العظات
يارب علمنا كيف نصلى
بسم الآب والابن والروح القدس إله واحد آمين، تحل علينا نعمته ورحمته وبركته الآن وكل أوان وإلي دهر الدهور كلها آمين.
تقرأ علينا الكنيسة يا أحبائي في هذا الصباح المبارك فصل من بشارة معلمنا لوقا البشير، حيث رأى التلاميذ ربنا يسوع المسيح وهو يصلي "وإذ كان يصلي في موضع قفر فلما فرغ قال له واحد من تلاميذه يارب علمنا أن نصلي" . تخيل عندما تري شخص يفعل شيء بشكل جميل، بشكل لم تراه من قبل، فإنك تحب أن تعرف كيف يفعل هذا؟!، فهم شاهدوا ربنا يسوع المسيح وهو يصلي، فشعروا أنهم لم يعرفوا كيف يصلوا، شعروا أنهم محتاجين أن يتعلموا كيف يصلوا، فقام أحد تلاميذه بسؤاله وقال له يارب علمنا أن نصلي، علمنا كيف نصلي مثلما أنت تصلي، أنت استغرقت وقت طويل جداً في الصلاة، أنت كنت تصلي بحرارة شديدة بتركيز شديد، بحب شديد، علمنا وقل لنا كيف نصلي؟
ونحن في بداية فترة الصوم المقدس ما أجمل أن يتحد الصوم بالصلاة، لذلك أود أن أقول لك ثلاث كلمات سريعة عن كيف نصلي؟ :
١- بإيمان
٢- بحب
٣- باحتياج
أولا : الإيمان :- لابد وأن أكون على علم أنا مع من أتحدث؟، لابد أن أكون فاهم ومتأكد ان الذي أكلمه يسمعني، لابد أن اعلم أنني في حضرة ضابط الكل، في حضرة ملك الملوك، في حضرة الله، اذا لم يكن عندي إيمان أنني في حضرة الله فمع من أتحدث أذن؟، أتحدث مع نفسي! ، أتحدث مع الهواء!، أتحدث مع الحائط! ، أتحدث مع الحجرة التي أنا بداخلها! ، بالطبع لا، لذلك ما أجمل أن تكون صلاتنا بإيمان ، أنا أعلم مع من أتكلم ، أغلق باب قلبك، وباب حواسك، وباب مشاعرك، وقل تجمعي يا كل حواسي، وخاطب نفسك وأعرف أنت أمام من تقف، ذات مرة أحد الآباء القديسين عندما كان يجد نفسه يقف برخاوة في الصلاة، يقف بكسل ، فكان يخاطب نفسه ويقول قف معتدلاً، قف برهبة، قف برعدة، أعلم أن الآن أنت تقف أمام الله وسلطان أبيك يلقيك في جهنم فتعقل وقم وأعتدل يقول لنفسه قف جيداً، قف معتدلاً، وأعلم أمام من أنت واقف الآن، أنت تقف أمام من له سلطان أن يلقيك في جهنم، لذلك الكنيسة تعلمنا "هوذا أنا عتيد ان أقف أمام الديان العادل مرعوبا ومرتعبا من كثرة ذنوبي"، أغمض عينك وجمع حواسك وجمع مشاعرك وأعلم أمام من انت تقف، أعرف أنك تقف امام خالقك، أعرف أنك تقف أمام ضابط الكل، أعرف أنك تقف أمام الديان العادل ، أعرف أنك تقف أمام القادر والمعين والمحب والخالق والرازق، فعندما أعرف أمام من أقف سأقف جيداً، فعندما يغيب عنا الإيمان بمن الذي أنا أقف أمامه تأتي الرخاوة ، الكسل ، عدم الانتباه والتركيز، لكن عندما أعلم أمام من أقف بهذا يكون الأمر مختلف ، الكنيسه تعلمنا عندما نقف نصلي كأنك تقف أمام قاضي وكل التهم أنت مدان بها ، تصور أنك تقف أمام قاضي وأمامه ملف ممتلئ، ملف به كل إدانة لك وانت تعلم أنك مدان وعليك حكم شديد تصور أنت أمام قاضي بهذه الحالة فكيف تكون أنت وقتها، هل تقف غير منتبه؟، هل تقف وأنت ليس لديك تركيز؟، تقف وانت تريد أن القاضي يقول لك لوسمحت انتبه معي ، ركز معي، فمن من المفترض أن يركز مع الآخر؟، لذلك نحن نصلي ونقول له: "بكل حرص ونشاط فعلت، ولكل خطية بشوق واجتهاد ارتكبت، ولكل عذاب وحكم استوجبت"، أنا أعلم أني مدان، أعلم أني غلطان ، ومهما كان الحكم الصادر عليا فهو حق، تصور عندما يصلي شخص وهو يعلم أمام من يقف، فلابد ان تؤمن أنه هو الذي خلقك ، ايمان بأنه ضابط الكل، أنه أبوك السماوي، أنه هو الذي بيديه النجاة، الذي يمكنه أن يقول كلمه "إيمانك خلصك أذهب بسلام". إذن فأنا بذلك أخذت براءة وكل الأدلة كانت ضدي، لذلك يقول أيضا أية إدانة تكون إدانتي أنا المضبوط بالخطايا أي كما يقال "متلبس"، وعندما تقول بكل حرص ونشاط فعلت، أتعلم هذه في القانون بما تسمى؟ اسمها سبق الإصرار ، بمعني أنني لم أفعل الخطية بضعف فسقطت، لا فأنا فعلتها بحرص ونشاط، فعندما تقف أمام الله في ذلك الوقت كيف تقف؟ بإيمان.
إيمان أني أقف امام الديان العادل، الذي من الممكن أن يعطيني براءة، الذي من الممكن أن يجد لي ثغرة من عنده هو، الذي يقول لي اذهب بسلام ، إيمان أنه يسمعك ، إيمان أنه يعرف كل تفاصيل حياتك ، إيمان أنه يعرف ضعفاتك ، إيمان أنه يعرف نوايا قلبك، فتستطيع أن تكلمه بدالة، إيمان بمعني أنه يعلم أنك تود أن تتوب وتتمنى أن تتوب ولكن لا تستطيع.
ثانيا : الحب :- بالطبع يوجد رهبة كبيرة لله، وحقا أنا أمام الديان، لكن هذا الديان هو الذي خلقني، هو الذي فداني، هو يسعى ورائي، فهو يطلب خلاص نفسي، لذلك أقول له "أحببت أن يسمع الرب صوت تضرعي" ، لذلك أقول له "أحبك يارب يا قوتي" - قف بحب - فإن أي ممارسة روحيه يا أحبائي تخلو من الحب سيزول معناها ، تصور أنك تصوم بدون حب فهذا تغيير أكل، فهذا يسمي حرمان للجسد، وعندما نصلي بدون حب فبماذا تسمي هذه الصلاة؟!، اسمها عبادة وثن، وعندما تغفر بدون حب اسمه ضعف، كأنك شخص لم يعرف أن يأخذ حقه ، لكن الحب يزين الفضيلة، أعطي حب ، حب لخالقك، حب لشخص أنت مدان له، حب لأنه يدبر كل أمور حياتك ، حب لأنه هو الذي يرزقك ويعطيك، ويغفر لك ، ويسامحك، حب لأنه بالحقيقة بدونه لا تقدر أن تفعل شيء ، لذلك يا أحبائي يعلمنا الآباء القديسين ويقولوا لنا تريد أن تصلي؟ فتجيب نعم أريد ان أصلي فيقولوا لا تتخيل أن الصلاة تبدأ وقت الصلاة، لا إطلاقاً، فالصلاة لا تبدأ وقت الصلاة ، فما هي الصلاة ؟؟ الصلاة هي حالة أنت تعيشها قبل الصلاة، حالة إيمان أنك موجود مع الله ، وحالة حب لله ، إن قلبك يهتف بحب الله باستمرار، وباستمرار تشعر بالله، وتشعر بوجوده وتشعر بمحبته، ويترجم هذا كله في شكل وقفة صلاة، لكن هلم أحذف الإيمان واحذف الحب واقول لك قف للصلاة، كأنك تأتي بحمل ثقيل وتريد أن تحمله على ظهرك ، شئ ثقيل جدا جدا ، وإذا وقفنا بملل، بضجر، بكسل يقول لك كن حذر، لابد أن تكون صلاتك بحب، برفع قلب ، باشتياق، تصور معلمنا داود وهو يقول "روحي تبكر إليك يا إلهي منذ الليل"، بمعني أني عندما أنام ، أتمنى أن أستيقظ لكي أصلي، لكي أقف أمامك، يقول لك في الليل تنذرني كليتاي بمعني ان هناك شئ يؤلمني ويقول لي قف للصلاة فأنت لديك فترة لم تصلي إلى الله ، فلذلك رغم إنه كان ملك يقول لك سبع مرات في النهار سبحتك على أحكام عدلك ، مرة يقول لك عشية وباكر ووقت الظهر، يعني ثلاث مرات، لكن مرة أخرى قال لك أما أنا فصلاة ، بمعنى أنا باستمرار في حالة صلاة ليس فقط في الأوقات التي أصلي فيها ، لذلك يقول القدسيين لك الصلاة تبدأ قبلما تصلي ، الصلاة هي حالة انت تعيشها أثناء اليوم، الصلاة هي محصلة حياتك بينك وبين الله ، لذلك كلمه صلاة تأتي من الصلة ، من الاتصال، لايوجد أتصال يومي مع الله فلا يوجد صلاة، آية كانت فستكون هزيلة، ضعيفة ، فاترة ، لا يوجد لها معني ، فتشعر أنك لم تصلي، وبعدها عندما يقال لك صلي فتقول أنا في الحقيقة لا أعرف أصلي ، أنا أذا صليت مثلما لا أصلي فلا يوجد فارق، لا يوجد داعي لكي أتعب نفسي ، أتعلم الشخص الذي كلما يدخل امتحان يسقط، يسقط عشرين مرة يسقط فيقولوا له أدخل هذا الامتحان يقول لهم سأدخل ثانية! ، هذا يكفي ، يقولوا لك لا أنك أنت لم تذاكر، أنك انت غير مجتهد ، كن حذر فمن المفترض لكي تدخل الامتحان أن يكون هناك استعدادات ، ماذا أفعل ؟
أبدأ من الآن، ارفع يدك للسماء قليلاً، ردد ترنيمة صغيرة ، قل آية، تذكر موقف لربنا يسوع المسيح ، تذكر شيء هو صنعه لك، لكي تقف أمامه مديون له ، لذلك أستطيع أن أقول لك الصلاة تريد هاتين النقطتين المهمين جدا الإيمان و الحب.
ثالثا : الاحتياج :- وفي الحقيقة أن الإيمان والحب مهمين جدا، لكن نحن غير متفوقين بهم قليلاً، أحتاج آخذ براءة ، فأنا مدان، أنا خطاياي كثيرة جداً أحتاج أن أنال الغفران ، أحتاج أن أتمتع براحة وسلام، عندي مشاكل لا أعرف حلها ، أشياء كثيرة في حياتي أكبر من قدراتي ، وأعلم أنه عندما يكون لديك أشياء كثيرة في حياتك اكبر من قدراتك بأن هذا أكبر دافع للصلاة ، لدرجة أنهم يقولون مساحة العجز في حياتك بين ما تعمل وما ينبغي أن تعمل هي مساحة الصلاة، فالذي أنا أفعله أقل بكثير من الذي ينبغي أن يفعل ، المساحة الكبيرة هذه يقال عنها هي مساحة الصلاة ، لا أستطيع تربية أولادي جيداً هي مساحة الصلاة، لا أستطيع أصلي جيداً هذه مساحة الصلاة ، لا أستطيع الجهاد ضد الخطية هي مساحة الصلاة ، لا أستطيع ارضاء الله هي مساحة الصلاة، مساحة العجز في حياتك هي مساحة الصلاة ، لذلك ربنا سمح إن مساحة العجز في حياتنا تكون كبيرة ، فلماذا تكون كبيرة؟ لكي تكون مساحه الصلاة أيضا كبيرة، وإذا كنت أستطيع فعل كل شئ كان ممكن أكون غير محتاج لربنا ، فأنا أعرف أعمل كل الاشياء ، لكن الله سمح وأراد إن الإنسان يكون لديه نقائص وضعفات كثيرة لكي يقف بها أمامه ويقول له أذكر ضعفي وذلي وغربتي ومسكنتي، أنا ضعيف، أرحمني يا رب فأني ضعيف، أشفني يا رب لان عظامي قد اضطربت.
"الاحتياج" لذلك كلما أدرك الانسان مدي احتياجه كلما كانت صلاته حاره، الحرارة من المفروض أن تأتي من الإيمان والحب، لكننا غير متفوقين في الإيمان والحب ، لكن احتياجنا كبير، إذن أبدأ بالاحتياج وقف "أشحت" ، أتعلم الذي قال له لن أطلقك إن لم تباركني، أنا محتاج ، أبونا يعقوب كان باقي أمامه وقت قليل جداً وسوف يقابل أخيه عيسو وهو يعلم أن عيسو دموي فيقوم بقتله، ويعلم أنه قبل ذلك خدع عيسو، فهو كان يعلم أن هناك صعوبة شديدة جداً سوف يقوم بمواجهتها، فكان يصرخ ، فهذه هي حالة كل شخص فينا وهو يصلي شاعر بصعوبة جدا على أمور كثيرة في حياتي ، فأنا أقول له لن أتركك، لم أطلقك أن لم تباركني، قل له يارب تتدخل ، يا رب اعمل ، يا رب ارحمني، يا رب اغفر خطاياي.
الكنيسة اليوم في الجزء الذي قرأته كلمتك عن اللجاجة ، الرجل الذي قال لئلا تزعجني ، الأرملة التي كانت تأتي له كثيرا، تصور عندما نكون تائهين ونستعير كلمة الكتاب المقدس لأنها في الحياة كلمة صعبة ، تصور أنك عندما تصلي لكي تزعج ربنا بصلاتك ، تقول له ارحمني ، ارحمني ، ارحمني ، لذلك الكنيسة تجعلك تقول كيرياليسون كثير، فبذلك نحن نزعجه، تصور أنت شخص يقول لك نفس الكلمة هات ، هات ، هات ، هات ،.......، هات. ما هذا التكرار فهذا يكفي ، أكثر كلمة تتكرر في القداس هي أرحمني، أكثر كلمة تتكرر في القداس لينعم علينا بغفران خطايانا ، تجد الشماس يرد مرد عن الشمامسة ، عن البطريرك ، عن اللاهوت، عن السماء ، عن أي أمر لكن في النهاية ماذا يقول؟ "أغفر لنا خطايانا" فهي أهم طلبه لأننا ذاهبين للقداس لكي تغفر خطايانا ، ولن نذهب الا عند شعورنا إن خطايانا قد غفرت، لذلك الذي يأتي بالروح ويصلي فالأمر يختلف معه كثيرا، كل مرة تأتي لتصلي صح لن تخرج مثلما دخلت أبدا ، ما أجمل الكلمة التي قيلت عن العشار "فخرج مبررا".
والآن وأنتم واقفين لتسمعوا صلاة القداس اطلبوا كثيراً اغفر لنا، ارحمني، وسامحني عندما تقولها كثيرا فتنال نعمة خرج مبرراً
الاحتياج، فإننا نحتاج الي جهاد روحي لست أعرف ، نحتاج لغفران خطايانا لست اعرف، نحتاج لتدبير أمور كثيرة في حياتنا لست أعرف، نحتاج لحل مشاكل كثيرة في حياتنا لست أعرف، عاجز ضعيف، ارحمني يا الله وتتدخل، قويني، أسندني، اجعل من احتياجك آداة لصلاتك، اجعل من احتياجك مادة لصلاتك، علمنا أن نصلي، فصلي بالذي تحتاج اليه ، أحتاج أشياء كثيرة جدا، الخطية ....،....، .....، أذكرها في الصلاة، يارب أشفيني من ذلاتي، أشفيني من كبريائي، أشفيني من الغضب، يارب أشفيني من محبة العالم، أشفيني من محبة المال، أشفيني من تدابير البشرية، يارب أشفيني من الكراهية، يارب أشفيني من أي شهوة رديئة، كلم ربنا بذلك، وأريد أن أقول لك أنه ليس بكثرة الكلام، قل كلام قليل بقلبك وردده ، تعلم انه عندما يأتيك احساس أنك تقف أمام قاضي وقضيتك أوراقها كثيرة وكلها إدانات مثلما قلت لك، فتقف وانت تنظر لأسفل، وتقول له انا آسف، سامحني لذلك يعلمنا القديسين أن وضع الجسد في الصلاة مهم، أنك تقف وأنت خاضع برأسك، تقف بقلب منكسر خاشع، قل كلمة ارحمني، قل كلمه سامحني، انا ليس لدي عذر، انا مدان ، لكن انا متكل علي رحمتك، لذلك عندما يصلي الكاهن في القداس ويقول "هذا الذي يظهر فيه ليدين المسكونة بالعدل، ويجازي كل واحد فواحد كنحو أعماله" فنقوم بالرد عليه ونقول له "كرحمتك يارب وليس كخطايانا" قم بالآخذ في الاعتبار ان كل مرداتنا علي الكاهن تثبت ما قاله أبونا بمعني أي كلمه قالها أبونا نقول : أمين، حقا نؤمن، نؤمن ونعترف ونصدق، آمين آمين آمين، فيما عدا هذه ولا نقل آمين، تصور معي أن ابونا يقول لنا سيعطي كل واحد كنحو أعماله ونحن نقول أمين - لا ... كن حذر- هذه الكلمة لا يمكن أن نقول فيها آمين، هذه نقول فيها آسف يا أبي، نقدم فيها اعتراض، لا نستطيع ان نقول فيها آمين ، سنقول "كرحمتك يارب وليس كخطايانا".
تريد أن تتعلم الصلاة خذ الثلاث كلمات وفكر فيهما كثير، وعلم نفسك كيف ترضي الله، وعلم نفسك كيف تتكلم ، وعلم نفسك كيف ترفع قلبك ، ثلاث كلمات إيمان ، حب ، احتياج.
ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته لإلهنا المجد دائمآ أبديا أمين.
العظيم الأنبا أنطونيوس الجمعة الرابعة من شهر طوبه
بسم الآب والابن والروح القدس إله واحد آمين، تحل علينا نعمته ورحمته وبركته الآن وكل آوان والي دهر الدهور كلها آمين.
تحتفل الكنيسة اليوم يا أحبائي بتذكار نياحة قديس لقبته الكنيسة بلقب العظيم "بي نيشتي" وتعني العظيم، إن الأنبا أنطونيوس سيرته ممتلئة بالتعاليم، وأنا سأتناول جزء صغير في سيرته، وهي بداية الانطلاق في حياته وقد كانت حادثة صعبة وهي حادثة وفاة والده، لقد كان والد الأنبا انطونيوس يمكن أن تقول عليه عمدة، كان صاحب أطيان ، صاحب جاه ، لديه أفراد كثيرة تعمل ، ذو سيرة طيبة في البلد ، من أكابر البلد، رجل له هيبة ، له سلطان ، والكثير من الناس تعمل لديه ، ويعطي لهم أوامره.
جاء الأنبا أنطونيوس ذات يوم ودخل المنزل فوجد علي باب المنزل جمهور من الناس ، فسأل ماذا حدث ؟ لكن لا أحد يستطيع أن يجيبه، وقام بتكرار السؤال كثيراً إلي أن قال له شخص "شد حيلك" ، سأله ماذا حدث؟ فأجابه والدك توفي وكانت الصدمة!، لأن والده كان في كامل الصحة، لأن والده لا يوجد له أي مظاهر توحي بهذا، في قمة صحته ، في قمة مجده ، في قمة سلطانه ، لا يوجد أي شئ يدعو للقلق ، دخل فوجد أبوه نائم علي أريكة ، وينظر الي والده منظر صعب جداً ، وقال له كيف كل هذا المجد ، وكل هذا السلطان وتنتهي في لحظة ، وجلس صامت ، وكان يتحدث لوالده يقول له أنت قد خرجت من العالم بغير إراداتك أنا سأخرج من العالم بإرادتي ، أنني لست متعجب على موتك لأن هذا أمر الله ، لكن سأتعجب لنفسي إذا عشت مثل حياتك وخرجت من العالم بغير إرادتي ، سيكون العجب عليا إذ أنا عشت حياتك ، كل شئ انتهى ، كل ممتلكاتك انتهت ، كل الأشياء أصبحت لا تنتسب ولا تؤول لك ، وبدأ ينظر إلى نهاية العالم ، صغر العالم جدا في نظر أنطونيوس ، وبالطبع كان يقرأ الكتاب المقدس كثيراً ويذهب للكنيسة كثيراً إلي أن دخل الكنيسة ذات يوم وسمع الآية التي تعلمونها جميعا وهي "إن أردت أن تكون كاملا أذهب وبع كل مالك وأعطي للفقراء" وقال له "حيث يكون كنزك هناك يكون قلبك" فوجدنا الأنبا أنطونيوس كمثل الذي ينتظر دفعه للأمام فأخذ هذه الدفعة من الكنيسة ، أخذها من القراءات، وهذا أيضاً يؤكد أننا من القرن الثالث والرابع والكنيسة يوجد بها قداسات، والكنيسة يوجد بها قراءات منظمه تقرأ على المؤمنين في فصول مختارة لكي تفيدنا نحن لكي نعيش بها، وهذه الكنيسة (التي دخلها الأنبا أنطونيوس) موجودة الي الآن وانا أعشقها، اسمها كنيسة أبو سيفين وهي كنيسة صغيرة جدا في بلدة اسمها "دير الميمون"، الكنيسة كلها مساحتها مثل مكان التناول تقريبا، سمع فيها الأنبا أنطونيوس هذا الإنجيل، وبدأ يعيش حياة الوحدة ، باع كل ماله وأعطاه للفقراء وأعطى نصيب أخته وأودعها في بيت للعذارى ، فالذي أريد أن أقوله لكم أنه لابد للإنسان أن يفكر كثيرا في زوال العالم ، والكنيسة كل يوم عندما تقوم بقراءة الكاثوليكون تقول لك "لا تحبوا العالم ولا الأشياء التي في العالم لأن العالم يمضي وشهوته أما الذي يصنع مشيئة الله هذا يثبت إلى الأبد"، كل مرة تقرأ فيها الكنيسة الكاثوليكون تقول هذه الجملة، وهذا الكلام يقال لنا ونحن نظل مثلما كنا، نحن مرتبطين بالناس، مرتبطين بالدنيا ، مرتبطين بالمال، مرتبطين بالسلطة ، مرتبطين بالأرض، فالإنسان اذا لم يتعلم من الدرس إذن فهناك مشكلة لديه، إذا قام هذا العالم بخادعنا مرة فيكون الخطأ عند العالم، لكن العالم قام بخادعنا كثيراً فيكون الخطأ عند الإنسان نفسه، فهناك جمله تقال "إن تخدعني مرة فهذا عيب عليك، لكن أن تخدعني مرتين فهذا عيب علي"، المشكلة عندي أنا لأني صدقتك، فكون العالم خدع كثيرين هذا عيب العالم لكن يخدعني أنا أيضا فالعيب أذن عليا أنا.
إذن ماذا يعني هذا؟! لابد للإنسان أن يعلم أن هذا العالم سوف يزول، فلا يصح أن يري الإنسان أن كل آماله في الأرض ، كل آماله في الدنيا، كل آماله في الزمن ، كل آماله في السلطة ، كل آماله في أولاده، كل آماله في النقود، فكل هذه الأشياء لا تعطي اطمئنان، إنهم ليسوا دائمين، ينتهوا، فلابد يا أحبائي أنه كما تعلم الأنبا أنطونيوس الدرس من والده نحن أيضا لابد أن نتعلم، لابد أن نعرف أن هذا العالم مرحلة، وهذه الحياة التي نعيشها ليست الحياة الحقيقية، هذه مقدمه الحياة الحقيقية، الحياة الحقيقية هي الحياة الأبدية، معني أن هذه الحياة التي نعيشها تنتهي فهي ليست حياة حقيقية، فماذا تكون إذن؟! قال إنها ذل، قال إنها بداية، مقدمة - لماذا؟ - لأن العالم يمضي وشهوته معه.
لذلك يا أحبائي لابد للإنسان أن يفكر كثيراً في زوال العالم، أحيانا شخص يقول لي يا أبونا هذه السيرة كئيبة، الشخص يريد أن يفكر في شيء جيد، ما هو الشيء الجيد؟، نذهب لنتنزه، أقول لك أنا لم أقل لا تتنزه، تنزه وتناول الطعام والماء وأعمل أي شيء لكن كن مدرك إن هذا ليس هدف الحياة ، كن مدرك أن هذه ليست النهاية، ليس هو مصيرك، ليس هي طموحاتك، قال معلمنا بولس الرسول "الذين يستعملون هذا العالم كأنهم لم يستعملوه"، الذين يملكون كأنهم لم يملكون فهذا يعني استعمال، الكرسي الذي تجلس عليه أنت تستعمله فقط لكي تجلس، لكي تعطي راحة لأرجلك فقط ليس أكثر، ويأتي وقت وأنت خارج من الكنيسة الآن الكرسي الذي كنت تجلس عليه إلي أين يذهب؟ سيظل بالكنيسة، فهو قام بدوره أراح ساقي قليلاً وأنت سوف تذهب، لن تقوم بأخذه معك، فالعالم هذا مرحلة، شيء نجلي عليها ونمشي، تصور عندما تنظر إلي بيتك هذا الذي تسكن فيه وأنا آسف أن أقول لك هذا، تقول أنا سوف أذهب وبيتي سيظل موجوداً ، أنا أذهب وهذا الكرسي يظل موجوداً ، أنا أذهب والسرير يظل موجوداً، فيسأل هذا السرير سيعيش أكثر مني؟ نعم سيعيش أكثر منك، فهذا هو زوال العالم، فماذا يفعل الإنسان؟!
يعيش العالم لكن لا يبني كل آماله في العالم، ينظر للنهاية فينظر إذن للأمور بشكل صحيح، أنظر للمال كوسيلة، أنظر لهذه الأمور التي أنا متعلق بها إنها جميعها سوف تنتهي، وأقول لذاتي كثيراً العالم يمضي وشهوته والإنسان بطبعه ينسي، إذا كان هناك شخص يحبه الإنسان وعزيز لديه جداً فعندما يفارق الحياة يكون متأثر، لكن ما مقدار تأثره؟ كل شخص حسب درجة تأثره ، متأثر أسبوع ، أسبوعين، ثلاثة، لكن اذا كان هذا الشخص غالي يتأثر أكثر، أما اذا كان هذا الشخص مؤثر في حياته فإن التأثر يدوم فترة أطول لكن للأسف أقول لكم أيضا حقيقة إنه لا يكون حزين على الفراق قدر الحزن على الخسارة، الخسارة التي حدثت لك أنت من فراقه، فهذه أيضا مشكلة، فماذا نفعل بعد، لابد أن ينظر الإنسان للعالم بنظرة مختلفة العالم يمضي وشهوته معه.
أحد القديسين سأله تلميذه قائلا له إني أؤجل التوبة جداً ولا أعلم ماذا أفعل لأنه لا يوجد شيء يدفعني للتوبة، أكثر شيء يخيفني إنني أموت لكني أقول لست الآن أموت ، قال له أنا سأعطيك نصيحة قال له تب قبل وفاتك، فرد عليه إن هذه النصيحة جيدة جداً، لكن بعد أن قام بالتفكير قليلاً قال له لكنني لا أعلم متى سأموت، فمتي هذا اليوم؟، فقال له لذلك لم يعلمك الله بيوم وفاتك، لكي تتوب اليوم وكل يوم ، لأنك لا تعلم متي يكون هذا اليوم؟
إذن يا أحبائي حياتنا هذه هي رحلة توبة، رحلة تغيير، رحلة تقديس، ما أجمل الإنسان الذي غلب العالم بداخله ، ما أجمل الإنسان التي صارت أمور العالم بالنسبة له وسائل لكي يخطو عليها ويغلبها.
يقال عن الأنبا أنطونيوس أنه من كثرة حيرة الشياطين منه وهو يمشي في الصحراء كان الشيطان يأتي له بذهب وفضة ملقاه تحت أرجله، تصور أنك تمشي في أرض كلها ممتلئة بالذهب والفضة والدنيا صحراء وخلاء وشمس، الشمس تسطع في الذهب مثلما نقول في المديح "نثروا الذهب والمال يضوي على الجبال" أي يلمع، تصور إنك تمشي في مكان فيه الذهب يلمع، يلمع، يلمع، ... إلخ لكن يقول علي الأنبا أنطونيوس أنه كان لا ينظر إليه.
إن القديس أثناسيوس الرسولي تأثر جداً بسيرة القديس انطونيوس، أثناسيوس الرسول بعظمته تأثر جداً، وعندما ذهب الي المنفى (فهو نفي إلى بلد بالقرب من النمسا) فإن أكثر ما شغله وقام بتعزيته وهو في المنفى أنه كتب لنا سيرة القديس أنطونيوس بالتفصيل، من أشهر الكتب الموجودة اسمه كتاب "حياة أنطونيوس بقلم أثناسيوس" كتب فيه وقال عندما كان انطونيوس يمشي في الصحراء والذهب ملقي بجواره فالأنبا انطونيوس كان يعبر عليها بقدميه وكان لا يلتفت إليها لا يمنة ولا يسرة، زوال العالم، كيف يستخدم العالم، كيف لا أصبح عبد للعالم ، كيف لا أكون عبد للمال ، كيف لا أكون عبد لشهوات العالم ، أنطونيوس غلب لكننا أولاده ، فهذا ليس معناه ان القديس انطونيوس انتهي لكنه رصيد لنا، كل قديس في الكنيسة استودع لنا نصيب لكي يستفيد منه أبناء الكنيسة، تسحب منه درس، رصيد إيمان، رصيد عشرة ، هؤلاء القديسين هم الإنجيل المعاش ، أحيانا الوصية يكون صعب شرحها بدون نماذج، مثلما بالضبط على سبيل المثال عندما يتعلم الأولاد أشياء في العلوم أو في الفيزياء، ويقال لهم معادلة لكن هناك فرق كبير بين الشيء والتفاعل معه، عندما يقولوه غير إذا رأوه، نحن نري القديسين لكي يعلمونا الوصية، فتجد الأنبا أنطونيوس لديه الحكمة والخبرة والمعرفة ولديه حب للكتاب المقدس ولديه غلبة العالم ، ولديه غلبة المال، ولديه قوة الإيمان ولديه الدفاع عن العقيدة كل هذا ستجده في الأنبا انطونيوس.
حينئذ يا أحبائي السير التي تمر علينا، فالكنيسة عندما تقرأ لنا السنكسار لا لنقول بركة القديسين تكون معنا فقط، لا ليس فقط بركاتهم تكون معنا، يقول لك فعندما تمر على صورة أحيانا يكون هناك لحن يقال لها فهو ليس واجب ولكنك تفعل هذا مثلاً للسيدة العذراء وأن تضع يدك عليها لتأخذ منها شحنة، تأخذ منها نعمة، تضع يدك علي مار جرجس، مار مينا، البابا كيرلس ، الأنبا انطونيوس، لذلك لابد أن يكون بيتك ممتلئ بصور القديسين ، لكن ليست لتكون صور للديكور ، لا فهي ليست مجرد زينه ، لا بل لكي نكون مثلما نصلي بمعسكرهم محفوظين ، فالأنبا أنطونيوس يعلمك درس ، ومار جرجس يعلمك درس ، وأمنا العذراء تعلمك درس، والبابا كيرلس يعلمك درس، لكي تتقدس حياتنا بهم وتتغير بهم وتتقوي بهم.
ربنا يعطينا يا أحبائي أن هؤلاء القديسين يكونوا علامات أمينة واضحة على الطريق لكي كما سلكوا هكذا نحن نسلك لذلك هناك عبارة جميله جداً يقولها البابا شنودة عن مديح الأنبا انطونيوس يقول له "لم نحيا كحياتك، لم نسلك في صفاتك، فأذكرنا في صلاتك"، ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته لإلهنا المجد دائما أبديا أمين،
يعرف لاوي
بسم الآب والابن والروح القدس إله واحد آمين. تحل علينا نعمته ورحمته وبركته الآن وكل أوان وإلي دهر الدهور كلها آمين.
تقرأ علينا الكنيسة يا أحبائي في هذا الصباح المبارك فصل من بشارة معلمنا مار يوحنا البشير الإصحاح ٢١، وهو فصل معروف عن حديث ربنا يسوع المسيح مع معلمنا بطرس بعد القيامة بعدما قام بإنكاره ثلاث مرات، فقام ربنا يسوع المسيح بعتابه، أريد التحدث معكم اليوم عن العتاب، كيف يكون؟، هل العتاب نافع أم لا؟
العتاب النافع لابد أن يكون مثل عتاب ربنا يسوع، فما الذي فعله ربنا يسوع؟
١- الوقت: يقول "بعدما أكلوا" بمعني أنه ليس بمجرد أن رأى بطرس قام بعتابه بكلام صعب، وقتها كان سيصبح الحديث صعب جدا جدا ، فكان من الممكن لربنا يسوع أن يقول له أنا قمت باختيارك من أول التلاميذ، أو يقول له أنت الكبير وتفعل ذلك فماذا يفعل الصغير بعد؟!، بمعني أن الحديث من الممكن أن يكون في منتهي القسوة، وربنا يسوع المسيح كان لديه حق لأن ما فعله معلمنا بطرس كان صعب، الكنيسة تقول لنا يوم الجمعة الكبيرة "التلميذ أنكر، واللص أعترف" التلميذ هو بطرس، واللص هو اللص اليمين، فالكنيسة تود أن تقول لنا أن التلميذ لم يصل إلى اللص، لكن ربنا يسوع أنتظر بعد أن تناولوا الطعام، فالشخص عندما يأكل يهدأ قليلاً، إذن أول شيء في العتاب لابد أن تختار الوقت المناسب للعتاب، ليس أي وقت نقوم بالعتاب، لابد أن تكون النفس مهيئة للعتاب، أختار وقت العتاب، فماذا عن مبدأ العتاب؟
٢- مبدأ العتاب نفسه موجود، فهو مبدأ إنجيلي، فالأنجيل قال لنا إن أخطأ أخوك أذهب بينك وبينه وقم بعتابه، العتاب مبدأ انجيلي لكن للأسف يا أحبائي نحن كثيراً لا نعلم كيف نعاتب، لعدم اختيارنا الوقت المناسب ولا الأسلوب المناسب، فتجد العتاب تحول إلى فراق، لأن كل منهم يوجه للآخر اتهامات فتتحول الي مشكلة، فنتيجة العتاب مشكلة أكبر من العتاب، فالذي لا يعرف أن يقوم بالعتاب من الأفضل ألا يعاتب لأن العتاب يمكن أن ينتج عنه مشكلة أكبر من المشكلة نفسها، أول شيء تفعله إذا كنت تريد العتاب أن تقوم باختيار الوقت المناسب، فما هو الوقت المناسب للعتاب؟ لابد أن تعلم مجموعة من الأشياء:-
١- أن تكون على علم بطبيعة الشخص الذي تقوم بعتابه.
