المقالات
07 نوفمبر 2025
ذبيحة الحب
” هذه المائدة هي عضد نفوسنا .. رباط ذهننا .. أساس رجائنا وخلاصنا ونورنا وحياتنا. عندما ترى المائدة معدَّة قُدامك قُل لنفسك: من أجل جسدهِ لا أعود أكون ترابًا ورمادًا، ولا أكون سجينًا بل حُرًّا. من أجل هذا الجسد أترجى السماء“(القديس يوحنا الذهبي الفم)
مزمور لداود «اَلرَّبُّ رَاعِيَّ فَلاَ يُعْوِزُنِي شَيْءٌ. فِي مَرَاعٍ خُضْرٍ يُرْبِضُنِي. إِلَى مِيَاهِ الرَّاحَةِ يُورِدُنِي. يَرُدُّ نَفْسِي يَهْدِينِي إِلَى سُبُلِ الْبِرِّ مِنْ أَجْلِ اسْمِهِ. أَيْضًا إِذَا سِرْتُ فِي وَادِي ظِلِّ الْمَوْتِ لاَ أَخَافُ شَرًّا، لأَنَّكَ أَنْتَ مَعِي. عَصَاكَ وَعُكَّازُكَ هُمَا يُعَزِّيَانِنِي. تُرَتِّبُ قُدَّامِي مَائِدَةً تُجَاهَ مُضَايِقِيَّ. مَسَحْتَ بِالدُّهْنِ رَأْسِي كَأْسِي رَيًّا. إِنَّمَا خَيْرٌ وَرَحْمَةٌ يَتْبَعَانِنِي كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِي، وَأَسْكُنُ فِي بَيْتِ الرَّبِّ إِلَى مَدَى الأَيَّامِ» (مز 23).
اقرأ المزمور السابق مرة أخرى ثم دعنا نتأمل فيه قليلًا يقدِّم لنا هذا المزمور صورة عن الحياة المسيحية … فالمراعي الخُضر هي كلمة الله وماء الراحة هو المعمودية … بينما يمثل وادي ظل الموت الدفن في المعمودية، والدُهن كذلك يمثِّل الميرون. أمَّا المائدة فهي سر الإفخارستيا، والكأس هو عصير الكرمة، وبيت الرب هو الكنيسة.
إنها ذبيحة الحب الإلهي في سر الإفخارستيا أو التناول المقدَّس الذي هو:
نعمة غير منظورة من خلال القداس الإلهي الذي يمثل قمة الصلوات المسيحية، فالقداس الإلهي سواء بصلوات الأب الكاهن أو مردات الشعب غني بالطقوس والقراءات الكتابية والألحان والمدايح.
الله صاحب كل النعم في حياتك وليس لك فضل في شيء، وفي سر الإفخارستيا كأنك تأخذ مما أعطاك الله لتشكره به، فتصير ذبيحة الخبز والخمر ذبيحة شُكر، وبعد التقديس تصير الذبيحة جسد ودم المسيح بالحقيقة.
المسيح هنا هو الكاهن والذبيحة … ففي كل مرة تحضر القداس الإلهي كأنك في وقت الصليب تمامًا والمسيح المصلوب هو حاضر، فهل عندما تتقدَّم لهذا السر تشعر بحضور المسيح فيه؟
القداس الإلهي خارج حيز الزمن وكأن المسيح يُذكِّرنا: «خُذُوا كُلُوا. هذَا هُوَ جَسَدِي» (مت 26: 26)، وهذا ما يكرِّره الأب الكاهن في القداس عن فم المسيح، وبفاعلية عمل الروح القدس.
يقول الآباء: [المسيحيون يُقيمون سر الإفخارستيا، وسر الإفخارستيا يُقيم المسيحيين].
أتتساءل الآن: لماذا لا أشعر بفائدة من القداس الإلهي؟
هناك أسباب عدة منها:
الحضور المتأخر: كل صلوات القداس منذ بدايتها (عشية – باكر – تقدمة الحَمَل – قداس الموعوظين – قداس المؤمنين) إلى نهايتها وحدة واحدة، وعدم حضور أي منها يُفقدك جوهرة ثمينة من جواهر القداس الإلهي، فضلًا عن غياب التهيئة المناسبة للحضور بالاستعداد الذهني والروحي والجسدي.
الحضور الروتيني: وفي ذلك عدم الاشتراك في المردات والألحان، فالقداس الإلهي هو سيمفونية مقدَّسة مُشتركة بين الكاهن والشماس والشعب. فضلًا عن عدم التركيز والسرحان والانشغال بأمور الحياة، ويتبقَّى لنا في هذه النقطة … الانشغال بالإداريات مثل: جمع العطاء، البيع، التنظيم … التي بدورها تعوِّق الإنسان عن التمتُّع بالقداس الإلهي. في الكنيسة نحن مشاركون ولسنا مشاهدين.
الحضور الشكلي: ولهذه النقطة أشكال عدة مِثْل: عدم التناول، عدم الاعتراف، وكذلك الجلوس في آخر الكنيسة ومحادثة الآخرين، الدخول والخروج كثيرًا أثناء الصلوات …
كل ما سبق وغيره يمثِّل أساليب عدة يحاول بها عدو الخير أن يمنعك عن التمتُّع بالقداس الإلهي، وبالتالي عن الشبع بالمسيح وعدم الشعور بفائدة الحضور.
خلال الفترات السابقة ومع انتشار وباء كورونا، أُغلِقت الكنائس بعض الوقت وصار هناك حضور الكنيسة محدودًا عددًا ووقتًا، وشعرنا باحتياجنا الشديد للكنيسة ولذا نصلِّي ونطلب شفاعة العذراء مريم: اجعلي أبواب الكنائس مفتوحة للمؤمنين.
يقول سفر المزامير: «تَلَذَّذْ بِالرَّبِّ فَيُعْطِيَكَ سُؤْلَ قَلْبِكَ» (مز 37: 5).
الآن: كيف أتلذَّذ من القداس الإلهي؟
في خطوات عملية سأوضِّح لك كيف يمكنك التمتع بالقداس الإلهي … ولكن في البداية ضع في قلبك أن القداس الإلهي هو رحلة شَيِّقة للتمتع بالمعية الإلهية.
افهم سر الإفخارستيا … كُن واعيًا لعظمة السر وعمل المسيح فيه، وكأنك تستحضر بداخلك ما صنعه الفادي المحب لأجلك وقت الصليب.
في طريقك إلى الكنيسة ردِّد: «فَرِحْتُ بِالْقَائِلِينَ لِي: إِلَى بَيْتِ الرَّبِّ نَذْهَبُ» (مز 122: 1) … املأ قلبك وذهنك بالاستعداد لمقابلة ملك الملوك ورب الأرباب.
استعد بنفسك لكي ما تشعر بعمق هذا السر في حياتك، فالاستعداد النفسي سيُهيِّئ قلبك ليحل المسيح فيه … اقرأ قراءات القداس الإلهي في الليلة السابقة، وخذ قسطًا كافيًا من النوم، كي تتجنب الإرهاق الجسدي قبل الحضور في القداس.
شارك في القداس الإلهي بكل كيانك … اجلس في الصفوف الأمامية. احضر مُبكِّرًا … وقوفك في القداس الإلهي سيملأ قلبك بالخشوع وكأنك تمجد الله بتلك الصحة التي منحك إياها.
اشترك في صلوات القداس الإلهي … سبِّح الله بالمردات والألحان وأنصت للقراءات وتعلَّم من السنكسار والعظة.
عِش صلوات القداس الإلهي بفاعلية … عِش مع المسيح صلبَه وقيامتَه وانتظار الكنيسة لمجيئه الثاني بجهاد روحي مستمر.
ارفع قلبك بالصلوات سواء التي تمجِّد فيها الله على عِظم صنيعه معنا، أو التي تطلب فيها غفران خطاياك، أو تصلِّي لأجل المتألِّمين والمرضى والذين رقدوا.
استمتع بعِشرة القديسين في المجمع المقدَّس، ومن خلال الأيقونات … انظر إلى نهاية سيرتهم وتمثَّل بإيمانهم.
أتركك الآن مع باقة من أقوال الآباء عن القداس الإلهي:
[إن اتحادنا بالمسيح بتناولنا من جسده ودمه، أسمى من كل اتحاد](القديس أثناسيوس الرسولي)
[أعطانا (الله) جسده الحقيقي ودمه، لكي تتلاشى قوة الفساد، ويسكن في أنفسنا بالروح القدس، ونصير شركاء بالقداسة وأناسًا روحيين](القديس البابا كيرلس عمود الدين)
[إن المائدة السرية جسد المسيح تمدنا بالقوة ضد النزوات وضد الشياطين، ذلك لأن الشيطان يخاف من هؤلاء الذين يشتركون في الأسرار بوقار وتقوى](القديس البابا كيرلس عمود الدين)
[نحن الكثيرين صرنا واحدًا، جسدًا واحدًا؛ لأننا جميعًا نشترك في الخبز الواحد](القديس يوحنا ذهبي الفم)
[إن رئيس كهنتنا الأعظم قدَّم الذبيحة التي تُطهِّرنا على الصليب ومن ذلك الوقت إلى الآن نُقدِّم نحن أيضًا هذه الذبيحة نفسها، وهذه الذبيحة غير الفانية وغير النافدة (لأنها غير محدودة) هي نفسها ستُتَمَّم إلى انقضاء الدهر حسب وصية المخلِّص: ”هذا اصنعوه لذكري“] (القديس يوحنا ذهبي الفم)
في النهاية أودُّ أن أقدِّم لك تدريبًا عمليًّا يقودك لعمق صلوات القداس الإلهي، سأتركك عزيزي القارئ مع إحدى صلوات القسمة التي تُقال في القداس الإلهي؛ لتتأمَّلها ثم تُدَوِّن تأمُلك، وصلاة شخصية منها:
[أيها الابن الوحيد الإله الكلمة الذي أحبنا، وحبه أراد أن يُخلِّصنا من الهلاك الأبدي ولما كان الموت في طريق خلاصنا، اشتهى أن يجوز فيه حُبًّا بنا.
وهكذا ارتفع على الصليب ليحمل عقاب خطايانا، نحن الذين أخطأنا، وهو الذي تألَّم. نحن الذين صِرنا مديونين للعدل الإلهي بذنوبنا، وهو الذي دفع الديون عنَّا.
لأجلنا فضَّل التألُّم على التنعُّم، والشقاء على الراحة، والهوان على المجد، والصليب على العرش الذي يحمله الكاروبيم.
قَبِلَ أن يُربَط بالحبال، ليحلنا من رباطات خطايانا، وتواضع ليرفعنا، وجاع ليُشبعنا، وعطش ليروينا، وصَعِد إلى الصليب عُريانًا ليكسونا بثوب برِّه، وفُتح جنبه بالحربة لكي ندخل إليه ونسكن في عرش نعمته، ولكي يسيل الدم من جسده لنغتسل من آثامنا، وأخيرًا مات ودُفن في القبر ليُقيمنا من موت الخطية ويُحيينا حياةً أبديةً.
فيا إلهي إن خطاياي هي الشوك الذي يُوخز رأسك المقدَّسة، أنا الذي أحزنتُ قلبك بسروري بملاذ الدنيا الباطلة. وما هذه الطريق المؤدية للموت التي أنت سائر فيها يا إلهي ومخلِّصي، أي شيء تحمل على منكبيك؟ هو صليب العار الذي حملتَه عوضًا عني.
ما هذا أيها الفادي؟ ما الذي جعلك ترضَى بذلك؟ أيُّها العظيم؟! أيُذَلُّ الممجَّد؟! أيوضَع المُرتفع؟! يا لعِظم حُبك!! نعم هو حُبك العظيم الذي جعلك تقبل احتمال كل ذلك العذاب من أجلي.
أشكرك يا إلهي وتشكرك عني ملائكتك وخليقتك جميعًا لأني عاجز عن القيام بحمدك كما يستحق حُبك، فهل رأينا حُبًّا أعظم من هذا؟! فاحْزَني يا نفسي على خطاياكِ التي سبَّبت لفاديكِ الحنون هذه الآلام.
ارسمي جُروحَه أمامكِ، واحتمي فيه عندما يهيج عليكِ العدو. أعطِني يا مخلِّصي أن أعتبر عذابَكَ كنزي، وإكليلَ الشوكِ مَجدي، وأوجاعك تنعُّمي، ومرارتك حلاوتي، ودمك حياتي، ومحبتك فخري وشُكري.
يا جراحَ المسيح اجرحيني بحرْبَةِ الحُبِّ الإلهي، يا موتَ المسيح، أسكرني بحبِّ مَنْ مات من أجلي، يا دَمَ المسيح، طهِّرني من كلِّ خطية.
يا يسوع حبيبي، إذا رأيتني عضوًا يا بسًا، رَطِّبني بزيت نعمتك وثبِّتني فيك غُصنًا حيًّا أيها الكرمةُ الحقيقية؟
وحينما أتقدَّم لتناول أسرارك، اجعلني مستحقًا لذلك ومؤهَّلًا للاتحاد بكَ لكي أناديك أيها الآب السماوي بنغمة البنين قائلًا: أبانا الذي …].
قداسة البابا تواضروس الثاني
المزيد
06 نوفمبر 2025
نساء فى سفر التكوين حواء
حواء
السيدة ذات الشرف المميز
المرجع الكتابي :
( تك ۲ ، ۳ : ۲ کو ۱۱ : ۱۱۳ تی ۱۳:۲ ) .
معنى الاسم :
سميت حواء إمرأة لأنها من إمرء أخذت ( تك ٢ : ۲۳ ) .
ليس لفظ إمرأة إسماً عاماً يُطلق على الجنس الحريمي ولكنه أطلق على حواء لأنها مرتبطة دائماً بعلاقة الزواج بآدم منذ خلقتها . لقد خلقت لتكون واحدة معه ، معينة له، سميت سيدة وتعنى في أدب الله زوجة رجل. كما أطلق الله على آدم وحواء إسم آدم إذ يقول الكتاب المقدس : ذكراً وأنثى خلقه وباركه ودعا اسمه آدم يوم خلق » ( تك ٢:٥). يفهم من هذا الاسم الشامل أن القصد الإلهى من الزواج ليس هو المصادقة بين الرجل والمرأة فقط بل تكوين وحدة لا تنفك بينهما . خلقهما الله جسداً واحداً وأعطاهما اسماً واحداً آدم أطلق عليها اسم حواء بعدما سقطا في الخطية ( ودعا آدم اسم إمرأته حواء لأنها أم كل حي » (تك ٣: ١٦ ، (۲۰) هذا الاسم يعنى أنها هي الأولى . حواء معناه حياة، أو معطى الحياة، أو أم كل حي، وحياتها فينا جميعاً .
لماذا غير آدم اسم زوجته إلى حواء فقد كان اسمها هو اسمه آدم ؟!
لقد أطلقه آدم بروح النبوة حتى لا ينظر إليها أنها هي التي جذبت آدم والجنس البشرى الخطية المخالفة، بل من نسلها سيأتي مخلص البشرية وفاديها ليهب البشرية الحياة والخلود الدائم لقد تميزت حواء على بقية نساء العالم بأنها البادئة بأمور كثيرة :
الإمتياز الأول :
حواء السيدة الأولى التي عاشت على الأرض .
كانت حواء ثمرة خلقة الله للإنسان لقد خلقها سيدة كاملة ومثالية فلم تكن أبداً طفلة أو إبنة أو بكرة بل أول سيدة وجدت في العالم. أول أنثى في العالم كانت ابنة حواء الأولى وكانت أيام آدم بعدما ولد شيئا ثماني مئة سنة وولد بنين وبنات » (تك ٤:٥) لقد ولد آدم وحواء الكثير من البنين والبنات ولا نعرف عنهم شيئاً . أما حواء فلم يلدها أحد بل كونت بطريق إلهى مقدس من واحد من أضلاع آدم، كونها الله وجبلها على الأرض خلق آدم من تراب الأرض ، أما حواء فقد كونها الله من ضلع آدم كان آدم تراباً منقى، أما حواء فكانت تراباً منقى مرتين لقد خلق الله حواء من ضلع آدم الذي تحت ذراعه ، يستخدم الذراع في حماية الجسد من الضربات لذلك فعمل الزوج هو صد الضربات عن زوجته وحمايتها والعناية بها إن التطبيق الروحي لخلقة حواء من جنب آدم هو سر عروس الحمل التي نالت حياتها من الجنب المجروح لكن واحداً من العسكر طعن جنبه بحرية وللوقت خرج دم وماء ليتم الكتاب » (يو ۱۹ : ٣٥، ٣٦) ولها مكانة أفضل من حواء فهي أقرب إلى قلبه فقال إرميا تراءى لى الرب من بعيد ومحبة أبدية أحببتك من أجل ذلك أدمت لك الرحمة » (إر ۳۱ :۳) وغاية الحمل أن يرافق العروس في فردوس القداسة من يغلب فسأعطيه أن يأكل من شجرة الحياة التي في وسط فردوس الله » (رؤ ۲ : ۷). هلم فأريك العروس إمرأة الخروف » ( رؤ٩:٢١ )إن زواج الحمل للعروس أى كنيسة المسيح المفدية بدمه سيكون في السماء مثلما تم لحواء.
الأمتياز الثاني :
حواء السيدة الأولى التي أطلق عليها اسم زوجة .
حواء تكونت من آدم لذلك صارت شريكة له . لقد رأى الله آدم في كمال الطهارة، ولكن ليس جيداً أن يكون وحده، ومن الأفضل له روحياً ونفسياً واجتماعياً أن يكون له زوجة. إنه محتاج لأحد يحبه ويلد له أولاداً ليتمم غرض الله من خلقه العالم ( وقال الرب الإله ليس جيداً أن يكون آدم وحده فأصنع له معيناً نظيره » وكلمة نظيره تعين عمل المرأة من جهة الرجل، إنها نظيرة فليست عبدة للرجل كما يعاملها كثير من الشعوب في العالم. إنما هي نظيرة للرجل، وبعد زواجهما يكونان جسداً واحداً وقلباً واحداً بالحب والعطف والرعاية والفكر المتبادل .
حواء كونها الله وكان آدم نائماً ولم يشعر آدم بأي ألم عندما أجرى الله هذه العملية في جنبه وكم يعمل الله من أجل أحبائه وهم نائمون !! يرنم داود النبي بذلك ويقول : « إن لم يبن الرب البيت فباطلاً يتعب البناؤون، إن لم يحفظ الرب المدينة قباطلاً سهر الحراس ..... لكنه يعطى حبيبه نوماً » (مز : ۱ ۱۳۷ ) .
الإمتياز الثالث :
كانت حواء أجمل سيدة عرفها العالم .
جيل بعد جيل تفنن الإنسان في تجميل الجسد والخلفة ، أما حواء فضاقت الكل في الجمال، إنها خلقت بواسطة الله الكامل، وعكست حواء بجمالها الكمال الإلهى. لم يكن جمالها جمالاً مفتعلاً، فالوجه والتقاطيع والكسم كانت أكمل ما يحدث لسيدة لأنها عمل إلهى، عندما رآها آدم تعجب بها وأنشد أول أنشودة حب في العالم السيدة وقال : ( هذه الآن عظم من عظمى ولحم من لحمى. هذه تدعى
إمرأة لأنها من أمره أخذت » ( تك ٢٣:٣ ) .
إنها كانت أجمل سيدة في العالم لأن الله الكامل كونها ..
الإمتياز الرابع :
أنها السيدة الأولى والوحيدة التي ولدت بدون إتم .
حواء المرأة الأولى التي ولدت بدون خطية فقد كونتها يد القدير. كانت لها ميزات حسنة لم تنلها أية سيدة أخرى كانت نقية وطاهرة، ولها الرؤيا الإلهية. كانت تتكلم هي وآدم مع الله وجها لوجه . ومع أنها خلقت بدون خطية إلا أنها كانت الخاطئة الأولى في العالم، وأورثت الخطية الذريتها، حينئذ صار الكل مولودين بالخطية، وأصبحت الخطية لها فاعلية في النفس البشرية فيقول بولس الرسول : حينما أريد أن أفعل الحسنى (أحد) أن الشر حاضر عندى » ( رو ۲۱:۷) (أرى ناموساً آخر من أعضائي يحارب ناموس ذهني ويسبيني إلى ناموس الخطية الكائن في أعضائي ويحى أنا الإنسان الشقى » (رو٧ : ٢٣، ٢٤) .
لقد خلق الله حواء طاهرة نقية عفيفة غنية في العطايا الروحية والمادية ومع ذلك إنحدرت للخطية وأعطت زوجها فأكل وأخطأ. إنها خليفة الله التي لا تبارى في الجمال، وكمال الجسد والعقل، ولكن الخطية هدمتها وطردتها من الفردوس إلى عالم الأشواك والآلام والدموع .
الإمتياز الخامس :
حواء كانت الأولى التي هاجمها الشيطان .
قبل خلقة حواء خلق الله الملائكة ، أرواحاً خادمة مرسلة لأجل العتيدين أن يرثوا الخلاص (عب 1: (١٤) ولكن إبليس وجنوده عصوا الله فسقطوا من رتبهم السمائية .. وجه إبليس حروبه ضد خليفة الله التي على صورته ومثاله حسداً منه
للجبلة البشرية. إقترب من حواء متفاهما وأفتتنت حواء بكلامه ومنطقه ولم يكن لها دراية سابقة بحيله ولا بالخطية. إن الخطية لم تكن معروفة لآدم وحواء عندما خلقهما الله بالبر والقداسة، فأغوت حواء بكلام الشيطان، ولم تدرك السم من وراء اقتراح الشيطان المهذب . لم يقل الشيطان الموجود في الحية الحواء أن تخطىء، بل أدخل في ذهنها بطريقة مغرية مبطنة بمكره أنه ليس هناك خطأ من أكلها من الشجرة المنهى عنها من الله . لم تكن الغواية في حد ذاتها رغبة في فعل الخطية بل رغبة في التملك تكونان كالله عارفين الخير والشر» (تك ٥:٣) لو قال الحواء أسرقا أو خالفا الله لرفضت كلامه بل قال لها انظرى الشجرة فرأت المرأة أن الشجرة جيدة للأكل. إن الخطية من عهد آدم وحواء تكسى نفسها بثوب ملائم يتجاوب مع نفسية المجرب .
لقد نجح الشيطان في إظهار الطريق المنحدر كأنه طريق يوصل للأفضل بأن يكونا كالله عارفين الخير والشر. حواء استسلمت لحيلة الشيطان، والطريق المؤدى الهلاكها وسقوطها أصبح وشيكاً فرأت واشتهت وأكلت .
إن الشجرة جيدة للأكل ... أغوى الشيطان الميل الجسدي .
والشحرة شهية للنظر .... أغوى الشيطان حواسها .
والشجرة تهب وعياً ومركزاً وشرفاً ... أغوى الشيطان ذاتها وشخصيتها .
فالشجرة تعطيها معرفة الخير والشر كالله .
حارب الشيطان حواء بإثارة شهوة الجسد ، وشهوة العين ، والتعظم على الله فتصير مثله عارفة الخير والشر.
أما آدم فلم يمنع زوجته من أكل ثمرة شجرة معرفة الخير والشر بالرغم من صدور الأمر الإلهى له ولحواء قائلاً : ( وأما ثمر الشجرة التي في وسط الجنة لا تأكلا منه ولا تمساه لثلا تموتا » ( تك ٤:٣ ) .
إن لم يكن آدم هو الأول الذي قطف الثمرة من الشجرة، فإنه كان واقفاً تحتها عندما رأى زوجته تقطف منها، وكان موافقاً على ذلك، واشترك
معها في الأكل من الثمرة المنهى عنها .
لما واجه الله آدم بخطيئة العصيان والمخالفة دفع آدم بأنه غير مسئول عن الخطأ بل حواء كما أوقع إتهاماً على الله نفسه قائلاً : المرأة التي جعلتها معى هي أعطتني من الشجرة فأكلت » ( تك ۳ : ۱۲) كأنه يقول الله لو كنت تعلم أن حواء سوف تغويني لماذا خلقتها لي !
إن رد آدم على الله كان رداً ضعيفاً كما يرد تلميذ على مدرسه وهو مخطىء فينسب الذنب على طالب آخر.
آدم هو رأس البشرية وينسب له الكتاب المقدس خطايا البشر فيقول بولسن الرسول : « من أجل ذلك كإنما بإنسان واحد دخلت الخطية إلى العالم وبالخطية الموت وهكذا إجتاز الموت إلى جميع الناس إذ أخطأ الجميع» (روه:١٢). لقد أخطأ آدم وأخفى إثمه في حضنه، لذلك عاقبه الله بألم الولادة، والشقاء في العالم، ولعنة الأرض، والطرد من الفردوس، وإصابة الإنسان بالأمراض والموت .
الإمتياز السادس :
حواء أول خياطة في العالم :
كان آدم أول فلاح في الأرض وكانت حواء أول خياطة تفصل الكساء من ورق الشجر «فخاطا أوراق تين وصنعا لأنفسهما مآزر» (تك ٧:٣).
الملابس تذكرنا بالخطيئة : لما كان أبوانا الأولين في حالة طهر ونقاوة لم يشعرا بالخجل لأنهما لم يكن لديهما شركة مع الخطية « وكانا كلاهما عريانين آدم وإمرأته وهما لا يخجلان ( تك ٢٥:٢). في حالة البر لم يكونا محتاجين إلى خجل الوجه أما بعد الخطية فصارت عيونهما مفتوحة فعرفا أنهما عريانان . الخجل والخطية صنوانان متلازمان فالخجل تعبير عن الأسف لفعل الخطية أو إحتجاج نفسى ضد الخطية. لقد خجلت نفس عزرا الخطيئة شعبه ولإرتباطهم بشعوب الأرض فقال للرب : « إنى أخجل وأخرى من أن أرفع يا إلهي وجهى
نحوك لأن ذنوبنا قد كثرت فوق رؤوسنا وآثامنا تعاظمت إلى السماء» (عزرا
عند شعورهما بالعرى لماذا بحث آدم وحواء عن كساء ؟ ليس السبب فقط لأنهما عرفا أنهما عريانان ولكنهما تعرضا لنظرة من الله الذي أخطاءا ضده. إن ورق التين الذي صنعاء لكسوتهما لم يكن كافياً ليخبئهما من نظرة الله الفاحصة ، لذلك إختبأ آدم وإمرأته من وجه الرب الإله في وسط شجر الجنة (تك ٨:٣) ومع ذلك شعرا أنهما عريانان وأرادا أن يغطيا نفسيهما بأعذار واهية لذلك قال سليمان في الأمثال : « من يكتم خطاياه لا ينجح ومن يقر بها ويتركها يرحم» (أم .(۱۳:۲۸
طرح الله الأغطية التي صنعاها أولاً لنفسيهما وصنع الرب الإله لآدم وإمرأته أقمصة من جلد وألبسهما ( تك (۳ : ۲۱) وأسس الله بذلك طقساً جديداً فالجلد يشير إلى الذبيحة الدموية المذكورة في العهد القديم وبالذبيحة يكتسى الإنسان بنعمة غفران الخطية بدون سفك دم لا تحصل مغفرة » وهذه ترمز إلى ذبيحة المسيح التي ستقدم في ملء الزمان على الصليب فوق الجلجثة وبواسطة هذه الذبيحة المقدسة الإلهية سيلبس المسيح كل المؤمنين به السائرين في طرقه ثوب البر والقداسة .
الامتياز السابع :
حواء السيدة الأولى التي أنجبت إبناً سفاكاً للدماء .
ما هي الآلام المرة التي تعاقبت على آدم وحواء بعد السقوط ؟ أنجبت حواء إبنها البكر وسمته قايين وقالت إقتنيت رجلاً من عند الرب ثم عادت فولدت أخاه هابيل ومعناه نسمة أو بخار، وكان راعياً للغنم بينما كان أخوه مزارعاً للأرض . كان هابيل تقياً حتى أن المسيح لقبه بالصديق ( مت ۲۳ : ٣٥). وحدث أن قدم هابيل باكورة أغنامه وسمانها قرباناً للرب أما قايين فقدم قربانه من ثمار الأرض.
فقبل الرب قربان هابيل ولم ينظر إلى قربان أخيه الأكبر لأن تقدمة هابيل تحوى معنى الذبيحة أراد الله بذلك أن يعلم البشرية القانون الإلهي أنه بدون سفك دم لا تحصل مغفرة . غضب قايين وقتل أخاه هابيل وأصبح هابيل أو شهيد في الأرض وقايين أول محرم وسفاح. كان الشيطان وراء خطية قتل قايين لأخيه : فكم أثار شهوة أمه وأكلت من الشجرة كذلك أثار كرامة قايين فقام وقتل أخاه هابيل أنكر قايين الجريمة لما سأله الرب عن أخيه فلعنه الرب وطرده من سكنه وأقام في أرض نود شرقي عدن (تك ٤ : ١-١٦ ) .
لقد شهد يوحنا في رسالته الأولى بأن أعمال هابيل بارة وندد بأعمال أخيه الشريرة ( ١ يو ١٢:٣) وقال بولس الرسول أنه قدم ذبيحة الله أفضل من قايين إذ شهد الله لقرابينه و به وإن مات يتكلم بعد (عب ٤:١١).
بعد حادث قتل هابيل وهب الله لحواء إبناً ثالثاً سمته شيئاً قائلة لأن الله قد وضع لى نسلاً آخر عوضاً عن هابيل لأن قايين كان قد قتله. بتسمية الابن الثالث شيئاً أعلنت حواء إيمانها بمحبة الله ورحمته وعنايته .
ومن نسل شيث أتى إبن المرأة الذي يسحق رأس الحية وأسس النسل المقدس كنيسة المسيح . لقد إختفى اسم حواء من الكتاب المقدس ولم يذكر بعد ذلك سوى مرتين في العهد الجديد .
لقد شاركت حواء الحياة مع آدم ٩٣٠ سنة وأنجبت عدداً لا يحصى من البنين والبنات ولا نعرف عنهم شيئاً سوى الثلاثة الأبناء «قايين وهابيل وشيث » .
الإمتياز الثامن :
حواء هي الأولى التي تسلمت النبوة الإلهية عن الصليب .
حواء الخاطئة الأولى رأت ثمر إثمها عندما وقفت أمام أول قبر على الأرض و دفنت جسد ابنها هابيل بعدما اعترفت بأنها أكلت من الشجرة المنهى عنها
سمعت الله يكلم الحية القديمة قائلاً : « وأضع عداوة بينك وبين المرأة وبين نسلك ونسلها هو يسحق رأسك وأنت تسحقين عقبه » ( تك ١٥:٣). بهذا الوعد الإلهي عن الفادي إبتدأ الطريق القرمزي الذي ينتهى عند الصليب. لقد ولد المسيح من إمرأة إنتصرت إنتصاراً كاملاً على الخطية والشيطان، ونذرت البتولية الكاملة ، وعاشت في الحكمة الإلهية فقالت للملاك : كيف يكون لي هذا وأنا لست أعرف رجلاً » بحواء الأولى دخلت الخطية والموت للعالم ، وبحواء الثانية نال العالم الخلاص وأشرق عهد البر والقداسة على البشرية عندما صلب المسيح على الصليب، وسحق رأس الشيطان، وفتح الفردوس لآدم وبنيه وقال قد أكمل.
ماذا نتعلم من سيرة حواء :
نتعلم من حواء الطرق والحيل الشيطانية لإيقاع الإنسان في الخطية . إنه
يلبس الخطية ثوباً زاهياً براقاً ليجذب الأنظار إليها. إنه يغرى الإنسان بنفس الطريقة التي أغرى بها حواء ليجعل من الخطية لؤلؤة يشبع بها الجسد وشهوة العين وتعظم المعيشة، لكن بالمسيح يسوع يعظم إنتصارنا، لأنه كما جرب يستطيع أن يعين المجربين. لقد وعد بالانتصار لكل الملتجئين إليه .
ونتعلم تأثير المرأة على الرجل إذا سقطت يسقط الرجل معها وإذا عاشت في القداسة تقدس قلب رجلها، وإمتلأ بهجة وسروراً روحياً ونتعلم أننا لا نخطىء عندما نجرب ، ولكننا نخطىء عندما تنحنى أمام التجربة ونطاوع الخطية، أما إذا رفضناها سيستمر فردوس حياتنا مفتوحاً، ورؤيتنا للرب فيه واضحة، وملائكة الله حارسة لنا في كل تجاربنا .
المتنيح القس يوحنا حنين كاهن كنيسة مارمينا فلمنج
عن كتاب الشخصيات النسائية فى الكتاب المقدس
المزيد
05 نوفمبر 2025
الفضائل الأمهات المحبة، التسليم، الاتضاع
هناك فضائل جزئية، يتعب الإنسان جاهدًا، حتى يصل إليها وهناك فضائل أمهات، تشمل العديد من الفضائل داخلها، وعن هذه نريد أن نتكلم في مقدمة هذه الفضائل: المحبة وقد قال السيد المسيح عن هذه الفضيلة، إنه بها يتعلق الناموس كله والأنبياء وشرح بولس الرسول للعناصر العديدة التي تتضمنها فضيلة المحبة فقال أنها تتأنى، وتترفق، وأنها لا تحسد، ولا تتفاخر، ولا تنتفخ، ولا تقبح، ولا تطلب ما لنفسها، ولا تحتد، ولا تظن السوء، ولا تفرح بالإثم بل تفرح بالحق، وتحتمل كل شيء، وتصدق كل شيء، وترجوا كل شيء، تصبر على كل شيء ولا تسقط أبدًا (1كو 13) فالذي يقتنى المحبة، يقتنى كل هذه الفضائل وكل ما ذكره بولس الرسول هو من محبتنا للقريب أما محبتنا لله، فإنها تشمل ولا شك أمورًا عديدة تشمل الصلاة بكل درجاتها، التأمل، والهذيذ، وقراءة الكتاب المقدس، ومحبة الكنيسة، ومحبة الأسرار الكنسية، والاجتماعات الروحية، والصوم، والمطانيات كما تشمل أيضًا إطاعة جميع الوصايا، لأن الرب يقول "مَنْ يحبني يحفظ وصاياي".
ومن الفضائل الأمهات أيضًا: حياة التسليم..
وحياة التسليم معناها أن يسلم الإنسان حياته تسليمًا كاملًا للروح القدس العامل في قلبه، ليدبر حياته ومن هنا تظهر في هذا الإنسان ثمار الروح التي شرحها بولس الرسول في (غل 5: 22) فقال وأما ثمر الروح فهو محبة، فرح، سلام، طول أناة، لطف، صلاح، إيمان، وداعة، تعفف.
ومن الفضائل الأمهات: فضيلة الاتضاع..
والإنسان المتضع، يقتنى الوداعة، والهدوء، والبعد عن الغضب، وإدانة الآخرين، والبعد عن القسوة
ويشمل الاتضاع انسحاق القلب، ولوم النفس، وفضيلة الدموع، والحب، ومباركة كل أحد، وطلب بركة كل أحد، والاستماع أفضل من التكلم، وعدم التعالي، وعدم الافتخار، وعدم الحديث عن النفس، والرضا لكل شيء، والقناعة، والشكر، والبساطة.
قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
عن كتاب كلمة منفعة الجزء الثانى
المزيد
04 نوفمبر 2025
العودة إلى الحياة
معجزة إقامة ربنا يسوع المسيح لابن أرملة نايين، والتي نقرأها في إنجيل الأحد الرابع من شهر بابه، هي معجزة انفرد بذكرها إنجيل معلمنا القديس لوقا (لو7: 11-17)، وهي إحدى ثلاث معجزات لإقامة موتى ذكرهم الكتاب المقدّس بالتفصيل، مع إقامة ابنة يايرس (مت9، مر5، لو8)، وإقامة لعازر (يو11).هذه المعجزة تحمل العديد من المعاني الجميلة.. وسأكتفي ببعض تأملات تلّغرافية مختصرة في بعض هذه المعاني: منظر الشاب المحمول ميّتًا، هو منظر البشريّة التي كانت سائرة إلى الهاوية، فافتقدها المسيح وغيّر مسارها.. أحياها وعاد بها مرّة أخرى..! وهو أيضًا منظر كل نفس ماتت في الخطيّة، والكنيسة تبكي عليها.. فيأتي المسيح ويحييها، ويردّها بفرح لحضن الكنيسة أمّها..! المسيح هو الشخص الوحيد الذي يمكنه إيقاف مسيرة الموت هذه.. هو الوحيد القادر على تحويل الموت إلى حياة والأحزان إلى أفراح.. هو الوحيد الذي يستطيع إعادة الإنسان إلى الحياة بعد الموت..! الموت هو ثمرة الخطيّة.. ثمرة مُرّة جدًّا.. تكشف عن بشاعة الخطيّة، وخطورة الاستهانة بها مهما بَدَتْ صغيرة..! منظر الجنازة يكشف كيف أن الإنسان لن يخرج من العالم بشيء.. فلابد أن يعمل حسابًا لهذا اليوم، ولا يضع رجاءه في هذا العالم ولا في أمواله.. ولعلّ القدّيسين من أمثال الأنبا بولا أول السواح يعطوننا النموذج في الاستفادة من مثل هذه الظروف..! «تحنّن عليها، وقال لها لا تبكي».. حنان المسيح هو قاعدة الانطلاق التي نبعت منها كلّ تدابير خلاصنا، وهو لا يزال الينبوع الذي يفيض بالبركة والفرح على كلّ ألمَ مُقبِلين إليه «ثم تقدّم ولمس النعش» لَمْس النعش إشارة للتلامس مع محبة المسيح وقوّته، وإشارة أيضًا إلى القوّة التي نحصل عليها من التلامس مع جسد المسيح ودمه الأقدسين في التناول من الأسرار المقدّسة «أيها الشاب لك أقول قُم» كلمة المسيح مُقتدرة في فعلها لقد استَدعى بكلمة بسيطة روح الشاب من أعماق الهاوية.. فهو القادر أن يهب الحياة لمن يشاء (يو5: 21) لأنه رئيس الحياة (أع3: 15) لذلك عندما مات على الصليب لم يستطِع الموت أن يمسكه (أع2: 24)، بل هو الذي ربط الشيطان وكسر سلطانه علينا «فجلس الميت وابتدأ يتكلّم، فدفعه إلى أمّه» بعد القيامة (التي ننالها في سِر المعموديّة، وتمتدّ في حياتنا بالتوبة) يقدّمنا المسيح إلى الكنيسة أمّنا، لكي نرتمي في أحضانها، ونعيش تحت ظِلّ أمومتها نتمتّع بغناها ودفء محبّتها، وبما تعدّه لنا من أطعمة لذيذة ومغذية، التي هي الأسرار المقدّسة والتعاليم الآبائية المُشبِعة..! «افتقد الله شعبه» هو دائمًا يفتقدنا يمرّ علينا يريد أن يغيّر حياتنا إلى أفضل يهتمّ بأن يُحوِّل أحزاننا إلى أفراح ودموعنا إلى بهجة وتهليل يشتاق أن يغيِّر مسيرتنا من الاتجاه للقبر إلى اتجاه العودة مرّة أخرى للحياة الله دائمًا يفتقدنا بلمساته وكلماته، فطوبى لمن يتجاوب مع هذه اللمسات وهذه الكلمات، وأقصد بها التناول والعظات فتتجدّد حياته، ويتغيّر مساره، وتتحوّل أحزانه ودموعه وحسرته إلى أفراح وتهليل وبركات..!
القمص يوحنا نصيف كاهن كنيسة السيدة العذراء شيكاغو
المزيد
03 نوفمبر 2025
خرج الزارع ليزرع
تحدث يسوع مع تلاميذه والجموع عن مَثَل الزارع الذي خرج ليزرع، منتظرًا الثمر من كل نوع من الأراضي. والمَثَل وإن كان يتكلم عن قبول الإنسان لكلمة الرب في حياته، إلّا أنه يشير أيضًا بصورة أو بأخرى إلى اختلاف وتنوع البيئات التي تخدم فيها الكنيسة في كل العالم، فالكنيسة قد تخدم مناطق حضرية يسكنها الموظفون، وقد تخدم في مناطق صناعية أغلب سكانها من العمال، أو مناطق زراعية، أو مناطق اغتراب.. الخ، من مجتمعات الخدمة المختلفة التكوين، والمختلفة الاحتياجات في ذات الوقت... وعلى الكنيسة كأم أن تخدم في كل منطقة وتسدّد احتياجات الرعية فيها... وهذه بعض الأمثلة.1- الكنيسة في مناطق الموظفين تخدم قطاعات عريضة من المتعلمين الذين ربما تضطرهم الظروف للسكن بعيدًا عن بلادهم الأصلية، وفي هذه المناطق تظهر صعوبة ضعف انتماء هذا القطاع من الرعية لكنيسة المنطقة وانتماؤهم بالأكثر لكنيسة مكان نشأتهم. لذلك على الكنيسة في هذه المناطق أن تهتم بتأكيد انتماء الرعية لها وذلك عن طريق تكليفهم ببعض الخدمات ليؤدوها للكنيسة، وهذا يساعد في زيادة انتماء الرعية لكنيستهم الجديدة، بالإضافة إلى ضرورة الاهتمام باللقاءات الروحية، والاهتمام بخدمة الافتقاد، وخدمة الأنشطة كالنادي أو الحضانة، وخدمة الأغابي وغيرها من الخدمات التي تساعد على تجميع الرعية.2- المناطق الريفية وهذه المجتمعات تحتاج من الكنيسة أن تكون أكثر قربًا من أولادها في حياتهم اليومية، تساعد في تنمية قدراتهم ومعارفهم الزراعية، والاهتمام بتوعيتهم وحل مشاكلهم. وكثير من مجتمعات الريف في مناطق الوجه البحري قد تعاني من قلّة كثافة الرعية في تلك المناطق التي ربما يعيش فيها عدد قليل من الأسر، وربما في بعض المناطق الرعوية يشكّل هذا القطاع الذي لا تتوفر له كنائس مبنية أكثر من نصف الرعية! لذلك تحتاج الكنيسة في هذه المناطق أن تهتم بخدمة المذابح المتنقلة، كما تهتم بخدمة تنمية البسطاء من محو أميتهم وتعليمهم بعض الحرف، وتنمية المرأة الريفية.. الخ من الخدمات، مع ملاحظة ان هذه المجتمعات البسيطة هي مجتمعات أكثر استجابة لأنها تعيش بالايمان في الله الذي ينمي غلّاتهم ويقود حياتهم بمعونته ونعمته في سقوط الأمطار وتنمية الزروع الخ.3- خدمة المناطق والمجتمعات العمرانية الجديدة وهي مناطق متعددة الثقافات، والرعية التي تسكنها تكون مختلفة الطبقات الاجتماعية ومختلفة المعارف ومستويات الثقافة، وفي هذه المناطق تحتاج الكنيسة أن تراعي اختلاف المستويات الثقافية في كل خدماتها، كما تحتاج أن تهتم بخدمة الافتقاد وخدمة الحضانات لرعاية الأطفال الرضع للأمهات العاملات في تلك المناطق.4- مجتمعات الاغتراب وهي نوع آخر من مجتمعات الخدمة، فيها قد تغترب الرعية للدراسة في الجامعات، أو يغترب الفتيان والفتيات قي سن المدارس الثانوية أو الإعدادية لعدم وجود مدارس في مناطق سكناهم، وقد يغترب البعض بحثًا عن الرزق فيترك أرضه في أقاصي الصعيد ليتغرّب في مناطق أخرى زراعية أوفر حظًا في الإنتاج، وفي هذه المناطق تحتاج الكنيسة إلى تكثيف الخدمة الروحية، والاهتمام بشرح الإيمان ببساطة ووضوح، وتثبيته في قلوب الرعية حرصًا من الانزلاق في فخ الصداقات الرديئة أو محاولات التشكيك في الإيمان. 5- مجتمعات الشواطئ وهي خدمة المناطق الساحلية التي تستضيف أعدادًا كبيرة من المصيِّفين وتحتاج إلى تنظيم خدمات روحية واجتماعية مناسبة لهم في تلك المناطق، تحافظ على روحياتهم، وتحفظهم من الالتجاء لأماكن غير أمينة للترفيه. 6- أخيرًا خدمة المناطق العالية الكثافة السكانية وهي في الأغلب مناطق عشوائية ضيّقة، تحتاج الكنيسة أن تعتني فيها بخدمة النوادي لتتجنّب ظاهرة اللجوء إلى الشوارع للترفيه واللعب بما تحمله من مخاطر الانحراف والاندماج في صداقات رديئة تؤدي إلى العديد من المشاكل الاجتماعية والروحية في المستقبل. نعلم أنه جهد رعوي مضاعف على كل الكنائس والخدام، إلّا أنها ضرورة لنربح أولادنا في كل المجتمعات.
نيافة مثلث الرحمات الحبر الجليل الأنبا باخوميوس مطران البحيرة ومطروح وشمال أفريقيا
المزيد
02 نوفمبر 2025
الأحد الرابع من شهر بابه لو ۷ : ۱۱ - ۱۷
وفي اليوم التالى ذهب إلى مدينة تدعى نايين وذهب معه كثيرون من تلاميذه وجمع كثير " فلما أقترب إلى باب المدينة إذا ميت محمول ابن وحيد لامه وهي أرملة ومعها جمع كثير من المدينة فلما رآها الرب تحنن عليها وقال لهما لا تبكى ثم تقدم ولمس النعش فوقف الحاملون فقال أيها الشاب لك أقول قم فجلس الميت وابتدأ يتكلم فدفعه إلى أمه .فأخذ الجميع خوف ومجدوا الله قائلين قد قام فينا نبي عظيم وافتقد الله شعبه وخرج هذا الخبر عنه في كل اليهودية وفي جميع الكورة المحيطة .
إقامة إبن أرملة نايين
الهزيع الرابع
في إنجيل عشية هذا اليوم يقرأ فصل الإنجيل الذي يخبرنا عن إنقاذ التلاميذ فى الهزيع الرابع من الليل ، إذ كانوا معذبون من الأمواج وأوشكوا على الغرق ، جاءهم ربنا يسوع ماشياً على الماء وافتقدهم وهم على حافة الموت وهذا الحدث كان في تدبير ربنا ليرفع إيمان التلاميذ الذين كانت قلوبهم ثقيلة ،ولم يبلغوا المستوى الإيماني بمعجزة إشباع الخمسة آلاف من الخمس خبزات فإذ لم يفيدهم الوسع ألزمهم أن يركبوا السفينة وحدهم ،وسمح للبحر أن يهيج عليهم ،و للرياح أن تقصف بسفينتهم يبدو أن هذا هو الطريق الوحيد لإيمان التلاميذ أن يرتفع حتى يبلغ المشى على المياه .
ما بعد الهزيم الرابع
أما أرملة نايين فقد عصفت بها رياح التجارب وهاج بحر و وقعت سفينة حياتها في لجة اليأس والحزن، الآلام والضيق وانتظرت حتى الهزيع الرابع ،وكأنه لم يكن من مجيب وحتى الهزيع الرابع عبر ماذا هل يوجد رجاء بعد موت ؟!
هل يوجد عزاء لأرملة فاقدة وحيدها ؟
إنجيل اليوم هو إنجيلنا فى يأسنا وإنجيلنا في ضعفنا
إنجيل ما بعد الهزيع الرابع مع المسيح الحياة لا يوجد يأس حتى ولو وصلنا محمولين إلى قبر وظنوا فينا ألا قيام فيما بعد الهزيع الرابع يقف إلهنا يتحدى موتنا ويلمس نعشنا وينادينا بأسمائنا ،ويردنا إلى إلى أمنا الكنيسة التي تتعذب من أجلنا بمشاعر يعجز أن يعبر عنها فيقيمنا من موتنا ويتمجد فينا وتبهت الجموع من حولنا و تمجد قوة إلهنا في توبتنا السماء كلها تفرح بخاطئ واحد يتوب ، كفرح الأرملة بقيام وحيدها من الموت ، وفرح كل جيرانها الذين حزنوا لحزنها وبكوا لبكائها ولكن لا تعطى أفراح القيامة في التوبة إلا إذا بلغنا إلى إنسحاق أرملة نايين روحياً فالتوبة قيام من إنكسارنا وربنا يرفع البائس من المزبلة ويقيم الساقطين ويجبر منكسرى القلوب لأن ربنا يكون قريب منا حسب وعده. أيها الشاب لك اقول قم .
هنا يبدو واضحاً أمامنا أن حياتنا كائنة في المسيح وندرك حقيقة أن فيه كانت الحياة فهو يحيينا بكلمة إقامة إبن أرملة نايين يكشف لنا سر الحياة بكلمة المسيح كيف ينادينا فتدخل فينا قوة حياته أليس بالكلمة خلق العالمين وبالكلمة كان كل شيء وبدون الكلمة لم يكن شي مما كان فكل خليقة منظورة وغير منظورة كانت في فكر الله قبل أن توجد ولم تخرج إلى حيز الوجود والحياة إلا بالكلمة .قال الله : " ليكن نور فكان نور " ولم يكن النور هذا ليظهر إلا إذا قال الله كلمته الخالقة والمبدعة قال الله "لنخلق الإنسان فخلق الإنسان" ولم يكن للإنسان أن يخرج إلى الحياة ما لم يقل الله كلمته الخالقة والخالدة هكذا أيضاً عندما دخل الموت إلى الإنسان ووقع الإنسان فريسة لروح الظلمة كيف يخلص الإنسان إذا ؟
لا خلاص إلا بالكلمة ،ولا حياة إلا بالمسيح قال الله و لنخلص الإنسان وهذا هو الخلاص الذي إبتدأ الرب بالتكلم عنه كما قال القديس بولس الرسول هنا كلمة الخلاص هي المسيح الكلمة صار جسداً وحل بيننا ورأينا مجده وجاء لينقض أعمال إبليس وينبذ الموت ويدوسه بقوة حياة لا تموت قيامة إبن أرملة نايين صارت لنا عربون قيامة بالكلمة بقوة عظيمة المسيح هو هو أمس واليوم وإلى الأبد يحول موتنا إلى حياة ، وحزننا إلى فرح بكلمته الآن نحن نقبل كلمة الحياة لتقيمنا للحال عندما نتقدم للتناول من جسد المسيح و الكلمة صار جسداً وقال خذوا كلوا هذا هو جسدى لم يعد قبولنا للكلمة على مستوى سمع الاذن فحسب، بل على مستوى الأكل الحقيقي كمن يأكل الحياة على أننا نسمع الكلمة المحيية ينطق بها المسيح في داخلنا بروحه بأنات لا ينطق بها ونسمعها كلما إتضعنا وأملنا أذننا الداخلية إلى المسيح ينادينا بإنجيل فرح وبشارة خلاصي مكتوبة لا بحبر وورق ، بل بشهادة روح وقوة حياة لا تزول الكلام الذي أكلمكم به روح وحياة إحييني ككلمتك .
المتنيح القمص لوقا سيدراوس
عن كتاب تأملات روحية فى قراءات أناجيل آحاد السنة القبطية
المزيد
01 نوفمبر 2025
صرامة الله
نقرأ في سفر الرؤيا الإصحاح الأول ﴿ متسربلاً بثوبٍ إلى الرجلين ومتمنطقاً عند ثدييه بمنطقةٍ من ذهبٍ وأما رأسه وشعره فأبيضان كالصوف الأبيض كالثلج وعيناه كلهيب نارٍ ورجلاه شبه النحاس النقي كأنهما محميتان في أتون وصوته كصوت مياهٍ كثيرةٍ ومعه في يده اليمنى سبعة كواكب وسيف ماضٍ ذو حدين يخرج من فمه ووجهه كالشمس وهي تضئ في قوتها فلما رأيته سقطت عند رجليه كميتٍ فوضع يده اليمنى عليَّ قائلاً لي لا تخف أنا هو الأول والآخر والحي وكنت ميتاً وها أنا حي إلى أبد الآبدين آمين ولي مفاتيح الهاوية والموت ﴾ ( رؤ 1 : 13 – 18 ) .
يتكون لدينا إنطباع جميل عن شخص يسوع المسيح أنه لطيف جداً ومحب وغافر ولكن عدو الخير يرغب أن تثبت هذه الفكرة وهذا الإنطباع في أذهاننا حتى نزداد في الشرور والخطايا ويؤجل كلٍ منا توبته ويزداد الإستهتار على أساس أن الله موجود في كل وقت وأنه غافر ولطيف إن الإنسان يحتاج إلى الإتزان في معرفة رب المجد يسوع بين لطفه وصرامته يجب أن أعرف هذه الصورة عن رب المجد﴿ متسربلاً بثوبٍ إلى الرجلين ومتمنطقاً عند ثدييه بمنطقةٍ من ذهبٍ وأما رأسه وشعره فأبيضان كالصوف الأبيض كالثلج وعيناه كلهيب نارٍ ورجلاه شبه النحاس النقي كأنهما محميتان في أتون وصوته كصوت مياهٍ كثيرةٍ ومعه في يده اليمنى سبعة كواكب وسيف ماضٍ ذو حدين يخرج من فمه ﴾ حتى لا أُفاجأ بها في الأبدية الذي نعرفه نحن أن الله لطيف ووديع ولا يسمع أحد في الشوارع صوته ولكنه كما هو لطيف هو صارم جداً إنه يعاملنا بكل رأفة وشفقة ولكن إستغلال الرأفة والشفقة إذا دعت الإنسان للإستهتار تصبح ضد الإنسان وليست معه إذا تصورنا هناك طفل يلهو في بيته وعن قصد كُسرت زهرية البيت وعندما بدأ في البكاء والإعتذار سامحه أبوه على أن لا يفعل ذلك مرة أخرى وبين طفل آخر قام بكسر الزهرية عن عمد ( عن قصد ) وعند مجئ أبوه ضحك ولا يعترف بالخطأ وكان رده مستهتر فماذا نقول له ؟ لو ظل رب المجد معنا لطيف رغم إصرارنا على الشرور والخطايا فهو يعلن عدم محبته لنا دليل محبته لنا إنه يوجهنا دليل محبته لنا أنه يقسو علينا حتى يقومنا يقول معلمنا داود النبي ﴿ خيراً صنعت مع عبدك يارب بحسب قولك صلاحاً وأدباً ومعرفة علمني ﴾ ( مز 119 : 65 ) إذا تركنا الله في شرورنا وآثامنا دون تأديب فإننا في هذه الحالة لا نعنيه يقول معلمنا بولس الرسول في رسالته إلى العبرانيين ﴿ إن كنتم بلا تأديب قد صار الجميع شركاء فيه فأنتم نغول لا بنون ﴾( عب 12 : 8 ) أي غير شرعيين علامة حب الله لك هي أنه يهتم بتأديبك نحن نرغب في التعامل مع رب المجد يسوع باللطف والوداعة والمحبة فقط فهل محبة ربنا تظهر في حياتنا وسلوكنا وطاعتنا لربنا أم أن محبة ربنا جعلتنا نزداد في العناد ولا نخاف منه رغم أخطاءنا هذا خطأ كبير على حياتنا الروحية جميل أن نعرف لطف الله وصرامته عند التعدي أيضاً جميل أيضاً أن أتذكر الدينونة مهمة الله هو أن يُصلح الناس لهذا يحدثنا كثيراً عن المخافة ﴿ أُريكم ممن تخافون خافوا من الذي بعد ما يقتل له سلطان أن يلقي في جهنم ﴾( لو 12 : 5 ) معلمنا بطرس ينصحنا نصيحة غالية جداً ﴿ سيروا زمان غربتكم بخوفٍ ﴾ ( 1بط 1 : 17) وبولس الرسول في رسالته إلى فيلبي ﴿ تمموا خلاصكم بخوفٍ ورعدةٍ ﴾ ( في 2 : 12) ورسالة يهوذا ﴿ خلصوا البعض بالخوف ﴾ ( يه 1 : 23 ) ويقول العهد القديم عن الكنيسة قديماً عن قصة حنانيا وسفيرة أنهم كذبوا وماتوا لماذا يارب تسمح بهذا ؟ حتى يكون في الكنيسة خوف لا إستهتار جميل أن يُقال على الإنسان أنه خائف الله أن الله الديان العادل إله مخوف يقول معلمنا بولس الرسول في رسالته إلى رومية ﴿ لا تستكبر بل خف ﴾ ( رو 11 : 20 ) ويقول معلمنا أرسانيوس معلم أولاد الملوك الذي كان دائماً يبكي ولما سؤل رد قائلاً ﴿ أتذكر الدينونة وخطاياي فإن رعب هذه اللحظة لا يفارقني لحظة واحدة ﴾ فإن أي خطية السبب فيها أن الإنسان لا يضع الدينونة وحضرة الله في قلبه حسب قول المزمور ﴿ لم يجعلوا الله أمامهم ﴾ ( مز 54 : 3 ) .
هناك أشياء تؤمِّن الإنسان :-
الإحساس بالديان العادل والدينونة .
أن أجعل الله أمامي ومحبته تثبت في لحمي وتستقر فيه .
نذكر قصة الراهب التي أرادت إمرأة أن تغويه فطلب منها أن يتقابلا في سوق المدينة وقال لها إفعلي الآن ما تريدين فقالت له هنا في هذا المكان ؟! ينبغي أن نتقابل في مكان منفرد فقال لها الراهب أنتِ تخافين من عيون الناس ولا تخافي من عيون العالي الذي يراقب كل الناس ؟! إن الإنسان لو جعل الله أمامه كل حين لا يُخطئ وكما يقول الآباء القديسين ﴿ من يخاف الله لا يُخطئ ومن أخطأ فإنه لا يخاف الله ﴾ ما سر نجاة يوسف الصديق من الخطية ؟ أنه يشعر أن ربنا أمامه في كل وقت فإنه إعتبر أن الخطية موجهة لله وليست موجهة لزوجة فوطيفار يستبيح الإنسان كثيراً أن يفعل الأمور في الخفاء لأنه لا يتذكر الدينونة دائماً يقول القديس سلوانس ﴿ دائماً أشعر إني أقف أمام الله في وقت الدينونة ﴾ هذا الإحساس هو سر تقدمه في حياته الروحية يقول لتلاميذه ﴿ عِش بفكرك في الجحيم وكأنك مستوجب الدينونة ولكن لا تيأس أبداً ﴾ يقول القديس مارإسحق وهو ينصح تلاميذه ﴿ عند الصلاة صلي كأنك مجرم ومُدان وليس هناك حق لك قف وضع يدك للوراء ووجهك في الأرض وأنت مستوجب الحكم ﴾ علمتنا صلاة الأجبية أن نقول ﴿ من يطفئ لهيب النار عني من يضئ ظلمتي إن لم ترحمني أنت ﴾( قطعة " 2 " من صلاة الستار ) جميل أن تقف أمام الله في إنكسار فهو الله اللطيف جداً وهو الذي يحابي عن الخطاة كما حدثنا الكتاب المقدس عن الخطاة الذين وقف أمامهم وحماهم من بطش الفريسيين والكتبة مثل المرأة التي أُمسكت في زنا وقفت وراءه والناس أمسكت بالحجارة لرجمها لأن قديماً كانت مثلها تقف على حافة حفرة وتُرجم من يبدأ بالرجم الشهود الإثنان أما يسوع قال لهم من منكم بلا خطية فليرمها أولاً ( يو 8 : 7 ) حكم يسوع على المرأة بالبراءة قال لها إذهبي ولا تُخطئِ ( يو 8 : 11) المشكلة ليس في الخطية لكن المشكلة في الإصرار على الخطية فإن عدو الخير لا يعنيه أن نسقط ما يعنيه أن نستمر في السقوط ونزداد في تحدي الله ومشاعرنا تتبلد مشكلة عدو الخير مع آدم قديماً ليست مجرد أنه غواه أن يأكل من الشجرة المهم عنده أن ينفصل آدم عن الله إنه يريد إبعادنا عن الله وفصلنا حتى نزداد في التحدي معه ممكن جداً أن يكون الإنسان غير قادر على التوبة ولكن لا يريد التوبة ؟! هذه هي المشكلة يريدك الله أن تقول له أريد أن أتوب يريدنا أن نتقابل مع إرادته قديماً كان هناك في الشريعة ما يُسمى بمدن الملجأ عندما يقتل فرد أحد دون قصد مثل الرجل الذي يقع فأسه وهو في الحقل على رجل آخر فيموت هذا الرجل فكان عليه أن يلجأ إلى هذه المدينة ويختبئ حتى لا يأتي ولي الدم ويقتله ولكن إن كان القتل عمد أو عن قصد ولجأ القاتل إلى هذه المدينة فعلى حُراسها تسليمه إلى ولي الدم لقتله ﴿ عين بعين وسن بسن ﴾ ( مت 5 : 38 ) نريد أن نقول إذا كانت الخطية عن جهل هذا جائز ولكن إن كانت بقصد وبدون توبة فهذا غير جائز لو نظرت إلى الله الذي أبقانا أحياء حتى الآن لكي يترجى توبتنا ليضمن أبديتنا تعرف في هذا الوقت أنك تعيش من أجل التوبة في العهد القديم تمهل الله على شعبه كثيراً جعل نوح يبني السفينة في 120 سنة حتى تكون هناك فرصة أكبر للتوبة نتذكر الطفل الذي وُلد وعاش 969 سنة الذي يُدعى متوشالح أي عندما أموت سأرسله حدث الطوفان وكان نوح إبن 600 سنة وقتها مات متوشالح نذكر أن هذا الرجل ولد لامك وهو إبن 187 سنة ولامك ولد نوح وهو إبن 182 سنة وأخذ نوح يبني الفلك وعندما أمطرت السماء وأراد نوح أن يغلق باب السفينة رفض الله لأنه أراد أن يظل الباب مفتوح حتى النهاية فربما يرجع أحد ويتوب كل هذا ينتظر الرب ثم أغلق الباب وكان الطوفان يوجد لطف وتوجد صرامة تصور أنت جحود الإنسان بعد الطوفان وحتى لا يحدث هذا ثانياً وينجو من الطوفان يقوم بعمل برج بابل حتى إذا جاء الطوفان لا يضرهم شئ فكان رد الله أنه سوف يبلبل ألسنتهم فإنه مالك الأرض ولا يستطيع أحد أن يتحداه فهو قاضي المسكونة ينتظرنا الله منذ أن خلقنا في الأبدية فأعطانا أنبياء قديسين روح قدس الكنيسة الأسرار خيرات ونِعَم كل هذا حتى يضمن خلاصنا أجمل شئ تجلت فيه محبة الله مع صرامته على الصليب وهو مُعلق لأجل خطايانا ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته ولإلهنا المجد إلى الأبد آمين.
القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والأنبا أنطونيوس محرم بك الأسكندرية
المزيد
31 أكتوبر 2025
“زمن الحب”
”الصوم هو الوسيلة لضبط الأهواء والشهوات، حتى تنسجم حياة المسيحي مع روح الله الذي يقوده في طاعة وخضوع“ (القمص بيشوي كامل)
«أَلَيْسَ هذَا صَوْمًا أَخْتَارُهُ: حَلَّ قُيُودِ الشَّرِّ. فَكَّ عُقَدِ النِّيرِ، وَإِطْلاَقَ الْمَسْحُوقِينَ أَحْرَارًا، وَقَطْعَ كُلِّ نِيرٍ. أَلَيْسَ أَنْ تَكْسِرَ لِلْجَائِعِ خُبْزَكَ، وَأَنْ تُدْخِلَ الْمَسَاكِينَ التَّائِهِينَ إِلَى بَيْتِكَ؟ إِذَا رَأَيْتَ عُرْيَانًا أَنْ تَكْسُوهُ وَأَنْ لاَ تَتَغَاضَى عَنْ لَحْمِكَ. حِينَئِذٍ يَنْفَجِرُ مِثْلَ الصُّبْحِ نُورُكَ، وَتَنْبُتُ صِحَّتُكَ سَرِيعًا، وَيَسِيرُ بِرُّكَ أَمَامَكَ، وَمَجْدُ الرَّبِّ يَجْمَعُ سَاقَتَكَ. حِينَئِذٍ تَدْعُو فَيُجِيبُ الرَّبُّ. تَسْتَغِيثُ فَيَقُولُ: هَأَنَذَا. إِنْ نَزَعْتَ مِنْ وَسْطِكَ النِّيرَ وَالإِيمَاءَ بِالأُصْبُعِ وَكَلاَمَ الإِثْمِ، وَأَنْفَقْتَ نَفْسَكَ لِلْجَائِعِ، وَأَشْبَعْتَ النَّفْسَ الذَّلِيلَةَ، يُشْرِقُ فِي الظُّلْمَةِ نُورُكَ، وَيَكُونُ ظَلاَمُكَ الدَّامِسُ مِثْلَ الظُّهْرِ. وَيَقُودُكَ الرَّبُّ عَلَى الدَّوَامِ، وَيُشْبِعُ فِي الْجَدُوبِ نَفْسَكَ، وَيُنَشِّطُ عِظَامَكَ فَتَصِيرُ كَجَنَّةٍ رَيًّا وَكَنَبْعِ مِيَاهٍ لاَ تَنْقَطِعُ مِيَاهُهُ» (إش 58: 6 – 11).
من خلال قراءتنا السابقة يوضِّح لنا إشعياء النبي مبادئ روحية هامة:
كيف يُمثِّل الصوم ركنًا أساسيًّا من أركان الحياة الروحية؟
فالصوم هو ممارسة تعبُّدية، ولكن يجب أن تخلو من الرياء وفي هذا الأصحاح يشرح لنا كيف يمكن أن تتسلَّل هذه الخطية (الرياء) إلى حياة الإنسان دون أن يدري. تأمَّل معي في العدد الثاني من هذا الأصحاح إذ يقول: «وَإِيَّايَ يَطْلُبُونَ يَوْمًا فَيَوْمًا »، يصلُّون ولكنها صلاة ظاهرة من الشفتين أو من اللسان، ولا تتعدَّى ذلك، ويبقى قلب الإنسان كما هو لا يتغيَّر، لذلك عندما ينتهي من الصلاة تجده يتصرَّف تصرفات غير مقبولة وغير لائقة ولا تتماشى مع صلاته مطلقًا.
ربما تسألني الآن، كيف للخطية أن تتسلَّل لحياة الإنسان دون أن يدري؟
أجيبك: إن لخطية الرياء مظاهرَ عدَّة دعنا نسردها سويًّا:
مظهر من مظاهر الرياء هو ادعاء المعرفة العقلانية:
تشعر وأنت جالس مع الشخص أنه موسوعة، ولكنها ليست موسوعة اتضاع، ولكن موسوعة كبرياء، يفتخر بذاته وبما حصَّله من معارف، وكانت طائفة الفريسيين هم من قمة طوائف اليهود، فكلمة ”فريسي“ معناها ”مُفرَز“، بينما كان الكتبة أشخاصًا متميِّزين جدًّا (الكتبة هم الناسخون) وبالرغم من كل ذلك كانوا بعيدين عن الطريق الروحي كثيرًا، وقد وبَّخهم السيد المسيح مرات عديدة، وفي السنوات الأخيرة ظهرت هذه الخطية في أصحاب بعض مواقع التواصل الاجتماعي وهم يتفاخرون بمعرفتهم عن كبرياء يصل إلى تشويه الآخر ونشر أكاذيب أو التفاخر بأنهم أصحاب الحقيقة أو أصحاب الصواب فقط.
مظهر آخر وهو إظهار الغيرة ونسميه أحيانًا ”ناموسي“:
ناموسي بمعنى ”حرفي“ أي يحيا بالحرف، والحياة المسيحية عندما تتعمَّق فيها تجدها تعتمد على القلب والروح، ولا تعتمد على الحرف، ومن يحيا بالحرف لا يمكنه أن يدرك المسيح لذلك قال ربنا يسوع المسيح «مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لأُكَمِّلَ» (مت 5: 17)، فالمقصود هو أن يكمِّل القديم، فتقرأ العهد القديم بروح العهد الجديد، وتتحوَّل الوصية في حياتك إلى شهادة عملية عن علاقتك بالله، وهؤلاء هم أصحاب السبت يتمسَّكون بالحرف فقط دون إعمال للعقل والقلب والإحساس والرحمة.
صورة ثالثة أن الإنسان يتظاهر أنه قريب من الله:
”يُسر بالتقرُّب إلى الله“ (إش 58: 2) من خلال طقوس وممارسات مُعيَّنة يتظاهر أنه قريب من الله وحقيقته من الداخل غير ذلك، تصوَّر معي إنسانًا يقضي يومه صائمًا ويمارس ممارسات روحية، ثم بعد فترة الصوم يغضب بشدَّة ويسقط في خطايا عديدة فماذا استفاد إذن من صومه؟ فترة الصوم هي فترة تساعد الإنسان في نموه الروحي، وليست مجرد الامتناع عن الطعام.
والآن دعني أسألك: لماذا الصوم الذي تحدَّث عنه إشعياء النبي في هذا الأصحاح كان مرفوضًا؟
هناك ثلاثة أسباب واضحة في الأعداد (3، 4، 5):
1 – أن هذا الصوم كان غير مُنضبط:
هو صوم يُسِرُّ صاحبَه ولا يُسِرُّ الله، فهو صوم لا يسير بنظام بل يستعرض فيه الإنسان إمكانياته وقدراته.
2 – أن هذا الصوم كان بلا صمت:
الصوم ليس عن الطعام فقط، بل أيضًا عن الكلام، فهذا الصوم المرفوض ليس فيه صمت بل فيه خصومة مع الغيرة، وفيه إدانة للآخرين وكثرة كلام.
3 – أيضًا هذا الصوم مرفوض لأنه بلا تذلُّل:
هو شكل بلا جوهر فهو مجرد منظر خارجي، لذا تحرص الكنيسة أن ترتب لنا في الأصوام قداسات لأوقات متأخرة لتُساعد الإنسان في ممارساته الروحية.
والآن يا عزيزي، حان لنا أن نُفكَّر سويًّا كيف نصوم، وكيف ننال بركات الصوم الذي هو زمن للحب بينك وبين الله في فترة الصوم المقدَّس، احرص أن تُقدِّم لنفسك ثلاثة أنواع من الأغذية:
غذاء روحي غذاء ذهني وغذاء نُسكي
1- الغذاء الروحي:-
وهو ما تُقدِّمه لنا الكنيسة في كل أشكال العبادة، وممارسة الأسرار جيد أن تتقابل مع أب اعترافك قبل الصوم، وتضع خطة للصوم، ولا تتكاسل في تنفيذها، فترات الانقطاع والقداسات المتأخرة مع الميطانيات وفترات السكون كلها وسائل روحية مفيدة.
2- الغذاء الذهني:-
الذي يعتمد أساسًا على القراءات الإنجيلية، والكنسية تُعلِّمنا في فترة الصوم المقدَّس أن نقرأ النبوات ويمكنك أن تأخذ سفرًا واحدًا مثل إشعياء، إرميا، أو تأخذ مجموعة أسفار مثل: أسفار الأنبياء الصغار، لكن يجب أن تقرأ يوميًّا، وليست قراءة فقط، بل ادرس وافهم وعش وقراءة النبوات مفيدة جدًّا إذ تكشف مقاصد الله في حياتك، كما يمكنك أن تأخذ صاحب السفر كشفيع لك في أيام الصوم مع أوقات القراءة.
3- الغذاء النسكي:-
نُسكياتك هامة جدًّا في الصوم، الانقطاع شيء مهم لتقوية الإرادة أيضًا الطعام النباتي هو طعام هادئ الطاقة وهو طعام صحي ومفيد للإنسان أيضًا الميطانيات (سجدات التوبة) من القلب وليس بالجسد فقط، وهي مُرتبطة بالصلوات، فيها الصلاة القصيرة: ”يا ربي يسوع المسيح ارحمني أنا الخاطئ“ احرص أثناء سجودك في الميطانيات أن ترشم ذاتك بعلامة الصليب. يمكنك أن تبدأ بـ 12 ميطانية في أول يوم، وتزداد تدريجيًّا كل يوم مع الصوم وتقدمها بروح الصلاة هذه الميطانيات هي وسيلة مُساعدة لتركيز الذهن، فيها تعب وبذل، وهذا التعب يُذكرك بأتعاب المسيح من أجلك أيضًا فترات الاعتكاف هي جزء هام من نُسكياتك خلال الصوم، ويُستفاد منها كفترات تأمل وقراءة وصلاة أو ترنيم وتسبيح فترة الصوم يا إخوتي تحكمها الآية التي تقول: «كُلُّ مَنْ يُجَاهِدُ يَضْبُطُ نَفْسَهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ» (1كو 9: 25)، وأيضًا ينطبق عليها الآية: «الَّذِينَ يَزْرَعُونَ بِالدُّمُوعِ يَحْصُدُونَ بِالاِبْتِهَاجِ» (مز 126: 5)، الذين يزرعون بدموع التوبة في فترة الصوم يحصدون بالابتهاج في القيامة المجيدة.
وللصوم بركات كثيرة:
استجابة الصلوات: لأنك عندما تحيا حياة الصوم، تشعر بالانسحاق والخشوع وتخرج صلواتك من داخلك عميقة وتدخل فيها روح الإيمان، صلوات مرفوعة من قلب نقي.
بركات أخرى هي: أن يصير الرب لذَّةً للإنسان، فأنت تصوم عن الطعام لكي تتحوَّل لذَّة الطاعة في داخلك إلى لذَّة للرب، ويكون المسيح هو لذَّتك، وكما يقول معلِّمنا داود النبي: «تَلَذَّذْ بِالرَّبِّ فَيُعْطِيَكَ سُؤْلَ قَلْبِكَ» (مز 37: 4).
بركة ثالثة: أن الإنسان يشعر بارتفاعه، وكما يقول داود النبي: «لَيْتَ لِي جَنَاحًا كَالْحَمَامَةِ، فَأَطِيرَ وَأَسْتَرِيحَ!» (مز 55: 6). يرتفع فوق الماديات، وحتى فوق احتياجات الجسد، ويشعر أن رباطات الأرض تصير ضعيفة، ويشعر أنه يقترب من السماء ويحيا بهذه الروح.
بركة رابعة: إن الإنسان ينال الصحة الجسدية: الطعام النباتي يمنح الإنسان شكلًا من الطاقة الهادئة، فلا يكون الطعام مثيرًا في جسده أو في حياته فيعطيه صحة جسدية، ويقول إشعياء النبي في هذا الأصحاح: «تَنْبُتُ صِحَّتُكَ سَرِيعًا» (إش 58: 8).
أيضًا في الصوم ينال الإنسان استنارة: ولا أقصد للعين الجسدية، ولكن العين القلبية، عندما يقرأ الإنسان الإنجيل يفهم أكثر، وعندما يشارك في التسبيح يعيش أكثر، وعندما يمارس ميطانيات يتمتع أكثر.
عمل الرحمة بكل أشكالها يُعتبر وسيلةً فعَّالةً في الصوم للإحساس بالآخر وطوبى للرحماء على المساكين لأنه ليس رحمة في الدينونة لمَنْ لم يعمل رحمة.
أيام الصوم أيام ثمينة وغالية فاهتم بها واستفد منها لأنها بالحقيقة كنز روحي يدوم معك السنة كلها.
قداسة البابا تواضروس الثاني
المزيد
30 أكتوبر 2025
بدعة يهوذا
ملخص البدعة
بدعة بسبب بحث خاطئ عن السبعين أسبوعاً المذكورة فى دانيال هذه البدعة ظهرت فى عصر البابا ديمتريوس الأول البطريرك رقم 12 وقد ذكرها المؤرخ يوسابيوس القيصرى بإختصار فقال " يهوذا الكاتب: فى ذلك الوقت ظهر كالتب آخر أسمه يهوذا، وكتب بحثاً عن السبعين أسبوعاً المذكورة فى سفر دانيال، ووصل بتاريخه إلى السنة العاشرة من حكم ساويرس (الأمبراطور الرومانى) وقد ظن أنه وقت مجئ ضد المسيح، الذى كثر الحديث عنه قد أقترب، وذلك لأن الثورة الفكرية التى أحدثها الإضطهاد على شعبنا أدت إلى أنحراف تفكير الكثيرين " وقال أيضاً الأنبا ساويرس فى تاريخ البطاركة عن هذه البدعة: " ثم أن أنساناً يهودياً كاتباً أسمه يهوذا، كان يقرأ فى كتاب رؤيا دانيال النبى وذلك فى العاشرة من ملك ساويرس (ألمبراطور الرومانى) وكان يسوف (يزيف) السنين والتواريخ إلى زمان الدجال (المسيح الدجال) بقصد ويقول أن الوقت قد أقترب من أجل أفعال ساويرس الأمبراطور العدو (يعتقد أنه جعل ساويرس هو المسيح الدجال
المزيد