المقالات

23 ديسمبر 2024

من كنوز تسابيح شهر كيهك نفس مرتفعة إلى السماء

السلّم الذي رآه يعقوب هو واحد من أهمّ وأجمل الرموز الموجودة في العهد القديم عن السيّدة العذراء فقد ظهر الله ليعقوب، وهو هارب من أخيه عيسو في الطريق إلى خاله لابان، وكان المنظر سلّمًا مرتفعًا إلى السماء والملائكة يصعدون وينزلون عليه، والرب يطلّ على يعقوب من أعلى السلّم بمجدٍ عظيم، ويتحدّث معه بكلام فيه طمأنينة وسلام وبركة (تك28) يري الكثير من آباء الكنيسة أنّ السلّم هو رمز لأمّنا العذراء التي نزل عن طريقها الرب إلى عالمنا الأرضي، حاملاً لنا السلام والبركة والخلاص فهي الإنسانة التي اتّخذ منها جسدًا، وسكن في بطنها البتولي تسعة أشهر، فصار بطنها عرشًا لله المستريح في القدّيسين، وأخيرًا قدّمت لنا الله محمولاً على ذراعيها (ثيؤطوكيّة السبت – القطعة الأولى) العذراء هي السلّم الذي ربط السماء بالأرض، أو بالحرى مكّن الأرضيين من الوصول للسماء..! القطعة الثامنة من ثيؤطوكيّة السبت تتحدّث عن سلّم يعقوب، وتبدأ بلحن رائع هو لحن "أريتنثونتي" ومعناه "شُبِّهتِ بالسلّم الذي رآه يعقوب، مرتفعًا إلى السماء، والرب المخوف عليه" ثم نجد في المديح الرومي على هذه القطعة بعض العبارات البالغة العُمق والجمال منها: حَسَنًا رآكِ يعقوب أبونا، مثل سلّم ذي نفس مرتفعة إلى السماء، والرب القدوس جالس عليها، أيّتها اليمامة. لأنّه صنع أحشاكِ عرشًا، وأيضًا بطنك المختوم، جعله أوسع من السموات. السلام لكِ من قِبَلِنا، لأنّ من كنزك المختوم، وَلَدْتِ المستريح في القديسين. أقف قليلاً أمام عبارة واحدة غاية في الروعة، وهي وصف أمّنا العذراء بأنّها مثل سلّم حيّ له نفس تسمو وتحلّق وترتفع حتّى تصل إلى السماء، والرب جالس ومستريح بمجدٍ عظيم على هذه النفس فالعذراء إنسانة ارتفعت بقلبها وكلّ حواسها إلى السماء، فاستحقّت أن تكون مكانًا يستريح فيه الرب..! ارتفاع النفس بالطبع لا يعني التعالي على الآخرين، بل السمو فوق كلّ رغبات العالم والاهتمامات الأرضيّة، لكي تصلّ النفس إلى الله وتتّحد به في الحقيقة لا يمكننا أن نتّصل بالله اتصالاً حقيقيًّا بدون هذا الارتفاع، وتجاوُز هموم العالم ومشغوليّاته.. وهذا ما تُشجِّعنا عليه الكنيسة عندما تخاطبنا في كلّ قدّاس "ارفعوا قلوبكم" أي نرتفع بقلوبنا حتّى نلتقي الله، طارحين عنّا كلّ أفكار الخواطر الشريرة، ومشتركين في التسبيح مع القوّات السمائيّة من الناحيّة العمليّة، الارتفاع ليس أمرًا سهلاً، فهو ضدّ الجاذبيّة الأرضيّة ولكن الذي وقع في دائرة جاذبيّة حُبّ يسوع المصلوب يكون الارتفاع سهلاً بالنسبة له، لأنّ جاذبيّة يسوع أقوى بكثير من جاذبيّة الأمور الأرضيّة، ولذلك هو أكّد قبل الصليب وقال "وَأَنَا إِنِ ارْتَفَعْتُ عَنِ الأَرْضِ أَجْذِبُ إِلَيَّ الْجَمِيعَ" (يو12: 32) وهذا يعطينا فِكرة عن كيفيّة الارتفاع فعندما ننظر للصليب ونتأمّل في الصليب ونتعلّق بالصليب، يرفعنا الصليب إلى السماء! يظنّ البعض أنّ الصليب هو حِمل ثقيل، قد يكسر الإنسان وينزل به إلى الأرض ولكن الحقيقة أنّ الصليب هو أهم وسيلة تتحرّر بها النفس من روابط الأرض وترتفع بها إلى السماء لقد رأى يعقوب السلّم وهو هارب، وفي وقت شِدّة وضيق، ولم يَرَهُ وهو متنعِّم في بيت أبيه وأيضًا أمّنا العذراء حملت الصليب في حياتها بشكرٍ وتسليم، وقبلت أن يجوز في نفسها سيف الآلام، فارتفعت نفسها إلى السماء وصارت أعلى من الشاروبيم والسيرافيم هكذا دائمًا الصليب يُعِدّ الإنسان للارتفاع إلى السماء، ومَن يتبّع المسيح حاملاً الصليب فهو في الطريق الصاعِد إلى السماء..! هناك الكثير من الأحاديث أو التصرّفات التي تنزل بنا إلى الأرض فإذا أردنا أن نكون مثل أمنا العذراء مرتفعين إلى السماء، لابد أن نتخلّى عن مثل هذه الأمور، وننشغل بما يرفعنا إلى فوق:- التأمُّل في كلام الإنجيل يرفعنا إلى فوق.. التسبيح والترنيم يرفعنا إلى فوق.. التوبة ترفعنا إلى فوق.. الاهتمام بخدمة الآخرين يرفعنا إلى فوق.. قراءة أقوال الآباء وخبراتهم ترفعنا إلى فوق.. رفع أيدينا في صلاة المخدع الهادئة يرفعنا إلى السماء.. حضور التسبحة والقدّاس يرفعنا إلى السماء.. وأخيرًا النفس المرتفعة إلى السماء هي نفس مملوءة بالسلام ينسكب عليها دائمًا السلام السمائي، فلا تُزعجها أحداث الأرض ولا اضطراباته بل هي دائمًا تستمدّ فرحها وطمأنينتها وقوّتها من وعود السماء وبركات السماء ورعاية السماء..! القمص يوحنا نصيف كاهن كنيسة السيدة العذراء بشيكاجو.
المزيد
22 ديسمبر 2024

تقرأ بعد انجيل الأحد الثاني من شهر كيهك

تتضمن محاكمة أدم والبشارة بالخلاص مرتبة على فصل إنجيل بشارة الملاك جبرائيل للسيدة العذراء ( لو ١ : ٢٦-٣٨ ) بميلاد المخلص لقد مرت السنون وكرت القرون والجنس البشرى يتألم متقلباً في المشقات والاحزان التي آلت اليه بطريق الميراث عن أبويه الأولين وفي تلك الأثناء كانت رحمة الله تنظر إلى خراب العالم مفكرة فى طريقة جديدة تكفر عن العصيان وتعيد العمران لأن الله قد وجه سهام سخطه إلى بنى الانسان نظير المخالفة والعصيان تارة بالطوفان وطوراً بالنار والكبريت واحياناً بافتتاح الارض فاهـــا وابتلاع المخالفين ثم بالحروب المتتابعة لبعضها وغير ذلك ، وبواسطة الرحمـــــة قد تقرر منذ الازل وصدرت المراسيم الالهية ، بأنه حيث أن الخراب قد حدث للعالم بواسطة ثلاثة هم : لوسيفورس وحواء وأدم فيجب أن يتجدد بواسطة ثلاثة آخرين هم : جبرائيل ومريم ويسوع وقد مضى ردح من الزمان والجنس البشرى ينتظر بفروغ صبر ذلك الوقت السعيد ، إلى أن جاء ملء الزمان وارسل جبرائيل الملاك من عند الله إلى مدينة من الجليل اسمها ناصرة ، إلى عذراء مخطوبة لرجل من بيت داود اسمه يوسف ، واسم العذراء مريـــــم ، فدخــــل اليها الملاك وقال " سلام لك أيتها الممتلئة نعمة الرب معك " وقد صور بعضهم هيئة المحاكمة والمداولة التي جرت بين عدل الله تعالى ورحمته بديوان المحكمة الإلهية بشأن آدم الانسان الأول هكذا: الاتهام: أن آدم الانسان الأول قد خالف وصية الله ، بأكله من الشجرة المنهى عنها ، وعقابه على ذلك ينطبق على الفقرة الثالثة من المادة الأولى وهذا نصها : " من جميع شجر الجنة تأكل أكلاً ، وأما شجرة معرفة الخير والشـــــر فـــلا تأكل منها ، لأنك يوم تأكل. منها موتا تموت " قال العدل الالهى : إن أدم يستحق عقوبة الهلاك لمخالفته القوانين ، قالت الرحمة : إنه مخلوق للسماء ويجب أن يعفى عنه قال العدل: ولوسيفوس الملاك أيضاً كان مخلوقا للسماء ، ولما خالف هلك قالت الرحمة : يوجد فرق بين آدم ولوسيفورس الملاك ، فهذا روح نورانى قوى وآدم من تراب ضعيف ، فالملاك كان في السماء وآدم على الارض قال العدل : نعم إنه ضعيف وعلى الأرض ، ولكن كانت له وسائط تقويه وهي النعمة الفعالة ، وخضوع الجسد للروح قالت الرحمة : والملاك أيضاً كان له وسائط تقويه وهى سمو معرفته وقوة ارادته وقربه من الله قال العدل كان الواجب على آدم أن يتخذ له عبرة من قصاص الملاك فلا يخالف مثله قالت الرحمة : ما كان للملاك شيطان يجر به . ولا حواء تغويه . ولا ثمرة يشتهيها . قال العدل: على أى حال يجب قصاصه . لأنه لم يعتبر ربه ولا الملكوت . ولا خاف من هول جهنم . والخطية ليست بالأمر الهين ، ولا شرها بالشئ القليل حتى تعتذرى عنه ، فالمذنب يجازى بذنبه ولا محاباة . والحكم ذاته الذي توقع على الملاك وأتباعه الطالحين يجب أن يتوقع عليه. قالت الرحمة ان ذلك الحكم لم يشمل كل الملائكة ، بل بقى منهم القسم الاكثر يمجد الله في السماء. بخلاف الحكم على آدم فقد شمل كل ذريته قال العدل: فليكن كذلك لكل ذريته فيتمجد عدل الله فيهم. قالت الرحمة : عدل الله قد تمجد في قصاص الملائكة. وأنا متى أظهر بمجده. ومع من استعمل شفقتي ؟ في جهنم لا دخل لي ، وفي السماء لا احتياج إلى الرحمة قال العدل: وأنا لا يهمني سوى وصول حقى تماما قالت الرحمة: إذا وصلك حقك تماماً بدون هلاك أدم ألا ترضى؟. قال العدل: أرضى قالت الرحمة أيكفى لذلك أن يطرد آدم من الفردوس إلى ارض الشقاء والهوان حيث يبكى ويحتمل الأمراض والأحزان على شرط أنه ينجو من الهلاك الأبدى. قال العدل: لا. هذا لا يكفى. قالت الرحمة أيكفي أن يموت ويرجع إلى التراب ويصير طعاماً للحيات بحيث تنجو نفسه من جهنم. قال العدل: كلا. لا يكفي. بل يجب أن يموت عنه بار. فتشوا هل يوجد في الأرض بار؟. لا يوجد. ليس ولا بار واحد بل جميعهم زاغوا وتلطخوا بخطية آدم نعم وجد أبرار كثيرون مثل نوح ويوسف وموسى ويشوع بن نون وغيرهم. ولكن تسميتهم ابرارا محمولة على برارتهم من الخطية الفعلية لا من الخطية الأصلية . لأن نوحاً خلص ذاته وسبعة أشخاص فقط من الطوفان ، لا من الهلاك . ويوسف أنقذ أهل مصر وما حولها من الجوع لا من جهنم . وموسى أنقذ الإسرائيليين من عبودية فرعون ، لا من عبودية الشيطان ، ويشوع قد أدخلهم أرض الميعاد أى أورشليم الأرضية ، لا السمائية . إذن لا يوجد من يوفى عن آدم أم رافائيل؟ سكت جميعهم وما قبلوا الموت عن آدم. فقال الأب: ومع ذلك إن موت البشر أجمع. وملاشاة الملائكة بأسرهم. وابادة كل العالم. كل هذا غير كاف لايفاء عدلى حقه. لان كل ما ذكر هو متناه. أما دين آدم فهو غير متناه . عند ذلك بـرز الاقنوم الثاني وقام في الوسط قائلا لابيه الازلى هأنذا يا أبت فارسلني لأتخذ جسداً وأحتمل الآلام والموت لخلاص آدم ايفاء للعدل وتعظيماً للرحمة. ولأن الانسان أخطأ لرغبته فى أن يصير شبيهاً بالله. فأريد أن أصير بحالة إذا تشبه بي يخلص فقال الآب: يا ابنى يلزمك أن تولد في مغارة بين الحيوانات. فقال: لا يهمني. هأنذا فارسلني. قال الآب : يلزم أن تهرب إلى مصر وتكون مضطهدا مهانا ثم تموت عريانا فقال: لا يهمني. ارسلني. لأن ماذا لى هنا وشعبى قد سبى مجاناً ؟ فقال المبشر لآدم: بشراك افرح. فقال آدم كيف أفرح وأنا جالس في الظلمة . قال المبشر : افرح. لأنه قد تقرر اليوم خلاصك إذا ارتضـــــي ابـــن الله أن يتجسد من بتول لأجلك فترج وتب.فبقی آدم ونسله من بعده ينتظرون تلك البتول المنتخبة ليتجسد منها ابن الله.فقد مرت سارة ولها عظمة الخلافة ولم تكن هي المختارة لأنها ولدت أسحق الذي هو رسم لمخلص العالم ومرت راحيل ولم تكن هي المنتخبة لأنها ولدت يوسف لا يسوع. ومرت بتشبع ولم تكن هي المنتظرة لأنها ولدت سليمان الحكيم لا حكمة الله ومرت دابورة بوظيفة قائدة للشعب ولم تكن هي المنتظرة. ومرت يهوديت مخلصة مدينة الرب وبيدها رأس أليفانا ولم تكن هـــي المنتظرة وهكذا استمر العالم سالكاً في الظلمة مدة أجيال عديدة وبينما كان الناس على هذا الحال إذ ظهرت نجمة الصبح السيدة المختارة مريم البتول التي هي وحدها انتظار العالم ورجاء الشعوب الموقوف عليها اجراء عمل الخلاص وعند بلوغها السنة الثالثة عشرة إذ كانت تصلى ملتمسة من الله أن يرسل سريعاً إلى العالم المخلص المنتظر وإذا بجبرائيل الملاك وقد وقف أمامها وقال لها :" سلام لك أيتها الممتلئة نعمة !! الرب معك " فلما سمعت كلامه اضطربت عجباً !!! إن مريم المختارة تخاف من ملاك سماوى !! وحواء لم تخف من شیطان جهنمی !! ولما قال الملاك للسيدة مريم : " ها أنت ستحبلين وتلدين ابنا وتسمينه يسوع هذا يكون عظيما وابن العلى يدعى قالت له وكيف يكون هذا .؟ أما حواء فلما قال لها الشيطان : " يوم تأكلان من الثمر تنفتح أعينكما وتكونان كالله عارفين الخير والشر لم تقل " كيف يكون هذا " فما أكثر الذين يسمعون وساوس الشيطان غير خائفين ولا يتوقفون قائلين : "كيف يكون هذا". وما أحسن وأحكم جواب الملاك لسيدتنا مريم. إذ ترددت اتضاعا وتهيبا من تجسد مخلصنا في حشائها الطاهر قائلة: " كيف يكون هذا فأجابها الملاك. "ليس شئ غير ممكن لدى الله" فأطمأن قلبها بهذا الجواب وأذعنت قائلة: " " هوذا أنا أمة الرب. ليكن لي قولك وعند جوابها هذا حل الإله في حشائها وصار جسدا الإله صار انسانا وحل فينا والنور الذي كان قد حجب بظلمة الخطية ابتدأ يشرق على السالكين في الظلمة والجالسين في كورة الموت وظلاله تجسد الابن وعاش بيننا كأنسان نحو ثلاث وثلاثين سنة مسكيناً فقيراً تعباً أخذاً أمراضنا وحاملا أوجاعنا وفي آخر سنى حياته كان منذراً او معلماً ومخرجاً للشياطين ومفتحاً للعميان ومشفياً للمجانين وقد أنهى حياته الأرضية معلقا على صليب الآلام والإهانات بإرادته فسحق بذلك رأس الشيطان الحية القديمة إتماما للوعد بخلاص أدم وذريته فيا لمحبة الله غير المتناهية ويالعظمة رأفته بنا ! فإنه لم يكتف بخلقنا وحفظنا وعنايته بنا كل ايام حياتنا وتسخيره لخدمتنا كل ما في السماء وما على الأرض بل ارسل ابنه الوحيد إلى العالم لكي نحيا به الذي بذل نفسه لأجل خطايانا لينقذنا من العالم الحاضر الشرير حسب إرادة الله وأبينا برنـــــا مجانا بنعمته بالفداء ليس عن استحقاق لنا وإنما حباً منه ورأفة بنا فهل من حب أعظم من هذا؟ يقول البشير : " ليس لأحد حب أعظم من هذا أن يضع الانسان نفسه لاجل أحبائه " ولكن حب مخلصنا أعظم بكثير لأنه لم يضع نفسه عن أحبائه بل عن أعدائه بالخطية والفرق بين النوعين ظاهر كالفرق بين الصداقة والعداوة. إن الله أحبنا حتى بذل ابنه الوحيد فهل أحببناه نحن لانه أحبنـــا اولا تأملوا هذه المسالة وأسمحوا لي أن أقول الحق بإخلاص وبدون مراعاة ولا محاباة إن الله أحبنا أولا فليتذكر كل منا خطاياه ويعلم أنه كافأ الله عن محبته له ولير سوء تصرفه وقبح نكرانه احسان من صلب ومات عنه وليخف ممن ليس من صفاته الرحمة والرأفة فقط بل العدل والانصاف أيضا ان الله أحبنا أولا فهل أحببناه؟. أن أعمالنا تدل على اننا لم نحبه لأن شرط محبة الله الحفظ والعمل بوصاياه فهل حفظنا الوصايا ؟ أظن لا لأننا نرى الكثيرين يضعون الإساءة بوضع الاحسان ويقابلون النعمة بالنكران ويؤثرون أقـــل الذى اسلم من أجل خطايانا وأقيم لأجل تبريرنا منفعة على محبة الله ولعل البعض يقول : أنى أحب الله واحب قريبي حسنا تقول ولكن ما فائدة القول إذا كان العمل يدل على أنك لا تحب الله ولا تحب أخاك وقريبك ؟ أو لم تسمع قول الرسول: " أن قال أحد أحب الله وأبغض أخاه فهو كاذب لأن من لا يحب أخاه الذي أبصره كيف يقدر أن يحب الله الذي لم يبصره " فأن كنت يا هذا تحب الله وتحب قريبك فلماذا تبخل على الفقير الذي يسالك حاجة وتمنع عنه الخير ثم تهينه وتعيره بالبطالة والكسل؟ ولماذا تسعى في الانتقام من أخيك حينما يغيظك وتقول انك تريد تأديبه فقط؟ أو لم يسمع قوله تعالى: "لـــى الانتقام أنا أجازى يقول الرب إذا كنت تحب الله فلماذا لا تواظب على الكنيسة في أيام الأحد وفي الاعياد على الأقل؟ ولماذا لا تقف بأدب وخشوع فى بيت الله حتى لا تشوش على المصلين ؟ ولماذا لا تؤدى الواجبات الدينية المفروضة كالتوبة والندامة والاعتراف ثم التناول من جسد الرب ودمه الاقدسين ؟ هذا ويعوزني الوقت لو اردت زيادة البيان وانما اقول بالأجمال ما أشد جحود الانسان وما أقرب أنكاره للمعروف والاحسان فسبيلنا أيها الأحباء أن نوبخ نفوسنا على ما فعلناه ضد شرف طبيعتنا. وما جنيناه ضد بارينا وفادينا ولنؤد لعظمته تعالى واجب الطاعة والشكر كل حين ذاكرين أحساناته الكثيرة وكل ما يدل على شدة محبتنا لجلاله السامي مزاولين كلى ما يقر بنا إليه لنكون أهلا لتلك المنزلة الرفيعة التي رفعنا إليها له المجد إلى الأبد امین. القديس يوحنا ذهبي الفم عن كتاب العظات الذهبية
المزيد
20 ديسمبر 2024

مائة درس وعظة (٥٩)

يوحنا ذهبي الفم «إعلاء الحق » "إن لم تربح خلاص إخوتنا هنا، فلن تحصل على خلاص نفوسنا هناك" (ق يوحنا ذهبي الفم) يوحنا ذهبي الفم عاش في القرن الرابع الميلادي وهو أحد الأقمار الثلاثة كما تسميه الكنيسة اليونانية مع القديس باسيليوس الكبير والقديس غريغوريوس اللاهوتي، وكان بطريركا لمدينة القسطنطينية. اولا ولادته: ولد في عام ٣٤٧م والده كان قائدا في الجيش الروماني في سوريا، وأمه كان اسمه "انثوسا" وبعد أربع سنوات توفي زوجها والد القديس يوحنا وتركها شابة غنية وجميلة، وتوفيت ابنتها (اخت القديس يوحنا) بعد الوفاة الوالد، فصارت أرملة فربت يوحنا تربية رائعة وعندما دعيت لزواج أخر رفضت وقالت إنها تعيش من أجل ابنها. نانيا دراسته: نبغ يوحنا في دراسة المحاماة ثالثا: صداقته: له صديق اسمه باسيليوس، وقد أحب الاثنان الله، وكرسا حياتهما، وساعدا بعضهما أن يعيشا حياة التعبد لله، ودعي الاثنان للكهنوت لكن عندما جاءت وقت الرسامة هرب يوحنا من الرسامة، وتمت رسامة باسيليوس وكانت حجة القديس يوحنا أن له ميولاً للحياة بالدير. رابعا رهبنته: كان يحيا الممارسات الرهبانية وتدريباتها الروحية في بيته إلى أن انتقلت والدته فاتجه للدير وصار راهبا وفي زمنه نشطت الحياة الرهبانية وعندما زار مصر رأي البرية بكل سكانها ونساكها ورهبانها، كان كل راهب في قلايته، والأديرة لم يكن بها أسوار كانت القلالي متناثرة في الصحراء يخرج منها نور بسيط لشمعة أو قنديل، وكان المنظر في الليل جميل النجوم في السماء والقلالي منيرة في البرية، فقال عبارة مشهورة "السماء بكل نجومها ليست في جمال برية مصر بكل سكانها "وكان يقول للرهبان والاباء في انطاكية "هلموا إلى برية مصر لتروها افضل من ای فردوس" خامسا ارتباطه بالكتاب: من ارتباطه بالكتاب المقدسي صار إنجيلاً و يحكي تلميذة أن بولس الرسول كان يظهر له ويفسر له الرسائل. سادسا راع صالح: لم يكن رجل سياسة ولا فيلسوف لكنه امتاز بالبحث عن خلاص النفوس. سابعة نفيه: كان له مشكلة كبيرة مع الإمبراطورة " افدوكسيا"،وهي كانت قد اغتصب أرضا يملكها انسان عادي فمنعها القديس من دخول الكنيسة. واغلق الأبواب في وجهها، فقالت للجنود اكسروا الأبواب،وشلت يد الجندي التي حاول كسر الأبواب فصلی ذهبي الفم على ماء ومسح بها يد هذا الجندي فعادت سليمة، أما الإمبراطورة فتسبيت في نفى القديس لأخر حدود الإمبراطورية الرومانية، وكان هدف الإمبراطورة من ذلك خبيثا حيث ارادت ان يموت القديس أثناء سفره للمنفي، لأن الرحلة كانت طويلة وجسده كان مريضا كان يرسل رسائل من منفاه مع شماسة تدعى "اوليمبياس"، وكانت هذه الشماسة الفاضلة تنقل رسائله للاكليروس وكل الشعب ثامنا نياحته: تنيح القديس يوحنا ذهبى الفم في المنفى عام ٤٠٧م تاسعا - كتاباته: له كتب ومقالات عديدة منها ١- سر الكهنوت ٢- الملك وحياة الراهب قارن فيه بين حياة الملك والراهب. . الملك يتحكم في شعوب وجيوش اما الراهب فيتحكم في شهواته. الملك يحارب برابرة أما الراهب فهو يحارب شياطين ويهدي نفوسا .الملك نهاره وليله الام ومشكلات أما الراهب نهاره وليله فرح وسلام .الملك يهدى ذهبا، أما الراهب يقدم نعمة وتعزيات. الملك يرتعب من الموت، أما الراهب يطمئن على مصيرة. ٣- ستعود بقوه أعظم في حياته وهو راهب أحد الآباء الرهبان سقط في خلية كبيرة جعلته يترك رهبنته ويشعر بيأس شديد مكتب له مقالة أسماها "ستعود بقوة أعظم"، وعندما قراها الإنسان الذي سقط بدا يستعيد شجاعته وعاد وتاب واستكمل حياته النسكية باكثر نسك. ٤- سر الزيجة كتاب شرح فيه المفهوم الكتابي والكنسي لسر الزواج وكيف أن الزواج يبارك حضور المسيح. ه- عظات التماثيل الشعب ثار بسبب الضرائب وحطم تماثيل الأمبراطور وكانت النتيجة أن الإمبراطور أراد أن يعاقب هذه المدينة فلجا الشعب للكنيسة فاستغل القديس يوحنا هذه الفرصة وبدأ يكلمهم عن التوبة، وفي نفس الوقت يتشاور مع الله لكي يعبر عن هذه المدينة القي القديس على الشعب عظات كثيرة (۲۱ عظة) سمیت "عظات التماثيل". عاشرة: اقواله له ماثورات وعبارات كثيرة قوية منها ١- اى نفع للمسيحي الذي لا يقيد غيره. ٢-إن غاب عنا عون الله لا تقدر أن نقاوم اتفه إغراء ٣- ليس للشيطان أن يهاجمك إلا عندما يراك قد ملت إلى الخطية وتكاسلت. ٤- ليس لنا عدو إلا واحدا، وهو الخطية التي تفسد سلامنا ٦- الكنيسة أعلى من السماء وأكثر اتساعا من الأرض ٥- الدير اكاديمية تحتضن تفسير الكتاب المقدس. ٧- السيرة الطاهرة تسد فم الشيطان وتبكمه. قداسة البابا تواضروس الثاني
المزيد
19 ديسمبر 2024

بدعة بطرس القصار

تعود إلى النزاع الخريستولوجي إضافة بطرس القصار: فنقرّر من ثم بأن إضافة التي ألحقها بطرس القصار بالنشيد التقديس كفرٌ، لأنها تأتينا بأقنوم رابع، فتضع ابن الله وقوة الآب الأقنومية من جهة، والمصلوب من جهة أخرى على أنه غير القويّ. أو هي تُمجد الثالوث الأقدس المتألم، صالبة الآب والروح القدس مع الابن. فبعداً لهذا الكفر وهذا الهذيان! الأسماء الإلهية العامة: أمّا نحن فننسب لفظة قدوس الله إلى الآب، غير فارزين اسم اللاهوت له وحده، بل مدركين أن الابن إله والروح القدس كذلك. ولفظة قدوس القوي نجعلها للابن، غير نازعين القوة عن الآب والروح القدس. ولفظة قدوس الذي لا يموت نخصصها للروح القدس، غير تاركين الآب والابن بمعزل عن الخلود، بل ناسبين إلى كل من الأقانيم كل الأسماء الإلهية نسبة بسيطة وعامة، مقتدين بالرسول الإلهي القائل: "لنا إله واحد الآب الذي منه كل شيء ونحن إليه، وربّ واحد يسوع المسيح الذي به كلّ شيء ونحن به" (1كور8: 6). ومتشبهين بغريغوريوس اللاهوتي الذي هو ليس بأقل من الرسول في تعبيره حيث يقول: "ولنا ربّ واحدٌ الآب الذي منه كل شي وربُ واحد يسوع المسيح الذي به كل شيء وروح قدوس واحد فيه كل شيء". فلفظة منه وبه وفيه ليس من شأنها أن تفصل الطبائع -لأن على حروف الجرّ هذه أن لا تتبدلّ أو على الكلمات أن لا يتغيّر ترتيبها- بل هي لتمييز خصائص الطبيعة الواحدة بدون تشويش. وهذا واضح من أن الحروف هذه تعود فترجع إلى واحدٍ لدى قراءة ذلك بتأنٍّ في الرسول نفسه القائل: "كل شيء منه وبه وإليه فله المجد مدى الدهور. آمين" (رومة11: 36). النشيد المثلث التقديس موجّه إلى الثالوث الأقدس لا إلى الابن وحده: يشهد الأحبار الإلهيون أثناثيوس وباسيليوس وغريغوريوس وكل خورس الآباء اللابسيّ الله أن النشيد المثلّث التقديس لا يُقال في الابن فحسب، بل في الثالوث الأقدس. فإن السارفيم القديسين في تقديسهم المثلّث يُظهرون لنا الأقانيم الثلاثة للاهوت الفائق الجوهر، ويعرفوننا بوحدة السيادة ووحدة المُلك لرئاسة الثالوث الإلهي. وعليه يقول غريغوريوس اللاهوتي: "وهكذا إذاً، فإن أقدس الأقداس التي هي محجوبة عن السارافيم أيضاً وتتلقّى التمجيد بتقديسات مثلّثة تجتمع في سيادة واحدة ولاهوت واحد. وهذا ما قد استنتجه أيضاً من كانوا قبلنا من السلف الصالح وذلك بأقوال أكثر جمالاً وأعلى سموّاً". تقليد الكنيسة عن هذا النشيد، في عهد بروكلُس الحبر: وعليه، فقد أجمع المؤرخون الكنسيّون على القول بأنّ الشعب القسطنطيني، في عهد رئيس الأساقفة بروكلس، فيما كان يقوم بابتهال لإبعاد محنة إلهية، وإذا بطفلٍ من الشعب قد اختطف بالروح وتلقن -بتعليم ملائكي- النشيد المثلث التقديس على النحو التالي: "قدوس الله. قدوس القوي. قدوس الذي لا يموت. ارحمنا". ولمّا عاد الصبيّ إلى وعيه، أخبر بما تعلّم. فأخذ الجمهور كلّه يترنّم بالنشيد فتوقفت المحنة للحال. وفي المجمع المقدس العظيم المسكوني الرابع، أعني الخلقيدوني، قد تمّ تسليمّ النشيد المثلث التقديس كما هو للترنيم، وعلى هذا النحو قد صار تدوينه في أعمال المجمع المقدس المذكور. إنها إذاً لسخرية مضحكة حقاً أنَّ النشيد المثلث التقديس الذي أشار به الملائكة وتحقق بوحي من إرشادهم وتثبت رسمياً في مجمع آباء جزيل عددهم وكان قبلاً قد ترنّم به السارافيم، على أنه يوضح أقانيم اللاهوت الثلاثة، ينتهي به الأمر أن يوطأ بتفكير سخيف من القصار، ومن ثم يكون عرضة لإصلاحه من مغالاة السارافيم! فيا للاعتداد بالذات، حتى لا أقول: يا للغباوة! - أما نحن فإننا نتابع الهتاف هكذا، ولو خزي الشياطين، ونقول: "قدوس الله. قدوس القوي. قدوس الذي لا يموت. ارحمنا".
المزيد
18 ديسمبر 2024

أخلى ذاته ج3

عاش يسوع مُضطهدًا في حياته إن السيد الرب لم يخل ذاته فقط من المجد اللائق أن يحيط بلاهوته، بل أخلى ذاته حتى من مجد البشرية أيضًا، فكان محتقرًا ومخذولًا من الناس، رجل أوجاع ومختبر الحزن محتقرًا فلم يعتد به (إش53: 2، 3) أمسكوه مرة حجارة ليرجموه (يو10: 31) ومرة أخري "أخرجوه خارج المدينة وجاءوا به إلى حافة الجبل حتى يطرحوه إلى أسفل (لو4: 29) وطاردوه في كل مكان، محاولين أن يصطادوه بكلمة ولم تكن له كرامه في وطنه وتقبل كل هذه الإهانات الكثيرة وهو الذي لم يفارق لاهوته ناسوته لحظة واحدة ولا طرفة عين قالوا له إنك سامري وبك شيطان! وقالوا عنه إنه أكول وشريب خمر، ومجدف، وضال، ومُضِلّ قالوا إنه ناقض للشريعة وكاسر للسبت، وإنه ببعلزبول يخرج الشياطين فبماذا أجاب المسيح؟ ما أجمل قول القداس الغريغوري "من أجلى احتملت ظلم الأشرار بذلت ظهرك للسياط وخديك أهملت للطم" كيف أن هذا الذي تجثوا أمامه كل ركبه مما في السماء وما على الأرض، الذي ليست السموات طاهرة قدامه، كيف أنه "لم يرد وجهه عن خزي البصاق "؟! الجواب الوحيد أنه أخلى ذاته وهكذا ضربوه ولطموه ما أعجبه في إخلائه لذاته! يصل الأمر بخالق السماء والأرض أن يسمح لإنسان من تراب أن يصفعه على وجهه، ويقبل ذلك ويسكت! " ظلم أما هو فتذلل ولم يفتح فاه كشاه تساق إلى الذبح وكنعجة صامته أمام جازيها، فلم يفتح فاه" (إش53: 7) ووصلت الاستهانة بإله الكل الذي أخلي ذاته، إلى أنهم فضلوا عليه رجلًا قاتلًا ولصًا هو بَارَابَاس، طالبين أن يصلب المسيح بل وصلت المهانة بإله الكل إلى أن أصبح ثمنه ثلاثين من الفضة، ثمن عبد!! إنه لم يأخذ فقط شكل العبد، وإنما بيع أيضًا بثمن عبد استغل الناس إخلاءه لذاته فلم يمتنع عن إخلاء ذاته، من أجل الناس وكما عاش مضطهدا في حياته، عاش مضطهدًا بعد مماته أيضًا فحتى قبره كانت تحرسه الجنود المدججة بالسلاح، خائفين أن (ذلك المضل!!) يقوم "فتكون الضلالة الأخيرة أشر من الأولي" (مت27: 63، 64) وهكذا ختموا القبر بالأختام، وضبطوه بالحراس وهكذا لاحقوا بالشتائم بعد موته وادعوا أن تلاميذه أتوا ليلًا وسرقوه ودفعوا في سبيل ذلك ما دفعوه من رشوة. جرأة الشيطان على المسيح! عبارة "أخلى ذاته" لم تنطبق عليه في فترة ميلاده فحسب، بل صاحبته طوال حياته على الأرض في الجسد ومن أجل أنه أخلى ذاته، تجرأ الشيطان ليجربه ووصل الرب في إخلائه لذاته، إلى حد أنه ترك الحرية للشيطان، يختار الزمان والمكان ونوع التجربة ما أشد على النفس قول الكتاب "ثم أخذه إبليس إلى المدينة المقدسة، وأوقفه على جناح الهيكل " وأيضًا " ثم أخذه إبليس إلى جبل عال جدًا" (مت4: 5، 8) إبليس "يأخذه"، "ويوقفه" حيثما يشاء!! يا للهول..! ما أشد هذا الإخلاء للذات من يحتمله؟! وإذا بهذا الإله الكامل في معرفته المخبأة فيه كل كنوز العلم والمعرفة، يقول عنه الكتاب أن الشيطان "أراه" جميع ممالك الأرض ومجدها!! "أراه"؟! وهو الذي يري الخفيات والمكنونات، ويعلم حتى أعماق الفكر وبواطن القلوب وهذه الممالك، التي كلها من صنعه، وكلها له، والتي بيده بقاؤها وانحلالها، يقول له الشيطان "لك أعطي هذه جميعها"وتصل الجرأة بالشيطان أن يقول له "إن خررت وسجدت لي "!! هل إلى هذه الدرجة تصل الجرأة؟! ما أعجبك يا رب! من يقدر على مثل هذا الإخلاء؟! وأخيرًا: يعوزنا الوقت إن تحدثنا عن كل نواحي إخلاء الرب لذاته الأمثلة عديدة، لا تحصي وإخلاء الرب لذاته له جذور ممتدة في العهد القديم، أتركها حاليًا لتأملاتك الخاصة. أخلى ذاته ورفع شأن أولاده العجيب أن المسيح إلهنا بقدر ما كان يخلي ذاته، كان من الناحية الأخرى يرفع شأن أولاده أخذ شكل العبد، وأعطانا أن نصير شركاء الطبيعة الإلهية! (2بط1: 4) حقًا كما تقول تسابيح الكنيسة " أخذ الذي لنا، وأعطانا الذي له". وهكذا صارت لنا شركة معه (1يو1: 6) وصرنا "شركاء الروح القدس" (عب6: 4)، (2كو13: 14)، وشركاء في الميراث (أف3: 6) وصرنا جسده، وأعضاءه، ثابتين فيه، كالأغصان في الكرمة وصار الرب يقربنا إليه باستمرار، ويرفعنا قدامه ومع أنه ابن الله الوحيد، الكائن في حضن الآب منذ الأزل، يمسي نفسه في غالبيه الأوقات "ابن الإنسان" ونحن بني الإنسان يدعونا أولاد الله، ويكررها مرات عديدة ويقول عنا أننا نور العالم، ويطلب إلينا أن يضئ نورنا قدام الناس (مت5: 14، 16) ويدعونا أصدقاء له، وأحباء، وخاصته التي يحبها حتى المنتهي ولكن الأكثر من هذا كله أن يسمح الرب بأن ندعي أخوته! ويقول الكتاب "ومن ثم كان ينبغي أن يشبه أخوته في كل شيء" (عب2: 17) ويقول أيضًا" ليكون هو بكرًا بين أخوة كثيرين" (رو8: 29) من هم أخوته هؤلاء؟! هم نحن التراب والرماد لو أن أحد الآباء الكهنة في أيامنا، أرسل خطابا إلى واحد من أولاده، يقول له فيه "أيها الأخ العزيز "، لصاح الناس ما هذا التواضع العجيب وإخلاء الذات؟! كيف يدعو ابنه أخًا له ؟! فماذا نقول إذن عن رب الأرباب عندما يدعونا إخوته؟! بل أكثر من هذا أن الرب كثيرًا ما يختفي لنظهر نحن فعندما ظهر الرب لشاول الطرسوسي ودعاه، فاستجاب وقال "ماذا تريد يا رب أن أفعل" (أع9: 6) حوله الرب إلى القديس حنانيا في دمشق قائلًا له "قم وأدخل المدينة فيقال لك ماذا ينبغي أن تفعل" (أع9: 6) وظهر الرب في رؤيا لحنانيا، وكلمة من جهة شاول، فشفاه وعَمَّده ونقل إليه رسالة الرب إن عمل الكهنوت كله، وكل أعمال الخدمة والرعاية، هي أعمال للرب، يعمل فيها الله في اختفاء، ويجعلنا نحن ظاهرين في الصورة هو يعمل فينا، وهو يعمل بنا، وهو يعمل معنا، ولكنه غير ظاهر، أما نحن فنبدو للناس، كأننا نعمل بينما " ليس الغارس شيئًا ولا الساقي، بل الله الذي ينمي" (1كو3: 7) ولكن الله كثيرًا ما يعطي السلطان لأولاده، دون أن يستخدمه مباشرة والمطلوب من الخدام الذين يعمل فيهم الله في اختفاء، أن يختفوا هم ليظهر الله فمجد الله لا يجوز أن يعطي لآخر أما الخدام فعليهم أن يصلوا قائلين"ليس لنا يا رب ليس لنا، ولكن لاسمك القدوس أعط مجدًا" (مز115: 1) وعمل المعجزات يعمله الله أيضًا في اختفاء عن طريق أولاده فيظهرون هم في الصورة، أما الرب فيقول لهم في حب "من يكرمكم يكرمني"الله يرسل السيدة العذراء، أو الملاك ميخائيل أو مارجرجس أو غيرهم من القديسين، فيعملون معجزات، ويمجدهم الناس، ويفرح الرب بأن أولاده يتمجدون بل كثيرًا ما يقع إنسان في ضيقة، فيصرخ مستغيثًا "يا مارجرجس"، ويسمع الرب، فيرسل مارجرجس، فينقذه أو ينذر إنسان نذرًا للعذراء ويفرح الرب ويستجيب بل أن الكنائس وهي كنائس الله سمح أن تبني على أسماء أولاده فنقول كنيسة العذراء، وكنيسة مارجرجس، وكنيسة الأنبا أنطونيوس، وكنيسة مارمرقس وكلها بيوت للرب ولكن الرب يفرح بأولاده بل حتى شريعة الرب ينسبها أيضًا لأولاده أحيانًا، فيقول:- "ناموس موسي" أو "شريعة موسى"، بينما هي شريعة الرب لا غيره ويقول الرب للأبرص "قدم القربان الذي أمر به موسي" (مت8: 4) ويقول أيضًا "موسى من أجل قساوة قلوبكم أذِن لكم أن تطلقوا نساءكم" (مت19: 8)، بينما الذي أذن هو الله، والذي أمر هو الله ولكن الله يرفع من شأن موسي، ويضع اسمه بدلًا من نفسه..! تواضع الله في رفع قديسيه مَنْ هم هؤلاء يا رب الذين تريد أن تظهرهم؟ إنهم تراب ورماد، عدم وليس لهم وجود ولكنهم أحباؤك، قديسوك هناك عبارة عجيبة في العهد القديم، وقفت أمامها منذهلًا لحظات طويلة في قصة الله مع موسى النبي عندما ثقلت المسئولية على موسي، قال له الرب "اجمع إلى سبعين رجلًا فأنزل وأتكلم معك هناك. وآخذ من الروح الذي عليك وأضع عليهم، فيحملون معك ثقل الشعب" (عد11: 16، 17) تصوروا، الله يأخذ من الروح الذي على موسى ويضع عليهم! وما هو الروح الذي على موسى؟ أليس من عندك يا رب؟! كيف تأخذ منه؟ وكيف تأخذ منه أمام كل هؤلاء؟ أعطهم أنت من عندك مباشرة كما أعطيت لموسى، أنت يا مصدر كل عطية صالحة، أنت مصدر الحكمة والتدبير والفهم كلا، إنني آخذ أمامهم من الروح الذي على موسى، وأضع عليهم، وأرفع شأن موسى في أعينهم مبارك أنت يا رب في كل تدبيرك الصالح الله يحب أولاده، ويريد أن يكرمهم، في السر والجهر بل أن الله كثيرًا ما كان يسمي نفسه بأسماء أولاده فيقول "أنا إله إبراهيم، وإله إسحق، وإله يعقوب" (خر3: 6) ما هذا يا رب؟! إنهم هم الذين ينبغي أن ينتسبوا إليك الله يختفي ويظهر أولاده وهم بالمثل يختفون لكي يظهر هو أنها محبة متبادلة ومن المظاهر العجيبة في إخلاء الرب لذاته، ورفع شأن أولاده، قصة عماد الرب من عبده يوحنا بن زكريا يوحنا الذي لم يكن مستحقًا أن ينحني ويحل سيور حذائه، يوحنا الذي قال له في صراحة "أنا محتاج أن أعتمد منك"، يقف أمامه رب المجد قائلًا "اسمح الآن" فسمح له، واعتمد الرب منه يا للعجب رئيس الكهنة الأعظم، وراعي الرعاة، الكاهن إلى الأبد على طقس ملكي صادق يأتي ليعتمد من يوحنا، بينما تنفتح السماء، ويسمع صوت الآب قائلًا "هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت" (مت3: 13-17) كانت معمودية يوحنا للتوبة ولم يكن السيد المسيح محتاجًا إلى التوبة مطلقًا لأنه قدوس بلا عيب فلماذا أعتمد؟! الذين جاءوا إلى يوحنا ليعتمدوا جاءوا معترفين بخطاياهم (مت3: 6) ولم تكن للرب خطايا يعترف بها، ويتوب عنها ويعتمد بسببها، حاشا فلماذا اعتمد إذن؟! إنه من أجلنا أخلي ذاته وأخذ شكل العبد وبنفس الوضع، من أجلنا اعتمد من أجلنا أخذ شكل الخطاة، إذ وضع عليه إثم جميعنا، ووقف يطلب عنا معمودية التوبة، كنائب عن البشرية الخاطئة. أخلى الرب ذاته لكي نستطيع أن نتمتَّع به ونوجد معه:- كثيرة هي الأسباب التي لأجلها أخلى ذاته، نذكر منها: 1- لكي نستطيع أن نتمتع به ونوجد معه: لو أنه احتفظ بجلال لاهوته، ما كان إنسان يستطيع أن يقترب إليه ما كان تلميذه يوحنا يجرؤ أن يتكئ على صدره، وما كان الأطفال يستطيعون أن يجروا نحوه ويحيطوا به ويهرعوا إلى حضنه، وما كانت المرأة الخاطئة تستطيع أن تتقدم نحوه وتمسح قدميه بشعرها. بل ما كانت العذراء تستطيع أن تحمله على كتفها أو ترضعه من ثديها لو كان قد نزل في قوة لاهوته، لكان الناس يرتعبون منه ويخافون إن الرب عندما نزل على الجبل ليعطي الوصايا العشر "أرتجف كل الجبل جدًا، وصار كل الجبل يدخن، وصعد دخانه كدخان الأتون" (خر19: 18) و"أرتعد الشعب ووقفوا من بعيد وقالوا لموسى تكلم أنت معنا فنسمع. ولا يتكلم معنا الله لئلا نموت" (خر 20: 18، 19) وهكذا رأي الرب أن يخلي ذاته، حتى يمكن للناس أن يختلطوا به دون أن ترعبهم هيبته، أو يصدهم جلاله إن موسى النبي، عبد الرب، عندما قضي معه أيامًا على الجبل لأخذ اللوحين نزل فإذا وجهه يلمع لم يستطيع الناس أن يحتملوه: "فخافوا أن يقتربوا إليه" (لذلك كان يضع على وجهه برقعًا حتى يحتمل الشعب أن ينظروا إليه (خر34: 29 ، 35) فإن كان هذا هو الجلال الذي أخذه موسى من عشرته للرب، فماذا يكون جلال الرب نفسه؟! وإن كان الناس لم يحتملوا النور الذي على وجه موسى وهو نازل من عند الرب، فكيف تراهم كانوا يحتملون نور مجد الرب الذي قال عنه القديس يوحنا الرسول في رؤياه أن: "وجهه كالشمس وهي تضئ في قوتها" (رؤ1: 16)؟! إنه عندما ظهر لشاول الطرسوسي، عميت عيناه من قوة النور وظل فترة لا يبصر والقشور تغطي عينيه فمن كان يحتمل أن يرى الرب في مجده من يرى الرب ويعيش؟! وعندما أظهر الرب شيئًا من مجد لاهوته على جبل التجلي، كان التلاميذ مرتعبين، ولم يكن بطرس يعلم ما يتكلم به (مر9: 6) ولما سمعوا الصوت من السحابة "سقطوا على وجوههم، وخافوا جدًا" (مت17: 6) كيف كان ممكنًا إذن أن يحتمل الناس مجد الرب لو لم يخل ذاته؟ وهو أيضًا من أجل إنكاره لذاته، لم يأخذ معه كل تلاميذه إلى جبل التجلي، ولم يعلن هذا المجد للجميع وحتى الذين شاهدوا مجده "أوصاهم أن لا يحدثوا أحدًا بما أبصروا إلا متى قام" (مر9: 9) إن إخفاءه لأمجاده مظهر آخر من إخلاء الذات كان الرب يستطيع باستمرار أن يكون في مجد التجلي بين الناس، ولكنه لم يفعل كان يريد أن يتمتعوا به، ويختلطوا به، لا أن يرهبوه. قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث عن كتاب تأملات في الميلاد
المزيد
17 ديسمبر 2024

الأحد الأول ميمر بشارة الملاك لزكريا لماريعقوب السروجى

السموات تخبر بمجد الرب أقام العالم من لا شيء وحين أظلم العالم أرسل الكلمة ابن الله فاشرقت لتعلمه اختار أن يرسل الصوت أمامه واذ كان يوجد من اللاويين الكاهن زكريا وأيضا اليصابات ابنة اللاويين وكانا بارین ممتلئين ايمانا فأرسل لهما الملاك ليبشرهما بميلاد كارز عظيم كانت اليصابات عاقرا من أجل ميلاد ذلك البتول لكي يكثر الدهش انحفظت امرأة الكاهن ليجوز زمان شيخوختها فتلد الصوت للكلمة الآتي للعالم شاخ زكريا الكاهن و عبر زمان شبابه ،وطالت أيام اليصابات في العقر لكى بالعجب يصير مولودهما الذي يمهد الطريق قدام العجب الآتى للأرض ،ولما بلغ الزمان أن يظهر الكلمة ذاته أمر ذلك الصوت أن يأتى قبله فلما كان الكاهن الشيخ في قدس الأقداس يكهن قدام الله وقف به عظيم القوات واتى بالبشارة الممتلئة دهشا له ملاك نوراني يبشره بميلاد يوحنا قال له يا زكريا ان صلواتك سمعت أمام الله وها اليصابات امرأتك تلد لك ابنا في شيخوختها ستحبل العاقر وتلد صوت الكلمة الكارز بالحق الذي يهيء الطريق قدام الملك الآتي للارض كوكب نور ارسلته شمس البر قدام وجه الرب ويمضى امامه بروح وقوة ايليا النبي سمع زكريا الشيخ البشارة ومن عظمها تحير ،ولم يتفرس في قوة الله اختبط لشيخوخته و عقره فحقر البشارة الممتلئة دهشا وبدأ يرد على الملاك قائلا كيف يمكن هذا الذي سمعته وأنا شيخ وعتيق الأيام و امراتی شاخت و عبر زمانها كيف يكون الثمر من الشجرة اليابسة كيف يكون العنقود من الكرمة التي لا ثمار لها ،وليس للجسم الذي عتق أن يعطى حليبا قال له الملاك قل لى يا زكريا كيف تقول وتنسى الم تأخذ النذور من العاقرات وتعدهن ان الرب قادر أن يعطى ابنا لهؤلاء العاقرات وبعد كم من الوقت اتيت ببشارة امك سارة العجوز العاقر التي ولدت ابنا في شيخوختها ،وراحيل العاقر ،وحنة فاذا أراد مصور الأطفال لا تمنع الشيخوخة تلك الثمرة كنت تشجع بنات شعبك ولم تترك أحدا يقطع الرجاء فلماذا تحل الآن كلام تعليمك جميعه ،وان لم يسهل أن يكون لك أبناء كيف صليت وسألت ؟ ألم تعلم أن الرب يستجيب لدعائك ألا تعلم أن كل شيء سهلا لدى الخالق ،وليس شيء الا من قبله انت معلم وكاهن عظيم عارف بالكتب ووسيط الاسرار الالهية أنا هو جبرائيل الواقف قدام الله ولم تصدق كلامي فالان تكون ساكنا أخرسا لا تتكلم الى أن يكون ابنك يوحنا فينفتح فمك لأن السكوت أفضل من الكلام بدون افراز سكت الكاهن في قدس الأقداس فأدرك الشعب انه رأى منظرا ولو لم ينظر شيئا لم يسكت الكاهن بهی و مقدس وممتلىء حسنا ،والذي أتاه بالبشارة ملتهب بالنور مكان مقدس کاهن بار ملاك مخوف خبر حقیقی و استعلان مرتفع ممتلىء دهشا وكان الكاهن يدخل القدس دفعة واحدة في السنة في الشهر السابع ليكهن فكان ذلك له في عيد المظلة ولم يدخل عظيم الكهنة لقدس الأقداس الا من يمين مذبح البخور ،وصار لزكريا الكاهن استعلان في قدس الأقداس المكان البهى النوراني من ذلك الوقت شهر تشرين الشهر الذي حبلت فيه العجوز اليصابات زكريا الكاهن كان له مثال وقياس بالعواقر التي ذكرت کما صار اسحق لابراهيم وسارة فسال ولم يكن محتاجا للسؤال من أجل هذا سكت الكاهن العظيم الذي سؤاله هذا ام يشبه مريم البتول اذ سمعت من البشارة كلمة جديدة لم تسمعها انها تحبل وتلد وهى بتول انه عمل لم يكن ولا ينتظر قط ،وهذا يحتاج الى سؤال وتفسير،وكما كان زكريا ملاما عندما سال هكذا العذراء مريم كانت تلام ان سكتت اذ حسنا تكلمت لأنها اضطرت فان سكتت لا يتفسر خبر الابن وهكذا قبل الملاك سؤالها بمحبة ،واعطى الشيخ سكوتا لئلا يتجاسر فليكن الكلام بافراز زكريا تكلم وكان ينبغى الهدوء مريم العذراء تكلمت وحسنا تكلمت سكتت حواء ولم تتكلم فحزنت اذ غشتها الحية وأعطتها البشارة الممتلئة موتا ووعدتها باللاهوت فلم تفحص ذلك قالت لها حين تأكلان من الشجرة تصيران آلهة فصدقتها ،وكان يليق بها أن ترد على ذلك الكذاب فلو فحصت الأمر لهرب منها اذ يهرب الكذب عندما يظهر الحق ذاته فمن ثم وقت يضطر الانسان للكلام ثم موضع آخر ينبغى فيه السكوت بافراز فكان ينبغى السكوت لزكريا الکاهن في قدس الأقداس حين بشره الملاك بيوحنا ،واذ لم يسكت أسكته الملاك بغير ارادته اذ يحبه فزينه بالسكوت اللائق به لقد أحاط بالعاقر اليصابات حزنان قائله انا عاقر وغم الشيخ صار عاقرا وليس له كلمة يتعزى بها الامراة عاقر وهو ساكت حبلت العجوز بدهش عظيم ويالعجب ثبتت لذاتها انحبس فيها الصوت ليصير مفتاحا لحضن العاقر من بدء طريقه تربى بالدهش وبميلاده فتح رحم أمه وغم أبيه بيوحنا ولدت العاقر وتكلم الأخرس به اتصلح الرحم العاقر والفم الأخرس مبارك الهنا الذي اختاره وأكثر من حسنه له المجد الدائم الى الابد آمین. القمص سمعان السريانى عن كتاب روحانية قراءات شهر كيهك
المزيد
16 ديسمبر 2024

بمناسبة قدوم شهر كيهك صوفونيوس

عندما يأتي شهر كيهك كلّ عام، ونبدأ في الانشغال بتسابيحه الجميلة، يطفو على السّطح هذا السؤال: مَن هو "صوفونيوس" المذكور في بعض المدائح العربيّة التي نشدو بها في تسابيح كيهك؟ هل هو صَفَنيا النبي أم شخصٍ آخَر؟! سنحاول بنعمة المسيح في هذا المقال اكتشاف مَن هو صوفونيوس؟! في البداية مِنَ المهمّ أن نعرف أنّ المدائح العربيّة لشهر كيهك كلّها كُتِبَت حديثًا في القرن السابع عشر والثامن عشر بواسطة مجموعة من المرتّلين وبعض الآباء الكهنة وأحد البطاركة (البابا مرقس الثامن) يجيء ذِكر صوفونيوس في المدائح مصحوبًا بنبوءةٍ ملخّصها أنّ تجسُّد السيّد المسيح سيكون مثل نزول قطرات مياه من السماء على الأرض بدون وجود سحاب، إشارة إلى ولادة السيّد المسيح بدون زرع بشر.. ولنأخُذ بعض أمثلة من هذه المدائح: "صفونيوس قال قولاً موصوف، عن حَبَلِك بالملك القدوس، مثل مطر ينزل على الصوف، السلام لكِ يا أم بخريستوس" (مديح التوزيع الكيهكي للقمّص متّاؤس البهجوري). "صوفونيوس خَبّر، عن ميلاد بِخريستوس، أنّه ينزل كندى ومطر، ماريا تي بارثينوس" (مديح على ثيؤطوكيّة الإثنين للمعلّم غبريال). "صوفونيوس شرح بكلام، عن تدبير اللاهوتيّة، ينزل كالقَطْر بغير غمام، طوباكِ يا زين البشريّة" (مديح العُلَّيقة على ثيؤطوكيّة الخميس للمعلّم غبريال). فكرة نزول الندى على الأرض بدون وجود سحاب جاءت في حياة جدعون، كعلامة طلبها من الله فأعطاها له، عندما وضّع جزّة صوف في البيدر فنزل طَلٌّ على الجُزّة وحدها، بينما كان جفافٌ على الأرض كلّها.. (قضاة6: 36-40) وكان هذا إشارة أنّ الله سيأتي ويحلّ بقوّته المعجزيّة ويرافق جدعون في الحرب، ويخلِّص شعب إسرائيل على يده عندما نبحث عن هذا المعنى في سِفر صَفَنيا الذي هو أحد الأنبياء الصغار، فسوف لا نجده نهائيًّا من قريب أو بعيد.. ولكنّنا سنجد المعنى في موضع آخَر في سِفر المزامير، فقد جاء ما يلي في المزمور 72 الذي يتكلّم عن المسيح الملك الآتي لكي يخلّص البائسين ويقضي لمساكين الشعب ويسحق الظالم "ينزل مثل المطر على الجُزاز، ومِثل الغيوث الذارفة على الأرض" (مز72: 6) والعجيب أنّ هذا المزمور كتبه سليمان الحكيم، وليس داود أو أحد المرنمين الآخَرين فإذا كان معنى كلمة "الحكمة" باللغتين اليونانية والقبطيّة هو "صوفيا Sofia" فليس ببعيد أن يكون "صوفونيوس" المقصود هو "سليمان صاحب الحكمة" الذي تنبّأ عن مجيء المسيح متجسِّدًا بدون زرع بشر لكي يخلّص شعبه، وأَدْرَجَ هذا المعنى مع مجموعة أخرى من النبوءات الجميلة في مزموره البديع جدير بالذِّكر أن الكنيسة وضعت آية طويلة من هذا المزمور 72 قبل إنجيل باكر في قراءات عيد الميلاد المجيد من هنا يتّضح لنا بكلّ تأكيد أن "صوفونيوس" المذكور في مدائح شهر كيهك ليس هو صَفَنيا النبي، بل في الأغلب هو سليمان الحكيم (ذو الحكمة) وهو الذي قَصَدَتْهُ المدائح الكيهكيّة لتأكيد تحقيق نبوءته في المزمور 72 عن السيّدة العذراء التي حبلت بالسيّد المسيح المُخلِّص بدون زرع بشر، وقدّمته لنا محمولاً على ذراعيها لقد أتى السيّد المسيح إلينا متجسِّدًا كقطرات الندى، لكي يروي أرضنا القفرة بندى نعمته كلّ كيهك وحضراتكم بخير. القمص يوحنا نصيف كاهن كنيسة السيدة العذراء بشيكاجو.
المزيد
15 ديسمبر 2024

انجيل قداس الأحد الأول من شهر كيهك

تتضمن ذم مجالس الاغانى والسكر والتسرع في الحلف مرتبة على فصل انباء الملاك بولادة يوحنا( لو ١ : ١-٢٥ ) اسمعوا قول الانجيل المقدس يا من تحضرون محافل السكر وتسهرون برؤية الراقصات المهيجات بأفعالهن الشريرة للطبيعة البشرية وافزعوا من حبائل الشيطان المحتال ومن حفائره العميقة لأنه استظهر سابقاً على هيرودس الشقى وأقتاده من الخطية الصغيرة إلى الكبيرة فلينه بالتنعم وألهبه بالتعظم وأوقعه في تحكيم الفتاة الشريرة بتهورة في القسم ليقتاده بواسطته إلى جريمة القتل قال البشير مرقس إن هيرودس أقسم للصبية : " أن مهما طلبت منى لاعطينك حتى نصف مملکتی" ولم يكن قصد الشيطان أن يذبح القديس بل إنما كان قصده إن يذبح هيرودس نفسه فحبائل هذا الخبيث دقيقة عميقة وحيلة طويلة وثيقة وإني عندما افتكر تلك الحادثة المهولة أستغرب مما جرى في ذلك الزمان ولكن يزول تعجبى بسرعة حينما أسمع بما يجرى في وقتنا هذا أى بعد حلول النعمة الالهية وانتشار شريعة الفضل بيننا والعمل بها من كثيرين أفاضل أتقياء وذلك أن جماعة من المسيحيين يجودون على الراقصات والمغنيات ليس بكل ما يمتلكونه فقط بل وبذواتهم أيضاً بدون أن يتقدم اليهم المحتال ويضبطهم بقسم كهيرودس لكنه يستأسرهم باللذة النجسة ويقهرهم بالشهوة فقط وهذه هى طاعة الآباء التي أنكرها المسيح بقوله " من أحب اباً أو أماً أكثر مني فلا يستحقني " فإن تلك الإبنة قد أطاعت أمها في مخازى كثيرة منها التهتك بحضرة كثيرين لا سيما حينما طلبت من الملك قتل القديس يوحنا المعمدان أجرة عن تهتكها وهو قتل محرم كانت نتيجته الحزن بدل الفرح قد تم هذا كله بتدبير المحتال ، لأنه حيث يكون رقص فهناك يكون الشيطان لأن الرقص مخالف لارادة الله تعالى الذى لم يعطنا الأرجل لنقفذ بها مثل الوحوش والبهائم بل لنمشى بها بنظام فتأمل ياهذا في تلك المسألة ما أقبحها !!! وانظر إلى إمهال الله تعالى وكيف أنه ما أنزل عليهم ناراً من السماء لتحرقهم ولا أمر الارض لتفتح فاها وتبتلعهم لانه لا يشاء موت الخاطئ بل بأن يرجع عن طريقه ويحيا لكى يقبله ويكلله وليكن ما جرى في ذلك الزمان سلوة لمن يقاسي المكروه من حور الأشرار واسمعوا ايضاً يا معشر الذين يبتدئون بالقسم على ما يملكون أو ما لا يملكون وعلى ما يعلمون أو مالا يعلمون أليس انكم بذلك تجعلون أقواماً أخرين بل والشياطين أيضاً حكاما فيكم يتسلطون عليكم فذلك الشقى هيرودس ظن بجهله أن الشقية تطلب منه شيئاً ملائماً للوليمة ولخادماتها وللموسم أيضاً إلا أنه لما طلبت منه خلاف هذا كله لم يردها بل تمم لها مطلوبها وهذا وأمثاله من طباع الزناة لأن التهيئ لهذا الامر يستعد دائما لقتل كثيرين ظالمين ومظلومين فالأم الشقية لقنت ابنها ذلك الكلام المكروه وهيرودس التزم حينئذ أن يخفيه عن أهل بلد طالما أشاعوه في كل المسكونة وذلك لأن خبر يوحنا المعمدان قد نودی بي في كل مكان وصار يتلى بكل لسان ولا عجب لان هكذا شأن الجاهل الشرير الغادر أن ينظر فقط إلى وقته الحاضر كالجربان الذى يحك جربه أو المحموم الذي يبرد بالماء لهيبه وانظر كيف أن الانجيلي ذكر خبر هذه الحادثة عاذراً هيرودس بقوله اغتنم الملك ولكن من أجل الاقسام والمتكئين معه أمر أن يعطى فأرسل وقطع رأس يوحنا في السجن فأحضر رأسه على طبق ودفع إلى الصبية فجاءت به والصبية والأم الشقية كانوا أولى بالتوجع من المغبوط يوحنا فلنتشبه إذن يا اخوتى بالانجيلي في الاعتذار ولنتجب الالفاظ القبيحة في وصف الاشرار فإنه فى سرد هذه الواقعة لم يقل إن الابنة تلقنت من الدنسة القاتلة ولكنه قال من الام وكذلك لم يقل عن هيرودس انه الظالم الفاجر ابن القاتل بلى دعاه رئيس الربع واعتذر له من غير خروج عن الصدق فقد سماها بأفضل ما لهما أعنى بالأم وبالرئيس وكذلك لم يقل عن الفتاة المنتهكة في بكوريتها إنها ابنة الزانية القاتلة بل قال ابنة هيروديا والصبية كأنه بذلك يعذرها أيضاً بسبب صغر سنها أما نحن فنشتم القريب بل والأخ مواجهة ونذكره بأرد الأوصاف وأقبح الالفاظ كأنه غير انسان لكن القديسين يرحمون ويرقون للخطاة من غير أن يلعنوهم فلنماثلهم ايها الأحباء ولنبك على ذلك المجمع وبالأكثر على تلك المجامع التي تماثله في وقتنا هذا بعد ورود النعمة وظهور حكمة الشريعة المسيحية فإن مثل ذلك المجلس وأردأ منه بكثير تقوم مجالس وتنتظم في وقتنا هذا فهى وان لم تبح قتل يوحنا لكنها تولد هلاك أعضاء المسيح وذلك لأن الراقصات الأن لا يطلبن بعجبهن قطع راس لكن هلاك أنفس فقل لى الآن يا هذا كيف يمكن وأنت في حال سكرك أن تنظر إلى أمرأة متهتكة وبشكلها ولفظها ولا تقهرك الشهوة الحيوانية وتلهبك بسعيرها وتهبطك في حفرتها ؟ فتتم فيك حينئذ تلك الشقاوة التي ذكرها الرسول بقوله " الستم تعلمون أن أجسادكم هي أعضاء المسيح أفأخذ أعضاء المسيح واجعلها أعضاء زانية حاشا " فتلك الابنة وأمها الملقنة لها الشر هما غير حاضرين الآن . إلا أن الشيطان الذى نظم ذلك المجلس هوحاضر وهو أبو هؤلاء الراقصات ويعلمهن كل حين طلب النفوس ولا يبقى حيلة مهلكة إلا ويستعملها نعم قد يمكن أن بعض الحاضرين يترفع عن السكر ولا يتأثر منه إلا انه قد يشترك مع الباقين فى شرور أخرى بكثير والمجامع الحاضرة لا تخلو من مثل ذلك قال الحكيم" لمن الويل لمن الشقاوة لمن المخاصمات لمن الكرب لمن الجروح بلا سبب لمن أزمهرار العينين للذين يدمنون الخمر الذين يدخلون في طلب الشراب الممزوج " فلهذا لا تخلو العزائم والولائم من دينونة حيث يعمل فيها كثير مما لا حاجة به وما لا تدفع اليه ضرورة الاحتياج فلماذا ننفق إذن مال المسيح هكذا بالباطل ونتركه جائعاً عطشاناً وعرياناً ؟ على أنى لست اخاطب الآن بهذه الأقوال أولئك الذين يحضرون إلى موائدهم ومجالسهم الزواني والمضحكين وغيرهم إذ لا كلام لي معهم كما أنه لا كلام لي مع الشياطين وإنى أيضاً لا أخاطب بهذه الاقوال أولئك الذين يظلمون ويشرهون ويملأون بطونهم وبطون غيرهم حاشا ثم حاشا لانه لا يليق بي أن أخاطب الذئاب والخنازير وغنما أقوالى هذه موجهة إلى الذين يتنعمون ويتلذذون ويعملون في الولائم بما يفضل عنهم مالا حاجة إليه وينعمون غير المحتاجين ولكنهم لا يشبعون مقلا ولا مضطراً ولا يجالسون عالماً نصوحاً خيراً فنديمك يا هذا المضحك لك هو خادمك ووكيلك وأغنياء جيرانك هؤلاء هم الذين يشبعون من طعامك وأما أخوك في بنوة إلهك وسيدك ورازقك فلا تفتح له بابك ولا تعطيه من خبزك فذاك لاجل الضحك يجالسك ويتنعم معك وهذا لا تعطيه عشر ما تمنح ذاك ز ذاك تكرمه لئلا يذمك وأما هذا فتهينه ولا تخشى العقوبة في جهنم المعدة لابليس ومن يطيعه فإن كنت يا هذا بحسب الطبع تقشعر سامعاً فأولى بك أن تقشعر عاملاً . وخير لك أن يتكئ معك المسيح لا المستهزئ المضحك لك وأن يجلس على مائدتك ذاك الذى أعطاها لك ويؤاكلك ليكرمك ويعينك ويثبتك فانه يكرم المائدة كما أكرم تلك التي كانت زانية وأنى بها ونصرها على الشيطان لما أكرمته وقت الأكل لا تنظر إلى حقارة المسكين ووسخ جسده ولباسه بل انظر يا هذا إلى عظمة المسيح وبهائه ولا تفكر في أن الفقير محتال وبطال أو شره وشرير بل فكر في المضحكين والحاكمين واللاعبين كيف يكذبون ويحلفون فإنهم وإن أفادوا الجاهل في الحاضر طرباً فقد أكسبوه في الآخرة عذاباً وخسراناً ولست مانعاً بهذا القول إطعام أولئك رحمة على سبيل الصدقة ولكنى أمنع فقط الامور غير اللائقة منهم وبهذا يكون منزلك كنيسة الله بدلاً من أن يكون مسكناً للأبالسة وبهذا يهرب منه الشيطان ويمتلئ من نعمة الرحمن وإن أردت يا هذا أن تستخدمهم فاقصد بذلك نفع المحتاجين واصطياد الفقراء واحضارهم إلى منزلك وبهذا لا يتوجعون من كونهم يأكلون عندك مجاناً ولا يذمون ذواتهم في بواطنهم على الاعمال المضحكة التي يعملونها تلك التي تولد الشرور وإن أردت أن تتعزى بهم أو تعزيهم فجالسهم في وقت فضائك بقراءة الكتب الالهية واستانس بهم حين الاجتماع في الصلوات وتكميل الوصايا الشرعية وسبيلهم هم أيضاً أن يبتعدوا من الخساسة النفسانية والبشاشة الشيطانية والاخلاق الصبيانية والتهم الردية حتى يكون كل ما تفعله عائدا لمجد الله تعالى وطبقا لمرضاته فسبيلنا أيها الأخوة أن نهرب من الزنا واسبابه ومن النظر إلى الراقصات ومن سماع الألفاظ القبيحة ونبتعد أيضا من الحلف جهدنا ونعرض عن معاشرة الانذال وأصحاب السير الردية بكل قدرتنا ونتعطف إلى طاعة ربنا الذي له الشكر والعظمة والوقار الآن وكل آوان وإلى دهر الداهرين آمين. القديس يوحنا ذهبي الفم عن كتاب العظات الذهبية
المزيد
14 ديسمبر 2024

ترقُّب المسيح

نبوة عن ملاخي النبي يقول عن يسوع أنه مُشتهى الأمم أي أن عيون الكل كانت تترقبه كل نبوات الكتاب المقدس وكل حديث في الكتاب المقدس تدور حول شخص يسوع المسيح من بداية سقوط آدم رأينا أن الله بيصنع ذبيحة لنفسه يريد أن يقول إن ذبيحته هي التي تستر وتُكفِّر عن خطايانا وأصبح لا يوجد أي علاج بشري يستر حتى أقمصة التين لم تسترهم لأنها تذبُل بمجرد حلول الشمس فيرجعوا إلى عُريهم ثانيةً أراد الرب الإله أن يقول لهم إن حلولهم كلها فاشلة وعاجزة عن سترهم والحل في ذبيحته سيعمل ذبيحة لأنها هي الحل الوحيد إنها ذبيحة آتية ستستر الجميع بعد ذلك تكلم عن نسل المرأة الذي يسحق رأس الحية وبدأ الكتاب المقدس كله يحدثنا عن نبوات للسيد المسيح ومجيئه لذلك فإن أكثر الأشياء التي شغلت الأنبياء أن يتكلموا عن المسيا والروح تسوقهم حتى لو كانوا لا يُدركون ما يكتبون مثال على ذلك موسى النبي وهو يكتب الآية التي تقول أن نسل المرأة يسحق رأس الحية بالطبع لم يعرف معنى هذه الآية وعندما تحدث عن الذبيحة التي تغفر الخطايا فإنه لم يعرف معنى هذه الآية وما هي الذبيحة وأيضاً وهو يُدوِّن قصة فُلك نوح كان لا يعلم أنها ترمُز إلى شخص المخلص الذي سيُنجي العالم كله من طوفان الخطية لكنه كتب وهو لم يُدرك تتوالى النبوات عن مشتهى الأمم وكلما زاد العالم في شره زاد الترقب لقدوم المخلص ونرى الكتاب المقدس متدرج في روح النبوة ويكشف لنا عن من هو المسيا الذي سيأتي ما من صفة في شخص رب المجد يسوع إلا وتجد لها أكثر من نبوة والعجيب أن اليهود رغم إنهم أتقنوا أسرار الكتاب المقدس إلا إنهم لم يستطيعوا ربط هذا بالمسيا في حين أن كل الصفات مكتوبة كل صفات السيد المسيح وردت في نبوات الكتاب المقدس سيُولد من عذراء إسمه في أي مكان سيُولد ميعاد ميلاده صفاته ( نبي ، قاضي ، ملك ، مُخلص ) أدق تفاصيله لا بداية له ولا نهاية سيُعلِّم بأمثال يصنع معجزات إن تلميذه سيخونه سيُصلب يصير محتقر ومرذول سيُعرى يُسقى خل في عطشه إنه سيقوم من الأموات الصعود إنه سيأتي ثانيةً لهذه الدرجة أرادوا الأنبياء أن يُشيروا إلى ربنا يسوع المسيح ؟! كل هذا ولم يعرفه اليهود كل هذا إلا أنه عذرهم وفتح لهم الباب ثانياً وأراهم نفسه حياً ببراهين كثيرة يوحنا المعمدان عندما أرسل للسيد المسيح تلاميذه ليسألوه هل أنت أم ننتظر آخر ؟ ( مت 11 : 3 ) رغم معرفة ويقين يوحنا المعمدان أنه هو لكنه أراد أن يسمع تلاميذه بآذانهم الكلام فقال الرب يسوع لهم قولوا له العُمي يُبصرون ( مت 11 : 5 ) بدأ كلامه عن العُمي لأن أشعياء النبي تنبأ عنه وقال أنه سيجعل العُمي يُبصرون فمن يُولد من عذراء ووُلِد في بيت لحم وإلخ وأيضاً يجعل العُمي يُبصرون فإنه يكون هو المسيا يأتي الرب يسوع ولكي يؤكد لم يفتح أعين أعمى واحد بل إحدى عشر شخص في أماكن مختلفة مشتهى الأمم الذي عيون الكل تترجاه عندما جاء لم يعرفه أحد رغم محاولته للتأكيد على هذا أشعياء النبي يقول له { ليتكَ تشق السموات وتنزل } ( أش 64 : 1) وأيوب يقول له { ليس بيننا مُصالح يضع يدهُ على كلينا } ( أي 9 : 33 ) الكل يترقب حقق كل النبوات حتى النهاية حتى يقول كل هذه القصة من أجلك إنت حذاري أن تقع في هذا الخطأ لأنه سيُضاعف عشرة مرات إن كان الناس في العهد القديم لم يُصدقوا ما حدث ربما لهم عذر لكن نحن إذا وقعنا في الخطأ أو لم نستفد مما حدث إذاً لمن هو أتى ؟ ماذا فعل ؟ ما دوره ؟ وما دورك ؟ إنه أتى وبارك طبيعتي فيه أتى وأكمل النبوات لم يستريح على الصليب إلا عندما قال " قد أُكمِل " ( يو 19 : 30 ) أي كمُلت كل النبوات أحد الأباء المُفسرين يقول { أن يسوع ظل ينتظر وينتظر حتى تكتمل النبوة ويسقوه خل }{ في عطشي يسقونني خلاً }( مز 69 : 21 ) { نكس رأسه وأسلم الروح } ( يو 19 : 30 ) تعطي دلالة على أنه له سلطان على الموت لذلك نكس رأسه أولاً أي استعد ثم أسلم الروح أي أكمل التدبير للنهاية مشتهى الأمم عليه أن يدخل حياتي نحن الذين قيل عنا " نحن الذين انتهت إلينا أواخر الدهور "( 1كو 10 : 11 ) حصلنا على كل هذه البركات دون مشقة حتى الأنبياء الذين كتبوا كل هذا لم يعوا ولم يفهموا ما كتبوه لهذا نقول في الصلاة { أن أنبياء وأبرار كثيرين إشتهوا أن يروا ما أنتم ترون ولم يروا وأن يسمعوا ما أنتم تسمعون ولم يسمعوا أما أنتم فطوبى لأعينكم لأنها تُبصر ولآذانكم لأنها تسمع } موسى النبي يرى عُليقة مُشتعلة بالنار ولكن لا يستوعب ولا يعرف أبونا يعقوب يرى سُلم طالع إلى السماء وملائكة صاعدة ونازلة إلا أن هذا المنظر بالنسبة له منظر مُفرح مُعزي ليس أكثر لكن الحقيقة هي أن بالتجسد إنفتحت السماء على الأرض والسُلم هو بطن الست العذراء الذي أعطانا كل البركات أما العُليقة المُشتعلة هي اتحاد اللاهوت بالناسوت فهل فهم ذلك موسى ؟ تخيل أنه قيل عن موسى النبي أنه " أمين في كل بيتي " ( عد 12 : 7 ) أيضاً " فماً إلى فمٍ وعياناً أتكلم معه " ( عد 12 : 8 ) كان يُكلم الله كما يُكلم صاحبه إلا أننا الأن فهمنا أكثر منه الشعب اليهودي وهو يذبح خروف الفصح كانوا يعلمون أنه هو المسيح ؟ بالطبع لم يعرفوا أن المسيح دخل أورشليم وهم يُدخلون الخرفان أيضاً لهذا يقول بولس الرسول { فصحنا أيضاً المسيح قد ذُبِحَ لأجلنا } ( 1كو 5 : 7 ) هذا هو الفصح الحقيقي الذي أعطى كفارة هو الذي أعطى الفداء من هنا نقول أن هذه هي البركات التي آلت إلينا النِعم التي حصلنا عليها بالتجسد الإلهي الذي جعلنا نرى كل الأسرار كحقائق وجعلنا نتمتع بكل النبوات ليست مجرد نبوة بل بركة من هنا نحن نسعد ونحن نقرأ الكتاب المقدس بكل نبواته التي عرفناها بل عشناها ربنا يعطينا في هذه الأيام المقدسة أن نحيا حياة التجسد الإلهي ونشعر بقيمة العطية ويفتح لنا كنوز أسرار الكتاب لكي نتمتع بوجوده في حياتنا ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته له المجد دائماً أبدياً آمين. القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا انطونيوس محرم بك الاسكندرية
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل