المقالات

12 يوليو 2019

إستشهاد القديسين الرسولين بطرس و بولس وفطر صوم الرسل

في مثل هذا اليوم إستشهد القديسان العظيمان الرسولاً ن بطرس و بولس . أما بطرس فكان من بيت صيدا وكان صيادا فإنتخبه الرب ثاني يوم عماده بعد انتخابه لأخيه إندراوس . وكان ذا إيمان حار وغيرة قوية ولما سأل الرب التلاميذ . ماذا يقول الناس عنه . أجابوا : " إيليا أو إرميا أو أحد الأنبياء " فقال بطرس " أنت هو المسيح ابن الله " وبعد ان نال نعمة الروح المعزي جال في العالم يبشر بيسوع المصلوب ورد كثيرين إلى الإيمان وقد أجرى الله على يديه آيات كثيرة وكتب رسالتين إلى جميع المؤمنين . ولما دخل رومية وجد هناك القديس بولس الرسول ، وبكرازتهما آمن أكثر أهل رومية فقبض عليه نيرون الملك وأمر بصلبه . فطلب ان يصلبوه منكسا وأسلم روحه بيد الرب . أما بولس الرسول فقد ولد بطرسوس قبل ميلاد المخلص بسنتين ، وهو من جنس يهودي من سبط بنيامين ، فريسي ابن فريسى وكان عالما خبيرا بشريعة التوراة شديد الغيرة عليها مضطهدا المسيحيين . ولما رجموا إسطفانوس كان يحرس ثياب الراجمين . وأخذ رسائل من قيافا إلى اليهود المتوطنين في دمشق للقبض على المسيحيين . وبينما هو في طريقه إلى دمشق أشرق عليه نور من السماء فسقط على الأرض وسمع صوتا قائلا له : " شأول شأول لماذا تضطهدني (أع 9 : 4 ) " فقال : " من أنت يا سيد " . فقال الرب " أنا يسوع الذي أنت تضطهده . صعب عليك ان ترفس منأخس " ثم أمره ان يذهب إلى حنانيا بدمشق وهذا عمده وللحال فتحت عيناه وامتلأ من نعمة المعزي ، وجاهر بالإيمان وجال في العالم وبشر بالمصلوب وناله كثير من الضرب " الحبس والقيود وذكر بعضها في كتاب أعمال الرسل وفي رسائله ثم دخل رومية ونادي بالإيمان فأمن على يديه جمهور كثير . وكتب لهم الرسالة إلى أهل رومية وهي أولي الرسائل الأربع عشرة التي له . وأخيرا قبض عليه نيرون وعذبه كثيرا وأمر بقطع رأسه . وبينما هو ذاهب مع السياف التقت به شابه من أقرباء نيرون الملك كانت قد آمنت على يديه فسارت معه وهي باكية إلى حيث ينفذ الحكم . فعزاها ثم طلب منها القناع ولف به وجهه وأمرها بالرجوع وقطع السياف رقبته وتركه وكان ذلك في سنة 67 م فقابلت الشابة السياف أثناء عودته إلى الملك وسألته عن بولس فأجابها : " أنه ملقي حيث تركته . ورأسه ملفوف بقناعك " فقالت له : " كذبت لقد عبر هو و بطرس وعليهما ثياب ملكية وعلي رأسيهما تاجان وناولني القناع . وها هو " وأرته إياه ولمن كان معه فتعجبوا من ذلك وأمنوا بالسيد المسيح .وقد اجري الله على يدي بطرس و بولس آيات عظيمة حتى ان ظل بطرس كان يشفي المرضى (أع 5 : 15 ) ومناديل ومآزر بولس تبريْ الكثيرين فتزول عنهم الأمراض وتخرج الأرواح الشريرة (أع 19 : 12) . صلاتهما تكون معنا ، ولربنا المجد دائمًا . آمين هذا هو اليوم الذي تعيد فبه الكنيسة بفطر الرسل ويعمل اللقان بعد رفع بخور باكر فى الخورس الثالث وبملابس الخدمة .
المزيد
11 يوليو 2019

التأمل.. ما هو؟ وما هي مجالاته؟

التأمل في أي أمر معناه الدخول إلى العمق، سواء في عمل الفكر، أو عمل الروح. هو أيضًا الوصول إلى لون من المعرفة فوق المعرفة العادية الخفية، معرفة فوق الحس، معرفة جديدة عليك، ومبهجة لروحك، تجد فيها غذاءً ومُتعة روحية. أو التأمُّل هو تفتح العقل والقلب والروح، لاستقبال معرفة يرسلها اللَّه من فوق، أو من داخل روح الإنسان. والتأمُّل يناسبه السكون والهدوء، والبُعد عن الضوضاء التي تشغل الحواس، وبالتالي تشغل العقل وتبعده عن عمل الروح فيه. ويزداد التأمُّل عمقًا كُلَّما تتحرَّر الحواس من الشغب الحالي، ويتحرَّر الإنسان من سيطرة فكره الخاص، لكي يستقبل ما تعطيه الروح. وللتأمُّل مجالات كثيرة، نود أن نتناولها بالتفصيل... هناك تأمُّل في كلام اللَّه، أو في الصلاة والتدبير والألحان. أو التَّأمُّل في الخليقة والطبيعة، أو في السماء والملائكة، أو التَّأمُّل في الموت والدينونة وما بعدها. وهناك تأمُّل في الأحداث وفي سِيَر القديسين، وفي الفضيلة عمومًا، وفي وصايا اللَّه. وهناك نوع آخر هو أسمى من التَّأمُّل في صفات اللَّه الجميلة. ومنها التأمُّل في المُطلق، في الحق، في الخير. على أن موضوعات هذا التَّأمُّل قد تكون أكثر من أن نحصيها، بحيث يتأمَّل الإنسان الروحي في كل شيء، حتى في الماديات، يحاول أن يستخرج منها روحيات تفيده. من جهة التَّأمُّل في كلام اللَّه: فكلام اللَّه هو روح وحياة. والكلمات هي مُجرَّد غُلاف، يُغلِّف معاني داخلها. كالصدفة التي تحوي داخلها اللؤلؤ. وفي التَّأمُّل ينبغي أن تكشف الصدفة، وتأخذ اللآلئ التي في داخلها. وهنا تُصلِّي مع داود النبي وتقول: "اكشف يا رب عن عينيَّ، لأرى عجائب من شريعتك". أي تكتشف العمق الموجود في الوحي الإلهي. فإلهنا الحنون ينير عقولنا وأفهامنا لندرك عُمق وصاياه. حقًا يا رب بنورك نُعاين النور. وهنا يكون التَّأمُّل عبارة عن تقديم عقولنا إلى اللَّه، لكي بنعمته يملأها بالفهم الذي من عنده. أو هو تلمذة على نعمة اللَّه، وتدريب كيف نأخذ منها الفهم الذي تريد أن تعطيه. فلا تقف يا أخي عند حدود العقل. بل اتخذ العقل وسيلة للوصول إلى الروح. والروح توصلك إلى اللَّه الذي عنده كل كنوز المعرفة فيعطيك. القارئ السطحي في كلام اللَّه، قد يقرأ كثيرًا ولا يتأمَّل. أمَّا القارئ الروحي، فالقليل من قراءته يكون له نبع تأملاَّت لا ينضب. إن كلمة واحدة أو عبارة تستوقفه، فيغوص في أعماقها، ويظل سابحًا في تلك الأعمال. وهو يقول مع داود النبي: "لكل كمال رأيت منتهى، أمَّا وصاياك فواسعة جدًا". لأنه في التأمل قد يفتح اللَّه قلبه، فيرى في الآية الواحدة كنزًا عظيمًا، مهما اغترف منه لا ينتهي... إذن كتدريب روحي، خُذ لك كل يوم آية للتَّأمُّل تكون قد تركت في نفسك تأثيرًا عميقًا أثناء القراءة... ورُبَّما تكون معاملات اللَّه مع الناس مجالًا واسعًا للتَّأمُّل... سواء معاملة الله تبارك اسمه مع قديسيه الذين أحبوه وأطاعوه. أو معاملته للخطاة الذين انتفعوا من طول أناة الله عليهم التي قادتهم إلى التوبة... إن شخصيات الكتاب أيضًا تصلح مجالًا للتَّأمُّل. إن التأمُّل في وصايا اللَّه سوف يشغل نفسك أثناء النهار بفكر روحي. ويظل هذا الفكر يتعمَّق فيك. والفكر يلد فكرًا من نوعه، ويلد أيضًا الكثير من المشاعر والعواطف والتَّأمُّلات. ويصبح قلبك نقيًا تعمل فيه كلمة اللَّه. ولا يقف الأمر عند حدود اللذة بالمعرفة، إنَّما يتطوَّر ليكون له تأثيره في حياتك العملية. لذلك إن استطعت أن تُطبِّق تأملاتك على حياتك، وتستخرج منها منهجًا تسير عليه، يدخل في علاقاتك مع اللَّه ومع الناس. وإن لم تكن لك موهبة للتَّأمُّل في الكتاب، فاقرأ تأملات الأبرار الذين اتصفوا بعُمق تأملاتهم في الكتاب. أمَّا من جهة التأمُّل في الطبيعة فهو ليس مُجرَّد تأمُّل في جمال الطبيعة، إنما بالأكثر ما تُقدِّمه لنا من روحيات، كما قال داود النبي في مزاميره: "السموات تُحدِّث بمجد اللَّه، والفلك يخبر بعمل يديه". وهنا نتدرج من التأمُّل في الطبيعة إلى التَّأمُّل في عظمة اللَّه خالقها. وهنا أتذكر قول الشاعر: ها ذي الطبيعة قِف بنا يا ساري حتى أريك بديع صنع الباري وقديمًا كانوا يدرسون الفَلَك في الكليات اللاهوتية. لأنَّ النظام العجيب الدقيق الذي فيه، يُثبت وجود خالق كُلِّي القدرة استطاع أن يوجد كل ذلك. إن كانت السماء المادية مكانًا عظيمًا للتَّأمُّل، فكم تكون السماء التي هي عرش اللَّه!! ويرتبط التأمُّل في السماء بتأمُّل آخر في الملائكة... بل على الأرض يمكن أن يكون هناك تأمُّل في جمال الورود والأزهار. وما أكبر الفارق بين الزهور الطبيعية وغيرها من الزهور الصناعية، التي مهما أفتن الإنسان في صنعها، فهي بلا حياة، بلا رائحة، بلا نمو... وكذلك التأمُّل في طيور السماء، في تعدُّد أنواعها وأشكالها ونغمات أصواتها، وطباعها، ورحلاتها. بل التأمل في النملة النشيطة حيث لم أرَ في حياتي كلها نملة واقفة، بل هي دائمة الحركة. . وفي ذلك قال سليمان الحكيم: "اذهب إلى النملة أيها الكسلان. تأمُّل طُرقها وكُن حكيمًا". بل أكثر من هذا إذا تأمَّلنا في النحل حيث نأخذ منه أيضًا تأمُّلًا في النظام الداخلي الذي تعيشه مملكة النحل، وكيف خلقها اللَّه بإمكانيات وقدرات عجيبة... تستطيع أن تجمع الرحيق وتصنعه شهدًا، وكيف تصنع غذاء الملكات! وكيف تبني خلاياها بهندسة متقنة عجيبة، وكيف تطير رحلات بحثًا عن الزهور والرحيق. وما أعجب ما قاله عنها أمير الشعراء أحمد شوقي: مملكة مُدبّرة بامرأة مؤمَّرة تحمل في العمال والصناع عبئ السيطرة أعجب لعمال يولُّون عليهم قيصرة إن الإنسان الروحي يستطيع أن يتخذ كل شيء مجالًا للتَّأمُّل. ويستطيع أن يستخرج من الماديات ما تحمله من دروس روحية. كذلك جسم الإنسان هو مجال واسع للتَّأمُّل يدل على عظمة الخالق، فما أعجب القدرات التي وضعها اللَّه في المُخ، وفي القلب، وفي كل أجهزة الجسم البشري، وكيف تعمل متناسقة في اتزان عجيب. وبعض هذه الأجهزة إذا تلف، لا يقدر كل التَّقدُّم العلمي على إرجاعه إلى وضعه الطبيعي. هناك تأمل آخر في الأحداث، ويد اللَّه في بعض الأحداث، وفي تدبير كل شيء إلى الخير. ولا ننسى التأمُّل في الموت، وفي القيامة، وفي الدينونة، وفي صفات الله الذاتية مثل الأزلية والقدرة على كل شيء والوجود في كل مكان. وأيضًا تأمل صفات اللَّه في معاملته مع البشر
المزيد
10 يوليو 2019

خدمة غير ظاهرة

هناك أنواع من الناس لم يذكرنا لنا الكتاب خدمتهم أو تفاصليها، إنما كانوا يخدمون الخدام، أو يقدمون الإمكانات للخدمة نسوة كثيرات كن يتبعن السيد المسيح "ويخدمنه من أموالهن" (لو 8: 3). وفي بداية الكنيسة الأولى تركت مريم أم مرقس الرسول بيتها ليكون أول كنيسة يجتمع فيها المؤمنون ويصلون. كذلك ذكر لنا القديس بولس الرسول عن "أكيلا وبريسكلا" "والكنيسة التي في بيتهما" (رو 16: 5). وأيضًا الكنيسة التي كانت في بيت نمفاس (كو 4: 15). وشرح لنا التاريخ الخدمات العديدة التي كان يقوم بها المعلم إبراهيم الجوهري وأخوه المعلم جرجس الجوهري للكنائس والأديرة ربما أناس لا يخدمون القرى، لكنهم يتبرعون بعربة تنقل الخدام إلى هذه القرى أو يدبرون المكان، أو يعدون المكان للخدمة. أو أن يشتروا الأناجيل والبشائر والأجابي، والصور والجوائز، ما يوزعه الكاهن من صلبان وأيقونات. أو يهتمون بالعمل الإداري للاجتماعات. كأن يقومون بكتابة أسماء الحاضرين، أو يعدون كشوف الغائبين لافتقادهم، وما إلى ذلك من الخدمات التي تبدو بسيطة ولكنها لازمة ونافعة على الأقل هناك من يقومون بخدمة الصلاة من أجل الاجتماعات ونجاحها، والمشاكل وحلها وقد تكون لصلواتهم استجابة أكثر نفعًا من خدمة الكلمة، وتقتدر كثيرًا في فعلها، وتكون هي الخدمة المخفية التي تقوم على أساس الخدمة الظاهرة. المهم يا أخي أن تخدم.. مثلث الرحمات قداسة البابا شنودة الثالث من كتاب الوسائط الروحية
المزيد
09 يوليو 2019

إرسالية السيد المسيح

قال الرب لنيقوديموس: "لأنه لم يرسل الله ابنه إلى العالم ليدين العالم، بل ليخلُص به العالم، الذي يؤمن به لا يدان، والذي لا يؤمن قد دين، لأنه لم يؤمن باسم ابن الله الوحيد" (يو3: 17، 18) وقال يوحنا المعمدان في حديثه عن السيد المسيح: "الذي يؤمن بالابن له حياة أبدية، والذي لا يؤمن بالابن لن يرى حياة بل يمكث عليه غضب الله" (يو3: 36). رفع الغضب نفس المعنى تكرر في كلام السيد المسيح وفي حديث يوحنا المعمدان أن غضب الله قد حل على البشرية بسبب سقوط آدم وحواء وبالتالي نسلهما عبر الأجيال إلى أن جاء النسل الموعود به للخلاص كما قال الله للحية بعد سقوط آدم وحواء: "وأضع عداوة بينك وبين المرأة، وبين نسلك ونسلها. هو يسحق رأسك، وأنتِ تسحقين عقبه" (تك3: 15). أي أن: نسل المرأة يسحق رأس الحية وقد شرح القديس بولس الرسول هذه الحقيقة في رسالته إلى أهل رومية فقال: "من أجل ذلك كأنما بإنسان واحد دخلت الخطية إلى العالم، وبالخطية الموت، وهكذا اجتاز الموت إلى جميع الناس، إذ أخطأ الجميع" (رو5: 12)إذن لقد حل غضب الله على جميع البشر وصار الجميع تحت حكم الموت والهلاك الأبدي. وجاء السيد المسيح لكي يرفع هذا الغضب، ويصالح الإنسان مع الله، وينقذ الذين يؤمنون به من الهلاك الأبدي ويمنحهم قيامة الحياة الأبدية في ملكوت الله لهذا لا يستطيع اليهود مثلًا أن يقولوا أن مجيء المسيح الأول إلى العالم قد سبب لهم الهلاك لأنهم لم يؤمنوا به. بل إن الهلاك كان قائمًا وحتميًا ومحكوم به عليهم بالفعل، لولا أن أتى المسيح له المجد ليرفع هذا الهلاك ويدفع ثمن خلاص البشرية ويمنح الحياة والنجاة لمن يقبل العطية الإلهية في المسيح، ويؤمن بأن الآب قد أرسله لخلاص العالم فمعنى قول السيد المسيح: "لم يرسل الله ابنه إلى العالم ليدين العالم، بل ليخلُص بهالعالم" (يو3: 17) هو أن إرساله إلى العالم في المجيء الأول لم يكن الهدف منه إدانة العالم، بل لخلاص العالم، وأن الدينونة والهلاك الأبدي لن يكون نتيجة لمجيئه، بل كان سيحدث بالفعل للجميع لو لم يأتِ. وحينما أتى صار الخلاص لمن آمنوا به وبهذا يتم إنقاذ ما يمكن إنقاذه ولا يوجد ذلك الإنسان الذي لم يحمل حكم الهلاك الأبدي سوى السيد المسيح الذي كان وحده بلا خطية، وقادرًا أن يوفى الدين الذي علينا لأنه هو هو نفسه ابن الإنسان وابن الله الوحيد القادر على كل شيء. لم يرسل الله ابنه إلى العالم ليدين العالم قد يتساءل البعض ويقولون: كيف يقول السيد المسيح أن الله لم يرسل ابنه إلى العالم ليدين العالم، ثم يعود يقول إن الذي لا يؤمن به قد دين؟ وأيضًا يقول إن الآب قد أعطى كل الدينونة للابن مع أنه قال إنه لم يرسله ليدين العالم كما ذكرنا وللإجابة على ذلك نقول: أولًا: إن السيد المسيح كان يتكلم عن مجيئه الأول وليس عن مجيئه الثاني حينما قال: "لأنه لم يرسل الله ابنه إلى العالم ليدين العالم" (يو3: 17) فالمجيء الأول كان لخلاص العالم وليس لدينونة العالم، لذلك أكمل بقوله: "بل ليخلُص به العالم" (يو3: 17). أما المجيء الثاني فهو للدينونة. في مجيء السيد المسيح الأول جاء ليبذل نفسه فدية عن كثيرين.. جاء ليطلب ويخلّص ما قد هلك.. جاء ليحمل خطايا كثيرين ويشفع في المذنبين إذن في مجيئه الأول كان هو الشفيع، وكان الآب هو الديان.. بمعنى أن الابن على الصليب قد أوفى العدل الإلهي حقه. واشتم الآب رائحة الرضى والسرور في طاعة، وفي ذبيحة الابن الوحيد بعد الصعود أرسل الآب الروح القدس الذي "يبكّت العالم على خطية وعلى بر وعلى دينونة" (يو16: 8)، وأخذ الروح القدس دور الديان. أما في المجيء الثاني للابن المتجسد فسوف يأخذ هو دور الديان ليدين المسكونة بالعدل ويجازى كل واحد كما يكون عمله. والثالوث القدوس هو الديان، ودينونة واحدة للأقانيم الثلاثة بالرغم من تمايز دور كل أقنوم منهم في هذه الدينونة. فالعدل الإلهي عدل واحد، والرحمة الإلهية رحمة واحدة، والعطية الإلهية عطية واحدة من الآب بالابن في الروح القدس لقد أخذ القاضي مكان المتهم في مجيئه الأول ليرفع عنه الدينونة. ولكنه سوف يأخذ مكانه كقاضي لكي يفهم الجميع أنه هو الديان حتى وإن كان قد قبل المذلة والامتهان حبًا لنا وسعيًا لأجل خلاصنا. لهذا قال السيد المسيح: "الآب لا يدين أحدًا، بل قد أعطى كل الدينونة للابن لكي يكرم الجميع الابن كما يكرمون الآب. من لا يكرم الابن لا يكرِم الآب الذي أرسله" (يو5: 22، 23). ثانيًا: إن الغضب الإلهي والهلاك الأبدي كان موجودًا بالفعل ومحكومًا به على البشر لأنهم أخطأوا في كسرهم للوصايا الإلهية لذلك فإن عدم الإيمان بالمسيح، ليس هو الذي يجلب الغضب الإلهي على الإنسان، بل إن "الجميع أخطأوا وأعوزهم مجد الله" (رو 3: 23) وصار الغضب كائنًا بالفعل. وقد جاء السيد المسيح ليرفع هذا الغضب بتقديم نفسه ذبيحة وكفارة عن خطايا البشرية. إنه أراد أن يخلّص ما قد هلك بالفعل، لا أن يجلب الغضب على من لم يؤمن به. لذلك قال "لأنه لم يرسل الله ابنه إلى العالم ليدين العالم، بل ليخلُص به العالم" (يو3: 17) وفي قول القديس يوحنا المعمدان: "الآب يحب الابن، وقد دفع كل شيء في يده. الذي يؤمن بالابن له حياة أبدية، والذي لا يؤمن بالابن لن يرى حياة، بل يمكث عليه غضب الله" (يو3: 35، 36).. يتضح أن الإيمان بالابن يرفع الغضب الإلهي، وعدم الإيمان به يترك الغضب ماكثًا على الإنسان أي أن عدم الإيمان بالمسيح ليس هو الذي يجلب غضب الله، بل أن الإيمان بالمسيح يرفع الغضب الموجود أصلًا ولكن ينبغي أيضًا أن نفهم أن الذين يسيئون التصرف إزاء دم السيد المسيح الذي سفك من أجلهم، سوف يُجلب لهم دينونة مضاعفة. لهذا فبالنسبة للمؤمنين كان خير لهم لو لم يؤمنوا من أن يسيئوا إلى دم المسيح الذي غسلهم من خطاياهم السالفة لهذا قال معلمنا بطرس الرسول: "لهذا عينه وأنتم باذلون كل اجتهاد؛ قدموا في إيمانكم فضيلة، وفي الفضيلة معرفة، وفي المعرفة تعففًا، وفي التعفف صبرًا، وفي الصبر تقوى، وفي التقوى مودة أخوية، وفي المودة الأخوية محبة.. لأن الذي ليس عنده هذه هو أعمى قصير البصر قد نسى تطهير خطاياه السالفة،لذلك بالأكثر اجتهدوا أيها الإخوة أن تجعلوا دعوتكم واختياركم ثابتين لأنكم إذا فعلتم ذلك لن تزلوا أبدًا. لأنه هكذا يقدم لكم بسعة دخول إلى ملكوت ربنا ومخلصنا يسوع المسيح الأبدي" (2بط1: 5-7، 9-11) وقال القديس بولس الرسول: "فإنه إن أخطأنا باختيارنا بعدما أخذنا معرفة الحق، لا تبقى بعد ذبيحة عن الخطايا، بل قبول دينونة مخيف وغيرة نار عتيدة أن تأكل المضادين. من خالف ناموس موسى فعلى شاهدين أو ثلاثة شهود يموت بدون رأفة. فكم عقابًا أشر تظنون أنه يُحسب مستحقًا من داس ابن الله وحسب دم العهد الذي قدّس به دنسًا وازدرى بروح النعمة" (عب10: 26-29). المجيء الثاني في مجيء السيد المسيح الثاني لا ينطبق عليه قول السيد المسيح: "لم يرسل الله ابنه إلى العالم ليدين العالم، بل ليخلُص به العالم" (يو3: 17)، بل ينطبق عليه قوله: "لأنه كما أن الآب له حياة في ذاته، كذلك أعطى الابن أيضًا أن تكون له حياة في ذاته، وأعطاه سلطانًا أن يدين أيضًا، لأنه ابن الإنسان. لا تتعجبوا من هذا، فإنه تأتى ساعة فيها يسمع جميع الذين في القبور صوته، فيخرج الذين فعلوا الصالحات إلى قيامة الحياة والذين عملوا السيآت إلى قيامة الدينونة" (يو5: 26-29). وقال: "الآب لا يدين أحدًا، بل قد أعطى كل الدينونة للابن" (يو5: 22) وأيضًا قال عن يوم الدينونة في مجيئه الثاني: "ومتى جاء ابن الإنسان في مجده وجميع الملائكة القديسين معه، فحينئذ يجلس على كرسي مجده. ويجتمع أمامه جميع الشعوب، فيميّز بعضهم من بعض كما يميز الراعي الخراف من الجداء. فيقيم الخراف عن يمينه والجداء عن اليسار. ثم يقول الملك للذين عن يمينه: تعالوا يا مباركي أبي، رثوا الملكوت المعد لكم منذ تأسيس العالم، لأني جعت فأطعمتموني، عطشت فسقيتموني، كنت غريبًا فآويتموني. عريانًا فكسوتموني. مريضًا فزرتموني. محبوسًا فأتيتم إليَّ.. ثم يقول أيضًاللذين عن اليسار: اذهبوا عنى يا ملاعين إلى النار الأبدية المعدّة لإبليس وملائكته.. فيمضى هؤلاء إلى عذاب أبدي والأبرار إلى حياة أبدية" (مت25: 31-36، 41، 46) فمن الواضح أن السيد المسيح هو الذي سيدين العالم كله في اليوم الأخير. وقد أعطاه الآب هذا الدور في الدينونة لأنه هو الذي بذل حياته من أجل خلاص البشرية، وأوفى الدين كاملًا للآب السماوي. وقد أشار السيد المسيح إلى ذلك بقوله "وأعطاه سلطانًا أن يدين أيضًا لأنه ابن الإنسان" (يو5: 27). نيافة الحبر الجليل المتنيح الانبا بيشوى مطران دمياط ورئيس دير الشهيدة دميانة عن كتاب المسيح مشتهي الأجيال منظور أرثوذكسي
المزيد
08 يوليو 2019

لأني منه وهو أرسلني

تكلّم السيد المسيح في حوار مع اليهود وأورد ذلك القديس يوحنا الإنجيلي كما يلي: "نادى يسوع وهو يعلّم في الهيكل قائلًا: تعرفونني وتعرفون من أين أنا، ومن نفسي لم آت، بل الذي أرسلني هو حق، الذي أنتم لستم تعرفونه. أنا أعرفه لأني منه وهو أرسلني" (يو7: 28، 29) قال السيد المسيح ذلك ردًا على كلام اليهود عنه: "هذا نعلم من أين هو، وأما المسيح فمتى جاء لا يعرف أحد من أين هو" (يو7: 27). لم يفهموا أن السيد المسيح قد جاء منالسماء وتجسد من السيدة العذراء بدون زرع بشر، بل اعتقدوا أنه كان ابنًا طبيعيًا للقديس يوسف وللعذراء مريم. وبذلك اعتبروا أنهم يعرفون من أين هو. وكانت معرفتهم غير سليمة. لأن سر التجسد الإلهي كان مخفيًا عن عقول الأشرار لكن السيد المسيح بالرغم من أنه لم يتكلم وقتها صراحةً عن الميلاد العذراوي، إلا أنه أشار إلى ولادته من الآب قبل كل الدهور وإلى إرسال الآب له إلى العالم أي تجسده في ملء الزمان وقد لخص السيد المسيح الحقائق المختصة بميلاده حسب لاهوته من الآب قبل كل الدهور، وولادته من العذراء مريم بحسب ناسوته في ملء الزمان بقوله عن علاقته بالآب السماوي "لأني منه، وهو أرسلني" (يو7: 29) إنها عبارة قصيرة مكونة من شطرين أقصر منها. ولكنها تحمل حقائق عقائدية في منتهي القوة والأهمية. الشطر الأول من العبارة "لأني منه"تشير إلى ولادة الابن الوحيد من الآب بنفس جوهر الآب. وهذا هو الميلاد الأول للابن الكلمة. والشطر الثاني من العبارة "وهو أرسلني"تشير إلى إرساله من قِبَل الآب إلى العالم ليتجسد من العذراء مريم.وهذا هو الميلاد الثاني للابن الكلمة. لأني منه جميل جدًا أن يقول الابن عن نفسه أنه من الآب. أي أن له نفس طبيعة الآب وجوهره وكما شرح مثلث الرحمات قداسة البابا شنودة الثالث كمثال فإن العقل الذكي يلد فكرًا ذكيًا، والعقل القوى يلد فكرًا قويًا، والعقل الحكيم يلد فكرًا حكيمًا، والعقل المقدس يلد فكرًا مقدسًا. أي أن العقل يلد فكرًا له نفس جوهر العقل، أي أن جوهرهما واحد. والعقل يلد الفكر في داخله دون أن ينفصل منه، وإن خرج الفكر منطوقًا به ككلمة فإنه أيضًا لا ينفصل من العقل بل هو كائن فيه على الدوام وفي حوار السيد المسيح مع اليهود الذين قالوا إنهم يعرفون من أين هو، استنكر هو ذلك لأن مصدره هو الآب، ولم يكن اليهود يفهمون ذلك. ورد السيد المسيح على كلامهم بقوله إنهم لا يعرفون الآب، أما هو فيعرفه بالتأكيد لأنه منه "ولستم تعرفونه. وأما أنا فأعرفه" (يو8: 55)ونفس الشيء قاله معلمنا بولس الرسول عن الروح القدس: "لأن الروح يفحص كل شيء حتى أعماق الله" (1كو2: 10)فالابن لأنه من الآب بالولادة، فهو يعرف الآب معرفة كاملة مطلقة غير محدودة. وكذلك الروح القدس لأنه من الآب بالانبثاق، فهو يعرف الآب معرفة كاملة مطلقة غير محدودة واقتران كلام السيد المسيح عن معرفته للآب مع قوله عن ولادته من الآب "لأني منه"، يؤكد أنه كان يتحدث في هذا الشطر من العبارة عن العلاقة الفائقة التي تربط الابن بالآب في الجوهر الإلهي الواحد، أي عن أن الابن مولود من الآب بنفس جوهره وطبيعته. وهو أرسلني يقول معلمنا بولس الرسول: "لما جاء ملء الزمان؛ أرسل الله ابنه مولودًا من امرأة، مولودًا تحت الناموس، ليفتدى الذين تحت الناموس" (غلا4: 4، 5) فعبارة السيد المسيح "وهو أرسلني"تشير إلى إرسال الابن الوحيد إلى العالم مولودًا من امرأة، ليفتدى العالم من لعنة الخطية وقد كرر السيد المسيح كثيرًا في الأناجيل، وبخاصة ما سجله القديس يوحنا في إنجيله، أن الآب قد أرسله إلى العالم. وتكرر ذكر هذه الحقيقة عشرات المرات وكمثال لذلك نرى السيد المسيح يذكر إرسال الآب له عدة مرات في الأصحاح الثامن من إنجيل معلمنا يوحنا كما يلي: "أنا والآب الذي أرسلني" (يو8: 16)، "ويشهد لي الآبالذي أرسلني" (يو8: 18)، "لكن الذي أرسلني هو حق" (يو8: 26)، "والذي أرسلني هو معي" (يو8: 29)، "لأني لم آتِ من نفسي، بل ذاك أرسلني" (يو8: 42) إن تأكيد السيد المسيح على إرسال الآب له يحمل من جانب: تمجيدًا للآب السماوي، بمعنى أن كل ما يفعله الابن من أجل خلاص العالم هو بتدبير من الآب والابن والروح القدس، مثلًا نقول في التسبحة (لأنه بإرادته ومسرة أبيه والروح القدس أتى وخلصنا) (ثيئوطوكية يوم الثلاثاءqeotokia). لذلك كان السيد المسيح دائمًا يؤكد أنه لا يعمل وحده بل يعمل هو والآب الذي أرسله. فعمل الثالوث هو واحد بالرغم من تمايز دور كل أقنوم في العمل الواحد ويحمل من الجانب الآخر: إبرازًا لحقيقة صدق إرساليته وارتباطها بالآب السماوي وذلك بشهادة الآب له وحينما تكلّم السيد المسيح مع نيقوديموس عن صلبه من أجل خلاص العالم قال له: "لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد الجنس لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية" (يو3: 16) إن الصليب ليس فقط تعبيرًا عن محبة المسيح لنا باعتباره ابن الله الوحيد، بل هو أيضًا تأكيدًا على محبة الآب لنا إن المحبة الصادرة من الثالوث هي محبة واحدة، وكما وصفها الآباء القديسون هي [من الآب بالابن في الروح القدس]. فالأقانيم الثلاثة يحبوننا بنفس المقدار وبنفس القوة وقد ذكر القديس إشعياء النبي اشتراك الروح القدس في إرسالية الابن الوحيد إذ سجل ذلك على لسان السيد المسيح "منذ وجوده أنا هناك والآن السيد الرب أرسلني وروحُه(بضم الحاء)" (إش48: 16). فالروح القدس ورد في هذا النص في صيغة الفاعل وليس المفعول به، أي هو والآب قد أرسلا الابن إلى العالم ما أعظم هذه الإرسالية التي جعلتنا نتمتع بظهور الله الكلمة في الجسد. وما أروع هذا التدبير الإلهي الذي جعلنا ننعم بحضور الله معنا تحقيقًا لنبوة إشعياء النبي "هوذا العذراء تحبل وتلد ابنًا ويدعون اسمه عمانوئيل الذي تفسيره الله معنا" (مت1: 23)، (انظر إش7: 14)لم تعد عبارة "الله معنا" هي على سبيل التمني أو الإحساس فقط بمعونة الله، ولكنها تحولت إلى حقيقة تلامست معها البشرية فأمسكت بالحياة الأبدية. وهذا ما عبّر عنه القديس يوحنا الرسول في رسالته الأولى "الذي كان من البدء، الذي سمعناه، الذي رأيناه بعيوننا، الذي شاهدناه، ولمسته أيدينا، من جهة كلمة الحياة فإن الحياة أُظهرت، وقد رأينا ونشهد ونخبركم بالحياة الأبدية التي كانت عند الآب وأُظهرت لنا" (1يو1: 1، 2). أنا قد أتيت باسم أبي قال السيد المسيح لليهود: "مجدًا من الناس لست أقبل ولكنى قد عرفتكم أن ليست لكم محبة الله في أنفسكم. أنا قد أتيت باسم أبي ولستم تقبلونني. إن أتى آخر باسم نفسه فذلك تقبلونه. كيف تقدرون أن تؤمنوا وأنتم تقبلون مجدًا بعضكم من بعض. والمجد الذي من الإله الواحد لستم تطلبونه" (يو5: 41-44). وقد ربط السيد المسيح بين مجيئه باسم أبيه وبين رفضه لمجد العالم الزائل فما معنى قوله: "أنا أتيت باسم أبي؟ ومن هو الآخر الذي سيأتي باسم نفسه؟! إنسان الخطية ابن الهلاك تحدثت الكتب المقدسة عن إنسان سوف يأتي مدعيًا أنه هو المسيح، وبسببه سوف يحدث الارتداد العام قبل نهاية العالم مباشرة. ولقّبه سفر الرؤيا باسم "الوحش" وأن عدد اسمه هو 666 وهو مجموع حروف اسمه باللغة العبرية حسب الحساب الأبجدي كتب بولس الرسول في رسالته الثانية إلى أهل تسالونيكي الذين تصوّروا أن المجيء الثاني للرب يسوع المسيح قد حل موعده فقال: "لا يخدعنكم أحد على طريقة ما. لأنه لا يأتي إن لم يأت الارتداد أولًا، ويستعلن إنسان الخطية ابن الهلاك. المقاوم والمرتفع على كل ما يُدعى إلهًا أو معبودًا حتى إنه يجلس في هيكل الله كإله مظهرًا نفسه أنه إله.. الأثيم الذي الرب يبيده بنفخة فمه ويُبطله بظهور مجيئه. الذي مجيئه بعمل الشيطان بكل قوة وبآيات وعجائب كاذبة وبكل خديعة الإثم في الهالكين" (2تس2: 3، 4، 8-10)ونلاحظ أن "المسيح الكاذب" أو "ضد المسيح" الذي تكلّم عنه بولس الرسول سوف يدّعى الألوهة فوق كل ما يُدعى إلهًا أو معبودًا. فهو لن ينكر فقط أن يسوع هو المسيح، وأن يسوع هو إله حقيقي، بل سوف يتجاهل ألوهية الآب السماوي والروح القدس. أي لن يعترف بالثالوث القدوس الإله الواحد الحقيقي، مظهرًا نفسه أنه إله فوق كل ما يدعى إلهًا أو معبودًا (انظر 2تس2: 4)هذا المسيح الكاذب سوف يأتي طبعًا باسم نفسه وليس باسم الآب، وسوف يُمجِّد نفسه ولا يمجد الآب. وسوف يأتي محاطًا بكل مظاهر العظمة والسلطان البشرى والمجد العالمي الزائل الذي أراده اليهود للسيد المسيح ولم يجدوه فيه لأنه جاء رافضًا له مرددًا مقولته المشهورة "مملكتي ليست من هذا العالم" (يو18: 36) المسيح الكاذب فسوف يقود العالم إلى الارتداد وإلى عبادة الأصنام. لأن الشيطان سوف يجعل تمثال الوحش يتكلم ويبهر الناس. وسوف يجعل الناس يسجدون لهذا التمثال، وسوف يضعون سمة الوحش على جباههم أو أيديهم. وقد وردت كل هذه الأشياء في سفر الرؤيا إذ كتب يوحنا الرسول يقول:"ويصنع آيات عظيمة.. وأُعطى أن يُعطى روحًا لصورة الوحش حتى تتكلم صورة الوحش. ويجعل جميع الذين لا يسجدون لصورة الوحش يقتلون. ويجعل الجميع.. تُصنع لهم سمة على يدهم اليمنى أو على جبهتهم. وأن لا يقدر أحد أن يشترى أو يبيع إلا من له السمة أو اسم الوحش أو عدد اسمه. هنا الحكمة. من له فهم فليحسب عدد الوحش فإنه عدد إنسان. وعدده ستمئة وستة وستون" (رؤ13: 13، 15-18) إذن فسوف يبهر الوحش الناس بالمعجزات والآيات الكاذبة كقول معلمنا بولس الرسول عنه "الذي مجيئه بعمل الشيطان بكل قوة وبآيات وعجائب كاذبة وبكل خديعة الإثم في الهالكين" (2تس2: 9، 10). وللأسف فسوف ينخدع الكثير جدًا من الناس بهذه الأمور ويسجدون للمسيح الكاذب ولتمثاله (صورته) ويمجدونه كإله دون أن يمجدوا الآب السماوي لذلك قال السيد المسيح لليهود الذين رفضوا الإيمان به: "أنا قد أتيت باسم أبي ولستم تقبلونني. إن أتى آخر باسم نفسه فذلك تقبلونه" (يو5: 43). بمعنى أن اليهود وباقي البشر الذين سوف يقبلون المسيح الكاذب قبل نهاية العالم، لهم نفس النوعية مثل اليهود الذين رفضوا قبول السيد المسيح وقيل عنهم: "إلى خاصته جاء، وخاصته لم تقبله" (يو1: 11). منهج السيد المسيح حينما أخلى السيد المسيح نفسه من مجد الألوهة المنظور آخذًا صورة عبد، وضع منهجًا مغايرًا تمامًا لمنهج الوحش الذي مجيئه بعمل الشيطان، والذي يضع تمجيد ذاته فوق كل اعتباركان منهج السيد المسيح هو تمجيد الآب السماوي بصورة مستمرة مثلما قال للآب "أنا مجدّتك على الأرض" (يو17: 4). لذلك قال لليهود: "إن كنت أمجد نفسي فليس مجدي شيئًا. أبي هو الذي يمجّدني الذي تقولون أنتم إنه إلهكم ولستم تعرفونه. وأما أنا فأعرفه. وإن قلت إني لست أعرفه أكون مثلكم كاذبًا" (يو8: 54، 55). إذن فالسيد المسيح قد مجّد الآب ولم يمجّد نفسه، بل ترك ذلك للآب. نيافة الحبر الجليل المتنيح الانبا بيشوى مطران دمياط ورئيس دير الشهيدة دميانة عن كتاب المسيح مشتهي الأجيال منظور أرثوذكسي
المزيد
07 يوليو 2019

شخصية وخدمة بطرس الرسول

بدأ معلمنا بطرُس الرسول حياته تلميذ ليوحنا المعمدان ثم تبع بعده ربنا يسوع المسيح بعد رحلة صيد فاشلة لكن ربنا يسوع قال له ادخُل للعُمق والقِ الشبكة وأطاع فَجَمَعْ في شبكته سمك كثير عندئذٍ خرَّ على وجهه وسجد لربنا يسوع وقال له اخرج يارب من سفينتي لأني رجل خاطئ ( لو 5 : 8 ) ومنذ تلك اللحظة ترك كُلّ شيء وتبع ربنا يسوع أكثر شيء هز بطرُس هو مُعجزة صيد السمك معلمنا بطرُس الرسول له أكثر من اسم سمعان وهو اسم يهودي بطرُس وهو اسم يوناني كيفا أو صفا وهو اسم آرامي فعندما يُخاطِب كيهودي يُقال له سمعان وحينما يُخاطِب كيوناني يُقال له بطرُس وعندما يُخاطِب بالآرامية يُقال له كيفا أو صفا كما قال معلمنا بولس الرسول هذه أسماءهُ وهذه دعوته وتلمذته ليوحنا المعمدان أولاً ثم للمسيح وهو من أوائِل الذين دعاهم ربنا يسوع لأنه رأى فيه صفات كثيرة ولأنَّ الله يعرفنا ويعرف ضعفاتنا ويعرف مدى عمله داخلنا لأنَّ ضعفاتنا كثيرة لكن عمل النِعمة غزير شخصية بطرُس الرسول تُعلِن انتصار عمل النعمة على الطبع البشري فهو خوَّاف مُتردِّد مُندفِع سطحي مُتسرِع لذلك نرى فيه الشك والاندفاع بينما البحر يهيج على السفينة وبطرُس يرى ربنا يسوع آتِ إليهم يقول له باندفاع ” مُرني أن آتي إليك على الماء “ ( مت 14 : 28 ) وعندما يأمره ربنا يسوع أن ينزل من السفينة ويسير على الماء يعمل عمل عجيب عكس كُلّ الناس يرتدي ملابسه بينما من الطبيعي أن يخلع الإنسان رِداءه عند نزوله للماء بطرُس يرتدي ملابسه وينزل ويسير على الماء بالفِعْل ثم فجأة يضعُف ويغرق لكن الجميل أن يمد يسوع يده ويجذبه ويُنقذه من الغرق وكأنه يريد أن يقول له داخلك تناقُض وقد تُصرِّح بما لا تشعر به وتقول ما لا تُؤمن به إيمان لفظي قد نقول قانون الإيمان باللسان فقط لكن أين إيمانك وثِقتك ؟تقابل في أحد الأيام شخص مُلحِد مع شخص مُؤمن ودار بينهما نِقاش حاد المُلحِد يُثبِت عدم وجود الله والمُؤمن يُثبِت وجود الله وانتهت المُقابلة باحتداد وصِراع عاد كُلٍّ منهما إلى بيته وفي نهاية اليوم جلس المُلحِد يُفكر فيما قاله المُؤمن والمُناقشة التي دارت بينهما وانتهى تفكيره إلى إيمانه بوجود الله ومزَّق كُتب الإلحاد وأعلن إيمانه بينما جلس أيضاً المُؤمِن في نهاية يومه يُفكر فيما قيل في المُناقشة وانتهى به الحال إلى إعلان إلحاده وإنكاره للإيمان لماذا ؟ حدث ذلك لأنَّ كُلٍّ منهما حفظ كلام قيل له وردَّده دون اقتناع لكن مجرد جِدال جعل كُلٍّ منهما لا يُصدِّق ما كان يُردِّده فتحوَّل المُلحِد إلى مُؤمن والمُؤمِن إلى مُلحِد ” مُرني أن آتي إليك على الماء “ ” إن شكَّ فيك الجميع فأنا لا أشك أبداً “( مت 26 : 33 ) كثير من هذا إيمان لفظي إيمان عاطفي إيمان شِلَلي أنا تابِع لعائلتي لا المسيحية ليست عصبية أي قُوَّتي ليست من المجموعة بل قُوَّتي من إيماني وما أُصدِّقه وأحياه وفي الضعف البشري في بطرُس ظهر انتصار عمل النِعمة والجيد أنه في بداية إيمانه بربنا يسوع يُقيم مُقارنة بين المسيح ويوحنا المعمدان ويُتابِع التعليم ويثِق أنه المسيا والمُخلِّص وكان بطرُس من التلاميذ الذين لهم دالَّة لدى المُخلِّص فكان التلاميذ يستغِلون هذه الدالَّة ويطلبون منه أن يسأل يسوع عمَّا لا يستطيعون أن يسألوه هم ظهر ضعف معلمنا بطرس في مواقِف كثيرة مثل الخوف في السير على الماء وفي نومه ونُعاسه في بُستان جُثسيماني وفي رفضه لغسل رجليه ونجد أنَّ له مواقِف قام بها وحده فهو الوحيد الذي رفض أن يغسل المُخلِّص قدميه وكان دائماً يتقدَّم الأمور وكان يمكن لربنا يسوع أن يُعلِّق عليه في كُلّ موقف ويقول له أأنت دائماً المُندفِع والمُتزعِم للأمور ؟ لماذا أنت وحدك هكذا دائماً ؟ لكن الجيد أنَّ ربنا يسوع كان يتحمله بلطف ويُعالِج ضعفاته وعندما قال له يسوع إن لم أغسلك فليس لك نصيب معي ( يو 13 : 8 ) اندفع بطرُس وقال له اغسلني بالكُلية وليس قدمي فقط وكأنَّ بطرُس تعلَّم اللُطف والحُب من مصدر اللُطف والحُب فقال في رسالته ” احسبوا أناة ربنا خلاصاً “ ( 2بط 3 : 15) عرف ذلك مِمّا اختبره مع يسوع ولن ننسى موقف الانكار في أول مرة قال لا أعرفه ثم ذهب لمكان آخر وأنكر أمام أكثر من شخص في كُلّ مكان يذهب له أنكر أمام خادمة مرتين وفي المرة الثالثة سلَّطت عليه مجموعة في المرة الثانية قالت له الخادمة لُغتك تُظهِرك ( مت 26 : 73 ) لأنه كان يتكلم بالآرامية فكيف يقول لا أعرفه ؟ وهنا في المرة الثالثة لم يستطِع أن يُنكِر أكثر من ذلك فَسَبَّ ولعن وفي سِبابه أثبت أكثر أنه يعرفه لأنَّ لغته واضحة لكن الأجمل أنه بينما هو خارج من المكان الذي كان واقف فيه نظر له يسوع هذه النظرة احتضنت بطرُس وجذبته لتوبة قوية هذا كُلّه صنع خادم جبّار الله يريد أن يستخدمنا بطبعِنا المهم أن يُقدِّسه ويُحوِّل الإنسان الخوَّاف إلى إنسان شُجاع من إنسان يخاف على نفسه إلى إنسان مُستسلِم من إنسان مُندفِع لحساب نفسه إلى إنسان مُندفِع لحساب المسيح ولنرى عِظاته في سفر الأعمال ونتعجب من الجراءة التي كان يتكلم بها يقول لهم بيلاطس كان حاكِم بإطلاقه وأنتم صلبتموه ( أع 3 : 13) وكأنه يقول لهم أساس الأمر منكم وبيلاطس كان مجرد عصا في يدكم تفعلون بها ما تُريدون عندما صلى الرسل في السجن تزعزع السجن وأقام مع يوحنا المُقعد آمن من عِظته ثلاثة آلاف نفس ” اختار الله جُهَّال العالم ليُخزي الحُكماء واختار الله ضُعفاء العالم ليُخزي الأقوياء واختار الله أدنياء العالم والمُزدرى وغير الموجود ليُبطِل الموجود “ ( 1كو 1 : 27 – 28 ) اختار الله الجهالة ليُخلِّص بها مجرد صيادي سمك بُسطاء جذب بهم كثيرين لذلك ركِّز المسيح على بطرُس فقال للمجدلية ” قُلنَ لتلاميذه ولبطرس “ ( مر 16 : 7 ) وقد كان التحوُّل ولما تكلم عن الظهورات قيل أنه ظهر لبطرُس مخصوص ليُعالِج المشاعر والخوف والحزن الذي بداخله لأنه أخذ عليه نقطة الانكار وأيضاً أخذ عليه نقطة رجاءهُ لأنه كان يمكن أن يهلك في اليأس من أجمل المواقف لبطرُس الرسول أنه لما سأل يسوع مَنْ يقول الناس إني أنا ؟ اندفع بطرُس كعادته وقال ” أنتَ المسيح ابن الله الحي “ ( يو 6 : 69 ) الاندفاع والاعتراف عند بطرُس أتى من تلمذته ليوحنا المعمدان لكنه لما رأى وسمع التعليم واعلان روح الله فيه اعترف أمام الجميع أنه المسيح ابن الله الحي عندما قال يسوع لتلميذيّ يوحنا وكان هو أحدهما ” اذهبا وأخبرا يوحنا بما رأيتُما وسمعتُما أنَّ العمي يُبصرون والعُرج يمشون والبُرص يُطهَّرون والصُّم يسمعون والموتى يقومون والمساكين يُبشَّرون “ ( لو 7 : 22 ) تأكَّد أكثر أنه المسيا لأنَّ معجزة تفتيح أعيُن العميان معجزة مِسيانية لذلك صدَّقه بطرُس هناك تداخُل في الأناجيل الأربعة لكن نكتشف أنَّ هناك سبعة معجزات تفتيح أعيُن عُميان ربنا يسوع قال لبطرُس قُل ليوحنا أنَّ العُمي يُبصِرون ثم قال والموتى يقومون لأنَّ هذا التصريح يُثبِت أنه المسيا . كرازة بطرُس الرسول : كرز في أماكن كثيرة وفي كُلّ مكان يكرز فيه كان يُجاهد وكان لديه غيرة شديدة خاصة على بني جِنسه لأنه كان يصعُب عليه أن يكون لهم المواعيد العُظمى المُستنيرة ولا يُؤمنون ومن أعظم الرسائِل التي كُتِبت رسائِله فيها الإيمانيات ووصايا وسلوكيات وصايا للمرأة والرجل والعجوز ومن ضمن الأمور الجميلة أنَّ زوجة بطرُس واسمها بلوتيلاَّ وكانت إنسانة غير عادية كانت جريئة جداً ومُثقفة وغنية وقيل أنها كانت من النِساء اللواتي تبعن يسوع وقريبة جداً منه لذلك شفى لها والدتها وكان لها دور كِرازي كبير بعد القيامة وكثير من نساء القصر أمنَّ على يد زوجة بطرُس واستشهدت قبل بطرُس وقد سار بطرُس في موكب استشهادها يُساندها ويطلُب منها أن تذكره أمام ربنا يسوع لذلك يقول بولس الرسول كان يمكن أن يكون لي أخت زوجة كبطرُس الرسول وفي النهاية كانت كرازة بطرُس الرسول في روما قوية فقبضوا عليه لكن أحباءهُ اختطفوه وخبَّأوه وأرادوا أن يهرَّبوه ليحافظوا على حياته لأنه كان فعَّال في كرازته ولكن بينما هو خارج من روما رأى يسوع داخل المدينة فسأله إلى أين أنت ذاهب يا سيِّدي ؟ فقال له يسوع ذاهب لأُصلب وأموت قال له معلمنا بطرُس لكنك صُلِبت ومُت من قبل يا سيِّدي أجابه ربنا يسوع لكني ذاهب لأُصلب ثانية وهنا عرف مُعلمنا بطرُس أنَّ الله يريد له الاستشهاد فسلّم نفسه للسلطات الرومانية واستُشهِد مصلوب مُنكس الرأس ربنا يكمِّل نقائِصنا ويسنِد كُلّ ضعف فينا بنعمته له المجد دائِماً آمين. القس انطونيوس فهمى كاهن كنيسة القديسين مارجرجس والانبا أنطونيوس – محرم بك
المزيد
06 يوليو 2019

حرب جديدة

هذه الأيام نسمع كثيرا وبصورة مستمرة عن خدام وخادمات يتركون كنيستهم وخدمتهم أو للأسف يُجبروا على ترك كنيستهم بسبب مشاكل تحيط بهم سواء كانت هذه المشاكل من الآباء الكهنة أو مع أمناء الخدمة أو حتى مع أخوتهم الخدام ،وهى حربا جديدة بدأها الشيطان لكى يبعد أولادنا وبناتنا خداما وخادمات عن أمهم الكنيسة وعن خدمة الرب يسوع وأولاده بحجة أن هؤلاء الخدام أصبحوا غير قادرين على إحتمال الضغوط والعثرات والضعفات التى يرونها بالكنيسة ولكن هل الحل هو أن نترك أمنا ؟ أن نهرب من بيتنا ؟حتى لو كان ذلك الى كنيسة أخرى فهل نترك كنيستنا بها ضعفات؟؟ وربما تكون هذه الكنيسة الأخرى التى تبدو لنا دون ضعفات أو مشاكل هى الأخرى لا نحتمل الخدمة بها لكثرة مشاكلها فهل نهرب مرة أخرى ويستمر الهروب الى أن ينتصر عدو الخير ؟ أخى .أختى .مهما كانت تبدو الكنيسة والخدمة تقسو علينا لا نتركها أبدا بل أرجوكم لنجلس الى أنفسنا أولا فمن الممكن أن يكون العيب فينا ربما تكون الذات هى العائق أمامنا فنرفض التوجيه أو التأديب وبالتالى نرفض تشكيل الله لنا بطريقته ونريد أن ننمو فى الخدمة ولكن بطريقتنا نحن وقد يسمح الله أحيانا بأن تقسو الكنيسة علينا ولكن من أجل منفعة يريد الله أن يعلمنا أياها كأن يريد أن يعلمنا الصبر أو الأحتمال أو الأتضاع وعدم الخضوع دائما للذات بعنادها وكبرياءها لذلك ليس الحل فى الهروب من الكنيسة ومن الخدمة ولكن الحل فى الأصرار على البقاء فيها والصلاة من أجلها لكى يظهر الله جمالها ويحل مشاكلها ويدخلنا الى العمق فيها، وأتوجه الى كل الآباء الكهنة وأمناء الخدمة والمسئولين عنها أن يتذكروا دائما أنهم مسئولين أمام الله عن أى عثرة تبعد إنساناً عن كنيسته وخدمته ، وأرجوهم أن يكونوا دائما قدوة حسنة ويسعوا لإنجاح الخدمة وجذب أولاد الله للكنيسة حتى تنتصر الكنيسة فى هذه الحرب
المزيد
05 يوليو 2019

المسيح في رؤيا يوحنا اللاهوتي

إلى جوار ما عمله الروح القدس للتلاميذ بعد يوم الخمسين فإن السيد المسيح قد شارك في إعلان أمورًا لرسله القديسين، منها ما أعلنه ليوحنا في سفر الرؤيا أو ما أراه إياه فقد كتب يوحنا الرسول إنجيلًا بوحي من الروح القدس أفاض فيه في شرح حقائق الإيمان بالثالوث القدوس. فهو الذي أوضح أن يسوع المسيح هو نفسه الله الكلمة الذي تجسد من أجل خلاصنا وأنه هو وحيد الجنس (monogenh,j مونوجينيس) المولود من الآب والكائن في حضن الآب أي أنه هو ابن الله الوحيد الذي يحمل نفس طبيعة الآب وجوهره. كما أوضح القديس يوحنا أقنومية الروح القدس (معزيًا آخر) وأنه من عند الآب ينبثق، وأنه يسمع ويتكلم ويشهد ويأخذ ويخبر ويعلم ويرشد وجاء إنجيل يوحنا في نهاية القرن الأول المسيحي ليؤكّد كل الإيمان الرسولي الذي تم تسليمه مرة للقديسين وليسجّل حقائق هذا الإيمان وليرد على الهرطقات التي بدأت تظهر في فجر المسيحية. وكان إنجيل يوحنا هو آخر ما تم كتابته من الأناجيل إلى جوار ذلك كتب القديس يوحنا الرسول ثلاث رسائل حسبت ضمن الرسائل الجامعة تحوى تعاليمًا كثيرة هامة في حياة الكنيسة وفي تفسير وتأكيد تعاليم السيد المسيح خاصة وصية المحبة التي أوصى بها تلاميذه. وكتب يوحنا في رسائله يقول أن "الله محبة ومن يثبت في المحبة يثبت في الله، والله فيه" (1يو4: 16) ولكن الأمر لم يقف عند هذا الحد بل أراد الرب أن يستخدم تلميذه الحبيب يوحنا في إعلان أمور تخص الآخرة والحياة الأبدية ومستقبل الكنيسة ونهاية العالم بصورة نبوية رؤيوية تحوى كثيرًا من الرموز والأختام والأسرار وتدعو إلى التأمل العميق، كما تكشف أبعاد لاهوتية في منتهي القوة تسند الكنيسة في صراعها ضد الهرطقات وفي مواجهة الأيام الأخيرة الجميل في هذا الأمر أن سفر الرؤيا (أبو غالمسيس) تبدأ أحداثه بظهور السيد المسيح في مجده السمائي ليوحناليعلن له كثيرًا من الأمور التي لم يكن من الممكن أن يذكرها لتلاميذه أثناء خدمته على الأرض بل قال لهم: "إن لي أمورًا كثيرة أيضًا لأقول لكم ولكن لا تستطيعون أن تحتملوا الآن" (يو16: 12) يقول يوحنا في رؤياه: "كنت في الروح في يوم الرب، وسمعت ورائي صوتًا عظيمًا كصوت بوق قائلًا: أنا هو الألف والياء الأول والآخر. والذي تراه، اكتب في كتاب وأرسل إلى السبع الكنائس التي في أسيا.. فالتفتُّ لأنظر الصوت الذي تكلّم معي. ولما التفتُّ رأيت سبع مناير من ذهب، وفي وسط السبع المناير شبه ابن إنسان، متسربلًا بثوب إلى الرجلين، ومتمنطقًا عند ثدييه بمنطقة من ذهب. وأما رأسه وشعره فأبيضان كالصوف الأبيض كالثلج، وعيناه كلهيب نار. ورجلاه شبه النحاس النقي، كأنهما محميتان في أتون وصوته كصوت مياه كثيرة. ومعه في يده اليمنى سبعة كواكب، وسيف ماضٍ ذو حدين يخرج من فمه، ووجهه كالشمس وهي تضئ في قوتها" (رؤ1: 10-16) الذي ظهر ليوحنا في رؤياه هو السيد المسيح بدليل قوله له: "لا تخف. أنا هو الأول والآخر، والحي وكنت ميتًا، وها أنا حي إلى أبد الآبدين" (رؤ1: 17، 18) وأوصاه السيد قائلًا: "اكتب ما رأيت، وما هو كائن، وما هو عتيد أن يكون بعد هذا" (رؤ1: 19) وبعد أن أوصاه أن يكتب رسالة حددها له إلى كل أسقف من أساقفة الكنائس السبعة ممتلئة من التعاليم الهامة والنافعة والتحذيرية، يقول القديس يوحنا: "بعد هذا نظرت وإذا باب مفتوح في السماء، والصوت الأول الذي سمعته كبوق يتكلم معي قائلًا: اصعد إلى هنا فأريك ما لابد أن يصير بعد هذا. وللوقت صرت في الروح، وإذا عرش موضوع في السماء، وعلى العرش جالس" (رؤ4: 1، 2) لقد اخترق يوحنا بالرؤيا حاجز الزمن بروح النبوة ليرى أمورًا مستقبلية أما الله فهو كائن في كل زمان بما في ذلك المستقبل لأن الله فوق الزمن لذلك قال ليوحنا "اصعد إلى هنا فأريكما لابد أن يصير بعد هذا"إن اللسان ينعقد أمام هذه الإعلانات الإلهية المملوءة سرًا ويقف الإنسان مبهورًا أمام روعة العمل الإلهي،وها هو السيد المسيح من السماء العليا يواصل عنايته بكنيسته المحبوبة يخاطبها ويرسل إليها الرسائل ويعلن لها أسرار الأبدية ويعمل فيها بروحه القدوس بكل قوة. حقًا ما أعجب اسمك يا رب، وعظيمة هي أعمالك يا ملك القديسين! نيافة الحبر الجليل المتنيح الانبا بيشوى مطران دمياط ورئيس دير الشهيدة دميانة عن كتاب المسيح مشتهي الأجيال منظور أرثوذكسي
المزيد
04 يوليو 2019

شروط الخدمة الناجحة

هلكوا في الخدمة: ليست كل خدمة واسطة روحية، فهناك من هلكوا وهم في محيط الخدمة، أو سقطوا وتعبوا مثال ذلك الابن الكبير الذي لم يفرح برجوع أخيه الضال، ورفض أن يدخل البيت ولما خرج إليه أبوه يتوسل إليه، قال لأبيه "ها أنا أخدمك سنين هذا عددها، وقط لم أتجاوز وصيتك. ولم تعطني قط جديًا لأفرح مع أصدقائي.." (لو 15: 28-30) كان في الخدمة سنين هذا عددها، ومع ذلك كانت مشيئته غير مشيئة الآب، ولم يكن قلبه صافيًا من جهة أخيه. مثال آخر هو بعض ملائكة الكنائس السبع: على الرغم من أنهم كانوا رعاة للكنائس، إلا أن واحدًا منهم قال له الرب "إن لك اسمًا أنك حيّ وأنت ميت" (رؤ 3: 1). كما قال لآخر "لأنك فاتر، ولست حارًا ولا باردًا، أنا مزمع أن أتقيأك من فمي" (رؤ 3: 16). وقال لثالث: "أنك تركت محبتك الأولى. فاذكر من أين سقطت وتب" (رؤ 2: 4، 5). وذكر الرب لكل هؤلاء أسبابًا جعلتهم -وهم في قمة الخدمة- في حاجة إلى توبة وآخرون من مساعدي بولس الرسول هلكوا تمامًا أولئك الذين قال عنهم " لأن كثيرين ممن كنت أذكرهم لكم مرارًا، والآن أذكرهم أيضًا باكيًا وهم أعداء صليب المسيح، الذين نهايتهم الهلاك.. ومجدهم في خزيهم، الذين يفتكرون في الأرضيات" (فى 3: 18، 19). ولعل من أمثلة هؤلاء أيضًا ديماس، الذي ذكره الرسول في إحدى المرات قبل القديس لوقا (فل 24)، يعود الرسول فيقول عنه "ديماس قد تركني، إذ أحب العالم الحاضر" (2تى 4: 10). كل هؤلاء ضاعوا، وغيرهم سقط وتاب ولم تكن الخدمة هي سبب ضياعهم. ولكنهم نسوا روحياتهم في مجال الخدمة. فسقطوا وبعضهم هلكوا إذن يمكن أن تكون الخدمة واسطة روحية. ويمكن أن يسقط الإنسان فيها أو يهلك، إن لم يسلك بطريقة روحية. فما هي إذن شروط الخدمة الروحية؟ الحب:- تحب الله، وتحب الملكوت، وتحب الناس والمحبة تولد محبة. أما إذا كنت تخدم وفي نفسك ضيق وتبرم، وإن كنت تعطى مضطرًا وفي النفس تذمر، فهل تظن أنك تستفيد روحيًا؟!يحدث أحيانًا أن بعض الناس يبدأون الخدمة وليس لهم الهدف الروحي السليم. ولكنهم حينما يرون احتياجات المخدومين، ويلاحظون آلامهم وضيقاتهم يتحرك في قلوبهم العطف عليهم والإشفاق فيخدمونهم بقلب محب. وتكون هذه المحبة نتيجة للخدمة وليس سببًا. وتبدأ المحبة تمتزج بخدمتهم، وتعلمهم كيف يخدمون بعاطفة أشخاص يخدمون الفقراء. ثم يجدون أن طلاب الحاجات يلجأون في طلبهم إلى الكذب والاحتيال، أو يمتزج طلبهم بإلحاح متعب، أو بضجيج وعلو صوت.. فيتبرمون بهم، قد يطردونهم ويقسون عليه أما القلب المحب، فإنه يحتمل متاعب هؤلاء.. لأن المحبة تحتمل كل شيء (1كو 13: 7) فإن خدمت، ووجدت أن أعصابك بدأت تتعب في الخدمة، وأنك بدأت تحتد وتشتد، وعلى الفقير إذا كذب واحتال، أو على التلميذ إذا عاند وشاغب، أو على الذين يفقدون النظام في الاجتماعات. فاعرف أن في داخلك شيئًا يحتاج إلى علاج، وأن الخدمة قد كشفت في نفسك عيبًا كيما تصلحه لا تقل إن العيب في الخدمة، إنما فيك قل لنفسك: ينبغي أن أوسع صدري، وأن أطيل بالى، وأن أحتمل غيري مهما أخطأ. وأن أضرب لهم باحتمالي مثلًا يقتدون به أو أن تقول: لقد كشفت لي الخدمة أن هؤلاء الفقراء، ليسوا فقط في حاجة إلى مال يسدون به احتياجاتهم، إنما هم أيضًا في حاجة إلى عمل روحي يقودهم إلى التوبة ومعرفة الله وإلى السلوك.. وهكذا تبدأ في عمل روحي معهم، حتى يستفيدوا من الخدمة ماديًا وروحيًا ونفس الوضع مع التلاميذ المشاغبين، ومع الذين لا يحفظون النظام في الاجتماعات.. إذن شروط الخدمة الروحية أن تمتزج بالاحتمال. الاحتمال :- كل خدمة فيها متاعب. وكل خادم -كما قال الرسول- سيأخذ أجرته بسبب تعبه (1كو3: 8). وآباؤنا الرسل تعبوا كثيرًا في خدمتهم. يقول القديس بولس الرسول عن خدمته هو وزملائه في الخدمة "بل في كل شيء نظهر أنفسنا كخدام لله في صبر كثير، في شدائد في ضرورات، في ضيقات في ضربات في سجون، في اضطرابات في أتعاب، في أسهار في أصوام.. بمجد وهوان، بصيت حسن وصيت رديء" (2كو6: 4- 8). ويقول أيضا "مكتئبين في كل شيء، لكن غير متضايقين. متحيرين لكن غير بائسين. مضطهدين لكن غير متروكين، مطروحين لكن غير هالكين" (2كو4: 8، 9). ويشرح الرسول أمثلة من المتاعب التي احتملها في (2كو 11: 23 – 29). يكفى قوله "في الأتعاب أكثر" ولكنه احتمل كل هذا، واكتسب أكاليل من الاحتمال وكما نذكر بولس الرسول نذكر كثيرين من شخصيات الكتاب مثال ذلك العذابات التي تحملها القديس يوحنا الإنجيلي مع نفيه إلى جزيرة بطمس، حيث كتب سفر الرؤيا وفي أوله "أنا يوحنا أخوكم وشريككم في الضيقة" (رؤ1: 6). كذلك دانيال النبي وكيف ألقوه في جب الأسود (دا 6) والثلاثة فتية وإلقاؤهم في أتون النار (دا 3) ولا ننسى قول السيد المسيح لتلاميذه "ها أنا أرسلكم كغنم في وسط ذئاب" (مت 10: 16) "سيسلمونكم إلى مجالس وفي مجامعهم يجلدونكم. وتساقون أمام ملوك وولاة من أجلي.. وتكونون مبغضين من الجميع من أجل أسمي" (مت 10: 17، 22). والرسل احتملوا كل هذا وصبروا والصمود يمنح الخادم قوة روحية من الرب يمنحه قوة في الرجاء فلا ييأس. كما يقويه أيضًا في الرجاء، مؤمنًا أن الرب لابد سيتدخل ويصلح كل شيء. وهكذا ينال فضيلة أخرى هي انتظار الرب. كما قال المرتل فيالمزمور "انتظر الرب. تقو وليتشدد قلبك وانتظر الرب" (مز 27: 14). وهكذا قال في خبراته الروحية أيضًا "انتظرت نفسي الرب من مَحْرَس الصبح حتى الليل" (مز130) نقطة أخرى تميز الخدمة وتسبب نجاحها وهي: اهتم أن تكون خدمتك روحية وعميقة. روحانية الخدمة:- كثير من الناس خدمتهم مجرد نشاط يستهلك كل طاقاتهم: هم عبارة عن شعلة متحركة من الإنتاج والعمل، ولكن بلا روح. مثل هذه الخدمة لا تفيدك روحيًا، لأن الله لا نصيب له فيها.. بل كثيرًا ما يحدث أن هذا النشاط الحركي المتزايد، يعطل في مشغولياته العمل الروحي فتجد مثلًا أمينًا لمدارس الأحد، له طاقاته الواسعة من جهة تطبيق المناهج، وكراسات التحضير، واجتماعات الخدام، واجتماعات الشباب، والمكتبة والنادي، والنشاط الصيفي.. وتسأله عن نفسه وروحياته، فلا يجد لها وقتًا. فتفتر حياته، وبالتالي تفتر أيضًا خدمته، وتجدها مجموعة ضخمة من التنظيمات، بلا روح. لا تفيد حياته ولا تفيد الآخرين وتتحول الخدمة إلى أمور إدارية بحته وربما يحدث هذا الأمر أيضًا بالنسبة إلى الخدمة الاجتماعية، وإلى خدمة الملاجئ والمسنين، والمغتربين، ومجالس الكنائس.. وفي هذا العمل الإداري قد تكثر المناقشات والمجادلات والضجيج والصياح. وربما المنافسات أيضًا والحزبيات. وفي هذا كله تضيع روح الخادم. لأن الخدمة لم تتسم بالطابع الروحي. ولم يكن الله شريكًا فيها. ولم تدخل فيها الصلاة ولا التنفيذ العملي للوصية حاول إذن في كل خدمة تخدمها، أن تبعد عن الروتين والشكليات، وأن تدخل الله فيها، ويكون لها الطابع الروحي.. حتى في الأعمال الإدارية فلتكن لها "روحانية الإدارة". وهذه عبارة تحتاج منا إلى موضوع خاص يشرح تفاصيلها فرق كبير بين رجل الله حينما يدير، وأهل العالم في إدارتهم.إذن في خدمتك، ابعد عن الأخطاء الروحية.أبعد عن أسلوب الأمر والنهى، وليكن لك روح الاتضاع وأدب التخاطب مع الصغير كما مع الكبير. ومهما أوتيت من سلطة في الخدمة، لا تكلم الناس من فوق ولا تتعال على أحد، ولا تدخل إلى قلبك روح السيطرة والتسلط. وتذكر قول الرب "أكبركم يكون خادمًا لكم. لأن من يرفع نفسه يتضع، ومن يضع نفسه يرتفع" (مت 23: 11). وأيضًا "إن ابن الإنسان لم يأت ليخدم، بل ليخدم، وليبذل نفسه فدية عن كثيرين" (مت 20: 28) لذلك لا تجعل الخدمة تفقدك وداعتك وتواضعك إن وجدت صوتك بدأ يعلو ويحتد في الخدمة، لابد أن تحترس وتراجع نفسك. وإن وجدت أنك بدأت تتحدث عن نفسك وما تفعله من أمور عظيمة، احترس أيضًا لئلا شيطان المجد الباطل يحصد كل ما زرعته في الخدمة. وإن نظرت باحتقار إلى غيرك، مقارنًا بين مستواه ومستواك، فاعرف أن الكبرياء قد دخلت إلى نفسك.. ضع أمامك إذن قول الرسول "لاحظ نفسك والتعليم وداوم على ذلك. فإنك إن فعلت هذا تخلص نفسك والذين يسمعونك أيضًا" (1تى 4: 16). قل لنفسك باستمرار: أنا ما دخلت إلى الخدمة لكي أقع في خطايا جديدة، إنما لكي أنمو روحيًا. في الخدمة أيضًا أحترس من الذات الـEgo لا تجعل الخدمة وسيلة لكي ترتفع بها أو تبنى كرامتك. فأنت فيها مجرد خادم للرب، تقول عنه كما قال القديس يوحنا المعمدان "ينبغي أن ذلك يزيد، وأنى أنا أنقص" (يو 3: 30) أو كما قيل في المزمور "ليس لنا يا رب ليس لنا. لكن لاسمك القدوس أعط مجدًا" (مز 115: 1)احترس من إنذار الرب للرعاة الذين يرعون أنفسهم (خر 34: 8-10) وليكن هدفك هو ملكوت الله، وخلاص الناس.. وليس نفسك وكرامتك. الخدمة المفيدة روحيًا، هي التي تنسى فيها كلمة أنا كثيرون دخلوا في الخدمة. وبعد حين بدأوا يهملون أنفسهم، وينشغلون بتدبير الخدمة، ثم يصطدمون بالكنيسة، وكاهن الكنيسة، ومجلس الكنيسة، والعاملين في الكنيسة. ويتحدثون عن تصرفات هؤلاء وأولئك، وما يفعلونه من خطأ ومن صواب، ويركزون على الخطأ! وتصبح أخطاء الآخرين، أو ما يظنونها أخطاء، هي موضع حديثهم الدائم وإدانتهم المستمرة. بل يتحولون من الإدانة إلى التشهير، ويفسدون عقول غيرهم والعجب أنهم يغطون كل ما يقعون فيه من إدانة وتشهير، بتبرير هو الدفاع عن الحق!! وباسم الدفاع عن الحق يقعون في خطايا لا تحصى. ويدخلون في خصومات وانقسامات. ولكي ينتصروا في حروبهم، يحاولون أن يكسبوا أكبر عدد ممكن ينضم إليهم في الإدانة والتشهير. ويَتَعَكَّر جوّ الخدمة، ويفقد روحانية، يفقد روح المحبة، ويفقد الوداعة والبساطة!! وهل كل هذا من أجل الدفاع عن الحق؟! دون أن يسأل أحد نفسه: هل من حقي أن أفعل كل هذا؟ ودون أن يسأل نفسه: هل هذا هو الأسلوب الروحي الذي أدافع به عن الحق؟! ما أكثر الذين ضاعوا وأضاعوا غيرهم، وهم في الخدمة!! لكي تنتفع روحيًا، اهتم في خدمتك بالعمل الإيجابي وليس بالسلبيات. دع أمامك المثل الذي يقول "بدلًا من أن تلعنوا الظلام، أضيئوا شمعة". كن قدوة للكل، وثق أن هذه في حد ذاتها رسالة وخدمة.. واعرف أن العمل الإيجابي البناء هو الباقي على الدوام، ولا ينتقدك فيه أحد، ولا تخطئ فيه إلى أحد. أما الانشغال بالسلبيات، فإنه يتعب فكرك وروحك. وربما تصل به إلى أسلوب الهدم ويوقعك في خطايا كثيرة أليس الأفضل لك أن لا تخدم، من أن تخدم بأسلوب يوقعك في الخطية؟! وتصبح فيه عثرة لغيرك. وقد قال الرب "ويل لمن تأتي بواسطته العثرات" (لو 17: 1). مثلث الرحمات قداسة البابا شنودة الثالث من كتاب الوسائط الروحية
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل