مَا مَعْنَى أنْ نُقَبِّل يَدْ أبُونَا .. ألَيْسَ هُوَ بَشَر مِثْلَنَا ؟ * .. لاَ .. بَلْ إِتَّبِع قَانُون وَإِيمَان كِنِيسْتَك .. وَإِنْ كَانَ لَكَ حُبْ التَطْوِير فَقَدْ تُطَوِر فِي إِجْتِمَاع .. فِي نَدْوَة .. إِعْزِف .. رَنِّمْ .. مِجَلَّة صَوْتِيَّة .. نَشَاط ثَقَافِي وَإِنْتَ فِي نَفْس الوَقْت حَامِل لِتُرَاث آبَائَك .. فَلاَ تَسْلُك حَسَبْ فِكْرَك الخَاص لأِنَّ هذَا خَطَأ وَخَطَر .. فَأنَا لِيَّ طَرِيق لاَ أحِيد عَنُّه وَأرَاجِع فِكْرِي بِاسْتِمْرَار .
حَتَّى آبَاء كِنِيسِتْنَا .. كِنِيسِة العَهْد الجَدِيد – فِي أي عَصْر – تُقَاد بِأبِينَا البَطْرَك فَهُوَ يَقُود الكِنِيسَة بِاتِخَاذ قَرَارَات عَنْ طَرِيق المَجْمَع الَّذِي يَتَكَوَنْ مِنْ عَدَد مِنْ الآبَاء الأسَاقِفَة .. فَلَيْسَ البَطْرَك وَحْدُه لأِنَّ الفَرْدِيَّة خَطِيرَة جِدّاً .. فَلاَبُدْ أنْ أصُون فِكْرِي بِإِخْوَتِي لأِنَّ إِخْوَتِي هُمْ وَسِيلِة حِفْظ لِيَّ وَسَنَد لِيَّ .. فَمَثَلاً عِنْدَ ظُهُور مُشْكِلِة التَهَوُد فِي الكِنِيسَة الأُولَى فَكَانَ الرَد ﴿ قَدْ رَأى الرُّوحُ القُدُسُ وَنَحْنُ أنْ لاَ نَضَعَ عَلَيْكُمْ ثِقَلاً أكْثَرَ غَيْرَ هذِهِ الأشْيَاءِ الوَاجِبَةِ ﴾ ( أع 15 : 28 ) .. * نَحْنُ .. كَمَجْمُوعَة * .. كُلُّنَا وَلَيْسَ فَرْد وَاحِد لأِنَّ الشَّخْص الوَاحِد يُمْكِنْ مُهَاجَمَتُه إِذْ أنَّ الفَرْد الوَاحِد غِير مَعْصُوم مِنْ الخَطَأ .
وَلكِنْ أُنْظُر الرُّوح المُتَنَوِع فِي آبَاء المَجْمَع لأِسَاقِفِة كِنِيسِتْنَا الحَالِيَة .. تَجِد نَغَمَة كَبِيرَة جِدّاً فِي كُل المَجَالاَت مِثْل البُعْد الرَّهْبَانِي وَالنُسْكِي .. البُعْد التَّعْلِيمِي .. البُعْد العَقِيدِي .. البُعْد الطَقْسِي وَالكَنَسِي فِي نَفْس المَجْمُوعَة .. وَتَجِد مَنْ فِيهِ الرُّوح الشَّبَابِيَّة المُتَجَدِّدَة مَا يُنَاسِبْ الجِيل الآتِي فِي الخِدْمَة وَلَيْسَ فَقَطْ هذَا الجِيل .. وَلكِنْ لَوْ إِنْفَرَد وَاحِد بِقِيَادِة الكِنِيسَة وَكَانَ مُتَمَيِزاً فِي العَقِيدَة مَثَلاً فَهَلْ تَكْفِي العَقِيدَة شُمُول الكِنِيسَة كُلَّهَا ؟ بَلْ يَجِبْ أنْ يَخْدِمُوا جَمِيعَهُمْ بِكُل مَوَاهِبْهُمْ مِنْ أجْل البُنْيَان .
د/ الإِنْجِيل دُسْتُورِي :
==========================
فَأرَاجِع فِكْرِي عَلَى فِكْر الإِنْجِيل .. لاَ أضَعْ أسَاس غِير الَّذِي وُضِعْ .. أقْرَأ جَيِّداً الإِنْجِيل .أحِبْ الإِنْجِيل .. أكْشِفْ أسْرَار الإِنْجِيل .. تَجِد فِكْرَك إِسْتَقَام .. وَأنْظُر إِلَى تَعَالِيم السَيِّد الْمَسِيح وَإِلَى رَسَائِل بُولِس الرَّسُول تَجِد فِكْر ذَهَبِي يُحَكِّمَك إِلَى الخَلاَص وَيَعْصِمَك مِنْ الخَطَأ .. يُؤمِّنَك مِنْ الإِنْفِرَاد وَالإِنْعِزَال وَيَحْفَظَك مِنْ أي خَطَر . رَبِّنَا يُعْطِينَا أنْ نَكُون مُتَحِدِينْ بِهِ .. مُتَحِدِينْ فِيهِ .. لَنَا رِسَالَة تِجَاهُه وَإِنْ كُنَّا مُتَمَايِزِينْ إِلاَّ أنَّنَا نَعْمَل فِي إِتِفَاق رَبِّنَا يَسْتَخْدِمْكُمْ لِمَجْد وَانْتِشَار مَلَكُوتُه عَلَى الأرْض .. وَيُمَجَّد إِسْمُه بِكُمْ تَحْمِلُوا إِسْمُه فِي كُل مَكَان .. تَكُونُوا شُهُود أُمَنَاء لَهُ فِي كُل عَمَل تِعْمِلُوه فِي وِحْدَة وَاتِفَاق وَبِقَلْب وَاحِد وَرُوح وَاحِدرَبِّنَا يِكَمِّل نَقَائِصْنَا وَيِسْنِد كُل ضَعْف فِينَا بِنِعْمِتُه وَلإِلهْنَا كُل مَجْد وَكَرَامَة دَائِماً أبَدِيّاً آمِين
أساسيات فى الخدمة ج3
من إنجيل معلمنا مارمرقس بركاته على جميعنا آمين .. { فلا يكون هكذا فيكم بل من أراد أن يصير فيكم عظيماً يكون لكم خادماً ومن أراد أن يصير فيكم أولاً يكون للجميع عبداً لأنَّ ابن الإنسان أيضاً لم يأتِ ليُخدم بل ليخدم وليبذل نفسه فدية عن كثيرين } ( مر 10 : 43 – 45 ) .. سنتحدث عن مبادئ هامة في الخدمة وهم " 12 " مبدأ وسنتناول في هذا الجزء الثلاث المبادئ الأولى للخدمة وهم :0
1/ أهمية الخدمة .
2/ الخدمة هي عمل الله .
3/ الإتضاع في الخدمة .
1/ أهمية الخدمة :
=====================
من المهم أن يشعر الإنسان أنَّ الخدمة مهمة في حياته وأنه لا يعيش لنفسه فعليه دور والتزام وأمانة نحو الآخرين .. ومن أكثر الأشياء التي تتعب الإنسان بل تدمره هي مركزته حول نفسه .. فأجمل شئ في الحياة أن يبذل الإنسان نفسه عن الآخرين وأن يشعر أنَّ لديه رسالة وأمانة ومحبة تجاه الآخرين وأنَّ الله أعطاه عطايا كثيرة فمن الصعب أن يأخذها لنفسه فقط ولذلك فهناك عبارة تقول { ما استحق أن يولد من عاش لنفسه } .. فمثلاً الرجل يعيش من أجل أولاده وزوجته والناس في المجتمع تعيش من أجل بعضها ومن أجل أصحابها فكم يكون أولاد الله ؟ فأولاد الله لديهم رسالة هامة ناحية الآخرين فلابد أن يكون عنده شعور بالآخر وإحساس بالتزامات وهموم ومشاكل واحتياجات الآخر وكل ما ينظر الإنسان إلى نفسه يتعب ولكن عندما ينظر إلى الغير يستريح .. فهناك طاقة حب جبارة عند الإنسان إذا ركزها حول نفسه يتعب ولكن إذا أعطى هذا الحب للآخرين فإنه سيشعر بالفرح .
ويقول معلمنا بولس الرسول { مغبوط هو العطاء أكثر من الأخذ } ( أع 20 : 35 ) .. فكلمة * مغبوط * تعني * مطوب أو مُكرم أو ممدوح * .. والقديس يوحنا ذهبي الفم يقول { أنَّ المسيحي مثل الشمس لابد أن ينور فلا توجد شمس لا تنور والمسيحي الذي لا يخدم مثل الشمس التي لا تنور } .. فعلى الإنسان أن يعيش الخدمة وأن يشعر بالآخر ويشعر أنه يريد أن يبذل نفسه من أجل الآخر وأن يخرج من دائرة سلطان نفسه ودائرة الأنانية .. فحياة الإنسان لا طعم لها بدون الخدمة فالخدمة واجب على الإنسان وليس فضل منه .. وربنا يسوع كرَّم الخدمة ودعا كل الناس للخدمة وتعامل مع الكل حتى يصيروا خدام .. فمِارس الخدمة في منزلك وقدم غيرك عنك وأيضاً مع أصدقائك وفي مجال دراستك لابد أن يكون فيك روح الخدمة فلابد أن يكون عند الإنسان شعور أنه مسئول عن الآخرين .. فاشعر بنعمة الله واشعر أنك مسئول عن راحة ومحبة الآخرين وتذكر دائماً هذه الآية { ينبغي أنَّ ذلك يزيد وأني أنا أنقص } ( يو 3 : 30 ) .. واعلم أنَّ درجة محبتنا للآخرين هي من نفس درجة محبتنا لله .. وربنا يسوع قال { بما أنكم فعلتموه بأحد إخوتي هؤلاء الأصاغر فبي فعلتم } ( مت 25 : 40) .. فأي عمل تفعله من أجل فقير أو مريض أو محبوس أو مديون فأنت بالحقيقة تفعله مع ربنا يسوع .. ويُحكى عن أحد الآباء أنه عندما كان يزور مريض كان يخلع الحذاء قبل أن يدخل إلى المريض وذلك لأنَّ لديه شعور بأنه سيتقابل مع ربنا يسوع .
ففي بداية الخادم لخدمته لابد أن يشعر بمدى أهمية الخدمة ومدى احتياجه للخدمة وأنه مدفوع بقوة الله وأنه مُحمَّل برسالة حتى يستطيع أن يخدم .. فالصلاة من أجل الآخرين خدمة فصلِ من أجل إنسان متألم أو مريض أو إنسان في تجربة أو تحت نير خطية وإذا تعامل الخادم مع أي مشكلة تواجه بروح المحبة فستتحول هذه المشكلة إلى صلاة ولكن لو تعامل مع المشكلة بروح إدانة وروح عدم محبة فلن يصلي وقد يتعب ويصل الأمر في النهاية إلى الإدانة .. فشعور الإنسان بمحبته لإخوته يعطي للإنسان شعور آخر وهو التزامه تجاه كل شخص في العطاء والحب والشركة .. وكما يقول معلمنا بولس الرسول { أقول الصدق في المسيح لا أكذب وضميري شاهد لي بالروح القدس إنَّ لي حزناً عظيماً ووجعاً في قلبي لا ينقطع فإني كنت أود لو أكون أنا نفسي محروماً من المسيح لأجل إخوتي أنسبائي حسب الجسد } ( رو 9 : 1 – 3 ) .. فالرسول يريد أن يقول أنه عرف طريق الرب وعرف كيف يصل إليه ولكن هناك أُناس لا تستطيع أن تصل إلى هذا الطريق لذلك فهو متألم من أجلهم .
وهنا يوجد سؤال هام وهو هل تصل درجة صلاتنا لتشمل غير المؤمنين ؟ فالله هو { الداعي الكل للخلاص لأجل الموعد بالخيرات المنتظرة } .. وهناك كلمة هامة لا تعرفها المسيحية وهي * وأنا ما لي * .. فنسمع القديس بولس الرسول يقول { من يضعف وأنا لا أضعف من يعثر وأنا لا ألتهب } ( 2كو 11 : 29) .. فالله قد يسمح بأن يكون هناك ضعف أو ضيق في إخوتنا حتى يلهب مشاعرنا تجاههم ولهذا يقول { فرحاً مع الفرحين وبكاءً مع الباكين } ( رو 12 : 15) .. وهناك مشكلة قد تقابل الخادم في بداية خدمته وهي أنه لا يجد شئ يقوم بعمله في الخدمة ولكن الخدمة لا تحتاج إلى تكليف بل الخدمة هي شحنة حب والتزام من الداخل وهذا الذي يجعل الإنسان يتحرك بدافع أنه يحب الله وفي هذه الحالة يجد أشياء كثيرة يفعلها .. فعلى الخادم أن يشعر أنَّ هذه الخدمة أخذها من الله وأنَّ الله هو العامل فيها فلا تنتظر أن يقول لك أحد ماذا ستفعل بل افعل أنت من نفسك وكل ما تحتاجه هو دافع وحركة والتزام تجاه الخدمة .
2/ الخدمة هي عمل الله :
=============================
فالخدمة ليست لناس أو لبشر بل هي مسئولية الله ولهذا يقول رب المجد { أنا هو الراعي الصالح } ( يو 10 : 11) .. فالمسئول عن سلامة الغنم وعن الضال وعن المطرود والمجروح هو الله ولكن ربنا يسوع إئتمنا على أولاده ولهذا يقول بولس الرسول { نحن عاملان مع الله } ( 1كو 3 : 9 ) .. فالخدمة أساساً هي عمل الله فالذي يتكلم هو الله .. ولهذا يقول الكتاب المقدس { لستم أنتم المتكلمين بل روح أبيكم } ( مت 10 : 20) .. فالله كان من الممكن أن يعمل الخدمة بدوني ولكن نشكر صلاح الله أنه أعطانا فرصة لخدمته وأعطانا فرصة للبركة والإشتراك في العمل معه .
ولهذا عندما يقوم الخادم بتحضير الدرس أو يفتقد فكل هذا أساسه الله فالذي يجذب النفوس هو الله والذي يعطي قوة التأثير هو الله .. { حلقه حلاوة وكله مشتهيات } ( نش 5 : 16) .. فالله هو المعزي والمتكلم وهو الذي يجذب ولهذا يقول معلمنا بولس الرسول { الله هو العامل فيكم أن تريدوا وأن تعملوا } ( في 2 : 13) .. فالإنسان يريد أن يتوب ولكن الذي يحركه للتوبة هو الله .. فالله حرك إرادة الإنسان لكي يتوب لذا فإرادة الإنسان هي التي عملت ولكن الذي حرك هذه الإرادة هو الله .. فالذي عمل فيَّ هو الله والذي أرسل الأنبياء وأعطاهم رسالتهم هو الله .. والله هو الذي جلب الطوفان على العالم لينقذه من الشر .. فالله هو المسئول عن البشرية كلها وهو الخادم الحقيقي .. والذي اختار التلاميذ والرسل هو الله ولهذا يقول { وبعد ذلك عيَّن الرب سبعين آخرين } ( لو 10 : 1) .. ولهذا نقول في القداس { كراعٍ صالح تعبت معي أنا الذي سقطت } .. وأيضاً { ربطتني بكل الأدوية المؤدية إلى الحياة } .
فالمسئول عن الخدمة هو الله ولكن من صلاح الله أنه سمح أنَّ أمور تدابير خلاصه تتم عن طريق البشر .. ولهذا يقول ربنا يسوع { ليس أنتم اخترتموني بل أنا اخترتكم } ( يو 15 : 16) .. ونحن نخاطب الله في لحن * أيها الرب إله القوات * ونقول له { هذه الكرمة أصلحها وثبتها هذه التي غرستها يمينك } .. فالله هو صاحب الكرمة وهو المسئول عن ثمارها وعن الأعضاء الضعيفة والبعيدة .. فالله هو الذي يدعو للخلاص وهو العامل والناطق في الأنبياء .. وعندما أرسل الله موسى النبي إلى بني إسرائيل ليخلصهم قال موسى أنه ثقيل الفم واللسان ولكن الله أرسل هارون أخوه معه وعن طريقه سيقول له الرب الكلام الذي ينبغي أن يقوله .. فالله هو القائد الخفي ولكن الذي أخذ شكل الخدمة هو موسى النبي فالمسئول عن الشعب والذي كان يقود الشعب في البرية بعمود نار هو الله والله هو الذي أعطى الشريعة والذبائح التي تعمل صلح بين الله والإنسان فنحن لا نعرف أن نتكلم ولكن الذي يعطي للكلمة تأثير أو ثمر هو ربنا يسوع .
ولهذا يقول معلمنا بولس الرسول في رسالة أفسس { لكي يعطي لي كلام عند افتتاح فمي } ( أف 6 : 19) .. وأيضاً يقول المزمور { المعطي كلمة للمبشرين بقوة عظيمة } .. وإن لم يثمر الله في الكلمة فتصبح لا معنى لها .. ويقول معلمنا بطرس الرسول آية هامة { إن كان يتكلم أحد فكأقوال الله } ( 1بط 4 : 11) .. فعلى الخادم أن يقول كلمة الله ولهذا أوصى ربنا يسوع المسيح تلاميذه أن { فأقيموا في مدينة أورشليم إلى أن تُلبسوا قوة من الأعالي } ( لو 24 : 49) .. فالروح القدس هو الذي يعطي قوة للإنسان وبذلك يصبح الخادم روحاني ويشعر الخادم أنه يحمل الله في داخله وأنه شريك مع الله في الخدمة .. فمن الصعب أن يخدم الإنسان معتمداً على ذاته أو قدراته أو إمكانياته ولهذا يقول أحد الآباء القديسين { أنت من كثرة صلاحك يا الله احتملت أن نصير لك خداماً } .. فلا تثق بنفسك في الخدمة لأنَّ الخدمة تُفعل بالله .
3/ الإتضاع في الخدمة :
============================
يقول رب المجد { تعلموا مني لأني وديع ومتواضع القلب } ( مت 11 : 29) .. فلا يمكن أن يدخل الإنسان الخدمة وهو غير مزين بالإتضاع فالإتضاع هو إحساس حقيقي بخطية الإنسان والإتضاع هو شعور الإنسان أنه عبد بطال وأنه ضعيف .. { متى فعلتم كل ما أُمرتم به فقولوا إننا عبيد بطالون } ( لو 17 : 10) .. ومن الصعب على الإنسان أن يكون لديه ثقة في نفسه وفي إمكانياته ويكون متشامخ ومتعالي ويشعر أنه أفضل من غيره وقد ينظر باحتقار للآخرين ولهذا يقول رب المجد { من أراد أن يصير فيكم عظيماً يكون لكم خادماً ومن أراد أن يصير فيكم أولاً يكون للجميع عبداً } ( مر 10 : 43 – 44) .. فهناك نفوس متعالية لا تقبل أي تنازل ولا تقبل أن تضحي وإذا وجدت أنَّ هناك خدمة أُسندت إلى شخص آخر وليس لها تتعب وتتضايق وذلك لعدم وجود الإتضاع فهي تبحث عن ذاتها في الخدمة .
ولذلك فهناك مشكلة قد تواجه الخادم في بداية الخدمة وهي أنه لا يزداد إتضاعاً بل يزداد كبرياء وهذه ضربة من عدو الخير فعلى الخادم أن يشكر الله لأنه اختاره وستر عليه وأعطاه هذه الفرصة لكي يخدم ويعلم أنه ليس له فضل في هذا فالله من محبته أراد أن يضم الإنسان إلى خدمته ولهذا يقول المزمور { أعظمك يارب لأنك احتضنتني } ( مز 29 – من مزامير الثالثة ) .. فلا تنتفخ أو تتكبر على الناس لأنك قريب من الكنيسة أو لأنك تخدم ولكن على الإنسان أن يشعر أنَّ الله شده إلى تيار محبته وهذه هي الخدمة ويتذكر دائماً عندما انحنى ربنا يسوع وغسل أرجل تلاميذه .. وهنا نذكر قول القديس أغسطينوس عندما كان يصلي من أجل شعبه فيقول { أطلب إليك يارب من أجل سادتي عبيدك } .. * فسادتي * تعني * الشعب * وهذا يدل على مدى تحلي الخادم بالإتضاع .. فالخادم هو عبد للذين يخدمهم في المسيح يسوع وفي البر ولكن إحذر من الكبرياء ويقول الكتاب المقدس { قبل الكسر الكبرياء وقبل السقوط تشامخ الروح } ( أم 16 : 18) .
وقد تصبح الخدمة للنفوس الضعيفة مجال للكبرياء وليست مجال للإتضاع وربنا يسوع يقول { فإنَّ من أراد أن يخلص نفسه يهلكها } ( مت 16 : 25) .. فلا تتعاطف مع نفسك وتكون شديد على الآخرين بل كن شديد على نفسك وتعاطف مع الآخرين .. وإذا بذل الإنسان نفسه وتعب وكل هذا بدون اتضاع فهذه خدمة غير مقبولة .. وهنا نذكر موقف يوحنا المعمدان عندما ذهب إليه تلاميذه وقالوا له أنَّ يسوع الذي عمده أصبح له تلاميذ وهم أيضاً يعمدوا فماذا سنفعل ؟ فقال لهم { ينبغي أنَّ ذلك يويد وأني أنا أنقُص } ( يو 3 : 30 ) .. فهذه الخدمة فيها حب يُمارس وكلمة * ذاك * تعني أولاً * السيد المسيح * ولها معنى آخر وهو * الآخر * .. وعندما أعطى الله شوكة في الجسد لمعلمنا بولس الرسول وكان عنده أيضاً مرض في عينيه كل ذلك حتى يُبقي على اتضاعه .. ويقول معلمنا بولس الرسول { ولئلا أرتفع بفرط الإعلانات } ( 2كو 12 : 7 ) .. فإذا كان معلمنا بولس الرسول تكبر فكل هذه الخدمة التي قام بها تُصبح غير مقبولة أمام الله .. فالإنسان الذي يشعر بالتواضع فإنَّ الله يزود النعم عليه فالنعمة تستقر في النفوس المتواضعة ولا تعمل أو تستقر في المستكبرين .. فالإنسان المتكبر إذا أسلم جسده حتى يحترق وإن نقل الجبال وإن كان له كل معرفة وعِلم فبالرغم من كل هذا تعتبر خدمته غير مقبولة أمام الله .. وهناك تدريبان مهمان للتواضع :0
1/ لكي يتضع الإنسان عليه أن ينظر إلى السيد المسيح .. فالإتضاع الحقيقي هو يسوع فالله صار إنسان وأخلى ذاته وأخذ شكل العبد ووُجد في الهيئة كإنسان وأطاع حتى الموت موت الصليب .. فالإنسان حتى يتضع يشعر أنه تراب ولكن التراب له فضل على الإنسان لأنه جُبل منه .. { لصقت بالتراب نفسي فأحيني حسب كلمتك } ( مز 119 : 25) .. فمنظر ربنا يسوع وهو مُعرى على الصليب وهو متألم يجعل الإنسان لا ينتفخ .
2/ إذا كان لديك أي ميزة أو فضيلة فكل هذا فضل من الله وعلى الإنسان أن يُرجع هذه العطية إلى صاحبها وأن يمجد الله وأن لا ينسبها لنفسه ولا يتكبر ربنا يهيئنا للخدمة ولعمله الإلهي ولإلهنا المجد إلى الأبد آمين
أساسيات فى الخدمة ج2
سنتحدث عن باقي أساسيات الخدمة وهم :0
8) الخفاء .
9) الصلاة .
10) الحكمة .
11) قيمة الفرد أو النفس .
12) لاحظ نفسك والتعليم .
8) الخفاء :
============
كل ما كان العمل في الخفاء كل ما نضمن بإيمان أنَّ الله يراه وأنه يسمع ويُكافئ ويجازي .. وكل ما نعمل في الخفاء كل ما نضمن أنه عمل روحي وليس عمل بشري .. والعكس صحيح فإذا كان في العمل روح إعلان أو تظاهر أو افتخار فاعلم جيداً أنَّ هذا العمل ليس روحي ولكنه بشري وذلك لأنك تنتظر مكافأة من الناس أو مديح أو تشجيع وبذلك يشعر الإنسان أنَّ الله لا يكافئه بل الناس .. ومن أكثر المؤشرات التي تجعل الإنسان يطمئن في أنه يعمل عمل روحي سواء في الخدمة أو العطاء أو الصلاة أو أي ممارسة لأي عمل روحي هي كلمة الخفاء فالخفاء هو إحساس قلبي أو هو دافع في الإنسان وعلى الإنسان أن يسأل نفسه هل في داخل قلبه محبة للخفاء ؟ هل عندما يعمل أي عمل بر يحاول أن يخفيه ؟ هل الإنسان عندما يقف في القداس يرفع قلبه لله ؟ أم يقف في القداس لأنه أمام الناس ؟ هل هو يخدم من أجل الله أم من أجل التظاهر والإفتخار ؟ فالذي يضمن للإنسان أنَّ هذا العمل لله هو الخفاء .. والخدمة التي تُعمل في الخفاء نضمن ثمارها وأجرها وكما قال رب المجد ﴿ الحق أقول لكم إنهم قد استوفوا أجرهم ﴾ ( مت 6 : 2 ) .. فالذي أخذ أجره على الأرض سواء مديح أو تعليق أو مكافأة أو مجازاة لا يكون له أجر في السماء .
فممكن أن يدخل الإنسان الخدمة ويخدم لأنه يريد أن تقول الناس عليه كلام جيد .. أو أنه يشعر في نفسه أنه أفضل من غيره ويكون في داخله تظاهر وتفاخر ويريد أن يعلن على العمل الذي يقوم به لكل الناس ولكن هذه ليست الخدمة لأنَّ من أساسيات الخدمة الخفاء .. وهنا نذكر مواقف هامة تدل على أهمية أن يتم العمل في الخفاء :0
1. نحميا عندما أراد أن يبني أسوار أورشليم فكان يتفقد أورشليم وأسوارها لعدة أيام ومعه بعض من الناس وكانوا يسألونه عما سيفعل ولكن نحميا قال ﴿ لم أُخبر أحداً بما جعله إلهي في قلبي لأعمله في أورشليم ﴾ ( نح 2 : 12) وذلك حتى يتمم عمله في خفاء وهدوء وصمت .. فجميل أن يعمل الإنسان في خفاء وفي سرية ومن الصعب أن يعمل الإنسان عمل الله بروح افتخار أو يعمل عمله من أجل الناس وليس من أجل الله فإذا كان الخادم يخدم وكل الناس تراه إلا أنه من داخل قلبه يريد أن لا يراه أحد فاسعى دائماً للأعمال غير المرئية .. فإذا كان هناك مبنى عميق فاعلم أنَّ له أساس قوي أسفل هذا المبنى ولكنه مخفي فإذا اهتم الإنسان بالأساس وأصبح قوي فاعلم أنَّ المبنى سيكون عالي ولكن إذا لم يكن هناك بُعد خفي في حياتك فاعلم أنَّ المبنى في خطر لأنه مُعرض للسقوط ويكون سقوطه عظيماً .
2. نذكر أيضاً يوناثان بن شاول عندما قام هو وحامل سلاحه وحارب الفلسطينيين ولم يخبر أباه ( 1صم 14) .. فعلى الإنسان أن يجتهد وهو يقوم بعمله ولا يشعر به أحد .. وممكن أيضاً أن لا يظهر في الصورة وقد ينسب العمل إلى غيره وذلك لأنه يريد أجر من الله وليس من الناس .. فخدمة الصلاة والإفتقاد والتجهيز للأعمال كلها خدمات تُعمل في الخفاء والخدمة الصادقة المقبولة عند الله هي خدمة الخفاء .
9) الصلاة :
=============
لا يوجد أبداً مبرر أو معنى لأي خدمة تُفعل بدون صلاة .. فالصلاة هي قلب الخدمة النابض وهي سر الحياة وهي أيضاً سبب وجود الخدمة .. فالصلاة تعطي للخدمة حياة وثمر وقوة والخدمة بدون صلاة تُصبح خدمة اجتماعية مثل النادي .. فالصلاة من أجل أي عمل هي التي تجعل هذا العمل روحي .. وربنا يسوع المسيح كان ينفرد بنفسه في أوقات كثيرة وفي أماكن خلاء ليصلي ويقول الكتاب المقدس ﴿ وقضى الليل كله في الصلاة لله ﴾ ( لو 6 : 12) .. وأيضاً ﴿ أما يسوع فمضى إلى جبل الزيتون ﴾ ( يو 8 : 1) .. وربنا يسوع يرفع قلبه ويقول ﴿ أيها الآب القدوس احفظهم في اسمك ........ قدسهم في حقك ﴾ ( يو 17 : 11؛ 17) .. فربنا يسوع يصلي من أجل الخدمة .
فكم نحتاج نحن للصلاة .. وأيضاً يقول ﴿ أما أنا فصلاة ﴾ ( مز 109 : 4 ) .. فالبُعد الخفي في الخدمة هو الصلاة والأساس الذي يقوم عليه أي عمل هو الصلاة .. ويكلم صموئيل النبي شعب إسرائيل ويقول لهم ﴿ أما أنا فحاشا لي أن أُخطئ إلى الرب فأكف عن الصلاة من أجلكم ﴾ ( 1صم 12 : 23 ) .. لقد اعتبر صموئيل النبي عدم الصلاة خطية وأيضاً عدم الصلاة من أجل الخدمة يُعتبر خطية .. فالخادم الذي لا يصلي ولا يرفع اشتياقات قلبه أمام الله ولا يستشر الله في خدمته فهو بهذا يخدم معتمداً على ذاته وفكره وذراعه وكل هذا غير مقبول أمام الله .. ويقول أحد الآباء ﴿ ليت تتكلم مع يسوع عن أولادك أكثر ما تكلم أولادك عن يسوع ﴾ .. فعندما يصبح الإنسان خادم لابد أن تشغل الخدمة جزء من صلاته وإذا لم يكن يصلي يبدأ في الصلاة من أجل الخدمة وبذلك تُصبح الخدمة سبب بركة في حياته ويتعلم الصلاة من خلال الخدمة وبذلك يضمن أن تكون الخدمة روحية وفيها ثمر لأنه يخدم بالله وليس بذاته .
وكما قال القديس بولس الرسول ﴿ ثلاث سنين ليلاً ونهاراً لم أفتر عن أن أُنذر بدموع كل واحدٍ ﴾ ( أع 20 : 31 ) .. فهو يصلي بدموع وبجهاد ولذلك يقول أيضاً ﴿ أحني رُكبتيَّ لدى أبي ربنا يسوع المسيح ﴾ ( أف 3 : 14) .. فالخادم الذي ركبتيه منحنية ويديه مرفوعة من أجل الخدمة فهذا خادم يجعل الله أمامه .. وهناك مثال آخر وهو موسى النبي وصلاته من أجل الشعب وأيضاً إيليا النبي ويشوع النبي هؤلاء كانوا أساساً مُصلين فالصلاة هي عمود وأساس الخدمة .. فلابد أن يكون عند الخادم روح تضرع أمام الله وأن يتعلم الإتضاع وأن يصلي من أجل الآخرين فالصلاة من أجل الآخرين تعطي للإنسان إحساس بأنه يقف أمام الله .. وعندما يصلي يطلب عن كنيسته وعن الخدمة وعن الآباء الكهنة وهذا هو الحب العملي والإتضاع العملي وهذا ما يحبه الله ويريد أن يسمعه .
فما أجمل أن أُحدث الله عن إخوتي وأقف أمام الله وقلبي فيه غيرة لكل الذين حولي .. فإذا كان لك زميل بعيد عن الله أو إنسان يسير في تيار شرير فصلي من أجله لأنَّ الأمر يحتاج إلى قوة فوق قوتك لأنك ضعيف .. والإنسان الذي يصلي من أجل الغير لا ينجذب إلى الخطية فعندما نطلب عن الآخرين نتقدس نحن وبهذا نؤكد أمام الله أننا نريد أن نعيش حياة مقدسة .. فالصلاة مع الخدمة تُعتبر عمل روحي سماوي وكنيستنا كنيسة صلاة وعبادة فالصلاة هي التي تبني الكنيسة وعن طريق الصلاة نرفع كل الطِلبات من أجل الخليقة ونصلي عن الساقطين ونقول ﴿ الساقطين أقمهم والقيام ثبتهم ﴾ .. ومن الممكن أن يجذب الله النفوس ويُقدس الناس من أجل صلاتنا وأي مشكلة تُحل بالصلاة فكان البابا كيرلس السادس يوزع المشاكل على المذابح ويعطي لكل قديس مشكلة معينة .. ومن الصعب أن يشعر الإنسان أنه غير مسموع لدى الله ولكن لابد أن نثق أنَّ الله يسمعنا وأنه إله حي فثق أنَّ أُذن الله قريبة لشفتيك .
10) الحكمة :
===============
يقول الكتاب المقدس ﴿ رابح النفوس حكيم ﴾ ( أم 11 : 30 ) .. فلابد أن يعرف الخادم متى يتكلم .. ومتى يوبخ .. ومتى يصمت .. ومتى يكون خادم ؟ فاستخدام الخادم للأسلوب المناسب يجعل المخدوم يستجيب وينجذب إليه .. وكما قال معلمنا بولس الرسول إلى أهل كورنثوس ﴿ أخذتكم بمكرٍ ﴾ ( 2كو 12 : 16) .. فكان عندما يدخل القديس بولس أي مدينة كان يتحدث بإسلوب وطريقة هذه المدينة .. فمثلاً يستخدم الشعر في مدينة وفي مدينة أخرى مثل أثينا وجد مذبح مكتوب عليه أنه لإله مجهول فقال بولس الرسول لهم ﴿ أراكم من كل وجهٍ كأنكم متدينون كثيراً ﴾ ( أع 17 : 22 ) ثم حدثهم عن هذا الإله المجهول .. وأيضاً تحدث بولس الرسول أمام فيلكس الوالي عن البر والدينونة والتعفف فارتعد فيلكس الوالي من هذا الكلام .
وكان عندما يتحدث بولس الرسول إلى تلميذه تيموثاوس كان يستخدم أُسلوب آخر .. وربنا يسوع المسيح قال لتلاميذه ﴿ هلم ورائي فأجعلكما صيادي الناس ﴾ ( مت 4 : 19) .. أي بحكمة نستطيع أن نجذب النفوس .. ويقول الكتاب المقدس ﴿ إن جاع عدوك فأطعمه وإن عطش فاسقه ﴾ ( رو 12 : 20 ) لأنك بذلك تكسبه بحكمة وتكسر الشر الذي داخله .. فلابد أن يكون أُسلوب الخادم لائق ويجذب ويشجع وأن يتحلى بروح هادئة ووداعة .. ويُذكر في سفر أعمال الرسل عندما تم اختيار السبعة شمامسة للخدمة كان من شروطهم أن يكونوا ﴿ مملوين من الروح القدس وحكمة ﴾ ( أع 6 : 3 ) .. ويقول الكتاب المقدس ﴿ إن كان أحدكم تعوزه حكمة فليطلب من الله ﴾ ( يع 1 : 5 ) .. فالإنسان الحكيم يستطيع أن يكسب أعداؤه أما الجاهل فيخسر أصدقاؤه .. ومعلمنا بولس الرسول عندما تحدث إلى أُناس مبتدئة في الإيمان لم يعطيهم كلام البالغين بل أعطاهم طعام الأطفال وقال لهم ﴿ سقيتكم لبناً لا طعاماً ﴾ ( 1كو 3 : 2 ) .. ويقول في سفر الجامعة ﴿ ولد فقير وحكيم خير من ملك شيخ جاهل ﴾ ( جا 4 : 13) .. فالحكمة أفضل من الغِنى فهل تعرف كيف تجذب الناس لله ؟
فهناك إنسان يحتاج لحب وآخر لصداقة وآخر لكلمة أو لهدية فلابد أن تلاحظ هذا وتقدم كل هذه الإحتياجات .. ﴿ الحكمة خير من اللآلئ ﴾ ( أم 8 : 11) .. وأيضاً ﴿ تفاح من ذهب في مصوغ من فضة كلمة مقولة في محلها ﴾ ( أم 25 : 11) .. وسنذكر هنا قصة تبين مدى أهمية الحكمة .. كان هناك إنسان يريد أن يترك المسيح فأرسلوا إليه خادم لينصحه ويجذبه عن هذا الطريق ولكنه لم يكن حكيم فقال الخادم لهذا الإنسان أنه سيقول له كلمة وهي * كل بيت له زبالة وكل شارع له كُناسة * .. ثم قال له * أنا قلت لك هذا الكلام وإنت حر * .. ثم قال له * إبن الهلاك للهلاك يُدعى * .. وقام الخادم ليصلي * أبانا الذي في السموات * .. لقد ترك هذا الخادم كل آيات الإنجيل المُشجعة وقد كان من الممكن أن يقول له ﴿ الله لا يشاء موت الخاطئ مثل ما يرجع ويحيا ﴾ .. وكان من الممكن أيضاً أن يُحدث الخادم هذا الإنسان عن بطرس الذي أنكر المسيح ورجع حتى يرفع هذا الإنسان ولكنه لم يستخدم الكلام المناسب .. فالإنسان الحكيم هو الذي يعرف كيف يستخدم الدواء المناسب في الوقت المناسب .
11) قيمة الفرد أو قيمة النفس :
=====================================
الفرد غالي جداً عند الله وكريم جداً .. وكل فرد أمام الله له كرامة عظيمة .. فالنفس الواحدة غالية جداً فكل نفس تساوي الله لأنَّ الإنسان من صُنع الله .. ولذلك يقول ﴿ يداك صنعتاني وجبلتاني ﴾ ( مز 119 : 73 ) .. فكرامة الإنسان من كرامة الله .. ﴿ بالمجد والكرامة توجته وعلى أعمال يديك أقمته ﴾ ( مز 8 – من مزامير باكر ) .. فالإنسان محبوب من الله والله يقول ﴿ لذاتي مع بني آدم ﴾ ( أم 8 : 31 ) .. وربنا يسوع في خدمته إهتم بكل فرد مثل زكا .. وبالرغم من أنَّ زكا كان فوق الشجرة وكانت الجموع تزحم ربنا يسوع إلا أنَّ ربنا يسوع قال لزكا ﴿ أسرع وانزل لأنه ينبغي أن أمكث اليوم في بيتك ﴾ ( لو 19 : 5 ) .. فالله إهتم بزكا ليُخلصه وقال ﴿ اليوم حصل خلاص لهذا البيت إذ هو أيضاً ابن إبراهيم ﴾ ( لو 19 : 9 ) .. وأيضاً عندما مشى الله " 6 " ساعات ليتقابل مع المرأة السامرية .
فالله لا يريد هلاك أي شخص فالإنسان له دالة عظيمة عند الله فهو تاج الخليقة وشفيع الخليقة .. وفي العهد القديم إهتم الله بالفرد فاهتم الله بأبونا إبراهيم وموسى النبي وإيليا النبي واهتم أيضاً بدانيال النبي وهو في جب الأسود وأرسل ملاكه .. وأيضاً في مَثَل الخروف الضال ترك الراعي التسعة والتسعين خروف وذهب ليبحث عن خروف واحد .. ونجد مدى اهتمام الله بالإنسان فيقضي الليل ليتحدث مع نيقوديموس ويعمل معجزة مع المولود الأعمى .. وأيضاً إهتم الله ببطرس وقال لمريم المجدلية ﴿ اذهبي إلى إخوتي وقولي لهم ﴾ ( يو 20 : 17) .. وظهر الله من أجل توما مرة أخرى وظهر لشاول وجذب اللص اليمين وخلصه .. ولذلك فعلى الخادم أن لا يتعامل مع الأولاد على أنهم كشف أسماء أو أرقام ولكنهم نفوس غالية على الله .. ولهذا يقول ﴿ معرفة اعرف حال غنمك واجعل قلبك إلى قطعانك ﴾ ( أم 27 : 23 ) .. فعلى الخادم أن يعرف مشاكل واحتياجات أولاده ويعرف ظروفهم الخاصة ويعرف كيف يشجعهم ويجذبهم ويُنمي مواهبهم .
12) لاحظ نفسك والتعليم :
===============================
هناك مشكلة كبيرة قد تواجه الخادم وهو أنه يهتم بالخدمة وينسى نفسه وينسى بناؤه الشخصي في وسط الخدمة .. ولكن على الخادم أن يسأل نفسه هل حضر الإجتماع الخاص به ؟ هل صلى ؟ هل حضر عشية ؟ ويقول القديس بولس الرسول لتيموثاوس الأسقف ﴿ لاحظ نفسك والتعليم وداوم على ذلك ﴾ ( 1تي 4 : 16) .. فعلى الخادم أن يرتب أولوياته من حضور عشية وصلاة نصف الليل وتسبحة وأن يكون له قداس خاص به وأن يحضره من البداية بقلب مرفوع .. فلابد أن يكون للخادم عبادة خاصة وأن يلاحظ نفسه ونموه المستمر ولا ينسى نفسه وسط الخدمة وإلا سيُصبح مثل جرس الكنيسة الذي يدعو الناس للكنيسة وهو ليس له علاقة بالكنيسة وفي هذه الحالة ستُصبح الخدمة سبب تأخر وجمود وجفاف روحي .
وقد يهتم الخادم بأمور معينة لم يكن يهتم بها من قبل .. وقد يصل إلى إدانة الناس وأيضاً إدانة الآباء الكهنة وهذه هي خدعة من عدو الخير وفي النهاية يؤدي كل ذلك إلى تعب الخادم .. وقد ينشغل الخادم بالخدمة عن الله ويشعر أنَّ التعاليم التي تُقال ليست له ولكن لغيره فيحضر إلى الكنيسة بقلب لا يحب التعلم أو يكون غير مشتاق للتعلم .. فما أجمل أن يدخل المخدوم إلى الكنيسة ويجد الخادم يحضر وبذلك يُصبح الخادم قدوة للمخدوم ويتعلم منه .. فمن الجميل أن يشعر الخادم أنَّ له قلب تلميذ وأن يتابع نفسه ويعرف أخطاؤه وينمو في الخدمة باستمرار .. وكما قال القديس بولس الرسول ﴿ حتى بعد ما كرزت للآخرين لا أصير أنا نفسي مرفوضاً ﴾ ( 1كو 9 : 27 ) .ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته
ولإلهنا المجد إلى الأبد آمين