المقالات
25 مايو 2025
يسوع هو الطريق للحياة الحقيقية
الحياة المقصودة هنا هي الحياة الأبدية، فالحياة الجسدية لا يعترف بها كحياة لأنها مغلوبة للموت، وهي لذلك لا تُحسب عند الله أكثر من أنها حياة في الموت، أو كتصريح المسيح في قصة الابن الضال: «لأن ابني هذا كان ميتاً فعاش، وكان ضالاً فوجد»، وكتصريح بولس الرسول عن المرأة المتنعمة «فقد ماتت وهي حية» أما الحياة الحقيقية فهي حياة في الله أو حياة كل من يعيش الله حسب الروح، فهو يستمد حياته من الله نحن لم نكن نعرف شيئاً عن الحياة الأبدية ولا كنا نظن أن الله سيهبها لنا،ولكن التي فجرت الحياة الأبدية في عالم الإنسان هي القيامة التي ظفر بها المسيح بغلبته على الموت كما عبر عنها ق يوحنا «فإن الحياة أظهرت وقد رأينا ونشهد ونخبركم بالحياة الأبدية التي كانت عند الآب وأظهرت لنا» وحينما يقول المسيح «أنا هو القيامة والحياة» فهو كأنما يقول: أنا مخلصكم من الموت والفساد، أنا هو حياتكم ومحدكم، أنا الواهب لكم حب الله وفرح الرجاء وسر الخلود والقديس بولس الرسول يرى أن الحياة الأبدية التي دعينا إليها هي هدف جهادنا وسعينا والمطلوب من الإنسان أن يمسك بها: «جاهد الجهاد الحسن وأمسك بالحياة الأبدية التي إليها دعيت أيضاً» (١ تي ٦ : ١٢). فالحياة الأبدية هدف حي واقعي نمسك به هنا وهناك. هذه الحياة هي الغاية التي من أجلها جاء المسيح: "جئت لتكون لهم حياة" وهي النهاية التي من أجلها يعيش كل إنسان ويؤمن: «وأما هذه فقد كتبت لتؤمنوا أن يسوع المسيح ابن الله، ولكي تكون لكم إذا آمنتم حياة باسمه».
أمام قبر لعازر وعندما كان يتخاطب مع مرثا كشف المسيح عن إمكانياته بخصوص إقامة الميت وإعطائه الحياة، قال: «أنا هو القيامة والحياة من آمن بي ولو مات فسيحيا، وكل من كان حياً وآمن بي فلن يموت إلى الأبد». فالذي يؤمن بالمسيح يدخل هذه الحياة الأبدية الآن مباشرة بدون موت ولا دفن، بحيث لا تتوقف هذه الحياة الأبدية بعد ذلك إطلاقاً لا بموت ولا بأي شيء آخر الذي يؤمن بالمسيح لا يعود ينتظر القيامة في اليوم الأخير حتى يرى الحياة الأبدية، لأن المسيح ظهر أنه هو القيامة نفسها الآن وفي هذه الساعة، فنحن الآن لا يعطلنا موت عن قبول الحياة الأبدية، لأن المسيح الذي نؤمن به هو حياتنا كلنا. كذلك لا يعطلنا الآن انتظار القيامة العتيدة لأن المسيح الآن هو قيامتنا كلنا". يا لهذا العزاء العظيم !!
المسيح يرفعنا منذ الآن إلى حالة حياة حقيقية لا يؤثر فيها الموت الجسدي ولا يوقفها قبر ولا يقلل من قوتها اضمحلال الجسد وفناؤه، لأنها قيامة حقيقية بالروح والحق، قيامة إلهية في الله، كل من يدخلها يبقى حياً إلى الأبد، حياً في المسيح، لا يفقد من كيانه إلا ما فسد منه. لذلك يتحتم أن يفقد الجسد فساده حتى يسترده جديداً في عدم فساد.المسيح لا يلغي الدينونة أو القيامة في اليوم الأخير، ولا ينفي أن الحياة الأبدية ستستعلن جهاراً في القيامة بظهوره؛ ولكنه يزيد على ذلك كله أن القيامة والعتق من الدينونة الآتية والحياة الأبدية كلها دخلت إلى العالم بدخوله واستعلنت وظهرت لكل من آمن ويؤمن بموته وقيامته حياً من الأموات: الحق الحق أقول لكم إن من يسمع كلامي ويؤمن بالذي أرسلني فله حياة أبدية ولا يأتي إلى دينونة بل قد انتقل من الموت إلى الحياة»إذن لا خوف من الموت بعد الآن، ولا تشاؤم من عجز الإنسان، ولا رعبة من دينونة قادمة، فقد طعمنا في جسد ابن الله فسرت فينا الحياة الأبدية وعبرنا خطورة الموت واللعنة والفساد، وتجاوزنا حكم الدينونة بالضرورة، لأن الذي يدين أصبح هو نفسه محامينا بل مُبرِّئنا، بل قد صرنا متحدين بقاضينا!
كل من يتحد بالمسيح الآن فإنه يوهب الحياة الأبدية في الحال بحيث أن القيامة في اليوم الأخير تأتي مُضافة أو مترتبة على شرط حصولنا على الحياة الأبدية منذ الآن.
هذه الحياة الأبدية التي تمنح لنا لا يمكن الحصول عليها إلا بالمسيح ولا توجد وسيلة لدخولها فينا ودخولنا فيها إلا بالاتحاد بجسد المسيح ودمه: من يأكل جسدي ويشرب دمي فله حياة أبدية، وأنا أقيمه في اليوم الأخير»، «فقال لهم يسوع: الحق أقول لكم إن لم تأكلوا جسد ابن الإنسان وتشربوا دمه فليس لكم حياة فيكم»
الحياة الأبدية ليست مجرد وعد ننتظره بعين الإيمان، بل هي روح حي، إنها روحه أسكنه داخل قلوبنا يعمل لحسابه. وقد ينشط الروححتى يغطي كل منافذ وحركات الجسد، فلا يشتاق الجسد إلا إليه فالحياة الأبدية عند الذين عرفوها وعاشوها حياة تصغر دونها الحياة الحاضرة، يرتقي فيها المجدون من مجد إلى مجد، وتتغير أشكالهم الروحية عن صدق وتحقيق لكي تُعد لتكون على صورة خالقها بكل الحق: أيها الأحباء، الآن نحن أولاد الله، ولم يُظهر بعد ماذا سنكون. ولكن نعلم أنه إذا أظهر نكون مثله، لأننا سنراه كما هو فحالنا الآن كحال جماعة أو فرقة تمثيل تتدرب باهتمام بالغ على الأدوار التي أعطي لكل واحد أن يمثلها، فنجد الواحد فيها يظل ليل نهار يحفظ ويسمع دوره، ويقف أمام المرآة ويلقي دوره فلا يعجبه الأمر، فيعود ويحسن من أدائه وكلماته وحركاته. حقاً يا إخوة، ستباغتنا لحظة سيرفع فيها الستار؛ فإذ نحن فوق، نأخذ مواقعنا عن حقيقة وليس عن تمثيل. هنا نلبس الأقنعة، رضينا أم لم نرض. فيا نعيم مَنْ لَبِسَ قناع الضعف والفقر والمسكنة؛ وأتقن دوره بصدق القلب حبا في الذي افتقر وهو غني، ولبس الضعف وهو رب القوة، وتمسكن وهو ابن الله لأن هناك سترفع الأقنعة وتوهب أكاليل المجد. انظروا، فالحياة الأبدية فينا وتبدأ من هنا بكل معطياتها ولكن تحت أقنعة، فلا يرى منها إلا شقاء هذا الزمان.
المتنيح القمص متى المسكين
المزيد
24 مايو 2025
كيف نتغلب على الفتور فى فترة الخماسين المُقدسة
من رسالة مُعلمنا بولس الرسول إلى أهل كورونثوس الأولى إصحاح15 عدد 2 بركاته على جميعنا آمين " فإننى سلمت لكم فى الأول ما قبلته أنا أيضا إن المسيح مات من أجل خطايانا بحسب الكُتب و إنه دُفن و إنه قام فى اليوم الثالث حسب الكُتب و إنه ظهر لصفا ثم للاثنى عشر و بعد ذلك ظهر دُفعة واحدة لأكثر من 500 أخ أكثرهم باقى إلى الآن و لكن بعضهم قد رقضوا و بعد ذلك ظهر ليعقوب ثم للرُسل أجمعين و آخر الكُل كأنه للسقط ظهر لى أنا أصغر الرُسل و لست أهلا لأن أدعى رسولا لأنى اضطهدت كنيسة الله " نعمة الله فتحل عليكم جميعا يا أبائى و اخوتى آمين.
كل سنة و أنتوا طيبين , نحن نعيش الأن فى فترة أفراح القيامة و فى الحقيقة أحيانا كثيرة تُصبح فترة القيامة بدلا من التمتع بالمسيح القائم إلى فترة فتور روحى و كثيرا ما نقول " فين أيام الصوم الكبير , إين أيام البصخة و اسبوع الآلام , فنحن الآن , الصلاة قليلة و بالطبع لا يوجد صوم و لا يوجد ميطانيات فالحكاية يوجد فيها شئ من الإستهتار أو الرخاوة , نُريد أن تكلم مع بعض عن كيف نُعالج الفتور الروحى أثناء فترة الخماسين و كيف فترة الخماسين تكون فترة نمو روحى و ليس فترة كسل روحى فى الحقيقة يا أحبائى الخماسين مش معناها ناس خلاص لايصوموا ولا يعملوا مطانيات ولا يندموا على خطاياهم ولا يقرعوا على صدورهم ولا يتذللوا ولا ينسحقوا امام الله هذا فكر ممكن يكون فيه شىء من الخطا طب امال ليه الكنيسه بتقولنا متعملوش مطانيات و ليه الكنيسه بتقولنا متصوموش فى فتره الخماسين , اقوللك ان المقصود من الخماسين ان انسان قام مع الله فلما انسان قام مع المسيح تبدلت طبيعته وتبدلت اهتماماته وتبدلت ايضا طبيعه الحياه اللى بيعشها طبيعه الحياه اللى بيعشها اصبحت طبيعه سماويه وطبيعه الجسد بتاعه اصبح جسد سماوى واصبحت اهتماماته اهتمامات روحيه ومن هنا الكنيسه بتقوللك بما ان جسدك تبدل و طبيعتك تبدلت و اهتماماتك تبدلت فالمفروض انك مش بتصوم ولا بتعمل ميطانيات يباى فكره ان مفيش صوم ولاميطانيات ولا تذلل امام الله فى فتره الخماسين مبنيه على فكره تبديل الطبيعه اللى احنا فيها دلوقتى مبنيه على فكره ان انسان قام من الاموات فتبدل جسده وتبدلت سيرته وصار فى السماء فالخماسين هى فتره حياه سماويه وبما ان نحن فى فتره حياه سماويه فابتدى اهتمامنا يكون بالاكل والشرب ومش الحاجات اللى كنا مهتمين بيها قبل كده معلمنا بولس الرسول فى رسالته الى اهل روميه اصحاح 14 يقوللك " لان ملكوت الله ليس اكلا وشربا بل بر وفرح وسلام فى الروح القدس " يعنى حكايه الاكل و الشرب مش مهمه ومن هنا بتبص تلاقى الانسان تقدر تقول كان ماشى بقانون فى الصوم الكبير وفى الخماسين ابتدى يسمو على مستوى القانون فالخماسين هى فتره حياه سماويه . ايه هى الحياه السماويه ؟ الحياه السماويه يعنى تسبيح يعنى وجود دائم فى حضره الله , الحياه السماويه يعنى سجود دائم فى حضره الله تخيل ان احنا بنختذل الفتره دى فى اكل وشرب بس وادى الخماسين بالنسبه لنا بس و فى الآخر تقول الكنيسة هى التى قالت لما هذا , لكن فى الحقيقة الكنيسة تقول لك " عيش حياة سماوية " ليس فقط أن تأكل و تشرب , لا . هو أكل و شُرب بدون تسبيح أو بدون سجود لله و لهذايا أحبائى , الخماسين فُرصة للنمو , فُرصة لمذاقة حياة مع ربنا يسوع المسيح بمعنى جديد , أريدك ان تتخيل معى إنك عشت مع المسيح قبلما يقوم و عشت معه بعدما قام , اية حياه أجمل ؟؟. الكلام الذى يقوله لك قبلما يقوم والذى يقوله لك بعدما قام , فيقولوا إن قيامة المسيح أعطت قيامة و قوة لكل أفعاله السابقة لقيامته , كلما التلاميذ يُنشرواكلامه و يقولواعنه إنه مات و قام فالكلام الذى يُقال كلام مُصدق , لأن صار موته و قيامته هو أكبر دليل على ألوهيته و قيامته , فالقيامة تعبير عن فرحة و غير معقول إن الإنسان يُعبر عن فرحه بطريقة جسدية فقط , فالكنيسة تقول لك من ضمن الأمشياء التى أحاول أن أصلها لك بإنك رجل فرحان و ارتفعت فوق مستوى الزمن و الجسد و الحسيات , فتقول لك " عيش 50 يوم فرحان و كل فطارى و الأيام كُلها تكون أنت ارتفعت فوق مُستواها". فتقول أنت اليوم الأربع أو الجمعة , هل أكل صيامى ؟؟ تقول لك الكنيسة , لا , لأنك ارتفعت فةق الزمن و لم تُصبح تحت قانون , لماذا؟؟ ليس لتأكل و تشرب فقط بل لأنك بالحقيقة صرت تحيا كأنك فى الدهر الآتى , فهذة فترة الخماسين , فرح , بهجة , مسرة , إنشغال بالمسيح القائم من بين الأموات , فأصبح الإنسان يا أحبائى ملهى بفرحه السماوى و أصبح ضابط لنفسه و ضابط لجسده و ضابط لأفكاره و ضابط لغرائزه و لهذا حذارى يا أحبائى إننا نعتبر إن الجهاد الروحى لُغى بالصوم الكبيرو نبدأ فى عصر الرخاوة , أبدا الحكاية فقط هو إختلاف طريقة الجهاد , الجهاد الآن إنك تجاهد بإنك من سُكان السماء فيليق بك السجود لله و لكن قبل ذلك كُنت تسجد سجود التذلل و لكن الآن تسجُد سجود الشُكر و العرفان ,سجود التمجيد لله . فهل تعتقد أنت بعد القيامة , لا يوجد سجود يعنى خلاص , نقول خلاص فرصة , هم يقولوا لنا لا تعملوا ميطانيات لأنها خطأ فى الخماسين فالواحد يكسل حتى سجدة واحدة , كيف هذا ؟؟ فالمريمات عندما رأوا القيامة , يقول لك " و سجدتا له ". توما الرسول عندما رأى و عاين القيامة وقال له " هات اصبعك و يدك" فيقول لك :" و سجد له ". فسفر الرؤيا الذى يُعبر عن الحياة السماوية كل شوية يُكلمهم و يقول عنهم " يخرون و يسجدون ", فيقول يوحنا :" و لما رأيته سقط تحت ركبتيه كميت" , أكثر من 12 مرة تجد فيها سجود فى سفر الرؤية و لكنها حية سماوية , فالسجود هُنا لا يُعنى تذلل , لا .هذا سجود توقير و إعطاء مجد لله , فالمسيح القائم يستحق مننا إننا نُسجد لعظمته و لمجده و إننا نُباركه و نُسبحه . و لهذا يا أحبائى الخماسين هى فترة صعبة جدا بالنسبة للناس الذين ينسوا الحُريات , تخيل أنت عندما يجلس الواحد 50 يوم فى هذة الرخاوة و بعد ذلك نقول لك , هيا بنا لنصوم صوم الرُسل , فنقول ياااه صوم الرُسل و لهذا تجد ناس كثيرة تُكسل على صوم الرُسل , او تُدخله غير مُهيأة روحيا تماما , يقول لك " صوم الرُسل مر علينا و لم نحس بشئ و لم نعمل شئ", لأنك أساسا الفترة التى تسبق هذة قضيت فترة فى تهاون و فتور روحى , لأنك بدأت تُعلم جسدك من جديد و تُعطى له كل شئ يطلبه , تخيلوا معايا يا أحبائى إننا فى فترة الصوم الكبير عملنا تهذيب لأجسادنا و ترويض لها و إرتقاء لها , فعندما رقناه و روضناه تبدلت طبيعته و عندما عاش فى فترة الخماسين , عاش فى فترة كأنه يحيا فى السماء , تخيلوا معنا إذا أحضرنا أسد و حبسناه فترة , فعندما يخرج من القفص , هل سيخرُج أكثر شراسة من البداية ؟؟ نعم , لأننا حرمناه فترة , كبتناه فترة فبعد ذلك عندما سيخُرج بالتأكيد سيأكل أى أحد يراه , فكانوا أحيانا يعملوا هذا عندما يُعذبوا أبائنا الشُهداء , فكان يوجد واحد اسمه البابا زاخارياس , مرة انزلزه إلى السبتع , فالسباع لم تأتى بجانبه ,فقالوا ما هذا ؟؟ يظهر إن السباع كانت أكله , فمن المُفترض أن نُجوعهم و بعد ذلك نُنزلهم , فعندما جوعوهم و أنزلزهم , أيضا لم يفعلوا شئ , ففكرة إنهم يجوعوا حتى يكون محتاج جدا و يكون مُشتاق إلى اى شئ يأكله , إياك أن تعتقد إننا فى الصوم الكبير نفعل هكذا فى أجسادنا , نجوعها جدا و نقزل لها , لأ لأ لأ و بعد ذلك نقول له "حاضر حاضر حاضر" فالأباء القديسون يقولوا " الذى لا يعرف أن يكون روحانى فى جسدياته , سيكون جسدانى فى روحياته "" الذى لا يعرف أن يكون روحانى فى جسدياته "ماذا تُعنى هذا ؟؟ أى عندما يأكل يأكل بروحانية و بعفة حتى و إذا كان أكل فطارى, من الذى قال إننا الآن بما إننا صائمين لا نأكل بعفة و لا نعيش العفة " سيكون جسدانى بروحياته " أى يعمل كل الأعمال الروحية بجسده أى على مستوى الجسد , يقف يُصلى بجسده فقط , إين قلبه و إين عقله ؟؟ ليسا بموجودين , يعمل جسد جديد , يعمل عمل أى عمل روحانى يعمله بجسده فقط , يقضى واجب و خلاص . و لهذا يا أحبائى فكرة الصوم الكبير هى فكرة لتهذيب الجسد فبدأنا نجنى هذة الثمار فى فترة الخماسين المُقدسة و لهذ يليق جداإننا نسجد فى الخماسين , نُسجد سجود الخضوع لله و إعطاء المجد لله و التقديس لله , فالسجود أنواع فتجدوا الكنيسة حتى و نحن نحضر قُداس فى الصوم الكبير يقولوا " اسجدوا لله فى خوف و رعدة " و يقول لك " احنوا رؤوسكم للرب ". ففى إحناء الرأس و فى أحناء الرُكب و فى السجود و السجود أنواع ففى إعطاء المجد لله و فى التذللو الإنسحاق أمام الله , من الممكن أن يكون سجود التذلل و الإنسحاق أمام الله فى الصوم الكبير و لكن الآن نُسجُد لأجل مجد الله , فمعنى إننا و نحن فى فترة الصوم , عندما نقول " قدوس قدوس " لا ننحنى لأننا فى الخماسين , بل بالعكس , نحن نُريد أن نُعطى له المجد بالأكثر لأنه ذُبح و اشترانا من كل أمة ومن كل قبيلة , قال لك " الذى تجسو له كل رُكبة ما فى السماء و ما على الأرض و ما تحت الأرض و به يعترف كل لسان لمجد الله". فأصبخ يا أحبائى الخماسين , لا يليق بها أبدا أن تكون فترة للإستهتار و لكن هذا إنسان وصل إلى قمة إشتياقاته الروحية , إنسان يجنى ثمار تعبه و اشترك فى آلامه المُخلصة و المُحيية , فبدأت القيامة تتم فى حياته , فتبدل جسده و تبدلت هيأته و تبدل مكانه و أصبح من سُكان السماء . و لهذا نستطيع أن نقول إن الخماسين هى قمة السُلوك الروحى فالكنيسة تعتبر إن الإنسان فى فترة الخماسين تحرر من قيود الجسد و من رغباته و من لزعاته و بدأ يعيش فوق مستوى إحتياجات الجسد و لهذا أستطيع أن أقول لك " إنه أنسان يُقدم للمسيح كل إشتياقاتع و كل قلبه ". واحد من الآباء القديسين ذهب ليشتكى نفسه أمام أب إعترافه و قال له " إذا سمحت اعطى لى قانون صوم و ميطانيات فى فترة الخماسين" فقال له أبوه " لماذا ؟" فقال له :"فى الحقيقة هُناك أفكار كثيرة تُحارنى و شهوات تُقاتلنى , فانا لم أقم و طالما أنا لم اقم فمن المفروض إننى أسلك حسب الإنسان الذى مازال لم يقم . من الممكن أن نذهب إلى اب اعترفنا و نقول له " أنا اتى لى فترة فتور فى الخماسين , ارجوك اعطينى فيها قانون و لو بسيط ". من الممكن الإنسان يتفق مع أب اعترافه على ميطانيات و على أصوام حتى و إن كُنا فى فترة الخماسين لئلا الإنسان يتعلم التهاون فى فترة الخماسين و يجد نفسه لا يستطيع أن يُمارس أى عمل روحى لدرجة إن هذا القديس الذى أقول لكوا عنه ابوه يقول له " يا ابنى نحن كُلنا فاطرين و أنت بمُفردك ستصوم فى وسطنا سيكون هذا صعب و صعب إنك تشذ على إخواتك " فقال له ابنه فى الإعتلااف " ليس لى أن آكل من طعام غخوتى مادمت مُصرا على أفعال البهائم ". طالما أنا مازال جسدى لم يقم و مازال مُرتبط بالعالم فأنا من المُفترض أن أخذ قانون و اتعب و اجاهد . أقول لك:" من الممكن الإنسان أن يعيش الضبط فى فترة الخماسين؟؟" نعم من الممكن و من المفترض أن يعيش ضبط أكثر لأن الإنسان الذى كان يعيش بقانون الآن نحن رفعناه فوق مُستوى القانون و بدأنا نقول له " أنت الآن لم تُصبح لديك أحد يحكم عليم , و لم نُعط لك لسته لأشياء لا تفعلها لأنك ارتقيت لمستوى أعلى من هذا , فنحن فى البداية كُنا نُعاملك كأنك طفل و عندما كُنت تعمل الخطأ نضربك و لكن عندما كبرت , لم يُصبح هناك أحد يقول لك " ما الذى تعمله و لا يوجد أحد يسأله عن شئ" . لأنهم عرفوا إنه كبير و من المُفترض و هو كبير يسلك كإنسان ناضج و هذا هو سلوك الإنسان فى فترة الخماسين , و يسلك كإنسان قائم مع المسيح , القائم يتمتع معه , يُقدم فى سجوده مشاعر مجد و مشاعر حُب لربنا . و لكن كيف هذا الكلام ينتقل لحياتنا عمليا , أقول لك " هُناك 3 أشياء مُهمين جدا .
أقول لك " إن القيامة تُنقل لنا عمليا من يوم ما نولد بالمعمودية , فربنا يسوع لم نسمح إننا نقوم و نحن موتى , فما قيمة قيامة المسيح و أولاده أموات , ما قيمة إن رجل يكون غنى و عنده فلوس كثيرة جدا و أولاده فقراء , ما قيمة إن رجل عايش فى قصر و لكن أولاده عايشين فى عشش , ما قيمة إن قائد قوى و لكن جيشه مهزوم , ما قيمة إن المسيح قام و لكن نحن أموات , هو لم يقم ليجعلنا نحن نقوم , نحن المُحتاجين إلى القيامة و ليس هو , لأنه هو رئيس الحياه , فنحن المُحتاجين إلى القيامة و ليس هو , فنحن المحتلجين إلى القيامة , نقل لنا القيامة , فيقول لنا عيشوها و ظاعطاها لنا و نحن صُغار و نغطس فى جُرن المعمودية نُدفن و نقوم . أى الجاسين أمامى الآن , قاموا أم سيقوموا ؟؟ لا هم قاموا , قاموا مع المسيح و ماتوا مع المسيح و لأنهم قاموا مع المسيح فيجب أن يحيوا حياة المسيح , فالكنيسة تُنقل لنا أفراح القيامة عمليا و نحن أطفال و تُعيشنا القيامة فعلا , و هل يوجد شئ آخر يُثبتنى فى القيامة ؟؟ , فأنا الآن كيف أعيش القيامة الآن ؟؟ أقول لك " أجمل صورة للقيامة هى التوبة"
التوبة : لا يوجد أجمل من التوبة للقيامة , تُريد أن تعيش فرحة القيامة , عيش فرح التوبة , يقول:" مُبارك و مُقدس من له نصيب فى القيامة الأولى ". ما هى القيامة الأولى , هى " التوبة " و لهذا أطلب من ربنا إنك تقوم من ضعف مُعين , تقوم من ذله من سقطة و من سُلطان عدو الخير , تقوم من شئ أهانك أو أذلك , و بدأت تُفك من قيودها الشديدة , فبدأت يُدخل لك فرحة أكثر من فرحة الفردوس , لماذا ؟؟ لأنك تقوم , التوبة عى القيامة " احيانا يوجد بعض الكنائس و حتى الآن عندما ياتوا يعملوا دورة القيامة , يضعوا فى دورة القيامة تقريبا كل الأيقونات التى توجد فى الكنيسة , فيضعوا 3 فئات , يضعوا كل الشُهداءو كل القديسين التائبين و يضعوا كل النُساك وكل العُباد , فتقول لى " ما علاقة الشهداء بالقيامة؟؟" أقول لك:" هل يوجد أجمل من الشهيد و القيامة ؟" فالشهيد أثبت القيامة عمليا و عاش القيامة فعليا و طبق القيامة فى حياته و صدق القيامة و عاشها و لم يخافالموت و لم يهابه , رغم كل العذبات التى تعرض لها , فالشهيد أجمل أيقونة للقيامة . هل تُريد أن تُحقق القيامة و تفرح بها عاشر الشُهداء , شوفمارمرقس و ما الذى حصل له " لم يترجع " لأنه كان عايش القيامة الفعليه . فشهادتى أوصلتنى حتى الموت , أكون أن بالفعل عايش القيامة . يقول لك " عُذبوا و لم يقبلوا النجاة " لماذا ؟؟ لكى ينالوا قيامة أفضل , ما هذا ؟؟ هذة هى القيامة , هذة هى صورة القيامة الحية , الشُهداء . واحد مثل مارجرجس 7 سنين يتعذب و لم يقبل النجاه, لماذا ؟؟ لأن القيامة أمام عينه , غلبة الموت أمام عينه , هل تُريدوا أن تميتونى ؟؟ أميتونى , عجلوا بأمرى , أنا مُستعد إننى أموت , لكن أنت ما الذى يجعلك تُريد أن تموت ؟؟ أقول لك "لأنه هُناك حياه أخرى أن فى أنتظارها لأن المسيح بموته و قيامته , أعطى لى نُصرة على الموت , فانا لا أخاف من الموت , انا علمت إن الموت هو الخطوة التى تجعلنى اربح ملكوت السماوات , فلم يُصبح للموت تأثير على من رُعب أو من خوف أو من قلق أو نهايتى و أصبح الموت هو بداية لتعلقى و اقترابى بالمسيح "و الذى جرأنى على هذا, هو قيامته
1) الشهداء
2) التائبين : يا سلام عندما تضع فى دورة القيامة صورة لواحد مثل الأنبا موسى القوى, او واحد مثل القديس أغسطينوس , مريم المصرية , ما هذا ؟؟ أقول لك أجمل تعبير عن القيامة هم "التائبين " قاموا و غلبوا رغم شدة سُلطان الخطايا , رغم شدة رباطاتها و وسقطاتها العنيفة إلا إنهم تحرروا منها و قاموا , غلبوا الظُلمة و غلبوا الحجر و غلبوا الموت و الحُراس و الظروف , فهؤلاء هم التائبين , و نحن ايضا عندما نتوب , يكون لنا أيقونة جميلة للقيامة , التوبة أجمل شئ يُعطى لك مشاعر القيامة فعلية . تُريدأن تشعر بالقيامة , قدم توبة فعلية و تُفك من الخطايا و تبدأ تشعر بإنك تقوم بالفعل , هُناك فرق يا أحبائى إننا نكون فرحانين الآن لأن المسيح قام و فرق بإننا فرحانين لأننا قمنا معه , لا يكفى أبدا بإننا نكون فرحانين لأن المسيح قام لأن لا قيمة لقيامة المسيح بدون قيامتنا نحن , نحن نقول له "لأنك انت هو قيامتنا كُلنا " و أقامنا معه . تُريد أن تتمتع بقيامة المسيح , تكون أنت أيضا قائم , تكون أنت بقوة قيامته غالب , مُعلمنا بولس يقول لك :" عالمين إن الذى أقام يسوع سيُقيمنا نحن بيسوع " فسنقوم به هو , هو الذى سيُقيمنا , يقول لك: " هات يدك و تعالى معى " .تقول له و لكنى لا أستطيع, يقول لك فقط امسك فى يدى و أنت ستقوم معى , لا تخف "أنا سأقيمك و سأرفعك" هذا الذى يجعلنا نعيش القيامة و الخماسين و نحن فى بهجة , هذا الذى يجعلنا فى حالة من النشوة الروحية و نحن فى الخماسين . قديس من قديسين كان يعيش على مدار السنة و يوجد إشراقه فى وجهه جميلة جدا اسمه سيرافيم سيروفسكو و كل الذى يراه يقول له " كم إن وجهك جميل حقا , انا آتى فقط أحب أن أرى وجهك , ما سر الفرحة التى بداخلك "فيقول لهم :" يا لفرحى إن المسيح قام". يا لفرحنا يا أحبائى بقيامة المسيح و يا لفرحنا بالأكثر بقيامتنا مع المسيح , القديسون قاموا و انتصروا و غلبوا . شئ آخر يُعطينا أيضا قيامة فعلية . التناول
3) التناول :هل يوجد شئ يُسندنى و يًقيمنى أكثر من إتحادى بالجسد المُحى , فهو اسمه الجسد المُحى , فلماذا يُسمى بالجسد المُحى ؟؟ لأنه يُحيى , أنا ميت و عندما أتناول جيسه يدخل داخلى و يتحد الموت بالحياه , فمن الذى يغلب الموت أم الحياه؟؟ الحياه تغلب , فآخذ الجسد المُحى و يدخل داخلى و موتى يُحيه . مثلما بالضبط إذا كان البيت عندك ظُلمة , فتفتح جُزأ صغير من الشُباك , فالنور يغلب الظلمة و الظلمة تخرج , ما الذى حدث , النور بدد الظلمة , الحياه غلبت الموت , يقول لك :" ابتلع الموت إلى غلبة ". الجسد المحى يا أحبائى هذا هو الذى يجعلنا نتمتع بشركة قيامته المُقدسة . تُريد أن تعيش فرحة القيامة فعلا , تناول كثيرا . أنا أريد أن أقول لك , إننا كُنا فى الصوم الكبير نُحب أن نحضر قُداس تقريبا كل يوم , أقول لك :" لا تقٌلل القُداسات فى الخماسين " . فقُداسات الخماسين لها مذاق خاص . يكفى فقطإنك تحضر ألحان القيامة و تهتف "اخرستوس انيستى " أو تحضر دورة القيامة .هل أنت تعتقد ما الذى تُعنيه دورة القيامة؟ . هذة عبارة عن ظهورات المسيح التى استمرت لمدة اربعين يوم و يُثبت بها الكنيسة و يُؤكد على حقيقة قيامته و يجلسمع تلاميذه و كأن المسيح القائم من بين الأموات أتى لك أنت و يقول لك :" تعالى و المسنى ", كأنه يضع يده على كتفك و يُعاتبك مع بُطرس , كأنه يقول لك مع توما " هات يدك ", كأنه يقول لك , أنت لا تُصدق قيامتى , أنا قمت و تعالى و شاهدنى , هذة هى دورة القيامة و لهذا هى تستمر 40 يوم فقط و لكن ال10 أيام التى بعد الصعود نعملها داخل الهيكل فقط لأنه خلاص أصبح فى السماء . فطالما هو فى القيامة الآن , معروض علىّ إننى أتى و ارى المسيح القائم . تخيل أنت معى الندم الذى حدث لمُعلمنا توما عندما علم إن المسيح ظهر للتلاميذ و هو لم يكُن معهم , هذا يُعبر عن أى واحد مننا غاب فى قداس من قداسات القيامة . المسيحيأتى فى قداسات القيامة حتى نتلامس معه و نراه حيا قائما مُفتقد لضعفتنا, ساندا لنا غافرا لنا مُجددا عهوده معنا , كل هذا فىفترة الخماسين المُقدسة , فبعد كلهذا هل تفوت قُداس الخماسين ؟! لا يُفوت.القديس يوحنا ذهبى الفم له عبارة رائعة يقول:" حياة المسيحى كلها محصورة بين قُداسين , قُداس حضره و قُداس سيحضره ". حضرنا قُداس اليوم و الغد إنشاء الله نُريد أن نحضر قُداس , فحياتنا تُصبح محصورةبين قُداس حضرناه و قُداس سنحضره , فنحن نكون فى حالة الرغبة السمائية المرفوعة بإستمرار , فما الذى يسندنا غير هذا ! و لهذ أستطيع ان أقول لك إن المسيح حصر نفسهبين إنه يُعطينا جسده و دمه و فى أول عندما قام كسر الخُبز , آخر حاجة عملها المسيح فى حياته قبلما قبض عليه , كسر الخُبز و أعطى التلاميذ و أول ما قام كسر الخُبز و أعطى لتلميذى عمواس , فإفتقاد تلميذى عمواس كان قُداس صغير , لماذى ؟؟ لأنه سائر بجانبهم و هم لا يروه و بعد ذلك بدأ يشرح لهم الكُتب و بعد ذلك قلبهم التهب فيهم و بعد ذلك كسرالخُبز فإنفتحت أعينهم و عرفاه , فهذا هو القُداس , فى صلاة باكر و فى صلاة عشية يقول لك , هذا المسيح المُحتجب , نحن لا نستطيع ان نراه , موجود و لن لا نستطيع أن نراه , فيقول لنا خلاص أنا سأظهر لكم بطريقة أخرى , و سأوضح لكم بها الأمور , فواضح إنكم لا تقدروا أن تفهموا بسهولة , فنقول له " اشرح لنا " فيقول لنا :" أنا سأكلمكم بطريقة جديدة من خلال الكلمة , فيقرأول لنا فصل من البولس و الإبركسيس و الكاثليكون و المزمزو و الإنجيل , فهذة طريقة جديدة يُظهر لنا بها نفسه مثلما شرح لتلميذى عمواس للأمور المُختصة به فى موسى و جميع الأنبياء و بعد ذلك كسر الخُبز فإنفتحت أعينهما و عرفاه , فهذا هو القداس و كأنه فيه صلاة باكر و كأنه فيه قداس الموعوظين و قداس المؤمنين و أخذنا الجسد و الخُبز و فُتحت عيوننا و تناولنا , حال مُختلف تماما من دوخانا و بعد خروجنا ,فى البداية أمسكت أعينهما و بعد ذلك فُتحت أعينهما و عرفاه , فهذا هو القُداس , الذى يجعلنا نثبت فى فعل القيامة فى حياتنا حضور القداسات و نعيث التوبة الفعلية , الذى يجعلنى اشعر إن القيامة بالنسبة لى حدث يخُصنى أنا إننى أشعر إن القيامة تهمنى انا و أنا حالى تبدل بالقيامة , و لهذا يا احبائى جميل إن الإنسان يعيش فترة القيامة فى فترة فرح روحى , فى فترة حياته تبدلت فيها إهتماماته , فى فترة أرقى مما كان , طريقة أصبحت سماوية بالأكثر و روحية بالأكثر و أصبحت فيها حضرة الله و فيها وجود الله و فى رعية الله و نقول له :"ألم يكُن قلبنا مٌلتهبا فينا إذا كان هو يُكلمنا " هذا هو الكلام الذى يدخل إلى القلب و تشعر إنك فى حياه جديدة و تُفتح عينيك و تعلم . و لهذا أستطيع أن اقول لك إن فى فترة الخماسين إذا كنت تعيش فيها بتوبة و تسبيح و تمجيد لربنا و الإتحاد بالجسد المُحى الذى يُحيك و يُعطيك طعم القيامة فى حياتك , فترة تمسك بها و تقول :" أنا لا أريدها أن تضيع منى أبدا" و كأنك نفسك أن تقول لله أنا يا رب نفيى أن اعيش فى الخماسين دائما ليس لأننى أريد أن اكل واشرب , لا . أنا نفسى اشعر إننى بإستمرار فرحان بك , بإستمرار قائم معك واشعر إن طبيعتى تبدلت و تغيرت و يومى تع=غير لأنى دخلت معك فى زمن الأبدية , اسجد لك و اعبدك و اسبحك لأنك نقلتنى من موت إلى حياه , لأنك نقلتنى من شك إلى يقين , لأنك بددت خوفى " فخذوا بالكوا الفصل الذى قرأناه , مُعلمنا بولس الرسول جلس يُعدد ظهورات المسيح و فى النهاية قال و ظهر لى انا . آخر شئ أريد أن أقوله لك اليوم , تُريد أن تشعر إن الخماسين ملكك و إنها اجمل فترة فى السنة كلها .
4)أشعر إنه ظهر لى انا أيضا : إن القيامة تكون مُعلنة فى حياتك و إن المسيحيكون اتى إليك , خُذ بالك يقولوا تقريبا هورات ربنا يسوع بعد القيامة كانت 11 مرة , ظهر للمريمتين مرة التى فيها " سجدتا له و امسكتا بقدميه "و مرة لمريم المجدلية بمفردها و قال لها " اعلما اخوتى ان يذهبوا إلى الجليل هُناك يروننى" ومرة للتلاميذ و هم مُجتمعين فى الجليل و مرة لتلميذى عمواس و بعد ذلك للتلاميذ فى العليقة بدون توما و بعد ذلك للتلاميذ فى العليقةو هم مع توما و بعد ذلك ظهر ل7 تلاميذ على بحر طبرية و ظهرمرة ليعقوب و ظهر مرة لصفا و ظهر مرة لأكثر من 500 اخ " التى قال عنها مُعلمنا بولس الرسول" " لأكثر من 500 أخ أكثرهم باقى حتى الآن " و آخر مرة التى ظهر لها للتلاميذ و هم على جبل الزيتون فبل صعوده .يجب أن أشعر إننى داخل المجموعة التى ظهر لها المسيح , أنا واحد منهم , أما أنا مع المريمات اللاتى لهم أشواق كثيرة للمسيح و أما أنا مع التلاميذ و إن كُنت ضعيف بعض الشئ و تراجعت كثيرا , أما أنا مع تلميذى عمواس , شكاك و عينى مُغلقة و بعدت عن طريق القيامة و عائد ثانى إلى بلدى لكن هو بحنانه أتى إلىّ و يقترب منى و يُعلمنى و يزل باله علىو سوف لا يتركنى إلا و عينى مفتوحة , أما انا مع العشر تلاميذ الذين كانوا فى العليقة و الأبواب مُغلقة و فى حالة من الخوف و الجُبن , فى حالة من الشك و فى حالة من القلق , المسيح أيضا سيأتى و يفتقد حياتى و يملأنى بالسلام و الذى انا قيامتك و أتى ليُعلن لى نقسه رغم إننى لا أستحق و إن كُنت تركته هو سوف لا يتركنى حتى توما مع شكه اتى له مرة مخصوص , فلا يقول خلاص ," العشرة من الممكن أن يقولوا له و يحكوا له ويقولوا له إننا رأيناه " يقول :" لا هذا ليس كافى ". يجب أن أظهر له هو بنفسه , لأنه سيذهب ليُكرز بعد ذلك , هل سيذهب و يقول لهم " هم الذين قالوا لى إنه قام ", هذا لاينفع , يجب أن يكون هو بنفسه الذى رأى , يجيب أن يكون رأى , يجب أن يكون تلامس , فتوما الشكاك عندما رأى المسيح يقولوا عنه إنه " سجد و قال :ربى و إلهى ". قديس من القديسين اسمه يعقوب السروجى قال:" هذا هو الشك الذى خرج منه اليقين ". و هل تعتقد إن عندما قال الرب يسوع لتوما " هات يدك وادخله فى جنبى " هل تعتقد إنه وضع يده ؟؟" بالتأكيد لا , لم يستطع ".هو فقط قال له هذا و اراها له و فى النهاية توما سجد و قال :" ربى و إلهى " فشهد بالقيامة . و عندما أتوا بعد ذلك ليعملوا للتلاميذ , أين يسذهب كل واحد فيهم لكى يُكرز ؟؟توما اتى له مكان من أصعب الأماكن فذهب إلى الهند و الصين ليُكرز التى حتى الآن تعبُد النار و البقر , فتخيل معى أيامها ما الذى كانوا يعبدوه ؟؟ فى القرن ال21 يعبدوا البقر و النار , فما الذى كانوا يعبدوه زمان ؟؟, فتخيل أنت عندما يذهبتوما إلى مكان صعب مثل هذا و يقول لهم :"هم قالوا لى إنه قام " لا لا لا فيجب أن يذهب و هو لديه قوة القيامة تكفيه إنه يكرز و لهذا خُذ بالك , كل هؤلاء الرُسل الذين جلسنا نتكلم عليهم و نقول :" يا خوافين , الذين مكستوا فى العليقة و اغلقتوا عليكوا الباب و الذين ذهبتوا و اتى لكم على بحر طبرية , كل هؤلاء ماتوا مُستشهدين إلا يوحنا الرسول أبقى من أجل مُعاينة ملكوت الله و لكن غير هذا كلهم استشهدوا لأن قوة القيامة بدلت حالهم , فتوما فى نهاية كرازته استشهد رميا بالحراب , أى ربطوه فى عامود و معهم كل واحد حربة , ينشن عليه و يضرب و تأتى فى أى جُزأ من جسده و يظل ينزف من كل جُزأ فى جسده حتى مات , طريقة بشعة جدا . فما الذى جعله يستطيع أن يصمت ؟ لأنه ألتصق بالمسيح القائم, فنحن هكذا يا أحبائى , ما الذى يُمتعنا فى هذة الفترة ؟ ما الذى يجعلها فترة إرتقاء و فرح غير عادى ؟؟ إننا تلامسنا مع المسيح القائم رغم كل ضعفتنا , تخيل أنت واحد مثل مٌعلمنا بطرس ,يسوع أتى و قال لهم :" قولوا لإخوتى و لبطرس " و يقف مع بطرس و يُعاتبه و يقول له أريد أن أقول لك شئ , يقول له بطرس :" قُل " فقال له :" أتحبنى يا بطرس " "نعم يا رب أنت تعلم إنى احبك " و ظل يسأله هذا اسؤال 3مرات و كأن الله أتى ليقترب من كل واحد فينا و أتى ليبتدا معه صفحةجديدة و حُب جديد و أتى ليقول لنا " انسى الذى مضى" . أتى لك على بحر طبرية حتى يقول لك " أنت تركتنى و لكن انا سوف لا أتركك ". أنت عُدت ثانى إلى مهنة الصيد , بعد كل الذى رأيته , المُعجزات و التعاليم , راجع ثانى إلى مهنة الصيد , فما الذى حدث لهم ؟؟ ذهب إليهم و تُلاحظ إن ربنا فى رحلة الصيد , تعرف على كثير من التلاميذ أثناء رحلة صيد فاشلة ثم ردهم مرة أخرى إليه أثناء رحلة صيد فاشلة و كأنه يُريد ان يقول لهم . نجاحكم هو أنا , غناكم هو أنا , فرحكم هو أنا , كفايتكم هو أنا , شبعكم هو أنا , إذا بحثت عن خير بعيد عنى سوف لا تجد , تُريد أن تفرح أو تشبع بعيد عنى سوف لا تجد , كم هى جميلة بهجة القيامة!! . أنا رأيته و انا أعرفه مع ال7 تلاميذ , مع تلميذى عمواس , مع المجدلية , مع المريمتان , مع التلاميذ فى العليقة , اخيرا ظهر لى أنا أيضا . فأنت يا مُعلمنا بولس تقول هذا الكلام , ليس أثناء ال40 يوم لظهور المسيح , أقول لك " لا, لا ,لا " ال40 يوم لا ينتهوا , فنحن عائشين فيهم بإستمرار . المسيح لازال يا أحبائى يظهر فينا و يعلن نفسه لينا حتى لا يجعل اى واحد فينا يقول :" أنا لم أرى أو لم أعرف ", هو يُريد أن كل واحد فينا يقول " و ظهر لى أنا أيضا ". انا أيضا رأيته , أنا رأيته فى توبتى و فى قبوله لى و رأيته فى الإنجيل و فى كلمته , هو كلمنى و أنا سمعته , أنا رأيته فى الكنيسة لأنه حاضر فى أسراره , أنا رأيته فى الفقير , أنا رأيته فى الوصية . المسيح القائم ليس ببعيد عنى أبدا , على رأى واحد من القديسين يقول لك :"ليس هو بعيد عنك ذاك الذى تبحث عنه كل أيام حياتك ". يوم ما تحب أن تراه ستراه , هو ليس بعيد , ستجده قريب منك جدا , ربنا يسوع المسيح القائم من الأموات يُعلمنا كيف نُقضى فترة خماسين مُقدسة . فترة سماوية , فرحانين , مرفوعين , نعيشها بالتوبة و نعيشها بالإفخارستية و نعيشها بإننا نكون مُتأكدين إنه ظهر لى أنا أيضا ربنا يُفرحنا بهذة الفترة المُقدسة و يُكمل نقائصنل و يسند كل ضعف فينا بنعمته لإلهنا المجد الدائم إلى الأبد آمين.
القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والأنبا أنطونيوس محرم بك الأسكندرية
المزيد
23 مايو 2025
“القيامة والحواس المضيئة”
القيامة المجيدة هى أروع حدث فى تاريخ حياتنا ومسيحيتنا، فضلا عن كونها أساس إيماننا وعقيدتنا, وبالتالى فهى مصدر أفراحنا وسلامنا. والقيامة ليست تاريخا أو حدثا ومضى، بل هى حياة معاشة كل يوم ونورها يتخلل كل أنشطة حياتنا لأنها فعل مستمر وممتد عبر السنين والقرون، وهى تدشين بُعد جديد للوجود الانسانى.
ولذا نحتفل بها على أربعة مستويات: كل يوم «فى صلاة باكر بالاجبية», كل اسبوع «فى يوم الاحد الذى هو يوم النور «Sunday», كل شهر قبطى فى يوم 29 من الشهر تذكار للبشارة والميلاد والقيامة», وكل سنة «فى الخماسين المقدسة التى تلى يوم عيد القيامة». والمثير للدهشة اننا فى صلاة باكر كل يوم نردد هذه القطعة الثانية حيث نقول: «عندما دخل إلينا وقت الصباح أيها المسيح إلهنا» النور الحقيقى.. فلتشرق فينا.. الحواس المضيئة ..والأفكار النورانية .. ولاتغطينا ظلمة الآلام…
وأود أن أتوقف معكم عند عبارة «الحواس المضيئة» والتى نسبقها بمخاطبة السيد المسيح بكونه «النور الحقيقى» حيث نطلب منه أن يشرق فينا وذلك من خلال قيامته المجيدة حتى تصير لنا الحواس المضيئة. والمعروف أن الحواس نعمة من الله لجميع الكائنات الحية خاصة الانسان الذى منحه الله هذه الحواس الخمس التى هى المصدر الرئيسى للإدراك والاكتشاف والتعليم والمعرفة والفهم والشعور والاحساس وترتبط هذه الحواس الخمس مع بعضها فى عملية التواصل مع الاشياء والافراد والحياة الانسانية بمجملها. وبالطبع فهذه الحواس تقوم بعملها على المستوى المادى الأرضى وعندما تضعف أى حاسة يحتاج الانسان الى مساعدات مثل النظارة للعين أو السماعة للاذن وهكذا. ولكن نورقيامة السيد المسيح يمنح هذه الحواس امكانات أكثر لتصير مضيئة تتعدى الجانب المادى الى آفاق اكثر اتساعا وفهما لحكمة الخالق، والتعامل الايجابى مع مواقف الحياة المتعددة، وهذا ما نسميه نور العقل أو العقل المستنير بعيدا عما نسميه عمى القلب أو بلادة الاحساس وهكذا. فالحواس المضيئة مرهفة… حساسة… واعية.. تحيا عمق الانسانية وسموها كما قصده الله فيها.ونستطيع أن نرى هذه الحواس المضيئة فى مشاهد القيامة المجيدة ممثلة فى أفراد وشخصيات قدمت لنا كيف تكون حواسنا مضيئة وافكارنا نورانية كشهادات فرح حقيقية.
أولا: حاسة البصر والتلاميذ: فى مساء يوم القيامة اجتمع التلاميذ بسبب الخوف من اليهود فى غرفة «عُلية» مغلقة الابواب وذلك بعد احداث الصليب المؤلمة، ولكن فجأة ظهر المسيح فى وسطهم وقال لهم: سلام لكم، ولما قال هذا أراهم يديه وجنبه ففرح التلاميذ إذ رأوا الرب …» (يوحنا 20 :19 ، 20). كان تلاميذ المسيح مرافقين له فى معجزاته وتعاليمه ومقابلاته وكل أحداث خدمته على الأرض والتى استغرقت ثلاث سنين وعدة أشهر.. كانوا يرونه كل يوم وعرفوه جيدا ولكن موت الصليب أصابهم بألم وهلع ورعب واحتموا ببعضهم داخل غرفة صغيرة خوفا من انتقام اليهود.. وكانت هذه «الرؤية المفرحة» عندما ظهر فى وسطهم عشية يوم القيامة ومنحهم السلام ونفخ فى وجوههم وقال لهم «اقبلوا الروح القدس» (يوحنا 20: 22). فرأت عيونهم مسيحهم القائم والمنتصر. ومن وقتها صارت لهم حاسة البصر المفرحة أى أن رؤية المسيح قلبيا هى سبب أساسى للفرح. وما الصلاة وقراءة الكتاب المقدس إلا ممارسات تعبدية نقوم بها لنرى المسيح فى قلوبنا كل يوم فتصير أبصارنا مضيئة ترى الفرح وتعيشه تشعر به دوما.
ثانيا: حاسة السمع ومريم المجدلية: كانت مريم المجدلية انسانة ذات ثروة وصيت حسن ولكن ابتليت بسبعة شياطين أخرجهم منها السيد المسيح فتبعته (لوقا 8 : 2، 3) وثبتت فى تبعيتها الى المنتهى حيث كانت معه وقت الصليب (يوحنا 19 : 25) والدفن (مرقس 15 : 47) وقد شرفها المسيح القائم بحديثه معها عندما ذهبت فجر الأحد الى القبر لتواصل البكاء على مسيحها الذى تشعر بالوفاء نحوه…. ومن كثرة دموعها واحساسها الأليم لم تبصر جيدا من يحدثها وظنته البستانى الذى يعتنى بالمكان ، ولكن عندما سمعت اسمها ينطقه المسيح، انتبهت بأذن مضيئة وعرفته على الفور وقالت له :«ربونى» الذى تفسيره يامعلم (يوحنا 20 : 11ــ 18). هذه هى الأذن الجديدة التى اشرق عليها نور المسيح فصارت أكثر استجابة وحضورا وفهما صارت اذن مستنيرة تطيع الوصية فنشعر بالفرح وتنتهى الدموع مثلما كان صموئيل النبى طفلا عندما تلقى نصيحة معلمه الكاهن ليصلى قائلا: «تكلم يارب لأن عبدك سامع» (صموئيل 3: 9). وفى المقابل يشتهى الله أن يسمع أصواتنا فهى جميلة ولطيفة عنده مثلما قال لعروس النشيد: «أرينى وجهك، أسمعينى صوتك، لأن صوتك لطيف ووجهك جميل» (نشيد الانشاد 2: 14).
ثالثا: حاسة الشم والمريمات: جاءت مريم المجدلية ومريم أم يعقوب وسالومه إلى القبر فى فجر يوم الأحد أول الاسبوع حاملات الطيب والحنوط ليقدمن رمز الوفاء على حبيبهن المسيح الذى مات على عود الصليب (مرقس 16: 102)والحنوط مواد نباتية ذات روائح عطرية محببة للنفس تقدم كأسمى المشاعر الانسانية تذكارا وامتنانا لمن انتقل من هذه الحياة وكأنها تقول ـ الحنوط ـ إن سيرتكم كانت سامية وطاهرة ونقية ومقدسة وهذه الحنوط ترمز لذلك. وهذه عادات قديمة جدا ومازالت موجودة حيث نضع الزهور على قبور الأحباء كتعبير عن الوفاء. كانت هذه الحنوط برائحتها الجميلة فى يد المريمات رمزا لحاسة الشم الرقيقة والتى تقدم أفضل ما عندها كما فعلت مريم أخت لعازر التى قدمت «طيب ناردين خالص «نقى» كثير الثمن ودهنت قدمى يسوع ومسحت قدميه بشعرها فامتلأ البيت من رائحة الطيب» (يوحنا 12: 3). ونحن نستخدم البخور أيضا فى صلواتنا الكنسية تعبيرا عن استنارة حياتنا ورقة مشاعرنا نحو مسيحنا القدوس والتى نشتم بها رائحة القداسة والسيرة الحسنة. «لأننا رائحة المسيح الذكية» (2 كونثوس 2: 15) بعيدا عن روائح الشر والدنس والنجاسة بصفة عامة.
رابعا: حاسة التذوق وبطرس الرسول: وقع بطرس الرسول فى خطية الانكار (يوحنا 18: 15- 27) أثناء أحداث الصليب، وقد نبهه السيد المسيح قبلا، ولذا «بكى بكاء مرا» (لوقا 22: 62) ويبدو أنه سقط فى صغر النفس وهو الذى كان تلميذا مقربا للمسيح عاين الكثير من معجزاته واعماله، فابتعد عن دائرة التلاميذ مفضلا العودة الى صيد السمك (مهنته الأولى) إحراجا وخجلا (لوقا 5: 1- 11) فذهب مع عدد من التلاميذ إلى بحر طبرية للصيد وهناك اصطادوا مائة وثلاثا وخمسين سمكة بعدما ظهر لهم المسيح ثم دعاهم «هلموا تغدوا» (يوحنا 21: 12)، وبعدما تغدوا وذاقوا من السمك الذى اصطاده، وكان بينهم بطرس، حيث ناداه المسيح » «يا سمعان بن يونا، اتحبنى أكثر من هؤلاء»؟ «قال له: نعم يارب أنت تعلم أنى احبك». وتكرر هذا الحوار مرتين (يوحنا 21: 15 – 18) لذا نسميه حوار الحب الذى تذوقه بطرس بعد خطيته فى ضوء القيامة المجيدة والتى اضفت نورها على حياة بطرس الرسول. فلم يكن هذا اللقاء مجرد معجزة صيد أو تناول طعام بل تذوق حب غامر ومتدفق من المسيح نحونا فى شخص التلاميذ وبطرس الرسول معهم.. وهكذا يوصينا المزمور «ذوقوا وانظروا ما أطيب الرب!» (مزمور 34: 8). حاسة التذوق ليس للماديات فقط وإنما أيضا تذوق الروحيات والمعانى السامية والحياة الطاهرة والسيرة الحسنة… وهكذا تكون حاسة مضيئة.
خامسا: حاسة اللمس وتوما الرسول:لم يكن توما الرسول حاضرا وقت قيامة المسيح وعند ظهوره للتلاميذ مساء يوم القيامة، وحين أخبروه أنهم رأوا الرب «قال لهم: إن لم أبصر فى يديه أثر المسامير وأضع أصبعى فى أثر المسامير وأضع يدى فى جنبه لا أؤمن» (يوحنا 20: 25). ومنذ هذه الحادثة أطلق عليه «توما الشكاك»… ولكن بعد ثمانية أيام ظهر السيد المسيح القائم للتلاميذ وبينهم توما وقال له «هات أصبعك إلى هنا وأبصر يدى وهات يدك وضعها فى جنبى ولا تكن غير مؤمن بل مؤمنا»، أجاب توما: « ربى وإلهى» (يوحنا 20: 27، 28) وهكذا من خلال حاسة اللمس استنار وعيه واستعاد إيمانه وصرخ صرخته المدويه «ربى وإلهى» وهو الاعتراف الايمانى واللاهوتى القوى. وحسب التقليد الكنسى يمسك الكاهن والأسقف صليبا على الدوام فى الصوات والخدمات الكنسية ليتلامس مع صليب المسيح فتكون له الحواس المضيئة التى تمتد أيضا إلى تقليد قبله السلامة التى نمارسها أثناء القداس الإلهى كتعبير عن المصالحة والسلام وهكذا تجعل قيامة رب المجد حواسنا مضيئة وأفكارنا نورانية لنواجه عالمنا بالحب والرحمة والحواس الحية والعقول المستنيرة فيصير عالما أفضل وحسب قلب الله وكل عيد قيامة وجميعكم بخير.
قداسة البابا تواضروس الثاني
المزيد
22 مايو 2025
مشكلة الإخوة الطوال
الأخوة الطوال ويوحنا ذهبى الفم
تعليق: قبل أن نتكلم عن مشكلة الإخوة الطوال مع البابا ثاوفيلس لوحظ أن بابا الإسكندرية كانت من طباعه أن يسير بخطه محاولة وضع أتباعه فى مراكز الأسقفية بالعالم القديم فكان فى قبرص أسقف مصرى وفى أورشليم وفى خلقيدونية وكان يريد وضع القديس إيسيذوروس كبطريرك للقسطنطينية ولكنه أخفق فقد إختير ذهبى الفم، وقد تردد أنه خصاله أنه عنيف فى مقاومة خصومه يكيل لهم بمكيالين ولم يكن يهتم كثير بالعقيدة الإيمانية المسيحية فمثلاً إنحاز مع الرهبان أصحاب هرطقة تجسيم شكل الإله Anthropomorphism وقال لهم عندما رأيتكم كمن رأيت وجه الإله، ولم ينسحب الرهبان الهراطقة إلا بعد أن وعدهم بحرمان أوريجانوس وكتابات أوريجانوس بل وكل من يقرأ كتابات أوريجانوس (وهذا ما تم فعلاً فى عيد الفصح التالى)، فهل فعل هذا لأنهم كثيرى العدد، كما أنه لم يتضح هل إنحيازه لهم نتيجة خوفه منهم؟ أم لأنه إعتنق هذه الهرطقة؟ أم لأنه يريد إنتقاماً من خصومه فركب الموجة العالية حتى يصل إلى مرماه أم ماذا؟ أم كما يقول المؤرخين الغربيين أنه كان رجلاً عنيفاً غضوباً لا يرحم معارضيه وأطلقوا عليه أسم فرعون؟ أم أنه كان محباً للسلطة والشهرة هدم الهياكل الوثنية ليكون اسمه على كل لسان وهاجم الأوريجانية وكأنه هاجم هرطقة تهدد الكنيسة ليكون اسمه على كل لسان؟ لقد حاول الأغلبية من مؤرخى الكنيسة القبطية تجميل صورة هذا البطريرك ودفع الإتهامات عنه بإخفاء بعض الحقائق أو ذكر بعضها والرد على الإتهامات ولكنهم أخفقوا جميعا والبعض أظهرها غير واضحة وعندما سرد أحد الاباء الموقرين ما قالة المؤرخين وسئل عن هذا قال: لقد ذكرت الحقيقة إحقاقاً للحق!!
من هم الأخوة الطوال؟
نشأ الأخوة الطوال فى الفرما وأصبحوا من بين رهبان هناك، وكانوا أربعة أخوة إشتهروا بطول القامه وعرفوا فى التاريخ بأسم " الأخوة الطوال " وكان أكبرهم فى العمر أسمه الآباء أمونيوس (آمون) وأطلقوا عليه أسم باروتيس (أطلق عليه المؤرخين لقب باروتيس ومعنى هذا الإسم: صاحب الأذن الواحدة) أرسل ثيوفيلوس جنوداً ليجلبوا امونيوس بالقوة لرسامته أسقفاً. فلما رأى الجنود قادمين، أمسك بالسكين التي يستخدمها لتقشير الخضار وقطع إحدى أذنيه. فلم يعد يستوفي شروط الأسقف، وقال إذا أصر البابا تيموثاوس على رسامته فسيضطر إلى قطع لسانه فتركوه، وقد سافر أمونيوس مع البابا أثناسيوس الرسولى إلى رومية عام 341م والأخ الثانى أسمه ديسقوروس أقامه البابا ثاؤغيلس أسقفاً لواحة هرموليس " الأشمونين" أما الأخ الثالث وأسمه يوساب والرابع وأسمه أنتيموس أقامهما البابا قسيسين فى كنيسة الإسكندرية هؤلاء الإخوة اتسموا بالروحانية والنسك، وقاموا بالنضال ضد الأريوسية بعد نياحة البابا أثناسيوس. وكانوا على علاقة طيبة بالبابا تيموثاوس والبابا ثاوفيلس حتى سنة 400م، فقد أحبهم وأكرمهم كرامة زائدة، فرسم ديسقورس أسقفًا على هرموبوليس كما سام اثنين منهم يوساب و أنتيموس كاهنين بعد اعتذارهم عن السيامة كأساقفة. لقد أراد البابا أن يستبقيهم معه في الإسكندرية لمساندته في الرعاية لكنهم فضلوا سكنى البرية وكان من أكبر مناطق تجمع الرهبان المصريين فى عصر البابا ثائوفيلس 23 الأولى: منطقة نتريا ، الثانية: منطقة الإسقيط وتشمل أديرة وادى النطرون وبدأت أتعاب البابا ثائوفيلس 23 مرة اخرى
وفي البداية كان البابا محبًا لكتابات أوريجينوس، حتى أنه في سنة 399م إذ رأى الخلاف محتدمًا بين يوحنا أسقف أورشليم وهو من رهبان وادى النطرون وجيروم بسبب العلامة أوريجينوس حاول مصالحتهما، فشعر جيروم (القديس إيرونيموس) أن البابا ينحاز لأوريجينوس، فكتب إليه بعنف يقول: "إنك لا تعرف كيف يكون الجدل والمناقشة، لأنك تعيش مع رهبان يجلون قدرك ويرفعون مقامك ويجلون قدرك عند مقابلتهم إياك بل يحبونك ويظهروا لك إخلاصهم بولاء لأنك لم تظلمهم أو بالحرى لم تقسو عليهم فى شئ " ولكن فى الحقيقة لم ينقضى وقت حتى ظهر الخلاف بين رهبان مصر وإنحاز البابا ثاؤفيلس البطريرك رقم 23 لرهبان الإسقيط وعامل رهبان نتريا قسوة .
العلاقة المميزة بين رهبان الإسقيط والبابا ثاؤفيلس البطريرك رقم 23
تقول مسز بتشر : " أن البابا ثاؤفيلس البطريرك رقم 23 كان على وفاق ووئام تام مع جماعة الرهبان العديدين فى مصر خصوصاً مع رهبان وادى النطرون الذى هو أكبر الأديرة وأقرب لمدينة الإسكندرية وكانوا قد ساعدوه فى هدم الهياكل وتدميرها فمدح غيرة إيمانهم وكافأهم على ذلك بأن كان يختار من بينهم ليرسمهم لرتبة الأسقفية كلما كانت تسنح له الفرصة وكان من بين الذين أصبحوا أساقفة ديسقوروس أحد الإخوة طويلى القامة، وكان أسقفاً على هرموبوليس (المنيا)، أما شقيقاه يوساب وبوثيموس كان البابا ثاؤفيلس البطريرك رقم 23 طلب منهم أن يتركا دير وادى النطرون ورسمهما كاهنين فى كنيسة الإسكندرية "
هرطقة تجسيم شكل الإله Anthropomorphism
هرطقة تجسيم شكل الإله Anthropomorphism (الأنثروبومورفيزم): بسبب بدعة انتشرت بين بعض رهبان الإسقيط كان رأسها أفوديوس من بين النهرين مؤداها أن الإله ذو صورة بشرية وذو أعضاء جسمية ، وفي نفس السنة نشر البطريرك رسالة عيد الفصح السنوية، فاغتاظ أولئك الرهبان من عبارة وردت فيها وهى قوله: "إن الله روح لا يدركه الفهم، وليس هو مجرد إنسان يقع تحت الحد والحصر"، فهاجوا على البطريرك لما رأوه يخالفهم في الاعتقاد وترك وتصف المؤرخة مسز بتشر هياج رهبان الإسقيط فتقول: " وكان أساس هذا الفكر هو الراهب سيرابيون
رهبان الإسقيط يريدون الفتك بالبابا ثاؤفيلس البطريرك رقم 23 فلما قرأ هؤلاء العميان هذه الرسالة حنقوا وهاجوا هياجاً لم يكن منتظراً من رهبان تركوا العالم وقاموا بجيش جرار، وتركوا وادى النطرون وساروا بعرض الصحراء إلى أن وصلوا القصر الذى كان يقيم فيه البابا فإحتشدوا حوله كالنمل وأخذوا يصيحون ويتوعدون ويتهددون البابا بالموت العاجل إن لم يسحب كلامه ويعدل عن رأيه فى رسالته الفصحية . أكثرهم قلاليلهم وجاءوا كجيشٍ جرارٍ إلى الإسكندرية وعزموا على الفتك بالبطريرك حالما يقع بصرهم عليه واحتشدوا حول داره وهم يتهددونه ويتوعدونه.
وإذ رأى أن قلوبهم مملوءة بالغيظ ولم يجد له عضدًا أسرع على مرتفع وصعد عليه وخاطبهم بعبارات رقيقة تهدئ الخواطر الهائجة ومن ذلك قوله لهم: "إنني إذا رأيت وجوهكم أشعر كأني أشاهد الله لأنكم على صورته ومثاله"، فسكن ثورتهم قليلاً، وفهم من عبارته أنه لا يخالفهم فى الإعتقاد وتستطرد مسز بتشر قائلة: " ولكن هذا هذا التملق لم يكن ليسكتهم أو يوقفهم عند حدهم بل صاح بعض زعمائهم طالبين من البطريرك أن يحرم أوريجانوس ويشجبه إنهم إعتبروا ان البدعة التى ذكرها البابا ثاؤفيلس البطريرك رقم 23 فى رسالته الفصحية حسب زعمهم وتفكيرهم قد إقتبسها البابا من آراء أوريجانوس وكتاباته أو أفكاره .. فلم ينصرفوا من أمام الدارالبطريركية إلا بعد أن وعدهم البابا ثاؤفيلس البطريرك رقم 23 بتنفيذ طلبهم بحرمان أوريجانوس " أما الأخوة الطوال فلم يرضهم تصرف البابا وإزدروا بتملقه، وعادوا راجعين إلى وادى النطرون دون أن يقابلوه ويفصحوا عن وجهة نظرهم ولكن الخلاف لم بنتهى فإضطر البابا ثاؤفيلس البطريرك رقم 23 أن يصالح هؤلاء الرهبان المتحفزين للثورة والفتك به وكان يخشاهم لأنه إستخدم بعضهم كأساقفة وفى المصالح الكنسية، وإستمر فى إختيار زعمائهم للمناصب الكنسية خوفاً من بطشهم وعنفهم حتى يبعدهم عن إثارة الرهبان ضده وعن مركز الثورة .
البابا ثاؤفيلس البطريرك رقم 23 يحرم أوريجانوس وكل من يقرأ كتبه
وكان رهبان الإسقيط يظنون أن العبارة التي أوردها عن الإله في رسالة عيد الفصح اقتبسها من مؤلفات أوريجينوس. لذلك طلبوا إليه بشدة أن يحرم أوريجينوس وكل من يطالع كتبه فوعدهم بذلك ثم انعكف حسب قول المؤرخين على مطالعة كتب أوريجينوس إذ لم يكن طالعها قبلاً فتبين من بعض ألفاظها ما يشعر بضلاله وفي أوائل السنة التالية شكل مجمعًا حرم أوريجينوس وندد بتعليمه في رسالة عيد الفصح بل وحرم كل من يقرأ كتاباته.
مشكلة الإخوة الطوال القامة
(تعليق: أمامنا فى كتب التاريخ مجموعتين من الرهبان رهبان الأسقيط الذى عرفنا عنهم أنهم يعتنقون فكر تجسيم الله، والمجموعة الثانية هم رهبان نتريا الذين إعتنقوا فكر أورجينوس وهو الفكر المجازى، وكان رهبان الإسقيط أكثر عدداً وقوة من رهبان نتريا، وكان من الواضح أن البابا ثاؤفيلس البطريرك رقم 23مال لفكر رهبان الإسقيط بعد أن كان ميالاً للفكر الأوريجانى وكانت مشكلة الإخوة الطوال القامة الأوريجينيين هى المشكلة الرئيسية التي شوهت صورة هذا البابا فى التاريخ) إذ درس البابا ثاوفيلس كتابات العلامة أوريجينوس واكتشف بعض الأخطاء اللاهوتية صار مقاومًا لكل ما هو أوريجيني ويقول الأنبا أيسذورس: " وظهر شقاق بين رهبان مصر بسبب مؤلفات أوريجانوس العلامة فكان: بعضهم يحرم القراءة فيها وهم رهبان الإسقيط .. والبعض الاخر يحل ذلك وهم رهبان جبل نتريا (الفرم) فذهبت سفارة (أى مجموعة منتدبة من رهبان الإسقيط) وألحت على البابا ثاؤفيلس البطريرك رقم 23 أن يحرم من يقرأ تلك المؤلفات ففعل برأيهم أى أنه حرم كل من يقرأ كتابات أوريجينوس
إيسودورس (إيزودورس - إيسيذورس) أمين الصندوق
يقول القس منسى: " أما ما ألهب الموقف بينهما (البابا والأخوة الطوال) فهو خلافه مع القديس إيسيذورس الذي مارس الحياة النسكية بنتريا وقد اتسم ببشاشة الوجه واللسان العذب فسامه البابا أثناسيوس كاهنًا . أحبه البابا ثاوفيلس جدًا حتى رشحه للبطريركية بالقسطنطينية عوض ذهبي الفم، لكن هذه الصداقة انقلبت إلى عداوة سافرة إذ عاد إلى نتريا يلتصق بالإخوة الطوال الذين يمثلون حزبًا أوريجينيًا مضادًا للبابا الذي في نظرهم قد ملأ الأنثروبوموفليت الإسقيطيين، واعتبر البابا هذا التجمع تحديًا له، ومارس الطرفان ضغوطًا شديدةً. "
تقول مسز بتشر: " وكان إيسودورس (إيزودورس) أمين صندوق كنائس الإسكندرية صديقاً حميماً البابا ثاؤفيلس البطريرك رقم 23 ودامت هذه الصداقة بينهما مدة من السنين، ولكن لأسباب ما تغير الحال وأصبحت الصداقة عداوة، وإستحكم الخلاف بين الإثنين، ولما كان إيسودورس يعتقد أن الإله روح، إتخذ البابا ثاؤفيلس إعتقاده لإيقاع به، بأن إنضم لأولئك الرهبان الهراطقة الذين كان ينفر منهم وحرضهم ضد إيسودورس . وقد ذكر البعض أسباب كثيرة قالوا أنها منشأ هذا الخلاف ولكن الذى يقرب إلى العقل (من المنطق) أن سبب الخلاف بينهما هو خلاف مالى يختص بالصندوق لأن الدراهم علة كل البلايا وسبب للخلاف والإنشقاقات فى هذا العالم، وكما قال الكتاب المال أصل لكل الشرور ويقول الأروام الملكيين" وأراد ثيوفيلوس أن يغتصب ثروة أرملة. ولكن كيف يبرر هذا الاغتصاب؟. فلجأ إلى مدير أبرشيته: الايكونومس ايزيدوروس. إلا أنه كان تقياً صالحاً فرفض أن يشاركه في هذه السرقة. فغضب وأصدر أمره بإلقاء القبض عليه وتعذيبه وتسليمه للقضاء. إذا كان الأسقف الإسكندري يتمتع بصلاحيات زمنية. ولإثبات التهمة كان الفرعون بحاجة إلى شهود. ولمّا كان مدير الأبرشية يتمتع بسمعة طيبة وصيت حسن، وجب إذن أن يكون الشهود أوفر فضيلة منه. ولا يتمتع بهذه الفضيلة إلا الأخوة الطوال. فاستدعاهم ثيوفيلوس وطلب منهم الشهادة. ولكنهم رفضوا بحزم. فأصدر أمره للجنود، فعذبوا الأخوة الطوال ثم قيدوهم بالحديد. وتولى ثيوفيلوس بنفسه ضربهم، بيديه. ثم راح يدوسهم برجليه. ثم اقتيدوا للسجن في سلاسل الحديد. وهزّ هذا المنظر الإسكندرية بأسرها. فلم يكن أمام ثيوفيلوس إلا أن يذيع خبر بأن الأخوة الطول أصحاب هرطقة. ولم تنجح الحيلة فأطلق سراحهم."وإضطر البابا ثاؤفيلس البطريرك رقم 23 أن ينحاز لمجموعة رهبان السقيط الذين ضد مبدأ أوريجانوس الصحيح وهؤلاء الرهبان الذين كانوا يعتقون بإنسانية الإله وحسب ما ذكرنا سابقاً أنه فى أوائل السنة التالية شكل هذا البطريرك مجمعاً حرم أوريجانوس وتعاليمه ومن يقرأ كتاباته وقد كان هذا الحرم لوعد وعده مسبقاً لرهبان الأسقيط قبل قراءة أو فحص كتبه .
نفى الرهبان ومقابلة البابا لوفد رهبانى يرأسة احد الإخوة الطوال
لم يكتف البابا ثاؤفيلس البطريرك رقم 23 بذلك بل أنه فى رسالة الفصح سنة 401 م كتب ضد أوريجانوس كلاماً مؤلماً وذكر منه غلطات وهفوات لم يكن لها وجود فى هذا الرجل النابغة ولكنها خرجت من مخيلة البابا ثاؤفيلس البطريرك رقم 23 وأخيراً حكم عليه بأنه هرطوقى مبتدع وبدأ الخلاف بين إيسودورس والبابا يتسع فإستعمل البابا القوة ضده وضد مؤيديه فإضطر إيسودورس فى نفس السنة أن يهرب من الإسكندرية ويقيم فى وادى النطرون مع جماعة الرهبان الموجودين فيه، فلم يكن أمام البابا إلا ان يصدر أمره إلى أساقفة الإبروشيات ورؤساء الديرة بنفى وطرد جميع الرهبان الذين يبجلون أوريجانوس ويتبنون أسلوبه المجازى فى تفسير الكتب المقدسة، او يرددون أقوال أوريجانوس وعندما وصل هذا الأمر الباباوى إلأسقف أمونيوس وهو أحد الأخوة الطوال القامة لم يسكت بل ذهب إلى الإسكندرية يرأس وفداً من الرهبان ليحتج ضد أعمال وأوامر البابا ويعترض على إتهامه لهم بأنهم مبتدعين لأنهم رفضوا قبول تفسير وفهم الكتاب المقدس بطريقة حرفية ناقصة كالرهبان الغبياء الذين كانوا يفسرون الكلمات التى تقال عن افله تفسيراً حرفياً وجعلوا الإله فى الشكل إنساناً وكان لما إنتشرت هذه الهرطقة وإعتنقها كثير من الرهبان الأغبياء الجهلة أن البابا ثاؤفيلس هابهم ومال لمذهبهم ولم يذكر المؤرخون أنه مال لمذهبهم إقتناعاً أم خوفاً أم لأن لهؤلاء الهراطقة من القوة بحيث إستغلها كمطرقة لضرب من لا يميل إليهم من الأساقفة والرهبان، ولكن فى كلا هذه الحالات كان يخالف ضميرة وإيمانه المسيحى، وقد جامل هؤلاء الهراطقة ضد الوفد الرهبانى المعتدل برئاسة الأنبا أمونيوس أسقفاً لواحة هرموليس " الأشمونين" أحد الأخوة الطوال الذى حاول غقناع البابا عن العدول عن حرمان أوريجانوس وكتاباته وكل من يقرأها وأن حعل الإله إنساناً مخالف للعقيدة المسيحية، وبالغم من أن أدلتهم وبراهينهم وحجتهم كانت أقوى من جهل هؤلاء الهراطقة، ولكن كان البابا ثاؤفيلس البطريرك رقم 23 ثائراً لا يريد أن يسمع لصوت العقل والإيمان فعامل الأنبا أمونيوس والوفد المرافق له معاملة غير كريمة وتقول مسز بتشر: حتى قيل أن البابا ثاؤفيلس البطريرك رقم 23 لطم الأنبا أمونيوس على فمع وإتهمه بأنه مبتدع لأنه رفض أن يحرم أوريجانوس ويحط من قدره، ومن الغريب أن خمسة من رهبان دير وادى النطرون الذين ليس لهم ذكر ولا شهره لجهلهم وغباوتهم أرادوا أن يصطلحوا مع البطريرك فطلبوا منه أن يصرح لهم بتلفيق تهم كاذبة ضد ثلاثة من مشاهير الرهبان وعظمائهم فوافق على طلبهم، وكانت النتيجة أن حكم البابا ثاؤفيلس البطريرك رقم 23 على هؤلاء العظماء بالحرمان ورجع وفد رهبان إلى وادى النطرون وهو فى يأس وقنوط وقلب حزين ومكسور ورضى أعضاؤه بالرجوع فقط حتى بدون إحراز نتيجة، ولكن البابا ثاؤفيلس البطريرك رقم 23 لم يرضى بوجود رهبان لهم فكر مختلف بل كان يسعى لإقلاق بالهم وراحتهم، وعندما سمع البابا ثاؤفيلس البطريرك رقم 23 بذلك أرسل منشوراً إلى رهبان الإسقيط يأمرهم أن يتجنبوا أولئك الرهبان وقطع (حرم) ديسقوروس أسقف (أرموبوليس) من شركته لأنه قبلهم وكان البابا قد تأكد من إزدياد سطوة الرهبان وتكاثر عددهم وقوتهم أن هذا من شأنه يقلص من سلطانه على الكنيسة، فإنحاز إلى الأغلبية ضد الأقلية، وجعل الخلاف ينمو بينهما ولم يقف بجانب الحق حتى أن جميع المؤرخين الأقباط المصريين قد أهملوا هذا الجانب من تصرف هذا البطريرك وكتبوه مبهما وكتبت مسز بتشر عن هذا البابا فقالت: " ولكن هذا البابا ثاؤفيلس البطريرك رقم 23 لم يتخذ طريقاً لقطع شآفة هذا الداء (الهرطقة) ولم يأت عملاً يبرره (أى ما فعله) فى أعين الناقدين بل صار سيراً (أى تصرف بما) يستحق الأسف كل مدة رئاسته المشؤمة "
هجوم البابا ثاؤفيلس البطريرك رقم 23 بقوة مسلحة على الدير
عقد البابا مجمعًا بالإسكندرية حرم فيه آمون وأخويه الراهبين، وإنقضى زمن الخلاف والشقاق وعاد الرهبان إلى أديرتهم فى وادى النطرون ليمارسوا اعمالهم المعتادة مثل الأعمال اليدوية فكان بينهم الحائك والنساج وصانع الحلويات والطبيب وطالب العلم وكل أرباب الحرف والصنائع، وظلوا ساكتين فى صلواتهم التى يرفعونها يصلون فى كنيسة كبرى تحيط بها ثلاث نخلات ولم يحاولوا أن يتكلموا فيما حدث فخلاصهم هو أساس رهبنتهم أما ما ألهب الموقف بينهما فهو خلافه مع القديس إيسيذورس الذي مارس الحياة النسكية بنتريا وقد اتسم ببشاشة الوجه واللسان العذب فسامه البابا أثناسيوس كاهنًا وأقامه مسئولاً عن مستشفى بالإسكندرية. أحبه البابا ثاوفيلس جدًا حتى رشحه للبطريركية بالقسطنطينية عوض القديس ذهبي الفم، لكن هذه الصداقة انقلبت إلى عداوة سافرة إذ عاد إلى نتريا يلتصق بالإخوة الطوال الذين يمثلون حزبًا أوريجينيًا مضادًا للبابا الذي في نظرهم قد ملأ الأنثروبوموفليت الإسقيطيين، واعتبر البابا هذا التجمع تحديًا له، ومارس الطرفان ضغوطًا شديدةً ولكن البابا ثاؤفيلس البطريرك رقم 23 لم يروق له هذا السكون وجالت فى فكره الظنون فطلب من الوالى الرومانى أن يمده بقوة عسكرية يهاجم بها جماعة الرهبان الآمنين فتحركت القوة فى سرية تامة وتحت جنح الليل فأقلق هدوء الصحراء والبرية وسمع الرهبان بسنابك الخيول التى يمتطيها أفراد القوة العسكرية الرومانية ترنويسمع دويها فى الفضاء فوقع الرعب فى القلوب ويقول الملكيون (ألروم): " وثيوفيلوس البطريرك كان يقود بنفسه فرقاً من الجنود. فكان هذا الفرعون (يقصدون ثيوفيلوس) لا يتوارى عن إصدار الأوامر بالتعذيب. يل ويشترك في هذا العمل الوحشي. واهتم ببناء الكنائس كحجر ونسي واحتقر البشر. وابغض جميع الناس."فهاج الرهبان وزعروا لما بلغهم من أن البطريرك جاء ومعه قوة عسكرية مسلحة لكى يقبض على أتباع الفكر ألأوريجانى وساد القلق والخوف فى أنحاء الدير، وهرب ثلاثة من الأخوة الطوال إلى الإختباء فى بئر عميقة ولجأ رابعهم الأنبا ديسقوروس أسقف هرموليس " الأشمونين" وكمن فى ركن خفى من أركان الكنيسة ولكنه لم يلبث حتى عرف مكانه مجموعة من الأحباش المرافقين للبطريرك فأخرجوه من ملجأه بالكنيسة بقوة وعنف أما القوة العسكرية فظنوا أن هذا الدير إنما هو مدينة محصنة يجب الإستيلاء عليها قسراً وعنوة وكان قد طلب البابا ثاؤفيلس البطريرك رقم 23 منهم ألا يفعلوا ذلك لم يذعنوا لقوله بل هاجموا صوامع الرهبان ونهبوها وأضرموا فيها النيران ومات أحد الرهبان حرقاً كان فى إحداها كما أثبت ذلك شهود عدول وعندما لاح الفجر وبدأت تباشير الصباح فى الظهور تعب الجنود من هجومهم فكفوا وخاصة بعد إلحاح البابا ثاؤفيلس البطريرك رقم 23 عليهم بذلك فردوا السيوف إلى أغمادها ووقفوا جانباً لتنفيذ آوامره ثم دعى بعض من رهبانهم ليطرح عليهم ما وصل إليه ويعرض عليهم أفكاره بسلام ووئام بدلاً من الحرب والخصام، ثم قرأ على مسامعهم بعض نبذات من كتب أوريجاننوس وفلسفته الغامضة (نحن لا نعرف إعتقاد البابا ثاؤفيلس البطريرك رقم 23 وهل هى توافق النفسير المجازى الذى كان تسير عليه أفكار أوريجانوس أم مال للتفسير الحرفى وإعتنق هرطقة أن الإله فى الشكل والشعور إنساناً، وهل إذا كان يؤمن إيماناً صحيحا ما الذى يؤكد أن هذه كتابات أوريجانوس حيث قد مر سنين عديدة تخللتها الهرطقة الأريوسية فربما أدخلها الريوسيين ضمن كتابات أوريجانوس) ثم إستنتج البابا مما توهمه من بدع فى هذه القراءات والتى ود لو إقتنع الرهبان بصحة نسبتها إلى أوريجانوس، وحينئذ قال لهم: " فلهذا السبب حكم على حلفاء أوريجانوس وأتباعه (الذين إعتنقوا أفكاره) بالحرمان "، فلم يرضخ الرهبان لهذا الحكم بل جروا وأسرعوا إلى كنيستهم فى وادى النطرون وقفلوا أبوابها فى وجه الأساقفة ورؤساء الأديرة وأمسكوا فى ايديهم عصى من سعف النخل المغطى بالأشواك لكى يدافعوا عن أنفسهم ض أى إعتداء عليهم وننقل هنا ما كتبه الملكيين (الروم) حول هذا الموضوع " وفي يوم ذهب ثيوفيلوس إلى برية مصر مصطحباً جنود معه. وراح يحرقون المناسك. وخرج الرهبان مرعوبين. ولحق بهم الجند وباشروا بتقتيلهم. واستمرت المجزرة طيلة الليل. ونجا الأخوة الطول ومعهم ثلاثمائة راهب. هؤلاء فقط الذين نجوا من مذبحة ثيوفيلوس. والذين يقول فيهم الذهبي الفم: إن المناسك في برية مصر تلمع بفضيلة الرهبان أكثر من نجوم السماء وإن سكان هذه القلالي هم ملائكة في صورة بشر. فاتفقوا على أن يقطعوا الصحراء متفرقين على أن يلتقوا على الحدود الفلسطينية. وعاد ثيوفيلوس إلى الإسكندرية وأصدر حرم عليهم جميعاً، على كل الذين نجوا من رجاله القتلة."
هروب الإخوة الطوال والرهبان إلى الآراضى المقدسة
هرب أو نفى بالمعنى الصحيح أكثر من 300 راهب إتفقوا أن يتقابلوا فى أورشليم وكان قد رقد منهم الكثير في مجاهل الصحراء. جوع وعطش ومرضاً... فصلوا على أرواحهم ودخلوا الأراضى المقدسة أما الثلاثة الأخوة الطوال الذين إختباوا فى الدير وبعد هروب أخيهم الرابع أتفقوا مع الرهبان إلى الهروب إلى الأرض المقدسة بجانب أورشليم وكان في صحبتهم الأب إيسيذورس وجماعة من الرهبان بلغوا حوالي الثمانين، فوجدوا في قلب الأسقف الأورشليمي يوحنا الثانى المُعجب بأوريجينوس ملجأ لهم. وقضوا وقتا من الزمن فى سفح جبل جلبوع (جبل جلبوع الصورة المقابلة صورة حديثة: وهو جبل مكسوا بالأشجار) وكانوا يمارسون عملهم فى صناعة الأقفاص والأسبته من جريد النخل وهى الصناعة التى كان أغلب رهبان مصر يمارسونها، وما لبث أن تبعهم كثيراً من الرهبان الفارين من وطنهم، وكان لزيادة عددهم زيادة كبيرة فى هذه المنطقة أن أهل المنطقة من المسيحيين كانوا يرمقونهم بعين الإحتقار لعلمهم أن باباهم ثاؤفيلس البطريرك رقم 23 قد حرمهم ونفاهم ولكن بعض أساقفة الشام أظهر نحوهم حناناً وإشفاقاً، فأرسل البابا ثاؤفيلس لهم رسائل ووبخهم ورجاهم ألا يجلسوا مع هؤلاء الرهبان لئلا يعد عملهم سيئه، وكان ثاؤفيلس البطريرك قد بعث رسالة مجمعية إلى 17 أسقفًا بفلسطين و15 أسقفًا بقبرص يعلن فيه أخطاء أتباع أوريجينوس اللاهوتية، هذه الرسالة أثارت أتباع أوريجينوس بينما رطبت قلب القديس جيروم وأيضًا القديس أبيفانيوس أسقف سلاميس بقبرص إلا أن أسقف أورشليم لم يستطع أن يبقيهم في أورشليم. فلم يبقَ لهم إلا القديس الذهبي الفم فالتجأوا إلى القسطنطينية. وكان عدد الذين دخلوا القسطنطينية 50 فقط من هؤلاء الثلمائة راهب الذين نفاهم ثاؤفيلس البطريرك رقم 23 .
تعليق: إستند البابا فى الخلاف مع الإخوة الطوال إلى علاقاته السياسية مع الأمبراطور والحاشية كما إستند إلى علاقاته الوثيقة بالأساقفة وإستخدم مركزة كاسقف المدينة العظمى الأسكندرية فى ترجيح كفته، كما إستند إلى وجود العديد من الأساقفة المصريين فى أبروشيات بالعالم القديم منهم: الأسقف الأورشليمي يوحنا الثانى، القديس أبيفانيوس أسقف سلاميس بقبرص، سيرينوس أسقف مكدونية المصرى وقام البابا ثاؤفيلس بإرسال رسائل مجمعية إلى اساقفة العالم القديم فى ذلك الوقت وأوعز إلى القديس أبيفانيوس أسقف سلاميس بقبرص أن يعقد مجمعاً على غرار مجمع المصرى وبحرم أوريجانوس ويرفق رسالته بقرارات المجمع أى أن قرار حرمان أوريجانوس كان مقرراً قبل عقد المجمع فى قبرص
الإخوة الطوال وخمسين راهباً يرفعون شكواهم لذهبى الفم
ومن الواضح أن يوحنا أسقف أورشليم قبل الأخوة الطوال وباقى الرهبان الذين هربوا من بطش البابا ثاؤفيلس البطريرك، وعندما وصلته الرسالة من البابا كان موقفه حرجاً، فتحرك حوالى خمسين (تذكر كتب بعض المؤرخين أن الذى وصل إلى أورشليم 80 راهباً من حوالى 300 راهباً كانوا فى نتريا) من هؤلاء الرهبان عندما ضاق بهم الحال ورفعوا دعواهم إلى يوحنا ذهبى الفم بطريرك القسطنطينية والذى يعد بحسب المجمع الكنسى الأخير أعلى فى المنزلة من البابا المصرى وفى أواخر سنة 401 م مثل أولئك الرهبان السياح امام يوحنا ذهبى الفم بطريرك القسطنطينية بعد أن أضناهم التعب من طول السفر ومراره موقفهم وعظم بلائهم، فلما رآهم يوحنا ذهبى الفم فاضت عيناه بالدموع الغزيرة رثاء لحالهم وتوجع لآلامهم وما لاقوه من باباهم، وقال لهم: " ماذا أفعل لكم وبأى طريقة يمكن بها أن أخفف ما حدث لكم، فطلبوا منه أن ينصفهم من بطريركهم الذى قسى عليهم وإعتدى عليهم ومات منهم فى الحريق الذى أشعله الجنود ومات منهم فى الطريق كثيرين ووقف من هؤلاء الرهبان وخاطب ذهبى الفم قائلاً: " إذا كنت تراعى خاطره ولا تعمل على مساندتنا فسنضطر حينئذ أن نرفع دعوانا إلى الإمبراطور نفسه وكل الذى نطلبه منك أن تسترضى البابا ثاؤفيلس البطريرك رقم 23 حتى يسمح لنا بالعودة إلى أوطاننا (يفهم من هذه العبارة أن البابا نفاهم) فإننا لن نفعل أى شئ ضده ولم نرتكب معصية حتى يستمطر غضب الإله علينا) وكان الذهبي الفم متتبع لأخبار الأخوة الطوال منذ زمن بعيد ومعجباً بهم، فوعدهم البطريرك يوحنا ذهبى الفم أن سيبذل كل جهده فى مساعدتهم وكانت شروطه: ألا يقدموا شكواهم إلى الإمبراطور (السلطة المدنية)، ولا أن يحدثوا هياجاً وإضطراباً فى المدينة ثم ختم كلامه بقوله: " حيث أننى كتبت لأخى ثاؤفيلس البطريرك فى هذا الأمر فعليكم الصبر حتى يحضر يرد بالجواب" وكان الذهبي الفم يعلم بأمر حرم ثيوفيلوس لهم. فناقشهم في اللاهوت والعقيدة ليتأكد إذا كانوا في الهرطقة أم لا. ولم يلاحظ أي أثر للهرطقة في روحانيتهم. فقال للأخوة الطوال: "أنا أخذ قضيتكم على عاتقي. فإما أن يحلكم مجمع آخر ينعقد لهذه الغاية، وإما أن يرفع أسقفكم بتلقاء إرادته الحرم عنكم. اعتمدوا علي". فسمح لهم أن ينزلوا في بيت قريب من إحدى الكنائس وسمح لهم بالصلاة مع سائر المؤمنين ولكنه منعهم عن الإشتراك في ممارسة الأسرار المقدسة، حتى يحل الحرم عنهم.
وقد اظهر يوحنا ذهبى الفم لهم العطف واللطف أسكنهم فى مخادع كنيسة القيامة، وكان فى ذلك الوقت يبحث الأمر ويستشير مع مجموعة من الإكليروس الإسكندريين كانوا قد أرسلوا إلى ديوان الإمبراطور لطلبات خاصة بوظائفهم، وأدلى هؤلاء القسوس برأيهم: أن رفع هذه الدعوى إلى بطريرك القسطنطينية لا ينتج عنه نتائج حسنة ولا يأتى بالفائدة المرجوة، ثم طلبوا من البطريرك ألا يتسرع ويقبل هؤلاء الرهبان على مائدة العشاء الربان (قبولهم فى الشركة) لئلا يغضب هذا البابا ثاؤفيلس البطريرك رقم 23، ولكنه إذا أراد أن يظهر الشفقة والعطف فليظهرها بطرق أخرى مختلفه ولكن ليست بطريقة المناولة " فكتب إلى ثيوفيلوس يناشده برابط "المحبة الأخوية الجامعة" أن يصفح عن الأخوة الطوال، وقال له أنه تأكد من عقيدتهم ولا يوجد فيها ما يخالف الإيمان القويم. وقال له بشجاعة أن الحرم الذي أنزله ظالم. وأنه سيدعو مجمعاً مقدساً يعيد الحق لنصابه. إذا رفض ثيوفيلوس أن يفك الحرم.
السحر تهمة جديدة ضد الرهبان المنفيين
وقبل يوحنا ذهبى الفم بطريرك القسطنطينية نصيحة كهنة الإسكندرية وكتب إلى ثاؤفيلس البطريرك رقم 23 خطاباً يرجوه أن يجد السلام والهدوء طريقة لكنيسة الأسكندرية، وعندما وصل الخطاب إلى ثاؤفيلس بطريرك الإسكندرية وعرف أن الإخوة الطوال والرهبان المنفيين ذهبوا إلى القسطنطينية فعل نالفعل الذى فعله مع أساقفة الشام حيث أرسل رسالة لوم وتوبيخ شديدة اللهجة إلى ذهبى الفم وطلب منه عمد الإختلاط مع هؤلاء الرهبان، ولكنه لم يكتفى بذلك هذه المرة بل إتهمهم بتهمة جديدة هى أنهم ليسوا فقط أهل بدعة وهرطقة وخلاف بل أنهم سحرة يخاطبون الجن ويستخدمون الشياطين بأعمالهم، وأثرت هذه التهمة الفضيعة على أهل القسطنطينية ضد هؤلاء الرهبان المساكين الذين لم يجدوا لهم نصيراً ولم يقبلهم احد فكانوا يزجرونهم ويستهزأون بهم عندما يسيرون فى طرق مدينة القسطنطينية، وحزن أكثر الرهبان هناك لإتهامهم بهذه التهمة التى يعرفون أنها سيئة النتائج فلذلك ترجوا بعض الوسطاء لكى يترجوا ثاؤفيلس البطريرك رقم 23 للصفح والمغفرة، ولكن الأربعة الطوال لم يهمهم هذه التهمة الملفقة وإزدروا بها وإحتقروا من قال بإتهامهم بها وأعدوا تهمة قانونية ضد بطريركهم ورفعوها لبطريرك القسطنطينية فكتب يوحنا ذهبى الفم بطريرك القسطنطينية مرة أخرى ثاؤفيلس بطريرك الإسكندرية، وأظهر أسفه الشديد من أن خصومه إتبعوا نفس أسلوبه الذى إتبعه معهم، وقال: "أنه طلب منهم مراراً مغادرة القسطنطينية ولكنهم لم يقبلوا طلبه" فأجابه ثاؤفيلس بطريرك الإسكندرية بخطاب مملوءاً من الغضب والحنق قال فيه: " إذا لم تعرف الدستور (القوانين) الذى وضعه المجمع النيقاوى بعدم تداخل أسقف أو بطريرك فى المسائل التى لا تنحصر ضمن دائرة سلطته فأرجوك أن تطلع على هذه القوانين وتدرسها حتى لا تتعب نفسك من التعرض لى، وتكف عن الوقوف ضدى والجدال معى، أما إذا قضى على الزمان بالمحاكمة فسوف يحاكمنى أساقفة مصر، فلا أنت ولا غيرك ممن هم بعيدون عنا يقتضى لوصولنا إليهم أو لوصولهم إلينا سفر 75 يوماً كاملة يحاكموننا "فقرأ يوحنا ذهبى الفم هذا الخطاب ورضى بما فيه ووافق عليه، وذهب ليقنع الإخوة الطوال والرهبان الذين معهم على فض هذه المشكلة بالتراضى، وعدم رفع الدعاوى التى لا يأتى من ورائها إلا زيادة الحقد والبغضاء فى النفوس ولكن هؤلاء الرهبان المنفيين وومعهم الإخوة الطوال لم يرضخوا لطلب ذهبى الفم وإستأنفوا قضيتهم إلى الأمبراطورة إيدوكسيا وتوسلوا إليها أن تأمر بسماع دعواهم فمازالت تتحايل على زوجها أركاديوس إمبراطور الشرق حتى جعلته يصدر أمراً بإستدعاء ثاؤفيلس بطريرك الإسكندرية إلى القسطنطينية حتى يمكن لبطريرك القسطنطينية يوحنا ذهبى الفم أن يفحص مشكلة الإخوة الطوال والإتهامات المتبادلة بينهما بنفسه ويبت فيها ويحكم حكماً فاصلاً فى هذه المشكلة ولكن يقول المؤرخون الملكيين (الروم) أن الإمبراطورة هى التى تدخلت فى موضوع الإخوة الطوال كما يلى أن: " افدوكسيا أظهرت نوعاً من الشفقة عليهم وأجبرتهم على إمضاء عريضة يطلبون فيها حمايتها. فوافقوا بعد أن تعهدت الأمبراطورة التي تعهدت لهم بدعوة مجمع إلى الانعقاد ليمنحهم العفو ويرفع الحرم عنهم. وهنا انسحب الذهبي الفم، لأن القضايا الكنسية ليس من حق أحد خارج الكنيسة أن يعالجها. وليس من حق افدوكسيا أن تدعو إلى مجمع وأن تقرر إذا كان الحرم عادلاً أم لا. إلا أن الامبراطورة أرادت بهذه العملية أن تظهر أن الذهبي الفم مقصراً في حمايتهم. إذ أن الشعب دائماً إلى جانب المظلومين." وبالنسبة للوضع القانونى لمسألة مناقشة يوحنا ذهبى الفم مشكلة الإخوة الطوال والحكم فيها تقول المؤرخة مسز بتشر: ومعروف أن هذا العمل يعد تعدى على حقوق ثاؤفيلس بطريرك الإسكندرية وإستعلاء على مكانته وسحب لسلطته لأنه بصفته بابا الإسكندرية كان مساويا فى الدرجة والمكانة ليوحنا ذهبى الفم، كما أن الأمة المصرية يعتبرون بطريركهم ملكاً متوجاً يعادل مكانة الإمبراطور أركاديوس ولما صدر الأمر إلى ثاؤفيلس بطريرك الإسكندرية بالذهاب إلى القسطنطينية لم يرفض الطلب رفضاً باتاً ولكنه لم يذهب بل تأخر فترة من الزمن إلى أن رفعت الدعوى ضده غيابياً ونوقشت الإتهامات فى مجمع وفتحت الجلسة بفحص الإتهامات الموجهة ضد رهبان وادى النطرون، فإتضح عدم صحتها ثم انتهى المجمع بسجن الخمسة رهبان الذين أرسلهم ثاؤفيلس بطريرك الإسكندرية ليشتكوا ضد رهبان وادى النطرون، وظلوا فى السجن إلى أن توفى بعضهم،وكان ثاؤفيلس بطريرك الإسكندرية قد ارسل خطاباً إلى أبيفانيوس أسقف سلاميس يرجوه فيه الذهاب إلى القسطنطينية وعرض قرار المجمع الإقليمى الخاص بحرم أوريجانوس والحكم عليه كهرطوقى على يوحنا ذهبى الفم ليصدق عليه (أى يوافق على حرم أوريجانوس ويوقع على الحرم الذى أصدرة المجمع المحلى / الإقليمى لمصر) ولكن بطريرط القسطنطينية رفض ذلك قائلاً: " هذه المسألة يجب أن تعرض على مجمع عام فهو يحكم فيها حسب القانون " وكان القديس أبيفانيوس أسقف سلاميس فى بساطته الزائدة متحمسا لكل ما يقوله البابا المصرى وسافر إلى القسطنطينية بناء على طلبه وكان قد ناهز 85 من عمره ليفند الاراء الأوريجانية ويقاوم رهبان نتريا الذين حملوا فى رأية الهرطقة الأوريجانية، ويقاومون البابا المصرى
تعليق: بدأ هذا الخلاف المصرى المصرى بين رهبان نتريا بزعامة الأخوة الطوال بسبب تحيز البابا ثاؤفيلس بطريرك الإسكندرية للرهبان هرطقة تجسيم شكل الإله Anthropomorphism (الأنثروبومورفيزم) ووعوده لهم التى نفذها حرفياً وزج بذهبى الفم فى هذا الخلاف المصرى المصرى وكان البابا المصرى أداه فى يد الإمبراطورة كما سيقرأ القارئ فيما بعد.
وللحديث بقية
المزيد
21 مايو 2025
مِنَ الأعوَاز
مبدأ أهمية العطاء من الأعواز يتضح بصورة عميقة في قصة الأرملة التي وضعت فلسين في الصندوق (حوالي مليمين) فامتدحها الرب وقال«الحق أقول لكم إن هذه الأرملة الفقيرة ألقت أكثر من الجميع، لأن هؤلاء من فضلتهم ألقوا في قرابين الله وأما هذه فمن أعوازها ألقت كل المعيشة التي لها» (لو21: 2-4) إن الرب يعلمنا أن أعظم عطاء هو العطاء من الأعواز فالذي يعطي من أعوازه (من احتياجاته) يدل على أن عطاءه فيه الكثير من الحب والبذل، ومن تفضيل غيره على نفسه بعكس الذي يعطي مما فاض عنه من سعة، دون أن يشعر باحتياج وفي هذا الموضوع أود أن أتأمل معكم فيمن يعطي من أعوازه سواء من جهة المال، أو أعوازه من جهة الوقت، أو من جهة الراحة والصحة كذلك من يعطي من أعوازه، من جهة الأولاد والأقارب أول مثل لذلك أبونا إبراهيم أبو الآباء في تقديمه إسحق لقد أنجب أبونا إبراهيم ابنًا بعد طول انتظار، وبعد وعود إلهية وعقم من زوجته، وكان قد شاخ وفرح بهذا الابن جدًا، وإذا بالأمر الإلهي يصل إليه «خذ ابنك، وحيدك، الذي تحبه وأصعده هناك محرقة على أحد الجبال » (تك22: 2) وذهب إبراهيم ليقدم للرب هذا الابن من أعوازه وكانت هذه التقدمة عزيزة جدًا في عيني الرب، فمنعه عنها بعد أن جهّز المذبح والحبل والسكين وقال له «من أجل أنك لم تمسك ابنك وحيدك عني، أباركك مباركة، وأكثر نسلك تكثيرًا كنجوم السماء، وكالرمل الذي على شاطيء البحر» (تك22: 16، 17) مثال آخر هو حنة أم صموئيل كانت عاقرًا، وكانت ضُرّتها تعايرها وتغيظها حتي أبكتها فصامت، وصلت صلاة في الهيكل، وبكت بكاءً ونذرت نذرًا إن أعطاها الرب نسلاً أن تقدمه لخدمة الرب (1صم1) وقد كان فلما أعطاها الرب صموئيل، ما أن شبّ عن الأرض، حتى أخذته وقدمته ليخدم الرب في الهيكل في شيلوه أعطته للرب من أعوازها، فباركه الرب، وجعله نبيًا له، وأعطاها أن يمسح شاول ملكًا (1صم10) ويمسح داود ملكًا (1صم16) كما أعطى الرب حنة أم صموئيل ثلاثة بنين وبنتين (1صم2: 22) إنها أعطت للرب ابنًا من أعوازها، فلم يدعها معوزة للبنين للأسف بعض النساء حاليًا يبخلن بأزواجهن في سيامة الكهنوت! وأيضًا يبخلن بأبنائهن أو بناتهن في التقدم للرهبنة وقد حدث هذا معنا أكثر من مرة الشعب وافق بالإجماع علي ترشيح أحد الخدام للكهنوت ولكن الزوجة رفضت، فلم تتم الرسامة!! لأن الكتاب يقول «المعطي بسرور يحبه الرب» (2كو 9: 7) إعطاء الزوج للكهنوت قد يكون عطاء من الأعواز، قد ترى فيه الزوجة أنه سيتحول إلى (قطاع عام) بعد أن كان خاصًا بها !مثال آخر ممن يعطي من أعوازه وهو من يعطي نفسه للرب أقصد من يكرس ذاته للرب، ويعطيه هذه الذات التي لا يملك غيرها، ويترك الكل من أجله أحباء ومقتنيات ننتقل إلى نقطة أخرى، وهي عطاء المال من الأعواز.قد يوجد إنسان له مال كثير ويعطي منه للرب. ولكن هذا العطاء لا يكون له العمق مثل من يعطي وهو محتاج إلي ما يعطيه كإنسان يقول مرتبي كله لا يكفيني فكيف أدفع عشوره؟ حقًا، إنك ستعطي من أعوازك لذلك سيبارك الله الباقي فيكون أكثر من المرتب كاملاً مثال آخر، قول الرب «قدِّس لي كل بكر، كل فاتح رحم» (خر 13: 2) وهذه هي وصية البكور وكانت قديمًا من الإنتاج النباتي أو الحيواني إنسان مثلاً يزرع شجرة، وينتظر أن تعطي ثمرًا فتعطي ثمرها بعد ثلاث أو أربع سنوات فيأخذ هذا الثمر كله (باكورة طرحها) ويقدمه للرب إنه أيضًا عطاء من الأعواز كان ينتظره ولم يأخذ منه لنفسه وهكذا إن كانت عنده بهيمة أو شاة وينتظر أن تلد، فأول مولود لها يقدمه للرب ولكن ماذا عن الوضع الآن؟ غالبية الخريجين يشكون من البطالة فإن حدث أن أحدهم نال وظيفة معينة، طالما كان ينتظرها ويأخذ منها أول مرتب، فيقدمه لله لأنه باكورة إيراده هذا أيضًا عطاء من الأعواز وبالمثل أول عملية جراحية يجريها طبيب، أو أول كشف أو علاج، يقدمها أيضًا للرب وبالمثل يفعل كل مهندس، أو مدرس، أو محاسب، أو محام، أو صاحب أيّة مهنة، يقدم أول مكسب له لله فهل تحاسبون أنفسكم على البكور القديمة التي لم تقدموها للرب؟لا أقصد بمقدارها القديم الذي كان منذ عشر سنوات أو أكثر، وإنما بما يوازي ذلك القدر حاليًا لأنك إذا دفعت حاليًا بنفس القيمة القديمة لا تكون قد أعطيت من أعوازك !إن الأمر يدل باختصار على مدى محبة الإنسان للمال أم ارتفاعه عن مستوى ذلك لذلك مال الفقير المقدم لله أكثر قيمة من مال الغني الموسر إنه يمثل لونًا من العملة الصعبة إنه يذكرني بقصة أولوجيوس قاطع الأحجار، الذي كان يكسب في اليوم درهمًا واحدًا فيجلس في الغروب على مدخل بلدته، ليرى أي غريب فيستضيفه من درهمه الوحيد وقد روى القديس الأنبا دانيال قمص شيهيت قصة هذا الرجل يذكرني هذا أيضًا بقصة القمص يوسف مجلي، وكان أقدم كهنة الإسكندرية قابله في الطريق إنسان محتاج يطلب منه صدقة. ولم يكن في جيبه شيء من المال، فاقترض من (بقّال) قرب البطريركية، وأعطي ذلك المحتال منفّذًا وصية «من سألك فأعطه»، حتى لو كنت لا تملك شيئًا من الأمثلة الأخرى، ذلك الأب الفقير الذي يعلم أولاده من أعوازه أو ذلك الأب المريض الذي يفضل عدم شراء الدواء اللازم له، ويقدم ثمن الدواء ليغطي احتياجات أولاده هل يذكر الأبناء عطاء آبائهم – من فقرهم – حتى أمكن تربيتهم؟!هنا وأتذكر الكنائس التي تقصر في إعطاء الفقراء احتياجاتهم معتذرة بأنها تحتاج المال لمشروعات بناء أو أنشطة أخرى!!هذه أيضًا كان يجب أن تعطي من أعوازها لتنفذ وصية الرب، ولكي تكون عنايتها بالفقراء عملية مهما كان الاحتياج أعطوا الفقراء ولو من مال المشروعات المعتازة إننا جربنا هذا العطاء في بعض كنائس مصر الجديدة، فكانت النتيجة أن الإيرادات زادت جدًا عن ذي قبل مع أن الكنيسة عندها مشروعات، ولكنها تعطي مع أن المشروعات محتاجة أنتقل إلى نقطة أخرى، وهي العطاء من أعواز الوقت من جهة وقت العمل، أو وقت الراحة والصحة ترجع البيت وأنت في غاية التعب،ولسان حالك يقول "ثِقَل النهار وحرّه لم احتمل لضعف بشريتي" وتريد أن تنام وتستريح. ولكن ماذا عن الصلاة؟! تقول: ليس لديّ لها وقت الآن بكل صراحة أنا في غاية التعب، والنوم ضاغط علىّ إذًا أنت لا تريد أن تعطي من أعوازك!فلو أنت قاومت التعب، وأعطيت من أعوازك إلى الراحة، وصلّيت، حينئذ صلاتك تقتدر كثيرًا في فعلها والرب يعطيك نعمة لتكمل أو أحيانًا تتقدم للصلاة، وفي ذهنك موضوعات كثيرة تشغلك وتريد أن تفكر فيها ومعني ذلك أن تحلّ نفسك من كل تلك الموضوعات المهمة لكي تعرف كيف تصلي فإن فعلت هذا تكون قد أعطيت من أعوازك لا تقل أنتهي من هذا الفكر أولاً ثم أصلي أو انتهي من الحديث مع هذا الضيف الذي عندي ثم أصلي أو أتعشى أولاً وبعد ذلك أصلي وهكذا تجعل الله في آخر القائمة ثم تذهب أخيرًا إلى الصلاة وأنت في غاية الإرهاق فتقول أنام الآن،وعندما يأتي الصباح سوف أصلي!!وكأنك تقول لله – كما قيل لبولس الرسول – «أذهب الآن ومتي حصل لي وقت استدعيك» (أع24: 25) لا يصحّ أن تكون الأمور هكذا أعطِ إذًا من أعواز وقتك سواء لعمل الصلاة أو التأمل أو القراءة الروحية وأعطِ قلبك لذلك والله سوف لا ينسى لك تعبك، وبَذلك لراحتك نفس الوضع بالنسبة إلى الوقت اللازم للخدمة، الذي تقدمه لله على الرغم من كثرة مشغولياتك وعبء المسئوليات الأخرى لا تحاول أن تعتذر عن الخدمة، مبرِّرًا بأنه ليس لديك وقت بل أعطِ للخدمة من أعوازك إلى الوقت أقول ذلك لخدام اجتماعات الشباب والأسرات الجامعية والوعظ. كما أقول نفس الكلام للآباء الكهنة ولزوم تخصيصهم وقتًا للافتقاد، وتلقّي الاعترافات، وزيارة المرضى، وحلّ مشاكل العلائلات لا تعتذروا عن أداء هذه الخدمات، مبرّرين ذلك بأعذار، بل تذكروا تلك العبارة "إن طريق جهنم مفروش بالأعذار والتبريرات"حاول أن تنتصر على مشغولياتك، وأعطِ لله وقتًا من أعوازك عندما تعطي الله وقتًا في تعبك، هو يعوضك ويرفع عنك التعب كمان قيل إنه «يعطي المعيي قدرة، ولعديم القدرة يكثر شدة» (إش40: 29) أعرف أن عبارة "ليس عندي وقت" ربما يكون تفسيرها "ليس عندي اهتمام"فالأمر الذي تعطيه أهمية سوف تجد له وقتًا أتكلم أيضًا من جهة واجبات التربية المنزلية الأب والأم مسئولان عن تربية ابنهما روحيًا، وليس فقط من جهة الصحة والتغذية والملبس والتعليم.فهل يعتذر كل منهما بأنه ليس لديه وقت يقضيه في جلسة روحية مع أولاده؟ هوذا الله يقول «لتكن الكلمات التي أوصيك بها اليوم على قلبك وقصها على أولادك، وتكلم بها حين تجلس في بيتك» (تث6:6) في حضوري العيد الألفي لمعمودية روسيا، شكرت الكنيسة لحفظها الإيمان خلال 70 سنة من الشيوعية وشكرت أيضًا الأمهات والجدات اللاتي كن يهتممن بالأطفال ويقمن بتقلينهم الإيمان وأعدادهم للمعمودية.أعطو إذًا وقتًا – ولو من أعوازكم – لتعليم أولادكم دينهم.
مثلث الرحمات البابا شنوده الثالث
المزيد
20 مايو 2025
كان لابد ان يقوم (2)
1- كان لابد ان يقوم لأن موته كان مجرد وضع مؤقت لأداء رسالة مزدوجة حينما مات لم يكن بخطية لأنه لم تكن له خطية ولكنه قبل أن يموت عوضا عنا، لكي يفدينا بموته «مُتَبَرِّرِينَ مَجَّانًا بِنِعْمَتِهِ بِالْفِدَاءِ الَّذِي بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي قَدَّمَهُ اللهُ كَفَّارَةً بِالإِيمَانِ بِدَمِهِ»(رو3: 25،24) كانت هذه هي الرسالة الأساسية للموت الفداء وماذا أيضا؟ كان لابد بعد الفداء أن يذهب ويبشّر الراقدين على الرجاء، ويفتح باب الفردوس، وينقلهم من الجحيم إلى الفردوس (1بط3؛ أف4).
2- لكي يتمم النبوات يقول الكتاب«مِنْ ذلِكَ الْوَقْتِ ابْتَدَأَ يَسُوعُ يُظْهِرُ لِتَلاَمِيذِهِ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَذْهَبَ إِلَى أُورُشَلِيمَ وَيَتَأَلَّمَ كَثِيرًا مِنَ الشُّيُوخِ وَرُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةِ، وَيُقْتَلَ، وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومَ»(مت16) وبعد معجزة التجلي«وَفِيمَا هُمْ نَازِلُونَ مِنَ الْجَبَلِ أَوْصَاهُمْ يَسُوعُ قَائِلًا "لاَ تُعْلِمُوا أَحَدًا بِمَا رَأَيْتُمْ حَتَّى يَقُومَ ابْنُ الإِنْسَانِ مِنَ الأَمْوَاتِ"»(مت17)«ابْنُ الإِنْسَانِ سَوْفَ يُسَلَّمُ إِلَى أَيْدِي النَّاسِ فَيَقْتُلُونَهُ، وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومُ»(مت17)«هَا نَحْنُ صَاعِدُونَ إِلَى أُورُشَلِيمَ، وَابْنُ الإِنْسَانِ يُسَلَّمُ إِلَى رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةِ، فَيَحْكُمُونَ عَلَيْهِ بِالْمَوْتِ، وَيُسَلِّمُونَهُ إِلَى الأُمَمِ لِكَيْ يَهْزَأُوا بِهِ وَيَجْلِدُوهُ وَيَصْلِبُوهُ، وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومُ» (مت20، لو9) وهكذا قال الملاك للمرأتين «فَإِنِّي أَعْلَمُ أَنَّكُمَا تَطْلُبَانِ يَسُوعَ الْمَصْلُوبَ لَيْسَ هُوَ ههُنَا، لأَنَّهُ قَامَ كَمَا قَالَ»(مت28: 6،5) راجع أيضًا ما قاله الرب لتلميذي عمواس (لو24) وكما نقول عن ذلك في قانون الإيمان"وقام من الأموات في اليوم الثالث كما في الكتب"ومن الرموز للقيامة في العهد القديم قصة ذبح إسحق وقصة يونان.
3- كان لابد ان يقوم لكي ما يؤكد الحياة التي بعد الموت«وَلكِنِ الآنَ قَدْ قَامَ الْمَسِيحُ مِنَ الأَمْوَاتِ وَصَارَ بَاكُورَةَ الرَّاقِدِينَ فَإِنَّهُ إِذِ الْمَوْتُ بِإِنْسَانٍ، بِإِنْسَانٍ أَيْضًا قِيَامَةُ الأَمْوَاتِ لأَنَّهُ كَمَا فِي آدَمَ يَمُوتُ الْجَمِيعُ، هكَذَا فِي الْمَسِيحِ سَيُحْيَا الْجَمِيعُ وَلكِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ فِي رُتْبَتِهِ الْمَسِيحُ بَاكُورَةٌ، ثُمَّ الَّذِينَ لِلْمَسِيحِ فِي مَجِيئِهِ»(1كو15).
4- كان لابد ان يقوم لكي يعزي التلاميذ ويقويهم ويؤسس المسيحية كان لابد ان يقوم لكي يزيل النتائج المرعبة التي نتجت عن صلبه، حيث خاف التلاميذ واختفوا في العلية، وتشتت باقي المؤمنين خائفين من اليهود، وأنكر البعض وشك البعض فكان لابد أن يقوم المسيح لكي يقوم بعملية ترميم لإيمان المؤمنين، ويشجعهم لكي يستمروا في إيمانهم، ويصمدوا أمام اضطهادات اليهود وهكذا كانت قيامته أكبر دافع لهم على الكرازة، إذ مكث معهم أربعين يومًا يحدثهم عن الأمور المختصة بملكوت الله، يضع لهم قواعد الإيمان ويسلمهم الأسرار والطقوس «فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآب وَالابْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ وَعَلِّمُوهُمْ أَنْ يَحْفَظُوا جَمِيعَ مَا أَوْصَيْتُكُمْ بِهِ»(مت28) «اذْهَبُوا إِلَى الْعَالَمِ أَجْمَعَ وَاكْرِزُوا بِالإِنْجِيلِ لِلْخَلِيقَةِ كُلِّهَا»(مر16) لو لم يقم المسيح، لكان المسيح واحدًا من الذين نُفِّذ فيهم حكم الموت بالصليب لو لم يقم المسيح لكان مجرمًا مستحقًا الصلب (أمثال الخمسة ملوك الذين حاربهم يشوع (6:5)، أو مثل هامان وأولاده العشرة) إن الصليب والقيامة أمران متلازمان غير منفصلين عن بعضهما ففي الصليب لم تفارقه قوة القيامة، وفي القيامة احتفظ بآثار الصلب.
نيافة الحبر الجليل الأنبا تكلا مطران دشنا وتوابعها
المزيد
19 مايو 2025
قام لنقوم
«بقوَّة عظيمة كان الرسل يؤدون الشهادة بقيامة الربِّ يسوع» (أع 4: 33)
هكذا دوَّن لنا سفر الأعمال فحوى الرسالة الكرازيّة التي انطلقت من أروقة أورشليم اليهوديّة لتزلزل المسكونة كلّها القيامة هي لُغة إيماننا المسيحي بل ومنطقه، فهي معنيّة بحياتنا وكرازتنا فالعالم لم يكن ليؤمن بإله مصلوب دونما قيامة، إنّها برهان فاعليّة الصليب من جهةٍ أخرى، بدون القيامة نفقد قيامتنا الذاتيّة من انطراح الموت وسقطة الفناء والفساد الذي ألمّ بنا جرَّاء الخطيئة نحن لا نؤمن بقيامة المسيح كإعجاب وانبهار بحدثٍ بطولي أشبه بمشاهد الدراما الأسطوريّة التي ينتصر في نهايتها البطل؛ كما حدث مع رومولوس الذي أسَّس مدينة روما وملك عليها (مدينة الله للقديس أغسطينوس مجلّد3، كتاب 22، 6) فضُمَّ إلى مجمع الآلهة الرومانيّة، ولا كديونيسيوس بن زفس الذي قيل إنّه صعد إلى السماء بعد أنْ قُطِّع إربًا إربًا (الدفاع الأوّل عن المسيحيين للقديس يوستينوس، 54) إيماننا بالقيامة هو تلامسنا مع القيامة فنحن لسنا مشاهدو الحدث ولكننا أطرافه؛ فجسد المسيح القائم من القبر حُمِلَت فيه الطبيعة البشريّة جُملةً، ليقوم بها، بقوة لاهوته، مُقدِّمًا إياها للآب، كطبيعة قائمة لذا، فإنّ احتفالنا بالقيامة هو في واقعه احتفال بنجاتنا من الفخ الذي نُصب ليتصيَّدنا للهاوية المسيح قام، هذه نصف الحقيقة؛ إنه قام، لنقوم فيه، هذا هو النصف الآخر وانطلاقًا من قيامة المسيح تستمد توبتنا شعلتها على الدوام دونما توقُّف إنْ لم يكن المسيح قد قام فباطلة توبتنا وباطل سعينا للتحرُّر هنا يلتقي اللاّهوت بالحياة فالرجاء المسيحي والممارسة النسكيّة والسرائريّة تُبنى على وعي لاهوتي بحدث القيامة، الذي لولاه لما أمكننا معاودة التواصل مع الآب بعد خطايانا وآثامنا المسيح قائمٌ كقوَّة تدفع الخائر على طريق الحياة الجديدة وتهب الرجاء لطرحَى الخطيئة المسيح قائمٌ بنورٍ لا يخبو، كما هو منذ دحرجة القبر، ليُشجِّعنا على دحرجة حجارة قبورنا الذاتيّة إنْ كان الموت هو الفعل المُحرِّر فإنّ القيامة هي الحركة الأولى نحو العالم الجديد، إنّها الانتقال من المعرفة الإيمانيّة إلى المشاهدة والمعاينة وانطلاقًا من المشاهدة التي رصدها لنا الإنجيليون بُني الإيمان المسيحي وكأننا أمام ثلاث مراحل؛ بدأَت بالمعرفة الإيمانيّة الاستباقيّة (النبويّة)، حتّى كانت القيامة، والتي منها انطلق الإيمان، لا كرؤية استباقيّة، ولكن كرؤية مُحقَّقة في الزمان الحاضر، كعربون لملكوت الله ولكن، الإيمان المُستنِد على ضوء القيامة كان ولا يزال مُضطَّهدًا مُتألِّمًا مرفوضًا ممّن تمركزوا حول الجسد الفاسد والفاني ويكتب القديس أغسطينوس في مؤلَّفه “مدينة الله” (مجلّد3، كتاب 22، 7) حول العَلاقة بين الإيمان القيامي واضطهاده وبين انتشاره وقبوله، فيقول “وهكذا، وبالرغم من الاضطهادات العنيفة والرهيبة، فقد أصبحت قيامة المسيح بالجسد ودخوله المجد الأبدي موضوعَ إيمانٍ عميق ورسالةً جريئةً وبذارًا كُتب له أنْ يُخصب ويُكثِّر، في كلّ الأرضِ، دم الشهداء؛ لأنّ ما حكَى عنه الأنبياء، في العهد القديم، شهدت له المعجزات، حتّى ظهرت الحقيقة عينها، مناقضة للعادة، أكثر ممّا هي مناقضة للعقل، فاعتنق الكون، بإيمانٍ، ما كان يضطهده، بغضبٍ”.
أبونا الراهب سارافيم البرموسي
المزيد
18 مايو 2025
سيروا في النور لئلا يدرككم الظلام
حينما يوصف الله بالنور؛ فلا يظن أحد أنه نور مرئي بالنظر أو الفكر، بل هو طبيعة الله غير المدركة بالعقل، ولكنه مدرك بالروح، فالله مُدرك كامل يُدرك، ولكن لا يُدرك كماله. والمسيح بصفته شعاع أو بــــاء مــــد الله؛ فهو النور الذي جاء إلى العالم ليستعلن طبيعة الله غير المدركة والمسيح حينما يقول: "أنا هو نور العالم " فهو يقصد أن يقول إنه جاء إلى العالم ليستعلن طبيعة الله كآب وابن فطبيعة الله كانت سراً مختوماً لم يُعرف به أحد قط سابقاً المسيح هو بالحقيقة نور العالم، لأنه سلم للعالم سر استعلان بنوته الله، وسر حب الله الآب للعالم، هذا الحب الذي كلفه ذبح ابنه على الصليب، كذلك سلم العالم سر الأبوة والبنوة في الله، وهو السر الذي انتهى بالإنسان إلى قبول الحياة الأبدية وإلى التبني أي الدخول في بنوة الله مع المسيح والمسيح عندما قال: سيروا في النور ما دام لكم النور لئلا يدرككم الظلام كان يقصد أن نسير في جدة الحياة أو الحياة الجديدة في المسيح، أي القيامة، أي الخليقة الأخرى التي من فوق، لئلا يدركنا الظلام، أي لئلا يطغى علينا مرة أخرى ظلام الإنسان العتيق والحياة القديمة المستعبدة لظلام الخطية وسلطان الظلمة.هناك مقارنة ومقابلة مستمرة في الكتاب المقدس ما بين النور والظلام النوم واليقظة: «قم أيها النائم واستيقظ من بين الأموات فيضئ لك المسيح»، أي أن هناك ربط بين الموت والظلام. فكما أن الحياة تنبعث من النور؛ كذلك الموت من الظلمة. لذلك يقول ق. يوحنا في رسالته: «الله نور وليس فيه ظلمة البتة»، ومن هنا يستخرج لنا منهجاً عملياً كعلاقة حتمية مع النور، اسمعه يقول: إن قلنا أن لنا شركة معه (أي النور وسلكنا في الظلمة (أي الخطية) نكذب ولسنا نعمل الحق» أسألكم كم مرة جلست مع نفسك تفحص هذا الأمر؟ النوم كظلمة، والخطية كظلمة، والمسيح كنور ؟!
أول صفة قريبة للنور هي الحياة، نور الله حياة. فما أن تتذوق الإحساس بالحياة الأبدية يبتدئ النور يأخذ كيانه داخلك، لذلك فإن أول صفة نفهم بها النور هي الحياة الأبدية المسيح جاء لكي يُظهر لنا الحياة الأبدية. العالم لم يكن متصلاً بالحياة الأبدية، فجاء المسيح إلى العالم وعمل طريقاً للحياة الأبدية: «أنا هو الطريق، أنا هو النور». فعندما أمسك بوصية المسيح أجد نفسي سائراً في طريق الحياة الأبدية. هذا هو مفهوم النور. وعندما تنجح في التنفيذ يكون هذا هو المسير المسير في النور هو في الواقع عمل انتقال من العدم إلى الوجود ومن الموت إلى الحياة، وهذا لا يُمكن أن يكون إلا بالمسيح لأنه اتصل بالموت وهو الحياة، لذلك عندما نتصل به ننتقل من الموت إلى الحياة. النور هو كلمة المسيح والروح القدس في الإنجيل، عندما أمسك بالمسيح طول النهار بكل قوتي أجد ذاتي قريباً من الحق يوجد مفهومان للنور: مفهوم للنور بالنسبة للعقل، ومفهوم للنور بالنسبة للمسير. المسيح تجنب النور العقلي، قال: «سيروا في النور»، ولم يقل: افهموا النور" مفهوم النور العقلي لذيذ، وأما الآخر للمسير فهو صعب المسيح قال:«احمل صليبك واتبعني»، فقرأها واحد وقال إن هذه الآية عميقة وفسرها في ثلاث مجلدات، وآخر أخذها وسكت ثُمَّ وضع الصليب على كتفه وسار! تفسير النور العقلي مضلّل، أما التفسير العملي ففي كل خطوة يخطوها الإنسان يظهر له النور أكثر. كل خطوة تخطوها في الوصية تتحول أنت بجملتك إلى نور !" سيروا في النور لتصيروا أبناء النور" السير في النور الإلهي هو شركة الطبيعة الإلهية، السير في الوصية هو شركة، تصبح شريكاً مع الذي قال الوصية، كل جزء في الآية يُحولك من الصورة الآدمية إلى الصورة الإلهية. لو أنت فهمت الإنجيل كله ولم تنفذ الوصية بدقة لن ترى النور. ربما تكتب مجلدات عن النور ولكن لن ترى النور! إنسان ساذج أُمّي ينفذ الوصية بالحرف يصير ابناً للنور! هنا المشقة منتهى المشقة والسهولة منتهى السهولة هناك أجيال تاهت وماتت و تلاشت ولم تأخذ نصيبها في الحياة الأبدية. ملكوت السموات انفتح للسذج والأميين بصورة سهلة جداً. تقول لي: أنا لست أفهم أقول لك: نفذ. إذا حسبت الخطورة في التنفيذ فأنت تدخل في المفهوم الذهني والعقلي، وبذلك تكون رفعت الموضوع من التنفيذ بالإيمان إلى التنفيذ بالمعرفة، فلن ترى الملكوت أحياناً تريد أن تفهم المسيح فيبعد عنك، أما أن تأخذه، فستجده في قلبك مباركة هي الخطوة الأولى في كل مسير نحو يسوع المسيح. كل خطوة عملية تخطوها في حياتنا متكلين على الوصية متمسكين بها هي المسير في النور كل خطوة تخطوها تُحدث فينا تحولاً داخلياً فنصير أبناء للنور والوصية ما أسهل الطريق المؤدى إلى الحياة الأبدية والمسيح حين يقول: «النور معكم زماناً قليلاً بعد فسيروا في النور» كان آنذاك محصوراً في زمان قليل بالفعل، حتى إنه بعد أن قال ذلك، أكمل القديس يوحنا كلامه موضحاً مدى السرية فيه قائلاً: « تكلم يسوع بهذا ثم مضى واختفى عنهم». ولكن لا يزال المسيح حتى اليوم يعرض نفسه لكل من يفتح قلبه. ولكن حذار ! فالعرض لن يدوم. فإذا توانى الإنسان في الاستجابة، ثم عاد يبحث عن الصوت فربما لن يجده. فوجود المسيح كنور العالم، أو كنور الإنسان رهن باستجابة الإنسان. وكأن كل إنسان في العالم مسئول عن وجود المسيح ودوامه؛ فإما أن نقبل النور، فنصير أبناء
له، أو لا نقبله فيتم قول الإنجيل: فمضى واختفى عنهم». وبهذا تتحدد الدعوة لنكون إما أصحاب النور، وإما أعداء وفي الظلمة نعيش.
المتنيح القمص متى المسكين
المزيد
17 مايو 2025
من ظهورات السيد المسيح بعد القيامة
سفر الاعمال " واراهم نفسه حياً براهين كثيرة " ظهر السيد المسيح لفرد ( بطرس ، يعقوب ، يوحنا ) ولفردين ( تلميذى عمواس ، المريمتان ) وظهر لعشر تلاميذ من غير توما وظهر 3 مرات ( فى الجليل – فى العلية – قبل الصعود على جبل الزيتون ) ل 11 . ومره آخرى ظهر ل7 فى بحر طبرية ومره ظهر لاكثر من 500 أخ فظهورات المسيح لها دروس كثيره
اولاً اثبات حقيقة قيامته :-
فكان الناس يشكون فى حقيقة القيامة اذ يقول تلميذى عمواس ان النسوه حيرونا اذ قالوا انه قام " بيقولوا انه قام " فيفتكروا انه خيال انه معجزة ، انه نور فلذلك كان يجب على السيد المسيح ان يظهر ليؤكد حقيقة القيامة فينزع الشك من التلاميذ .
ثانياً قبوله للتوبة وضعف التلاميذ :-
لان شعور التلاميذ بأن كان المسيح قام فيخجلوا منه فماذا يقولوا له ، نحن الذين سلمناك لليهود ، نحن الذين هربنا منك فبظهور المسيح يؤكد انكم ماذلتم اولادى وانتم الكنيسة وانتم الرجاء وانتم الكرازة وانتم تصيرون كارزين بالملكوت فمثلاً بطرس خجول من انكاره للمسيح ولكن قال المسيح اذهبوا للجليل هناك ترونى ويقول لبطرس حتى لا يشعر بطرس بانه مرفوض من انكاره ولكن المسيح له دعوة خاصه له فجميل من ظهورات السيد المسيح فكان محب ومتأنى ومترفق ، لم يوبخ ولم ينتهر فعندما ظهر السيد المسيح لبطرس قال له عندى كلمة اقولها لك : يا سمعان ابن يونا هل تحبنى ؟ فقال له انت تعلم انى احبك فقال له ارعى غنمى وكرر المسيح نفس السؤال مرتين آخريتين ولكن فى الثالثة حزن بطرس وكأن المسيح يريد ان يعوض الانكار بالحب ان اقابل النكران بالمحبة حيث قال بطرس انت تعلم كل شئ ، انت تعلم انى احبك وكأن المسيح يقول لنا على الرغم من خارجكم خطايا ولكن اعلم من ان اعماقكم تحبنى وان كانت اعماقكم تحبنى فراعوا خرافى فانا متأكد ان اعماقكم تباركنى على الرغم من بعض التصرفات التى تهيننى وانا اهتم بما فى الاعماق فانا اقبل التلاميذ بضعفاتهم .
ثالثاً يريد ان يعلم حقيقة جسد القيامة :-
فسابقاً حينما اقام لعازر من الموت بجسده العارى يأكل ويشرب وهكذا ابن ارمله نايين ، ولكن المسيح قام بجسد نورانى سماوى ممجد فكان يريد ان يقول لهم ان قيامتى فريده من نوعها لم تروها من قبل حيث ان ميت مات من قبل وقام تأتى فتره ثم يموت مثل العازر عاش ثم مات ، ولكن المسيح مات وعاش الى الابد فحقيقة جسد القيامة انه جسد نورانى لا يخضع لسلطان الجسد وغير خاضع لسلطان الموت فيدخل على التلاميذ والابواب مغلقة ويخرج من القبر والحجر موضوع ويقول هذا ما يحدث عندما تموتون ولكن ممكن ان يقول التلاميذ انك لست المسيح انك نور لانك دخلت علينا والابواب مغلقة ! فيقول لهم هل عندكم أكل او مثلاً شخص مثل توما يقول له ضع يدك فى جنبى وآراه اماكن الجراحات وكأن السيد المسيح يريد ان يؤكد انه عنده جسد ولكن جسده ممجد سماوى غير قابل للموت عندما ظهر السيد المسيح ل7 تلاميذ فى بحر طبرية قال يوحنا هوذا الرب فالقلوب التى لها محبة ربنا تراه بسهولة فأستغرب التلاميذ لان المسيح كان بعيداً وللصدفه كانت رحلة الصيد فاشلة ولكن ظهر المسيح ليقول لهم ان النجاح منى انا والبركة منى انا واوعى تفتكر انك تستطيع العيش من غيرى فالسيد المسيح أخذ التلاميذ فى بداية كرازته وهم فى ملل وفى فشل ولكن رجع ثانيا بعد القيامة اذا رجعوا ثانياً الى نفس المستوى فاذا لاحظنا ان رحلة الصيد بعد القيامة عدوا السمك وكانوا 153 سمكه فمن الغريب ان يعدوا السمك فلماذا لم يوزنوه فالصيد الذى بعد القيامة له معنى أبدى فرحله الصيد فى المره الاولى حيث كانت الشباك تتخرم من كثره السمك له معنى زمنى ذلك ان فى ناس الان عايشه مع ربنا كثير هؤلاء الذين كانوا فى السفينة الاولى التى كانت تغرق من كثره العدد ولكن بعد ذلك الابدى هذا سيكون الصاعدين للسما سوف يكون عددهم محدود الذين سيشتركون فى مجد القيامة هؤلاء قليلين ففى السماء سيكون الواحد بكرامه لانه ارضى الله بأعماله الصالحه .
رابعاً اهتمامه بالفرد :-
فاهتم ببطرس بمفرده وكذلك مريم المجدلية وغيرهم فالمسيح لا يريد ان الذى يبشر بالقيامة يقول ان اصحابى قالوا لى انه قام بل يقول انا شفت فلا يوجد واحد يلتمس ايمانه بالاخر ونحن يجب علينا ان نقول قمنا وعندما يقول الناس كيف نقول عند تعمدنا 3 مرات دفنا وعندما خرجنا من المعمودية قمنا اشارة ان المسيح فى القبر ثلاثة ايام ثم قام فلذلك نقول انا اتعمدت وانا اتوب وانا اتناول جسد المسيح فيدخل فيا وينقلنى من الموت واحيا معه وبذلك اكون عاينت قيامته . فالكنيسة جعلتنا نتلامس ونعيش القيامة عندما ظهر المسيح ل500 أخ تخيل ماذا سيحدث بعد ذلك يخرج هؤلاء ويبشرون اخوتهم واصحابهم واقربائهم فتخيل سيبلغون كم واحد ! ولذلك فكره القيامة انتقلت لمجموعة كبيرة جداً فى وقت بسيط جدا ولذلك فان كلمه المسيح قام تعلن عن ايمان كل شخص لان المسيح بالحقيقة قام فهذا ايماننا وايمان كنيستنا يقول معلمنا بولس الرسول انه عندما ظهر المسيح لبطرس وليعقوب ول500 اخ ظهر لى ايضاَ انا اصغر جميع الرسل ونحن الان كل يوم نتناول فيه او نتوب فيه او نرتقى فيه لاعلى نحن نقوم لان هذه هى القيامة فظهورات المسيح ليست مجرد استعراض ولكن لها هدف عميق فهى اهداف للتوبة والخلاص وفى النهاية يريد الجميع يكرزوا بقيامة المسيح ونحن نقول فى الكنيسة "آمين آمين بموتك يارب نبشر وبقيامتك المقدسة وصعودك الى السماء نعترف " ونلاحظ ان اوقات ظهور المسيح فى اوقات مختلفة مره عند الفجر ومره عند الغروب ووقت فى المساء والليل فلماذا؟ وكأن المسيح يقول انا معكم فى كل الايام انا معكم فى كل الاوقات وحتى كل احوالك فى وقت الخوف وضعف الايمان والشك ولكن نتسائل عندما كان يظهر السيد المسيح ماذا كان يقول للتلاميذ ؟ كان يكلمهم عن الامور المختصه بملكوت الله فالتلاميذ رأوا معجزاته وقيامته وموته وكل الاشياء الاخرى ولا ينقصهم شئ الا الامور المختصه عن ملكوت الله لانهم يبشرون فكانوا التلاميذ يسمعون وهم منتبهين وبعد ذلك شهدوا للمسيح فى كل العالم وكانوا شجعان ولم يرجعوا مثلا لحرفه الصيد لان اهم شئ ان يكونوا مع المسيح تقول مثلا هل التلاميذ لا يخافون من الموت او من السجن من التعذيب يقول لا طبعاً لانى مع المسيح فتحول التلاميذ الى جماعة شهداء تحولوا الى جماعه فتنت المسكونة وتغيرت طبيعه الجبن وطبائعهم لانهم التمسوا القيامة نجد عندما تقارن بطرس عندما انكر امام الجارية ،هذا وقف امام ملوك وولاه واعترف بالمسيح وقال يسوع المسيح هذا الذى صلبتموه انتم من اين هذه الجرأه ؟! انها من القيامة وعندما يكونوا فى السجن ويُجلدوا قالوا لهم سوف نخرجكم بشرط ان لا تحكوا عن المسيح ثانياً فيقولوا لهم مش ممكن فلذلك ان فتره الخماسين ليست مجرد فتره تهريج بل انها جنى لفتره الصوم الكبير نريد ان نتخيل حديث قاله المسيح قبل صلبه وموته وحديث آخر بعد صلبه وموته وقيامته فما الاقوى ؟ بالطبع الذى بعد قيامته حيث انه فى مجده فبعد القيامه نجد الكنيسة مبتهجه ونجد اعلام بيضاء والحان فرايحي وما أجمل زفه القيامة وكأن المسيح يظهر فى الكنيسة فما اجمل فتره القيامة والخماسين " واراهم نفسه حياً ببراهين كثيره " ولالهنا المجد الدائم الى الابد آمين.
القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والأنبا أنطونيوس محرم بك الأسكندرية
المزيد