المقالات

15 أغسطس 2019

عبارة "والدة الإله"

لن أبحث في نشوء العبارة وقد يكون أوريجينوس أول من استعملها وقد ذكرالعبارة الكسندروس السكندري وأثناسيوس وديديموس الأعمى والغرويغوريوسان وكيرلس الارشليمي. وفي إحدى رسائل كيرلس إلى نسطوريوس عندما يفسر التسمية يقول: "ليس لأن طبيعة الكلمة أو لاهوته كانت بدايته من العذراء القديسة، بل لأنه منها ولد الجسد المقدس بنفس عاقلة، وهو الجسد الذي اتحد به شخصيا الكلمة الذي قيل عنه إنه ولد بحسب الجسد ... وما دامت العذراء القديسة ولدت بالجسد الله الذي صار واحدا مع الجسد بحسب الطبيعة، لهذا السبب ندعوها والدة الإله ولا نعني بذلك أن طبيعة الكلمة كانت بداية وجودها في الجسد".لعل النعمة التي حّلت علينا ﺑﻬذه العقيدة أننا وُهبنا أن نرى وحدة المسيح وان نذوقها بالرغم من كوﻧﻬا تفوق كل قدرة على استيعاﺑﻬا في شعور المصلي. ذلك أن المسيحي ولو ارتضى هذه العقيدة إلاَّ أنه يذهب في إحساسه إلى إلوهية للسيد لابسةٍ بشرية ما أو إلى إحساسه ببشرية متكاملة بإلوهية ما. إﻧﻬا لصعوبة رهيبة أن يختبر المؤمن الناسوت واللاهوت متعاملين في شخصية تبرز مركبة وموحدة بآن. هذا من الوحي المحض الذي ليس مثله شيء في دنيانا. إن الشرق تتكثف فيه رؤية الإلوهة في السيد على حساب بشريته وكأن الشرق مونوفيسي سيكولوجيا. ولعل تعليل ذلك إننا ذقنا ويلات الأريوسية في ما كانت عليه وفي ما مورست عقودا وفي ما انبعثت في غير حركة. وقد يكون الغرب ميا ً لا إلى المسيح الإنسان على نكهة نسطورية ، أو ما اصطلح عليه على أنه كذلك. وما من شك أن هذه النزعة هي التي تفسر طغيان عيد الميلاد في جانبه البشري وجوانبه الفولكلورية. ولقد لاحظت غير مرة إن المرء لا يستطيع أن ينتزع بسهولة عبارة والدة الإله من فم پروتستنتي. وقد يكون الشرق كله موحدا على عبارة والدة الإله بلا استثناء كنيسة. هذه المداخلة لا يعنيها أن تبحث في موقف نسطوريوس من العقيدة. فإذا عدتم إلى ما قبل الخلاف الأفسسي تجدون عبارة والدة الإله بالأقل مرة عند نسطوريوس وقد صرح بعد مداخلات يوحنا الانطاكي: "إن العذراء القديسة هي والدة الإله لأن الهيكل المخلوق فيها بالروح القدس اتحد بالألوهة". وليس من صحة للتأكيد بأنه كان يؤمن بإنسان عادي استقر فيه الكلمة فيما بعد. عن علاقة الناسوت باللاهوت يقول متخذا سفر ٢ "كانت النار في العليقى والعليقى كانت النار والنار العليقى ولم يكن : الخروج ٣ عليقيان وناران" وفصل المقال عنده: "من قال في الاتحاد ابنا وإلها وربا كيف يمكنه بفصلهما أن يقول إنه ثمة على حدة ابن وإله وان ثمة آخر هو الإنسان وان يقول هكذا ابنين". يجمع الأخصائيون اليوم على أن نسطوريوس لم يكن نسطوريا لإيمانه بوحدة شخص المسيح وما كان قوله بالأقنومين في السيد إلاَّ لأن ذلك عنى له الطبيعتين. ما قلت لكم هذا لنخوض جدلا حول شخص نسطوريوس ولكن لأؤكد إن إكرام الشرقيين جميعا لسيدتنا والدة الإله واحد وإن إيماننا تاليا بالسيد المبارك واحد.ولكن لم نستطع معا نحن الخلقيدونيين وغير الخلقيدونيين أن نتجاوز حسنا بالتاريخ لنلتقي كنيسة المشرق المسماة أشورية على صيغة معقولة فالتقت هذه الكنيسة الكاثوليكية فأصدرتا بيانا خريستولوجيا مشتركًا في الحادي عشر من نوفمبر الماضي وصرحتا أن اللاهوت والناسوت وهما بعيدان عن أن يشكلا "واحدا وواحدا" متحدان في شخص الابن ذاته، ابن الله الوحيد ... فالمسيح ليس "إنسانا عاديا" تبناه الله ليقر فيه وليلهمه كما ألهم الأبرار والأنبياء. ...والناسوت الذي ولدته العذراء مريم المغبوطة كان دائما ناسوت ابن الله ذاته. ولهذا السبب تصلي كنيسة الشرق الأشورية إلى العذراء مريم باعتبارها "والدة المسيح إلهنا ومخلصنا" واعترفت الكنيستان إن العبارتين "والدة الإله" ووالدة المسيح تعبران شرعيا وبدقة عن الإيمان الواحد. وسمت الكنيستان نفسيهما شقيقتين وتعاهدتا على رفع كل الحواجز دون تحقيق الشركة الكاملة.ليس لي إلاَّ أن ألاحظ بحزن أن الشرق فوت على نفسه فرصة أن يكون واحدا. المطران جورج خضر من كتاب والدة الإله
المزيد
14 أغسطس 2019

ألقاب العذراء من حيث عظمتها وصلتها بالله

1 - نلقبها بالملكة: القائمة عن يمين الملك ونذكر في ذلك قول المزمور "قامت الملكة عن يمينك أيها الملك" (مز45: 9). ولذلك دائمًا ترسم في أيقونتها على يمين السيد المسيح. ونقول عنها في القداس الإلهي "سيدتنا وملكتنا كلنا..". 2 - نقول عنها أيضًا "أمنا القديسة العذراء"وفي ذلك قول السيد المسيح وهو على الصليب لتلميذه القديس يوحنا الحبيب "هذه أمك" (يو19: 27). 3 - وتشبه العذراء أيضًا بسلم يعقوب تلك التي كانت واصلة بين الأرض والسماء (تك28: 12). وهذا رمز للعذراء التي بولادتها للمسيح، أوصلت سكان الأرض إلى السماء. 4 • وقد لقبت العذراء أيضًا بالعروس لأنها العروس الحقيقية لرب المجد. وتحقق فيها قول الرب لها في المزمور"اسمعي يا ابنتي وانظري، واميلي أذنك، وانسي شعبك وبيت أبيك فإن الملك قد اشتهى حسنك، لأنه ربك وله تسجدين" (مز84). ولذلك لقبت بصديقة سليمان، أي عذراء النشيد وقيل عنها في نفس المزمور "كل مجد ابنة ملك من داخل، مشتملة بأطراف موشاة بالذهبمزينة بأنواع كثيرة". 5 - ونلقبها أيضًا بلقب الحمامة الحسنة متذكرين الحمامة الحسنة التي حملت لأبينا نوح غصنًا من الزيتون، رمزًا للسلام، تحمل إليه بشرى الخلاص من مياه الطوفان.. (تك8: 11). وبهذا اللقب يبخر الكاهن لأيقونتهاوهو خارج من الهيكل. وهو يقول "السلام لك أيتها العذراء مريم الحمامة الحسنة" والعذراء تشبه بالحمامة في بساطتها وطهرها وعمل الروح القدس فيها، وتشبه الحمامة التي حملت بشرى الخلاص بعد الطوفان، لأنها حملت بشرى الخلاص بالمسيح. 6 - وتشبه العذراء أيضًا بالسحابة لارتفاعها من جهة، ولأنه هكذا شبهتها النبوة في مجيئها إلى مصر. نورد عن ذلك في سفر أشعياء النبي "وحي من جهة مصر: هوذا الرب راكب على سحابة سريعة وقادم إلى مصر. فترتجف أوثان مصر. ويذوب قلب مصر داخلها" (أش19: 1). وعبارة سحابة ترمز إلى ارتفاعها وترمز إلى الرب الذي يجيء على السحاب (مت 16: 27). مثلث الرحمات قداسة البابا شنودة الثالث من كتاب السيدة العذراء مريم
المزيد
13 أغسطس 2019

تكريم الكنيسة للسيدة العذراء

للعذراء مريم من بين جميع القديسين مكانة خاصة، والأرثوذكسيون يعظمونها باعتبارها (أشرف من الشيروبيم وأرفع مجداً بغير قياس من السيرافيم). وفي حين تُعظّم وتُكرّم والدة الإله بهذا الشكل، فمن المهم الملاحظة أن الكنيسة الأرثوذكسية لا تدعو أبداً إلى عبادتها كعبادتنا لله. فالتمييز واضح جداً في التعبير اللغوي الخاص باللاهوت اليوناني: فهناك كلمة خاصة مكرّسة لعبادة الله (Latreia) بينما هناك عبارات مختلفة تُستخدم بالنسبة لتكريم العذراء ألا وهي: (Duleia، Hyperduleia، Proskynesis) وتُذكر مريم معظم الأحيان عند إقامة الخدم الطقسية الأرثوذكسية وتدعى عادة بلقبها الكامل: (الكلية القداسة، الطاهرة، الفائقة البركات، المجيدة، سيدتنا والدة الإله، الدائمة البتولية، مريم). وهو لقب يضم النعوت الرئيسية الثلاثة التي تكرسها الكنيسة الأرثوذكسية للسيدة: (والدة الإله) (Theotokos)، (الدائمة البتولية) (Aeparthenos)، و (الكلية القداسة) (Panagia). أول هذه الألقاب منحه للعذراء المجمع المسكوني الثالث (أفسس 431). أما اللقب الثاني فجاء به المجمع المسكوني الخامس (القسطنطينية 553) {يبدو لأول وهلة الإيمان ببتولية مريم الدائمة متعارضاً ونص الكتاب المقدس وفقاً لإنجيل مرقص (31:3) الذي يورد عبارة (أشقاء) يسوع. لكن الكلمة اليونانية تعني أيضاً الأخ من أحد الأبوين أو ابن العم أو حتى أحد الأقرباء، إضافة إلى معنى (الأخ) الحقيقي}. أما لقب (الكلية القداسة) فلم يجر تحديده من الناحية العقائدية، بل هو مقبول ومستخدم من جميع الأرثوذكسيين وتسمية (والدة الإله) ذات أهمية فائقة، لأنها مفتاح العبادة الأرثوذكسية الموجهة للعذراء. نكرِّم مريم لأنها والدة إلهنا. ولا نكرّمها منفصلة عنه وإنما بسبب علاقتها بالمسيح. هكذا فإن التكريم الذي نخص به مريم، لا ينتقص من عبادة الله مطلقاً بل على العكس. وبالقدر الذي نقدّر فيه مريم، نعرف المزيد عن جلال ابنها، ذاك أننا إكراماً للابن نعمد إلى إجلال الأم نكرِّم الأم من أجل ابنها. إن التعليم الأرثوذكسي المتعلق بوالدة الإله منبثق من تعليمها الخاص بالمسيح. وحين أكدّ آباء مجمع أفسس على تسمية مريم بوالدة الإله، لم يكن ذلك بقصد تمجيدها بل من أجل الحفاظ على العقيدة الحقة المتعلقة بشخص المسيح. ومن يفكر في جميع مقتضيات هذه العبارة الأساسية: (والكلمة صار جسداً)، لا بدّ له أن يخشع باحترام أمام تلك التي تمّ اختيارها كي تكون أداة لهذا السر العظيم. وأولئك الذين يرفضون تكريم مريم هم أنفسهم أولئك الذين لا يؤمنون حقاً بالتجسد ولكن ليس لأنها والدة الإله فقط يعمد الأرثوذكسيون إلى تكريم مريم، بل لأنها أيضاً (كلية القداسة). فهي من بين جميع مخلوقات الله، المثال الأعلى للتآزر بين تدبير الله وحرية الإنسان. فالله الذي يحترم حرية الإنسان على الدوام، لم يشأ أن يتجسد دون موافقة والدته موافقة حرة. وانتظر إجابتها العفوية: (هوذا أنا أمة الرب فليكن لي حسب قولك) (لو 38:1). كان بوسعها أن ترفض. لم تكن صاغرة فقط، بل شاركت بملء إرادتها في سر التجسد. وكما قال نقولا كباسيلاس: (لم يكن التجسد فعل الآب وقدرته وروحه فقط... لكن كان أيضاً فعل إرادة العذراء وإيمانها... وكما أن الله تجسد بملء إرادته، هكذا شاء أن تحبل به أمه بملء حريتها، وموافقتها كل الموافقة) {حول البشارة، 4- 5} وكما أن المسيح هو آدم الجديد، فإن مريم هي حواء الجديدة، تلك التي أدّت طاعتها لمشيئة الله إلى خلق توازن مع عصيان حواء في الجنة. (هكذا فإن ما تعقَّد بعصيان حواء انحلّ بطاعة مريم. وما ربطته العذراء حواء في عدم إيمانها، حلّته العذراء مريم بإيمانها) {ايريناوس، (ضد الهرطقات)، 3، 22، 4}. (الموت من طريق حواء والحياة من طريق مريم) {ايريناوس، رسالته 22، 21} وتدعو الكنيسة الأرثوذكسية مريم (الكلية القداسة)، كما تدعوها (الطاهرة) والتي هي (بلا دنس). وجميع الأرثوذكسيين يؤمنون بأنها لم ترتكب قط أي خطيئة فعلية. ولكن هل تحررت أيضاً من الخطيئة الأصلية ؟ وبقول آخر، هل تجاري الأرثوذكسية العقيدة الكاثوليكية التي أعلنها الباب بيوس الحادي عشر السنة الـ1854 والتي تقضي بأن مريم مذ حملت بها أمها القديسة حنة وبنعمة خاصة من الله تم إنقاذها من كل (شوائب الخطيئة الأصلية)؟ إن الكنيسة الأرثوذكسية لم تقدم أبداً على إصدار بيان رسمي حول هذا الموضوع. ولكن منذ السنة الـ1854 رفضت غالبية الأرثوذكسيين هذه العقيدة الجديدة لأسباب عديدة: فهي تبدو غير مجدية، وتتضمن كما حدّدها الكاثوليك تفسيراً مغلوطاً للخطيئة الأصلية، وهي مدعاة للشك أيضاً لأنها تفضل مريم عن ذريّة آدم، واضعة إياها على حدة دون سائر أبرار العهد القديم من رجال ونساء ولكنّ الأرثوذكسية التي ترفض عقيدة (الحبل بلا دنس)، تؤمن بثبات بانتقال العذراء بالجسد. فالسيدة، على غرار سائر بني البشر، عرفت الموت الطبيعي، لكن قيامة جسدها تمّت قبل الجميع. فهي بالتالي تجاوزت الموت والدينونة وتعيش منذ الآن في الدهر الآتي. لكنها ليست منفصلة انفصالاً تاماً عن الإنسانية، لأننا نأمل أن نشارك ذات يوم في مجد الجسد الذي تتمتع به منذ الآن هذا الإيمان بانتقال والدة الإله يجري التعبير عنه بلا التباس في القطع التي ترتلها الكنيسة في 15 آب، يوم عيد (رقاد السيدة). لكن الأرثوذكسية بخلاف كنيسة رومية لم تلجأ إلى إعلان عقيدة (انتقال العذراء بالجسد) وليس في نيّتها أن تفعل ذلك أبداً. عقيدتا الثالوث والتجسد تم الإعلان عنهما كعقيدتين، لأنهما متعلقتان بكرازة الكنيسة، لكنّ تمجيد العذراء يُعتبر جزءاً من التقليد الداخلي للكنيسة: (من الصعب الكلام وأصعب من ذلك التفكير بالأسرار التي تحفظها الكنيسة في العمق الخفي لوجدانها الداخلي... ولم تكن والدة الإله يوماً موضوعاً للكرازة الرسولية. ففي حين بُشِّر بالمسيح فوق السطوح ونوديَ به على رؤوس الأشهاد عبر تعليم ديني موحّد للكون بأسره أُعلن سر والدة الإله فقط للذين في داخل الكنيسة... فهو أكثر من عرض للإيمان، إنه أساس لرجائنا، ثمرة الإيمان التي نضجت من التقليد. لنصمت إذاً ولنكفّ عن إدخال مجد والدة الإله الفائق في نطاق العقيدة) {فلاديمير لوسكي، (بناغيا)، في كتاب (والدة الإله)، منشورات ماسكال ص35}. عن كتاب: الكنيسة الأرثوذكسية: إيمان وعقيدة الفصل الثالث: كنيسة الله الأسقف كاليستوس وير
المزيد
12 أغسطس 2019

القدّيسة مريم والمجمع المسكوني الثالث

أعلن المجمع المسكونيّ الثالث الذي انعقد في مدينة أفسس عام 431 أنّ مريم والدة يسوع المسيح هي حقّاً "والدة الإله". واعتبر الآباء القدّيسون الملتئمون في المجمع أنّ هذا التعبير "والدة الإله" يتضمّن محتوى عقائديّاً على مستوى اللاهوت والإيمان المسيحيّ القويم. ولا تكتمل أرثوذكسيّة المؤمن وصحّة إيمانه من دون الاعتراف بأنّ مريم قد ولدت الإله نفسه الكائن منذ الأزل لدى الله الآب. مريم لم تلد بشراً كسائر البشر، فأتى الله وسكن فيه. بل ولدت الإله، فأعطته الجسد بعد أن سكن في أحشائها ما تقتضيه الطبيعة من وقت. لذلك، عقيدة "والدة الإله" ليست عقيدة مريميّة تختصّ بمكانة مريم في الإيمان الأرثوذكسيّ. إنّما هي، بالأحرى، عقيدة مسيحانيّة متعلّقة بشخص يسوع المسيح وتدبيره الخلاصيّ من أجل البشر. ويجدر التنويه هنا إلى أنّ الكنيسة، وفي هذا السياق تحديداً، لم ترفع إلى مستوى العقيدة سوى ما يختص بالله، الآب والابن والروح القدس في الواقع، درج الآباء قبل مجمع أفسس بوقت طويل على إطلاق اسم "والدة الإله" على مريم. ولائحة المراجع طويلة، نكتفي بالإشارة إلى بعضها الأهمّ. فمن أولى الشهادات ما ورد في إحدى رسائل القدّيس ألكسندروس بطريرك الإسكندريّة (320) حيث جاء: "فقد لبس المسيح في الحقيقة، لا في المظهر، جسداً اتّخذه من مريم والدة الإله". أمّا القدّيس أثناسيوس (373)، خليفة ألكسندروس، وبطل الإيمان القويم والمدافع عن العقيدة المسيحيّة في وجه الهرطقة الآريوسيّة، فيقول عن السيّدة مريم: "إنّ الكلمة هو نفسه قد وُلد بالجسد من مريم والدة الإله". والقدّيس غريغوريوس النزينزيّ (+389) يقول أيضاً: "إنْ كان أحد لا يؤمن أنّ القدّيسة مريم هي والدة الإله، فهو غريب عن الله" لقد سقنا هذه الأقوال كي نقول إنّ إعلان عقيدة ما في الكنيسة لا ينشأ من العدم. بل إنّ إعلان العقيدة يأتي ردّاً على تعاليم منحرفة، وعلى هرطقات تشاء ضلال المؤمنين. فالعقيدة ليست سوى التأكيد على ما تناقلته الكنيسة من إيمان سليم استلمته من الأجداد والآباء وبدورها ستسلمه إلى الأبناء. وهذا تماماً ما حصل مع نسطوريوس، بطريرك القسطنطينيّة (428)، إذ رفض الإقرار بأنّ مريم "والدة الإله" بعد أن اعترفت الكنيسة بذلك، وأدخلت هذا الاسم في نصوص عباداتها وكتبها. فكان أن اجتمعت الكنيسة في المجمع المسكونيّ الثالث وذكّرت بإيمانها المستودع منذ أيّام الرسل رفض نسطوريوس الاعتراف بإمكانيّة أن تلد مريمُ الإنسانةُ المخلوقةُ إلهاً هو خالقها، بالإضافة إلى أنّه ميّز في شخص يسوع المسيح بين كائنَين، إلهيّ وإنسانيّ، قائلاً إنّ مريم وَلدت الإنسان يسوع الذي حمل الإله، وحاشا أن تلد الإله. ففيما يختصّ بمريم العذراء، إذاً، يقول نسطوريوس إنّها "والدة المسيح الإنسان"، وليست والدة الكلمة الإله. لذلك، ينبغي أن ندعوها "والدة المسيح"، لا "والدة الإله". وهذا ما رفضته الكنيسة بقوّة، إذ قالت بعدم جواز الفصل في يسوع المسيح بين شخصين، إلهيّ وإنسانيّ. فيسوع كائن واحد إلهيّ اتّخذ الطبيعة الإنسانيّة كاملة، ولم ينفصل البتّة عن الألوهة، وإنْ للحظة واحدة واجه القدّيس كيرلس الإسكندري (+444) بدعة نسطوريوس بحزم شديد، فاعتبر أنّ رفض القول بأنّ مريم "والدة الإله" ينتج منه رفض وحدة الشخص في يسوع المسيح. وكيرلّس لم يتوانَ عن التأكيد على أنّ يسوع الإنسان هو نفسه كلمة الإله. لذلك يمكن القول إنّ "ابن الله وُلد من مريم" بحسب طبيعته البشريّة، وإنّ "ابن مريم قد خلق الكون" بحسب طبيعته الإلهيّة. وانطلاقاً من هذا المبدإ يصح القول حقّاً "إنّ مريم والدة الإله"، لأنّ الشخص الذي وُلد منها هو نفسه ابن الله الكائن منذ الأزل مع الله والذي صار إنساناً لأجل خلاص البشرانعقد المجمع المسكونيّ الثالث وأدان تعاليم نسطوريوس وآراءه اللاهوتيّة غير الموافقة لإيمان الكنيسة، وتبنّى تعاليم كيرلّس. ومن أبرز ما جاء في تحديدات المجمع اللاهوتية: "بما أنّ العذراء القدّيسة قد وَلدت بالجسد الإله الذي صار واحداً مع الجسد بحسب الطبيعة، فإنّنا ندعوها والدة الإله". وكما قلنا، فالتحديد المجمعيّ يتوسّع أكثر في شأن شخص يسوع المسيح والتأكيد على أنّه شخص واحد، فيقول الآباء المجمعيّون: "إنّما نعترف بمسيح واحد هو الكلمة المولود من الآب، وهو الذي اتّخذ جسداً (...) ليس إنّ إنساناً اعتياديّاً وُلد من مريم العذراء ثمّ حلّ عليه الكلمة (...) ولكنّه مع اتّخاذه لِذاته جسداً بقي كما كان إلهاً" في عام 433 وضع لاهوتيّو الكنيسة الأنطاكيّة نصّاً دعي "قانون الوحدة"، لأنّه أعاد الوحدة الكنسيّة بعد الاضطرابات التي سبّبها التعليم النسطوري الخاطئ. فأعاد "قانون الوحدة" التأكيد على مقرّرات المجمع المسكونيّ الثالث، ومن أبرز ما جاء في هذا القانون: "لا نعترف إلاّ بمسيح واحد وابن واحد وربّ واحد. وبسبب هذا الاتّحاد (بين الطبيعتين الإلهيّة والإنسانيّة) المنزّه عن الاختلاط، نعترف بأنّ العذراء القدّيسة هي والدة الإله، لأنّ الإله الكلمة صار فيها جسداً، أي صار إنساناً"يجد اسم "والدة الإله" جذوره في الكتاب المقدّس، ولا سيّما في قول أليصابات وهي حامل بيوحنّا المعمدان، حين زارتها مريم نسيبتها وهي حامل بيسوع: "من أين لي هذا أن تأتي أمّ ربّي إليّ" (لوقا 1: 43). فيسوع المسيح هو "الربّ"، واسم "الربّ" من أسماء الله الحسنى. فإذا كان المسيح هو الربّ، فأمّ الربّ هي "والدة الإله". فبشفاعاتها، يا مَن وُلد منها، ارحمنا وخلّصنا. مطرانية جبل لبنان
المزيد
11 أغسطس 2019

القديسة مريم فى فكر أباء الكنيسة

القديسة مريم تطوبها جميع الاجيال. لقد اختارها الاب القدوس من أجل فضائلها وإيمانها وتقواها، ليحل عليها الروح القدس ولتظللها قوة العلى ويتجسد منها كلمة الله بسر لا ينطق به، كما أعلن لها الملاك فى البشارة بميلاد السيد المسيح { فاجاب الملاك وقال لها الروح القدس يحل عليك و قوة العلي تظللك فلذلك ايضا القدوس المولود منك يدعى ابن الله} (لو 1 : 35). بسلام القديسة مريم على اليصابات امتلأت اليصابات من الروح القدس وارتكض يوحنا بابتهاج وهو فى بطن امه وقالت لها اليصابات انه فخر لها ان تاتي ام ربها لزيارتها { فلما سمعت اليصابات سلام مريم ارتكض الجنين في بطنها وامتلأت اليصابات من الروح القدس. وصرخت بصوت عظيم وقالت مباركة انت في النساء ومباركة هي ثمرة بطنك. فمن اين لي هذا ان تاتي ام ربي الي. فهوذا حين صار صوت سلامك في اذني ارتكض الجنين بابتهاج في بطني. فطوبى للتي امنت ان يتم ما قيل لها من قبل الرب}( لو41:1-45) نحن فى الكنيسة القبطية نفتخر ونعتز بامنا القديسة مريم العذراء التي تزورنا باطيافها النورانية من حين لاخر لتعضد وتقوى إيماننا ونفخر بمعونتها لنا والمعجزات العديدة التي يجريها الله مع شعب كنيستنا بصلواتها وطلباتها. اننا نعتبرها أمنا روحية لنا. وان كان الرب على الصليب دعها اما للقديس يوحنا الحبيب فكم بالحرى بنا ان نتخذها اما روحية لنا { ثم قال للتلميذ هوذا امك ومن تلك الساعة اخذها التلميذ الى خاصته }(يو 19 : 27). القديس كيرلس السكندرى ... القديس كيرلس الكبير وُلد سنه 375م، وتهذب بالعلوم الكلاسيكية واللاهوتية حيث كانت الإسكندرية مركزا عظيما للتعليم.وتتلمذ فى بريه وادى النطرون على القديس الأنبا سيرابيون تلميذ الأنبا مقاريوس رسم بطريرك على الاسكندرية سنة 412 م. ويعتبر أحد الآباء البارزين ولاهوتي الكنيسة الجامعة، ونُدين له أكثر من أي لاهوتي آخر، فقد أدرك التجسد بفكر كتابي وآبائي يؤكد على ولادة القديسة مريم العذراء لله الكلمة المتجسد وبتوليتها الدائمة ويلقبها بولادة الاله ويمدحها قائلا: (السلام لمريم والدة الإله، كنز العالم كله الملوكي، المصباح غير المنطفئ، إكليل البتولية، صولجان الأرثوذكسية، الهيكل غير المفهوم، مسكن غير المحدود، السلام لك، يا من حملت غير المحوي في أحشائك البتولية المقدسة. أخذ السيد المسيح جسد من امرأة، ولد منها حسب الجسد، لكي يعيد البشرية فيه من جديد. إننا نؤكد أن الابن وحيد الجنس قد صار إنسانا، حتى إذ يولد من امرأة حسب الجسد، يعيد الجنس البشري فيه من جديد. لنمجد مريم دائمة البتولية بتسابيح الفرح، التي هي نفسها الكنيسة المقدسة. لنسبحها مع الابن العريس كلي الطهارة) كما يؤكد القديس كيرلس الان الابن الوحيد الجنس قد صار انسانا حتى اذ يولد من إمراة حسب الجسد يعيد الجنس البشرى فيه من جديد مانحا ايانا ان نصير ابناء لله : ( لان العذراء القديسة وحدها تدعى وتعرف بانها والدة المسيح ووالدة الاله كونها بمفردها لم تلد انسانا بسيطا بل ولدت كلمة الله المتجسد الذى صار انسانا ولعلك تسأل هنا قائلا: هل كانت العذراء ام اللاهوت. أعلم أنه قيل أنفا ان كلمة الله الحى القائم بذاته لاريب فى أنه ولد من جوهر الاب نفسه وأخذ جوهرا خاليا من ابتداء الزمان وهو متحد مع الوالد على هذا الوجه على أنه لم يزل معه وفيه دائما. اننا نؤكد ان الابن وحيد الجنس قد صار انسانا. حتى اذ يولد من امراة حسب الجسد يعيد الجنس البشرى فيه من جديد) وهذا ما أكد عليه فى قوانينه الخاصة بالعذراء مريم (من لا يعترف أن عمانوئيل هو اله حقيقي ومن أجل هذا أن العذراء الطاهرة هي والدة الاله لكونها ولدت جسدانيا الكلمة المتجسد الذى من الله لكون الكلمة صار جسدا ليكن محروما) ان القديس كيرلس يطالبنا ان نقف بخشوع مفرح امام بذل الله ومحبته العظيمة التي بها نقلنا من نير العبودية الى حرية مجد ابناء الله كما يدعونا لتكريم القديسة مريم كما قالت فى تسبحتها الخالدة كيف نظر الله الى اتضاعها، فالله يقاوم المستكبرين اما المتواضعين فيعطيهم نعمة {لانه نظر الى اتضاع امته فهوذا منذ الان جميع الاجيال تطوبني }(لو 1 : 48) ويقول القديس كيرلس ( لنقف فى تخشع ممتلىء بالفرح أمام البذل اللا نهائى الذى حولنا من عبيد الى حرية مجد أولاد الله فتغمرنا بهجة فياضة لهذه المحبة الالهية وفى غمرة هذه البهجة تذكر أن السيدة العذراء عاشتها فى عمقها لتفهمها النعمة الفريدة التي اسبغها الله عليها باختيارها الام لابنه الوحيد). القديس يوحنا ذهبي الفم .. ولد حوالى 345م بانطاكيا ورسم عليها بطريركا فى 397م. وتنيح فى 407م تمثل سيرته وعظاته وكتاباته إيقونة حيّة لحياة الكنيسة الاولى، ففي سيرته نختبر الكنيسة السماوية المتهللة، المُعاشة على الأرض وسط الآلام. فقد أحب يوحنا الحياة الملائكية، وعشق البتولية، ومارس التسبيح والترنيم، وانطلقت نفسه من يومٍ إلى يومٍ نحو الأبديات يعطي القديس يوحنا ذهبى الفم العذراء مريم كرامه أكثر من الشاروبيم والسيرافيم لانها حوت شمس البر وولدت الله الكلمة المتجسد ( قد حوت العذراء عوض الشمس شمس العدل الغير مرسوم ولا تسل هنا كيف صار هذا وكيف أمكن أن يصير الآن حيث يريد الله فهناك لا يراعى ترتيب الطبيعة. اذ هو اله يصير انسانا ومع ذلك لا يسقط من اللاهوت الذى كان له ولا صار انسانا بفقده اللاهوت ولا من انسان صار الها ينمو متتابع بل الكلمة الكائن صار لحما) يقول القديس يوحنا ان ابن الله قد صار انسانا لكي يصيرنا ابناء لله بالتبني والايمان (ان كان ابن الله قد صار ابنا للعذراء فلا تشك يا ابن ادم انك تصير ابنا لله، ولد بالجسد لكي تولد انت ثانية حسب الروح ولد من امرأة لكي تصير انت ابنا لله، إن كان ابن الله قد صار ابن لداود، فلا تشك يا ابن آدم أنك تصير ابنا لله. إن كان الله قد نزل أعماقا كهذه، فأنه لم يفعل هذا باطلا، أنما ليرفعنا للأعالي. ولد بالجسد لكي تولد أنت ثانية حسب الروح. ولد من امرأة لكي تصير أنت ابنا لله) ويقر القديس يوحنا ذهبى الفم بمحدودية العقل البشرى فى فهم اسرار التجسد والتي نفهمها بالروح القدس المعطى لنا من الله (حقا إننا نجهل الكثير على سبيل المثال: كيف يوجد غير المحدود في الأحشاء؟ كيف يحمل بذاك الذي يحوي كل شئ، و يولد من امرأة؟ كيف تلد العذراء و تستمر عذراء؟). القديس إغريغوريوس صانع العجائب .. اسقف قيصريه رجل المعجزات الذى رقد فى الرب 268م ويذكر عن القديس إنه عندما رسم لم يكن فى ابراشيته " قيصرية " غير 17 مؤمنا وعند نياحته لم يبق فى المدينة غير 17 وثنيا وهذا يرينا مقدار العناية التي كانت عند هذا القديس ومقدار تعبه ورعايته يفسر لنا القديس اغريغوريوس الصانع العجائب لماذا اختارت النعمة الالهية العذراء مريم دون سواها من النساء. انها اتحدت بالله بالصلاة والتأمل وبرهنت على حكمتها ورزانتها ( أم الله اتحدت عقليا بالله بدوام الصلاة والتأمل وفتحت طريقا نحو السماء جديدا. سمت به فوق المبادىء والظنون الذى هو الصمت العقلي وصار لها الصمت القلبي وكما يقول الكتاب المقدس {أما مريم فكانت تحفظ جميع هذا الكلام متفكرة به فى قلبها}. إختارت النعمة مريم العذراء دون سواها من بين كل الاجيال لانها بالحقيقة قد برهنت على رزانتها فى كل الامور ولم توجد مثلها امرأة أو عذراء فى كل الاجيال. جاء الكلمة الإلهي من الأعالي، وفي أحشائها المقدسة أعيد تكوين آدم ). القديس أغسطينوس ... ولد فى 354م بمدينة تاجست بتونس تعلم الفلسفة والقانون وصار محاميا شهيرا وفي عام 382م سافر إلى روما وعاش فى الخطية لزمن ولكن التقى بالقديس امبروسيوس واعجب بعظاته وقرأ الكتاب المقدس خاصة رسائل معلمنا بولس الرسول فأعجب بها، خاصة في ربطها العهد القديم بالعهد الجديد. فتغيرت حياته وتجددت بنعمة الله، فتحولت القوة المحترقة شرا إلى قوة ملتهبة حبا. سيم كاهنا على هيبو بشمال افريقيا ثم أقيم أسقفا 395م الأمر الذي أفرح قلوب المؤمنين وتنيح فى 430م يؤكد القديس اغسطينوس على بتولية العذراء واكرمها من اجل انتسابها لله ( لا نكرم العذراء من اجل ذاتها وانما لانتسابها لله. لو أفسد ميلاد الرب يسوع المسيح بتولية القديسة مريم، لما حسب مولودا من عذراء، وتكون شهادة الكنيسة الجامعة بأنه ولد من العذراء مريم، شهادة باطلة). ويخاطب السيد المسيح قائلا: ( عجيبة هي امك ايها الرب من يستطيع ان يدرك اعجوبة الاعاجيب هذه عذراء تحبل.. عذراء تلد.. عذراء تبقى عذراء بعد الولادة) يقارن القديس اغسطينوس بين بتولية القديسة مريم والبتولية الروحية فيقول ( كانت الفتاة في العهد القديم التي لا يرجى زواجها وبالتالي لا تتمتع بالأمومة، في موقف السيدة العاقر، في حال لا تحسد عليه، تحمل علامة غضب الله. أما في العهد الجديد في حال لا تحسد عليه، تحمل علامة غضب الله. أما في العهد الجديد فإن "العذراء" لأول مرة وآخر مرة تنجب"المسيا" فلم تعد بتوليتها عارا، إذ حملت ثمرا بالروح القدس. هكذا صارت البتولية علامة التصاق الله بالإنسان، لهذا يدعو القديس بولس الكنيسة "عذراء المسيح"، وفي سفر الرؤيا يرمز لجموع المختارين الذين بلا عدد بمائة أربعة و أربعين ألفا بتوليا، يتبعون الحمل أينما ذهب (رؤ 14: 4،5). هكذا ارتبطت البتولية بحياة القداسة، لا بمعنى أن كل بتول يحسب قديسا، وكل قديس يلزم أن يكون بتولا، لئلا بهذا نحقر من شأن الزواج المسيحي كسر مقدس. إنما نقصد أن بتولية الجسد ما هي إلا علامة للبتولية الروحية، فالبتولية في جوهرها تكريس كامل لله واتحاد مستمر معه بالمسيح يسوع. هي بتولية النفس والقلب والذهن والحواس والرغبات، ينعم بها المسيحيون بالروح القدس مقدس نفوسنا وأرواحنا وأجسادنا، مهيئا أيانا للعرس الأبدي) ان العذراء مريم فى فكر القديس اغسطينوس هي فخر النساء وان كانت المرأة فى الفردوس تعدت الوصية وجلبت الموت للانسان فالعذراء مريم أعلن الله بشرى الخلاص لنا: ( لو أن ابن الانسان رفض التجسد فى احشاء العذراء لايأست النسوة ظانات انهن فاسدات. لقد ولد المسيح من امرأة ليواسى جنس النساء. بالمراة جلبت الحية للانسان الأول خبر الموت وبالمرأة نقلت الناس بشرى الحياة. من الفردوس أعلنت المرأة الموت لرجلها وفى الكنيسة أعلنت النساء خلاص الرجال) وفى عظة لعيد الميلاد المجيد يقول القديس اغسطينوس عن الميلاد البتولي (اليوم تحتفل الكنيسة البتول بالميلاد البتولي. فقد أكد السيد المسيح بتولية القلب التي يريدها للكنيسة أولا خلال بتولية جسد مريم. فالكنيسة وحدها هي التي تستطيع أن تكون بتولا فقط حين ترتبط بعريس، ألا وهو ابن البتول، إذ تقدم له ذاتها تماما. ارتبط الكلمة بالجسد، وصارت أحشائك حجال هذه الزيجة السامية. إنني أكرر أن أحشائك هي حجال هذه الزيجة العلوية التي للكلمة مع الجسد، حيث" يخرج العريس من خدره"). القديس يعقوب السروجي.. يعقوب السروجي من قديسي الكنيسة السريانية العظام واعلام الادب واللاهوت السريانى ولد إحدى قرى سروج سنة 451 م. ثم رسم أسقفا على إيبرشية سروج سنة ولذلك لقب بالسروجي يمتدح فى القديسة مريم قائلا: (أنت يا مريم السماء الثانية وافضل من الطغمات السمائية او صارت احشائك مركبة نورانية ترتعد منها الشاروبيم . عتيق الايام والعظيم داخل البطن جنينا بينما هو غير محدود وبذلك صارت مريم اعظم من السموات واستضاءت بنوره. فانظر الى السماء والى تلك الام البتول واخبرني ايهما اقرب اليه ومحبوب لديه؟ فمباركة انت فى النساء يا مريم وممتلئة نعمة. لم تستعجل مريم كمثل أمها حواء التي من صوت واحد صدقت وحملت الموت. تفرح البتول اذ صارت أماً رغم بتوليتها)كما يؤكد القديس يعقوب السروجي على التجسد الالهي من العذراء مريم كان من اجل خلاصنا لنولد بالروح ولرفعة الانسان: ( لقد تجسد من مريم العذراء وولد بالجسد ليلدنا بالروح تواضع لكي يرفعنا اتحد بطبيعتنا ليعطينا موهبة الروح القدس لآن يوم ميلاد ملك الملوك ورب الارباب وان تجسده كان من اجل خلاصنا) اننا اذ نجول فى فكر اباء الكنيسة شرقا وغربا نرى مدى الفهم اللاهوتي السليم المبنى على روح الكتاب المقدس وحياة الكنسية الاولى والذى يكرم العذراء مريم من اجل انتسابها لله وولادتها لله الكلمة المتجسد وإيمانها وفضائلها ونحن اذ ننظر الى سيرتها ونطوبها ونطلب صلواتها نتذكر كيف ان السيد المسيح صنع اولى معجزاته فى عرس قانا الجليل بطلبات القديسة مريم، كما ان العذراء القديسة مريم توصينا ان نعمل بما يوصينا به الرب يسوع المسيح { قالت امه للخدام مهما قال لكم فافعلوه (يو 2 : 5). القمص افرايم الانبا بيشوى
المزيد
10 أغسطس 2019

في والدة الإله والقديسين

والدة الإله مع العلم أن عذراوية مريم كانت سرا مخفيا عن الشيطان مثل أمر صلبه.وَلَمْ يَعْرِفْهَا حَتَّى وَلَدَتِ ابْنَهَا الْبِكْرَ. فسر ذهبي الفم يوحنا هذه الآية وقال: "استخدم هنا كلمة "حتى" لكي لا تشك وتظن أنه عرفها بعد ذلك أنما ليخبرك أن العذراء كانت هكذا قبل الميلاد ولم يمسها رجل قط ربما يقال لماذا استخدم كلمة "حتى" لأن الكتاب أعتاد أن يستعمل هذا التعبير دون الإشارة إلى أزمنة محددة. فبالنسبة للفلك قيل أن الغراب لم يرجع حتى جفت الأرض مع أنه لم يرجع قط.." القديسون "عمل الله هو إعطاء النعمة وعمل الانسان هو تقريب الإيمان"طوبى لكواكب المسكونة، لأنّ غرفتهم نقية خالية من كل ضجة، ونفسهم مُصفّاة من كل هوى، ومتحرّرة من كل مرض. وهي رقيقة، خفيفة، وأنقى بكثير من هواء عليل. أما العمل عندهم فهو ما كان لآدم في البدء قبل الخطيئة، يوم كان متسربلاً المجد ويكلّم الله بدالّة، مقيماً في ذلك المكان المفعم غبطة.إذا فتح الناسك فاه، شملك بالطيب الذكي، فإنّ أفواه الرهبان القديسين((ينابيع عسل جارية)) تفيض بالمياه النقية "إنّ محبّة القدّيسين لا تنقص بموتهم، ولا تنتهي بخروجهم من هذا العالم، بل إنّهم، بعد موتهم، يكونون أعظم قدرة (على الشفاعة) منهم وهم أحياء" "بالموت لا تتغرب أجساد القديسين عن النعمة التي كانوا يحيون بها، بل تزداد بها" طالما أنّ عشقك لايزال حاراً، فاتّجه صوب الملائكة وزدْه حرارة، فإنّ الكلام الذي لدينا يعجز عن إيقادك كما تشعلك رؤية الأمور الحاصلة هلموا إلى برية مصر لتروها أفضل من كل فردوس! ريوات الطغمات الملائكية في شكل بشري… لقد تهدم طغيان الشيطان وأشرق ملكوت المسيح ببهائه!…السماء بكل خوارسها ليست في بهاء برية مصر الممتلئة من قلالي النساك. "إن المخادع الأول (الشيطان) لم يجرؤ أن ينظر قبر بابيلا. هذه هي قوة القديسين الذين وهم أحياء لم تحتمل الشياطين ظّلهم ولاثيابهم وهم أموات ترتجف حتَّى من قبورهم". في الخطاب على كورنثوس الثانية: "ان عظام القديسين تخضع تعذيبات الأبالسة وتزدريها وتحلّ المكبّلين بقيودها القاسية... أن الغبار والعظام والرماد هي تعذيب الكائنات الخفية". فلا تنظرن إلى جسد الشهيد العاري والفاقد العمل النفساني والملقى أمامك بل إلى أن فيه تستقر قوة أخرى أعظم من النفس ذاتها وهي نعمة الروح القدس التي تحقق لنا بفعلها العجائبي حقيقة القيامة. لأنه إذا كان الله قد أولى الموتى والأجساد المتحوّلة غبارًا مثل هذه القوة التي لا يملكها أحد من الأحياء فبالأحرى أن يعطيهم يوم القيامة حياة أفضل وأهنأ من السابقة" (خطابه بخصوص الشهيد بابيلا). في تقريظة للقديس اغناطيوس الحامل الاله: "ليست أجساد القديسين وحدها ملأى نعمة بل ونفوسهم ذاتها أيضًا لأنه إذا كان في زمن أليشع قد تمّ شيء من هذا القبيل، إذ مسّ الميت النبي انحل من قيود الموت وعاد إلى الحياة. فبالأحرى الآن النعمة أغزر وفعل الروح القدس أخصب؟ فمن يمسّ نعش (القديسين) ذاته عن ايمان لا بدّ وأن يجتذب منه منفعة كبرى. ولذلك أبقى الله لنا ذخائر القديسين رغبة منه أن يقودها إلى تلك الغيرة التي كانت فيهم ويمنحنا ميناء وتطبيبًا حقيقيًا ضد الشر المحيط بنا من جميع الجهات". في القديس لوقيانوس: :"تُرك القديس طويلا دون أن يُحضَر إليه أي طعام... وأُنهك بشتى الاستجوابات التي أُخضع لها... وحين كان يُسأل "من أين أنت... ما هي مهنتك... من هم أقرباؤك...؟" كان يجاوب "أنا مسيحي"، لأنه كان يعرف جيدا انه بالإيمان يغلب لا بالبلاغة، وان الدرب الأكيد ليس ان يعرف المرء لغة الكلام بل لغة المحبة... بهذا الجواب "أنا مسيحي" أكمل لوقيانوس سعيه حائزا على إكليل الظفر..." في ايليا النبي: أريد أن أتكلم عن ايليا، هذا الرجل الذي رُفع الى أعالي السماوات بسبب غيرته على الرب. هذا الذي قال له آخاب الملك: "انت مُقْلقُ اسرائيل"، فأجابه ايليا: "لم أُقلق اسرائيل انا، بل انت وبيت ابيك". الا ان هذا لما سمع إيزابيل امرأة آخاب تقول: "كذا تفعل الآلهة بي وكذا إن لم أجعل نفسك في مثل الساعة من غدٍ كنفس واحد من الكهنة الذين قتلتهم"، هرب مبتعداً عن المكان مسافة اربعين يوما مشياً. كلمة سمعها من امرأة فهرب بسببها. تصرّف ايليا في كل أعماله تصرُّف عتوٍَّ وقساوة. فلما كان بمعزل عن الخطيئة ظهر متجبّرا الى أقصى حدود التجبّر. الا ان الله سمح بعثاره وهيأه تلك التهيئة حتى يجعل الرحمة التي أُنعم عليه بها ألطف جانب في معاملته للقريب... بعد اربعين يوما وافاه الله، وأقبل السيد على عبده إذ كان الله مملوءا من الرحمة والعطف. فسأله الله: "ما بالك ههنا يا ايليا؟". فكأن الله يقول له: "انك هربت، فأين الثقة بي؟ تلك حالةٌ تعلمك أن لاتثق بنفسك...". أجابه ايليا وكأنه الآن غيَّر أفكاره السابقة، قال: "ايها الرب انهم قد نبذوا عهدك وقوَّضوا مذابحك وقتلوا أنبياءك بالسيف، وبقيت انا وحدي، وقد طلبوا نفسي ليأخذوها". فقال له الله: "كلا لم يكن هذا سبب هربك، ولستَ وحدك يا ايليا لم تسجد لدى بعل، بل قد أبقيتُ في اسرائيل سبعة آلاف ركبة لم تجثُ للبعل". لامه الله على هربه، وليس على هربه فقط، بل على أن كلمة امرأة أنزلت به مثل ذلك الخوف. لقد اراد الله أن يجرّب ايليا ليُفهمه بأن الاعمال التي قام بها لا يجب أن ينسبها الى نفسه بل الى قدرة الله. ايليا الذي كان يغلق السماء تارةً فلا تمطر، وتارةً يُهبِط النار من السماء على مذبح المحرقة، سمح الله بأن يسقط سقطة صغيرة، لكي يرتدي من بعدها ثوب المحبة... في القديس بابيلا أسقف أنطاكية: "هل هناك إنسان في العالم كان يمكن لبابيلا أن يخشاه، بعدما وقف في وجه الإمبراطور بمثل هذا السلطان؟ لقد لقّن الملوك، بذلك، درسا أن لا يحاولوا بسط سلطانهم إلى أبعد من القدر المسموح به من الله، كما أعطى رجال الكنيسة مثلاً كيف ينبغي أن يستعملوا السلطان المعطى لهم". في القديس ملاتيوس العظيم رئيس أساقفة أنطاكية: ان مجرد التطلع اليه كان يبعث الفرح في النفس ويحرك الفضيلة في الشهيدة ذروسيذا: "حيث لاينفع ذهب ولاغنى هناك تفيد بقايا القديسين .لأن الذهب لايشفي من مرض ولاينجي من موت ولكن عظام القديسين تفعل الاثنين" القديس يوحنا الذهبي الفم
المزيد
09 أغسطس 2019

العذراء مريم في عقيدة الكنيسة

الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تكرم السيدة العذراء الإكرام اللائق بها، دون مبالغة، ودون إقلال من شأنها. • فهي في اعتقاد الكنيسة "والدة الإله" (ثيئوطوكوس qeotokoc).وليست والدة (يسوع) كما ادعى النساطرة، الذين حاربهم القديس كيرلس الإسكندري، وحرمهممجمع أفسس المسكوني المقدس. • والكنيسة تؤمن أن الروح القدس قد قدس مستودع العذراء أثناء الحبل بالمسيح وذلك كما قال لها الملاك "الروح القدس يحل عليك، وقوة العلي تظللك. لذلك القدوس المولود منك يدعى ابن الله" وتقديس الروح القدس لمستودعها، يجعل المولود منها يُحْبَل به بلا دنس الخطية الأصلية. أما العذراء نفسها، فقد حَبَلَت بها أمها كسائر الناس، وهكذا قالت العذراء في تسبحتها "تبتهج روحي بالله مخلصي" (لو1: 47)لذلك لا توافق الكنيسة على أن العذراء حبل بها بلا دنس الخطية الأصلية كما يؤمن أخوتنا الكاثوليك. • وتؤمن الكنيسة بشفاعة السيدة العذراء وتضع شفاعتها قبل الملائكة ورؤساء الملائكة، فهي والدة الإله، وهي الملكة القائمة عن يمين الملك. 4. والكتاب يلقب العذراء بأنها "الممتلئة نعمة"وللأسف فإن الترجمة البيروتية- إقلالا من شأن العذراء- تترجم هذا اللقب بعبارة "المُنعم عليها"وكل البشر مُنعم عليهم، أما العذراء فهى الممتلئة نعمة.على أن النعمة لا تعني العصمة. 5. والكنيسة تؤمن بدوام بتولية العذراء ولا يشذ عن هذه القاعدة سوى أخوتنا البروتستانت.الذين ينادون بأن العذراء أنجبت بنين بعد المسيح. 6. وتؤمن الكنيسة بصعود جسد العذراء إلى السماء،وتعيد له في 16 مسرى. مثلث الرحمات قداسة البابا شنودة الثالث من كتاب السيدة العذراء مريم
المزيد
08 أغسطس 2019

العذراء مريم والدة الإله

ولد الكلمة من الآب بطريقة لا ندركها بل هى فوق مستوى الإدراك لكنه فى الزمان الاخير تجسد وولد من امرأة حسب الجسد. والذى حدث انه اخذ من العذراء القديسة جسداً واتحد به اتحاداً حقيقياً. لذلك نعتقد ان العذراء القديسة هى والدة الإله لانها ولدته حسب الجسد لكنه مولود فى ذات الوقت من الآب قبل كل الدهور . اذا كان هناك احد ما يتجرأ او يعلم ان العذراء مريم ولدت الطبيعة الإلهية غير الجسدانية فإن هذا هو الجنون بعينه لإن الطبيعة الإلهية ليست من تراب الأرض حتى تولد منه ولا تلك الخاضعة للفساد (اى العذراء) تصبح أماً لعدم الموت، ولاتلك الخاضعة للموت تلد الذى هو حياة الكل، ولا غير المادى يصبح ثمرة للجسد الذى بطبيعتة خاضع للميلاد وله ابتداء فى الزمان. الجسد لا يمكنه ان يلد الذى لا بداية له. لكننا نؤكد ان الكلمة صار ما نحن وأخذ جسداً و أتحد به اتحاداً حقيقياً بطريقة فوق الإدراك او التعبير وانه تأنس وولد حسب الجسد. ألا تولد النفس البشرية وهى من طبيعة مختلفة عن الجسد لأنها متحدة به، ولا أظن ان احداً سيفترض ان النفس لها طبيعة الجسد او انها تتكون معه، وانما الله بطريقة غير معروفة يغرسها فى الجسد وتولد معه. ولذلك نحن نحدد ان الكائن الحى الواحد المولود هو من اثنين. وهكذا الكلمة هو الله لكنه تجسد، وايضاً ولد حسب الجسد و بطريقة بشرية لذلك تدعى التى ولدته والدة الإله. [1] حيث ان العذراء القديسة ولدت جسدياً الله متحداً بالجسد الإقنوم فنحن نقول انها “والدة الإله” ليس ان طبيعة الكلمة تأخذ بداية وجودها من الجسد لانه (اى الكلمة) كان فى البدء والكلمة كان الله “وكَانَ الْكَلِمَةُ اللَّهَ” (يو 1:1) وهو نفسه خالق الدهور وهو ازلى مع الآب وخالق كل الاشياء لانه كما قلنا سابقاً انه اذ وحد الانسانى بنفسه اقنومياً فإنه احتمل الولادة الجسدية من بطنها. واذا قد ولدته امرأة موحداً نفسه بالجسد فسوف ترفع اللعنة اذن عن كل الجنس البشرى. من لا يعترف ان عمانوئيل هو الله بالحقيقة ؟! وبسبب هذا فالعذراء هى “والدة الإله” لانها ولدت جسدياً الكلمة الذى من الله، الذى تجسد فليكن محروماً . [2] نعترف ان ربنا يسوع المسيح ابن الله الوحيد هو إله كامل و انسان كامل ذو نفس عاقلة و جسم، وهو مولود من الآب قبل كل الدهور بحسب لاهوته و انه هو نفسه فى الايام الاخيرة من أجلنا ومن أجل خلاصنا ولد من مريم العذراء بحسب ناسوته وهو نفسه من الجوهر نفسه الذى للآب (او مع الآب) حسب لاهوته ومن نفس الجوهر الذى لنا (او معنا) بحسب ناسوته لانه قد حدث اتحاد بين الطبيعتين لاجل هذا نعترف بمسيح واحد، ابن واحد، رب واحد، و بحسب هذا الفهم للإتحاد بدون اختلاط نعترف بأن العذراء القديسة هى “والدة الإله” لان الله الكلمه قد تجسد و تأنس [3] ربما يقول أحد أن اسم “المسيح” لايطلق فقط على عمانوئيل وحده بل سوف نجده يطلق على آخرين ايضاً لان الله قال فى موضع ما عن اولئك الذين اختيروا و تقدسوا بالروح “لاَ تَمَسُّوا مُسَحَائِي وَلاَ تُسِيئُوا إِلَى أَنْبِيَائِي” (مز15:105) وعلى ذلك فان اسم المسيح يجب ان يطلق ليس فقط و بوجه خاص على عمانوئيل بل ايضاً على كل الباقين الذين يمسحون بنعمة الروح القدس. ولكن توجد هوة كبيرة و اختلافات لا تقارن تفصل بين حالتنا و بين مجد و تفوق مخلصنا. فان كان جميع الآخرين هم مسحاء وهذا معقول جداً بسبب انهم مسحوا, اما المسيح وحده فهو الإله الحقيقى “عمانوئيل” وبالحقيقة, فإن احداً لا يخطىء إن إختار ان يقول ان امهات آخرين هم “والدات مسيح” ولكن ليسوا بآى حال “والدات إله”, ايضاً ان العذراء القديسة وحدها بالمقابلة مع اولئك النساء هى كما ندركها و ندعوها “والدة المسيح” و “والدة الإله” معاً لانها لم تلد مجرد انسان بسيط مثلنا بل بالحرى الكلمة الذى من الله الآب الذى تجسد و تأنس, لاننا نحن ايضاً ندعى آلهه بحسب النعمة أما الإبن فليس إلهاً على هذا النحو، بل بالحرى هو إله بالطبيعة و بالحق حتى وان صار جسداً. ولكن ربما تقولون هذا “قل لى اذن ، هل العذراء صارت والدة لاهوته؟” ورداً على هذا نقول ان كلمة الله نفسه الحى، الكائن بإقنومة، ولد من جوهر الله الآب ذاته وان الذى كان بلا بداية صار له بداية فى الزمن وكان دائماً موجوداً مع الذى ولده و كائناً فيه و موجوداً معه ويشاركه فى التفكير فى ازمنة الدهر الأخير حينما صار جسداً اى حينما اتحد بجسد ذى نفس عاقلة قيل انه ولد ايضاً جسدياً من امرأة. ان سر تجسده هو بكيفية ما مماثل لولادتنا لان امهات اولئك الذين على الارض الخاضعات لقوانين الطبيعة فيما يخص الولادة لهم يثني فى الرحمة وهو الذى ينمو قليلاً بحسب افعال الله غير المدركة ويصل الى النضوج . والله لم يرسل الروح فى الكائن الحى بكيفية معروفة له. هذا بحسب قول زكريا النبى لأنه هو “جَابِلُ رُوحِ الإِنْسَانِ فِي دَاخِلِهِ” (زك 12: 1) وكذلك فإن لوغوس كيان النفس آخر و مع ذلك فلو كانت هؤلاء النساء هن فقط امهات للأجساد التى من الأرض إلا انهن يلدن الكائن الحى كله، وانا اعنى كائناً مكون من جسد ونفس, ولا يقال عنهن انهن يلدن جزءاً من الكائن, ولن يقول أحد ان اليصابات مثلاً كانت اماً فقط لجسد وليست اماً ولدت نفساً فى العالم الى جانب الجسد لانها ولدت المعمدان انساناً ذا نفس و كائناً حياً مكوناً من الإثنين, وانا اعنى انساناً له نفس وجسد معاً . اننا سنقبل ان شيئاً مثل هذا قد حدث فى ولادة عمانوئيل ايضاً, لان كلمة الله الوحيد قد ولد من جوهر الله الآب. ولكن حيث ان الكلمة اتخذ له جسداً وجعله خاصاً به فإنه ايضاً حمل اسم “ابن الانسان” وصار مثلنا . وان رغب احد ان يقول ان أم فلان هى أم لجسده فقط و ليست ايضاً أماً لنفسه، فإنه بذلك يفكر بغباء شديد لان الكائن الحى يولد مكوناً من عنصرين غير متماثلين إلا انه لإنسان واحد وكل عنصر منهما يظل كما هو. والإثنان هما معاً كما فى وحدة طبيعية واحدة ، كما لو كانا يفحصان احدهما الآخر ، وكل منهما ينقل الى الآخر ما هو خاص به . [4] ولكن اولئك الذين يجادلون و يقولون “ان كان هو قد جاء فى الجسد فتكون العذراء قد فسدت وان لم تكن قد فسدت فإنه يكون قد جاء بطريقة خيالية فقط” ، هؤلاء نقول لهم ان النبى يعلن ان “الرَّبَّ إِلَهَ إِسْرَائِيلَ دَخَلَ مِنْهُ فَيَكُونُ مُغْلَقا” (حز 2:44) وايضاً ان كان الكلمة قد صار جسداً بدون تزاوج جسدى اذ انه حبل به بدون ذرع بشر فإنه اذن ولد بدون ان تمس عذراويتها. [5] اننى ارى اجتماع القديسين كل الغيورين اجتمعوا معاً مدعوين من أم الله القديسة الدائمة البتولية مريم. كنت اشعر بالحزن الشديد ولكن حضور الاباء القديسين حول هذا الحزن الى فرح و ابتهاج ، الآن كلمات التسبيح الحلوة التى لداود قد تحققت فى حضورنا “هُوَذَا مَا أَحْسَنَ وَمَا أَجْمَلَ أَنْ يَسْكُنَ الإِخْوَةُ مَعاً” (مز 1:133) . نقول “اعظمك يا مريم يا والدة الإله” بل تنبأ الانبياء و تغنى الرعاة بتماجيد إلهية . الملائكة ترقص و رؤساء الملائكة يسبحون بألحان عظيمة. ينحنى المجوس ساجدين فى عبادة و خشوع، تهلل يوحنا فى بطن أمه وسجد المصباح للنور السرمدى. اشرقت النعمة التى لاينطق بها. و النور الحقيقى اتى الى العالم, ربنا يسوع المسيح نوراً اشرق على الجالسين فى الظلمة و ظلال الموت لأجلك و بسببك اعلن الانجيل “مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ” (مت 9:21) بك تأسست الكنائس الارثوذكسية فى كل مكان. اشرق منك قاهر الموت و محطم الجحيم. منك خرج صانع الخليقة الاولى و اصلح فساد الانسان الاول، ذلك الذى فى يده ملكوت السموات. بك أظهر جمال القيامة و زاد تألق، لقد اشرقت معمودية القداسة العظيمة من الاردن، تقدس يوحنا وتقدست مياة نهر الاردن و طرد الشيطان. بك حصلت كل نفس مؤمنه على الخلاص السلام للثالوث القدوس الذى دعانا معاً فى هذة الكنيسة المكرمة على أسم العذراء والدة الإله السلام لك منا يا والدة الإله نعظمك، نعظمك يا والدة الإله الكنز المرهوب الذى اغنى العالم كله. المصباح غير المنطفىء تاج البتولية صولجان الارثوذكسية، الهيكل غير الفاسد، الإناء الذى حوى غير المحوى، الأم و العذراء التى بك قيل فى الأناجيل “مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ” (مت 9:21) السلام لك يا من حويت غير المحوى فى بطنك القدوس البتول. بك سقط الشيطان المجرب من السماء وعادت الخليقة الساقطة الى الفردوس. بك قدمت المعمودية ومسحة الميرون الى المؤمنين. بك تأسست الكنائس فى كل العالم و تغيرت الشعوب ماذا اقول اكثر من ذلك ؟! منك اشرق الإبن الوحيد الجنس مثل نور لأولئك الجالسين فى الظلمة و ظلال الموت، بك تنبأ الانبياء وبك كرز الرسل بالخلاص للامم. بك قام الاموات وحكم العظماء وملك الثالوث القدوس. مَن مِن البشر يقدر ان يمدح مريم المطوبة البطن البتولى، يالهذا العجب ان هذه العجبية تهزنى بشدة فرحاً. هل سمع ان البنّاء منعه احد من ان يسكن فى الهيكل الذى بناه هو نفسه ؟! هل يلام من دعى خادمته لتكون اماً له ؟! “مَا أَجْمَلَ أَقْدَامَ الْمُبَشِّرِينَ بِالسَّلاَمِ” (رو 10: 15) اى سلام هذا ! انه ربنا يسوع الذى ولد من مريم حسبما اراد هو . [6] القديس كيرلس السكندري
المزيد
07 أغسطس 2019

صوم العذراء مريم

تحتفل الكنيسة في أول مسرى (7 أغسطس) بصوم السيدة العذراء، وهو صوم يهتم به الشعب اهتمامًا كبيرًا، ويمارسه بنسك شديد. والبعض يزيد عليه أيامًا. وذلك لمحبةالناس الكبرى للعذراء وصوم العذراء مجال للنهضات الروحية في غالبية الكنائس يعد له برنامج روحي، لعظات كل يوم، وقداسات يومية أيضًا في بعض الكنائس، حتى الكنائس التي لا تحمل اسم العذراء ويقام عيد كبير للسيدة العذراء في كنيستها الأثرية بمسطرد بل تقام أعياد لقديسين آخرين في هذه الأيام أيضًا فعيد القديس مارجرجس في دير ميت دمسيس يكون في النصف الثاني من أغسطس، وكذلك عيد القديس أبا مقار الكبير. وعيد القديس مارجرجس في ديره بالرزيقات وفي نفس صوم العذراء نحتفل بأعياد قديسات مشهورات مثل القديسة بائيسة (2 مسرى: 8 أغسطس)، والقديسة يوليطة (6 مسرى: 12 أغسطس) والقديسة مارينا (15 مسرى: 21 أغسطس) بل أثناء صوم العذراء أيضًا نحتفل بعيد التجلي المجيد يوم 13 مسرى (19 أغسطس) وفي نفس الشهر (7 مسرى: 13 أغسطس) تذكار بشارة الملاك جبرائيل للقديس يواقيم بميلاد مريم البتول إن صوم العذراء ليس هو المناسبة الوحيدة التي تحتفل فيها الكنيسة بأعياد العذراء، وإنما يوجد بالأكثر شهر كيهك الذي يحفل بمدائح وتماجيد وابصاليات للعذراء مريم القديسة وصوم العذراء يهتم به الأقباط في مصر، وبخاصة السيدات، اهتمامًا يفوق الوصف كثيرون يصومونه (بالماء والملح) أي بدون زيت. وكثيرون يضيفون عليه أسبوعًا ثالثًا كنوع من النذر. ويوجد أيضًا من ينذر أن يصوم انقطاعًا حتى ظهور النجوم في السماء فما السر وراء هذا الاهتمام؟ أولًا: محبة الأقباط للعذراء التي زارت بلادهم وباركتها، وتركت آثارًا لها في مواضع متعددة في كنائس. ثانيًا: كثرة المعجزات التي حدثت في مصر بشفاعة السيدة العذراء، مما جعل الكثيرين يستبشرون ببناء كنيسة على اسمها ولعل ظهور العذراء في كنيستها بالزيتون وما صحب هذا الظهور من معجزات، قد أزاد تعلق الأقباط بالعذراء، وبالصوم الذي يحمل اسمها. مثلث الرحمات قداسة البابا شنودة الثالث من كتاب السيدة العذراء مريم
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل