المقالات
01 يناير 2025
الأحد الثالث ميمر زيارة العذراء مريم لمار يعقوب السروجي
الممجد بين الصفوف اللابس البهاء النور المرعب الكاروبيم تجسد بالعذراء مريم ماليء الكل نزل وحل فيها السموات كرسيه ومريم العذراء أمه أتت هذه البتول العظيمة الممتلئة نعمة لتفرح مع العجوز العاقر اليصابات التقت الممتلئة نعمة بابنة اللاويين ،والدة المكروز به ووالدة الكارز تكلمت بلسانها سلاما نقيا حسن المريم أن تتكلم بالسلام لأنها زرعت السلام للبعيدين والقريبين وصارت كالكنز الممتلىء سلاما للبشر ،والوقت أدرك هذا الطفل داخلها وبدأ يتحرك بابتهاج فى بطنها أعطت العذراء السلام كما قبلت السلام من العلو ليصحب العالم جميعه وحسنا قالت لأن السلام فى بطنها فأعطت السلام بشفتيها حيث تعظم التابوت تحرك داود بفرح قلب قدامه ولم بحفظ طقس تاجه العظيم ،ويوحنا أيضا تحرك وهو جنين أكثر من داود اذ لم يحفظ الوقت الى زمانه فالعذراء صارت تابوتا للاهوت لأن سيد الأسرار حل داخلها لقد تحرك الجنين ببهجة فى بطن أمه وكأن هذه الكلمات كانت تقال من يوحنا عندما تحرك من أجل سیده ها مصور جميع الأطفال صار طفلا ،والعظيم المالى السموات حل في بطن البتول هذا الآتى انه حمل اللاهوت الذي سيقدم ذاته عن الخطاة هذا هو حامل خطايا العالم كله الذي سيعتق جنس البشر من العبودية هذا المشرق نوره لظلام الجحيم والذي يخرج آدم من الهلاك هذا الذى سيحل اللعنة بميلاده الجديد هذا الحال فى البطن الصغير لا تحده السموات الطفل في بطن أمه عرف بالروح القدس انه هو الابن الوحيد بشر به فى المكان المخفى لأنه سیکرز به بین الجموع أظهر أنه عرفه وقبل أن يخرج بشر العالم لكى لا يهرب أحد عندما يشهد بكرازته شهد للابن أنه سيد الخليقة كلها دهش متضاعف بالعجوز التي صار طفلها كارزا ،وبالعذراء البتول التي حبلت حبلا طاهرا دون أن تعرف رجلا وبغير زواج سلام مريم دخل الى أذن اليصابات وسمعه الجنين في البطن فعرف سيده وبدأ يتحرك ابن البتول ملأ يوحنا وهو في البطن من عطاياه أرسل له الروح القدس فملأه قوة وكرازة بسلام مريم امتد روح ابنها اليه وهو داخل البطن ذلك الذي أعطى الروح القدس لتلاميذه الاثنى عشر ورسله المكرمين ،والذى لا يستطيع أحد ما أن يأخذ شيئا الا به الروح القدس افتقد اليصابات وبدأت تلك العجوز تتكلم بالنبوة سمعت السلام فقبلت الروح ،وسجدت أمام العذراء وقالت بمحبة لها مباركة أنت في النساء أيتها المباركة،ومباركك هو الثمر الحال في بطنك المقدس مبارك هو حضن بتوليتك ومن أين لي أن تأتى الى المباركة الحاملة للعظيم الذى شاء أن يأتى صغيرا ،وهل لي أن أتكلم يا أم الملك فأمجد الحال فيك الذي أتى ليفتقد مسكنتي أيتها الطوباوية الذي فيك هو من يخافه السمائيون بطنك متلىء من ذلك اللهيب الذى به تضمحل سائر أشواك الأرض منك يخرج الأسد الذي عندما تنظره الذئاب تفر منه حملت الشعاع الذى يضيء المسكونة ،وبه يضمحل حزن العالم النور انحجب في داخل بتوليتك أيتها البتول من أين لي أن تأتى الى الرب هو ابنك قالت مريم حسنا تكلمت لأن ذلك الحبل مدهش جدا من أظهر لك هذا السر هل غبريال الملاك حين تكلم معى فقالت اليصابات أن غبريال لم يظهر لى السر بل الطفل الذي في هو ابن سر ذاك الذي تحملينه فمن حين نظرتك وقبلت سلامك تحرك فى الجنين بفرح من أجل سيده الآتي اليه
فقالت مريم تعظم نفسى الرب وتبتهج روحي بالله مخلصی لأنه نظر إلى اتضاع أمته فهوذا منذ الان جميع الأجيال تطويني قدس القديسين صار فى بيت الكاهن العظيم وفيه خدمت تلك العظيمة بالاتضاع كل الأفراح صارت هناك تبتهج العاقر بحركة طفلها المدهش ،وتفرح البتول بالحبل المقدس الذي فيها الكلمة فى مريم ،والصوت في اليصابات اختار البتول التي بلا زواج ليشرق منها جسدياً ،وأرسل الصوت بالزواج ليتقن الطريق ويهيىء السبيل قبل أن يأتي لأن الصوت يتقدم الكلمة عند السماع ويقرع به ليفتح الباب فتدخل الكلمة فاذا ما بلغت بشارة الكلمة الى باب الآذان تبقى داخله من داخل البطن أسرع يوحنا النور ولم يتقدم يوحنا صار صوتا لكلمة سيده عرف حده من أين وأين بكمل صنع بدء كرازته داخل البطن ،وكمل عند معمودية الأردن أخذ خبز العريس ببهجة عند أمه ،ومضى ليشرق في أذني العروس بشر للجموع فدخل العريس وخدم الأسرار اذ صار يوحنا صوتا كما تنبأ عنه اشعياء النبى ، لهذا تحرك قدام الكلمة بفرح عظيم انه رسول الكلمة وصوتها المبشر بها كاروز مرسل قدام الكلمة ، وحين سأله العبرانيين من أنت أجاب انه الصوت المرسل ليكرز بالكلمة فلم يدع نفسه ايليا أو نبياما نظر الى عمله ان الكلمة هو الذي أرسله كالصوت أنا صوت صارخ ،ويأتى بعدى أذ بعد الصوت تسرع الكلمة الى سماعها ،واذ أرعبته الكلمة في بطن أمه تحرك بالتبشير ،والكلمة والصوت صارا بهما دهشا عظيما فمبارك هو الابن الكلمة الذي كرز به ذلك الصوت عند ظهوره ولالهنا المجد الدائم الى الأبد . آمين
المتنيح القمص سمعان السريانى
عن كتاب روحانية قراءات شهر كيهك
المزيد
31 ديسمبر 2024
يا ملك السلام
يا ملك السلام أعطنا سلامك قرر ﻟﻨا سلامك واغفر ﻟﻨا خطايانا نشكرك یارب لأنك أعطیتنا ھذا العام المنصرم وأتیت بنا إلى نھایته، وھا نحن نستعد لاستقبال عامًا جدیدًا من یدك الحانیة عالمین أن عینك علینا من أول السنة إلى آخرھا تقود خطواتنا وتھیئ طریقنا لأنك إله خلاصنا نشكرك یارب یا محب البشر على عطایاك الكثیرة في كل صباح نشكرك یارب على كل حال ومن أجل كل حال
وفي كل حال نشكرك یارب لأنك سترتنا وأعنتنا وحفظتنا وعضدتنا وأتیت بنا إلى ھذه الساعة
رأیناك یارب صانع الخیرات في حیاتنا وعنایتك بنا واضحة في عطایاك من ھواء وماء وشمس وطبیعة وفلك ونھار ولیل وأشجار ونباتات تزین حیاتنا وتمنحنا الطعام والغذاء لنا ولكل الكائنات الحیة التي تعطینا طعامًا حسنًا في حینه أعطیتنا الصحة والقدرة والبركة في حیاتنا وأرضنا وبیوتنا وكنائسنا وبلادنا ونحن نراجع حیاتنا سقطنا في أخطاء وخطایا وسھوات وأفعال وأفكار لا ترضي صلاحك یا محب البشر بإرادتنا وبغیر إرادتنا صنعنا خطایانا الخفیة والظاھرة وكثیرًا یارب ما أھملنا حیاتنا الروحیة والنفسیة والجسدیة وكثیرًا یارب ما تعدینا وصایاك أو نسیناھا وكثیرًا یارب ما بردت محبتنا نحو بعض الناس أقرباء أو أصدقاء أو زملاء ونسمع صوتك وعتابك لنا " عِنْدِي عَلَیْكَ أَنَّكَ تَرَكْتَ مَحَبَّتَكَ الأُولَى "فَاذْكُرْ مِنْ أَیْنَ سَقَطْتَ وَتُبْ" (رؤ ۲: 4 ,5) ھا نحن نأتي عند قدمیك طالبین عفوك ورضاك راجین رحمتك وتحننك على كل ضعفاتنا واثقین أنك یاربي وأنت على عود الصلیب تسفك دمك الثمین من أجل خطایانا وضعفاتنا ودمك یطھر كل خطیة
یارب اسمع..
یارب أصغِ..
یارب استجب..
یا سیدنا الصالح..
لقد تعبنا في أیام كثیرة وصارت الضیقات تكاد تخنقنا ولكننا في رجاء وإیمان نرفع قلوبنا طالبین
یدك الحانیة كي ما تؤازرنا وتسندنا وتقیمنا ومرات یارب نتعب من بعض الناس وتصرفاتھم نحونا أو نحوك یارب ونصرخ إلیك إلى متى یارب تنسانا فلا تصرف وجھك عنا بل تحنن علینا ولا تعاملنا بحسب ضعفنا یا إلھنا الصالح ضابط الكل الصغیر والكبیر البعید والقریب اضبط أفكارنا وشھوات قلوبنا الردیئة، واضبط ھذا العالم المضطرب بأمواج العنف والحروب والصراعات التي تنزع كل سلام من القلوب ارحمنا یارب من قساوة القلوب والتي لا تمجد اسمك أیھا الخالق العظیم ارحم العالم من ھؤلاء البشر الذین تجبرت قلوبھم وكانوا سببًا في إیذاء الناس نساءً وأطفالاً ورجالاً في أي مكان لقد جئت یا سیدنا الصالح لتعطي الناس مسرة وفرح وسعادة في كل مكان، وجئت لتكون مصدر السلام والطمأنینة لكل محتاج،وجئت وحللت في أرضنا حبًا فینا في كل إنسان خلقته، وجئت لكي نشعر ونقترب إلى حبك العظیم وحضورك البھي في حیاتنا وإشراقة النور في قلوبنا ولكن خطایانا جلبت لنا الظلمة والقساوة حتى تھنا في ھذه الحیاة ولكننا نعود ونطلبك یا نور العالم لكي ما تنیرالقلوب والعیون وتعطي نورك لكل نفس ضائعة أو تائھة أو ناسیة وجودك أیھا الإله العظیم ننادیك یارب بدموع قلوبنا من أجل المجروحین والفاقدین الرجاء والذین أضاعوا حیاتھم بلا منفعة وابتعدوا عن خلاصك اذكر یارب سلام العالم وسلام كنیستك والخدمة في كل مكان اذكر یارب سلام بلادنا وأرضنا مصر وكل الشعب وكل المسؤولین الأمناء الذین یقودون حیاتنا نصلي إلیك من أجل المرضى والمتعبین والثقیلي الأحمال والذین في ضیقة أو شدة، ومن
أجل أولادك وبناتك الصغار والفتیان والشباب ومن أجل كل أسرة لكي تحفظھا في مخافتك وتدبر أمور حیاتھم وتبارك أعمالھم وحیاتھم نصلي إلیك من أجل الآباء المطارنة والآباء الأساقفة والآباء الكھنة والشمامسة والخدام والخادمات والمكرسین والمكرسات والرھبان والراھبات نصلي إلیك من أجل النفوس الضعیفة والغیر قادرة من أجل النفوس المشتاقة إلیك وإلى الحیاة معك والتمتع بخلاصك وفدائك یا ربي یسوع المسیح یا حبیب النفس ورفیق الحیاة اشمل العالم برحمتك حنن قلوب المتولین علینا واحفظنا في اسمك القدوس الذي ھو برج حصین لكل من یحتمي فیك اذكرنا يارب بشفاعة أمنا القديسة مريم فخر جنسنا والقديس مارمرقس الرسول شفيع أرضنا وكافة القديسين والأبرار والصديقين وبركة هذه الأيام المقدسة وحضورك وتجسدك ومن أجل خلاص كل البشر لك ﻛﻞ ﻣﺠد و كرامة وسجود إﻟﻰ الأبد آمين.
قداسة البابا تواضروس الثاني
المزيد
30 ديسمبر 2024
الحياة الهادفة
الجلوس مع النفس وتقرير المصير ..
فى نهاية عام ميلادي وبداية عام جديد وفى المناسبات الهامة فى حياتنا علينا أن نجلس مع أنفسنا ونتأمل فى ماضينا وهل نحن راضون عما صنعناه فيه، وهل لو عاد بنا الزمان للوراء فهل سنختار نفس النمط من الحياة أو هل كنا نعمل على تغيير أهداف حياتنا؟. علينا أن نتعلم من دروس النجاح أو التعثر فى الماضي ونأخذ دروس منه للحاضر ونبنى عليها للمستقبل الأفضل على المستوى الشخصي أو الاسرى او الكنسي او حتى على المستوى العام يجب ان لا نحيا على ذكريات الماضي أو ننشغل بالمعارك الجانبية او نهدر وقتنا فيما لا فائدة منه حتى نواصل الحياة بنفسية سوية وان نكون مسرعين الى الاستماع لنتعلم من خبرات الاخرين ونكون مبطئين فى التكلم او الغضب لنتجنب الكثير من الاخطاء { ليكن كل انسان مسرعا في الاستماع مبطئا في التكلم مبطئا في الغضب. لان غضب الانسان لا يصنع بر الله}( يع 19:1-20) ان اليوم هو الفرصة المتاحة أمامنا للتفكير والتغيير والاصلاح ويجب ان نشمر عن سواعدنا للبناء والتجديد الروحي والفكري والاجتماعي. يجب ان نقدم فى يومنا توبة عن أخطاء الماضي ونعرف ارادة الله لنا ونعملها { ولا تشاكلوا هذا الدهر بل تغيروا عن شكلكم بتجديد اذهانكم لتختبروا ما هي ارادة الله الصالحة المرضية الكاملة} (رو 12 : 2) علينا ان نحيا سعداء بعطايا ونعم الله المتنوعة التي بين أيدينا مادام امامنا المستقبل فيجب علينا ان نفكر فيه وكيف وماذا نريد ان نكون عليه {ايها الاخوة انا لست احسب نفسي اني قد ادركت ولكني افعل شيئا واحدا اذ انا انسى ما هو وراء وامتد الى ما هو قدام} (في 3 : 13). علينا ان نخطط ماذا نريد ان نكون بعد سنه وعشرة سنوات وعشرون سنه ان منحنا الرب العمر ونتابع بصدق وأمانة عملنا للوصول الى أهدافنا وننمو فى حياتنا. فهل يمكن لسائق مركبة ان يصل الى مدينة معينة فى زمن محدد ان لم يسلك فى طريق الوصول اليها بدقة ؟ ان حياتنا هكذا لا يمكن ان ننجح فيها ونصل الى ما لا نريد ان لم تكون حياة هادفة لتصبح ذات قيمة ومعنى ونصل فيها الى العيش السعيد والحياة الابدية لا يستهين أحد منا بقدراته وإمكانياته فنحن فى يد الله نستطيع ان نكون قوة وبركة فخمسة ارغفة صغيرة لدى فتى قدمها ليد الرب القدير أشبعت خمسة الاف رجل ماعدا النساء والأطفال ورجل غريب فى بلد بعيد قديما هو يونان النبي الهارب قاد المدينة كلها للخلاص { واختار الله جهال العالم ليخزي الحكماء واختار الله ضعفاء العالم ليخزي الاقوياء واختار الله ادنياء العالم والمزدرى وغير الموجود ليبطل الموجود (1كو 1 : 27-28) . لقد تعلل موسى النبي عندما كلمة الله ان يذهب الى مصر لاخراج الشعب من العبودية بانه ثقيل الفم واللسان ورفض المهمة وعاد الله يلح عليه ويقدم له البراهين حتى أقنعه وهل كان الله عاجز عن إخراج الشعب بغير موسى؟ كلا طبعا ! ولكن الله يريد ان يشركنا معه فى العمل. كما رفض إرميا النبي الدعوة محتجا بصغر سنه {فقلت اه يا سيد الرب اني لا اعرف ان اتكلم لاني ولد. فقال الرب لي لا تقل اني ولد لانك الى كل من ارسلك اليه تذهب وتتكلم بكل ما امرك به. لا تخف من وجوههم لاني انا معك لانقذك يقول الرب. ومد الرب يده ولمس فمي و قال الرب لي ها قد جعلت كلامي في فمك. انظر قد وكلتك هذا اليوم على الشعوب وعلى الممالك لتقلع وتهدم وتهلك وتنقض وتبني وتغرس}( ار5:1-10). واستخدم الله ارميا النبي بقوة لينادى فى الشعب بالرجوع الى الله بالدموع والكلمة والحكمة والمثل. وانت ايضا مدعو للاشتراك مع الله فى كل عمل صالح .
أهداف مرحليه فى حياتنا:-
الاهداف المرحليه فى حياتنا هي أهداف تؤدى وتخدم الاهداف الاساسية وتقود للوصول اليها . نحن نسعى الى النجاح فى الدراسة أو العمل. أو نسعى الى تطوير أنفسنا أو الى التقدم فى مجال عملنا، او حتى علاج المشكلات التي نواجهها وحلها والتغلب على الأزمات التي نتعرض اليها ، وقد نسعى الى تقوية علاقاتنا القائمة او ايجاد علاقات ومجالات جديده. او قد نسعى الى جمع المال أو الوصول الى وظيفة أو منصب معين. وقد يسعى البعض الى تكوين أسرة سعيدة أو مساعدة الابناء فى حياتهم ونجاحهم وقد يكون هدف البعض منا النمو فى المال الروحي أو العملي أو الإجتماعى او الوطني ونسعى لتأمين مستقبل أفضل لنا ولمن هم حولنا. ويجب ان تكون غاياتنا وأهدافنا المرحلية واقعية وقابلة للتحقيق ونعمل لإمتلاك الامكانيات والمهارات اللازمة للوصول اليها كما يجب ان تكون وسائلنا سليمة غير خاطئة حتى نصل الى اهدافنا ان نجاحنا فى تحقيق اهدافنا فى الحياة يتأتى من تحديدنا لهذه الاهداف، ولهذا يجب ان تكون اهدافنا واضحة ومحدده ومخططه ثم نخضعها للمتابعة والمراجعة والتقييم والتصحيح فليس من العيب التراجع عن قرار خاطئ او طريق لا نجد فيه أنفسنا بل العيب هو ان نعاند أنفسنا ونكون ما يريد البعض منا ان نكون. يجب ان نكون ايجابيين لا ندع الايام تقودنا كيفما يشاء القدر بل نصنع حياتنا بانفسنا على قدر طاقتنا. ونجاحنا يبدأ من الداخل ومن معرفة الانسان لإمكانياته وتطويرها يجب ان نعمل ما نراه فى الاتجاه السليم لتحقيق غاياتنا والسير حسب ارادة الله لنا بما يوافق طبيعتنا ويناسب ظروفنا. ويجب ان لا ننهزم امام الخطية والشر أو الفشل فى بعض محطات الطريق وان يكون لدينا الاصرار على بلوغ وتحقيق أهدافنا ونناضل من اجلها ولنسعى ان نكون ناجحين فى كل شئ {ايها الحبيب في كل شيء اروم ان تكون ناجحا وصحيحا كما ان نفسك ناجحة} (3يو 1 : 2).
الاهداف الاساسية المراد بلوغها:-
ان لكل منا رسالة فى الحياة يجب ان يؤديها { ظاهرين انكم رسالة المسيح مخدومة منا مكتوبة لا بحبر بل بروح الله الحي لا في الواح حجرية بل في الواح قلب لحمية}(2كو 3 : 3). كما انه يجب ان تفوح منا رائحة المسيح الذكية وسيرة المقدسة كسفراء للسماء { ولكن شكرا لله الذي يقودنا في موكب نصرته في المسيح كل حين ويظهر بنا رائحة معرفته في كل مكان. لاننا رائحة المسيح الذكية لله في الذين يخلصون وفي الذين يهلكون. لهؤلاء رائحة موت لموت ولاولئك رائحة حياة لحياة ومن هو كفوء لهذه الامور} (2كو 2 : 14- 16). ولكل واحد وواحدة منا مهام يجب ان يقوم بها ويتاجر بالوزنات المعطاة لنا من الله ويربح ليسمع الصوت الحلو { نعما ايها العبد الصالح والامين كنت امينا في القليل فاقيمك على الكثير ادخل الى فرح سيدك }(مت 25 : 21). يجب ان ناخد من نور السيد المسيح ونستنير وننير الطريق للغير ونكون ملحاً جيداً يعطى مذاقة روحية لغيرنا ويكون كلامنا واعمالنا شهادة حسنة على اننا اناس الله القديسين. فلنختبر أنفسنا وهل نحن نسير فى الطريق الصحيح للتوبة والحياة مع الله والنمو فى حياة الفضيلة والإيمان للوصول الى القداسة والاتحاد بالله {جربوا انفسكم هل انتم في الايمان امتحنوا انفسكم ام لستم تعرفون انفسكم ان يسوع المسيح هو فيكم ان لم تكونوا مرفوضين }(2كو 13 : 5). لنبنى أنفسنا على ايماننا الاقدس {واما انتم ايها الاحباء فابنوا انفسكم على ايمانكم الاقدس مصلين في الروح القدس} (يه 1 : 20) يجب ان نمتد وننمو فى محبة الله وتعميقها فى النفس ويقاس ذلك بمدى حرصنا على ارضاء الله وعدم خيانته بالانحياز الى الشيطان وحيله وأفعاله الشريرة. والحرص على الايجابية المسيحية في صلاة وصوم وخدمة ومحبة للاخرين وسعى الى خلاص النفس وصداقتها لله وارتباطها به وبإنجيله والعمل بوصاياه {الذي عنده وصاياي ويحفظها فهو الذي يحبني والذي يحبني يحبه ابي وانا احبه واظهر له ذاتي} (يو 14 : 21) فى سعينا نحو الاهداف الأساسية يجب ان نسعى الى حياة القداسة {اتبعوا السلام مع الجميع والقداسة التي بدونها لن يرى احد الرب }(عب 12 : 14) ونحرص ان يكون لنا نصيبا وميراثا مع القديسين فى ملكوت الله . فماذا ينتفع الانسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه {لانه ماذا ينتفع الانسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه او ماذا يعطي الانسان فداء عن نفسه (مت 16 : 26). وفى هذا نسعى الى معرفة الله والنمو فى محبته {وهذه هي الحياة الابدية ان يعرفوك انت الاله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي ارسلته} (يو 17 : 3) علينا الإهتمام بخلاصنا الابدي عالمين ان ملكوت الله ليس أكلا وشرب {لان ليس ملكوت الله اكلا وشربا بل هو بر وسلام وفرح في الروح القدس} (رو 14 : 17) ان ملكوت الله ليس عنا ببعيد بل ان إقتراب الله الينا بالتجسد الإلهي وحلول المسيح بالإيمان فى قلوبنا جعلنا سعداء { ملكوت الله داخلكم }(لو 17 : 21). فحياتنا فرصة عظيمة كل يوم لتنمية نفوسك وعلاقاتنا بالآخرين سواء فى محيط الأسرة الصغيرة أو العائلة او الكنيسة او العمل او المجتمع الذى تنتمى اليه ، نحبهم ونخدمهم ويكون لدينا فرصة للنمو فى محبة الله الى ان نصل الى الشركة والصداقة الدائمة معه أحبائي داخل كل منا فراغ كبير لا يملائه الا الله ، قد يكون من الاهداف المرحلية ان نحصل على السعادة والحياة الفاضلة الكريمة، وقد يخطأ البعض فى اهدافهم نحو إشباع هذا الفراغ بالماديات والمراكز او اللذات او اشباع غرور الذات بالمناصب والشهوات ويظل الجوع الانساني والحاجة الى الواحد الذى هو الله فى حاجة الى الاشباع لقد خلقت نفوسنا على شبه الله ومثاله ولن تجد راحتها ولا سعادتها الا فيه وعندما تستريح معه وتكتشف من جديد الغنى الروحي والجوهرة الكثيرة الثمن داخلها فهي على استعداد للجهاد والعمل الدؤوب وعدم التوقف لتحقيق ارادة الله بها وفيها { لاننا نحن عمله مخلوقين في المسيح يسوع لاعمال صالحة قد سبق الله فاعدها لكي نسلك فيها}(اف 2: 10)، أمين.
القمص أفرايم الأنبا بيشوى
المزيد
29 ديسمبر 2024
انجيل قداس الأحد الثالث من شهر كيهك
تتضمن ذو الكبرياء ومدح التواضع مرتبة على قول السيدة البتول بفصل اليوم:
"تعظم نفسى الرب لأنه نظر إلى اتضاع أمته صنع قوة بذراعه شتت المستكبرين بفكر قلوبهم انزل الاعزاء عن الكراسي ورفع المتضعين .( لو ١ : ٣٩-٥٦ )
اورد البشير بفعل الانجيل اليوم تسبحة البتول الطاهرة مرت مريم التي قالت في مطلعها " تعظم نفسى الرب وتبتهج روحى بالله مخلصي لأنه نظر إلى "بهذه التسبحة سبحت البتول الله عند ما علمت أنها ستكون اتضاع أمته أما لمخلص العالم.وهذه الأقول تصرح لنا على نوع ما بما شعرت به البتول من حاسيات الشكر الوافر الله تعالى على نعمته الجزيلة وبأن الله ينظر إلى اتضاع المتضعين ويرفعهم ويرذل كبرياء المستكبرين ويشتتهم فيجب علينا أولاً: ان نتشبه بها في تقديم الشكر لله كل حين على ما ينعم به علينا من النعم والخيرات الكثيرة والمتنوعة ثانياً: يجب علينا أن نتعلم منها الاتضاع لأنه فضيلة ضرورية للخلاص ولازمة كالأيمان وأى شئ الزم من هذه الفضيلة التي بدونها لا يمكن للأنسان ان يرضى الله وهذا ما أوجه التفاتكم إليه
يقوم التواضع أيها الأحباء بأحتقار الأنسان لنفسه واعتباره للقريب وقـــد أمر به السيد المسيح بقوله : " تعلموا منى لأني وضيع ومتواضع القلــــب وقال الرسول يعقوب: " أتضعوا قدام الرب فيرفعكم قال بطرس الرسول أيضاً: كونوا جميعاً خاضعين بعضكم لبعض وتسربلوا بالتواضع لأن الله يقـــاوم المستكبرين واما المتواضعون فيعطيهم نعمة فالله إذن يحب التواضع ولأجل هذا قد افتتح اعمال حياته الارضية بالتجسد ولهذا بعينه قد اختار البتول الطاهرة لتكون هيكلاً مقدساً يقدم فيه لأبيه الازلى أول أفعال السجود والتواضع العميق لان هذا الهيكل الإلهى مبنى على التواضع ومقدس به الله يحب التواضع وهاكم الامثلة على ذلك من الكتاب المقدس. إني أرى الرماد مقروناً بالمسموح ليكون دليلاً على التوبة وذلك لان تواضع القلب تصحبه الندامة وأرى عشاراً يطلب الرحمة والغفران بدون أن يرفع عينيه نحو السماء لان التواضع يستمد المغفرة التي يأملها الرجاء وأرى أمراة كنعانية تتبع المخلص وهو يظهر لها أنه يرذلها ويحتقرها فتعترف انها تستحق الاحتقار ولم تزل تستغيث بقدرته حتى أدركت مناها وأرى المجدلية تتبع المخلص لان التواضع كـــان وأرى الإله المتأنس أمام أقدام تلاميذه يقـــــدم يرشد المحبة المضطرمة في قلبها لهم في شخصية مثال التواضع بغسله أرجلهم. وقوله لهم: " فإن كنت وأنا السيد قــــد غسلت أرجلكم فأنتم يجب عليكم أن يغسل بعضكم أرجل بعض لاني أعطيتكم مثالا حتى كما صنعت بكم تصنعون أنتم أيضاً إن علمتم هذا فطوباكم إن عملتموه " يسوع تواضع واطاع حتى الموت موت الصليب من أجلك أيها الانسان إلا تخجل من أن تكون متكبرا ؟ إلا تعلم أن الكبرياء هي مصدر للجحود وكل شر كيف لا وهي التي اسقطت الملائكة من السماء ثم اسقطت جدينا الأولين من قمة المجد والهناء إلى هذا الهوان والشقاء وهي بذاتها التي يغتر بها الناس لتبعدهم عن الله والكبرياء على أنواع:
الأول: هو ما يدعوا الانسان لان يدعى بأن كل ما يحصل عليه من الخير إنما هو بقوته وفرط ذكائه أو بحسبه وجاهة من دون مؤازرة الله له وهذا النوع بعينه هو الذي أسقط رئيس الملائكة القوى لأنه قال " أصعد فوق مرتفعات السحاب وأصير مثل العلى"
الثاني: أعجاب المرء بنفسه لماله وحسبه أو لحسن عمله وعلمه.
الثالث: أعجاب المرء بقوته وجماله وشجاعته وغير ذلك من أنواع . الكبرياء وهي على كل أنواعها مضرة." فتمقته من الله والناس وشأنها أرتكاب الأثم أمام الفريقين"نعم لأن الكبرياء هي أول الخطا ومن رسخت فيه فاض ارجاساً ولو قلبنا صفحات تاريخ الاقدمين لوجدناها مليئة بأخبار الويلات وأنواع البلاء التي صبت على رأس بنى الانسان بسبب الكبرياء فكم من ملك جاهل أو متسلط قاس رغبة منه في حفظ مجده وسطوته وأمتداد ايام مملكته قد أسعر نار الحروب في جميع البلاد فشكل الأمهات ويتم الأولاد. وكم من عميد أمه أو عائلة بسبب الكبرياء فقد سلامته وسلامة أمته أو عائلته بل وفي هذه الأيام نرى الكبرياء سبباً لكل نزاع وخصام، فهذا يسعى فى ضرر غيره بدعوى أنه أهانه بعدم أداء الواجب له من الاحترام وهذا يغتاب غيره لاستقامته وآدابه مفتريا عليه الملثم ليخفضه فيستقل هو برفعة الشأن وغير هذا كثير مما يثبت أن الكبرياء مصدر لجميع الشرور وسبب الأثام بأسرها وإلا فقل لى من أين يتاتى العصيان والعناد ؟ وما هي علة البدع والأرتقات والمنازعات بشأن الاعتقاد ؟ أو هل صدر شئ من ذلك عن غير الاستقلال بالرأى وحب الذات وطلب التكبر على العباد ؟ أو هل يخلو مجمعكم من أنسان يروى معائب الناس ويتحدث دواما بالتنديد على أشخاصهم وأعمالهم وأقوالهم؟ فإذا قيل أمامه إن فلانا عالم قال انه أجهل الجاهلين وأن ذكر غيره بالتقوى قال أنه من المرائين وإن ذكر أخر بأنه كاتب منشئ بليغ قال أنه سارق أو مقتبس من أقوال غيره من المتقدمين وبالأجمال لو تذكر له شئ من مأثر الآخرين إلا واجاب بلو كان وعظيم ولكن وغيرها من عبارات الطعن والتنديد المشين ومما يوجب الاسف والحزن الشديد أن الناس من أدنى الخلق حتى الفلاسفة ذاتهم يفتخرون ويرغبون في من يطنب في مديح صفاتهم وأعجب من ذلك أن الذين يكتبون ضد التكبر والافتخار يحبون لانفسهم الفخر بأنهم أجادوا في ما كتبوا ويكتبون فماذا يستفيد المستكبرون والمتفاخرون إذا كانوا لا يحصلون على غير ما يوقعهم في الذل والهوان؟ ويسيرهم محتقرين عند الله والناس فيعاندهم دهرهم فيما يشتهون أخيرا يكونون مظهرا لنقمة الله وإليكم أثبات ذلك فيما يلي :-
أن الكبرياء تقوم بحب التفرد بالمجد والعظمة والله الذى هو مصدر كل مجد وخير لا يريد أن يأخذ مجده الغير لأنه إله غيور ) فهو ذلك يقاوم المستكبرين ويذلهم كما أذل فرعون بالضربات وغرقه في البحر الأحمر مع كل رجاله ومركباته وكما سمح بقتل اليفانا بيد يهوديت وكما ضرب أنطيوخــس الذي صرخ من شدة الامه قائلا: " حق على الانسان أن يخضع له وان لا يحمله الكبر وهو فان إن يجعل نفسه معادلا لله واريوس أيضا الذي أدى به كبريائه أن ينقض تعاليم الكنيسة والأباء فضربه وهو سائر بين مشايعيه ليدخل الكنيسة الكبرى بالقسطنطينية فلم يكد يدنو منها حتى شعر بثقل فمال إلى مكان منفردا لقضاء حاجة طبيعية فساد تبطاؤه ومضوا ليروه فوجدوا ملقى على وجهه ولا حراك به ملطخا بدمائه وأمعائه كانت ملقاة بين الأقذار فما أتعس نهاية المتكبرين الأشرار وما أسوأ حالهم لأن أيمانهم باطل بدليلى توبيخ السيد لهم بقوله: " كيف تقدرون أن تؤمنوا وانتم تقبلون مجدا بعضـــــــم مــــن بعض والمجد الذى من الاله الواحد لستم تطلبونه" فسبيلنا إذن أيها الاحباء ان نتواضع لنرتفع وننجو من كل المتاعب ولكن افتخارنا بالرب فنجوز هذه الحياة آمنين ونحظى بالنعيم الذي لا يزول بتعطف وتحنن فادينا الذي له المجد إلى الأبد أمين.
القديس يوحنا ذهبي الفم
عن كتاب العظات الذهبية
المزيد
28 ديسمبر 2024
ها أنا صانع معكم أمرا جديداُ
[ لاَ تذكُرُوا الأوَّلِيَّاتِ0 وَالقَدِيمَاتُ لاَ تَتَأمَّلُوا بِهَ هأنَذَا صَانِعٌ أمْراً جَدِيداً ]( أش 43 : 18 – 19 ) 0
مِنْ أجمل العطايا التَّى يُعطِينا إِيَّاها الله أنّهُ دائِماً مُتجّدِد معنا ، كُلّ يوم يُعطِينا بِداية جدِيدة ، يُعطِينا أسابيِع جدِيدة وَشهُور جدِيدة وَسنيِن جدِيدة عيد رأس السنة عيد كنسِى وَليس مُجرّد مُناسبة إِجتماعيَّة ،وَالنَّاس حوّلوه إِلَى مُناسبة إِجتماعيَّة يحتفِلُوا بِهِ بِطريقة عالميَّة ، بينما هُوَ مُناسبة مُباركة لأِنّهُ أتى بِنا لِهذِهِ الساعة ،وَسمح لِعُمرِنا أنْ يكُون لهُ إِضافة وَأنعم علينا بِأيَّامٍ جدِيدة ، لِذلِك هُوَ مُناسبة مُباركة نحتفِل بِهِ بِفِكرٍ رُوحانِى وَمشاعِر رُوحانيَّة وَنمثُل فِيهِ أمام الله فِى العهد القديم كان الله يُحِب المُناسبات وَالأعياد وَأعتبرها مُناسبات لِلإِلتقاء معهُ وَتكُون حضُور مُفرِح معهُ ، الله يُحِب العيد كمُناسبة لِلإِتحاد بِهِ وَالمثُول أمامهُ النَّاس عامةً مُعتادُون تبادُل الهدايا فِى الأعياد ، فما هى الهدايا التَّى نُقّدِمها لهُ فِى هذِهِ المُناسبة ؟ نُقّدِم لهُ قلوبنا وَأعمارنا وَحياتنا لأِنَّها كُلّها مِنْ يدِهِ وَمِنْ يدِهِ وَأعطيناه هذا جمال المُناسبة أنْ نحتفِل بِها فِى وجودنا مَعْ الله وَلِنبدأ بِداية جدِيدة ، بِالتأكيِد يوجد داخِل كُلّ واحِد فِينا أنيِن يُعّبِر عَنْ إِشتياق لِبِداية جدِيدة مَعْ الله وَحُزن على أُمور العام السابِق سيِّدنا مثلث الرحمات البابا شِنوده الثالِث لهُ مقولة فِى هذِهِ المُناسبة هى [ هل أُعزّيكُمْ عَنْ العام السابِق الّذى أغضبتُمْ فِيهِ الله أم أُهنّيئكُمْ بِعامٍ جدِيد ] فِى هذِهِ المُناسبة لدينا مشاعِر حُزن على ما فات وَأمل فِى الجدِيد ، نادِميِن على ما فعلناه وَمُشتاقيِن لِعامٍ جدِيدٍ معهُ ، وَمِنْ حنانه أنّهُ يُعطِينا صفحة جدِيدة بيضاء وَيُرِيد أنْ يرى ماذا سنفعل ؟
مُعلّمِنا بولس الرسُول يقُول [ لِي الحياة هى المسيِح وَالموتُ هُوَ رِبح ] ( فى 1 : 21 ) ، إِذن الحياة تُساوِى المسيِح ، أىّ الحياة هى المسيِح ، العُمر الّذى نحياه عطيَّة مِنْ الله ، لِذلِك لابُد أنْ يكُون بِالكمال مِلك لله ، يملُك الله على مشاعِرنا وَأفكارنا وَقلوبنا لِذلِك عيد رأس السنة مُناسبة لِتجدِيد العهد مَعْ الله وَالشعُور بِوجوده فِى حياتنا ، وَمُناسبة نفرح فِيها بِعمل الله معنا ، فَكَمْ سترنا وَكَمْ أعطانا عطايا كُلّها مُفرِحة لِذلِك هذِهِ المُناسبات عدو الخير يُرِيد فِيها أنْ يُضّيِعها مِنّا لأِنَّها مُناسبة تجدِيد عهد مَعْ الله ، لِذلِك يُلهِينا فِيها بِالعالميات لأِنّهُ يُرِيد أنْ يكُون الإِنسان فِى جهل عُمره كُلّه حتَّى لاَ يلتفِت لله وَيلتقِى معهُ ،لِذلِك نرى مظاهِر إِحتفال عالميَّة لِهذِهِ المُناسبة يُعلن عنها مِنْ قبلِها بِفتره ،حتَّى المُناسبات الرُّوحيَّة يُرِيد عدو الخير أنْ يُحّوِلها إِلَى شر !!!!!!
نحنُ نُوّدِع سنة وَنبدأ سنة جدِيدة مَعْ الله بِرحمتِهِ وَحقِهِ وَكُلُّنا رجاء فِى رحمتِهِ وَحُبِّهِ وَحنانه ، وَمِنْ أكثر الأشياء التَّى يُقاتِلنا بِها عدو الخير فِى هذِهِ المُناسبات رُوح اليأس ، فلو جلسنا مَعْ أنَفُسِنا نئِن على مافات ، وَيقُول لنا عدو الخير أنَّنا لاَ نصلُح لِلحياة مَعْ الله ، فنحنُ لَمْ نحيا معهُ فِيما فات لكِنْ نُرِيد أنْ نحيا معهُ الآن ، هذا ليس مِنْ الله لِذلِك يقُول أشعياء النبِى [ لاَ تذكُرُوا الأوَّلِيَّاتِ0وَالقدِيمَاتُ لاَ تتأمَّلُوا بِهَا هأنذا صَانِعٌ أمراً جَدِيدا ] ،هذِهِ الكلِمات قالها الله لِناس عاشت فِى شرٍ لاَ يُوصف وَعِبادِة أوثان ،وَهُو اليوم يقُول لنا هذِهِ الكلِمات أيضاً لاَ تتكلّم فِيما فات وَعَنْ خِداع عدو الخير فِى حياتك بل تكلّم معِى عَنْ عملِى فِى حياتك ، نحنُ لاَ نثِق فِى مهارِة الطبِيب لكِنّنا نشعُر بِتعبنا فقط ، وَهذا عمل عدو الخير ، إِلهنا قوِى قادِر أنْ يجذِب الإِنسان مِنْ أعماق الدنس وَمِنْ الظُلمة إِلَى النَّور ، إِحذر أنْ يُشعِرك عدو الخير بِأنّ خطيتك أقوى مِنك ، حتَّى وَإِنْ كانت قويَّة ،الله أقوى مِنها وَقادِر أنْ يرفعها عنك [ يا حامِل خطيَّة العالمِ ] لمّا تثقُل خطيَّة الإِنسان عليه وَرُوح اليأس يدخُلهُ ،ينظُر إِلَى القديس مُوسى الأسود وَالقديس أُوغسطينُوس فيشعُر أنّ الله أقوى مِنْ كُلّ قوَّات الظُلمة ، عدو الخير بِاليأس يُثّبِت فِينا الخطيَّة لكِنْ [ لأِنَّ اللهَ لَمْ يُعْطِنَا رُوحَ الفشَل بَلْ رُوحَ الْقُوَّةِ وَالمحبَّةِ وَالنُّصْحِ ] ( 2 تى 1 : 7 ) ، أنا ضعيِف لاَ أستطيِع لكِنْ أنا ما أنا بل نعمة الله العامِلة فىَّ الله يُرِيد أنْ يُعطِينا الوعد مِنْ فمهِ المُبارك أنْ لاَ ننظُر لِخطايانا بِيأس لأِنّ هذا اليأس هُوَ يأس مِنْ خلاص الله وَهذا تجدِيف وَكأنّنا نقُول لهُ أنت لاَ تستطيِع خلاصنا كانت القديسة بيلاجية التَّى كانت تُسّمى راقِصة أنطاكية الأولى ، كانت تحيا فِى وحل الخطيَّة ، لكِنْ الله أنار عليها وَعاشت التوبة بِطريقة قويَّة وَكانت راهِبة باقِى حياتها فِى نُسك وَخِشُوع وَصلاة وَتوبة لمَّا الإِنسان يُقّدِم مشاعِر توبة وَيعلم الله دواخِله ، لمَّا الإِنسان يكُون نادِم على خطيته وَيُعلِن عدم راحته لها الله يُقيِمه ، أجمل شيء يفرّح الله اليوم أنَّنا نُقّدِم لهُ إِشتياقات وَأنيِن وَنشعُر أنّهُ حاضِر فِى وسطنا وَهُوَ يُقّدِس إِشتياقاتنا وَيُبارِكها ، هُوَ يُعطِينا عطايا لاَ نستحِقها مُشكِلتنا أنَّنا نقيِس الله بِمُستوانا ، لمَّا نحُزِن إِنسان وَيظِل فترة مُقاطِعنا حتَّى نعتذِر لهُ ، هكذا نقيِس عِلاقتنا بِالله بِمقياس بشرِى ، لكِنّهُ قال لهُمْ إِغفر لأخُوك سبعيِن مرّة سبع مرَّات أىّ 490 مرَّة ، الله ليس بِقصدِه 490 مرَّة بِالضبط ، بل السبعة هُوَ عدد الكمال وَالعشرة هُوَ عدد اللانِهاية ، أىّ إِغفر كمال اللانِهاية لأخُوك فإِذا كان الله يُطالِبنا بِكمال اللانِهاية فِى غُفران البشر لِبعضهُمْ فما هى مغفِرة الله لنا ؟ الشيطان لاَ يحتمِل هذا الكلام لأِنّهُ يُريد أنْ يُثّبِت فِينا أنَّنا مرفُوضُون مِنْ الله ، نحنُ بِالفِعل نافقنا وَأخطأنا لكِنّنا مقبُولُون مِنهُ وَبِهِ الله لاَ يجلدنا لكِنّهُ يبدأ معنا بِداية جدِيدة فَلاَ نستقبِل هذا اليوم بِروح الفشل بل نستقبِلهُ بِصلاح الله وَإِشتياق لِرِضاه وَلِحضوره فِى حياتنا وَنشتاق أنْ نحيا معهُ أيَّام وَأيَّام لِذلِك يُعطِينا رؤوس سنيِن لِهذا لمَّا نحضر اليوم بِمشاعِر توبة يكُون يوم مُفرِح ، وَلِنشعُر بِمراحِم الله المُتدّفِقه القادِره أنْ تُغّطِى كُلّ خطيَّة إِذا كان القديس أُوغسطينُوس وَالقديس مُوسى الأسود وَمريم المصريَّة وَبِيلاجية وَأخطى خُطاة العالم قبلهُمْ الله وَحوّلهُمْ إِلَى قديسين ، إِذن هُوَ قادِر أنْ يقبلنِى ،المُهِم أنْ أُقّدِم لهُ مشاعِر صادِقة وَهُوَ يُكّمِل ربِنا يسنِد كُلّ ضعف فِينا بِنعمِته وَلإِلهنا المجد دائِماً أبدياً آمين.
القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا انطونيوس محرم بك الاسكندرية
المزيد
27 ديسمبر 2024
مائة درس وعظة (٦١)
تأثير كلمة الله
ونحن قد آمنا وعرفنا أنك أنت المسيح ابن الله الحي» (يو ٦٩:٦)
ما أشهى أن يساير الإنسان شخصيات الكتاب ويتعلم منها "المساير الحكماء يصير حكيماً، ورفيق الجهال يضر "(أم ۲۰:۱۳ ) .
أولاً: شخصيات غيرتهم كلمة الله
بعض الأمثلة لشخصيات كانوا جهالاً وصاروا حكماء: ١- بولس الرسول في زمنه الأول كان شخصاً جاهلاً، رغم أنه تعلم على يد غمالائيل وهو من أرقى المعلمين في هذا الزمن. وعندما شاءت نعمة الله أن تنفتح عليه ويظهر له السيد المسيح في طريق دمشق تكون النتيجة أن تنفتح بصيرته ونسميه رسول الأمم، أى رسول كل كنائس العالم على اختلاف طوائفها، فقد صار حكيماً وفيلسوفاً بكلمة الله.
٢- بطرس الرسول: عندما ألقى الشباك على كلمة المسيح اكتشف ضعفه وخطيته وقال: «اخرج من سفينتى يارب، لأني رجل خاطئ» (لو٨:٥) . وأصبح بطرس الرسول الكارز الممتلئ حكمة.
٣-زكا العشار: أراد زكا أن يرى المسيح، مجرد نظرة، ولكن المسيح قابله عند الشجرة. والشجرة هنا رمز للصليب، فزكا عندما استجاب للصوت بدأ يتحرك بداخله اتجاه آخر: فوقف زكا وقال للرب"ها أنا أعطى نصف أموالى للمساكين،وإن كنت قد وشيت بأحد أرد أربعة أضعاف" (لو ۸:۱۹) فصار حكيماً .
٤-المرأة السامرية : تدرجت معرفتها بشخص السيد المسيح حتى تغيرت بأكملها،وتحولت من الجهل بعد مقابلتها للمسيح إلى إنسانة تؤمن بالمسيح، ومبشرة لأهل مدينتها وصارت قديسة وحكيمة.
٥- موسى النبى : بالرغم من أنه قال عنه الكتاب "فتهذب موسى بكل حكمة المصريين وكان مقتدراً في الأقوال والأعمال " (أع٧ : ۲۲)، إلا أنه كان عندما يتكلم مع فرعون يعود إلى الله، ليأخذ منه الحكمة السماوية التي يتعامل بها مع فرعون. ٦- إيليا النبي: امتلأ حكمة، ونجده يقول للشعب: حتى متى تعرجون بين الفرقتين؟
إن كان الرب هو الله فاتبعوه، وإن كان البعل فاتبعوه» (۱ مل ۲۱:۱۸).
ثانياً: علاقتك بالكتاب المقدس
كلمة اله قادرة أن تغيرك إذا اعتبرت أن كتابك المقدس
١- صديق: اجعل من مفردات يومك صداقتك مع الكتاب المقدس، وهي صداقة فرح، وصداقة الفرح هي بالتأكيد تلذذ نفسك.
٢- واسطة : كل مرة تفتح فيها كتابك المقدس أنت تستدعى ينابيع النعمة، وكل مرة تدخل الكنيسة وترى المنجلية، تتذكر كلمة الله وتنال النعمة، ولكن هذه النعمة
تحتاج نظاماً والتزاماً يومياً. ٣- مرشد: مرشد في الخدمة في العمل في التربية، في علاقاتك الإنسانية والاجتماعية والأسرية، لذلك من الأمور الجيدة أن نربي أبناءنا بالنعمة وليس بالأوامر. والكتاب المقدس تجد فيه إجابات لأسئلة كثيرة عندما تدخل في حوار أسرى وبركة كبيرة جداً أن يكون إرشادك لابنك في التربية بآيات من الإنجيل، لتكن أنت وبيتك وأسرتك أحياء بكلمة الله في كل حياتكم اليومية.
٤- غذاء: ضع أمامك فكرة إن كل يوم يوجد طعام للجسد وطعام للروح، فمن إنجيلك تأخذ فائدتك الشخصية وأيضاً
للأسرة كلها وعندما تتعامل مع إنجيلك احفظ منه واعمل مثل وصية المزمور الأول: "وفى ناموسه يلهج نهاراً وليلاً" (مز ۲:۱).
ه - حكمة: الكتاب المقدس يعرف الجاهل بأنه هو الذي يجهل كلمة الله، والحكيم هو الذي يمتلئ حكمة من كلمة الله، فاجعل الكتاب المقدس مصدراً للحكمة في كل تصرفات حياتك.
٦- متعة الكتاب المقدس مصدر متعة "تلذذ بالرب فيعطيك سؤل قلبك" (مز ٤:٣٧ ) .
قداسة البابا تواضروس الثاني
المزيد
26 ديسمبر 2024
بدعة بلاجيوس
البيلاجية - نسطوريوس والمجمع المسكوني الثالث
البيلاجية هى هرطقة تنادى بأن الإنسان يصل إلى الخلاص بمجهوداته الخاصة بعيداً عن نعمة الله أو أحياناً مع نعمة الله. والاسم نسبة إلى بيلاجيوس اللاهوتى الرومانى الذى علّم فى القرن الرابع والخامس. وقد كانت تعاليمه نسكية، ونادى بأن الإنسان له حرية الاختيار وأكد أتباعه على إنكار تأثير الخطية الأصلية على الإنسان. (The Oxford Dictionary for World Religions)
بدعة بيلاجيوس: نوقشت فى المجمع المسكونى الثالث، مجمع أفسس الأول 431 م
كان راهب قس من بريطانيا وكان ينادى بان " خطية آدم قاصرة عليه دون بقية الجنس البشرى وأن كل إنسان منذ ولادته يكون كآدم قبل سقوطه ثم قال أن الإنسان بقوته الطبيعية يستطيع الوصول إلى اسمى درجات القداسة بدون انتظار إلى مساعد النعمة وبديهى أن التعاليم الفاسدة تهدم سر الفداء المجيد ويضعف من دم السيد المسيح.
(مز 51: 5) " بإنسان واحد دخلت الخطية إلى العالم وبالخطية الموت "
(رو 2: 12) " كما فى آدم يموت الجميع هكذا فى المسيح يحيا الجميع "
وبدأ ينشر بدعته بين البلاد حتى حكم عليه مجمع أفسس الأول بحرمه وبدعته وقد جذب بيلاجيوس رجلاً أيرلندياً من الوجهاء (الأغنياء) أسمه كلستينوس وذهب معه إلى أفريقيا ثم تركه فى قرطجنة وتوجه إلى مصر وفلسطين.. وهناك إنضم إلى حزب اوريجانوس ونال إعتبار وشهرة وحدث أن شماس كنيسة ميلانو قدم ضد كلستينوس شكوى إلى الأساقفة الأفريقيين إذ كان فى أفريقيا سبع قضايا، فإجتمع منهم مجمع فى قرطجنة سنة 412 وحرمه، فذهب إلى أفسس وهناك رسم بالغش قساً أما بيلاجيوس فقاومه إيرونيموس الشهير وأورسيوس وإشتكياه إلى اساقفة فلسطين فعقدوا مجمعين أحدهما فى (لد) والثانى فى أورشليم وكان قرار مجمع قرطجنة قد وصل إليهما فقدم إلى كل منهما صورة إعتراف مستقيم ووقع على قرار الحكم ضد زميله فقام أورسيوس تلميذ أوغسطينوس بإبلاغ هذا الحكم لمعلمه وأرسله له لمقاومة صاحب هذه البدعة وإلى أساقفة أفريقيا، فعقدوا مجمعين وأصدروا منهما حكماً ضد بيلاجيوس ورفيقه وأعلنوا هذا الحكم للكنائس الرئيسية ومنها كنيسة أورشليم ورومية وكان يوحنا أسقف أورشليم قد قبل بيلاجيوس فى شركته وأيده أيضاً الذى خلفه برايليوس، أما اسقف روما إينوشنسيوس فقد ايد قرار مجمع أفريقيا ضد بيلاجيوس وكلستينوس، ولكن اسقف روما توفى بعد فترة وخلفه زوسيموس فذهب بيلاجيوس وكلستينوس إلى روما ومعهما توصية أسقف أورشليم وإحتجا إلى البابا وتظلما فإنخدع من ظاهر عباراتهما وقبلهما وكتب رسالة مجمعية يعنف بها مجمع أفريقيا فإنعقد سنة 417 وأقام الحجة ضد البابا وثبت قرارات مجمع 412 م وأظهر للبابا إنخداعه، فلما عرف البابا غلطته وعد أن يفحص المسألة من جديد وبمشورة أوغسطينوس أسقف هبو الشهير عقد مجمع كبير فى السنة التالية مؤلف من 214 أسقفاً فأرسل البابا ثلاثة نواب إلى المجمع وكان منهم قساً قبل ذلك قساً أفريقياً من أبرشية سبيكى وهوإيباريوس قطعه (حرمه) أوريانوس أسقفه لذنوب فظيعة إرتكبها فإستجار القس المحروم بزوسيموس فقبله فى شركته وهو محروم وأرسله مع النواب ليرغموا المجمع على قبوله ويردوه إلى كنيسته، وأرسل بيد النواب لائحة تشمل قرارات بها هذا الطلب فى البند الرابع منها، وكان
الفصل الأول وجوب إستئناف الأحكام ضد الأساقفة إلى البابا حسب أمر مجمع نيقية المسكونى.
الفصل الثانى عدم سفر ألأساقفة إلى باب الحكام إلا بعد ألإتفاق،
الفصل الثالث يجب فحص قضايا القسوس والشمامسة عند الأساقفة المجاورين إذ قطعهم (حرمهم) أساقفتهم عن حمق،
الفصل الرابع يجب قطع الأسقف أوريانوس من الشركة أو إستدعائه إلى روما إذ لم يصلح ما افسده.
فلما إنعقد المجمع أمر أبريليوس رئيسه وأسقف قرطجنة أن تقرأ أعمال مجمع نيقيا، فطلب إليه أولئك النواب لأن يأمر بتلاوة لائحة باباهم فتليت، ولما قرأ الفصل الأول.. قال الساقفة إن نسخ أعمال مجمع نيقية عندنا وليس فيها شئ من إدعاء زوسيموس، ولكى يزيلوا الشك باليقين قرروا إحضار صور أعمال ذلك المجمع من كنائس الشرق الرئيسية فكتبوا إلى كنائس العاصمة (القسطنطينية) والإسكندرية، وانطاكية يطلبون تلك الصور، ثم قرروا تأييد الحكم ضد بيلاجيوس وكلستينوس، وأما بخصوص القس المحروم الذى قبله البابا فنظراً لقانون مجمعهم ألأول المعدل بقانون 134 الذى مضمونه: إن كل إكليريكى يجدد دعواه عبر البحر أى إلى روما لا يقبل فى أفريقيا البتة وأعتبروا أن البابا تداخل بأمره بطريق المحبة، فقبلوا القس المومأ إليه بعد ندامته وتوبته وقبول خدمته فى كنيسة غير كنيسته الأولى وقبل أن تصل صور نسخ أعمال مجمع نيقية توفى اسقف روما زوسيموس وخلفه بونيفاتيوس اسقفاً على روما، وبعد قليل وصلت صورتان أحدهما من البابا السكندرى كيرلس، والثانية من أتيكوس أسقف القسطنطينية، فقراهما المجمع ولم يجد لدعوى زوسيموس الأسقف المتوفى أثراُ وإعتبروه مزوراً ومتلاعباً ثم حدث أن القس إيباريوس الذى كان محروما ونقله المجمع من كنيسته إلى اخرى عاد إلى حالته القديمة فحرمه المجمع، وكان بونيفاتيوس اسقفاً على روما قد توفى وخلفه كلستينوس فإستغاث القس المحروم به فقبله البابا وأرسله بصحبة اسق ليجبر المجمع على قبوله، فأبى المجمع الأفريقى قبوله وصمم على قطعه من الشركة وحرمه، وتمسك المجمع بحقوقه للنهاية، وقد أعتبر المجمع عروض البابا سلباً لحقوقه وحرر له رسالة طويلة شرح له كل ما حدث وتشبث سلفه زوسيموس وقبول المجمع للقس ولكن القس عاد لأخطائه مرة أخرى.
أوغسيطنوس وبيلاجى الهرطوقى
أنكر بيلاجيوس البريطاني وجود علاقة مباشرة بين خطيئة آدم أي عصيان ادم على الله ووقوعه فغي الخطيئة وسائر أفراد الجنس البشري وعلّم أن الإنسان ينال رضى الله بواسطة جهوده الخاصة. ومع أنه لم يبتعد نظرياً عن تعاليم الكنيسة المتعلقة بالمسيح يسوع إلا أنه كان يعمل بصورة قوية على هدم صرح المسيحية مظهراً بأن الإنسان لم يكن بحالة روحية سيئة إلى درجة تستوجب موت المخلص على الصليب. لم يذكر بيلاجيوس ذلك بصورة علنية ولكن تعاليمه كان لا بد لها من أن تؤدي إلى التقليل من أهمية موت المسيح وعمل الروح القدس في قلب الإنسان، ووجوب الولادة الثانية لكي يقدر الإنسان أن ينال سائر فوائد الفداء الذي كسبه لنا المسيح على الصليب كان جواب أوغسطين على تعاليم بيلاجيوس أن الإنسان يرث خطيئة آدم في حياته وان كل إنسان أخطأ في آدم. وهكذا فالإنسان في حالته الحاضرة غير قادر أن يقوم بجميع متطلبات الشريعة الإلهية وهو يبقى إذاً تحت غضب الإله. ليس هناك من واسطة للخلاص إلا بالمسيح يسوع وبما قام به على الصليب مكفراً عن خطايا المؤمنين. ولكن الإنسان لا يود من تلقاء نفسه أن يؤمن، أنه أسير لإرادته المستعبدة للخطية والشر. فالإنسان هو إذاً بحاجة مطلقة إلى معونة الله، إلى معونة فوق طبيعية، وهذا ما نسميه بالنعمة، أي تلك الهبة المجانية التي يعطيها الله للناس ممكنا إياهم من القيام بما يطلبه منهم في الإنجيل. فبدون هذه النعمة الخلاصية لا يقدر أي إنسان أن يستفيد من الخلاص المقدم مجاناً في الإنجيل. وقد أثّرت تعاليم أوغسطين هذه عن الإنسان في تاريخ الكنيسة في العصور المتتالية.
البابا شنودة الثالث يشرح بدعة بلاجيوس
بدعة بيلاجيوس
كلمتكم من قبل عن البدع التى قامت فى العصور الأولى للمسيحية وأريد أن أكلمكم عن البدعة البيلاجية، بيلاجية نسبة إلى بيلاجيوس، وهى يعنى لها موضوعات حساسة فى أيامنا برضه حالياً بينما كان علماء اللاهوت فى القرن الرابع يبحثون فى اللاهوتيات وفى الثالوث القدوس، ولاهوت الابن وتطوروا إلى الكلام عن طبيعة الابن، كلها موضوعات لاهوتية، قامت هذه البدعة للدخول فى موضوع آخر تماماً، طبيعة الإنسان والنفس البشرية وخطية الإنسان ونتائج هذه الخطية وحرية الإرادة والنعمة والعلاقة بين الإرادة والنعمة، كل دى دخلت فيها موضوع غير حكاية الثالوث ولاهوت الابن ولاهوت الروح القدس.. الخ.
بيلاجيوس هذا كان أصله راهب بريطانى من بريطانيا، وكان تقياً ناسكاً، ومشهور بالقداسة والتقوى وبدعوة الناس إلى الروحانيات، حاجة عجيبة صحيح، يعنى كتير نلاقى رهبان ونساك يخشوا فى اللاهوتيات يطبوا ويبقوا مبتدعين زى بيلاجيوس هذا وأوطاخى، ما هو كان راهب وناسك ورئيس رهبنة فى القسطنطينية وانتهى إلى البدعة، وأيضاً فيما بعد هنسمع عن جون كاسيان، إنه اتهموه إنه نصف بيلاجى، وكان راهب وناسك وحياته فى الأديرة وكان معاه واحد تانى اسمه فوستوس، وكان زعيم رهبانى، يا ريت الرهبان يخشوا فى الروحيات ويسكتوا، ويبعدوا عن الأمور اللاهوتية اللى بتتعبهم، إلا من كان فيهم قديراً على التحدث فى اللاهوتيات بيلاجيوس كان راهب بريطانى محب للتقوى ويدعو الناس للحياة المقدسة، فكان يتعبه كثيراً إن البعض يقول أنا مش قادر، أنا ضعيف، أنا مجرد بشر، أنا لا أستطيع، الخطية شديدة والتقوى صعبة، فلذلك هو تضايق من الناس اللى بيتكلموا عن ضعف الطبيعة البشرية، وبدأ يتكلم عن قوة الطبيعة البشرية وقدرتها لدرجة إنه تطرف، قال الطبيعة البشرية قوية وقادرة على إن الإنسان يحيا حياته كلها بدون خطية!، وإن فى العهد القديم قبل ما ييجى المسيح كان فيه قديسين بلا خطية، وقال ونحن لسنا فى حاجة إلى معونة إلهية من الخارج لتقويتنا حتى نعيش بلا خطية، وهكذا أنكر مفعول النعمة. وقال إن النعمة الحقيقية التى ممكن تعطى للإنسان إن ربنا خلقنا بهذه الطبيعة، يعنى النعمة الأصلية إن ربنا خلقنا على هذه الطبيعة التى يمكن أنها لا تخطئ ونعمة تانية اللى هى مغفرة الخطايا ولذلك اصطدم باثنين من القديسين وقفوا ضده، وهما القديس أغسطينوس الذى كان أسقفاً لمدينة هيبو فى إيبارشية قرطاجنة، يعنى إن قلنا إن مصر كانت هى أكبر الكانائس الأفريقية فى شمال أفريقيا من ناحية الشرق نقول من ناحية الغرب كانت قرطاجنة، والقديس جيروم أيضاً، القديس جيروم كان عنده رهبانات فى أورشليم، الراجل ده كان بيلاجيوس هرب إلى فلسطين، ففى شمال أفريقيا لقى أغسطينوس ولما راح فلسطين لقى جيروم وهما الاتين كانا فى خط واحد، فى كلام بيلاجيوس عن قوة الطبيعة البشرية وحرية الإرادة الضخمة التى تستطيع أن تختار الخير من غير النعمة أنكر الخطية الأصلية التى ولد الإنسان، وإزاى هيتولد إنسان بالخطية؟ ما يبقى ضعيف، فأنكر الخطية الأصلية وقال إن خطية آدم أضرت آدم وحده ولم تضر أحداً من نسله أو من أولاده، دى نقطة تانية، وما دام أنكر الخطية الأصلية، يبقى أنكر فائدة المعمودية، شوفوا الخطية دية سلسلة، خطية تقود لخطية.. الخ لغاية لما يقع الإنسان فى مجموعة من البدع، ولما أنكر المعمودية أنكر أيضاً حاجة الأطفال للمعمودية بالتالى، وبعدين قال إن الأطفال حتى غير المعمدين هيروحوا الملكوت، يبقى ما تفتكرش إن مسألة كلامه عن حرية الإرادة وقوة الطبيعة البشرية وقفت عند هذا الحد، دى دخلت فى سلاسل، وبعدين قال هو المشكلة إن الإنسان ربنا خلقه بطبيعة قوية وبإمكانيات لكن هو ساعات ما يستخدمهاش وقال إن أحنا لو أنكرنا هذا الأمر، يبقى هنتهم ربنا بجهل مزدوج، أنا آسف أقول التعبير ده، ده تعبير بيلاجيوس، قال يبقى اتهمنا ربنا بجهله بطبيعة ما قد خلق، وإيه تانى؟ وجهله بالوصية اللى هو اداها للناس هى أدهم ولا لأ، ده على رأى الشاعر اللى قال على الإنسان اللى مش قادر ومصير، قال: ألقاه فى يم يعنى بحر، مكتوفاً وقال له إياك إياك أن تبتل بالماء، ده ربنا يعنى، ولا مؤاخذه، مش هقعد كل كلمة أقول أعوذ بالله، أعوذ بالله، ولا استغفر الله ده مش أسلوبنا، فبيلاجيوس قال الطبيعة البشرية طاهرة وتقدر تمر صح فى كل حاجة، وتستطيع أن تصل إلى الكمال أيضاً وبدون النعمة، قال كون إن المسيح يقول كونوا كاملين كما أن أباكم الذى فى السموات هو كامل ما دام أمرنا بالكمال يبقى ممكن، إذاً طبيعتنا البشرية ممكن تصل إلى الكمال، إحنا ما بنقولش لأ، لكن تصل للكمال بالنعمة، لكن هو ما بيجبش سيرة النعمة، وكون إن يكون حتى فى العهد القديم، ربنا قال لإبراهيم أب الآباء فى دعوته له فى تكوين 12، سر أمامى وكن كاملاً، مش ممكن يقوله كن كاملاً، إلا لو كان الكمال سهل وممكن، إحنا ما بنقولش مش ممكن يعنى عن طريق النعمة، ولذلك لما قرأ عليه جزء من اعترافات أغسطينوس التى قال فيها للرب، أعطى ما تأمر به، يعنى إدى النعمة اللى تخللى الواحد ينفذ ما تأمر به، أعطى ما تأمر به وأمر بما تشاء، يعنى أمر زى ما أنت عايز، بس على شرط إنك تعطى ما تأمر به، فقال سواء الإنسان أراد أو لم يرد عنده القدرة إنه يعمل الخير وبدون النعمة وأنه يحيا بدون خطية ويصل إلى الكمال، من أجل هذا وجدنا إن القديس أغسطينوس أخذ جهداً كبيراً فى الرد على البيلاجييين، لدرجة فى مجموعة أباء نيقية وما بعد نيقية نلاقى فيه مجلد كبير للقديس أغسطينوس اسمه ضد البيلاجية من ضمن هذه الكتب اللى فى المجلد كتاب عن مغفرة الخطايا ومعمودية الأطفال والروح والحرف وطبيعة النعمة، ونعمة المسيح والخطية الأصلية وأصل النفس، وأيضاً أربع كتب ضد رسائل بيلاجيوس والنعمة وحرية الإرداة كل هذه المؤلفات من سنة 412 لسنة 426 يعنى حوالى 14 سنة كتب عن بيلاجيوس، اللى فيكم يحب يقرأ عن النعمة يقرأ كلام أغسطينوس أتكلم كلام كتير قوى، طبعاً أغسطينوس اتكلم عن أهيمة النعمة بشدة عشان يرد على البيلاجيين، لكن يطلع بعد كده الطوائف تقول النعمة كل حاجة ومفيش أعمال ولا إرادة يبقى تطرف من ناحية أخرى، مش يستغلوا الكلام اللى قاله أغسطينوس ضد البيلاجية ياخدوه بصفة عامة، لأ، أغسطينوس قال يعنى على الرغم من كلام البيلاجيين، لم يوجد إنسان واحد وصل إلى كمال البر، فلابد من حاجة إلى معونة، البيلاجيين يقولوا لو اتكلمنا عن النعمة يبقى الكلام عن معونة خارجية وليس عن معونة داخلية، داخلية الإنسان قادر، لكن من بره يجيب نعمة ما لهاش دعوة بطبيعة الإنسان وأنكروا الخطية الأصلية وقالوا ليس شئ ولدوا معنا، إحنا ولدنا ونحن قادرون.
نيجى بقى لتاريخ هذه البدعة، كما ترون راجعة إلى أوائل القرن الخامس سنة 410 – 411 لغاية 426، إن بيلاجيوس وهو راهب بريطانى وكان عايش فى رومية وكان عايش هادى وأفكاره بيقولها بالوعظ ثم كتب كتاباً عن تفسير رسالة بولس ظهرت فيه أفكار، لكن مع ذلك الذى نشر أفكاره صديق له اسمه كلوستيوس وكان رجل محامى، بدأ ينشر تعاليمه، فالمسألة بدأت تنتشر وسط العامة، من معلم وسط تلاميذه كبلاجيوس إلى كلامه وسط الناس وصل الحديث أيضاً إلى أغسطينوس الحكاية كبرت بقت مسألة عامة، فأخيراً هرب الصديقان إلى شمال أفريقيا، وبعد شوية بيلاجيوس ذهب إلى فلسطين وترك كلوستيوس فى شمال أفريقيا، وكلوستيوس كان عايز يبقى قسيس، لكن ما كنش متأسس كويس، إزاى؟ طلع له واحد شماس اسمه باولينوس اتهمه بالهرطقة واتكلم عن 7 نقط ضده فى الهرطقة، فكات النتيجة إن اجتمع مجمع فى قرطاجنة سنة 412 لمحاكمة كلوستيوس، اللى هو تلميذ وصديق بيلاجيوس، المجمع ده كان برئاسة القديس أوريليوس، وده اسم مشهور لأنه كان رئيس الإيبارشية اللى فيها أغسطينوس ماسك مدينة صغيرة فيها اسمها هيبو، كان أسقف قرطاجنة، فالمجمع ده أوقف كلوستيوس، لم ينكر شيئاً من الاتهامات التى وجهت إليه، بس قال عن بعضها دى أمور موضع دراسة بين الناس ولا تصل إلى حدود الإيمان المعترف به، والكلام ده ما دخلش فى أذهان المجمع فحكموا عليه بحرمانه، هو أول ما لاقى أول ما لاقى حكم بالحرمان رجع لبلده واستطاع أن يقنعهم إنه يبقى قسيس، فرسموه قساً فى أفسس، دى تورينا مشكلة فى تاريخ الكنيسة، إن أحياناً إنسان ما ينفعش فى إبروشيته فيروح إبروشية تانية تحالله أو ترسمه، زى أوريجانوس، ما نفعش فى الإسكندرية فراح لقيصرية الجديدة فرسموه قساً هناك يعنى الحكاية بتمشى بنوع مش تمام، إحنا مش هانعاتب بتوع أفسس دلوقتى، خلينا فى حكاية الهرطقة بتاع كلوستوس، فبيلاجيوس كان فى فلسطين وهو موجود هناك وعايش بعيد هناك فى صيف 415 جه قسيس أسبانى اسمه باولوس بيحمل رسائل من أوغسطين إلى جيروم، جيروم كان موجود فى فلسطين، طبعاً الجوابات ده أمور لاهوتية، فالقسيس الأسبانى لما وصل إلى فلسطين سألوه فحكى لهم مسألة حرم كلوستيوس فى مجمع فى قرطاجنة، وإنه واخد التعليم من بيلاجيوس، واتقلبت الدنيا، فجابوا بيلاجيوس يحاكموا، عملوا مجمع برئاسة يوحنا الأورشليمى، واستعدى بيلاجيوس عشان يقدم إيمانه وكان الرجل الأسبانى عايز واحد يترجم له، المهم إن هذا المجمع ما استطعش ياخد لا حق ولا باطل من بيلاجيوس، وبيلاجيوس أنكر ما قيل فيه، اجتمع مجمع تانى فى مدينة اللدة، واستدعة بيلاجيوس، فأنكر أيضاً الاتهامات اللى وصلت ضده، وعلى رأى أغسطين قال المجمع حكم ضد الهرطقة مش ضد الهرطوقى، يعنى الهرطقة معترفين إن الكلام ده هرطقة، لكن ماقدروش يمسكوا بيلاجيوس وبيلاجيوس أدان الأفكار التى كان يقول بها وانتهى الأمر إلى أنهم تركوه بدون حكم، الحكاية دى غلط، هذا الخبر وصل إلى شمال أفريقيا، اللى هم حكموا قبل كده على كلوستيوس، فاجتمع مجمعان، مجمع حضره 69 أسقف سنة 416 ومجمع آخر من 60 أسقف فى مدينة ميلا، وهم الاتنين المجامع دول حكم ضد بيلاجيوس بالهرطقة، وضد كلوستيوس بالهرطقة، لعل بعضكم يقول، طب ما حكموا عليهم يبقى انتهى الموضوع، هو حكم مجمع لكن لسه، وصلت الحكاية إلى روما، فالمجمع التانى قال ده راجل كان عايش طول عمره فى روما نحوله على أسقف روما، كان أسقف روما ساعتها اسمه انوسنت الأول، وأساقفة أفريقيا بعتوا له تقرير عن موضوعه، فوجد إن بيلاجيوس إنسان هرطوقى، وكلوستيوس إنسان هرطوقى، فأيد كلام مجامع أفريقيا المكانية وحكم بهرطقة بيلاجيوس وكلوستيوس، المشكلة إن بعد أسابيع من هذا الحكم مات إنوسنت وجه واحد اسمه زوسيموس، زوسيموس ده يظهر ماكنش دقيق فى اللاهوتيات جرى له بيلاجيوس، وجرى له كلوسيوس، فحكم إن بيلاجيوس وكلوسيوس إيمانهم سليم وأرسل رسالة إلى أساقفة افريقيا شديدة اللهجة جداً، ويصفهم بالتسرع فى الحكم وطلب إعادة النظر فى الموضوع، دول أفريقيين بتوع زربنة!
وإذا بأساقفة أفريقيا هاجوا وعقدوا مجمعاً من أكثر من 200 أسقف وبعثوا برسالة إلى زوسيموس وقالوا له إنت غلطان، والراجل ده ضد النعمة والراجل ده ضد المعمودية، وأرسلوا له الرسالة، وعشان يضمنوا خط الرجعة اتصلوا بالأمبراطور وقالوا ده قرار المجمع و200 أسقف حكموا بهرطقة بيلاجيوس وكلوستيوس، والأمبراطور حكم بنفى بيلاجيوس ونفى كلوستيوس، ونفى كل من ينضم إليهم فى الرأى وأسقف روما وجد نفسه فى حيص وبيص، ماذا يعمل؟
فعلشان يخفى خجله، قالهم أنا أجبهم مرة أخرى عشان إعادة حكمهم، فاستدعاهم محدش جه عشان منفيين، وأخيراً خضع لقرار الإمبراطور وحكم بحرمهم والبدع بتاعتهم وأقر أيضاً إن لزوم المعمودية ووراثة خطية آدم والأمور التى أنكرها هؤلاء ووقع معه جميع اساقفة كرسيه ما عدا 18 فأمروا بنفى ال18، بعضهم رجع والبعض انتهى وظن البعض أن هرطقة بيلاجيوس انتهت، لكن قامت مجموعة فيما بعد حاولوا أن يجدوا حلاً متوسطاً ما بين أغسطين وبيلاجيوس، دول اللى سموهم أشباه البيلاجيين، للأسف منهم جون كاسيان، وده كان تلميذ لذهبى الفم.
المزيد
25 ديسمبر 2024
أخلى ذاته ج5
إخلاء الرب لذاته لأنه أراد أن يصحح فكرة الناس عن الألوهية
لقد اقترب إلينا حتى لا تظل فكرة الناس عن الألوهية أن الله جبار ومخيف فأراد أن يجذبنا بالحب لا بالخوف أراد أن يدخل قلوبنا عن طريق محبته، لا عن طريق مخافته وهكذا نري أنه عندما رفضت إحدى قرى السامرة أن تقبله، رفض أن يسمع لتلميذيه اللذين طلبا أن تنزل نار من السماء وتفني تلك القرية، ووبخهما قائلًا "لستما تعلمان من أي روح أنتما" (لو9: 55) إنه لم يشأ أن يرهب أهل السامرة بقوته، بل أن يكسبهم بمحبته وصبر معلمنا الصالح إلى أن جاء الوقت الذي دخل فيه أهل السامرة بالمحبة والترحاب لا بالنار النازلة من السماء الله لا يريد أن يكون مخيفًا بل محبوبًا الناس بطبيعتهم ينفرون ممن يخافونه وقد يخضعون له في ذل، لكنهم ينفرون منه في قلوبهم كان التلاميذ يريدونه قويًا جبارًا مهابًا، بحسب فهمهم البشري، لذلك انتهروا الذين قدموا الأطفال إليه أما هو، فقال لهم "دعوا الأولاد يأتون إلى ولا تمنعوهم" وأخذ الأولاد "واحتضنهم، ووضع يديه عليهم وباركهم" (مر10: 13-16) وكذلك عندما انتهر التلاميذ الأعميين الصارخين نحوه، وقف المسيح وناداهما، وتحنن، ولمس أعينهما فأبصره وتبعاه (مت20: 30-34).
أخلى الرب ذاته ليُعالِج السقطة الأولى
ماذا كانت السقطة الأولي سوي الكبرياء، سواء سقطة الشيطان أو سقطة الإنسان؟! فالشيطان قال في قلبه "أصعد إلى السموات، أرفع كرسي فوق كواكب الله أصير مثل العلي" (إش14: 13، 14) وعندما أسقط أبوينا الأولين أغراهما بقوله "تنفتح أعينكما، وتكونان مثل الله" (تك3: 5) أخلي الله ذاته آخذًا صورة العبد، لكي يعطي درسًا للعبد الذي أراد أن يرفع ذاته ويصير إلهًا وهكذا صار إبن الله الوحيد ابنًا للإنسان، ليعالج كبرياء الإنسان ويجعله ابنًا لله، بالاتضاع الذي اتضع به ابن الله، وليس بكبرياء السقطة الأولي وهكذا في إخلائه لذاته قيل إنه شابه "أخوته" في كل شيء (عب2: 17) إن الرب عندما يسمي عبيده ومخلوقاته أخوة له، إنما يبكت الذين يعاملون إخوتهم كعبيد لهم، أولئك الذين يؤلهون أنفسهم كلما ينالون مركزًا أعلي من إخوتهم أما السيد المسيح إلهنا فلم يفعل هكذا لقد أخلي ذاته، حتى استطاع بطرس أن يأخذه إليه وينتهره قائلًا "حاشاك يا رب " (مت16: 22) وسمح لكثيرين أن يجادلوه ويناقشوه، بعكس كثرين من البشر الذين لا يقبلون جدالًا من أحد وكان تلاميذه يحاورنه حسبما يريدون حتى سموهم "الحواريين" وهكذا أخلي السيد المسيح ذاته، وصار كواحد منا أراد الإنسان أن يرتفع ويصير مثل الله فنزل الله وصار مثل الإنسان لكي ينيله بغيته، ولكن بطريقة سليمة، باتضاع الله لا بارتفاع الإنسان الإنسان كان يريد أن يقف مع الله في صف واحد فبدلًا من أن يرتفع الإنسان ليقف مع الله، نزل الله ليقف مع الإنسان لكيما بنزوله يخجل الإنسان وتنسحق نفسه ويتضع قلبه وباتضاعه يقترب إلى صورة الله المتضع لقد أخذ الرب صورة العبد، لكي يخفض من تشامخ السادة فليتنا نتضع كلما تأملناه إخلاء الرب لذاته ليتنا نتضع نحن الذين كلما أعطينا سلطانًا في أيدينا، نريد أن تميد الأرض تحت أقدامنا، وترتعش السموات من فوق.
كيف نُخلي ذواتنا؟
إن كان السيد المسيح قد أخلى ذاته -وفيه كل الملء- فنحن الفراغ، كيف نخلي ذواتنا؟! السيد المسيح الذي فيه كل ملء اللاهوت، أخلى ذاته وصار في الهيئة كإنسان وهو الإله أخذ شكل العبد، فالعبد عندما يخلي ذاته أي شيء يكون؟ إن سرنا بنفس النسبة في إخلاء الذات، تُرى إلى أين نصل ؟!
عمق الاتضاع هو أن يسأل الإنسان ذاته ما هي ذاتي حتى أخليها؟! وعندما يشعر الإنسان أنه فراغ، لا يوجد فيه شيء يخليه، يكون حينئذ قد وصل إلى كل الملء...
النزول إلى فوق
خطوات عملية
النزول إلى فوق
إن السيد المسيح إلهنا عندما أخلي ذاته نزل من السماء إلى الأرض، وما أبعد المدى بين الاثنين! ونحن الذين على الأرض إن أردنا أن ننزل منها فإلي أين ننزل، وإلى أين نهبط؟ هل تعلمون إلى أين ننزل وإلى أين نهبط؟ لا شك أننا في هبوطنا، وإنما نهبط من الأرض إلى السماء وفي نزولنا إنما ننزل من تحت إلى فوق...!!
وهكذا نري أن السيد الرب قد غير المقاييس البشرية، مقاييس العلو والهبوط ألغاها كلها، وغيرها إلى العكس فقال "من يرفع نفسه يتضع، ومن يضع نفسه يرتفع" (مت23: 12) وقال في نفس المعني "من أراد أن يكون فيكم عظيمًا، فليكن خادمًا ومن أراد أن يكون فيكم أولًا، فليكن عبدًا" (مت20: 26) وقال أيضًا "إذا أراد أحد أن يكون أولًا، فليكن آخر الكل وخادمًا للكل"(مر9: 35) فالشخص الذي يرفع نفسه، إنما يهبط بمستواها الروحي كلما انتفخ، ويتضاءل حتى يصبح لا شيء مثل هذا شبهه القديس أوغسطينوس بالدخان الذي كلما يرتفع، تتسع رقعته وكلما تتسع رقعته يتلاشى حتى يصبح لا شيء وقد أخذ القديس أوغسطينوس هذا التشبيه عن داود النبي عندما قال "لأن الأشرار يهلكون فنوا كالدخان فنوا" (مز37: 20) "كما يذري الدخان تذريهم" (مز68: 2) إن الذين يظنون أنهم يرفعون ذواتهم، إنما (يرفعونها) إلى أسفل، لا إلى فوق وهذا هو ما قصده الرب بقوله "من يرفع نفسه يتضع" أما المتواضعون فكلما يهبطون إلى أسفل يرتفعون إلى فوق أو أن صح التعبير يهبطون إلى فوق هم باستمرار ينزلون إلى الأعالي الكائنة في الأعماق، لأن السيد الرب أعطانا فكرة جديدة عن العلو والعمق، عندما أخلى ذاته لقد علمنا أن العلو هو العمق، وأن العلو يوجد تحت لا فوق وأعطانا مقاييس للعظمة لم تعرفها البشرية من قبل إن المتضعين يرتفعون من قبل في هبوطهم، والمتكبرين يهبطون في صعودهم وكل من يريد أن يصعد إلى فوق، ويلتصق بالله، علية أن ينزل إلى الأرض ويقول مع داود "لصقت بالتراب نفسي" (مز119: 25) وإلهنا الناظر إلى المتواضعات "يقيم المسكين من التراب، ويرفع البائس من المزبلة، ليجلس مع رؤساء شعبه"(مز113: 7).
كيف تخلي ذاتك؟
والآن، كيف تخلي ذاتك أيها الأخ إن لم تتمكن من إخلاء ذاتك بالتمام، فعلي الأقل أخفض نفسك درجة عما تستحقه، أو عما تظن أنك تستحقه، في نظر نفسك، وفي نظر الناس في إحدى المرات رسم كاهن جديد، وقضي فترة الأربعين يومًا في الدير وفي تلك الفترة -وهو في الدير سألني- نصيحة له في خدمته المقلبة، فقلت له "كن ابنًا وسط إخوتك، وأخًا وسط أولادك" "انزل درجة باستمرار، أو درجات وباستمرار أسلك بالبساطة في معاملة تلاميذك، وأولادك، وأخوتك الصغار". واليك تدريب آخر:
جرب كيف تتنازل عن حقوقك، وعما يليق بك من كرامة وفي كل وقت ضع أمامك الآية التي تقول "المحبة لا تطلب ما لنفسها" (1كو13: 5) فلا تطلب أن تأخذ كل حقوقك، ولا تطلب أن تدافع عن نفسك في كل شيء ولا ترد التصرف بمثله في إخلائك لذاتك ألق عنك الأشياء التي تضخمك في نظر نفسك أو في نظر الناس سواء كانت داخل نفسك أو من الخارج عليك أن تتخلي عن مظاهر العظمة، وتعيش بسيطًا واعلم أن السيد المسيح في إخلائه لذاته، أعطانا فكرة أن العظمة لا تنبع من مظاهر خارجية، ولا من رفعة تحيط وإنما العظمة الحقيقية تنبع من الداخل، من كنه الذات النقية كلما يصير القلب نقيًا، يأخذ صورة الله، ويصير حقًا على مثال الله حسبما خلق في البدء على صورة الله وشبهه (تك1: 26، 27) وفي كل نقاوتك وفضائلك، أنسِب الفضل كله لله لا إلى نفسك أشعر دائمًا أن الله هو العامل فيك، وليس أنت. وأنك بدونه لا تستطيع أن تعمل شيئًا وإذا اشتركت مع إنسان في عمل، قدمه على نفسك في كل شيء أعطه التفوق، وأعطه الفضل، وانسب إليه ما تحاول بأن تنسبه إلى نفسك من العظمة وتحاول أن تختفي ليظهر الله، وليظهر أخوتك وإن لم تستطع أن تخلي ذاتك، فعلي الأقل لا تضع فوقها ثقلًا جديدًا من الارتفاع، حتى لا تنوء نفسك تحت ثقل ارتفاعك على الأقل لا تكبر ذاتك لا تتحدث عن نفسك، لا تشرح للناس فضائلك لا تسرد قصصًا يفهمون منها شيئًا عاليًا عنك ضع أمامك صورة المسيح في إخلائه لذاته.
قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
عن كتاب تأملات في الميلاد
المزيد
24 ديسمبر 2024
الأحد الثاني ميمر بشارة الملاك للعذراء مريم وعيد البشارة لمار يعقوب السروجي
انه قبل الأزمان ازلى ،وفى آخر الأزمان صار مولودا لأجلنا له آب وبالنعمة اخذ له اما نزل وحل فيها ليكون لها ابنا اختار له بتولا مخطوبة محفوظة مقدسة بالعفة والطهارة حل في الطوبانية الممتلئة حسنا ،وختم حضنها وقدس جسدها ونقى نفسها أرسل النوراني غبريال ليأتيها ببشارة الآب الممجدة التقى بالعذراء وأعطاها السلام سلم على البتول أم الملك وتكلم معها قائلا السلام لك ايتها الممتلئة نورا الهيا ،السلام لك يا مريم أم شمس البر ، السلام لك يا مقصورة الأقداس ، الممتلئة حسنا ميناء الأسرار ، السفينة الجديدة الممتلئة غنى ، السلام لك أيتها المباركة في النساء الرب معك ، ستحبلين وتلدين ابنا ببتوليتك ، سمعت مريم كلام الملاك فأخذها الدهش لتلك البشارة العظيمة وارتعب ضميرها فأجابته يا سيدي كيف اني احبل وانا بتول خبرك جديد ففسر لى هذا الكلام الذي قلته ،لانه من يطلب ثمارا من أرض لم تزرع ، وعنبا من كرمة لم
تفلح ،وولدا من بتول بغير زواج فسر لي كيف يكون هذا ؟
فقال الملاك الروح القدس يحل عليك ينزل ويقدس بتوليتك ،ويحل عنك لعنة آدم وحواء ويباركك ،وتأتى قوة الآب الخفى ويتجسد منك الابن فتلدين طفلا لا تنتهى مملكته لأنه ابن الله الملك العظيم بدون فحص ، وها اليصابات نسيبتك العاقر هي حبلى ايضا قبلت الحبل في عفة وقداسة ومضت تنظر حبل العجوز العاقر وتقول من أين لى أن تأتى الى ام سيدى ؟! فكرزت اليصابات به ،وعرفت مريم البتول أن المحمول بها هو سيد السمائيين والأرضيين وقالت لمريم بفرح عظيم قد تحرك الجنين في بابتهاج فمن أظهر لها أن الطفل داخلها فرح الا الروح القدس لقد امتلأت من الروح القدس و به عرفت تهلیل الجنين ،وفسرت ماذا يريد أن يقول زكريا الكاهن ، وتكلمت بما يزاحم الجنين ليقول وقالت لها طوباك أيتها البتول مريم حينئذ بدأت اليصابات ترفع صوتها لمن حل فيك ، الكاهن الشيخ يسجد لابنك لأنه هو سيده ذاك الذى السموات ممتلئة من مجده مصور الأطفال في البطون حل فيك يا مريم من أجل هذا يتحرك الجنين داخلي
ويتهال به ،حملت سید هرون و ملشيصاداق الحبر الأعظم
وكانت في بيت الكاهن الشيخ ثلاثة شهور يفرحون بها
ويكرمونها ويتلون كل ما نطقت به النبوات وبما في سفر
اشعياء وتروى لمريم جميع الكلام قائلة يا ابنتي مكتوب في النبوة أن البتول تحبل وقد دعا النبى ذلك من أجل حبلك المقدس بعد هذا سارت مريم لتأتى الى بيتها قبلها يوسف وعرف أنها حبلى الصبية العفيفة وممتلئة نعمة جميعها اتضاع ، وجهها تزينه الطهارة والنقاوة والبتولية لكنه ارتعب لأنه لم يعرف حبلها وطلب أن يبتعد عنها دون أن يفتش الممتلئة نعمة فأتاه رئيس الملائكة غبريال في رؤيا الليل ليعلمه حقيقة ذلك الحبل المدهش فبشره وفسر له جميع قراءات الأنبياء فارتعب لما تحقق ذلك وسأله من أنت يا سيدى فاجابه الملاك وقال له انا عبد ذلك الذي تحمله مريم العذراء فقال يوسف وكم له يا سيدى مثلك فقال الوف ألوف وربوات ربوات فارتعب وارتعد لوقته وامتلأ دهشا وأتى وسجد للبتول مريم وكان يتفرس فيها كمركبة سمائية وسكنت معه بالقداسة والطهارة ،وكانت له ثمة كبير الكهنة في قدس الأقداس يدهش بها ويحبها ويسجد لها ويكرمها ويخدمها بمخافة ينظرها كالسحابة على جبل سيناء التي حلت داخلها قوة اللاهوت قلبها طاهر أفكارها مقدسة وليس فيها شيء أرضى فالقداسة كانت وثيقة خطبتها له لقد حل فيها ابن الله عندما انخطبت ليوسف ،ولولا انها انخطبت وحل فيها كان يتخبط الحبل ويضطرب اذ عندما يعرف بالبطن جنين دون رجل كانت تحسب كزانية ،وان تظهر السر الخفى من يصدقها ان بتولا تحبل دون رجل فان كان ربنا قد أخرج الشياطين وأحيا الأموات ولم يؤمنوا به فكيف يصدقون وهو في البطن أنه ابن الله ،ومن يجسر ويقول أن صبية حبلت به ، وان تظهر مريم السر الالهى كانت تحتقر وتطرد وترجم وتحسب كاذبة من أجل هذا اختار الله رجلا بارا ليكون خطيبا لها ورئيسا يدبرها البتول دعت يوسف البار بعلا لها حتى شاء ابن الله ليظهر ذاته ولأن جنس يوسف من بيت داود فكان خطيبا لابنة داود ، ليكون رأسها ،واضطر أن يكون للأم البتول رجلا استعاريا دون أن يعرفها وخدم السر الخفى دون أن يعرف أحد حتى أظهر ربنا للعالم من هو أبيه قائلا "ينبغي أن أكون فيما لأبي " (لو ٤٩:٢) ومن أعماله ادرك العالم انه ابن الله ، مبارك هو الغير المرئى الذى أتى الى عالمنا المرئى له المجد الدائم إلى الأبد آمين.
المتنيح القمص سمعان السريانى
عن كتاب روحانية قراءات شهر كيهك
المزيد