٢- أن تكون على علم بطريقة تفكيره.
٣- أن تكون تعلم توقعاته منك.
فلابد أن تختار وقت مناسب وتكون دارس الشخصية التي تتحدث معها، وتعلم ما هي شخصيته، ما الذي يحتمله وما الذي لا يحتمله، وما توقعاته من جهتك، لأن التوقعات تفعل خزي للإنسان، فإن ربنا يسوع المسيح كان يتوقع من تلاميذه أن يسهروا معه، لكن وجد نفسه في شدة الألم، فهو كان قد تحدث معهم وقال لهم إن ابن الانسان سيسلم ويصلب ويموت ويقبر ويقوم في اليوم الثالث، وقال لهم أنا نفسي حزينة حتى الموت، ولكن للأسف وقت شدته جميعهم تركوه، وجميعهم ناموا، فذهب لإيقاظهم ثلاث مرات، وفي ثالث مرة قال لهم ناموا الآن، وقال لهم كلمة لكي يلتمس لهم عذر قال "الروح نشيط أما الجسد فضعيف" وكأنه يقول لهم أنا أسامحكم فالروح نشيط والجسد ضعيف، فأنتم غير قادرين علي السهر، بمعنى أن ربنا يسوع التمس لهم العذر لكن كانت توقعاته منهم أن يسهروا معه، فبمقدار مساحة التوقع من الشخص يكون مقدار الحزن الذي يأتي إليك من الشخص.
أن تكون دارس توقعات الشخص الذي تعاتبه، فمثلاً أنه كان يتوقع أنك تسأل عليه، كان يتوقع أن تقف معه في شدته ، كان يتوقع أن تقف معه في حزنه، في مرضه، في ضيقه، في ألمه، كان يتوقع أن تدافع عنه في أزمة ثانية، فكل هذه توقعات، فهذه التوقعات عندما يحدث لها خزي يحدث بعدها جرح، فلابد أن أكون على علم بتوقعات هذا الشخص مني قبل أن أقوم بعتابه، فلابد في المعاتبة أن يكون هناك اختيار للوقت والأسلوب، أنظر ربنا يسوع المسيح وهو يعاتب بطرس يقول لك بعد أن أكلوا قال له أريد أن أسألك سؤال: هل أنت تحبني، نظر له بطرس وكأنه يريد أن يقول له أنك لم تحدثني عن الموضوع الذي به مشكلة، وسأله مرة ثانية قال له أحبك، فسأله مرة ثالثة فيقول الكتاب فحزن بطرس فقد توبخ ففكر بطرس أن السؤال تكرر عدد من المرات فإن خلفه معاني كثيرة، فوضع وجهه إلى اسفل وقال له ياسيد أنت تعلم كل شيء، أنت تعلم أني أحبك، فأجابه أرع غنمي، فبهذا انتهى الموضوع ولن يقوم ربنا يسوع المسيح بعتابه، فالسيد المسيح كان يريد أن يقول له أنا كنت مجروح منك، انا كنت أريد أن أعلم هل تحبني؟
أحيانا يا أحبائي الدخول في تفاصيل يثير الأمور، أحيانا أشخاص عندما يجلسون للعتاب يقول البعض أخطاء من سنين، فمثلاً تجلس مع شخص وزوجته يتذكرون مشاكلهم وهم في فترة الخطوبة - يارب أرحم - فأنت بذلك تقوم بفتح جراحات، فبذلك العتاب بدلاً أن يكون هدفه أن نقترب لكنه بعدنا أكثر، فلابد أن يكون عندك هدف العتاب واضح، فهدف العتاب المسيحي هو بنيان المحبة، إبقاء المحبة، شفاء جرح، هذا هو العتاب المسيحي، فإذا كان ليس لديك هذا الهدف فمن الأفضل ألا تعاتب، إذا كنت تريد العتاب لكي تسخر من إنسان فمن الأفضل ألا تعاتب، يقول لك أعاتب لكي يعلم خطأه أقول لك، لا فبذلك تكون مشكلة وليس عتاب، فلا تفعل هذا، أنظر ربنا يسوع ماذا فعل مع تلاميذه، أنظر ماذا فعل مع بطرس.
معلمنا بولس الرسول كان يتوقع من الأشخاص الذين كرز لهم وصنع لهم معجزات، وشفي مرضاهم، والذي اخرج منهم أرواح شياطين، عندما يحكم عليه على الأقل يقفوا معه فلم يجد شخص معه، يقول الجميع تركوني، فبولس قال لا يحسب عليهم فأنا لا احزن منهم، كان من المفترض أن يقول لهم عن معجزاته التي فعلها معهم ويعاتبهم، لذلك قال لتلاميذه لستما تعلما من اي روح أنتم، فلابد أن تفهم، تريد أن تعاتب فقم بالعتاب لكن بمحبة، بتواضع، في وقت مناسب، وعندما تذهب لتعاتب أحد قل له أنا أحبك، ولا أحب أن تكون غاضب مني، أنا كان بداخلي موقف جرحت منه ولا أريد أن هذا الإحساس يستمر لدي، يحاول ان يتكلم معك فقل له هذا يكفي أنا فقط كان بداخلي شيء أريد أن أعبر عنه فقط، قل له انا متأكد من المحبة التي بيننا، فالحكمة تتطلب هذا، فلا أقوم بقول كل تفاصيل المشكلة فهذا كلام لن يقم ببناء بل بهدم، نحن لا نعاتب لكي نجرح بعض لكن نريد أن نشفي بعض.
وأنت إذا قام شخص بعتابك أدرس توقعاته وحاول أن تستقبل العتاب بمحبة، اذا شخص جاء لي وقام بعتابي وقالي لي أنا غاضب منك لأنك لم تأتي لزيارتي، أو افتقادي، فأنا إذا قلت له أنا مشغول أنا لم أذهب الي منزلي .... إلخ، تصور لقد أصبحت بذلك مشاجرة، لكن الفعل الصحيح أن أقف أمامه وأقول له أنا آسف سامحني يا ابني، أنا أعلم أني مقصر، فبذلك انتهت المشكلة، أقول له صدقني أنا أتمنى أن أفعل أشياء كثيرة جداً، أنا أيضًا مقصر معك انتهت المشكلة، والكثير مننا يعلم أن قلة الكلام تصرف الغضب، أنا أتمنى أن أساعد كل شخص، أتمنى أن أعطي كل شخص، أتمنى أن افعل اشياء كثيرة لكن للأسف الوقت محدود والجسد ضعيف والقدرات قليلة، فأنا أقوم بالخدمة إلي أن أجد نفسي متعب فأستريح قليلاً ثم أكمل فسامحني يا ابني فبذلك انتهت المشكلة، لذلك يا أحبائي إذا جاء شخص لعتابك فكر كيف يكون هذا العتاب يبني، وليس كيف يهدم، كيف تلتمس الأعذار، كيف تحتمل، كيف تشفي، وهذا يحتاج الي شخص لديه ثلاث صفات مهمه جدا وهم:-
١- الحكمة
٢- الاتضاع
٣- المحبة
إذا كان لديك هؤلاء الثلاثة عاتب، تحدث، "فالحكمة" تجعلك تعرف كيف تختار، كان يطلق على الدكتور "حكيم" لماذا يقال عليه ذلك؟!، لأن الحكيم هذا يعرف كيف يشخص، يستطيع إعطاء الدواء المناسب، والجرعة المناسبة، فبذلك يكون الحكيم يشخص، يوصف العلاج بالقدر المناسب، حكيما، عاتب لكن في وقت مناسب يكون لديك حكمه وتواضع.
"الإتضاع" بمعنى لا تجعل ذاتك هي التي تتحكم فيك، تواضع، تعلم كيف تقول آسف، كيف تقول أخطأت، كيف تقول سامحني، كيف تقول لا تغضب مني، تقول لي لكن أنا لست المخطئ أجيبك إننا لسنا في محاكمة، لكننا نتعاتب لكي تظل المحبة، لكي تستمر، العلاقة الآن متوترة بين بطرس ويسوع، لكن بطرس نهايته كانت أنه استشهد علي اسم المسيح، فالمسيح قام باكتساب بطرس، كان من الممكن أن يخسره في هذه الجلسة، كان من الممكن أن يقول له أنت لست تلميذي، وأنا لا أريد أن أعرفك، ولا أريدك تتحدث باسمي، ولا تكرز باسمي، ويقول للتلاميذ إلقوه خارجا، كان من الممكن أن يفعل يسوع هذا وبذلك كنا خسرنا بطرس، لكن بذلك ربنا يسوع المسيح كسب بطرس، جذبه إليه، أستثمر محبته بشكل بناء، قال له أنت تعلم كل شيء.
من الأفضل يا أحبائي أن تعلموا كيف تعاتبوا، فحينئذ لن نجد شخص غاضب من شخص آخر، لنفترض أن الشخص الذي تقوم بعتابه لم يقبل العتاب فبذلك أنت فعلت ما في يديك فعله، أنت لديك حكمة، محبة، تواضع، وهو لم يقبل كلامك فلا تحزن لكن أستمر في محبته، فهو لم يقبل هذا فهو موضوع يخصه هو.
لذلك يا أحبائي قال يسوع يا سمعان بن يونا أتحبني؟ قال له أنت تعلم كل شيء وكرر هذه الكلمة ثلاث مرات فيجيبه بطرس نعم أحبك.
ربنا يسوع المسيح يعلمنا كيف نعاتب في الوقت المناسب، وكيف نعاتب للبنيان ولنمو وبقاء المحبة، وكيف نعاتب بحكمة، وكيف نعاتب بمحبة، وكيف نعاتب بتواضع.
ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته لإلهنا المجد دائما أبديا آمين.
انتم تحزنون والعالم يفرح الجمعة الرابعة من مسري
بسم الآب والابن والروح القدس إله واحد أمين، تحل علينا نعمته ورحمته وبركته الآن وكل آوان وإلي دهر الدهور كلها آمين.
تقرأ علينا الكنيسة يا أحبائي في هذا الصباح المبارك فصل من بشارة معلمنا مار يوحنا البشير الإصحاح 16، حيث يقول "الحق الحق أقول لكم أنكم ستبكون وتنوحون والعالم يفرح أنتم ستحزنون ولكن حزنكم يتحول إلى فرح " بعد ذلك قال لهم مثل "المرأة وهي تلد تحزن لأن ساعتها قد جاءت وإذا ولدت الابن لا تعود تتذكر الشدة لسبب الفرح لأنها ولدت إنسان في العالم"، ربنا يسوع المسيح واضح مع أبنائه ومع اتباعه، رغم أن الله يريد أن يجذب الناس الي دعوته، يريد ان يقول لهم اتبعوني، ادخلوا في إيماني، ادخلوا في طريقي، فهل من المفترض أن يحدثهم عن الأمور الصعبة أم السهلة؟!، من المفترض أن يقول لهم أنكم ستتعبون وتحزنون والآخرين الذين حولكم سيكونون فرحين!، هل هذا كلام شخص يريد أن يجذب إليه أشخاص ويجعلهم يحبون طريقه ، أم هو بذلك كأنه يقول لهم كونوا حذرين فطريقي صعب ربنا يسوع يقول لهم أنكم ستبكون وتنوحون والعالم يفرح ، وكأن ربنا يسوع المسيح يريد أن يقول لهم: أنا اريد ان أكون آمين معكم ، طريقي طريق ضيق ليس واسع ، طريقي طريق ألم، طريقي طريق بكاء وحزن ليس طريق تنعم وسهل، لماذا تقول هذا يارب؟ يقول لك لأن هذا هو شرط للذي يتبع طريقي، لابد يكون لديه استعداد للتعب ، لابد أن يكون لديه استعداد لأنه سوف يمشي في باب ضيق، في طريق كرب، وقد سبق مرة قبل ذلك قال لهم الباب ضيق، الطريق كرب ، وهو يقول لهم قبل ذلك أن العالم يفرح وأنتم تحزنون، وأنتم ستنوحون، وأنتم ستبكون ، لكن حزنكم سيتحول الي فرح، متي يكون ذلك؟ فأجابهم في النهاية، نهاية الموقف ، نهاية التجربة أو في نهاية الحياة ، وبعدها قال لهم المثل المرأة التي ستلد، المرأة وهي تلد تتألم، هناك آلام المخاط ، هناك آلام وجع الولادة، وبمجرد أن تسمع صوت الطفل يبكي أو أول ما يخرج من بطنها يحدث لها لون من ألوان التحول من الحزن إلى حالة الفرح ، والأطباء الذين يقومون بإجراء عمليات الولادة يقولون عند لحظة الولادة أول شيء بعد اخراج الطفل من بطن أمه يضعه علي بطن أمه أو يجعل الأم تري الطفل لكي تتحول حالة الألم الشديدة التي كانت بها الي فرح، وكأن حياتنا المسيحية مثل هذا ، يوجد ألم لكن هناك فرح ، ما هو الألم يارب؟ يجيبنا الرب الألم كثير جداً ألم الجهاد الروحي، ألم الجهاد ضد رغبات الإنسان وشهواته، ألم الإنسان ضد ذاته وكبريائها وغرورها، ألم الإنسان إنه يعيش ضد مبادئ العالم، فهناك ألم لابد أن نتحمله.
إحذروا يا أحبائي أن يكون لدينا فكر إن الحياة التي نحن نعيشها لابد أن تكون حياة ناعمه أو سهلة ، بالطبع لا ربنا يسوع لم يعدنا بذلك، قال لنا "ستتكبدون حزناً" وقال أيضا "العالم يفرح"، "أنتم ستبكون وتنوحون والعالم يفرح" لابد أن نعلم يا أحبائي ان طريقنا طريق سماوي وغايتنا غاية سماوية، فطريقنا طريق مختلف عن باقي الناس، ليست كل أطماعنا المال، ليست كل أهدافنا إشباع شهواتنا، ليس كل أهدافنا في غرور هذا العالم، إطلاقاً فنحن نعيش ضده ، ضد ذواتنا، ضد العالم ، ضد المادة ، ضد الجسد ، نحن نعيش بمبدأ مختلف تمامًا عن مبادئ العالم، الناس تريد أن تأخذ ونحن نريد أن نعطي، الناس تريد أن تشبع رغباتها ونحن نريد أن نضبط رغباتنا، نحن نريد أن نرتفع برغباتنا، مبادئنا مبادئ مختلفة تمامًا ، لذلك يقول لنا كن حذر لابد أن تعلم فأنا لن أخدعك، أنا لن أقول لك الطريق معي سهل - لا - فالطريق معي يوجد به أتعاب، لكنه ممتلئ بركات وممتلئ تعزيات، الناس تفرح بمجرد هديه ، الناس تفرح بزيادة في المرتب ، في الناس تفرح إذا أكلت طعام أو ذهبت في نزهة فكل منهم لهم وسائل الفرح، أما أولاد الله بماذا يفرحون؟ يجيبهم عندما تتذوق النعمة ستجد نفسك فرحان فرحة كبيرة جدا، أولاد الله يفرحون عندما يقرأون الكتاب المقدس ويجد آية عضدته، آية جعلته يفرح، آية جعلته يتعزى، يفرح فلماذا يكون فرح لأنه قرأ الإنجيل؟!، هناك آية جميلة جداً جعلتني فرحا، هناك آية سندتني ، عزيتني، قوة إلهية شددت مني، لأنني أنا سيء وضعيف لكن وجدت آية تجعلني فرح، أنا فرحان لأني حضرت قداس، صليت ورفعت قلبي، وأغمضت عيني، فرحت بالتسبيح، وفرحت بالمسيح، وفرحت جدا أنه هو إلهي، هذا فرح أولاد الله ، فرحت أنه كان هناك شخص بعيد جداً عن ربنا يسوع ورجع إليه، فرحت جدا إن ربنا يسوع المسيح يجلب لنفسه وله شروط وله طرق يجذب بها الأشخاص البعيدة ، أنا سعيد جدا لأني رأيت اليوم شخص ما في الكنيسة ، أنا سعيد جداً لأني تناولت، فرح جدا أني قرأت الكتاب المقدس ، فرح إني رنمت وسبحت، أنا سعيد إن الله يعزيني في وسط آلام هذا العالم، هذا فرح الانسان، هذا هو الفرح الذي يدوم ، هذا هو الفرح الذي ربنا يسوع المسيح يريد أن يحدثنا عنه، قال لأن حزنكم يتحول إلى فرح، يقول لك أنت في البداية سوف تغصب علي نفسك قليلاً، تأتي لتقرأ الإنجيل تقول أنا ليس لدي وقت، مشغول، يقول لك حاول أن تأخذ نصف ساعة فقط ، اغلق بابك على نفسك، أجلس قليلاً وقم بفتح كتابك المقدس، أغمض عينك قبلما تقرأ الانجيل وقل له يارب عبدك سامع ، يارب ارسل لي كلمة ، ارسل لي موقف ، يارب أسندني وقويني ، حتي اذا كان الموقف يوبخك علي خطية، ستجد موقف التوبيخ هذا في حد ذاته هو مؤلم لكنه مفرح، ممكن أن موقف ينير لك شيء، ممكن موقف يرشدك لشيء كنت متحير فيه، فهذا هو فرح أولاد الله، فمثلاً قم يوم بالصيام قليلاً ستجد بعدها أن جسدك يقوم بإطاعتك، جسدك خفيف، لا يقوم بالضغط عليك، ليست كل طلباته التي يطلبها منك تقوم بتلبيتها - لا - فبدأ يحدث أن سلطان الجسد يقل من داخلك، وكيف يحدث هذا؟ لأن هناك قليلاً من الحزن ستفعله، قليلاً من التعب ، لذلك يقول لك أنتم ستبكون وتنوحون والعالم يفرح.
قم بمشاهدة سير الشهداء والقديسين التي تقوم الكنيسة بتردديها علينا باستمرار، ستجد قصصهم مليئة أحزان، مليئة أتعاب، الأسقف الذي تذكاره اليوم جلس بالسجن 20 سنة لا يوجد أحد يدري به، يقول لك سيدة أرملة كانت تعوله تلقي له بعض الأكل، والناس كلها فهمت انه توفي وإنتهى أمره ، لما جاء الملك قسطنطين وأخرج الناس من السجون فهذا الرجل خرج، خرج يالها من فرحة، فأنها تعزية للناس، لأنهم يروا هذا الرجل يتعلمون كيف يغلبوا أنفسهم ، كيف يغلبوا العالم وكيف يكون لديهم روح انتصار مختلفة عن الآخرين، هذه مبادئ الإنجيل.
أحبائي الإنسان الذي يجلس يفكر كيف يفرح ويريد أن يشبع نفسه بأشياء كثيرة سيكتشف إنه كل مرة فكر يفرح خارج المسيح وخارج الإنجيل وخارج الطريق الروحي سيجده فرح كاذب، سيجدها سعادة مؤقتة، سيجده سعادة لموقف، وسيجد نفسه مازال يعيش داخل دائرة التعب والحزن والاكتئاب، لماذا؟ لأنه مازال جائع، لم يكتفي، لأنه لم يأخذ كفايته ولا الغنى، إلقي بنفسك تحت رجليه، أفتح إنجيلك المقفول، اسمه "إيف انجيلون" بمعني رسالة مفرحة، جميعنا نشتكي بالاكتئاب والحزن والضيق والهم وكثرة المشاكل، جميعنا لدينا ضيقات، على سبيل المثال قريبا قال لي شخص يا أبونا أنا إذا تناولت أدوية مهدئه هل هذا جيد؟، لأنني أحيانا اشعر بالاضطراب، الناس جميعها تفكر أن تأخذ أدوية للتهدئة أو الاكتئاب أو لتسكين الألم، ولكن صدقني ليس هذا هو الحل، لن تعيش على هذا الدواء، والحل بداخل قلبك وعقلك أن تثق في الله، أن تلقي همومك على الله ، أن يكون لك قوة من الداخل، فالسيد المسيح لم يخدعنا يا أحبائي لم يخدعنا فماذا يعني لم يخدعنا تعني أنه لم يقل لنا أنه ليست هناك أي مشكلة، كل شيء سهل وكل شيء جميل وأنكم لن تتعبوا أبداً، وستكونون معي بدون مشاكل، لا لم يقل لنا هذا بالعكس فهو قال ستبكون وتنوحون والعالم يفرح، شخص آخر حتى من الرسل يقول له أهذا كلام تقوله لناس تريد أن تأتي بهم إلي الإيمان؟! فهل انت بذلك تجذبهم أم تجعلهم يقولوا لا نحن شاكرين لك جدا ، نحن لسنا ناقصين حزن، نحن بنا ما يكفينا، لكنه يقول لنا "حزنكم سيتحول إلى فرح"، تمام مثل المرأة التي تلد، لذلك يا أحبائي قم بالتفكير في طريقة لعلاج مشاكلك، قم بالتفكير في بعض الهموم التي لديك، شخص ما يضايقك أو موقف ما يضايقك والموضوع ... هكذا والنقود لم تكفي والبيت يقوم بالضغط عليك، وزوجتك لم تستطيع التفاهم معك، وأولادك غير طائعين .... إلخ إذن ماذا نفعل في كل هذه الأشياء؟ أقول لك هذا يحتاج أن:-
١- تصلي كثيراً لكي تشفى من داخلك حتى إذا كانت المشاكل لم تحل، تصلي كثيراً
٢- تخضع لكلمة ربنا لكي تمتلئ بروح الحكمة، لكي تزداد النعمة داخلك وتستطيع أن تواجه، لكي يتشكل فكرك بفكر الإنجيل ليس بفكرك الخاص، لكي تعالج المشاكل بروح الإنجيل ليس بعقلك وإمكانياتك.
فهو قال لنا ذلك إنكم ستبكون وتنوحون والعالم يفرح، أنتم ستحزنون لكن حزنكم يتحول إلى فرح، تجد نفسك صليت صلاة، سجدت سجدة، ورفعت قلبك، وحضرت قداس، وقرأت انجيلك، وأنت تمشي بالشارع تفكر في آية، وأنت جالس في المنزل تقول ترنيمة، فيبدأ الهم الذي كان يقوم بحصارك يقل سلطانه، وإن كانت المشكلة لم تحل، لا فليس بالضروري أن تحل المشكلة، من داخلك إنت استقبالك لها اختلف، شعورك بثقلها اختلف، إلقاء همك عليه أختلف، في بعض الأحيان الأطباء النفسيين عندما يذهب شخص ويحكي له هم معين يقول له لديك شخص تحبه عزيز عليك تقول له نعم يقول لك أخرج تنزه معه قليلا، هو يريدك أن تقوم بالفضفضة، يريدك تفضفض مع شخص ترتاح له ، مرة ثانيه يقول لك على شيء سأعطيك فترة نصف ساعة تخرج خارجا بمعني "إدخال مريض آخر"، وقم بكتابة كل المشاكل التي لديك، فالرجل يقوم بحصر ما في داخله من مشاكل، يقول مثلاً شخص أحزنني، وزوجتي فعلت ... إلخ، بتفكيرك لماذا قال له الدكتور يكتب هذا؟، لكي يجعله يخرج الطاقة التي بداخله فقط وليس أكثر، تصور أن الشخص عندما يخرج هذه الطاقة فإن الحمل يخف من عليه، فنحن لدينا أجمل طريقة نخرج بها الطاقة التي لدينا، ما هي؟ معلمنا دواد قال عنها منذ قديم الزمن "أبث لديه ضيقي"، أفضفض معه، أضع عليه حملي، فهل انا أعرف أحمل شيء، لا أعرف، وأجد أشخاص أيضا تحملني همومها ، هل أنا أستطيع حمل همي حتي أحمل هموم الناس، صدقني عندما يكون لك علاقة بالله ستجد نفسك من المفترض أن نحمل هموم كثيرة جدًا تخص ناس وترشدهم وتفرحهم وتعزيهم وترفعهم، ربنا يسوع يعلمنا ويعطينا الطريق الصحيح يقول لنا كن حذر، كن حذر، لكي لا تكون المؤشرات لديك مؤشرات من الناس، تكون المؤشرات من ذهنك، مؤشرات من نفسك، لا فأنت ليس بالناس وليس من ذهنك، فأنت بالمسيح وبالإنجيل.
ربنا يعطينا نعمة إننا نلقي همومنا عليه حتى لو كان العالم من حولنا مظهره أنه يفرح ونحن نبكي ونحزن لكن لنا وعد أن حزنكم يتحول إلى فرح.
ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته لإلهنا المجد دائما أبديا آمين.
مفهوم العظمة الجمعة الثانية من شهر مسري
بسم الآب والابن والروح القدس إله واحد أمين، تحل علينا نعمته ورحمته وبركته الآن وكل أوان وإلى دهر الدهور كلها آمين.
تقرأ علينا الكنيسة يا أحبائي في هذا الصباح المبارك فصل من بشارة معلمنا مار مرقس البشير الإصحاح العاشر، معلمنا مرقس بطبيعته خادم متضع، لذلك فقد قام بتوجيه أنظارنا إلى شيء، وهو أن التلاميذ يوجد بينهم غيره، وبدأ يسيطر على التلاميذ مفهوم عن العظمة، من منهم يكون الأكبر، وهناك إثنين شقيقين وهما يشعرون أنهم هم الأقرب من ربنا يسوع المسيح وهما يعقوب ويوحنا ابنا زبدي، قالوا للسيد المسيح نحن نريدك أن تقوم بتمييزنا قليلاً، نحن لا نريد أن نكون مثل باقي الناس، قال لهم ماذا أفعل؟ قالوا له نقترح عليك لكي تميزنا وتكبرنا قليلاً وتعطينا كرامة أن يجلس واحد عن يمينك والآخر عن يسارك، ربنا يسوع المسيح لطيف جدا، كان من المتوقع أنه عندما يسمع منهم هذا الكلام ينتهرهم جداً، و يتضايق من كلامهم لأن كلامهم لا يتفق أبدا مع الرسالة الإلهية، ولا مع رسالة ربنا يسوع المسيح، ولا مع فكره، ولا منهجه، ولا مع طبيعته، وهم يعلمون ذلك من البداية، وبداية مولده كان في مزود، فأنتم تعلمون كل شئ وتتحدثون عن من يجلس عن يميني ومن عن يساري، فأجابهم "لستما تعلمان ماذا تطلبان؟"، قال لهم كونوا حذرين أنتم من الممكن أن تجلسوا عن يميني وعن يساري لكن هناك كأس لابد أن تشربها، هناك ألم لابد أن تجتازه، يوجد صليب لابد أن تشترك في حمله معي، لأن إن كنا نتألم معه لكي نتمجد أيضا معه، قام بتغيير مفهومهم من مجرد الكرامة الأرضية الزمنية إلى مفهوم آخر وهو مفهوم الألم والتعب، قام بتغيير مفهومهم من الكرامة الي الصليب، يا إلهي أنت عجيب فعلاً!، قام بتغيير مفهومهم من الكرامة إلى الصليب، قالا لهما أتستطيعان أن تشربا من الكأس التي أشربها أنا؟، وأن تصطبغا بالصبغة التي أصطبغ بها أنا، أتستطيعوا أن تحتملوا؟!، تحتملوا الإهانات، تحتملوا العذابات، تحتلموا التآمر عليكم ، تستطيعوا أن تحتملوا الصليب الذي أنا أحمله، والذي سوف أحمله، إذا استطعتم فهيا بنا لنجلس في هذا المجد معا، فطبعا هما وبدون فهم لمعنى الكأس ومعنى الصبغة، قاموا بالرد عليه وقالوا له نستطيع، فأجابهم بإجابة أخرى وهي الكأس التي أشربها أنا فتشرباها والصبغة التي أصطبغ بها أنا تصطبغان بها ولكن الجلوس عن يميني وعن يساري ليس لأحد إلا للذين أعد لهم، ومن المؤسف أن باقي التلاميذ عندما سمعوا هذا الكلام تتضايقوا واغتاظوا، وقالوا لماذا هاذين الاثنين هما الذين تحدثهم ويطلبون منك الجلوس عن يمينك وعن يسارك وقمت بالإجابة عليهم وأخبرتهم عن الشروط، فاغتاظوا العشرة وبدأوا يتذمرون على يعقوب ويوحنا، فقال لهم ربنا يسوع المسيح أنتم تعلمون أن الذين يحتسبون رؤساء الأمم يسودونهم وأن عظمائهم يتسلطون عليهم، فأنتم على علم بأن الناس الكبار هؤلاء الأكثر عظمة، وأن هؤلاء الناس الكبار المسؤولين هم الذين يسودون على باقي الناس، قال لهم هذا عرف العالم، عرف العالم أن الناس التي تسود هم الأكثر كرامة، هم الأكثر سيادة، قال لهم هذا في العالم أما أنتم فلا يكون هكذا فيكم، فقال لهم أن من أراد أن يصير فيكم عظيماً يكون لكم خادما، من أراد أن يصير فيكم أولا يكون للجميع عبدا، "لأن ابن الإنسان أيضا لم يأتي ليخدم بل ليخدم وليبذل نفسه فدية عن كثيرين"، قام بتغيير المفهوم الذي كان في أذهانهم من مفهوم الصراع على السلطة، ومفهوم الصراع على من يكون فيهم الأول، ومفهوم من فيهم الأكثر كرامة، ومن فيهم الذي يأخذ المكان الذي على يمينه والذي عن يساره، ومن فيهم يكون أكثر تميزاً، إلى من فيهم يكون أكثر عطاء، أكثر حبا، أكثر اتضاع، أكثر خدمة، قال لهم مفهوم العالم الذي يقول أن القادة يكونوا هم المتسلطين عليهم، ويكونوا هم الذين يأخذوا كرامة أكثر، وهم الذين يأخذوا من الناس أكثر، قال لهم لا هذا مفهوم في العالم ليس لدينا نحن مفهومنا عكس ذلك، الذي أراد أن يكون أولا يكون آخر الكل، الذي أراد أن يتقدم على دوره ليكن لجميع الذين حوله خادم، بل وقال كلمة أكثر من كلمة خادم قال فليكن للجميع عبدا، فأنت يارب أتيت لتغيير كل المفاهيم، نعم فأنا أتيت لأغير المفاهيم لأن المفاهيم التي لديكم مفاهيم مريضة، فهي مفاهيم من العالم، نحن لا نريد أن نتبع ربنا يسوع المسيح لكي تزداد كرامتنا على الأرض، لا نريد أن نتبع ربنا يسوع المسيح لكي نتمجد على الأرض، لا القديس يوحنا فهم الدرس جيداً وقال ينبغي أن ذاك يزيد وأنا أنقص.
ما أجمل يا أحبائي مفهوم عظمة ربنا يسوع المسيح الذي يقوم بغرسه في تلاميذه، يقوم بغرسه في كنيسته، ويقوم بغرسه في أولاده، أن يكون الكبير هو الصغير، وأن يكون السيد هو العبد للكل، معلمنا بولس الرسول في رسالة غلاطية يقول لهم بالمحبة استعبدوا أنفسكم بعضكم لبعض، في ترجمة تقول بالمحبة اخدموا بعضكم بعض، لكن وجدوا أن الترجمة الرومانية الأصيلة وهي الترجمة الحقيقية ليس اخدموا بل استعبدوا أنفسكم بعضكم لبعض بالمحبة، وهذا المفهوم الذي قاله ربنا يسوع المسيح أن الذي أراد أن يكون أولا فليكن آخر الكل، ونحن الآن في هذه الأيام الجميلة التي لأمنا السيدة العذراء، تجد السيدة العذراء كانت آخر الكل، فهي قامت بفهم الدرس بدون درس، وفهمت التعليم بدون تعليم، لأنها مسكن للروح القدس، فإبحث عن السيدة العذراء في أي موقف لن تجدها، ابحث عن كلامها لن تجد، ابحث عن كرامتها التي تطلبها ممن حولها لا تجد، ويوم أن تجدها فإنك تجدها تساعد داخل المطبخ في عرس قانا الجليل لذلك علمت أن الخمر قليل، ويوم أن تجدها فتجدها مختفية في أي مجموعة، ويوم تجدها لا تسمع لها صوت، لأنها علمت أن من أراد أن يكون أولا فليكن آخر الكل، وليكن للجميع عبدا، أمنا السيدة العذراء تجدها في كل مجالات حياتها كانت عبدة، لذلك الكنيسة عندما تأتي لتسبح أمنا السيدة العذراء تقول لها "أفرحي يا مريم الأم والعبدة"، تجدها في الهيكل تخدم الكل.
هل تعتقدون أن أمنا العذراء عندما كانت تخدم في الهيكل كان حينها الهيكل مثل الهيكل الآن - بالطبع لا - فهو كان الهيكل اليهودي، وهذا الهيكل اليهودي كان ممتلئ بالذبائح، ممتلئ بالغنم والبقر وذبائح وجلود ونار، موضوع شاق جداً علي فتاة، لأن الفتاة في الهيكل ستقوم بالتنظيف طوال الوقت، والذبائح في الهيكل ذبائح لا تنقطع، فدائماً تحتاج أن تكون في حالة عمل دائم، فلا نجدها أبدا قامت بالشكوى، أو التذمر، لم نراها أبدا تتفاخر، فهي تعلم الدرس، تريد أن تأخذ فعلاً نصيبك الحقيقي في المسيح يسوع خذ تدريب لنفسك تكون آخر الكل.
الكنيسة تعلمنا كل يوم ونحن نصلي نقول "الخطاة الذين أولهم أنا"، الكنيسة تريد أن تعلمنا أن نقف بضمير مثل الخاطئ الذي يقف من بعيد، مثلما قال عنه الكتاب "لم يشأ أن يرفع رأسه"، وقال "اللهم ارحمني أنا الخاطئ"، فهذا يا أحبائي عبيد الله، هذا نصيب عبيد الله، هذا ميراث عبيد الله، هذا عمل الله في أولاده.
لذلك يا أحبائي إن كنا نريد أن نكون أولاد حقيقين للمسيح لا تطلب ما لنفسك، فالمحبة لا تطلب ما لنفسها، يقول "لا ينظر كل واحد منكم إلى ما هو لنفسه بل إلى ما هو للآخر أيضاً"، قالوا له نجلس واحد على يمينك والآخر عن يسارك ويتصوروا أن الموضوع موضوع كرامة، وموضوع تمييز، في المسيح يسوع لا كرامة ولا تمييز.
تريد أن تتميز في المسيح يسوع أدخل بين ذراعيه وأختبئ، أطلب دائما أن تكون آخر الكل وتكون مخفي، قم بأخذ تدريب مثل أمنا السيدة العذراء، إفعل أشياء عظيمة لكن في الخفاء، حاول أن تهرب من كلام الناس، من مديح الناس، حاول أن تبعد عن الأضواء، حاول أن تستعبد نفسك للجميع ستفرح وحينئذ ستجد أن هذه هي كرامتك، كرامة من نوع آخر، كرامة تأخذها في يسوع المسيح الحبيب المصلوب الإله المتجسد، الذي من أجلنا نحن البشر ومن أجل خلاصنا نزل من السماء، الإله الذي نزل من السماء جاء يعلم أبنائه كيف يبذلوا، كيف يختفوا، كيف يقولوا ينبغي أن ذاك يزيد وأن أنا أنقص، أكثر شيء يفعل صراع في الحياة هي "الأنا"، فكن حذر أن يكون أهم شخص في بيتك هو أنا، أفكر في نفسي فقط، ماذا أريد أنا؟، ما احتياجاتي أنا؟، ولا يهمني الآخرين، كن حذر من الأنانية لأنها مرض، فالأنسان الذي يفكر في نفسه فقط يصبح مكروه جداً من الجميع وهو لا يشعر للأسف، فكن حذر لأن ربنا يسوع المسيح جاء ليغير المفاهيم، قال لك تريد أن يكون لديك كرامة أترك نفسك آخر الكل، أترك نفسك عبد لكل من حولك، تعلم كيف تستعبد نفسك للآخرين، معلمنا بولس قال "مع أني حر للجميع استعبدت نفسي للجميع لكي اربح الجميع" استعبدت نفسك بمعنى أن لديك استعداد أن الناس التي تقوم بخدمتها تصبح لهم عبد، الإنسان الذي يفهم عمل المسيح في حياته بسهولة يستعبد نفسه للآخرين.
القديس أوغسطينوس عندما كان يصلي للمخدومين كان يقول "أطلب إليك من أجل ساداتي عبيدك" يسمي المخدومين شعب الإيبارشية الذي هو أسقف عليها الذين يخدمهم ويدعوهم ساداتي، فإنه تعلم من سيده.
التلاميذ عندما سمعوا هذا الكلام قالوا نحن حقا لا نفهم شيء فنحن نفكر في الغيرة من يعقوب ويوحنا، وأنت تقول لنا الذي يريد أن يكون أولا يكون آخر الكل، أصبح هناك بينهم سباق ليس على المتكأ الأول ولكن على المتكأ الأخير، إذا جلست وسط جماعة فيها محبة الله ومخافة الله تجد كل واحد منهم يتصارع على النصيب الأصغر وليس النصيب الأكبر، ستجد أن كل واحد منهم يقدم الآخر على نفسه، ستجد أن كل واحد منهم يقول ينبغي أن ذاك يزيد وأنا أنقص، ستجد الكل يريد أن يشير إلى المسيح، الكل يريد أن يمجد المسيح، الكل يريد أن يعلن مجد المسيح، الكنيسة ملك من؟، والخدمة ملك من؟، والذين يريدون أن يجلسوا على اليمين أو على اليسار يريدون أن يمجدوه هو و إذا كان هو الذي تألم من أجلهم فقال لهم أن هناك كأس لابد أن تشربوها وهناك صبغة لابد ان تصطبغوا بها، وهناك ألم لابد أن تجتازوه، اشتركوا معي في ألمي فحينئذ تشتركوا معي في مجدي.
بيوتنا يا أحبائي تحتاج هذا المفهوم، وحياتنا مع أولادنا ومع كل من حولنا، نحتاج أن نفهم أن الذي آراد أن يكون أولا فليكن آخر الكل، من آراد أن يكون فيكم أعظم فليكن للجميع عبدا.
ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته لإلهنا المجد دائما أبديا آمين.
العودة للسماء
بسم الآب والابن والروح القدس إله واحد آمين. تحل علينا نعمته ورحمته وبركته الآن وكل آوان والي دهر الدهور كلها أمين.
تعيش يا أحبائي الكنيسة هذه الفترة المباركة من أقدس فتراتها والتي يقال عليها "فترة العشرة أيام"، ماهي فترة العشرة أيام ؟ هي الفترة من عيد الصعود إلي عيد حلول الروح القدس ، ربنا يسوع قال لتلاميذه لا تبرحوا أورشليم ، أجلسوا هنا ولا تتنقلوا يمين أو يسار، إلي أن تلبسوا قوة من الأعالي، طبعا أقوال كثيرة كان ربنا يسوع المسيح يقولها لهم وهم لا يفهموها ، قال لهم أمضي إلي الآب فوجدهم حزنوا فقال لهم أنه خير لكم أن انطلق، لا نحن نريدك معنا لا تتركنا، لكن للأسف هذا المفهوم الضيق، أنا لابد أن أسبقكم لكي أخذكم ، أنا لن أترككم لأني أريد أن أترككم ، لن أترككم لأني لست أحبكم ، لن أترككم لأني مللت منكم - لا - لكن أنا سوف أترككم لكي أجهز لكم مكان أفضل ، لذلك فترة العشرة أيام هي فترة استعدادنا لكي يرجع الإنسان إلي الفردوس، ويرجع مرة أخرى لحالته قبل السقوط ، ويرجع مرة أخرى ليكون مسكن للروح القدس ، ويرجع مرة أخرى ليكون من أبناء السماء ، ربنا يسوع المسيح أكمل الفداء ، تجسد ، صلب، مات، قبر، قام، هزم الموت. فهل سنظل أسفل طول الوقت، يقول لك لا أنا هزمت الموت لكي أرجعكم مرة أخرى للفردوس الذي طردت منه، فهيا بنا لكي أرجعكم مرة أخرى إلي فوق.
ولكي يرجعنا مرة أخرى إلي فوق فعل أمرين؛ ذهب هو الأول ، وأعطانا الطريق الذي نذهب به للفردوس، ما هو الذي يساعدنا لكي نذهب الي الفردوس؟ قال سوف أعطيكم الروح القدس، أنا سوف أرسم لك الطريق وأنت تذهب خلفي، لكن سوف تحتاج قوة لأنك ضعيف وفيك طبع ضعيف، القوة التي تؤمنك لكي تستطيع الوصول، ما هي ؟ الروح القدس.
هذه هي الفترة التي نعيشها الآن ، فهو رجع مرة أخرى لكي يأخذنا معه إلي الفردوس ويأخذنا مرة أخرى للمجد الأبدي الذي تركنا بعد سقوطنا في الخطية ، أبونا آدم في الفردوس كان في حالة تمتع ، لا يعرف معني كلمة مخالفة ، لا يعرف معنى شيء سوى الله، كان الله كل شيء بالنسبة له ، لا يعرف معني الخوف ، لا يعرف معني الموت ، بمعني إذا تحدثت مع أبونا آدم قبل السقوط عن الموت فيجيبك ما معني الموت، فهو لم يري أي شخص مات، ولن يسمع عن شيء اسمه موت، فكلمة موت ليست موجودة ، لا يوجد موت، لا يوجد خطية ، لا يوجد شيء يفصله عن الله ، يوجد تمتع بوجود ربنا ، في حالة راحة دائمة ، سلام دائم ، موجود مع الله لا يعكر صفوه شيء أبدا ، هذه حالة آدم قبل السقوط في صلح مع الطبيعة ، الطبيعة تخضع له ، الحيوانات تخضع له، هو الذي أسماها بهذه الأسماء ، الحيوانات، الطبيعة تخضع له في محبة كاملة مع ربنا، في حالة وحدة مع الله ، سلام كامل، لا يعرف الخوف، لا يعرف القلق، لا يعرف الاضطراب، لا يعرف الموت، ولا يخاف الموت ، فماذا يسمون هذه الحالة ؟ يسموها حالة شركة مع الله، حالة وحدة مع الله، لكن عدو الخير حسد هذا الوضع، أصبح لا يطيق هذا الوضع.
عدو الخير أساسا كان من سكان السماء لكنه طرد منها ، فمن الطبيعي الذي طرد من السماء لا يريد أحد أن يجلس مع الله في السماء ، فهو يريد أن البقية تطرد مثله، فقام بلعب لعبته المتعبة والصعبة الذي يفعلها معنا إلي الآن ، فهو لا يريدني أن أتمتع بربنا ، لا يريدني أن أكون في وحده مع الله ، لا يريدني أظل في سلام مع الله ، فهو يريد أن يفقد الوحدة ، يريد إقناعي إن الحياة مع ربنا ليست حلوة ومعي أنا كشيطان تكون حلوة ، هذا ما فعله مع أبونا آدم ، فقال له الشيطان هو قال لك لا تأكل من هذه الشجرة لأنه لا يحبك ، فهو قال لك لأنك يوم تأكل منها تصبح مثله ، قام بإدخال أفكار غريبة ، ومن المؤسف أن أبونا آدم غوي ، صدق قال صحيح لي أنا إذا أكلت من هذه الشجرة وهو يقول لي لم تأكل منها وانا كان في تخيلي أنه قال لا هذا لأنه يحبني لكن أنا إذا أكلت من هذه الشجرة سوف أصبح مثله ،لا أنا سوف أكل منها ، فأنت بذلك تخالف ربنا يجيبك لا أنا مثله، هذا جوهر الخطية يا أحبائي ، ما جوهر الخطية ؟ المخالفة ، التعدي ، فقد الوحدة، التعالي على الله ، عدم تصديق الله ، عدم الثقة في الله ، هذا الكلام يفعل انفصال داخل الإنسان ، فأبونا آدم انفصل بإرادته، انفصل باختياره ، انفصل برغبته ، واستحسن أن يبقى بعيدا عن الله ، تصور حجم المأساة الشديد ، وبدلا من أنه كان يجلس متمتع بربنا، بدأ يشعر بالعري وبدأ يشعر بالخوف وبدأ يشعر بالقلق وبدأ بعدما كان في حالة وحدة وانسجام مع ربنا يخاف من ربنا وبدأ يبتعد عن ربنا لدرجة إن ربنا قال له أين أنت. أصبح مختبئ ، نحن أيضا كثيرا نختبئ من ربنا، نحن كثيراً نهرب من الصلاة ، ومن القداس، ومن الإنجيل ، لا نريد أن نسمع صوته ، فهو يوبخنا ، ينبهنا ، ونحن نريد أن نعيش كما نحب، هذا أبونا آدم فهل الله كان يريد أن يطرده ؟ أبدا كان يريد أن يظل معه، الله لم يكن يريد أن يطرده ، لكن من الذي يريد أن يطرد ؟ آدم هو الذي كان يريد أن يطرد ، يقول "فأكلت بإرادتي ، وتركت عني ناموسك برأيي، أنا اختطفت لي قضية الموت" ، أنا الذي أخذتها ، تخيل شخص يقوم بفتح خانة بيديه وهي من الخارج مكتوب عليها الموت ، هو الذي قام بفتحها ، قال له يوم أن تأكل من الشجرة موتا تموت ، تصور ان هذا الكلام خطأ ، لم يصدق ربنا ، فدخل إلي طبع أبونا آدم انفصال عن الله وفساد.
ففسد الجنس البشري ، وأصبح النسل كله من آدم يأخذ نفس هذه الطبيعة الفاسدة ، ورأينا الخطية والذي يقوم بقراءة الكتاب المقدس يري كيف سادت الخطية ، الموت دخل إلى العالم ، دخل، هجم، كان الله يبحث عن الأبرار، نادراً ما يجد أحد، إلي أن وجد ربنا شخص مثل أبونا نوح ، أبونا أبراهيم ،أبونا موسى. وحتى ضعفاتهم كان يقبلها ، فكان من المهم لديه أنهم يريدونه ويحبونه ويخافوه و يسيرون معه، لأن الناس كانت تستحسن الابتعاد عن الله ، فماذا تفعل يارب ؟ أتي بالطوفان وأهلك الخليقة كلها وقال لكي نجدد الخليقة، هل الطوفان عندما جاء جدد الخليقة ؟ أبدا فوجدنا الإنسان هو الإنسان، أباد الخليفة كلها فيما عدا ثمانية أنفس ، نوح وزوجته وثلاث أبناء وثلاث زوجات، خرجوا من الفلك ورأوا عظمة عمل الله ، الخليقة كلها ماتت ، قم بإرضاء الله ، قم ببناء مذبح للرب، فقاموا ببناء مذبح وبدأوا لكن للأسف لم يستطيعوا أيضا ، ووجدنا نوح سكر وتعرى وأولاده فعله أشياء مؤسفة ..... إلخ وعندما تقوم بقراءة باقي القصة تجدها ممتلئة بأمور مؤسفة ، فماذا تفعل الآن يا ربي؟ قال أنا لست أفعل طوفان مرة أخرى فهذه هي خليقتي ، قال أنا سوف أعطيهم وصايا لكي أقوم بضبطهم قليلا، فأعطى لهم مجموعة قوانين، لا يصح عمل ....،....،.... إلخ أعطاهم وصايا، ماذا فعلوا بالوصايا ؟ حاولوا، اجتهدوا، لكن للأسف لم يستطيعوا أيضآ ، لم يستطيعوا؛ يقول له لا تفعل ذلك يقول له حاضر، يحاول يمسك نفسه مرة واثنين وثلاثة بعد ذلك يفعل الخطية، الوصية تقول إن الذي يفعل هذا يموت، إذن فبذلك هذا الشخص مات ، فالوصية بذلك ماذا فعلت؟
معلمنا بولس الرسول قال "أنا بالناموس عرفت الخطية" ، قال "جاءت الوصية مات الإنسان وعاشت الخطية"، فهل هذا يا رب الذي تريده؟ أنت تريد يارب أن الإنسان يموت والخطية تعيش!، فظل ربنا يتأنى علي الإنسان قال أرسل أنبياء ينزلوا ويعلموهم لكن لم يسمعوا لهم ، أصبحوا يقتلون الأنبياء ، وأخرى يقومون برجمهم، يقول لك عن أشعياء النبي قاموا بنشر عظامه، لم يكتفوا بموته، لا فأيضا قاموا بنشر عظامه ، تعلم عندما يكون هناك شخص مغتاظ من شخص آخر، فهم كانوا مغتاظين من بره لأن هذا النبي يقوم بتوبيخهم، فبماذا بعد يا رب ، هل تترك الخطية تسود، هل تترك الخليقة التي أنت قمت بخلقتها تهلك!
هل أرسل لهم شخص؟! ولكن الشخص الذي أرسله أيضاً سيكون به نفس البذرة ، إذن ماذا نفعل يا رب؟ قال سأرسل بذرة جديدة مختلفة عن كل البذار التي أرسلتها، ما هي البذرة الجديدة ؟ جنس جديد للبشر، من هذا الجنس الجديد للبشر؟ قال أنا ، فجاء ربنا في شكل بشر وفي جوهر بشر ليس فقط شكل ، أخذ جسدا ، وتجسد وتأنس، ووجدنا الله متحد بالإنسان والإنسان متحد مع الله ، وبدأ الله بداية جديدة مع الإنسان بخلقة جديدة ، خلقة من؟ خلقة المسيح .
فأصبح كل نسل آدم فاسد، مهما فعلنا محاولات ، تصور إنك لديك قطيع غنم والجد الأصلي له مصاب بمرض معين، فأعطانا قطيع هزيل، مريض، لا يأتي مثلا بلبن، لا يأتي بخير، طوال الوقت متعب، يموت مبكرا، فصاحب القطيع يفكر في حل المشكلة ، يحضر أدوية، يطعمه بطعام أحسن ، يصنع لهم تهوية أحسن ، يحضر لهم أشياء و....و..... ويحاول إلي أن يقولون له لا يوجد فائدة، ماذا تفعل وقتها؟ يقول لك سوف أحضر سلالة جديدة ، يحضر سلالة جديدة وتبدأ بداية جديدة والذي مضي كله لا يهم .
هذا عمل السيد المسيح معنا نحن كجنس بشري، ماذا فعل؟ عمل خليقة جديدة ، في تسابيح الكنيسة نسميها "عجينه جديدة"
عجينه جديدة، نسل جديد ، زرع جديد ، أتي ببكر للخليقة جديد ، من هو؟ السيد المسيح فصار رأس الخليقة الجديدة ، وما علاقتنا نحن به ؟ نحن أصبحنا أولاده ، كيف ؟ قال لك المسيح أتحد بالكنيسة وأصبح المسيح والكنيسة ينجبوا بنين له عن طريق المعمودية نولد من المسيح، يأتي إلينا الشخص ابن لآدم وارث للخطية، وارث للفساد، وارث للموت ، فالكنيسة تأخذه وتقول له أنت ابني ، أنت ابن المسيح ليس ابن آدم ، تعال يا حبيبي ألدك، ينزل داخل بطن الكنيسة ويخرج من بطن الكنيسة مولود ولادة جديدة ، إن كان أحد مولود من فوق يدخل ملكوت السماوات ، هذا هو الميلاد الفوقاني ، "أنعم لنا بالميلاد الفوقاني بواسطة الماء والروح" فنزل أسفل، الإنسان ينزل في المياه يدفن ، يولد للمسيح أصبح ما اسمه؟ أصبح الأب هو المسيح والأم هي الكنيسة، وأصبح الإنسان يحمل نسل جديد، نسل امتداد لنسل المسيح ، لذلك معلمنا بولس قال: "إن كان أحد في المسيح يسوع فهو خليقة جديدة" ، خليقة جديدة ، نوع جديد، ليس الذي كان موجود من قديم الزمان ، ليس نسل آدم ، فما هو النوع الذي لنا الآن؟
هل نرجع لحالة آدم؟ قال لا لن نرجع لحالة آدم ، سنرجع لحالة أحسن من آدم ، لأن آدم كان عرضه للخطأ، وكان ضعيف، وكان من الممكن أن يغوى بسهولة ، بمعني أنه لم يثبت نجاحه ، تعلم عندما تأتي شركة تستفيد من منتجها، الذي كان به عيب معين ويقوم بعمل الموديل الجديد يقول لك هذا اسمه موديل جديد .. هذا منتج جديد .. هذا المعدل ، المعدل في ضوء أخطاء الذين قبل ذلك، جاء المسيح في ضوء أخطاء آدم صنع الإنسان المعدل خليقة جديدة .
ما هي الخليقة الجديدة ؟ فهل نحن لا نخطئ؟ قال لك حتى إذا أخطأت أنت لن تفقد بنوتك لله ، حتى اذا أنت أخطأت لن تفقد صورة ربنا التي بداخلك، حتى إذا أخطأت ، إذن ماذا أفعل؟!
يقول لك سترجع لصورتك بالتوبة ، اتحد بي فأغفر لك خطاياك، سأعطيك أشياء تجعلك دائما جديد ، ما هما ؟ قال لك سوف أعطيك الروح القدس وأعطيك جسدي ودمي ، فلا تخف، تمسك بهم ستجد دائما صورتك مثل صورتي، وصورتي مثل صورتك، لا تخف ويجلس الإنسان مع ربنا حتى وإن سقط يقوم ، حتى وإذا الصورة تلفت لديه الأصل ، لا تخف، تسترجع لقيمتك لأن قيمتك فيك لن تأخذها من خارج
على سبيل المثال ذات مرة أحضرت للأولاد ورقة بعشرة جنيهات وسألته كم هذه؟ قال عشرة جنيهات قمت بتطبيقها على أثنين وسألته كم هذه؟ قال عشرة جنيهات فقمت بتطبيقها على أربعة وسألته كم هذه؟ قال عشرة جنيهات. وإذا وقعت في الأرض فكم هذه؟ عشرة جنيهات ، فهي قيمتها فيها مهما كان.
فنحن كذلك الآن نحن في المسيح يسوع قيمتنا فينا، قادمة من من؟ قادمه منه هو ، لذلك يا أحبائي صار لنا ميراث في المسيح يسوع ، فجاء المسيح لكي يرجعنا للملكوت الذي طردنا منه فهذا ما يشغلني لأنكم أبناء الملكوت، فهيا بنا سويا ، هذا ما فعله المسيح ، تري في عيد الصعود وهو يصعد الي فوق فهل صعد له ؟ لا لنا، لأنه في الأصل من فوق فهو ليس بحاجه إلي الصعود لكنه صعد لأجلنا ، الإنسان الغير مستحق لسكني الأرض صار من سكان السماء، الإنسان الذي كان عليه عقوبة، الإنسان الذي فسد طبعه ، الإنسان الذي تسطيع أن تقول عليه عندما تقرأ العهد القديم وتشعر إنه لا يوجد منه فائدة، مهما فعل ربنا لا يوجد فائدة، عصيان دائم ، يميل للخطية دائما، يعطي له هيكل يصنع عبادة أوثان داخل الهيكل، يعطي له شرائع للتطهير يفعلها بحسب الشكل ، فماذا فعل المسيح ؟ قال لك لا أنا لم أعطيك ناموس يرشدك، معلمنا بولس الرسول يقول ماذا كانت الوصية في العهد القديم قال لك عاشت الخطية ومت أنا ، لكن عندما جاء المسيح مات هو وماتت الخطية وعشت أنا ، اشتراني فهل أعيش أنا على الأرض! يقول لك تعيش على الأرض فترة لكي ترجع مرة أخري السماء، فهيا تعالوا لأن مكانكم الأساسي في السماء ، لذلك يقول لنا أنتم لستم من أسفل، إذن يا رب ما الذي يعيننا في رحلتنا لكي نرجع مرة أخري السماء، طبيعتنا رديئة ، نميل للخطايا ، نميل للفساد ، لا نستطيع أن نذهب للسماء، قال سأعطيك الضمان الذي تذهب به للسماء ، ما هو ؟ قال لي سأضع روحي القدس ساكن داخلك إذا أخطأت سيبكتك، إذا قدمت توبة يقبلك ، يعلمك تصلي ، يعلمك تتوب ، يعلمك إنك في وحدة مع الله ، يطمئنك ، لا يتركك إلي أن تدخل السماء هذا هو الروح القدس.
ولكن ما هذه الفترة التي نحن جالسين فيها ماذا نفعل فيها؟ نبارك الذي فدانا، والذي أعطانا ، والذي علمنا ، والذي انتظرنا ، والذي بارك طبعنا، والذي جدده ، والذي أعطانا خليقة جديدة غير معرضة للمخالفة مرة أخرى والسقوط مرة أخرى وقال لك لا أنت لم تعد مثل آدم ، إن كان أحد في المسيح يسوع فهو خليقة جديدة ، دائما تمسك ، دائما قم بإرضاء الروح القدس التي داخلك ، ثق إن مكانك موجود.
هناك مشكلة واحدة فقط والتي من الممكن أن تواجهك، واحدة فقط هي عندما تصر إنك لن تريد، تخيل شخص يكون يقود سيارة ليست بحالة جيدة ، فهي تعطل وتعطل وتعطل ... إلخ، فقاموا بإبدال هذه السيارة قالوا له هذه سيارة قوية اركب وأطمئن ونام، كن بهذه السيارة وهي ستقوم بتوصيلك ، تخيل إذا هذا الشخص قام بفتح السيارة وألقي بنفسه من السيارة ، فهو يموت، كذلك نحن المسيح أعطي لنا الكنيسة وأعطي لنا الأسرار وأعطي لنا الروح القدس وقال لنا ظلوا داخل هذا المجال وسوف تصلوا، المشكلة الوحيدة التي من الممكن أن تقابلنا ان نلقي بأنفسنا من هذه السيارة، لا تسمح يا رب أنا سوف أمسك بها "بأيدي وسناني" وطوال مدة جلوسي بالسيارة سأظل أسأل الناس الذين داخلها وأطمئن على نفسي بأني جيد وفي أحسن حال هذه هي الفترة التي نعيشها الآن.
لذلك أفرح بعمل ربنا جدا واشكره جدا، وقل له أنا الإنسان الترابي أصبحت وارث لعدم الفساد ، وارث لملكوت المسيح ، يقول لك نعم أصبحت وارث لعدم الفساد وأصبحت وارث لملكوت المسيح ، أخذت أنا الذي لك لكي أعطيك الذي لي، أصبحت أنت قديس، أصبحت ابن الملكوت ، أصبحت مبارك ، أصبحت وارث لمواعيد الله ، وكرامة ومجد الملكوت أصبح لك.
لذلك قال لك "لا تخف أيها القطيع الصغير لأن أباكم سر أن يعطيكم الملكوت".
ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته لإلهنا المجد دائما أبديا آمين.
راعى صالح كسيده
بسم الآب والابن والروح القدس إله واحد آمين. تحل علينا نعمته ورحمته وبركته الآن وكل أوان وإلي دهر الدهور كلها آمين .
تقرأ علينا يا أحبائي الكنيسة في تذكار نياحة الآباء البطاركة فصل من بشارة معلمنا يوحنا الإصحاح العاشر، وهو فصل الراعي الصالح ، يحدثنا عن ربنا يسوع عندما قال عن نفسه "أنا هو الراعي الصالح والراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف". كل شخص منا في حياته لابد أن يكون كسيده راعي صالح، الزوج في منزله راعي صالح، والأم والزوجة راعي صالح، والشاب والفتاه الذين مازالوا في الدراسة أو في الجامعة أو في العمل أو في مدرسة راعي صالح، كل شخص يا أحبائي عليه أن يفكر في نفسه كيف يكون كسيده راعي صالح، راعي صالح بمعنى أنه يهتم بمن حوله، بمعنى أنه يحاول يقدم لمن حوله ما يحتاجون، قد يسألني أحدكم: وأنا من يقدم لي إذا كنت أنا أفكر في من حولي، أقول لك في الحقيقة لكي يشبع الإنسان فهذا صعب وأكثر طريقة تقوم بإشباعه أنه يعطي وليس يأخذ، أكثر طريقة تشبعه أن يعطي وليس يأخذ، فمهما أخذ الإنسان تجده دائما جائع، الشيء الذي يشبعه أنه يعطي - ماذا يعطي؟ - يعطي حب، اهتمام، ابتسامة، صلاة، رعاية، يشبع الاحتياجات، الأب والأم في المنزل لابد أن يعرفوا أن لديهم دور كبير جداً في شيء اسمه الرعاية، في شيء اسمه تسديد الاحتياجات، لابد أن نعرف أن الأب في البيت ليس مجرد مصدر للمال، بالطبع لا، من الممكن أن تكون ظروف الحياة وضغوطاتها حولت دور الأب في البيت أن تكون فكرته عن دور الأب في البيت أن يكون مصدر للمال، ومن الممكن أيضا أن تكون حولت الفكرة عن الأم أنها مصدر للطعام، لا لا فالدور أكبر من ذلك بكثير، الأم ليست فقط لتقدم الطعام، والأب ليس مجرد لتقديم المال، لا فالدور أكبر بكثير من ذلك، نحن علينا إن نهتم بالروح ونهتم بالنفس ونهتم بالجسد، لكن اهتمامنا بالجسد فقط فهذا معناه عبودية للأمور الزائلة، الإنسان عندما أخطأ في أيام أبونا آدم، آدم قبل أن يخطئ أعطى له الله سلطان على الطبيعة، سلطان على الحيوانات، سلطان على البحر، سلطان على الكون كله، الله أعطى له سلطان على الطبيعة، وكانت الطبيعة خاضعة له، ولكن بعد أن سقط انفصل عن الله، وبعدما انفصل عن الله تمردت عليه الطبيعة وخضع هو للطبيعة بعد أن كانت الطبيعة هي التي تخضع له، بعد أن كانت حيوانات البرية هي التي تخضع له، بدلاً مما كانت الأرض هي التي تخضع له أصبح هو الذي يخضع لها، وقال له بعرق جبينك تأكل خبزك، فكلما أنفصل الإنسان عن الله كلما عاش تحت وطأة هذه العقوبة، التي هي أن الطبيعة تسود عليه، أو بصراحة أن الأمور المادية والأمور الزائلة تتسلط عليه، تصبح هذه الأمور هي التي تعطي له الحياة، كلما انفصل عن الله، وكلما اتحد بالله عاد إلى الصورة الأولى أن الطبيعة تخضع له، إذن الإنسان بإرتباطه بالله تصبح الأمور المادية بالنسبة له سهلة.
إذن يا أحبائي لابد أن نعرف أن دورنا أكبر بكثير من مجرد أن ناكل ونشرب، لا فهناك احتياجات للجسد، احتياجات للنفس، احتياجات للروح، ولابد أن كل أسرة تعرف أن لها دور مع بعض، أن يذهبوا إلى السماء مع بعض، أن يرتبطوا بالله معا، أن ينموا معا، أن يصلوا معا، ولكن إذا كان هناك عنصر غير مستجيب، فلنظل مع المستجيب ، أما إذا لم نجد أي شخص مستجيب لتكن أنت، نعم لتكن أنت، أبونا إبراهيم أثناء ترحال حياته ذهب إلى أماكن كثيره جدا، لكن كل مكان يذهب إليه كان يقول: "وبني هناك مذبح للرب"، كل مكان يذهب إليه وبني هناك مذبح للرب، إني أشعر بالسعادة جداً عندما أدخل منزل أو عندما أفعل صلاة تبريك لشباب سيتزوجون ويقولون لي هنا ركن الصلاة، هذا المكان الذي نقف نصلي فيه، أنا عندما أقوم بالتبخير أشعر أن هناك مكان يوجد به أيقونة وبجانبه قنديل أو شمعة أو مصباح مضيء، هذا ركن الصلاة، لا بد أن يكون لديك في البيت مذبح، هنا مذبح للرب، هذا المكان الذي نصلي فيه، نحن لا نعيش لكي نأكل ونشرب فقط، الحياة ليست أرض، الحياة ليست زمن، الحياة ليست جسد، الحياة ليست استهلاك، لا فالحياة أرقى من ذلك بكثير، وأجمل من ذلك بكثير، لذلك تجد نفسك وأنت بعيد عن الله أن كل شيء لا يوجد له مذاق، ستجد نفسك دائما مشدود وغاضب، وبعدما نشبع الجسد تماما تجدنا كلنا نعيش دائرة حزن واكتئاب، فكان من المفترض أن الإنسان يهتم بالجسد ليصبح سعيداً أبدا، لماذا؟ لأنه ليس من يقوم بإشباعي، فهذا ليس محور الحياة.
حينئذ يا أحبائي أنا الراعي الصالح لابد أن كل شخص في المنزل يكون له دور في الأبعاد العميقة التي لدى الإنسان، الحب فجميعنا نحتاج الحب، كل من في المنزل يحتاج إلي الحب، كل شخص فينا لابد أن يقدم حب للآخر، الابن يقدم لوالده ولوالدته ولإخوته، الأخت تقدم لإخوتها وللأب والأم، والزوج يقدم لزوجته، والزوجة تقدم لزوجها، كل شخص يحتاج للحب، راعي صالح، يقول عن ربنا يسوع المسيح أن الشاب الغني نظر إليه وأحبه، هذه النظرة ممكن أن تكون نظرة حب، نظرة حنو، يوجد بها شعور بالقبول.
في بعض الأحيان يا أحبائي تجد أقرب الناس لبعضهم هم أكثر ناس يقومون بأذية بعضهم البعض، فهم من أكثر الناس الذين يشعرون إن كل شخص فينا لا يوجد له قيمة، وأنه غير محبوب، وأنه مرفوض، وإنه مرذول، وأنه سيء جدا، وأنه حتى الله لا يحبه، لماذا؟ لأننا لا نستطيع أن نقوم بتوصيل بعض الأمور التي تكون أهم من أمور الجسد، من الممكن أن نقدم أمور جسدية فهي تعبير عن الروح والنفس، عندما يقوموا بدراسة احتياجات الإنسان يجدوا أن أقل احتياجات لديه هي الاحتياجات الجسدية، نجد الاحتياجات الروحية والنفسية أكثر عمقا، وعندما تشبع هذه الاجتياحات نجد الجسد خاضع ومتشبع، وعندما لا تشبع الجسد يتمرد ويظل يطلب، يطلب، يطلب، يطلب ولا يشعر بالشبع، شعور القبول.
ما أجمل ربنا يسوع المسيح وهو يتحدث مع السامرية ويعطيها قبول في الحديث، فهو لم يشعرها بالرفض، أو مدي قبحها، بل قال لها حسنا قلتي، أنتي بالصواب أجبتي، يريد أن يقول لها أنتي بداخلك شيء جميل جداً، فأصبحت هذه السيدة في حالة من الاندهاش، كيف يكلمها كذلك؟، كيف يقوم بمقابلتها؟. فجميع الناس رافضة لها وتحتقرها، إذا قدم كل شخص فينا للآخر يا أحبائي الحب والقبول الذي يحتاجه فهذه هي الرعاية الصالحة.
ستجد ربنا يسوع المسيح مع المرأة الخاطئة التي قامت بسكب الطيب على أقدامه، وكل المنزل رافضها، وكل من في المنزل مندهش لماذا هو يتركها تفعل ذلك؟، وكل من في المنزل يقولون هذه السيدة من قام بإدخالها من الأساس، لكن بينما هم يقولون في أنفسهم "لو كان هذا نبيا لعلم من هذه المرأة وما حالها أنها خاطئة"، وعندما يود الكتاب المقدس أن يصفها يقول "إذا امرأة خاطئة في المدينة" بمعني أنها مشهورة، ليست في نطاق ضيق لكن في المدينة بمعنى أن صيتها في الشر واسع، فهذه السيدة أبسط شيء لها أن ترفض، تطرد، لا ولكن المسيح يقوم بقبولها، ويقبل تقدمة توبتها ومحبتها، ويمدح توبتها، ما هذا يا أحبائي؟، نحن نحتاج أن نقدم لأولادنا أشياء يحتاجوها، أنا الراعي الصالح كل شخص فيكم راعي صالح في منزله، قدموا لأبنائكم أشياء يريدوها ليس فقط أمور الجسد، فمثلاً إذا قال الأب لابنه أنا أحبك، إذا الأم قالت لإبنها أنا أحبك، إذا قالوا له أنت جميل، أنت متفوق، أنت تعرف في ... ، ... ، إذا قمنا بالشكر فيه أمام الناس كثيراً، فالتوبيخ الكثير يجرح، علاقتنا مع أقرب ما يكون لنا دائماً تكون علاقة متوترة لأننا نري أخطاءهم، ونظل نركز عليها، كالذي لا يقوم بالمذاكرة، والذي لا يقوم بسماع الكلام، والذي يعود متأخرا، والتي فعلت ...،....،..... إلخ
فإننا دائما ننقل لأولادنا صورة مشوهه عن أنفسهم، وبالتالي صورة مشوهة عن الله، أن الله لا يحبني، وأن الله لا يقبلني، وإن قبلني يكون بشروط، وما أصعب شروطه، ما هو الشرط الذي أقدمه لابني لكي يشعر أنه مقبول؟ شرط الكمال، بمعنى أنه لابد أن يكون 10/١٠ في كل المواد، وكل تصرفاته ملتزمة تماما، ويجلس هادئ، ويسمع الكلام وعندما يقوم بفعل كل هذا نقوم بنقل شعور أنه مقبول وأننا راضين عنه ونحن أيضاً متغصبون على ذلك، فهذا ينقل لأولادنا أن الله يصعب إرضائه، ينقل لهم أنه دائما شخص قليل في حين أن دورنا هو أن نسند أولادنا ونعرفهم أنهم مقبولين ومحبوبين ونحن نقبلهم حتى بأخطائهم، فهل هذا معناه أني لا أوبخهم؟ لا قم بتوبيخهم، لابد أن تعلمهم، لابد أن تقول لهم على أخطائهم، لكن عندما تقوم بالتوبيخ لابد أن تعرفه إني أرفض التصرف ليس الشخص، في الكثير من الأحيان عندما نقوم بإنتهار شيء يصل للشخص الذي أمامنا أننا نكرهه، لا فأنا أرفض التصرف ولا أرفضك أنت، أنا غير موافق على هذا، غير موافق على ذلك، لكن أنت حبيبي، أنت جميل، أنت تفعل أشياء كثيرة حلوة، لذلك أتمني أن تفعل ... ، ...، ... إلخ، وعموما على قدر استطاعتك.
لابد يا أحبائي أن نقدم الرعاية "أنا الراعي الصالح"، فهناك ما يسمى بتسديد الاحتياجات، الإنسان مثلما يجوع للأكل يجوع للحب أيضاً، الإنسان مثلما لديه رغبة في الحياة لديه رغبة في الأبدية، الإنسان مثلما لديه ميول للخطية لديه رغبة للكمال، لذلك نحن لابد أن نشبع الاحتياجات العميقة والإيجابية يشعر أنه مقبول، يشعر أنه محبوب، يشعر أنه يحترم، يشعر أننا نفهمه، يشعر أننا شاعرين به وشاعرين باحتياجاته، فهذا كله ينتج عنه رعاية، أنا أريدك أن تتخيل معي الراعي الصالح إذا كانت كل اهتماماته فقط هي الأكل فأصبح لا يهتم بالذئاب، لا يهتم متى يأتي الليل؟، لا يهتم إذا فقد خروف، لا يهتم إذا كان خروف يشكو من ألم برجليه، لا يهتم بأولاده أي غنمه، لا يهتم بكل هذا ويقول أنا دوري الأكل فقط لا ليس دورك الأكل فقط، لكن رعاية شاملة، نحن يا أحبائي دورنا مع بعضنا البعض رعاية شاملة، كل واحد ينظر لاحتياجات الآخر، وطبعا احتياجات الطفل، تختلف عن احتياجات الكبير، تختلف عن احتياجات المراهق ، وتختلف عن احتياجات الزوج، وعن احتياجات الزوجة، وعلى كل واحد فينا أن يفهم احتياجات الآخر ما أجمل أحبائي الزوجة التي تعرف احتياجات زوجها، وما أجمل الزوج الذي يعرف احتياجات زوجته، وما أجمل أن أعرف احتياجات الطفل، واحتياجات المراهق، واحتياجات المراهقة، لابد أن أعرف.
ذات مرة كنت أشرح موضوع لشباب مقبلين على الزواج، فقمت بسؤالهم من منكم قام بقراءة شيء عن هذا الموضوع؟ فوجدت شخص من بين تقريبًا ١٢٠ شخص، شخص!. قلت لهم يا أولادي الذي يقوم بعمل مشروع دجاج أو أرانب يقوم بالقراءة كثيراً جداً لكي يعرف طريقة تربية الدجاج، ويظل يدرس الأمراض التي تصيبها، وما هي مواسمها؟، ويسأل ويرى ويبحث ويشاهد فيديوهات .... إلخ، فكيف يا أحبائي أن حياتنا نفسها، جوهر حياتنا نفسه لم يأخذ منا الاعتناء الكافي ، على أساس يسير أوتوماتيك!، لا فهو لا يسير أوتوماتيك، من الممكن أن أكون أنا سبب تعب كل من حولي، في حين أني أري أني أفعل كل ما في استطاعتي، فما هو كل ما في استطاعتي؟ هو أني أعمل وأجلب النقود، لا ليس هذا فقط ما نحتاجه، فنحن نحتاج أشياء أخرى، نحتاجك أنت، نحتاج التحدث معك، وأنت تحتاج أن تسمعهم، تحتاج أن تفهمهم.
ذات مرة كان هناك طفل في أمريكا يحب والده وكان يعلم أنه مشغول دائما، فكان يعلم أن أجر ساعة العمل لوالده بمبلغ كبير، كان وقتها أجر الساعة حوالي 30 دولار، فالولد ظل يأخذ من والده نقود مرة ٢دولار، ٢دولار .... إلي أن قال له: أبي أريد 7 دولار فقال له كثير جداً، فأجابه الطفل أنا قمت بإدخار 23 دولار ومتبقي لي سبعة لكي أدخر 30 دولار مقابل ساعة العمل لديك، لأني أريدك تجلس معي ساعة، يريد أن يقول لك أنا أحتاج لك، كل شخص منا في البيت تفكيرنا أنه يريد أن يأكل ويشرب فقط لا فهو لديه احتياجات أخري أهم.
إذا كانت الكنيسة اليوم تقرأ لنا فصل الراعي الصالح فهي تريد أن تقول لنا لابد أن نهتم ببعضنا البعض، ونقوم برعاية بعض، ونقوم برعاية الضعفاء، ونرعى الذي يشعر أنه ضعيف وأنه قليل، فالطفل الذي يكون شقي قليلاً فنحن قمنا بإنقال صورة له أنه منحرف، فبذلك يقول لنا لا تسألوني عن شيء لأنني منحرف، فطالما أنتم تصروا علي تصنيفي هكذا، فلماذا تطلبون مني شيء جيدا؟، لماذا تريدون مني أن أذهب للكنيسة بما أنني شخص منحرف؟، فأنتم تقولون علي ذلك وقمتم بإشاعتها وأعلمتوا الجميع بذلك. إذن فنحن لابد أن نعرف أننا دورنا مع من حولنا أهم وأعمق بكثير من أننا نحضر النقود والطعام، لا ليس فقط، بل أنا هو الراعي الصالح، الراعي الصالح يعرف خاصته، يعرفها باسمها، يعرفها بظروفها، يعرفها بأحوالها.
لذلك يا أحبائي هيا نهتم داخل منازلنا، هيا نهتم بأحبائنا، هيا نهتم بأقربائنا، هيا نهتم بزملائنا، لكي نكون كمثال سيدنا وأن يكون كل شخص فينا راعي صالح. ربنا يوجه حياتنا ويصحح أخطائنا ويقوم بتقويم كل خطأ فينا.
ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته لإلهنا المجد دائما أبديا آمين.
الراعي يطعم قطيعة
بسم الآب والابن والروح القدس إله واحد آمين . تحل علينا نعمته وبركته ورحمته الآن وكل أوان وإلى دهر الدهور كلها آمين .
في تذكارات الآباء البطاركة مثل اليوم وهو تذكار قدوم القديس ساويرس الأنطاكي إلى مصر تقرأ الكنيسة علينا انجيل الراعي الصالح، لأن الكنيسة ترى أن ربنا يسوع هو راعي الكنيسة، ويقيم عليها رعاه وهما الآباء البطاركة، والآباء المطارنة، الأساقفة،القسوس اسمهم رعاه، ومن أهم عمل الراعي أنه يهتم بالخراف، يقود، يقوت، يفرح،يحمي، أعمال كثيرة للراعي، يحمي ويقوت ويقود، أنا سوف أتكلم معكم قليلاً عن أن وظيفة الراعي الرئيسية أنه لابد أن يطعم الخراف، الخراف إذا لم تأكل سوف تموت،الخراف فهمها ضيق، معرفتها قليلة، على الراعي أن يقول لهم ما المكان الذي يأكلون فيه، يقودهم إلى المكان ويقول لهم اجلسوا هنا كلوا فهذا المرعى مرعى جيد،لذلك يقول لك في المزمور إلى مراع خضر يربضني، إلي مياه الراحة يوردني، فالراعي يأخذ إلى المكان الذي الخراف تأكل منه، تتغذى، تشبع بأمان، هذا هو عمل الراعي ربنا يسوع الراعي الصالح لنا لابد أن يغذينا،لابد أن يطعمنا لكي نعيش،لكن يارب لماذا تطعمنا؟، ماذا تطعمنا؟ أقول لك أمرين وهؤلاء هم أكثر الأمور التي يعتمد الله عليها ليطعمنا بهم، يشبعنا بهم، يغذينا بهم، يحيينا بهم، فما هما هذين الأمرين؟ هما كلمة الله والإفخارستيا أي التناول،خذوا كلوالكي تعيشوا، عمل ربنا يسوع معنا أن يأكلنا لكي تستمر حياتنا، الذي لم يأكل منهما فسوف يجوع، وإذا استمر هكذا لا يأكل منهما فسوف يموت ليس فقط يجوع،ما هما الشيئين اللذين قال لنا الله عليهما أن تأكلون منهم؟ هذا هوغذائكم،هما اللتي نيشبعكم، وهما اللتين تحييكم؟،وهما :
١- كلمة الله.
٢- الإفخارستيا .
الذي يبعد عن كلمة الله ويبعد عن التناول ستجد حياته بدأت تضمر، تتلف، تضعف،معرضة للأمراض، معرضة للأخطار،حتي الموت، تريد أن تعيش هاتان النعمتين اهتم بهم جداً، اهتم بكلمة الله وبالإفخارستيا.
١- كلمة الله: كلمة الله هذه تؤكل،أي أنك تجلس هنا كأنك جالس أمام وليمة تشبع منها، مثلما عندما تذهب إلى فندق كبير ويضع لك أصناف وأشكال وألوان،تأكل إلى أن تصبح غيرقادر،فهو كذلك،الإنجيل الوليمة ، قال لك "وجدت كلامك كالشهد فأكلته" ، "أبتهج أنا بكلامك كمن وجد غنائم كثيرة"، هيا افتح انجيلك وأجلس وأقرأ،ومن الأفضل وأنت تقرأ ألا تضع مواعيد، فتظل تقرأ،ماذا تفعل؟ تقرأ،ما أجمل البيت الذي فيه الإنجيل مفتوح، ما أجمل منظر الأب للأبناء الذي يمر أمام والده ويجد انجيله مفتوح، الفتاه التي تمر على والدتها تجد والدتها تمسك الإنجيل، المنظر نفسه عظة، المنظر نفسه تعليم، وعندما يتشبع الأب بكلمة الله سوف يعيش مع أولاده بكلمة الله،تحكمه للخلاص،أشبع بكلمة الله،فالله يقول لك هذا هو الغذاء الذي يحييك، هو لايقول أنا أطعمك ولن أعطيك الطعام،لا هو يقول أنا أطعمك وأعطيك الطعام، هو صنع لك المائدة، هو صنع لك الشيء الذي يشبعك إلى النهاية،فأنت لا توجد مائدة تأكل منها بشكل مطلق مثل كلمة الله، فكم تأخذ؟ على مقدار سعيك،على مقدار اجتهادك، افتح فمك وأنا أملأه،اجلس وارفع قلبك وقل له يارب، يارب تكلم لأن عبدك سامع، تكلم يا رب أنا عبدك وأنا أسمعك، أريد سماع صوتك، وجهني، أرشدني،أشبعني، اجعل ذهنك مشبع بكلمة الله، حينما يأتي إليك موقف تجد الإنجيل يحكمك لأن كلمة الله التي تحكمك للخلاص،لا يجب أن الله يعطينا كلمته لكي نشبع بها ونحن لا نأتي نحوها و نشكو من الجوع ونشكو من الموت لذلك تجد أنفسنا كثيراً منزعجة،مضطربة، تجدنا غير قادرين علي مقاومة الشر، غير قادرين علي مقاومة الخطية، ونظل نشكو من صعوبة الخطية،لكن عندما شخص لا يأكل ماذا نقول له؟،إذالم يأكل يشكو من الأمراض بالطبع فجسمه لا يوجد به دم، جسمه لا يوجد به حياة، جسم لا يوجد به مقاومة لذلك يا أحبائي كلمة الله هي التي تركها لنا للتغذية، يقول لك أنا راعيك،ليس من المعقول أكون أنا راعيك ولا أعطيك شيء لتأكله،لافأنا لابد أن أهتم بك، لابد أن انتبه جيداً أنت ماذا تأكل؟هيا افتح العهد القديم،افتح العهد الجديد، افتح المزامير وأقرأ وأشبع، شاهد كلمة الله، سوف تكتشف كل يوم كلمة تفرحك وتعزيك وتسندك وتحميك، هذه كلمة الله، المائدة التي أعطاها لناالله، الإنسان الذي يهمل في كلمة الله يهمل في غذائه، فأنه يعرض نفسه لمخاطر كثيرة، تخيل أننا كلنا نشكو من هموم الدنيا،نشكو كلنا من الحزن،الاكتئاب، الضيقات،ولدينا الكلمة المفرحة، البشارة المفرحة،"إيفانجيلون"يعني الإنجيل، يعني البشارة المفرحة، الخبر السار،لديك البشارة المفرحة، لديك دواء الحزن، لماذا لم تأخذه؟!،تشكو من الحزن لا قم بقراءة كلمة الله تجد الأحزان ليس فقط انتهت ولكنك ارتفعت فوق منها،وهموم الدنيا لااستطيع أن أعبر لك كيف انتهت لكن تجد لديك الذي يجعلك تغلبها وتعرف وترتفع بها، بماذا؟ بكلمة الله لأن الكلمة حية وفعالة،لأن كلمة الله تحكم العينين، لأن كلمة الله هي التي تعطيك روح مشورة، وروح فهم،تخيل عندما أسأل أحدكم فيقول أنا لي فترة طويلة لم افتح الإنجيل،في الواقع لا يوجد وقت،حقا أنا لم أفهم، يقول لك مهما كان الوقت، مهما كنت لا تفهم،لايمكن أن الله يصرفك فارغ، لا يمكن فكلمة الله لا ترد فارغة،أنت فقط اجلس وأرشم علي نفسك علامة الصليب وافتح انجيلك والله سوف يحدثك لأن كلمته حية إذا كان الله يغذيك بكلمته!، فنشكر الله لا يوجد بيت الآن لا يوجد به إنجيل، نشكر الله أن كلمة الله وصلت كل أقطار الأرض سواء بإنجيل يقرأ، أو بإنجيل يسمع، أو بإنجيل من على الإنترنت، المهم إن كلمة الله الآن أصبحت متاحة لكي يقول الله لكل شخص فينا أنت بلا عذر،الذي يريد أن يقرأ بالتشكيل،وبالشواهد، ومسموعة، كل الطرق موجودة .
٢- الإفخارستيا : تشبع بالجسد والدم، هو قال ذلك خذوا كلوا منه كلكم، هو قال ذلك أن لم تأكلوا جسد ابن الإنسان وتشربوا دمه فليس لكم حياة، هو الذي قال، هو الذي قال إذا لم تأكلوا لا تكون هناك حياة،فهو الراعي الصالح يطعم أولاده، الراعي الصالح تارك لنا جسده ودمه على المذبح غذاء لأنفسنا وأجسادنا وأرواحنا، غفران للخطايا، حياة أبدية لكل من يتناول منه،هذا الذي يأكله نفسه لا تجوع، طعام الحياة،طعام الحياة،لا تبعد عنه، لا تشكو من الجوع وأنت لك الخبز السماوي، والقوت السماوي، أشكر الله عليه جداً،عندما يكون الله أعطانا هذه الوليمة السماوية،عندما يكون الله مشفق علي أولاده أنهم جائعين،يشفق عليهم لئلا يخوروا في الطريق، ويقول أعطوهم ليأكلوا،يريدكم أن تأكلوا، ما هو يارب الأكل الذي تعطيه لي؟ قال لك أنا لن أعطيك أي أكل، لا بل أغلى أكل سوف أعطيه لك، ما هو الذي تعطيه لي يارب؟ قال لك أعطيك جسدي، خذوا كلوا منه كلكم، خذوا اشربوا منه كلكم عندما تأخذ جسد ودم إبن الله ماذا يحدث لك؟ يحدث لك أنت نفسك تحول، طبيعتك تتغير، تتقدس، جسد هذا يتحد بالجسد المقدس تجده اتنقل للموت الذي فيك حياة تجد نفسك انتصرت على الخطية بماذا؟ بالمسيح الذي فيك، "من يأكل جسدي ويشرب دمي يثبت في وأنا فيه"، ثبات في المسيح، تخيل إذا لم يكن الله أعطانا هذين النعمتين كيف نعيش؟! سيظل الله بعيد عنا،يظل الله خاضع لتصوراتنا،نظل نقول لربنا كيف نشبع؟، وكيف تظل تحدثنا عن أننا نشبع وأنت لم تعطينا الأطعمةالتي نأكلها قال لك لا أنا أعطيك الأطعمة التي تأكلها،واجعلك كيف تفهمها،وكيف تتفاعل معها، في العهد القديم عندما كان الله يريد أن يصلح من شعبه،عندما كان الله يريد أن يثبت شعبه،عندما كان الله يريد أن يجدد عهوده مع شعبه كان يقيم له ملوك يفعلوا أمرين، هذين الأمرين هما سر قوة الشعب، أمرين مهمين جداً كان هذا الملك يهتم :
١- بالشريعة .
٢- بالفصح .
حينما تجد ملك تقرأ عنه في الكتاب المقدس أنه اهتم بالشريعة واهتم بالفصح فاعرف أن هذا الملك يعرف كيف يغذي الله شعبه؟الله يغذي شعبه بكلمته بالشريعة والفصح،إنهم يأكلوا الفصح الذي هو إشارة إلى أكل جسد ودم ابن الله،ملوك كثيرين اهتموا بالفصح والشريعة،وملوك كثيرين أهملوا الفصح والشريعة، هناك ملوك للأسف أنسوا الشعب أنه هناك عادة اسمها الشريعة،لم يتذكروها، في فترات طويلة تصل إلى مئات السنين انقطعت عن الشعب عادة الشريعة وعادة الفصح،لم يتذكروا كيف يفعلون ممارسات الفصح من كثرة إهمالها، وهناك ملوك أخرى أعادوا الشريعة وقرأوها على الشعب، والشعب أصبح يتأثر وأصبح يتغير وأصبح يبكي، وأعادوا عمل الفصح، أقرا عن يوشيا الملك،اقرأ عن يوآش الملك،اقرأ عن يهوشافاط ستجد سر قوة شعبهم في هاتين العادتين الشريعة والفصح، لذلك هؤلاء هما العادتين الذي نيريد الله أن يشبعنا بهم، لا يصح أن يكون الله أعطانا الأشياء التي نشبع بها، نعيش بها ونحن نهملها،لا تهمل الإنجيل، لاتهمل أنك تتناول،لا تتناول على فترات طويلة، طالما الله أعطاك وقت وفرصة متاحة تعالى، تعالى خذ كل وأشرب مثلما قال أشعياء بلا ثمن، بلا فضة، بلا ذهب الله أعطانا بركات كثيرة لأنه يعرف أننا نحارب حروب كثيرة،الله أعطانا بركات كثيرة لأنه يعرف أن التحديات التي نواجهها قوية وعنيفة، أي شخص فينا يشكو لله بالخطية ويقول له يارب الخطية ثقيلة، العالم مظلم، الناس أشرار، الفساد كثير، التلفزيون، الإنترنت، الناس،المعاشرات، الخطية تحيط بنا بسهولة، يقول لك أنا أعرف ذلك، أنا أعرف لكني أعطيتك الأقوى منه،أعطيتك الأقوى منه، أعطيتك كلمتي، وأعطيتك جسدي ودمي، هيا نتمسك بهم، لا يمرعليك يوم دون أن تقرأ،لا تمرعليك فترة بدون تناول،لكي تذهب خلف الراعي الصالح، وتأكل من يده، تشبع، تتلذذ نفسك كما من شحم ودسم ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته لإلهنا المجد دائما أبديا آمين .
طوباكم ايها المساكين لان لكم ملكوت الله
بسم الآب والابن والروح القدس إله واحد آمين. تحل علينا نعمته ورحمته وبركته الآن وكل أوان والي دهر الدهور كلها آمين.
إنجيل معلمنا لوقا نجد ربنا يسوع يتحدث مع تلاميذه ويعطيهم تعاليم سماوية روحية، من أهمها كلمة نعرفها جميعاً حيث يقول لهم "طوباكم أيها المساكين بالروح لأن لكم ملكوت السموات"، في كثير من الأحيان لا نلتفت إلي موضوع المساكين بالروح، لكن أود أن أتكلم عنها في دقائق.
في حقيقة الأمر إذا قمت بالبحث عن سبب خطايا كثيرة ستجد سببها كبرياء الإنسان، عظمته، غروره، ذاته، قم بتحليل خطايا كثيرة ستجد سببها الذات، الأنا، تنظر إلى محبة العالم، ومحبة المقتنيات، أنا ، أنا أريد، أنا أريد أن أمتلك هذا الشيء، أريد هذا الشيء يكون لي وملكي أنا، فهناك مرحلة في الحياة وهي مرحلة الطفولة فيها تجد الطفل يود كثيراً أن كل شئ يراه يمتلكه، لكن إذا استمرت هذه المرحلة مع الإنسان يصبح هناك خطر شديد عليه، الأنا، فمحبة المال أصلها الأنا، محبة الشهوات أصلها الأنا، أنا أريد أن أستمتع بهذا الشيء، أريد هذا الشيء يصبح ملكي، حتى إذا كانت إنسانة أريدها تصبح ملكي وملكي أنا، الشهوة أساسها الأنا، محبة المال أساسها الأنا، البغضة والكراهية أساسها الأنا، التعظم، الإدانة، فأنا عندما أتحدث في سير الآخرين فهذا يعني كأنني أقمت نفسي قاضي عليهم، وكأنني قمت بتصنيف نفسي أني أحسن من كل الناس، "الأنا"، الطمع يأتي من الأنا، محبة العظمة، عندما تحدث معلمنا بطرس عن شهوة الجسد وشهوة العيون وتعظم المعيشة، إذا قمت بتحليل هؤلاء الثلاثة ستجدهم الأنا، الأشخاص تختلف مع بعضها بسبب الأنا، الإنسان لماذا يريد الملكية بسبب الأنا، لماذا يغار الناس من بعضهم البعض بسبب الأنا، فهذه الأنا مشكلة كبيرة جدًا - نعم - ولكن الأخطر من مشكلة الأنا هو ألا يكون الشخص شاعر بها، يكون الشخص داخله مرض خطير (ربنا يرحمنا من هذه الكلمة) خطير وخبيث، ولا يشعر به، فماذا يحدث إذن؟ يظل يكبر، يكبر، يكبر، وهل تتخيل أن المحب للانا يشعر أنه مخطئ؟ أبدا، فدائماً ينصف نفسه لأنه دائماً يحب أن يحن على نفسه، تجده يشفق على نفسه جداً ويكون قاسي جداً على الآخرين، تجده يفكر في نفسه جداً، وقليلا ما يفكر في الآخرين، تجد هذا الأمر أصبح يزيد داخله، ستجد كل من حوله يهرب منه لأنه متكبر، فهل تعتقد أنه يقول أن الناس تهرب مني لأني متكبر؟ أم يقول لك لأنهم سيئين، لأنهم هم سيئين، ولأنهم هم .... ، .... ، .... ، .... ، ويظل يبحث عن نقاط ضعف في كل من حوله، لا فكن حذر من الأنا، لذلك تجد أول التطويبات "طوباكم أيها المساكين بالروح".
لذلك إذا قمت بقراءة سير القديسين ستجد بينهم فضائل كثيرة جداً لكنهم اشتركوا في الاتضاع، يقول أن الاتضاع خلص كثيرون بلا تعب، بلا تعب بأقل مجهود الإنسان يخلص، لكن من الذي يخلص؟ المتواضع، المزمور يقول "إلى هذا أنظر إلى المسكين المرتعب من كلامي" يقول لك "لأن الرب لا يسر بساقي الرجل بل يسر الرب بخائفيه والراجين رحمته".
من الذين لديهم مخافة الله؟، من يصلي صلاة حارة؟ المتواضع، من يشفق على الناس؟ المتواضع، من يسعى لمصلحة الآخرين؟ المتواضع، من يعطي غيره ويساعد غيره؟ المتواضع، فنحن لابد أن ننتبه لأنه في الحقيقة ستجد خطايا كثيرة تظل تكبر، وكلما في العصر بدأت تزيد عجلة السرعة، وكلما طلبات البشر بدأت تزيد، وكلما تزيد ضغوط الحياة كلما تزيد الأنانية، لذلك تلاحظ أن المجتمعات الأكثر تقدماً تجد فيها الذاتية عالية جداً، عالية جداً، ستجد أن حتى الإخوة لا توجد حنية فيما بينهم، على عكس المجتمعات الهادئة تجدها قليلة مترابطة والناس تشعر ببعضها لماذا؟ لأن المجتمع له ضريبة، يعطيك سرعة حياة، يعطيك تكنولوجيا، ويعطيك تقدم، ويعطيك دخل عالي لكن يأخذ منك ما هو أغلى، يأخذ منك مشاعرك تجاه الآخرين وتزداد مشاعرك تجاه نفسك فذاتك ترتفع، ترتفع، ترتفع، وتبدأ تشعر أنك محور الكون كله، أنا الذي أجلب النقود، أنا الذي أقوم بتشغيل الجهاز، أنا الذي أقوم باختيار أغلى الأشياء، وأنا الذي أتنزه وأنا .... ، ..... ، تجد الأنا تزيد، هل تعتقد أن الأنا تشعر بالشبع؟ لا تشعر بالشبع مطلقا، تعتقد أن الإنسان يشعر بالأنا؟!، أبداً بل قليلاً جداً ما تجد إنسان يشعر بالأنا أنها عالية بل بالعكس كلما زادت الأنا لديه كلما يشعر أن الآخرين هم الأقبح، فهذه تجربة مرة، يقول لك نعم، لذلك يا أحبائي عندما نري ضعفات كثيرة جداً في عصرنا لابد أن نفكر في أنفسنا، فالكاهن في القداس يقول "هذا الذي يأتي في مجده ليدين المسكونة بالعدل ويعطي كل واحد فواحد كنحو أعماله " كل شخص على حدا، يقوم بمحاسبتي بمفردي، ويقوم بمحاسبتك بمفردك ..... إلخ، كل شخص بمفرده ستجد أشياء كثيرة تمنعنا الذات منها.
تصور أنه من الممكن أن تكون الذات هي التي تجعلك لا تصلي لأنك تشعر بالاكتفاء ولا تشعر بالضعف، من الممكن أن تكون ذاتي هي التي تجعلني أقف أمام الله بغير انسحاق تجعلني أقول: أنا شاطر، أنا قوي، أنا جيد، أنا أعرف أن أحل الأمر بيدي، فلذلك الله مكانه في حياتي قليل ، تخيل الإنسان عندما يستمر في هذه الحالة!، ترى إلى متى يستمر فيها؟، فماذا تحتاج؟ تحتاج نقطة انتقال، أنه لا أنا بل المسيح، تحتاج نقطة انتقال لا يكون مركز حياتك هو أنت، لا تعيش فقط لكي تتلذذ، تتنعم، تأخذ، تنفق، تجمع، تطمع، تتعالى، تكن مغرورا، تتعصب - لا إطلاقاً - لذلك مسكنة الروح هذه تحتاج أن الإنسان يطلبها جدا، "القلب المنكسر المتواضع لا يرذله الله"، من الذي من الممكن أن يلفت نظر الله الآن ونحن ههنا؟! المتواضع، من الذي من الممكن أن الله يركز معه؟! المتواضع، القلب المنكسر المتواضع لا يرذله الله، دائما يقال مثلاً أنه إذا أحضرنا قليل من المياه أو خرطوم من المياه وسكبناه في مكان ستجد المياه تستقر في الأماكن المنخفضة، المياه تستريح، هكذا النعمة، النعمة تستقر لدى المتواضع، والمتكبر ماذا يحدث له؟! المياه تجري من فوقه سريعاً، فكل شخص منا يحتاج التواضع جدا.
لذلك فإننا نجد الكثير من المشاكل في حياتنا تحدث بسبب غرورنا وبسبب كبريائنا وبسبب عدم الشفقة علي الآخرين وبسبب الأنا، لقد قرأت قصة عن مشكلة زوجية بين رجل وسيدة وهما الإثنين متشاجرين مع بعضهما البعض وأخذوا قرار أن يتركوا البيت وهو كان يقول لها أنا لم أرى معك يوم جيد، وهي تقول له بل أنت ... ، ...، وهو يقول لها ... ، ...، وقد كان لديهم طفلة صغيرة في المرحلة الابتدائية ترى الأب يجمع أشياءه والأم أيضا تجمع متعلقاتها؛ فقالت لهما أنا لا أستطيع أن استغنى عنكم أنتما الإثنين، أنا لابد أن أعيش معكم أنتما الإثنين، قالوا لها لا، ففي النهاية حكموا على أنفسهم أن تعيش الطفلة أسبوع لدى أحد منهم ، جلست البنت في الأسبوع الأول تبكي وتصلي، تصلي، تصلي، فقامت بفعل شيء من دون علمهم، فماذا فعلت؟ أحضرت هدية بسيطة وقامت بإرسالها للرجل وقالت له سامحني وهذه كانت ساعة غضب وأنا لا أستطيع العيش بدونك وقامت بالإمضاء باسم الأم، وبعدها أخذت الهاتف المحمول من والدها وأرسلت رسالة إلى والدتها وقالت أنا لا أستطيع العيش بدونك وهذه كانت ساعة غضب وسامحيني، فرجع الإثنين إلى بعضهم البعض، وكل واحد منهم قدم اعتذار للآخر، فحدثته عن الهدية وحدثها عن الرسالة فإذ بهما لا يعلمون شيء، فبذلك كانت البنت أحكم من الإثنين، فقاموا بسؤال البنت من أين أتيتي بهذه الفكرة؟ فأجابت بالصلاة، قمت بالصلاة كثيراً لأني كنت حزينة عليكم. إذن ما الذي حدث لهم؟ كسرت ذاتهم، ففي هذا الموقف كان يحتاج أن أحدهم يكسر ذاته، من الذي يكسر ذاته؟ الشيطان دائما ينمي فكرة أن الذي يكسر ذاته هو الضعيف، لكن بالعكس فهو القوي، من يبادر، من يعطي، من يصلي لأجل الآخر، من يقوم بكسر ذاته، لا يوجد شخص ضعيف يستطيع أن يكسر ذاته، لا بل الذي يكسر ذاته هو الأقوى، الذي يكون مستند علي نعمة.
ولكي يكون حديثنا عملي ومنطقي فمن أين يأتي موضوع الاتضاع هذا؟
الاتضاع يأتي من أمرين صغيرين جداً:
١- تعلم كثيراً من المسيح، الاتضاع هو المسيح، القديس مار إسحاق يقول لك "حينما نتكلم عن الاتضاع فإننا نتكلم على الله لأن الاتضاع هو الحلة التي لبسها اللاهوت لكي ما يخلصنا بها". "عظيم هو سر التقوي الله ظهر في الجسد". نزل من السماء، فعندما تري صورة يسوع وهو مولود في مزود تقول هل الإله يرضى بذلك، عندما تقوم بقراءة الكتاب المقدس وتجد يسوع يهان تقول هل الإله يرضي بذلك، عندما تري يسوع عاريا على الصليب تقول هل الإله يرضي بذلك، هذا هو العجب في اتضاعك، تريد أن تتعلم التواضع أنظر إلى صليب ربنا يسوع، أنظر ليسوع، وأنظر لحياته، وأنظر لأعماله، "هذا الذي من أجلنا نحن البشر من أجل خلاصنا نزل من السماء". جاء من السماء، تخلى عن مجده وجاء، الذي لم يحسب خلسة أن يكون مساويا لله لكنه أخلى ذاته أخذا شكل العبد صائرا في الهيئة كإنسان، شكل العبد نعم شكل العبد، لذلك أريد أن أقول لك لكي تتواضع تعلم من المسيح، وكلما ارتفعت نفسك قليلاً تقول أنا بذلك خرجت عن منهج المسيح، منهج المسيح هو منهج التواضع، أنظر كثيراً للمسيح.
٢- أنظر لضعفك، أنظر لخطيتك، أبحث عن شيء يجعلك تتعالي فلا تجد شئ حلو تتكبر به، إذا كان لدينا أشياء حلوة تكون من المسيح، لكن نحن كلنا ضعف، كلنا ضعف، أنت إذا تذكرت فقط ضعفات يوم واحد فعلتها ستجد نفسك تخجل من نفسك، فبماذا نتكبر إذن؟! ونحن كل يوم مغلوبين بالآثام والخطايا، بماذا نتكبر ونحن نصلي كل يوم ونقول الخطاة الذين أولهم أنا، أولهم أنا، أنا أول الخطاة، لذلك الإنسان عندما يتكبر فهذا شيء لا يوافقه إطلاقاً، لماذا؟ لأنه في الأصل من تراب، في الأصل خاطئ، فكيف يكون كائن ترابي و خاطئ يتفاخر، لا تصلح، عندما يقول أحد الآباء نحن أصلنا من تراب، وإذا ارتفع التراب يحدث عفارة، إذا قمت برفع قليل من التراب تحدث عفارة، يصبح لا يليق، ليس جيد، فأنت لا تهدأ إلا أذا التراب سقط مرة أخري للأرض، نحن أيضاً كذلك.
لذلك ذات مرة رأى القديس العظيم الأنبا أنطونيوس طريق ضيق ممتلئ بالفخاخ، وممتلئ بالثعابين والحيوانات الشرسة ومخيف جدا، فصرخ لله وقال له ما هذا ياربي هل الطريق هكذا؟ هل الطريق شاق جدا، وصعب جدا، ومستحيل جدا، فمن ينجو من كل هذا يا رب؟، من ينجو من كل هذا؟، فأنا إذا نجوت من فخ سأسقط في عقرب، إذا نجوت من عقرب سأسقط في أسد، ما هذا الطريق؟ قال له من ينجو من هذا يارب؟. فجاء إليه صوت قائلا له المتواضعون ينجو يا أنطونيوس.
لذلك الكبرياء لا يليق بنا يا أحبائي، لأن الإنسان يعرف بضعفه، الإنسان يعرف بخطاياه، فلا يوجد أجمل من أن تقف أمام الله وتقول له ارحمني أنا الخاطئ، أكثر كلمة الكنيسة تستخدمها "كيرياليسون"، أكثر كلمة الكنيسة تستخدمها "أنعم لنا بمغفرة خطايانا"، "يارب أرحم"، فهل يوجد إنسان متكبر يستطيع أن يقول كلمة يارب ارحم؟
فهيا يا أحبائي نطلب مسكنة الروح، نطلب الاتضاع، هيا نتخلى عن العتيق الذي بداخلنا، نتخلى عن الأنا، فهل من الممكن أن هذا يأتي مرة واحدة؟، لا بل يأتي تدريجياً، كيف يأتي تدريجياً؟ أنظر إلى المظاهر التي أنت مقتنع بها إنها يوجد بها كبرياء، أتخذ خطوة، خطوة ولو بسيطة، تعلم أنت إذا قمت بالتخلي عن جنيه فهذا جزء من ثمن رحلة تواضعك، جنيه واحد فقط هذا جزء من رحلة التواضع لديك، إذا قمت بالسجود مرة واحدة هذا جزء من رحلة التواضع، إذا غفرت لإنسان فهذا جزء من الرحلة، إذا قمت بمصالحة إنسان كان غاضب منك أو أنت على قطيعة معه من زمن فهذا جزء من الرحلة، إذا أبصرت خطاياك هذا جزء من الرحلة، إذا قمت بالاعتراف للكاهن وقمت بفضح خطاياك وتقول أنا سيء هذا جزء من الرحلة، إذا تناولت بقلب منكسر هذا جزء من الرحلة، إلى أن تجد نفسك بدأت تقتني قلب بحسب قلب الله، طوبي للمساكين بالروح.
ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته لإلهنا المجد دائما أبديا آمين.