المقالات

05 يونيو 2022

ثقوا أنا قد غلبت العالم

الوعد الذي سمعناه اليوم هو الذي يجعلنا نشعر بوجود الله معنا "في العالم سيكون لكم ضيق لكن ثقوا أنا قد غلبت العالم"، فكل من يواجه صعوبات أو ضيقات يردد هذا أيضاً في قلبه، والثقة في المسيح نفسه أنه قد غلب العالم علي كل المستويات، رؤ 5:5 " قال لي أحد الشيوخ لا تبكي هوذا قد غلب الأسد، الذي من سبط يهوذا أصل داود ليفتح السفر ويفك ختومة" قادر أن يخرجنا من جب الأسود كما أخرج دانيال ويخرجنا من جوف الحوت كما اخرج يونان، قادر أيضاً أن يخرجنا من هذا العالم إلي سمائه. رؤ 1:12 "سمعت صوتاً عظيماً في السماء هوذا قد صار خلاص إلهنا وملكه وسلطانه وسلطان مسيحه لأنه قد طرح المشتكي علي أخواتنا الذي كان يشتكي عليهم أمام إلههم نهاراً وليلاً وهم غلبوه بدم الخروف وبكلمة شهادتهم ولم يحبوا حياتهم حتي الموت" هذه الشكوي هي التي تجعل له سلطان، ولكن لا تسقط شعره من رأس أحد بدون إذن ربنا، أحياناً ينتهز الشيطان فرصه الأرض والتجارب والحرية المتاحة ويطلب السلطان بتجارب، مثل أيوب البار الذي قال في النهاية "بسمع الأذن سمعت عنك أما الآن فقد رآتك عيناي" ويسمح لنا أيضاً أن نُجرب هذا لا يعني أننا متروكين خارج أحضانه، ولكن كلما كنا في التجارب نشعر بأحضانه أكثر "في كل ضيقاتهم تضايق" ، "لنا رئيس كهنة قادر أن يعين المجربين أيضاً" في أحدي صلوات قداس من القرن الثالث: " من أجل جسدك ودمك فلنتحرر من خطايانا، من أجل المر الذي شربته من أجلنا فليبتعد عنا الشيطان، من أجل الخل الذي شربته ليت ضعفنا يجد قوة، من أجل الكتان الذي كفنت به لنلبس قوتك غير المقهورة" نحن نتشفع بألآمه، نتشفع بأنه يحتمل الضيق والتعب، نتشفع بأنه كان في صورتنا آخذناً صورة عبد حاملاً كل ضيقنا وضعفنا. لا يقدر الشيطان أن ينتصر علي آي شخص في المسيح، حتي وأن كنت تسقط وتقوم ولكن حينما تقدم توبة تنتصر "لا تشمتي بي يا عدوتي لأني أن سقطت أقوم" " الصديق يسقط في اليوم سبع مرات ويقوم"، صديق لأنه يقوم أيضاً، لأنه يقظ، ويقف وينتصر، في كل مرة يأتي الليل نشعر بكآبه وضيق وضعف لأن الليل قد ساد النهار، ولكن بقليل من الصبر نجد الشمس تغلب والنور يشرق، المسيح الغالب والمنتصر هو مجدنا الحقيقي، في سفر دانيال يقول: "أما قديسي العلي فيأخذون المملكة ويمتلكون المملكة إلي الأبد، المملكة والسلطان وعظمة المملكة تحت كل السماء تعطي لشعبي قديسي العلي، ملكوته ملكوت أبدي وجمبع السلاطين إياه يعبدون" يقول القديس أغريغوريوس النيصي: "لقد تغير كل شئ لأجلنا نحن الذين كنا وارثين الخطية، صرنا فرحين وها نحن نري الفردوس ينفتح أمامنا والسماء والأرض التي أنقسمت وحدتها تترنم الآن بألفه جديدة، لقد توافق البشر مع الملائكة، وهاهم يتغنون بمعرفة الله، فرحاً افرحوا بالرب لأنه ألبسني ثياب الخلاص" يقول البابا أثناسيوس: "الآن يا أحبائي قد سحق الشيطان ذاك الطاغية الذي هو ضد العالم كله، لا يعود يملك، بل يتسلط الحياة عوض الموت،إذ يقول المسيح انا هو الحياة، ابطل الموت ..تهدمت مملكة الشيطان .. وهوذا الكل فرحاً" بالرغم من ضعفنا والأمور المحيطة بنا، ولكن لنا مسيح غافر خطايانا وفاتح أحضانه دايماً، يعطي الأنتصار حتي لهؤلاء الذين صارت حياتهم فتيلة مدخنه لا يقصفها، بل يأتي ويعين هذا الضعيف ويغفر للذي حمل أثماً أمامه. كلما تشعر أنك ضعيف أفتح الكتاب المقدس وأمسك في وعوده. يقول الأنبا أنطونيوس لأولاده: "ذاك الروح الناري الذي قبلته اقبلوه أنتم أيضاً" روح يستطيع أن يغلب فيك. يقول أبو مقار: "النفس إذ كان لها أمانة في شركة الروح القدس فأن نار الروح القدس ونوره يحصنها ضد آي ضرر" ، "قفوا علي أرجلكم اطلبوا اصرخوا كمجروحين جرحاً مميتاً" بقول ذهبي الفم: "أنه يجول طالباً سبباً لخلاصنا ولو دمعة بسيطه نسكبها يسرع يأخذها سبباً لخلاصنا"حينما خلقنا لم يخلقنا للموت أو السقوط أو الشيطان إنما خلقنا أن نكون له وبه وفيه نحيا. لإلهنا كل مجد وكرامة إلي الأبد أمين القمص أنجيلوس جرجس كاهن كنيسة أبي سرجة مصر القديمة
المزيد
29 مايو 2022

السيد المسيح هو الطريق

إنجيل هذا اليوم يتكلم عن السيد المسيح أنه هو الطريق، قبل المسيح كانت البشرية مشوشة، من يقرأ تاريخ العالم يجد أن الإنسانية كانت فاقده الطريق، لم يكن هناك رؤية للحياة، وظهرت الفلسفة الأبيقورية "نأكل ونشرب لأننا غداً نموت"، و الفلسفة العبثية، والوجودية التي تنادي بأن ما هو موجود فقط هو ما نلمسه، حتي أن أحد الفلاسفه قال أن لم تكن هناك حياة الأخري فالحياة علي الأرض أكذوبة، في سفر أيوب يقول: "إذا مات الرجل هل يحيا؟" وسليمان الحكيم يقول: "باطل الأباطيل الكل باطل ولا منفعة تحت الشمس" لأنه ليس هناك طريق.القدماء المصريين أيقنوا أن هناك خلود بعد الموت فقاموا بتحنيط الجسد." خلق الأبدية في داخلهم" لأننا الخليقة التي تدرك وجودها.كان الصدام الدامي حينما مات لعازر "لعازر حبيبنا قد مات" ولكن المسيح قال لهم: "أنا هو القيامة والحق والحياة من آمن بي ولو مات فسيحيا" في معتقلات روسيا كان هناك نوعين من المعتقلين: المجرمين الأشد إجراماً والمسيحين المصرين علي إيمانهم، وكان هناك كاهن وشاب مجرم اعتاد أن يسرق أكل الكاهن، فسأله الشاب: لماذا لا يثور علي سرقة أكلك؟ فرد الكاهن: لأني أعرف السارق، لم أتكلم لأني أحبك، وكانت هذه أول مره يسمع فيها الشاب أن أحد يحبه، أحبك لأنني مسيحي أجاب الكاهن، وبدأ الشاب يسأله عن المسيحيه، والكاهن يجيب حتي جاء إلي أن المسيح مات لأجلك، وهنا اعترض الشاب: استحاله احد يموت من أجل آخر. وذات يوم كادت كومه من الأحشاب تسقط علي الشاب أثناء العمل في المعتقل فأنقذه الكاهن وسقطت الأخشاب علي الكاهن بدل الشاب، وهو يحتضر سأله: لماذا فعلت لك؟ فقال: فعلت كما فعل سيدي، فيجب عليك أن تؤمن كما مت أنا بدل منك، هكذا فعل السيد المسيح مات لأجلي ولأجلك، فآمن الشاب بالمسيح الذي مات وقام ايضاً من الأموات.جبرييل مارسيل فيلسوف مسيحي يقول: "لا أعرف بماذا أحيا؟ أو لماذا أحيا؟ ولكني متأكد أن حياتي تتجاوز الأرض وتصل إلي ما لا نهاية".إن لم تدرك أن المسيح هو الطريق الوحيد للأبدية، يصبح إيمانك ناقص، 1كو15 " إن لم يقم المسيح تكون كرازتنا باطلة" مع المسيح تتحول الحياة من مجرد واقع بيولوجي إلي حياة أبدية، من مجرد فعل مادي بسيط إلي فعل روحي أبدي، في مثل الأبن الضال يقول: "رجع إلي نفسه" إلي جوهره.ما الذي جعل الأنبا بولا يحتمل سبعين سنة وحده وجهاد وألم، لأنه كان يري المسيح ويستمتع بالعشرة معه.أحد المعتقلين كان في حبس إنفرادي 35 عاماً وحينما سألوه: كيف أحتملت، أجاب: كان حضور المسيح يعزيني.وجود المسيح في حياتنا هو الطريق والحياة، كل من لا يعرف المسيح ينظر للحياة أنها مشكلة وأنها ثقل، يقول ألبير كامي فيلسوف ملحد " سم الامعقول مدسوس في قلب الإنسان"، بينما تولستوي كاتب مسيحي يقول: "ما أمتع الحياة بين القلوب التي تحب ولكن أين الحب؟ الحب هو المسيح".لأبد أن تدرك أن "الإيمان هو الإيقان بأمور لا تري والثقة بما يرجي" أن نعبر من أيماننا التي فيها صعاب والآم وضيقات إلي أبدية.حينما صرخ التلاميذ المعذبين من البحر الهائج أجابهم المسيح: "أنا هو"، فمن يجد المسيح لا يمكن أبداً أن يشعر بيأس.يقول القديس أغريغوريوس النزينزي: "الخلق لا يزال جاري بالنسبه لنا وسيظل إلي الأبد، لاننا نحن ننال أنفسنا في كل لحظة من الله" في كل لحظه يُخلق فينا شئ جديد من الله، أن استطعت أن تري المسيح لا تخاف شئ، "هم غلبوه بدم الخروف وبكلمة شهادتهم ولم يحبوا حياتهم حتي الموت"يقول له اغسطينوس: "أيها الجمال الفائق في القدم أين كنت حينما كنت ابحث عنك، كنت في داخلي أعمق من أعماقي وأعلي من علوي" " ستظل نفوسنا قلقه حتي تجد راحتها فيك" كل واحد يسأل نفسه هل المسيح هو الطريق في حياتي كلها، هو الصورة التي تظهر حينما اختفي أنا.لإلهنا كل مجد وكرامة إلي الأبد أمين القمص أنجيلوس جرجس كاهن كنيسة أبي سرجة مصر القديمة
المزيد
22 مايو 2022

مفاعيل القيامة الجديدة

تتكلم الكنيسة اليوم عن مفاعيل القيامة الجديدة، التي بها نعيش بين عمل ربنا يسوع المسيح للمصالحة، التي قدمها علي الصليب كي نتصالح مع السماء، وبين المرحلة التي يأتي المسيح وتبدأ الحياة الأبدية. اليوم المسيح يقول إن كان هو النور، فنحن يجب علينا أن نكون أبناء النور، ويقول أمر محدد "سيروا في النور مادام لكم النور لئلا يدرككم الظلام"، السير في النور هو السير حسب تدبيرربنا للبشرية، لم يخلقنا ظلمة، ولا كائنات ترابية تفني، ولكنه خلقنا نشبهه بتدبير ملامح إبنه ربنا يسوع المسيح.النور ليس مجرد مواقف، أحياناً نظن أننا نصنع الخير في مواقف معينة وهذا كفي، أو نصلي في أوقات معينه، ولكن المسيح الذي فينا كائن في داخلنا نتحد به في الأفخارستيا فنخرج في حالة إتحاد كامل، نراه في كل وقت فنعكس نوره، لذلك الحياة مع المسيح ليست مجرد مواقف، نضع رقعة جديدة علي ثوب قديم، السلوك كله عالم، ولنريح ضمائرنا نضع مزامير وصلاة، لكن النور ليس من الداخل، النور مجرد بعض الملامح ولكن المسيح ليس فينا.حينما تقابل المسيح مع الشاب الغني ـ كان يمتلك حالة من حالات الروحانية العاليةـ ركض وسجد للمسيح ، ثم صرح عما في داخله: ماذا أفعل لأرث الحياة الأبدية؟ فنظر إليه المسيح ووجده لا يريد أن يتغير، لا يريد أن يعيش كاملاً، هو لا يريد النور يريد فقط ذاته، فقال له: أذهب وبع كل أملاكك وتعال أتبعني، فمضي حزيناً ولم يطلب من المسيح القوة كما فعل التلاميذ، وهذا دليل أن الأموال كانت هي ذاته، لا يستطيع أن يتنازل، وكان تعليق المسيح " دخول جمل من ثقب إبرة أيسر من دخول غني ملكوت السموات" ويقول ذهبي الفم: غني متكل علي أمواله، القضية ليست في المال، ولكن ما هي قيمتك.أتريد أن تعيش بنور المسيح أم بنور الأخرين؟ أتريد أن تكون كاملاً؟ وأحياناً تكون الإجابة بلا، لا أريد أن أكون كامل، أريد خليط بين العالم والمسيح وذاتي، ولكن لا أريد أن أخضع ذاتي كاملاً للمسيح، لأني لا أزال متمسك بالعتيق، لا أريد أن تختفي ملامحي كاملاً فيأتي المسيح لينير الطريق، لذلك أن اردت أن تكون إبن للنور يجب أن تترك الظلمة كاملاً.ما جعل إبراهيم أبو الأباء يحمل هذه القيمة العظيمة في العشرة مع الله، أنه ترك كل شئ، مارمتي ترك كل شئ وتبعه، لذلك أن اردت أن تكون مسيحياً فاقبل المسيح، وقبول المسيح معناه أن يومك وقراراتك ومشاعرك وعقلك وأفكارك كلها للمسيح " أن كنتم تحبونني فأحفظوا وصاياي" فآي وصية له هي نور.وأن كان الطريق صعب ولكنه لا يتركنا "أنا أطلب من الاب ليعطيكم معزياً يمكث معكم، روح الحق الذي لا يستطيع العالم أن يقبله ولا يراه ولا يعرفه"، الأمور ليست مجرد جهاد فردي، روح الله سيرشدك ويقودك إلي أماكن فيها عزاء وفرح، لذلك كل الذين لم يستطيعوا أن يحيوا مع المسيح هم الذين لم يحبوه، ولم يستطيعوا أن يحملوا النور في داخلهم، كانت لهم حسابات أخري غير المسيح. يقول باسكال فيلسوف مسيحي: "أني أحافظ علي شمعة حبي متقدة لله، لأنه إذا أنطفأت شمعتي فمن الذي يذيب الثلوج التي في داخلي"النور الذي فينا هو منه، لو لم نأخذه سنكون ظلمة، لذلك المعمودية هي خلع العتيق ولبس الجديد، هي النور الذي نأخذه، "لأن الناس أحبوا الظلمة أكثر من النور" أن أردت أن تكون مسيحياً فليكن المسيح هو الحياة هو الطريق هو الحق.لإلهنا كل مجد وكرامة إلي الأبد أمين القمص أنجيلوس جرجس كاهن كنيسة أبي سرجة مصر القديمة
المزيد
15 مايو 2022

صورة الحياة الجديدة بالمسيح

الكنيسة في هذه الفترة بتقدم صورة الحياة الجديدة بالمسيح، مثل الشعب الذي عبر من العبودية إلي الحرية وفي البرية هذا الشعب يجد الحياة فقط في الله، الذين انطلقوا معه بالإيمان وهذا هو الأحد الأول،وهو الذي اعطاهم المن في البرية ..الأحد الثاني، ثم الذي أعطاهم الماء من الصخرة..وهذا هو الأحد الثالث، لذلك اليوم هو أنجيل السامرية، المسيح هو ماء الحياة، السامرية كانت شخصية غير مستقرة إجتماعياً ولا نفسياً ولا دينياً..من يصدق شخصية مثلها لها نصيب مع المسيح، وجود المسيح يغير كل شئ ويعطي حياة جديدة، ليس فقط لكي نخرج من حالة العبودية والخصام والخطية، ولكننا أيضاً نستمتع بوجود المسيح فينا. أحياناً كثيرة نظن أن الحياة الروحية أنها طريق صعب وصلوات وأصوام وجهاد، ولكن بها تعزية، مقابلة المسيح مفرحة، المسيح يغير كل شئ ويعطي عمق لكل شئ، حتي أن كل من يحمل صليباً، ولكن تحت الصليب يوجد أيضاً مسيح يفرح ايضاً، "خرجوا فرحين لأنهم حسبوا مستأهلين أن يتألموا من أجل أسمه" ويقول القديس إيسيذيروس: "صرنا نستعذب الألم لأجلك" . "الذي يحبني يحبه أبي وإليه نأتي وعنده نصنع منزلاً" وجود المسيح ليس وجود عابر، في العهد القديم كانت كل أشتياقتهم الأقتراب من قدس الأقداس، في مز 41 "إذ قيل لي كل يوم أين إلهك" "كما يشتاق الأيل إلي جداول المياة هكذا تشتاق نفسي إليك يا الله"، مجرد اشتياقات روحية ولكن كان هناك حجاباً ثقيلاً بين البشرية والله، والآن نحن نستمتع بوجوده الفعلي "نحن ناظرين وجه الرب كما في مرآة نتغير إلي تلك الصورة" نأخذ مجداً جديداً، صارت البشرية بالمسيح بعد القيامة ليست فقط تقترب من الله ولكن صارت مسكناً أيضاً لله. موسي النبي بعظم قدرة كل ما كان يشتاق إليه أن يري وجهه "ارني وجهك" فرد عليه االله "من يراني ويعيش"، أما نحن وبرغم ضعفنا وحقارتنا ولا نحمل طبيعة مجاهدة ولكن صار لنا في العهد الجديد لا أن نرآه فقط ولكن أن نتحد به"، " الكلمة صار جسداً وحل بيننا ورأينا مجده مثل مجد ابن وحيد"، بالتجسد أصبح لنا إمكانية الرؤيا، وبالقيامة أصبح لنا إمكانية الوجود الدائم في الأبدية، وبحلول الروح القدس أصبح لنا إمكانية الشركة الفعالة في أسرار إتحادنا به. وجود المسيح في حياتنا يجب أن يغير كياننا، ويغير طبعتنا، يجب أن نحيا ليس مثل باقي العالم "نأكل ونشرب لأننا غداً نموت"، الحياة مع المسيح هي رؤية دائمة له، يقول مار أسحق: "هذه النعمة يؤهل لها الأنسان بقدر ما يستطيع العتيق أن يتعري" . البشرية كان عندها أشتياقات ولكن لا تمتلك الأمكانية، أخاف أن نكون نمتلك الأمكانية ولكننا فاقدين الأشتياقات، تقول له عذراء النشيد "أخبرني يا من تحبه نفسي أين ترعي أين تربض عند الظهيرة"، ولكننا نحن الآن نعرف اين يربض، أن الصليب هو مكان لقائنا المحبوب ونعرف أن الذبيحة والمذبح يعطينا حياة أبدية وخلوداً، ولكن كثيراً ما نفقد الأشتياق إليه، نفقد هذه الروح التي كانت تتكلم بها العروس وتقول "أني مريضة حباً"، أننا نحبه ولكن إلي آي حد، نسعي خلفه كي نراه فقط..كي يصنع لنا معجزة..كي يحقق لنا رغبة، أم نسعي إليه لأننا نحبه حتي وأن كنا نتألم أو متعبين في العالم.إذا لم ترآه فهذا معناه أن حواسك منغلقة ولم تشعر بوجودك معه. الملحدين الذين رفضوا الله وصلوا لحالة أكتئاب، يقول سارتر: ""وجود هذا الإله يلغي وجودي لذلك لا أرديه" أما هؤلاء البسطاء الذين صاروا خلفه تاركين كل شئ، شاعرين وكأنهم في السماء، يُقال عن الأنبا أنطونيوس أن وجهه كان بشوشاً حتي أن أحد تلاميذه يدعي الأنبا مرقس لم يفتح فاه طوال الليل، وحينما سأله الأنبا أنطونيوس لماذا لم تسأل أجاب" كان يكفيني أن أنظر إلي وجهك يا أبي" . إن أردت أن تحيا أبحث عن المسيح بكل أشتياق، لأنه هو يريدك أيضاً، هو مات لأجلك لا فقط لكي يخلصك ولكن لتكن لك معه شركة حياة.لإلهنا كل مجد وكرامة إلي الأبد أمين القمص أنجيلوس جرجس كاهن كنيسة أبي سرجة مصر القديمة
المزيد
08 مايو 2022

الشعب السائر... من الأرض للسماء

اليوم هو الأحد الثاني من الخماسين المقدسة، والكنيسة في الفترة بين الخماسين وحلول الروح القدس وضعت فيها تعليم خاص جداً، الشعب السائر من الأرض للسماء والمهاجر من الحياة الأرضية للحياة السماوية والذي ترك كل ما هو في العبودية ويذهب لما هو حرية، له نفس صورة العهد القديم الشعب الذي خرج من أرض مصر ودخل أرض الموعد، وأن كان العهد القديم له شكل الرمز ولكن يأتي السيد المسيح الذي حقق النبوة وفتح آفاق الحياة الحقيقية يكشف لنا عن تلك الأمور التي كنا نظن أنها أمور حياتية، كنا نظن أن المن النازل من السماء فقط ليأكل الشعب، وأن الحية النحاسية هي مجرد للشفاء، وأن عبور البحر الأحمر فقط لكي ينقذ الشعب من فرعون ولكن بعد مجئ السيد المسيح تلك الأمور كانت لها أعماق أخري، وكانت لها آفاق يعيش فيها الشعب في ظل الرمز إلي أن يأتي الحقيقة ليُستعلن الرمز حياً ، لذلك كان هذا الشعب مطالب في البداية أن يُعلن إيمان قوي وتمسك بوجود ربنا في وسطه، وأبتدأت الكنيسة تخبرنا أن ما بعد القيامة يجب أن يكون الأيمان بالمسيح هوالمدخل لكل النعم ولكل الأسرار الحقيقية التي نعيش فيها. ـ تلمذي عمواس كانوا سيفقدوا وجودهم الأبدي حينما فقدوا الإيمان. ـ توما كان سيفقد وجوده كتلميذ حينما فقد إيمانه. يقول ماريوحنا: " أنه دخل والأبواب مغلقة" وهي تلك المداخل النفسية والعقلية التي لا نري فيها وجوده إلا بالأيمان، فحينما يدخل المسيح تنفتح تلك الأبواب وتنفتح آفاق الإيمان الداخلية. ـ الأسبوع الأول يتكلم عن أن الإيمان هو مدخل الحياة الجديدة، حينما فقد شعب بني إسرائيل الإيمان فقدوا التمتع بوجود الله، هؤلاء الذين كانوا يروا يومياً عمود السحاب والنار والمن ولكنهم لو يستطيعوا أن يروا الله في وسطهم لأن عيونهم كانت مغلقة. الإيمان يدخلنا إلي مفاعيل القيامة "أن آمنت ترين مجد الله" ، "طوبي لمن آمن ولم يري" فالإيمان يدخل الإنسان إلي تلك الحالة الجديدة التي يستطيع أن يري الله حقيقة، لا يظن أحد أن الإيمان يُعطي لشخص ولا يُعطي لآخر. يقول لتلمذي عمواس: "ايها الغبيان والبطئ الفهم" معني هذا أن الأمور واضحه "إن سمعتم صوته فلا تقسوا قلوبكم" الصوت مُعلن ، إن لم تؤمن بالكتاب المقدس آمن بما صنعه عبر التاريخ، إن لم تؤمن بتلك الكلمات آمن بقوتها، كيف غيرت أشراراً، وفلاسفه غير مؤمنين. قال السيد المسيح: "أنا هو القيامة والحق والحياة" الحق هنا هو الأعلان الشخصي، الحق هو الأستعلان الداخلي، وحينما يُعلن المسيح ذاته في نفوسنا يجب أن يكون هناك ردود حياتية منا، مارتوما بعد إعلان القيامة سجد وقال: ربي وإلهي وخرج يكرز بتلك الحالة الجديدة التي تلامس بها، وتلميذي عمواس خرجوا للعالم كله وكرزوا بالمسيح القائم من الأموات، والمجدلية خرجت كارزة، قد تكون أنت غير مطالب أن تخرج كارز للكلمة ولكن مطالب أن تكرز بالحق بوجودك وكلامك، مطالب أن تقيم الحق لمن حولك في عملك أو دراستك. ـ كما لم يجد الشعب الخارج من أرض مصر إمكانية الحياة إلا في المن النازل من السماء كذلك نحن الخارجين من حالة الموت بالقيامة يكون طعامنا الحقيقي هو "الأفخارستيا" الشعب خرج من رحم الموت (ضربة الأبكار) ثم عبر البحر الأحمر نزل في جوف البحر ثم خرج، نفس فكرة المعمودية "نحن الذين اعتمدنا بموته" نخرج نحن القائمين من الأموات مع المسيح لنا طعام حقيقي مثلما قال مار أغناطيوس: "أن الأفخارستيا هي التي تعطينا الخلود" "من يأكل جسدي ويشرب دمي يحيا إلي الأبد" كلماته ليست كلمات تأملية ولكن كل كلمة تخرج من فم الله هي روح وحياة، وهي تحمل قوة تعادل قوة الخلق، بهذا الفم المبارك قال: "ليكن نور فكان نور" وبنفس الفم وبتلك القوة الخالقة يقول: "من يأكلني يحيا بي" فمن يأكل المسيح يحيا إلي الأبد، لآن كل مرة تأكلون من هذا الخبز وتشربون من هذه الكأس تبشرون بموتي وتعترفون بقيامتي، الأفخارستيا ليست مجرد طعام يعطي مغفرة خطايا فقط ولكنه يغير أيضاً كيانتنا الداخلية. يقول القديس كيرلس الكبير: "الذين يتناولون الأفخارستيا بوقار وتقوي يخرجون إلي العالم كأسود تنفخ ناراً" المدخل هو الإيمان والعمق الداخلي هو قبول التغيير. نحن خارج الأفخارستيا أموات، نحمل نجاسة الخطية وقد نحمل في داخلنا أثواب كفن مائت، ثم ندخل ونقدم توبة وإيمان ورفض لوجودنا في هذا الموت ثم ندخل في عمق الحياة فندخل وكأننا قائمين من الأموات. ــ والشعب الخارج في البرية لم يكن له إمكانية آرتواء إلا حينما ضرب موسي بعصاه الصخرة، وكانت الصخرة هي المسيح وكانت العصا هي الصليب، حتي ندرك أننا نرتوي آرتوائاً جديداً "من يشرب من الماء الذي أنا اعطيه لا يعطش إلي الأبد" يقول ماريوحنا كان يتكلم عن الروح. ـ كل من طلب روح الله أخذ، هو قال: "اطلبوا تجدوا"، كيف تغير هذا الشرس العنيف "الأنبا موسي الأسود" وصار قديساً عظيماً ملقب بالقوي لآنه صار قوياً بالروح. ـ ما بعد القيامة حياة جديدة وطعام جديد وماء جديد ونور، القيامة هي حالة ما بعد الموت، وبينما القبر والجحيم ظلمة يأتي المسح ويقول: "أنا هو النور" المسيح هو طهر العالم كله، حتي جهادك وأصوامك وصلواتك إن لم تكن في المسيح تكون كلها بلا معني وإلا كان جهاد البراهمة والهنود يخلصهم، ولكننا بالمسيح نجاهد قانونياً، المسيح هو كل نور فينا وكل عمق ندخله "سيروا في النور مادام لكم النور" "سراجاً لرجلي كلامك ونوراً لسبيلي" "قوموا يا بني النور لنسبح رب القوات". ـ الأحد الخامس هو الطريق لآن في نهايته الصعود"هاأنا ذاهب لأعد لكم مكان"، وكما تبعه الشعب في البرية حتي قادهم لأرض الموعد نتبعه نحن أيضاً بكل قلوبنا "لنا ثقه يا أخوتي بدخولنا إلي الأقداس بدم يسوع المسيح طريقاً كرسه لنا" كل يوم لا ندخل في شركة الحياة مع المسيح نفقد خطوة من هذا الطريق، لأن الخطية توهان وضياع طريق ووجود، بينما المسيح مستعد أن يعيد كل شئ مرة أخري إلي حالتنا الأولي بل أفضل. ـ الأحد السادس: في نهاية الحياة ماذا تعطي عنواناً للحياة نحن المنتصرون، المسيح غلب لأجلك، المسيح هو القائم والمنتصر ويأخذنا في أحضانه لننتصر نحن أيضاً "في العالم سيكون لكم ضيق لكن ثقوا أنا قد غلبت العالم". لذلك آي إنسان يشعر بكآبه أو أنهزام أو ضعف هو لا يري المسيح، لآننا حتي لو كنا ضعفاء ولكن نحتفظ بوجوده في داخلنا يعطينا قوة، وإن كنا نسقط ونقوم ولكننا في المسيح يعطينا قوة. ـ الأحد السابع: الذي صار في هذا الطريق لأبد أن يأخذ قوة الروح القدس "الكلام الذي اقوله هو روح وحياة"، "إن كنتم قد قمتم مع المسييح فاطلبوا ما هو فوق حيث المسيح جالس". لإلهنا كل مجد وكرامة إلي الأبد أمين القمص أنجيلوس جرجس كاهن كنيسة أبي سرجة مصر القديمة
المزيد
02 يناير 2022

يوحنا المعمدان والشهادة للحق

إنجيل الأحد الرابع من شهر كيهك يتكلم عن "يوحنا المعمدان"، حسب النبوة هو " الملاك الذي يهيئ الطريق أمامه"، وكان ملاكاً لأنه يحمل بشارة الخلاص حينما جاء وظهر في أورشليم بعدما عاش في البرية لسنوات طويلة، واعلن عن المسيح إنه "حمل الله الذي يحمل خطايا العالم" ، واعلن قبل ذلك "توبوا لأنه قد اقترب منكم ملكوت السموات" كي يستقبل كل أحد عمل المسيح، ويستحق كل من هو تائب أن يدخل في شركة الحياة الجديدة.قال عنه السيد المسيح أنه "إيليا الجديد" "أتي بروح إيليا"."إيليا" هو من وقف أمام آخاب الملك، وأنبياء البعل، وكان يوحنا المعمدان له هذة الروح، آتي ليعلن لكل أحد أن المسيح قد جاء، وإعلانه للحق الإلهي حينما اراد "هيرودس أن يتزوج امرأة أخيه، وحسب الناموس لا يحل له، ولكن هيرودس تجاوز وكان هذا علانية، وتحدي كلام الله.وقد يري أحد إن ذلك مسألة شخصية، ودفاعه عن الحق جعله يستشهد، كان الحل أن يصمت صوت الحق لا أن يتوب هيرودس.يوحنا المعمدان هو الذي جاء ليعلن الحق ولم يخاف من سلطة ملك، وهو الناسك ساكن البراري، الذي لم يعيش لأجل نفسه، ولم يتلذذ بشئ في الحياة، فقد جاء طيفاً منيراً، سحابة خفيفة في زمن ضبابي، وبينما كان الكل مشغولاً بذاته وشهواته، كان هو في البراري يعيش لأجل الله..هو خادم مثالي. الخادم الذي يحيا لأجل رسالة، ولا يحيا لأجل ذاته، ولم يأتي يطلب سلطاناً، لم يفعل شيئاً سوي أنه تكلم بالحق، لم نسمع عنه أنه أخرج شياطين، أو شفي أمراض، ولكن كانت رسالته الإعلان عن المسيح ثم الشهادة للحق..وهذا هو الخادم.الخادم الحقيقي تملأ الغيرة المقدسة قلبه، يقول عنها إيليا النبي "غيرت غيرة الرب".الغيرة المقدسة لا تخص فقط الخدام، ولكن كل ما يتعلق بالحياة مع الله، يقول داود النبي: "غيرة بيتك أكلتني" فحينما يدخل أي شخص الكنيسة ويشعر أنها مُهانة بأي صورة من الصور، فتعمل الغيرة المقدسة في داخله ولا يطيق هذا التجاوز تبدأ الغيرة المقدسة من الداخل، غيرة علي قلبي وحياتي، وعلي مستوي شخصي، غار داود النبي علي نفسه وقال"إني لا ادخل إلي بيتي ولا اصعد علي فراشي ولا اعطي نوماً لعيني، ولا راحة لصدغي، ولا نعاساً لأجفاني، إلي أن أجد موضعاً للرب ومسكناً لإله يعقوب" الغيرة المقدسة هي التوبة، حينما نعيش في خطايا، و دون أن نضع للقداسة وجود في حياتنا، يأتي ذلك الصوت "اليوم تؤخذ نفسك منك، ما اعددته لمن يكون"تبدأ الغيرة المقدسة من الحياة ذاتها، كيف أعيش بهذة الصورة والمسيح مصلوب أمامي؟ كيف تُعد لي هذة المائدة ولا ادخل في شركة حقيقية معه؟ الغيرة المقدسة أيضاً علي الكنيسة والإيمان، هؤلاء الذين عاشوا تائهين في البراري، متألمين..متضايقين لأجل أنهم لم يسلموا الوديعة المقدسة، ولم يتنازلوا عن حرف من حروف الإيمان مثل البابا أثناسيوس، والقديس ديسيقورس، مار ساويروس الأنطاكي..وغيرهم كثيرين، الذين لأجل الإيمان تغربوا وأهينوا.وهناك شعب لأجل الإيمان ذُبح، 30 ألف مسيحي حينما رفضوا بطريرك دخيل آريوسي يجلس علي كرسي مارمرقس ذُبحوا... غيرة مقدسة. كيف يمكن أن نري الإيمان يُهان ونصمت ..غيرة مقدسة. كيف يمكن أن نري الكنيسة تغير من ثوبها الأبيض النقي الذي لم تلوثه بهرطقات ونصمت..غيرة مقدسة.يقول بولس الرسول لتلميذة تيموثاوس "احفظ الوديعة" وهذة الوديعة هي الإيمان.غيرة مقدسة حينما نري البشرية تذهب في طريق الموت، ويقف المسيح منتظر أن يخلص كل أحد، نغير غيرة مقدسة علي النفوس، فنخرج نكرز ونصرخ ونقدم المسيح لكل نفس مخلصاً.تصوروا أن هناك من يغير غيرة نارية لأجل أشياء تافهه، مثل من يتحمس لأجل فريق كرة، ومن يغير غيرة وطنية، كيف يعيش ووطنه مُهان، فحينما كان الأستعمار يجتاح العديد من البلاد، هناك من ثار لأجل وطنه. وهناك من يفني حياته لأجل مبدأ، أو علم. الزعيم الماركسي "لينين" ارسل خطاب لصديقه يشرح له كيف اضطهدوا من القيصر قال فيه: "نحن لا نذهب إلي السينما ولا الملاهي ولا الحفلات ولا القصور ولا نقتني سيارات فاخرة لنوفر كل ما عندنا لننشر مبادئنا، وحياتنا كلها تتجه لهدف واحد"هؤلاء لينين وستالين كانوا اسوأ من تعالموا مع الشعب الروسي، لم يصرف "ستالين" علي زوجته المريضة وماتت ولكنه صرف أمواله علي الحزب، وحاول إبنه الأنتحار نتيجة معاملة أبوه. وفي الحرب العالمية الثانية أسرت ألمانيا إبنه وطلبوا مبادلته بأسري ألمان، فرفض وقُتل إبنه أثناء هروبه. وتزوج بأخري وانتحرت. فهؤلاء الذين يتشدقون بالمبادئ، اكتشفنا أنها شئ ذاتي، يبحثوا عن مجد شخصي، لذلك دم الكثيرين في رقبة هؤلاء.امر كل من "لينين" و "ستالين" بحرق أيقونات القديسين داخل البيوت، وهدم الكنائس. فقد اذاقوا الشعب الروسي الكثير من العذابات.أما الغيرة المقدسة فهي غيرة لأجل المسيح، من يتحزب لأجل شئ معين، في هذا شئ من الذات، مردود لتحزبات معينه، وأحياناً تحزبات نفسانية مثلما قال مار يعقوب في رسالته " إن كان لكم غيرة مرة وتحزب في قلوبكم فلا تفتخروا وتكذبوا علي الحق، ليست هذة الغيرة نازلة من فوق بل هي أرضية نفسانية شيطانية"أما من يغير غيرة مقدسة يختفي لأجل المسيح، يموت لأجل الكنيسة، يقدم ذاته كي ينشر فقط النور وسط الناس. "هو مات لأجل الجميع كي يعيش الأحياء فيما بعد لا لأنفسهم بل لأجل الذي مات عنهم وقام"سيأتي للمسيح أناس يقولون له: "أليس بإسمك تنبأنا وبإسمك اخرجنا شياطين" فيقول لهم: "ابعدوا عني يا جميع فاعلي الإثم"أما الغيرة المقدسة هي غيرة إيليا وغيرة يوحنا المعندان غاروا علي الحق، وقف أمام هيرودس الملك بكل سلطانه، وحينما سُجن لم يغير كلامه، بل ذُبح لأجل كلمة الحق التي اعلنها " لا يحل لك" أن تعبث بالناموس لا يحل لك أن تعبث بكلام الله لا يحل لك أن تعبث بما اعطينا من السموات يقول بولس الرسول: "من يضعف وأنا لا أضعف، من يعثر وأنا لا ألتهب" غيرة مقدسة علي خلاص النفوس حتي وإن كان هو نفسه يحترق ويتألم غيرة مقدسة تجعلنا نسهر لأجل خلاص الأخرين، والكنيسة، يقول نحميا "قلت في ذلك الوقت للشعب ليبيت كل واحد مع غلامه في وسط أورشليم ليكونوا حراساً في الليل، وللعمل في النهار، ولم نكن أنا ولا أخوتي ولا الحراس الذين ورائي نخلع ثيابنا، وكان كل واحد يذهب بسلاحه إلي الماء" غيرة مقدسة تجعلنا نطلب أن تُبني الكنيسة حتي وإن كنا نحن نتألم ونتضايق ونتعب، لا ننظر لنفوسنا، ولكن كل ما نهتم به لأجل الله. يقول بولس الرسول: "في كل شئ نظهر أنفسنا كخدام الله في صبر كثير في شدائد في ضرورات في سجون في إضطهدات في أتعاب في أسهار في أصوام في طهارة بسلاح البر باليمين واليسار بمجد وهوان بصيت ردئ وصيت حسن"الذي يعد نفسه خادم لله قد يُهان ويتألم ويتضايق لكنه لا يهتز، لأن الذي في داخله أكثر بكثير من تلك الحروب أعلي من كرامته ومن ذاته أع 20 "الروح يشهد أنه في كل مدينة وثقاً وشدائد تنتظرني"لم يرفع بولس الرسول عينه للسماء ويطلب من المسيح أن يرفع عنه الشدائد والضيقات، لأن الشدائد تكون مكلله بالمجد أيضاً حينما نتكلم عن دماء الشهداء وعذاباتهم نتكلم أيضاًعن مجدهم، توضع بصورة منيرة في ثوب الكنيسة البراق " لست احتسب شئ ولا نفسي ثمينة عندي، حتي أتمم بفرح سعي والخدمة التي اخذتها من الرب"هذة هي روح خادم الحق، وروح من يشهد للحق..روح يوحنا المعمدان، وإيليا النبي، والأباء الرسل الغيرة المقدسة التي تنقص كثيرين حينما نري الإيمان يُهان ونصمت..كيف يكون عندنا غيرة مقدسة؟!.حينما نري الكنيسة المجيدة يحاول أحد أن يدخل فيها أفكار هرطوقية..كيف نصمت؟ الغيرة المقدسة هي محبتنا للمسيح والكنيسة الغيرة المقدسة تجعلنا نصلي لأجل كل أحد حتي أعدائنا، ونحيا في المسيح بغيرة مقدسة.لإلهنا كل مجد وكرامة لإلي الأبد أمين القمص أنجيلوس جرجس كاهن كنيسة أبي سرجة القبطية الأرثوذكسية، مصر القديمة، القاهرة
المزيد
28 ديسمبر 2021

نهايه سنة و بداية سنة جديدة

كل سنه وحضراتكم طيبين، سننهي سنه ونبدأ سنه جديده، وفي نهايه السنه بنتذكر أن العمر كله بينتهي، وأن الحياه كلها ماهي إلا أيام ،ولها صوره محدده، لم نحيا هنا علي الارض، ونحن ندرك أن الحياه علي الارض حياه بلا نهايه، نعلم كلنا أنها مرحله، مثل القطار سيأتي زمن كل منا له وقت يرحل من الارض ثم يرحل الذي يليه، ثم ينتهي كل الرحيل وتبدأ الحياه مره أخري بصوره جديده في السماء، تلك الحقيقه التي أحياناً نحاول أن نهرب منها بأن نبني لنا بيوتا ونجمل قصوراً ونكنز أموالاً، ونحاول أن نجعل في قناعتنا الشخصيه اننا سنعيش حتماً أياماً كثيره، ثم تأتي الحقيقه حينما نري أحبائنا يرحلون، وندرك أن ما نفعله يجب أن يكون في إطار ما نحياه علي الارض في إطار أنها حياه مؤقته، فيجب ان تكون الاموال ليست لآجل أن نكنز، ولا أن نجعلها هدف للحياه، ولكنها مجرد وسائل للحياه، كل ما نحياه يجب أن يوضع في مكانه الحقيقي أننا نحيا فتره مؤقته، سيأتي الزمن الذي نعبر فيه من هنا، ونقف أمام الله ويتوقف وجودنا الفعلي، لن يكون هناك فعل أو حدث، ما صنعت تحاسب وما عشته يأخذ مكانه وجودك الدائم . وفي الايام تمر بنا صعوبات وتجارب نصرخ ونتألم نجرح نسقط، وأحياناً نرفع عيوننا إلي السماء ونقول له يارب لماذا، وأحياناً تفقد الرجاء وأحياناً نشعر أنه تركنا لمخالب الشرير أن يعبث بنا، وأننا صرنا بلا حمايه منه ولا ندرك أن لكل شئ تدبير حتي الألم له تدبير، حتي التجارب لها تدبير، إن كنا نؤمن أنه ضابط الكل ، يجب أن نؤمن أنه لا يوجد شئ خارج سلطانه حتي تحركات الاشرار لا يمكن أبداً أن تكون خارج سلطانه. نحن نقيس عمل ربنا بمقاييس بشريه، نري فقط اليوم ولا نري الغد، ولكن الله يري الغد، ونقيسها بمقاييس ذاتيه لا نري سوي مصالحنا الشخصيه، لكن هو يري تدبير كل الصوره لاجل الخير الدائم بل قد يكون لآجل خلاص نفوسنا الابدي، وقد يكون أيضاً تدبير مجد في السماء حينما يسمح بمرض او ألم او ضيق يجب أن ندرك أن كل ما يفعله من أجلنا هو خير، أحيانا نقيسها بعقلنا المحدود جداً، من كان يظن أن الشعب بعد العمل العظيم جداً بعبور البحر الاحمر أنه يشق طريق أمامهم في البحرويعبروا، إذاً يجب أن نثق أن يديه معهم، برؤيتنا البشريه القاصره نظن أنهم لن يجوعوا أو يعطشوا ولا يواجهوا آي مشكله، ثم نجد أن الشعب يجوع ويعطش ، من ليس له إيمان ومن لهم رؤيه ماديه وأن وجودهم في مصر أفضل سقطوا ورفضوا الحياه مع ربنا، وتذمروا علي موسي النبي، أما ربنا فكان نتيجه هذا الاحتياج كان يخرج منه عمله المعجزي، فتضاف إلي تاريخ هذا الشعب وجود ربنا. تذكر السنه الماضيه بما فيها من ضيقات ولكن يد ربنا كانت واضحه معك، هل تريد حياه تسير بلا مصاعب وبلا عمل ربنا، أم تريد حياه تواجه فيها مصاعب وتأخذ عشره مع الله، مثل الطالب الذي لا يريد أن يجتاز الامتحان ولكنه أيضاً لن يأخذ شهاده. القضيه ليست فقط أن الله يظهر مجده ولكن بظهور مجده في حياتك، فوق في السماء يكتب في حياتك تلك الامور، حينما تفتح الاسفار ونقف أمام العرش الالهي ماذا يوجد فيه مكتوب هل فقط أمور ماديه ، يُكتب أنه سمح بتجربه وربنا في حياتك، لان ما يُكتب هو وجود ربنا في حياتك. تخيلوا ماذا كان سيكتب لو أن الشعب خرج من مصر دخل أرض الموعد، شعب عبر وعاش فقط، حتي اليوم ما يقرب من أربعه الآف سنه نتذكر أن الله ظهر لهذا الشعب في البريه، وانه انزل لهم من وسلوي، واخرج لهم ماء من صخره، من عمق الالم، من العطش اخرج لهم ماء، ومن الجوع اعطاهم المن والسلوي، من عمق الصرخات واجهوا شعب مثل شعب عماليق وانتصروا، تريد حياتك تمر بدون حروب ولا آلام وبدون يد ربنا، ولا الاحلي أن نواجه هذا ونري أيضا يد ربنا، نحن نشك في حب ربنا وفي عنايته ماذا يمكنك أن تري حباً اكثر أنه يأتي ويتجسد لكي يصلب، من أجل السرور الموضوع أمامه استهان بموت الصليب . الله لا يجد عليه جديد هو يرانا فوق الزمن ويدرك أن دمه سيخلصنا، "هوذا السيد يعطيكم نفسه آيه" " قولوا لابنه صهيون هوذا ملكك يأتيك وديعاً راكباً علي آتان وجحش ابن آتان " ياتي لكي يصلب. الذي يضع أمامه دائماً المسيح لا يمكن ابداً أن يحزن، مهما أن كانت الامور صعبه، مهما أن كنا نواجه تجارب، مهما كان إبليس يأخذ لحين سلطان، مهما كان الشر يأخذ لحين مساحه، ندرك أنه معنا أيضاً وسط الضيق، يقول له داود النبي في أحلك ظروف حياته وفي هروبه من شاول الملك، في هذه الفتره قال كلام عميق جداً " الرب نوري وخلاصي ممن أخاف الرب ناصر حياتي ممن أجزع عند اقتراب الاشرار ليأكلوا لحمي، مضايقي واعدائي سقطوا أن يحاربني جيش لن يخاف قلبي إن قام علي قتال ففي هذا أنا مطمئن" " الرب راعي فلا يعوزني شئ" عبر زمن الضيق واصبح هو الملك. لذلك في كل مره تواجه ضيقات ارتمي في حضن المسيح، قل له أنا في حضنك مطمئن ولا اشعر ابدا أنه يوجد سلطان علي طالما أنا في حضنه، الذي اخلي ذاته لاجلك وصلب ألا يعطيك كل شئ ؟. 2كو9.8 " من أجلكم افتقر وهو غني لكي تستغنوا أنتم بفقره" مشكلتنا أن أعيننا لا تستطيع أن تراه جيداً ، الذي يري الحواس مدربه لا يخاف ولا يقلق بل يستقبل كل شئ بشكر وفرح، تقلق حينما لا تجد المسيح موجود في السفينه، مثل التلاميذ في وجود المسيح وكانوا خائفين فقال له " أين إيمانكم أنا هو لا تخافوا" " هذه هي الحياه الابديه أن يعرفوك" " المسيح هو هو أمس واليوم وإلي الابد" " الله مسحني لابشر المساكين لاشفي منكسري القلوب لانادي المأسورين بالاطلاق والعمي بالبصر" الذي فتح احضانه لشخص عاش طول حياته لص ولكنه علي الصليب قال له اذكرني متي جئت في ملكوتك، قال له اليوم تكون معي في الفردوس، لن يغلق أحضانه مهما أن كانت حياتنا حينما نذهب إليه" عاملا الصلح بدم صليبه" بينما نحن في حاله عداوه هو جاء يصالحنا بدمه بذبيحه ذاته، لذلك كل الذين عرفوا جيداً كانوا فرحين " فرحين في الضيق"، ماربطرس يسجن ويضرب ويضطهد وفي النهايه يموت منكس الرأس، ماربولس كان له سلطان وعنفوان ويضطهد كان مفترياً، بعدما صار مسيحياً ضُرب وعذُب ، بينما كان مسجون في فيلبي قال " افرحوا في الرب كل حين" لان وجود المسيح كان يعزيه، حتي وأن كان هناك تجارب، " سلمنا فصرنا نُحمل" " افرحوا كل حين واقول ايضاً افرحوا" هل تثق فيه أم لا؟ كل الذين يسقطوا في كآبه وضيق هم الذين ليس عندهم إيمان " طيب هو الرب للذين يترجونه النفس التي تطلبه" أنت محبوب عنده يجب أن تثق في ذلك. لذلك في كل تجربه من تجارب أولاد الله تجد كذلك يد تسنده، وجوده يعزي، بينما التجارب مؤلمه لكن وجوده مفرح. هل تفضل أن لا يكون هناك تجارب ولكن يختفي هو من المشهد، وقت التجارب هو يكون اكثر قرباً، مثل الأب الذي حينما يكون ابنه مريض يحمله علي كتفه. " أليست خمسه عصافير تباع بفلسين واحداً منها ليس منسياً عنده أنتم افضل من عصافير كثيره" " أنا هو الراعي الصالح والراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف" " ملقين كل همكم عليه لانه هو يعتني بكم. يا عزيزي ونحن نستقبل عام جديد افرح مهما كان، افرح بربنا الذي سمح بسنه جديده، الذي سمح بمذبح تصلي وتأخذه وتتحد به، أنك تقف وتصلي أمامه، افرح أنك في آخر الليل تضع رأسك علي ركبتيه وتستشعر وجوده وأحضانه. لآلهنا كل مجد وكرامه إلي الابد أمين القمص أنجيلوس جرجس كاهن كنيسة أبي سرجة مصر القديمة
المزيد
26 ديسمبر 2021

عمل الله فى خلاص البشرية

اليوم هو الاحد الثاني من كيهك، وفي شهر كيهك بنحتفل بإستعداد وصوره التجسد الذي من خلاله أفتقد الله العالم بعد أزمنه الظلام والجهل، وبعد حاله الإنفصال عنه في الفردوس، والخروج من دائره التدبير الإلهي والشبع، وبينما العالم مظلم وبينما البشريه كلها تئن تحت عبوديه إبليس، افتقد الله الإنسانيه بإنه اظهر لها إمكانيه الرجوع والخلاص، وعمل ربنا يسوع المسيح في خلاص البشريه ليس في فكره تمت في سنين قليله، ولكنها تمت في الآف السنين، وأخذ من الله تدبير وعمل ضخم جداً، بدايه من تدبير الإنسانيه ما قبل العهد القديم، ثم فساد البشريه اكثر، ثم إحتياجهم لشخص معين يحمل كلمه الله ويقول لهم كيف يرجعوا وكان هذا هو موسي النبي، ثم الآف السنين مره أخري بأنبياء ورموز وطقوس، ولكن لم تدرك البشريه أن الخلاص حقيقه ملموسه إلا حينما جاء السيد المسيح، وكانت كل النبوات مرتبطه بإنه سيأتي ملك ليخلص، ولكن كيف يأتي هذا الملك وبأي صوره، كانت النبوات بتقول بعض الملامح، ولكن البشريه لم تكن قادره علي الإدراك، حتي هذا الزمن جاء الملاك وبشر العذراء أنها هي المختاره وسيكون منها عمل التجسد، ولا يظن أحد أن هذا الاختيار سيكون عشوائي، بعض الافكار الغير ارثوذكسيه تقول: أن العذراء مثلها مثل باقي الفتيات، كان ممكن أن يتجسد من اي فتاه، هذا ليقللوا من شأن العذراء، وينزلوا فكره القداسه من صوره شخصيه لصوره متاحه، آي احد يمكن أن يكون مثل العذراء. الحقيقه أن العذراء شخصيه فريده جداً، قال لها الملاك:" قد وجدت نعمه"، وحينما يجد شخص نعمه، إذاً هذا ليس إختياراً عشوائياً " وجد نعمه"، فإختيار العذراء كان إختيار دقيق جداً منذ أن بشر والدها يواقيم، ثم نذرها إلي الهيكل، فتربت تلك الطفله والصبيه والفتاه في هيكل، وكان يمكن أن يعمل الفساد فيها، وكان يمكن أنها تنظر إلي خارج الهيكل وتتساءل لماذا لا أحيا مثل باقي الفتيات؟، وحينما جاء وقت خروجه من الهيكل قالت جملتين كانت تريد أن تظل بتولاً أيضاً، فهي عاشت في حاله من حالات القداسه المبكره جداً، وقدمت حياتها لربنا وهي طفله، ثم ادركت وكبرت، وكان الثبات في الوجود الإلهي قوي، والذي يثبت ذلك هو طريقتها في الكلام، وردود أفعالها في أنها صارت خادمه لاليصابات بعد أن عرفت أنها ستصير اماً للإله المتجسد، ملامح شخصيتها كانت واضحه أنها تحمل عمقاً كبيراً، حينما جاء الملاك وقال لها :" مباركه أنت في النساء" . كانت كل نساء اليهوديه تدرك أنه ستأتي تلك العذراء التي منها سيأتي منها الإله المتجسد، في نبوه اشعياء 14.7" هوذا العذراء تحبل وتلد ابناً ويدعي اسمه عمانوئيل الله معنا"، وفي 16.9 " يولد لنا ولد يُعطي ابناً إلهاً قديراً" وهم كانوا يحفظون هذه النبوات كلها، وكانوا يذكروا أن تحقيقها سيتم بصوره إعجازيه، ثم اظهر لنا الكتاب أنها حينما رآت الملاك خافت واضطربت من هذا الكلام، الاضطراب هنا ليس معناه خوف رعب، ولكن معناه حاله من حالات عدم الادراك، " ما عسي أن يكون هذا الكلام" هل تحقيقاً للنبوات صرت أنا المختاره، فقال لها الملاك:" لا تخافي يا مريم لانك وجدت نعمه عند الله، هاأنت ستحبيلين وتلدين أبناً وتدعي اسمع عمانوئيل. لماذا لم يكن هناك تهيئه للموضوع؟ لماذا لم يذكرها الملاك بالنبوات؟ لآن الله يدرك تماماً اعماق العذراء وأنها تحفظ النبوات تماماً، انها تفهم القصه كلها، وترتيب كل الاحداث الخلاصيه في ذهنها، يتضح ذلك من خلال التسبحه التي قالتها، كلام لآهوتي عميق، يحمل إشتياقات كل العهد القديم. وكل كلمه من كلمات الملاك لها نبوه في العهد القديم. "تدعي اسمه يسوع": يسوع تعني المخلص. "ابن العلي يُدعي" :ابن الله معناها ابن الله المتجسد. "يعطيه الله كرسي داود ابيه": لآن كانت النبوه معناها أنه سيملك علي الملكوت المعد من الله، ولكن هذا المُلك لم يكن مثل مُلك داود النبي او باقي الملوك .. مُلك ارضي، فكان لابد أن يقول:" فلا يكون لملكه نهايه" أي غير محدود الملكوت ولا زمانياً ولا مكانياً. أما العذراء فكانت لابد أن تسأل سؤال مهم... كيف يحدث هذا؟ حتي في كل تفسيرات اليهود كانوا يقفوا أمام تفسير هذه الآيه " هوذا العذراء تحبل وتلد ابناً" كيف يمكن لعذراء أن تحبل، فقالت للملاك كيف يكون لي هذا وأنا لست اعرف رجلاً؟؟ وهذه الآيه دليل علي دوام بتوليه العذراء، لو أنها كانت تتكلم علي أنها يمكن أن تتزوج وتنجب لم يكن السؤال كيف يكون هذا وأنا لست اعرف رجلاً؟ الاجابه المنطقيه علي هذا السؤال أنها تتزوج، ولكن الملاك قال لها:" ها أنت تحبلين" سيتم هذا، لكن حينما تكون العذراء ندرت بتوليتها فسؤالها هو ليس بمتي ولكن بكيف. لذلك لماذا نؤكد علي دوام بتوليه العذراء؟ لاثبات أن المتجسد تجسد دون زرع بشر، مثلما قال في سفر نشيد الانشاد" أنها ينبوع مختوم ومغلق" ، وكان كلام الملاك لها أن هذا سيتم بفعل الروح القدس، " الروح القدس يحل عليك وقوه العلي تظللك" معناها أنها منذ الآن ستصير سماء، " ولذلك المولود منك يدعي ابن الله" لذلك: معناها أن هذا الطفل الذي في أحشائك لن ينسب إلي أب بشري، لذلك حينما قال السيد المسيح أن ابوه هو الاب السماوي، كانوا سيرجموه،" لانك وانت إنسان جعلت نفسك معادلاً لله " أنك طبيعه إلهيه، لذلك لفظ ابن الله لا يعني التناسل ولكن يعني الولاده، التناسل: هو زواج بشري ثم يُنجب ابن، أما الولاده ليست بالضروره أن تكون من تناسل، فولاده الكلمه من العقل ليس تناسل، وولاده الكيان المعنوي ليس تناسل، حينما اقول أنا ابن مصر، إذاً ولاده الابن من الآب ولاده لآهوتيه، حينما نتكلم عن الآمور الآهوتيه، لابد أن نتجرد من كل الصور البشريه، فيكون ولاده الابن من الآب ليست زمنيه وليست محدوده وليست خارج الكيان الإلهي، الآبن والآب واحد في ذات الجوهر، ولكن الولاده هي حاله كيانيه للجوهر الإلهي كي يكون فعال في داخله بفعل ذاتي، يكون منه الابن ويكون فيه الآب دائماً، دون الولاده يكون الكيان الآهوتي كيان جامد غير فعال، لآن الفاعليه في الكيان الآهوتي هي الفاعليه، بنفس المنطق حينما نقول أن الله محبه لا يمكن أن نتصور ابداً أن الله لم يكن محبه في وقت من الاوقات، الحب معناه تبادل مع كيان آخر، فكيف يكون الله يتبادل الحب قبل الخليقه، وإن كان الله أحب فقط حينما خلق الكائنات، لكانت الكائنات هي التي تُظهر محبته ولكان الله في هذا الوضع محتاجاً إلي هذه الكائنات، ولكن الولاده ووجود الابن مع الآب في ذات الجوهر، يكون الآب يحب الابن والابن يحب الآب، ويكون الكيان الإلهي كامل في ذاته ولا يحتاج إلي آخر كي يتفاعل معه كي يقدم له حب، لآن الله لابد أن يكون في كل صفاته كاملاً، ولا يمكن أن يحتاج لآي شئ خارج عنه. لذلك قال لها:" المولود منك يدعي ابن الله"، ولكن بالرغم من قداسه السيده العذراء ولكن أسئله كثيره تتبادر في ذهنها، ماذا سيقول الناس عني؟ ماذا سأفعل؟ حينما يحدث هذا الحبل هل ستكشف السماء ذلك للناس؟ وحينما يحل الإله داخلي كيف سأعيش؟ ولكنها اظهرت شخصيتها بكامل التسليم بجمله واحده " هوذا أنا امه الرب فليكن لي كقولك" ونتأمل كثيراً جداً في هذا الاتضاع وهذا التسليم، ولكن هناك سؤال مهم ماذا لو رفضت العذراء؟ موسي النبي رفض أن يذهب لفرعون، وإرميا النبي رفض وقال له أنا ولد، موسي النبي لم يكن بخطوره الموضوع ولا كان سيواجه شئ فيه عار، ولكن بالعكس ربنا اعطاه قوه لمواجهه فرعون ومع هذا رفض اكثر من مره. كان يمكن للعذراء أن ترفض، لكن خضوعها إرادياً وأحتمالها لهذا العمل العجيب والفريد جداً في الكون كله، كانت لتعيد مره أخري مكانه حواء في السماء، فبينما كانت إراده حواء في العصيان كانت سبب دخول الفساد، كان خضوع العذراء هنا هو سبب أن يُزال الفساد من العالم، لذلك خضوعها إرادياً رفع مكانه حواء واُزيلت اللعنه تماماً، ولم تعد حواء هي التي تحمل في الكيان البشري صوره المعصيه وصوره رفض إراده الله، لقد اعادت العذراء بتلك الإجابه، وبإحتمالها هذا العمل وخدمتها صوره حواء من جديد، التي اراد الله يخلقها في الإنسانيه الجديده. لإلهنا كل مجد وكرامه إلي الابد أمين القمص أنجيلوس جرجس كاهن كنيسة أبي سرجة مصر القديمة
المزيد
19 ديسمبر 2021

عمل الله فى خلاص البشرية

اليوم هو الاحد الثاني من كيهك، وفي شهر كيهك بنحتفل بإستعداد وصوره التجسد الذي من خلاله أفتقد الله العالم بعد أزمنه الظلام والجهل، وبعد حاله الإنفصال عنه في الفردوس، والخروج من دائره التدبير الإلهي والشبع، وبينما العالم مظلم وبينما البشريه كلها تئن تحت عبوديه إبليس، افتقد الله الإنسانيه بإنه اظهر لها إمكانيه الرجوع والخلاص، وعمل ربنا يسوع المسيح في خلاص البشريه ليس في فكره تمت في سنين قليله، ولكنها تمت في الآف السنين، وأخذ من الله تدبير وعمل ضخم جداً، بدايه من تدبير الإنسانيه ما قبل العهد القديم، ثم فساد البشريه اكثر، ثم إحتياجهم لشخص معين يحمل كلمه الله ويقول لهم كيف يرجعوا وكان هذا هو موسي النبي، ثم الآف السنين مره أخري بأنبياء ورموز وطقوس، ولكن لم تدرك البشريه أن الخلاص حقيقه ملموسه إلا حينما جاء السيد المسيح، وكانت كل النبوات مرتبطه بإنه سيأتي ملك ليخلص، ولكن كيف يأتي هذا الملك وبأي صوره، كانت النبوات بتقول بعض الملامح، ولكن البشريه لم تكن قادره علي الإدراك، حتي هذا الزمن جاء الملاك وبشر العذراء أنها هي المختاره وسيكون منها عمل التجسد، ولا يظن أحد أن هذا الاختيار سيكون عشوائي، بعض الافكار الغير ارثوذكسيه تقول: أن العذراء مثلها مثل باقي الفتيات، كان ممكن أن يتجسد من اي فتاه، هذا ليقللوا من شأن العذراء، وينزلوا فكره القداسه من صوره شخصيه لصوره متاحه، آي احد يمكن أن يكون مثل العذراء. الحقيقه أن العذراء شخصيه فريده جداً، قال لها الملاك:" قد وجدت نعمه"، وحينما يجد شخص نعمه، إذاً هذا ليس إختياراً عشوائياً " وجد نعمه"، فإختيار العذراء كان إختيار دقيق جداً منذ أن بشر والدها يواقيم، ثم نذرها إلي الهيكل، فتربت تلك الطفله والصبيه والفتاه في هيكل، وكان يمكن أن يعمل الفساد فيها، وكان يمكن أنها تنظر إلي خارج الهيكل وتتساءل لماذا لا أحيا مثل باقي الفتيات؟، وحينما جاء وقت خروجه من الهيكل قالت جملتين كانت تريد أن تظل بتولاً أيضاً، فهي عاشت في حاله من حالات القداسه المبكره جداً، وقدمت حياتها لربنا وهي طفله، ثم ادركت وكبرت، وكان الثبات في الوجود الإلهي قوي، والذي يثبت ذلك هو طريقتها في الكلام، وردود أفعالها في أنها صارت خادمه لاليصابات بعد أن عرفت أنها ستصير اماً للإله المتجسد، ملامح شخصيتها كانت واضحه أنها تحمل عمقاً كبيراً، حينما جاء الملاك وقال لها :" مباركه أنت في النساء" . كانت كل نساء اليهوديه تدرك أنه ستأتي تلك العذراء التي منها سيأتي منها الإله المتجسد، في نبوه اشعياء 14.7" هوذا العذراء تحبل وتلد ابناً ويدعي اسمه عمانوئيل الله معنا"، وفي 16.9 " يولد لنا ولد يُعطي ابناً إلهاً قديراً" وهم كانوا يحفظون هذه النبوات كلها، وكانوا يذكروا أن تحقيقها سيتم بصوره إعجازيه، ثم اظهر لنا الكتاب أنها حينما رآت الملاك خافت واضطربت من هذا الكلام، الاضطراب هنا ليس معناه خوف رعب، ولكن معناه حاله من حالات عدم الادراك، " ما عسي أن يكون هذا الكلام" هل تحقيقاً للنبوات صرت أنا المختاره، فقال لها الملاك:" لا تخافي يا مريم لانك وجدت نعمه عند الله، هاأنت ستحبيلين وتلدين أبناً وتدعي اسمع عمانوئيل. لماذا لم يكن هناك تهيئه للموضوع؟ لماذا لم يذكرها الملاك بالنبوات؟ لآن الله يدرك تماماً اعماق العذراء وأنها تحفظ النبوات تماماً، انها تفهم القصه كلها، وترتيب كل الاحداث الخلاصيه في ذهنها، يتضح ذلك من خلال التسبحه التي قالتها، كلام لآهوتي عميق، يحمل إشتياقات كل العهد القديم. وكل كلمه من كلمات الملاك لها نبوه في العهد القديم. "تدعي اسمه يسوع": يسوع تعني المخلص. "ابن العلي يُدعي" :ابن الله معناها ابن الله المتجسد. "يعطيه الله كرسي داود ابيه": لآن كانت النبوه معناها أنه سيملك علي الملكوت المعد من الله، ولكن هذا المُلك لم يكن مثل مُلك داود النبي او باقي الملوك .. مُلك ارضي، فكان لابد أن يقول:" فلا يكون لملكه نهايه" أي غير محدود الملكوت ولا زمانياً ولا مكانياً. أما العذراء فكانت لابد أن تسأل سؤال مهم... كيف يحدث هذا؟ حتي في كل تفسيرات اليهود كانوا يقفوا أمام تفسير هذه الآيه " هوذا العذراء تحبل وتلد ابناً" كيف يمكن لعذراء أن تحبل، فقالت للملاك كيف يكون لي هذا وأنا لست اعرف رجلاً؟؟ وهذه الآيه دليل علي دوام بتوليه العذراء، لو أنها كانت تتكلم علي أنها يمكن أن تتزوج وتنجب لم يكن السؤال كيف يكون هذا وأنا لست اعرف رجلاً؟ الاجابه المنطقيه علي هذا السؤال أنها تتزوج، ولكن الملاك قال لها:" ها أنت تحبلين" سيتم هذا، لكن حينما تكون العذراء ندرت بتوليتها فسؤالها هو ليس بمتي ولكن بكيف. لذلك لماذا نؤكد علي دوام بتوليه العذراء؟ لاثبات أن المتجسد تجسد دون زرع بشر، مثلما قال في سفر نشيد الانشاد" أنها ينبوع مختوم ومغلق" ، وكان كلام الملاك لها أن هذا سيتم بفعل الروح القدس، " الروح القدس يحل عليك وقوه العلي تظللك" معناها أنها منذ الآن ستصير سماء، " ولذلك المولود منك يدعي ابن الله" لذلك: معناها أن هذا الطفل الذي في أحشائك لن ينسب إلي أب بشري، لذلك حينما قال السيد المسيح أن ابوه هو الاب السماوي، كانوا سيرجموه،" لانك وانت إنسان جعلت نفسك معادلاً لله " أنك طبيعه إلهيه، لذلك لفظ ابن الله لا يعني التناسل ولكن يعني الولاده، التناسل: هو زواج بشري ثم يُنجب ابن، أما الولاده ليست بالضروره أن تكون من تناسل، فولاده الكلمه من العقل ليس تناسل، وولاده الكيان المعنوي ليس تناسل، حينما اقول أنا ابن مصر، إذاً ولاده الابن من الآب ولاده لآهوتيه، حينما نتكلم عن الآمور الآهوتيه، لابد أن نتجرد من كل الصور البشريه، فيكون ولاده الابن من الآب ليست زمنيه وليست محدوده وليست خارج الكيان الإلهي، الآبن والآب واحد في ذات الجوهر، ولكن الولاده هي حاله كيانيه للجوهر الإلهي كي يكون فعال في داخله بفعل ذاتي، يكون منه الابن ويكون فيه الآب دائماً، دون الولاده يكون الكيان الآهوتي كيان جامد غير فعال، لآن الفاعليه في الكيان الآهوتي هي الفاعليه، بنفس المنطق حينما نقول أن الله محبه لا يمكن أن نتصور ابداً أن الله لم يكن محبه في وقت من الاوقات، الحب معناه تبادل مع كيان آخر، فكيف يكون الله يتبادل الحب قبل الخليقه، وإن كان الله أحب فقط حينما خلق الكائنات، لكانت الكائنات هي التي تُظهر محبته ولكان الله في هذا الوضع محتاجاً إلي هذه الكائنات، ولكن الولاده ووجود الابن مع الآب في ذات الجوهر، يكون الآب يحب الابن والابن يحب الآب، ويكون الكيان الإلهي كامل في ذاته ولا يحتاج إلي آخر كي يتفاعل معه كي يقدم له حب، لآن الله لابد أن يكون في كل صفاته كاملاً، ولا يمكن أن يحتاج لآي شئ خارج عنه. لذلك قال لها:" المولود منك يدعي ابن الله"، ولكن بالرغم من قداسه السيده العذراء ولكن أسئله كثيره تتبادر في ذهنها، ماذا سيقول الناس عني؟ ماذا سأفعل؟ حينما يحدث هذا الحبل هل ستكشف السماء ذلك للناس؟ وحينما يحل الإله داخلي كيف سأعيش؟ ولكنها اظهرت شخصيتها بكامل التسليم بجمله واحده " هوذا أنا امه الرب فليكن لي كقولك" ونتأمل كثيراً جداً في هذا الاتضاع وهذا التسليم، ولكن هناك سؤال مهم ماذا لو رفضت العذراء؟ موسي النبي رفض أن يذهب لفرعون، وإرميا النبي رفض وقال له أنا ولد، موسي النبي لم يكن بخطوره الموضوع ولا كان سيواجه شئ فيه عار، ولكن بالعكس ربنا اعطاه قوه لمواجهه فرعون ومع هذا رفض اكثر من مره. كان يمكن للعذراء أن ترفض، لكن خضوعها إرادياً وأحتمالها لهذا العمل العجيب والفريد جداً في الكون كله، كانت لتعيد مره أخري مكانه حواء في السماء، فبينما كانت إراده حواء في العصيان كانت سبب دخول الفساد، كان خضوع العذراء هنا هو سبب أن يُزال الفساد من العالم، لذلك خضوعها إرادياً رفع مكانه حواء واُزيلت اللعنه تماماً، ولم تعد حواء هي التي تحمل في الكيان البشري صوره المعصيه وصوره رفض إراده الله، لقد اعادت العذراء بتلك الإجابه، وبإحتمالها هذا العمل وخدمتها صوره حواء من جديد، التي اراد الله يخلقها في الإنسانيه الجديده. لإلهنا كل مجد وكرامه إلي الابد أمين القمص أنجيلوس جرجس كاهن كنيسة أبي سرجة مصر القديمة
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل