العظات

ضرورة الأعتراف الجمعة الأولى من شهر أبيب

إِنْجِيل هذَا الصَبَاح المُبَارَك هُوَ فَصْل مِنْ الأصْحَاح الأوَّل لإِنْجِيل مُعَلِّمْنَا مَارِمَرْقُس البَشِير يَتَكَلَّمْ فِيهِ عَنْ بِدَايِة خِدْمِة رَبَّ المَجْد يَسُوع الَّتِي سَبَقَهَا وَهَيَّأ لَهَا السَّابِق يُوحَنَّا المَعْمَدَان يَقُول مُعَلِّمْنَا مَارِمَرْقُس فِي إِنْجِيلُه { هَا أَنَا أُرْسِلُ أَمَامَ وَجْهِكَ مَلاَكِي الَّذِي يُهَيِّئُ طَرِيقَكَ قُدَّامَكَ }( مر 1 : 2 ) .. يُوحَنَّا المَعْمَدَان كَانَ هُوَ المَلاَك .. { وَخَرَجَ إِلَيْهِ جَمِيعُ كُورَةِ الْيَهُودِيَّةِ وَأَهْلُ أُورُشَلِيمَ وَاعْتَمَدُوا جَمِيعُهُمْ مِنْهُ فِي نَهْرِ الأُرْدُنِّ مُعْتَرِفِينَ بِخَطَايَاهُمْ } ( مر 1 : 5 ) .. رُبَّمَا هِيَ الكَلِمَة الَّتِي نُرَكِزْ عَلَيْهَا اليُوْم وَهِيَ { مُعْتَرِفِينَ بِخَطَايَاهُمْ } .. الإِعْتِرَاف بِالخَطِيَّة أمر إِلهِي مُنْذُ بِدَايِة الخَلِيقَة .. إِقْرَار الإِنْسَان بِخَطَايَاه أمر مُهِمْ جِدّاً لِيَنَال الغُفْرَان .. قَدْ يَقُول إِنْسَان أنَا أخْطَأت فِي حَقٌ الله وَسَأعْتَذِر لَهُ بَيْنِي وَبَيْنَهُ وَأقُول لَهُ أسِفْ سَامِحْنِي لَنْ أفْعَل ذلِك مَرَّة أُخْرَى .. هذِهِ أخِرْ مَرَّة أُخْطِئ فِيهَا إِلِيك وَالله سَيَقْبَل التُوْبَة وَلاَ يَقْبَل التُوْبَة مِنِّي أحَدٌ غَيْرُه .. نَقُول لَهُ لكِنَّهُمْ هُنَا يَذْهَبُون إِلَى يُوحَنَّا المَعْمَدَان وَيَعْتَرِفُونَ لَهُ مُنْذُ بِدَايِة الخَلِيقَة مُنْذُ أنْ أخْطَأ أبُونَا آدَم وَسَقَطَ فِي الخَطِيَّة وَالله يَعْلَمْ أنَّهُ أخْطَأ وَهُوَ يَعْلَمْ أيْضاً أنَّهُ مُخْطِئ لكِنْ الله سَألَهُ { آدَمَ .... أَيْنَ أَنْتَ } ( تك 3 : 9 ) .. أجَابَهُ آدَم { سَمِعْتُ صَوْتَكَ فِي الْجَنَّةِ فَخَشِيتُ } ( تك 3 : 10) .. الله كَانَ مُنْتَظِر مِنْهُ أنْ يَعْتَرِف بَخَطَأُه وَيَقُول لَهُ أنَا أكَلْت مِنْ الشَّجَرَة .. أي إِعْتِرَاف .. لكِنَّهُ لَمْ يَتَكَلَّمْ .. لكِنْ الله مِنْ عَظِيمْ حُبُّه وَحَنَانه أرَادَ أنْ يَفْتَح لَهُ بَاب لِلتُوْبَة وَيُسَاعِدَهُ لِلإِقْرَار بِخَطِيَّتَهُ فَسَألَهُ سُؤَال مُبَاشِر { هَلْ أَكَلْتَ مِنَ الشَّجَرَةِ } ( تك 3 : 11) .. الله يُرِيدْ أنْ يَسْمَعْ الإِعْتِذَار وَالإِعْتِرَاف .. الله يُرِيدْ أنْ يَسْمَعْ إِقْرَار بِالخَطِيَّة .. مَاذَا يُفِيدْ ذلِك يَا الله ؟ يَقُول أنَّ النَدَم وَحْدَهُ لاَ يَكْفِي وَالإِحْسَاس دَاخِلْ قَلْبَك أيْضاً لاَ يَكْفِي .. لاَ يُوْجَدْ إِنْسَان تُخْطِئ فِي حَقُّه وَبَيْنَك وَبَيْنَ نَفْسَك تَقُول لَهُ أنَا مُخْطِئ وَتَكْتَفِي بِذلِك .. لاَ .. لاَبُدْ أنْ تَذْهَبْ وَتَعْتَذْر لَهُ .. تَقُول أنَّ الَّذِي يَعْتَذِرْ فَهُوَ إِنْسَان مِنْ دَاخِلُه يَنْوِي الإِعْتِذَار فَلاَ دَاعِي أنْ يَذْهَبْ وَيَعْتَذِرْ لِمَنْ أخَطَأ فِي حَقُّه .. لاَ .. كَمَا أخْطَأت فِي حَقٌ هذَا الإِنْسَان لاَبُدْ أنْ تَذْهَبْ إِلَيْهِ وَتَعْتَذِرْ لَهُ هكَذَا نَحْنُ كَمَا نَفْعَل الخَطِيَّة وَنُهِينْ بِهَا الله وَنَجْرَحُه لاَبُدْ أنْ نُصَالِحُه .. كَيْفَ نُصَالِحَهُ ؟نُصَالِحَهُ فِي صُورِة الكِنِيسَة .. كَنِيسْته هِيَ جَسَدَهُ .. هِيَ الَّتِي تُمَثِّل الله عَلَى الأرْض .. مَا الكَيَان الَّذِي يُعْتَبَر وُجُودٌ الله وَحَضْرَتِهِ عَلَى الأرْض ؟ هُوَ الكَنِيسَة لِذلِك الكَنِيسَة هِيَ مِلْك لِلْمَسِيح إِقْتَنَاهَا بِدَمِهِ .. وَلِذلِك مِنْ ضِمْن أسْمَاء الكِنِيسَة " البِيعَة " .. " البِيعَة " أي الَّتِي إِبْتَاعْهَا بِدَمِهِ .. إِشْتَرَاهَا بِدَمِهِ فَصَارَتْ مِلْكَهُ .. لِذلِك لَوْ إِنْسَان مَصْرِي يَعِيش فِي إِنْجِلْتِرَا لاَبُدْ أنْ يَذْهَب إِلَى السِّفَارَة لِيُعَالِج المُشْكِلَة الَّتِي أخْطَأ فِيهَا وَيَعْتَذِرْ فِي السِّفَارَة وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ حُكْم أوْ مُشْكِلَة السِّفَارَة هِيَ الَّتِي تُآخِذَهُ عَلَيْهَا .. الكِنِيسَة هِيَ سِفَارِة السَّمَاء عَلَى الأرْض .. هِيَ عَرُوس الْمَسِيح .. هِيَ الَّتِي تُمَثِّلَهُ .. لِذلِك إِنْ أخْطَأت إِذْهَبْ وَاعْتَذِر لَهُ هُوَ فِي الكِنِيسَة .. هذِهِ فِكْرَة عَنْ الإِعْتِرَاف لِذلِك عِنْدَمَا كَانَ الله يُقَدِّس الشَّعْب فِي العَهْد القَدِيم كَانَ يَقُول لَهُمْ كُلَّ إِنْسَان مِنْ الشَّعْب يَأتِي وَيُقِر بِأفْعَالِهِ وَيَعْتَرِف بِذَنْبِهِ وَيُقَدِّم ذَبِيحَة .. هُنَا يُوحَنَّا المَعْمَدَان يَتَعَامَل مَعَ مَنْ عَاشُوا العَهْد القَدِيم وَيَعْرِفُون ضَرُورِة الإِعْتِرَاف فَلِكَي يَنَالُوا المَعْمُودِيَّة الَّتِي هِيَ البِدَايَة الجَدِيدَة يَعْلَمُون أنَّهُمْ لاَبُدْ أوَّلاً مِنْ الإِعْتِرَاف كَيْ يَنَالُوا حَيَاة جَدِيدَة هِيَ المَعْمُودِيَّة لِذلِك الإِعْتِرَاف يُسَاعِدْ الإِنْسَان عَلَى فَحْص الذَّات .. وَيَكُون لَهُ وَقْفَة مَعَ الخَطِيَّة الإِعْتِرَاف يُسَاعِدْ الإِنْسَان أنْ يَكُون أمِين مَعَ الله وَمَعَ نَفْسِهِ .. الإِعْتِرَاف يُسَاعِدْ الإِنْسَان عَلَى كُرْه الخَطِيَّة وَفَضْحَهَا وَلاَ يُخَبِّئْهَا دَاخِلَهُ .. الإِعْتِرَاف يُسَاعِدْ الإِنْسَان عَلَى كَسْر ذَاتِهِ .. يُسَاعِدَهُ أنْ لاَ يَجْعَلٌ ذَاتَهُ أثْمَن مِنْ التُوْبَة وَعِنْدَمَا يَفْضَح ذَاتَهُ يَنْفَضِح الشَّيْطَان وَتَنْفَضِح الخَطِيَّة فَيَعْرِف كَيْفَ يَأخُذٌ الإِنْسَان قُوَّة لِلقِيَام مِنْ الخَطِيَّة .. لِذلِك يَقُول الكِتَاب أنَّهُمْ أتُوا إِلَى نَهْر الأُردُن مُعْتَرِفِين بِخَطَايَاهُمْ ( مر 1 : 5 ) فِي سِفْر الأعْمَال يَقُول { وَكَانَ كَثِيرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَأْتُونَ مُقِرِّينَ وَمُخْبِرِينَ بِأَفْعَالِهِمْ }( أع 19 : 18) .. " الَّذِينَ آمَنُوا " هُمْ الَّذِينَ دَخَلُوا الإِيمَان عَلَى أيْدِي أبَائِنَا الرُّسُلٌ مَا مَعْنَى " يَأْتُونَ مُقِرِّينَ وَمُخْبِرِينَ بِأَفْعَالِهِمْ " ؟ " مُقِرِين " أي صُورِة إِقْرَار يَقُول أنَا مَسْئُول عَمَّا فَعَلْتَهُ وَهُوَ كَذَا وَكَذَا .. " وَمُخْبِرِينَ " أي يَعْرِف .. أي يُعْلِنْ مَسْئُولِيَتَهُ وَيَعْرِف تَخَيَّل إِنْسَان عِنْدَمَا يُقِر بِأفْعَالِهِ يُقِر بِقَلْب مُنْكَسِر نَادِم تَائِب كَيْفَ يَقْبَل الله هذِهِ التُوْبَة ؟ لِذلِك الإِعْتِرَاف فِي العَهْد القَدِيم وَالعَهْد الجَدِيد وَحْدَهُ لاَ يَكْفِي لأِنَّ الإِعْتِرَاف هُوَ إِعْتِذَارعَنْ الخَطِيَّة وَلَيْسَ ثَمَن الخَطِيَّة .. يُوْجَدٌ إِعْتِذَار وَيُوْجَدٌ ثَمَن لِلخَطِيَّة .. تَخَيَّل لَوْ شَخْص إِكْتَفَى بِالإِعْتِذَار نَقُول لَهُ هذَا لاَ يَكْفِي لِذلِك إِرْتَبَطَ الإِعْتِرَاف فِي العَهْد القَدِيم بِالذَّبِيحَة وَهُنَا مَعَ يُوحَنَّا المَعْمَدَان إِرْتَبَطَ الإِعْتِرَاف بِالمَعْمُودِيَّة .. وَالأنْ إِرْتَبَطَ الإِعْتِرَاف بِالتَّنَاوُل الإِعْتِرَاف إِرْتَبَطَ بِالذَّبِيحَة لأِنَّ الإِعْتِذَار وَحْدَهُ لاَ يَكْفِي .. لِمَاذَا ؟ لأِنَّهُ لاَبُدْ مِنْ ثَمَن يُدْفَعْ مَعَهُ وَدَلِيل ذلِك أنَّهُ إِنْ سَرَقَ إِنْسَان أوْ قَتَل هَلْ إِعْتِذَارَهُ وَحْدَهُ يَكْفِي ؟ إِنْ صَدَم إِنْسَان آخَر بِسَيَارَتِهِ وَقَتَلَهُ هَلْ يَكْفِي أنْ يَخْرُج مِنْ سَيَّارَتِهِ وَيَقُول أسِفْ لَمْ أكُنْ أقْصُدْ قَتْلَهُ ؟ يَقُولُون لَهُ هذَا لاَ يَكْفِي لاَبُدْ أنْ يَدْفَعْ ثَمَن مَا فَعَلَهُ إِنْ كَانَ تَعْوِيض أوْ سِجْن .. جَيِّدْ أنْ نَعْتَذِر لله عَنْ خَطَايَانَا لكِنْ هُنَاك ثَمَن لِهذِهِ الخَطَايَا يَفُوق طَاقِتْنَا بِكَثِير وَالله يَقُول مِنْ كَثْرِة إِشْفَاقِي عَلِيك سَأدْفَعْ أنَا الثَّمَنْ .. الثَّمَنْ ذَبِيحَة الثَّمَنْ دَم الْمَسِيح لِذلِك أي خَطَأ لاَبُدْ لَهُ مِنْ إِعْتِرَاف وَإِقْرَار وَدَفْع لِلثَّمَنْ لكِنْ الثَّمَنْ يَفُوق طَاقَتِي .. الثَّمَنْ حَمَل بِلاَ عِيب لاَ أسْتَطِيعْ أنْ أحْصُل عَلَيْهِ .. الثَّمَنْ دَم بِرُوح أزَلِي .. ثَمَنْ يَفُوق قُدْرَاتِي الله يَقُول أنَا أُوفِي الدِين عَنْكَ كَيْ تَسْتَوْفِي كُلَّ مَطَالِب العَدْل الإِلهِي لِذلِك الإِعْتِرَاف وَالتَّنَاوُل مُهِمِين جِدّاً .. الإِعْتِرَاف نَدَم بِقَلْب مُنْكَسِر تَقُول لِلأب الكَّاهِنْ حَالِلْنِي يَا أبَانَا أخْطَأت فِي كَذَا وَكَذَاوَقَلْب نَادِم .. وَأتَقَدَّم لِلذَّبِيحَة الإِلهِيَّة الَّتِي يُدْفَعْ بِهَا الثَّمَنْ عَنِّي وَبِذلِك أكُون قَدْ تَبَرَّرْت الإِعْتِرَاف أسَاسِي فِي الكِنِيسَة هُوَ سِر نَقَاوِة أوْلاَدْهَا .. هُوَ سِر بُغْضِة أوْلاَد الكِنِيسَة لِلخَطِيَّة .. الخَطِيَّة هِيَ شِئ عَارِض فِي حَيَاة أوْلاَد الله هِيَ شِئ غَرِيب لِذلِك لاَبُدْ مِنْ فَضْح الخَطِيَّة لأِنَّنَا لاَ نَتَفِق مَعَهَا وَلاَ نَسْتَطِيعْ أنْ نَتْرُكْهَا دَاخِلْنَا .. نُخْرِج الخَطِيَّة وَنَفْضَحْهَا وَنَكْشِفْهَا فَنَتَنَقَّى .. قَدْ يَقُول إِنْسَان إِنْ كَانَ الإِعْتِرَاف ضَرُورَة فَلِمَاذَا الأب الكَّاهِنْ ؟ نَقُول لَهُ قَدْ قُلْنَا سَابِقاً أنَّ الإِعْتِرَاف لِلكِنِيسَة لأِنَّهَا تُمَثِّل جَسَدٌ الْمَسِيح وَمَنْ الَّذِي يُمَثِّل الكِنِيسَة ؟ هُوَ الكَّاهِنْ عِنْدَمَا أسَّس رَبَّ المَجْد يَسُوع الكِنِيسَة وَأسَّس التَّلاَمِيذ وَالرُّسُل قَالَ لَهُمْ { كُلُّ مَا تَرْبُطُونَهُ عَلَى الأرْضِ يَكُونُ مَرْبُوطاً فِي السَّمَاءِ . وَكُلُّ مَا تَحُلُّونَهُ عَلَى الأرْضِ يَكُونُ مَحْلُولاً فِي السَّمَاءِ }( مت 18 : 18) .. أعْطَاهُمْ سُلْطَان الحِلٌ وَالرَبْطٌ .. وَقَالَ لَهُمْ أيْضاً { مَنْ غَفَرْتُمْ خَطَايَاهُ تُغْفَرُ لَهُ . وَمَنْ أَمْسَكْتُمْ خَطَايَاهُ أُمْسِكَتْ } ( يو 20 : 23 ) .. إِذاً الغُفْرَان مِنْ الله وَلكِنْ عَنْ طَرِيقٌ وُكَلاَء أسْرَار .. الغُفْرَان يُمْنَح مِنْ ذَبِيحِة الله وَلكِنْ المُؤتَمَنْ عَلَى هذَا السِر هِيَ الكِنِيسَة عَنْ طَرِيقٌ الرُّسُلٌ قَدْ يَقُول وَاحِدٌ إِذاً إِحْضِر لِي أحَدٌ هؤُلاَء الرُّسُلٌ وَأنَا أعْتَرِف بُطْرُس .. يَعْقُوب أي رَسُول مِنْهُمْ .. نَقُول لَهُ أنَّ الرُّسُلٌ فِي الكِنِيسَة هُمْ الكَهَنُوت .. الرُّسُل أُقِيمُوا بِإِخْتِيَار إِلهِي .. أُقِيمُوا بِوَضْع اليَدْ .. أُقِيمُوا بِنَفْخِة الرُّوح القُدُس .. وَفِي طَقْس الكِنِيسَة حَتَّى الأنْ الأُسْقُف .. البَطْرِيرْك .. الكَّاهِنْ حَتَّى الأنْ يُرْسَمُوا بِهذِهِ الطَّرِيقَة وَضْع اليَدْ وَنَفْخِة الرُّوح القُدُس يَأخُذُونَ السُّلْطَان الكَهَنُوتِي الكَّهَنُوت لَيْسَ فِعْل بَشَر أوْ وَظِيفَة إِنْسَان بَلْ عَمَل إِلهِي بَحْت لِذلِك عِنْدَمَا يُرْسَمْ الكَّاهِنْ تُوْضَعْ عَلَيْهِ اليَدْ وَيَأخُذْ نَفْخِة الرُّوح القُدُس .. هذِهِ النَّفْخَة مِنْ الأُسْقُف أوْ مِنْ البَطْرِيَرْك وَالبَطْرِيَرْك أخَذَهَا مِنْ الأبَاء الأسَاقِفَة مُجْتَمِعِينْ .. وَالأُسْقُفْ أخَذَهَا مِنْ البَطْرِيَرْك .. وَهذَا يُمَثِّلْ السُّلْطَان الرَّسُولِي المُمْتَدْ فِي الكِنِيسَة عَبْر الأجْيَال .. لِذلِك تَنْتَبِه أنَّ البَطْرِيَرْك الأنْبَا شُنُودَة الثَّالِث هُوَ البَطْرِيَرْك ألـ 117 أي كَانَ البَطْرِيَرْك رَقَمْ وَاحِدٌ هُوَ مَارِمَرْقُس ثُمَّ أتَى بَعْدَهُ إِنْيَانُوس البَطْرِيَرْك رَقَمْ إِثْنَيْن وَثَلاَثَة .. وَأرْبَعَة وَ حَتَّى البَابَا كِيرِلُس السَّادِس البَابَا البَطْرِيَرْك رَقَمْ 116 ثُمَّ بَعْدَهُ الأنْبَا شُنُودَة الثَّالِث البَطْرِيَرْك رَقَمْ 117 مُتَوَالِينْ البَطَارِكَة يُمَثِّلُون الرُّسُلٌ .. وَالَّذِي يُمَثِّل الرُّسُلٌ الأنْ هُوَ أبُونَا البَطْرِيَرْك أبُونَا البَطْرِيَرْك يُمَثِّل مَارِمَرْقُس .. وَمَا عَمَلُه ؟ يُقِيمْ رُعَاة بِالرُّوح الَّتِي فِيه الَّتِي أخَذَهَا مِنْ مَارِمَرْقُس وَمَارِمَرْقُس أخَذَهَا مِنْ شَخْص يَسُوع المُبَارَك .. إِذاً هُوَ سُلْطَان مُمْتَدْ فِي الكِنِيسَة .. وَلِذلِك فِي رِسَامِة الكَّاهِنْ يَقُول لَهُ البَطْرِيَرْك أوْ الأُسْقُفْ إِفْتَح فَمَك وَيَنْفُخ فِي وَجْهِهِ وَيَقُول لَهُ قُلْ وَرَائِي { أنَا فَتَحْت فَمِي وَاجْتَذَبْتَ لِي رُوحاً } .. وَيَصِير بِذلِك الكّاهِنْ مُحَمَّل بِرُوح الأُسْقُفْ أوْ البَطْرِيَرْك الَّتِي أخَذَهَا مِنْ مَارِمَرْقُس وَمَارِمَرْقُس مِنْ الْمَسِيح .. وَلِذلِك الكَّاهِنْ يَقْبَلْ مِنْكَ الإِعْتِرَاف بِخَطَايَاك وَيَضَعْ الصَّلِيب عَلَى رَأسَك لأِنَّ الغُفْرَان تَمَّ بِالصَّلِيب وَيَنْفُخ فِيك نَفْخِة الرُّوح القُدُس فِي نِهَايِة الإِعْتِرَاف .. النَّفْخَة تَصِلَك مِنْ الرُّوح القُدُس وَتُنَقِيك مِنْ خَطَايَاك { يَأْتُونَ مُقِرِّينَ وَمُخْبِرِينَ بِأَفْعَالِهِمْ } .. الإِنْسَان دَاخِلَهُ خَطِيَّة لاَبُدْ أنْ يُقِر بِهَا وَيُصَالِح الكِنِيسَة وَلاَبُدْ أنْ يَكُون إِقْرَارُه لَيْسَ إِقْرَار لَفْظِي أوْ كَشْف عَقْلِي .. نَحْنُ لاَ نَعْتَرِف وَنَقُول مُجَرَّدْ كَلاَم نَظَرِي بَلْ كَلاَم نَابِعْ مِنْ قَلْب تَائِب وَنَفْس نَادِمَة وَإِنْسَان مُنْكَسِر مِنْ جَرَّاء خَطَايَاه .. هذِهِ هِيَ التُوْبَة طُوبَى لِلإِنْسَان الَّذِي عَرَفَ أسْرَار الكِنِيسَة .. طُوبَى لِلإِنْسَان الَّذِي عَاشَ الكِنِيسَة بِغِنَى التَّمَتُعْ طُوبَى لِلإِنْسَان الَّذِي إِنْتَفَعَ بِعَطَايَا وَبَرَكَات الكِنِيسَة .. هذَا الإِنْسَان يَعِيش فَرَحٌ قَائِمْ دَائِس لِلأوْجَاع .. غَالِب أصْعَب شِئ أنْ يَكُون لَدَيْكَ ثَرْوَة وَلاَ تَدْرِي بِهَا أوْ تَلْبِس صَلِيب ذَهَبْ وَتَتَخَيَّلَهُ مَعْدَن رِخِيص .. الكِنِيسَة أعْطَتْ لَنَا كُنُوز وَألْبَسَتْهَا لَنَا وَقَالَتْ إِجْعَلُوهَا دَاخِلَكُمْ وَلكِنَّنَا لَمْ نَعْرِف قِيمَتْهَا .. هذَا كِنْزَك .. الكِنِيسَة الَّتِي صَنَعَتْ القِدِّيسِين وَأوْرَدَت أتْقِيَاء لِلسَّمَاء لاَبُدْ أنْ نَحْيَاهَا بِإِسْلُوب صَحِيح كَانُوا يَعْتَرِفُون لِيُوحَنَّا المَعْمَدَان بِخَطَايَاهِمْ وَحَتَّى الأنْ الكِنِيسَة تَقْبَل تُوْبِة التَّائِبِين وَالأب الكَّاهِنْ يَقُول عَلَى المَذْبَحٌ { إِقْبَلٌ يَارَبَّ تُوْبِة التَّائِبِين وَاعْتِرَافَات المُعْتَرِفِينْ } الله يَقْبَل تَوْبَتْنَا وَيُكَمِّل نَقَائِصْنَا وَيِسْنِدْ كُلَّ ضَعْف فِينَا بِنِعْمِتُه لَهُ المَجْد دَائِماً أبَدِيّاً آمِين

أولاد الملوك الجمعه الثالثة من شهر طوبه

ربما لم يكن تجاوزالسادسة عشر من عمره عندما ترك قصر أبيه وكيف تخليا عن دلال الأمراء وكيف التقت رغباتهما وأتفقا سوياًبسرور ورضى قلب على ترك العالم ولكن محبتهما هونت عليهما التعب وطول الطريق والإحساس المؤلم بالتعب عاشا مع الأنبا أغابيوس ست سنوات كامله فى طاعه حقيقيه وتسليم كامل عرف أمرهما ورشح مكسيموس للبطريركيه لقاء أمهما (بماذا أقابل أنا الخاطئه نعمه الله فلست مستحقه أن يخرج من بطنى مثل هذين البارين ليكن إبناى هذان من أصفيائك ولتظهر فيهما قوتك ليصنعا العجائب مثل تلميذيك يعقوب ويوحنا إبنى زبدى إجعل نصيبهم مع قديسيك لقد تركوا الدنيا وملكها وطلبوا وجهك إحرسهم من مكائد العدو وهبنى أنا المسكينه نعمه بصلواتهما) ذهابهما إلى مصر فى الطريق شربا من ماء البحر ولم يشعرا بملوحته وتكبدا آلاماً غير عاديه فى هذه الرحله حتى أنهما فى بعض الأحيان كانا يسيران على أيديهما وأرجلهما فوق بعض الصخور الوعرة وأصبحت أقدامهما تتقرح من أسنان الصخور والاشواك وفى اليوم التاسع بلغ بهما التعب مبلغاُ عظيماً فاستلقيا تحت شجرة ووجدا أنفسهما على صخرة فى شيهيت قال الأب مقاريوس: حدث يوماً وأنا جالسٌ بالإسقيط أن أتاني شابان غريبان. أحدُهما متكاملُ اللحيةِ، والآخر قد بدأت لحيتُه. فقالا لي: «أين قلاية الأب مقاريوس»؟ فقلتُ لهما: «وماذا تريدان منه»؟ أجاباني: «نريدُ مشاهدته». فقلت لهما: «أنا هو». فصنعا مطانيةً وقالا: «يا معلم نشاءُ أن نقيمَ عندك». فلما وجدتُ أنهما في حالةِ ترفٍ ومن أبناءِ نعمةٍ وغنىً، أجبتُهما: «لكنكما لا تحتملان السكنى ها هنا». فأجابني الأكبرُ قالاً: «إن لم نحتمل السكنى ها هنا فإننا نمضي إلى موضعٍ آخر». فقلتُ في نفسي: «لماذا أنا أطردهما وشيطانُ التعبِ يشكِّكهما فيما عزما عليه»؟ فقلت لهما: «هلما فاصنعا لكما قلايةً إن قدرتما». فقالا: «أرنا موضعاً يصلح». فأعطيتُهما فأساً وقُفّةً وكذلك قليلاً من الخبزِ والملحِ وأريتهما صخرةً صلبةً، وقلتُ لهما انحتاها هنا، وأحضِرا لكما خُصّاً من الغابةٍ وسقِّفا واجلسا. وتوهمتُ أنهما سوف ينصرفان من شدةِ التعبِ. فقالا لي: «وماذا تصنعون ها هنا»؟ فقلتُ لهما: «إننا نشتغلُ بضَفرِ الخوصِ». وأخذتُ سعفاً وأريتُهما بدءَ الضفيرةِ وكيف تُخاط، وقلت لهما: «اعملا زنابيل وادفعاها إلى الخفراءِ ليأتوكما بخبزٍ»، وعرَّفتهما ما يحتاجان من معرفةٍ ثم انصرفتُ عنهما. أما هما فأقاما ثلاثَ سنواتٍ ولم يأتياني. فبقيتُ مقاتِلاً الأفكارَ من أجلِهما، إذ لم يأتيا إليّ ولا سألاني في شيءٍ. ولم يحاولا الكلامَ مع أحدٍ قط. ولم يُبارِحا مكانَهما إلا كلِّ يومِ أحدٍ فقط، حيث كانا يمضيان إلى الكنيسةِ لتناول القربان وهما صامتان. فصليّتُ صائماً أسبوعاً كاملاً إلى الله ليُعلنَ لي أمرَهما. وبعد الأسبوعِ مضيتُ إليهما لأفتقدَهما وأعرف كيف حالهما. فلما قرعتُ البابَ عرفاني وفتحا لي وقبَّلاني صامتيْن فصليتُ وجلستُ. وأومأ الأكبرُ إلى الأصغرِ بأن يخرجَ. أما الأكبرُ فجلس يُضَفِّرُ في الضفيرةِ ولم يتكلم قط. فلما حانت الساعةُ التاسعةُ أومأ إلى الشابِ فأتاه وأصلحا مائدةً وجعلا عليها ثلاثَ خبزاتٍ بقسماطات وداما صامتيْن. فقلتُ لهما: «هيا بنا نأكلُ». فنهضنا وأكلنا وأحضرا كوزَ ماءٍ فشربنا. ولما حان المساءُ قالا لي: «أتنصرف»؟ قلتُ لهما: «لن أنصرفَ. لكني سوف أبيتُ ها هنا الليلةَ». فبسطا حصيرةً في ناحيةٍ وبسطا أخرى لهما في ناحيةٍ أخرى. وحلا إسكيميهما ومنطقتيهما ورقدا قدامي على الحصيرةِ. فصليتُ إلى اللهِ أن يعلنَ لي ماذا يعملان. وإذ كنتُ راقداً ظهر فجأةً في القلايةِ ضوءٌ كضوءِ النهارِ قدامي، وكانا يشاهدانه، فلما ظنَّا أني نائمٌ، نَخَسَ الأكبرُ الأصغرَ وأقامه. وتمنطقا وبسطا أيديهما إلى السماءِ. وكنت أراهما وهما لا يبصرانني. وإذا بي أرى الشياطينَ مقبلين نحو الأصغرِ كالذبابِ. فمنهم من كان يريدُ الجلوسَ على فمِهِ، ومنهم من كان يريدُ أن يجلسَ على عينيه. فرأيت ملاكَ الربِ حاملاً سيفاً نارياً وهو يحيطُ بهما ويطردُ الشياطينَ عنهما. أما الأكبرُ فلم يقدروا على الاقترابِ منه. فما أن حان الفجرُ حتى وجدتهما وقد طرحا نفسيهما على الأرضِ وناما. فتظاهرتُ كأني استيقظتُ وهما كذلك. فقال لي الأكبرُ هذه الكلمةَ فقط: «أتشاءُ أن نقولَ الاثني عشرَ مزموراً». فقلتُ: «نعم». فقرأ الصغيرُ خمسةَ مزاميرَ وفي نهايةِ كلِّ ستةِ استيخونات الليلويا واحدة، ومع كلِّ كلمةٍ كان يقولها كان يبرزُ من فمِهِ شِهابُ نارٍ يصعدُ إلى السماءِ. كذلك الكبيرُ إذ كان يفتحُ فمَه ويقرأ كان مثلُ حبلِ نارٍ خارجاً وصاعداً إلى السماءِ. فلما انقضت الصلاةُ انصرفتُ قائلاً: «صلِّيا من أجلي». فصنعا لي مطانيةً وهما صامتان. وبعد أيامٍ قليلةٍ تنيح الأكبرُ وفي ثالثِهِ تنيح الصغيرُ كذلك. ولما كان الآباءُ يجتمعون بالأب مقاريوس كان يأخذهم إلى قلايتهما ويقول: «هلموا بنا نعاين شهادةَ الغرباءِ الصغار». دوماديوس ومكسيموس القديسان شابان صغيرا السن أدركا غنى الملكوت وعشقا شخص السيد المسيح، فتركا عظمة المُلك والجاه ووفرة الغنى والكرامة وعمدا إلى سكنى البراري والقفار. انفتاح قلبيهما على السماء حوَّل القفر إلى فردوس، وسلكا بسيرة ملائكية أدهشت القديس مقاريوس الذي كان يستصحب بعض زائريه إلى مغارتهما، ويقول لهم: "هلموا نعاين مكان شهادة الغرباء الصغار". كان يحسبهما شهيدين بدون سفك دم. نشأتهما كان هذان القديسان أخوين، وكان أبوهما فالنتيانوس القيصر الروماني (364-375) رجلاً خائف الرب وناصرًا للمسيحية، ربَّى ولديه وأختهما الصغيرة في مخافة الرب. لما كبر مكسيموس ودوماديوس اشتاقا إلى حياة الرهبنة. فطلبا من أبيهما أن يسمح لهما بالذهاب إلى مدينة نيقية ليُصليا في مكان اجتماع المجمع المقدس المسكوني الأول الذي انعقد سنة 325م. فرح أبوهما وأرسل معهما حاشية من الجند والخدم كعادة أولاد الملوك. ولما وصلا أمرا الجند أن يرجعوا إلى أبيهما ويقولوا له أنهما يريدان أن يمكثا هناك أيامًا. ثم كشفا أفكارهما لأحد الرهبان القديسين يُدعى حنا فشجعهما، ولما طلبا أن يبقيا معه اعتذر خوفًا من أبيهما وأوصاهما بالسفر إلى سوريا ليتتلمذا على يديّ القديس المتوحد الأنبا أغابيوس وهو طرسوسي من كيليكية، وكان ذا شهرة كبيرة. رهبنتهما توجها إلى الأنبا أغابيوس فقبلهما وألبسهما إسكيم الرهبنة. ولما قرب زمان نياحته سألاه ماذا يفعلان بعده. أما هو فقال لهما: "رأيت نفسي في هذه الليلة واقفًا علي صخرة جنوب مسكننا، ورأيت راهبًا واقفًا أمامي وعلي رأسه غطاء عليه صلبان. وكان في يده عصا من جريد وصليب. لما رأيته خفت، ولكنه اقترب مني وسلّم عليّ، وقال لي: "هل تعرفني؟" قفلت له: "لا يا أبي القديس". قال لي: "أنا مقاريوس المصري أتيت لأدعو أولادك لآخذهم إلى مصر". فقلت له: "ألا تأخذني معهم أيضًا يا أبي؟" فقال لي: "لا، ولكني أعلمك أنك بعد ثلاثة أيام ستتنيح وتذهب إلى السيد. وسيرسل الملك رُسلا وراء ولديه ليأخذهما إلى القسطنطينية، فاحذر ذلك ومًرهما أن ينزلا إلى مصر ليسكنا بالقرب مني. لأن السيد قد عينهما لي أولادًا، وها أنا قلت لك". ولما قال ذلك اختفي عنيِ". ثم قال لهما: "إنني كنت اشتهي أن أنظر هذا القديس بالجسد ولكنني قد رأيته بالروح، فبعد نياحتي امضيا إليه بسلام". أنعم الله عليهما بنعمة شفاء المرضى، وشاع ذكرهما في تلك البلاد خصوصًا بين التجار والمسافرين، وتعلّما صناعة قلوع المراكب فكانا يقتاتان بثمن ما يبيعانه ويتصدقان على الفقراء والمساكين بما يفضل عنهما. لقاء والدتهما والأميرة أختهما بالقديسين في إحدى المرات كان نائب الملك في الميناء مع الجند يفتش السفن الداخلة، فلاحظ اسميّ القدّيسين على إحدى السفن. استفسر من صاحب المركب عن سبب ذلك. فقال له: "هذان اسمان لأخوين راهبين كتبتُهما على قلع مركبي تبَرُّكا لكي يُنجّي الله تجارتي". ثم بيّن له أوصافهما بقوله أن أحدهما قد تكاملت لحيته والآخر لم يلتحِِ بعد، فعرفهما، وأخذ الرجل وأحضره أمام الملك ثيؤدوسيوس الذي كان رئيسا لجنود الملك فالنتينوس، وتعين ملكًا بعد وفاته. قدم الملك ثلاث قطع ذهبية لكل بحار. وصرفهم بسلام. ثم أرسل مندوبًا من قبله اسمه ماركيلوس إلى سوريا ليتأكد من الخبر قبل إذاعته في القصر. وبعد بضعة أيام عاد المندوب مؤكدًا الخبر، وكان فرح عظيم في القصر. ذهبت إليهما والدتهما والأميرة أختهما، فلما تقابلتا بالقديسين وتعرفت عليهما بكتا كثيرًا جدًا، ورغبت أمهما أن يعودا معها فلم يقبلا، وطيّبا قلب والدتهما وأختهما. ترشيح القديس مكسيموس بطريركًا للقسطنطينية بعد ذلك بقليل تنيّح بطريرك القسطنطينية فاتجهت الأنظار إلى القديس مكسيموس ليخلفه ورحّب الملك ثيؤدوسيوس بذلك، وأرسل نائبه ومعه بعض الجنود لاستدعائه، كما كتب إلى والي سوريا بذلك. تسرّب الخبر إلى الأخوين عن طريق زوجة الوالي التي كانت تحبهما كقديسين. ولما علما بذلك هربا واختفيا عند راعي غنم أيامًا كثيرة، ثم غيّرا ثيابهما ولبسا ثيابًا مدنية وتنكّرا حتى لا ينكشف أمرهما وصلّيا طالبين مشورة الله للوصول للأنبا مقاريوس. لقاؤهما مع أنبا مقاريوس سارا نحو تسعة أيام حتى أعياهما التعب وهما يسيران على شاطئ البحر. افتقدهما الرب برحمته ووجدا نفسيهما في شيهيت حيث القديس مقاريوس وعَرَّفاه أنهما يريدان السُكنى عنده. ولما رآهما من أبناء النعمة ظن أنهما لا يستطيعان الإقامة في البرية لشظف العيشة فيها. فأجاباه قائلين: "إن كنّا لا نقدر يا أبانا فإننا نمضي إلى موضع آخر". عاونهما في بناء مغارة لهما ثم علَّمهما ضفر الخوص، وعرّفهما بمن يبيع لهما عمل أيديهما ويأتيهما بالخبز. أقاما على هذه الحال ثلاث سنوات لم يجتمعا بأحد سوى أنهما كانا يدخلان الكنيسة لتناول الأسرار الإلهية وهما صامتين. فتعجب القديس مقاريوس لانقطاعهما عنه كل هذه المدة وصلى طالبًا من الله أن يكشف له أمرهما، وجاء إلى مغارتهما حيث بات تلك الليلة. فلما استيقظ في نصف الليل كعادته للصلاة رأى القديسين قائمين يُصليان، وشُعاع من النور صاعدًا من فم القديس مكسيموس إلى السماء، والشياطين حول القديس دوماديوس مثل الذباب، وملاك الرب يطردهم عنه بسيفٍ من نار. فلما كان الغد ألبسهما الإسكيم المقدس وانصرف قائلاً: "صلّيا عني"، فضربا له مطانية وهما صامتين. نصائحهما روي كاتب السيرة، الراهب بيشوي شماس الكنيسة التي بناها القديس مقاريوس الكبير نفسه، وهي أول كنيسة في الاسقيط: [حدث مرة حينما كنت معهما أن قلت لهما: لو كنتما في القسطنطينية يا أبوي فبالتأكد كنا نجدكما قد توليتما الملك". فأدارا وجهيهما وقالا بوداعة: "أين إذن روحك أيها الأخ حتى بدرت منك هذه الكلمة؟ إنها بلا شك في المكان الذي ذكرته. لقد قلنا لك عدة مرات أيها الأخ بيشوي أنك سواء كنت جالسًا معنا أو في مسكنك يجب أن تذكر دائمًا اسم الخلاص الذي لسيدنا يسوع المسيح بلا انقطاع، لأنه بالحقيقة لو كان هذا الاسم القدوس في قلبك لما قلت هذه الكلمة التي تكلمت بها الآن. من الآن فصاعدًا انتبه بالتأكيد إلى نفسك، ولا تهمل الاسم القدوس، اسم سيدنا يسوع المسيح، بل تمسك به بكل قلبك باستمرار حتى في الآلام، لأننا لو أهملناه نموت حتما في خطايانا". ومن أقوالهما: "فلنفرغ من الدالة والمزاح والكلمات الباطلة التي تجعل الراهب يخسر كل الثمار حسب الطريقة التي تعلمناها، إذ كنا لا نزال بعد في سوريا حينما كان الناس يحاولون إسعادنا دون أن يتركوننا نفكر في خطايانا. لكن الغربة والسكوت بفهم واحتمال الشدائد هذه هي خصائص الراهب. فالشدة تولد الصلاة في طهارة، والصلاة تولد مخافة الرب والمحبة، وهذا ما ينمي الإنسان، لأنه لا جاه ولا غنى ولا قوة يتقبلها الله ما لم يكن المسيح يسكن فينا".] نياحتهما بدأ القديس مكسيموس يمرض بحمى عنيفة، فلما طال عليه المرض طلب إلى أخيه الأصغر أن يذهب إلى القديس مقاريوس يرجوه الحضور. فلما أتى إليه وجده محمومًا فعزاه وطيّب قلبه. يقول كاتب السيرة: [اجتمعنا حول القديس مكسيموس لننظره فسمعناه يقول وقد خُطف عقله: "يا رب أرسل لي نورك ليضئ قدامي في هذا الطريق التي لا أعرفها. يا إلهي وخالقي خلصني من قوات الظلمة المجتمعين في الهواء، وأصلح خطواتي في هذا الطريق لأبلغ إليك باستقامة. وكن لي نعمة وقوة يا إلهي وسيدي، لأنك أنت رب النور ومخلص العالم". ثم صمت قليلاً، وتطلع القديس مقاريوس وإذا جماعة من الأنبياء والرسل والقديسين ويوحنا المعمدان وقسطنطين الملك جميعهم كانوا قائمين حول القديس إلى أن سلّم روحه الطاهرة بمجدٍ وكرامةٍ. فبكى القديس مقاريوس وقال: "طوباك يا مكسيموس". أما القديس دوماديوس فكان يبكي بكاء مرًا، وسأل القديس مقاريوس أن يطلب عنه إلى السيد المسيح لكي يُلحقه بأخيه. وبعد ثلاثة أيام مرض بحمى شديدة هو الآخر وقيل للقديس مقاريوس عن ذلك فذهب إليه لزيارته. وفيما هو في الطريق وقف فترة طويلة ينظر نحو المغارة ثم التفت ناحية المشرق، فظن من معه أنه كان يصلي ولكنه كان يتأمل خورس القديسين الذين كانوا يتقدمون روح القديس دوماديوس. نظر الأب مقاريوس نحو السماء وهو يبكي ويقرع صدره قائلاً: "الويل لي لأني لم أعد راهبًا بالكلية". ثم قال لهم: "لقد تنيح القديس دوماديوس". كانت نياحة القديس مكسيموس يوم 14 طوبة ولحقه أخوه القديس دوماديوس في 17 طوبة. قال الأب مقاريوس أن الطغمات الذين جاءوا ليأخذوا نفس دوماديوس هم الذين جاءوا لأخذ روح أخيه. وبنى القديس مقاريوس كنيسة في موضع سُكناهما وهي أول كنيسة بنيت في البرية. كما كان القديسان مكسيموس ودوماديوس أول من تنيح من الرهبان في الإسقيط، وكانت نياحتهما بعد سنة 380م.

نتبعك يارب بكل قلوبنا

إن المكان الذي يذهب فيه ربنا يسوع المسيح يزدحم جداً بالناس .. كثيرين أرادوا أن يسيروا وراءهُ وتسمع تعاليمه وترى مُعجزاته .. لكن ربنا يسوع أراد أن يُقلل من هؤلاء وهذا ليس لأنه لا يحبهم بل أنه أراد أن من يسير وراءهُ يتبعه بالحقيقة { إن كان أحد يأتي إليَّ ولا يُبغض أباه وأمه وامرأته وأولاده وإخوته وأخواته حتى نفسه أيضاً فلا يقدر أن يكون لي تلميذاً } ( لو 14 : 26 ) .. تبعية يسوع المسيح ليست شكلية أو انفعالية أو لمصلحة .. فإنها يجب أن تكون تبعية قلبية .. كما تقول الكنيسة في صلاتها { نتبعك يارب بكل قلوبنا } .. لماذا طلب ربنا يسوع في وصاياه أن يكون بها نوع من أنواع الجهاد والسهولة ؟ إعتبر يسوع وصاياه عبارة عن مصفاة كبيرة تُصفي الجيد من الردئ .. وصايا تفرز الصالح من الشرير .. يركز على التبعية الحقيقية .. يجب أن يكون هو مركز الحياة والإهتمامات .. وعندما نشعر أن علاقتنا مع الله ضعيفة وفاترة جداً بلا أي عزاء نعرف أن هناك عوائق .. بها لون من الجمود .. أحد القديسين يقول لابد أن تُخلي المكان ليسوع .. لا يستقيم أن يكون قلب الإنسان بهِ إهتمامات كثيرة تأخذ عقله وفكره ويريد أن يسير مع يسوع !ثم قال لهم أيضاً { ومن لا يحمل صليبه ويأتي ورائي فلا يقدر أن يكون لي تلميذاً } ( لو 14 : 27 ) .. الله أمرنا بمحبة الأعداء وبهذا نقول أنه لا يريد أن نُبغض الأقارب ولكن يريد أن لا يكون الأهل مركز الإهتمام والعواطف وكل شحنات العاطفة التي يجب أن تكون ليسوع والأمور الروحية الله سمح أن يكون الإنسان محدود حتى تكون طاقة الإنسان المحدودة يوجهها في أمور زمنية .. نرى الإنسان يزداد في إنحصاره ولكن عندما تُوجه إلى أمور روحية نرى عاطفته تنمو .. هذا شرط يضعه الله لنا .. ربنا يسوع لا يفرح بعدد كبير يأتي وراءه ولكنه يفرح بالخائفين له ويُطيعوا وصاياه .. المسيحي الحقيقي ذات النفس الأمينة تعرف من يجلس أمامه بنفس متواضعه وقلبه مرفوع ويشتاق للخلاص من خطاياه .. الله يعقد اختبار لكي يفرز أو يُزكي .. الوصية مجال اختبار ومجال للإعاقة لتُؤدب كثيرين لذلك قال { هذا قد وُضِع لسقوط وقيام كثيرين } ( لو 2 : 34 ) كيف أُبغِض أمي وأبويا وأخواتي وأبنائي ؟ عليك أن تفهم الآية جيداً .. ربنا يسوع يريدك أن تحب كل هؤلاء ولكن من خلاله هو .. تحب الجميع في المسيح .. محبة تُؤدب الجميع لأن الإنسان يحب بطريقة خطأ .. محبة استهلاكية وعصبية وأن هؤلاء هم الذين أستمد منهم أمني ووجودي وقُوتي وسلامي الله يريد أن يفطمنا عن الحياة البشرية وأنا أُوجِد لنفسي وسائل للحياة البشرية .. والله يريدنا أن يكون هو سلامنا وأهلنا .. نرى قديسين يُقدمون أنفسهم شهداء لأنهم أحبوا في المسيح وقدموا أنفسهم وأولادهم عطية للمسيح لابد أن تكون العلاقات الأُسرية في المسيح يسوع .. الأبناء عطية الله لنا لأن البنون ميراث وثمرة البطن عطية من الله ( مز 127 : 3 ) .. فعليك أن ترتبط بالعاطي وليس العطية حتى تنمو العلاقة وتزداد بيني وبين الله وليس الأبناء .. لا تجعل الأبناء تُشغِل عن محبة الله .. لا تجعل الأبناء تأخذ كل التفكير والعواطف عدو الخير يصنع لنفسه مراكز في داخلنا ويصنع مركز في العاطفة .. عدو الخير يجعل العاطفة عند الإنسان تأخذه من الله .. الإنسان يشغِل نفسه وعاطفته بعيد عن الله .. يجب أن تكون العلاقات الأُسرية في المسيح يسوع .. عاطفة للمسيح وليس بعيد عنه لا تندهش عندما تسمع الله يقول أن عدو الإنسان أهل بيته ( مت 10 : 36 ) لأن العاطفة تُوجه توجيه خاطئ .. العاطفة تجعل الإنسان يُشفق على أسرته وهذا يجعله يساعده على الكسل ( أنت مريض لا تذهب للكنيسة .. لا تصوم .. لا تقف ) .. علاقتنا العاطفية عائق وإن كان شكلها أو مظهرها محبة كل من كانوا وراءه كان يريد أن يقول لهم عليهِم أن يُحبوه هو .. والمحبة للأسرة من خلالي .. ويكون هو مركز الحياة .. { اطلبوا أولاً ملكوت الله وبره } ( مت 6 : 33 ) .. { تحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل فِكرك } ( مت 22 : 37 ) .. لا يصح أن يكون القلب مقسوم .. إعطي ربنا كل قلبك .. حِب من خلاله كل الناس .. عامل أولادك على أنهم سيورثون السماء معك وهم وسيلة بركة فتحبهم وتخدمهم من أجل أنهم عطية ربنا .. هذه علاقات بلا عثرة .. الله سمح أن يُرينا ذاته من خلال علاقتنا .. لو ضاع الهدف .. لو لم يكن المسيح في المنتصف العلاقة تشوهت { ومن لا يحمل صليبه ويأتي ورائي فلا يقدر أن يكون لي تلميذاً } .. كن أمين في جهادك مع الله .. الحياة مع الله ربما يكون بها ألم ونفقة .. الحياة ليست معهُ سهلة ولكنك يجب أن تحمل الصليب .. لم يجعل هذه الأمور إختيارية فقال " من لا يحمل .. لا يكون لي تلميذاً " نفي مُطلق .. يقول للجميع الذين يسيرون وراءه أنتم حاملين صليب أم أنتم تسيرون ورائي فقط ؟ .. لذلك هو نفسه – الله – حمل الصليب { ينبغي أنهُ كما سلك ذاكَ هكذا يسلُك هو أيضاً } ( 1يو 2 : 6 ) مسيحيتنا مسيحية جميلة صادقة لابد أن نُدركها ونفهمها في عُمقها حتى لا نكون كالجموع الكثيرة التي تسير وراءه .. لذلك خَتَم كلامه وقال { من منكم وهو يريد أن يبني برجاً لا يجلس أولاً ويحسب النفقة هل عنده ما يلزم لكماله } ( لو 14 : 28 ) .. أي هل سألتم أنفسكم ما يجب أن تفعلوه لكي تسيروا ورائي ؟ أنت أيضاً المسيحي فإن المسيحية لها نفقة .. أن تعيش في عفة وأمانة حتى لا يضع الأساس ولا يقدر أن يُكمِّله فيبتدئ الجميع يهزأون به الحياة مع المسيح تريد جدية وأمانة وصِدق .. ربنا يسوع المسيح ينظر إلى كل نفس تتبعه لكي تتبعه بالصواب من كل القلب وهي تحمل الصليب وهو غير مشغول بشئ وتكون مقدسة وهو يُعين في كل الأعمال .. الله يريد أن تكون الوصايا له وليس منه .. هو قادر أن يعطينا نعمة وقوة على تنفيذ وصاياه ربنا يدِّينا قوة ويكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته وبركته له المجد دائماً أبدياً آمين

نحن حديث الابن مع الابن الجمعة الثالثة من شهر بشنس

إنجيل يوحنا أصحاح " 17 " .. هناك جزء يُقال عليه الصلاة الوداعية أو الشفاعية التي دارت بين الابن والآب قبل دخول الابن في معصرة الصليب .. كلمات قالها رب المجد يسوع عبَّرت عن ما بقلبه تجاهِنا .. حديث بين الابن والآب .. ربما نظن أن هناك حديث سري بينهما أو حديث يخص كل من الآب والابن .. ولكن ما يفرحنا جداً أننا وجدنا أنفسنا موضِع هذا الحديث الابن يُحدِّث الآب .. حديث له قُدسية .. ونحن كأننا تجاسرنا وأنصتنا عن ماذا يقول الابن للآب .. وجدنا الابن يتكلم عنا نحن .. وما يشغل الآب والابن هو نحن .. نحن المُبتعدين عن الأسرار الإلهية وجدنا أننا محور الأسرار الإلهية والمعرفة الإلهية .. يقول { وأنا قد أعطيتهم المجد الذي أعطيتني }ربنا يسوع جاءَ للعالم لكي يُعطينا المجد .. أي مجد ؟ نفس المجد الذي أعطاه الآب للابن .. { ليكونوا واحداً كما أننا نحن واحد } ( يو 17 : 22 ) .. الابن يشتاق ويتضرع إلى الآب أن يكون في المؤمنين نفس مجده .. ليس فقط ذلك بل يريد أن يكونوا نفس الوحدة { أنا فيهم وأنت فيَّ } أي الثلاثة هم واحد .. فالابن فينا والآب في الابن .. أي الآب فينا { ليكونوا مُكملين إلى واحدٍ وليعلم العالم أنك أرسلتني وأحببتهم كما أحببتني } ( يو 17 : 23 ) .. لو أدركنا محبة الابن لينا لما تهاونَّ أبداً في قداستنا .. ولا تهاونَّ في أمر المجد الذي يريد أن يُعطينا إياه .. وما فعلنا خطايا تفصلنا عن الله .. لأن الابن يشتاق أن نكون واحد معه على مثال وِحدته مع الآب أن يكون هو فينا كما أن الآب فيه .. الله يريد لكل ابن أن يكون في وحدة كاملة .. أن يكون في معية الثالوث .. مُشترِك في رحمة وتدبير الثالوث .. أن لا نكون أبداً غُرباء عن الآب والابن .. عندما تتكلم الناس عن الله يشعروا بلون من ألوان الغُربة أحد الفلاسفة منذ سنوات كتب " حوار مع الله " .. إعترض الناس جداً على هذا .. كيف يكتب هذا الفيلسوف حديث مع الله .. فغيَّر هذا الشخص كلامه وكتب تعديل يقول " حديث إلى الله " .. صعب جداً على العالم أن يقبل أن يكون هناك أحد يتكلم مع ربنا الله يُعلن لنا من داخله أنه يريد أن نكون واحد معهُ .. أي كأنك تتكلم مع نفسك .. هو فينا .. لذلك هو عندما يُريد أن يُوقظنا يفعل هذا بإيقاظنا من داخلنا .. وعندما يريد أن يسمعنا يجعلنا نتكلم كأننا مع أنفسنا .. هو يسكن فينا .. في أعماقنا .. القديس أوغسطينوس ظلَّ كل حياته يبحث عن الله ولم يجده .. ثم قال أنه تأخر كثيراً في البحث عن الله .. تعب كثيراً حتى وجده وعندما وجده وجدهُ فيه .. يقول { يوم وجدتك وجدتك عميقاً أعمق من أعماقي وعالي أعلى من عُلوي .. يا لغباوتي كنت أبحث عنكَ خارجاً عني ولكن أنت كنت فيَّ } .. الابن يتضرع إلى الآب لكي نكون واحد فيه .. ليكونوا كاملين في الوحدة ليعلم هذا العالم الابن يحبنا على مستوى محبة الآب له .. محبة لا تُوصف .. محبة إلهية يقول عنها { محبة أبدية أحببتك من أجل ذلك أدمت لك الرحمة } ( أر 31 : 3 ) .. بلا حدود .. الابن يتكلم بأنه ليس أكثر حُباً لنا من الآب ولكنه يتكلم بلساننا .. يتكلم كنائب عنا .. يُعبِّر عن ما يُريده للبشر .. لأنه حين تجسد أخذ شكل الإنسان فصار كواحد منا ونائب عنا .. يتكلم عن اشتياقاتنا .. ما هذا الحب ؟ { أريد أن هؤلاء الذين أعطيتني يكونون معي حيث أكون أنا لينظروا مجدي الذي أعطيتني } ( يو 17 : 24 ) .. يريد أن يكون أبناءه معهُ في السماء ليروا مجده .. فإن مجد الابن في السماء نقرأ عنه في سفر الرؤيا نحن رأينا صورة ربنا يسوع المسيح وانطبعت لدينا صورته وهو في صورة إخلاؤه .. ولكن لا نتخيله في مجده إلا قليل .. رأيناه إنسان يُولد في مذود .. رأيناه يجوع ويعطش ويتألم ويتكلم .. يُظلم ويُفترى عليه .. رأيناه يصمُت .. لكن عندما نتفرس في مجده عندما نقرأ عنه في سفر الرؤيا نجده يقول أن عيناه محميتان .. وشعره أبيض مثل الثلج .. وقضيب المجد الذي في يده ( رؤ 1 : 14) .. يتكلم عن الملائكة والأربع حيوانات الغير متجسدين الحاملين العرش الإلهي .. ويريد أن يأتي أولاده معهُ لكي يُشاركوه في هذا المجد وحوله ربما تكون تسابيح الملائكة أقل إكراماً عنده من تسابيح بني البشر لذلك نقول { الذي أعطى الذين على الأرض تسبيح السيرافيم } .. أحد الأباء القديسين يقول { حينما يُسبح البشر الله يأمر أن تسكت الملائكة } .. من هنا نقول أن مجد الابن يريد أن يُشركنا فيه .. تفرس في مجد الابن وانظر الإشتياقات التي يريد يسوع المسيح أن نكون فيها .. وانظر ما يفكر هو فيه وما نحن نفكر فيه .. وما يشغِله وما يشغِلنا .. نحن نفعل مثل الأب الذي يبني قصر لابنه ويُزينه ويضع فيه لمساته وكل ما فيه يُريده أن يكون كامل .. والابن مغموس في وحل وطين .. فيأتي الأب ويقول له " تعال وانظر نظرة واحدة على ما فعلتهُ لك " وهو لا يريد أن يكلف نفسه ليرى ما فعلهُ أبوه له نريد أن ندخل نفس الشركة ونفس الحب والمجد .. ندخل في مواعيد الله لنا .. مواعيده صادقة غير كاذبة .. انظر اشتياقات الابن لنا وما يريده لنا .. إنصت جيداً واستمع لأن لك كنز ومجد .. ومن يدخل في الكنز والمجد إغراءات العالم لا تجذبه .. فمجد العالم لا يُفرحه .. إسلوب العالم لا يقنعه لأنه دخل في دائرة المجد الإلهي والحب الإلهي .. { أنا فيهم وأنت فيَّ } { إنك أحببتني قبل إنشاء العالم } ( يو 17 : 24 ) .. مجد الابن يريد أن يُشرِكنا فيه .. أب له مكان جيد وكل وسائل التنعم فهذا المكان ليس له طعم بلا الأحباء .. فالابن مجد السماء بالنسبة له هو كل ما يشغِله فينا أن نتنعم بهذا المجد .. أن نرى نحن ميراثنا وغِنانا .. فإنه غني لينا ومُمجد لينا .. يريد أن أولاده يشتركوا معهُ في هذا المجد .. تخيل لو عندك هذه المواعيد وكل هذا الحب والمجد وأنت تريد أن تعيش وأنت مغموس في الخطية إرفع عينك وقلبك إلى فوق ولا تجعل أي شئ يشغِلك .. إن كنت تعيش في العالم وتعمل أو تذاكر فكن أمين لأن عينك على المجد السماوي والأجر السماوي .. العالم يجب أن لا يشغِلك .. لكن مجد السماء يشغِلك .. مجد الإنسان ليس طمعك ولكن مجد الابن هو طمعك .. هذا هو تجاه الابن لنا .. يحبنا على نفس مستوى محبة الآب له .. يعطينا نفس المجد ونفس الوحدة والكرامة والمكان .. هذه هي العظمة التي يريد ربنا يسوع المسيح أن يورثها لنا { أما أنا فعرفتك وهؤلاء عرفوا أنك أنت أرسلتني وعرفتهم اسمك وسأُعرفهم ليكون فيهم الحب الذي أحببتني بهِ وأكون أنا فيهم } ( يو 17 : 25 – 26 ) .. هذه هي رسالة الابن .. جاء لكي ينقل لنا خيرات الآب .. أُرسِلَ من الآب من أجل أن يفتقد العالم وينقِل لهُ الخيرات .. مثل أبونا يعقوب عندما أرسل خير لأولاده وهم في الغربة عن طريق إبنه يوسف .. { فقال له اذهب انظر سلامة إخوتك } ( تك 37 : 14) .. خذ لهم طعام وشراب وطمأني عليهم .. خذ لهم شئ من عندي .. وبحث يوسف عن إخوته وأعطاهم خير الآب الرب يسوع مُحمَّل بخيرات الآب .. فإرساله في حد ذاته يُعبِّر عن محبة الله لنا فإن بعِدنا أو تُهناأو أخطأنا أو ضللنا الطريق فالآب لن يتركنا .. ماذا فعل ؟ فإنه أرسل إبنه رسالة حب .. جاء عندنا ليفتقدنا ويبعدنا عن طريق الضلالة .. لذلك في صلاة القسمة نقول { وجعل ظلمة الضلالة التي فينا تُضئ من أجل إتيان إبنك الوحيد بالجسد } جاء ليعطينا نور الآب ومجد الآب ووحدة الآب ومكانة مع الآب .. فكَّر في هدف الابن لك ومحبة الابن لك تنصُرك وتغمُرك وتجعلك لا تفكر إلا فيه .. تجعلك حتى لو كنت مشغول جداً إلا أنك مرفوع عن مستوى أي مشغوليات الله يُثبِّت في قلوبنا محبته التي يشتاق أن يُعطينا إياها يثبِّت فينا مجده ووحدته لكي ما يكون لنا أهداف الابن ثابتة في حياتنا ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته له المجد دائماً أبدياً آمين

الراعى يطعم قطيعه

بسم الآب والابن والروح القدس إله واحد آمين. تحل علينا نعمته وبركته ورحمته الآن وكل أوان وإلي دهر الدهور كلها آمين . إنجيل هذا الصباح يا أحبائي هو إنجيل الراعي الصالح الذي يقرأ في تذكارات نياح رؤساء الآباء البطاركة، وعمل المسيح في الكنيسة هو عمل الرعاية، ونحن نعتبر بالنسبة للسيد المسيح يقال علينا خرافه الناطقة، وأهم عمل للراعي أنه يغذيهم، يحميهم، يقودهم، وإذا نظرنا لنرى عمل المسيح في حياتنا سنجد عمل المسيح في حياتنا هو الثلاث نقاط : ١- القيادة. ٢- الحماية. ٣- التغذية. نتحدث في نقطة واحدة اليوم هي تغذية القطيع، عمل المسيح يا أحبائي بالنسبة لنا أنه يطعمنا، يطعمنا لكي نستطيع أن نعيش، مثل الأم التي تنشغل بأبنائها ماذا يأكلون؟ الموضوع ذات أهمية بالنسبة لها جداً، لابد أن تفكر ماذا يأكلون، عمل المسيح بالنسبة لنا يا أحبائي نحن ماذا سنأكل؟، ما الطعام الأساسي الذي يفكر فيه لنا لكي نأكل به باستمرار لنتغذى؟ في الحقيقة مائدتين يتنوع منهم جميع أنواع الأطعمة، الطعامين الرئيسيين الذين يغذينا بهم الله طعامين ليس لهم ثالث وهما: ١- كلمته. ٢- جسده و دمه. الله ينشغل جدا أن يطعمنا، يشبعنا، يطمئن على حالة إشباع احتياجاتنا عن طريق هاتين الإثنين، الكلمة، والجسد والدم. كلمة ربنا يا أحبائي غذاء لنفوسنا، كلمة ربنا يا أحبائي سند لنا، لذلك يقول "وجدت كلامك كالشهد فأكلته"، لدرجة أنه قال عن ارميا النبي آتي إليه بكلمة ربنا في شيء مثل درج (الدرج يعني مثل شيء ملفوف وطويل)، فقال له قم بأكلها، يقول لك فأكلت الدرج، الله يغذينا بكلمته، من كان بعيد عن الإنجيل يا أحبائي فهو جائع، يوم مع يوم مع يوم يموت، الذي يعبد عن الإنجيل يا أحبائي لم يأكل بمعنى لم يتغذى، بمعنى أن الدورة الدموية داخله تقف، ثم تجف، تجف، الذي يبعد عن الإنجيل يا أحبائي مائت، الذي يبعد عن الإنجيل يبعد عن المرآه، الذي يبعد عن الإنجيل بعيد عن التوبيخ، بعيد عن النداء، بعيد عن محبة الله، بعيد عن معرفه الله. أين تعرف الله؟ في الإنجيل. أين تسمع صوته؟ في الإنجيل. بماذا نتوب؟ بالإنجيل. بماذا نوبخ على شرورنا؟ بالإنجيل. بماذا نتنقى؟ بالإنجيل. على ماذا نسند ونتعزى؟ بالإنجيل. حينئذ الذي يبعد عن الإنجيل يبعد عن السند، عن التعزية، عن التوبيخ، عن الطريق، فهو قال له هكذا "سراج لرجلي كلامك نور لسبيلي" كلمتك يارب التي تضئ الطريق، إذا كان هناك شخص لا يقرأ في الإنجيل فهو لا يوجد بينه وبين الإنجيل ود ولا عشرة، سائر بدون سراج فإنه يضل الطريق، لا يأكل فيجوع، لا يقرأ، لا يوبخ، لا توجد خطيه يفعلها ويشعر أنها خطأ، يشعر أن الدنيا كلها هكذا، والناس جميعها هكذا، وهذه احتياجاتنا الطبيعية، وهذه حياتنا، ونحن نعيش كما هي الحياة، النور بعيد، لذلك يا أحبائي الله أحب أن يغذينا، بماذا يغذينا؟ معلمنا بولس الرسول عندما جاء ليودع أولاده قال لهم أنا سوف أترككم فقالوا له لا تتركنا وبكوا، لا تتركنا فنحن نحبك، نحن تعلقنا بك، نحن سمعنا منك الكلام الجميل، نحن قدمنا توبة على يدك، واعتمدنا علي يدك، نرجوك لا تتركنا، قال لهم "أستودعكم لكلمة الله الغنية القادرة أن تبنيكم". عندما أترككم أنا لن أترككم أنا سأترككم لكلمة الله فبذلك أنا لم أترككم، الذي ترك الإنجيل يا أحبائي يترك مصيره الأبدي، الذي ترك الإنجيل يا أحبائي لا يسمع الصوت الإلهي، الذي ترك الإنجيل لا يتغذى، لا يوبخ، لا يتوب، تكبر الخطية بداخله فتتسلط فتتعاظم في داخله، ولا يوجد توبيخ يعني أن هناك مصالحة، هناك رضى على الخطية، تقول لشخص اعترف يقول لك في الحقيقة لا يوجد شيء لا يوجد شيء ويضحك، كيف لا يوجد شيء؟، بل قم بالبحث في قلبك، في مشاعرك، أبحث على إرضائك لله، أبحث على تصوراتك، أبحث في محبتك للعالم، أبحث في محبتك للمال، أبحث في شهواتك، أبحث في محبتك للآخرين، تفحص أمانتك إلى الله، أمانتك للصلوات، أمانتك للقداسات، أمانتك في العشور، أمانتك في أعمال الرحمة، أمانتك في وقتك، افحص أمانتك في مشاعرك، ستجد. من الذي يكشف لنا هذا يا أحبائي؟ كلمة الله، أستودعكم لكلمة الله الغنية القادرة أن تبنيكم، لذلك قال لنا ربنا يسوع بنفسه "أنتم أنقياء بسبب الكلام الذي كلمتكم به". لا تظن أن الجزء الأول في القداس والذي هو القراءات أنه صلاة إضافية لا بل هو التمهيد، فهو النظافة للتناول، فهو الغسيل الذي قبل التناول، الكلمة هي أنك تحضر أنت القراءات وتتفاعل معها لأنها جزء رئيسي من القداس الذي يؤهلك للتناول، كلمة تنظف فهي الكلمة المقروءة إلى أن تأخذ المسيح الجسد المحي بعدما تكون الكلمة دخلت ونظفت وكشفت، الكلمة تعطيك توبة، تحرك مشاعرك، الكلمة تكشف لك الطريق، الكلمة تعرفك خطة الله لك، طبيعة الله، معاملات الله مع البشر، كلمة الله فيها كل ما نحتاجه دائما ما نشكو من ضعفنا، ضع ضعفك في الإنجيل، فالضعف مذكور في الإنجيل، فهو موجود عند الآباء، أبونا إبراهيم عندما وضع في موقف صعب قليلاً وجدناه كذب ووجدناه ترك ووجدناه رجع ثانية ورائه، هرب من المجاعة، وذهب لمصر، ورأينا في أبونا يعقوب أنه آخذ البركة بطريقة خداع، وذهب إلى خاله لبان، وأيضا عمل خداع، محب للثروة، محب للغنى، فالكتاب المقدس يعرفك طبيعتك البشرية، لم يأتي لك بأشخاص في قامة عالية جداً، ولم يخطئوا أبدا، لا فآتي لك بالبشر، ولكن أراك كيف يتعامل الله مع البشر، كيف يتأنى الله عليهم، كيف يقودهم، كيف يغذيهم، كيف يعلن مسؤوليته عنهم حتى وإن أخطأوا، كيف أن الله بعدما يري كل هذا في أبونا يعقوب يقول له "وها أنا أحفظ حيثما تذهب و أردك إلى هذه الأرض مرة أخرى" كيف أن الله بعدما يجد في بني إسرائيل تعديات كثيرة، بعدما يجد فيهم خطايا وشرور وزيغان كثير يقول "لم يرى اثما في يعقوب ولم يرى تعبا في إسرائيل". هم أتعبوك جداً، أنت رأيت منهم خطايا كثيرة، فهم صنعوا عجل وعبدوه، وكانوا يصنعون في هيكلك مرتفعات، ويقوموا بعبادة أصنام، وفي النهاية يقول "لم يبصر إثما في يعقوب ولا يري تعبا في إسرائيل" يريد أن يقول لك هؤلاء مسؤوليتي أنا لا أتركهم، إذن يا أحبائي الكتاب المقدس هو الذي يريني أن ضعفي موجود لكن ضعفي له حل، الكتاب المقدس يريك إلى أي درجة أنت يمكن أن تتغذى غذاء الروح، فهو ينير لك، ينير طريقك، يجعلك تتعامل مع العالم بنظرة جديدة، تتعامل مع عملك بنظرة جديدة، تتعامل مع زوجتك وأولادك بنظرة جديدة، تتعامل مع المال بنظرة جديدة، لماذا؟ لأن كلمة الله التي تحكمك للخلاص، تغذى بالكلمة، طالما أن هناك فترات طويلة لم تقوم بفتح إنجيلك فأنت جائع والجوع سيؤدي إلى الموت. يا أحبائي لا نغامر بحياتنا ونراهن كم المدة التي سوف نحياها بدون أكل، تخيل الذي يدعي المقدرة ويقول أنا منقطع عن الطعام، إذن لا تأكل ، يقوم بعمل إضراب، لكن كم سيظل المنقطع عن الطعام هذا لا يأكل يومين، ثلاثة، عشرة، أربعون، خمسون، شهر، شهرين، وبعدها سيموت، الله جعل تكويننا هكذا، نحن ظللنا نقول أن الإنجيل هذا لا يخصنا وأنا لا أفهم ما في الإنجيل، صلي تقول عندما أجد وقت، فأنا بذلك أراهن على مصيري الأبدي، ليس فقط مصيري الأبدي لا بل أنا أيضا لا أستطيع أن أعيش الحياة التي أعيشها الآن، حتى الحياة التي أعيشها الآن تصبح بدون طعم، سيصبح عذاب أبدي وعذاب أرضي. لذلك يا أحبائي اقرأ الإنجيل لأن الإنجيل هذا اسمه البشارة المفرحة، سر كآبة الإنسان تأتي من أنه يريد أن يحيا فرحا بدون وسائل الفرح، كلمة "أيف" في اللغة القبطية تعني حلو، أيف أنجيليون، أنجيل تعني بشارة، "إيف أنجيل" تعني بشارة حلوة، هذا الإنجيل، أيضا والإفخارستيا "إيف" أيضا، إيف تعني حلو، "خريس" تعني نعمة فبذلك يكون لدي كلمتين يعبروا عن شيئين حلوين، لدي إيف أنجيل، ولدي إيف خريس، فلماذا نترك الأشياء الحلوة؟ لماذا أترك "الإيف خريس"، لماذا أترك النعمة الحلوة، إذن نحن لدينا النعم الحلوة، فأول نعمة ربنا يريد أن يطعمنا بها هي كلمته، لذلك يا أحبائي عندما كان الله يريد أن يصلح شعب في العهد القديم ويجدهم زاغوا، زاغوا، زاغوا كان يأمرهم بعملين ليس لهم ثالث، ماذا يفعل الشعب البعيد عن الله هذا؟ يقول لهم تعالوا مرة أخرى، قوموا بقراءة الشريعة من جديد، فيقوموا بقراءتها فيفرحوا، ويبكوا، ويسجدوا، ويوبخوا على خطاياهم، اقرأ في سفر نحميا، وفي سفر عزرا، عندما قرأوا الشريعة ماذا حدث؟ سجدوا وبكوا، وقالوا لكن الإنجيل به كلام نحن لا نستطيع أن نعيشه، أبسط شيء عندما ذهبنا في السبي تزوجنا من سيدات غريبة وأتينا بهم معنا، وعاشوا معنا هؤلاء السيدات الغريبة، وهؤلاء زوجاتنا ماذا نفعل بهم؟ تخيل عندما قرأوا الإنجيل جعلهم هم من أنفسهم يقولوا نحن لا نستمر في الحياة مع هؤلاء السيدات الأجانب الغريبات بل سنرجعهم بلادهم مرة أخرى، ما الذي أعطاهم الجرأة ليفعلوا ذلك؟ هل كان هناك أحد يستطيع أن يقنعهم ويقول لهم أتركوا زوجاتكم؟، فهو ليس شخص أو إثنين لكن كان الشعب كله، تستطيع أن تقنع شعب بالكامل يتركوا زوجاتهم! هذا موضوع ليس سهلاً، الإنجيل جعلهم يستطيعون أن يفعلوا هذا، وقم بقراءة هذا الكلام في سفر عزرا، يقول لك "ومجدوا الله". الذي لا تستطيع أنت أن تفعله أبدا الإنجيل يجعلك تفعله بسهولة، الخطية التي تربطك جداً والذي ترى أن الموضوع مستحيل أن تتخلص منه الإنجيل بسهولة يخلصك منه، لماذا؟ لأنه كلمة إلهية ليس كلام بشر، أنت إذا جاءت إليك كلمة من شخص فوق جداً أو مركز كبير جداً أو طبيب كبير جداً وقال لك هذه العادة لا تفعلها، يمكن أنك لا تفعلها رغم أنه كان مستحيل أنك لا تفعلها. لذلك يا أحبائي نحن نحتاج كلمة الإنجيل، الإيف أنجيليون. الإيف خريس هي النعمة الحلوة بالتناول، تريد أن تتغذى تناول كثيراً، تريد أن تتغذى فهي اسمها مائدة الرب، قال لك "هذا هو خبز الله النازل من السماء المعطي الحياة للعالم" هو اسمه هكذا، نحن نسميه هكذا، خبز الحياة، تريد أن تعيش قم بالأكل من خبز الحياة، الذي أكله نفسه لا تجوع. عمل الراعي الصالح يا أحبائي هو توفير الطعام والغذاء لقطيعه، عمل المسيح يوفر الغذاء لقطيعه، نحن قطيعه يريد أن يغذينا، بماذا يغذينا؟ بهاتين النعمتين وهم الإنجيل، والإفخارستيا. الذي يموت منا من الجوع هو بريء منه، يقول لك أنا أعطيك طعام، من منا لا يوجد لديه إنجيل، من منا لا يوجد بجانبه مذبح، من منا الإفخارستيا مستحيلة بالنسبة له أو بعيدة، لا بل هم متاحين، فهو فعل ما عليه، وأعطاك كهنة يظلوا ينادوا عليك يقولوا لك تعالى، اتقدم، اقرأ، يفعلوا لك دراسة، يقوموا بتشويقك لكلمة الله، يشرحوا لك الإنجيل، يقول لك اقرأ والله سيعطيك أكثر وأكثر وأكثر، وكلما تقرأ كلما تسند، قم وتناول من الخبز الذي أكله نفسه لا تجوع، فالأب الكاهن يصرخ ويقول يعطي عنا خلاصا غفرانا للخطايا هذا ونحن نعيش الآن، ونحن نعيش الآن يعطينا هؤلاء، خلاص وغفران للخطايا، هل هناك أحد لا يتمني أن يأخذ خلاص وغفران الخطايا؟!، يقول لك التناول يعطيهم لك، وماذا أيضا؟ المصير الأبدي الذي هو الأهم وحياة أبدية لكل من يتناول منه، وأنت تقول حقا أؤمن، أؤمن أكثر كلمة تقال في القداس، أؤمن أؤمن وأعترف وأصدق ، حقا أؤمن، أؤمن أؤمن أؤمن. لماذا؟ لأنك تؤمن بمفاعيل هذا الجسد الإلهي الذي ينقل لك الحياة. هو رئيس الحياة، هو الخالد الذي لا يموت، هو الغير المائت، لذلك عندما يأتي الكاهن ليصلي يقول لك الأسرار الإلهية غير المائتة، أووه إن اسمو، الغير المائتة، التي لا تمت، فأنت عندما تأخذه تتحول أنت بطبيعتك المائتة إلى طبيعة غير مائتة، تقول لي هذا يعني أنني لا أموت أقول لك لا أنت سوف تموت لكن الموت لا يتسلط عليك، الموت سينقلك إلى الخلود فتصبح غير مائت، كيف تأخذ هذا الخلود؟، كيف تأخذ الطبيعة الغير المائتة؟، إذا اتحدت بالجسد الإلهي، إذا اتحدت بالجسد الإلهي تتغذى، تقتات، تشبع، تمتلئ، تتعزى، تأخذ البركات السماوية والبركات الإلهية، أكله نفسه لا تجوع، هذا الخبز السماوي النازل من السماء المعطي الحياة للعالم، هذا هو يا أحبائي النعمة الحلوة الذي يريد الله أن يغذينا بها، لذلك يقول الكاهن "خذوا كلوا منه كلكم" لذلك الكنيسة لا تعرف عن أمر اسمه شخص يحضر قداس ولا يتناول، خذوا كلوا منه كلكم، لماذا؟ لأنه ما الذي يمنعني من التناول؟ خطية إذن تب عنها، من المعقول أن أفضل خطية عن التناول!، من المعقول أن أحضر متأخر واحرم من الخبز السماوي!، العطية الإلهية الكبيرة أخسرها على أشياء تافهة!، لا ففي عرف الكنيسة يا أحبائي كان يحضر الشعب قبل الكاهن، في عرف الكنيسة يا أحبائي لا يوجد شخص يأتي بعد أن يفتح الستر، الستر يفتح ونكون جميعنا موجودين، مثلما معلم يدخل الفصل يكون الطلبة موجودين، مثلما مدرس جامعة يدخل المحاضرة الساعة الثامنة يكون الطلبة موجودين، الموضوع ليس موضوع أبونا الكاهن، لا لكن أبونا رمز للمسيح، يفتح الستر وهذا الستر بالنسبة لنا هو الهيكل، الهيكل هذا بالنسبة لنا هو السماء، لذلك تجده مرتفع وتجد فيه العرش الإلهي تجد فيه الملائكة، تجد فيه الأربع حيوانات، وتجد فيه البخور المرفوع والصلوات وتجد فيه الذبيحة، هذه هي السماء، لا يصح أن تفتح السماء ونحن نأتي بعد أن تفتح، فنحن متشوقين لها، تتغذى، تريد أن تشبع، تريد أن يكون المناعة لديك عالية، تريد أن تعرف كيف تقاوم الشرور، تريد أن تعرف أن تقول للشيطان لا، تريد أن تعرف كيف تقول لأفكارك السيئة لا، تريد أن تقول للتليفزيون لا، للكمبيوتر لا، للمعاملات الرديئة التي داخل حياتك لا، تريد أن تأخذ جرأة، تريد أن تعرف كيف تختار مصيرك، قم بالتناول كثيراً لأن هذا ما يعطيك الحسم في الأمور التي لا تقدر عليها لأن وقتها المسيح هو الذي يفعل فيك، وقتها القوة الإلهية هي التي تتحرك فيك ليس أنت، ووقتها تستطيع أن تقول مع معلمنا بولس الكلمة التي يقولها "لا أنا بل المسيح أحيا لا أنا بل المسيح" وقتها تطمئن أنك متحد بالمسيح، وقتها يحيا المسيح في داخلك، وقتها تعيش بحسب الخليقة الجديدة، لماذا؟، لأنك أنت لست أنت، قم بالتعامل مع إنسان يقرأ الإنجيل كثيراً ويتناول كثيراً ستجده ليس هو، فهو من؟! هذا المسيح الذي نتحدث عنه. معلمنا بولس الرسول يا أحبائي عندما يأتي ليتحدث يكرر كلمة في المسيح، في المسيح ، ثمانين مرة في رسائل معلمنا بولس الرسول يقول لك في المسيح يسوع، في المسيح يسوع، في المسيح يسوع، ثمانين مرة، لأنها كلمة مسيطرة على فكره، ما الكلمة المسيطرة على فكره؟ أنه داخل المسيح، هو من داخل المسيح، هو محفوظ من المسيح، يا لسعادتك يا معلمنا بولس، أنا كيف أصبح مثلك؟ يقول لك بالإنجيل والتناول، بالإنجيل والتناول أنت لن تصبح أنت، أنت ستصبح من؟ أنت ستصبح المسيح، أحيا لا أنا بل المسيح يحيا في، يعتبر أنه ليس هو الذي يتحدث، يعتبر أنه ليس هو الذي يعيش، يعتبر أنه ليس هو الذي يفكر، يعتبر أنه ليس هو الذي يحب، لذلك قال لك "أما نحن فلنا فكر المسيح" لذلك يقول لك "أنتم الذين قد اعتمدتم للمسيح قد لبستم المسيح" أصبحت أنت لابس المسيح، قم بالتناول، ولا تمنع نفسك من الخبز الإلهي ومن المائدة السماوية، العطية التي تفوق كل العطايا، أجمل عطية من الله للبشر أن يعطيهم جسده ودمه، لذلك الكتاب المقدس كان دائما يتحدث عن ثلاث كلمات رمزية، وكانت بداية الثلاث كلمات من العهد القديم إلي سفر الرؤيا، وهم "القمح والمسطار والزيت"، القمح هو الخبز، المسطار هو عصير العنب، في عصير العنب الكرم رمز للدم، الزيت رمز إلى الروح القدس، هؤلاء الثلاثة رموز يا أحبائي هم سر حياتنا، القمح والمسطار والزيت، عندما يقول لك انقطع السكيب، انقطع القمح والمسطار والزيت إعلم أن الله وصل بالإنسان لدرجة أن من كثرة ما رفض الإنسان العطايا فالله كف عن أن يعطي، لكن نشكر الله أنه يعطينا قمح ومسطار وزيت، نشكر الله أن كنائسنا لا تنقطع منها الذبيحة، نشكر الله أن كلمة الله متاحة لكل إنسان في كل بيت وفي كل مكان، نشكر الله أن القمح والمسطار والزيت موجودين لكن للذي يعرف قيمتهم. لذلك يا أحبائي لا تهمل في إنجيلك، ولا تهمل في قداسك، لا تجعل القمح والمسطار والزيت معروضين عليك وأنت الذي تقول لهم لا في حين أن فيهم سر وجودك وسر حياتك، الله الذي فكر دائما كيف يشبعنا يجدنا مشتاقين أن ناكل، لذلك من ضمن التطويبات الجميلة "طوبي للجياع والعطاش إلى البر لأنهم يشبعون". فلنكن جياع وعطاش إلى البر لأنه يشبعنا. يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته لإلهنا المجد دائما أبديا آمين.

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل