المقالات
26 سبتمبر 2023
الشمامسة والخدمة الكنسية دور الأرشيدياكون في الكنيسة
ذكرنا في العدد الماضي أن دور الشماس ومساعديه يتلخص فيما يلى :
۱ - خدمة الذبيحة والتسبيح
۲- خدمة الكلمة والتعليم.
٣-خدمة الافتقاد ورعاية المحتاجين.
فماذا عن دور الأرشيديا كون ؟
إن هذه الطغمة الكبيرة من الشمامسة ومساعديهم، بل إن العمل الكنسى الضخم ، في حاجة إلى «تدبير وتنظيم » ، وهذا هو دور الأرشيدياكون، إذ أنه يقوم بإدارة الخدمة ، وتدبير وتنظيم العمل بين الشمامسة، بل إنه مسئول أمام الأب الأسقف عما يكلفه به من عمل جداول خدمة القداسات في الكنيسة .وهذه الخدمة الإدارية لا تتعارض مع الروحيات ، كما قد يتصور البعض . فنحن نقرأ عن مواهب الروح القدس في الكنيسة الأولى ما يلى : « فوضع الله أناساً في الكنيسة : أولاً رسلاً ، ثانياً أنبياء، ثالثاً معلمين، ثم قوات، وبعد مواهب شفاء ، أعواناً ، تدابير وأنواع ألسنة » ( ١ كو ۱۲ : ۲۸ ) . وهكذا مع الرسل والمعلمين وصانعي القوات والمعجزات ، تجد «الأعوان» (أى المعاونين، القائمين بالخدمات المساعدة كالطعام والسكن والنظافة .. إلخ)، «والتدابير» (أى المدبرون، ذوى المواهب القيادية والإدارية الذين يديرون الناس وينسقون المهام والوظائف والأعمال المختلفة ) ونحن نذكر كيف اشترط الآباء الرسل فيمن سيخدمون الموائد أن يكون المنتخبون مشهوداً لهم، ومملوئين من الروح القدس ، وحكمة، فتقيمهم على هذه الحاجة » ( أع ٦ : ٣) . وهكذا كان اسطفانوس « مملوءاً إيماناً وقوة، وكان يصنع عجائب وآيات عظيمة في الشعب» (أع ٦ : ٨) ، وكان وجهه «كأنه وجه ملاك » (أع ٦ : ١٥)، وكان دارساً ممتازاً لتاريخ شعب الله القديم واسفار الكتاب المقدس، كما يتضح من خطابه الشامل في أعمال ، وهكذا قدم مع خدمة الموائد خدمة الكلمة، واستحق أن يكون « أول الشماسية وأول الشهداء » .
في طقس السيامة :
يوصى الأب الأسقف رئيس الشمامسة قائلاً في روح الصلاة : « أنت الآن يا ملكنا محب البشر، اقبل سؤالنا نحن الخطاة، وارسل نعمة روح قدسك على عبدك (فلان) الذي دعى الرياسة الشمامسة ، بحكم تركية الذين قدموه في الوسط ... اجعله مستحقاً أن :
١ - يكون رئيس شمامسة على بيعتك المقدسة .. اظهره مثل الواحد من السبعة الخدام الذين أقاموهم الرسل الأطهار، اسطفانوس أول الشمامسة وأول الشهداء ٢ - يمسك كأس الدم المكرم الذي للحمل الذي بلا عيب ، الذي لابنك الوحيد
٣- يخدم الأيتام، ويساعد الأرامل ، و يهتم بالمتعبدين ، ويعلم الجهال، ويبكت غير المتأدبين، وينتهر المخالفين، ويرد الضالين ٤- وينظم الإكليروس (أى يرتب
جداول الخدمة ) .
ه - ويخدم الغرباء، ويأمر بما ينبغي، و يكون مثالاً لجميع الكنيسة» . وهكذا تحدد الكنيسة خدمات ومهام الأرشيدياكون الخمسة بنص طقس سيامتهم .
مثلث الرعاية :
مما تقدم يتضح أن الرعاية في الكنيسة تقوم على ثلاث ركائز هی :
١- الأسقف
٢- القس
٣- الشماسة
و معروف تاريخياً أن الأب الأسقف كان يقسم كل منطقة رعوية (تخدمها كنيسة) إلى مساحات معقولة الحجم، يختص ابذياكون بكل مربع صغير، وكل سبعة مربعات يخدمها أبذياكونيين، يرأسهم شماس، وكل سبعة مناطق برأسها أرشذيا كون وهكذا كانت الرعاية تسير في اتجاهين متكاملين، من الأب الأسقف إلى الآباء الكهنة، إلى الشمامة ، إلى الشعب ، يقدمون خدمة الكلمة والافتقاد والرعاية الشاملة ثم من الشعب إلى الشمامسة إلى الآباء الكهنة إلى الأب الأسقف، إذ يتعرفون على الاحتياجات التي تخص كل اسرة وكل نفس، سواء احتياجات الروح أو النفس أو الجسد فيقوم بها الإكليروس بانتظام، ويحسون بأي مشكلة وهي في بدايتها . من هنا جاءت الكلمة «الشماس عين الأسقف ويده»، بمعنى أنه یری الاحتياجات ويبلغ بها الإكليروس فيقدمون له الحلول ويوصلها للشعب وهكذا كانت الرعاية منظمة وشاملة : لكل اسرة ، ولكل نفس ، في كل مكان، وفى كل زمان .. وذلك حتى لا يفقد أحد» اش ٤٠ : ٢٦) فليبارك الرب كل الجهود ، ليمتلىء بيت الله بأولاده، وليتعرف الكل على سر الخلاص المذخر لنا في الرب يسوع ماذا عن دور الشماسة (المرأة) ... هذا حديثنا القادم إن شاء الله .
نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
عن مجلة الكرازة العدد الرابع عشر عام ١٩٨٩
المزيد
19 سبتمبر 2023
الشمامسة والخدمة الكنسية الإبدياكون و الدياكون
كنسيتنا ملتزمة تماماً بروح الإنجيل ولذلك فهى تحتفظ بالرتب الكهنوتية الثلاث : الاسقفية، والقسيسية، والشماسية ونحن نجد نصوصاً إنجيلية كثيرة وهامة، تؤكد هذه الرتب،ودروها في الخدمة الكنسية ، وهذه مجرد أمثلة : -
١- الأسقف
صادقة هي الكلمة، إن ابتغى أحد الأسقفية ، فيشتهي عملاً صالحاً »لاحظ أنه يبتغى الأسقفية أي يقبلها كتكليف إلهى ولكن ما يشتهيه ليس الرتبة ولكن العمل الصالح، وما عمل الأسقفية إلا الصلاة وخدمة الكلمة ، بكل ما تحتاجه الرعاية من ذبائح وجهاد ) « ويجب أن يكون الأسقف بلا لوم ، بعل امرأة واحدة ( أنسب الموجود في ذلك الوقت حيث ساد تعدد الزوجات وتكرار الزواج والطلاق ...) صاحباً، عاقلاً، محتشماً، مضيفاً للغرباء ، صالحاً للتعليم ...»( ١تى١ ٣-٧) يجب أن يكون الأسقف بلا لوم ، كقول الله، غير معجب بنفسه، ولا غضوباً ... ( تيطس ٧:١-١٠).احترزوا إذن لأنفسكم، ولجميع الرعية، التي أقامكم فيها الروح القدس أساقفة ، لترعوا كنيسة الله التي اقتناها بدمه » (أع ٢٠ : ٢٨ ) .
٢ - القس
أرسل (بولس) إلى أفسس واستدعى قوس الكنيسة» (أع١٧:٢٠) لا تهمل الموهبة التي فيك ، المعطاة لك بالنبوة، مع وضع أيدى القسيسية ( اتى ٤ : ١٤ ) [ أنظر النسخة البيروتية ذات الشواهد ] .من أجل هذا تركتك في كريت ،لكى تكمل ترتيب الأمور الناقصة ، وتقيم في كل مدينة قسوساً، كما أوصيتك» ( تيطس ٥:١). «أما القسوس المدبرون حسناً، فليحسبوا أهلاً لكرامة مضاعفة » ( اتي١٧:٥)
٣- الشماس
يجب أن يكون الشمامسة ذوى وقار، لا ذوى لسانين لهم سر الإيمان بضمير طاهر إنما هؤلاء أيضاً يختبروا أولاً، ثم يتشمسوا ، إن كانوا بلا لوم » (۱تی ۳ : ۸ - ١٣)
بولس وتيموثاوس إلى جميع القديسين الذين في فيلبي، مع أساقفة وشمامسة » ( في ١ : ١ ) .
دور الشمامسة ومساعديهم:-
۱ - درجة الابذياكون (مساعد الشماس ) :-
درجة كبيرة لها كرامة ومسئولية خطيرة، إذ المساعد الشماس بأن يساعده في مهمتين أساسيتين :-
أ - حفظ نظام وأبواب البيعة .
ب- افتقاد الأرامل والأيتام والمحتاجين.
وهذا طبعاً بجوار الخدمات المتضمنة في الدرجات السابقة وهى:
خدمة التسبيح والذبيحة(الأبسالتس ).
خدمة التعليم والكلمة( الأغنسطس ) .
لهذا يوصيه الأب الأسقف قائلاً ( راشماً جبهته بابهامه، دون وضع يده على مثال الثالوت ) : تكون تابعاً للشماس ، وتساعده في عمل الخدمة، كما هو أيضاً تابع للقسيس تحرس أبواب بيت الله ، وتلمس الأواني المقدسة » .
٢ - درجة الشماس ( الدياكون ) : درجة هامة وكبيرة، يلزمها التكريس والتفرغ الكامل، وفيها وضع يد، وصاحبها يلتزم بضوابط الزواج لدى الآباء الكهنة ، فإن كان متزوجاً لا يتزوج ثانية إذا ترمل، وإلا سقطت عنه الرتبة ، وإن كان غير متزوج يبقى بتولاً .ويوصيه الأب الأسقف قائلاً: «إذ أنت معدود من أولاد استفانوس أول الشهداء، تفتقد شعب الرب، الأرامل والأيتام والمتضايقين، وتعين من تقدر أن تعينه، وتسد فاقتهم، وتكون لهم مثالاً، لكي ينظروا أعمالك الحسنة، ويحسدوا (أى يغبطوا ) طريقك، وتكون تابعاً للأسقف والقسيس ، وتعرفهم بالمتضايقين ليفتقدوهم وتكرم الذين هم أعلى منك » .والشماس الكامل، إذ كان متفرغاً، كان يرتدي زياً خاصاً ، هذا لم يكن غريباً أن يقوم بما يلى :-
۱ - يفتقد الشعب ويهتم باحتياجاتهم .
٢ - يسبح في الهيكل ويخدم الذبيحة .
٣- يتلو معانى الكتب المقدسة على أسماع الشعب.
4- يحمل الكأس الإلهى (أى يساعد الكاهن في توزيع الدم المقدس ) .
ه - هو عين الأسقف ويده بمعنى أنه يزور الشعب في بيوتهم، بمعاونة مساعديه ، ويعرف الأسقف والكاهن بظروف الرعية لیزورهم، ويوصل إليهم محبة ورعاية وتقدمات الآباء الروحية والمادية .
رتبة جليلة نتمنى أن نرى ثمارها فيمن أخذوها ، وأن يختار الرب آخرين ليأخذوا بركتها لحياتهم، ولتثمر خدماتهم في كنيسة الله.
نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
عن مجلة الكرازة العدد الثالث عشر عام ١٩٨٩
المزيد
12 سبتمبر 2023
دور الأغنسطس في الكنيسة
كلمة «الأغنسطس » تترجم دائماً «قارىء»، والكلمة منشقة أصلاً من «أنا غنوسما » أي «فصل من الكتاب المقدس »، لأن الأغنسطس هو « قارىء » أو بالحرى دارس» وبالأكثر «معلم» للكتاب المقدس، حسب نص الطقس الكنسى الخاص بسيامته. هي رتبة جليلة وخطيرة إذن ، تتعلق بشرح الكتاب المقدس للناس ، والانذار والتعليم . لهذا تعلمنا من قداسة البابا شنوده الثالث ، أن لا تعطيها إلا للشباب الكبار الذين يعدون لخدمة التربية الكنسية ، أو يخدمون فيها فعلاً . لذلك فمع أن الكثيرين يطلبون هذه الدرجة البركة ، لكن الأساس الذي يجب أن يعرفوه ، أن هذه الدرجة تقوم بالخدمات التالية في الكنيسة :
١ - خدمة التسبيح ....
٢- خدمة الذبيحة .
٣- خدمة التعليم ....
وحسب سن الشخص المتقدم لنوال هذه الدرجة، وحسب قامته الروحية، يقوم بالتدرب على خدمة الكتاب المقدس، وتقديم التعليم المناسب للأعمار التي تناسبه ، فالصغار المبتدئون منهم يخدمون الأطفال في فصول التربية الكنسية، والكبار يخدمون الشباب أو الشعب .ولعله من المناسب أو المهم أن تلاحظ كيف تخصص كنيستنا المقدسة درجة خاصة ، وتمنحها لأعداد كبيرة مدربة ، بهدف واحد هو نشر التعليم الكنسى ودراسة الكتاب المقدس بين الشعب بفئاته المختلفة . فكنيستنا تهتم جداً بالتعليم، إذ تلاحظ قول الرب في الكتاب المقدس: «هلك شعبي من عدم المعرفة ( هو ٤ : ٦). كما أن كنيستنا كتابية وانجيلية حتى الأعماق ، فها نحن نرى كيف تقدم لنا هذه الدرجة الإنجيلية الخاصة، وكيف تضع البشارة فوق المذبح ، وفوق الرؤوس، وتقبلها الشفاه، وتنحنى لها الجباه، ويرفع قداسة البابا تاجه إكراماً لصوت الرب وكلمات المسيح، ونخصص للإنجيل أوشية خاصة، ونقف خاشعين لسماعه، وتضيء الأنوار على حامل الأيقونات وفى شمعتين حول القطمارس، إعلاناً أن الإنجيل هو النور الذي يرشد الحائرين في الظلمة .
طقس سيامة الأغنسطس : بعد أن يتأكد الأب الأسقف من تزكية الآباء الكهنة للمتقدمين لنوال هذه الدرجة ، يصلى الصلاة الربانية وصلاة الشكر، ثم يقوم بقص شعر رأس المتقدم - على مثال الصليب في خمسة مواضع إعلاناً أنه قد نذر قلبه للرب ، ونزع فكر العالم من ذهنه ، ليضع بدلاً منه فكر المسيح والإنجيل.ثم يعطيه الأب الأسقف إسماً كتابياً أو كنسياً، حبذا لو كان إسم شفيع المتقدم ، علامة بداية الحياة جديدة في الكنيسة والخدمة ، ويتلو الأب الأسقف على رأسه الرشومات الثلاثة، للثالوث القدوس ، طالباً بركة الرب للمتقدم. ثم يصلى الأب الأسقف أربع قطع جميلة ، لكل منها محور خاص ، وهدف محدد :
1 - «أيها السيد الرب... أقبل إليك عبدك ( فلاناً ) أغنسطساً في بيعتك، فهمه حقوقك ، وهب له مخافة عبوديتك ، واجعله مستحقاً أن يلمس الأوانى، ويكون أغنسطساً مكرماً أمامك » .
2- املأه من كل حكمة ، ومن كل فهم، ليتلو أقوالك الإلهية والأغنسطسية.
واحفظه في عبادتك بغير لوم ... » .
3- ... أظهر وجهك على عبدك ( فلان ) القائم أمامك، الذي قدموه لينذر بأقوالك المقدسة، التي لعهدى العتيقة والحديثة ( أى العهدين القديم والجديد)، ويكرز بأوامرك لشعبك، ويعلمهم كلامك الطاهر، الذي من جهته خلاص أنفسهم ونجاتهم ... » .
٤- امنحه حكمة ، وروح النبوة ، ليتلو أقوالك المقدمة لشعبك، بسيرة بغيرلوم.ثم يوصيه الأب الأسقف قائلاً : يجب عليك أن تتعلم واحداً فواحداً، من فصول الكتب المقدسة أنفاس الله ، التي أؤتمنت عليها كي تعظ بها الشعب . لأن هذا أمر عظيم، يحتاج من ينتصب له أن يكون كالمصباح المضيء على المنارة، لكنى تملأ مسامع سامعيك مما تقرأ عليهم، وتكون أنت غير مجرب .
إذن ، فالأغنسطس في الكنيسة ، يحمل درجة حسنة، كقول الرسول : « الذين تشمسوا حسناً ( أى صاروا شمامة) يقتنون لأنفسهم درجة حسنة ، وثقة كثيرة في الإيمان الذي بالمسيح يسوع (اتي ٣: ۱۳ ) ذلك لأن الأغنسطس :
١ - يلمس الأواني ( أي يخدم الذبيحة والمذبح، ويجفف الأوانى بعد الصلاة من خلال قطعة قماش ، وليس بلمسها مباشرة ) .
2 - يتلو الأقوال الإلهية (في القداس الإلهى وفى البيوت ) .
٣- يعظ بها الشعب (في تواضع وتحت تدبير الآباء ) .
4- تكون له سيرة بغير لوم حتى لا يعثر الخدمة .
رتبة الشماسية جليلة، ودرجة الأغنسطس مكرمة ، فليراجع كل من أخذها نفسه على ما تقدم، لينال بركتها وفاعليتها في حياته، ويساهم من خلالها في خدمة الكنيسة !
نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب.
عن مجلة الكرازة العدد الثانى عشر عام ١٩٨٩
المزيد
05 سبتمبر 2023
الشمامسة والخدمة الكنسية الشماس رتبة أساسية
تؤمن كنيستنا المقدسة بثلاث رتب في الكهنوت هي:
١ - الأسقفية. ٢- القسيسية . ٣- الشماسية. ولكل رتبة درجاتها ، واختصاصاتها فمثلاً رتبة الأسقفية جوهرها : الرعاية والتدبير، بمعنى أن البابا البطريرك والآباء الأساقفة يقومون بعمل الرعاية الروحية والشاملة لكل مدينة وقرية وأسرة ونفس ويدبرون ذلك من خلال سيامة آباء كهنة وشمامسة وشماسات ، لتصل الخدمة إلى كل نفس . وفى هذا تقول الدسقولية : " ينبغى أن يهتم الأسقف بكل أحد ، ليخلصه" وهذا طبعاً من خلال اختياره لمعاونيه في الخدمة الرعوية، ومن خلال توجيهه المستمر لهم وإدارته لشئون الكنيسة، بما يبنى النفوس ويخلصها بالوسائل المختلفة كالتعليم والعبادة والافتقاد والكتابة إلخ . أما رتبة القسيسية فهى أساساً معاونة الأب الأسقف في رعاية النفوس، والقيام بأسرار الكنيسة المقدسة كالمعمودية والميرون والتناول ، وأخذ الاعترافات ، والحث على التوبة، ومسح المرضى، وعقد الزيجات. والكهنوت في كنيستنا جوهره «الأبوة » ، فنحن ننادي الكاهن : « يا أبانا » ، إحساساً منا بدوره في حياتنا ، إذ يرعانا كأب حنون ، و يهتم بكل احتياجاتنا أما رتبة الشماسية، بدرجاتها المتعددة ، فتهتم بمعاونة الأب الأسقف والأب الكاهن في الخدمات التالية :
١ - خدمة الذبيحة والمذبح، والتسبيح المقدس .
٢ - خدمة التعليم والكرازة ، ونشر كلمة الله
٣- خدمة الافتقاد والرعاية ، خصوصاً للأرامل والأيتام والمحتاجين .
٤ - خدمة التدبير والإدارة وتنظيم العمل الكنسي ، تحت إشراف الأب الأسقف. وسوف تلاحظ كل هذه الأدوار الهامة والمؤثرة، من خلال دراستنا المبسطة لطقوس السيامة ، الأمر الذى سنحاول التركيز عليه في هذه السلسلة المختصرة من المقالات إن شاء
الله.
١ - الأ بسالتس : هذه الدرجة المباركة، والتي تختص بخدمة التسبيح في الكنيسة المقدسة، كادت أن تندثر وتندمج في درجة الأغنسطس، لولا أن أعادها إلى الوجود قداسة مثلث الرحمات البابا شنوده الثالث فالأغنسطسية رتبة التعليم ، لا يصح أن تعطى إلا للكبار.لكن التسبيح شيء يمكن أن يمارسه الأطفال «من أفواه الأطفال والرضعان هيأت سبحاً » ( متى ٢١ : ١٦ ) . لذلك رتبت الكنيسة هذه الدرجة المقدسة حتى يرتبط الأطفال بالذبيحة والمذبح ، وما أجمل أن تعطى كنيستنا للأطفال دوراً أساسياً في حياة الجماعة، لأنهم بالمعمودية صاروا أعضاء في جسد المسيح، وبقلوبهم البسيطة الوديعة ، يمكن أن يسبحوا الرب بنقاوة نفتقدها نحن الكبار وواضح أن كلمة «أبسالتس» مأخوذة كلمة Psalm أي مزمور ومنها « الأ بصلمودية » كتاب التسابيح الكنسية . ويمكن أن تعطى هذه الدرجة للأطفال حتى ١٢ سنة، أي في المرحلة الإبتدائية، لينشأوا قريبين من المذبح، ويحضروا القداسات مبكرين، ويتحدوا بالجسد والدم الأقدسين منذ نعومة أظفارهم وهكذا تتشبع حياتهم برائحة البخور الزكية، وأنظارهم بملابس الآباء الكهنة وحركاتهم الطقسية، وبالشموع والسجود والايقونات والألحان، فلاشك أن هذا السن المبكر، سن تفتح الحواس ، هو أفضل الأعمار لغرس الإيمان المسيحى، والحياة الكنسية والتقاط صور ذهنية ووجدانية لا تنمحى أبداً .إن هذا المؤمن الصغير، سوف يندمج مع معطيات الإيمان وحقائق اللاهوت في سهولة ويسر.
سيامة الأبسالتس : تتم سيامة الأبسالتس بعد تزكية الأب الكاهن وخدام التربية الكنسية يقدمونها أمام الأب الأسقف، بأن يصلى الأب الأسقف الصلاة الربانية، وصلاة الشكر وذلك بعد صلاة الصلح مباشرة أثناء القداس الإلهى وإذ يقدمون الأطفال أمام باب الهيكل ، يصلى الأب الأسقف قطعتين بروح ا العبادة، الأولى يقول فيها : « يا إلهنا الصالح ، يا من أقام هيمان وأساف للترتيل في مواضعك المقدسة . يا من أعطيت داود النبي أن يرتل على المزمار والقيثارة سبحاً . يا من وضعت التسبيح في كنيستك المقدسة، وأن يعبدك شعبك بمزامير وتراتيل وأغان روحية نسألك يارب أن تعطى عبدك ( فلاناً ) أن يعمل عمل الأ بسالتس في كنيستك المقدسة ، ويغني لك بألحان وتراتيل وأغان روحية، مرتلاً في قلبه للرب » وفى القطعة الثانية يضيف معنى جديداً ، وطلبة هامة، إذ يقول : « أعطه فهما حسناً لما يرتل به، فيرتل لك من عمق قلبه، بروح الصلاة والعبادة أعطه أن يخدمك بقلبه وفمه وألحانه، واقبل تراتيله كرائحة بخور قدامك ، وابعد عنه روح الغرور والتظاهر ومحبة المديح ، واجعله خادماً صالحاً » . ثم يرشمه الأب الأسقف بالرشومات الثلاثة، ويعطيه إسماً كنسياً أو كتابياً . ليبدأ حياته الجديدة بروح جديدة واسم جديد ، و يوصيه بأن يحفظ الألحان، ويحضر مبكراً إلى القداس ، ويتناول من الأسرار المقدسة ما أمجد خدمة التسبيح والذبيحة !! وما أحلى أن نضمن لأطفالنا أن يرتبطوا بالرب وبالكنيسة في سن مبكر !!
نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
عن مجلة الكرازة العدد الحادي عشر عام١٩٨٩
المزيد
29 أغسطس 2023
الحيـاة الشاهدة
طلب الرب منا بوضوح أن نكون شهوداً له، حينما قال : « أنتم شهودی » ( أش ٤٣ : ١٠)، وحينما أوصى آباءنا الرسل الأطهار: «تكونون لى شهوداً » (أع١: ٨) والشهادة من المشاهدة ، بمعنى أن الإنسان شاهد أيضاً ، فاصبح شاهداً عليه أو له والإنسان المسيحي شاهد الرب يسوع بعين الإيمان ، فأصبح شاهداً للحياة المسيحية ، ولما يمكن للرب أن يفعله بالنعمة في حياة البشر، ولذلك فالحياة الشاهدة علامة كل مسيحى ، بمعنى أن حياة الإنسان المسيحى يجب أن تكون في أفكارها ومشاعرها وسلوكياتها شهادة حية، تخبر بعمل الله في الطبيعة الإنسانية إن المؤمن عضو في جسد المسيح ، والعضو له وظيفة ودور، والكنيسة أبدأ لا تعيش بمعزل عن المجتمع والجماعة الإنسانية ، بل أن الكنيسة عليها دورهام في الحياة العامة ، فهي تمثل ضمير المجتمع ، والنور الذي يضيء للإنسان طريقه في الحياة اليومية ، ليسلك حسب وصايا الرب وروح المسيح ، وليصير كارز بالحياة والعمل قبل الكلام والوعظ . لذلك فحينما أراد الكتاب المقدس أن يشرح للمؤمن دوره في المجتمع ، استخدم عدة تشبيهات منها :
١ ـ المسيحي نور العالم :
بمعنى أنه متحد بالرب يسوع ، يمتص من نوره كل يوم ما يضيء له معالم الطريق ، و يعطيه قوة الإفراز والحكمة ، و يرشده كيف يتصرف في المواقف المختلفة ، بل يجعله نوراً للذين يسلكون في الظلمة ، إذ يرشدهم إلى الطريق السليم . ومع أن الرب قال عن نفسه : « أنا هو نور العالم » ( يو٥ : ١٢ ) ، إلا أنه في محبته وعطائه قال لنا : « أنتم نور العالم » ( متى ٥ : ١٤)ولتلاحظ هنا أن المؤمن ليس نوراً في الكنيسة فقط ، بل لكل العالم أيضاً لهذا طلب منا الرب أن يضىء نورنا قدام الناس ليروا أعمالنا الحسنة فيمجدوا أبانا الذي في السموات ( مت ٥ : ١٦) والمسيحي الأمين يكتسب هذه الاستنارة من المعمودية (حيث يتجدد بالروح القدس ) ، والميرون ( حيث يصير هيكلاً لروح الله ) والتوبة ( حيث يغتسل فيها كل يوم ) ، والتناول (حيث يتحد بالنور الحقيقي ) ، والقراءة في كلمة الله والكتب الروحية (حيث ينفتح الذهن ويتعرف على ملامح طريق الملكوت ) .
٢ ـ المسيحي ملح الأرض :
فهو ليس ملحاً للكنيسة فقط بل للأرض كلها ، للمجتمع كله . فالمسيحي الأمين أبيض نقى نقاوة الملح ، و يذوب في تواضع واختفاء دون أن يضيع ، تماماً كالملح ، وهكذا يحفظ العالم من الفساد ، و يعطى الحياة طعماً مقدسا . إن وجود أبناء الله في العالم أساسي لتقديم القدوة الطاهرة ، والأمانة المحبوبة ، والنموذج الذي يجب أن يحتذبه أهل العالم والملح لا يفسد إلا بالخطيئة والذاتية والكبرياء ، وإن فسد ، لا يعود يصلح لشيء ، لا لأرض ولا لمزبلة ، بل يداس من الناس هكذا كل مسيحي يترك المسيح ، ويحيا فساد هذا العالم .
٣- المسيحي سفير للمسيح :
« نسعى كسفراء عن المسيح ، كان الله يعظ بنا نطلب عن المسيح : تصالحوا مع الله » ( ۲کو ٥ : ٢٠) . ما أجمل أن نتأمل في سفارة المسيحي في الأرض ، فهو أصلاً من بلد غير البلد ، وطبيعة غير الطبيعة ، ولغة غير اللغة . إنه إنسان سمائی روحانی مقدس ، يحيا في الأرض شاهداً للرب ، وممثلاً له و بنشر كلمته وحبه وصفاته المقدسة بين الناس ، و يدعوهم إلى معرفة الله ، والتصالح معه !!
هذا هو الإنسان المسيحي الشاهد ، الذي ينشر « رائحة المسيح الذكية » في كل مكان (۲کو: ١٥)، والذي يصير رسالة حسنة « معروفة ومقروءة من جميع الناس » ( ٢کو۳ : ۲) أخي القارىء تعال نحيا في طريق المسيح ، فما أسعد أولاد الرب به !! وشكراً لله أنه هو نفسه قد صار لنا « الطريق والحق والحياة» (يو١٤: ٦) ارتبط بالرب ، و بإنجيله ، وكنيسته ، وكن شاهدأ له في كل مكان وزمان لتحيا الأبدية في الزمن ، وتعيش السماء وأنت بعد في هذه الأرض الرب معك ،،
نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
عن مجلة الكرازة العدد العاشر عام ١٩٨٩
المزيد
01 أغسطس 2023
حضور الاجتماعات المشبعة
يوصينا الرسول بولس ألا نترك اجتماعاتنا الروحية، بل أن نحرص على حضورها ، كوسيلة جوهرية من وسائل الشبع والنمو الروحي . لهذا ينادينا قائلاً : «غير تاركين اجتماعنا كما لقوم عادة » (عب ١٠ : ٢٥). فالاجتماعات الروحية أساسية في الحصول على البركة والتعزية ، والتعليم ، والاحساس بالجماعة الكنسية والجسد الواحد وقد تعودت الكنيسة ـ منذ العصر الرسولى ـ أن تجتمع في مساء السبت (صلاة عشية )، حيث كان المؤمنون يفدون إلى البيعة من جميع المناطق والقرى المحيطة ، و يأكلون معاً في المساء بعد صلاة العشية، وليمة محبة ( أغابي ) ، وهي التي تحدث عنها الرسول قائلاً : « حينما تجتمعون معاً ، ليس هو لأكل عشاء الرب » ( ١کو۱۱ : ۲۰ ) ... أي أنه العشاء الذي بعده يدخل المؤمنون إلى الكنيسة و يصلون صلاة نصف الليل ، التي نقرأ في أحد أناجيلها : «جاء العريس وأغلق الباب » ( مت ٢٥ : ١٠). وبالفعل تغلق أبواب البيعة، فلقد وصل الجميع ، و يبدأون في تسبيح العريس طوال الليل ، ثم يرفعون بخور باكر، ثم القداس ، ثم التناول ، ويخرج المؤمنون بعد ذلك لأغابى أخرى ، ثم ينصرفون إلى بيوتهم وأعمالهم اجتماع مفرح ، يشعرون وكأنهم كانوا في السماء، فكلمة « هيكل » فعلاً معناها « المكان الذي صار سماء» !! فنحن في الهيكل نلتقى بالرب يسوع نفسه ، وجموع القديسين والملائكة، ونحس بوحدتنا الكاملة في جسد الرب ولكن هذا الاجتماع الروحي المشبع حول الافخارستيا ، وما يسبقه من اجتماع محبة سابق وآخر لاحق له ( الأغاني ) هذه الاجتماعات لا تلغى أهمية عقد اجتماعات تعليمية أخرى ، فالرسول يقول : « متى اجتمعتم فكل واحد منكم له مزمور، له تعليم » (١کو١٤ : ٢٦ ) إذن فهناك اجتماعات تعليمية هامة يجب أن تعقدها الكنيسة ونحضرها نحن .
الاجتماعات التعليمية :-
التعليم هام جدا للخلاص ، فلقد قال الرب « هلك شعبي ، من عدم المعرفة » ( هو ٤: ٦ ). لذلك تحرص الكنيسة على عقد لقاءات لكل مراحل العمر، وفئات المجتمع ، وظروف العصر فأصبحنا نجد كمثال : مدارس التربية الكنسية للأطفال
والفتيان . اجتماعات الشباب : ثانوي ، جامعة ، خريجون . اجتماعات عامة للشعب ونهضات في المناسبات الكنيسة المختلفة . اجتماعات للعمال والحرفيين اجتماعات للأطباء أو المهندسين أو المعلمين إلخ . اجتماعات للمخطوبين أو المتزوجين حديثاً. اجتماعات نوعية لدراسة الكتاب المقدس ، أو اللاهوت ، أو التاريخ الكنسى ،أو العقيدة والطقس .
والهدف من كل هذه الاجتماعات :
١ - تقديم التعاليم الجوهرية اللازمة للخلاص وجود الله ، الثالوث ، ألوهية السيد المسيح ، التجسد، الفداء ، الكتاب المقدس ، الكنيسة ، القيامة إلخ .
٢ - الاشباع الروحي المنتظم ، في خضم وسائل الاعلام من صحافة وإذاعة وتليفزيون وفديو...
٣ ـ حفظ المؤمن من الانحراف ، إذ ينمو في جماعة مقدسة ، فالإنسان اجتماعی بطبعه ، ويحتاج أن يحس بالانتماء .
٤ - المشاركة في الخدمة والنشاطات الكنسية البناءة فلا يكون المؤمن إنساناً سلبيا ، بل يحس بدوره كعضو فعال في جسد المسيح .
٥ ـ الرد على أية شكوك أو مطاعن توجه إلى إيماننا المسيحي الراسخ عبر عشرين قرناً من الزمان لذلك يجدر بالقارىء الحبيب أن يسأل نفسه : ما هو الاجتماع الأسبوعي الذي أنا منتظم فيه ؟ اجتماع اسبوعي على أقل القليل، حيث ينبغي على المؤمن التواجد الكثير بالكنيسة، لمزيد من الشبع والنمو والخدمةوالرب معك ،،
نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
عن مجلة الكرازة العدد الثامن عام ١٩٨٩
المزيد
25 يوليو 2023
القراءات الروحية البناءة
القراءة الروحية أساسية من أجل الوصول إلى الشبع الروحي . كما أنها تنير الذهن، وتقدس الأفكار، وتشحذ الهمة الروحية، فيتحرك الإنسان بحماس في طريق الملكوت .كذلك فالقراءة الروحية أساسية في التعرف على معالم الطريق الروحي ، حتى لا يتوه الإنسان في مزالق كثيرة يمكن أن تقابله ، وحتى تتكون لديه نعمة الافراز، فيستطيع أن يميز الأمور المتخالفة ، ولا يسقط في فخاخ ابليس بل إنها أساسية في خدمة الآخرين ، ونحن هنا لا نقصد الخدمة في فصول التربية الكنسية والشباب فقط ، بل أيضا خدمة الوالدين لأبنائهم ، وهي من أهم وأخطر الخدمات المسيحية ، حيث يقضي الطفل في بيته ١٦٨ ساعة أسبوعياً تقريباً ، ولا يمكث في الكنيسة سوى ساعات قلائل . فإن تعرف الآباء على احتياجات أولادهم ، وسمات المراحل التي يمرون بها ، ونوعيات المشاكل التي يقابلونها ، يستطيعون بالقطع أن يقدموا التوجيه السليم لابنائهم وبناتهم .
الآباء والقراءة :
من هنا ينصحنا الآباء القديسون بالقراءة ، لما فيها من فوائد جوهرية لنا ولمن نشهد للمسيح أمامهم :« اتعب نفسك في قراءة الكتب ،فھی تخلصك من النجاسة» ( القديس أنطونيوس ) .« كتبي هى شكل (سيرة ) الذين كانوا قبلی ، أما إن أردت أن أقرأ ، ففى كلام الله أقرأ » ( القديس أنطونيوس ) .« قراءة الكتب، تقوم العقل الصواف » ( أحد الشيوخ ) .« کن مداوماً لذكر سير القديسين ، لكيما تأكلك غيرة أعمالهم» (القديس موسى الأسود ) .
نحن والقراءة :
يحسن أن يهتم الإنسان بالقراءة ، ولكي لا تنطبق عليه سمات جيل التليفزيون والفديو، من سطحية واستسلام سلبي ، يجب ان يدرب نفسه على القراءة، وهذه بعض الملاحظات التي قد تساعده على ذلك :
1 ـ التدرج :
كل شيء يبدأ صغيراً ثم يكبر، فلا داعى لأن تتمسك منذ البداية بالكتب الكبيرة لتضعها في المكتبة ، وإن كان هذا حسن، فلسوف تحتاجها حينما تنمو في القراءة، لكن ابدأ بالنبذات الصغيرة ، والكتيبات ، والكتب المتوسطة، وتدرج مع القراءة شيئاً فشيئاً . وأؤكد لك أنك عندما تشعر بالانجاز والنجاح في قراءة كتيب ، سوف تحس بحافز كبير يشجعك على المزيد .
٢ ـ التنوع :
ابدأ بالتنوع ، فاقرأ في مجالات عديدة مثل : تفسير الكتاب المقدس، وسير القديسين، وتاريخ الكنيسة ، واللاهوت ، والعقائد ، والطقوس ، والثقافة العامة .. فمن المهم أن تلم بفكرة عن كل من هذه الميادين ، فهي أساس لنموك ولخدمتك .. ومن غير المعقول ألا تعيش عصرك ، وتتعرف على الأدب والفن والفكر السائد فيه، مع ملاحظة ألا تكون سلبياً ، بل يجب أن تسترشد بأبيك الروحي وخادمك ، حتى لا تنحرف بك القراءة بسبب عدم النضج والعمق والمعرفة الشاملة .
3 ـ التوازن :
أياك أن تأخذك القراءة بعيداً عن الشبع الروحي ، فيصير عقلك أضخم من قلبك ، بل احرص على التوازن ، فالرسول يدعونا إلى أن تنمو في «النعمة والمعرفة » ( ۲بط ٣ : ۱۸ ) ، أي الوجدان الروحي والفهم المستنير.
4 ـ التخصص :
مع النمو ، ومع الوقت ستستطيع ان تتخصص في فرع محدد من الدراسات ، وربما تأخذ فيه شهادة مناسبة ، إلى أن تكتب بنعمة الله وتشترك في إثراء غيرك . المهم أن تتحرك تحت قيادة روح الله وارشاد أبيك الروحي وخادمك والرب معك .
نيافة الحبر الجليل الانبا موسى أسقف الشباب
عن مجلة الكرازة العدد السابع عام ١٩٨٩
المزيد
18 يوليو 2023
الشبع اليومى بالإنجيل
حينما أراد الرب أن يوضح لنا أهمية الكتاب المقدس في حياتنا ، استخدم تشبيهات عدة، يشرح لنا كل تشبيه منها زاوية من زوايا ضرورة الكتاب لحياتنا :- ۱ ـ تشبيه الخبز : « ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله » (متى ٤ : ٤ ) . « وجد كلامك فأكلته ، فكان كلامك لى للفرح ولبهجة قلبي » ( أر١٥ :١٦).الإنجيل خبز روحي ، يشبع عنصر الروح فينا، تماماً كما يشبع الخبز المادي عنصر الجسد فينا ، ومسكين الإنسان الذي يجعل كل أهتمامه نحو « لقمة العيش الجسدي » و ينسى دور كلمة الله في اشباع روحه، من خلال كلمات النعمة ، وأحداث الفداء، ووصايا المسيح ، وتعاملات الله مع أولاده على مدى العصور. ٢ ـ تشبيه المطرقة :-
« أليست كلمتى كمطرقة تحطم الصخر» ( ارمیا ۲۳ : ۲۹ )وبالفعل ، فنحن حينما نقرأ كلمة الله بانتظام تجدها خير منبه لحياتنا ، حتى لا تتوه في دوامة العالم، أو تستمر في طريق الخطيئة . ولعلك تذكر أيها الحبيب كيف هزت كلمات الرسول بولس أعماق فيلكس الوالى ، حتى أنه ارتعب من الدينونة العتيدة ، أو حينما تحدث مع اغريباس الملك ، وكيف كانت كلماته قوية وفعالة. بل لعل كلمات الرسول بطرس يوم الخمسين هي أقوى دليل على الزلزال الذي تحدثه الكلمة في حياة الإنسان ، حينما يخضع لفعل روح الله القدوس ، فتتوبخ أعماله ، و يصرخ طالباً التوبة !
٣ ـ تشبيه النار : -
« أليست كلمة كنار يقول الرب وكمطرقة تحطم الصخر» ( أر٢٣ : ٢٩) إن كلمة الله كالنار فعلاً ، حينما تحرق فينا شوائب الخطيئة ، وتطهرنا من أدناسها ، ألم يقل الرب «أنتم الآن أنقياء لسبب الكلام الذي كلمتكم به » ( یوه۱ : ۳) ؟ إن كلمة الله كالنار المطهرة ، توخز الضمير، وتدخل إلى عمق الأعماق، لتطهر كياننا الإنساني من كل انحراف !
٤ـ تشبيه السيف :-
« لأن كلمة الله حية وفعالة ، وأمضى من كل سيف ذي حدين» (عب ٤ : ۱۲) نعم فالكلمة حينما تتجه نحو قلب الإنسان ، تخترق حتى إلى الأعماق ، إلى مناطق مجهولة ربما للإنسان نفسه ، إلى مفارق النفس والروح من يستطيع أن يدخل إلى هذه المنطقة العجيبة ؟! ما بين النفس والروح ؟! وهكذا يتفجر القلب بالتوبة صارخاً طالباً الحياة الجديدة .كما أن سيف الكلمة البتار، يمكننا استخدامه لقطع كل المبادىء غير الإلهية ، التي نقابلها في حياتنا اليومية ، فلا تسير مع أهل العالم كالقطيع ، بل يكون لنا فكرنا الخاص، واسلوبنا المتميز في الحياة والسلوك .
ه ـ تشبيه النور : -
« سراج لرجلى كلامك، ونور لسبیلی » (مز۱۱۸ : ١٠٥ ) « الوصية مصباح ، والشريعة نور » ( أمثال ٦ : ٢٣ ) وهذا حق فالإنجيل هو دستور الحياة المسيحية، وأساس التعامل بيننا وبين الناس ، بالحب والحكمة والاتزان والبساطة والسماحة والصفح وغلبة الشر بالخير!
إذن ، أيها القارىء الحبيب ، اعكف على قراءة كلمة الله ، وأقترح عليك :-
ا ـ أن تقرأ اصحاحاً من العهد الجديد في الصباح ، لتتقابل مع الرب .
ب ـ وثلاثة أصحاحات من العهد القديم في المساء، ليرى معاملاته أولاده عبر التاريخ .
ج - وتدرس سفراً كل شهر مع كتاب تفسير کنسی هذا المنهج يجعلك تقرأ العهدين مرة سنوياً ، وتدرس ١٢ سفراً في السنة ، ويمكنك مع أبيك الروحي اختصار هذا المنهج إلى النصف والرب معك ،،
نيافة الحبر الجليل الانبا موسى أسقف الشباب
المزيد
27 يونيو 2023
من معالم الطريق الروحي الصلوات المتنـوعـة
الصلوات سمة أساسية في الحياة الأرثوذكسية، واستجابة مستمرة لنداء الرب : « أسهروا وصلوا لئلا تدخلوا في تجربة » (مت ٢٦ :٤١). وتتسم حياة العبادة في كنيستنا بالسمات التالية :
١ ـ السمة التكريسية :
بمعنى أن هدفها الأساسي تكريس قلوبنا للسيد المسيح ، وتقديم كل طاقات حبنا للرب ، مصدرها الأصلي. وفي هذا يكمن خلاص الإنسان وسعادته ونموه ، وإمكانية أن يكون خادماً للملكوت . لهذا تطول العبادة في كنيستنا وتتنوع فنجد مثلاً :
أ ـ الافخارستيا :
قمة الصلوات الكنسية ، التي فيها يتحد الإنسان بالرب يسوع رأس الكنيسة ، و بالسمائيين أعضائها التي خرجت من الجسد، وبالمؤمنين إذ تأكل من جسد واحد ، خبزة واحدة ، ونشرب من دم واحد ، وكأس واحدة. الإفخارستيا هي فرصة الشبع بالرب ، والاتحاد بالمخلص المحبوب . إنها أقدس فرصة على الأرض ، فيها يعطينا الرب من حبه ونعمته وروحه ، و يأخذ عنا ثقل خطايانا بالتوبة والاستعداد، ونحيا معنى الكنيسة ، عروس المسيح، وجماعة المؤمنين .
ب ـ المزامير :
حيث توحدنا الكنيسة بالرب في أحداث حياته المتعددة ، ففي باكر تأخذ قوة قيامته ، وفي الثالثة تأخذ فعل روحه ، وفى السادسة نتحد بصليبه المقدس ، وفي التاسعة نميت معه حواسنا الجسمانية، وفي الحادية عشرة تنسحق أمام جسده النازل من على الصليب فداء عنا ، وفي الثانية عشرة ندفن خطايانا معه في القبر، وفى نصف الليل نستعد ونشتاق لمجيئه الثاني !! أناجيل هادفة ،وقطع وضعها آباؤنا القديسون ، ومزامير هي عصارة داود النبي وغيره من رجال الصلاة ، وفرصة رائعة للمثول المتكرر أمام الله ، بل حتى لوعظ النفس من خلال هذه الكلمات الإلهية المقدسة .
ج ـ الصلوات السهمية :
وفيها تنادي الرب بصلوات قصيرة مثل : « ياربي يسوع المسيح ارحمني أنا الخاطيء » أو « اللهم ألتفت إلى معونتي . يارب اسرع وأعنى » ... وهي صلوات قبطية عريقة ، نصح بها القديس أنطونيوس تلاميذه . وكانت ولا تزال خير عون للمجاهدين في طريق الملكوت ، يتلونها سراً وبكثرة في كل مكان ، وزمان ، وموقف . إنها صلوات كالسهم، يخترق حجب السماء ، و يستقر أمام الله في مقادسه العليا ، فيستجيب قلب الله الحاني، للإنسان المحتاج .
د ـ الصلوات التلقائية :
والكنيسة تطلب منا أن نتحدث مع الله بقلب مفتوح وبساطة تامة، لكي يتحنن علينا برحمته، ويسكب علينا نعمته ، و يتدخل في كل شئون حياتنا المتنوعة ، لتختبر يمينه القدوس وقدرته اللانهائية في تسيير أمورنا بكل زواياها ، وفى سد احتياجاتنا بكل نوعياتها .
٢ - السمة الجماعية :
فكلمة ليتورجيا معناها عبادة شعب « لى - لاوس = شعب ، ارج = عمل ) ... من هنا تكون عبادتنا ذات صبغة جماعية لأننا كنيسة ( اككليسيا = جماعة ) ، ومن هنا كانت مردات القداس الجماعية : « بشفاعة والدة الإله ... أنعم لنا بغفران خطايانا » ... «آمين آمين آمين بموتك يارب نبشر» ... « نسبحك نباركك نشكرك ... »إلخ . والمسيحى الأرثوذكسى لا يحس أنه فرد مستقل ، بل عضو في الجماعة المؤمنة والجسد المقدس، فنحن » أعضاء بعضنا لبعض »(رو۱۲: ه).
۳۔ السمة الطقسية :
فالعبادة في كنيستنا لها طقس ( = نظام ) ، « وحسب ترتيب » ( اکو١٤ : ٤٠). فالقداس كما هو في مصر وفى المهجر، والقراءات ، والألحان ، والمناسبات ، والأعياد ، كنيسة واحدة ، نظام واحد ، وهذا جوهره أن نحيا إحساس الجماعة المتحدة بالروح .فلندخل معاً إلى العبادة الأرثوذكسية ، طريقنا إلى الشبع الحقيقي بالرب ، والاتحاد الكامل بالجسد المقدس.
نيافة الحبر الجليل الانبا موسى أسقف الشباب
المزيد