العظات

أساسيات فى الخدمة ج3

من إنجيل معلمنا مارمرقس بركاته على جميعنا آمين .. { فلا يكون هكذا فيكم بل من أراد أن يصير فيكم عظيماً يكون لكم خادماً ومن أراد أن يصير فيكم أولاً يكون للجميع عبداً لأنَّ ابن الإنسان أيضاً لم يأتِ ليُخدم بل ليخدم وليبذل نفسه فدية عن كثيرين } ( مر 10 : 43 – 45 ) .. سنتحدث عن مبادئ هامة في الخدمة وهم " 12 " مبدأ وسنتناول في هذا الجزء الثلاث المبادئ الأولى للخدمة وهم :0 1/ أهمية الخدمة . 2/ الخدمة هي عمل الله . 3/ الإتضاع في الخدمة . 1/ أهمية الخدمة : ===================== من المهم أن يشعر الإنسان أنَّ الخدمة مهمة في حياته وأنه لا يعيش لنفسه فعليه دور والتزام وأمانة نحو الآخرين .. ومن أكثر الأشياء التي تتعب الإنسان بل تدمره هي مركزته حول نفسه .. فأجمل شئ في الحياة أن يبذل الإنسان نفسه عن الآخرين وأن يشعر أنَّ لديه رسالة وأمانة ومحبة تجاه الآخرين وأنَّ الله أعطاه عطايا كثيرة فمن الصعب أن يأخذها لنفسه فقط ولذلك فهناك عبارة تقول { ما استحق أن يولد من عاش لنفسه } .. فمثلاً الرجل يعيش من أجل أولاده وزوجته والناس في المجتمع تعيش من أجل بعضها ومن أجل أصحابها فكم يكون أولاد الله ؟ فأولاد الله لديهم رسالة هامة ناحية الآخرين فلابد أن يكون عنده شعور بالآخر وإحساس بالتزامات وهموم ومشاكل واحتياجات الآخر وكل ما ينظر الإنسان إلى نفسه يتعب ولكن عندما ينظر إلى الغير يستريح .. فهناك طاقة حب جبارة عند الإنسان إذا ركزها حول نفسه يتعب ولكن إذا أعطى هذا الحب للآخرين فإنه سيشعر بالفرح . ويقول معلمنا بولس الرسول { مغبوط هو العطاء أكثر من الأخذ } ( أع 20 : 35 ) .. فكلمة * مغبوط * تعني * مطوب أو مُكرم أو ممدوح * .. والقديس يوحنا ذهبي الفم يقول { أنَّ المسيحي مثل الشمس لابد أن ينور فلا توجد شمس لا تنور والمسيحي الذي لا يخدم مثل الشمس التي لا تنور } .. فعلى الإنسان أن يعيش الخدمة وأن يشعر بالآخر ويشعر أنه يريد أن يبذل نفسه من أجل الآخر وأن يخرج من دائرة سلطان نفسه ودائرة الأنانية .. فحياة الإنسان لا طعم لها بدون الخدمة فالخدمة واجب على الإنسان وليس فضل منه .. وربنا يسوع كرَّم الخدمة ودعا كل الناس للخدمة وتعامل مع الكل حتى يصيروا خدام .. فمِارس الخدمة في منزلك وقدم غيرك عنك وأيضاً مع أصدقائك وفي مجال دراستك لابد أن يكون فيك روح الخدمة فلابد أن يكون عند الإنسان شعور أنه مسئول عن الآخرين .. فاشعر بنعمة الله واشعر أنك مسئول عن راحة ومحبة الآخرين وتذكر دائماً هذه الآية { ينبغي أنَّ ذلك يزيد وأني أنا أنقص } ( يو 3 : 30 ) .. واعلم أنَّ درجة محبتنا للآخرين هي من نفس درجة محبتنا لله .. وربنا يسوع قال { بما أنكم فعلتموه بأحد إخوتي هؤلاء الأصاغر فبي فعلتم } ( مت 25 : 40) .. فأي عمل تفعله من أجل فقير أو مريض أو محبوس أو مديون فأنت بالحقيقة تفعله مع ربنا يسوع .. ويُحكى عن أحد الآباء أنه عندما كان يزور مريض كان يخلع الحذاء قبل أن يدخل إلى المريض وذلك لأنَّ لديه شعور بأنه سيتقابل مع ربنا يسوع . ففي بداية الخادم لخدمته لابد أن يشعر بمدى أهمية الخدمة ومدى احتياجه للخدمة وأنه مدفوع بقوة الله وأنه مُحمَّل برسالة حتى يستطيع أن يخدم .. فالصلاة من أجل الآخرين خدمة فصلِ من أجل إنسان متألم أو مريض أو إنسان في تجربة أو تحت نير خطية وإذا تعامل الخادم مع أي مشكلة تواجه بروح المحبة فستتحول هذه المشكلة إلى صلاة ولكن لو تعامل مع المشكلة بروح إدانة وروح عدم محبة فلن يصلي وقد يتعب ويصل الأمر في النهاية إلى الإدانة .. فشعور الإنسان بمحبته لإخوته يعطي للإنسان شعور آخر وهو التزامه تجاه كل شخص في العطاء والحب والشركة .. وكما يقول معلمنا بولس الرسول { أقول الصدق في المسيح لا أكذب وضميري شاهد لي بالروح القدس إنَّ لي حزناً عظيماً ووجعاً في قلبي لا ينقطع فإني كنت أود لو أكون أنا نفسي محروماً من المسيح لأجل إخوتي أنسبائي حسب الجسد } ( رو 9 : 1 – 3 ) .. فالرسول يريد أن يقول أنه عرف طريق الرب وعرف كيف يصل إليه ولكن هناك أُناس لا تستطيع أن تصل إلى هذا الطريق لذلك فهو متألم من أجلهم . وهنا يوجد سؤال هام وهو هل تصل درجة صلاتنا لتشمل غير المؤمنين ؟ فالله هو { الداعي الكل للخلاص لأجل الموعد بالخيرات المنتظرة } .. وهناك كلمة هامة لا تعرفها المسيحية وهي * وأنا ما لي * .. فنسمع القديس بولس الرسول يقول { من يضعف وأنا لا أضعف من يعثر وأنا لا ألتهب } ( 2كو 11 : 29) .. فالله قد يسمح بأن يكون هناك ضعف أو ضيق في إخوتنا حتى يلهب مشاعرنا تجاههم ولهذا يقول { فرحاً مع الفرحين وبكاءً مع الباكين } ( رو 12 : 15) .. وهناك مشكلة قد تقابل الخادم في بداية خدمته وهي أنه لا يجد شئ يقوم بعمله في الخدمة ولكن الخدمة لا تحتاج إلى تكليف بل الخدمة هي شحنة حب والتزام من الداخل وهذا الذي يجعل الإنسان يتحرك بدافع أنه يحب الله وفي هذه الحالة يجد أشياء كثيرة يفعلها .. فعلى الخادم أن يشعر أنَّ هذه الخدمة أخذها من الله وأنَّ الله هو العامل فيها فلا تنتظر أن يقول لك أحد ماذا ستفعل بل افعل أنت من نفسك وكل ما تحتاجه هو دافع وحركة والتزام تجاه الخدمة . 2/ الخدمة هي عمل الله : ============================= فالخدمة ليست لناس أو لبشر بل هي مسئولية الله ولهذا يقول رب المجد { أنا هو الراعي الصالح } ( يو 10 : 11) .. فالمسئول عن سلامة الغنم وعن الضال وعن المطرود والمجروح هو الله ولكن ربنا يسوع إئتمنا على أولاده ولهذا يقول بولس الرسول { نحن عاملان مع الله } ( 1كو 3 : 9 ) .. فالخدمة أساساً هي عمل الله فالذي يتكلم هو الله .. ولهذا يقول الكتاب المقدس { لستم أنتم المتكلمين بل روح أبيكم } ( مت 10 : 20) .. فالله كان من الممكن أن يعمل الخدمة بدوني ولكن نشكر صلاح الله أنه أعطانا فرصة لخدمته وأعطانا فرصة للبركة والإشتراك في العمل معه . ولهذا عندما يقوم الخادم بتحضير الدرس أو يفتقد فكل هذا أساسه الله فالذي يجذب النفوس هو الله والذي يعطي قوة التأثير هو الله .. { حلقه حلاوة وكله مشتهيات } ( نش 5 : 16) .. فالله هو المعزي والمتكلم وهو الذي يجذب ولهذا يقول معلمنا بولس الرسول { الله هو العامل فيكم أن تريدوا وأن تعملوا } ( في 2 : 13) .. فالإنسان يريد أن يتوب ولكن الذي يحركه للتوبة هو الله .. فالله حرك إرادة الإنسان لكي يتوب لذا فإرادة الإنسان هي التي عملت ولكن الذي حرك هذه الإرادة هو الله .. فالذي عمل فيَّ هو الله والذي أرسل الأنبياء وأعطاهم رسالتهم هو الله .. والله هو الذي جلب الطوفان على العالم لينقذه من الشر .. فالله هو المسئول عن البشرية كلها وهو الخادم الحقيقي .. والذي اختار التلاميذ والرسل هو الله ولهذا يقول { وبعد ذلك عيَّن الرب سبعين آخرين } ( لو 10 : 1) .. ولهذا نقول في القداس { كراعٍ صالح تعبت معي أنا الذي سقطت } .. وأيضاً { ربطتني بكل الأدوية المؤدية إلى الحياة } . فالمسئول عن الخدمة هو الله ولكن من صلاح الله أنه سمح أنَّ أمور تدابير خلاصه تتم عن طريق البشر .. ولهذا يقول ربنا يسوع { ليس أنتم اخترتموني بل أنا اخترتكم } ( يو 15 : 16) .. ونحن نخاطب الله في لحن * أيها الرب إله القوات * ونقول له { هذه الكرمة أصلحها وثبتها هذه التي غرستها يمينك } .. فالله هو صاحب الكرمة وهو المسئول عن ثمارها وعن الأعضاء الضعيفة والبعيدة .. فالله هو الذي يدعو للخلاص وهو العامل والناطق في الأنبياء .. وعندما أرسل الله موسى النبي إلى بني إسرائيل ليخلصهم قال موسى أنه ثقيل الفم واللسان ولكن الله أرسل هارون أخوه معه وعن طريقه سيقول له الرب الكلام الذي ينبغي أن يقوله .. فالله هو القائد الخفي ولكن الذي أخذ شكل الخدمة هو موسى النبي فالمسئول عن الشعب والذي كان يقود الشعب في البرية بعمود نار هو الله والله هو الذي أعطى الشريعة والذبائح التي تعمل صلح بين الله والإنسان فنحن لا نعرف أن نتكلم ولكن الذي يعطي للكلمة تأثير أو ثمر هو ربنا يسوع . ولهذا يقول معلمنا بولس الرسول في رسالة أفسس { لكي يعطي لي كلام عند افتتاح فمي } ( أف 6 : 19) .. وأيضاً يقول المزمور { المعطي كلمة للمبشرين بقوة عظيمة } .. وإن لم يثمر الله في الكلمة فتصبح لا معنى لها .. ويقول معلمنا بطرس الرسول آية هامة { إن كان يتكلم أحد فكأقوال الله } ( 1بط 4 : 11) .. فعلى الخادم أن يقول كلمة الله ولهذا أوصى ربنا يسوع المسيح تلاميذه أن { فأقيموا في مدينة أورشليم إلى أن تُلبسوا قوة من الأعالي } ( لو 24 : 49) .. فالروح القدس هو الذي يعطي قوة للإنسان وبذلك يصبح الخادم روحاني ويشعر الخادم أنه يحمل الله في داخله وأنه شريك مع الله في الخدمة .. فمن الصعب أن يخدم الإنسان معتمداً على ذاته أو قدراته أو إمكانياته ولهذا يقول أحد الآباء القديسين { أنت من كثرة صلاحك يا الله احتملت أن نصير لك خداماً } .. فلا تثق بنفسك في الخدمة لأنَّ الخدمة تُفعل بالله . 3/ الإتضاع في الخدمة : ============================ يقول رب المجد { تعلموا مني لأني وديع ومتواضع القلب } ( مت 11 : 29) .. فلا يمكن أن يدخل الإنسان الخدمة وهو غير مزين بالإتضاع فالإتضاع هو إحساس حقيقي بخطية الإنسان والإتضاع هو شعور الإنسان أنه عبد بطال وأنه ضعيف .. { متى فعلتم كل ما أُمرتم به فقولوا إننا عبيد بطالون } ( لو 17 : 10) .. ومن الصعب على الإنسان أن يكون لديه ثقة في نفسه وفي إمكانياته ويكون متشامخ ومتعالي ويشعر أنه أفضل من غيره وقد ينظر باحتقار للآخرين ولهذا يقول رب المجد { من أراد أن يصير فيكم عظيماً يكون لكم خادماً ومن أراد أن يصير فيكم أولاً يكون للجميع عبداً } ( مر 10 : 43 – 44) .. فهناك نفوس متعالية لا تقبل أي تنازل ولا تقبل أن تضحي وإذا وجدت أنَّ هناك خدمة أُسندت إلى شخص آخر وليس لها تتعب وتتضايق وذلك لعدم وجود الإتضاع فهي تبحث عن ذاتها في الخدمة . ولذلك فهناك مشكلة قد تواجه الخادم في بداية الخدمة وهي أنه لا يزداد إتضاعاً بل يزداد كبرياء وهذه ضربة من عدو الخير فعلى الخادم أن يشكر الله لأنه اختاره وستر عليه وأعطاه هذه الفرصة لكي يخدم ويعلم أنه ليس له فضل في هذا فالله من محبته أراد أن يضم الإنسان إلى خدمته ولهذا يقول المزمور { أعظمك يارب لأنك احتضنتني } ( مز 29 – من مزامير الثالثة ) .. فلا تنتفخ أو تتكبر على الناس لأنك قريب من الكنيسة أو لأنك تخدم ولكن على الإنسان أن يشعر أنَّ الله شده إلى تيار محبته وهذه هي الخدمة ويتذكر دائماً عندما انحنى ربنا يسوع وغسل أرجل تلاميذه .. وهنا نذكر قول القديس أغسطينوس عندما كان يصلي من أجل شعبه فيقول { أطلب إليك يارب من أجل سادتي عبيدك } .. * فسادتي * تعني * الشعب * وهذا يدل على مدى تحلي الخادم بالإتضاع .. فالخادم هو عبد للذين يخدمهم في المسيح يسوع وفي البر ولكن إحذر من الكبرياء ويقول الكتاب المقدس { قبل الكسر الكبرياء وقبل السقوط تشامخ الروح } ( أم 16 : 18) . وقد تصبح الخدمة للنفوس الضعيفة مجال للكبرياء وليست مجال للإتضاع وربنا يسوع يقول { فإنَّ من أراد أن يخلص نفسه يهلكها } ( مت 16 : 25) .. فلا تتعاطف مع نفسك وتكون شديد على الآخرين بل كن شديد على نفسك وتعاطف مع الآخرين .. وإذا بذل الإنسان نفسه وتعب وكل هذا بدون اتضاع فهذه خدمة غير مقبولة .. وهنا نذكر موقف يوحنا المعمدان عندما ذهب إليه تلاميذه وقالوا له أنَّ يسوع الذي عمده أصبح له تلاميذ وهم أيضاً يعمدوا فماذا سنفعل ؟ فقال لهم { ينبغي أنَّ ذلك يويد وأني أنا أنقُص } ( يو 3 : 30 ) .. فهذه الخدمة فيها حب يُمارس وكلمة * ذاك * تعني أولاً * السيد المسيح * ولها معنى آخر وهو * الآخر * .. وعندما أعطى الله شوكة في الجسد لمعلمنا بولس الرسول وكان عنده أيضاً مرض في عينيه كل ذلك حتى يُبقي على اتضاعه .. ويقول معلمنا بولس الرسول { ولئلا أرتفع بفرط الإعلانات } ( 2كو 12 : 7 ) .. فإذا كان معلمنا بولس الرسول تكبر فكل هذه الخدمة التي قام بها تُصبح غير مقبولة أمام الله .. فالإنسان الذي يشعر بالتواضع فإنَّ الله يزود النعم عليه فالنعمة تستقر في النفوس المتواضعة ولا تعمل أو تستقر في المستكبرين .. فالإنسان المتكبر إذا أسلم جسده حتى يحترق وإن نقل الجبال وإن كان له كل معرفة وعِلم فبالرغم من كل هذا تعتبر خدمته غير مقبولة أمام الله .. وهناك تدريبان مهمان للتواضع :0 1/ لكي يتضع الإنسان عليه أن ينظر إلى السيد المسيح .. فالإتضاع الحقيقي هو يسوع فالله صار إنسان وأخلى ذاته وأخذ شكل العبد ووُجد في الهيئة كإنسان وأطاع حتى الموت موت الصليب .. فالإنسان حتى يتضع يشعر أنه تراب ولكن التراب له فضل على الإنسان لأنه جُبل منه .. { لصقت بالتراب نفسي فأحيني حسب كلمتك } ( مز 119 : 25) .. فمنظر ربنا يسوع وهو مُعرى على الصليب وهو متألم يجعل الإنسان لا ينتفخ . 2/ إذا كان لديك أي ميزة أو فضيلة فكل هذا فضل من الله وعلى الإنسان أن يُرجع هذه العطية إلى صاحبها وأن يمجد الله وأن لا ينسبها لنفسه ولا يتكبر ربنا يهيئنا للخدمة ولعمله الإلهي ولإلهنا المجد إلى الأبد آمين

أساسيات فى الخدمة ج2

سنتحدث عن باقي أساسيات الخدمة وهم :0 8) الخفاء . 9) الصلاة . 10) الحكمة . 11) قيمة الفرد أو النفس . 12) لاحظ نفسك والتعليم . 8) الخفاء : ============ كل ما كان العمل في الخفاء كل ما نضمن بإيمان أنَّ الله يراه وأنه يسمع ويُكافئ ويجازي .. وكل ما نعمل في الخفاء كل ما نضمن أنه عمل روحي وليس عمل بشري .. والعكس صحيح فإذا كان في العمل روح إعلان أو تظاهر أو افتخار فاعلم جيداً أنَّ هذا العمل ليس روحي ولكنه بشري وذلك لأنك تنتظر مكافأة من الناس أو مديح أو تشجيع وبذلك يشعر الإنسان أنَّ الله لا يكافئه بل الناس .. ومن أكثر المؤشرات التي تجعل الإنسان يطمئن في أنه يعمل عمل روحي سواء في الخدمة أو العطاء أو الصلاة أو أي ممارسة لأي عمل روحي هي كلمة الخفاء فالخفاء هو إحساس قلبي أو هو دافع في الإنسان وعلى الإنسان أن يسأل نفسه هل في داخل قلبه محبة للخفاء ؟ هل عندما يعمل أي عمل بر يحاول أن يخفيه ؟ هل الإنسان عندما يقف في القداس يرفع قلبه لله ؟ أم يقف في القداس لأنه أمام الناس ؟ هل هو يخدم من أجل الله أم من أجل التظاهر والإفتخار ؟ فالذي يضمن للإنسان أنَّ هذا العمل لله هو الخفاء .. والخدمة التي تُعمل في الخفاء نضمن ثمارها وأجرها وكما قال رب المجد ﴿ الحق أقول لكم إنهم قد استوفوا أجرهم ﴾ ( مت 6 : 2 ) .. فالذي أخذ أجره على الأرض سواء مديح أو تعليق أو مكافأة أو مجازاة لا يكون له أجر في السماء . فممكن أن يدخل الإنسان الخدمة ويخدم لأنه يريد أن تقول الناس عليه كلام جيد .. أو أنه يشعر في نفسه أنه أفضل من غيره ويكون في داخله تظاهر وتفاخر ويريد أن يعلن على العمل الذي يقوم به لكل الناس ولكن هذه ليست الخدمة لأنَّ من أساسيات الخدمة الخفاء .. وهنا نذكر مواقف هامة تدل على أهمية أن يتم العمل في الخفاء :0 1. نحميا عندما أراد أن يبني أسوار أورشليم فكان يتفقد أورشليم وأسوارها لعدة أيام ومعه بعض من الناس وكانوا يسألونه عما سيفعل ولكن نحميا قال ﴿ لم أُخبر أحداً بما جعله إلهي في قلبي لأعمله في أورشليم ﴾ ( نح 2 : 12) وذلك حتى يتمم عمله في خفاء وهدوء وصمت .. فجميل أن يعمل الإنسان في خفاء وفي سرية ومن الصعب أن يعمل الإنسان عمل الله بروح افتخار أو يعمل عمله من أجل الناس وليس من أجل الله فإذا كان الخادم يخدم وكل الناس تراه إلا أنه من داخل قلبه يريد أن لا يراه أحد فاسعى دائماً للأعمال غير المرئية .. فإذا كان هناك مبنى عميق فاعلم أنَّ له أساس قوي أسفل هذا المبنى ولكنه مخفي فإذا اهتم الإنسان بالأساس وأصبح قوي فاعلم أنَّ المبنى سيكون عالي ولكن إذا لم يكن هناك بُعد خفي في حياتك فاعلم أنَّ المبنى في خطر لأنه مُعرض للسقوط ويكون سقوطه عظيماً . 2. نذكر أيضاً يوناثان بن شاول عندما قام هو وحامل سلاحه وحارب الفلسطينيين ولم يخبر أباه ( 1صم 14) .. فعلى الإنسان أن يجتهد وهو يقوم بعمله ولا يشعر به أحد .. وممكن أيضاً أن لا يظهر في الصورة وقد ينسب العمل إلى غيره وذلك لأنه يريد أجر من الله وليس من الناس .. فخدمة الصلاة والإفتقاد والتجهيز للأعمال كلها خدمات تُعمل في الخفاء والخدمة الصادقة المقبولة عند الله هي خدمة الخفاء . 9) الصلاة : ============= لا يوجد أبداً مبرر أو معنى لأي خدمة تُفعل بدون صلاة .. فالصلاة هي قلب الخدمة النابض وهي سر الحياة وهي أيضاً سبب وجود الخدمة .. فالصلاة تعطي للخدمة حياة وثمر وقوة والخدمة بدون صلاة تُصبح خدمة اجتماعية مثل النادي .. فالصلاة من أجل أي عمل هي التي تجعل هذا العمل روحي .. وربنا يسوع المسيح كان ينفرد بنفسه في أوقات كثيرة وفي أماكن خلاء ليصلي ويقول الكتاب المقدس ﴿ وقضى الليل كله في الصلاة لله ﴾ ( لو 6 : 12) .. وأيضاً ﴿ أما يسوع فمضى إلى جبل الزيتون ﴾ ( يو 8 : 1) .. وربنا يسوع يرفع قلبه ويقول ﴿ أيها الآب القدوس احفظهم في اسمك ........ قدسهم في حقك ﴾ ( يو 17 : 11؛ 17) .. فربنا يسوع يصلي من أجل الخدمة . فكم نحتاج نحن للصلاة .. وأيضاً يقول ﴿ أما أنا فصلاة ﴾ ( مز 109 : 4 ) .. فالبُعد الخفي في الخدمة هو الصلاة والأساس الذي يقوم عليه أي عمل هو الصلاة .. ويكلم صموئيل النبي شعب إسرائيل ويقول لهم ﴿ أما أنا فحاشا لي أن أُخطئ إلى الرب فأكف عن الصلاة من أجلكم ﴾ ( 1صم 12 : 23 ) .. لقد اعتبر صموئيل النبي عدم الصلاة خطية وأيضاً عدم الصلاة من أجل الخدمة يُعتبر خطية .. فالخادم الذي لا يصلي ولا يرفع اشتياقات قلبه أمام الله ولا يستشر الله في خدمته فهو بهذا يخدم معتمداً على ذاته وفكره وذراعه وكل هذا غير مقبول أمام الله .. ويقول أحد الآباء ﴿ ليت تتكلم مع يسوع عن أولادك أكثر ما تكلم أولادك عن يسوع ﴾ .. فعندما يصبح الإنسان خادم لابد أن تشغل الخدمة جزء من صلاته وإذا لم يكن يصلي يبدأ في الصلاة من أجل الخدمة وبذلك تُصبح الخدمة سبب بركة في حياته ويتعلم الصلاة من خلال الخدمة وبذلك يضمن أن تكون الخدمة روحية وفيها ثمر لأنه يخدم بالله وليس بذاته . وكما قال القديس بولس الرسول ﴿ ثلاث سنين ليلاً ونهاراً لم أفتر عن أن أُنذر بدموع كل واحدٍ ﴾ ( أع 20 : 31 ) .. فهو يصلي بدموع وبجهاد ولذلك يقول أيضاً ﴿ أحني رُكبتيَّ لدى أبي ربنا يسوع المسيح ﴾ ( أف 3 : 14) .. فالخادم الذي ركبتيه منحنية ويديه مرفوعة من أجل الخدمة فهذا خادم يجعل الله أمامه .. وهناك مثال آخر وهو موسى النبي وصلاته من أجل الشعب وأيضاً إيليا النبي ويشوع النبي هؤلاء كانوا أساساً مُصلين فالصلاة هي عمود وأساس الخدمة .. فلابد أن يكون عند الخادم روح تضرع أمام الله وأن يتعلم الإتضاع وأن يصلي من أجل الآخرين فالصلاة من أجل الآخرين تعطي للإنسان إحساس بأنه يقف أمام الله .. وعندما يصلي يطلب عن كنيسته وعن الخدمة وعن الآباء الكهنة وهذا هو الحب العملي والإتضاع العملي وهذا ما يحبه الله ويريد أن يسمعه . فما أجمل أن أُحدث الله عن إخوتي وأقف أمام الله وقلبي فيه غيرة لكل الذين حولي .. فإذا كان لك زميل بعيد عن الله أو إنسان يسير في تيار شرير فصلي من أجله لأنَّ الأمر يحتاج إلى قوة فوق قوتك لأنك ضعيف .. والإنسان الذي يصلي من أجل الغير لا ينجذب إلى الخطية فعندما نطلب عن الآخرين نتقدس نحن وبهذا نؤكد أمام الله أننا نريد أن نعيش حياة مقدسة .. فالصلاة مع الخدمة تُعتبر عمل روحي سماوي وكنيستنا كنيسة صلاة وعبادة فالصلاة هي التي تبني الكنيسة وعن طريق الصلاة نرفع كل الطِلبات من أجل الخليقة ونصلي عن الساقطين ونقول ﴿ الساقطين أقمهم والقيام ثبتهم ﴾ .. ومن الممكن أن يجذب الله النفوس ويُقدس الناس من أجل صلاتنا وأي مشكلة تُحل بالصلاة فكان البابا كيرلس السادس يوزع المشاكل على المذابح ويعطي لكل قديس مشكلة معينة .. ومن الصعب أن يشعر الإنسان أنه غير مسموع لدى الله ولكن لابد أن نثق أنَّ الله يسمعنا وأنه إله حي فثق أنَّ أُذن الله قريبة لشفتيك . 10) الحكمة : =============== يقول الكتاب المقدس ﴿ رابح النفوس حكيم ﴾ ( أم 11 : 30 ) .. فلابد أن يعرف الخادم متى يتكلم .. ومتى يوبخ .. ومتى يصمت .. ومتى يكون خادم ؟ فاستخدام الخادم للأسلوب المناسب يجعل المخدوم يستجيب وينجذب إليه .. وكما قال معلمنا بولس الرسول إلى أهل كورنثوس ﴿ أخذتكم بمكرٍ ﴾ ( 2كو 12 : 16) .. فكان عندما يدخل القديس بولس أي مدينة كان يتحدث بإسلوب وطريقة هذه المدينة .. فمثلاً يستخدم الشعر في مدينة وفي مدينة أخرى مثل أثينا وجد مذبح مكتوب عليه أنه لإله مجهول فقال بولس الرسول لهم ﴿ أراكم من كل وجهٍ كأنكم متدينون كثيراً ﴾ ( أع 17 : 22 ) ثم حدثهم عن هذا الإله المجهول .. وأيضاً تحدث بولس الرسول أمام فيلكس الوالي عن البر والدينونة والتعفف فارتعد فيلكس الوالي من هذا الكلام . وكان عندما يتحدث بولس الرسول إلى تلميذه تيموثاوس كان يستخدم أُسلوب آخر .. وربنا يسوع المسيح قال لتلاميذه ﴿ هلم ورائي فأجعلكما صيادي الناس ﴾ ( مت 4 : 19) .. أي بحكمة نستطيع أن نجذب النفوس .. ويقول الكتاب المقدس ﴿ إن جاع عدوك فأطعمه وإن عطش فاسقه ﴾ ( رو 12 : 20 ) لأنك بذلك تكسبه بحكمة وتكسر الشر الذي داخله .. فلابد أن يكون أُسلوب الخادم لائق ويجذب ويشجع وأن يتحلى بروح هادئة ووداعة .. ويُذكر في سفر أعمال الرسل عندما تم اختيار السبعة شمامسة للخدمة كان من شروطهم أن يكونوا ﴿ مملوين من الروح القدس وحكمة ﴾ ( أع 6 : 3 ) .. ويقول الكتاب المقدس ﴿ إن كان أحدكم تعوزه حكمة فليطلب من الله ﴾ ( يع 1 : 5 ) .. فالإنسان الحكيم يستطيع أن يكسب أعداؤه أما الجاهل فيخسر أصدقاؤه .. ومعلمنا بولس الرسول عندما تحدث إلى أُناس مبتدئة في الإيمان لم يعطيهم كلام البالغين بل أعطاهم طعام الأطفال وقال لهم ﴿ سقيتكم لبناً لا طعاماً ﴾ ( 1كو 3 : 2 ) .. ويقول في سفر الجامعة ﴿ ولد فقير وحكيم خير من ملك شيخ جاهل ﴾ ( جا 4 : 13) .. فالحكمة أفضل من الغِنى فهل تعرف كيف تجذب الناس لله ؟ فهناك إنسان يحتاج لحب وآخر لصداقة وآخر لكلمة أو لهدية فلابد أن تلاحظ هذا وتقدم كل هذه الإحتياجات .. ﴿ الحكمة خير من اللآلئ ﴾ ( أم 8 : 11) .. وأيضاً ﴿ تفاح من ذهب في مصوغ من فضة كلمة مقولة في محلها ﴾ ( أم 25 : 11) .. وسنذكر هنا قصة تبين مدى أهمية الحكمة .. كان هناك إنسان يريد أن يترك المسيح فأرسلوا إليه خادم لينصحه ويجذبه عن هذا الطريق ولكنه لم يكن حكيم فقال الخادم لهذا الإنسان أنه سيقول له كلمة وهي * كل بيت له زبالة وكل شارع له كُناسة * .. ثم قال له * أنا قلت لك هذا الكلام وإنت حر * .. ثم قال له * إبن الهلاك للهلاك يُدعى * .. وقام الخادم ليصلي * أبانا الذي في السموات * .. لقد ترك هذا الخادم كل آيات الإنجيل المُشجعة وقد كان من الممكن أن يقول له ﴿ الله لا يشاء موت الخاطئ مثل ما يرجع ويحيا ﴾ .. وكان من الممكن أيضاً أن يُحدث الخادم هذا الإنسان عن بطرس الذي أنكر المسيح ورجع حتى يرفع هذا الإنسان ولكنه لم يستخدم الكلام المناسب .. فالإنسان الحكيم هو الذي يعرف كيف يستخدم الدواء المناسب في الوقت المناسب . 11) قيمة الفرد أو قيمة النفس : ===================================== الفرد غالي جداً عند الله وكريم جداً .. وكل فرد أمام الله له كرامة عظيمة .. فالنفس الواحدة غالية جداً فكل نفس تساوي الله لأنَّ الإنسان من صُنع الله .. ولذلك يقول ﴿ يداك صنعتاني وجبلتاني ﴾ ( مز 119 : 73 ) .. فكرامة الإنسان من كرامة الله .. ﴿ بالمجد والكرامة توجته وعلى أعمال يديك أقمته ﴾ ( مز 8 – من مزامير باكر ) .. فالإنسان محبوب من الله والله يقول ﴿ لذاتي مع بني آدم ﴾ ( أم 8 : 31 ) .. وربنا يسوع في خدمته إهتم بكل فرد مثل زكا .. وبالرغم من أنَّ زكا كان فوق الشجرة وكانت الجموع تزحم ربنا يسوع إلا أنَّ ربنا يسوع قال لزكا ﴿ أسرع وانزل لأنه ينبغي أن أمكث اليوم في بيتك ﴾ ( لو 19 : 5 ) .. فالله إهتم بزكا ليُخلصه وقال ﴿ اليوم حصل خلاص لهذا البيت إذ هو أيضاً ابن إبراهيم ﴾ ( لو 19 : 9 ) .. وأيضاً عندما مشى الله " 6 " ساعات ليتقابل مع المرأة السامرية . فالله لا يريد هلاك أي شخص فالإنسان له دالة عظيمة عند الله فهو تاج الخليقة وشفيع الخليقة .. وفي العهد القديم إهتم الله بالفرد فاهتم الله بأبونا إبراهيم وموسى النبي وإيليا النبي واهتم أيضاً بدانيال النبي وهو في جب الأسود وأرسل ملاكه .. وأيضاً في مَثَل الخروف الضال ترك الراعي التسعة والتسعين خروف وذهب ليبحث عن خروف واحد .. ونجد مدى اهتمام الله بالإنسان فيقضي الليل ليتحدث مع نيقوديموس ويعمل معجزة مع المولود الأعمى .. وأيضاً إهتم الله ببطرس وقال لمريم المجدلية ﴿ اذهبي إلى إخوتي وقولي لهم ﴾ ( يو 20 : 17) .. وظهر الله من أجل توما مرة أخرى وظهر لشاول وجذب اللص اليمين وخلصه .. ولذلك فعلى الخادم أن لا يتعامل مع الأولاد على أنهم كشف أسماء أو أرقام ولكنهم نفوس غالية على الله .. ولهذا يقول ﴿ معرفة اعرف حال غنمك واجعل قلبك إلى قطعانك ﴾ ( أم 27 : 23 ) .. فعلى الخادم أن يعرف مشاكل واحتياجات أولاده ويعرف ظروفهم الخاصة ويعرف كيف يشجعهم ويجذبهم ويُنمي مواهبهم . 12) لاحظ نفسك والتعليم : =============================== هناك مشكلة كبيرة قد تواجه الخادم وهو أنه يهتم بالخدمة وينسى نفسه وينسى بناؤه الشخصي في وسط الخدمة .. ولكن على الخادم أن يسأل نفسه هل حضر الإجتماع الخاص به ؟ هل صلى ؟ هل حضر عشية ؟ ويقول القديس بولس الرسول لتيموثاوس الأسقف ﴿ لاحظ نفسك والتعليم وداوم على ذلك ﴾ ( 1تي 4 : 16) .. فعلى الخادم أن يرتب أولوياته من حضور عشية وصلاة نصف الليل وتسبحة وأن يكون له قداس خاص به وأن يحضره من البداية بقلب مرفوع .. فلابد أن يكون للخادم عبادة خاصة وأن يلاحظ نفسه ونموه المستمر ولا ينسى نفسه وسط الخدمة وإلا سيُصبح مثل جرس الكنيسة الذي يدعو الناس للكنيسة وهو ليس له علاقة بالكنيسة وفي هذه الحالة ستُصبح الخدمة سبب تأخر وجمود وجفاف روحي . وقد يهتم الخادم بأمور معينة لم يكن يهتم بها من قبل .. وقد يصل إلى إدانة الناس وأيضاً إدانة الآباء الكهنة وهذه هي خدعة من عدو الخير وفي النهاية يؤدي كل ذلك إلى تعب الخادم .. وقد ينشغل الخادم بالخدمة عن الله ويشعر أنَّ التعاليم التي تُقال ليست له ولكن لغيره فيحضر إلى الكنيسة بقلب لا يحب التعلم أو يكون غير مشتاق للتعلم .. فما أجمل أن يدخل المخدوم إلى الكنيسة ويجد الخادم يحضر وبذلك يُصبح الخادم قدوة للمخدوم ويتعلم منه .. فمن الجميل أن يشعر الخادم أنَّ له قلب تلميذ وأن يتابع نفسه ويعرف أخطاؤه وينمو في الخدمة باستمرار .. وكما قال القديس بولس الرسول ﴿ حتى بعد ما كرزت للآخرين لا أصير أنا نفسي مرفوضاً ﴾ ( 1كو 9 : 27 ) .ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته ولإلهنا المجد إلى الأبد آمين

أساسيات فى الخدمة ج1

سنتحدث عن أربعة نقاط هامة وهم :0 4) التلمذة . 5) القدوة والتسليم . 6) الجدية . 7) التشجيع . 4) التلمذة : ============= إنَّ الإتضاع يولد التلمذة فالإنسان المتضع يحب أن يتعلم ويتتلمذ وأن يكون له مصدر يتعلم منه وكل ما يحتفظ الإنسان باتضاعه كل ما يحتفظ بروح التلمذة .. فالذي يفقد الإتضاع يفقد أيضاً التلمذة فلا يوجد إنسان يتتلمذ وهو متكبر .. وربنا يسوع المسيح دعا تلاميذه لكي يتلمذوا وقال لهم ﴿ فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس ﴾ ( مت 28 : 19) .. فشعور الخادم باستمرار أنه تلميذ يُعتبر من أهم الأشياء في الخدمة فعلى الخادم أن يشعر أنه تلميذ عند كل الناس .. والخادم الناجح هو الذي يتعلم باستمرار فيتعلم من أولاده ومن أمين الخدمة ومن أبونا الكاهن فكل مصدر أمامه يتعلم منه .. ونجد أنَّ هذا التعليم ينمو ويزيد وذلك لأنَّ عند الخادم حب للتلمذة ولا يشعر أنه كبر أو اكتفى وذلك لوجود روح المحبة لديه . فجيد أن يجلس الإنسان تحت قدمي معلم حتى يتعلم منه وهذا هو سر قوة القديسين فنجد أنَّ القديس كان شغوف لكي يتعلم ولهذا نجد أنَّ آباء الرهبنة كان لكلٍ منهم تلميذ .. فمثلاً الأنبا شنودة رئيس المتوحدين تلميذه الأنبا ويصا .. الأنبا باخوميوس تلميذه الأنبا تادرس والأنبا بولس البسيط تلميذ الأنبا أنطونيوس .. فنجد دائماً روح التلمذة والتلمذة هي تعليم حياة وليست مجرد تعليم كلام فالتلمذة هي تسليم حياة للواقع والإنسان الذي يريد أن يعيش في جو الخدمة لابد أن يكون عنده روح التلمذة وروح التعليم وأن يكون شغوف لكي يُضيف كل يوم لخبرته خبرة جديدة ولتعليمه تعليم جديد فيتتلمذ على الآباء والخدام وعلى العظات والعشيات .. وعندما يرى نماذج جيدة يكون لديه اشتياق أن يجلس تحت أقدامهم ولهذا فروح التلمذة أمر هام في حياتنا وقد كان تيموثاوس تلميذ للقديس بولس الرسول بالحياة فكان يذهب معه في الخدمة ويجلس معه فعلمه القديس بولس وسلمه الحياة وسلمه أيضاً فكره .. ويقول القديس بولس الرسول لتلميذه تيموثاوس ﴿ ما سمعته مني بشهودٍ كثيرين أودعه أُناساً أُمناء يكونون أكفاء أن يعلموا آخرين أيضاً ﴾ ( 2تي 2 : 2 ) .. فبولس علَّم تيموثاوس وتيموثاوس علَّم أُناساً آخرين وهذه هي التلمذة . إنَّ كنيستنا كنيسة تلمذة .. لا يوجد أحد في الكنيسة بدون مُعلم فالتلميذ له مُعلم وهو الخادم والخادم له مُعلم وهو أب اعترافه .. فلا يوجد أحد كبير نفسه في الكنيسة ولذلك فالكنيسة كلها كنيسة تلاميذ وربنا يسوع أطلق على الآباء الذين كرزوا وسلموا الإيمان لنا إسم * تلاميذ * .. فكلنا تلاميذ في مدرسة ربنا يسوع المسيح .. ومن ضمن الأمور المهمة في الخدمة هي أن يعيش الخادم بروح التلمذة لأنَّ التلمذة مبدأ أساسي في الحياة .. وكانت توجد تلمذة في العهد القديم فمثلاً إيليا كان تلميذه إليشع وكان إليشع يحترم ويستفاد من إيليا وكان عندما يرى إيليا كان يمجده ويقول له ﴿ يا أبي يا أبي مركبة إسرائيل وفرسانها ﴾ ( 2مل 2 : 12) .. فإليشع يرى أنَّ معلمه قوة جبارة .. ويشوع تلميذ موسى وقد تتلمذ على موسى بالحياة وبالفعل إلى أن جاء الوقت وقال موسى ليشوع أنه سيكون القائد وأيضاً قال الله ليشوع ﴿ كما كنت مع موسى أكون معك ﴾ ( يش 1 : 5 ) .. وبولس الرسول تتلمذ على يد حنانيا وكان غمالائيل مُعلمه في اليهودية .. فعلى الإنسان أن يستفيد من روح التلمذة ويتتلمذ على كل كتاب وكل شريط عظة وممكن يتتلمذ الإنسان على يد آباء مازالوا أحياء أو على يد آباء تنيحوا مثل أبونا المتنيح بيشوي كامل وذلك عن طريق تعاليمهم الموجودة حتى الآن .. فالتلميذ الناجح مثل النحلة التي تأخذ فائدة من كل زهرة حتى يُصبح لديه رائحة حلوة . 5) القدوة والتسليم : ======================= التسليم هو تتابع التعليم أي شخص يسلم لشخص .. والتسليم يعني روح التقليد الذي في الكنيسة .. وأيضاً تُعتبر القدوة مبدأ هام في الخدمة فالخادم نفسه نموذج فلا يجب أن يقول كلام ويفعل شئ آخر .. فمثلاً عندما يتكلم الخادم عن المحبة والتسامح والإتضاع فلابد أن تكون هذه الصفات فيه ولكن قد لا يكون عنده أي شئ من هذه وقد لا يحب المحيطين به وقد يصل الأمر إلى إدانة الناس .. فأجمل شئ في الخدمة أن يكون الخادم قدوة نافعة ولهذا يقول سيدنا البابا عبارة جميلة وهي ﴿ الخادم في الكنيسة هو درس في حد ذاته فالخادم وسيلة إيضاح للفضائل ﴾ . فمن الخادم نتعلم الصلاة والوداعة .. المحبة والتواضع .. فإذا أراد المخدوم أن يتعلم فضيلة فسينظر إلى الخادم وقد لا يتذكر المخدوم كلام الخادم ولكنه يتذكر مواقفه أي أنَّ المحبة العملية هي التي تبقى وتظل قدوة التصرف وقدوة المحبة وقدوة الإتضاع هي الباقية والقدوة لا تأتي بالتمثيل أو التظاهر أو الرياء لأنَّ كل فعل غير مفعول من القلب يتضح .. فالإنسان الذي يُظهر نفسه متضع تستطيع أن تفرقه عن الإنسان المتضع بالحقيقة .. فعلى الإنسان أن يكون قدوة صالحة وصورة لربنا يسوع المسيح .. وعندما كلم صموئيل النبي الشعب قال لهم إن كان قد أخذ شئ من أحد أو ظلم أحد أو قال كلمة رديئة على أحد فهو بهذا يريد أن يكون قدوة للمؤمنين .. ويقول معلمنا بولس الرسول لتلميذه تيموثاوس ﴿ كن قدوة للمؤمنين في الكلام في التصرف في المحبة في الروح في الإيمان في الطهارة ﴾ ( 1تي 4 : 12) . فالقدوة أساس روح الخدمة ولهذا يقول رب المجد ﴿ تعلموا مني لأني وديع ومتواضع القلب ﴾ ( مت 11 : 29 ) .. وأيضاً ﴿ من منكم يبكتني على خطية ﴾ ( يو 8 : 46 ) .. فالخادم يُعتبر نموذج ولهذا فالمخدوم يقلد الخادم ويتشكل بشكله وبفكره وفي كلامه وفي تصرفه وفي ملابسه .. ولهذا فعلى الخادم أن يكون ملح جيد لأنه إن فسد الملح فبماذا يملح ( مت 5 : 13) .. فلابد أن نقدس ذواتنا من أجل الرسالة التي أعطاها الله لنا وأن نكون قدوة . فمثلاً على الخادمة أن تلبس ملابس حشمة داخل الخدمة وخارجها لأنَّ أولادها قد يروها في أي وقت .. وهناك كتاب هام وهو * البابا كيرلس مدرسة الفضائل * فكل إنسان يستطيع أن يتعلم الفضائل من البابا كيرلس لأنه هو فضيلة فنتعلم منه الصلاة والإحتمال والبذل والعطاء .. وهناك قصة جميلة وهي يُحكى أنَّ إنسان كان يجلس عند الأنبا أنطونيوس ولم يتحدث فقال له الأنبا أنطونيوس لماذا لا تتكلم وتسأل مثل باقي إخوتك ؟ فقال له * يكفيني النظر إلى وجهك يا أبتي * .. فالتسليم حياة وعلى الخادم أن يُسلم روحه وفكره ولا يكون ذلك مجرد كلام أو نظريات . 6) الجدية : ============ إحذر من أن تأخذ الخدمة باستهتار أو بكسل فالخدمة هي عمل الله ويجب على الخادم أن يكون عنده روح بذل وتضحية وحب وعطاء .. ومن أكثر الأشياء التي تتعب الخدمة هي أنَّ هناك بعض من الخدام يدخلوا الخدمة منظر أو ديكور أو ليُطلق عليهم إسم خادم .. وقد يظن البعض أنَّ الخدمة ستعطي للخادم مجد أو كرامة ولكن الخدمة عطاء وحب .. وعلى الخادم أن يتعب والخدمة تتطلب من الخادم أن يضحي بأمور أخرى من ضمنها الوقت .. وقد يأخذ وقت من دراسته للخدمة ولهذا فالخدمة عطاء وليست أخذ .. وأيضاً الخدمة تحتاج إلى مجهود في التحضير وتجهيز الدرس .. ويقول سفر أرميا آية هامة وهي ﴿ ملعون من يعمل عمل الرب برخاوة ﴾ ( أر 48 : 10) .. وسمة هذا الجيل أنَّ أكثر أولاد الكنيسة خدام ولكن من منهم يتعب في الخدمة ؟ فسنجدهم عدد قليل وقد قال معلمنا بولس الرسول عن الخدمة أن نَنفِق ونُنفَق .. * فنَنفِق * تعني أنه يدفع أو يعطي من ماله .. و * نُنفَق * أي نتعب وهذه هي جدية الخدمة .. وأيضاً ﴿ من أجلك نمات كل النهار قد حُسبنا مثل غنمٍ للذبح ﴾ ( رو 8 : 36 ) . ومن أجمل النماذج عن الجدية هو نحميا النبي فكان الناس تبني بيد والسلاح جانبهم وعندما وجد نحميا الناس خائفة ومُحبطة وفيها ضعف فقال لهم ﴿ إله السماء يعطينا النجاح ونحن عبيده نقوم ونبني ﴾ ( نح 2 : 20 ) .. ومن كثرة جدية العمل أنَّ نحميا وغلمانه لم يكن لديهم وقت لكي يخلعوا ملابسهم وكل ذلك لكي يبنوا أسوار أورشليم .. وعندما كان يذهب أي أحد ليشرب كان يذهب ومعه سلاحه وهذه هي الجدية ولكن كل شخص على قدر طاقته .. وهناك قول لسيدنا البابا وهو ﴿ إذا تعب الخدام فالناس سترتاح وإذا استراح الخدام فالناس ستتعب ﴾ .. ولكن كل شخص على قدر طاقته . فمثلاً في مثل الوزنات يوجد من أخذ وزنة وآخر وزنتين والأخير خمسة وزنات ولكن الأهم هي الأمانة لنسمع هذا القول ﴿ كنت أميناً في القليل فأُقيمك على الكثير ادخل إلى فرح سيدك ﴾ ( مت 25 : 21 ) .. ويقول القديس بولس الرسول لتيموثاوس ﴿ تمم خدمتك ﴾ .. وأيضاً ﴿ اعمل عمل المبشر ﴾ ( 2تي 4 : 5 ) .. فالخدمة تريد جدية وأمانة ونجد مدى غيرة وأمانة معلمنا بولس الرسول في خدمته فكان يطوف كل البلاد ولهذا يقول ﴿ قد جاهدت الجهاد الحسن أكملت السعي حفظت الإيمان وأخيراً قد وُضع لي إكليل البر ﴾ ( 2تي 4 : 7 – 8 ) .. ويُحكى على خادم كان يخدم في القرى فكان يجمع الناس في منزل ويرنموا ثم يقول لهم كلمة وبعد ذلك ينصرفوا فبعض الناس غير مسيحية أمسكوا هذا الخادم وضربوه وقالوا له * إذا حضرت في المرة القادمة سنكسر رجلِيك * .. فذهب هذا الخادم إلى الأسقف وحكى له ما حدث وقال له ماذا أفعل ؟ هل أذهب مرة أخرى أم لا ؟ فقال له الأسقف كما تريد .. فقرر الخادم أن يذهب وفعلاً هؤلاء الناس أمسكوا الخادم وكسروا رجليه وقالوا له إذا حضرت المرة القادمة فستموت وذهب هذا الخادم إلى الأسقف مرة أخرى وحكى له ما حدث ثم قال له ماذا أفعل ؟ فقال له الأسقف إن أردت أن تذهب فاذهب وإذا كنت لا تريد فلا تذهب فقرر هذا الخادم أن يذهب مرة أخرى لهذه القرية وفعلاً أمسكوه هؤلاء الناس وضربوه حتى استُشهد هذا الخادم .. وهنا سؤال هام هل الخادم يشعر بخدمته .. أو أنَّ خدمته مجرد شكل ؟ فاحذر من أن تكون الخدمة شكل أو وسيلة لتأخذ بها كرامة أو مجد في الكنيسة . 7) التشجيع : =============== يقول القديس بولس الرسول في رسالته الأولى إلى أهل تسالونيكي ﴿ شجعوا صغار النفوس أسندوا الضعفاء تأنوا على الجميع ﴾ ( 1تس 5 : 14) .. وكلمة * صغار النفوس * تعني الذي يشعر أنه ضعيف أو أنه أقل من غيره فعندما ترى إنسان صغير النفس فعليك أن تشجعه وإذا عرفت أنَّ هناك شخص في ضعف لابد أن تستر عليه ولا تُشهر به وإذا رأيت شخص أقل منك فعليك أن تشجعه ولا تحتقره وتصلي من أجله .. وأحد علماء النفس يقول ﴿ أنه من الممكن أن يعيش إنسان بدون أكل لمدة أسبوع وبدون ماء لمدة ثلاثة أيام وبدون أكسچين لمدة 3 دقائق ولكنه لا يمكن أن يعيش بدون تشجيع دقيقة واحدة ﴾ .. أي أنَّ التشجيع أهم من الهواء الذي نتنفسه لأنه مهم للبناء النفسي .. ولذلك فنحن نحتاج إلى التشجيع في الخدمة وفي الحياة . ولكن أحياناً يتكلم الإنسان بطريقة فيها إحباط أو تعب للناس أو تعيير مثل أصحاب أيوب الذين قالوا له أنَّ ما أصابه هو نصيب الأشرار .. وقالت له امرأته بارك الله ومت ( أي 2 : 9 ) .. فلابد أن تشعر بالضعفاء ولهذا يقول الكتاب المقدس ﴿ اذكروا المقيدين كأنكم مقيدون معهم ﴾ ( عب 13 : 3 ) .. وأيضاً ﴿ قوموا الأيادي المسترخية والركب المخلعة ﴾ ( عب 12 : 12) .. والمقصود * بالأيادي المسترخية * أي الأيادي غير العاملة التي لا تصلي فعلينا أن نشجعهم لكي يصلوا ويعيشوا مع الله .. ويُحكى عن الأنبا مقار أنه في ذات يوم سأل تلاميذه وقال لهم * إذا رأيتم إنسان يغرق فماذا ستفعلوا ؟ فقالوا له أنهم سينقذوه .. ولكنه قال لهم ولكني أرى غير ذلك فأنا أرى أنكم إذا رأيتم إنسان يغرق فإنكم تشدوه إلى أسفل وليس إلى فوق * .. وعندما أرسل الله موسى النبي حتى يخلص الشعب ويتكلم أمام فرعون قال موسى أنه لا يستطيع أن يتكلم لأنه ثقيل الفم واللسان ولكن الله شجعه ( خر 4 : 10) .. وأيضاً شجع الله أرميا وقال له ﴿ لا تقل إني ولد ﴾ ( أر 1 : 7 ) .. والله شجع جدعون القاضي بالرغم من أنَّ عشيرته من أصغر عشائر إسرائيل ولهذا يقول في سفر يؤئيل ﴿ ليقل الضعيف بطل أنا ﴾( يؤ 3 : 10) .. والله أيضاً شجع يشوع عندما أمسك بالقيادة بدل موسى وقال له لا تخف تشدد وتشجع .. وشجع الله اللص اليمين الذي شعر بخطيته وقال له ﴿ اليوم تكون معي في الفردوس ﴾( لو 23 : 43 ) .. وعندما صعد الله إلى السماء قال ﴿ ها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر ﴾ ( مت 28 : 20 ) .. فعلى الإنسان أن لا يتصيد أخطاء الناس ولكن يصطاد فضائلهم ويشجعهم ويقول لهم كلمة طيبة .. والإنسان الذي يشجع ويحترم الآخرين يكون محبوب جداً فعلينا أن نشجع بعضنا في الخدمة ونشجع أولادنا وأن يكون لدينا نظرة تبني وأن يكون عند الخادم روح التشجيع التي تبني وليست التي تهدم .ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته ولإلهنا المجد إلى الأبد آمين

مبادئ فى الخدمة ج2

أنا سأتكلّم معكُم عَنْ مبادِىء فِى الخِدمة ، فالمفرُوض أنّنا فِى الثلاث سنيِن فِى مرحلِة إِعدادِى نُعطيِكُمْ 12 مبدأ ، فأنا سأُعطيِكُمْ عنوايِن مبادِىء الخِدمة الخاصَّة بِأولى إِعدادِى ، وَعنوايِن المبادِىء الخاصَّة بِتالتة إِعدادِى فالقديس بولس الرسُول فِى رِسالته لِتلميذه تيموثاوس إِصحاح 4 : 12 يقُول :[ لاَ يستهِنْ أحد بِحداثتِكَ بَلْ كُنْ قِدوَةً لِلمؤمِنِين فِي الكلامِ فِى التَّصّرُّفِ فِي المحبَّةِ فِى الرُّوحِ فِى الإِيمانِ فِى الطَّهارَةِ ] المبادِىء الخاصَّة بِأُولى إِعدادِى : - (1) ضرورة الخِدمة :- لاَ يوجد إِنسان مسيحِى إِلاّ وَيكُون عِنده رُوح خِدمة ، فالخِدمة هى المحبَّة العمليَّة التَّى فِى الإِنجيِل ، هى حياة ربِنا يسُوعَ المسيِح الّذى جاء لِكى يخدِم ، فالخِدمة هى أساس الحياة المسيحيَّة ، وَهى التعبيِر عَنْ المحبَّة العمليَّة 0 (2) الله هُوَ العامِل فِى الخِدمة :- فَمَنْ هُوَ الخادِم الحقيقِى ؟ هُوَ ربِنا يسُوعَ ، مَنْ هُوَ الراعِى الصالِح ؟ ربِنا يسُوع ، فالخِدمة هى مسئولية ربِنا يسُوعَ ، هُوَ الأساس ، مَنْ الّذى كان يُرسِل التلاميِذ مَنْ الّذى إِختارهُمْ ؟ هُوَ ربِنا يسُوعَ 0 (3) الإِتِضاع فِى الخِدمة :- فشرط أساسِى جِدّاً أنّ الإِنسان الخادِم يكُون مُتواضِع ، فرب المجد يسُوعَ قال[ تعلّمُوا مِنِّى لأِنِّى وديِع وَمُتواضِعُ القلب0 ] ( مت 11 : 29 ) ،فَلاَبُد أنّ الإِنسان الخادِم تكُون رُوحه مُتضِعه ، وَنَفْسَه مُنكسِرة ، وَكُلّما إِقترب مِنْ ربِنا يعرِف أنّهُ خاطِىء وَمراحِم ربِنا كبيرة ، وَلكِنْ الكبرياء يُقاوِمهُ الله لأِنّ الله [ يُقاوِمُ المُستكبِرِين]( يع 4 : 6 ) ، فمُجرّد إِحساسِى إِنِّى أحسن مِنْ غيرِى فإِنّ هذا يُوقِف عنِى أىّ نِعمة إِحساسك إِنَّك أفضل مِنْ غيرك هذا خطر ، لاَ يوجد شيء إِسمه إِنَّك أحسن مِنْ غيرك ، فإِنْ كان عِندك شيء مُتّميِز فإِنّ هذا كُلّه هُوَ مِنْ ربِنا ، وَيجِب أنْ نُرجِع هذا الشيء لِربِنا ،وَ لاَ أقُول " أنا " وَلِذلِك إِنتبِهُوا جِدّاً لِهذِهِ النُقطة فِى حياتكُم لِئلاّ تبتعِدُوا عَنْ الطريق ، فأنا أساسِى تُراب ، وَربِنا يسُوعَ نَفْسَه إِنحنى وَغسل أرجُل تلامِيذه 0 (4) التلمذة :- فأعيِش بِقلب تلمِيذ ، أىّ تسليِم الحياة وَيكُون عِندِى رُوح الإِتِضاع بِإِستمرار ،وَأقبل أنْ يكُون لِى مُعلِّم وَمُعلِّم0 المبادِىء الثانية :- (1) الخِدمة وَالقُدوة :- فالقديس بولس الرسُول يقُول لِتلميِذه تيموثاوس كما قرأنا [ كُنْ قُدوةً لِلمُؤمِنِين فِي الكلامِ فِي التّصَرُّفِ فِي المحبَّةِ فِي الرُّوحِ فِي الإِيمانِ فِى الطَّهارَةِ ] ، ما معنى كُنْ قُدوة ؟أىّ أنّ الإِنسان يكُون نموذج ، وَيكُون مِثال ، حياتنا يجِب أنْ تكُون نموذج حىّ وَعملِى لِلآخريِن فمُجرّد حياتك وَسِلُوكك هُما يُعلِنان عَنْ أنَّكِ بِنت لِربِنا ، فَلاَ تنتظرِى حتَّى تكُونِى تاسُونِى ، فأنتِ الآن خادِمة وَقُدوة فِى الكلام ، فِى التّصَرُّفِ ، فِى الطَّهارَةِ ،[ يروا أعمالكُمُ الحسنة وَيُمجِّدُوا أباكُمْ الّذى فِي السَّمواتِ ] ( مت 5 : 16 ) ، يُمجِّدُوا الله بِأعمالِى ، فأجمل شيء هُوَ أنّنا نشهد لِربِنا بِأعمالنا وَبِسِلُوكنا وَلِذلِك أُريِد أنْ أقُول أنّ القُدوة مُهِمّة جِدّاً فِى الحياة المسيحيَّة ، وَلِذلِك يجِب أنْ نُعلِّم النَّاس بِحياتنا ، فتوجد ترنيمة تقُول :- علّمنِى بِحياتك قبل كلامك لىَّ هذا أفضل جِدّاً لِحياتِى الأبديَّة لِذلِك نحنُ مُحتاجيِن جِدّاً أنْ نكُون صُورة لِلمسيِح ، نموذج حىّ ، فربِنا يسُوعَ عِندما كلّمنا عَنْ الإِتِضاع وَالحُب وَالغُفران وَالتسامُح وَالفِداء ، فهل كان يقُول هذا بِالكلام فقط أم كان يفعلهُ ؟! كان يفعلهُ 0 مُعلّمِنا بُطرُس الرسُول يقُول [ تارِكاً لنا مِثالاً لِكى تَتَعُوا خُطُواتِهِ ]( 1 بط 2 : 21 ) ، أهم نموذج فِى القُدوة كان ربِنا يسُوعَ المسيِح بِنَفْسَه ، فأكثر شيء يؤثِر فِى الإِنسان هُوَ العمل وَليس الكلام ، فعِندما ترى إِنسان بِيضع عطاء فِى الصندُوق ،أوْ إِنسان بِيساعِد فقير ، أوْ إِنسان بِيصلِى بِقلبه ، فإِنّ هذا المنظر سيُؤثِر فِيكِ أكثر مِنْ أنَّكِ تقرأىِ كُتب فمُجرّد أنْ تعملِى عمل فإِنّ هذا لهُ تأثير ، فيجِب أنْ تكُون حياتنا على مِثال ربِنا يسُوع المسيِح ، وَبِذلِك أكُون خادِمة لِربِنا يسُوعَ فِى بيتِى ، وَفِى أُسرتِى ، وَمَعَْ أقارِبِى ، وَمَعْ جِيرانِى ، فِى حياتِى فالكلام يُمكِنْ أنْ يُنسى ، وَلكِنْ أفعال مُعيّنة لاَ تُنسى ، فَمِنْ الصعب جِدّاً أنّنا نعيِش بِشخصيتين ، شخصيَّة فِى الكنيسة ، وَشخصيَّة فِى البيت مُختلِفة تماماً عَنْ التَّى فِى الكنيسة ، أصعب شيء أنّنا نُتقِن الترانيِم وَما عكس الترانيِم ، أصعب شيء أنّ الإِنسان يفعل شيء غير مُقتنِع بِهِ ، فالمفرُوض إِنِّى أكُون مُقتنِع وَمُتشّبِع بِالتصّرُّف ، وَلكِنْ الشخصيَّة المُنقسِمة فهى شخصيَّة مُتعِبة جِدّاً يوجد شخص كان عِنده خُطوبة ، وَطلب مِنْ واحِد شمّاس أنْ يشترِك فِى الصلاة الخاصَّة بِالخُطوبة ، فقال لهُ أنا سأُحضِر لك مجموعة شمامِسة مُمتازِين ، وَكانت هذِهِ الخُطوبة فِى قاعِة الكنيسة ، وَبعد أنْ تمّت الصلاة فِى الخُطوبة كان نَفْسَه هُوَ الشّماس الّذى قام بِالغُناء ،فِى الخُطوبة 0فهُوَ فِى الصلاة وَالألحان حافِظ جِدّاً وَمُمتاز ، وَفِى الأُمور الأُخرى أيضاً مُحترِف ، فهذِهِ شخصيَّة مُنقسِمة وَلِذلِك لابُد أنْ يكُون الشخص مُتشّبِع بِالأُمور اللائِقة وَمُقتنِع بِها ، فالإِنسان الرُّوحانِى يُمكِنْ أنْ يظهر مِنْ مشيته ، وَمِنْ عينيهِ ، فتوجد عين هادِئة ، وَتوجد عين زائِغة ، توجد عين مُنتفِخة ، وَتوجد عين مُتضِعة ، فالقُدوة بِها عمل جبَّار فعنِدما قامت مجموعة بِزيارِة الأنبا أنطُونيوس كان يوجد واحِد بينهُمْ لاَ يسأله أىّ سؤال ، فتعجّب الأنبا أنطُونيوس مِنْ ذلِك ، فقال لهُ هذا الأخ " يكفِينِى النظر إِلَى وجهك ياأبِى " ، جميل جِدّاً هُوَ الإِنسان الّذى هُوَ بِالفِعل نموذج ، وَقُدوة مُفرِحة لِلّذين حولهُ ، وَصعب جِدّاً عِندما يكُون مُعثِر 0 لابُد أنْ تتشّبعِى مِنْ الآن بِرُوح المسيح الهادِىء [ مَنَ عمِلَ وَعلّم فهذا يُدعى عظيِماً فِى ملكُوتِ السَّمواتِ ] ( مت 5 : 19 ) ففِى صموئِيل الأول إِصحاح 12 قَدْ حدث هذا الموقِف ، صموئِيل النبِى وقف أمام الشَّعب وَقال لهُمْ لقد خدمتكُمْ 20 سنة فهل ظلمت أحد ؟ هل تكلّمت كلام خاطِىء على أحد؟ هل أخذت شيء مِنْ أحد ؟ فوجد أنّ النَّاس تقُول لهُ ، أنت لَمْ تظلِم أحد جميل جِدّاً أنّ الإِنسان يأخُذ مِنْ النَّاس شِهادة صالِحة ، فالقُدوة تُؤثِر أكثر مِنْ الكلام ، فمُمكِن أنْ نتكلّم عَنْ الإِتضاع ، وَلكِنْ ما أجمل أنْ نرى إِنسان مُتّضِع ، مُمكِن أنْ نتكلّم عَنْ الصلاة ، وَلكِنْ ما أجمل أنْ نرى إِنسان يُصَلِّى ، مُمكِنْ أنْ نتكلّم عَنْ المحبَّة ، وَلكِنْ ما أجمل أنْ نرى إِنسان مُحِب فالقُدوة الحيَّة ، القُدوة العمليَّة هى التَّى نحتاج إِليها ، فالخادِم يكُون قُدوة فِى التّصَرُّف ، أىّ أنّهُ لاَ يُعلّمنِى عَنْ المحبَّة وَالوداعة وَأجِدهُ يعلِّى صوته ، وَيُهيِن النَّاس ، وَيغضب ،نحنُ مُحتاجيِن لِنموذج حىّ وَمِنْ الأُمور الهامة جِدّاً جِدّاً بِالنسبة لِلبنات فِى القُدوة هُوَ مظهرها ، فأنتِ مِنْ الآن لابُد أنْ تكُونِى قُدوة لِغيرك فِى مظهرِك ، فَلاَ تكُونِى هوائيَّة ، فِى كُلّ وقت بِنِظام ، فَمَنَ أنتِ ؟ وَماذا تُرِيدِى ؟ هذا أمر مُهِم جِدّاً ، لابُد أنْ تكُونِى راسِخة على تعاليِم مُعيّنة كان يوجد أبونا إِسمه ميخائِيل إِبراهيِم ، وَقبل أنْ يُرسم كاهِن كان إِسمه ميخائِيل أفندِى ، فمُديرة قال لهُ أنت رجُل حلو جِدّاً ، وَمُؤدّب جِدّاً ، وَ لاَ تظلِم أحد ، لاَ تشتِم أحد ،لاَ تبخل على أحد بِشيء ، وَلكِنْ يوجد فِيك عيب واحِد وَهُوَ أنَّك مسيحِى ،فقال لهُ أبونا ميخائِيل ، أنا إِنْ لَمْ أكُنْ مسيحِى لكانت هذِهِ الصِفات غير موجُودة فىَّ ،فأبونا ميخائِيل قُدوة حسنة لأنّهُ بِسببِك يُمجِّدُوا ربِنا فَمِنْ الأُمور التَّى تُحزِن هى أنّهُ توجد بِنت ترتدِى ملابِس غير لائِقة ، وَيقُولُوا عنها أنَّها مسيحيَّة ، وَ لاَ نستطيِع أنْ نُفرِّق بين البِنت المسيحيَّة وَغير المسيحيَّة ، فأنا صُورة المسيِح ،فهل السيِّد المسيِح بِسببِى يُهان وَأنتِ لَمْ تشعُرِى بِذلِك (2) الخِدمة وَالجِديَّة :- ما معنى الجِديَّة ؟ وَهُوَ أنْ يعمل الإِنسان العمل بِأمانة وِبِنشاط وَبِحُب وَبِحزم وَبِإِجتهاد ، وَمِنْ صِفات عدم الجديَّة فِى الخِدمة هُوَ أنْ يعمل الإِنسان الخِدمة بِإِستهتار ، وَ لاَ يُرِيد أنْ يفعل شيء يتعِبه ، فهُوَ يُرِيد كُلّ شيء بِسهُولة ، وَهذا مِنْ صِفات جيلنا وَهُوَ أنّهُ لاَ يُرِيد أنْ يتعِب نَفْسَه فِى شيء فعِندما نقُول لِواحِد صلِّى ، إِخدِم ، إِتعب ، إِذهب ، تعال ، فإِنّهُ لاَ يُرِيد ذلِك لأنّهُ لَمْ يتعّود على ذلِك ، يُرِيد أنّ كُلّ شيء يكُون جاهِز عِنده ، وَالأُم بِتساهِم فِى عدم جديتِك ، وَتُدخِل فِى حياتِك لُون مِنْ الإِستهتار وَالإِستخفاف وَ بِذلِك لاَ نُحِب أنْ نُبذِل مجهُود ما أجمل أنْ أُعّبِر عَنْ حُبِّى بِبذل الجهد ، أرميا النبِى يقُول[ ملعُون مَنْ يعملُ عمل الرّبِّ بِرِخاءٍ ] ( أر 48 : 10 ) ، " ملعُون " أىّ أنّ الرّب لاَ يُبارِكهُ ، " رخاءٍ " أىّ كسل وَإِستهتار وَإِستخفاف ، فَلاَبُد أنْ أتغيّر عَنْ الإِستخفاف وَالكسل وَالتراخِى الّذى أعيِش فِيهِ ، لابُد أنْ أكُون فِى الخِدمة نشيِطة ربِنا يسُوعَ المسيِح عِندما جاء على الأرض كان عالِم بِكُلِّ ما سيأتِى عليه وَثبّت نظرهُ نحو أورُشليِم ، وَهُوَ عالِم بِكُلِّ ما سيأتِى عليه ، وَثبّت نظرهُ نحو أورُشليِم وَهُوَ عالِم أنّهُ سيُسلّم لأيدِى الأثمة وَسيجلِدوه وَسيصِلبُوه ففِى مَثَلَ الوزنات ناس تعبِت وَتمّ مُكافأتها ، وَناس لَمْ تتعب وَأخذ ما معها ، مُستحيِل أنّ الأميِن يُساوى بِغير الأميِن ، ربِنا قَدْ أعطاكِ وزنة ، فَلاَبُد أنْ لاَ تأخُذِى الأمر بِإِستخفاف فيوجد شخص فِى العهد القدِيم إِسمه نحميا ، قَدْ جاء إِليهِ شخص مِنْ أورُشليِم يقُول لهُ أنّ السور مُنهدِم وَالأبواب محرُوقة ، فجلس نحميا يبكِى وَينوح وَيصُوم وَيُصلِّى وَأكتأب وَذهب لِلملِك وَقال لهُ أنّ سور المدينة مهدوم ، وَلابُد أنْ أبنيه ، وَعِندما ذهب لِلمدينة وجد النَّاس فِيها مُتراخِين ، فقال لهُمْ الآية المشهُورة جِدّاً[ إِله السَّماء يُعطِينا النجاح وَنحنُ عبيدُهُ نقُومُ وَنبنِى ] ( نح 2 : 20 ) ربِنا لاَ يُعطيِنا النجاح بِدُون أنْ نقوم وَنبنِى ، لابُد أنْ نعمل العمل بِجديَّة ،وَلِذلِك نحميا قسّم الشَّعب إِلَى فِرق وَكُل فِرقة تقُوم بِبُناء جُزء مِنْ السور ، وَتمّ بُناء السور فِى 45 يوم ، لِدرجِة يقُول الشَّعب [وَكان لِلشَّعبِ قلب فِى العملِ ] ( نح 4 : 6 ) ، فالّذى يُرِيد أنْ يعمل مَعْ ربِنا لابُد أنْ يكُون لهُ قلب فِى العمل ، فَلاَ يأتِى لِلخدمة بِدُون أنْ يقرأ أوْ يُصلِّى أوْ يحضّر ، فالخِدمة تحتاج لإِلتِزام ، تحتاج لِجديَّة ، تحتاج تعب فالنَّاس عِندما بنوا السور لَمْ يكُنْ عِندهُمْ وقت لِيخلعُوا ثِيابهُمْ ، أُنظُروا كيف كانت جديّتهُمْ ، تأمّلُوا فِى جديَّة مُعلّمِنا بولس الرسُول ، فهُوَ لَمْ يهدأ يوم واحِد ، فهُوَ جاد فِى خدمِته وَمُتحمِّس ، وَ لاَ يعمل لِمُجرّد الروتيِن ، وَلِذلِك لابُد أنْ نكُون أُمناء أمام الرّبّ 0 (3) الخِدمة وَالتشجيِع :- فالنِفُوس تحتاج جِدّاً لِلتشجيِع ، وَتتعب جِدّاً مِنْ الّذى ينقُضها ، وَلِذلِك نجِد ربِنا يسُوعَ المسيِح عِندما تقابل مَعْ مُعلّمِنا بُطرُس الرسُول وَهُوَ قَدْ أنكر الإِيمان يقُول لهُ [ إِرع غنمِى ] ( يو 21 : 16 ) ، فبُطرُس الرسُول عِندما أنكرهُ ثلاث مرّات وجد أنّ نَفْسَه صغيرة ، وَكان مُتضايِق ، وَنجِد أنّ ربِنا يسُوعَ شجّعه ، وَرفعهُ رفعه عالية جِدّاً وَعِندما قال لِربِنا يسُوعَ [أنت هُوَ المسيحُ إِبنُ اللهِ الحىِّ ] ( مت 16 : 16 ) ، قال لهُ ربّ المجد [ طُوبى لَكَ ياسِمعانُ بن يُونا إِنّ لحماً وَدماً لَمْ يُعلِنْ لَكَ أنت بُطرُس وَعلى هذِهِ الصَّخرةِ أبنِى كنيِستِى وَ أبوابُ الجحيِمِ لَنْ تقوى عليها ]( مت 16 : 17 – 18 ) ، فهُنا شجّعهُ فنحنُ لاَ نعرِف سِوى أنْ ننقِد وَنهدِم ، نحنُ مُحتاجيِن أنْ يكُون لِساننا أكثر لُطفاً وَرِقَّة ، أحياناً لاَ نعرِف التشجيِع ، صعب جِدّاً إِنِّى أرى كُلّ شيء سيىء فِى صديقِى وَصديقتِى وَ لاَ أكلِّم زميلتِى عَنْ شيء حلو فِيها حاولِى أنْ تشجّعِى فِى مرّة ، فستجدِى مَنْ تُكلّميه قلبه كيف أنّهُ سينفتِح ، فَلاَ داعِى أنْ يكُون لنا فِى كُلّ شيء نظره سوداء وَ لاَ نشعُر بِمشاعِر الآخريِن ربّ المجد يسُوع كثيراً ما تعامل مَعْ ناس يائِسيِن مُحبطيِن ساقِطيِن مذلُولِين مائِتيِن ، وَلِذلِك نقُول لهُ [ الُقيِمِ المِسكيِنِ مِنَ التُرابِ الرافِع البائِسِ مِنَ المزبلةِ ] ( مز 113 : 7 ) ربِنا يحبِنا ، فنحنُ خِلقه الله ، فقد توجد نَفْسَ تحتاج إِلَى كلِمة أكثر مِنْ أىّ شيء آخر ، وَعُلماء النَفْسَ يقُولُوا أنّهُ يُمكِن أنْ لاَ أأكُل أسبُوع ، وَ لاَ أشرب ثلاثة أيَّام ، وَ لاَ أتنفّس ثلاث دقائِق ، وَلكِنْ لاَ أستطيِع أنْ أظِل بِدُون تشجيِع دقيقة واحِدة ، فهل نحنُ بِنشّجع أم بِنرى النُقطة السوداء وَنرّكِز عليها ؟! وَلو أخاكِ عِندهُ نُقطة ضعف فهل بِإِستمرار تكلّميه عليها وَترّكِزِى عليها فقط ؟! فأنتِ بِذلِك لاَ يوجد عِندك إِحساس بِالآخر فحتَّى لو كانت عِندك ملحُوظة قولِيها بِكلِمة لطيِفة ، وَفِى وقت مُناسِب ، فيُقبل كلامِك ، وَإِنْ لَمْ تفعلِى ذلِك فإِنّ هذا الأمر السِّيىء يُمكِن أنْ يزداد ، فالأولاد يحِبُّوا التشجيِع ،وَ لاَ يحِبُّوا أنْ يُوّبخُوا أمام الآخرِين ربِنا مَعْ المرأة التَّى أُمسِكت فِى ذات الفِعل قال لها [وَ لاَ أنا أدِينُكِ00 ] ( يو 8 : 11 ) ، وَلِذلِك يقُول لنا الكِتاب [0شجّعُوا صِغار النُّفُوسِ0 ]( 1 تس 5 : 14 ) ، وَالمقصُود " بِصِغار النِفُوس " هُوَ الإِنسان الّذى عِندهُ نُقطة ضعف ، أوْ أنّهُ لَمْ يثِق فِى نَفْسَه فلو أنا تعاملت مَعْ إِنسان صغيِر النَفْسَ ، فماذا أفعل لهُ ؟؟!! لابُد أنْ أرفعه ،فِى مرّة تعرّفت على ناس أغنياء جِدّاً جِدّاً ، فالسيِّدة عِندما تنزِل لِخدمِة إِخوة الرّبّ بِتنزِل بِملابِس حقيرة جِدّاً ، وَتنزِل لهُمْ بِمُنتهى البساطة ، فالإِنسان يُحِب الّذى يُشّجِعهُ وَيحتويه وَيُحِبه ، وَليس مَنْ يتعالى عليه إِفرِضِى إِنك بِتُعطِى لأولادِك فِى الخِدمة ، وَدخلُوا مُسابقة وَإِنغلبُوا ، نقُول لهُمْ خلاص ، ألسنا قَدْ إِستفادنا مِنْ الدِراسة ، وَتشّجعيِهُمْ ، فالّذى عِنده رُوح تشجيِع فإِنّهُ بِإِستمرار بِيرفع الّذين حولهُ سيِّدنا البابا شِنوده عِندما كان يخدِم كان بسيِط جِدّاً فِى خدمِته ، فكان بيُعطِى لِولد درس ، وَهذا الولد كان مُستواه هابِط جِدّاً فِى الدِراسة ، فقام بِعمل إِمتحان لهُ وَكانت النتيجة صِفر ، وَفِى مرّة أُخرى قام بِعمل إِمتحان لهُ فكانت النتيجة أيضاً صِفر ، فالولد قال لهُ أنا فِى المرّة الأُولى أخدت صِفر وَكان عِندِى 15 غلطة ، الآن عِندِى 13 غلطة وَبرضه أخدت صِفر ، فكان مِنْ المفرُوض أنْ تقُول لِى كلِمة تشجيِع ، نحنُ أحياناً لاَ نرى إِلاّ الخطأ ، وَ لاَ نرى الصح إِفرضِى أنّهُ توجد بِنت شقيَّة جِدّاً ، فمُمكِن أنْ يكُون عندها طاقة ، فعلينا أنْ نُوّجِهها ، علينا أنْ ننظُر لِكُلّ إِنسان بِنظرِه ربِنا يسُوعَ ، وَكيف أنّهُ كان يتعامل مَعْ النَفْسَ 0 (4) الخِدمة وَالخفاء :- أجمل شيء فِى الخِدمة هُوَ أنْ تعمل فِى خفاء ، ماأصعب أن يعملها الإنسان وَهُوَ فِى داخِلهُ حُب الظُهُور ، فكُل خِدمة نعملها لابُد أنْ نكُون مُتمّسِكيِن فِيها بِالخفاء ، وَهذا يكُون إِيمان عالِى جِدّاً بِأنّ الله يرى ، وَلكِنْ يحدُث العكس وَهُوَ إِنِّى لاَ أرى الله ، وَأرى النَّاس ،[ فأبُوك الّذى يرى فِى الخفاء هُوَ يُجازِيكَ علانيةً ] ( مت 6 : 4 ) فكُلّ عمل نعملهُ مَنَ يراه ؟! ربِنا ، فَلاَ أسعى أنّ النَّاس ترانِى ، فالخفاء فِى الحقيقة نَفْسَه هُوَ إِحساس داخِلِى ، فَمِنْ داخِلِى يكُون عِندِى خفاء ، فمُمكِن أنْ أعمل عمل وَالنَّاس لاَ ترانِى وَلكِنْ فِى داخِلِى أتمنّى أنّ النَّاس ترانِى فالخفاء هُوَ إِحساس فِى الداخِل ، هُوَ الإيمان بِأنّ الله يرى ، فأهم ما فِى الخفاء أنّهُ إِحساس فِى القلب بِأنّ الله يرانِى ، وَشاهِد على تصّرُّفاتِى ، وَمِنْ داخِلِى خافِى عَنْ نَفْسِى ما أفعله ، فَلاَ أعمل وَأنا أُرّدِد ما عملتهُ ، وَ لاَ أقنِع نَفْسِى بِما فعلتهُ [ فَلاَ تُعرِّف شِمالك ما تفعلُ يمِينُكَ ] ( مت 6 : 3 ) ، حتَّى لاَ أُحِب مِنْ داخِلِى مدح نَفْسِى وَمديِح الآخرِين ، وَ لاَ أقُول أنا فعلت وَفعلت فالخفاء هُوَ إِنسان لاَ يسعى أنْ يُعرِّف أحد ما يفعلهُ ، وَلكِنْ لو لَمْ تواتينِى الظرُوف بأنْ أُخفِى خلاص ربِنا عارِف ما بِداخِلِى ، لابُد أنْ نكُون حُكماء ، ربِنا فاحِص القلُوب ، وَعارِف ما بِقلب كُلّ واحِد فقد أُقيمت كاتدرائيَّة كبيرة فِى تُركيا ، وَقَدْ كلّفُوها تكالِيف باهِظة جِدّاً ، فأرادوا أنْ يكتُبوا أسماء الشخصيات التَّى تعبت فِيها ، وَكتبُوا الأسماء على لوحة مِنْ رُخام ، وَبِالرغم مِنْ أنّها مِنْ رُخام إِلاّ أنّهُمْ وجدوها قَدْ سقطت ، فربِنا قال لِواحِد تقِى أنا أُريِد أنْ تكُون هذِهِ الكاتدرائيَّة على إِسم واحدة إِسمها " صُوفيَّا " ، فبحثُوا عنها ، وَقَدْ وجدوها إِمرأة غلبانة جِدّاً ساكنة فِى كوخ ، وَهى أمامها إِسطبل الحيوانات التَّى تنقِل مواد البُناء ، فهذِهِ الإِمرأة كانت تنقِل الماء لِهذِهِ الحيوانات ، فالله يقُول أنا ناظِر لِلقلب فمُمكِن أنْ تعملِى عمل بسيِط وَربِنا يراه كأنّهُ أعظم عمل ، إِقبلِى أنْ تعملِى العمل الّذى فِيهِ خفاء ، وَإِنْ كان أقل شأن ، لأِنّ الله ينظُر إِليه بِكرامة عظيِمة أكثر مِنْ الأُمور الظاهِرة ،[ فَأبوكَ الّذى يرى فِى الخفاءِ هُوَ يُجازِيكَ علانيةً ] ( مت 6 : 4 ) ربِنا يسنِد كُلّ ضعف فِينا بِنعمِته وَلإِلهنا المجد دائِماً أبدياً آمين

صفات رجل الله

هُناك أربعة صِفات للخادِم أو لِرجُل الله أو لإِنسان الله ، سوف نأخُذهُم مِنَ خِلال أربع شخصيات تُسمّيهُم الكنيسة رؤساء الآباء :- 1/ إِبراهيم 2/ إِسحق 3/ يعقوب 4/ يوسِف فِى الألقاب التّى تُقال عنهُم الآباء البطارِكة لأنّ بطرك يعنِى بطرِيرشيس ، بطرِى = أب ، شيس = رئيس ، بطرِيرشيس = رئيس آباء سنأخُذ أربع صِفات رؤساء الآباء بحيث نبحث وراءهُم لِنجِد فيهُم صِفة مُتكامِلة لِرجُل الله :- 1/ أبونا إِبراهيم – الأُبوّة وَالحُب :- مِنَ الواضِح فِى صِفات أبونا إِبراهيم أنّهُ أب مُحِب ، أول إِنسان أقام الله معهُ عهد بعدما أعلن الله غضبة على الإِنسان وَالبشريّة قال لهُ سأجعلك أُمّة عظيمة وَتكون مُباركاً ، وَأجعل نسلك مُباركاً ، لِدرجِة أنّنا نعتبِر أبونا إِبراهيم هُو الشمعة التّى أضاءت فِى جنس البشريّة ، وَظلّت هذِهِ الشمعة تتوالى ، تتوالى ، لِغاية لمّا جاء ربِنا يسوع المسيح لأنّ أبونا إِبراهيم كان فِى صُلبِهِ إِسحق ، الّذى فِى صُلبِهِ يعقوب وَيعقوب فِى صُلبِهِ الإِثنى عشر أسباط إِسرائيل ، الّذى بينهُم سِبط يهوذا الّذى جاء مِنهُ ربّ المجد يسوع المسيح ، فنستطيع أنْ نقول أنّ أبونا إِبراهيم صاحِب الشمعة التّى إِخترق بِها ظُلمة البشريّة لِغاية لمّا وصّلِتنا لِربِنا يسوع المسيح وَقال لهُ تتبارك فيك جميع قبائِل الأرض ، وَمِنَ أكثر صِفات أبونا إِبراهيم أنّهُ مُحِب ، أب ، راعِى ، مُتسِّع القلب ، نشعُر فِى أبونا إِبراهيم بأنّهُ شفيع ، بأنّهُ إِنسان لاَ يهتِم بِما لِنَفْسَه وَلكِن بِما للآخر ، نشعُر فِى أبونا إِبراهيم أنّهُ لاَ يحيا لِنَفْسَه فقط وَلكِن للآخرين أيضاً مثلاً فِى قِصّة أبونا لوط إِبن أخو إِبراهيم ، يعنِى أصغر مِنّه فِى السِن ، وَلمّا حدث خِصام بين رُعاة إِبراهيم وَرُعاة لوط وجدنا أبونا إِبراهيم هُو الّذى يأخُذ خطوة السلام وَيقول[ لاَ تكُن مُخاصمة بينِى وَبينك وَبين رُعاتِى وَرُعاتك ] ، لاَ داعِى للخِلاف أو الإِنقسام ، إِختار المكان الّذى تُريِده وَأنا أسير عكسه ، وجدنا هُنا الإِحتمال رغم أنّهُ فِى الأُبوّة معروف أنّ الصغير يُطيع الكبير ، وَلكِن أبونا إِبراهيم كأب أخضع نَفْسَه للوط كإِبن لهُ 0 الخِدمة تحتاج مِنّا إِلَى إِتساع قلب ، تحتاج حُب ، تحتاج رِعاية ، تحتاج تضحية ، نرى تنازُل أبونا إِبراهيم للوط رغم أنّهُ يستطيع أنْ يقول لهُ أنت تذهب هُنا أوْ هُناك ، لكِن نجِده يُخضع نَفْسَه للوط ، لِماذا ؟ حُب وَلمّا سمع أنّ أبونا لوط فِى سدوم وَعمورة وَأنّهُ سُبِى وَوقع تحت أسر الملوك إِنزعج وَأخذ معهُ 318 رجُل ، وَأحياناً الآباء يقولوا أنّ هؤلاء ألـ 318 المُجتمعين فِى نِقية رِجال الإِيمان الّذين ذهبوا لإِنقاذ الكنيسة ، وَهُنا أبونا إِبراهيم جمع رِجاله ، وَذهب لإِنقاذ لوط رغم أنّ لوط لاَ يستحِق هذِهِ المحبّة ، لكِن وجدنا أبونا إِبراهيم لهُ حُب وَإِتساع وَيُدافِع عَنِ لوط حتّى وَإِنْ كان أخطأ فِى حقِّهِ الخادِم المفروض لاَ ينظُر إِلَى ما هو لِنَفْسَه وَلكِن إِلَى ما هو للآخرين ، الخِدمة قلب مُلتهِب بِمحبّة الآخرين مِنَ خِلال محبّة الله ، قلب يِأن لضعف الآخرين ، أبونا إِبراهيم لمّا سمع أنّ لوط مسبِى لَمْ يحتمِل ، وَنحنُ هكذا محبِتنا وَأُبوِّتنا لأولادنا تُعطينا أنْ نِأن عليهُم ، مُعلّمِنا بولس الرسول يقول [ مَنَ يضعُف وَأنا لاَ أضعُف ، مَنَ يعثُر وَ أنا لاَ ألتهِب ، مَنَ يمرض وَ أنا لاَ أمرض] ، سامحونِى أحبائِى نحنُ نخدِم بالشكل كم مُشكِلة نسمعها وَ لاَ نِأن ، كم ولد وَبِنت نسمع عنهُم ظروف صعبة وَ لاَ نِأن ، ناس محتاجة تغيّر الشقة لاَ تستطيع أوْ لاَ تُحِب أنْ تصنع معهُم شىء ، فنرُد عليها قائلين ، قدِّمِى مِنَ أجلهُم صلاة ، حُب ، إِحتضان ، مشورة ، فِى ناس أُقدِّم لها محبّة وَناس تحتاج أُقدِّم لها مشورة ، وَناس تحتاج أُقدِّم ما فِى طاقة يدِى مُعلّمِنا بولس الرسول كان رجُل فقير وَهُو نَفْسَه قال [ أنا تدرّبت أنْ أجوع وَأنْ أعطش ، حاجاتِى وَحاجة الّذين معِى خدمتهُم هاتان اليدان ] ، أىّ أنّهُ كان يعمل بيديِهِ ، لَمْ يكُن معهُ مال كثير لِيحِل مشاكِل النّاس ، وَلكِن معهُ طاقة حُب وَمعهُ أُبوّة ، نقرأ عنهُ فِى رِسالة تسالونيِكِى [ هكذا كُنّا حانّيين إِليكُم ، كُنا مُترفّقين بِكُم كما تترفّق المُرضِعة بأولادِها ] ، وَ فِى غلاطية يقول [ يا أولادِى الّذين أتمخّض بِهُم إِلَى أنْ يتصّور المسيح فيهُم ] ، مُخاض الوِلادة (آلام الوِلادة ) = أنا أتألّم فيكُمْ لابُد أنْ يكون لنا إِهتمام يصِل إِلَى إِهتمام الأب ، الأُم ، المُحِب ، مُعلّمِنا بولس الرسول دائِماً لمّا يُرسِل رسائِل يقول [ يا أولادِى الّذين أشتاق إِليكُمْ ] ، مُشتاق فِعلاً ، نقرأ فِى رِسالتة لرومية يبعت لـ 25 إِسم لِيُسلّم عليهُم ، وَيقول لهذا أنت قريبِى ، أنت نسيبِى ، كيف يكون نسيبك وَأنت لَمْ تتزوّج ، ما هذا ؟ كُلّهُمْ أقربائِى وَأنسبائِى لأنّ كُلّهُم إِستضافونِى يا بولس أنت كرزت إِلَى شِبه للعالم كُلّه ، كيف تتذكّر كُلَّ واحِد بإِسمه ؟ أب ، فاكِر طبعاً فِى رِسالتة الثانية لِتلميذه تيموثاوس [ أنا مُشتاق جِداً أنْ آراك ذاكِراً لك دموعك ] ، يقولوا أنّ تيموثاوس هُو الإِبن البِكر لبولس الرسول ، وَيقولوا أنّهُ فِى لحظِة القبض علي بولس الرسول ، وَكان تيموثاوس واقِف ينظُر ، فلّما وُضِع الحديد فِى يد بولس وَأقتيد إِلَى السِجن لَمْ يحتمِل تيموثاوس هذا المنظر لأنّهُ يرى فِى بولس أُبوّة ؟ فكيف يحدُث فيِهِ هكذا ، فبكى وَرآه بولس لِذلِك يقول لهُ لاَ تعتقِد إِنِّى قَدْ نسيت دموعك ، أنا مُشتاق إِليك جِداً ، - أب - ، الخِدمة أحبائِى لابُد أنْ يكون فيها روح ، نحنُ لَمْ نكُنْ مُدرّسين فِى مدرسة ، لاَ نُعطِى تعاليم لاَ يوجد فيها أىّ حُب أوْ أىّ عِلاقة ، الخِدمة ليست تلقين ، إِحفظوا فقط وَبِهذا تنتهِى الخِدمة ، لاَ 00هذِهِ خِدمِة روح ، خِدمِة رفع قلب فِى مرّة خادِم ذهب مَعَ أولاده فِى رِحلة وَكان معهُ أولاد أشقياء وَإِتأخّروا قليلاً عَنِ ميعاد التجمُّع مِنَ الدير ، فالخادِم لَمْ يُطيل باله عليهُم وَأخذ أُتوبيس الرِحلة وَمشى ، فجاء أب لأحد هؤلاء الأولاد وَذهب لهذا الخادِم وَسألهُ لو إِبنك كُنت تركته وَمشيت ؟ لمّا لَمْ يعرِف يرُد قال أنا إِبنِى لاَ يفعل هكذا ، صحيح لو هذا الولد إِبنه كان تركهُ ؟! أم يلتمِس لهُ العُذر وَيقول بيلعب ، أو مُمكِن يكون فِى الحمّام ، أو تائِه ، ليس فقط أن يلتمِس لهُ العُذر ، لاَ00دا يقوم وَيبحث عنهُ بِشغف ، لابُد تكون مشاعِر الأُبوّة هكذا ، لأنّ الأُبوّة الروحيّة أغلى وَأسمى مِنَ الأُبوّة الجسديّة لأنّ مُمكِن واحِد مِنَ المخدومين يشتِكِى لنا مِنَ أبوة أوْ أُمة ، إِذن هُو يثِق فينا وَيُحِبِنا أكثر مِنَ أهل بيته ، لأنّ الأُبوّة الروحيّة أغلى مِنَ الأُبوّة الجسديّة هل نُعطِى نحنُ هذِهِ الأُبوّة ؟ أبونا إِبراهيم أب بالفِعل ، نرى موقِفه فِى سفر التكوين إِصحاح 18 لمّا إِستضاف الثلاثة الّذين أتوا لِيُعطوا لهُ البُشرى بِميلاد إِسحق ، مُمكِن نصنع لكُم طعام ليسنِدكُم وَيقول [ كسرة خُبزٍ ] ، وَيُنادِى سَارَة ، وَنجِد أنّ كسرة الخُبز هذِهِ عِبارة عَنِ عجل ، كيلات دقيق ، كُلَّ هذا على ثلاثة أشخاص ، أب كريم مُحِب ، عِنده روح عطاء ،لاَ يُمسِك هكذا الأب ، لكِن لمّا يكون بخيل على أولاده ، إِذن فِى حاجة خطأ ، لأنّ الأب مَعَ أولاده لازِم يكون سخِى ، وَنحنُ أيضاً مَعَ أولادنا الروحيين يجِب أنْ نكون أسخياء فِى العطاء ، فِى عطاء الجسد ، عطاء الطاقة ، عطاء الحُب ، عطاء البذل ، لِذلِك الإِنجيل فِى رِسالة العبرانيين يقول [ لاَ تنسوا إِضافِة الغُرباء التّى بِها أضاف أُناس ملائِكة وَهُمْ لاَ يدرون ] ، يقصِد بِذلِك أبونا إِبراهيم وَعِندما أراد الله أنْ يحرِق وَيُهلِك سدوم وَعمورة قال[ هَلْ أُخفِى عَنْ إِبراهيم ما أنا فاعِلهُ ] ، وَبدأ يتكلّم معهُ ، وَيرُدّ عليهِ إِبراهيم وَيقول[ أديَّان كُلّ الأرضِ لاَ يصنعُ عدلاً ] ، بدأ إِبراهيم يحزن ، لِماذا ؟ أنت غير ساكِن فِى سدوم وَعمورة ، فكان مُمكِن الله يقول هاهلِكها ، فإِبراهيم يوافِق ، لكِن هو أقام نَفْسَه مُحامِى عنها ، وَرُبّما هُو لاَ يعرِفها وَيعرِف أنّها تستحِق ، لأنّ خطاياها عظيمة ، الأُبوّة تُعطِى الإِنسان حنو ، ترفُقّ مُمكِن أجِد ظروف عِند شخص كان ولد أو بِنت مُتعِب جِداً فِى الخِدمة ، الواجِب أنْ لاَ أقسوا عليهُم لأنِّى عارِف ظروفها وَبيتها ، وَأنا أدرى بِهُم ، فإِنْ كان البيت على هذا الوضع وَبِمقدار هذِهِ الشقاوة فقط فهذا جيِّد جِداً هكذا صنع أبونا إِبراهيم وَهُو يعلِم نقائِصهُم ، لأنّ أبونا إِبراهيم رجُل تقِى وَبار وَ يعتقِد أنّ النّاس كُلّها أبرار ، لِدرجِة أنّهُ قال لربِنا رقم لاَ يُمكِن حد يفلِت أبداً ، قاله لو فيها 50ألاَ تصرِف غضبك !! وَربِنا عاوِز يقول لهُ إِنت طيّب جِداً يا إِبراهيم الإِنسان البار يشعُر أنّ مَنَ حوله أبرار ، وَالشّرير يشعُر أنّ حتّى الأبرار أشرار ، فِى الكنيسة لو شعرت أنّ كُلّ النّاس قديسين إِذن أنا ذُقت المسيح ، لكِن لو إِنتقيت عيوب النّاس إِذن أمامِى وقت طويل حتّى أصِل ، أنا مرآه لِمَنَ حولِى ، بحسب ما أنا أفكّر أرى الآخرين ، وَأبونا إِبراهيم لأنّه رجُل بار ظلّ ينزِل مَعَ ربِنا مِنَ 50 لغاية 10 ، ما هذا الّذى يحدُث ؟ أُبوّة ، شفاعة لِذلِك كنيستنا القبطيّة الأُرثوذوكسيّة تُحِب جِداً لقب الكاهِن ، إِنّهُ أب ، Father ، لاَ يقول أحد لأبونا يا حضرِة القس ، لأ بل أبونا يوحنا ، أبونا داوُد ، الأُبوّة كجُملة أوْ عِبارة هى أقرب للقلب ، نحنُ لاَ نتعامل مَعَ ألقاب أوْ مناصِب ، نحنُ نتعامل مَعَ أُبوّة حانية ، هذِهِ هى كنيستنا ، كنيسة قلب مُفعّم بِحُب الله الّذى يفيض على الآخرين بِحُب ، وَخِدمتنا هل فيها اُبوّة وَحُب ؟! أم خِدمة شكليّة وَجافّة ؟ هل الّذى يتعامل معنا يلمس الأُبوّة وَالحُب وَيراها بوضوح أم لاَ ؟ نُقطة مُهِمّة جِداً أنْ نشعُر بأنين الّذين حولنا ، وَنكون إِيجابيين فِى محبِتنا لهُم ، مُعلّمِنا بولس الرسول يقول[ إِنْ كُنّا لاَ نرضى أنْ نُعطيكُم إِنجيل المسيح فقط ، لاَ بل أنْ نُعطيكُم أنفُسَنَا ] ، أُريد أنْ أُعطِى لكُم نَفْسَى ، [ ما مِنَ شىء مِنَ الفوائِد وَ إِلاّ أخبرتكُم بِهِ ] ، هل يُعقل أنْ أُخفِى عنكُم فايدة وَأنتُم أولادِى ؟ صدّقونِى لو خدمنا خِدمة فيها روح لن نشتكِى مِنَ عدم إِنتظام الأولاد ، لن نشتكِى أنّ هُناك جيل موجود لاَ يُحِب الكنيسة ، مَنَ هى الكنيسة ؟ الكنيسة ليست صور وَحِجارة ، الكنيسة نحنُ وَأنتُم الحِجارة الحيّة ، لو عِشتُم أنتُم الكنيسة لصارت الكنيسة تجرِى فِى دم أولادِها ، وَلو نظروُكُم وَأنتُم مُسبِّحين وَمُرنِّمين وَعاشقين لكنيستكُم ، يُظهِر أولادكُم لهُم عِشق للكنيسة ، وَالعكس لو نظروا جفاء وَقسّوة وَجُمود وَنِفوس جامِدة ليس بِها صلاح ، يظهر أولاد صورة لنا بالضبط ، لِذلِك أحبائِى فِى خِدمِة الأُبوّة الإِنسان يكون لهُ قلب مُتسِّع ، يِإن لأولاده مرّة واحِد مِنَ الأباء الأساقِفة المُتنيحيين مِنَ 10 – 15 سنة كان إِسمه الأنبا مكسيموس مُطران القليوبيّة ، وَذهب لهُ شاب يقول لهُ أنا مُتزوِّج حديثاً وَزوجتِى غاضِبة وَبيتِى سيُخرب وَذلِك لأنِّى بِدون عمل ، فسألهُ سيِّدنا : وَأنت فِى أىّ مجال تعمل ؟ فقال لهُ فِى أشياء عديدة ، وَلكِن المُتمكِّن فيها هى السِواقة ، فأحضر سيِّدنا أحد أولاده فِى المُطرانيّة وَطلب مِنهُ أنْ يُغيِّر فِى اليوم التالِى أوراق سيّارِة سيِّدنا المرسيدس إِلَى سيّارة تاكسِى أُجرة ، فرّد الخادِم صعب ياسيِّدنا ، قال لهُ ياأبنِى أنا لاَأحتاج إِليها ، وَعِندما أُريد أنْ أذهب إِلَى مكان عشرين شخص يوصّلنِى ، لكِن هذا الرجُل بيته سيُغلق ، إِسمع الكلام ، وَفِعلاً ذهب وَغيّر السيّارة مِنَ مرسيدس إِلَى أُجرة ، قلب أب لاَ يحتمِل أنْ يرى إِبنه فيِهِ ضعف ، فِى حُب لدينا ؟ نعم ، لكِن حُب بحدود ، فِى حين الحُب الّذى بحسب قلب الله حُب ليس لهُ حدود الله ينيِّح نَفْسَه أبونا بيشوى كامِل نقرأ لهُ كِتاب إِسمه ( الأُبوّة المُستمِرّة ) ، ما هى هذِهِ الأُبوّة ؟ أُبوّة بمعنى الكلِمة ، نشعُر فيها أنّهُ أب ، راعِى ، سند لأولاده وَشفيع يُقدِّم عنهُم صلوات وَأنين ، يربُطه بِهُم عاطِفة روحيّة أقوى مِنَ العاطِفة الجسديّة هل لنا صلوات عَنِ أولادنا أم لاَ ؟ إِذا أردت أنْ تعرِف مقياس الحُب الّذى تُحِبّه لأولادك وَهل هى محبّة بحسب قلب الله ؟ إِسأل نَفْسَكَ سؤال واحِد هل تُصلّى مِنَ أجلُهُم ؟ أُترُك المظاهِر ، فعِندما تُقابِل الولد أوْ البِنت نتحايِل وَنراضِى وَنقبِلّ ، كُلَّ ذلِك مقبول ،وَلكِن المُهِم هل تُصلّى مِنَ أجلُهُم وَمِنَ أجل ضعفاتهُم ؟ هذا هُو الحُب الّذى بحسب قلب الله ، وَهذِهِ هى الأُبوّة الروحيّة لكِن القُبلات مِنَ الخادِمات وَالخُدّام إِلَى المخدومين وَالرعاية وَالحنو هذِهِ هى مشاعِر طبيعيّة وَليست مشاعِر روحيّة ، وَمُمكِن هذِهِ الأفعال تُغذِّى الذات البشريّة على إِعتبار أنّ الأولاد أحبّوا شخص الخادِم وَأرتبطوا بِه ، لكِنّها ليست أفعال لحساب الله وَ لاَ لحساب ملكوته السماوِى وَ لاَ لحساب مملكته ، هذا لحساب مملكتِى أنا الشخصيّة ، لكِن لو أنا أئِن مِنَ أجلُهُم أمام الله ، إِذنْ هذا هُو الحُب الّذى بحسب قلب الله ، مُعلّمِنا بولس الرسول يقول[ نُحضِر كُلَّ إِنسان كامِلاً للمسيح يسوع ] أنين ، حُب ، الله ينيِّح نَفْسَه أبونا بيشوى كامِل مُمكِن إِذا وجد إِبنة تعمل الخطيّة وَأخلاقها لاَ تليق ، لِكى يحتضِنها كان مُمكِن يجعلها تمكُث عِنده فِى منزِلُه أيّام وَأسابيع وَشهور ، لِدرجِة أنّهُ كان هُناك بِنت موجودة عِنده فِى منزِلُه وَلها عِلاقة بشاب غير مؤمِن ، وَأثناء وجودها فِى منزِلُه كانت تتصِل بِهِ مِنَ تليفون أبونا وَهُو لاَ يعرِف ، فأنا أُريد أنْ أقول حتّى وَلو كانِت النوعيّة التّى أمامنا مُتعِبة أوْ قاسية ، لازِم أكون أب ، فالأُبوّة لاَ تتجزّأ مثلما فعل ربِنا يسوع المسيح فِى مثل الإِبن الضال ، نرى ماذا فعل الإِبن ؟ وَ ما الّذى فعلهُ الأب ؟ الإِبن : لو تكرّمت إِجعلنِى كأحد أُجرائِك 0 الأب : وقع على عُنُقه وَقبّلهُ ، وَقال إِلبِسوه الحُلّة الأُولى وَخاتِم فِى يدِهِ ، وَأذبحو العِجل المُسَمَّنَ ، إِبنِى هذا كان ميّتاً فعاش ، إِنّهُ فرح فِى السماء 0 الإِبن : لو تكرّمت إِجعلنِى عبدك عِندك 0 الأب : لاَ أنت أعظم مِنَ العبد ، أنت 00000000 الأب لَمْ يُعاتبه أوْ يلومه بِكلِمه رغم أنّهُ يستحِق العِتاب وَيستحِق الطرد وَليس فقط العِتاب ، لكِن أُبوّته تشمل 0 لو أردنا أنْ نتعلّم الأُبوّة التّى تشمل ننظُر إِلَى محبّة الله لنا وَكيف تشملنا وَصابِر علينا ، وَرغم كُلَّ خطايانا نقول لهُ ( يا أبانا الّذى فِى السموات) ، قَدْ عرفنا محبّة أبونا إِبراهيم ، اُبوّته ، شفاعة صاحِب الميثاق مَعَ البشريّة ، وَمُعاملته للوط وَإِستضافتهُ للغُرباء 2/ أبونا إِسحق – الطاعة:- أبونا إِسحق مِنَ أكثر الحاجات التّى نعرِفها عنهُ أنّهُ مُطيع ، لِدرجِة أنّهُ صار رمز لِربِنا يسوع المسيح الّذى أطاع حتّى الموت موت الصليب ظهرت هذِهِ الطاعة فِى أشياء عديدة ، فهو أطاع ليس فقط فِى أمر تقديم نَفْسَه ذبيحة ، بل وَ أيضاً فِى أمر خاص جِداً مِنَ أُمور حياته الخاصّة ، فعِندما أراد أبونا إِبراهيم تزويجه ، وَقال أنا موجود فِى أرض غريبة وَ لاَ أُريد بِنت مِنَ بنات هذِهِ البلد ، وَأراد بِنت تقيّة وَتعرِف الله ، فأرسل لِيعازر الدمشقِى لِكى يذهب وَيخطُب لهُ واحدة مِنَ بنات الله ، فبدأ لِيعازر الدمشقِى يُصلّى إِلَى الله وَيقول أنت يسِرّ لعبدك الأمر ، وَقال لِربِنا علامة أأخُذها منك التّى أطلُب مِنها أنْ تسقينِى فتسقينِى أنا وَ جِمالِى تكون هى البِنت التّى أأخُذها لسيِّدى إِسحق وَتقابل مَعَ رِفقة وَطلب مِنها ، وَسقتهُ هُو وَجِماله ، وَعرضت عليه أنْ يذهب إِلَى منزلهُم لأنّ لديهُم تِبن وَعلف وَمكان للجِمال ، وَكان تجرِى أمامه أُمور فعرِف أنّها مِنَ الله ، وَهُنا لِيعازر الدمشقِى كان موكلّ بأمر خاص جِداً أمر زواج وَإِرتباط لإِسحق ، وَما رأيكُم فِى هذِهِ التّى أحضرها لإِسحق ؟ وَالمفروض أنّهُ يرضى بِها دون أنْ يراها وَلاَ يليق أنْ ترجع ، فهُم الّذين إِختاروا وَهذِهِ هى التّى مِنَ الله ، هذِهِ الطاعة ، طاعة عجيبة طاعة تُعطيه أنْ يكون إِنسان خاضِع لمشيئة الّذين حوله ، - طاعة - ، طاعة تجعلة إِنسان يشعُر أنّهُ يتعامل مَعَ كُلَّ الأُمور على أنّها مِنَ يد الله ، هذا هُو القلب الّذى يشعُر بِمحبّة ربِنا ، وَأنّ الله يقوده فِى كُلَّ حياته ، طاعة بحسب قلب الله ، طاعة حقيقيّة ، عِندما يكون لدى الإِنسان إِيمان وَتسليم نأخُذ مِنهُ هذِهِ الطاعة السِنكسار يقول أنّ أبونا إِسحق لحظِة لمّا قُدِّم على المذبح مَعَ أبونا إِبراهيم كان عُمره حوالِى 36 أوْ 37 سنة أحد الآباء يقول أنّ[ الطاعة هى عدم تمييز وَلكِن وفرة مِنَ التمييز ] ، أىّ أنّ أبونا إِسحق أطاع أنْ يموت ، وَهذا ليس عدم تمييز وَلكِن وفرة مِنَ التمييز ، لأنّهُ واثِق فِى عمل الله ، إِنْ أردت أنْ أموت يارب فأموت ، وَأبونا إِبراهيم لمّا كان ذاهِب بإِسحق قال للغُلامان نذهب وَنرجِع إِليكُما ، عِنده إِحساس أنّهُ سيرجع معهُ ، لاَ يعرِف كيف وَلكِن سنرجع !وَلمّا ذهبوا قال لهُ إِسحق ياأبِى هوذا الحطب وَالسكّين وَالنّار ، أين الخروف ؟ فقال لهُ الله الّذى أمرنا أنْ نذهب وَنسجُد هُو يرى حملاً للمُحرقة أبونا إِسحق عدم تمييز مِنهُ أنْ يأخُذ رِفقة ، لكِن أمر يحمِل وفرة مِنَ التمييز ، مُمكِن القديس يحنِس القصير لمّا يأخُذ خشبة علشان يسقيها لتصير شجرة أمر فيِهِ عدم تمييز ، وَلكِن وفرة مِنَ التمييز نواجِه فِى جيلنا أُناس عِندها تمرُّد ، عِناد ، عصيان ، الطاعة بالنسبة لهُم أمر خيالِى ، كيف أطيع هكذا ؟ ناقشنِى ، إِقنعنِى وَيُقال أنّ الشىء الّذى زعزع مُلك شاول هُو عصيانه لصوت الله على فم صموئيل النبِى ، ربِنا قال تدخُل حرب وَالغنائِم التّى تأخُذها فِى أشياء لك وَالأُخرى تُقدِّم لربِنا ، لكِن شاول خالف الأمر وَأخذ لِنَفْسَه أشياء مِنَ التّى لله ، وَلِكى يُسكِّت ضميره كان يأخُذ مِنها وَيُقدِّم ذبائِح لربِنا ، فجاء صموئيل وَقال لهُ ما الّذى فعلت ؟ فقال لهُ لَمْ أُخطىء ، أنت قُلت لِى خُذ الغنيمة وَأنا قدّمت مِنها ذبائِح [ هوذا الرّبّ قَدْ رفضك ، هوذا الإِستماع أفضل مِنَ تقديم الذبائِح وَالإِصغاء أفضل مِنَ لحم الكِباش لأنّ التمرُّد كالعرافة ] الإِنسان المُتمرِّد الّذى ليس لديهِ طاعة كأنّهُ يعمل مِثل العرّافين ، كُلَّ كلِمة يقول إِقنعنِى ، أحد الأباء فِى أمريكا قالِى الأولاد عِندنا كُلَّ شىء تقول إِقنعنِى ، لاَ توجد عِندهُم طاعة وَ لاَ يسمعوا عنها أبداً ، لِدرجِة أنّ واحِد منهُم يقول لهُ إِقنعنِى أنّ هذا المذبح وَهذا هُو الجسد وَالدم ، كيف أقنعهُم ؟ وَالرّوح القُدس هُو الّذى يُحوّلهُم إِذا كان الرّوح القُدس يُطيع الكاهِن ، يقول الكاهِن للرّوح يحِل إِنسان مِنَ الخطيّة ، فيفعل ، وَ أيضاً يقول للرّوح القُدس لِيُقدِّس القرابين [ نسألك أيُّها الرّبّ إِلهنا نحنُ عبيدك الخُطاة غير المُستحقين ، إِظهر وجهك على هذا الخُبز ، ليحِل روحك القُدّوس علينا وَعلى هذِهِ القرابين وَيُنقِلها وَيُقدِّسها وَيُظهِرها 00وَيُظهِرها قُدساً لقديسيك ] لِكى يكون الخُبز هُو جسدك المُقدّس وَالدم هُو دمك الكريم ، ما الّذى يحدُث هُنا ؟ الرّوح القُدس يُطيع الكاهِن ، فإِذا كان الرّوح يُطيع الكاهِن ألا نُطيع نحنُ !! أمر صعب ، تخيّلوا أنّ الروح القُدس يُطيع الإِنسان ، فكم يليق بالإِنسان أنْ يفعل ؟ لِذلِك الخادِم طاعة ، نرى إِحتياج الخِدمة وَنصنعه ، كلِمة ( حاضِر ) تُريح وَتبنِى ، لأنّ إِقنعنِى وَأقنعك مُمكِن تخسّرنا بركات عديدة 0 3/ أبونا يعقوب – الجِهاد :- الجِهاد هُو إِستجابة لدعوة الله ، حياة أبونا يعقوب جِهاد مُنذُ يوم ميلاده مِنَ وَهُو فِى بطن أُمّه وَهُو يُجاهِد ، وَرأينا قمّة جِهاده عِندما صارع مَعَ الله فِى صورة ملاك ، حينما قال لهُ [ لن أُطلِقك إِنْ لَمْ تُباركنِى ] ، لِدرجِة أنّ الإِنجيل يقول أنّ الملاك لَمْ يقوى عليه فضربهُ فِى حُقِهِ ، وَكأنّ الله جعل نَفْسَه مغلوباً لنا ، مثلما يقول القديس أُوغسطينوس[ تحنّنُك غلبك وَتجسّدت ] ، إِذا أنت صارعت معِى سوف أتغلِب لك مِثل الأب الّذى يلعب مَعَ إِبنه ليُظهِر مَنَ فيهُما يديهِ أقوى ، وَيظِل الأب وَيُحاوِل مَعَ إِبنِهِ وَكأنّهُ مغلوب ، وَيُعطيه كلِمات تشجيعيّة ، إِنت قوِى ، شاطِر ، وَالله أيضاً يسمح أنْ يتغلِب لنا أمام جِهادنا ، مثلما قال الله ليعقوب [ لاَ يُدعى إِسمُك فِى ما بعدُ يعقوب بل إِسرائيل 0 لأنّك جاهدت مَعَ الله وَالنّاس وَقَدَرْتَ ] الخادِم مُجاهِد لهُ صِراع مَعَ الله ، واحد مِنَ القديسين يقول[ ليتنا نُكلِّم الله عَنِ أولادنا أكثر ممّا نُكلِّم أولادنا عَنِ الله ] ، الخادِم يوصلّ الله للنّاس وَالنّاس لله ، يُقدِّمهُم لهُ وَ يُقدِّمهُ لهُم ، مُجاهِد ، فِى جهاد فِى حياة الخادِم نرى أبونا يعقوب ، قبلما يُقابِل أخيهِ عيسو ظلّ يُصلّى وَيُجاهِد وَيُصارِع ، وَأرسل لهُ هدايا كثيرة كعربون محبّة ، وَعِندما رأهُ مِنَ بعيد ظلّ يسجُد وَ يقوم ، سبع مرّات ، إِنسان مُجاهِد فِى حياته لاَ يأخُذ الأُمور ببساطة نحنُ ياأحبائِى نحتاج نأخُذ بركات كثيرة بِدون جِهاد ، حتّى أصوامنا فِى تراخِى ، نطلُب راحة وَكأنّنا نُريد مسيح بِدون صليب ، بِدون جُلجُثة ، بِدون بُستان جثسيمانِى ، مِنَ غير ألم ، إِعطوا لنا مسيح يُعطِى لنا راحة بإِستمرار ، خِدمة بِلاَ تعب ، فضائِل بِدون جِهاد لاَ توجد فضائِل بِدون جِهاد ، يعقوب صارع وغلب حتّى طلوع الفجر ، أىّ أنّهُ صارع حتّى أخر نسمة مِنَ الليل ، هذا هُو الجِهاد ، لنا جِهاد مَعَ الله ، لِماذا حياتنا فقيرة بالفضائِل ؟ نبحث فِى أنفُسنا وَنضع أيدينا على الخطر ، لِماذا تخلوا حياتنا مِنَ الفضائِل ؟ لأنّهُ لاَ توجد محبّة ، بذل ، عطاء ، عِفّة ، قداسة ، بِر ، جِهاد ، تسمع عَنِ ناس تقول صلاة ( أبانا الّذى فِى السموات 00) وَهى على السرير ، وَبعد ذلِك نشتكِى مِنَ السقطات وَحروب العالم وَمِنَ الضغوط ، أحد الأباء يقول [ إِعلم ياإِبنِى أنّ الرخاوة لاَ تمسِك صيداً ] ،و [ العامِل بيد رخوة يفتقِر ] ، [ إِخبرنِى عَنِ بطّال جمع مالاً ] ( البطّال = ماله ينتهِى ) ، وَيجِب أنْ يجمع مِنَ جديد ، الحياة المسيحيّة بحسب تعبير القديسين هى أنْ نجمع زيتاً فِى أنيتنا ، وَالزيت يحتاج إِلَى جِهاد يعقوب جاهِد حتّى مَعَ لابان خاله لِكى يأخُذ راحيل وَعمل بِها 14 سنة ، لِدرجِة أنّ خاله يقول لهُ يوم أتيت لِى كُنت صغير وَاليوم خارِج معك ثروة كبيرة ، فردّ عليهِ يعقوب وَقال [ كُنتُ فِى النَّهار يأكُلنِى الحرُّ وَ فِى الَّليل الجليدُ ] ، أنا غنمُة 00 غنمُة كُنت أرعاها لأولادك ، كُنت اسهر وَأتعب ، وَفِى نَفْسَ الوقت أعلن الفضل لله حينما قال[ صغير أنا يارب على جميع ألطافك وَجميع الأمانة التّى صنعت مَعَ عبدك ] 0حقاً أنا أتيت بِمُفردِى وَاليوم خارِج معِى 12 إِبن وَآلاف غنم وَبقر وَزوجات وَ عبيد ، وَكان فِى البِداية معهُ عصا فقط حياتنا الداخِليّة محتاجة جِهاد ، محتاجين سواعِدنا تشتّد بعض الشىء ، نُقوّم الرُكب المُسترخية ، نُشدِّد اليد حينما نقوم للصلاة ، الصلاة تكون صلاة حقاً ، وَالقُدّاس نذهب إِليه مُبكِراً ، وَنرفع قلوبنا لله بِكُلَّ جديّة وَنشاط ، وَوقت السِجود نسجُد ، وَوقت التضرُّع نتضرّع ، أمر مُهِم جِداً الجِهاد فِى حياتنا ، أبونا يعقوب كان مُجاهِد 0 4/ أبونا يوسِف – الألم وَ المجد :- بالطبع كُلُنا نعرِف أنّ حياة يوسِف لَمْ تكُن سهلة ، وَلَمْ يأخُذ فِى حياته شىء بِدون جِهاد ، لكِن كُلَّ هذا كان بسماح مِنَ الله وَبيع كعبد ، وَنُلاحِظ أنّ يوسِف يُمثِل ربِنا يسوع المسيح0 يوسِف السيِّد المسيح 1/ يوسِف إِبتاع كعبد 1/ يسوع جاء وَأخذ شكل العبد ( إِنسان ) 2/ الإِبن المحبوب لدى أبيه 2 / هُو الإِبن الوحيد لأبيهِ 3/ صاحِب القميص المُلّون 3/ الكنيسة تُمثِلّ ذلِك القميص بِمواهِب الرّوح وَالكنيسة مُزّينة بِها 4/ أبغضهُ إِخوتهُ 4/ ربنا يسوع قال أبغضونِى 5/ أُلقى فِى السِجن 6/ جُرِّد مِنَ ثيابه 6/ إِقتسموا ثيابِى وَعلى لُباسِى إِقترعوا 7/ فِى السِجن أحاط بِهِ مسجونان 7/ أحاط بِهِ لصّان 8/ تزوّج أُممية إِسمها ( أسينات ) 8/ السيِّد المسيح بسط يديهِ على الصليب لِكى يأخُذ اليهودِى وَالأُممِى لاَ يوجد مجد بِدون ألم ، فِى كُلَّ قصّة حياته لَمْ يتذّمر وَلَمْ يشتكِى ، وَهُو فِى عُمق أعماق السِجن لَمْ يشتكِى ، وَهُو يُباع لَمْ يتذّمر ، وَهُو فِى منصِبه العالِى لَمْ يطلُب مِنَ إِخوته إِنتقام منهُم ، إِذن أين الألم فِى حياتنا ؟ما الّذى نحتمِله ؟ ليس فقط الإِحتمال ، لقد أصبحت حياتنا كُلّها تذمُّر على كُلَّ شىء ، وَإِذا أرسل الله لنا تجرُبة يجِب أنْ نحتمِل وَنشكُر وَنصبِر ، وَنعلم أنّ كُلَّ شىء بِسماح مِنَ الله واحِد مِنَ القديسين مرّة سأل أولاده مَنَ الّذى باع يوسِف ؟ أجابوه إِخوته ، ردّ لاَ ، أجابوه الغيرة ، ردّ لاَ ، قال لهُم الله هُو الّذى باع يوسِف ، سماح الله ، إِرادة الله ، يجِب أنْ نشعُر أنّ حياتنا إِذا كان فيها ألم هُو مِنَ يد الله ، مَنَ منّا كان عِنده ألم وَشعر أنّ الله هُو الّذى صنع معهُ هكذا ، [ أنتُم أردتُم بِى شراً وَلكِن الرّبّ أراد لِى خيراً ] مُعلّمِنا داوُد النبِى يقول [ خير لِى أنّك أذللتنِى ] ، الّذى أذلّ داوُد النبِى الله وَليس شاول ، وَإِنْ كان الله قَدْ قاد شاول لإِزلال داوُد وَذلِك بِسماح مِنَ الله ، لابُد أنْ نشعُر أنّ حياتنا مِنَ الله وَنقبل الألم فِى خدمِتنا وَنُصِر أنْ يكون فيها ألم لِكى يكون فيها مجد أين الألم الّذى نتألّمهُ فِى الخِدمة ؟ مُعلّمِنا بولس الرسول يقول[ وُهِب لكُم لاَ أنْ تؤمِنوا بِهِ فقط ، لاَ بل أنْ تتألّموا أيضاً مِنَ أجلهِ ] ، عِندما يأتِى الأولاد إِلَى الأُسرة وَنُعطيهُم الدرس وَالترنيمة ، أين الألم هُنا ؟ لكِن نرى بولس الرسول يقول[ فِى أسهار ، فِى ضربات ، فِى سجون ،] ، فِى كورنثوس الثانية سجل آلامات بولس ، لِكى نعرِف أنّنا إِلَى الأن لَمْ نخدِم ، نحنُ نكرِز للمسيحيين الأتقياء فقط وَ نعتقِد أنّنا نتعب ، مِنَ فينا عِنده إِستعداد للتعب ؟ نشتكِى مِنَ عدم إِنتظام الخُدّام ، وَهُمْ يشتكون لأنّ ظروف منعتهُم ، وَإِنْ حضروا وَتكلّمنا معهُم فِى أمرٍ ما يتذّمروا وَيشتكوا ، وَإِنْ إِعتذرت خادِمة لها 100 عُذر تقوله ، وَآخرون لاَ يعملون لأنّ مَنَ حولهُم لاَ يعملوا هُم أيضاً ، فنكون مثلهُم ، مَنَ مِنّا عِنده إِستعداد يقول [ مِنَ أجلك نُمات النّهار كُلّه ] لابُد أنْ أتعب وَأعمل وَأفتقِد وَأُحضِر أولاد ، خِدمِة تعب ، فِى كنيسة العذراء محرم بك كان الله ينيّح نَفْسَه أبونا بيشوى كامِل عِنده عجلة ، وَأثناء الكلِمة الإِفتِتاحيّة كان ينظُر إِلَى أُسرته وَيرى مَنَ الّذى لَمْ يحضر وَيذهب على العجلة يُحضِره وَيأتِى ، - قلب نار - ، وَنحنُ نقول مَنَ يحضر يحضر وَالعكس ، هذِهِ ليست خِدمِة ألم ، ما أجمل الخادِم الّذى يسعى للأعمال التّى بِها تعب وَ التّى بِها مشقّة وَإِتضاع وَبذل ، [ إِنْ كُنّ نتألّم معهُ لِكى نتمجّد أيضاً معهُ ] ، [ عالِمين أنّ آلام الزمان الحاضِر تُنشِىء لنا ثِقل مجد أبدِى ] ، فِى مجد ينتظِرنا ، وَكُلَّ أتعاب خِدمِتنا ربِنا يحسِبها لِنا فِى قصّة الراهِب الّذى كان عين المياه بعيدة عَنِ القلاية ، وَأراد أنْ يُقرِّب القلاية مِنَ عين الماء ، وَأثناء ذلِك وجد الملاك يسير ورائهُ ، فقال لهُ ماذا تفعل ؟ ردّ عليهِ قائِلاً كُنت أحسِب لك الخطوات التّى كُنتُ تمشيها كُلَّ ليلة وَأحسِب لك التعب ، فقال إِذنْ لن أُقرِّب القلاية مِنَ عين الماء إِذا كان الوضع هكذا ، سوف أبعِدها أكثر كُلَّ جِهاد لنا يُحسب لنا ، الإِنجيل يؤكِد أنّ [ كأس ماء بارِد لاَ يضيع أجره ] ، ما الّذى نُريده أكثر مِنَ هذا ؟ وعد مِنَ الإِنجيل ، كُلَّ عمل نعمِلهُ محسوب لِنا ، إِذن هيا بِنا نتعب وَنُزوِّد تعبنا وَنترُك الخِدمة التّى براحة ، فهى مرفوضة أمام الله ربِنا يُعطينا وَيُثبِّت كلِماته وَيجعلها أنْ تكون حياة لنا وَيُكمِلّ نقائِصنا وَيسنِد كُلَّ ضعف فينا بنعمِته وَلإِلهنا المجد دائِماً أبدياً آمين

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل