المقالات
19 نوفمبر 2025
الإيمان
ليس الإيمان هو مجرد عقائد جامدة تحفظها عن ظهر قلب من علم اللاهوت وتعليم الكنيسة بل الإيمان هو بالحري يقين داخلي عميق وثقة كاملة بالله وصفاته وعمله إيماننا بالله ووجوده ورعايته وحفظه يعطينا سلامًا داخليًا وراحة في القلب والفكر واطمئنانًا بأن الله مادام موجودًا إذن فهو يهتم بنا أكثر مما نهتم بأنفسنا لذلك علينا أن نعيش في هذا السلام ونثبت فيه والإنسان المؤمن لا يقلق أبدًا لأن القلق ضد الإيمان بمحبة الله وحفظه ورعايته وإذا آمن الإنسان بوجود الله في كل مكان يشعر في داخله بقداسة أي مكان يوجد فيه لوجود الله وكما يشعر باطمئنان للوجود في حضرة الله كذلك يشعر بأنه يلزمه التدقيق في كل تصرفاته فالله ينظره ويسمعه ويشاهد كل أعماله وفى كل خطية يقول الإنسان مع يوسف الصديق "كيف أخطئ وأفعل هذا الشر العظيم أمام الله" وإيمان الإنسان بأن الله يقرأ أفكاره ويعرف خبايا قلبه وكل نياته ومشاعره هذا الإيمان يمنح الإنسان استحياء في فكره وفي مشاعره خجلًا من الله الذي يفحص كل هذا وإيمان الإنسان بالحياة الأخرى وبيوم الدينونة الذي يعطى فيه حسابًا عن كل أعماله وأفكاره ومشاعره وأقواله كل هذا يجعله يوقن بفناء العالم ووجوب الاستعداد لذلك اليوم الرهيب مع العمل من أجل الأبدية التي سيعيشها بعد الموت ويضع هذا الفكر في قلبه قائلًا مع داود "عرفني يا رب نهايتي ومقدار أيامي كم هي لأعلم كيف أنا زائل" (مز 39) إن الإيمان ليس مجرد اقتناع عقلي إنما هو عمل داخل القلب يقوده في الحياة كلها وهو ليس لحظة معينة يقبل فيها الإنسان الله إنما هو عمل العمر كله الذي يعيشه المؤمن في "الثقة بما يرجى والإيقان بأمور لا ترى" لذلك فإن عبارة "الإيمان" تعنى في غالبية الحالات الحياة المسيحية كلها بما فيها من عقيدة وتصرف.
قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
عن كتاب كلمة منفعة الجزء الثانى
المزيد
18 نوفمبر 2025
حياتنا في المسيح
الحياة المسيحية ليست مجرد الاعتقاد بمجموعة من المبادئ والتديُّن بها أو اعتناق بعض الأفكار والسير خلفها أو تبنّي لأيدلوجيات والدفاع عنها هي ليست مجرد معتقدات أو مبادئ إصلاحية أو أفكار مذهبية وإنما الحياة المسيحية في جوهرها وبساطتها هي حياة الشركة مع الله الآب في الابن بالروح القدس فالحياة المسيحية هي الحياة مع الله من خلال عمله المستمر فينا ولذلك تبدأ حياتنا بايماننا بشخص الابن الكلمة ما قدمه لنا من خلاص وفداء ومعرفة وحياة وتستمر بقيادة الروح القدس والخضوع له والسير معه من خلال حياة شاهدة وعاملة وفاعلة ومقدسة وتنتهي بشركة مع الله الآب حيث نحيا ونتمتع بأبوة الله ونُؤهَّل لشركة ميراثه الأبدي الذي هو ميراث الأبناء والأحباء من أجل هذا قيل عن "نعمة الحياة في المسيح " وهي التي بدأت بنعمة الخلق واستمرت بعمل الفداء وتأخذ قوتها من سكنى الروح القدس وفعله وستكتمل بالحياة الأبدية معه إنها حياة النعمة والحق (يو1: 17) هي "النعمة" إذ وهُبت لنا مجانًا لإنها عظيمة وثمينة وغالية جدًا فهى ليست نتيجة مجهود إنساني أو عمل طبيعي ولم ننلها عن استحقاق أو جدارة أو كنتيجة أو مكأفاة "فنعمة الحياة في المسيح" وُهِبت لنا وانسكبت فينا من أجل عظم محبته الجزيلة وغنى رحمته العظيمة وهي "الحق" فالنعمة تقودنا إلى الحقيقة وهي بالضرورة تجعلنا نحيا بالحق ونسلك دائمًا فيه ونشهد عنه وقد نموت من أجله فالذي قبل النعمة ككنز سماوي وكنصيب صالح إنما في الحقيقة اختار أن يسلك في دروب الصليب ويحمله لذلك يتضمن الإيمان المسيحي فعلين أساسين الفعل الأول فعل الإماتة والثاني فعل الإقامة فعل الإماتة نناله من خلال باب الأسرار ومدخلها (سر المعمودية) حيث نموت مع المسيح نجوز شركة حقيقية معه من خلال نزولنا الى جرن المعمودية ثلاث مرات على مثال موته وقيامته نموت عن خطايانا عن ذواتنا يموت إنساننا العتيق نترك حياتنا القديمة والفعل الثاني هو فعل الإقامة والشهادة فنحن نموت لكي نحيا نُقطَع لكي نُغرَس في شجرة الحياة نخرج من حياة عتيقة وندخل إلى حياة جديدة شاهدة نترك حياة الجسد ونسلك بالروح (رو6: 4-6) وهذا ينمو فينا ويزدهر ويثمر بالحياة الدائمة والمستمرة في المسيح ومن خلال القراءات والصلوات والعبادات والأسرار الكنسية وفي القلب يأتي سر الأسرار وختم النعمة "سر الإفخارستيا" كينبوع لقيامتنا الدائمة وقوة لحياتنا الجديدة ودواء لضعفاتنا ومصدر لقوتنا وسر غلبتنا فالحياة المسيحية هي اختبار لفعل الموت مع المسيح وقوة القيامة مع الناهض من بين الأموات "يا مسيح الله الذي بموتك قتلتَ الموت الذي قتل الجميع بقوتك أقم ميتوتة نفوسنا" (صلاة قسمة للابن يا حمل الله) وبناء على هذا فعلى قدر شدة الموت تكون قوة الحياة وعلى قدر أمانة التخلّي يكون فعل التجلّي فينا فمن يموت بالحقيقية (الذات والأهواء والرغبات) ويتخلى عن مشيئته وإرادته الخاصة وراحته على قدر ما تسرى فيه النعمة وتعمل فتُغيّر وتقدّس وتجدّد وتتجلّى فيه حياة المسيح وتشرق فتفوح منه رائحة المسيح الزكية وتنتشر فالموت يسبق القيامة والصليب طريق المجد والكسر سر البركة والطاعة هي ينبوع حياة وهذا ما عبّر عنه معلمنا بولس قائلًا «لأَعْرِفَهُ وَقُوَّةَ قِيَامَتِهِ وَشَرِكَةَ آلاَمِهِ مُتَشَبِّهًا بِمَوْتِهِ» (في3: 10) فالمسيحي الحقيقي هو من يستطيع أن يردّد مع معلمنا بولس «فَأَحْيَا لاَ أَنَا بَلِ الْمَسِيحُ يَحْيَا فِيَّ» (غل2: 20).
القس إبراهيم القمص عازر
المزيد
17 نوفمبر 2025
النضج العاطفي اللازم للزواج
ذكرنا في فيما مضى أن هناك زوايا نضج هامة يجب أن يتمتع بها كل من الشاب والشابة، قبل التفكير في الزواج وذكرنا منها
1- النضج الروحي،
2- النضج النفسي.
ونستكمل موضوعنا بالحديث عن النضج العاطفي:
وهذا أمر هام أيضًا، إذ هناك فرق شاسع بين شاب تحرّكه حرارة العاطفة، وبين آخر تحرّكه المحبة الروحانية. إن العاطفة كثيرًا ما تكون خدّاعة ومتقلّبة، فهي جزء من الجهاز النفسي في الإنسان الطبيعي. وهي مجرد انفعال متكرر من نحو شخصية معينة، تصحبه راحة ولكن هل هذا الإحساس البشري هو الفيصل المناسب في موضوع اختيار شريك الحياة؟ أين رأي الله؟ وأين رأي العقل؟ أين رأي الأسرتين؟بل أكثر من ذلك إن العاطفة عمومًا جزء من الجسد أي أنها جزء من الإنسان الطبيعي وما لم ترتفع وتتسامى إلى مستوى الروح والقداسة والمحبة المسيحية فإنها سرعان ما تتدنّى إلى تورُّطات حسّية خطيرة لذلك فالزواج المسيحي قد يبدأ بحب روحاني هادئ متسامٍ بينما الزواج العاطفي يبدأ بحب حسي مشوب سرعان ما يتناقص بعد أن ترتفع عنه العقبات والعوائق ونكتشف أنه لم يكن حبًا على الإطلاق فالعاطفة أخذ ثم عطاء أمّا المحبة الروحانية فهي عطاء حتى دون أن يأخذ لذلك فالحب العاطفي يتبخر لدى أول امتحان حين يخطئ الشريك أو حين يطلب أو يحتاج دون أن يتمكن من تقديم العوض وذلك في ظروف مرض أو ضيقة أو مشكلة أمّا المحبة الروحانية فجوهرها العطاء لذلك فهي تعطي بسخاء ولا تعيّر تمامًا كما يعطينا الرب دون انتظار لمقابل من هنا كان لابد من نضج عاطفي فيه يتمكن الشاب من التمتع بإنسكاب محبة الله الباذلة في قلبه ليتمكن بعد ذلك من العطاء السخي دون انتظار العوض وهنا يزدهر الحب بالزواج، ويستمر رغم كل مصادمات الحياة شهادة للرب الذي أحبنا ونحن بعد خطاة إن الكثير من الزيجات الآن تهتز بعنف أمام ضربات الحياة بسبب الأنانية والعاطفة المتقلبة وحينما تتألّه "الأنا" تتمزق الأسرة لذلك يجب أن يسير الشباب في ضوء ثلاثي: نعمة الله - الإرشاد الروحي - التفاعل الأسري.
نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
المزيد
16 نوفمبر 2025
الأحد الأول من شهر هاتور لو ٨ : ٤ - ١٥
فلما أجتمع جمع كثير أيضاً من الذين جاءوا إليه من كل مدينة قال بمثل خرج الزارع ليزرع زرعه وفيما هو يزرع سقط بعض على الطريق فأنداس وأكلته طيور السماء وسقط آخر على الصخر فلما نبت جف لأنه لم تسكن له رطوبه وسقط اخر فى الشوك فنبت معه الشوك وخنقه ، وسقط آخر في الأرض الصالحة فلما نبت صنع ثمراً مئة ضعف قال هذا و نادى من له أذنان للسمع فليسمع فسأله تلاميذه قائلين ما عسى أن يكون هذا المثل فقال لكم قد أعطى أن تعرفوا أسرار ملكوت الله وأما للباقين فبأمثال حتى إنهم مبصرين لا يبصرون وسامعين لا يفهمون وهذا هو المثل الزرع هو كلام الله والذين على الطريق هم الذين يسمعون ثم يأتى إبليس وينزع الكلمة من قلوبهم لئلا يؤمنوا فيخلصوا والذين على الصخر هم الذين متى سمعوا يقبلون الكلمة بفرح وهؤلاء ليس لهم أصل فيؤمنون إلى حين وفي وقت التجربة يرتدون والذى سقط بين الشوك هم الذين يسمعون ثم يذهبون فيختنقون من هموم الحياة وغناها ولذاتها ولا ينضجون ثمراً " والذى في الأرض الجيدة هم الذين يسمعون الكلمة فيحفظونها في قلب جيد صالح ويثمرون بالصبر .
مثل الزارع
جلسة مع الرب
هذا المثل فسره الرب للتلاميذ على أنفراد فهو حينما نختلى معه ونسأله عن أسرار الملكوت يفسر لنا ويفتح ذهننا لكي نفهم الكتب إذن لا يفهم الإنجيل المقدس في وسط مشغوليات العالم وإهتماماته ، وإنما يحتاج إلى جلسة على انفراد مع المسيح له المجد نسأله و نفهم منه ما يعسر علينا إستيعابه .
يشبه ملكوت السموات. أن ملكوت الله معناه أن الله يصير ملكاً علينا إذن ملكوت الله فينا يمكن تشبيه بنمو البذور في بطن الأرض ، وهذا يجعلنا نتأمل جيداً في أسرار النمو كيف تواجه البذور في بداية نموها مقاومات وصراع ضد عوامل كثيرة من الدفن في التربة إلى أن تصل إلى قول الرب " ان حبة الحنطة إن لم تمت وتدفن في الأرض تبقى وحدها ، ولكنها إن ماتت تأتى بثمر كثير "ان هذا الصراع بين
ما هو إلهى وما هو أرضى هو بداية ملكوت الله ان ملكوت الله لابد أن ينمو يوماً فيوم مثل البذار ،أما أى توقف في ملكوت الله فينا فهو إنذار بالخطر في حياتنا الروحية .
الزارع الجيد هو ! بن الإنسان
المسيح يزرع فينا كلمته كل يوم وفي كل مناسبة ، وهو يلقى بذاره بلا انقطاع ، وكلمته دائمة إلى الأبد هو كلم الآباء قديماً بالأنبياء وبطرق متنوعة أما الآن فهو يكلمنا بذاته لانه هو الكلمة الذاتي، وهو يزرع فينا ملكوته كل يوم حينما يطعمنا جسده المقدس " الكلمة صار جسداً ،"
فيما هو يزرع
سقط بعض على الطريق،وسقط آخر على الأماكن المحجرة ،وسقط آخر فى وسط الشوك ،وسقط آخر على الأرض الجيدة لاشك أن المسيح المبارك يعرف أسرار هذه العينات جميعها ،ولكنه في مراحمه ولطفه وأحساناته لا يمنع كلمته عن أحد يعطى الجميع بسخاء ،ويعطى فرصة لكل أحد ولكل قلب هو عارف قلب كل واحد ،وهو مختبر القلوب ويعرف أن فكر الإنسان مائل إلى الشر منذ صباه ولكنه طويل الروح وطويل الأناة ربما يقول قائل لماذا تلقى البذار على الطريق ؟ إنه لا يعطى ثمر ولماذا تلقى بعضاً عن الأرض المحجرة،وأيضاً في وسط الشوك ؟ ولكن الله في محبته يعطى الجميع فرصة وهو لا يشاء موت الخاطئ بل يسر برجوعه إنه يبذر بذار ملكوته في كل أرض حتى وهو يعلم أنها لا تأتى بثمر .
موقفك من ملكوت الله
لقد كشف لنا الرب فى المثل عن عينات القلوب التي تصادفها كلمة الملكوت ،وهنا نقف قليلا لتعرف مركزنا وموقفنا من الكلمة ان المطلوب منا ليس أن نقبل الكلمة فقط بل أن نعطى ثمراً لحساب الملكوت .
قال الرب عن المزروع على الطريق
"عن كلمة الملكوت" كل من يسمع كلمة الملكوت ولا يفهم فيأتي الشرير ويخطف ما قد زرع في قلبه هذا هو الإنسان العالمي الذي لا يعرف كيف يخبيء كلمة الملكوت في قلبه ،ولا كيف يفهم تدابير الله في حياته يستطيع أن يفهم كل ما يجرى في العالم وتدابير الشر والالتواء والاهتمامات هو يفهم في كل شيء إلا كلمة الملكوت ،وقد يسمع الكلمة ، يقرأها ولكنها لا تترك فى قلبه أثراً ولا تطبع في سلوكه تغييراً.
وقال الرب عن المزروع في الأماكن المحجرة
هو الذي يسمع الكلمة وحالا يقبلها بفرح ،ولكن ليس له أصل فى ذاته بل هو إلى حين هذا هو الإنسان السطحي في روحياته الذي ليس له عمق مع الله بل كل حياته مع الله عبارة عن منظر خارجى له شكل التقوى وصورة العبادة واستقبال كلمة الله بالفرح ،ولكنه يخبيء في داخله حجراً يظهر في الخارج أنه صالح ،ولكنه في داخل قلبه يضمر شروراً يظهر لطفا ،ولكن في داخله رجل قساوة وتجبر يبدو أمام الناس وديعاً و متواضعاً ،ولكنه يخفى داخله حجر كبرياء وعظمة انه قلب فريسي سوف ينفضح سريعاً لأنه ليس مكتوم إلا وسيعلن ولا خفى إلا وسيظهر.
وقال الرب عن المزروع في وسط الشوك
هو الذي يسمع الكلمة وهم العالم وغرور الغنى و شهوات العالم وسائر الأشياء تخنق الكلمة فتصير بلا ثمر وهذا هو الإنسان الذي خلط الحياة مع الله بالحياة مع العالم ، وجمع داخل قلبه بذرة كلمة الملكوت ،وبذرة شوك العالم والخطايا وجعلهما ينميان معاً لا مانع عنده من الصلاة ،ولا مانع عنده من الصوم ،ولا مانع من العطاء وأعمال الرحمة ،ولا مانع من حضور القداسات وسماع كلمة الله والتناول من الأسرار يستطيع أن يعمل كل هذا وفي نفس الوقت لا مانع من هم العالم وغرور الغني وشهوات سائر الاشياء لا مانع من البطالة والأماكن النجسة لا مانع من المعاشرات الرديئة ومجاراة أهل العالم لا مانع من الشهوات والغرور والكبرياء والزنى والنجاسة والاعتماد على الذات البشرية وكل هذه الأمور تختنق الكلمة فلا تأتى بثمر فلا تغير في الحياة ولا تجديد في الذهن ولا ثمر في الروح ولا تقدم في النعمة لذلك تصير كل الممارسات الروحية بالنسبة لهذا الإنسان بلا فاعلية وبلا قوة .
اخيراً قال الرب عن الأرض الجيدة
هو الذي يسمع الكلمة ويفهم ، وهو الذي يأتى بثمر وقال أيضاً في موضع آخر أنه يخبيء الكلمة في قلب صالح ويثمر بالصبر أن الذي يفهم مطاليب كلمة الله وتكاليف تبعية الذي يدرك مـر الصليب والحب الإلهى والألم من أجل الله ، و يفضل كلمة الله وملكوت الله على ملذاته واحتياجاته ، ويفهم كيف ينفصل عن الكل لكي يلتصق بالواحـــد ، وكيف يسعى باجتهاد لكي يدرك الهدف الذى من أجله يجاهد، ويفهم كيف يحمل صليبه كل يوم ويسهر في الصلاة ويحسب نفسة ميتا عن العالم ولكن يحيا لله ،ويسعى كسفير عن المسيح ، ويجاهد بالصبر ضد العالم وضد الذات البشرية والإغراءات هذا يثمر للحياة الأبدية وهذا الثمر قد لا يقدره العالم ولا يقبله ولا يعترف به لانه في الحقيقة ثمر الملكوت الذي قال عنه الرب " مملكتي ليست من هذا العالم" ان الثمار التي يأتى بها مثل هذا الإنسان سجلها بولس الرسول قائلا ، أما ثمر الروح فهو : محبة ، فرح ، سلام ، طول أناة ، لطف ، صلاح ، إيمان ، وداعة ، تعفف ،فتش إذن يا عزيزي عن هذا الثمر الذي لحساب الملكوت كم أثمرت ؟ ثلاثين أم ستين أم مئة ؟ وتذكر جيداً أن كل شجرة لا تعطى ثمراً تقطع،وأن كل ما يصنع ثمراً ينقيه لكي يأتى بثمر أكثر وإن لم يكن لنا ثمر للروح في حياتنا فلنبتدىء بأعمال التوبة و تفرح قلب الله إن كان القلب طريقاً للعالم فإنه يحتاج لسكين الروح القدس في التوبة لكي تحرثه فيصير صالحاً ،وإن كان القلب محجراً يحتاج إلى نقاوة ونزع الحجارة والقائها خارجاً بقوة إرادة و تضرعات كثيرة ،وإن يكن شوك العالم قد نما في قلبك فاتعب من أجل الله وانزع هذه الأشواك الخافقة أو أحرقها بروح التوبة ودموعها وحرارتها فلنتضرع إلى الله لكي يهبنا ثمار الروح القدس صلوا لأجلى يا إخوتي في الرب .
المتنيح القمص لوقا سيدراوس
عن كتاب تأملات روحية فى قراءات أناجيل آحاد السنة القبطية
المزيد
15 نوفمبر 2025
عمل الملائكة
نَحْنُ اليُّوم فِي لِيلِة عِيد المَلاَك مِيخَائِيل وَلِذَا سَنَتَكَلَّمْ عَنْ عَمَل المَلاَئِكَة فِي حَيَاتْنَا أحْيَاناً تَشْعُر أنَّ المَلاَئِكَة طَغْمَة سَمَائِيَّة وَقَدْ يَكُونُوا بَعِيدِينَ عَنَّا وَلاَ يَشْعُرُون بِنَا وَلاَ نَعْرِفْ دُورْهُمْ مُعَلِّمْنَا بُولِس الرَّسُول فِي رِسَالَتِهِ إِلَى العِبْرَانِييِّن يَقُول ﴿ أَلَيْسَ جَمِيعُهُمْ أَرْوَاحاً خَادِمَةً مُرْسَلَةً لِلْخِدْمَةِ لأِجْلِ الْعَتِيدِينَ أَنْ يَرِثُوا الْخَلاَصَ ﴾ ( عب 1 : 14) أي لاَبُد أنْ نُؤمِنْ أنَّ المَلاَئِكَة فِي خِدْمِتْنَا نَسْتَطِيعْ أنْ نَقُول أنَّنَا أبْنَاء المَلَكُوت وَيُعْتَبَر المَلَكُوت دَوْلَة وَنَحْنُ مُوَاطِنِيهَا وَرَئِيس الدَّوْلَة هُوَ رَبِّنَا يَسُوع الْمَسِيح وَأي دَوْلَة لَهَا جِيش يِحَارِبْ عَنْهَا نَحْنُ جِيشْنَا هُمْ المَلاَئِكَة وَمَعْرُوف أنَّ أي دَوْلَة تُقَاس قُوَّتِهَا بِقُوِّة جِيشْهَا مَادَام جِيش قَوِي وَلَدَيْهِ أسْلِحَة مُتَطَوِرَة تَكُون دَوْلَة لَهَا حِسَاب نَحْنُ دَوْلِة المَلَكُوت وَطَنَنَا الأصْلِي هُوَ السَّمَاء وَمَا عَمَلْنَا هُنَا إِلاَّ أنْ نُعْلِنْ أنَّنَا أبْنَاء المَلَكُوت وَبِيتْ كُلَّ وَاحِدٌ مِنَّا مَا هُوَإِلاَّ سِفَارَة لِلمَلَكُوت وَدَائِماً تَحْمِل السِّفَارَة صِفَات وَعَلَمْ دَوْلَتْهَا نَحْنُ أبْنَاء المَلَكُوت وَبُيُوتْنَا سِفَارَة لِلمَلَكُوت وَجِيشْنَا هُوَ جِيش المَلاَئِكَة لِذلِك سَنَتَحَدَّث عَنْ ثَلاَثَة وَظَائِفْ رَئِيسِيَّة لِعَمَل المَلاَئِكَة فِي حَيَاتْنَا :-
1- خِدْمَة:-
دُور المَلاَئِكَة الرَّئِيسِي خِدْمَة أي يُؤدِّي رِسَالَة المَلاَك هُوَ صَاحِبْ بِشَارَة صَاحِبْ رِسَالَة جَاءَ لِيُؤَدِّي خِدْمَة المَلاَك هُوَ وَسِيلِة حِوَار بَيْنَ السَّمَاء وَالأرْض فَهُنَاك أُمور مِنْ السَّمَاء يُعْلِنْهَا لِلإِنْسَان وَهُنَاك أُمور مِنْ الأرْض يُعْلِنْهَا فِي السَّمَاء فَيُبَلِغْنَا رِسَالِة الله وَيَرْفَعْ صَلَوَاتْنَا إِلَى الله لِذلِك عِنْدَمَا وَضَعْ أبُونَا يَعْقُوب رَأسُه عَلَى الحَجَر رَأى سُلَّمٌ رَأسُه فِي السَّمَاء وَمَلاَئِكَة صَاعِدَة وَنَازِلَة عَلَيْهِ ( تك 28 : 12) لَيْسَتْ صَاعِدَة فَقَطْ بَلْ وَنَازِلَة مِنْ فَوْق أيْضاً لِتُعْطِينَا أخْبَار سَارَّة وَالمَلاَئِكَة الصَّاعِدَة لِتَرْفَعْ صَلَوَاتْنَا وَطِلْبَاتْنَا وَانْتَبِه أنَّهُ مَا يَحْدُث فِي القُدَّاس هُوَ مَا رَآه أبُونَا يَعْقُوب كَلاَمٌ صَاعِدٌ وَكَلاَمٌ نَازِلٌ كَلاَمٌ صَاعِدٌ يَقُولُه الأب الكَاهِن وَكَلاَمٌ نَازِلٌ يَقُولُه الشَّمَاس الأب الكَاهِن يَقُول ﴿ أُذْكُر يَارَبَّ سَلاَمٌ كِنِيسْتَك الوَاحِدَة ﴾ هذَا كَلاَمٌ صَاعِدٌ وَالشَّمَاس يَقُول ﴿ صَلُّوا مِنْ أجْل سَلاَمٌ كَنِيسَة الله ﴾ هذَا كَلاَمٌ نَازِلٌ ( مَا يَقُولُه الكَاهِن فِي جُزْء إِجْعَلْنَا مُسْتَحِقِينْ ) إِذاً المَلاَئِكَة عَمَلْهُمْ خِدْمَة فَمَنْ بَشَّر زَكَرِيَّا الكَاهِن بِمِيلاَدٌ يُوحَنَّا المَعْمَدَان ؟ وَمَنْ بَشَّر العَذْرَاء بِالحَبَل الإِلهِي ؟ مَلاَك مَنْ طَمْأن يُوسِف البَّار عَنْ حَبَل العَذْرَاء ؟ مَلاَك وَمَنْ قَالَ لَهُ قُمْ خُذ الصَّبِي وَأُمُّه وَاهْرَب إِلَى مِصْر ؟ أيْضاً مَلاَك ( مت 2 : 13) حَتَّى أنَّنَا إِعْتَادْنَا أنْ نَرَى صُوْرِة العَائِلَة المُقَدَّسَة وَهيَ آتِيَة إِلَى مِصْر وَنَرَى فِيهَا العَذْرَاء وَالطِّفْل يَسُوع وَيُوسِف البَّار وَفَوْقَ مِنْهُمْ مَلاَك مَاذَا يَفْعَل ؟ يَحْفَظَهُمْ جِيش وَهذَا عَمَلُه ألَيْسَ مِنْ قَوَاعِد الجِيش أنْ تُوْجَدٌ حَرْب جَوِيَّة وَحَرْب بَرِّيَّة ؟ الحَرْب الجَوِيَّة تُغَطِّي الحَرْب البَّرِيَّة المَلاَك كَانَ يُغَطِّي مَوْكِبْ العَائِلَة المُقَدَّسَة وَكَأنَّهُ يَطِير فَوْقَهُمْ بِطَائِرَة تَحْرُسَهُمْ إِذاً عَمَل المَلاَئِكَة خِدْمَة مَنْ الَّذِي بَشَّر الرُّعَاة بِالمِيلاَدٌ المَجِيد ؟ مَلاَك الرَّبَّ .. حَتَّى أنَّنَا رَأيْنَا يَسُوع وَهُوَ فِي
البُسْتَان عِنْدَمَا كَانَ يُصَلِّي وَعَرَقُه يَتَسَاقَطْ كَقَطَرَات دَم يَقُول الكِتَاب ﴿ وَظَهَرَ لَهُ مَلاَكٌ مِنَ السَّمَاءِ يُقَوِّيهِ ﴾ ( لو 22 : 43 )عَمَل المَلاَئِكَة يُقَوِّينَا وَيَخْدِمْنَا وَيِسْنِدْنَا فِي القَبْر المُقَدَّس بَعْد القِيَامَة رَأت المَرْيَمَات مَلاَكَيْنِ المَلاَئِكَة تَعْمَل إِنَّهَا قُوَّة مُقْتَدِرَة قُوَّة تَعْمَل أيْضاً فِي القِيَامَة بَعْدَمَا قَامَ رَبَّنَا يَسُوع أرَادَ أنْ يُعْلِنْ قِيَامَتِهِ فَأتَى مَلاَك وَدَحْرَج الحَجَر لأِنَّ الْمَسِيح قَامَ وَالقَبْر مُغْلَقٌ ( مت 28 : 2 ) وَلِكَيْ يَعْرِفْ النَّاس قِيَامَتِهِ رَفَعْ لَهُمْ الحَجَر وَكَانَ مَكْتُوب أنَّ الحَجَر كَانَ عَظِيمْ وَعَلَيْهِ سَلاَسِل وَأخْتَام كُلَّ هذَا لاَ يَسْتَطِيعْ أحَدٌ أنْ يَعْمَلُه سِوَى مَلاَك وَكَأنَّ المَلاَك يَقُول لَك الشِئ الصَّعْب عَلِيك أنَا سَأفْعَلُه لكِنْ عَلَيْكَ دُور وَأنَا مَوْجُودٌ لِحِرَاسْتَك وَالدِّفَاع عَنْكَ فِي العَهْد القَدِيم تُوْجَدٌ أُمور كَثِيرَة بِهَا مَلاَئِكَة رَأيْنَا مَلاَك الرَّبَّ الَّذِي جَاءَ لِيَشُوع وَالَّذِي جَاءَ لِجَدْعُون وَمَلاَك جَاءَ وَنَزَل وَسَدَّ أفْوَاه الأُسُود لِدَانِيَال ( دا 6 : 22 ) كَمَا قُلْنَا جِيش يُحَارِب عَنَّا وَيَقُوم بِالمَهَام المُسْتَحِيلَة الَّتِي لاَ نَعْرِفْ نَحْنُ أنْ نَعْمَلْهَا هَلْ إِلَى دَرَجِة سَدٌ أفْوَاه الأُسُود ؟ نَعَمْ يَسِدٌ أفْوَاه الأُسُود رَأيْنَا المَلاَك الَّذِي أطْعَمْ إِيلِيَّا النَّبِي ( 1مل 19 : 5 – 7 )أيْضاً رَأيْنَا مَلاَك ذَهَبْ إِلَى لُوط لِيُنْقِذُه مِنْ سَدُوم وَعَمُورَة وَقِيلَ أنَّ لُوط تَبَاطَأ فَقَالَ لَهُ المَلاَك أسْرِع وَلكِنَّهُ تَبَاطَأ أيْضاً فَجَذَبَهُ المَلاَك مِنْ يَدِهِ وَأخْرَجَهُ بِسُرْعَة ( تك 19 : 15 – 16) خَادِم لِذلِك الكَنِيسَة تَعْتَبِر الكَاهِن مَلاَك وَالأُسْقُفْ مَلاَك لِذلِك قَالَ فِي سِفْر الرُؤْيَا ﴿ اُكْتُبْ إِلَى مَلَكِ كَنِيسَةِ أَفَسُسَ ﴾ ( رؤ 2 : 1)﴿ اكْتُبْ إِلَى مَلاَكِ الْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي فِيلاَدَلْفِيَا ﴾ ( رؤ 3 : 7 ) مَا مَعْنَى مَلاَك ؟ هَلْ هُوَ مَلاَك أم إِنْسَان ؟ أم إِنْسَان أم مَلاَك ؟ هُوَ إِنْسَان لكِنَّهُ مَلاَك لِذلِك هذَا عَمَل المَلاَئِكَة خُدَّام ظَهَرَ مَلاَك لِكِرْنِيلْيُوس وَقَالَ لَهُ أنَّ الله قَبَلْ صُومَك وَصَلَوَاتَك ( أع 10 : 4 )أيْضاً خَلَّص المَلاَك بُطْرُس الرَّسُول مِنْ السِّجْن بُطْرُس كَانَ مَسْجُون وَمُقَيَدٌ وَجَاءَهُ المَلاَك وَأيْقَظَهُ قَائِلاً قُمْ عَاجِلاً وَتَعَالَ إِتْبَعْنِي بُطْرُس الرَّسُول بَيْنَمَا هُوَ خَارِج قَالَ لِلمَلاَك كَيْفَ نَعْبُر مِنْ الحَبْس ؟ يَقُول الكِتَاب أنَّ المَلاَك عَبَّرَهُ المَحْرَس الأوَّل وَالثَّانِي وَانْفَتَحَ لَهُمَا البَاب مِنْ ذَاتُه ( أع 12 : 10) مَلاَك لَهُ قُوَّة وَاقْتِدَار أدْخَلَهُ إِلَى العُلِّيَّة الَّتِي كَانَ التَّلاَمِيذ مُجْتَمِعِينَ فِيهَا وَقَالَ لَهُ إِنْتَهَى دُورِي الأنْ أنْتَ الأنْ مَعَ أحْبَابَك وَاطْمَأنَّ عَلِيه مَلاَك عَمَل المَلاَك خِدْمَة فِي مُعْجِزِة شِفَاء مُقْعَدٌ بَيْت حَسْدَا كَانَ المَلاَك يَأتِي وَيُحَرِّك المَاء ( يو 5 : 4 ) كُلَّ هؤلاَء مَلاَئِكَة عَمَلْهُمْ خِدْمِتْنَا إِخْرَاجْنَا مِنْ الحَبْس شِفَائْنَا كِرَازِتْنَا بِخَبَر مُفْرَح مَعُونِتْنَا صُعُودٌ طِلْبَاتْنَا لِلسَّمَاء مَلاَئِكَة خُدَّام لِذلِك يُوْجَدٌ فِي كِنِيسِتْنَا تَقْلِيد إِيمَان جَمِيلٌ أنَّهُ مِنْ لَحْظِة نِزُول الشَّخْص المَعْمُودِيَّة يُوَكَّل مَلاَك لِحِرَاسَتِهِ وَلاَ يُفَارِقَهُ إِلاَّ عِنْدَ إِنْتِقَالِهِ إِلَى السَّمَاء فِي إِيمَانَنَا أنَّ كُلَّ وَاحِدٌ مِنَّا لَهُ مَلاَك حَارِس خَاص بِهِ مُنْذُ المَعْمُودِيَّة وَإِنْ صِرْنَا شُرَكَاء فِي بَرَكِة الخَلاَص الله أوْصَى المَلاَك قَائِلاً هذِهِ النَّفْس مُهِمِتَك أُحْرُسْهَا – مَلاَك حَارِس – حَتَّى أنَّ المَلاَك الحَارِس يَحْفَظْنِي وَيِحَارِبْ عَنِّي حَتَّى النَّفْس الأخِير لأِنَّ تَقْلِيد الكَنِيسَة يَقُول أنَّهُ حَتَّى النَّفَس الأخِير يُحَاوِل الشَّيْطَان أنْ يَأخُذ النَّفْس إِلَى الجَحِيم مَنْ الَّذِي يَمْنَعُه ؟ المَلاَك الحَارِس وَيَقُول لَهُ هُوَ لِي يُجِيبُه المَلاَك لاَ هذَا إِبْن الْمَسِيح يَقُول الشَّيْطَان لكِنَّهُ أخْطَأ يُجِيبُه المَلاَك لكِنَّهُ كَانَ يَتُوب وَيِتْنَاوِل يَقُول الشَّيْطَان لكِنَّهُ فَعَل كَذَا وَكَذَا يُجِيبُه المَلاَك لكِنَّهُ قَدَّم تُوْبَة عَنْ كُلَّ هذِهِ الخَطَايَا المَلاَك يُدَافِعْ عَنِّي لكِنْ لِنَنْتَبِه أنْ نُخْجِل مَلاَكْنَا الحَارِس وَلاَ يَجِدٌ شِئ يُدَافِعْ بِهِ عَنَّا يَقُول لَهُ الشَّيْطَان لَقَدْ أخْطَأ .. يُجِيب المَلاَك لكِنَّهُ كَانَ يَنْدَم وَيُحَاوِل ألاَّ يَسْقُطْ مَرَّة أُخْرَى لكِنِّي قَدْ أصِل بِالمَلاَك أنْ لاَ يَجِدٌ إِجَابَة أوْ دِفَاع عَنِّي ضِدٌ عَدُو الخِيرإِذاً مَلاَك لِحِرَاسْتِي مَلاَك لِخِدْمِتِي حَتَّى أنَّ أكْثَر شِئ يِفَرَّح مَلاَكِي الحَارِس هُوَ تُوبْتِي وَعِبَادْتِي وَتَمَسُّكِي بِالوَصَايَا ألَمْ يُعَرِّفْنَا رَبِّنَا يَسُوع لَهُ المَجْد هذَا الأمر فِي أمْثِلَة كَثِيرَة مِثْل مَثَل الإِبْن الضَّال قَالَ ﴿ يَكُونُ فَرَحٌ فِي السَّمَاءِ بِخَاطِئٍ وَاحِدٍ يَتُوبُ أَكْثَرَ مِنْ تِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ بَارّاً لاَ يَحْتَاجُونَ إِلَى تَوْبَةٍ ﴾ ( لو 15 : 7 ) مَا عِلاَقِة السَّمَاء بِهذَا الأمر ؟ حَتَّى المَلاَئِكَة تُقِيمْ أفْرَاح عِنْدَمَا يَتُوب وَاحِد مِنَّا عِنْدَمَا نَسْمَعْ عَنْ شَخْص تَرَك الْمَسِيح ثُمَّ عَادٌ إِلَى حُضْنُه نِفْرَح كُلِّنَا لأِنَّهُ أخُونَا وَقَدْ نَكُون لاَ نَعْرِفُه شَخْصِيّاً لكِنِّنَا نِفْرَح بِرُجُوعُه هكَذَا المَلاَئِكَة عِنْدَمَا يَدْخُل إِنْسَان تَحْت سَيْطَرِة عَدُو الخِير ثُمَّ يَعُودٌ لِحُضْن يَسُوع تِفْرَح هَلْ تَتَخَيَّل أنَّهُمْ بَعِيدِينَ عَنَّا ؟ لاَ لِذلِك فِي مَثَل الدِّرْهَم المَفْقُودٌ المَرْأة الَّتِي ضَاعْ مِنْهَا الدِّرْهَمْ وَفَتِّشِتْ عَلِيه وَعِنْدَمَا وَجَدِتُه فِرْحِتْ بِهِ وَحْدَهَا أم دَعَتْ الجَارَات وَالأصْدِقَاء ؟ دَعِتْ الجَارَات وَالأصْدِقَاء لِيَفْرَحُوا مَعَهَا ( لو 15 : 8 – 9 ) مَنْ هُمْ الجَارَات وَالأصْدِقَاء ؟ هُمْ المَلاَئِكَة وَالقِدِّيسِينْ يِفْرَحُوا مَعَهَا لأِنَّهَا وَجَدِت الدِّرْهَمْ المَفْقُودٌ المَلاَئِكَة لأِنَّهُمْ يِخْدِمُوا خِدْمِة الخَلاَص أكْثَر شِئ يِفَرَّحْهُمْ خَلاَص الإِنْسَان المَلاَئِكَة لأِنَّهُمْ يُمَجِّدُوا الله لِقَدَاسَتِهِ عِنْدَمَا يَجِدُوا إِنْسَان عَادَ لِحَيَاة القَدَاسَة يِفْرَحُوا لأِنَّ عَمَلِهِمْ أنْ يَأتُوا بِأُنَاس لِلقَدَاسَة يَفْرَحُون جِدّاً لإِنْضِمَام نَفْس لِلحَيَاة الأبَدِيَّة إِذاً المَلاَئِكَة خُدَّام المَلاَئِكَة يَشْعُرُون بِنَا ؟ نَعَمْ يَحْكِي تَارِيخ الكَنِيسَة أنَّهُ فِي أحَدٌ المَرَّات كَانَ رَاهِبْ يَسْكُنْ قَلاَيَة بَعِيدَة عَنْ عِينْ المَاء وَعِنْدَمَا يَحْتَاجٌ مَاء كَانَ يَذْهَبْ إِلَى العِينْ لِيَمْلأ جَرَّتَهُ وَكَانَ يَشْعُر أنَّ هُنَاك مَلاَك يُرَافِقَهُ وَبَعْد فِتْرَة تِعِبْ الرَّاهِبْ مِنْ بُعْد المَسَافَة بَيْنُه وَبَيْنَ عِينْ المَاء وَأرَادَ أنْ يَسْكُنْ قَلاَيَة أُخْرَى قَرِيبَة مِنْ عِينْ المَاء وَفِيمَا هُوَ يَبْحَث عَنْ قَلاَيَة قَرِيبَة وَجَدٌ المَلاَك يُرَافِقُه لكِنَّهُ صَامِتْ وَيِعِد أرْقَام وَسَألَهُ الرَّاهِبْ لِمَاذَا تِعِد هذِهِ الأرْقَام ؟ مَاذَا تَحْسِبْ ؟ فَلَمْ يَجِبُه المَلاَك حَتَّى وَصَلْ إِلَى القَلاَيَة المُنَاسِبَة قَالَ لِلمَلاَك مَاذَا كُنْت تَحْسِبْ ؟ قَالَ المَلاَك كُنْت أحْسِبْ الفَرْق بَيْنَ عَدَد الخَطَوَات بَيْنَ القَلاَيَة البَعِيدَة وَالقَلاَيَة القَرِيبَة فَسَألَهُ الرَّاهِبْ وَمَاذَا فِي ذلِك ؟ قَالَ المَلاَك لأِنَّ فَرْق الخَطَوَات كَانَ يُحْسَبْ لَك أكَالِيل أكْثَر وَعِنْدَمَا تَقْتَرِب لِعِينْ المَاء التَّعَبْ يِكُون أقَلْ وَبِالتَّالِي أكَالِيل أقَلْ عِنْدَئِذٍ قَالَ الرَّاهِبْ إِذاً نَبْحَثْ عَنْ قَلاَيَة أبْعَد وَلَيْسَتْ أقْرَب إِذاً المَلاَك يَرَى تَعَبِي وَيُقَدِّمُه لله وَكَأنَّهُ مَسْئُول أنْ يُقَدِّم عَنِّي تَقْرِير مَاذَا أفْعَل وَمَاذَا آكُل وَمَا هِيَ الفِكْرَة الَّتِي أرْفُضْهَا ؟ وَمَا هِيَ الفِكْرَة الَّتِي أقْبَلْهَا ؟تَخَيَّل أنَّهُ لاَبُدْ لِلإِنْسَان أنْ يَشْعُر دَائِماً أنَّهُ أمَام مَلاَك الله فَكَيْفَ أجْلِس فِي بِيتِي وَكَيْفَ أتَكَلَّمْ مَعَ أصْحَابِي وَأي شِئ أُشَاهِدُه ؟ هَلْ أشَاهِد تِلْفِزْيُون وَالمَلاَك بِجَانِبِي ؟ مَاذَا سَيَرَى مَعِي ؟ شَاب جَالِس أمَام الكُمْبِيُوتَر مَاذَا سَيَرَى وَمَاذَا سَيَرَى مَعَهُ المَلاَك ؟ حَتَّى الأبَاء يُعَلِّمُونَا أنَّهُ يَجِبْ أنْ نَجْلِس بِاعْتِدَال حَتَّى أثْنَاء تَنَاوُلْنَا طَعَامْنَا لأِنَّ مَعَنَا مَلاَك وَأنْتَ فِي بِيتَك إِجْلِس بِاعْتِدَال لأِنَّ مَعَك مَلاَك إِحْتِرَام لِلمَلاَك ألَيْسَ عِنْدَمَا تَجْلِس أمَام شَخْص ذُو مَرْكَز مَرْمُوق تَجْلِس بِاعْتِدَال ؟ الأبَاء يَقُولُون عَلَى الإِنْسَان أنْ يَجْلِس مُنْضَبِطاً مُلْتَزِماً فِيمَا يَخْجَل مِنْ مَلاَكُه لِذلِك حَتَّى فِي بِيُوتْنَا لاَبُدْ أنْ نَرْتَدِي مَلاَبِس مُعْتَدِلَة لأِنَّهُ يُوْجَدٌ مَلاَك يَرَانَا يَرَى سُلُوكْنَا وَأعْمَالْنَا إِذاً مَلاَك لِحِرَاسْتِي وَخِدْمِتِي .
2- قُوَّة:-
نِسْأل سُؤَال آخَر مَا هُوَ عَدَد المَلاَئِكَة وَمَا هِيَ قُوَّتِهِمْ ؟ عَدَدْهُم كَثِيرأبُونَا يَعْقُوب فِي سِفْر التَّكْوِين أصْحَاح 32 عِنْدَمَا رَأى المَلاَئِكَة صَاعِدَة وَنَازِلَة عَلَى السِّلِّمْ قَالَ ﴿ هذَا جَيْشُ اللهِ ﴾ ( تك 32 : 2 ) لِذلِك كُلَّ دَوْلَة لَهَا جِيش وَهذَا جِيشْنَا وَلِنَتَذَكَّر قِصَّة إِلِيشَع النَّبِي وَجِيحْزِي تِلْمِيذُه عِنْدَمَا أتَى مَلِك آرَام بِجُيُوشُه العَظِيمَة لِمُحَارَبَتْهُمَا عِنْدَمَا رَأى جِيحْزِي الجُيُوش خَافْ وَارْتَعَبْ وَذَهَبْ إِلَى مُعَلِّمُه إِلِيشَع لِيَشْكُو لَهُ الأمر وَقَالَ لَهُ أنَّ مَلِك آرَام نَشَر جُيُوشُه حَوْلَنَا وَهُمْ لاَ يُحْصُون مِنْ الكَثْرَة يَقُول الكِتَاب أنَّ إِلِيشَع النَّبِي صَلَّى إِلَى الله قَائِلاً ﴿ يَارَبُّ افْتَحْ عَيْنَيْهِ فَيُبْصِرَ فَقَالَ لاَ تَخَفْ لأِنَّ الَّذِينَ مَعْنَا أَكْثَرُ مِنَ الَّذِينَ مَعْهُمْ ﴾ ( 2مل 6 : 17 ؛ 16)فَكَشَفَ الله فَرَأى جِيحْزِي أعْدَادٌ كَثِيرَة جِدّاً مِنْ المَلاَئِكَة تُحِيط بِالجَبَل كَثِيراً مَا نَسْمَع كَلِمَة أُلُوف أُلُوف وَرَبَوَات رَبَوَات " الرَّبْوَة " عَشْرَة آلاَف .. أي عَشَرَات الأُلُوف جَمْع غِير مُحْصَى لاَ يُعَد حَتَّى أنَّ أيُّوب البَّار قَالَ ﴿ هَلْ مِنْ عَدَدٍ لِجُنُودِهِ ﴾ ( أي 25 : 3 ) جُنُودُه لاَ يُعَدُّون وَلَيْسَ مُجَرَّدٌ عَدَد كَثِير وَبِلاَ فَائِدَة لاَ يَحْكِي الكِتَاب المُقَدَّس عَنْ المَلِك سِنْحَارِيب فِي أيَّام أشْعِيَاء النَّبِي يَقُول الكِتَاب أنَّ سِنْحَارِيب كَانَ يُعَيِّر شَعْب الله وَيَقُول لَهُمْ لِتَرُوا مَاذَا يَفْعَل الله بِكُمْ وَمَاذَا يَفْعَل أشْعِيَاء لَكُمْ ؟ لَنْ أتْرُك مِنْكُمْ إِنْسَان يَعِيش وَلاَبُدْ أنْ تُقَدِّمُوا لِي المَال وَكَانَ يُهَدِّدٌ بِقُوَّة فَرَفَعْ مَلِك إِسْرَائِيل طِلْبَة إِلَى الله وَقَالَ ﴿ نَحْنُ لاَ نَعْلَمُ مَاذَا نَعْمَلُ وَلكِنْ نَحْوَكَ أَعْيُنُنَا ﴾( 2أخ 20 : 12) – لَيْسَ فِينَا قُوَّة – يَقُول الكِتَاب ﴿ وَكَانَ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ أَنَّ مَلاَكَ الرَّبِّ خَرَجَ وَضَرَبَ مِنْ جَيْشِ أَشُّورَ مِئَةَ أَلْفٍ وَخَمْسَةً وَثَمَانِينَ أَلْفاً ﴾ ( 2مل 19 : 35 )مَلاَك وَاحِدٌ يَقْتُل 185000 فِي لَيْلَة وَاحِدَة إِنْ كَانَ لَنَا أُلُوف أُلُوف وَرَبَوَات رَبَوَات فَمَاذَا يَفْعَل كُلَّ هؤلاَء ؟ لِذلِك يَقُول بُولِس الرَّسُول﴿ أَلَيْسَ جَمِيعُهُمْ أَرْوَاحاً خَادِمَةً مُرْسَلَةً لِلْخِدْمَةِ لأِجْلِ الْعَتِيدِينَ أَنْ يَرِثُوا الْخَلاَصَ ﴾ ( عب 1 : 14)عِنْدَمَا نَتَذَكَّر لِيلِة الفِصْح لِشَعْب إِسْرَائِيل فِي أرْض مِصْر كُلَّ أبْكَار المَصْرِيِينْ قُتِلُوا بِيَدْ مَلاَك وَاحِدٌ إِسْمُه المَلاَك المُهْلِك فِرْعُون وَجُنُودُه الَّذِي يَذِل شَعْب الله مَلاَك وَاحِدٌ يَقْتُل لَهُ كُلَّ أبْكَارُه فَمَاذَا إِذاً تَفْعَل جُيُوش المَلاَئِكَة ؟ كَلِمَة إِلِيشَع النَّبِي ﴿ فَقَالَ لاَ تَخَفْ لأِنَّ الَّذِينَ مَعْنَا أَكْثَرُ مِنَ الَّذِينَ مَعْهُمْ يَارَبُّ افْتَحْ عَيْنَيْهِ فَيُبْصِرَ ﴾لاَبُدْ أنْ نَثِقٌ فِي المَلاَئِكَة وَفِي قُوَّتِهِمْ وَقُدْرَتِهِمْ قَدْ نَضْعُفْ وَنَقُول إِنِّنَا فِي عَصْر صَعْب وَيُوْجَدٌ مَنْ يَتْرُك الله وَمَاذَا سَيَفْعَلُون بِنَا ؟ نَقُول لَك ألاَ تَثِقٌ فِي عَمَل الله وَجُنُودُه ؟ لَيْتَكَ تَعْرِفْ وَتَقْرأ تَارِيخ كِنِيسْتَك وَتَرَى حَتَّى آخِر أحْدَاث تَحْدُث فِي هذِهِ الشُهُور وَالأيَّام وَتَرَى يَدْ الله مُقْتَدِرَة وَتَرَى أمَاكِنْ خَرَجَ عَلَيْهَا أُلُوف وَلَمْ يَسْتَطِيعُوا فِعْل شَيْء لِمَاذَا ؟ لأِنَّهُ يُوْجَدٌ مَلاَئِكَة تُدَافِعْ عَنَّا .. الَّذِينَ مَعَنَا أكْثَر مِنْ الَّذِينَ عَلَيْنَا هذَا لَيْسَ مُجَرَّدٌ كَلاَم بَلْ بِالفِعْل لَنَا جِيش قَوِي مُقْتَدِرٌ أقُول لَك لاَبُدْ أنْ يَكُون لَك نَفْس الثِّقَة .
عِنْدَمَا جَاءُوا لِيَقْبُضُوا عَلَى يَسُوع أخْرَج مُعَلِّمْنَا بُطْرُس سَيْفُه وَقَالَ لاَبُدْ أنْ نُدَافِعْ عَنْ أنْفُسْنَا فَقَالَ لَهُ يَسُوع لاَ أنَا مَعِي جِيش قَوِي لكِنْ لَمْ تَأتِي لَهُ إِشَارَة بِالتَّحَرُّك لأِنَّهُ جِيش لاَ يَتَحَرَّك إِلاَّ بِإِشَارَة لأِنَّ الجِيش لَوْ خَرَجَ عَلَيْهِ مَنْ يَقْتُلُه وَلَمْ تَأتِيهِ إِشَارَة بِالتَّحَرُّك لاَ يَتَحَرَّك المَلاَئِكَة لَمْ تَأتِيهِمْ إِشَارَة لِلتَّحَرُّك وَالدِفَاع عَنْ يَسُوع لِذلِك قَالَ السَيِّد الْمَسِيح لِبُطْرُس ﴿ أَتَظُنُّ أَنِّي لاَ أَسْتَطِيعُ الآنَ أَنْ أَطْلُبَ إِلَى أَبِي فَيُقَدِّمُ لِي أَكْثَرَ مِنِ اثْنَيْ عَشَرَ جَيْشاً مِنَ الْمَلاَئِكَةِ ﴾ ( مت 26 : 53 ) هَلْ تَتَخَيَّل إِنِّي لاَ أسْتَطِيعْ أنْ أُرْسِل إِشَارَة إِلَى أبِي لِيُرْسِل لِي جِيش يُدَافِعْ عَنِّي هَلْ سَيَبْخَل عَلَيَّ ؟ لاَ يَسْتَطِيعْ أنْ يُرْسِل لِي إِثْنَيْ عَشَرَ جَيْش وَلِنَرَى عَدَد الجِيش الوَاحِدٌ كَمْ يَكُون ؟ أي يَسْتَطِيعْ أنْ يُرْسِل قُوَّات رَهِيبَة يَشِل حَرَكِة مَنْ يَقْبُضُون عَلَى يَسُوع وَيُرْعِبَهُمْ لكِنَّهُ سَمَح أنْ يُهَان وَتُقْسَم ثِيَابُه وَيُصْلَبْ وَ هذَا تَدْبِير مِنْ العَهْد القَدِيم وَكَأنَّهُ يَقُول لَهُمْ لاَ تَنْسُوا شِئ مِنْ تَدْبِيرِي هَاتُوا المُسْمَار وَالحَرْبَة وَ لِيَتِمْ مَا قِيلَ فِي المَزْمُور 22 ﴿ ثَقَبُوا يَدَيَّ وَرِجْلَيَّ أُحْصِي كُلَّ عِظَامِي وَهُمْ يَنْظُرُون وَيَتَفَرَّسُونَ فِيَّ . يَقْسِمُونَ ثِيَابِي بَيْنَهُمْ وَعَلَى لِبَاسِي يَقْتَرِعُونَ ﴾( مز 22 : 16 – 18) تَدْبِير إِلهِي كَبِير لاَ يَفْهَمُه أحَدٌ وَقَدْ يَتَسَاءَل البَعْض لِمَاذَا فَعَلُوا هذَا بِيَسُوع ؟
نَقُول هُوَ مِنْ بِدَايِة الأمر دَبَّر هَلْ تَتَخَيَّلُون أنَّهُ لأِنَّ الكِتَاب المُقَدَّس مَوْجُودٌ بَيْنَ أيْدِينَا الأنْ أنَّهُ كُتِبَ فِي لَحْظَة ؟ لَقَدْ كُتِبَ فِي 1600 سَنَة يَحْكِي عَنْ أُمور كُلَّهَا فِي النِّهَايَة تَرَابَطَتْ لِتُعْلِنْ قِصَّة خَلاَص الإِنْسَان مِنْ آدَم حَتَّى المَجِئ الثَّانِي لِيَسُوع كُتِبَ فِي 1600 سَنَة وَمَعَ هذَا أحْدَاثُه مُتَسَلْسِلَة وَمَا كُتِبَ عَنْهُ فِي العَهْد القَدِيم حُقِّقٌ فِي العَهْد الجَدِيد حَتَّى مَجِيئُه الأخِير وَفِي النِّهَايَة تَجِدٌ مَنْ يَقُول لَك إِنِّي لاَ أفْهَمْ لأِنَّهُمْ يَقُولُون كَذَا وَكَذَا لاَ إِفْرَح بِمَسِيحَك وَأبَدِيِتَك وَالمَلاَئِكَة خُدَّامَك لِذلِك قَالَ بُولِس الرَّسُول ﴿ قَدْ أَتَيْتُمْ إِلَى جَبَلِ صِهْيَوْنَ وَإِلَى مَدِينَةِ اللهِ الْحَيِّ أُورُشَلِيمَ السَّمَاوِيَّةِ وَإِلَى رَبَوَاتٍ هُمْ مَحْفَلُ مَلاَئِكَةٍ ﴾ ( عب 12 : 22 )هذَا مَا يَنْتَظِرْنَا هذِهِ بَرَكِة العَهْد الجَدِيد لِذلِك فِي سِفْر الرُؤْيَا يَقُول ﴿ مَلاَئِكَةٍ كَثِيرِينَ حَوْلَ الْعَرْشِ وَكَانَ عَدَدُهُمْ رَبَوَاتِ رَبَوَاتٍ وَأُلُوفَ أُلُوفٍ ﴾ ( رؤ 5 : 11) لِذلِك كِنِيسِتْنَا تُسَبِّح مَعَ المَلاَئِكَة وَتَقُول ﴿ الَّذِي يَقِفْ أمَامُه المَلاَئِكَة وَرُؤَسَاء المَلاَئِكَة الرِّئَاسَات وَالسُلْطَات وَالكَرَاسِي وَالأرْبَاب وَالقُّوَات ﴾( مَا يَقُولُه الكَاهِنْ بَعْد مُسْتَحِقٌ وَعَادِلٌ فِي القُدَّاس البَاسِيلِي ) كُلَّ فِئَة مِنْ هؤلاَء جِيش وَجِيش لَهُ قِيَادَة وَمَهَام يَقُوم بِهَا مَلاَئِكَة وَرُؤَسَاء مَلاَئِكَة وَأرْبَاب وَقُوَّات وَ الأبَاء مِنْ شِدِّة إِنْفِعَالِهِمْ بِالمَلاَئِكَة يُقِيمُوا مُقَارَنَة بَيْنَهُمْ وَيَقُولُون مَنْ هُمْ الكَرَاسِي وَمَنْ هُمْ الأرْبَاب وَمَنْ هُمْ القُّوَات ؟ حَقَائِقٌ سَنَظِل نَجْهَلْهَا إِلَى أنْ نَذْهَبْ إِلَيْهَا لِذلِك الَّذِي أدْرَك أنَّهُ إِنْسَان سَمَاوِي يَكُون لَهُ عِلاَقَة بِالمَلاَئِكَة مَزْمُور 103 يَقُول ﴿ مَلاَئِكَتَهُ الْمُقْتَدِرِينَ قُوَّة ﴾( مز 103 : 20 ) لِذلِك لَنَا وَعْد فِي المَزْمُور يَقُول ﴿ مَلاَكُ الرَّبِّ حَالٌّ حَوْلَ خَائِفِيهِ وَيُنَجِّيهِمْ ﴾ ( مز 34 : 7 ) لاَبُدْ أنْ أثِقٌ فِي أنَّ المَلاَئِكَة حَوْلِي وَعَدَدْهُمْ كَثِير وَأقْوِيَاء وَبِذلِك أطْمَئِنْ وَأثِقٌ فِي ذلِك لِذلِك يَقُول ﴿ يُوصِي مَلاَئِكَتُه بِك لِيَحْفَظُوك ﴾ ( مز 90 – مِنْ مَزَامِير السَّادِسَة ) يُوصِيهُمْ عَلِيك لِيَحْفَظُوك بُولِس الرَّسُول كَانَ فِي السَفِينَة وَأوْشَكَتْ السَفِينَة عَلَى الغَرَق وَكَانَ كُلَّ الَّذِينَ مَعَهُ خَائِفِينْ لكِنْ مَلاَك الرَّبَّ قَالَ لَهُ لاَ تَخَفْ لَنْ تَغْرِق السَفِينَة وَسَتَصِل إِلَى رُومَا أنْتَ وَكُلَّ الَّذِينَ مَعَك وَقَالَ بُولِس لأِهْل السَفِينَة ﴿ لأِنَّهُ وَقَفَ بِي هذِهِ اللَّيْلَةَ مَلاَكُ الإِلَهِ الَّذِي أَنَا لَهُ وَالَّذِي أَعْبُدُهُ قَائِلاً لاَ تَخَفْ يَا بُولُسُ يَنْبَغِي لَكَ أَنْ تَقِفَ أَمَامَ قَيْصَرَ وَهُوَذَا قَدْ وَهَبَكَ اللهُ جَمِيعَ الْمُسَافِرِينَ مَعَكَ ﴾ ( أع 27 : 23 – 24 )هَلْ أدْرَكْت قُوَّة المَلاَئِكَة ؟ كَمْ هُمْ مُقْتَدِرِينْ وَكَثِيرِينْ يَخَافُون عَلِيك وَيَحْرُسُوك .
3- عِبَادَةٌ:-
عَمَل المَلاَئِكَة هُوَ أعْمَال تَخُص البَشَر وَأعْمَال تَخُص الله أعْمَال تَخُص البَشَر مِثْل خِدْمَة قُوَّة وَأعْمَال تَخُص الله عِبَادَة المَلاَئِكَة دَائِماً وَاقِفُون أمَام عَرْش الله فِي تَسْبِيح دَائِمْ وَيَنْشِدُون﴿ قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ رَبُّ الْجُنُودِ مَجْدُهُ مِلْءُ كُلِّ الأَرْضِ ﴾ ( أش 6 : 3 ) تَخَيَّل هذِهِ الجُمْلَة مِنْ أُلُوف أُلُوف وَرَبَوَات رَبَوَات كَمْ تَكُون مُرْهِبَة بِتَعْبِيرْنَا نَحْنُ أنَّ كُلَّ دَوْلَة لَهَا نَشِيد وَطَنِي المَلاَئِكَة لَهُمْ نَشِيد وَطَنِي وَنَشِيدْهُمْ الوَطَنِي هُوَ ﴿ قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ رَبُّ الْجُنُودِ مَجْدُهُ مِلْءُ كُلِّ الأَرْضِ ﴾ تَخَيَّل أصْوَاتِهِمْ عِنْدَمَا تَخْرُج مِنْ رَبَوَات وَأُلُوف وَلاَ يَقُولُون هكَذَا فَقَطْ بَلْ يَخُرُّون وَيَسْجُدُون – عَظَمَة – تَجْعَل قَلْب الإِنْسَان يَرْتَفِعْ لِيَرَى هذَا المَشْهَدٌ الْمَسِيح عَلَى عَرْشُه الإِلهِي وَالمَلاَئِكَة يَسْجُدُون لَهُ وَيَقُولُون قُدُّوس قُدُّوس قُدُّوس مَجْدُهُ مِلْءُ كُلَّ الأرْض الله يُرِيدْ أنْ يُعْلِنْ قُدْرِتُه وَيُحِب أنْ نُسَبِّحُه جُمْهُور المَلاَئِكَة الَّذِي ظَهَر لَحْظِة المِيلاَدٌ العَجِيب وَقَالُوا ﴿ الْمَجْدُ للهِ فِي الأَعَالِي وَعَلَى الأَرْضِ السَّلاَمُ وَبِالنَّاسِ الْمَسَرَّةُ ﴾ ( لو 2 : 14)عَمَل المَلاَئِكَة إِعْلاَن مَجْد الله وَسَطْ العَالَمْ وَإِعْلاَن قُوَّتُه وَسَطْ العَالَمْ وَتَثْبِيتْ مَمْلَكَتُه وَصُنْع مَشِيئَة الله وَسَطْ العَالَمْ لِذلِك جَيِّدٌ دَاوُد النَّبِي عِنْدَمَا قَالَ المَزْمُور 148 ، 149 وَالكَنِيسَة تَأخُذْهُمَا تَسْبِيح الهُوس الرَّابِعْ وَفِي تَوْزِيع القُدَّاس وَتَقُول﴿ سَبِّحُوه يَا جَمِيع مَلاَئِكَتُه سَبِّحُوه يَا جَمِيع جُنُودُه ﴾ ( مز 148)﴿ سَبِّحُوه فِي جَلَد قُوَّتِهِ
سَبِّحُوه كَكَثْرِة عَظَمَتْهِ عَلَى عَلَى ﴾ ( مز 150 )وَيَقُول سِفْر الرُؤْيَا ﴿ وَجَمِيعُ الْمَلاَئِكَةِ كَانُوا وَاقِفِينَ حَوْلَ الْعَرْشِ وَالشُّيُوخِ وَالْحَيَوَانَاتِ الأَرْبَعَةِ وَخَرُّوا أَمَامَ الْعَرْشِ عَلَى وُجُوهِهِمْ وَسَجَدُوا لله قَائِلِينَ آمِينَ الْبَرَكَةُ وَالْمَجْدُ وَالْحِكْمَةُ وَالشُّكْرُ وَالْكَرَامَةُ وَالْقُدْرَةُ وَالْقُوَّةُ لإِلهِنَا إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ آمِينَ ﴾ ( رؤ 7 : 11 – 12) يُعَدِّدُون صِفَات الله وَيُرَدِّدُونَهَا أمَامُه لِذلِك لَنَا إِيمَان أنَّنَا بَيْنَمَا نَحْنُ فِي الكَنِيسَة المَلاَئِكَة مَعَنَا حَتَّى أنَّنَا نُؤمِنْ أنَّ الكَنِيسَة إِسْمَهَا " بَيْت المَلاَئِكَة " لأِنَّ الْمَسِيح لَمَّا دَبَّر أنَّ بَلَدُه الَّذِينَ هُمْ أبْنَاء المَلَكُوت أي نَحْنُ أقَامَ لَهَا جِيش وَدَبَّر لَهُمْ مَكَان يَسْكُنُون فِيهِ ألَيْسَ لِلجِيش خِيَام ؟هكَذَا دَبَّر لِجِيش المَلاَئِكَة الكَنِيسَة كُلَّ كَنِيسَة بِهَا كَتِيبَة الكَنِيسَة هُنَا بِهَا مَلاَئِكَة وَنَحْنُ نُؤمِنْ بِذلِك وَلَيْسَ هُوَ كَلاَمٌ مُجَامْلَة نَعْرِفْ فِي أكْثَر مِنْ كَنِيسَة وَفِي كِنِيسِتْنَا أنَّ حُرَّاس الكَنَائِس يَخَافُون لأِنَّهُمْ يَسْمَعُون أصْوَات فِي الكَنِيسَة لَيْلاً وَيَطْلُبُون عَمَل آخَر غِير الحِرَاسَة اللَّيْلِيَّة مَلاَئِكَة مَوْجُودَةٌ فِي الكَنِيسَة قَرِيباً فِي كَنِيسَة المَلاَك بِمَنْطِقَة غُرْبَال قَالَ الحَارِس أنَّهُ يَسْمَع أصْوَات فِي الكَنِيسَة لَيْلاً الكِنِيسَة بِيتْ المَلاَئِكَة هَلْ المَلاَئِكَة يَصْمُتُون أم يَتَحَاكُون مَعاً ؟ لاَ يَصْمُتُون وَلاَ يَتَحَاكُون بَلْ يُسَبِّحُون لَيْسَ لَدَيْهِمْ أُمور يَتَحَاكُون فِيهَا بَلْ يَقُولُون المَجْد وَالكَرَامَة وَالحِكْمَة وَالقُدْرَة لإِلهْنَا قُدُّوس قُدُّوس قُدُّوس لِذلِك نَحْنُ الأنْ مَعَنَا مَلاَئِكَة وَالجَيِّد أنَّهُ بَيْنَمَا نَحْنُ فِي الكَنِيسَة المَلاَئِكَة تَصْمُت لأِنَّ الله يَفْرَح بِأصْوَاتْنَا أكْثَر مِنْ المَلاَئِكَة لأِنَّهُ يَعْلَمْ أنَّهُمْ أرْوَاح وَهذَا عَمَلِهِمْ بَيْنَمَا نَحْنُ لَنَا أجْسَادٌ وَضُعَفَاء وَالشَّخْص يُحِب أنْ يَسْمَع صُوْت الأضْعَفْ مَثَلاً تَخَيَّل لَوْ سَألْت سُؤَال لِشَاب فِي ثَانَوِيَّة عَامَّة وَلِطِفْل فِي مَرْحَلِة إِبْتِدَائِي وَتَجِدٌ الطِّفْل يُحَاوِل أنْ يُجَاوِبْ السُؤَال أكِيد سَنُسْكِتْ الجَمِيعْ وَالشَّاب لِتَسْمَع مِنْ الصَغِير وَقَدْ يَقُول لَك أُرِيد أنْ أقُول شِئ آخَر تَقُول لَهُ قُلْ أوْ قُلْ ثَانِيَة هكَذَا الله فِي الكَنِيسَة يُسْكِتْ المَلاَئِكَة لِكَيْمَا يَسْمَعْنَا نَحْنُ تَخَيَّل عِنْدَمَا تَأتِي الكَنِيسَة وَأنْتَ مُشَتَّتْ الذِّهْن وَالكِنِيسَة تُسَبِّح وَأنْتَ صَامِتْ هَلْ يَلِيقٌ ؟ لاَ إِفْتَح فَمَك وَكَمَا يَقُول الكِتَاب ﴿ يَارَبَّ إِفْتَح شَفَتَيَّ وَلِيَنْطِق فَمِي بِتَسْبِحَتَك ﴾ ( جُزْء " فَلْيَدْنُ تَوَسُلِي قُدَّامَك يَارَبَّ " مِنْ الخِدْمَة الأُولَى مِنْ صَلاَة نِصْف الِّلِيل ) الله لاَ يُحِبْ أنْ تَقِفْ أمَامُه خَلِيقَة صَامِتَة وَلاَ يُوْجَدٌ أجْمَلٌ مِنْ ذَبِيحِة العِبَادَة نُقَدِّمْهَا لَهُ مَنْ الَّذِي يَأخُذ الذَّبِيحَة وَيَرْفَعْهَا إِلَى فَوْق ؟ المَلاَئِكَة يَقُول فِي سِفْر الرُؤْيَا ﴿ وَجَاءَ مَلاَكٌ آخَرُ وَوَقَفَ عِنْدَ الْمَذْبَحِ وَمَعَهُ مَبْخَرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ وَأُعْطِيَ بَخُوراً كَثِيراً لِكَيْ يُقَدِّمَهُ مَعْ صَلَوَاتِ الْقِدِّيسِينَ ﴾ ( رؤ 8 : 3 ) صَلَوَات مَنْ ؟ صَلَوَاتْنَا يَرْفَعْهَا إِلَى فُوْق هذَا عَمَل المَلاَئِكَة لِذلِك نَحْنُ نُؤمِنْ وَنَقُول فِي القُدَّاس ﴿ الَّذِي ثَبَّتْ قِيَامٌ صُفُوف غَيْر المُتَجَسِدِينْ فِي البَشَر ﴾ مَا مَعْنَى هذَا ؟ تَخَيَّل أنَّ بَيْنَ كُلَّ شَخْص يَجْلِس وَآخَر يُوْجَدٌ مَلاَك وَسَطْهُمَا أي ثَبَّتْ صُفُوف غَيْر المُتَجَسِدِينْ أي المَلاَئِكَة جَعَلَهُمْ بَيْنَنَا أمَّا نَحْنُ ﴿ أعْطَى الَّذِينَ عَلَى الأرْض تَسْبِيح السِيرَافِيم ﴾ ( جُزْء أيُّهَا الكَائِنْ السَيِّد الرَّبَّ مِنْ القُدَّاس الغِرِيغُورِي ) مَا أجْمَل عَمَلَك يَارَبَّ أتَيْت لَنَا بِالمَلاَئِكَة تُشَجِّعْنَا وَتَأخُذْ صَلَوَاتْنَا إِلَى فَوْق وَنَقُول يَارَبَّ إِخْلِطْنَا وَاحْسِبْنَا مَعَ القُّوَات السَّمَائِيَّة إِسْمَع أصْوَاتْهُمْ وَأصْوَاتْنَا كَتَرْنِيمَة وَاحِدَة وَهُوَ يَقُول لَنَا أنَا أسْمَعَك كَمَلاَك لِذلِك الأب الكَاهِن وَالشَّمَامِسَة فِي القُدَّاس يَرْتَدُون مَلاَبِس بَيْضَاء لأِنَّهُمْ مَلاَئِكَة وَبِمَا أنَّ وَسَطْنَا مَلاَئِكَة لِذلِك فِكْرِة أنْ تُغَطِّي المَرْأة رَأسَهَا قَالَهَا بُولِس الرَّسُول بِإِخْتِصَار إِحْتِرَام لِلمَلاَئِكَة أي هِيَ تَعْلَمْ أنَّ المَلاَئِكَة حَاضِرَة وَلِذلِك هِيَ تُغَطِّي شَعْرَهَا ﴿ يَنْبَغِي لِلْمَرْأَة َنْ يَكُونَ لَهَا سُلْطَانٌ عَلَى رَأْسِهَا مِنْ أَجْلِ الْمَلاَئِكَةِ ﴾ ( 1كو 11 : 10) تَخَيَّل أنَّهُ مَعَنَا مَلاَئِكَة تَرْفَعْ صَلَوَاتْنَا وَتَسْمَعْ تَضَرُعَاتْنَا وَتَرْفَعْهَا إِلَى فَوْق وَهُمْ عَمَلِهِمْ يُقَدِّمُوا عِبَادَة وَنَحْنُ أيْضاً نُقَدِّم مَعَهُمْ عِبَادَة المَلاَئِكَة لَيْسُوا بِبَعِيدِينْ عَنَّا هُمْ مَعَنَا فِي خِدْمِتْنَا وَمَعُونِتْنَا وَعِبَادَة مَعَنَا أرْسَلَهُمْ الله لِمُرَافَقَتِنَا فِي كُلَّ مَرَاحِل حَيَاتْنَا حَتَّى نَصِل إِلَيْهِمْ وَنَشْتَرِك مَعَهُمْ فِي الأبَدِيَّة حَتَّى الإِنْسَان الرُّوحَانِي كُلَّمَا عَاش بِحَسَبْ الرُّوح كُلَّمَا تَشَبَّه بِالمَلاَئِكَة وَلِنَرَى صُورِة الأنْبَا تَكْلاَ تَجِدٌ أنَّ لَهُ أجْنِحَة كَيْفَ وَهُوَ إِنْسَان ؟ الحَيَاة الرُّوحَانِيَّة تَجْعَلَك لاَ تَعْرِفْ هَلْ أنْتَ مَلاَك أم إِنْسَان ؟ حَقِيقَةً أنْتَ مَلاَك وَإِنْسَان أنْتَ إِنْسَان لأِنَّكَ تَحْيَا بِالجَسَد وَلأِنَّكَ تَصُوم وَتُصَلِّي وَتُجَاهِد وَتَغْلِبْ شَهَوَاتَك إِقْتَرَبْت مِنْ المَلاَئِكَة فَصِرْت مَلاَك فِي شَكْل إِنْسَان – عَظَمَة –الله أرْسَلْنَا إِلَى العَالَمْ لِكَيْمَا نَسْلُك كَمَلاَئِكَة كَيْمَا نُعْلِنْ أنَّ لِلرَّبَّ جُيُوش وَجُنُودٌ وَمَلاَئِكَة خُدَّام خِدْمِة المَلاَئِكَة لأِجْلِنَا وَقُوَّتِهِمْ أيْضاً لأِجْلِنَا وَعِبَادَتِهِمْ لأِجْلِنَا رَبِّنَا يِنَفَّعْنَا بِصَلَوَاتِهِمْ وَقُوَّتِهِمْ وَيِكَمِّل نَقَائِصْنَا وَيِسْنِد كُلَّ ضَعْف فِينَا بِنِعْمِتُه لَهُ المَجْد دَائِماً أبَدِيّاً أمِين.
القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والأنبا أنطونيوس محرم بك الأسكندرية
المزيد
14 نوفمبر 2025
فيض الحب
”مَنْ يترحَّم على إنسان، يصير باب الرب مفتوحًا لطلباته في كل ساعة“ (الشيخ الروحاني)
«وَمَتَى جَاءَ ابْنُ الإِنْسَانِ فِي مَجْدِهِ وَجَمِيعُ الْمَلاَئِكَةِ الْقِدِّيسِينَ مَعَهُ، فَحِينَئِذٍ يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّ مَجْدِهِ. وَيَجْتَمِعُ أَمَامَهُ جَمِيعُ الشُّعُوبِ، فَيُمَيِّزُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ كَمَا يُمَيِّزُ الرَّاعِي الْخِرَافَ مِنَ الْجِدَاءِ، فَيُقِيمُ الْخِرَافَ عَنْ يَمِينِهِ وَالْجِدَاءَ عَنِ الْيَسَارِ. ثُمَّ يَقُولُ الْمَلِكُ لِلَّذِينَ عَنْ يَمِينِهِ: تَعَالَوْا يَا مُبَارَكِي أَبِي، رِثُوا الْمَلَكُوتَ الْمُعَدَّ لَكُمْ مُنْذُ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ. لأَنِّي جُعْتُ فَأَطْعَمْتُمُونِي. عَطِشْتُ فَسَقَيْتُمُونِي. كُنْتُ غَرِيبًا فَآوَيْتُمُونِي. عُرْيَانًا فَكَسَوْتُمُونِي. مَرِيضًا فَزُرْتُمُونِي. مَحْبُوسًا فَأَتَيْتُمْ إِلَيَّ. فَيُجِيبُهُ الأَبْرَارُ حِينَئِذٍ قَائِلِينَ: يَا رَبُّ، مَتَى رَأَيْنَاكَ جَائِعًا فَأَطْعَمْنَاكَ، أَوْ عَطْشَانًا فَسَقَيْنَاكَ؟ وَمَتَى رَأَيْنَاكَ غَرِيبًا فَآوَيْنَاكَ، أَوْ عُرْيَانًا فَكَسَوْنَاكَ؟ وَمَتَى رَأَيْنَاكَ مَرِيضًا أَوْ مَحْبُوسًا فَأَتَيْنَا إِلَيْكَ؟ فَيُجِيبُ الْمَلِكُ وَيَقُولُ لَهُمُ: الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: بِمَا أَنَّكُمْ فَعَلْتُمُوهُ بِأَحَدِ إِخْوَتِي هؤُلاَءِ الأَصَاغِرِ، فَبِي فَعَلْتُمْ» (مت 25: 31 – 40).
المسيحية والعطاء وجهان لعُملة واحدة، كلاهما حاضر بحضور الآخر في أعماقه وبصفة عامة فإن حياة العطاء مطوَّبة حسب قول الكتاب: «مَغْبُوطٌ هُوَ الْعَطَاءُ أَكْثَرُ مِنْ الأَخْذِ» (أع 20: 35) في البداية دعنا نرى معنى فيض الحب:
الإنسان بحاجة إلى أن يعطي:
إذ يحقِّق هذا وجوده وكيانه ويُشعره بقيمته وآدميته، وهذا الشعور هو إحدى مكونات الشخصية الناجحة، حتى أن علماء النفس كثيرًا ما يذكرون أن العطاء مصحوب براحة قلبية لذلك عندما يُعطي أب ابنه الصغير مالًا لكي ما يضعه الصغير في صندوق العطاء، فإنه يزرع هذه الفضيلة فيه منذ الصغر، بل وينمِّي شخصيته. وكذلك الأب الذي يساعد أولاده لكي ما يقدِّموا هدية لوالدتهم أو صديق لهم في أي مناسبة فإنه ينمِّي داخلهم هذه الفكرة ويشبع هذه الحاجة.
الله ليس محتاجًا على الإطلاق لما نُعطيه مهما كان ومهما ارتفعت قيمته المادية أو المعنوية، والسبب أن الله هو مصدر كل عطية … فهو الخالق والواجد لهذا العالم، ويعقوب الرسول يُذكِّرنا «كُلُّ عَطِيَّةٍ صَالِحَةٍ وَكُلُّ مَوْهِبَةٍ تَامَّةٍ هِيَ مِنْ فَوْقُ، نَازِلَةٌ مِنْ عِنْدِ أَبِي الأَنْوَارِ، الَّذِي لَيْسَ عِنْدَهُ تَغْيِيرٌ وَلَا ظِلُّ دَوَرَانٍ» (يع 1: 17).
فكلما يحبك المسيح أظهر محبتك له بفيض ووفرة.
العطاء وسيلة للتعبير عن مشاعرك نحو الله:
تأمل معي في قصة السامرية حين قابلها رب المجد وقال لها: «أَعْطِينِي لأَشْرَبَ» (يو 4: 7)، فهو له المجد لم يكن محتاجًا للماء، لأن من عنده تجري كل الأنهار، وإنما كان في حاجة أن يعرف حقيقة مشاعرها الداخلية نحوه وفضيلة العطاء أو الصدقة تُشكِّل إحدى ركائز الحياة الروحية (صوم + صلاة + صدقة)، والمعروف أن كلمة ”صدقة“ وكلمة ”صِدِّيق“ من أصل لغوي واحد، فكأن الصِدِّيق هو الذي يصنع الصدقة.
وعندما قال سليمان الحكيم: «اذْكُرْ خَالِقَكَ فِي أَيَّامِ شَبَابِكَ» (جا 12: 1)، إنما كان يتحدَّث بلغة العطاء، لأنه معروف أن حياة الإنسان تنقسم إلى مراحل متتابعة: (الطفولة – النضج/الرجولة – الشيخوخة) المرحلتان الأولى والثالثة هما مرحلتان أخذ، أمَّا المرحلة الثانية وتحوي في داخلها مرحلة الشباب إنما هي مرحلة عطاء بالدرجة الأولى وأنت يا صديقي تستطيع أن تعطي في فترة شبابك ورجولتك أكثر من أي مرحلة أخرى.
لك أن تسألني الآن ماذا أعطي؟ هل مالًا أم وقتًا أم ماذا ؟
إني أجيبك: إن ما تستطيع أن تقدِّمه لا يمكن حصره، إنما تستطيع أن تتخيَّل معي سلمًا عليه خمس درجات في ترتيب تصاعدي تمثل درجات العطاء بل ويمكن أن تمزج بين هذه الدرجات الخمس، فالصلاة هي عطاء وقت وقلب وتسبيح وفي خدمة الآخرين يكمُن عطاء المال والوقت والجهد والحب، وهكذا وهنا لا يمكننا أن ننسى أن قمة العطاء الذي بلا حدود هو في تجسُّد ربنا يسوع فهو الذي أعطانا دمه الثمين على عود الصليب، وها هو كل يوم يقدِّم نفسه ذبيحة لأجلنا من خلال القداس الإلهي.
وإليك هذه القصة:
بالرغم من الطقس البارد والثلج المتساقط، كان يجلس هذا الصبي، خارج منزله الحقير، ولم يرتدِ في رجليه سوى حذاءً رقيقًا، لا يصلح حتى لأيام الصيف. لقد كان يحاول بأقصى جُهده ليفكِّر عمَّا يقدر أن يقدِّمه لأُمه بمناسبة عيد الميلاد، لكن من غير نتيجة، فقد حاول كثيرًا حتى لو استطاع أن يفكر في شيء ما، فليس بحوزته شيء من المال، فمنذ وفاة والده، وهم يعيشون في حالة فقر دائم، فكانت والدته تعمل بأقصى جهدها لأجل أولادها الخمسة. فلم يكن لها إلَّا دخلٌ ضئيلٌ، لكن تلك الأم بالرغم من فقرها، كانت تحب أولادها محبة بلا نهاية كان هذا الصبي حزينًا للغاية، فلقد استطاع إخوته الثلاثة، إعداد هدية لأمه، أمَّا هو وأخيه الصغير، فلم يستطيعا شراء أي شيء، واليوم هو آخر يوم قبل عيد الميلاد. مسح هذا الصبي دموعه، ثم أخذ يسير باتجاه المدينة، ليلقي نظرة أخيرة على الأماكن المزيَّنة والمحلات المليئة بالهدايا والألعاب. كان ينظر من خلال الواجهات، إلى كل ما في الداخل، وعيناه تبرقان، كان كل شيء جميلًا للغاية، لكن لم يكن بمتناوله عمل أي شيء بَدَت الشمس تعلن عن مغيبها، فهَمَّ هذا الصبي بالعودة إلى المنزل، وهو يسير حزينًا مُنكَّس الرأس وفجأة إذ به يرى شيئًا يلمع على الأرض، اندفع هذا الصبي مسرعًا، وإذ به يلتقط 10 قروش من على الأرض ملأ الفرح قلبه، وإذ به يشعر وكأنه ملك كنزًا عظيمًا، ولم يعد يبالي بالبرد، إذ كان في حوزته عشرة قروش دخل أحد المحلات، علَّه يستطيع شراء شيء ما، لكن يا لخيبة الأمل، فقد أعلمه البائع، بأنه لن يستطيع شراء أي شيء بـ 10 قروش، دخل هذا الصبي محلًا آخر لبيع الورود، كان هناك العديد من الزبائن، فانتظر دوره بعد بضع دقائق، سأله البائع عمَّا يريد قدَّم هذا الصبي إلى البائع الـ 10 قروش التي في حوزته، ثم سأل إن كان بإمكانه شراء وردة واحدة لأمه بمناسبة عيد الميلاد. نظر صاحب المحل إلى هذا الولد الصغير مليًّا، ثم أجابه: انتظرني قليلًا سأرى عمَّا باستطاعتي عمله دخل البائع إلى الغرفة الداخلية، ثم بعد قليل عاد وهو يحمل في يديه اثنتي عشرة وردة حمراء، لم يَرَ هذا الصبي نظيرها في الجمال من قبل، ثم أخذ صاحب المحل، يضع بجانبها الزينة وغيرها، ثم وضعها بكل عناية في علبة بيضاء، وقدَّمها إلى ذلك الصبي، وقال: 10 قروش من فضلك أيها الشاب. هل يُعقَل ما يسمع؟ لقد قال له البائع السابق لن تستطيع شراء أي شيء بـ 10 قروش فهل يُعقَل ما يسمعه؟ شعر البائع بتردد الولد فقال له: أنت تريد أن تشتري ورود بـ 10 قروش، أليس كذلك؟ فإليك هذه الورود بـ 10 قروش، فهل تريدها بكل سرور أجاب الولد، معطيًّا كل ما لديه للبائع فتح البائع الباب للصبي، ثم ودَّعه قائلًا عيد ميلاد سعيد يا ابني عاد البائع إلى منزله، وأخبر زوجته بالأمر العجيب الذي حصل معه في ذلك اليوم، فقال لها في هذا اليوم وبينما أُحضِّر الورود جاءني صوت يقول اختر 12 وردة حمراء من أفضل الورود التي لديك، وضعها جانبًا لهدية خاصة لم أدرِ معنى هذا الصوت، لكني شعرت بأنه ينبغي عليَّ أن أطيعه، وقبل أن أغلق المحل، جاءني صبي صغير تبدو عليه علامات الفقر والعوز، راغبًا أن يشتري لأمه وردة واحدة، ومقدِّمًا لي كل ما يملك 10 قروش وأنا إذ نظرت إليه، ذكَّرتُ نفسي، كيف عندما كنت في سنه، كيف لم أملك أي شيء لأُقدِّم لأمي في عيد الميلاد، وذات مرة صنع معي إنسانٌ لم أعرفه من قبل معروفًا لم أنسه إلى هذا اليوم امتلأت عينا الرجل وزوجته بالدموع، ونظرا إلى بعض، وشكرا الله ومن هذه القصة نرى كيف يكون العطاء:
1 – بالمحبة:
أترى كيف كان حب هذا الولد لأمه لا بد أن تكون المحبة هي الدافع الأول وراء صِدق المشاعر التي نُقدِّم بها عبادتنا وعطايانا لله وللآخرين، وكما قال سفر النشيد «إِنْ أَعْطَى الإِنْسَانُ كُلَّ ثَرْوَةِ بَيْتِهِ بَدَلَ الْمَحَبَّةِ، تُحْتَقَرُ احْتِقَارًا» (نش 8: 7) فأنت لا تقدِّم مدفوعًا بشعور الواجب أو الخجل أو الاضطرار، ولا حبًّا في الكرامة والتقدير، أو طلبًا للإعلان أو المديح إنما من قلب فيَّاض بالمحبة.
2 – بسخاء:
طلب الولد الصغير وردة واحدة قيمتها عشرة قروش، فأعطاه البائع اثنتي عشرة وردة من أجمل ما يكون هذا هو العطاء الحقيقي بدون حساب للماديات، لأن الله ينظر ويعرف والكتاب يقول «الْمُعْطِي فَبِسَخَاءٍ» (رو 12: 8) لأننا بذلك نتمثَّل بـ «اللهِ الَّذِي يُعْطِي الْجَمِيعَ بِسَخَاءٍ وَلَا يُعَيِّرُ» (يع 1: 5) والعطاء هذا كالزرع «مَنْ يَزْرَعُ بِالشُّحِّ فَبِالشُّحِّ أَيْضًا يَحْصُدُ» (2كو 9: 6) ولذلك نسميه فيض الحب.
3 – بفرح وسرور:
أترى كيف كان الولد الصغير والبائع سعيدَين بعطائهما يقول الكتاب المقدَّس «الْمُعْطِيَ الْمَسْرُورَ يُحِبُّهُ اللهُ» (2كو 9: 7) والوصية تقول «مَنْ سَخَّرَكَ مِيلًا وَاحِدًا فَاذْهَبْ مَعَهُ اثْنَيْنِ» (مت 5: 41) (والمقصود بالميل الثاني أنك ذهبت راضيًا حرًّا) كلما أعطيت، كلما نِلت فرحًا وسرورًا وسلامًا ولكن عندما تُعطي احرص أن يكون:
1- أفضل ما عندك إن العطاء هو مشاعر قبل أي شيء ومشاعرنا نُعبِّر عنها بأفضل ما عندنا إن هابيل الصدِّيق قدَّم أفضل ما عنده من الذبائح بينما أخوه قايين اختار تقدمة من ثمار الأرض دون أن يدقِّق فيها (تك 4: 4 – 5) إن هذا المبدأ ينطبق في حياتنا العملية بأمثلة كثيرة منها:
اختيار الوقت الأفضل المناسب للصلاة كالصباح الباكر أفضل وقت.
اختيار الذهن النشط المناسب لقراءة الكتاب المقدَّس أفضل تركيز.
تقديم النقود في حالة جيدة، وليس القديم أو المُستهلَك أفضل صورة.
تقديم التسابيح والألحان بأفضل ما عندنا من أنغام وأصوات أفضل نغم.
2- أن تكون في الخفاء وليس هناك أبلغ من قول الكتاب «لَا تُعَرِّفْ شِمَالَكَ مَا تَفْعَلُ يَمِينُكَ» (مت 6: 3)،
ويعتبر هذا مبدأ مشترك في كل أركان العبادة أمَّا إن كان العطاء طلبًا للدعاية أو لنوال مركز أو لمدح الذات، فإنه يفقد قيمته بل ويصير دينونة.
3- أن تكون ذا نفع لمَنْ تُعطَى له فليست العبرة أن تعطي وحسب، إنما حسب احتياج الآخرين لهذا العطاء لا تنسَ هذه الوصية كما توضِّحها الآيات التالية:
«لأَنَّ مِنْكَ الْجَمِيعَ وَمِنْ يَدِكَ أَعْطَيْنَاكَ» (1أي 29: 14) «مَنْ يَرْحَمُ الْفَقِيرَ يُقْرِضُ الرَّبَّ، وَعَنْ مَعْرُوفِهِ يُجَازِيهِ» (أم 19: 17) «هَاتُوا جَمِيعَ الْعُشُورِ … وَجَرِّبُونِي» (ملا 3: 10)«أَعْطُوا تُعْطَوْا» (لو 6: 38) «لِيُعْطِكَ (الرب) حَسَبَ قَلْبِكَ» (مز 20: 4).
تدريب: اقرأ بتأمل المزمور 41.
قداسة البابا تواضروس الثاني
المزيد
13 نوفمبر 2025
نساء فى سفر التكوين صلة وعادة زوجتى لامك
صلة وعادة زوجتى لامك
صلة
المرجع الكتابي :
( تك ٤ : ۱۹ - ۲۳ ) .
معنى الاسم :
صلة اسم عبرى معناه ظل أو ملجأ .
الروابط العائلية :
صلة هي إحدى إمرأتي لامك وولدت توبال قايين الضارب كل آلة من نحاس وحديد، وأخت توبال قايين نعمة وهو اسم سامى معناه ( مسر) فكانت نعمة ابنة صلة أول إبنة ذكر اسمها في الكتاب المقدس .
لا يوجد ذكر الله ولا لأعماله في سجل حياة لامك وعائلته لذلك سمى أولاده بهذه الاسماء توبال قايين ونعمة وهذه علامة إزدياد إنغماس نسل قايين في الشهوات الحسية، والإسراف في وسائل الترف.
إبتدأ الإنسان من هذا العصر الميل للفنون والجمال الجسدي وعشقها ، وانقادت البشرية للشرور والانغماس في الشهوات .
عادة الأولى
المرجع الكتابي :
( تك ٤ : ۱۹ - ۲۳ ) .
معنى الاسم :
عادة اسم سامي معناه ( زينة ) .
هذه السيدة قدمت للبشرية باكورة الفن الموسيقى .
عادة وضرتها صلة أول سيدتين عرفا بالاسم بعد حواء هناك سيدات كثيرات لم يذكر الكتاب المقدس أسماء من مثل زوجة قايين وبنات آدم وحواء .
الروابط العائلية :
عادة إحدى إمرأتي لامك وهو السابع من آدم وقد تزوج بسيدتين عادة وصلة وأنجب من عادة ابنين يابال ويوبال وكان يابال راعياً للغنم وهو أب لرجال الخيام وعشائر البدو أما يوبال فهو أول من أدخل الفن الموسيقى في العالم فهو أب الضاربين بالقيثار والعازفين بالأرغن اليدوى يابال سعى نحو غنى البشر برعاية الغنم، ويوبال قدم للبشرية السرور والفرح والأغاني.
من حياة لامك نتعلم أن :
لامك أول من تزوج بإمرأتين عادة وصلة وأسس في البشرية أول سابقة المبدأ تعدد الزوجات هذا التصرف دليل على تفشى روح العصيان في عائلة لامك لأوامر الله الذي أمر بالزوجة الواحدة فقال لآدم يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بإمرأته و يكون كلاهما جسداً واحداً لامك قتل قايين ولما قتله أنشد أول أنشودة للبشرية فقال لإمرأتيه :
إسمعا قولى يا إمرأتي لامك وأصغيا لكلامي إني قتلت رجلاً لجرحي وفتي لشدخی إنه ينتقم لقايين سبعة أضعاف وأما للامك فسبعة وسبعين .
لامك قتل قايين جده الأكبر بالحراب التي اخترعها ابنه توبال قايين ويعتبر شعره نموذجاً للشعر العبراني والخطاب الذي وجهه لامك لإمرأتيه له تفسيران الأول أنه أقدم على القتل دفاعاً عن النفس، والثاني أنه قتل الذي تصدى له بالآلة التي إخترعها إبنه توبال قايين .
لامك لم يشعر بخطيته التي فعلها وهي خطية القتل بل قال أنه جرح وأظهر إنشراحه لهذا العمل قال مفتخراً مستهتراً إن كان قايين قتل رجلاً وأوصى الله بأن ينتقم له سبعة أضعاف، أما هو فسينتقم الله من قاتله سبعة وسبعين إن أسرة لامك وزوجتيه صلة وعادة تمثل الأسرة البعيدة عن الله، فاهتمامها التسلية بالمسرات والقتل، والإستهزاء بأوامر الله والسخرية من تدبيره .
المتنيح القس يوحنا حنين كاهن كنيسة مارمينا فلمنج
عن كتاب الشخصيات النسائية فى الكتاب المقدس
المزيد
12 نوفمبر 2025
محبة الانتفاع
الذي يريد أن ينتفع، يمكنه أن ينتفع من كل شيء، ومن كل شخص، ومن كل حدث إنه يستخرج الفائدة من كل ما يمر به يستفيد من الصالح ويستفيد أيضًا من الشرير من الشخص الصالح يأخذ قدوة صالحة ويأخذ حبًا ومعاملة طيبة ومن الشخص الشرير يمكنه أن يقتنى فضائل الصبر والاحتمال والمغفرة للمسيئين كما يمكن تعلم الفضيلة من معرفة مضار ومساوئ الرذيلة التي تقابلها قال أحد الحكماء تعلمت الصمت من الثرثار أي أنه من إدراك مساوئ الثرثرة أمكنني أن أعرف مدى فائدة الصمت في اتقاء هذه الأخطاء يمكننا أن نتعلم من أخطائنا ومن أخطاء الآخرين والحكيم يعرف كيف يستفيد من الخطأ فلا يعود يقع فيه مرة أخرى ويأخذ من الأخطاء خبرة في حياته والإنسان الكثير الخبرات هو مصدر من مصادر المنفعة الذي يريد أن ينتفع يمكنه أن ينتفع ليس من الأشخاص الذين يقابلهم فقط بل من الطبيعة أيضًا قال الحكيم تعلم من النملة أيها الكسلان إنه لأمر جميل حقًا أن تكون النملة مصدرًا من مصادر المنفعة بالنسبة إلينا وكما ننتفع من الطبيعة يمكننا الانتفاع من الأحداث سواء الأحداث التي تحدث لنا أو لغيرنا كلها دروس نافعة في الحياة لمن يحب أن يعتبر إن قصة الغنى الغبي كانت درسًا لكثيرين وكل قصص الكتاب أيضًا وأحداثه هي أيضًا دروس كذلك قصص وأحداث التاريخ كما قال الشاعر ومَنْ وَعَى التاريخ في صدره أضاف أعمارًا إلى عمره إن الانتفاع ليس مصدره الوحيد الآباء الروحيين مادام القلب يبحث عن المنفعة فإن الله لا بُد أن يرسل هذه المنفعة بأنواع وطرق شتى.
قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
عن كتاب كلمة منفعة الجزء الثانى
المزيد
11 نوفمبر 2025
لا تعود فاك الحلف (سيراخ23: 9)
الحلف في العهد القديم:-
لقد عالج الله في العهد القديم الأمراض الروحية على قدر ما تسمح به حالتهم الروحية لذلك سمح لشعبه بالقسم في العهد القديم أن يقسموا باسمه هو وليس باسم الآلهة الأخرى الوثنية كدلالة على تمسُك اليهود بالله أمام الشعوب الوثنية التي كانت تحلف بأوثانها فقد خشي الله على شعبه أن يُقسموا بأسماء آلهة أخرى فأوصاهم قائلًا «لاَ تَدْخُلُوا إِلَى هَؤُلاَءِ الشُّعُوبِ أُولَئِكَ الْبَاقِينَ مَعَكُمْ وَلاَ تَذْكُرُوا اسْمَ آلِهَتِهِمْ وَلاَ تَحْلِفُوا بِهَا وَلاَ تَعْبُدُوهَا وَلاَ تَسْجُدُوا لَهَا» (يش23: 7) أعطاهم الرب أن يحلفوا باسمه إعلانًا لاسم إلههم وتمييزًا لهم وأوصاهم أن لا ينطقوا باسم الرب إلههم باطلًا (لا19: 12) وأن لا يحنثوا في أقسامهم بل يوفوا للرب الأقسام ورغم ذلك كان الحلف أمرًا غير مُحبَّب فيقول يشوع بن سيراخ «لا تعوّد فمك الحلفان، ولا تحلف باسم العَلي الرجل الكثير الحلفان يمتلئ إثمًا» (سي23: 9، 12) وقال القديس يوحنا الأسيوطيّ [الحلفان الدائم هو كذب والكلام الخالي من الكذب هو المملوء حقًا].
الحلف في العهد الجديد:-
علّم السيد المسيح في الموعظة على الجبل قائلًا «سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ لاَ تَحْنَثْ بَلْ أَوْفِ لِلرَّبِّ أَقْسَامَكَ وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ لاَ تَحْلِفُوا الْبَتَّةَ » (مت5: 33، 34) فعالج الأمراض الروحية في العهد الجديد من جذورها من منبعها لماذا عدم القسم؟
1– لإننا لا نملك ما نقسم به: الذي يقسم بشيء ينبغي أن يملك ما يقسم به وهذا ما أوضحه السيد المسيح كسبب منع القسم في شريعة العهد الجديد وحيث إن الإنسان لا يملك حياته لأنها مكتسبة وليست ذاتية فالحياة عطية من الله وكذلك لا يملك الإنسان جسده لأن أجسادنا هي «أَعْضَاءَ الْمَسِيحِ» (1كو6: 15) وهكذا لا يحلف «بالسماء لأَنَّهَا كُرْسِيُّ اللهِ وَلاَ بِالأَرْضِ لأَنَّهَا مَوْطِئُ قَدَمَيْهِ وَلاَ بِأُورُشَلِيمَ لأَنَّهَا مَدِينَةُ الْمَلِكِ الْعَظِيمِ وَلاَ تَحْلِفْ بِرَأْسِكَ لأَنَّكَ لاَ تَقْدِرُ أَنْ تَجْعَلَ شَعْرَةً وَاحِدَةً بَيْضَاءَ أَوْ سَوْدَاءَ» (مت5: 34، 36).
2– المسيحي وأمانة الكلمة: أشار السيد المسيح إلى أمانة الكلام قائلًا «لِيَكُنْ كَلاَمُكُمْ نَعَمْ نَعَمْ لاَ لاَ وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ مِنَ الشِّرِّيرِ» (مت5: 37) فمن يتكلم بالصدق يكون قد صنع شيئًا صالحًا لأن "ما زاد عن ذلك فهو من الشرير".
3– المسيحي يقدم شهادة حية عن المسيح فإذا كان السيد المسيح هو الحق فقد قال «أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ» (يو14: 6) وكان يتكلم دائمًا معلنًا الحق«الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ » (يو14: 12) هكذا ونحن في المسيح عرفنا الحق و«أَخَذْنَا مَعْرِفَةَ الْحَقِّ» (عب10: 26) فيجب أن يكون كلامنا صدقًا وحقًا وفي الحق (في المسيح) هكذا تكلم القديس بولس «أَقُولُ الصِّدْقَ فِي الْمَسِيحِ لاَ أَكْذِبُ» (رو9: 1) فالصدق في المسيح يعني أنه علينا أن نسير في طريق الصدق ونمارس الصدق عمليًا وليس مجرد التكلم بالصدق كما يجب أن يكون هذا الصدق مرتبطًا بالمحبة وينمو في كل شيء إلى المسيح الذي هو الرأس الحلف أمام القانون: القانون المصري (مادة 128 من قانون المرافعات) يسمح للإنسان أن يعتذر في المحكمة عن أداء القسم حسبما تكون شريعة دينه يمكنه فقط أن يعطي وعدًا للقاضي أن يقول الحق الحق لا يحتاج إلى حجة تسنده ولا إلى حلف يؤيّده بل على العكس الحلف يحطّ من قدر ناطقه وينال من كرامته وقد قال القديس يوحنا ذهبيّ الفم [إذا شاهدت نفسك أو أحد أولادك أو عبيدك يحلف دائمًا فامنع عنه أو عنك الطعام لأنه متى تأدّب اللسان بالجوع لا يعود يجسر على الحلفان لأن تعب الجوع يجعل الشخص يتوقف عن القَسَم].
القمص بنيامين المحرقي
المزيد