المقالات

12 نوفمبر 2025

محبة الانتفاع

الذي يريد أن ينتفع، يمكنه أن ينتفع من كل شيء، ومن كل شخص، ومن كل حدث إنه يستخرج الفائدة من كل ما يمر به يستفيد من الصالح ويستفيد أيضًا من الشرير من الشخص الصالح يأخذ قدوة صالحة ويأخذ حبًا ومعاملة طيبة ومن الشخص الشرير يمكنه أن يقتنى فضائل الصبر والاحتمال والمغفرة للمسيئين كما يمكن تعلم الفضيلة من معرفة مضار ومساوئ الرذيلة التي تقابلها قال أحد الحكماء تعلمت الصمت من الثرثار أي أنه من إدراك مساوئ الثرثرة أمكنني أن أعرف مدى فائدة الصمت في اتقاء هذه الأخطاء يمكننا أن نتعلم من أخطائنا ومن أخطاء الآخرين والحكيم يعرف كيف يستفيد من الخطأ فلا يعود يقع فيه مرة أخرى ويأخذ من الأخطاء خبرة في حياته والإنسان الكثير الخبرات هو مصدر من مصادر المنفعة الذي يريد أن ينتفع يمكنه أن ينتفع ليس من الأشخاص الذين يقابلهم فقط بل من الطبيعة أيضًا قال الحكيم تعلم من النملة أيها الكسلان إنه لأمر جميل حقًا أن تكون النملة مصدرًا من مصادر المنفعة بالنسبة إلينا وكما ننتفع من الطبيعة يمكننا الانتفاع من الأحداث سواء الأحداث التي تحدث لنا أو لغيرنا كلها دروس نافعة في الحياة لمن يحب أن يعتبر إن قصة الغنى الغبي كانت درسًا لكثيرين وكل قصص الكتاب أيضًا وأحداثه هي أيضًا دروس كذلك قصص وأحداث التاريخ كما قال الشاعر ومَنْ وَعَى التاريخ في صدره أضاف أعمارًا إلى عمره إن الانتفاع ليس مصدره الوحيد الآباء الروحيين مادام القلب يبحث عن المنفعة فإن الله لا بُد أن يرسل هذه المنفعة بأنواع وطرق شتى. قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث عن كتاب كلمة منفعة الجزء الثانى
المزيد
11 نوفمبر 2025

لا تعود فاك الحلف (سيراخ23: 9)

الحلف في العهد القديم:- لقد عالج الله في العهد القديم الأمراض الروحية على قدر ما تسمح به حالتهم الروحية لذلك سمح لشعبه بالقسم في العهد القديم أن يقسموا باسمه هو وليس باسم الآلهة الأخرى الوثنية كدلالة على تمسُك اليهود بالله أمام الشعوب الوثنية التي كانت تحلف بأوثانها فقد خشي الله على شعبه أن يُقسموا بأسماء آلهة أخرى فأوصاهم قائلًا «لاَ تَدْخُلُوا إِلَى هَؤُلاَءِ الشُّعُوبِ أُولَئِكَ الْبَاقِينَ مَعَكُمْ وَلاَ تَذْكُرُوا اسْمَ آلِهَتِهِمْ وَلاَ تَحْلِفُوا بِهَا وَلاَ تَعْبُدُوهَا وَلاَ تَسْجُدُوا لَهَا» (يش23: 7) أعطاهم الرب أن يحلفوا باسمه إعلانًا لاسم إلههم وتمييزًا لهم وأوصاهم أن لا ينطقوا باسم الرب إلههم باطلًا (لا19: 12) وأن لا يحنثوا في أقسامهم بل يوفوا للرب الأقسام ورغم ذلك كان الحلف أمرًا غير مُحبَّب فيقول يشوع بن سيراخ «لا تعوّد فمك الحلفان، ولا تحلف باسم العَلي الرجل الكثير الحلفان يمتلئ إثمًا» (سي23: 9، 12) وقال القديس يوحنا الأسيوطيّ [الحلفان الدائم هو كذب والكلام الخالي من الكذب هو المملوء حقًا]. الحلف في العهد الجديد:- علّم السيد المسيح في الموعظة على الجبل قائلًا «سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ لاَ تَحْنَثْ بَلْ أَوْفِ لِلرَّبِّ أَقْسَامَكَ وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ لاَ تَحْلِفُوا الْبَتَّةَ » (مت5: 33، 34) فعالج الأمراض الروحية في العهد الجديد من جذورها من منبعها لماذا عدم القسم؟ 1– لإننا لا نملك ما نقسم به: الذي يقسم بشيء ينبغي أن يملك ما يقسم به وهذا ما أوضحه السيد المسيح كسبب منع القسم في شريعة العهد الجديد وحيث إن الإنسان لا يملك حياته لأنها مكتسبة وليست ذاتية فالحياة عطية من الله وكذلك لا يملك الإنسان جسده لأن أجسادنا هي «أَعْضَاءَ الْمَسِيحِ» (1كو6: 15) وهكذا لا يحلف «بالسماء لأَنَّهَا كُرْسِيُّ اللهِ وَلاَ بِالأَرْضِ لأَنَّهَا مَوْطِئُ قَدَمَيْهِ وَلاَ بِأُورُشَلِيمَ لأَنَّهَا مَدِينَةُ الْمَلِكِ الْعَظِيمِ وَلاَ تَحْلِفْ بِرَأْسِكَ لأَنَّكَ لاَ تَقْدِرُ أَنْ تَجْعَلَ شَعْرَةً وَاحِدَةً بَيْضَاءَ أَوْ سَوْدَاءَ» (مت5: 34، 36). 2– المسيحي وأمانة الكلمة: أشار السيد المسيح إلى أمانة الكلام قائلًا «لِيَكُنْ كَلاَمُكُمْ نَعَمْ نَعَمْ لاَ لاَ وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ مِنَ الشِّرِّيرِ» (مت5: 37) فمن يتكلم بالصدق يكون قد صنع شيئًا صالحًا لأن "ما زاد عن ذلك فهو من الشرير". 3– المسيحي يقدم شهادة حية عن المسيح فإذا كان السيد المسيح هو الحق فقد قال «أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ» (يو14: 6) وكان يتكلم دائمًا معلنًا الحق«الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ » (يو14: 12) هكذا ونحن في المسيح عرفنا الحق و«أَخَذْنَا مَعْرِفَةَ الْحَقِّ» (عب10: 26) فيجب أن يكون كلامنا صدقًا وحقًا وفي الحق (في المسيح) هكذا تكلم القديس بولس «أَقُولُ الصِّدْقَ فِي الْمَسِيحِ لاَ أَكْذِبُ» (رو9: 1) فالصدق في المسيح يعني أنه علينا أن نسير في طريق الصدق ونمارس الصدق عمليًا وليس مجرد التكلم بالصدق كما يجب أن يكون هذا الصدق مرتبطًا بالمحبة وينمو في كل شيء إلى المسيح الذي هو الرأس الحلف أمام القانون: القانون المصري (مادة 128 من قانون المرافعات) يسمح للإنسان أن يعتذر في المحكمة عن أداء القسم حسبما تكون شريعة دينه يمكنه فقط أن يعطي وعدًا للقاضي أن يقول الحق الحق لا يحتاج إلى حجة تسنده ولا إلى حلف يؤيّده بل على العكس الحلف يحطّ من قدر ناطقه وينال من كرامته وقد قال القديس يوحنا ذهبيّ الفم [إذا شاهدت نفسك أو أحد أولادك أو عبيدك يحلف دائمًا فامنع عنه أو عنك الطعام لأنه متى تأدّب اللسان بالجوع لا يعود يجسر على الحلفان لأن تعب الجوع يجعل الشخص يتوقف عن القَسَم]. القمص بنيامين المحرقي
المزيد
10 نوفمبر 2025

مفهوم القوة

تحدثنا في مقال سابق عن الفرق بين القوة والعنف ورأينا كيف أن العنف هو نوع من الضعف لذلك نريد التعرف على معنى القوة وصورها حتى نكون أقوياء في الحق وفي المعرفة وباقي الفضائل. 1- قوة المحبة: وتقول الحكمة الإلهية «المَحَبَّةَ قَويَّةٌ كالموتِ مياهٌ كثيرَةٌ لا تستَطيعُ أنْ تُطفِئَ المَحَبَّةَ والسُّيولُ لا تغمُرُها» (نش8: 6، 7) والمحبة إيجابيًا تعني حب التعب لأجل الآخر والبذل والتضحية والعطاء حتى النَفْس كما نرى في الشهداء الذين أحبوا الله حتى الموت وكذلك في مَنْ أحبوا الوطن حتى الموت أيضًا والسيد المسيح له المجد أحبنا حتى الموت. ومن الناحية السلبية: فالمحبة تعطي قوة احتمال الأخطاء والصبر على مَنْ يُخطئ لأن المحبة لا تسقط أبدًا (1كو13: 8) بل تحتمل وتصبر وترجو كل شيء لذلك أجمع الآباء على ارتباط الصليب بالمحبة حيث صُلب الابن الكلمة المتجسد ليقدم غفرانًا وحياة لمن أخطأوا وحُكِم عليهم بالموت بسبب الخطية فقدم حياة أبدية لمن يؤمن ويمارس الأسرار المحيية المقدسة وقد احتمل بحبة إنكار بطرس وشك توما وهروب التلاميذ في وقت آلامه لأجل الجميع إنها المحبة القوية التي تُغطّي إساءات البشر وتقدم حُبًّا للأعداء وبركة لمن يلعن كما طلب الرب من مؤمنيه «بارِكوا لاعِنيكُمْ صَلّوا لأجلِ الّذينَ يُسيئونَ إلَيكُمْ ويَطرُدونَكُمْ» (مت5: 43-48). 2- قوة الصلاة بإيمان: فالصلاة الحارة من القلب بقوة إيمان وفي انسحاق قلبي تصعد بسرعة إلى أذن الله فتأتي بثمار الاستجابة كما حدث مع الآباء الرسل إذ حين صلوا تزعزع المكان الذي كانوا مجتمعين فيه وامتلأ الجميع من الروح القدس (أع4: 31) حقًا إن طلبة البار تقتدر كثيرًا في فعلها «كُلُّ شَيءٍ مُستَطاعٌ للمؤمِنِ» (مرقس9: 23) هكذا رأينا في نقل جبل المقطم وقديمًا مع أرملة صرفة صيدا وإيمانها بما قاله إيليا والأمثلة عديدة في الكتاب المقدس مثل نازفة الدم حين لمست هُدب ثوب السيد المسيح وغيرها كثيرون فما أروع صلاة اسطفانوس وهو ينال إكليل الشهادة مما أثّر في شاول الطرسوسي فاستحق أن يرى الرب يسوع في رؤية فريدة كَمَّلَت هذه البداية فصار بولس الرسول أكبر كارز. القوة: هي القدرة على الانتصار ضد أي مقاومة شريرة بالمحبة وبالصلاة القويتين فالانتصار على الحروب الشيطانية ومواصلة الصلوات رغم الحرب لتعطيل المُصلّي عن التسبيح وهذه حرب لإضعاف القُوى الروحية التي تقاوم حرب الخطية ومن هنا كان الثبات المؤدي إلى النصرة يتوقف على قوة الثبات في محبة الله ومحبة الصلاة «كتَبتُ إلَيكُمْ أيُّها الأحداثُ لأنَّكُمْ أقوياءُ وكلِمَةُ اللهِ ثابِتَةٌ فيكُم وقَدْ غَلَبتُمُ الشِّرّيرَ» (1يو2: 14) والغلبة تعكس قدرة خاصة على الجهاد الروحي ضد الخطية «لَمْ تُقاوِموا بَعدُ حتَّى الدَّمِ مُجاهِدينَ ضِدَّ الخَطيَّةِ» (عب12: 4) وهذا ما حدث مع يوسف الصديق الذي يُعتبر عنوان القوة المنتصرة على الشر(تك39)هكذا ينبغي أن يكون أولاد الله منتصرين أقوياء النفس بدون قلق ولا اضطراب ولا خوف بل يكونوا كالجبال الشامخة أمام الضغوط «لأنَّ اللهَ لَمْ يُعطِنا روحَ الفَشَلِ بل روحَ القوَّةِ» (1تي4: 7) لذلك لا نفشل. نيافة الحبر الجليل الأنبا بنيامين مطران المنوفية وتوابعها
المزيد
09 نوفمبر 2025

الأحد الخامس شهر بابه يو 6 : 5 - ۱4

" فَرَفَعَ يَسُوعُ عَيْنَيْهِ وَنَظَرَ أَنَّ جَمْعًا كَثِيرًا مُقْبِلٌ إِلَيْهِ، فَقَالَ لِفِيلُبُّسَ مِنْ أَيْنَ نَبْتَاعُ خُبْزًا لِيَأْكُلَ هؤُلاَءِ؟ وَإِنَّمَا قَالَ هذَا لِيَمْتَحِنَهُ، لأَنَّهُ هُوَ عَلِمَ مَا هُوَ مُزْمِعٌ أَنْ يَفْعَلَ أَجَابَهُ فِيلُبُّسُ لاَ يَكْفِيهِمْ خُبْزٌ بِمِئَتَيْ دِينَارٍ لِيَأْخُذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ شَيْئًا يَسِيرًا قَالَ لَهُ وَاحِدٌ مِنْ تَلاَمِيذِهِ،وَهُوَ أَنْدَرَاوُسُ أَخُو سِمْعَانَ بُطْرُسَ هُنَا غُلاَمٌ مَعَهُ خَمْسَةُ أَرْغِفَةِ شَعِيرٍ وَسَمَكَتَانِ، وَلكِنْ مَا هذَا لِمِثْلِ هؤُلاَءِ؟ فَقَالَ يَسُوعُ اجْعَلُوا النَّاسَ يَتَّكِئُونَ وَكَانَ فِي الْمَكَانِ عُشْبٌ كَثِيرٌ، فَاتَّكَأَ الرِّجَالُ وَعَدَدُهُمْ نَحْوُ خَمْسَةِ آلاَفٍ وَأَخَذَ يَسُوعُ الأَرْغِفَةَ وَشَكَرَ، وَوَزَّعَ عَلَى التَّلاَمِيذِ، وَالتَّلاَمِيذُ أَعْطَوُا الْمُتَّكِئِينَ. وَكَذلِكَ مِنَ السَّمَكَتَيْنِ بِقَدْرِ مَا شَاءُوا فَلَمَّا شَبِعُوا، قَالَ لِتَلاَمِيذِهِ اجْمَعُوا الْكِسَرَ الْفَاضِلَةَ لِكَيْ لاَ يَضِيعَ شَيْءٌ فَجَمَعُوا وَمَلأُوا اثْنَتَيْ عَشْرَةَ قُفَّةً مِنَ الْكِسَرِ، مِنْ خَمْسَةِ أَرْغِفَةِ الشَّعِيرِ، الَّتِي فَضَلَتْ عَنِ الآكِلِينَ فَلَمَّا رَأَى النَّاسُ الآيَةَ الَّتِي صَنَعَهَا يَسُوعُ قَالُوا إِنَّ هذَا هُوَ بِالْحَقِيقَةِ النَّبِيُّ الآتِي إِلَى الْعَالَمِ!" "فرفع يسوع عينيه،ونظر أن جمعًا كثيرًا مقبل إليه،فقال لفيلبس من أين نبتاع خبزًا ليأكل هؤلاء؟" [5] رفع يسوع عينيه ورأى الجمهور الضخم من الطبقة العامة الفقيرة، نفوسهم في عينيه ثمينة جدًا كنفوس الأغنياء بلا تمييز يهتم السيد باحتياجاتهم الروحية كما الجسدية أيضًا لذلك سأل فيلبس "من أين نبتاع خبزًا ليأكل هؤلاء؟" فقد كان يهوذا هو أمين الصندوق، وكان فليبس هو المسئول عن تدبير الطعام اليومي للتلاميذ هذا يظهر أنه لم يجلس قط في أي وقت في خمول مع تلاميذه، وإنما يدخل معهم في حوار، ويجعلهم ينصتون إليه ويتجهون نحوه، الأمر الذي يشير على وجه الخصوص إلى عنايته الحانية وتواضعه وتنازله في سلوكه معهم. لقد جلسوا معه وربما كل ينظر الواحد إلى الآخر، وإذ رفع عينيه شاهد الجماهير قادمة إليه القديس يوحنا الذهبي الفم رفع المسيح عينيه ليعلن أن الذين يحبونه يتأهلون للنظرة الإلهية وكما قيل لإسرائيل في البركة "يرفع الرب وجهه عليك، ويمنحك سلامًا" (عد 6: 26) القديس كيرلس الكبيرأعطى يسوع للبعض خبزًا من الشعير لئلا يخوروا في الطريق، ومنح سرّ جسده للآخرين (مت 26: 26) لكي يجاهدوا من أجل الملكوت القديس أمبروسيوس يقارن القديس يوحنا الذهبي الفم بين ما فعله الله مع موسى النبي وما فعله السيد المسيح مع فيلبس ففي القديم سأل الله موسى عما في يده،وإذا به يخبره أنها عصا لا حول لها ولا قوة فتصير عصا لله التي يصنع بها عجائب وها هنا يسأل السيد المسيح فيلبس عن إمكانياته وهو والتلاميذ لإشباع الجموع فكادت تكون لا شيء سوى خمسة أرغفة شعير وسمكتان لدي غلام استخدمها السيد لإشباع هذه الألوف مع فيض من الكسر من أجل محبته للإنسان يود الله أن يدخل دومًا في حوار معه،ويسأله عن إمكانياته لكي يقدم الله من جانبه إمكانياته الإلهية القديرة خلال عجزنا وضعف إمكانياتنا. "وإنما قال هذا ليمتحنه،لأنه هو علم ما هو مزمع أن يفعل". [6] قال السيد المسيح ذلك لكي يختبر إيمانه،ولكي يجتذب قلبه وقلوب إخوته نحو عمله الإلهي هذا وقد كان فيلبس من بيت صيدا في منطقة مجاورة للموضع على إلمام بإمكانيات الموضع وربما يعرف الكثيرين في ذلك الموضع سأل فيلبس ليس لأن السيد المسيح لا يعرف الإجابة، وإنما لكي يتعرف فيلبس على بلادة إيمانه. "أجابه فيلبس لا يكفيهم خبز بمأتي دينارليأخذ كل واحدٍ منهم شيئًا يسيرًا". [7] كان الدينار هو الأجرة اليومية العادية للشخص كأن الرسول فيلبس يقول للسيد المسيح أنه لا مجال لمناقشة هذا الأمر، فمن جهة لا توجد إمكانيات في الموضع لإشباع هذه الجماهير، وإن وُجدت الإمكانيات العينية فمن أين لنا أن نشتري هذا فإننا نحتاج إلى 200 دينارًا؟ "قال له واحد من تلاميذه وهو أندراوس أخو سمعان بطرس". [8] مع أن أندراوس أكبر من سمعان بطرس، وهو الذي دعا أخاه ليتبع المسيح، لكن سرعان ما لمع نجم بطرس حتى صار أندراوس يُعرف بأنه أخ بطرس، أي يُنسب إليه لكي يعرفه القارئ كان أندراوس أسمى من فيلبس لكنه لم يبلغ إلى النهاية. ما نطق به ليس مصادفة بل سمع عن معجزات الأنبياء وكيف صنع أليشع آية بالخبزات (2 مل 4: 43)، ولهذا فقد ارتفع إلى علو معين، لكنه لم يبلغ إلى القمة ذاتها القديس يوحنا الذهبي الفم "هنا غلام معه خمسة أرغفة شعير وسمكتان،ولكن ما هذا لمثل هؤلاء؟" [9] عُرِفَت كنعان بأنها أرض الحنطة (تث 8: 8) اعتاد سكانها أن يأكلوا الحنطة الفاخرة (مز 81: 16) لكن يسوع المسيح سرّ بالخبزات التي من الشعير فلم يحتقرها بل شكر ووزع خلال تلاميذه ليجد الكل شبعًا في ضعف إيمان قال فيلبس: "ولكن ما هذا لمثل هؤلاء؟" [9]. لم يدرك أن يسوع هو الذي أشبع محلة إسرائيل كلها في البرية بالمن النازل من السماء، فهل يصعب عليه أن يشبع ألف عائلة بخبزة شعير؟ يرى القديس أغسطينوس أن الأرغفة الخمسة من الشعير تشير إلى العهد القديم الذي يضم أسفار موسى الخمسة. وهي من الشعير، لأن قشرة الشعير جامدة ويصعب نزعها، كالعهد القديم حين كان اليهود يمارسونه بالحرف، ويستصعبون إدراكه بالروح. أما الغلام فيشير إلى شعب إسرائيل القديم الذي سلك في الروحيات كغلام صغير بلا نضوج، وأما السمكتان فتشيران إلى الشخصيتان الرئيسيتان في العهد القديم، وهما النبي والملك أو الحاكم. كان الغلام يحمل هذا دون أن يأكل منه لقد قُدمت الخبزات والسمكتان لذاك الذي وحده يعطي العهد القديم فهما روحيًا جديدًا. [بعد طول زمانٍ جاء بنفسه في سرّ، هذا الذي عُني به خلال هؤلاء الأشخاص. جاء بعد زمن طويل ذاك الذي يشار إليه بالشعير، ولكنه كان مخفيًا بالقشرة. جاء الشخص الواحد يحمل الشخصيتين للكاهن والحاكم. إنه الكاهن إذ يقدم نفسه للَّه ذبيحة من أجلنا، وهو الحاكم إذ يملك علينا. هذه الأمور التي كانت مغطّاة الآن تُكشف. شكرًا له، فقد حقق بنفسه ما ورد في العهد القديم. أمر بكسر الخبزات، وبكسرها تضاعفت وكثرت. ليس حق أفضل من هذا، أنه إذ تُفسر أسفار موسى الخمسة كم من الأسفار تُكسر وكأنها قد صارت مفتوحة ومحمولة؟ هكذا يشير الغلام إلى الشعب اليهودي الذي كان كطفلٍ في معرفته وفهمه للناموس. كانوا يتمسكون بالحرف دون إدراك للروح. وكانت الخبزات الخمس تشير إلى كتب موسى التي متى وضعت في يدي المسيح تفيض علينا بالفهم الروحي المشبع للنفس، وتقوت قلوبنا بخبز الحياة. أما السمكتان فتشيران إلى المزامير والأنبياء. بالمزامير يعلن المؤمنون شكرهم وتسابيحهم لعمل الله الخلاصي، وخلال الأنبياء يتعرفون على سرّ المسيح مشبع كنيسته بحضرته، واتحادها معه، وثبوتها فيه وهو فيها. وقد تم ذلك بعد عبور بحر طبرية، أي يتحقق خلال مياه المعمودية جاءت الكلمة اليونانية ὀψάρια للسمكتين وهو الاسم المُسْتَخْدَمَ حاليًا في مصر باللغة الدارجة"بساريا" يترجمها البعض سمكتين صغيرتين. ويرى كثير من الدارسين أن السمكتين كانتا مملحتين، ولا يزال الأقباط يأكلون سمكًا مملحًا في يوم شم النسيم swm `nnicim، في اليوم التالي لعيد القيامة المجيد الخمسة أرغفة تعني أسفار موسى الخمسة التي للناموس. فالناموس القديم هو من الشعير متى قورن بحنطة الإنجيل. في هذه الأسفار توجد أسرار عظيمة عن المسيح. لذلك قال بنفسه: "لو كنتم تصدقون موسى لكنتم تصدقونني، لأنه هو كتب عني" (يو 5: 46) ولكن كما أنه في الشعير يختفي لُبه في قشرته (القش) هكذا في حجاب إسرار الناموس يختفي المسيح وكما أن هذه الأسرار تصير في تقدم وتُكشف، هكذا هذه الخبزات تتزايد عندما تُكسر في هذا الذي أشرحه لكم أكسر لكم خبزًا الخمسة آلاف رجلًا يشيرون إلى الشعب الخاضع لأسفار الناموس الخمسة. الإثنا عشر قفة هم الإثنا عشر تلميذًا الذين هم أنفسهم امتلأوا بكسر الناموس. السمكتان هما وصيتا حب الله وقريبنا، أو هما الشعبان: أهل الختان والغرلة، أو الشخصيتان للملك والكاهن. إذ تُشرح هذه الأمور، تُكسر، عندما يفهمها الآكلون القديس أغسطينوس يشير بالأرغفة الخمسة إلى كتاب الحكيم جدًا موسى ذي الأسفار الخمسة، أعني الناموس كله الذي كان بمثابة الطعام الأغلظ، أي بالحرف والتاريخ، لأن هذا ما يلمح إليه لفظ "شعير" لكنه يشير بالسمكتين إلى ذلك الطعام الضئيل الذي حصلنا عليه بواسطة الصيادين، إشارة إلى الكتب الشهية جدًا التي لتلاميذ المخلص. وهما اثنتان، إشارة إلى الكرازة الرسولية الإنجيلية التي أشرقت في وسطنا. وكلاهما مخطوطات الصيادين وكتاباتهم الروحية. هكذا يخلط المخلص الجديد بالقديم، والناموس بتعاليم العهد الجديد، فيقود نفوس المؤمنين به إلى الحياة التي هي بلا شك أبدية القديس كيرلس الكبير إذ يشير القديس كيرلس الكبير إلى عدم الإيمان فيلبس يحذرنا من عدم الإيمان الذي بسببه حُرم موسى وهرون من أن يقودا الشعب إلى الأرض الموعد حين تشككا في إمكانية صدور ماءٍ من الصخرة. يقول: [من ينجو بسبب عدم إيمانه من غضب الله، هذا الذي لا يحابي أحدًا، إذ لم يشفق حتى على موسى الذي قال له: "عرفتك أكثر من الجميع، ووجدت نعمة في عيني" (خر 23: 12) ] تحول عدم إيمانهم إلى شهادة حسنة للمسيح. لأنهم باعترافهم أن مبلغا كبيرًا كهذا المال لن يكفي الجموع ولو لشراء زادٍ طفيف، بهذا ذاته يكللون قدرة رب الجنود التي لا يُنطق بها، هذا الذي عندما لم يتوفر شيء... تمم عمل محبته نحو الجموع بغنى فائق القديس كيرلس الكبير ربما يتساءل البعض: ألم يكن ممكنًا للسيد المسيح أن يشبع الجموع دون استخدام السمكتين والخمس خبزات؟ يرى كثير من الآباء أن السيد استخدم هذه الأمور لكي لا يظن أحدا أن الخليقة المادية نجاسة، وأنها غير صالحة، كما ادعى الغنوصيون خاصة في القرن الثاني الميلادي. إنه يقدس ما خلقه سواء القمح أو الشعير أو السمك أو الكروم ويستخدم هذه الأمور في صنع عجائبه بمباركته إياها أعتقد (أندراوس) أن صانع العجائب يقدم القليل من القليل، والكثير مما هو كثير. لكن الأمر على خلاف ذلك، فإنه يسهل على السيد في الحالتين أن يجعل الخبز يفيض سواء من الكثير أو من القليل، إذ لا يحتاج إلى مادة (ليفيض منه الخبز) ولكن لئلا يظن أن الخليقة غريبة عن حكمته كما ادعى بعد ذلك المفترون الذين تأثروا بمرض مرقيون (الذي يظن أن المادة دنس والخليقة المادية نجسة لا تليق بالله)، لهذا استخدم السيد الخليقة نفسها (الخبز والسمك) كأساس لعمل عجائبه القديس يوحنا الذهبي الفم يرى القديس جيروم أن السيد المسيح قدم للجماهير تارة خبزًا من الحنطة وأخرى من الشعير (مت 15:14-21؛ 32:15-38). كل من الحنطة والشعير خليقة اللَّه، بها تشبع الجماهير. وإذ كان الشعير في ذلك الحين طعام الحيوانات، لذا جاء في المزمور: "أنت يا رب تخلص الإنسان والحيوان" (مز 7:36). فهو يُشبع الروحيين، وأيضًا الذين تحت ضعف الجسد. ويبرر بهذا القديس جيروم حديثه عن البتولية أنها كالذهب، والزواج كالفضة، وكلاهما معدنان لهما قيمتهما. "فقال يسوع اجعلوا الناس يتكئون،وكان في المكان عشب كثير،فاتكأ الرجال وعددهم نحو خمسة آلاف". [10] طلب السيد المسيح من تلاميذه أن يتكئوا الناس على العشب ليستعدوا للطعام قبل أن يقدم لهم الطعام، أو يروي لهم ما سيفعله. لقد طلب الطاعة المرتبطة بالإيمان ليقفوا ويروا خلاص الله العجيب يشير العشب الكثير إلى الجسد (إش 50: 6)، أو الشهوات الجسدية. فإنه لا يستطيع أحد أن يشبع بالقوت الروحي ما لم يُخضع شهواته الجسدية تحته، أو يطأها بقدميه. إذ اتكأ الرجال الخمسمائة على العشب تمتعوا بالطعام الروحي المقدم لهم من السيد المسيح نفسه خلال تلاميذه كان من عادة اليهود أن يحصوا الرجال وحدهم من سن العشرين فما فوق دون النساء والأطفال أو الصبيان رقم 5 يشير إلى حواس المؤمنين الخمس وقد سمت لتصير سماوية حيث رقم 1000 يشير في الكتاب المقدس إلى الحياة السماوية. لذلك اتكأ الرجال وكان عددهم خمسة آلاف، إذ لم يكن ممكنًا للمؤمنين أن يتمتعوا بالشبع الروحي وفهم الناموس روحيًا ما لم يحملوا سمات النضوج الروحي (رجالًا)، وتتقدس حواسهم الخمس لتحمل سمات سماوية. لذلك فالمؤمن رمزه 5000 (خمس حواس × حياة سماوية "1000" = 5000). أما جلوسهم على الشعب فيحمل رمز خضوع الجسد للنفس المقدسة للرب. فمن يطأ الزمنيات، ولا يرتبك بها، تنفتح طاقات السماء لتقدس كل حواسه وطاقاته وكيانه الداخلي، وتشبعها بالحكمة كما من مائدة إلهية غنية تجاوز تمامًا عن الإناث والأطفال وأحصى الجموع من البالغين، لأنه مكرَّم في كتاب الله كل من هو رجل يافع، وليس من هو طفولي في طلب الصالحات الذين يسلكون كرجال في الصلاح يُعطون الطعام بواسطة المخلص على وجه الخصوص، وليس للذين هم مخنثين ولا يمارسون الصلاح في حياتهم، ولا للذين هم أطفال في الفهم، العاجزين عن إدراك أي أمر ضروري معرفته القديس كيرلس الكبير بهذا القول أنهض المسيح تمييز تلاميذه وأطاعوه في الحال، ولم يضطربوا، ولا قالوا ما هو هذا، كيف يأمرنا أن نتكئ الجموع ولم يظهر شيئًا في الوسط؟ بهذا ابتدأوا بالإيمان قبل نظرهم إلى المعجزة القديس يوحنا الذهبي الفم "وأخذ يسوع الأرغفة وشكر ووزع على التلاميذ،والتلاميذ أعطوا المتكئين،وكذلك من السمكتين بقدر ما شاءوا". [11] يعلمنا السيد أن نقدم الشكر لله على كل بركاته الروحية والجسدية، فإن ما لدينا هو عطية مجانية من عنده. وكما يقول الرسول بولس "لأن كل خليقة الله جيدة، ولا يُرفض شيء إذ أُخذ مع الشكر، لأنه يقدس بكلمة الله والصلاة" (1 تي 4: 4-5) إن كانت الجماهير قد قبلت الخبز من أيدي التلاميذ إلاَّ أن العطية في حقيقتها هي من يدي السيد المسيح نفسه هكذا يليق بالمؤمن أن يدرك أن كل ما يناله هو من الرب نفسه، وإن جاءت بوسيلة أو أخرى صلى لأن الحاضرين كانوا جمعًا عظيمًا ووجب أن يتحقق عندهم أنه جاء إليهم برأي الله، وحتى يصيرهم موقنين أنه ليس ضد الله ولا معاندًا لأبيه القديس يوحنا الذهبي الفم قبل أن يوزع السيد المسيح الخبز والسمكتان على تلاميذه شكر حتى يعلن فرحه بكل عطية سماوية يقدمها للبشر كي يشبعوا ويغتنوا، أيضًا لكي يدربنا على حياة الشكرعهد السيد المسيح بالطعام للتلاميذ، والتلاميذ قدموه للمتكئين، أي الجمهور. إنه بيديه يقدم لنا الفهم الروحي للناموس والمزامير والأنبياء، ولكن خلال تلاميذه ورسله أو الكنيسة المقدسة. "فلما شبعوا قال لتلاميذه اجمعوا الكسر الفاضلة لكي لا يضيع شيء". [12] يلتزم المؤمن بجمع الكسر، فلا يبدد الموارد، لأنها عطية إلهية ووزنة يلزمنا أن نكون أمناء فيها مهما بدت تافهة، ولو كانت كسرة خبز من الشعير. كان اليهود يتطلعون إلى الخبز بكونه الطعام الرئيسي يمثل بركة من الرب، لذا يحرصون ألا يسقط فتات خبز على الأرض ولا يطأ أحد بقدميه على فتات الخبز. إلى الآن في صعيد مصر يحمل الناس هذا الاتجاه فيحسبون من يطأ بقدميه على فتات خبز كمن يسيء إلى بركة الرب وعطاياه. جاء في أمثال اليهود: "من يحتقر خبزًا يسقط في أعماق الفقر" إن كان الرب يهتم بكسر الخبز الذي من الشعير، فكم بالأولى لنا أن نحرص على ألا نفقد كلمة الرب أو نفسد وقتنا؟ وضع اليهود لأنفسهم قانونًا أن يتركوا كسرة خبز بعد الطعام إشارة إلى أن البركة قائمة في البيت أما الأشرار فلا يبقون شيئًا على المائدة إشارة إلى نزع البركة عنهم "ليست من أكله بقية، لأجل ذلك لا يدوم خيره" (أي 20: 21) إن كسرت الخمس خبزات لن تملأ اثنتي عشرة قفة، فكيف ما تبقي منها يملأها؟ لم يكن ممكنًا لكائنٍ ما أن يدرك كيف يجمعون كسرًا من الخمس خبزات التي قُسمت على هذه الآلاف من البشر بعد أن شبعوا. هكذا إذ يقدم لنا السيد المسيح طعامًا روحيًا يشبع أعماقنا وتفيض يشبع آخرون من الكسر المتبقية والتي تفوق أحيانا ما قد نلناه جاء هذا الأمر الإلهي الخاص بجمع الفضلات يكشف عن أهمية الإيمان بإله المستحيلات الذي يهب بسخاء، فيشبع النفوس لتفيض بالخيرات والفرح، على خلاف الانحباس في الأرقام والحسابات البشرية مع عدم الإيمان والتي تسبب جفافًا وحرمانًا داخليًا يدعونا السيد لكي نتقبل من يديه حياة أفضل وشبعًا يفيض، فنترنم قائلين: "تعرفني سبل الحياة، أمامك شبع سرور، وفي يمينك نعم إلى الأبد" (مز 16: 11) بجمع الكِسَرْ يتأكد الإيمان بأنه كانت هناك وفرة من الطعام حقًا، ولم يكن الأمر فيه خداع لنظر المشتركين في الوليمة لا يخيب الله من يستعد للتوزيع؛ ويتهلل بمسلك المحبة الأخوية... إذ ننفق قليلًا لأجل مجد الله ننال نعمة أوفر، كقول المسيح: "كيلًا جيدًا ملبدًا مهزوزًا فائضًا يعطون في أحضانكم" (لو 6: 38)... يقول الله: "افتح أحشاءك بسعة لأخيك المحتاج الذي معك" (انظر تث 5: 11)القديس كيرلس الكبير يرى القديس كيرلس الإسكندري أن السيد المسيح سمح بامتلاء اثنتي عشرة سلة، لكل تلميذ سلة. وكأن من يتعب في تقديم كلمة الله، الطعام الروحي، للشعب فسينال بسخاء ملء النعمة الإلهية كان يرغب أنه يعلم تلاميذه الذين كانوا معدين ليكونوا معلمين للعالم ربما لم تحصد الجموع أية ثمار من المعجزة (إذ للحال نسوا المعجزة وسألوا معجزة أخرى) بينما هؤلاء التلاميذ اقتنوا نفعًا ليس عامًا إني مندهش من دقة الفائض. الكسر الباقية تحمل النقاط التالية: أن ما حدث لم يكن تخيلًا، وأنها كسر من الخبزات التي اقتاتت بها الجموع. أما بالنسبة للسمك فقد جاء عن مادة كانت موجودة فعلًا (أي كان السمك لدى الغلام) ولكن في فترة لاحقة، بعد القيامة وُجد سمك ليس من مادة موجودة (حيث وجدوا سمكًا مشويًا قبل إخراج السمك من الشبكة ( يو 9:21)القديس يوحنا الذهبي الفم "فجمعوا وملأوا اثنتي عشرة قفة من الكسر،من خمسة أرغفة الشعير التي فضلت عن الآكلين". [13] يشير جمع الكسر التي تملأ 12 سلة إلى الالتزام بالشهادة للثالوث القدوس في كل العالم، أي في المشارق والمغارب والشمال والجنوب (3×4=12) لذلك كان عدد أسباط بني إسرائيل 12 وعدد التلاميذ12 وجاءت الكسر 12 قفة وكأنه يليق بالشعب الذي يتمتع بالطعام الروحي من يد الآب خلال كنيسته أن يقدم فضلاته التي تشبع المسكونة كلها لتجذب غير المؤمنين إلى ملكوت الله. "فلما رأى الناس الآية التي صنعها يسوع،قالوا إن هذا هو بالحقيقة النبي الآتي إلى العالم". [14] واضح من هذا أنه حتى عامة الشعب كانوا يترقبون مجيء المسيا إلى العالم. لقد احتقر الفريسيون عامة الشعب، ناظرين إليهم أنهم بلا معرفة، ولم يدركوا أن العامة ببساطتهم عرفوا ما لم يستطع الفريسيون بعلمهم ومعرفتهم أن يبلغوا إليه. لقد أدرك العامة أنه قد جاء النبي الذي وعد به الله شعبه خلال موسى النبي (تث 18: 15) اقترب العامة من ملكوت السماوات يقارن القديس كيرلس الكبير بين رد فعل اليهود إذ أرادوا رحمة عندما شفى مرضى، أما هنا الذين هم خارج اليهودية، فقد قالوا "بالحقيقة النبي الآتي إلى العالم" أولئك رأوا معجزات كثيرة لكنهم كانوا قساة قلوب غير مؤمنين، بينما هؤلاء شاهدوا معجزة واحدة فمجدوه [قد حان الوقت أن ينال الأمم أخيرًا نصيبًا من الرحمة من فوق، ونصيبًا من المحبة بالمسيح]. القمص تادرس يعقوب ملطي كاهن كنيسة مارجرجس سبورتنج
المزيد
08 نوفمبر 2025

سَمَّر خُوفَك فِي لَحْمِي

يَقُول المَزْمُور ﴿ سَمَّر خُوفَك فِي لَحْمِي لأِنِّي مِنْ أحْكَامَك جَزَعْت ﴾ ( مز 118 مِنْ الخِدْمَة الأُولَى مِنْ صَلاَة نِصْف اللِّيل – القِطْعَة 15) ثَبِّتْ خُوفَك بِمَسَامِير فِي لَحْمِي الإِنْسَان مِحْتَاجٌ أنْ يَعِيش خُوف الله فِي حَيَاتُه لأِنَّ الإِنْسَان عِنْدَمَا يَحْيَا المَخَافَة يَعْتَقُه الله مِنْ أُمور كَثِيرَة عِنْدَمَا يَعِيش الإِنْسَان المَخَافَة يَجِدٌ فَوَاصِل كَثِيرَة بَيْنُه وَبَيْنَ الخَطِيَّة عِنْدَمَا تَكُون المَخَافَة أمَام عَيْنِيّ الإِنْسَان سَيُفَكِّر ألْف مَرَّة قَبْل أنْ يَسْقُط أوْ يَفْعَل أي أمر أحْيَاناً نَسْتَغِل حَنَان الله وَطِيبْتُه وَأنَّهُ مِنْتِظِرْنَا وَيُرِيدْ رُجُوعْنَا وَيَقْبَلْنَا وَسَيَقْبَلْنَا وَلأِنَّنَا لاَ نَرَى فِي الله سِوَى حَنَانُه إِتَّكَلْنَا عَلَى ذلِك فَصِرْنَا نَفْعَل أي شِئ تَحْت هذَا البَنْد هَلْ لأِنَّهُ طَيِّبْ نَتَمَادَى ؟ هَلْ لأِنَّهُ طَيِّبْ نَحْيَا الإِسْتِهَانَة ؟ لاَ لاَبُدْ أنْ نَتَعَامَل مَعَ الله بِمَا يَلِيقٌ بِحُبُّه وَأيْضاً بِمَا يَلِيقٌ بِمَخَافَتُه مُعَلِّمْنَا بُولِس الرَّسُول يَضَعْ فِي رِسَالَتُه إِلَى رُومْيَة قَانُون جَمِيل هُوَ ﴿ فَهُوَذَا لُطْفُ اللهِ وَصَرَامَتُهُ أَمَّا الصَّرَامَةُ فَعَلَى الَّذِينَ سَقَطُوا وَأَمَّا اللُّطْفُ فَلَكَ إِنْ ثَبَتَّ فِي اللُّطْفِ وَإِلاَّ فَأَنْتَ أَيْضاً سَتُقْطَعُ ﴾ ( رو 11 : 22 ) الله صَارِم وَلَطِيفْ الإِثْنَان مَعاً لِذلِك الله يُرِيدَك أنْ تَتَعَامَل مَعَهُ بِحُبُّه وَفِي نَفْس الوَقْت بِمَخَافَة مُشْكِلِة الإِنْسَان عِنْدَمَا يَسْتَهْتَر وَيَسْتَهْتَر وَعِنْدَمَا يَفْعَل الخَطِيَّة يَتَمَادَى وَلاَ يَشْعُر بِهَا حَتَّى أنَّ أَيُّوب الصِّدِّيق يَقُول ﴿ الشَّارِبُ الإِثْمَ كَالْمَاءِ ﴾ ( أي 15 : 16)هَلْ يَشْرَب الإِنْسَان المَاء وَتَعَبْ مِنُّه ؟ أي يَفْعَلُون الخَطِيَّة دُونَ أنْ يَدْرُوا أي مُمْكِنْ إِنْسَان يِكْذِب عَادِي قَدْ يِشْتِهِي مَا لِغِيرُه عَادِي يَفْعَل خَطَايَا ضِدٌ جَسَدُه عَادِي يَسْتَهْتَر بِالكِنِيسَة عَادِي يُوْم مَعَ يُوْم صَارَ الأمر سُلُوك فِي الكِنِيسَة الأُولَى كَانَتْ لَهَا قَوَانِينْ مُخِيفَة .. مُجَرَّدٌ أنْ يَضْحَك إِنْسَان فِي الكِنِيسَة يُبْعَدٌ عَنْهَا سَنَة الَّذِي يَسْعَل يَبْصِقٌ أوْ يَعْطَس يُبْعَدٌ سَنَة قَدْ تَقُول أنَّ بِهَا تَشَدُّدٌ زَائِدْ لكِنْ هَلْ تَصِل إِلَى دَرَجِة أنَّ الَّذِي يَسْعَل يُطْرَدٌ خَارِجاً ؟ أمَّا نَحْنُ فَنَمْزَحٌ دَاخِل الكَنِيسَة مَا مَعْنَى هذَا ؟ مَعْنَاه أنَّ المَخَافَة تَقِلْ لأِنَّ الله طَيِّبْ وَحَنُون وَ نَحْنُ لَمْ نَأتِ اليُّوم لِنَجْعَلْكُمْ تَتَعَامَلُون مَعَ الله الغِير طَيِّبْ الصَّارِم لاَ الله حَنُون وَطَيِّبْ جِدّاً جِدّاً جِدّاً لكِنَّهُ أيْضاً صَارِم لِذلِك يَقُول فِي سِفْر مَلاَخِي ﴿ إِنْ كُنْتُ أَنَا أَباً فَأَيْنَ كَرَامَتِي وَإِنْ كُنْتُ سَيِّداً فَأَيْنَ هَيْبَتِي ﴾ ( ملا 1 : 6 ) نَعَمْ أنْتَ تُحِبِّنِي لكِنْ لاَبُدْ أنْ تَكُون لِي كَرَامَة لِذلِك يَقُول مُعَلِّمْنَا مَارِبُطْرُس الرَّسُول ﴿ سِيرُوا زَمَانَ غُرْبَتِكُمْ بِخَوْفٍ ﴾ ( 1بط 1 : 17) أي تُوْجَدٌ مَخَافَة أيْضاً فِي رِسَالِة بُولِس الرَّسُول إِلَى أهْل فِيلِبِّي ﴿ تَمِّمُوا خَلاَصَكُمْ بِخَوْفٍ وَرِعْدَةٍ ﴾ ( في 2 : 12) وَرَبَّنَا يَسُوع لَهُ المَجْد يَقُول ﴿ لاَ تَخَافُوا مِنَ الَّذِينَ يَقْتُلُونَ الْجَسَدَ وَبَعْدَ ذلِكَ لَيْسَ لَهُمْ مَا يَفْعَلُونَ أَكْثَرَ بَلْ أُرِيكُمْ مِمَّنْ تَخَافُونَ ﴾( لو 12 : 4 – 5 ) أي تُوْجَدٌ مَخَافَة يُوْجَدٌ شِئ تَخَافْ مِنْهُ ﴿ خَافُوا مِنَ الَّذِي بَعْدَ مَا يَقْتُلُ لَهُ سُلْطَانٌ أَنْ يُلْقِيَ فِي جَهَنَّمَ ﴾ ( لو 12 : 5 ) إِذاً يُوْجَدٌ شِئ إِسْمُه مَخَافِة رَبِّنَا يَسُوع يِكَلِّمْنَا عَنْهَا فِي رِسَالِة يَهُوذَا يِقُول ﴿ خَلِّصُوا الْبَعْضَ بِالْخَوْفِ ﴾ ( يه 23 ) أي كَلِّمُوا بَعْضَكُمْ عَنْ المَخَافَة سَمَّر خُوفَك فِي لَحْمِي لاَبُدْ أنْ تُوْجَدٌ مَخَافَة نَقُول مَثَلاً دَخَل طِفْل مَعَ أبِيهِ الكِنِيسَة وَهُوَ مِتْعَصَبْ وَيِشْتِمْ بِألْفَاظ صَعْبَة أوْ يَبْصِقٌ عَلَى مَنْ فِي الكِنِيسَة أبْسَطْ شِئ وَاحِدٌ مِنَّا يَنْتَهِرُه وَنِسْألُه هَلْ لاَ تُحِبُّه ؟ يَقُول كَيْفَ وَهَلْ لِكَيْ أُحِبُّه لاَ أُقَوِّمُه ؟ نَعَمْ أُحِبُّه وَلِذلِك لاَ أصْمُت عَنْ أي خَطَأ يَفْعَلُه لاَبُدْ أنْ تَكُون هُنَاك مَخَافَة مِنْ أكْثَر الأشْيَاء الَّتِي تِتْعِبْ الشَّبَاب وَتِكْبَر دَاخِلْهُمْ أنْ يَقُول الشَّاب لَنْ أتُوب الأنْ العُمْر أمَامِي عِنْدَمَا أكْبَر سَأتُوب لأِنِّي الأنْ شَاب وَيَصِل إِلَى دَرَجِة يِشْرَب الإِثْم كَالمَاء حَتَّى أنَّهُ يِكْذِبْ وَلاَ يَشْعُر فِي البِدَايَة يُشْعُر إِنُّه يِكْذِبْ وَيَتَمَادَى حَتَّى أنَّ البَعْض يَعْتَبِر أنَّ الكِذْب ذَكَاء فَأصْبَح لاَ يَحْزَنْ مِنْ كِذْبُه بَلْ يَعْتَبِر أنَّ الكِذْب مَهَارَة وَيُتْقِنْ الكِذْب وَقَدْ يَصْنَعْ مِنْ الكِذْب دِرَامَا وَيُخْرِجْهَا وَيَزِيدْ مِنْ الإِخْتِرَاعَات إِلَى أنْ يَصِير هذَا الأمر سُلُوك .. كَذلِك الأفْكَار الشَّهْوَانِيَّة أصْبَح لاَ يَطْرُدْهَا بَلْ يَسْعَى إِلَيْهَا حَتَّى وَهيَ بَعِيدَة عَنُّه وَيُحْضِرْهَا لِنَفْسُه وَيَتَمَادَى فِيهَا وَيَزِيدْ مِنْ خَيَالْهَا فَتُؤَثِر فِيه وَتِتْعِبُه لاَ تُوْجَدٌ مَخَافَة فَصَارَبِلاَ رَقِيبْ هُنَا نُشَبِّه النَّفْس بِمَبْنَى وَالمَبْنَى لاَبُدْ أنْ يَكُون فِيهِ ثَلاَثَة أشْيَاء هِيَ حَوَائِطْ وَنَوَافِذْ وَبَاب الحَائِطْ يَحْمِينَا مِنْ الَّذِينَ فِي الخَارِج إِذاً الحَائِطْ فِي أنْفُسْنَا هَدَفُه أمن يَجْعَل فَوَاصِل بَيْنَنَا وَبَيْنَ الشُّرُور النَّوَافِذ فَائِدَتْهَا تُعْطِي إِضَاءَة إِذاً لاَبُدْ أنْ يَكُون عَنْدِنَا نَوَافِذْ نَرَى مِنْهَا الله وَنُكَلِّمُه وَحَوَائِطْ تَحْمِينَا أمَّا البَاب فَهُوَ الإِرَادَة أي الأُمور الَّتِي نَخْتَار أنْ نَفْتَح لَهَا أوْ نَصُدَّهَا تَخَيَّل لَوْ هُدِمَتْ الحَوَائِطْ إِذاً لاَ تَحْتَاجٌ لِبَاب أوْ نَوَافِذْ لأِنَّهُمَا بِلاَ فَائِدَة وَالَّذِي يُرِيدْ أنْ يَدْخُل سَيَدْخُل لِذلِك إِسْتِمْرَار الخَطَايَا يُسَلِّطْهَا عَلَى الإِنْسَان وَعَدُو الخِير لَهُ مِنْ الحِيَل مَا يَجْعَل الإِنْسَان يِعِيش فِي خِدْعَة لِذلِك يَقُول ﴿ سِيرُوا زَمَانَ غُرْبَتِكُمْ بِخَوْفٍ ﴾﴿ سَمَّر خُوفَك فِي لَحْمِي لأِنِّي مِنْ أحْكَامَك جَزَعْت ﴾ لاَ يَارَبَّ أنَا أُرِيدْ مَخَافَتَك دَاخِلِي . هُنَاك فِئَة فِي الكِنِيسَة الأُولَى إِسْمَهَا (( خَائِفِي الله )) يُقَال هذَا رَجُل تَقِي لأِنَّهُ يَخَاف الله مِثَال إِنْسَان يِشْتِرِي مِنْ بَائِعْ وَيَتْرُك آخَر وَيَقُول لأِنَّهُ يَخَاف الله وَلاَ يُزِيدْ مِنْ الأسْعَار وَلاَ يَغِش المِيزَان شِهَادَة جَمِيلَةٌ يَخَاف الله إِحْذَر أنْ تَتَخَيَّل أنَّهُ كُون أنَّكَ شَاب وَأنَّكَ فِي سِنْ الطَّاقَة وَالقُّوَة أنَّكَ لاَ تَخَاف الله وَأنَّ الَّذِي يَخَاف الله هُوَ الَّذِي يِكْبَر فِي أيَّامُه لاَ مَخَافِة الله مَنْهَجٌ لاَبُدْ أنْ يَسْتَمِر فِي حَيَاتَك لأِنَّ كُلَّ فِتْرَة تَمُر عَلِيك بِدُون مَخَافِة الله تَتْرُك فِيك أضْرَار وَأضْرَار وَإِحْذَر أنْ تَتَخَيَّل أنَّ الخَطِيَّة لَهَا مَرَاحِل تَقِفْ عِنْدَهَا أبَداً بَلْ كُلَّ مَا تُمَارِس الخَطِيَّة كُلَّمَا نَمِتْ دَاخِلَك كُلَّمَا إِزْدَادٌ سُلْطَانْهَا كُلَّمَا ضَعُفَتْ إِرَادْتَك كُلَّمَا إِنْسَحَبْ خُوف الله مِنْ القَلْب لِذلِك يَقُول فِي المَزْمُور ﴿ لَمْ يَجْعَلُوا اللهَ أَمَامَهُمْ ﴾ ( مز 54 : 3 ) وَيَقُول فِي سِفْر الرُؤْيَا ﴿ خَافُوا اللهَ وَأَعْطُوهُ مَجْداً ﴾ ( رؤ 14 : 7 ) أيْضاً يَقُول ﴿ مَنْ لاَ يَخَافَكَ يَارَبُّ وَيُمَجِّدُ اسْمَكَ لأِنَّكَ وَحْدَكَ قُدُّوسٌ ﴾ ( رؤ 15 : 4 ) مَنْ لاَ يَخَافَك يَارَبَّ ؟ بُولِس الرَّسُول يَقُول﴿ لاَ تَسْتَكْبِرْ بَلْ خَفْ ﴾ ( رو 11 : 20 ) سَمَّر خُوفَك فِي لَحْمِي أُرِيدْ مَخَافَتَك تُسَمَّر دَاخِلِي أُرِيدْ أنْ أعْمَل مَا يُرْضِيك ألَسْنَا نَقُول ﴿ القِدِّيسِينْ الَّذِينَ أرْضَوْكَ مُنْذُ البَدْء ﴾( مَا يُقَال فِي مَجْمَع القِدِّيسِينْ ) مَاذَا أفْعَل لِكَيْ أخَاف الله ؟ ثَلاَثَة كَلِمَات 1- إِجْعَل الله أمَامَك دَائِماً:- لِكَيْ لاَ تُخْطِئ أُشْعُر أنَّ الله دَائِماً أمَامَك مَا أجْمَلٌ قَوْل دَاوُد النَّبِي ﴿ جَعَلْتُ الرَّبَّ أَمَامِي فِي كُلِّ حِينٍ ﴾ ( مز 16 : 8 ) قَدْ يُخْطِئ الطَّالِبْ لكِنْ هَلْ يُخْطِئ أمَام المُدَرِّس ؟ إِذاً هَلْ يُخْطِئ أمَام النَّاظِر ؟ أمر أعْلَى هَلْ يُخْطِئ أمَام وَزِير التَّرْبِيَة وَالتَّعْلِيمْ ؟ مَاذَا أكُون أنَا أمَام الله ؟ أكُون مُنْضَبِطٌ إِجْعَل الله أمَامَك لِذلِك الخَطِيَّة هِيَ نُوع مِنْ أنْوَاع الإِلْحَاد لإِنِّي عِنْدَمَا أفْعَل الخَطِيَّة أُغَيِّبْ الله وَهَلْ يُوْجَدٌ مَكَان الله غَائِبْ عَنُّه ؟ هَلْ تَتَذَكَّر قِصِّة الرَّاهِبْ الَّذِي أرَادَتْ إِمْرَأة أنْ تُغْوِيه وَتُسْقِطُه فِي الخَطِيَّة فَأخَذَهَا إِلَى مَكَان السُوق وَقَالَ لَهَا هَيَّا نُمَارِس الخَطِيَّة فَقَالَتْ المَرْأة لَهُ مَا هذَا يَا رَاهِبْ هَلْ أُصِبْتَ بِالجُنُون ؟ فَسَألَهَا لِمَاذَا ؟ قَالَتْ المَرْأة أتَفْعَل الخَطِيَّة أمَام كُلَّ هؤلاَء ؟!! فَقَالَ لَهَا الرَّاهِبْ أتَخَافِينَ النَّاس ؟ قَالَتْ نَعَمْ فَقَالَ لَهَا ألاَ تَخَافِينَ الله إِذاً ؟ عَرِّفْنِي مَكَان لَيْسَ بِهِ الله وَافْعَل بِهِ الخَطِيَّة لكِنْ الله مَوْجُودٌ فِي كُلَّ مَكَان ضَابِطْ الكُلَّ لاَ يَخْلُو مِنْهُ مَكَان إِذاً كَيْفَ أفْعَل الخَطِيَّة أمَام الله ؟ قَدْ يَخْجَل إِنْسَان أنْ يَفْعَل الخَطِيَّة أمَام طِفْل وَيَقُول كَيْفَ أُخْطِئ أمَام طِفْل إِنْ كَانَ طِفْل يَجْعَل الإِنْسَان يَحْتَرِمُه كَمْ تَكُون إِهَانِتْنَا لله عِنْدَمَا نَفْعَل الخَطِيَّة أمَامُه ؟ يَحْكِي الكِتَاب المُقَدَّس عَنْ مَلِك إِسْمُه مَنَسَّى وَيَقُول عَنْهُ الكِتَاب ﴿ عَمَلَ الشَّرِّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ لإِغَاظَتِهِ ﴾ ( 2مل 21 : 6 ) كَانَ يَغِيظْ الله حَقِيقَةً أي وَاحِدٌ مِنَّا يَفْعَل الخَطِيَّة تَنْطَبِقٌ عَلِيه نَفْس الآيَة الإِنْسَان الَّذِي يُخْطِئ يَغِيبْ الله عَنْ وَعْيُه وَعِنْدَمَا يُغَيِّبُه عَنْ وَعْيُه مَاذَا يَحْدُث ؟ الله يَغِيبْ وَيَغِيبْ حَتَّى يَنْسَحِبْ فَيَشْعُر الإِنْسَان بِعُزْلَه عَنْ الله فَتُحَدِّثُه عَنْ الله يَقُول لَك أنَّهُ وَهْم هذِهِ بِدَايِة الإِلْحَادٌ لِذلِك عِنْدَمَا أسْألَك اليُّوْم هَلْ الله مَوْجُودٌ فِي حَيَاتَك أم تَقُول لِي حَقِيقَةً لاَ أشْعُر بِهِ ؟ أقُول لَك أنْتَ الَّذِي غَيِّبْتُه عَنْ وَعْيَك وَكَثْرِة فِعْل الخَطَايَا بِإِسْتِهَانَة غَيَّبْ الله عَنْ وَعْيَك وَبِالتَّالِي يَنْطَبِقٌ عَلِيك قَوْل المَزْمُور﴿ قَالَ الْجَاهِلُ فِي قَلْبِهِ لَيْسَ إِلهٌ ﴾ ( مز 14 : 1 ؛ مز 53 : 1 ) لاَ يُوْجَدٌ إِله أسْتَطِيعْ أنْ أقُول لَك أنَّكَ مِحْتَاجٌ جِدّاً فِكرِة مَخَافِة الله دَاخِلَك لأِنَّهُ مَوْجُودٌ جَيِّدٌ قَوْل إِلِيشَع النَّبِي عِنْدَمَا كَانَ يَقُول دَائِماً ﴿ حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ الَّذِي أَنَا وَاقِفٌ أَمَامَهُ ﴾ ( 2مل 5 : 16) أنَا وَاقِفْ أمَامُه الأنْ ؟ بِالطَبْع الَّذِي يَتَدَرَّبْ عَلَى طَرْدٌ الخَطِيَّة لأِنَّ الله أمَامُه عِنْدَمَا يَأتِي إِلَى الكِنِيسَة يَشْعُر بِوُجُودٌ الله بِقُّوَة الله يُسَيْطِر عَلَى المَكَان وَعَلَى الفِكْر فَيَدْخُل وَيَسْجُد بِخُشُوع وَيَعْبُد الله بِرَفْع قَلْب وَيَقِينْ أنَّهُ حَاضِر لِذلِك يَقُول بِفَرَح ﴿ عَمَانُوئِيل إِلَهْنَا فِي وَسَطْنَا الآنْ ﴾ وَكَأنَّنَا نَقُولْهَا وَنَحْنُ نُصَفِقٌ بِأيْدِينَا هذَا مَا نَقُولُه فِي لَحْن " ~pouro " هُوَ مَوْجُودٌ فَهَلْ تَشْعُر بِهِ ؟ نَعَمْ كُلَّمَا تَدَرَّب كَيَانِي وَمَشَاعْرِي وَقَلْبِي أنَّ الله مَوْجُودٌ كُلَّمَا هَرَبَتْ مِنِّي الخَطِيَّة هَلْ تُرِيدْ أنَّ خُوْف الله يُغْرَس فِي قَلْبَك وَيُسَمَّر دَاخِلَك ؟ أُشْعُر بِاسْتِمْرَار أنَّ الله مَوْجُودٌ وَنَمِّي فِي وَعْيَك أنَّهُ مَوْجُودٌ وَكُلَّ مَا لاَ تَرَاه أعْيُنْ النَّاس تَرَاه العِينْ الَّتِي تَفْحَص الكُلَّ وَتَخْتَرِق أسْتَار الظَّلاَم وَتَعْرِف الخَفِيَات الله يَعْرِفْ مَا فِي قَلْبَك وَمَا فِي إِشْتِيَاقَاتَك وَيَعْرِفْ تَصَوُرَات مَخَادِعَك إِنْ كَانَ الله يَرَى كُلَّ هذَا هَلْ لاَ أخْجَل ؟ تَخَيَّل أنَّ الله فَاحِص أعْمَاق قُلُوبْنَا وَيَعْرِفْ أخْطَائْنَا وَمُتَأنِّي عَلِينَا كَيْ نَتُوب وَلكِنَّنَا نَسْتَهْتَر بِطُول أنَاتُه وَنَتَمَادَى فِي الخَطِيَّة فَيَقُول لَنَا أنَا مُتَأنِّي عَلِيكُمْ كَيْ تَتُوبُوا فَتُخْطِئُون أكْثَر ؟ أنَا أُعْطِيكُمْ فُرْصَة لِلتُّوْبَة فَتَأخُذُونَهَا فُرْصَة لِلخَطِيَّة وَالشَّر ؟ إِنِّي أنْتَظِر وَأتَأنَّى وَلكِنْ إِلَى مَتَى ؟ يَقُول سِفْر الرُؤْيَا ﴿ أَعْطَيْتُهَا زَمَاناً لِكَيْ تَتُوبَ عَنْ زِنَاهَا وَلَمْ تَتُبْ ﴾ ( رؤ 2 : 21 ) وَلِنَسْأل أنْفُسْنَا لِمَاذَا نَحْنُ نَعِيش حَتَّى الأنْ ؟ لِكَيْ نَتُوب الله أعْطَانَا الزَّمَنْ لِنَتُوب إِجْعَل الله أمَامَك كُلَّ حِينْ الإِحْسَاس الرُّوحِي يَحْتَاجٌ إِيمَان بِأُمور لاَ تُرَى لِذلِك بَيْنَمَا أنَا سَائِر فِي الطَّرِيقٌ أرَى الله وَأنَا جَالِس أرَى الله وَ فِي كُلَّ مَكَانْ وَكُلَّ حَال أرَى الله أرَادَ الإِمْبِرَاطُور أنْ يَذِل القِدِيس يُوحَنَّا ذَهَبِيِّ الفَمْ فَقَالَ لَهُ سَأنْفِيك فَقَالَ لَهُ القِدِيس هَلْ سَتَنْفِينِي إِلَى مَكَانْ لاَ يُوْجَدٌ فِيهِ الله ؟ إِلَى أيْنَ ؟ وَاحْتَار الإِمْبِرَاطُور فَقَالَ لَهُ القِدِيس إِنْ أرَدْتَ أنْ تَذِلِنِي إِنْفِينِي إِلَى مَكَانْ لَيْسَ بِهِ الله لأِنَّهُ مَكْتُوب ﴿ لِلرَّبِّ الأَرْضُ وَمِلْؤُهَا الْمَسْكُونَةُ وَكُلُّ السَّاكِنِينَ فِيهَا ﴾ ( مز 24 : 1) أي مَكَانْ أذْهَبْ إِلِيه أرَى فِيهِ الله وَنَاس جِدِيدَة تُمَجِّد الله أفْرَح وَأقُول أشْكُرَك يَارَبَّ إِحْسَاس قَوِي أنَّ الله مَالِئ الكُلَّ إِجْعَل الله أمَامَك لِذلِك عِنْدَمَا يَقُول لَك شَخْص تَسْتَطِيعْ أنْ تَغِش فِي الإِمْتِحَانَات ؟ قُلْ لَهُ رَبِّنَا مَوْجُودٌ هَيَّا نَذْهَبْ لِمَكَانْ نُخْطِئ فِيهِ قُلْ لَهُ رَبِّنَا مَوْجُودٌ وَأنْتَ وَحْدَك قُلْ رَبِّنَا مَوْجُودٌ نَمِّي إِحْسَاس وُجُودٌ الله أمَامَك دَائِماً. 2- فَكَّر كَثِيراً فِي الدَيْنُونَة:- شِئ مُهِمْ جِدّاً أنْ يَكُون فِكْر الدَيْنُونَة أمَامَك ألَسْتُمْ أنْتُمْ أُنَاس كَنَسِيِينْ أوْلاَدٌ الله وَكُلَّ يُوْم تَقُولُون فِي صَلاَة النُّوم ﴿ هُوَذَا أَنَا عَتِيدٌ أَنْ أَقِفْ أَمَام الدَّيَّان العَادِل مَرْعُوباً وَمُرْتَعِباً مِنْ كَثْرَة ذُنُوبِي لأِنَّ العُمْر المُنْقَضِي فِي المَلاَهِي يَسْتَوْجِبْ الدَّيْنُونَة لكِنْ تُوبِي يَا نَفْسِي مَادُمْتِ فِي الأرْض سَاكِنَة ﴾ ( القِطْعَة الأُولَى فِي صَلاَة النُّوْم )هَلْ وَضَعَتْ الكِنِيسَة هذِهِ الصَّلاَة لِمَنْ هُمْ بَعْد السِّتِينْ عَام مِنْ أعْمَارِهِمْ ؟ أم وَضَعَتْهَا لَنَا كُلِّنَا لِعُمْر الشَّبَاب وَالثَّانَوِي وَالكُهُولَة وَ ؟ كُلِّنَا نُصَلِّيهَا كُلَّ يُوْم وَالكِنِيسَة تَعْتَبِر نِهَايِة اليُّوْم يُشِير إِلَى يُوْم الدَّيْنُونَة وَنِصْف اللِّيل يُشِير لِلمَجِئ الثَّانِي فِكْر الكِنِيسَة أنَّ اليُّوْم عِنْدَمَا يَمُر كَأنَّ العُمْر يَمُر لِذلِك لاَبُدْ مِنْ الإِسْتِعْدَادٌ كُلَّ يُوْم ؟ نَعَمْ الَّذِي يَشْعُر بِهذَا الإِحْسَاس يُنَمِّي مَخَافِة الله دَاخِلُه وَهذَا الإِحْسَاس يُقِيمْ بَيْنُه وَبَيْنَ الخَطِيَّة حَوَاجِز إِحْسَاس إِنِّي أعِيش وَالدُنْيَا تَسِير مِنْ حَوْلِي وَأنَا أعْمِل الخَطِيَّة اليُّوْم وَغَداً وَ هذَا يُقَسِّي القَلْب وَيَنْزَع المَخَافَة وَيَفْصِلْنِي عَنْ الله اليُّوْم نَرَى صَحْوَة عَنْدَ غَيْر الْمَسِيحِيِّينْ الشَّبَاب مِنْهُمْ يَتَدَيَنُوا وَالَّذِي لَمْ يَكُنْ يُصَلِّي تَعَلَّمْ يُصَلِّي وَالَّذِي لاَ يَقْرأ كِتَابُه بَدَأَ يَقْرأ وَ الْمَسِيحِيَّة بِهَا إِسْتِهْتَار هَلْ لأِنَّ إِلهْنَا حَنُون ؟ يِمْكِنْ !!! أوْ لأِنِّي أضْغَطْ عَلَى مُفْتَاحٌ فَيُجِيبْ نَعَمْ أقُول لَهُ أُرِيدَك أنْ تَعْمَل لِي كَذَا وَكَذَا يُجِيبْ نَعَمْ تَعَوَّدْنَا عَلَى الإِله الَّذِي وَقْت مَا نَحْتَاجُه يَأتِي لِيُلَبِّي طِلْبَاتْنَا أيْنَ العِبَادَة وَالحُبْ وَالإِكْرَام ؟ إِجْعَل الله أمَامَك وَاهْتَمْ بِالدّيْنُونَة ألَسْنَا نَقُول ﴿ بِمَا أَنَّ الدَّيَّان حَاضِر إِهْتَمِّي يَا نَفْسِي وَتَيَقَظِّي وَتَفَهَّمِي تِلْكَ السَّاعَة المَخُوفَة فَإِنَّهُ لَيْسَ رَحْمَة فِي الدَّيْنُونَة لِمَنْ لَمْ يَسْتَعْمِل الرَّحْمَة ﴾ ( القِطْعَة الثَّانِيَة مِنْ الخِدْمَة الثَّالِثَة مِنْ صَلاَة نِصْف اللِّيل )إِذاً أنَا مِحْتَاجٌ أنْ أعْرِفْ أنَّ هُنَاك دَيْنُونَة وَدَيَّان مَا أجْمَلٌ أنْ أتَخَيَّل نَفْسِي في مَوْقِفْ الدَّيْنُونَة وَأعْمَالِي تُكْتَبْ أمَامِي – يَارَبَّ إِرْحَمْنِي – إِنَّ العِلْم يُقَدِّم إِخْتِرَاعَات وَاخْتِرَاعَات هُنَاك جِهَاز رَسْم قَلْب هُنَاك جِهَاز رَسْم مُخ يِرْسِمْ ذَبْذَبَاتُه وَكِيمْيَائُه وَيَقُول مَا هِيَ كَفَاءِة المُخ تَخَيَّل لَوْ إِخْتَرَعُوا جِهَاز يُوضَعْ فِي المُخ يِتَرْجِمْ كُلَّ الأحْلاَم وَالتَّخَيُّلاَت وَيَعْرِضْهَا عَلَى ألـ Data show لِيَعْرِض كُلَّ مَا فِي عَقْلِي تَخَيَّل مَاذَا سَيَعْرِض وَمَاذَا يَدُور فِي عَقْلِي وَخَفَائِي ؟ مَا الَّذِي تَسْتَحِي أنْ يُعْرَض ؟ الَّذِي تَسْتَحِي مِنْهُ لاَ تُفَكِّر فِيهِ لِمَاذَا تَسْتَمِر فِي التَّفْكِير ؟ لأِنَّ الله غِير مَوْجُودٌ أمَامَك ؟!! تَخَيَّل حَالَك عِنْدَمَا تَقِفْ فِي الدَّيْنُونَة يَقُول أحَدٌ الأبَاء﴿ سَنَقِفْ فِي اليُّوْم الأخِير كَمَا فِي مَسْرَح كِبِير مُضَاء أمَام مَنْ لاَ نَعْرِفَهُمْ وَمَنْ نَعْرِفَهُمْ ﴾ لَمَّا يِكُون مَسْرَح وَاسِعْ وَمُسَلَّطَة عَلِيه الأضْوَاء وَكُلِّنَا نُقَفْ وَكُلَّ أعْمَالْنَا تَظْهَر وَتُكْشَفْ إِذاً إِعْمِل أعْمَالٌ جَيِّدَة كَيْ تَجِدٌ مَا يَشْفَعْ فِيك قَدْ تَقُول هَلْ الله قَاسِي ؟ أُجِيبَك أبَداً لكِنَّهُ عَادِلٌ لِذلِك أنَا مِحْتَاجٌ مَخَافِة الله فِي حَيَاتِي مَاذَا أقُول وَأُفَكِّر وَمَا هيَ نَوَايَاي ؟ ضَعْ فِكْر الدَّيْنُونَة أمَامَك يُقَال عَنْ القِدِيس أرْسَانْيُوس أنَّهُ كَانَ دَائِمْ البُكَاء وَعِنْدَمَا كَانُوا يَسْألُوه لِمَاذَا البُكَاء ؟ كَانَ يَقُول خَوْفاً مِنْ الدَّيْنُونَة فَقَالُوا لَهُ فَمَا بَالْنَا نَحْنُ ؟ أجَابَهُمْ أنَّ هذِهِ اللَّحْظَة أمَامِي دَائِماً يَا أوْلاَدِي الَّذِي يَضَعْ فِكْر الدَّيْنُونَة أمَامُه تُقَدِّسُه وَمَا الَّذِي يَجْعَل الإِنْسَان يَزْدَادٌ فِي الشُّرُور ؟ إِنَّهُ لاَ تُوْجَدٌ دَيْنُونَة أمَامُه وَلاَ مَنْ الَّذِي يُحَاوِل أنْ يَلْغِي فِكْر الدَّيْنُونَة مِنْ دَاخِلْنَا وَيُرِيدْ أنْ يَمْحِيهَا ؟ عَدُو الخِير الشَّيْطَان يُرِيدْ أنْ يُحَوِّل حَيَاتْنَا كُلَّهَا إِلَى جَلْسَة نَجْلِسْهَا مَعاً أوْ نُزْهَة نَتَنَزَهَهَا أوْ هَرَج وَمَرَج وَالأمر لَيْسَ كَذلِك لأِنَّ الله لَمْ يَخْلِقْنَا مِثْل أي حَيَوَان نَعِيش فِتْرَة ثُمَّ نُذْبَح وَهُنَاك مَنْ يَأكُل لَحْمُه لاَ الإِنْسَان عَلَى صُورَة الله وَمِثَالُه خَالِدٌ يُخَلَّدٌ لِلأبَدْ الله خَلَقَنَا لِكَيْمَا يُحْضِرْنَا إِلَيْهِ فِي الأبَدِيَّة إِذاً حَيَاتِي لَهَا قِيمَة عَالِيَة جِدّاً وَأهَمْ قِيمَة فِي حَيَاتِي أنَّ فِيهَا مَعْرِفَة الله كَلِمَة صَعْبَة عَلِينَا جِدّاً عِنْدَمَا يَقُول لاَ أعْرِفَكُمْ ( لو 13 : 25 ؛ 27 ) لِمَاذَا يَارَبَّ ؟ يَقُول هَلْ عَرَفْتِنِي أنْتَ كَيْ أعْرِفَك أنَا ؟ أحَدٌ الأبَاء القِدِيسِينْ يَقُول نَحْنُ نَتَكَلَّمْ لكِنْ لاَ نَعْمَل وَيَسْأل مَاذَا يَكُون الله بِالنِّسْبَة لَك ؟ تَقُول أبَانَا يِسْأل هَلْ تُطِيعُه وَتَخَافُه ؟ وَكَمَا يَقُول الكِتَاب ** تَدْعُونَنِي أباً وَلاَ تُكْرِمُونَنِي تَدْعُونَنِي سَيِّد وَلاَ تُطِيعُونِي تَدْعُونَنِي مُعَلِّمْ وَلاَ تَسْمَعُونَنِي ** كَلاَم فَقَطْ لاَ أنْتُمْ سُفَرَاء الْمَسِيح ( 2كو 5 : 20 ) أنْتُمْ رَائِحَة الْمَسِيح الذَّكِيَّة ( 2كو 2 : 15) إِنْ كُنْتُمْ تَعِيشُون فِي مَنْطِقَة مُعَيَّنَة الأنْ فَكُلَّ وَاحِدٌ مِنْكُمْ رِسَالَة تَخَيَّل لَوْ أوْلاَدٌ الْمَسِيح رَائِحَة الْمَسِيح فِيهُمْ لَيْسَتْ ظَاهِرَة يَقُول الكِتَاب ﴿ أَنْتُمْ مِلْحُ الأَرْضِ وَلكِنْ إِنْ فَسَدَ الْمِلْحُ فَبِمَاذَا يُمَلَّحُ لاَ يَصْلُحُ بَعْدُ لِشَيْءٍ إِلاَّ لأِنْ يُطْرَحَ خَارِجاً وَيُدَاسَ مِنَ النَّاسِ ﴾ ( مت 5 : 13) إِنْ كَانْ عَنْدِنَا مَلْح وَفَسَد يِكُون كَارْثَة لأِنَّ المَلْح عِنْدَمَا يَفْسَد إِنْ وَضَعْتَهُ فِي قِطْعِة أرْض يِفْسِدْهَا يَصِير شِئ فَاسِد يِفْسِد أي شِئ فِي حِينْ إِنْ فَضَلاَت البَهَائِمْ تِفِيد أكْثَر لكِنْ المَلْح الفَاسِد إِذَا وُضِعَ فِي مَكَان يِفْسِدُه الله يَقُول لَك تُوْجَدٌ دَيْنُونَة ضَعْهَا أمَام عَيْنَيْكَ إِعْمِل لِلأبَدِيَّة وَضَعْ هذَا الفِكْر أمَام عَيْنَيْكَ كَثِيرُون يَقُولُون نَحْنُ شَبَاب أعْطِنِي عُمْر كَيْ أتُوب أنَا لاَ أقُول لَك كُنْ مِنْتِظِر المُوْت دَائِماً لاَ الله أعْطَاك رِسَالَة وَالله يِفَرَّحَك بِأيَّامَك لكِنْ إِعْرَفْ أنَّ حَيَاتَك لَيْسَتْ مِلْك لَك وَتُوْجَدٌ دَيْنُونَة وَيُوْجَدٌ عِقَاب وَجَحِيمْ وَتَمَتُّعْ وَقِدِّيسِينْ بَاعُوا العَالَمْ لأِنَّ الأبَدِيَّة أمَامَهُمْ مَا الَّذِي يَجْعَل قِدِيس مِثْل مَارِجِرْجِس يَظِل سَبَعْ سَنَوَات يِتْعَذِبْ كَانْ يَكْفِيه يُوْم أوْ إِثْنِينْ ؟ لأِنَّ الأبَدِيَّة أمَامُه المُكَافَأة أمَام عَيْنَيْهِ وَلِذَا لَمْ يَعِش لِهذَا الزَّمَنْ قَطْ يُقَال عَنْ الرُّومَان أنَّهُمْ كَانُوا طُغَاة يَتَفَنَّنُون فِي عَذَاب الْمَسِيحِيِّينْ وَكَانَ مِنْ ضِمْن أسَالِيب التَّعْذِيب لَدَيْهِمْ أنْ يَضَعُوا المُعَذَّبِينْ عُرَاه فِي حَمَّام جَلِيد وَيَظِل فِيهِ الْمَسِيحِي عِدِّة سَاعَات حَتَّى يَمُوْت وَفِي أحَدٌ المَرَّات وَضَعُوا مَجْمُوعَة مِنْ أرْبِعِينْ مَسِيحِي وَكَانَ كُلَّ وَاحِدٌ فِيهُمْ حَسَبْ قُدْرِتُه مِنْهُمْ مَنْ يَمُوْت بَعْد نِصْف سَاعَة وَآخَر يَمُوْت بَعْد سَاعَة وَآخَر بَعْد سَاعْتِينْ وَهكَذَا وَكَانَ كُلَّ فَرْدٌ مِنْهُمْ يَمُوْت يَأتِي مَلاَك وَيُعْطِيه إِكْلِيل وَيَأخُذْ نَفْسُه إِلَى السَّمَاء لكِنْ لِلأَسَفْ هذَا المَنْظَر هُنَاك مَنْ يَرَاه وَمَنْ لاَ يَرَاه وَكَانُوا كَيْ يُزِيدُوا مِنْ ذُل الْمَسِيحِيِّينْ أنْ يَضَعُوا أمَامَهُمْ حَمَّام بِهِ مَاء فَاتِر لَذِيذْ فَكَانَ مَنْ يُرِيدْ أنْ يُغَيِّر مَكَانُه مُجَرَّدٌ أنْ يُعْلِنْ رَغْبِتُه كَانُوا يَنْقِلُوه إِلَى حَمَّام المَاء الفَاتِر أحَدٌ هؤلاَء الأرْبَعِينْ مَسِيحِي ضِعِفْ وَقَالْ ضَعُونِي فِي المَاء الفَاتِر فَجَاءَ مَلاَكُه وَظَلَّ يُرَفْرِفْ وَمَعَهُ الإِكْلِيل المَجْمُوعَة كُلَّهَا إِسْتَشْهِدُوا وَلِبْسُوا الأكَالِيل مَاعَدَا الَّذِي ضِعِفْ أمَّا الجُنْدِي الَّذِي كَانَ يُعَذِّبَهُمْ مِنْ جَمَال الأكَالِيل تَقَدَّم وَنِزِل حَمَّام الجَلِيد وَأخَذَ هُوَ الإِكْلِيل هُنَاك أُمور لاَبُدْ أنْ تَكُون أمَام عُيُونِنَا الأُمور الَّتِي لاَ تُرَى ضَعْ الأبَدِيَّة أمَام عَيْنَيْكَ وَالدَّيْنُونَة أمَامَك إِعْرَفْ أنَّهُ تُوْجَدٌ مُجَازَاة وَعُقُوبَة إِعْرَفْ أنَّهُ إِنْ كُنَّا نَخْدَع النَّاس فَلَنْ نَسْتَطِيعْ أنْ نَخْدَع الله إِذاً لاَبُدْ أنْ يَكُون هُنَاك دَيْنُونَة لاَبُدْ أنْ أخَافْ الله أخَافُه فِي ضَمِيرِي وَفِي مَخْدَعِي وَفِكْرِي أنَا مُمْكِنْ أكُون صُورَة أمَام البِيتْ وَخَارِج البِيتْ مُخْتَلِفْ عَنْ هذِهِ الصُورَة لاَ ضَعْ مَخَافِة الله أمَام عَيْنَيْكَ . 3- فَكَّر كَثِيراً فِي أضْرَار الخَطِيَّة:- إِتَّبِعْ الخَطِيَّة لِفِتْرَة وَسَتَرَى مَاذَا تَفْعَل فِيك سَتَعِيش مَقْسُوم وَمَذْلُول تَجْعَلَك إِنْسَان جَبَانْ عِنْدَمَا تُسَيْطِر خَطِيِة شَهْوَة عَلَى إِنْسَان يَشْعُر أنَّهُ إِنْسَان بِلاَ فَائِدَة لأِنَّ الخَطِيَّة تُوَلِّدٌ الجُبْن يُرِيدْ أنْ يَخْتَبِئ لِيَفْعَل شِئ خَاطِئ يَرَى أُمور مِنْ وَرَاء النَّاس تَجْعَلُه يَفْقِدٌ إِحْتِرَامُه لِنَفْسُه وَبِالتَّالِي يَفْقِدٌ آدَمِيَتُه الخَطِيَّة لَهَا ضَرِيبَة بِالإِضَافَة إِلَى أنَّهَا لَهَا أضْرَار نَفْسِيَّة وَعَصَبِيَّة فَتَجِدٌ الشَّخْص الشَّهْوَانِي أنَانِي مُتَرَدِّدٌ وَمُذَبْذَبْ قُدْرَاتُه عَلَى التَّفْكِير غِير صَافْيَة وَإِحْسَاسُه بِالذَّنْب رَهِيبْ فَيَزْدَادٌ بُعْدُه عَنْ الله الخَطِيَّة لَهَا أضْرَار لِذلِك أطْلَقُوا عَلَى خَطَايَا الشَّهْوَة إِسْم (( خَطَايَا العُزْلَة )) كَانُوا يَتَخَيَّلُون أنَّ الَّذِينَ يَعِيشُون فِي إِسْتِبَاحَة لِشَهَوَاتِهِمْ أُنَاس سُعَدَاء وَتُفَاجَأ أنَّهُمْ فِي كَآبَة وَحُزْن وَيَتَنَاوَلُون عِلاَج إِكْتِئَاب هَلْ تَتَخَيَّل أنَّ الإِنْسَان يَكُون سَعِيد عِنْدَمَا يُلَبِّي نِدَاء الخَطِيَّة ؟ أبَداً السَّعَادَة الحَقِيقِيَّة فِي البِّر وَفِي مَخَافِة الله هذَا الكَلاَم إِنْ كَانَ شَدِيدْ إِلاَّ أنَّهُ تَكْمُنْ فِيهِ السَّعَادَة الحَقِيقِيَّة ضَعْ الله أمَامَك تَجِدٌ أنَّكَ سَعِيد وَفِي فَرَح دَائِمْ كَثِيرُون مِنَّا تَخَيَّلُوا أنَّهُمْ إِنْ عَاشُوا حَيَاة مَنْ هُمْ فِي الخَارِج كُلَّ المَشَاكِل تُحَل لاَ الأمر يَتَلَخَص فِي أنَّهُ سَتَتَخَلَّص مِنْ المَشَاكِل الَّتِي هُنَا وَسَتَجِدٌ مَشَاكِل أُخْرَى غِير الأُولَى لكِنْ هُنَا وَهُنَاك تُوْجَدٌ مَشَاكِل الخَطِيَّة لَهَا أضْرَار كُلُّنَا نَعْلَمْ أنَّ الَّذِينَ يُسَافِرُون إِلَى الخَارِج إِنْ تَعَبُوا بِأي مَرَض لاَبُدْ مِنْ طَبِيبْ وَرُوشِتَّة هُنَا تَسْتَطِيعْ أنْ تَدْخُل أي صَيْدَلِيَّة وَتَطْلُبْ دَوَاء لِلضَغْط أوْ السُّعَال أوْ أمَّا فِي الخَارِج فَلاَبُدْ مِنْ رُوشِتَّة وَجُرْعَة مُحَدَّدَة وَيُقَال أنَّهُ مِنْ شِدِّة الطَّلَبْ عَلَى الأدْوِيَة النَّفْسِيَّة نَتِيجِة النَّسْبَة العَالْيَة لِحَالاَت الإِكْتِئَاب وَالعُزْلَة جَعَلُوا أدْوِيِة الإِكْتِئَاب تُصْرَفْ بِدُون رُوشِتَّة وَأطْلَقُوا عَلَيْهَا (( أدْوِيِة الرَّفْ )) فَتَجِدٌ فِي أي سُوبَر مَارْكِتْ أوْ صَيْدَلِيَّة رَفْ يُصَرَّح لَك أنْ تَأخُذْ مِنْهُ بِيَدَك أي شِئ تَحْتَاجُه وَتَجِدٌ عَلِيه بَعْض الفِيتَامِينَات وَالمُسَكِنَات وَمَرَاهِمْ الحَسَاسِيَّة وَمُهَضِمَات وَوَضَعُوا مَعَهُمْ أدْوِيِة الإِكْتِئَاب نَتِيجِة زِيَادِة نِسْبِة الإِكْتِئَاب بَيْنَهُمْ لاَ تَتَخَيَّل أنَّ السَّعَادَة خَارِج الْمَسِيح لاَ الخَطِيَّة لَهَا أضْرَار وَكَمَا أنَّ الخَطِيَّة لَهَا عُقُوبَة سَمَاوِيَّة لَهَا أيْضاً عُقُوبَة أرْضِيَّة مِنْ أيْنَ العُقُوبَة الأرْضِيَّة ؟ هَلْ الإِنْسَان الَّذِي يَحْيَا فَاقِدْ سَلاَمُه ألَيْسَتْ هذِهِ عُقُوبَة ؟ أوْ قَدْ يُصَاب بِمَرَض ألَيْسَتْ هذِهِ عُقُوبَة ؟ الله سَمَح أنْ يَكُون لَنَا جَسَد وَغَرِيزَة وَشَهْوَة وَحَيَاة لِقَصْدٌ مُعَيَّنْ مُجَرَّدٌ أنْ يَسْتَخْدِمْهَا الإِنْسَان لِقَصْدٌ آخَر تِتْلَفْ مِثْل إِنْسَان يَأتِي بِسَيَارَة وَيُرِيدْ أنْ يَجْعَلْهَا تَسِير لِلخَلْف رَغْم أنَّهَا مُصَمَّمَة لِتَسِير لِلأَمَام لكِنْ هذَا الإِنْسَان يَضْبُطْهَا لِتَسِير لِلخَلْف وَيَقُودَهَا وَهُوَ نَاظِر لِلخَلْف وَبِالطَّبْع تَحْدُث لَهُ حَوَادِث نَحْنُ هكَذَا الله أعْطَانَا أجْسَادٌ وَحَيَاة لِهَدَفْ مُعَيَّنْ لِلإِرْتِفَاع لِلسَّمَاء نَحْنُ حَوَّلْنَا الهَدَفْ لِلأرْض وَشَهَوَاتْهَا وَنُخْطِئ وَنَسِير لِلوَرَاء لأِنَّهُ لَيْسَ هذَا هُوَ هَدَفْ الله فِي خَلِيقَتُه لاَ الله أعْطَاك الجَسَد إِنَاء لِلكَرَامَة أمَّا يَصِل بِك إِلَى السَّمَاء وَهُوَ بِنَفْس شَكْلُه سَيَتَمَجَّدٌ فِي السَّمَاء وَأمَّا نَسْتَعْمِلُه بِعَكْس قَصْد الله فَيِتْلَفْ إِنْسَان يِدَخَنْ فَتِمْرَض الرِّئَتِينْ إِنْسَان يِشْرَب كُحُولِيَات فَيِمْرَض الكِبْد إِنْسَان يُدْمِنْ المُخَدَرَات فَيُتْلِفْ المُخ إِنْسَان يُفْرِط فِي الأكْل فَيُتْلِفْ جَسَدُه كُلَّ شِئ لَهُ ضَرِيبَة الله يَقُول لَك هَلْ هذَا الجَسَد مِلْك لَك ؟ هَلْ أنَا أُعْطِيه لَك لِتَفْعَل بِهِ كُلَّ هذَا ؟ لاَ هُوَ لِي وَأنَا أقْرَضْتُه لَك أعْطِيتُه لَك أمَانَة إِذاً هُنَاك عُقُوبَة فَكَّر فِي عُقُوبِة الخَطِيَّة عِنْدَمَا تَفْعَل الخَطِيَّة وَضَمِيرَك يُؤَنِبَك هذَا يُسَاوِي الكَثِير تَجِدٌ نَفْسَك فَاقِدْ سَلاَمَك وَفَرَحَك ألَيْسَتْ هذِهِ عُقُوبَة ؟ تَجِدٌ الإِنْسَان يَفْقِدٌ سَلاَمُه وَفَرَحُه حَتَّى أنَّ المُجْتَمَعْ يَنْفُر مِنُّه وَيَتْرُكُه أحِبَّاؤه وَقَدْ تَصِل العُقُوبَة إِلَى عُقُوبَة قَانُونِيَّة سِجْن هذَا غِير العُقُوبَة السَّمَاوِيَّة وَعَلَيَّ أنْ أخْتَار سَمَّر خُوفَك فِي لَحْمِي يَارَبَّ أُرِيدْ أنْ أعِيش مَخَافَتَك أنَا آتِي إِلَى الكِنِيسَة وَأقِفْ بِإسْتِقَامَة أسْمَع كَلِمَاتَك أنَا أسْتَذْكِر دُرُوسِي لأِنَّهَا أمَانَة وَإِنْ كُنْت أصُوم فَلأنِّي مِحْتَاجٌ أنْ أضْبُط جَسَدِي لأِنَّهُ كَثِيراً مَا يَتَمَرَّدٌ عَلَيَّ لِذلِك مِحْتَاجٌ أنْ أُرَوِضُه وَأرْبُطُه مِحْتَاج أنْ أجْعَل الله أمَامِي كُلَّ حِينْ الَّذِي يَعِيش بِمَخَافَة يَتَمَتَّعْ بِلُطْف الله عِنْدَمَا تَخَافْ الله سَتَجِدُه يَقُول لَك أنَا أُطَمْئِنَك المَرْأة المُمْسِكَة فِي ذَات الفِعْل إِلْتَجَأت إِلِيه فَقَالَ لَهَا أُصْمُتِي دُورِك إِنْتَهَى وَأنَا سَأُحَامِي عَنِّك وَأوْقَفْهَا وَرَاءَهُ وَدَافَعْ عَنَهَا ( يو 8 : 3 – 11)إِلْجَأ لَهُ المَرْأة الخَاطِئَة ذَهَبِتْ إِلِيه وَوَقَفِتْ وَرَاءَهُ وَالَّذِي دَانْهَا قَالَ لَهُ يَسُوع أُرِيدْ أنْ أقُص عَلِيك قِصَّة كَانَ لِدَائِنْ مَدِينَان عَلَى الوَاحِدٌ خَمْسُون وَعَلَى الآخَر خُمْسُمَائَة وَلَمْ يَكُنْ لَهُمَا مَا يُوفِيَان فَسَامَحْهُمَا كِلَيْهِمَا مَنْ مِنْهُمَا يُحِبُّه أكْثَر ؟ أجَابَهُ الَّذِي سَامَحَهُ بِالأكْثَر فَقَالَ لَهُ يَسُوع بِالصَوَاب حَكَمْت بِالتَّعْبِير الدَّارِج عَرَّفُه خَطَأُه .. وَقَالَ لَهُ ﴿ مَاءً لأِجْلِ رِجْلَيَّ لَمْ تُعْطِ وَأَمَّا هِيَ فَقَدْ غَسَلَتْ رِجْلَيَّ بِالدُّمُوعِ وَمَسَحَتْهُمَا بِشَعْرِ رَأْسِهَا قُبْلَةً لَمْ تُقَبِّلْنِي وَأَمَّا هِيَ فَمُنْذُ دَخَلْتُ لَمْ تَكُفَّ عَنْ تَقْبِيلِ رِجْلَيَّ بِزَيْتٍ لَمْ تَدْهُنْ رَأْسِي وَأَمَّا هِيَ فَقَدْ دَهَنَتْ بِالطِّيبِ رِجْلَيَّ ﴾ ( لو 7 : 44 – 46 )أدْخَلُه فِي مُقَارَنَة مَعَهَا وَأظْهَر لَهُ خَطَأُه إِذاً الَّذِي يَعِيش مَخَافِة الله يَحْتَمِي فِيهِ وَيَتَمَتَّعْ بِكُلَّ حَنَانُه كُلَّ حَنَان الله لِخَائِفِي الله هَلْ تُرِيدْ أنْ تَتَمَتَّعْ بِحَنَان الله ؟ خَافْ الله سَتَعْرِفْ كَمْ هُوَ حَنُون ﴿ سَمَّر خُوفَك فِي لَحْمِي ﴾هُنَاك إِسْتِهْتَار دَخَل حَيَاتَك أفْقَدَك الكَثِير عِش الإِسْتِقَامَة وَجِدِّيِة الحَيَاة بِهَدَفْ وَإِفْرَح بِعَمَل الله فِي حَيَاتَك ﴿ سَمَّر خُوفَك فِي لَحْمِي لأِنِّي مِنْ أحْكَامَك جَزَعْت ﴾ رَبِّنَا يِكَمِّل نَقَائِصْنَا وَيِسْنِد كُلَّ ضَعْف فِينَا بِنِعْمِتُه لَهُ المَجْد دَائِماً أبَدِيّاً آمِين القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والأنبا أنطونيوس محرم بك الأسكندرية
المزيد
07 نوفمبر 2025

ذبيحة الحب

” هذه المائدة هي عضد نفوسنا .. رباط ذهننا .. أساس رجائنا وخلاصنا ونورنا وحياتنا. عندما ترى المائدة معدَّة قُدامك قُل لنفسك: من أجل جسدهِ لا أعود أكون ترابًا ورمادًا، ولا أكون سجينًا بل حُرًّا. من أجل هذا الجسد أترجى السماء“(القديس يوحنا الذهبي الفم) مزمور لداود «اَلرَّبُّ رَاعِيَّ فَلاَ يُعْوِزُنِي شَيْءٌ. فِي مَرَاعٍ خُضْرٍ يُرْبِضُنِي. إِلَى مِيَاهِ الرَّاحَةِ يُورِدُنِي. يَرُدُّ نَفْسِي يَهْدِينِي إِلَى سُبُلِ الْبِرِّ مِنْ أَجْلِ اسْمِهِ. أَيْضًا إِذَا سِرْتُ فِي وَادِي ظِلِّ الْمَوْتِ لاَ أَخَافُ شَرًّا، لأَنَّكَ أَنْتَ مَعِي. عَصَاكَ وَعُكَّازُكَ هُمَا يُعَزِّيَانِنِي. تُرَتِّبُ قُدَّامِي مَائِدَةً تُجَاهَ مُضَايِقِيَّ. مَسَحْتَ بِالدُّهْنِ رَأْسِي كَأْسِي رَيًّا. إِنَّمَا خَيْرٌ وَرَحْمَةٌ يَتْبَعَانِنِي كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِي، وَأَسْكُنُ فِي بَيْتِ الرَّبِّ إِلَى مَدَى الأَيَّامِ» (مز 23). اقرأ المزمور السابق مرة أخرى ثم دعنا نتأمل فيه قليلًا يقدِّم لنا هذا المزمور صورة عن الحياة المسيحية … فالمراعي الخُضر هي كلمة الله وماء الراحة هو المعمودية … بينما يمثل وادي ظل الموت الدفن في المعمودية، والدُهن كذلك يمثِّل الميرون. أمَّا المائدة فهي سر الإفخارستيا، والكأس هو عصير الكرمة، وبيت الرب هو الكنيسة. إنها ذبيحة الحب الإلهي في سر الإفخارستيا أو التناول المقدَّس الذي هو: نعمة غير منظورة من خلال القداس الإلهي الذي يمثل قمة الصلوات المسيحية، فالقداس الإلهي سواء بصلوات الأب الكاهن أو مردات الشعب غني بالطقوس والقراءات الكتابية والألحان والمدايح. الله صاحب كل النعم في حياتك وليس لك فضل في شيء، وفي سر الإفخارستيا كأنك تأخذ مما أعطاك الله لتشكره به، فتصير ذبيحة الخبز والخمر ذبيحة شُكر، وبعد التقديس تصير الذبيحة جسد ودم المسيح بالحقيقة. المسيح هنا هو الكاهن والذبيحة … ففي كل مرة تحضر القداس الإلهي كأنك في وقت الصليب تمامًا والمسيح المصلوب هو حاضر، فهل عندما تتقدَّم لهذا السر تشعر بحضور المسيح فيه؟ القداس الإلهي خارج حيز الزمن وكأن المسيح يُذكِّرنا: «خُذُوا كُلُوا. هذَا هُوَ جَسَدِي» (مت 26: 26)، وهذا ما يكرِّره الأب الكاهن في القداس عن فم المسيح، وبفاعلية عمل الروح القدس. يقول الآباء: [المسيحيون يُقيمون سر الإفخارستيا، وسر الإفخارستيا يُقيم المسيحيين]. أتتساءل الآن: لماذا لا أشعر بفائدة من القداس الإلهي؟ هناك أسباب عدة منها: الحضور المتأخر: كل صلوات القداس منذ بدايتها (عشية – باكر – تقدمة الحَمَل – قداس الموعوظين – قداس المؤمنين) إلى نهايتها وحدة واحدة، وعدم حضور أي منها يُفقدك جوهرة ثمينة من جواهر القداس الإلهي، فضلًا عن غياب التهيئة المناسبة للحضور بالاستعداد الذهني والروحي والجسدي. الحضور الروتيني: وفي ذلك عدم الاشتراك في المردات والألحان، فالقداس الإلهي هو سيمفونية مقدَّسة مُشتركة بين الكاهن والشماس والشعب. فضلًا عن عدم التركيز والسرحان والانشغال بأمور الحياة، ويتبقَّى لنا في هذه النقطة … الانشغال بالإداريات مثل: جمع العطاء، البيع، التنظيم … التي بدورها تعوِّق الإنسان عن التمتُّع بالقداس الإلهي. في الكنيسة نحن مشاركون ولسنا مشاهدين. الحضور الشكلي: ولهذه النقطة أشكال عدة مِثْل: عدم التناول، عدم الاعتراف، وكذلك الجلوس في آخر الكنيسة ومحادثة الآخرين، الدخول والخروج كثيرًا أثناء الصلوات … كل ما سبق وغيره يمثِّل أساليب عدة يحاول بها عدو الخير أن يمنعك عن التمتُّع بالقداس الإلهي، وبالتالي عن الشبع بالمسيح وعدم الشعور بفائدة الحضور. خلال الفترات السابقة ومع انتشار وباء كورونا، أُغلِقت الكنائس بعض الوقت وصار هناك حضور الكنيسة محدودًا عددًا ووقتًا، وشعرنا باحتياجنا الشديد للكنيسة ولذا نصلِّي ونطلب شفاعة العذراء مريم: اجعلي أبواب الكنائس مفتوحة للمؤمنين. يقول سفر المزامير: «تَلَذَّذْ بِالرَّبِّ فَيُعْطِيَكَ سُؤْلَ قَلْبِكَ» (مز 37: 5). الآن: كيف أتلذَّذ من القداس الإلهي؟ في خطوات عملية سأوضِّح لك كيف يمكنك التمتع بالقداس الإلهي … ولكن في البداية ضع في قلبك أن القداس الإلهي هو رحلة شَيِّقة للتمتع بالمعية الإلهية. افهم سر الإفخارستيا … كُن واعيًا لعظمة السر وعمل المسيح فيه، وكأنك تستحضر بداخلك ما صنعه الفادي المحب لأجلك وقت الصليب. في طريقك إلى الكنيسة ردِّد: «فَرِحْتُ بِالْقَائِلِينَ لِي: إِلَى بَيْتِ الرَّبِّ نَذْهَبُ» (مز 122: 1) … املأ قلبك وذهنك بالاستعداد لمقابلة ملك الملوك ورب الأرباب. استعد بنفسك لكي ما تشعر بعمق هذا السر في حياتك، فالاستعداد النفسي سيُهيِّئ قلبك ليحل المسيح فيه … اقرأ قراءات القداس الإلهي في الليلة السابقة، وخذ قسطًا كافيًا من النوم، كي تتجنب الإرهاق الجسدي قبل الحضور في القداس. شارك في القداس الإلهي بكل كيانك … اجلس في الصفوف الأمامية. احضر مُبكِّرًا … وقوفك في القداس الإلهي سيملأ قلبك بالخشوع وكأنك تمجد الله بتلك الصحة التي منحك إياها. اشترك في صلوات القداس الإلهي … سبِّح الله بالمردات والألحان وأنصت للقراءات وتعلَّم من السنكسار والعظة. عِش صلوات القداس الإلهي بفاعلية … عِش مع المسيح صلبَه وقيامتَه وانتظار الكنيسة لمجيئه الثاني بجهاد روحي مستمر. ارفع قلبك بالصلوات سواء التي تمجِّد فيها الله على عِظم صنيعه معنا، أو التي تطلب فيها غفران خطاياك، أو تصلِّي لأجل المتألِّمين والمرضى والذين رقدوا. استمتع بعِشرة القديسين في المجمع المقدَّس، ومن خلال الأيقونات … انظر إلى نهاية سيرتهم وتمثَّل بإيمانهم. أتركك الآن مع باقة من أقوال الآباء عن القداس الإلهي: [إن اتحادنا بالمسيح بتناولنا من جسده ودمه، أسمى من كل اتحاد](القديس أثناسيوس الرسولي) [أعطانا (الله) جسده الحقيقي ودمه، لكي تتلاشى قوة الفساد، ويسكن في أنفسنا بالروح القدس، ونصير شركاء بالقداسة وأناسًا روحيين](القديس البابا كيرلس عمود الدين) [إن المائدة السرية جسد المسيح تمدنا بالقوة ضد النزوات وضد الشياطين، ذلك لأن الشيطان يخاف من هؤلاء الذين يشتركون في الأسرار بوقار وتقوى](القديس البابا كيرلس عمود الدين) [نحن الكثيرين صرنا واحدًا، جسدًا واحدًا؛ لأننا جميعًا نشترك في الخبز الواحد](القديس يوحنا ذهبي الفم) [إن رئيس كهنتنا الأعظم قدَّم الذبيحة التي تُطهِّرنا على الصليب ومن ذلك الوقت إلى الآن نُقدِّم نحن أيضًا هذه الذبيحة نفسها، وهذه الذبيحة غير الفانية وغير النافدة (لأنها غير محدودة) هي نفسها ستُتَمَّم إلى انقضاء الدهر حسب وصية المخلِّص: ”هذا اصنعوه لذكري“] (القديس يوحنا ذهبي الفم) في النهاية أودُّ أن أقدِّم لك تدريبًا عمليًّا يقودك لعمق صلوات القداس الإلهي، سأتركك عزيزي القارئ مع إحدى صلوات القسمة التي تُقال في القداس الإلهي؛ لتتأمَّلها ثم تُدَوِّن تأمُلك، وصلاة شخصية منها: [أيها الابن الوحيد الإله الكلمة الذي أحبنا، وحبه أراد أن يُخلِّصنا من الهلاك الأبدي ولما كان الموت في طريق خلاصنا، اشتهى أن يجوز فيه حُبًّا بنا. وهكذا ارتفع على الصليب ليحمل عقاب خطايانا، نحن الذين أخطأنا، وهو الذي تألَّم. نحن الذين صِرنا مديونين للعدل الإلهي بذنوبنا، وهو الذي دفع الديون عنَّا. لأجلنا فضَّل التألُّم على التنعُّم، والشقاء على الراحة، والهوان على المجد، والصليب على العرش الذي يحمله الكاروبيم. قَبِلَ أن يُربَط بالحبال، ليحلنا من رباطات خطايانا، وتواضع ليرفعنا، وجاع ليُشبعنا، وعطش ليروينا، وصَعِد إلى الصليب عُريانًا ليكسونا بثوب برِّه، وفُتح جنبه بالحربة لكي ندخل إليه ونسكن في عرش نعمته، ولكي يسيل الدم من جسده لنغتسل من آثامنا، وأخيرًا مات ودُفن في القبر ليُقيمنا من موت الخطية ويُحيينا حياةً أبديةً. فيا إلهي إن خطاياي هي الشوك الذي يُوخز رأسك المقدَّسة، أنا الذي أحزنتُ قلبك بسروري بملاذ الدنيا الباطلة. وما هذه الطريق المؤدية للموت التي أنت سائر فيها يا إلهي ومخلِّصي، أي شيء تحمل على منكبيك؟ هو صليب العار الذي حملتَه عوضًا عني. ما هذا أيها الفادي؟ ما الذي جعلك ترضَى بذلك؟ أيُّها العظيم؟! أيُذَلُّ الممجَّد؟! أيوضَع المُرتفع؟! يا لعِظم حُبك!! نعم هو حُبك العظيم الذي جعلك تقبل احتمال كل ذلك العذاب من أجلي. أشكرك يا إلهي وتشكرك عني ملائكتك وخليقتك جميعًا لأني عاجز عن القيام بحمدك كما يستحق حُبك، فهل رأينا حُبًّا أعظم من هذا؟! فاحْزَني يا نفسي على خطاياكِ التي سبَّبت لفاديكِ الحنون هذه الآلام. ارسمي جُروحَه أمامكِ، واحتمي فيه عندما يهيج عليكِ العدو. أعطِني يا مخلِّصي أن أعتبر عذابَكَ كنزي، وإكليلَ الشوكِ مَجدي، وأوجاعك تنعُّمي، ومرارتك حلاوتي، ودمك حياتي، ومحبتك فخري وشُكري. يا جراحَ المسيح اجرحيني بحرْبَةِ الحُبِّ الإلهي، يا موتَ المسيح، أسكرني بحبِّ مَنْ مات من أجلي، يا دَمَ المسيح، طهِّرني من كلِّ خطية. يا يسوع حبيبي، إذا رأيتني عضوًا يا بسًا، رَطِّبني بزيت نعمتك وثبِّتني فيك غُصنًا حيًّا أيها الكرمةُ الحقيقية؟ وحينما أتقدَّم لتناول أسرارك، اجعلني مستحقًا لذلك ومؤهَّلًا للاتحاد بكَ لكي أناديك أيها الآب السماوي بنغمة البنين قائلًا: أبانا الذي …]. قداسة البابا تواضروس الثاني
المزيد
06 نوفمبر 2025

نساء فى سفر التكوين حواء

حواء السيدة ذات الشرف المميز المرجع الكتابي : ( تك ۲ ، ۳ : ۲ کو ۱۱ : ۱۱۳ تی ۱۳:۲ ) . معنى الاسم : سميت حواء إمرأة لأنها من إمرء أخذت ( تك ٢ : ۲۳ ) . ليس لفظ إمرأة إسماً عاماً يُطلق على الجنس الحريمي ولكنه أطلق على حواء لأنها مرتبطة دائماً بعلاقة الزواج بآدم منذ خلقتها . لقد خلقت لتكون واحدة معه ، معينة له، سميت سيدة وتعنى في أدب الله زوجة رجل. كما أطلق الله على آدم وحواء إسم آدم إذ يقول الكتاب المقدس : ذكراً وأنثى خلقه وباركه ودعا اسمه آدم يوم خلق » ( تك ٢:٥). يفهم من هذا الاسم الشامل أن القصد الإلهى من الزواج ليس هو المصادقة بين الرجل والمرأة فقط بل تكوين وحدة لا تنفك بينهما . خلقهما الله جسداً واحداً وأعطاهما اسماً واحداً آدم أطلق عليها اسم حواء بعدما سقطا في الخطية ( ودعا آدم اسم إمرأته حواء لأنها أم كل حي » (تك ٣: ١٦ ، (۲۰) هذا الاسم يعنى أنها هي الأولى . حواء معناه حياة، أو معطى الحياة، أو أم كل حي، وحياتها فينا جميعاً . لماذا غير آدم اسم زوجته إلى حواء فقد كان اسمها هو اسمه آدم ؟! لقد أطلقه آدم بروح النبوة حتى لا ينظر إليها أنها هي التي جذبت آدم والجنس البشرى الخطية المخالفة، بل من نسلها سيأتي مخلص البشرية وفاديها ليهب البشرية الحياة والخلود الدائم لقد تميزت حواء على بقية نساء العالم بأنها البادئة بأمور كثيرة : الإمتياز الأول : حواء السيدة الأولى التي عاشت على الأرض . كانت حواء ثمرة خلقة الله للإنسان لقد خلقها سيدة كاملة ومثالية فلم تكن أبداً طفلة أو إبنة أو بكرة بل أول سيدة وجدت في العالم. أول أنثى في العالم كانت ابنة حواء الأولى وكانت أيام آدم بعدما ولد شيئا ثماني مئة سنة وولد بنين وبنات » (تك ٤:٥) لقد ولد آدم وحواء الكثير من البنين والبنات ولا نعرف عنهم شيئاً . أما حواء فلم يلدها أحد بل كونت بطريق إلهى مقدس من واحد من أضلاع آدم، كونها الله وجبلها على الأرض خلق آدم من تراب الأرض ، أما حواء فقد كونها الله من ضلع آدم كان آدم تراباً منقى، أما حواء فكانت تراباً منقى مرتين لقد خلق الله حواء من ضلع آدم الذي تحت ذراعه ، يستخدم الذراع في حماية الجسد من الضربات لذلك فعمل الزوج هو صد الضربات عن زوجته وحمايتها والعناية بها إن التطبيق الروحي لخلقة حواء من جنب آدم هو سر عروس الحمل التي نالت حياتها من الجنب المجروح لكن واحداً من العسكر طعن جنبه بحرية وللوقت خرج دم وماء ليتم الكتاب » (يو ۱۹ : ٣٥، ٣٦) ولها مكانة أفضل من حواء فهي أقرب إلى قلبه فقال إرميا تراءى لى الرب من بعيد ومحبة أبدية أحببتك من أجل ذلك أدمت لك الرحمة » (إر ۳۱ :۳) وغاية الحمل أن يرافق العروس في فردوس القداسة من يغلب فسأعطيه أن يأكل من شجرة الحياة التي في وسط فردوس الله » (رؤ ۲ : ۷). هلم فأريك العروس إمرأة الخروف » ( رؤ٩:٢١ )إن زواج الحمل للعروس أى كنيسة المسيح المفدية بدمه سيكون في السماء مثلما تم لحواء. الأمتياز الثاني : حواء السيدة الأولى التي أطلق عليها اسم زوجة . حواء تكونت من آدم لذلك صارت شريكة له . لقد رأى الله آدم في كمال الطهارة، ولكن ليس جيداً أن يكون وحده، ومن الأفضل له روحياً ونفسياً واجتماعياً أن يكون له زوجة. إنه محتاج لأحد يحبه ويلد له أولاداً ليتمم غرض الله من خلقه العالم ( وقال الرب الإله ليس جيداً أن يكون آدم وحده فأصنع له معيناً نظيره » وكلمة نظيره تعين عمل المرأة من جهة الرجل، إنها نظيرة فليست عبدة للرجل كما يعاملها كثير من الشعوب في العالم. إنما هي نظيرة للرجل، وبعد زواجهما يكونان جسداً واحداً وقلباً واحداً بالحب والعطف والرعاية والفكر المتبادل . حواء كونها الله وكان آدم نائماً ولم يشعر آدم بأي ألم عندما أجرى الله هذه العملية في جنبه وكم يعمل الله من أجل أحبائه وهم نائمون !! يرنم داود النبي بذلك ويقول : « إن لم يبن الرب البيت فباطلاً يتعب البناؤون، إن لم يحفظ الرب المدينة قباطلاً سهر الحراس ..... لكنه يعطى حبيبه نوماً » (مز : ۱ ۱۳۷ ) . الإمتياز الثالث : كانت حواء أجمل سيدة عرفها العالم . جيل بعد جيل تفنن الإنسان في تجميل الجسد والخلفة ، أما حواء فضاقت الكل في الجمال، إنها خلقت بواسطة الله الكامل، وعكست حواء بجمالها الكمال الإلهى. لم يكن جمالها جمالاً مفتعلاً، فالوجه والتقاطيع والكسم كانت أكمل ما يحدث لسيدة لأنها عمل إلهى، عندما رآها آدم تعجب بها وأنشد أول أنشودة حب في العالم السيدة وقال : ( هذه الآن عظم من عظمى ولحم من لحمى. هذه تدعى إمرأة لأنها من أمره أخذت » ( تك ٢٣:٣ ) . إنها كانت أجمل سيدة في العالم لأن الله الكامل كونها .. الإمتياز الرابع : أنها السيدة الأولى والوحيدة التي ولدت بدون إتم . حواء المرأة الأولى التي ولدت بدون خطية فقد كونتها يد القدير. كانت لها ميزات حسنة لم تنلها أية سيدة أخرى كانت نقية وطاهرة، ولها الرؤيا الإلهية. كانت تتكلم هي وآدم مع الله وجها لوجه . ومع أنها خلقت بدون خطية إلا أنها كانت الخاطئة الأولى في العالم، وأورثت الخطية الذريتها، حينئذ صار الكل مولودين بالخطية، وأصبحت الخطية لها فاعلية في النفس البشرية فيقول بولس الرسول : حينما أريد أن أفعل الحسنى (أحد) أن الشر حاضر عندى » ( رو ۲۱:۷) (أرى ناموساً آخر من أعضائي يحارب ناموس ذهني ويسبيني إلى ناموس الخطية الكائن في أعضائي ويحى أنا الإنسان الشقى » (رو٧ : ٢٣، ٢٤) . لقد خلق الله حواء طاهرة نقية عفيفة غنية في العطايا الروحية والمادية ومع ذلك إنحدرت للخطية وأعطت زوجها فأكل وأخطأ. إنها خليفة الله التي لا تبارى في الجمال، وكمال الجسد والعقل، ولكن الخطية هدمتها وطردتها من الفردوس إلى عالم الأشواك والآلام والدموع . الإمتياز الخامس : حواء كانت الأولى التي هاجمها الشيطان . قبل خلقة حواء خلق الله الملائكة ، أرواحاً خادمة مرسلة لأجل العتيدين أن يرثوا الخلاص (عب 1: (١٤) ولكن إبليس وجنوده عصوا الله فسقطوا من رتبهم السمائية .. وجه إبليس حروبه ضد خليفة الله التي على صورته ومثاله حسداً منه للجبلة البشرية. إقترب من حواء متفاهما وأفتتنت حواء بكلامه ومنطقه ولم يكن لها دراية سابقة بحيله ولا بالخطية. إن الخطية لم تكن معروفة لآدم وحواء عندما خلقهما الله بالبر والقداسة، فأغوت حواء بكلام الشيطان، ولم تدرك السم من وراء اقتراح الشيطان المهذب . لم يقل الشيطان الموجود في الحية الحواء أن تخطىء، بل أدخل في ذهنها بطريقة مغرية مبطنة بمكره أنه ليس هناك خطأ من أكلها من الشجرة المنهى عنها من الله . لم تكن الغواية في حد ذاتها رغبة في فعل الخطية بل رغبة في التملك تكونان كالله عارفين الخير والشر» (تك ٥:٣) لو قال الحواء أسرقا أو خالفا الله لرفضت كلامه بل قال لها انظرى الشجرة فرأت المرأة أن الشجرة جيدة للأكل. إن الخطية من عهد آدم وحواء تكسى نفسها بثوب ملائم يتجاوب مع نفسية المجرب . لقد نجح الشيطان في إظهار الطريق المنحدر كأنه طريق يوصل للأفضل بأن يكونا كالله عارفين الخير والشر. حواء استسلمت لحيلة الشيطان، والطريق المؤدى الهلاكها وسقوطها أصبح وشيكاً فرأت واشتهت وأكلت . إن الشجرة جيدة للأكل ... أغوى الشيطان الميل الجسدي . والشحرة شهية للنظر .... أغوى الشيطان حواسها . والشجرة تهب وعياً ومركزاً وشرفاً ... أغوى الشيطان ذاتها وشخصيتها . فالشجرة تعطيها معرفة الخير والشر كالله . حارب الشيطان حواء بإثارة شهوة الجسد ، وشهوة العين ، والتعظم على الله فتصير مثله عارفة الخير والشر. أما آدم فلم يمنع زوجته من أكل ثمرة شجرة معرفة الخير والشر بالرغم من صدور الأمر الإلهى له ولحواء قائلاً : ( وأما ثمر الشجرة التي في وسط الجنة لا تأكلا منه ولا تمساه لثلا تموتا » ( تك ٤:٣ ) . إن لم يكن آدم هو الأول الذي قطف الثمرة من الشجرة، فإنه كان واقفاً تحتها عندما رأى زوجته تقطف منها، وكان موافقاً على ذلك، واشترك معها في الأكل من الثمرة المنهى عنها . لما واجه الله آدم بخطيئة العصيان والمخالفة دفع آدم بأنه غير مسئول عن الخطأ بل حواء كما أوقع إتهاماً على الله نفسه قائلاً : المرأة التي جعلتها معى هي أعطتني من الشجرة فأكلت » ( تك ۳ : ۱۲) كأنه يقول الله لو كنت تعلم أن حواء سوف تغويني لماذا خلقتها لي ! إن رد آدم على الله كان رداً ضعيفاً كما يرد تلميذ على مدرسه وهو مخطىء فينسب الذنب على طالب آخر. آدم هو رأس البشرية وينسب له الكتاب المقدس خطايا البشر فيقول بولسن الرسول : « من أجل ذلك كإنما بإنسان واحد دخلت الخطية إلى العالم وبالخطية الموت وهكذا إجتاز الموت إلى جميع الناس إذ أخطأ الجميع» (روه:١٢). لقد أخطأ آدم وأخفى إثمه في حضنه، لذلك عاقبه الله بألم الولادة، والشقاء في العالم، ولعنة الأرض، والطرد من الفردوس، وإصابة الإنسان بالأمراض والموت . الإمتياز السادس : حواء أول خياطة في العالم : كان آدم أول فلاح في الأرض وكانت حواء أول خياطة تفصل الكساء من ورق الشجر «فخاطا أوراق تين وصنعا لأنفسهما مآزر» (تك ٧:٣). الملابس تذكرنا بالخطيئة : لما كان أبوانا الأولين في حالة طهر ونقاوة لم يشعرا بالخجل لأنهما لم يكن لديهما شركة مع الخطية « وكانا كلاهما عريانين آدم وإمرأته وهما لا يخجلان ( تك ٢٥:٢). في حالة البر لم يكونا محتاجين إلى خجل الوجه أما بعد الخطية فصارت عيونهما مفتوحة فعرفا أنهما عريانان . الخجل والخطية صنوانان متلازمان فالخجل تعبير عن الأسف لفعل الخطية أو إحتجاج نفسى ضد الخطية. لقد خجلت نفس عزرا الخطيئة شعبه ولإرتباطهم بشعوب الأرض فقال للرب : « إنى أخجل وأخرى من أن أرفع يا إلهي وجهى نحوك لأن ذنوبنا قد كثرت فوق رؤوسنا وآثامنا تعاظمت إلى السماء» (عزرا عند شعورهما بالعرى لماذا بحث آدم وحواء عن كساء ؟ ليس السبب فقط لأنهما عرفا أنهما عريانان ولكنهما تعرضا لنظرة من الله الذي أخطاءا ضده. إن ورق التين الذي صنعاء لكسوتهما لم يكن كافياً ليخبئهما من نظرة الله الفاحصة ، لذلك إختبأ آدم وإمرأته من وجه الرب الإله في وسط شجر الجنة (تك ٨:٣) ومع ذلك شعرا أنهما عريانان وأرادا أن يغطيا نفسيهما بأعذار واهية لذلك قال سليمان في الأمثال : « من يكتم خطاياه لا ينجح ومن يقر بها ويتركها يرحم» (أم .(۱۳:۲۸ طرح الله الأغطية التي صنعاها أولاً لنفسيهما وصنع الرب الإله لآدم وإمرأته أقمصة من جلد وألبسهما ( تك (۳ : ۲۱) وأسس الله بذلك طقساً جديداً فالجلد يشير إلى الذبيحة الدموية المذكورة في العهد القديم وبالذبيحة يكتسى الإنسان بنعمة غفران الخطية بدون سفك دم لا تحصل مغفرة » وهذه ترمز إلى ذبيحة المسيح التي ستقدم في ملء الزمان على الصليب فوق الجلجثة وبواسطة هذه الذبيحة المقدسة الإلهية سيلبس المسيح كل المؤمنين به السائرين في طرقه ثوب البر والقداسة . الامتياز السابع : حواء السيدة الأولى التي أنجبت إبناً سفاكاً للدماء . ما هي الآلام المرة التي تعاقبت على آدم وحواء بعد السقوط ؟ أنجبت حواء إبنها البكر وسمته قايين وقالت إقتنيت رجلاً من عند الرب ثم عادت فولدت أخاه هابيل ومعناه نسمة أو بخار، وكان راعياً للغنم بينما كان أخوه مزارعاً للأرض . كان هابيل تقياً حتى أن المسيح لقبه بالصديق ( مت ۲۳ : ٣٥). وحدث أن قدم هابيل باكورة أغنامه وسمانها قرباناً للرب أما قايين فقدم قربانه من ثمار الأرض. فقبل الرب قربان هابيل ولم ينظر إلى قربان أخيه الأكبر لأن تقدمة هابيل تحوى معنى الذبيحة أراد الله بذلك أن يعلم البشرية القانون الإلهي أنه بدون سفك دم لا تحصل مغفرة . غضب قايين وقتل أخاه هابيل وأصبح هابيل أو شهيد في الأرض وقايين أول محرم وسفاح. كان الشيطان وراء خطية قتل قايين لأخيه : فكم أثار شهوة أمه وأكلت من الشجرة كذلك أثار كرامة قايين فقام وقتل أخاه هابيل أنكر قايين الجريمة لما سأله الرب عن أخيه فلعنه الرب وطرده من سكنه وأقام في أرض نود شرقي عدن (تك ٤ : ١-١٦ ) . لقد شهد يوحنا في رسالته الأولى بأن أعمال هابيل بارة وندد بأعمال أخيه الشريرة ( ١ يو ١٢:٣) وقال بولس الرسول أنه قدم ذبيحة الله أفضل من قايين إذ شهد الله لقرابينه و به وإن مات يتكلم بعد (عب ٤:١١). بعد حادث قتل هابيل وهب الله لحواء إبناً ثالثاً سمته شيئاً قائلة لأن الله قد وضع لى نسلاً آخر عوضاً عن هابيل لأن قايين كان قد قتله. بتسمية الابن الثالث شيئاً أعلنت حواء إيمانها بمحبة الله ورحمته وعنايته . ومن نسل شيث أتى إبن المرأة الذي يسحق رأس الحية وأسس النسل المقدس كنيسة المسيح . لقد إختفى اسم حواء من الكتاب المقدس ولم يذكر بعد ذلك سوى مرتين في العهد الجديد . لقد شاركت حواء الحياة مع آدم ٩٣٠ سنة وأنجبت عدداً لا يحصى من البنين والبنات ولا نعرف عنهم شيئاً سوى الثلاثة الأبناء «قايين وهابيل وشيث » . الإمتياز الثامن : حواء هي الأولى التي تسلمت النبوة الإلهية عن الصليب . حواء الخاطئة الأولى رأت ثمر إثمها عندما وقفت أمام أول قبر على الأرض و دفنت جسد ابنها هابيل بعدما اعترفت بأنها أكلت من الشجرة المنهى عنها سمعت الله يكلم الحية القديمة قائلاً : « وأضع عداوة بينك وبين المرأة وبين نسلك ونسلها هو يسحق رأسك وأنت تسحقين عقبه » ( تك ١٥:٣). بهذا الوعد الإلهي عن الفادي إبتدأ الطريق القرمزي الذي ينتهى عند الصليب. لقد ولد المسيح من إمرأة إنتصرت إنتصاراً كاملاً على الخطية والشيطان، ونذرت البتولية الكاملة ، وعاشت في الحكمة الإلهية فقالت للملاك : كيف يكون لي هذا وأنا لست أعرف رجلاً » بحواء الأولى دخلت الخطية والموت للعالم ، وبحواء الثانية نال العالم الخلاص وأشرق عهد البر والقداسة على البشرية عندما صلب المسيح على الصليب، وسحق رأس الشيطان، وفتح الفردوس لآدم وبنيه وقال قد أكمل. ماذا نتعلم من سيرة حواء : نتعلم من حواء الطرق والحيل الشيطانية لإيقاع الإنسان في الخطية . إنه يلبس الخطية ثوباً زاهياً براقاً ليجذب الأنظار إليها. إنه يغرى الإنسان بنفس الطريقة التي أغرى بها حواء ليجعل من الخطية لؤلؤة يشبع بها الجسد وشهوة العين وتعظم المعيشة، لكن بالمسيح يسوع يعظم إنتصارنا، لأنه كما جرب يستطيع أن يعين المجربين. لقد وعد بالانتصار لكل الملتجئين إليه . ونتعلم تأثير المرأة على الرجل إذا سقطت يسقط الرجل معها وإذا عاشت في القداسة تقدس قلب رجلها، وإمتلأ بهجة وسروراً روحياً ونتعلم أننا لا نخطىء عندما نجرب ، ولكننا نخطىء عندما تنحنى أمام التجربة ونطاوع الخطية، أما إذا رفضناها سيستمر فردوس حياتنا مفتوحاً، ورؤيتنا للرب فيه واضحة، وملائكة الله حارسة لنا في كل تجاربنا . المتنيح القس يوحنا حنين كاهن كنيسة مارمينا فلمنج عن كتاب الشخصيات النسائية فى الكتاب المقدس
المزيد
05 نوفمبر 2025

الفضائل الأمهات المحبة، التسليم، الاتضاع

هناك فضائل جزئية، يتعب الإنسان جاهدًا، حتى يصل إليها وهناك فضائل أمهات، تشمل العديد من الفضائل داخلها، وعن هذه نريد أن نتكلم في مقدمة هذه الفضائل: المحبة وقد قال السيد المسيح عن هذه الفضيلة، إنه بها يتعلق الناموس كله والأنبياء وشرح بولس الرسول للعناصر العديدة التي تتضمنها فضيلة المحبة فقال أنها تتأنى، وتترفق، وأنها لا تحسد، ولا تتفاخر، ولا تنتفخ، ولا تقبح، ولا تطلب ما لنفسها، ولا تحتد، ولا تظن السوء، ولا تفرح بالإثم بل تفرح بالحق، وتحتمل كل شيء، وتصدق كل شيء، وترجوا كل شيء، تصبر على كل شيء ولا تسقط أبدًا (1كو 13) فالذي يقتنى المحبة، يقتنى كل هذه الفضائل وكل ما ذكره بولس الرسول هو من محبتنا للقريب أما محبتنا لله، فإنها تشمل ولا شك أمورًا عديدة تشمل الصلاة بكل درجاتها، التأمل، والهذيذ، وقراءة الكتاب المقدس، ومحبة الكنيسة، ومحبة الأسرار الكنسية، والاجتماعات الروحية، والصوم، والمطانيات كما تشمل أيضًا إطاعة جميع الوصايا، لأن الرب يقول "مَنْ يحبني يحفظ وصاياي". ومن الفضائل الأمهات أيضًا: حياة التسليم.. وحياة التسليم معناها أن يسلم الإنسان حياته تسليمًا كاملًا للروح القدس العامل في قلبه، ليدبر حياته ومن هنا تظهر في هذا الإنسان ثمار الروح التي شرحها بولس الرسول في (غل 5: 22) فقال وأما ثمر الروح فهو محبة، فرح، سلام، طول أناة، لطف، صلاح، إيمان، وداعة، تعفف. ومن الفضائل الأمهات: فضيلة الاتضاع.. والإنسان المتضع، يقتنى الوداعة، والهدوء، والبعد عن الغضب، وإدانة الآخرين، والبعد عن القسوة ويشمل الاتضاع انسحاق القلب، ولوم النفس، وفضيلة الدموع، والحب، ومباركة كل أحد، وطلب بركة كل أحد، والاستماع أفضل من التكلم، وعدم التعالي، وعدم الافتخار، وعدم الحديث عن النفس، والرضا لكل شيء، والقناعة، والشكر، والبساطة. قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث عن كتاب كلمة منفعة الجزء الثانى
المزيد
04 نوفمبر 2025

العودة إلى الحياة

معجزة إقامة ربنا يسوع المسيح لابن أرملة نايين، والتي نقرأها في إنجيل الأحد الرابع من شهر بابه، هي معجزة انفرد بذكرها إنجيل معلمنا القديس لوقا (لو7: 11-17)، وهي إحدى ثلاث معجزات لإقامة موتى ذكرهم الكتاب المقدّس بالتفصيل، مع إقامة ابنة يايرس (مت9، مر5، لو8)، وإقامة لعازر (يو11).هذه المعجزة تحمل العديد من المعاني الجميلة.. وسأكتفي ببعض تأملات تلّغرافية مختصرة في بعض هذه المعاني: منظر الشاب المحمول ميّتًا، هو منظر البشريّة التي كانت سائرة إلى الهاوية، فافتقدها المسيح وغيّر مسارها.. أحياها وعاد بها مرّة أخرى..! وهو أيضًا منظر كل نفس ماتت في الخطيّة، والكنيسة تبكي عليها.. فيأتي المسيح ويحييها، ويردّها بفرح لحضن الكنيسة أمّها..! المسيح هو الشخص الوحيد الذي يمكنه إيقاف مسيرة الموت هذه.. هو الوحيد القادر على تحويل الموت إلى حياة والأحزان إلى أفراح.. هو الوحيد الذي يستطيع إعادة الإنسان إلى الحياة بعد الموت..! الموت هو ثمرة الخطيّة.. ثمرة مُرّة جدًّا.. تكشف عن بشاعة الخطيّة، وخطورة الاستهانة بها مهما بَدَتْ صغيرة..! منظر الجنازة يكشف كيف أن الإنسان لن يخرج من العالم بشيء.. فلابد أن يعمل حسابًا لهذا اليوم، ولا يضع رجاءه في هذا العالم ولا في أمواله.. ولعلّ القدّيسين من أمثال الأنبا بولا أول السواح يعطوننا النموذج في الاستفادة من مثل هذه الظروف..! «تحنّن عليها، وقال لها لا تبكي».. حنان المسيح هو قاعدة الانطلاق التي نبعت منها كلّ تدابير خلاصنا، وهو لا يزال الينبوع الذي يفيض بالبركة والفرح على كلّ ألمَ مُقبِلين إليه «ثم تقدّم ولمس النعش» لَمْس النعش إشارة للتلامس مع محبة المسيح وقوّته، وإشارة أيضًا إلى القوّة التي نحصل عليها من التلامس مع جسد المسيح ودمه الأقدسين في التناول من الأسرار المقدّسة «أيها الشاب لك أقول قُم» كلمة المسيح مُقتدرة في فعلها لقد استَدعى بكلمة بسيطة روح الشاب من أعماق الهاوية.. فهو القادر أن يهب الحياة لمن يشاء (يو5: 21) لأنه رئيس الحياة (أع3: 15) لذلك عندما مات على الصليب لم يستطِع الموت أن يمسكه (أع2: 24)، بل هو الذي ربط الشيطان وكسر سلطانه علينا «فجلس الميت وابتدأ يتكلّم، فدفعه إلى أمّه» بعد القيامة (التي ننالها في سِر المعموديّة، وتمتدّ في حياتنا بالتوبة) يقدّمنا المسيح إلى الكنيسة أمّنا، لكي نرتمي في أحضانها، ونعيش تحت ظِلّ أمومتها نتمتّع بغناها ودفء محبّتها، وبما تعدّه لنا من أطعمة لذيذة ومغذية، التي هي الأسرار المقدّسة والتعاليم الآبائية المُشبِعة..! «افتقد الله شعبه» هو دائمًا يفتقدنا يمرّ علينا يريد أن يغيّر حياتنا إلى أفضل يهتمّ بأن يُحوِّل أحزاننا إلى أفراح ودموعنا إلى بهجة وتهليل يشتاق أن يغيِّر مسيرتنا من الاتجاه للقبر إلى اتجاه العودة مرّة أخرى للحياة الله دائمًا يفتقدنا بلمساته وكلماته، فطوبى لمن يتجاوب مع هذه اللمسات وهذه الكلمات، وأقصد بها التناول والعظات فتتجدّد حياته، ويتغيّر مساره، وتتحوّل أحزانه ودموعه وحسرته إلى أفراح وتهليل وبركات..! القمص يوحنا نصيف كاهن كنيسة السيدة العذراء شيكاغو
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل