المقالات

27 يوليو 2024

إنجيل عشية الأحد الثالث من شهر أبيب ( لو ١٤ : ٧ - ١٥ )

" وقال للمدعوين مثلاً، وهو يُلاحظ كيف اختاروا المتكاتِ الأولى قائلاً لهُمْ: مَتَى دُعيتَ مِنْ أَحَدٍ إِلَى عرس فلا تَتَّكِي فِي المُتَّكَ الأَوَّلِ، لَعَلَّ أَكْرَمَ مِنكَ يكون قد دعي منه. فيأتي الذي دعاك وإِيَّاه ويقول لك: أعط مكانًا لهذا. فحينئذ تبتَدِى بِحَجَلٍ تَأخُذُ المَوْضِعَ الأخير. بل متی دعيت فاذهَبْ واتَّكِي فِي المَوْضِعِ الأخير، حتى إذا جاء الذي دعاك يقول لك : يا صديق، ارتفع إلى فوق. حينئذ يكون لك مجد أمامَ المُتَّكِئِينَ معكَ. الأَنَّ كُلَّ مَنْ يَرْفَعُ نَفْسَهُ يَتَّضِعُ ومَنْ يَضَعُ نَفْسَهُ يَرْتَفِعُ. وقال أيضًا للذي دَعاهُ : " إذا صَنَعَتَ غَدَاءً أَو عَشَاءً فلا تدع أصدقاءك ولا إخوتك ولا أقرباءك ولا الجيران الأغنياء، لئلا يَدعوكَ هُم أيضًا، فتكون لك مكافاة. " بل إذا صنعت ضيافَةً فادع المساكين، الجدع، العُرج، العمي، فيكون لك الطوبى إذ ليس لهم حتى يُكافوك لأنَّكَ تُكافى في قيامَةِ الأبرار. فَلَمَّا سَمِعَ ذلكَ وَاحِدٌ مِنَ المُتَّكِئِينَ قَالَ لَهُ: طُوبَى لمَنْ يَأْكُلُ خُبزًا في ملكوت الله ". إنجيل القداس: معجزة إشباع الجموع. إنجيل العشية المتكأ الأخير طوبى لمن يأكل خبزا في ملكوت السموات". قال مثلاً وهو يلاحظ كيف اختاروا المتكات الأولى. الرب يلاحظ طرق البشر وعيناه تخترقان أستار الظلام فإن أدركت هذه الحقيقة يجب أن تسلك بخوف وحكمة واتضاع عارفًا أن الله ينظر ويلاحظ كان المتكئون يسرعون لكي يأخذوا مكان الصدارة والمتكات الأولى وعينا يسوع تلاحظهم... ليس كما يلاحظ الناس مظاهر الأعمال، ولكن كان يلاحظ حركة قلوبهم وفكرهم ونياتهم الداخلية، علة الكبرياء والأنا كانت هي الدافع والمحرك - وهي دائمًا كذلك - ولكن الرب لا يترك موقفًا إلا ويعلم لكي يخلص سامعيه بكلمة الحياة حينما يتبعون منهجه الإلهي كيف يخلص الإنسان من الكبرياء وتزكية الذات؟. بالمسيح - بالاتضاع - بالمتكأ الأخير ... وليس ثمة علاج آخر الذي يختار المتكأ الأول يزكي نفسه ويضع غيره منهج المسيح أن يضع الإنسان نفسه ويقدم غيره في الكرامة.وإن ركزنا بصرنا نحو إنجيل القداس حيث اتكأ الجميع ضيوفا على مائدة المسيح بشبه مائدة ذبيحة جسده الذي كسره خبزًا للحياة الأبدية ... نقول كيف نختار المتكات في هذا الملكوت حيث الملك جالس على الجبل الذي أسس عليه كنيسته ورسله الأطهار هم الموكلون بتجليس الناس. يا للخجل الذي ينالنا حينما نفكر في المتكات الأولى وأنه لا يوجد أكرم منا في كنيسة المسيح وملكوته!!. يا للخجل حينما يزكي الإنسان ذاته ويشتهي كرامة الكهنوت مثلاً !!. أين يذهب من ملاحظة المسيح له ومن عينيه التي تنظران إلى القلب !!. اتكئ في الموضع الأخير هناك تجد المسيح الذي أخلى ذاته وأخذ شكل العبد ووضع نفسه حتى الموت موت الصليب. لذلك رفعه الله وأعطاه اسما فوق كل اسم". اتكئ في الموضع الأخير ... إن كنت تشعر أنك خاطئ شعورًا حقيقيًا من القلب، فليس للخاطئ أن يتكئ في المتكات الأولى.كل من يرفع نفسه يتضع ومن يضع نفسه يرتفع هكذا يقول الرب. وحتى عندما أذهب إلى المتكأ الأخير، أشعر في نفسي أنه فضل من الله مجرد وجودي بين المتكئين وأنا لا أستحق حتى المتكأ الأخير ، فأوجد شاكرًا فرحًا أنني حسبت أهلاً أن أوجد في مجمع القديسين الذي هو كنيسة الله ولو في المتكأ الأخير. الآباء القديسون ضربوا أروع الأمثلة في اختيار المتكأ الأخير ... لما اختار الرب البابا كيرلس السادس ليجلسه في المتكأ الأول ظل يبكي متمسكا بالمتكأ الأخير وكان يقول كنت أتمنى أن أموت مجهولاً. كانوا يأتون بالآباء المختارين من الله للبطريركية في التاريخ القديم وهم مربوطون بسلاسل حديد ويحضرونهم قسرًا وكانوا يهربون من كرامة المتكات الأولى ويتعللون بعلل حتى يفلتوا ... أحدهم قطع لسانه لكي يعفي نفسه!! شيء يفوق الوصف ولكن لأنه كان مختارًا من الله أمر أحد الأساقفة أن يفتحوا فمه ووضع الجزء المقطوع في مكانه وابرأه فخضع للآباء وسار معهم. مار إسحق يقول : من يطلب الكرامة تهرب منه ومن يهرب منها بمعرفة فإنها تتبعه وترشد إليه الكثيرين". فإن كان لا يليق أن نتصرف هكذا في متكات العالم،فلا نختار المتكات الأولى ثم يلحقنا الخزي إذ يطردوننا منها ويعطوها لآخرين ... فبالأولى يكون سلوك أولاد الله الروحيين في الكنيسة. يكون سلوك إنكار الذات والهروب من الكرامة هو أساس حياتهم ومبدأهم. متى صنعت وليمة": ادع المساكين إلى مائدتك ولا تتأفف من عاداتهم ولا من وسخ ملابسهم ... فهم جسدك، أعضاء في جسد المسيح، بل أخوته، وهم إذ ليس لهم ما يكافئونك به سيدفع المسيح عنهم، ويكافئك مكافأة سماوية لا تخطر على بال البشر.طوباك يا أنبا أبرام أسقف الفيوم لأنك عشت كلمات سيدك في حياتك كلها فحسبت نفسك أحد هؤلاء المساكين وسعدت بصحبتهم ولم تتأفف منهم بل احتضنتهم برفق المسيح أكلاً معهم فهم كانوا مدعوين إلى مائدتك كل يوم ترى أي مكافأة عظيمة نلتها في السموات !؟. الأم تريزا الراهبة المعاصرة التي عاشت في الهند تعتني بالمرضى بالأمراض الخطيرة والمعدمين والمعوقين وكانت تحنو عليهم كأم ارتفع رصيدها في المجد من الله والناس ومن المسيحيين وغير المسيحيين والبوذيين والذين ليس لهم دين. ما أجمل وصايا المسيح حين تخرج إلى حيز التنفيذ في حياة الذين يؤمنون ويصدقون قول الرب ويتبعونه بكل قلوبهم. طوبى لمن يأكل خبزا في ملكوت الله: يبدو أن كلام المسيح وإن كان بحسب الظاهر يدعو إلى اتباع آداب الأفراح والمآدب، فالمدعوين يجب ألا يختاروا لأنفسهم المتكات الأولى. والذين يصنعون الولائم يجب أن يهتموا بالمساكين وهكذا فهم الذين كانوا يسمعون الرب. ولكن واحدًا وحيدًا فيما بينهم صرخ بهذا القول: "طوبي لمن يأكل خبزًا في ملكوت الله". لقد اتجه فكره نحو المائدة السمائية وعشاء عرس الخروف وخبز الحياة الأبدية.... فطوب أصحاب النصيب الفاخر الذين سيحسبون أهلاً لهذه الكرامة السماوية. المتنيح القمص لوقا سيداروس عن كتاب تأملات في أناجيل عشية الآحاد
المزيد
26 يوليو 2024

نشكرك لأنك ... نعمة القبول

من أجمل الكلمات التي يمكن للإنسان أن يخاطب بها الله في تشكرك وحسب تقليد كنيستنا، فإن هذه العبارة هي المقدمة التعبدية التي تفتتح بها صلواتنا في كل المناسبات بعد أن نتلو الصلاة الربانية "في البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الله، وكان الكلمة الله. هذا كان في اليد. عند الله كل شيء به كان، وبغيره لم يكن شيء مما كان فيه كانت الحياة، والحياة كانت نور الناس، والنور يضي، في الظلمة والظلمة لم تدركه كان إنسان مرسل من الله اسمه يوحنا هذا جاء للشهادة ليشهد النور، لكي يؤمن الكل بواسطته لم يكن هو النور، بل ليشهد للنور كان النور الحقيقي الذي ينير كل إنسان أنيا إلى العالم كان في العالم، وكون العالم به، ولم يعرفه العالم إلى خاصته جاء، وخاصته لم تقبله. وأما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطاناً أن يصيروا أولاد الله أي المؤمنون باسمه"(يو١: ۱-۱۲) إن كل إنسان في هذه الحياة، يسعى دائما أن يكون مقبولاً عند الآخرين، فمثلاً الراهب يسعى أن يكون مقبولاً عند رئيس الدير واخوته الرهبان، وآخر يسعى أن يكون مقبولاً في عمله، وآخر يسعى أن يكون مقبولاً في الخدمة أو في محيط الأسرة أو.. وهكذا فنعمة القبول نعمة عظيمة جدا، عندما يجدها الإنسان في حياته، وهذه النعمة تجدها متكررة كثيرة جدا، في مشاهد من الكتاب المقدس، سواء كان ذلك في العهد القديم أو العهد الجديد، فيقول الكتاب إلى خاصته جاء وخاصته لم تقبله وأما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطانا أن يصيروا أولاد الله أي المؤمنون باسمه (يو١ : ۱۱-۱۲). مشاهد من نعمة القبول في العهد القديم: إن نعمة قبول الله للإنسان كانت تظهر قديما من خلال تقديم الذبائح، فكان الإنسان منذ بدء الخليقة يقدم الذبائح لله وكان قبولها علامة لرضا الله عنه، أما رفضها فكان دليل غضب الله على الإنسان أو على شعبه، إن كانت تقدم عن الشعب فمثلاً قايين قدم ذبيحته من أثمار الأرض، أما هابيل فقدم من أبكار غنمه. فنظر الله إلى هابيل وقربانه، ولم ينظر إلى قايين وقربانه كما يقول الكتاب وإن قايين قدم من أثمار الأرض قرباناً للرب، وقدم هابيل أيضا من أبكار غنمه ومن سمانها. فنظر الرب إلى هابيل وقربانه، ولكن إلى قايين وقربانه لم ينظر، (تك ٣:٤-٥). وقد قبل الرب ذبيحة هابيل، لأنها كانت ذبيحة حيوانية دموية كما يعلمنا الكتاب وكل شيء تقريبا يتطهر حسب الناموس بالدم. وبدون سفك دم لا تحصل مغفرة(عب ٢٢:٩) وهكذا نوح قدم ذبيحة للرب بعد خروجه من الفلك، فيقول الكتاب " وبني نوح مذبحا للرب. وأخذ من كل البهائم الطاهرة ومن كل الطيور الطاهرة وأصعد محرقات على المذبح، فتنسم الرب رائحة الرضاء "(تك ٢٠:٨-٢١)، وعبارة "فتنسم الرب رائحة الرضا" تشير إلى رضا الرب عن نوح الصديق. وفي عهد موسى النبي كانت تقدم ذبائح عن خطايا الشعب، ويطلب رضا الله، فيقول الكتاب عن هذه الذبائح إنها كانت "رائحة سرور وقود وهو للرب (خر ۱۸:۲۹) وكلمة "سرور" تعنى فرح ورضا وقبول فكانت الذبيحة مبعث شعور عند الإنسان أنه مقبول لدى الرب. وإذا تأملنا في العهد القديم قليلاً، نجد أن الله أحياناً كثيرة كان يغضب على شعبه بسبب خطاياهم الكثيرة، لذلك كان يرفض ذبائحهم التي تقدم لها كما يقول الكتاب "محرقاتكم غير مقبولة، وذبا ئحكم لا تلذ لي" (إر ٢٠:٦). إن شعب بني إسرائيل قديما، عندما كان يعيش في رضا الله وطاعته كان الله يتقبل ذبائحهم كرائحة سرور كما يقول الكتاب في سفر إشعياء "وتكون محرقاتهم وذبائحهم مقبولة على مذبحي لان بيتي بيت الصلاة يدعى لكل الشعوب (إش ٧:٥٦). إن عملية القبول خطيرة جدا في حياة الإنسان، وفي مسيرة حياته الروحية فكل إنسان منا قد يقوم بأعمال كثيرة خلال يومه، وهذا أسأل نفسك أيها الحبيب، هل تتنسم رائحة رضا الله وسروره عن كل ما تقوم به من أعمال !! هل تشعر أنك مقبول لدى الله هل تستطيع أن تصلى كل يوم وتقول، أشكرك يارب لأنك قبلتني إليك؟ وإرميا النبي وقف في إحدى المرات يعاتب الله في سفر المراثي على تركه له قائلاً "لماذا تنسانا إلى الأبد وتتركنا طول الايام ارددنا يارب إليك فنرتد جدد أيامنا كالقديم. هل كل الرفض رفضتنا هل غضبت علينا جدا، (مر ٢٠:٥١-٢٢) وهذا حال كل إنسان يقف يناجي الله ويسأله هل أنا مقبول أمامك هل حياتي وسلوكي مقبول امامك يارب ؟ إن الله عندما كان يرضى عن شعبه ويقبله إليه يرنم الشعب فرحاً قائلاً: غنوا للرب ترنيمة جديدة تسبيحته في جماعة الاتقياء ليفرح إسرائيل بخالقه، (مز ١:١٤٩-٢) ونقف قليلاً عند شاول الملك الذي رفض الرب وفارقه روح الرب، لأنه تعدى على الكهنوت، وقدم ذبيحة للرب " هوذا الاستماع أفضل من الذبيحة والإصغاء أفضل من شحم الكباش" (١صم ٢٢:١٥)، وهذا نسمع تحذير الله له على لسان صموئيل النبي قائلاً لأنك رفضت كلام الرب رفضك من الملك (١صم ٢٢:١٥).مشاهد من نعمة القبول في العهد الجديد كما نعلم جميعاً أنه في العهد الجديد، لا توجد ذبائح دموية، وإنما أصبح سر التوبة والاعتراف هو الذبيحة التي يقدمها كل إنسان باعتبار أن السيد المسيح ذبح لأجلنا ولأجل خلاصنا، فعندما يشعر الإنسان أنه مقبول عند الله، يشعر داخله بالفرح والسلام مهما هاجت الأمواج. وايضا يشعر بالبركة في حياته ويظهورات قديسين له فتظهر له أطياف من القديسين تزوره وتفرح به ويتعزى بها فالسماء تفرح بخاطي واحد يتوب كما يقول الكتاب إنه هكذا يكون فرح في السماء بخاطئ واحد يتوب أكثر من تسعة وتسعين باراً لا يحتاجون إلى توبة (لو ٧:١٥) وسنذكر الآن بعض الاسئلة التي تبين قبول الله للإنسان أولاً: دعانا أولاده وهذه دعوة خاصة، تشعر الإنسان بالقرب إلى الله، فعندما تقف للصلاة تقول "أبانا الذي في السماوات" . وهي صلاة علمها لنا رب المجد بنفسه. كما قال الكتاب "فقال لهم: متى صليتم فقولوا: أبانا الذي في السماوات ليتقدس اسمك، (لو ۲:۱۱) وفي العظة على الجبل، كرر السيد المسيح مرات كثيرة عبارة "أبوكم السماوي"مثال لذلك " انظروا إلى طيور السماء إنها لا تزرع ولا تحصد ولا تجمع إلى مخازن وأبوكم السماوي يقوتها الستم أنتم بالحرى أفضل منها، (مت ٢٦:٦) وأيضا (مت ٦ ١٤، ١٥) ،(۱۱:۷)وأيضاً في (مر ٢٥:١١-٢٦) ثانياً الله يقبل الخطاة: وهذا أمر مفرح للإنسان، فالإنسان الذي يقع في الخطية، أو يعيش في خطايا معينة، أو يبتعد عن الله يشعر في داخله بعدم السلام، وكانه مرفوض ومكروه ولا أحد يبالي به والقديس بولس الرسول يقول "الذي يريد أن جميع الناس يخلصون، وإلى معرفة الحق يقبلون" (١ تي ٤:٢) وهذا ما حدث مع المرأة الخاطئة.فقد غفر لها السيد المسيح خطيئتها. كما ذكر الكتاب فقال للمرأة إيمانك قد خلصك اذهبي بسلام (لو ٥٠:٧) وأيضاً قبل زكا العشار الذي بسببه حدث تذمر من الكتبة والفريسيين على السيد المسيح. وقالوا كيف يدخل بيت إنسان خاطئ وهنا أجابهم المسيح قائلاً: "اليوم حصل خلاص لهذا البيت، إذ هو أيضاً ابن إبراهيم، لأن ابن الإنسان قد جاء لكي يطلب ويخلص ما قد هلك"( لو ۹:۱۹-۱۰) ثالثاً: الله يقبل الأطفال: وليس الأطفال فقط، بل أيضا يعيش بروح الأطفال، كما قال الكتاب "دعوا الأولاد يأتون إلى ولا تمنعوهم لأن لمثل هؤلاء ملكوت السماوات" (مت ١٩ :١٤)،ولعلنا جميعاً نتذكر صورة جميلة،كنا نأخذها في مدارس الأحد للسيد المسيح وهو فاتح ذراعيه للأطفال فالمسيح يحب ويقبل كل من يعيش بقامة الأطفال،كما علمنا الكتاب قائلاً" إن لم ترجعوا وتصيروا مثل الأولاد فلن تدخلوا ملكوت السموات" (مت ۳:۱۸)، وهذه القامة تتميز بالبساطة والنقاوة والبراءة. وبالحياة البعيدة عن أية خطية رابعاً: الله يقبل الضعفاء يقول معلمنا بولس الرسول "اختار الله جهال العالم ليخزى الحكماء. واختار الله ضعفاء العالم ليخزى الأقوياء واختار الله أدنياء العالم والمزدري وغير الموجود ليبطل الموجوده (۱کو١: ۲۷-۲۸) فالله يستخدم الضعفاء والصغار لكيما يتمجد فيهم ويقبلهم ففي زمن السيد المسيح، كان العالم ينقسم إلى فئتين أمم ويهود، وكان اليهود يطلقون على الامم لفظاً صعباً وهو أنهم . كالكلاب ونرى هذا بوضوح في قصة المرأة الكنعانية التي طلبت من السيد المسيح شفاء ابنتها، فقال لها المسيح "ليس حسناً أن يؤخذ خبز البنين ويطرح للكلاب" (مت ١٥ :٢٦) ولكن هذه الأم بإيمانها القوى بشخص المسيح، أجابته قائلة "نعم يا سيد والكلاب أيضاً تأكل من الفتات الذي يسقط من مائدة أربابها" (مت ٢٧:١٥)، وقد استجاب لها الرب وشفى ابنتها، وهذا يبين كيف قبل السيد المسيح الامم لذلك عندما نتامل في قصة ميلاد السيد المسيح، نجد أنه قد أتي لزيارته مجموعتان مجموعة الرعاة وهم يمثلون اليهود، ومجموعة المجوس وهم يمثلون الأمم، لكن للاسف رفض اليهود أن يعيشوا في المسار الصحيح، كما قال الكتاب" إلى خاصته جاء، وخاصته لم تقبله (يو١ :۱۱) فهناك انسان يرفض النور ويفضل أن يعيش في الظلمة خامسا: الله يقبل الأعمال الصغيرة فكما يعلمنا الكتاب أن كاس ماء بارد لا يضيع أجره "ومن سقى أحد هؤلاء الصغر كأس ماء بارد فقط باسم تلميذ. فالحق أقول لكم: إنه لا يضيع أجره "(مت ٤٢:١٠)، فمجرد أن يقوم إنسان بتقديم كأس ماء إلى شخص يشعر بالظماء الله يكافئه !! إنه عمل بسيط جداً. ومع هذا الله لا يضيع أجره، وليس هذا فقط بل وأيضاً يفرح بها ومن أمثلة ذلك، قصة الأرملة صاحبة الفلسين، لقد امتدحها السيد المسيح وقال عنها "الحق أقول لكم إن هذه الأرملة الفقيرة قد القت أكثر من جميع الذين القوا في الخزانة، لأن الجميع من فضلتهم القوا وأما هذه فمن إعوازها القت كل ما عندها، كل معيشتها (مر ٤٢:١٢-٤٤)، فالله يقبل ويستخدم حتى الأمور الصغيرة ويحقق بها نجاحات كبيرة ويذكر لنا تاريخ الكنيسة قصة القديس الأنبا باخوميوس أب الشركة وكيف أمن وأصبح من أياء الرهبنة العظام !! فيقول التاريخ عنه: إنه عندما كان جندياً في الجيش، عسكرت كتبيته بجانب مدينة إسنا وهناك فوجي أن أهل اسنا خرجوا اليهم بالطعام والشراب فتعجب وبدأ يسأل من هؤلاء الناس. ولماذا يفعلون لنا هذا، وهم لا يعرفوننا " وكانت الإجابة أنهم مسيحيون والمسيحية تعلمهم فضيلة إضافة الغرباء "كنت غريباً فاويتموني"( مت ٣٥:٢٥). إن من قام بإعداد كل هذا الطعام هم سيدات القرية البسطاء. وهم لا يعلمون من هم هؤلاء الجنود ولكنهم اعدوا هذا الطعام بكل أمانة وإخلاص وربما بصلواتهم أيضاً. وقد اصطاد هذا العمل البسيط نفس الجندي الشاب باخوميوس الذي قرر أن يصير مسيحيا، إن عاد سالماً من الحرب لقد قبل الله العمل البسيط الذي قامت به السيدات من إعداد الطعام، وقبل أيضا هذا الشاب الصغير الذي صار فيما بعد مؤسس حياة الشركة الرهبانية سادسا الله يقبل عبارات الصلاة القصيرة فقبل اللص اليمين وهو على عود الصليب حينما صرخ قائلاً هذه العبارة الصغيرة "اذكرني يارب متى جئت في ملكوتك"( لو ٤٢:٢٣) ويقبل منا صلواتنا اليومية القصيرة مثل "ياربي يسوع المسيح ارحمني أنا الخاطئ" و"اللهم التفت إلى معونتي يارب أسرع وأعني" وغيرها من الصلوات القصيرة وايضا يقبل منا عبارة كيرياليسون، التي تكررها كثيرا في صلواتنا فكل هذه العبارات القصيرة والصلوات الكثيرة يقبلها الله ويقبل قائلها كما فعل مع اللص اليمين فالله يقبلنا ويقبل كل أعمالنا الصغيرة، كما يقول الكتاب" تعالوا یا مبارکی ابی رثوا الملكوت المعد لكم منذ تأسيس العالم لأني جعت فاطعمتمونی عطشت فسقیتموني كنت غريباً فأويتموني عريانا فكسوتموني مريضا فزرتمونی محبوسا فاتيتم إلى" (مت ٣٤:٢٥-٣٦). كيف ينال الإنسان القبول من الله أولاً اجعل إيمانك مقترنا باعمالك فلا تجعل إيمانك إيمانا صامتا أو أخرس فعبر عن إيمانك بأعمالك، كما يقول القديس بولس الرسول "الإيمان العامل بالمحبة "(غل ٦:٥) بمعنى أن الإيمان الموجود داخل القلب يجب أن يترجم إلى أعمال محبة يقول الكتاب "ولكن بدون إيمان لا يمكن إرضاؤه "(عب ٦:١١)، فاجعل إيمانك دائما مقترنا بالأعمال، لأن الإيمان بدون أعمال میت كما يقول معلمنا يعقوب الرسول "ما المنفعة يا أخوتي إن قال أحد أن له إيمانا ولكن ليس له أعمال هل يقدر الإيمان أن يخلصه هكذا الإيمان أيضا إن لم يكن اعمال ميت في ذاته" (يع ١٤:٢-١٧) فمثلاً في مثل العذاري الحكيمات والجاهلات، تجد أنهن تشابهن في كل شيء عددا وشكلاً و إلخ، لكن كان هناك فرق واحد بينهن وهو أن الحكيمات كن مستعدات وقد سهرن وملأن مصابيحهن أما الجاهلات فأهملت كل شيء لذلك قال لهن العريس "الحق اقول لكن إلى ما اعرفكن (مت ١٢:٢٥)، والله لا يسمح أن يسمع أحد منا هذه العبارة القاسية.ونقرأ أيضا في الكتاب المقدس عن استير الملكة،وما فعلته لكي ما تنفذ شعبها من الفناء والإبادة فقد تطلب منها الأمر أن تدخل إلى الملك بدون دعوة منه، لكي ما تطلب منه انقاذ شعبها ولكن هذا الأمر كان من الممكن أن تدفع حياتها ثمنا له!! وهنا وبايمان كامل طلبت من الشعب أن يصلي ويصوم من أجل أن يعطيها الله نعمة امام الملك "صوموا من جهتي ولا تأكلوا ولا تضربوا ثلاثة أيام ليلا ونهارا. وأنا أيضا وجواری نصوم كذلك وهكذا أدخل إلى الملك خلاف السنة فإذا هلكت هلكت"(اس ١٦:٤)، وبالفعل وجدت نعمة أمام الملك، وأنقذت شعبها من الإبادة ثانيا: التوبة المستمرة إن الله يحب ويقبل الإنسان، الذي له التوبة المستمرة التي تعبر عن نقاوة قلبه. ويقبل أيضا من يحفظ ثوبه الأبيض الذي ارتداء يوم المعمودية، فالسيد المسيح مازال يدعونا كل يوم قائلاً "ارجعوا إلى يقول رب الجنود فارجع اليكم. يقول رب الجنود "(زك١ :۳) وايضا يقول "ومن يقبل إلى لا أخرجه خارجا "(يو٦ : ۳۷) وهنا نتذكر مثل الابن الضال، الذي رجع إلى أبيه بعد فترة من الضلال والاتعاب والخطايا، وقد استقبله أبوه ورحب به وفرح به وقبله إليه كما قال الكتاب "واذا كان لم يذل بعيدا راه ابوه، فتحنن وركض ووقع على عنقه وقبله" (لو ٢٠:١٥)، وهذه هي التوبة الصادقة التي ينطبق عليها قول الكتاب "تعالوا إلى يا جميع المتعبين والثقيلي الاحمال، وأنا أريحكم (مت ۲۸:۱۱) ثالثا: التقوى: يذكر لنا الكتب أنه عند مقابلة بطرس الرسول مع كرنيليوس قائد المئة أنه قال له" بل في كل امة الذي يتقيه ويصنع البر مقبول عنده" (۱ع ٣٥:١٠)، فالتقوى تعنى مخافة الله، سواء كان ذلك في داخل غرفة الإنسان أو أمام الآخرين في الداخل كان أو في الخارج في كل مكان والمخافة في حضور الله الدائم في حياة الإنسان، كما قال معلمنا داود النبي "جعلت الرب أمامي في كل حين لأنه عن يميني فلا اتزعزع (مز ٨:١٦) وأمنا العذراء مريم تقول في تسبحتها" ورحمته إلى جيل الأجيال للذين يتقونه "(لو١: ٥٠)، فهي تقول لنا هذا الوعد الجميل فليعطنا الله دائما أن نعيش هذه النعمة ونتمتع ونفرح بها قداسة البابا تواضروس الثاني عن كتاب نشكرك لأنك
المزيد
25 يوليو 2024

تعاليم أريوس

لا يتضح من تعاليم أريوس تناسقاً فى كل ما وصلنا من نصوصه حيث أن بعضها كانت تخفى وراءها واقع الأمر وحقيقته. إذ كانت تعاليمه مضللة.. ويبدو هذا جلياً فى رسالته إلى أسقف نيقوميدية، وفى باقته الشعرية "ثالثا". ولم تقتصر تعاليمه هذه على مدرسة واحدة، كما قال كثيرون – أى أنها لم تنطلق لا عن وحدانية الله الكتابية التى أعتنقها الأنطاكيون المتطرفون الذين أعتقدوا بأن الابن تهذب وتشكل بهبوط قوة إلهية مجردة على يسوع..، كما أنها لم تنطلق عن فكرة الوحدانية التى أعتنقها السكندريون المتطرفون الذين أعتقدوا بأن هذه الوحدانية الإلهية اتسعت لتحوى كل الموجودات الإلهية، بل هى نشأت عن فلسفة الوحدانية. وحيث أن أريوس كان موحداً متطرفاً فإنه أراد أن يؤكد أن الله كان واحداً وأنه فى نفس الوقت متحول. أن حل وحدانية الله إنما سيعنى تمييزالله إلى أب وابن. أما حل التحول إنما سيكون بواسطة خليقة هذا العالم. وهو أمر سئ فى كل الأحوال وبحسب هذه الأفكار، فإن الله واحد، غير مولود وحده، سرمدى وحده، ليس له بداية وحده. الحقيقى وحده، الذى له الخلود وحده. وبجانب الله، لا يوجد كائن آخر.. ولكن عن طريقه توجد قوة عامة (لا شخصية) هى "الحكمة والكلمة".. وهذه التعاليم مأخوذة عن "الوحدانية المقتدرة" التى لبولس الساموساطى. ولكن فكره اللاهوتى يوضح إعتماداً أكثر على "المدافعين". وتأثيرات "الغنوسيين". فيما أن الله كان واحداً فهو لم يكن أباً "الله لم يكن دائماً أباً. أما فيما بعد فقد صار أباً"ولقد صار الله أباً عندما أراد أن يخلق العالم. عندئذ خلق كائناً واحداً. هذا الكائن أسماه الابن، ويسمى استعاريا الكلمة أو الحكمة إذن فحسب تعاليم أريوس توجد حكمتان: 1- قوة الله الواحدة العامة. 2- وكائن إلهى ذاتى واحد. وهذا الكائن هو الحكمة الثانية الذى جاء إلى الوجود من العدم. ومن ثم فهو مخلوق. إذ يقول "كلمة الله ذاته خلق من العدم.. وكان هناك وقت ما حينما لم يكن موجوداً. وقبل أن يصير لم يكن موجوداً.. بل أنه هو نفسه أول الخليقة لأنه صار" ويقول أيضاً "الله وحده كان وحده دون أن يكون هناك الكلمة والحكمة.. ومن بعد ذلك عندما أراد أن يخلقنا عندئذ بالضبط خلق شخصاً وهو الذى دعاه الكلمة والابن، وذلك كى يخلقنا بواسطته". ولكى يؤيد تعاليمه استخدم نصاً خاصاً اقتبسه من سفر الأمثال: "الرب أقامنى أول طرقه.." (أم22: 8)، وكان أوريجانوس من قبل قد تحدث عن "خضوع الابن"، كما تحدث عن "ميلاد الكلمة الأزلى" وهنا أخذ أريوس الجزء الأول فقط من تعايم أوريجانوس، وذلك عندما أضطر فيما بعد أن يقر "بالميلاد قبل الدهور" مفسراً ذلك بأنه يعنى فقط الزمن الذى سبق خلقه العالم فعند أريوس. يبدأ هذا العالم بخلق الابن، عندما بدأ الزمن أيضاً أن يوجد.. والابن هو المولود الأول ومهندس الخليقة.. ومن المستحيل عنده أن يعتبر الابن إله كامل. ويعتبر أن معرفته محدودة لأ،ه لا يرى الآب ولا يعرفه.. والأمر الأكثر أهمية أنه يمكن أن يتحول ويتغير كما يتحول ويتغير البشر.. "وبحسب الطبيعة فإنه مثل جميع الكائنات، هكذا أيضاً الكلمة ذاته قابل للتغيير والتحويل ولكن بنفس أرادته المطلقة، طالما أنه يرغب فى أن يبقى صالحاً.. حينئذ عندما يريد فإنه فى استطاعته هو أيضاً أن يتحول مثلنا، حيث أن طبيعته قابلة للتغير" أن بولس الساموساطى استعمل اصطلاح "القدرة على الاكتمال الذى أتخذ منه أريوس كل تعبيراته.. وفقاً لتعليمه وهو أن المسيح هو ظهور بسيط للكلمة فى إنسان. ومن ناحية أخرى فهو يعتبر إنسان كامل فقط وليس إله كامل.. وبالتالى فإن الأبن يمكن أن يدعى الله إستعارياً فقط. وهو نفس الأسم الذى يمكن أن يدعى به البسطاء من الناس أيضاً حينما يصلون إلى درجة كاملة من الروحانية والأخلاق.. وهنا يتضح كل تعليم هرطقة "التبنى Adoptionism" عن المسيح. النتيجة الأولى لهذا التعليم: هو أن الإيمان بالثالوث يتلاشى ويذوب.. بالطبع تحدث أريوس أيضاً عن الثالوث إلا أنه اعتبره أنه قد صدر متأخراً ولم يكن أصلياً وأزلياً. لأنه وفقاص لتعليمه فإن الآب وحده كان إلهاً أزلياً. أما النتيجة الثانية: فهى أن الحياة الجديدة للإنسان التى صيغت كنتيجة لتأنس الكلمة، لا تتكون نتيجة تأليه بل بواسطة سمو روحى وأخلاقى.. وبهذا يتمكن أى شخص أن يقول أن هذا الموقف قد اقتبسه أريوس من المدافعين الذين وفقاً للتقاليد نشأوا من مدارس فلسفية. وكانوا قد أتخذوا موقفاً مماثلاً عن الحياة الجديدة.. إلا أن موقف "المدافعين" يجد له مبرراً بسبب العصر الذى عاشوا فيه والعالم الذى كانوا يتوجهون إليه بالحديث. أما فيما يتعلق بأريوس فإن الموقف يظهر ركود أفكاره التى ولو أنها كانت حادة. إلا أنها خالية من الحركة والعمق ونتيجة لتعاليم أريوس بقوله أن كلمة الله مخلوق وقوله عن المسيح أنه انسان مؤله (بضم الميم وفتح الواو). بسسبب كمال روحى وخلقى. هذه التعاليم نجم عنها نزاع شديد زعزع أركان الكنيسة والدولة الرومانية.. أن البدعة الأريوسية لم يتم تنظيمها بطريقة سرية مثل غيرها من البدع والهرطقات. بل دخل فى صفوفها رجال رسميين فى الكنيسة وفى الدولة. وهددت بالاستيلاء على التنظيم الكنسى بأكمله.. وقد أستمرت المصالحة السياسية التى تبعت ذلك حتى موت أريوس وقسطنطين بدون أن تكون على حساب قرارات مجمع نيقية – وذلك عن طريق تفسيرهم المتباين والمؤول بطريقة يشوبها الالتباس.. إلا أن تعاليمهم لم تأت بنتائج. وذلك لأن زعماء الأرثوذكسية لم يقبلوا أريوس فى الكنيسة وذلك بسبب إعترافاته المشتبه فيها.. حقاً إنه أثناء هذه الفترة لوحظ تقدم ملحوظ فى الحركة التى قادت أيضاً إلى تفوق طفيف للأريوسية. وفى الواقع أن الأريوسيين – بواسطة سلسلة المجامع التى أشرفوا عليها بأنفسهم – نجحوا فى تنحية وأبعاد الرؤساء من خصومهم بإتهامات باطلة واهية. وهؤلاء الرؤساء هم أوستاتيوس الأنطاكى عام 330م. وأثناسيوس الاسكندرى عام 335م، وماركيلوس الانقيرى عام 336م ساءت الأحوال بعد وفاة قسطنطين الكبير، لأن حاكم الشرق قسطنديوس، فرض الأريوسية على المناطق التى كان يحكمها.. أما بعد وفاة أخيه قسطنس عام 350م، فقد فرضها على جميع أنحاء الامبراطورية.. وسحق هذا الحاكم نشاط معارضيه ومقاوميه الأرثوذكسيين وانشغل بإحلال أساقفة أريوسيين بدلاً من الأساقفة الشرعيين فى أهم مراكز الشرق وبعض جهات الغرب وبعد وفاة قسطنديوس أنهار فجأة بناء الأريوسيين الشامخ. لأن يوليانوس الذى كان يدين بالعقيدة الوثنية عامل جميع المذاهب المسيحية معاملة متساوية. وعندئذ عاد المنفيون إلى أماكنهم. وبدأت الأرثوذكسية فى أعادة تنظيم شملها. مما جعلها تسود وتنتصر. وقد وصلت إلى أكبر درجة من السيادة أثناء حكم الامبراطور الأرثوذكسى يوفيانوس. الفرق الأريوسية: كان البناء الأريوسى فى عهد قسطنديوس على الأقل، يبدو عظيماً فى الظاهر.. إلا أنه كان من البدء عملاً مزعزعاً. وذلك ليس فقط لأنه حصل على قوته من عناصر كنسية منشقة، ولكن أيضاً لأن إتجاهه اللاهوتى لم يكن متحداً.. فإن جميع الأريوسيين رفضوا اصطلاحات مجمع نيقية.. ولكن ليس لأجل الاسباب دائماً.. لذا فإن الخلافات فيما بينهم انكشفت وتحددت عند كثيرين منهم عن طريق موقفهم من اصطلاحات هذا المجمع ولقد استخدم أباء مجمع نيقية فى قانون الإيمان إصطلاح؟ هومو أوسيوس" أى "الواحد فى الجوهر مع.. أو المساوى فى الجوهر ل..". وأرادوا أن يثبتوا بهذا الاصطلاح أن الابن مع الآب هما واحد. وأن هذا الجوهر هو كيان أساسى واحد.. وأضاف نفس الآباء بعد قانون الإيمان – بسبب المحرومين – نصاً قالوا فيه بأن الابن "ليس من هيبوستاسيس آخر" أى " ليس من جوهر أخر".. وهكذا فقد أغضب الاصطلاح الاول الأريوسيين المتشددين، أما الإصطلاح الثانى فقد أغضب الأريوسيين المعتدلين.. (أو أنصاف الأريوسيين Semi – arians) ويبدو أن القانون دبجه لاهوتى غربى من المحتمل أن يكون "هوسيوس" أسقف قرطبة. وكلمة Hypostasis "هيبوستاسيس" فيه هى ترجمة للكلمة اللاتينية" Substantia" إلا أنه فى الغرب – نظراً لعجز اللغة اللاتينية حيث كانت كلمة Substantia تعنى كلاً من "أوسيا" Oucia أى الجوهر أو الكيان. وكلمة "هيبوستاسيس" Hypostasis أى القوام أو الأقنوم. وتعنى كلمة "هيبوستاسيس Hyposasis" اليونانية تعنى القوام، أو الأساس – أو ما يقف عليه الشئ – "الدعامة" أو طبيعة الشئ، أو الشخص، أو أقنوم (المعرب). لذا أوضح أباء نيقية وحدة تشابه هذين الاصطلاحين لأنهم كانوا يخشون لوأنهم اعترفوا باثنين هيبوستاسيس (أى قوامين) – أن يتهموا بأنهم يقبلون الاعتراف بجوهرين أى يكونوا مثل الأريوسيين. 1- الأريوسيون المعتدلون: كان الأريوسيون المعتدلون (Semi – Arians) أوريجانيين قدامى وكان يتزعمهم أسقف قيصرية أوسابيوس، وهم الذين قبلوا بتعاطف عن رضى تعليماً واحداً يرتكز على النظرية الأوريجانية الخاصة بخضوع الابن، هؤلاء أصروا على التمييز المشدد بين الآب والابن.. ورفضوا أيضاً اصطلاحى مجمع نيقية واعتبروهما سابيليان. ولأنهما لم يردا بين نصوص الانجيل.. إلا أنهم كانوا على استعداد لقبول معنى "التساوى فى الجوهر Omooucios" لكن بتعبير مخالف.. لهذا تمسكوا بالتعبير "مماثل للآب فى كل شئ" وبعد موت أوسابيوس قام باسيليوس أسقف أنقيرا وجورجيوس اللاوديكى بتنظيمهم. وتميزوا بوضوح أكثر من الأريوسيين الآخرين. وذلك فى مجمع ميديولانوس عام 355م. حيث أنهم قبلوا "تماثل الجوهر" أو التشابه فى الجوهر "هوميوأوسيوس" الأمر الذى من أجله أطلق عليهم اسم "هوميوأوسيين" وكانوا يختلفون عن القائلين "بالتساوى فى الجوهر" أى "الهوموأوسيين" قليلاً، ولذلك أطلق على النزاع بينهم أنه نزاع على لا شئ. 2- الأريوسيون المتشددون: هؤلاء كانوا على عكس المعتدلين. وهؤلاء المتشددون كانوا قد نشأوا عن اللوكيانيين الذين قبلوا تعليم "بدعة التبنى".. وكان يرأسهم فى البدء أوسابيوس النيقوميدى. وفيما بعد أوسابيوس القسطنطينى. وهذا الفريق تشدد فى الفصل بين الآب والابن بدرجة أكبر.. وان كانوا أحياناً يخفون أراءهم لاسباب تنظيمية. إلا أنهم كانوا متشددين.. وبعد موت أوسابيوس هذا فى عام 341. برز بين صفوفهم "ايتيوس" الانطاكى الذى اندفع إلى تعليم أريوس الأشد تطرفاً من أجل تكوين فريق أريوسى جديد. وهذا الفريق الجديد تشكل بطريقة أكثر تنسيقاً على يد تلميذه "يونوميوس". أن المنتمين إلى هذا الفريق وضعوا مناهج وأساليب متكاملة.. وتدخلوا بفكرهم ليفحصوا جوهر كل الكائنات. بما فيها الله أيضاً.. وزعموا أن جوهر الله هو فى عدم الولادة. أما جوهر الابن فهو فى كونه مولود.. ومن ثم فإن جوهرى الآب والابن ليسا فقط لم يكونا شبيهين بل نقيضين تماماً.. ولكى يؤكدوا تمييزهم لله الآب بفرادة خاصة وحده. أعتادوا أن يمارسوا المعمودية بغطسة واحدة فقط بدلاً من ثلاثة غطسات بسبب التباين بينهم، تشكل فريق ثالث بإيحاء من الامبراطور قسطنديوس. هو فريق "الاوميويين" أى (الشبيهيين) وهؤلاء استخدموا الإصطلاح "أوميوس OMIOS" (أى شبيه أو مثيل)، ألا أنهم لم يكن لاهوتهم الخاص.. بل – بحسب الظروف – كانوا ينحازون لفريق أو لأخر. وقد أدى ذلك إلى إضفاء تفسيرين على كلمة "أوميوس OMIOS" فصار من الممكن أن تعنى أما "تشابه الجوهر" أو تشابه المشيئة.. وأتخذ مشايعو هذا الفريق لزعامتهم أساقفة الحدود الشمالية أمثال أورساكيوس السنجدونى، وأولتتاس المورصى… وكذلك أكاكيوس القيصرى، وهؤلاء فرضوا وجهات نظرهم فى المجمع الذى أنعقد فى سرميوس عام 359م. مواجهة الأريوسية: هز الأريوسيون أرجاء الكنيسة بسبب الطريقة التى ظهروا بها، حيث أنهم – على وجه الخصوص – نشروا وفرضوا أفكارهم بكل ضرب من ضروب البدع الغريبة على ذلك العصر. فهم لم يستعينوا فقط بالأحاديث الدينية، وتحرير الرسائل اللاهوتية ونشر عقائدهم على هيئة أفكار منتظمة قانونية، كما تأمر بذلك "أحكام الرسل" بل كما سبق أن قيل أيضاً، فإنهم استخدموا كذلك اشعارهم الغنائية التى كانوا يتغنون بها فى كل مناسبة.. أما سلاحهم الأكثر مضاء وصلابة، فكان استغلالهم للقوى السياسية التى أقحموها للتدخل – لأول مرة – فى شئون الكنيسة الداخلية، وهكذا أبعدوا خصومهم بوسائل عنيفة.. وأرغموا أثناسيوس على أن يبارح كرسيه خمس مرات.. وفى مرتين منها أقاموا أساقفتهم على هذا الكرسى.. وكان تفوقهم الساحق أكثر ثباتاً واستقروا فى أنطاكيا، بعد عزل الأسقف أوستاتيوس عام 330م.. وفى عام 360 أقاموا هناك صديقهم ميليتيوس الذى ما لبث أن أعرب فى الحال عن اتجاهه إلى قانون إيمان نيقية أما فى أسيا فكان نفوذهم أقل، ولو أن موقفهم هناك كان أكثر هدوءا، الأمر الذى لأجله كان موقف الأرثوذكسيين مرناً وفى القسطنطينية – على مدى أربعين سنة – خلف أربعة أساقفة أريوسيين الواحد الآخر.. وهكذا عندما صار غريغوريوس الثيئولوغوس أسقفاً للقسطنطينية أستقر فى بيت صغير للصلاة (Chapel)، لأن الأريوسيين كانوا قد أستولوا على جميع الكنائس، ولكن غريغوريوس خلص القسطنطينية منهم.. وفى الغرب حصلوا على نجاح محدود حيث أستولوا فقط على بعض مراكز هامة قليلة مثل المديولانيين وذلك لعدة سنوات قليلة فقط.. إلا أنهم لم يتمكنوا من الوصول إلى كرسى أسقفية روما وكانت حالة المسيحية فى ذلك العصر تثير الحزن والأسى. فبينما أعطيت لها الفرصة لأول مرة لكى تمد كرازتها فى كل مكان، اضطر قادتها أن يهملوا ذلك قهرا. واضطروا للإنشغال بأمور عقائدية دقيقة كانت شوارع الاسكندرية تعج بإستمرار للاشتراك بالاساقفة الذين، أما كانوا يفدون نحو منفاهم وأما كانوا يتوجهون للاشتراك فى المجامع غير المكتملة. وفى وسط هذه المحازفات والمخاطر أظهرت قيادة الأرثوذكسية شجاعة مقترنة بدبلوماسية تجاه مضطهديهم، كما أظهرت تمسكاً شديداً بالتقليد والإيمان المسلم.. فكانوا أما ينادون بعقائدهم وينفون بسببها واما كانوا يحافظون على هذه العقائد ويمكثون فى أماكنهم كى يصونوا الإيمان الأرثوذكسى الذى لا يطفأ، ومن حول هؤلاء كانت خلايا المؤيدين المخلصين تصارع وتتصادم من أجل عقيدة مجمع نيقية ان مسئولية الدفاع عن هذه العقيدة كان لها أولاً: مجموعة القادة الأول: الكسندروس السكندرى. وأوستاتيوس الأنطاكى، وهوسيوس القرطبى. ثم بعد ذلك بقليل وقع عبء الدفاع عن عقيدة نيقية على اكتاف القديس أثناسيوس الكبير الذى أدار النضال طيلة خمسين عاماً تقريباً.. معضداً أيضاً من الأباء الآخرين أمثال كيرلس الأورشليمى وسرابيون أسقف تيميس، وديديموس الضرير، وهيلاريوس البكتافى وأخيراً الآباء الكبادوكيين العظام: باسيليوس أسقف قيصرية وغريغوريوس الثيئولوغوس وغريغوريس النيصصى، أن هؤلاء اللاهوتيين – باستنادهم على حجج وبراهين من الكتاب المقدس والتقاليد الشرعية الصحيحة – قاموا بتجريد لاهوت أريوس من غطائه المتستر بالكتاب المقدس. وكشفوا أن الآريوسية إنما هى دراسة فلسفية جافة وعميقة تظهر الله بدون حياة أو حركة.. كشف أثناسيوس الكبير أن تعاليم أريوس أدت إلى أمرين غير لائقين: 1- أذاب التعليم بالثالوث القدوس ولاشاه، وفتح الطريق أمام الاعتقاد بتعدد الآلهة، إذ أنه سمح بعبادة المخلوق. 2- قلب "بناء الخلاص" كلية. فإن المخلص الذى أخذ على عاتقه خلاص البشرية يلزم أن يكون هو نفسه حاصلاً على ملء اللاهوت، ما دام قد أخذ على عاتقه أن يؤله الإنسان. فكيف يكون من الممكن أن الكلمة الذى يقوم بعمل التأليه لا يكون واحداً فى الجوهر مع الله؟ إن قمة براهين أثناسيوس هى أن المسيح لم يصر أبناً لله كجزاء لكماله الأدبى بل على العكس فإنه هو الذى إلهنا (بتشديد اللام) (أى جعلنا الها). فيقول أثناسيوس "لذلك إذن فالمسيح لم يكن انساناً وفيما بعد صار إلهاً، بل أنه كان إلها ثم صار إنساناً لكى يؤلهنا" (المقالة الأولى ضد الأريوسيين فقرة 39) وعلى الرغم من صرامته وحزمه لم يكن أثناسيوس متصلباً بل كان يعرف كيف يتدبر الأمر بتفهم وتسامح.. وعندما تخلص من الضغط السياسى الخطير عرض المشكلة بحذر ويقظة أكثر. ووضع موقف الأرثوذكسيين تحت الفحص. وعندئذ تحقق من قصور وعجز حججهم وسعى لكى يجد لها علاجاً.. فإن المطابقة المشار إليها سابقاً بين الاصطلاحين "اوسيا" (أى الجوهر). و"هيبوستاسيس" (أى القوام) صارت مقبولة فى الغرب بدون اعتراض. ولكن فى الشرق رأى كثير من اللاهوتيين أن فيها خطر البدعة "السابيلية". وأدرك أثناسيوس هذه الحيرة وقام بحركة توفيق فعالة أثناء مجمع الاسكندرية عام 362م حيث أقر بأن كل من لا يرغب فى الإعتراف بصيغة "الاوموأوسيوس" (أى المساواة أو الوحدة فى الجوهر)، ولكنه يقبل فى نفس الوقت بوحدة "الآب والابن فإنه يوجد على الطريق المستقيم. وقام بخطوة عوطة التسليم بالمبدأ الشرقى للثالوث مع التفريق بين معنى الاصطلاحين "أوسيا"، و"هيبوستاسيس" مع إضافة معنى "طريقة الوجود الخاص بالكيان" إلى "الهيبوستاسيس".. وهكذا فإن الله يكون من جوهر واحد ولكنه يوجد فى ثلاث أقانيم (هيبوستاسيس) أو أشخاص (بروسوبا)، وهذه الصيغة توسع فيها أكثر الأباء الكبادوكيوسن بعد ذلك.. ومن ذلك الوقت فتح الباب أمام جماعة "الهوميواوسيين". وأن غالبية الذين رجعوا وانضموا إلى أتباع مجمع نيقية الأرثوذكسيين، وصلوا أيضاً بعد ذلك إلى قبول مبدأ "الهوموأوسيوس" (التساوى أو الوحدة فى الجوهر) ولكن البعض من هؤلاء لم يكونوا على استعداد لقبول الاعتقاد بمساواة الروح فى الجوهر أيضاً (أى مع الآب والابن).. ولهذا السبب ضمن مجمع نيقية ضمن قانون الإيمان. مجرد عبارة "وبالروح القدس" بدون أية خاصية أو صفة أخرى، وكان هؤلاء يعتقدون بثنائى فقط فى الله بدلاً من الثالوث. ولهذا أطلق عليهم أسم "أعداء الروح" ولآنه كان يتزعمهم "مقدونيوس". الذى جرده "الأوميوون" من رتبته. لهذا أطلق عليهم أيضاً أسم "المقدونيون". وهؤلاء حكم عليهم بواسطة مجمع أنطاكية سنة 379م. والمجمع المسكونى الثانى بالقسطنطينية سنة 381م. ولكى يتجنب الاباء أى مخاطرات جديدة أو أى إساءة فهم للأمور. فانهم لم يستخدموا فى هذا المجمع الآخير أى اصطلاحات مثيرة، مثل "الهومواوسيوس" بل استخدموا عبارات متباينة وهى عبارات توضح "المساواة فى الكرامة". وهم فى هذا قد أتبعوا السياسة الحكيمة التى كان يسير عليها باسيليوس الكبير. ثم أصدر الامبراطور ثيئودوسيوس قراراً بوضع حد لهذا الصراع داخل امبراطوريته، فكانت النهاية الحاسمة، مما أدى إلى الاعتراف بشكل دينى واحد وهو المسيحية الأرثوذكسية التى أقرها "داماسوس" أسقف روما. "وبطرس" أسقف الاسكندرية. وبالتالى أنضم غالبية الآريوسيين إلى الكنيسة، أما البقية الذين تخلفوا فقد أنضموا على التوالى إلى بدع وهرطقات أخرى، وخاصة أنضموا إلى النسطورية وهى البدعة التى حاولت أن تنقص من ألوهية المسيح بطريقة أخرى. ما بين بدعة آريوس ومجمع نيقية تداعيات بدعة آريوس: علم الكسندروس بما علّم به آريوس وسمع اعتراض بعض المؤمنين على هذه التعاليم الجديدة. فدعا الطرفين مناقشة علنية بحضوره. فأوضح آريوس رأيه في الآب والابن والروح القدس. واستمسك خصومه بولادة الابن من الآب قبل كل الدهور وبمساواة الابن والآب في الجوهر. وأصغى الكسندروس إلى كل ما قاله الطرفان واثنى على جميع الخطباء ولكنه قال بولادة الابن قبل كل الدهور وبمساواته للآب في الجوهر وأمر آريوس أن يقول قوله ومنعه عمّا كان يعلّم به واعتز آريوس بمعلمه وبالأساقفة خارج مصر الذين أخذوا عن لوقيانوس وقالوا أقوالاً مماثلة. وبين هؤلاء افسابيوس اسقف نيقوميذية واسقف قيصرية فلسطين افسابيوس، وأسقف بيسان باتروفيلوس، وآيتيوس أسقف اللد وبافيلنوس أسقف صور وغريغوريوس أسقف بيروت وتثودوتوس أسقف اللاذقية واثناثيوس أسقف عين زربة في قيلقية. فرفض أمر سيده وامتنع عن الطاعة وعلم الكسندروس أن أساقفة مصر يقولون قوله فدعاهم إلى مجمع في الإسكندرية وأطلعهم على بدعة آريوس. وكانوا مئة فشجب ثمانية وتسعون قول آريوس وامتنع عن الشجب اثنان فقط. فقطع المجمع آريوس وهذين الأسقفين وستة قساوسة وستة شمامسة. آريوس في فلسطين: وقصد آريوس أسقف قيصرية فلسطين أفسابيوس المؤرخ. وكان الأخير سيداً منظوراً وعالماً كبيراً، له نفس أفكار آريوس لكنه لا يجاهر بها. وقد يكون لم يتخذ موقفاً محدداً من عقيدة الثالوث الأقدس. فكتب إلى الكسندروس يلومه على تحريف أقوال آريوس، وأشار على آريوس بالكتابة إلى أسقف نيقوميذية لتبيان موقفه. فكتب آريوس إليه وحصر شكواه في أنه قُطع لأنه لم يقل أن الابن غير مخلوق. وافسابيوس أسقف نيقوميذية رُسم أولاً أسقفاً على بيروت ثم أصبح أسقف نيقوميذية. واتصل بقسطندية أخت قسطنطين وزوجة ليكينيوس ونال ثقتها فشفعت له عند أخاها قتقرّب من الامبراطور فخَّف لحاجاته واهتم بشؤونه. آريوس في نيقوميذية: ثم أَمَّ آريوس نيقوميذية وعَمَدَ إلى أسقفها واستحمله أموره فنزل على افسابيوس مُقترح آريوس ولم يدخر عنه وسعاً وحرر إلى جميع الجهات وخصّ الأساقفة على تأييد آريوس. وجاء في نصه عبارات تشجيع على الجهر. ويقول سوزمينس المؤرخ أن افسابيوس أسقف نيقوميذية دعا إلى عقد مجمع محلي للنظر في قضية آريوس، واتخذ قراراً بوجوب قبول آريوس في الشركة ووجوب الكتابة إلى الكسندروس ليرفع الحرم. ورأي افسابيوس أن يكتب آريوس نفسه مبيناً عقيدته. فكتب كتابة لبقة جاء فيها أنه لم يعلم غير ما علمه الكسندروس وأنه حرم كل من حرمه سيده ورئيسه. وصنف في هذا الوقت نفسه رسالة دعاها "الثالية" وضمنها آراءه في الثالوث وبدأها بمدح نفسه فلاقت رواجاً في بعض الأوساط. نشاط الكسندروس: هبّ الكسندروس للدفاع عن الإيمان القويم. فكتب إلى عدد كبير من الأساقفة خارج مصر، معلناً وحدة الكنيسة ووجوب تبادل الرأي بين الأساقفة، مبيناً موقفه وموقف المجمع المصري المحلي. وقد قام بإرسال هذا الكتاب إلى ما يقارب السبعين أسقفاً منهم أسقف أنطاكية، وأسقف حلب. وتجاوزت البدعة إلى جميع الأوساط المسيحية في الشرق. وتراشق الخصمان القطع والحرمان. كثرت النشرات الآريوسية والردود عليها. ومشى استيريوس السفسطي المغالط من قبدوقية إلى جميع أنحاء الشرق يدعو إلى بدعة آريوس ويدافع عنها بالسفسطة. وكان قد ضحى للآلهة الوثنية في أثناء الاضطهاد العظيم وتاب وأحب الالتحاق بالاكليروس فمُنع فازداد سخطاً ومعارضة وكان المجمع المحلي الذي عُقد في نيقوميذية قد كتب إلى الكسندروس ليرفع الحرم عن آريوس وأتباعه. فامتنع عن ذلك. فاجتمع الاساقفة الأنطاكيين أمثال أفسابيوس القيصري وبافلينوس الصوري وترفيلوس البيساني وغيرهم في قيصرية فلسطين ومنحوا آريوس وجماعته حق الرجوع إلى ممارسة الأسرار. فتسلح آريوس بهذا القرار وعاد وجماعته إلى الإسكندرية ونظم الأغاني والأهازيج وعممها فحفظها أناس من جميع الطبقات وتغنوا بها. وسرت العدوى إلى السفلة فاندفعوا يرددون هذه العبارات في الاسواق والشوارع. موقف الأمبراطور قسطنطين: لما علم بالخلاف، تألم وغضب واستشار في هذا الأمر صديقه القديم الشيخ التقي هوسيوس أسقف قرطبة. ولم يدرك أهمية النزاع العقائدي وصلته بألوهية السيد المخلص. وقرر الصديقين أن يرسلا كتاباً إلى الكسندروس وآريوس وعلى قيام هوسيوس بنفسه بالذهاب إلى الإسكندرية للتحقيق في القضية وإدلاء النصح للطرفين ووصل هوسيوس إلى الإسكندرية فوجد الأساقفة مجتمعين للنظر في بعض الأمور المحلية، ولا بد وأن قضية آريوس كانت مطروحة للنقاش، حيث أننا لا نعلم الكثير عن هذا المجمع. واتصل هوسيوس بالطرفين وعاد إلى نيقوميذية فتبعه كلاً من الأسقف الكسندروس وآريوس. مجمع أنطاكية: (324-325) توفي فيتالوس أسقف أنطاكية في سنة 319 وخلفه فيلوغونيوس، بعد وفاة زوجته. وانصرف إلى خدمة الكنيسة بخوف الله وعاد بعدد وافر من الجاحدين إلى حظيرة الخلاص. وقاوم اضطهاد ليكينيوس وتحمل الشدة واُعتبر معترفاً. وأحزنه أمر آريوس فبذل وسعه في محاربة هذه البدعة وراسل الكسندروس مثبتاً. ثم رقد بالرب في الرابع والعشرين من سنة 324فخلا مكانه، وهرع الأساقفة إلى أنطاكية للتشاور في أمر الخلافة الرسولية. فاجتمع في عاصمة المسيحيين ستة وخمسون أسقفاً. فتشاوروا قي أمر آريوس وبدعته وسلّموا عكاز الرعاية إلى افستاثيوس أسقف حلب الذي اشتهر بصحة عقيدته وتأييده لألكسندروس. واتخذوا لمناسبة البحث بدعة آريوس قراراً جاء فيه أنهم يقولون بإله فائق القدرة أزلي لا يتغير خالق السماء والأرض وكل ما يوجد فيه وبربٍّ واحد يسوع المسيح ابن الله الوحيد المولود من الآب قبل كل الدهور واعترض على هذا القول ثلاثة أساقفة وهم أفسابيوس أسقف قيصرية فلسطين وثيودوتوس أسقف اللاذقية ونرقيس أسقف بانياس. فقطعهم المجمع لمدة معينة. ثم أقر نص الرسالة السلامية ووجهها إلى اسقف رومة وغيره من رؤوساء الكنائس وإلى عدد كبير من الأساقفة ويرى بعض رجال الاختصاص أن أنطاكية سبقت غيرها إلى فكرة المجامع المسكونية وأن هذا المجمع نفسه اقترح دعوة أساقفة الشرق وآسية الصغرى ومصر والغرب إلى مجمع مسكوني في أنقيرة للبت في قضية آريوس. ويستند هؤلاء إلى نص العبارات التي قُطع بها الأساقفة الثلاثة. وجاء في بعض المراجع أن لالكسندروس تعود فكرة المجامع المسكونية. وهناك أقوال ولكنها ضعيفة في أن لقسطنطين الكبير تعود فكرة المجامع المسكونية.
المزيد
24 يوليو 2024

متى تتكلم؟

إن كنت تتكلم لمجرد الكلام، فهذا شيء وإن أردت أن تصل بكلامك إلى نتيجة، فهذا شيء آخر، يجعل كلامك هادفًا وفعالًا وفى هذا الوضع الأخير تلزمك نصائح نافعة: تكلم حين تكون الأذن مستعدة لأن تسمعك فإن وجدت من تكلمه غير مستعد لسماعك، اسكت فلا تكلم شخصا يكون مرهقا ومتعبا نفسيا وجسديا، وتحيط به ظروف ضاغطة ولا تكلمه إن كان مشغولا وليس لديه وقت لسماعك، وليس لديه وقت يتفهم فيه رأيك ويناقشه معك وكما قال الحكيم "تفاح من ذهب في مصوغ من فضة كلمة مقولة في محلها" (ام25: 11) تخير لمحدثك أفضل أوقاته، وأليق حالاته وأحسن المناسبات لكي تعرض عليه رأيك ويكون مستعدًا قلبيًا وذهنيًا لسماعك وفهمك وقبول كلامك وان كنت تريد أن تصل إلى نتيجة من كلامك اكسب محدثك، تكسب الحديث كله ونتائجه كثيرون يهدفون إلى كسب المناقشة بأية الطرق ولو بخسارة من يحدثونه! فتكون النتيجة أنهم يخسرون كل شيء فالمنطق وحده لا يكفى بدون النفسية.. 1- إن مَنْ يحطم مُنَاقِشه ويثبت له انه مُخطئ وبخاصة أمام الناس لا يمكن أن يكسب منه خيرًا.. 2- ومن يقاطع محدثه، ولا يعطيه فكرة للكلام ويرد على كلامه قبل أن يكمله ويشعره بأنه خصم، هذا لا يمكن أن يجد في قلب محدثه قابلية للاستجابة وللاقتناع مهما كان رأيه منطقيًا. 3- ومن يتهكم على أفكار محدثه ويشرح له كيف أنها ضعيفة وتافهة وغير عملية وغير منطقية، هذا أيضًا لن يصل إلى نتيجة لذلك احترم رأي مَنْ تكلمه مهما كنت ضده وبكل أدب وبكل لياقة يمكنك أن ترد عليه حاول أن تصل إلى قلب من تكلمه قبل أن تصل إلى عقله وثق أنك إن كسبت القلب، تكسب العقل أيضًا. قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث عن كتاب كلمة منفعة الجزء الاول
المزيد
23 يوليو 2024

الشباب وَ هِموم الغد

سوف نتحدّث اليوم بِنعمة ربِنا عَنَ موضوع يشغِلنا جِداً فِى هذهِ الفترة وَهو الشباب وَهِموم الغد ، فالفرد بِطبيعتهُ قلِق وَيُفكِر فِى الغد بل وَرُبّما يُفكِر لسنين طويلة ، وَسوف أقرأ معكُمْ جُزء مِنْ مزمور 37 لِمُعلّمِنا داوُد الملِك بركاته على جميعنا آمين :[ إِتَّكِلْ على الرّبّ و إِفعل الخير أُسكُن الأرضَ وَأرْعَ الأمانةَ وَتلذَّذ بالرّبّ فيُعطيك سؤل قلبِكَ سلَّم للرّبّ طرِيقكَ وَ إِتَّكِلْ عَلَيْهِ وَهُوَ يُجْرِى وَيُخْرِجُ مِثل النّورِ بِرَّكَ وَحَقَّكَ مِثْلَ الظَّهيرَةِ إِنتظِرِ الرّبّ وَأصبِرْ لَهُ القليلُ الذّى للصّديِقِ خير مِنْ ثَرْوَةِ أَشْرارٍ كَثيِرِينَ لأَنَّ سَوَاعِد الأشْرَارِ تَنْكَسِرُ وَعَاضِدُ الصّدِّيقِينَ الرّب مِنْ قِبَلِ الرّبّ تَتَثَبَّتُ خَطَوَاتُ الإِنْسَانِ وَفِى طَرِيقِهِ يُسَرُّ إِذَا سَقَطَ لاَ يَنْطَرِحُ لأَنّ الرّبّ مُسنِد يَدَهُ أَيْضاً كُنْتُ فَتىً وَقَدْ شِخْتُ وَلَمْ أَرَ صِدّيِقاً تُخُلّىَ عَنْهُ وَلاَ ذُرّيَّةً لَهُ تَلْتَمِسُ خُبْزاً الْيَوْمَ كُلَّهُ يَتَرَأَّفُ وَيُقْرِضُ وَنَسْلُهُ لِلبرَكَةِ هللويا] أولاً إِذا أردنا تحليل أسباب هِموم الغد سوف نجِد العديد مِنْ الأسباب ،مِنْ بين أكبر هذهِ الأسباب :- 1- البطالة حيثُ تقِل فُرص العمل وَتُغلق المصانِع وَخصخصِة الشرِكات وَ الأماكِن التّى تطرُد العاملين فيها مِنْ أجل ضغط الميزانيّة ، وَعِندما يسمع الفرد كُلَّ هذا يقلق وَيغتِّم 0 2- الغلاء حيثُ نجِد الفرد فِى دائِرة صعبة لايدرىِ كيف يواكِبها حيثُ يحيا الأفراد الآنْ مُعادلة صعبة وَالتّى تتمثِلَّ فِى قِلّة الدخل وَغلاء مُتطلِّبات الحياة 0 3- الإِضطِهاد حيثُ نجِد بعض الشرِكات تُعلِن عَنَ الآتىِ " نأسِف لِعدم تعيين ..... " وَيُشكِلّ هذا عِبء على أولادنا وَخاصةً أنّ أولادنا يحمِلوا همّ الحياة أكثر مِنْ أهل العالمْ فنجِدهُمْ مهمومين وَخائِفين وَمُتردّدِين أكثر مِنْ غيّرُهُمْ الذّين لاَ يهتموا وَيُريدوا أنْ يحيوا الحياة بِكُلَّ ما فيها 0 4- عدم الإِستقرار حيثُ تتغيّر الأمور بِسُرعة وَمِنْ بين سِمات دول العالمْ الثالِث عدم الإِستقرار ، فنجِد أنّ سِياسة الدولة مُتحكِم فِيها أفراد وَتختلِف مِنْ رئيس بلد إِلَى أُخرى بينّما فِى البِلاد المُتقدِّمة تخضع سياسة الدولة لِمجموعة أوْ نِظام وَهذا بالطبع يُحدِث إِضطراب لدى الفرد فهو فِى وسط مجموعة غير مُستقرّة 0 كُلَّ هذهِ العوامِل السابِقة مِنْ البطالة وَالغلاء وَالإِضطِهاد وَعدم الإِستقرار بالإِضافة إِلَى ضعف الإِيمان + عدم الإِكتِفاء يُحدِث فِى داخِل الفرد ثورة 0 مِنْ ضِمن الأشياء المُتعِبة للشباب اليوم أنّ كثيراً مِنْ الشباب يتملّك عليّهُمْ فِكرة السفر وَ بالتالىِ لاَ يستطيع الحياة هُنا وَلاَ يدرىِ كيف يُسافِر 0 العِلاج يتمثِلّ العِلاج فِى شقّين:- أولا الجانِب العملىِ أوْ الجانِب الإِجتماعىِ:- كثيراً ما يشغل الإِنسان نَفْسَهُ وَيهتم بِالحسابات المادّيّة البشريّة وَيترُك تدابير ربِنا وَيتناسى أنّ الله هُو الذّى يقود حياتِنا [ إِتكِل على الرّبّ وَإِفعل الخير أُسكُنْ الأرض وَإِرعَ الأمانة ] ، فنجِد كثير مِنْ الشباب لاَ يتكيّف مع أى عمل على أساس أنّهُ لاَ يُعطيه حقّهُ ، فنجِد الشاب يعمل وَهُو ناقِم وَيتعب نَفْسَيّاً وَيُصاحِب ذلِك عدم رِضا صاحِب العمل عنّه فَلاَ يُقدّمهُ وَلاَ يُزكّيه وَلاَ يُرّقيه وَلاَ يُحِب أنْ يحتفِظ بِهِ وَيبدأ فِى التنقُلّ مِنْ مكان عمل إِلَى مكان آخر وَلاَ يأخُذ وضعه فِى أى مكان وَلاَ يتقدّم فيهِ وَهذا يُسبِّب تعب الفرد ليس فقط مادّياً بل وَنَفْسَيّاً ، فإِحساس الفرد بأنّهُ لاَ يستطيع تحقيق ذاته وَإِحساسه بأنّهُ غير ناضِج إِحساس صعب لابُد أنْ تكون عمليّاً بِذهنيّة غير ذلِك وَ أنْ تتكِلَّ على الله وَ تجتهِد فيما أنت فيهِ الآنْ وَلاَ يكون كُلَّ شىء تفعلهُ بِرخاوة وَإِستهتار حتى تستطيع أنْ تُثبِت وجودك فِى هذا العمل ، فأنت تُريد صاحِب العمل أنْ يُضحّىِ معك ولكِن يُضحّىِ معك تحت أى بند ، فمِنْ المُفترض أنّ هذهِ عمليّة تبادُليّة أخذ وَعطاء ، خُصوصاً وَ أنّ إِتجاه الأعمال حالياً هو الإِتجاه الخاص وَهذا الإِتجاه يسير نحو إِثبات نَفْسَكَ فِى العمل الذّى تعملهُ كما أنّهُ مِنْ المُهِم ألاّ تُقدِم على الحياة وَ أنت كئيب ، فلتكُنْ لديك ثِقة فِى الله وَأعمل بِفرح وَ أمانة حتّى وَ إِنْ فكّرت فِى ترك هذا المكان فلتترُك فيهِ إِنطباع جيّد عَنَ شخصيتك وَلتترُك شخص يُذكر بالخير وَالحُب وَالأمانة [ أُسكُنْ الأرض وَأرعَ الأمانة ] ، فكثيراً ما يكون الشخص محبوب وَ مرغوب وَ إِنْ كان مِنْ المُمكِن أنْ يكون مرفوض وَثقيل على المكان الذّى يوجد فيهِ وَنجِد اليوم أنّ العرض كثُر وَقلّ الطلب وَيتمثِلّ حل هذهِ المُشكِلة فِى التميُّز ، فأنت الذّى تصنع نَفْسَكَ أوْ تجعل مِنْ نَفْسَكَ فاشِلاً ، وَ تتمثِلّ مُشكِلة الإِنسان فِى المُجتمع الحالىِ وَ الذّى يغلب عليهِ طابِع الفهلوة ، وَ الذّى قال عنهُ الفلاسِفة وَالكُتّاب عِندما حلّلوا الشخصيّة المصريّة وَالمقصود بالفهلوة أى أنّ الفرد يُريد عمل الشىء بأقل مجهود وَبأكبر مكسب وَ هذا الطبع الفهلوىِ لنْ يجعلك تعيش حياتك فِى تقدُّم وَلِذا فلتكُنْ أميناً فِى العمل الذّى تعملهُ حتّى إِنْ كانت الأعداد كبيرة وَ المطلوب قليل ، فالحل هُو فِى أنْ تكون مُتميِّزاً فَلاَبُد أنْ تعمل فِى أى مجال وَلاَبُد أنْ تُصقِلّ شخصيتك بِمواهِب تفوق تلك التّى تعلّمتها ، بِمعنى أنّ الشخص لابُد أنْ يدرِس لُغة أوْ كمبيوتر حتّى إِذا ما تقدّم لِمكان يكون لديهِ شىء زائِد يجعلهُ مُتميّزاً [ الفاعِل مُستحِق أُجرتهُ ] ، وَ قديماً نجِد اليهود الذّين كانوا يتحكّمون فِى الإِقتصاد على الرغم مِنْ أنّهُمْ لاَ يُمثِلون أى ثِقل بالنسبة للتعداد فِى العالمْ لكنّهُمْ يحكُمون العالمْ إِقتِصادياً حيثُ كانْ يسعى اليهودى لِتعليمْ صغيرُه شيئين وَهُما الناموس وَ الوصايا وَحِرفة فلنرى بولس الرسول الذّى كان فيلسوف وَصانِع خِيام فلقد كان صُنع الخِيام رزقه وَحياته وَهكذا لابُد أنْ يكون عِندك أكثر مِنْ مهارة فِى حياتك وَليس شىء واحِد فقط لابُد أنْ تكتسِب مهارات شخصيّة فِى حياتك الشخصيّة كتعلُّم الكمبيوتر أوْ لُغة أوْ حِرفة أوْ إِقرأ وَ تثقِّف فَلاَبُد أنْ تكون شخص مُنتِج يقول عنهُ الآباء القديسين " شخص عمّال " ، فمثلاً الأنبا أرسانيوس وَ أبو مقّار كانوا يعملوا خوص وَ يصنعون منهُ القُفف التّى تُباع وَ يأتوا منها بقوتهُمْ لابُد أنْ تكون إِنسان مُجتهِد أمين مُنتِج لديك مهارات حتّى تستطيع أنْ تتغلّب على التحدّيات التّى تعيشها الآنْ ، وَ يُقال فِى الكِتاب المُقدّس عَنَ راعوث أنّها رجعت مع حماتِها وَليس لديهُمْ ما يأكُلوه وَ كان صاحِب الحقل فِى هذهِ الآوِنة يترُك أركان الحقل وَ الساقِط منهُ فَلاَ يلتقِطها بل يترُكها للغريب وَ الفقير وَنجِد راعوث نزلت فِى الحقل تجمع وراء الحصّادين عِندما جاء صاحِب الحقل وَوجدها مُجتهِدة وَ سأل عمِنَ تكون هذهِ الفتاة قالوا : نحنُ لاَ نعرِفها [ إِنّها قليلاً ما مكثت فِى البيت ] أرجو بنعمِة ربِنا أنْ تكون شخص يستفيد مِنْ وقته وَ يستغِله وَلتُنمّىِ مهاراتك وَنَفْسَكَ وَ للأسف فهُناك أشخاص تعوّدت على الخمول وَهذا سوف يُعطيك لون مِنْ ألوان الكسل وَ البلادة لأنّ عقلك سوف يسترخىِ 0 ثانيا الجانب الروحى [ إِتكِلّ على الرّبّ وَإِفعل الخير ] فخِبره الإِتكال على ربِنا مُهِمّة جِداً ، وَ أنت قلِق فمِنَ الذّى يقود حياتك أنت أم الله ؟؟ إِذا كُنت أنت الذّى تقود حياتك فلك الحق أنْ تقلق وَسوف يزداد القلق كُلّما توليّت القيادة بِذاتك وَلكنّهُ سيقِل إِذا ما أعطيت القيادة لله ، لِذلِك نجِد مُعلّمِنا بولس يقول [ سلّمنا فصرنا نُحمَلَ ] ،[ الإِتكال على الرّبّ خير مِنْ الإِتكال على البشر وَ الرجاء بالرّبّ خير مِنْ الرجاء بالرؤساء ] ، فالفرد يرى أنّهُ لاَ واسِطة لهُ إِلاّ الله وَكأنّهُ لاَ يعرِف أحد ، فالذّى لهُ الله لهُ كُلَّ شىء فهو ضابِط الكُلَّ الذّى قال أنا صاحِب مُفتاح مدينة داوُد [ أفتح وَلاَ أحد يُغلِق وَ أُغلِق وَلاَ أحد يفتح ] فلتعلِم يقيناً أنّ مُستقبلك ليس بيد أحد بل بيد الله ، فإِذا ذهبت لِمكان وَ قُوبلت بالرفض فلتعلم أنّ الله هُو الذّى سمح أنْ تُرفض ، وَ إِذا قبلت فِى مكان فلتعلمْ أنّ الله هُو الذّى سمح بِقبولك ، فليكُنْ لديك إِيمان أكيد أنّ الله هُو مُجرى أُمور حياتك [ سلِّم للرّبّ طريقك وَإِتكِل عليه وَهُو يُجرىِ ] هل ترفع حياتك للرّبّ وَتطلُب منهُ أنْ يكون معك عِندما تمُر بِضيق ؟ لِماذا لاَ يتخِذ الله بُعد عملىِ فِى حياتك ؟ لِماذا هُو على الهامِش ؟ إِنّ الله فِى داخِلك وَمِنْ أجلك إِنّهُ ناظِر لِمُشكلتك [ عين الرّبّ نحو الصدّيقينْ وَ أُذُناه إِلَى صُراخِهِم ] ، فهو سامِع فهل عِندك إِيمان بِذلِك أم لاَ ؟ وَ يقول مُعلّمِنا بولس الرسول [ الله الذّى أعبُده بِروحىِ فِى الإِنجيل ] ، فلتتكِل على الله فِى عملك وَ إِرعَ الأمانة وَأرضىِ الله قبل أنْ تُرضىِ أحد وَالله سوف ينصِفك حتّى إِذا كُنت مظلوم [ أُحكُمْ يارب للمظلومين ] ، وَ يقول الإِنجيل[ أليستْ خمسة عصافير تُباع بِفلسين وواحِدة منها غير منسِيّة أمام الله ] ، فالله لَمْ يتخلّى عَنَ هذهِ العصفورة الزائِدة وَلكِنّهُ إِهتم بِطعامِها وَنجِده يقول [ ألستُمْ أنتُمْ أفضل مِنْ عصافير كثيرة ] ، للأسف إِنّنا لاَ نصِل فِى إِيماننا لإِيمان عصفورة فإِذا كُنت أنا واثِق فِى أبىِ السماوىِ أنّهُ يقود سفينة حياتىِ وَيُنجينىِ[ أُعظّمِك يارب لأنّك إِحتضنتنىِ وَ لَمْ تُشمِّت بىِ أعدائىِ ] ، فَلاَ أحد يتحكِّم فيك وَيقول القديس يوحنا ذهبىّ الفم [ لاَ أحد يقدِر أنْ يؤذيك إِلاّ نَفْسٍكَ ] أى غرورك وَشهوتك هى التّى تخشاها فمتى غلبتها صرت ملِك العالمْ كُلّه [ شعور رؤوسكُمْ مُحصاة واحِدة منها لاَ تسقُط إِلاّ بإِذنىِ ] ، فلتتكِلوا على الله ، إِنّىِ أخشى لِئلاّ يكون هذا الكلام نظرىِ [ مُلقين كُلَّ همُكُمْ عليه لأنّهُ هُو يعتنىِ بِكُمْ ] ، وَلكِن أحياناً تكون ثِقتنا بالله قليلة [ يا مُعطياً طعاماً لِكُل ذىِ جسدِ إِملأ قلوبنا فرحاً وَنعيماً ] ، فلتكُنْ لك هذهِ الثِقة مع الله لِترى مدى أهميتك عِند الله [ سلِّم للرّبّ طريقك وَإِتكِل عليه وَهو يُجرىِ ] ، فأنت إِنسان أمين فِى كُلَّ ما تفعلهُ وَلديك إِيمان قوى أنّ الله مُعتنىِ بك وَهُو قائِد حياتك وَإِنّهُ لنْ يدعك مُعوزاً لِشىءٍ أبداً 0 وضوح الهدف من حيث:- 1- الماديّات 2- معاك كام تُساوىِ كام وَمعاك كتير تُساوىِ كتير فِى الحقيقة إِنّ عصرِنا الحالىِ الماديّات هى السائِدة وَأصبح الجميع يقولون " معاك كام تُساوىِ كام " ، وَلِذلِك لابُد أنْ يكون للماديّات لديك مفهوم فأنت لست عبد للمادّة ، فالمادّة الله قَدْ وضعها لك وَلكِن ليس أنت مِنْ أجل المادّة ، وَهُناك مثل فرنسىِ يقول [ أنّ المال عبد جيِّد وَسيِّد ردىء ] ، أى أنّك تكون المُتحكِّمْ فيهِ حينما تصرِفهُ وَتقضىِ بِهِ حاجاتك وَهو دائِماً ما يكون سيِّد فَلاَ تبدأ حياتك بأنْ يكون المال سيِّد حياتك فالمال عبد ، فإِيّاك أنْ تتعلّق بالأشياء وَتُصبِح عبد لها فِى سِفر الجامعة [ إِذا كثُرت الخيرات كثُر الذّين يأكُلونها ] ، أى كُلّما يأتىِ لك دخل أكبر كُلّما تزداد مصادِر صرفك أكثر حيثُ أنّ الإِنسان لاَ يشبع وَشبعه الحقيقىِ فِى ربِنا ، وَنجِد مُعلّمِنا بولس يقول [ لأنّ كِفايتنا مِنْ الله ] ، فمتى إقتنيت الله فأنت غنىِ ، لقد إِقتنيت الجوهرة الغالية الكثيرة الثمن التّى لاَ يُعبّر عنها ، أمّا عِندما لاَ يكون معك الله تكون أفقر إِنسان فِى الدُنيا حيثُ أنّ أفقر إِنسان فِى الدُنيا هو الذّى يترُك الله ، فربّ المجد يسوع قال[ إِفتقر وَهو الغنىِ لِيُغنينا بِفقرهِ ] فِى حين أنّك ترى إِنّك غلبان ، لاَ يوجد شىء يغلِبك إِلاّ شهوتك وَعدم تحكُمك فِى ذاتك وَلكِن إِذا كُنت مُتحكمِاً فِى ذاتك وَنَفْسَكَ تجلِس على قمة العالمْ ، وَيقول مُعلّمِنا بولس الرسول [ إِنْ كان لنا قوت وَكِسوة فلنكتفِ بِهُما ] ،وَلكِن الإِنسان بقى وَغروره وَ غرور العالمْ وَ المادّيات وَ المظاهِروَإِحنا دلوقتِى فِى عصر المظاهِر وَ الحِكاية عمّالة تزيد حيثُ إِنّنا فِى عصر المظاهِر لابُد أنْ تكون إِنسان مُتحكِمْ فِى الأشياء وليست الأشياء هى المُتحكِمة فيك[ القليل الذّى للصدّيق خير مِنْ ثروة أشرار كثيرين ] سوف أقرأ لكُم جُزء مِنْ رِسالة بولس الرسول الأولى لِتلميذه تيموثاوس كى توضِح لك علاقتك بالمادّة الإِصحاح 6 عدد 6 :[ وَأمّا التَّقوى مع القناعة فهى تِجارة عظيمة لأِنّنا لَمْ ندْخُلِ العالم بِشىءٍ ، وواضِح أنّنا لاَ نقدِر أنْ نخرُج مِنهُ بِشىءٍ فإِنْ كان لنا قُوت وَكِسوة ، فلنكتفِ بِهُما وَأمّا الذّين يُريدون أنْ يكونوا أغنياء ، فيسقُطون فِى تجرِبةٍ وَفخّ وَشهواتٍ كثيرةٍ غبِيَّةٍ وَمُضِرَّةٍ ، تُغرَّقُ النَّاس فِى العطب وَالهلاك لأنَّ محبّة المال أصل لِكُلَّ الشرُّور ، الذّى إِذِ إِبتغاهُ قوم ضَلُّوا عَنِ الإِيمانِ ، وَطَعَنُوا أنْفُسهُمْ بِأوجَاعٍ كثيرةٍ وَأمّا أنتَ يَا إِنسانَ الله فاهرُب مِنْ هذَا وَاتبعِ البِرَّ وَ التَّقْوَى أَوْصِ الأغنياءَ فِى الدَّهْرِ الحاضِرِ أنْ لاَ يستكبِرُوا ، وَلاَ يُلقُوا رَجاءَهُمْ على غير يقينيَّةِ الغِنَى ، بلْ على الله الحىّ الذّى يمنحنا كُلَّ شىءٍ بِغِنًى لِلتَّمَتٌّعِ] فلتكُنْ نَفْسَكَ مليئة وَهى التّى تدوس وَتكونْ إِنسان ساعٍ لمجد الأبديّة ، ربِنا يسوع المسيح الذّى دعانا لملكوته الأبدىِ قادِر أنْ يحفظ حياتِنا فِى هذا العالمْ غير عاثِرين يحفظنا فِى تقّوى وَعفاف ، يحفظنا مِنْ كُلَّ شِباك عدو الخير ، يحفظنا بِلاَ هم لأنّهُ مكتوب[ كونوا بِلاَ هم ] ربِنا يسنِد كُلَّ ضعف فينا بِنعمِته وَلإِلهنا المجد دائِماً أبدياً آمين0 القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا انطونيوس محرم بك الاسكندرية
المزيد
22 يوليو 2024

صياد السمك الماهر

ذهبا اثنين لاصطياد سمك من احدى الترع وكان احدهما ولد صغير والاخر رجل كبير اصطاد الولد الصغير سمكا كثيرا واما الرجل فلم يصطاد شيئا ! فذهب الرجل الى الولد ليسأله عن سبب ذلك رغما من استعدادات الرجل من حيث طعم السمك والسنارة وغيرها واكثر من ذلك ان تيار المياة كان يمر على الرجل قبل وصوله للفتى فقال له الولد : انك تصطاد وانت واقف على شاطىء الترعه فتلقى بظلك على المياة فيراك السمك ويهرب منك اما انا فمختبأ وراء الحشائش فلا يرانى السمك فأصطاد سمكا كثيرا صديقي هل علمت السر وراء الصيد الوفير؟ لابد من صياد الناس ان يختفى ويظهر المسيح لكى يحصل على الصيد الوفير من اجل هذا قال المسيح له كل المجد لبطرس : من الان تكون تصطاد الناس لو10:5 ولقد استطاع بطرس ان يصطاد بشبكه واحدة وعظه ثلاثه آلاف نفس من الناس بعظه واحدة لانه اختفى ليظهر المسيح ولقد استطاع يوحنا المعمدان ان يهيىء للرب شعبا مستعدا لانه اختفى ليظهر المسيح معلنا له : ينبغى ان ذلك يزيد وانا انقص يو30:3 واذا قرأت انجيل يوحنا ورسائله الثلاث التى كتبها لن تجد اسمه مكتوبا فيها بالمرة وذلك لانه اختفى ليظهر المسيح وحتى عندما استهل سفر الرؤيا بذكر اسمه وكان هو الرسول الوحيد الباقى على قيد الحياة من بين الرسل جميعا كان قد اقترب من المائه وبرغم كل ذلك لم يصف نفسه رسول بل قال : انا يوحنا اخوكم رؤ9:1 ولقد تعمد ان يخفى اسمه ليظهر مسيحه عزيزى الخادم لن تستطيع ان تكون صيادا ماهرا للناس الا اذا اختفيت انت ليظهر المسيح فالخادم ما هو الا موصل جيد لكلمه الله يأخذ الكلمه من فم الله ويضعها فى قلوب الناس. القمص إفرايم الانبا بيشوى
المزيد
21 يوليو 2024

الأعظم فى ملكوت السماوات

إنجيل هذا الصباح المُبارك يا أحبائى هو فصل من معلمنا متى إصحاح 18 يقول لنا أنّ تلاميذ يسوع المسيح بيسألوا يسوع سؤال شاغلهم جداً يريدون أن يعرفوا من هو الأعظم فى ملكوت السماوات ؟!! وماهى معاييرك ؟! وحدّد وقل فلان وفلان نريدك أن تبسّط لنا الأمور بالطبع هم منتظرين أن يسمعوا كلام ويروا صفات معينّة فوجدوا إن ربنا يسوع عمل موقف تعجبّوا من فهو دعى طفل وأوقفه فى وسط الجموع كلها طفل عنده 3 أو 4 سنين وقال" إن لم ترجعوا وتصيروا مثل الأولاد فلن تدخلوا ملكوت السماوات " أجابهم إجابة سهلة جداً وصعبة جداً فيها لون من ألوان إستخدام وسائل الإيضاح وليست إجابة نظرية فهو أعطاهم درس عملى وهو أن ترجعوا وتصيروا أطفال لذلك يا أحبائى نستطيع أن نقول إن حياتنا كلها هى جهاد من أجل الرجوع إلى حالة الطفولة ، فنحن غير منتظرين أن نكتسب أمور جديدة ولكن حياتنا هى الرجوع إلى الحالة التى خُلقنا عليها صورة الطفل الذى لم يتلّوث بطبيعة العالم أريد أن أتكلّم معكم فى ثلاث نقط :- 1- الطفولة الروحية :- الطفولة الروحية ياأحبائى تجعل الإنسان يشعر أنّه بسيط بساطة الأطفال تأّملوا يا أحبائى فى طفل صغير تجدوا عنده بساطة ونظرة بسيطة للأموروعنده محبة صادقة وإتضاع وإيمان للأسف كلّما كبر الإنسان كلّما فقد صورة طفولته كلّما بعد عن الطريق الصحيح الإنسان الواعى هو الذى يحاول أن يكون طفل وأن يرجع إلى الصورة التى خلقه ربنا عليها من الأمور الجميلة التى نتدرب عليها وهى أكيد إن كل واحد منّا محتفظ بصورته وهو طفل فإنظر للصورة وإعرف ما فقدته فأحد القديسين يقول : " حدّد فىّ صورة ملامحك " ، الصورة التى تلّوثت بأفعال كثيرة بالخطايا وبالشرور محتاجة أن تتجدّد فأحد القديسين يقول : " أصلح فىّ ما قد أفسدته " جهادنا على الأرض ياأحبائى هو أن نقترب إلى صورة الطفولة محتاجين جداً أن نرجع ونكون أطفال كم أنّ الإنسان عندما ينظر إلى نفسه يحزن على الأمور التى أفسدناها فالطهارة فسدت والبساطة فسدت نحن محتاجين لجهاد كبير جداً حتى نصل إلى حالة الطفل الذى لا يبالى بعثرات ولا يبالى بمناظر شريرة بولس الرسول يقول " كونوا أطفالاً فى الشر " ، أريدك أن لا يكون عندك جراءة ولا إقدام فى الشر لذلك شرط ربح الملكوت هو أن نكون أولاد فى الشر ونرجع إلى الطفولة أقبل الملكوت كولد0أقبل الملكوت كطفل0لدرجة عندما أحبّوا أن يُعطوا علامة كميلاد يسوع المسيح وهو" تجدون طفلاً مُقمطاً "فعلامة أن نتلاقى معه هى أن نراه كطفل الطفل عنده هدوء عنده سلام ولا يوجد عنده صراعات ولذلك تجدوا فى زى الرهبان والراهبات فى القلاسوة يوجد فيها شريطة تُربط وهى مثل شريطة الأطفال لأنّه يريد أن يقول لك وأنت راهب أنت بتلبس مثل الأطفال أنت بترجع إلى سذاجة الأطفال " إن لم ترجعوا وتصيروا مثل الأطفال فلن تدخلوا ملكوت السماوات " كم أنّ يااحبائى العالم لوثّ داخلنا جداً ولوثّ ذهننا ولوثّ ملامحنا ففى هذه الأيام الذى تقول له كلمة يفكّر فيها بمئة طريقة ولو حدث موقف من سنين الإنسان يتذكّره و لا ينساه إنظر لطفل بيبكى تجده بعد لحظات بيضحك بعد أن كان بيبكى بطريقة شديدة جداً نريد أن نتكلّم فى بعض صفات الأطفال 2- صفات الطفولة :- أ- الإيمان والتسليم نجد الطفل الصغير يعيش فى إيمان فى ثقة لا توجد عنده أى زعزعة ولا يوجد عنده شكوك فإن كان أبوه يشعر بخطر فهو لا يكون عنده إحساس بخطرلو قلت له عن أمر يفوق الخيال تجده يصدّقه هو بيستلم منّا بدون نقاش الإنسان ياأحبائى محتاج أن يصل إلى هذه القامة الطفولة هى قامة روحية عالية الإنسان محتاج أن يرجع لها فلو معرفتنا زادت جداً وفقدنا طفولتنا فستكون معرفتنا ليس لها فائدة فكثيراً معرفتنا بتحجز عنّا الطفولة البريئة فتقول لو أنا عشت بالطفولة هذه فإنّ الناس ستهزأ بى أقول لك أنّ النعمة تُعطى مع كل فضيلة فإنّ الله سيعطيك نعمة أزيد وأزيد وسيعطيك مع طفولتك إفراز وحكمة فنجد ربنا يقول لإبراهيم " إبراهيم إبراهيم إترك أهلك وعشيرتك وبيتك وإذهب إلى الأرض التى أُريك إياها " فأطاع فهو طفل مُطيع لأبيه ولكن لو أبونا إبراهيم فكّر بعقلة وبشيخوخته فإّنه كان سيقول كيف أترك أرضى وأهلى ولكنّه أطاع بولس الرسول يقول " شكراً لله لأنكم أطعتم من القلب صورة التعليم " فأطاوع بطفولة أطاوع بدون نقاش فالإنجيل يقول أحب الأعداء لا أُناقش بل أطاوع فعندما أعطى ربنا وعد لأبونا إبراهيم بأبن فى شيخوخته فإنّه صدّق الوعد فأين شيخوختك يا أبونا إبراهيم وأين خبرتك فى الحياة فإنّه يقول أنا سألقى شيخوختى وخبرتى جنباً ونجد الله يقول له " أنا سأرجع بك إلى زمن الحياة " فكيف سترجع به ياالله إلى زمن الحياة ؟ ولكن أبونا إبراهيم صدّق وبعد ذلك يقول له ربنا يا إبراهيم هات إبنك الذى أعطيته لك فيطيع فلابد أن تكون طفل فالإنسان الذى عنده طفولة يكون عنده تصديق وعنده وعى فهل تعرفوا يا أحبائى لماذا الله حاجز مسئوليته عننا ؟! لأننا نسير بحسب هوانا نسير بتفكيرنا ولكن لو طفل مسلّم لأبوه فإنّه يترك لأبيه ما يفعله ولا يقول له لا تفعل كذا ولكن عندما نصرّ على رأينا فإننا بذلك بنعطّل إعلان مسئولية ربنا عن أنفسنا لأننا نقول له أنا سأفعل وسأفعل وأسير بإرادتى فالطفولة الروحية هى مجد للمشيئة الشخصية فأقول له يارب أنا لا أريد أن أسير بإرادتى ونجد ربنا يقول لموسى إضرب البحر بالعصا فسينشق معقول واحد إن موسى لو ضرب البحر بالعصا فإنّه سينشق ولكن موسى أطاع كطفل وصدّق وضرب البحر بالعصا فإنفتح له فيه مسلك فالإنسان محتاج أن يعيش فى إيمان الطفولة فى روسيا فى زمن من الزمان كان لا يوجد فيها إيمان بالله إطلاقاً وكان يوجد ثلاث أطفال مسيحيين فى فصل فى المدرسة فكان باقى الأطفال يهزأون بهم ويسخرون بهم ويقولوا لهم هل يوجد شىء إسمه ربنا !! فالثلاث أطفال حزنوا جداً فدخل المُدّرس وسألهم ما بالكم حزانى هكذا فقالوا له إنّ أصدقائهم يقولون لهم أنّه لا يوجد إله فقال لهم وهذا صحيح فإنّه لا يوجد إله فحزن الأطفال فقال لهم إثبتوا إن فى إله ! فالثلاث أطفال سجدوا وواحد منهم صرخ وقال أيها الطفل يسوع تعال وأخذ ينادى ويقول هكذا أيها الطفل يسوع تعال ففجأة أبرق نور وأستمر النور فى الفصل لمدة نصف ساعة حتى يصدّق الأطفال بوجود الله فهو إيمان أطفال إيمان بسيط عديم الغش أو الشك القديس العظيم الأنبا أبرآم أسقف الفيوم أتوا إليه ثلاث أشخاص وقالوا له إن أبوهم مات فأعطاهم فلوس المستشفى التى كان يُعالج فيها وفلوس الشادر وأعطاهم كل إحتياجاتهم وأخذوا مبلغ كبير وخرجوا ووصلوا البيت فوجدوا أبوهم قد مات فعلاً فقالوا نحن أخطأنا وحزنوا فالقديس الأنبا أبرآم صدّقهم ببساطة وتعاطف معهم ولذلك فأنت لا تحزن إن ظلمك أحداً بل سلّم لمن يقضى بعدل لأنّه يوجد إله هو الذى قال :" لى النقمة أنا أجازى يقول الرب " وكما يقول الحكيم فى سفر الجامعة أنّ : " فوق العالى عالى وفوقهما أعلى يُلاحظ "،يوجد واحد عالى يُلاحظ بولس الرسول يقول : " أخشى أنّه كما خدعت الحية حواء أن تُفسد أذهانكم عن البساطة فى المسيح يسوع " حواء الحية خدعتها وأفسدت بساطتها نخاف جداً يا أحبائى على أنفسنا لئلاّ البساطة والإيمان البسيط الذى عندنا نفقده0 ب- التسليم نتكلّم فى نقطة أخرى وفى قامة مرتفعة جداً وهى قامة التسليم الطفل عنده تسليم عجيب جداً تأخذه أمه فى أى مكان فإنّه لا يُناقش لا يخاف من أى مكان فيه خطر وهو فى حضن أمه يكون فرحان وإن كانت أمه حزينة الطفل يعيش فى تسليم فوق العقل محتاجين أن نعيش كأطفال فلا يكون عندى أى لون من ألوان القلق ولا أجلس أفكّر بعقلى ولا أخاف ولا أتردد وأعيش فى تسليم الطفل ولا يكون عندى أى نوع من الخوف من أى ظرف توجد قصة تحكى عن أنّه كانت توجد سفينة فى البحر فهاجت الأمواج وإشتدت الرياح وكادت السفينة تغرق فكان الناس الموجودين فى السفينة خائفين جداً وفى وسط هذه الظروف كانت توجد طفلة بتلعب فإنتهرها الناس وقالوا لها أنتِ تلعبين فنحن سنغرق فأجابتهم الطفلة بكل هدوء إنّ قائد السفينة هو بابا وأنا ركبت معه كثيراً وبابا بحّار ماهرفأنا لا أخاف وأنتم لا تخافوافأنشأت سلام وتسليم فى كل المركب نحن محتاجين ياأحبائى أن نثق فى أبانا السماوى نحن ياأحبائى أبونا هو ضابط الكل هو الذى يُخرج الشمس فى ميعاد هو ضابط أعماق البحارمحتاجين أن نعيش فى قامة الطفولة فى التسليم إسحق قبل أن يُربط لكى يُقدّم كذبيحة فالذى يعيش فى قامة الأطفال يكون عظيم فى ملكوت السماوات الأمر محتاج منّا جهاد كبير وأن نبكى على أنفسنا ونحزن على كل شىء فسد بداخلنا ربنا خلقنا أن نكون بلا لوم وعلى صورته فنحن مخلوقين من أجل أن نسبحّه " من أفواه الأطفال هيأّت سُبحاً " وربنا يسمعها لأنها صاعدة ببساطة وبلا رياء0 ج- إتضاع الطفولة لا تجد طفل عنده سنتين أو ثلاثة أو أربعة ويكون مُتكبّربعد ذلك يقول أنا مين وأنا عندى وفلان لا يوجد عنده لكن لو قبل ذلك حتى ولو كان إبن ملك فإنّه يلعب مع إبن غفير ولا تجده يطلب أن يلبس ذهب أو يطلب ملابس مُعينّة فهو طفل صغير تلّبسه أمه تلّبسه ، تخلع الملابس تخلعها ، فلا يوجد عنده إعتراض ولا نقاش لانجد عنده تعال أو غرور أو عظمة فنحن كثيراً ما نفسد أمور كثيرة فينا فنحن محتاجين أن نلغى كل هذا الإفساد ونقول له يارب علّمنى أن أسلك كطفل فالطفل أكبر شىء يحلم به هو اللعبة أحلام بسيطة جداً الطفل لا يعرف أن يعتدّ بذاته ولا يحتدّ ولو أُهين يصفح ولو أدخلت الطفل فى أى مكان فإنّه لا يطلب أن يُغيّره ولذلك المسيح يريدنا أن نسلك كأطفال ولذلك نقول له يارب " نحن لا نعلم ماذا نفعل ولكن نحوك أعيننا " الطفولة تحتاج جهاد طويل تحتاج صلوات كثيرة تحتاج نقاوة تحتاج تعب تحتاج مقاومة للغرور والعظمة تحتاج بإستمرار انّ الإنسان يتابع نفسه التمتّع بالملكوت ياأحبائى سوف لا يأتى إلاّ بالطفولة يقولوا عن الأنبا موسى الأسود أنهم حبّوا أن يرسموه كاهن فأخذوه للبطريركية وقالوا له نحن إختارناه ليكون كاهناً فوقف أمام البطريرك يرسمه وحوله آلاف الرهبان فقال لهم البطريرك ما هذا الأسود ؟ وطرده ، فعندما خرج خارجاً سمعوه يقول لنفسه ( حسناً ما فعلوا بك يا أسود اللون ) ، وأخذ يوبّخ نفسه فخرجوا إليه ورجع معهم فهو طفل يقولوا له إذهب يذهب تعال يأتى كثيراً ما نجد الإنسان يصّر على موقفه ويكون عنده إعتداد بذاته ربنا يسوع المسيح الذى دعانا أن نكون أطفال يثبّت فينا روح الطفولة ويُجدّد صورة الطفولة فينا ربنا يسند كل ضعف فينا بنعمته ولإلهنا المجد دائماً أبدياً امين0 القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا انطونيوس محرم بك الاسكندرية
المزيد
20 يوليو 2024

إنجيل عشية الأحد الثاني من شهر أبيب ( لو 16 : 1 – 18)

"و قال ايضا لتلاميذه كان انسان غني له وكيل فوشي به اليه بانه يبذر امواله فدعاه و قال له ما هذا الذي اسمع عنك اعط حساب وكالتك لانك لا تقدر ان تكون وكيلا بعد فقال الوكيل في نفسه ماذا افعل لان سيدي ياخذ مني الوكالة لست استطيع ان انقب و استحي ان استعطي قد علمت ماذا افعل حتى اذا عزلت عن الوكالة يقبلوني في بيوتهم فدعا كل واحد من مديوني سيده و قال للاول كم عليك لسيدي فقال مئة بث زيت فقال خذ صكك و اجلس عاجلا و اكتب خمسين ثم قال لاخر و انت كم عليك فقال مئة كر قمح فقال له خذ صكك و اكتب ثمانين فمدح السيد وكيل الظلم اذ بحكمة فعل لان ابناء هذا الدهر احكم من ابناء النور في جيلهم و انا اقول لكم اصنعوا لكم اصدقاء بمال الظلم حتى اذا فنيتم يقبلونكم في المظال الابدية الامين في القليل امين ايضا في الكثير و الظالم في القليل ظالم ايضا في الكثير فان لم تكونوا امناء في مال الظلم فمن ياتمنكم على الحق و ان لم تكونوا امناء في ما هو للغير فمن يعطيكم ما هو لكم لا يقدر خادم ان يخدم سيدين لانه اما ان يبغض الواحد و يحب الاخر او يلازم الواحد و يحتقر الاخر لا تقدرون ان تخدموا الله و المال و كان الفريسيون ايضا يسمعون هذا كله و هم محبون للمال فاستهزاوا به فقال لهم انتم الذين تبررون انفسكم قدام الناس و لكن الله يعرف قلوبكم ان المستعلي عند الناس هو رجس قدام الله كان الناموس و الانبياء الى يوحنا و من ذلك الوقت يبشر بملكوت الله و كل واحد يغتصب نفسه اليه و لكن زوال السماء و الارض ايسر من ان تسقط نقطة واحدة من الناموس كل من يطلق امراته و يتزوج باخرى يزني و كل من يتزوج بمطلقة من رجل يزني" مثل وكيل الظلم: إنجيل القداس: "ان لم ترجعوا و تصيروا مثل الاولاد فلن تدخلوا ملكوت السموات". إنجيل العشية: اصنعوا لكم أصدقاء بمال الظلم حتى إذا فنيتم يقبلونكم في المظال الأبدية". مثل وكيل الظلم هنا يخدم الغرض الأسمى الذي هو دخول ملكوت السموات. كيف يفكر الإنسان بحكمة في مستقبله الأبدي ؟ وماذا بعدما يفنى جسده هنا، هل ستجد روحه راحة في أحضان الأحباء الذين صاروا له أصدقاء؟ وهل إذا عُزل من وكالة الأرض يجد له مكانا في السماء؟. السيد لم يمدح وكيل الظلم لشيء إلا أنه بحكمة تفكر وبحكمة سلك من جهة المستقبل، وهذه الجزئية فقط هي التي تخص حياتنا أننا ننظر بحكمة إلى المستقبل. فليس لنا هنا مدينة باقية ووكالتنا على الأمور الأرضية مؤقتة ولابد أننا تاركوها الحكمة النازلة من فوق هي أعلى بكثير من حكمة وكيل الظلم وكيل الظلم يمثل أبناء هذا الجيل أولاد العالم الذين يسلكون بالمكر والحيلة والظلم والسرقة يؤمنون مستقبلهم بكل وسيلة وحيلة بلا ضمير، وبلا وازع أما أولاد الله أولاد النور فلهم حكمة نازلة من السماء من عند الله، حكمة ليست من هذا العالم ولا من رؤساء هذا العالم الذين يبطلون. فعندما يفكر أولاد الله في مستقبلهم الأبدي فما كان عندهم ربحًا حسبوه خسارة لكي يربحوا المسيح. وهم على استعداد أن يخسروا كل شيء ويعتبروه نفاية بالمقارنة لربحهم الملكوت الأبدي. تأمل مسلك الشهداء كيف ثبتوا النظر في أورشليم السمائية وباعوا كل ما لهم في العالم رخيصا، وتنازلوا عن الثروات والمراكز والنياشين، والملذات وكل ما يخص هذا العالم الحاضر، وقبلوا أن يهانوا ويعذبوا حتى الموت صنعوا لهم أصدقاء بمال الظلم حينما تنازلوا عنه وفرطوا فيه تأمل حياة النساك في كل جيل كيف تمسكوا بالحكمة في النظر إلى المستقبل وتأهلوا للملكوت وأعدوا لأنفسهم نصيبًا حسنًا في مسكن الأبرار لم يكن مسلك وكيل الظلم، حينما سرق أموال سيده ومزق الصكوك التي على المديونين وكتب أقل منها سوى مسلك إنساني علمي خائن لسيده وهو أمر غير ممدوح على الإطلاق. ولكن الرب يسوع يقول إنه مدح لأنه بحكمة صنع مفكرًا في مستقبله بعد أن يُعزل من الوكالة الطريق إلى الملكوت يحتاج حكمة وإعداد ما هو للمستقبل. مال الظلم: أما أن يدعو المسيح مال هذا العالم الذي في أيدينا مال الظلم فهذه حقيقة. أموال العالم كلها ظلم في توزيعها وفي تداولها وفي اعتبارها القوة المحركة لكثير من الشرور والحروب والمنازعات، وهى القوة وراء كل مكسب بطال وسعي محموم، وهى التي سماها المسيح "سيد وإله""لا تستطيعون أن تعبدوا الله والمال، فهي السيد المسيطر على فكر العالم وهى في يد رئيس هذا العالم الذي هو روح الظلم والظلمة أما إذا كان في أيدينا كأولاد الله فإنه يصير للخير متقدسًا ونافعًا فكل ما تمتد إليه يد أولاد الله تقدسه. "أوص أغنياء في الدهر الحاضر... أن يكونوا أسخياء في العطاء، كرماء في التوزيع، مُدَّخرين لأنفسهم أساسًا حسنا للمستقبل، لكي يُمسكوا بالحياة الأبدية" (١تي ٦ : ١٧ - ١٨).وهذه الآية خير ما يوضح السلوك المسيحي المبني على الحكمة. فالمسيحي مدعو أن يقدس كل شيء ويستعمل كل شيء لخدمة الحياة الأبدية التي إليها دعي وفيها ينحصر فكره وقلبه. الوكالة: من الأمور التي يجب أن لا يهمل أحد التفكير العميق فيها أننا لا نملك شيئًا وأننا دخلنا العالم بلا شيء وواضح أننا سنترك العالم بلا شيء. فإن كان الرب قد ذكر هذا المثل عن إنسان وكيل لا يملك شيئًا، فالأموال والأملاك ليست له بل هو مقام لكي يتصرف فيها كوكيل، فإن أول كل شيء يُسأل في الوكلاء أن يوجد الوكيل أمينًا ، أما هذا الوكيل الذي في المثل فهو أولاً خائن لسيده وهو يبدد أمواله وفي الآخر متصرف فيما ليس له لحساب نفسه. ولكن إن كنا نحسب أننا وكلاء فليراجع الإنسان نفسه قائلاً: إن سيدي يأخذ مني الوكالة!! وهذا حق وواقع فمن ذا الذي أقيم وكيلاً وبقي إلى الأبد؟ إنها وكالة مؤقتة بكل المقاييس مثلها مثل الوزنات التي أُعطيت للعبيد ليتاجروا فيها ثم يأتي يوم السؤال حين يقف الوكيل موقف المحاسبة أمام سیده فإن أؤتمن واحد على كنيسة أن يكون وكيل الله أو أؤتمن على أسرة أو على أموال أو حقول أو مقتنيات فليضع في قلبه أنه سيعزل من الوكالة يوما وأنه مطالب بأن يُعطي حساب الوكالة. ترى من هو الوكيل الأمين الحكيم الذي يقيمه سيده؟ طوبي لذلك العبد !! أما الذي ظن أنه سيد ومتسلط يأكل ويشرب ويسكر بالعظمة الخيالية ويضرب العبيد والإماء يأتي سيد ذلك العبد في اليوم الذي لا يتوقعه وفي ساعة لا يعرفها فيشقه من وسطه ويجعل نصيبه مع عديمي الإيمان. كن أمينا إلى الموت: انظر إلى كل ما هو تحت يدك إنه ليس لك بل لسيدك خَفْ الله لأنه سيأتي يوما واعمل حساب ذلك اليوم تاجر وأربح ولكن ليس لحسابك ولا لذاتك بل لسيدك هو صاحب الأصل وصاحب الربح به ومنه كل الأشياء الرسل الأطهار كانوا يحيون بهذه الحقيقة كوكلاء الله لم ينسبوا شيئًا لذواتهم ليس الغارس شيئًا ولا الساقي بل الله الذي ينمي نحن عبيد لكم من أجل يسوع لسنا كفاة من أنفسنا بل كفايتنا من الله لنسلك بهذا القانون عينه لننال الطوبى في اليوم العظيم المخوف ونسمع ذلك الصوت الفرح: "كنت أمينا في القليل أقيمك على الكثير" وندخل إلى فرح السيد ونجد أصدقاءنا الذين عملناهم بمال الظلم يستقبلوننا ويقبلوننا بالأحضان الأبوية في مساكن النور والمظال الأبدية. المتنيح القمص لوقا سيداروس عن كتاب تأملات في أناجيل عشية الآحاد
المزيد
19 يوليو 2024

نشكرك لأنك نعمة الحفظ

من أجمل الكلمات التي يمكن للإنسان أن يخاطب بها الله في نشكرك وحسب تقليد كنيستنا، فإن هذه العبارة هي المقدمة التعبدية التي تفتتح بها صلواتنا في كل المناسبات بعد أن تتلو الصلاة الربانية. نعمة الحفظ ارفع عينى إلى الجبال، من حيث ياتي عوني معونتي من عند الرب صانع السماوات والأرض لا يدع رجلك نزل. لا ينعس حافظك، إنه لا ينعس ولا ينام حافظ إسرائيل الرب حافظك الرب ظل لك عن يدك اليمنى لا تضربك الشمس في النهار، ولا القمر في الليل الرب يحفظك من كل شر. يحفظ نفسك. الرب يحفظ خروجك ودخولك من الآن وإلى الدهر (مز ۱۲۱) هذ المزمور يتكلم عن الحفظ بصورة جيدة، ويوضح كيف أن الله يحفظ الإنسان في كل وقت وكل مكان وفي كل لحظة من حياته، وستتكلم هنا عن مجالات حفظ الله للإنسان. أولاً : الله يحفظ الكون فالكون الذي تعيش فيه له نظام بديع ودقيق، فنستيقظ في الصباح المجد الشمس والحركة، ونجد بلادا بها ظلام في الوقت الذي يوجد فيه بلاد أخرى بها نهار وهكذا فالله يضبط الكون كله، فهو يضبط حركة الكواكب وحركة المجموعة الشمسية وحركة النجوم وحركة الأفلاك وإذا غفل الله ولو جزءا صغيرا من الثانية وهذا طبعا ليس من المنطق).فإن كل هذا سيتخبط معا لذلك فإن الله يضبط الزمن والوقت واليوم والشهر، فمثلاً يحتفل الإنسان بعيد ميلاده في يوم محدد، وفي مثل هذا اليوم من كل عام يزيد عمر هذا الإنسان عاماً، وهكذا كل إنسان يكون له تمييز وهوية عن الآخرين وايضا الله يضبط قانون الجاذبية الأرضية، فهذا القانون هو الذي يحفظ الحياة كلها، فعندما أراد بعض العلماء إرسال اشخاص إلى القمر أو إلى الكواكب الأخرى كانت أهم المشكلات التي واجهتهم في الجاذبية الأرضية وكيف يمكن أن يمتلك الصاروخ قوة القوى من الجاذبية الأرضية حتى يستطيع أن ينطلق من مجال الأرض وأيضا كيف يستطيع الإنسان أن يسير فوق سطح هذه الكواكب بدون جاذبية !! إن الأرض تدور حول محورها، وتوجد بها فصول وشهور وأيام وساعات ودقائق وثوان وكل هذا الله يحفظه أمام الإنسان في الحياة الإنسانية. ثانيا: الله يحفظ نفسك من الاسئلة المشهورة في مجال الطب ماهو أكبر وأهم عضو في جسم الإنسان يقول البعض الكبد، والبعض الآخر يقول الكليتين وهكذا.. لكن أهم عضو في جسم الإنسان هو الجلد لأنه هو الذي يحفظ الإنسان ومساحته تقریبا ۲ متر مربع لذلك يوجد تخصص في كليات الطب للأمراض الجلدية ويقول الكتاب "هو حافظ نفوس أتقياته من يد الأشرار ينقذهم" مز ۹۷: ۱۰) "كثيرة هي بلايا الصديق ومن جميعها ينجيه الرب يحفظ جميع عظامه واحد منها لا ينكسر "(مز ١٩:٣٤-٢٠)، وأيضا يحفظ الله نفس الإنسان من الشيطان الذي دائما يحاول الإيقاع به، وجعله في حالة من التوهان لذلك تصلي قائلين "كل حسد وكل تجربة، وكل فعل الشيطان، ومؤامرة الناس الأشرار وقيام الأعداء الخفيين والظاهرين انزعها عنا" فالله يسيج حول الإنسان ويحفظه من كل هذه الشرور، والله لا يحفظ أولاده فقط بل يحفظ أيضا مبغضيه مثل الملحدين الذين ينكرون وجوده لعلهم ينتبهون يوما ويعودون إلى انفسهم وأيضا يحفظ الله الإنسان من كل فكر غير جيد أو شهوة ضارة أو صداقة غير مناسبة أو إلخ، وقد يسأل الإنسان نفسه عندما ينتبه أين كان عقلى وأنا أفعل هذا الأمر وهنا يشعر بحفظ الله له من كل هذه الشرور. ثالثا: الله يحفظ الإنسان من نفسه فيحفظ الإنسان من لسانه، لأنه قد يكون أحياناً لسانا غاشا !! ويسبب له كثيرا من المتاعب. لذلك يقول معلمنا داود النبي" اجعل يارب حارسا لفمی احفظ باب شفتی" (مز ٢:١٤٣) لذلك من التدريب الروحية الجميلة. أن يصلى الإنسان في داخله قبل الحديث أو الرد على أي سؤال قائلاً" يارب ارشدني واجعل في فمي قولاً حكيماً "وهذا ما فعله نحميا النبي حين ساله الملك لماذا وجهه حزين فقبل ان يجيب نحميا على الملك ويذكر له اخبار بلاده يقول الكتاب إنه رفع قلبه بالصلاة إلى الله أولاً "فصليت إلى إله السماء "(نح ٤:٢). وهكذا يجب على كل شخص منا أن يرفع قلبه إلى الله دائما قبل أن ينطق باية كلمة، ويقول "ضع يارب حافظاً لفمى وباباً حصينا الشفتي " فأحيانا قد ينطق الإنسان بكلمة يندم عليها باقي عمره فالكلمة قد يكون لها تأثير اقوى من أي سلاح ويمكن أن تسبب جرحا عظيما لا ينسى وكما يقول الكتاب "هدوء اللسان شجرة حياة واعوجاجه سحق في الروح" (ام ٤:١٥) وايضا يحفظ الله الإنسان من محبة المال فصحبة المال إحدى الحروب القوية التي تحارب العالم كله، ولذلك يقول الكتاب "لأن محبة المال اصل لكل الشرور الذي إذا ابتغاه قوم ضلوا عن الإيمان وطعنوا انفسهم باوجاع كثيرة (اتي٦ :١٠) لذلك نجد ان اغلب القضايا المطروحة امام المحاكم هي عن المال سواء كان ذلك بين إخوة أو أزواج أو ابناء أو الخ فالله يحفظ نفس الإنسان من هذه الشهوات المالية التي تتعبه.وقد قرأت قصة لطيفة عن إنسان قام بسؤال بعض الأشخاص عن المال الذي يحتاجونه لكي ما تكون معيشتهم جيدة" فأجاب أحدهم خمسة الاف جنيه وقال آخر عشرة الاف واخر عشرون الفا، وهكذا وهنا سأله أحدهم كم هو راتبك ؟! أجاب إلى أعمل في شركة كبيرة واتقاضى خمسين ألف جنيه !! فسألوه هل انت سعيد بهذا الراتب وهل هو جيد بالنسبة لك؟! أجاب: لا إنى تعيس جدا !! فإن ابنى من ذوى الاحتياجات الخاصة ولا يستطيع اللعب مع ابن البواب الذي هو بكامل صحته !! فالمهم ليس هو المال لكن المهم هو الشبع الداخلي فالله يحفظ نفس الإنسان من شهوة محبة المال. وأيضا الله يحفظ نفس الإنسان من الطموح الزائد. فهناك شخص يكون طموحه أكبر مما هو متاح له. وهناك قصة عن شخص قام بفتح محل لبيع الأجهزة الكهربائية. وقد بدأ بعدد صغير من الأجهزة ثم زادت تجارته بالتدريب ثم بدا طموحه يزداد في توسيع تجارته ولكن بطريقة خاطئة فبدا في اقتراض المال من البعض لشراء اجهزة أكثر لكى ما تزيد تجارته !! وفي أحد الأيام حدث سطو على المحل وتمت سرقته وهنا تعرض هذا الإنسان لمشكلة كبيرة وهي كيف سيمكنه سداد ما تم اقتراضه من المال إن هذا الإنسان لم ينتبه لكي يكون طموحه بحدود وبحساب وبحكمة. فالله يحفظ نفس الإنسان من الشرود والإهمال والاستهتار وقساوة القلب ويحفظ نفس الإنسان من وقت الراحة والمقصود بالراحة هنا هو وقت الاستهتار والكسل والإهمال ومثال لذلك خطية داود النبي مع امرأة أوريا الحثي" وكان في وقت المساء أن داود قام عن سريره وتمشى على سطح بيت الملك. فرأى من على السطح امرأة تستحم وكانت المرأة جميلة المنظر جداً" (۲ صم ۲:۱۱). فالراحة والاستهتار وصلت بداود إلى ارتكاب خطية كبيرة. وأيضا يحفظ الله نفس الإنسان من الافتخار والإعجاب بالذات، كما يقول المثل" يا أرض اتهدي ما عليك أدى" إن كان ذلك في علم أو خدمة أو أسرة، أو إلخ. فبولس الرسول هذا القديس العظيم قال "اعطيت شوكة في الجسد لثلا ارتفع وائلا ارتفع بفرط الإعلانات أعطيت شوكة في الجسد، ملاك الشيطان، ليلطمني لئلا ارتفع" (۲کو ۷:۱۲).فمعلمنا القديس بولس الرسول الله أعطاه نعما كثيرة جداً، وتراءى له مرات عديدة. ونال إعلانات إلهية كثيرة، وكل هذا كان من الممكن أن يقوده إلى الكبرياء لهذا سمح له الله بشركة في الجسد، وقد تكون هذه الشوكة تعب في الظهر أو ضعف في النظر أو أحد الأمراض الجلدية أو إلخ لكن ما يحفظه من الوقوع في خطايا الكبرياء. رابعاً: الله يحفظ الإنسان في الإيمان جميعاً قد تسلمنا وديعة الإيمان منذ نعومة أظافرنا، فكنيستنا القبطية تعلمنا أن تقال سر المعمودية بعد أيام قليلة من ولادتنا، وأيضا تعين إشبيناً للطفل المعمد. بحيث يكون مسئولاً عن تسليمه الإيمان. وغالبا ما يكون هذا الإشبين هو الأم أو الأب الذي يكون مسئوليته إيداع الإيمان في قلب الطفل المعمد لذلك تصلى وتقول احفظنا في إيمانك وانعم علينا بسلامك فالإيمان وديعة غالية جداً، ولكن للأسف كثيرين وقعوا في خطايا الإلحاد فأحياناً تتقابل مع شاب عمره لا يزيد عن العشرين عاماً، وتجد أفكاره بعيدة تماماً عن الإيمان!! ولينتبه كل أب وكل أم أن دورهما كإشبين. لا ينتهى بانتهاء مرحلة الطفولة، لكنه دور يستمر مدى الحياة، ومسئولية سيسألان عنها أمام الله ويقول معلمنا بولس الرسول التلميذه تيموثاوس "وأحفظ الوديعة الصالحة بالروح القدس الساكن فينا" (۲ تي١ :١٤) ويذكر لنا التاريخ أنه في أيام البابا أثناسيوس الرسولي، وذلك في القرنين الثالث والرابع الميلاديين، ظهرت بدعة اريوس وانتشرت انتشاراً واسعاً جداً. ولكن مع هذا، حفظ الله كثيرين في الإيمان وفي مقدتهم القديس أثناسيوس الرسولي حتى إنه قيل له العالم كله ضدك يا اثناسيوس، فأجاب وأنا ضد العالم. وأيضاً يذكر لنا التاريخ أنه في القرون الأولى تعرضت الكنيسة لكثير من العذابات والاضطهادات، وبالرغم أن البعض لم يحتمل هذه العذابات وأنكر، إلا أن الله حفظ وديعة الإيمان مع كثير من الشهداء والمعترفين، لذلك تصلي قائلين احفظنا في الإيمان واحفظ وديعة الإيمان التي سلمتها لنا رحلة في الكتاب المقدس تبين حفظ الله للإنسان حفظ نوح وأسرته في بداية الخليفة العالم كله أصابة الشر ولكن الله حفظ نوحاً وأولاده وزوجته من هذا الشر العظيم ونجاهم من الطوفان، وقد كان عددهم ثماني انفس فقط "فمحا الله كل قائم كان على وجه الأرض الناس والبهائم، والدبابات، وطيور السماء فانمحت من الأرض وتبقى نوح والذين معه في الفلك فقط" (تك ۲۳:۷) حفظ لوط وبناته فأخرجهم من مدينة سدوم بأيدي ملاكين قبل أن يهلكها بالنار والكبريت نتيجة غضبه عليها "ولما طلع الفجر كان الملاكان يعجلان لوطا قائلين: قم خذ امراتك وابنتيك الموجودتين لئلا تهلك بإثم المدينة. ولما تواني امسك الرجلان بیده وبید امراته وبيد ابنتيه لشفقة الرب عليه، وأخرجاه ووضعاه خارج المدينة، (تك ١٩: ١٥-١٦). حفظ يعقوب لقد حفظ الله ابانا يعقوب من وجه أخيه عيسو الذي أراد قتله بسبب تحايله على ابيه واخذ البركة منه (تك ٤١:٢٧) "فقال عيسو لي كثير يا اخي . ليكن لك الذي لك. فقال يعقوب لا إن وجدت نعمة في عينيك تأخذ هديتي من يدى لأني رأيت وجهك كما یری وجه الله فرضيت على" (تك ٩:٣٣-١٠) حفظ يوسف في غربته حفظ الله يوسف الصديق خلال رحلة العبودية الطويلة والتي بدأت من بيع إخوته له كعبد ثم مروره بتجارب وضيفات كثيرة في بيت فوطيفار وفي السجن و... إلخ ولكن حفظ الله له هو الذي جعله الرجل الثاني في مصر بعد فرعون قال فرعون ليوسف "انظر قد جعلتك على كل أرض مصر وخلع فرعون خاتمه من يده وجعله في يد يوسف (تك ٤١:٤١-٤٢). حفظ موسى النبي حفظ الله موسى الصغير من القتل فيذكر لنا الكتاب كيف أن أمه وضعته في سلة صغيرة في النيل ثم انتشلته ابنة فرعون من الماء وأحبته واتخذته لها ابناً - لقد دبر الله أن يعيش موسي في بيت فرعون الذي أمر بقتل أطفال العبرانيين وليس هذا فقط بل سمح الله أيضا أن تكون مرضعته هي امه التي غذته ليس فقط من لبنها ولكن أيضاً من الإيمان وقد تهذب موسى بكل حكمة المصريين "فتهذب موسى بكل حكمة المصريين وكان مقتدرا في الأقوال والأعمال ( أع٢٢:٧) حفظ الله بنى إسرائيل في البرية حفظ الله شعب بني إسرائيل في البرية ما يقرب من أربعين عاما وقد نتساءل هل ثيابهم لم تبل هل أحذيتهم لم تتقطع؟!! هذا حفظ الله!! لقد حفظ الله ودبر لهم جميع احتياجاتهم كما قال الكتاب "فقد سرت بكم أربعين سنة في البرية لم تبل ثيابكم عليكم، ونعلك لم تبل على رجلك"(تث٥:٢٩) وليس هذا فقط بل كان الله يرسل لهم ايضا سحاية في النهار لكيما تظللهم وتحميهم من أشعة الشمس، وعمود من نور فى الليل ليضي لهم الظلام "وكان الرب يسير أمامهم نهارًا في عمود سحاب ليهديهم في الطريق، وليلاً في عمود نار ليضيء لهم. لكي يمشوا نهارا وليلا(خر٢١:١٣). - حفظ داود من بطش شاول لقد حفظ الله داود من بطش شاول الملك. الذي أراد مرارا كثيرة قتله ولكن الله دائماً كان يحفظه فيقول المرنم "أصابوني في يوم بليتي وكان الرب سندى اخرجني إلى الرحب خلصنى لانه سر بی (مز ۱۸:۱۸-١٩) - حفظ استير كلمة استير تعنى "نجمة المشرق" لقد كانت استير مجرد فتاة يتيمة أخذت في السبي، وقد وضع الله في قلب ابن عمها ان يهتم بتربيتها وحفظها الله في السبي وليس هذا فقط بل ايضا جعلها ملكة "فأحب الملك استير أكثر من جميع النساء ووجدت نعمة وإحسانا قدامه اكثر من جميع العذاري فوضع تاج الملك على راسها وملكها مكان وشتي اس١٧:٢) وايضا استطاعت أن تنقذ شعبها من الإبادة، وصار لها سفر في الكتاب المقدس!! حفظ الله لكثيرين حفظ الله دانيال في جب الأسود فلم تمسه "إلهي أرسل ملاكه وسد أفواه الأسود فلم تضرني لأني وجدت بريئا قدامه (دا ٢٢:٦) وحفظ الفتية الثلاثة في أتون النار، فلم يصبهم أذى" لم تكن للنار قوة على اجسامهم وشعرة من رؤوسهم لم تحترق وسراويلهم لم تتغير، ورائحة النار تعليهم، (دا۳ : ۲۷) وحفظ أيضا يونان في بطن الحوت واما الرب فاعد حوتا عظيما ليبتلع يونان "فكان یونان في جوف الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليال" (يون ۱۷:۱)، ومازال الله يحفظ الإنسان حتى الآن ولكن من يعيشون في الأمور المادية لا يصدقون ذلك، ولكن الكتاب المقدس كتاب أمين يقدم لنا قصة الخلاص، وقصة عناية الله بالإنسان.وايضا حفظ القديس بطرس وهو في السجن ، "وإذا ملاك الرب اقبل ونور اضاء في البيت فضرب جنب بطرس وايقظه قائلاً: قم عاجلاً فسقطت السلسلتان من يديه"( ۷:۱۲)، وحفظ بولس الرسول في أتعاب الكرازة الكثيرة "بأسفار مرارا كثيرة بأخطار سيول بأخطار لصوص بأخطار من جنسي بأخطار من الأمم بأخطار في المدينة بأخطار في البرية بأخطار في البحر (٢ كو ١١ :٢٦) وحفظ الله ايضا الرهبنة في مصر من القرن الثالث الميلادي وحتى الآن بالرغم من كل ما مرت به من اتعاب وضيقات و شداند. وحفظ الشهداء مثل مارجرجس امیر الشهداء وقصته التي نعلمها جميعا، وكيف حفظه الله من السم القاتل وحفظ القديس يوليوس الاقفهصي كاتب سهر الشهداء وقد سجل لنا أكثر من ٢٠٠ قصة استشهاد وقد تتسائل كيف تركوه كل هذه الفترة بدون استشهاد !! هذه هي عناية الله وحفظه، وإن كان في النهاية صار شهيدا أيضا، ولكن بعد أن ترك لنا باقة عطرة من سير الشهداء لقد حفظ الله الكنيسة كل هذه القرون ونحن الآن نفتخر بكنيستنا التي عمرها الآن الفين سنة من الزمان ولذلك نقول ابواب الجحيم لن تقوى عليها، (مت١٨:١٦)، وهذه الأبواب ليست بابا أو اثنين ولكنها أبواب كثيرة جدا. كانت عبر القرون وعبر التاريخ أكثر من أية كنيسة في العالم كله فالله يحفظ الإنسان ويحفظ الكون ويحفظ نفسك ويحفظك من نفسك ويحفظك من ضعفات كثيرة والكتاب المقدس يستطيع أن يرشد الإنسان، ويوضح له مراحل كثيرة من حفظ الله له فاحياناً إذا شخص طرفت عيناه، يقولون له" العين عليها حارس " وبالطبع هذا الحارس قد تم تعيينه من قبل الله، فالله يحفظ الإنسان، لكن الإنسان أحيانا يعتدي على ما أعطاء الله مثل اعتدائه على نهر النيل وتلويثه بمواد كيماوية ضارة، قد تصيب الإنسان بأضرار بالغة وهناك قصة لطيفة عن قرية صغيرة تقع على شاطئ البحر في افريقيا، وقد منح الله هذه القرية رمالاً بها بعض الكيماويات التي تساعد على شفاء الإنسان من بعض الأمراض، لذلك كان يتوافد على هذه القرية كثير من السائحين لنوال نعمة الشفاء وكانت بيوت هذه القرية تتكون من طابق واحد فقط وكان أساس معيشة هذه القرية على دخل السياحة، وفي أحد الأيام جاء شخص إلى هذه القرية، واقترح على أهلها أن يقوموا ببناء عمارات كبيرة للسكن فيها. بدلاً من هذه البيوت الصغيرة، على أن يستخدموا في البناء الرمال الموجودة بكثرة في القرية وبالفعل قام السكان، بذلك ولكن كانت النتيجة انه لم يعد هناك رمال للسواح الذين يحضرون للقرية للشفاء وبالتالي انقطع الدخل الذي كانوا يعيشون عليه وكان هذا بسبب اعتدائهم على الطبيعة التي منحها الله لهم فالله يحفظ الإنسان ويقف بجانبه في كل ضيقة، كما يقول الكتاب "في كل ضيقهم تطايق، وملاك حضرته خلصهم (إش ٩:٦٣)، فالله يحفظك يحفظ حياتك بداية من الكون حتى جلدك الذي يحفظك من ملايين الميكروبات والملوثات، ويحفظ إيمانك وسلامك وهدوءك ويعطيك نعمة الحفظ الدائم وهناك تدريب لطيف وهو أن تقرأ الكتاب المقدس تحت عنوان عناية الله بالإنسان، بمعنى أنه اثناء قراءتك تقوم بتجميع الآيات التي توضح عناية الله بالإنسان وستجد في نهاية قراءة الكتاب أن لديك كنزا من الآيات تساعدك وتسندك خلال مسيرة حياتك بكل ما فيها من تجارب وضيقات وتعطيك الطمانينة أن الله سيعتني بك. قداسة البابا تواضروس الثاني عن كتاب نشكرك لأنك
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل