المقالات

01 نوفمبر 2018

الكتب المسماة بأناجيل الأقوال والأخلاقيات

إنجيل توما إنجيل المصريين اليوناني إنجيل توما: وهو غير إنجيل الطفولة لتوما (35)، ويرجع إلى القرن الثاني وقد ذكره كل من القديس هيبوليتوس (230م) والعلامة أوريجانوس (233م)، وقد اكتشفت نصوصه كاملة ضمن مجموعة نجع حمادي. وهو عبارة عن مجموعة من الأقوال السرية المنسوبة للرب يسوع المسيح. ومن نفس نوعية الكتب الغنوسية التي تقول بتعدد أشكال للمسيح لأنه من وجهة نظرهم ظهر، كإله، في هيئة ومنظر وشبه جسد، شبح، وقد جاء في أحد أقواله: "قال يسوع لتلاميذه: "قارنوني بشخص واخبروننى بمن أشبه؟ قال سمعان بطرس: "أنت مثل ملاك بار". قال متى: "أنت مثل فيلسوف حكيم"، قال توما "يا معلم، يعجز فمي أن يقول مثل من أنت". قال يسوع: "أنا لست معلمك، ولكنك شربت فانك سكرت من عين الماء المتدفقة التي اعتنيت ُ أنا بها". وأخذه يسوع جانبا وأخبره عن ثلاثة أشياء، وعندما عاد توما لرفقائه سألوه: ماذا قال لك يسوع؟ قال لهم توما: أن أخبرتكم عن واحدة مما قال لي، فستلتقطون حجارة وترجمونني بها، وستخرج نارا من الحجارة وتلتهمكم". كما يشرح فكرة الخلاص عن طريق المعرفة، معرفة الإنسان لنفسه، في جوهرها الروحي، ومعرفة الإله السامي عن طريق المسيح المنبثق منه، المولود منه، كنور من نور، والذي يدعو للنسك والتعفف عن العلاقات الزوجية، ويرى خلاص المجدلية في أن تكون روحًا حيًا يشبه الذكور، فيقول: "قال سمعان بطرس لهم: "لترحل مريم عنا لان النساء لا تستحق الحياة". فقال يسوع: "أنا سوف أقودها لأجعلها ذكرا حتى تصبح هي أيضا روحا حيا يشبهكم أيها الذكور، لأن كل امرأة تجعل نفسها ذكرا ستدخل ملكوت السموات". إنجيل المصريين اليوناني: ويرجع إلى القرن الثاني (36)، وكان أول من أشار إليه هو القديس أكليمندس الإسكندري (37) من القرن الثاني، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام أخرى. وهو غير الكتاب المعروف بإنجيل المصريين القبطي، والذي اكتُشف في نجع حمادي ويرجع للقرن الرابع. وجاء فيه: "لأنه (يسوع) يقول: ليس كل من يقول لي، يا رب يا رب يخلص، بل الذي يفعل البر" (38). وقال القديس أبيفانيوس عن أصحاب هرطقة سابيليوس (39) أن "كل خطأهم وقوته هو أنهم يأخذون (يستخرجون) عقائدهم من بعض الأبوكريفا، خاصة المسمي إنجيل المصريين، كما يسميه البعض، لأنه مكتوب فيه مثل هذه الأشياء الناقصة كأنها جاءت سرا من المخلص، كالتي كشفها للتلاميذ أن الأب والابن والروح القدس واحد ونفس الشخص والأقنوم" (40). كاهن كنيسة العذراء الأثرية بمسطرد من كتاب هل هناك أسفار مفقودة من الكتاب المقدس؟
المزيد
31 أكتوبر 2018

ما بين الحكمة والذكاء

الذكاء هو طاقة فكرية نابعة من العقل. وتظهر في سرعة الفهم، وقوة أو عُمق الفهم، وسرعة البديهة، والقدرة على الاستنتاج. ومن عناصر الذكاء أيضًا قوة الذاكرة أمَّا الحكمة فتتجلَّى في التصرف الحسن. والحكمة الحقيقية هي هبة من اللَّه. ورُبَّما يكون عند بعض الناس دهاء أو ذكاء يظنونه حكمة. أو تكون عندهم سياسة أو كياسة يظنونها حكمة. بينما تكون الحكمة بعيدة عن هذا كله. ونود هنا أن نميز ما بين الحكمة والذكاء الحكمة ويسمونها أحيانًا بالإفراز لها معنى أوسع كثيرًا من الذكاء. بل الذكاء هو مُجرَّد جزء منها. وقد يتمتَّع إنسان بذكاء خارق وعقل ممتاز، ولا يكون حكيمًا في تصرفه، إذ توجد عوائق تعطل عقله وذكاءه أثناء التصرف العملي رُبَّما تطغى عليه شهوة مُعيَّنة هي التي تقود تصرفاته، فيخضع لها تمامًا، ويتصرَّف بأسلوب بعيد عن الحكمة، على الرغم من ذكائه الذي تكون الشهوة قد عطلته وتولت القيادة بدلًا منه... أو قد يخضع في تصرفاته لأعصاب تثور وتنفعل. فيتصرَّف بأعصابه وليس بذكائه. ولا يكون تصرفه حكيمًا... أو قد يكون له ذكاء، ولكن تنقصه الخبرة أو المعرفة، ولهذا يكون سلوكه غير حيكم ففي أي شيء إذن تتميز الحكمة عن الذكاء؟ إن الذكاء مصدره العقل، وقد يكون مُجرَّد نشاط فكري سليم. ولكن الحكمة لا تعتمد على العقل وحده. إنما تستفيد أيضًا من الخبرة، ومن الإرشاد على أيدي حكماء، ومن معونة اللَّه نطلبها بالصلاة ليمنحنا حكمة والحكمة ليست مُجرَّد معرفة سليمة، أو مُجرَّد فكر صائب، إنما هي تدخل في صميم الحياة العملية، لتعبر عن وجودها بسلوك حسن حقًا إن الفكر السليم أو الذكاء، يجوز اختبارًا دقيقًا عن التطبيق العملي، فإن نجح يتحوَّل إلى حكمة وقد يكون الإنسان ذكيًا، ويُفكِّر أفكارًا صائبة. ولكن تنقصه الدقة في التعبير، لنقص معلوماته اللغوية في استخدام كل لفظ بدقة. فيخطئ في التعبير. أمَّا الإنسان الحكيم فإنه يقول ما يقصده، ويقصد ما يقوله وهكذا تشمل الحكمة جودة التفكير، ودقة التعبير، وسلامة التدبير. وبهذا نقول إن كل حكيم ذكي، ولكن لا يشترط أن يكون كل ذكي حكيمًا والحكيم إذا كانت تنقصه المعرفة، فإنه يستعيض عنها بالمشورة وبالقراءة والإطلاع، وبالاستفادة من خبرته وخبرة الآخرين. كما ينتفع أيضًا بأحداث التاريخ، كما قال الشاعر: ومَن وعى التاريخ في صدرهِ أضاف أعمارًا إلى عمرهِ ونظرًا لأهمية الخبرة في الوصول إلى الحكمة، فإننا نسمع عبارة (حكمة الشيوخ). والمقصود بها أنهم في مدى عمرهم الطويل، اكتسبوا خبرات كثيرة في الحياة تمنحهم حكمة، بغض النظر عن درجة ذكائهم. وهكذا فإن المشيرين يضيفون إلى عقل الإنسان عقلًا من خلال مشوراتهم. ويضيفون إلى فكره وجهة نظر أخرى ما كان يلتفت إليها لقلة خبرته ومحدودية رؤيته. ولعلهم يمنعونه من الاندفاع في اتجاه معين تكون كل قواه الفكرية مُركَّزة فيه بسبب غرض مُعيَّن في قلبه. إن من معطلات الذكاء: التَّسرُّع، لذلك يتصف الحكماء بالتروي. والحكيم لا يندفع في تصرفاته، إنما يهدئ اقتناعه العقلي حتى يتبصَّر بأسلوب أعمق وأشمل. إن السرعة لا تعطي مجالًا واسعًا للتفكير والبحث والدراسة ومعرفة الرأي الآخر. كما لا يكون فيها مجال للمشورة ولعرض الأمر على اللَّه في الصلاة. ورُبَّما تحوي السرعة في طياتها لونًا من السطحية. والتصرفات السريعة كثيرًا ما تكون تصرفاته هوجاء طائشة... بينما الحكماء تصرفاتهم متزنة رزينة قد أخذت نصيبها من التفكير والفحص، مهما اتهموها بالبطء ولا ننكر أن بعض الإجراءات تحتاج إلى سرعة. ولكن هناك فرقًا بين السرعة والتَّسرُّع. فالتَّسرُّع هو السرعة الخالية من التعمق والدراسة. ويأخذ التَّسرُّع صفة الخطورة، إذا كان يتعلَّق بأمور مصيرية أو رئيسية وتحتاج إلى حكمة في التَّصرُّف. ويكون التَّسرُّع بلا عذر، إن كانت هناك فرصة للتفكير ولم يكن الوقت ضاغطًا. لذلك فإنني أقول باستمرار: إن الحل السليم ليس هو الحل السريع، وإنما هو الحل المتقن قد تكون السرعة من صفات الشباب، إذ لهم حرارة زائدة تريد أن تتم الأمور بسرعة. ولكنهم حينما يدرسون الأمر مع مَن هم أكبر منهم، يمكن أن يقتنعوا بأن السرعة لها مخاطرها، ومن الحكمة التروي... وقد تكون السرعة طبيعة في بعض الناس غير الحكماء. وأولئك يحتاجون إلى تدريب أنفسهم على التروي وعُمق التفكيروكثيرًا ما يندم شخص على تصرف سريع قد صدر منه، فأخطأ فيه أو ظلم فيه غيره. مثال ذلك صحفي قد يسرع في نشر خبر ليحصل على سبق صحفي. ثم يتضح أن الخبر غير صحيح. ويفقد هذا الصحفي ثقة الناس في دقة أخباره ومثال ذلك أيضًا أب يعاقب ابنه، أو رئيس يعاقب أحد مرؤوسيه على أخطاء. ثم يتضح أن الذي عوقب كان بريئًا!من معطلات الذكاء أيضًا عدم الفهم أو عدم المعرفة. فقد يكون زوج ذكيًا جدًا، ولكنه يفشل في حياته الزوجية. وأما سبب فشله فهو جهله بنفسية المرأة، فهو يعاملها كما لو كانت بنفس عقليته ونفسيته!! أمَّا الرجل الحكيم فإنه يدرس عقلية المرأة ونفسيتها وظروفها، بحيث يتصرَّف معها حسبما يناسبها. وبالمِثل فإن المرأة الحكيمة تدرس نفسية الرجل وعقليته، وبهذا تتعامل معه بما يريحه، فتربحه ونفس الكلام نقوله في معاملة الأطفال: فرُبَّما إنسان ذكي يطلب من بعض الأطفال أن يجلسوا هادئين لا يتكلَّمون. بينما الحكيم يرى أن سن الأطفال يناسبها الحركة والكلام. فلا يضغط عليهم بما لا يحتملونه... وهكذا بالنسبة للتعامل مع أي إنسان، يعامله بما يناسبه والحكيم -بدارسته عقلية ونفسية مَن يعاملهم- يعرف نوعية المفاتيح التي يدخل بها إلى قلب كل منهم، وينجح في تصرفاته معه. وحتى إن حدث في بعض الأحيان أن تعطل المفتاح الذي يدخل به إلى شخصية إنسان ما، فإنه يزيِّت هذا المفتاح ويشحمه ويعود فيفتح باب القلب وينجح حقاَّ إننا نفشل أحيانًا، في التعامل مع أشخاص معينين. ويكون السبب ليس لعيب فيهم، بقدر ما يرجع السبب إلى عدم معرفتنا بطريقة التعامل معهم. والحكمة تقتضي أن ندرس بعُمق نوعية هؤلاء الناس وأسلوب التعامل معهم. قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
المزيد
30 أكتوبر 2018

الشباب و الصوم

إذا كان الصوم احتياجًا ماسًّا لكل الأعمار، إلا أنه بالنسبة للشباب احتياج في غاية الأهمية، وذلك لأسباب منطقية: 1- حاجة الشباب إلى تقوية الإرادة: فالشباب مرحلة القرارات الهامة والمصيرية، مثل قرار: الدراسة - اختيار العمل - اكتشاف شريك الحياة - تغيير المسار في مجالات كثيرة ... ألخ. ولذلك يحتاج الشباب إلى تقوية إرادته ليتخذ القرار الصائب في الوقت السليم! والصوم تدريب ممتاز "لتقوية الإرادة"! آكل هذا الطعام ولا آكل ذلك، مع أنه شهي! آكل الآن، أم أن هناك فترة انقطاع! أصوم كل الأصوام أم بعضها! أصوم المدة كلها، أم بعضها! والقرار هنا، بدوافع روحية وكنسية وصحية ومنطقية... قرار هام! والصوم فرصة ممتازة لتقوية الإرادة، ودعم الحياة الروحية والكنسية. 2- حاجة الشباب إلى حياة الطهارة : ومعروف عمليًا أن الأطعمة البروتينية نوعان: اللحوم: وهذه تعطي طاقة غضبية وشهوية أكثر، كما أثبتت بعض الدراسات العلمية الحديثة! والأسماك: وتعطي طاقة غضبية وشهوية أقل! كلاهما بنّاء للأنسجة.. وكنيستنا المسترشدة بالروح القدس رتّبت الأصوام على درجتين: واحدة تسمح بالأسماك: كصوم الميلاد والرسل والعذراء، وأخرى تخلو منها: كالصوم الكبير، والأربعاء والجمعة والبرامون.. وهذه حكمة من الكنيسة لحاجة الإنسان إلى البروتين، فاختارت له الأسماك في أصوام كثيرة. لذلك فالأصوام تساعد في حياة الطهارة، لأنها تتضمن مع نوع الأكل، وفترة الانقطاع، الانتظام في القداسات والصلوات والتناول، وهذه أسلحة عامة وهامة لحياة الطهارة! فالنفس الشبعانة (بالمسيح والروحيات) تدوس العسل (عسل الخطية المسموم): «النَّفسُ الشَّبعانَةُ تدوسُ العَسَلَ» (أمثال27: 7). 3- حاجة الشباب إلى الحياة الكنسية: وهذا أمر هام جدًا، إذ يحتاج الإنسان عمومًا، والشباب بصفة خاصة، إلى إشباع بعض الاحتياجات النفسية مثل: الحاجة إلى الأمن، والحب، والانتماء، والنجاح، والخصوصية، والمرجعية... وهذا يأتي من التواجد في عضوية الجماعة المقدسة، والحياة الكنيسة.. بما فيها من تعليم وأنشطة وممارسات وأسرار مقدسة.. وهذا سند هام للإنسان، إذ يحس إنه: ‌أ-عضو في الكنيسة، والجسد المقدس، والجماعة المرتبطة بالرب. فهو واحد من المؤمنين المجاهدين على الأرض، تطلُّعًا إلى السماء. ‌ب- له عشرة وشركة واقتداء وتشفّع بالقديسين في الفردوس... فهم سحابة شهود محيطة بنا ترقب جهادنا، وتصلى لأجلنا «لذلكَ نَحنُ أيضًا إذ لنا سحابَةٌ مِنَ الشُّهودِ مِقدارُ هذِهِ مُحيطَةٌ بنا» (عبرانيين12: 1). ‌ج- المسيح هو رأس هذا الجسد، والشاب كعضو في الكنيسة، هو متصل به، يشبع ويخلص ويحيا به إلى الأبد. والأصوام الجماعية هامة لهذا الهدف، نصوم معًا صوم: الميلاد ويونان، والكبير، والرسل، والعذراء.. فنحس بوحدة جسد الكنيسة، ونحيا تذكارات هذه المناسبات.. إذ يذخر كل صوم منها بالمعاني والقراءات والقدوة والتسابيح والقداسات. وبممارسة هذه الحياة الكنسية: الإرادة ... تتقوى! والطهارة... تزداد! وعضوية الجسد المقدس... تتدعم! لهذا نصوم... وبهذا ننتصر على أعدائنا: الجسد، وعثرات العالم، والشيطان؛ فنهتف جميعنا: «يَعظُمُ انتِصارُنا بالّذي أحَبَّنا» (رومية8: 37 نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
المزيد
29 أكتوبر 2018

عصر ما بعد السبي وحتى التجسد

بعد العودة من السبي واستقرار أمور شعب الله نسبيًا، وبناءً على تنظيم عزرا ونحميا لخدمة الهيكل والتسبيح، عادت للهيكل أمجاده القديمة،ومع مرور الوقت استقرت التنظيمات الخاصة بالعبادة داخل الهيكل،وصار لها ترتيب مستقر استمر حتى مجيء ابن الله بالجسد، حيث شارك فيها بالتسبيح ربنا يسوع مع تلاميذه القديسين والدارس في تاريخ الليتورجيا اليهودية وترتيباتها الطقسية يجد هناك نصوصًا وطقوسًا تشبه إلى حد كبير ترتيب طقس صلوات كنيستنا المسيحية في وجوه كثيرة، ونستطيع أن نتتبع هذه الترتيبات الطقسية اليهودية على مدار السنة فيما يلي: ? استخدام المزامير والتسابيح في العبادة اليومية بهيكل أورشليم كانت المزامير وتسابيح الأنبياء تُشكِّل المادة الأساسية لكل العبادة بالتسبيح في الهيكل بأورشليم فعلى مدار الأسبوع كانت هناك تسابيح مُخصصة لكل يوم، وكذلك كانت هناك تسابيح مُرتبة للأعياد والمواسم الدينية:- (1) تسابيح الأيام يوم الأحد:- يُمثل يوم بداية الخليقة، فكانوا يُسبِّحون بالمزمور (24): "للرَّب الأرضُ ومِلؤُها المَسكونَةُ، وكُلُّ السّاكِنينَ فيها لأنَّهُ علَى البِحارِ أسَّسَها، وعلَى الأنهارِ ثَبَّتَها مَنْ يَصعَدُ إلَى جَبَلِ الرَّب؟ الطّاهِرُ اليَدَينِ، والنَّقيُّ القَلبِ" إنه مزمور يتكلَّم عن سيادة الرب على الخليقة كلها، وصفات الشعب الذي يستحق أن يعبُده، ثم يختم بالحَث على الخضوع لهذا الإله العظيم الجبار. يوم الاثنين:- هو يوم خلق السماء (الجَلَد)، فكانوا يُسبِّحون بالمزمور (48) حيث يشكرون الله من أجل السماء الأرضية (صهيون)، فيقولون: "عظيمٌ هو الرَّبُّ وحَميدٌ جِدًّا في مدينةِ إلهِنا، جَبَلِ قُدسِهِ جَميلُ الارتِفاعِ، فرَحُ كُل الأرضِ، جَبَلُ صِهيَوْنَ اللهُ في قُصورِها يُعرَفُ مَلجأً كما سمِعنا هكذا رأينا في مدينةِ رَب الجُنودِ، في مدينةِ إلهِنا اللهُ يُثَبتُها إلَى الأبدِ ذَكَرنا يا اللهُ رَحمَتَكَ في وسطِ هيكلِكَ". يوم الثلاثاء:- هو يوم خلق الأرض والبحار والزروع، فيُسبِّحون بالمزمور (82) الذي يتكلّم عن الظلم الذي أصاب الأرض، فصار الناس كالبحر الذي يبتلع الأحياء بدون سبب: " حتَّى مَتَى تقضونَ جَوْرًا وترفَعونَ وُجوهَ الأشرارِ؟ مِنْ يَدِ الأشرارِ أنقِذوالا يَعلَمونَ ولا يَفهَمونَ في الظُّلمَةِ يتمَشَّوْنَ تتَزَعزَعُ كُلُّ أُسُسِ الأرضِ". + يوم الأربعاء:- هو يوم خلق الشمس والقمر والنجوم، فيُسبِّحون بالمزمور (94) وفيه يتكلمون مع الله (شمس البر): "يا إلهَ النَّقَماتِ يارَبُّ، يا إلهَ النَّقَماتِ، أشرِقِ ارتَفِعْ يا دَيّانَ الأرضِ ويقولونَ: الرَّبُّ لا يُبصِرُ، وإلهُ يعقوبَ لا يُلاحِظُ (وهم لا يعلمون أن الله هو النور الحقيقي الذي يعطي البصر والبصيرة للخليقة التي خلقها) الغارِسُ الأُذُنَ ألا يَسمَعُ؟ الصّانِعُ العَينَ ألا يُبصِرُ؟الرَّبُّ يَعرِفُ أفكارَ الإنسانِ أنَّها باطِلَةٌ عِندَ كثرَةِ هُمومي في داخِلي، تعزياتُكَ تُلَذذُ نَفسي فكانَ الرَّبُّ لي صَرحًا، وإلهي صَخرَةَ مَلجإي". + يوم الخميس:- خلق الله الحيوانات البحرية وطيور السماء، فيُسبِّحون بالمزمور (81): "رَنموا للهِ قوَّتِنا اهتِفوا لإلهِ يعقوبَ"، لقد عبر الإسرائيليون البحر الأحمر ككائنات بحرية، ثم طاروا في برية سيناء كطيور السماء، لذلك يُسبِّحون: "ارفَعوا نَغمَةً وهاتوا دُفًّا، عودًا حُلوًا مع رَبابٍ انفُخوا في رأسِ الشَّهرِ بالبوقِ، عِندَ الهِلالِ ليومِ عيدِنا عِندَ خُروجِهِ علَى أرضِ مِصرَ في الضيقِ دَعَوْتَ فنَجَّيتُكَ استَجَبتُكَ في سِترِ الرَّعدِ جَرَّبتُكَ علَى ماءِ مَريبَةَ أنا الرَّبُّ إلهُكَ، الذي أصعَدَكَ مِنْ أرضِ مِصرَأفغِرْ فاكَ فأملأهُ". + يوم الجمعة:- خلق الله البهائم والوحوش، ثم خلق الإنسان تاج الخليقة جميعًا لذلك حق لهم أن يُسبِّحوا الله بالمزمور (93): "الرَّبُّ قد مَلكَ لَبِسَ الجَلالَ لَبِسَ الرَّبُّ القُدرَةَ، ائتَزَرَ بها أيضًا تثَبَّتَتِ المَسكونَةُ لا تتزَعزَعُ كُرسيُّكَ مُثبَتَةٌ منذُ القِدَمِ منذُ الأزَلِ أنتَ رَفَعَتِ الأنهارُ يارَبُّ، رَفَعَتِ الأنهارُ صوتها ترفَعُ الأنهارُ عَجيجَها مِنْ أصواتِ مياهٍ كثيرَةٍ، مِنْ غِمارِ أمواجِ البحرِ، الرَّبُّ في العُلَى أقدَرُ شَهاداتُكَ ثابِتَةٌ جِدًّا ببَيتِكَ تليقُ القَداسَةُ يارَبُّ إلَى طولِ الأيّامِ". + وفي يوم السبت:- استراح الله من جميع أعمال الخليقة التي خلقها، فيُسبِّحون بالمزمور (92)، وذلك أثناء سكب السكيب المقدس(1) في يوم السبت الذي فيه يجتمعون بالهيكل وفي المجامع للصلاة، والتسبيح، وقراءة كلمة الله - وكان يُعتبر عندهم عيدًا أسبوعيًا عظيمًا. كان اللاويون يُرنمون هذا المزمور على ثلاث مراحل، والكهنة ينفخون في الأبواق ويقولون: "حَسَنٌ هو الحَمدُ للرَّب والتَّرَنُّمُ لاسمِكَ أيُّها العَليُّ. أنْ يُخبَرَ برَحمَتِكَ في الغَداةِ، وأمانَتِكَ كُلَّ ليلَةٍ، علَى ذاتِ عشَرَةِ أوتارٍ وعلَى الرَّبابِ، علَى عَزفِ العودِ لأنَّكَ فرَّحتَني يارَبُّ بصَنائعِكَ بأعمالِ يَدَيكَ أبتَهِجُ ما أعظَمَ أعمالكَ يارَبُّ! وأعمَقَ جِدًّا أفكارَكَ! أمّا أنتَ يارَبُّ فمُتَعالٍ إلَى الأبدِ الصديقُ كالنَّخلَةِ يَزهو، كالأرزِ في لُبنانَ يَنمو مَغروسينَ في بَيتِ الرَّب، في ديارِ إلهِنا يُزهِرونَ أيضًا يُثمِرونَ في الشَّيبَةِ يكونونَ دِسامًا وخُضرًا، ليُخبِروا بأنَّ الرَّبَّ مُستَقيمٌ صَخرَتي هو ولا ظُلمَ فيهِ"وفي نهاية ذبيحة السبت يُغني اللاويون "مزمور موسى" (تث32)، مُقسمًا على ستة أقسام، يتخللها نفخات أبواق الكهنة، ويشترك كل الشعب في التسبيح (راجع تث1:32-43) ثم يختمون التسبيح بترنيم "تسبحة موسى" (خر15)، وهو الهوس الأول الذي تستخدمه كنيستنا القبطية حتى اليوم ليُعبِّر عن فرحتنا بالخلاص الذي تممه الرب لنا بعبورنا المعمودية كما عبر بنو إسرائيل البحر. (2) تسابيح الأعياد في الأعياد أيضًا كانت هناك مزامير وتسابيح مُخصصة لكل عيد فعلى سبيل المثال:- (1) عيد الفصح:- كانوا يُرتلون مزامير التهليل (112-118) وفيها يُسبِّحون الله على أعماله العظيمة في خروج بني إسرائيل من مصر كان الاحتفال يبدأ بالتقديس (أي يقولون تسبحة "قدوس قدوس قدوس")، ثم يتناولون كأسًا من عصير الكرمة، ثم يسأل أحد الجلوس عن أهمية هذا اليوم فيُجيبه رئيس المتكأ: لأنه "بيد قوية أخرجنا الرب من مصر"، بعد ذلك يُسبِّحون بالجزء الأول من المزامير وتُسمى (مزامير الهلّيل): "نورٌ أشرَقَ في الظُّلمَةِ للمُستَقيمينَ هو حَنّانٌ ورحيمٌ وصِديقٌ الصديقُ يكونُ لذِكرٍ أبدي لا يَخشَى مِنْ خَبَرِ سوءٍ قَلبُهُ ثابِتٌ مُتَّكِلاً علَى الرَّب قَلبُهُ مُمَكَّنٌ فلا يَخافُ حتَّى يَرَى بمُضايِقيهِ (فرعون وجنوده) شَهوةُ الشريرِ تبيدُ" (مز112)هذا الخروج العظيم يستحق التسبيح والتمجيد لله: "هَللويا سبحوا يا عَبيدَ الرَّب مَنْ مِثلُ الرَّب إلهِنا المُقيمِ المَسكينَ مِنَ التُّرابِ، الرّافِعِ البائسَ مِنَ المَزبَلَةِ ليُجلِسَهُ مع أشرافٍ، مع أشرافِ شَعبِهِ المُسكِنِ العاقِرَ في بَيتٍ، أُمَّ أولادٍ فرحانَةً" (مز113) إنه يتكلَّم عن الأمة التي كانت مُستعبدة، ثم حررها الله بالعبور المقدَّس في الفصح العظيم وفي المزمور (114) يتكلَّم بوضوح عن الخروج المقدس: "عِندَ خُروجِ إسرائيلَ مِنْ مِصرَ، وبَيتِ يعقوبَ مِنْ شَعبٍ أعجَمَ، كانَ يَهوذا مَقدِسَهُ، وإسرائيلُ مَحَلَّ سُلطانِهِ البحرُ رَآهُ فهَرَبَ الأُردُنُّ رَجَعَ إلَى خَلفٍ الجِبالُ قَفَزَتْ مِثلَ الكِباشِ، والآكامُ مِثلَ حُملانِ الغَنَمِ ما لكَ أيُّها البحرُ قد هَرَبتَ؟ وما لكَ أيُّها الأُردُنُّ قد رَجَعتَ إلَى خَلفٍ؟ وما لكُنَّ أيَّتُها الجِبالُ قد قَفَزتُنَّ مِثلَ الكِباشِ، وأيَّتُها التلالُ مِثلَ حُملانِ الغَنَمِ؟ أيَّتُها الأرضُ تزَلزَلي مِنْ قُدّامِ الرَّب، مِنْ قُدّامِ إلهِ يعقوبَ! المُحَولِ الصَّخرَةَ إلَى غُدرانِ مياهٍ، الصَّوّانَ إلَى يَنابيعِ مياهٍ" بعد ذلك يتناولون كأسًا ثانية، ويغسلون أياديهم، ثم يأكلون الأعشاب المُرّة والفطير، ثم كأسًا ثالثة، ويُسبِّحون بباقي مزامير التهليل ثم المزمور (115) الذي يتحدث عن حالهم قبل العبور حيث العدو وراءهم والبحر أمامهم، وهم يطلبون أن يتمجد الله بانقاذهم من يد أعدائهم الوثنيين: "ليس لنا يارَبُّ ليس لنا، لكن لاسمِكَ أعطِ مَجدًا، مِنْ أجلِ رَحمَتِكَ مِنْ أجلِ أمانَتِكَ لماذا يقولُ الأُمَمُ: أين هو إلهُهُمْ؟ إنَّ إلهَنا في السماءِ كُلَّما شاءَ صَنَعَ أصنامُهُمْ فِضَّةٌ وذَهَبٌ، عَمَلُ أيدي الناسِ لها أفواهٌ ولا تتكلَّمُ لها أعيُنٌ ولا تُبصِرُ لها آذانٌ ولا تسمَعُ لها مَناخِرُ ولا تشُمُّ لها أيدٍ ولا تلمِسُ لها أرجُلٌ ولا تمشي، ولا تنطِقُ بحَناجِرِها مِثلها يكونُ صانِعوها، بل كُلُّ مَنْ يتَّكِلُ علَيها"ثم يردف في باقي المزمور بحَثْ شعب الله أن يتكلّوا عليه، لأنهم سبقوا واختبروا قوته، وصنيعه معهم أمام البحر الأحمروفي المزمور (116) يُعبّر عن حال الشعب بعد العبور، وتأمله فيما كان عليه، وكيف أنقذه الرب من حبال الموت وشدائد الهاوية: " لأنَّكَ أنقَذتَ نَفسي مِنَ الموتِ، وعَيني مِنَ الدَّمعَةِ، ورِجلَيَّ مِنَ الزَّلَقِ ماذا أرُدُّ للرَّب مِنْ أجلِ كُل حَسَناتِهِ لي؟ حَلَلتَ قُيودي فلكَ أذبَحُ ذَبيحَةَ حَمدٍ، وباسمِ الرَّب أدعو"ثم يُسبِّحون بالمزمور (117) حيث يدعون كل الأمم للمشاركة في التسبيح بهذا العيد العظيم:"سبحوا الرَّبَّ يا كُلَّ الأُمَمِ حَمدوهُ يا كُلَّ الشُّعوبِ لأنَّ رَحمَتَهُ قد قَويَتْ علَينا، وأمانَةُ الرَّب إلَى الدَّهرِ" والمزمور (118): "اِحمَدوا الرَّبَّ لأنَّهُ صالِحٌ" وكانوا يرتلونه بلحن طويل ختامًا للتسبيح في هذا العيد العظيم، ويتناولون في الآخر كأسًا رابعة، وينتهي الاحتفال وكانت هذه المزامير تُرنم أيضًا أثناء ذبح خروف الفصح، والكهنة يُبوقون ثلاث مرات بأبواقهم الفضية. (2) عيد اليوبيل:- الذي يحتفلون فيه بتحرير العبيد، والإبراء من الديون كانوا يُسبِّحون بالمزمور (81) لله الذي حرَّرهم من عبودية فرعون، وأنقذهم من الظلم والانكسار: "انفُخوا في رأسِ الشَّهرِ بالبوقِ، عِندَ الهِلالِ ليومِ عيدِنا عِندَ خُروجِهِ علَى أرضِ مِصرَ (عندما تحرر يوسف من العبودية والسجن، وصار رئيسًا ومُدبرًا) جَعَلهُ شَهادَةً في يوسُفَ عِندَ خُروجِهِ علَى أرضِ مِصرَ سمِعتُ لسانًا لم أعرِفهُ: أبعَدتُ مِنَ الحِملِ كتِفَهُ (حررته من نير العبودية) يَداهُ تحَوَّلَتا عن السَّل (تحررتا من السخرة والعمل القاسي) في الضيقِ دَعَوْتَ فنَجَّيتُكَ (حررنا من عبودية إبليس) استَجَبتُكَ في سِترِ الرَّعدِ. جَرَّبتُكَ علَى ماءِ مَريبَةَ اِسمَعْ يا شَعبي فأُحَذرَكَ يا إسرائيلُ، إنْ سمِعتَ لي! لا يَكُنْ فيكَ إلهٌ غَريبٌ، ولا تسجُدْ لإلهٍ أجنَبي أنا الرَّبُّ إلهُكَ، الذي أصعَدَكَ مِنْ أرضِ مِصرَ أفغِرْ فاكَ فأملأهُ فلم يَسمَعْ شَعبي لصوتي، وإسرائيلُ لم يَرضَ بي فسَلَّمتُهُمْ إلَى قَساوَةِ قُلوبِهِمْ، ليَسلُكوا في مؤامَراتِ أنفُسِهِمْ. لو سمِعَ لي شَعبي، وسلكَ إسرائيلُ في طُرُقي، سريعًا كُنتُ أُخضِعُ أعداءَهُمْ، وعلَى مُضايِقيهِمْ كُنتُ أرُدُّ يَدي مُبغِضو الرَّب يتذَلَّلونَ لهُ، ويكونُ وقتُهُمْ إلَى الدَّهرِ وكانَ أطعَمَهُ مِنْ شَحمِ الحِنطَةِ، ومِنَ الصَّخرَةِ كُنتُ أُشبِعُكَ عَسَلاً"لقد كان التسبيح والمزامير جزءًا أساسيًا في احتفالات كنيسة العهد القديم بالأعياد المقدسة. (3) عيد المظال:- وفيه يتذكرون أيام أن كانوا يعيشون في خيام في البرية قبل دخولهم أرض الموعد فكانوا يُسبِّحون بالمزمورين (67،65) فيقولون في المزمور (65):"لك ينبغي التسبيح يا الله في صهيون، ولك يُوفَى النَّذرُ يا سامع الصلاةِ، إليك يأتي كل بشرٍآثام قد قويت عليَّ مَعَاصينا أنت تُكفِّر عنها طوبى للذي تختاره وتُقرِّبه ليسكُن في ديارِك لنشبَعنَّ من خير بيتك، قُدسِ هيكلِك تجعل مطالع الصباح والمساء تبتهج تعهَّدت الأرض وجعلتها تفيضُ تُغنيها جدًّا سواقي الله ملآنة ماءً تُهيِّئ طعامهم لأنك هكذا تُعدُّها أَرْوِ أتلامَهَا مَهِّد أخاديدَها بالغُيوث تٌحلِّلُها تُبارِك غلَّتها كلَّلت السنة بِجُودك، وآثارك تَقطُر دسمًا تَقطُر مراعي البرية، وتتنطَّق الآكامُ بالبهجة اكتَست المُروجُ غنمًا، والأودية تتعطَّف برًّا تَهتف وأيضًا تُغنِّي"وفي المزمور (67) كانوا يتضرعون إلى الله أن يترأف عليهم، وأن تمتد معرفته بين الشعوب فيقولون:"ليَتَحَنَّنِ اللهُ علَينا وليُبارِكنا ليُنِرْ بوَجهِهِ علَينا لكَيْ يُعرَفَ في الأرضِ طَريقُكَ، وفي كُل الأُمَمِ خَلاصُكَ يَحمَدُكَ الشُّعوبُ يا اللهُ يَحمَدُكَ الشُّعوبُ كُلُّهُمْ تفرَحُ وتبتَهِجُ الأُمَمُ لأنَّكَ تدينُ الشُّعوبَ بالاستِقامَةِ، وأُمَمَ الأرضِ تهديهِمْ يَحمَدُكَ الشُّعوبُ يا اللهُ يَحمَدُكَ الشُّعوبُ كُلُّهُمْ الأرضُ أعطَتْ غَلَّتَها يُبارِكُنا اللهُ إلهنا يُبارِكُنا اللهُ، وتخشاهُ كُلُّ أقاصي الأرضِ"كان ضمن طقس هذا العيد العظيم أنه كان يخرج من الهيكل موكب عظيم من الكهنة واللاويين والشعب، ويذهبون إلى بركة سلوام كان أحد الكهنة يحمل وعاء من الذهب يملأه ماءً من بركة سلوام، ويعود الموكب إلى الهيكل مصحوبًا بالهتاف والترانيم والتسابيح يقودها جماعة المُسبحين وداخل الهيكل يستقبل الكهنة هذا الموكب بالنفخ ثلاثًا في الأبواق، ثم يصبون الماء على المذبح إشارة لخروج الماء من الصخرة على يد موسى النبي وشُرب آبائهم منها، وأثناء انسكاب الماء تُعزف الموسيقى في الهيكل، ويرنمون مزامير الهلّيل (113-118)، (التي يستخدمونها في عيد الفصح) كذلك كان عندما يأتون إلى المقاطع: "اِحمَدوا الرَّبَّ لأنَّهُ صالِحٌ"، "يارَبُّ أنقِذْ" يُلوح الشعب بالأغصان ويُرددون من تسابيح إشعياء: "هوذا اللهُ خَلاصي فأطمَئنُّ ولا أرتَعِبُ، لأنَّ ياهَ يَهوهَ قوَّتي وترنيمَتي وقد صارَ لي خَلاصًا فتَستَقونَ مياهًا بفَرَحٍ مِنْ يَنابيعِ الخَلاص صَوتي واهتِفي يا ساكِنَةَ صِهيَوْنَ، لأنَّ قُدّوسَ إسرائيلَ عظيمٌ في وسطِكِ" (إش2:12-6)وقد شارك السيد المسيح نفسه في احتفالات عيد المظال (راجع يو2:7، 14،10) وفي أحد السنوات التي حضر فيها هذا العيد، وعند وصول موكب الكهنة الموصوف سابقًا إلى الهيكل وعند انسكاب الماء غزيرًا من الجرة التي يحملونها أراد الرب يسوع أن يُنبِّه ذهنهم إلى الماء الحقيقي للخلاص، والصخرة الحقيقية التي هي ربنا يسوع المسيح نفسه فقال لهم: "إنْ عَطِشَ أحَدٌ فليُقبِلْ إلَيَّ ويَشرَبْ مَنْ آمَنَ بي، كما قالَ الكِتابُ، تجري مِنْ بَطنِهِ أنهارُ ماءٍ حَي" (يو37:7-38)، وكان هذا الإعلان: "في اليومِ الأخيرِ العظيمِ مِنَ العيدِ" (يو37:7)لقد أراد الرب يسوع أن يشرح لليهود أن كل ما كُتب في العهد القديم كان رمزًا له، وأن كل احتفالاتهم الطقسية كانت تمهيدًا لاكتشاف شخصه القدوس فهو بالحق شبع نفوسنا، ورواء ظمأنا "مَنْ يُقبِلْ إلَيَّ فلا يَجوعُ، ومَنْ يؤمِنْ بي فلا يَعطَشُ أبدًا" (يو35:6) وقد سبق وتنبأ بذلك إشعياء النبي حينما قال: "أيُّها العِطاشُ جميعًا هَلُمّوا إلَى المياهِ، والذي ليس لهُ فِضَّةٌ تعالَوْا اشتَروا وكُلوا. هَلُمّوا اشتَروا بلا فِضَّةٍ وبلا ثَمَنٍ خمرًا ولَبَنًا" (إش1:55)، وسيتحقق هذا بالحقيقة في الأبدية السعيدة "والرّوحُ والعَروسُ يقولانِ: تعالَ! ومَنْ يَسمَعْ فليَقُلْ: تعالَ! ومَنْ يَعطَشْ فليأتِ ومَنْ يُرِدْ فليأخُذْ ماءَ حياةٍ مَجّانًا" (رؤ17:22) إن المسيح صخرتنا الحقيقي هو موضوع تسبيحنا اليوم، كما كان هو موضوع تسبيح كل الأجيال فكانوا يتكلّمون عنه في تسبيحهم قائلين: " لَنَشبَعَنَّ مِنْ خَيرِ بَيتِكَ، قُدسِ هيكلِكَ سواقي اللهِ مَلآنَةٌ ماءً" (مز65). (4) عيد الأبواق:- هو عيد رأس السنة المدنية عند اليهود، وبداية الشهر السابع من السنة الدينية عندهم، "وكلَّمَ الرَّبُّ موسَى قائلاً: كلّمْ بَني إسرائيلَ قائلاً: في الشَّهرِ السّابِعِ، في أوَّلِ الشَّهرِ يكونُ لكُمْ عُطلَةٌ، تذكارُ هُتافِ البوقِ، مَحفَلٌ مُقَدَّسٌ عَمَلاً مّا مِنَ الشُّغلِ لا تعمَلوا، لكن تُقَربونَ وقودًا للرَّب" (لا23:23-25) وكان الكهنة ينفخون في الأبواق، ويعزف اللاويون على آلات موسيقية، ويترنم الشعب بالمزامير خاصة مزمور (81)، (وهو نفس المزمور المُستخدم في عيد اليوبيل)، ثم يُبارك الكاهن الشعب بالبركة المقدسة التي كان يستخدمها موسى النبي "يُبارِكُكَ الرَّبُّ ويَحرُسُكَ يُضيءُ الرَّبُّ بوَجهِهِ علَيكَ ويَرحَمُكَ يَرفَعُ الرَّبُّ وجهَهُ علَيكَ ويَمنَحُكَ سلامًا" (عد24:6-26)وقد وصف سفر العدد تفاصيل الاحتفال بهذا العيد: "وفي الشَّهرِ السّابِعِ، في الأوَّلِ مِنَ الشَّهرِ، يكونُ لكُمْ مَحفَلٌ مُقَدَّسٌ عَمَلاً مّا مِنَ الشُّغلِ لا تعمَلوا. يومَ هُتافِ بوقٍ يكونُ لكُمْ. وتعمَلونَ مُحرَقَةً لرائحَةِ سرورٍ للرَّب" (عد1:29-2) لقد كان الرقم (7) رقمًا محبوبًا ومقدسًا في العبادة اليهودية، لأنه يُمثل السبت والراحة والعبادة، ولأنه رقم الكمال لذلك كانوا يحتفلون في بداية الشهر السابع بهذا العيد أما في المسيحية فقد صار الرقم (8) هو الرقم المحبوب والمُقدس، لأنه يرمز إلى الأبدية، حيث ندخل في يوم جديد بعد السبعة أيام، التي تُمثل الزمان الحاضر لذلك قام السيد المسيح في اليوم الثامن من الأسبوع (الأحد)، وصار يوم الأحد هو يوم العبادة المسيحية بدلاً من سبت اليهود ولعل الختان في اليوم الثامن من ميلاد الطفل كان يسبق ويُشير إلى العهد الجديد بدم المسيح وقيامته كذلك في شريعة التطهير حيث تقدَّم الذبائح في اليوم الثامن (راجع عد10:6) إشارة إلى التطهير بدم المسيح وقيامته أيضًا بعد أن استعرضنا الرحلة الطويلة لخدمة التسبيح في العهد القديم منذ عهد داود حتى مجيء رب المجد في الجسد لنا أن نتساءل:ما هو موقف الرب يسوع نفسه من التسابيح التي كان يمارسها اليهود أيام حضوره بالجسد على الأرض؟ نيافة الحبر الجليل الانبا رافائيل أسقف عام وسط القاهرة
المزيد
28 أكتوبر 2018

الخادم والازدواجية

الخادم يمثّل المسيح أمام المخدومين، يحمل فكره، يتكلم بكلامه، وينشر رسالته وتعاليمه. هكذا يرى المخدومون الخادم أنه في درجه من الكمال، وقد لا يستوعبون أنه شخص تحت الآلام مثلهم. وكثيرًا ما نجد الخادم قد يُسَرّ بهذه الصورة ويرسّخها في أذهان المخدومين، بينما الحقيقة مختلفه تمامًا! فتجد الخارج غير الداخل، والكلام غير الأفعال، والمظهر غير الجوهر، ممّا جعل الخادم يحيا في ازدواجية تجعله غريبًا عن نفسه. وأخطر ما في الأمر هو تباعُد المسافة بين ما يقول وما يفعل إلى أن يصل إلى درجة الازدواجية المريضة. وهناك موقف في الكتاب المقدس يوضّح لنا كيف يحيا الإنسان مزدوجًا؛ حين تقدّم أبونا يعقوب إلى أبيه إسحق لنوال البركة عوض عيسو البكر: «فتقَدَّمَ يعقوبُ إلَى إسحاقَ أبيهِ، فجَسَّهُ وقالَ: «الصَّوْتُ صوتُ يعقوبَ، ولكن اليَدَينِ يَدا عيسو». ولَمْ يَعرِفهُ لأنَّ يَدَيهِ كانتا مُشعِرَتَينِ كيَدَيْ عيسو أخيهِ، فبارَكَهُ. وقالَ: «هل أنتَ هو ابني عيسو؟». فقالَ: «أنا هو».» (تكوين 27: 21-24). كثيرًا ما يوجد داخلنا هذا التناقض: الصوت صوت يعقوب، واليدان (اللتان تشيران إلى الأعمال) يدا عيسو! وتجتهد النفس في تزييف حقيقتها لتأخذ ما ليس لها، وتدقّق وتجتهد لتلبس الثياب وتأخذ الشكل بل والرائحة، وتمتد إلى ما أهو أكثر وأعقد من ذلك وهو تغطية الجلد حتى يحصل على ضمان اقتناء الشخصية المرغوبة، ويتحمّل المخاطر ويستمرّ في الخداع حتى وإن ظهر الشك في أمره، ولكنه يؤكد: «أنا هو»! ما أخطر خداع النفس وما أسوأ النتائج حين يتوقّع المخدوم من الخادم كمالات لا يجدها، بل والأكثر حين تظهر أمور عكس ما يظهر أو يعلم. لقد مدح السيد المسيح من عَمِل وعَلَّم أنه يُدعَى عظيمًا في ملكوت السماوات (متى 19:5)، بل وقد وجدنا في شخصه القدوس تحقيقًا وتطبيقًا واضحًا لكل ما عَلَّم به، فلم يتكلم عن المتّكأ الأخير بينما يتنافس على المتكآت الأولى، ولم يحدّثنا أن «بيعوا أمتعتكم وأعطوا صدقة» بينما يسكن هو في القصور، ولم يتكلم عن ضرورة حمل الصليب بينما يهرب هو من حمله، بل على العكس نجده فعل أكثر مما تكلّم به لدرجة عجز الكلمات عن التعبير. أعظم عمل للخادم هو التأثير، والعين أكثر تفاعلاً من الأذن، فنحن لا نحتاج إلى كلمات بقدر ما نحتاج إلى أفعال، ولا نحتاج إلى خدام بل إلى نماذج، ومن المعروف أن أي تعليم يستمدّ قوته من قائله، فالذي جعل القديس تيموثاؤس يتبع بولس الرسول ليس فقط تعليمه بل سيرته وقصده وإيمانه وأناته ومحبته وصبره (تيموثاوس الثانية 10:3) التي رآها وتلامس معها بشكل عملي. ليت نفوسنا تتوحّد في خوف الله، ونقدم صورة للمسيح الذي يحيا في داخلنا، ولا ننجذب لغيره ولا نتبع غيره، فنقدم صورته وكلامه وحياته لأولاده فيجذبهم فيجروا وراءه. القس أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والأنبا أنطونيوس - محرم بك الأسكندرية
المزيد
27 أكتوبر 2018

الدكتور بهجت عطا الله

(من رواد مدارس احد اسكندرية) خدم مدارس الاحد واجتماعات الشباب فى الاربعينيات ، والتى انطلقت من كنيسة العذراء "محرم بك" ، ثم بدأ خدمة فروع التربية الكنسية فى القرى المحيطة بالاسكندرية تحت قيادة القس يوحنا حنين ، حيث قاموا بعمل قوافل لخدمة الاحياء الشعبية - العضوية الكنسية - اجتماعات درس الكتاب للكبار - فصول مدارس الاحد . عاش الدكتور بهجت جيل كامل ، وقد عاش ظروف شعبه بصدر واسع وايمان عميق ، جعله يتخصص فى خدمة الكلمة واعداد الخدام والشباب . فصار اميناً للتربية الكنسية فى كنائس عديدة ، منها على سبيل المثال كنيسة العذراء محرم بك - كنيسة مارمينا فلمنج - كنيسة مارمينا المندرة ؛ والمشرف الروحي علي مجلس كنيسة مارجرجس ابو قير .؛ وغيرها من كنائس غيط العنب وابيس والطابية ... يجول يصنع خيرا . مهتماً بدراسات الخدام والتلمذة ، مفضلاً خدمة الخروف الضال والبعيدين وافتقاد الحالات الصعبة . والسعى لعمل خدمة متخصصة للفتيات الجانحات ، لجذب نفوس اولاد الكنيسة التى افتداها الرب يسوع بدمه الطاهر الكريم تميز بالملء والهدوء الحكيم ، والوعظ والتجوال لصنع الخير كسيده ، كذلك تميز بالعمق الخفى والرزانة التي بها صار ايقونة حلوة لخادم مدارس الاحد الذى يعرف قيمة النفس البشرية وافتقادها ، وحتمية الخدمة الفردية الخاصة كمحور وكنتيجة لفصول مدارس الاحد . عندما واجهت المذاهب البروتسطانطية التي جاء بها المرسل الاسكتلندي هوج ؛ حيث طاف بالاسكندرية ليسلب حفنة من ابناء الكنيسة السطحيين في العقيدة والمحمولين بكل ريح تعليم ، وقد استهواهم الشكل الاجنبي والاغراءات المادية ؛ الامر الذي جعل خدام مدارس الاحد ينتقلون الي افتقاد ورعاية البعيدين ؛ لاحتضان الذين ضلوا من جراء التعاليم المعسولة... لذلك سعي الخدام الي رد المخطوفين ؛ وتفنيد ادعائتهم المخادعة ؛ بدعوي شعارات : ( اللاطائفية ) ؛ واننا كلنا ( واحد في المسيح ) وان ( خلاص النفوس ) لاتتعرض للعقائد .. ومن هنا ذهبت القوافل الي القري البعيدة ؛ لتكريس المواهب للمسيح واعظين كل نفس بالبشارة المفرحة وبمسيح الكنيسة .؛ فاتوا بالكثير من العائلات التي لم تنل العماد المقدس بالقري المحيطة ؛ وعلموهم طريق الكنيسة . رفع دكتور بهجت عطا الله شعارات جيل خدام التربية الكنسية الاتقياء التي عاشوها وسلموها وهى : لا خدمة من دون اجتماع الصلاة ؛ وحياة التقوي بملازمة التعليم بمداومة . لاخدمة من دون مواظبة على القداسات والعبادة الليتورجية ؛ والقانون الروحي للخادم لا خدمة من دون تلمذة واعداد مستمر ؛ درس حبة الحنطة ؛ بالاقتداء بسيرة حياة الرسل واباء الكنيسة .الفلوس لا تعطل الخدمة ( عند اقدام الرسل ) الذبيحة الالهية هى دينامو نجاح الخدمة المحبة هى عصب الخدمة واساسها الله الذى نعبده ونخدمه هو يبدأ ويكمل ويعمل فى الاطفال والكبار . المنهج نعيشه ونتشربه في مدارس الاحد وهو خارطة طريق ومصنع ينتج خدام جيل مدارس الاحد : ( روح الاغابي - اجتماعات الصلاة - العطاء - سلامه العقيدة - طاعة الرؤساء والمرشدين - الاهتمام باحتياجات وضرورات المحتاجين -احترام الكهنوت - خدمة الاماكن المحرومة مهما كانت اعداد اامخدومين قليلة ولا تعد علي اصابع اليد الواحدة - الخلوة وزيارة بركة مواضع القديسين - الصدق والمشورة الحسنة - السلوك حسب الايمان - مظهر الخادم -التبعة للمسيح والسعي للوحدة والسلامة بالابتعاد عن التحزب والانقسام والعثرات - الالتزام بالشهادة الارثوذكسية بلا ضجيج ولا افتعال - مدارس الاحد خدمة كرازة ).ونظراً لانه قائداً للتربية الكنسية فى جيله ، لذلك عاش ماقاله وعلم به عن الدعة واحترام الكهنوت والالتزام الامين بالمواظبة . فلا أنسى ابداً اللازمة الكلامية التى كان مكثراً فى ترديدها " قدس ابونا له حق فى كل ما قاله فأطيعوا مرشديكم الذين يسهرون عنكم " . وقد كان قريبا ومحبوبا عند ابينا المتنيح القمص بيشوي كامل والقمص تادرس يعقوب وانبا باخميوس والقس يوحنا حنين ..والكثير من الاباء والخدام ؛الذين وجدوه مثيلهم في الهدف والقصد كان دكتور بهجت مدرسة فى جيله لها نمطها فى سلوك التوبة والجهاد الروحى ، وعمق المعرفة الاختبارية وتنفيذ الوصية عملياً ، مع سهر الليالى للصلاة والتحضير وحل المشاكل ؛ فلم تتوقف خدمة مدارس الاحد عند جيلة فقط علي دروس ومحاضرات ؛ لكنها قدوة ومثال وافتقاد وسهر وعطاء وحل المشاكل . فحينما نذكر سيرته بمناسبة مئوية مدارس الاحد ، إنما نخطو على خطاه فى التقوى وتمجيد الله وخدمة المخادع فى الخفاء ، وعدم الاكتفاء بخدمة الكلام لكن نعمل ببذل واحتمال وستر وغيرة وهدوء وعطاء نفس وتكريس وحمل للصليب . ولا يمكن ننسى ابداً تحركاته وكلماته وما قدمه سواء فى تأسس مدارس احد الاسكندرية والقرى ، او خدمة بيت طابيثا مع الجانحين والراجعين.؛ مؤكدا بخدمته ان مدارس الاحد قصة اجيال عاشها مع الرواد من سنة ١٩٤٧ وحتي يوم انتقاله الي المجد في ٢٦ / ٢ / ١٩٩٥ ...ينقل لنا ماتسلمه لنقتدي به ؛ في سلوكه كصورة ابن مدارس الاحد وتلميذ مدارس الاحد ومدرس مدارس الاحد . القمص اثناسيوس فهمي جورج كاهن كنيسة مارمينا – فلمنج الأسكندرية
المزيد
26 أكتوبر 2018

" اِفْرَحُوا فِي الرَّبِّ كُلَّ حِينٍ"

"هقرأ جزء من رسالة معلمنا بولس الرسول إلى أهل فيلبي الأصحاح الرابع (8:1) ، وفيلبى هي قرية صغيرة في أوربا وهي أول قرية عرفت الأيمان بالمسيح وأول وحده عرفت الايمان هي ليديا بائعة الأرجوان وكل قارة أوروبا التي تعتبر قارة مسيحية ، الإصحاح الرابع والرسالة كلها أربع أصحاحات كتبها القديس بولس وهو في السجن ولكن للعجب كتبها عن الفرح فالرسالة كلها مفرحة . والجزء اللي هقرأ بيتكلم عن أثنين خادمات اختلفوا مع بعض وبولس الرسول بدأ يرسل نوع من الرسائل يشرح لهم فيها كيف يعيشوا بفكر واحد ". + 1 إِذًا يَا إِخْوَتِي الأَحِبَّاءَ وَالْمُشْتَاقَ إِلَيْهِمْ، يَا سُرُورِي وَإِكْلِيلِي، اثْبُتُوا هكَذَا فِي الرَّبِّ أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ. 2أَطْلُبُ إِلَى أَفُودِيَةَ وَأَطْلُبُ إِلَى سِنْتِيخِي أَنْ تَفْتَكِرَا فِكْرًا وَاحِدًا فِي الرَّبِّ. 3نَعَمْ أَسْأَلُكَ أَنْتَ أَيْضًا، يَا شَرِيكِي الْمُخْلِصَ، سَاعِدْ هَاتَيْنِ اللَّتَيْنِ جَاهَدَتَا مَعِي فِي الإِنْجِيلِ، مَعَ أَكْلِيمَنْدُسَ أَيْضًا وَبَاقِي الْعَامِلِينَ مَعِي، الَّذِينَ أَسْمَاؤُهُمْ فِي سِفْرِ الْحَيَاةِ. 4اِفْرَحُوا فِي الرَّبِّ كُلَّ حِينٍ، وَأَقُولُ أَيْضًا: افْرَحُوا. 5لِيَكُنْ حِلْمُكُمْ مَعْرُوفًا عِنْدَ جَمِيعِ النَّاسِ. اَلرَّبُّ قَرِيبٌ. 6لاَ تَهْتَمُّوا بِشَيْءٍ، بَلْ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِالصَّلاَةِ وَالدُّعَاءِ مَعَ الشُّكْرِ، لِتُعْلَمْ طِلْبَاتُكُمْ لَدَى اللهِ. 7وَسَلاَمُ اللهِ الَّذِي يَفُوقُ كُلَّ عَقْل، يَحْفَظُ قُلُوبَكُمْ وَأَفْكَارَكُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ.8أَخِيرًا أَيُّهَا الإِخْوَةُ ِافْرَحُوا فِي الرَّبِّ. اليوم في مفاجأة احنا كان من المفترض أن يكون معنا الأنبا إبيفانيوس الذي تنيح منذ شهر وطلبنا منه تجهيز كلمة وقتها وهما بيرتبوا القلاية بتاعته وجدوا تلك الكلمة التي كان يكتبها اليكم للمتلقي. اقرأ لكم مقتطفات منها الكلمة بعنوان "أفرحوا في الرب " + كان الفلاسفة اليونانيون خاصة الرواقيون منهم يرون أن الانفعالات البشرية أربعة (الخوف والرغبة والحزن واللذة) وكان الفرح يندرج تحت اللذة وكان يعتبرونه ظاهرة صحية ولم يعترض الكتاب المقدس على وجهه النظر هذه فكان يربط الفرح بالله فالشعب يفرح عندما ينقذه الله من أعدائه وعندما يمنحه النصر في المعارك أما الفرح في العبادة فهو فرح من نوع أخر الله يفرح بشعبه مانحًا أيا خيراته ويتجاوب الشعب مع هذا الفرح بالتسبيح والتهليل وأغاني من الفرح وكان تقديم الذبائح يلازمها الفرح لذلك وصفت الأعياد السنوية انها أيام فرح والفرح كان تعبيرًا عن علاقة الإنسان الشخصية بالله فالرجل البار يجد مسرته في شريعة الله أو في كلمته والفرح هو مكافأة الثقة في الله . مثال لكده الاب والام لما يلعبوا مع ابنهم بيتنططوا لفوق وفى هذا الوقت يبقى لدى الطفل ثلاثة مشاعر مختلطة أولها الفرح إن أبوه يلعب معه ثم الخوف أن يسقط وأيضًا الثقة في أن يد أبوه تنتظره أن عمره ما يتركه يقع على الأرض ، وهذه مشاعرنا في حياتنا اليومية فرحانين وفى حجات بتخوفنا لكن واثقين ان يد الله معنا "ها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر" (مت28: 20) ، هو معايا دلوقتى وبكره وبعده وكان معايا امس وهذا يعطيني الثقة لذلك الفرح هو مكافأة الثقة بالله والتوكل عليه والآية الجميلة "كَثِيرَةٌ هِيَ نَكَبَاتُ الشِّرِّيرِ، أَمَّا الْمُتَوَكِّلُ عَلَى الرَّبِّ فَالرَّحْمَةُ تُحِيطُ بِهِ. 11 افْرَحُوا بِالرَّبِّ وَابْتَهِجُوا يَا أَيُّهَا الصِّدِّيقُونَ، وَاهْتِفُوا يَا جَمِيعَ مستقيم القلوب " وفي فقرة ثانية كتب المتنيح نيافة الأنبا إبيفانيوس + هذا الفرح الكامل او الحقيقي هو موضوع العهد الجديد الفرح بشخص السيد المسيح الذي إذا لم ترونه بأعينكم ذلك الذي وإن كنتم لا ترونه الآن لكن تؤمنون فتبتهجون بفرح لا ينطق به. نفرح أن أسمائنا مكتوبه بالسماء نفرح بصوت السيد المسيح وهو يقول " نِعِمَّا أَيُّهَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ الأَمِينُ "وبنفرح بالأسرار المقدسة كنعم. وفى النهاية أختار لنا فقرة من أقوال القديس غريغوريوس صانع العجائب في عظة في عيد البشارة. " اليوم تتهلَّل صفوف الملائكة بالتسابيح، ونور حضرة المسيح يُضيء على المؤمنين‏. ‏ اليوم قد جاء الربيع المبهج، والمسيح شمس البر أضاء حولنا بنوره البهي، وأنار أذهان المؤمنين‏. ‏ اليوم آدم يُخلَق من جديد، "وهذا يوم عيد البشارة يوم ما امنا العذراء أتت لها البشارة ". ويطفر مع الملائكة منطلقاً إلى السماء‏. ‏ اليوم جميع أرجاء المسكونة اكتست بالفرح، لأن حلول الروح القدس قد أُعطِيَ للبشر‏‏‏. ‏ اليوم النعمة الإلهية ورجاء الخيرات غير المنظورة تُضيء بالعجائب التي تفوق العقل، وتكشف لنا بوضوح السرَّ المخفي منذ الدهر‏. ‏‏.‏‏.‏ اليوم يتم قول داود القائل‏: ‏ «لتفرح السموات وتبتهج الأرض‏. ‏ لتفرح البقاع وكل شجر الغاب، أمام وجه الرب، لأنه يأتي ". الفرح هنا أصبح بشخص والعهد القديم الفرح في العهد القديم كان بأحداث وعطايا أما في العهد الجديد الفرح بشخص المسيح وده اللي أكلمك عليه باختصار وكده أخذنا مقتطفات طويلة من العظة التي كان حضرها لنا المتنيح الأنبا إبيفانيوس . وقبلها كنت عايزة أشرح لكم الجائزة الرسمية للملتقى بتاعكم إحنا اخترنا "JOY " بشكل المسيح المرحب وطبعًا أن المسيح بلادنا مصر فأخذ تلك الصورة المسيح المرحب حرف ال O دائرة مثل الكرة الأرضية O اختصار Coptic ،وفى صلاة عشية كان في 45 شماس وكانوا من 26 ايبارشية ومن 23 دولة ويكلموا 10 لغات ولكن جميعكم تخدموا معًا وهكذا السماء أيضًا . ومن Egyp اخترنا حرف ال Y شكل نهر النيل وبقيت JOY كلها في شكل الجذور كأنها شجرة كبيرة والشجرة لها جذور اللي انتم جايين منها وكده يبقى شعارنا (Back to the Roots " اللي هو عودة الى الجذور وهذا شعارنا اللى قدمنا منه هدايا لبعض المسؤولين كمان كلمة JOY معناها (Jesus of Youth) المسيح هو الصديق المفرح للشباب نبحث عن الصداقة ونحبها جدًا والصديق مثل المرايا اشوف فيه نفسه ولكن أجمل صديق هو المسيح لأنه الصديق المفرح والصديق المفرح أجده في أربعة أماكن. المكان الأول: الإنجيل Massage of Joy رسالة الفرح الإنجيل أساسًا رسالة فرح Good News لكل واحد فينا " لاَ تَخَافُوا! فَهَا أَنَا أُبَشِّرُكُمْ بِفَرَحٍ عَظِيمٍ يَكُونُ لِجَمِيعِ الشَّعْبِ"وان كنت لا تقرأ الانجيل كل يوم فأنت تحرم نفسك من رسالة فرح وهو الكتاب المقدس لما يكون جنبك باستمرار " نموسك يلهج نهارً وليلًا" الكلمة المقدسة على طول بيرتل بها ويفكر نفسه بها وفي قصة اتذكرها لشاب وشابة متجوزين جديد رحت أزورهم وكان تعليمهم محدود فوجدت الكتاب المقدس مفتوح فسالتهم انتم كنتوا بتقروا دلوقتى قالوا لا لسه لم نقرأه النهاردة احنا مش بنقفله نهائي بنتركه مفتوح قالوا علشان بيتنا يفضل مفتوح كأن فتح الانجيل هو سبب عمار ، البيت اللي يفرحنا يكون فيه المسيح مش يكون عندنا كذا وكذا لازم تنزلوا خدمة وتشوفوا وده يديلك أجابه الفرح مرتبط بأية؟؟ الفرح حاجه جوانية بشخص المسيح أول شيء تقابل به صديقك هو انجيلك لتكون فرحان. + المكان الثاني: كنيستك كنيستك هي المكان الذي تجد فيه الفرح حتى أكتر كلمة تقال في الكنيسة "هللويا " والالحان والتسابيح أصل الكنيسة كنيسة تهليل وفرح وهي مبنية على كده سمعنا الألحان وشاركنا في روح فرح تدخل قلب الإنسان، والقديس يوحنا ذهبي الفم له عبارة جميلة جداً "عندما تدخل الكنيسة وترى الأب الكاهن يفتح ستر الهيكل إنه يفتح باب السماء" وكنيستك فيها مواسم كيهك للعذراء والصوم الكبير ونعيش جو الصوم الكبير وبعدين القيامة وهكذا وبعدين أيام السنة العادية وهذا التنوع يعطى نوع من أنواع الحيوية وكنيستك كنيسة مفرحة ولما تيجى تشترك في تسبيح مدائح الحان صلوات كلها للفرح وتمتلئ بالفرح علشان تأخذ شحنة فرح وشحنة محبة. المكان الثالث: شعورك بالسماء أقدامنا على السماء لكن فكرنا يجب أن يكون سماوي ولما كنت أطفال صغار واترشمتوا بزيت الميرون أول رشم كان على المخ بحيث أن أفكار عقلك تكون مقدسة وسماوية ولذلك نقول " أبانا الذي في السموات " خلى فكرك دائما في السماء علشان تكون فرحان ومرتاح السماء بنسميها كمال الفرح خلى عينيك وفكرك في السماء واللي فيكم شاطر ممكن يعمل دراسة في الإنجيل عن السماء وحضورها فى أحداث الكتاب المقدس أزاي تلاقى مكان السماء في كل موضع المكان الرابع: الخدمة هتقابل المسيح في الخدمة تقابلوا في الإنجيل في الكنيسة وفى خدمتك كل ما تخدم الآخرين حتى بابتسامة فهي خدمة للناس وبمجرد أن تقدم للآخرين سؤال عليهم أو مكالمة أو زيارة كل ما تعمل حاجه لأجل الآخر تكون سبب فرح (اِفْرَحُوا فِي الرَّبِّ كُلَّ حِينٍ، وَأَقُولُ أَيْضًا: افْرَحُوا)افرح بمسيحك اللي هو صديقك وابحث عنه باستمرار ومتخليش حد يأخذ صديقك منك واحيانًا اللي بيحب صاحبه وكان لي أصحاب ولغاية النهاردة أحس بفرح لما اقابله، وكان لي صديق بمجرد لما أقابله وبمجرد ما نتكلم وبمجرد ما يجي اسمه افتكره على طول صاحبك متخليش حد يحل محله صاحبك المسيح دائمًا يكون حاضر وياك ودائمًا يفرحك ربنا يبارك حياتكم ويكون وياكم وافرحوا باستمرار ، وأنتم الأن تختبروا حياة الفرح خلى حياتك باستمرار مع صديقك خد شحنة فرح كبيرة من المسيح وقدمها لكل أحد وافتكروا الطفل لما أبوه بينططوا لفوق ومشاعر الفرح والخوف ومشاعر الثقة اللي في شخص المسيح ، كان نفسي يحضر عدد كبير هذا الملتقى لكن المكان لم يسع سوى هذا العدد وزى ما قلت لكم صار لي هذا العدد من الأصدقاء بعددكم ، ونحن نفكر باستمرار أزاي نكرر هذا الملتقى ونتقابل ، ولكن الأخرين أيضًا يستطيعوا أن يشاركونا لأن معظم فاعليات اللقاء موجوده على اليوتيوب تقريبًا وعلى صفحة المتحدث الرسمي باسم الكنيسة وربنا يبارك شبابنا ويفرحكم بجذوركم وكنائسكم لالهنا كل المجد والكرامة . قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
25 أكتوبر 2018

الكتب المسماة بالأناجيل المسيحية ذات الصبغة اليهودية

2 – الكتب المسماة بالأناجيل المسيحية ذات الصبغة اليهودية (11): الإنجيل أو الأناجيل (12) التي استخدمها المسيحيون من أصل يهودي الذين تمسكوا بالناموس اليهودي، وهم الناصريون (13)، والأبيونيون (14) الذين خرجوا عنهم في النصف الأول من القرن الثاني. وهي إنجيل الناصريين وانجيل العبرانيين وانجيل الأبيونيين، وهي قريبة الشبه جدا بإنجيل متي، بل هي إنجيل متي مع حذف الإصحاحين الأول والثاني (15)، وإضافة عبارات تفسيرية ونصوص تلائم أفكارهم الغنوسية اليهودية. وترجع هذه الأناجيل إلى أوائل القرن الثاني. وقد أحتفظ لنا آباء الكنيسة بفقرات عديدة منها(16). * إنجيل العبرانيين * إنجيل الأبيونيين * إنجيل الناصريين * إنجيل العبرانيين: ترجم هذا الكتاب القديس جيروم في القرن الرابع ونقل عنه فقرات عديدة في كتاباته. وترى الغالبية العظمى من العلماء أنه كُتب في نهاية القرن الأول أو بداية القرن الثاني، وأنه شبيه بالإنجيل للقديس متى للدرجة التي جعلت أغلبهم يرى أنه هو نفس الإنجيل الذي للقديس متى مع حذف الإصحاحين الأول والثاني الخاصين بميلاد المسيح ورحلة الهروب إلى مصر. وأيضًا به الكثير من التعديلات التي تناسب فكر هؤلاء، خاصة الأبيونيين مثل قوله: "عندما رغب الآب الصالح في مجيء المسيح إلى الأرض لإتمام الخلاص، نادى من بعيد قوة أسمها ميخائيل، وأوصاها بالسهر على المسيح خلال مهمته. وجاءت القوة إلى العالم ودُعيَتْ مريم، وحل المسيح سبعة أشهر في أحشائها إلى أن ولدته، ثم كَبَر واختار رُسلُه، صُلِبَ ورفعه الآب" (17). * إنجيل الأبيونيين: والذي يقول عنه ابيفانيوس أسقف سلاميس، وأن كان بلغة مربكة وغير واضحة تخلط بينه وبين الإنجيل للقديس متى والإنجيل بحسب العبرانيين فيقول: "في الإنجيل الذي قبلوه (الأبيونيين)، بحسب متى كما يُقال، ولكنه في الحقيقة، ناقص جدًا، ومشوه، ومبتور، ويسمونه الإنجيل العبراني". وهو على الأرجح إنجيل الرسل الأثنى عشر نفسه. وهو "نص يوناني من النصف الأول من القرن الثاني م. يحقره جيروم وأوريجانوس، باعتباره هرطقة، نشأ النص في الشيعة الأبيونية، التي تضم غنوسيين متهودين، يستمدون اسمهم من كلمة عبرية تعنى "فقراء". كان هؤلاء يريدون فرض نير الشريعة على الوثنيين بسلوكهم التقشُّفي، ويُنكرون ألوهية يسوع. وقد عارضوا الذبائح، وجعلوا يوحنا كما المسيح يجاهران بالنظام الغذائي النباتي. النص قريب من إنجيل العبرانيين ويستند مثله إلى متى وحده" (18). * إنجيل الناصريين: وقد كان مع القديس جيروم وترجمه إلى اللاتينية وقال عنه: "وفضلا عن ذلك فهذا (الإنجيل) العبري نفسه محفوظ هذه الأيام في مكتبة قيصرية وكان قد جمعه بهذه العناية الشهيد بامفيلوس، وكانت لدي أنا نفسي الفرصة لنقله عن طريق الناصريين الذين يستخدمونه (الكتاب) في مدينة بيرويا في سوريا" (19)،ويضيف أيضًا: "الإنجيل المسمي بحسب العبرانيين الذي ترجمته حديثا إلى اليونانية واللاتينية والذي يستخدمه أوريجانوس تكرارا، يسجل بعد قيامة المخلص: "وعندما أعطي الرب رداء الكتان لخادم الكاهن ذهب ليعقوب وظهر له (1كو7:5). لأن يعقوب أقسم أنه لن يأكل خبزا من الساعة التي شرب فيها كأس الرب (مر25:14) حتى يراه قائما من بين الراقدين. وبعد ذلك بوقت قصير قال الرب: أحضر مائدة وخبز! وفي الحال أضيف: وأخذ الخبز وباركه وكسره (مر22:14) وأعطاه ليعقوب البار وقال له: "أخي كل خبزك لأن ابن الإنسان قام من بين الراقدين" (20). كاهن كنيسة العذراء الأثرية بمسطرد من كتاب هل هناك أسفار مفقودة من الكتاب المقدس؟
المزيد
24 أكتوبر 2018

روُحيّاتنا مِنحَة مِن الله

حقًا إن حياتنا الروحية هى منحة من الله. أو هبة أو عطية، بشرط أن نشترك مع الروح القدس في عمله من أجلنا.وهذا ما تعلمنا الكنيسة إيّاه في كثير من صلواتنا اليومية في الأجبية. ونلاحظ عمليًا أن بعض الناس يجاهدون، ولا يأتي جهادهم بنتيجة. ذلك لأنهم لم يدخلوا الله في حياتهم، بل اعتمدوا على ذراعهم البشري ففشلوا. وما أكثر الذين تعهدوا أمام الله أن يسلكوا حسنًا، أو أن يتوبوا، ولم يقدروا، لأنهم ظنوا أنهم بقوتهم سيقدرون! يا ليت الواحد منهم بدلاً من التعهد، كان يقول: أعطني يا رب هذه النعمة، وحقق لي شهوة قلبي في الحياة معك. امنحني أن أعمل كذا وكذا..ألسنا نقول كل يوم في صلواتنا (في صلاة الشكر): "امنحنا أن نكمل هذا اليوم المقدس، وكل أيام حياتنا، بكل سلام مع مخافتك". ونقول أيضًا في صلاة باكر: "هب لنا في هذا اليوم الحاضر أن نرضيك فيه". إذًا هي هبة نطلبها من الله وليست تعهدًا.لقد قال السيد المسيح له المجد لتلاميذه القديسين: «إلى الآن لم تطلبوا شيئًا باسمي. اطلبوا تأخذوا ليكون فرحكم كاملاً» (يو16: 4). عيبنا إذًا أننا لم نطلب، ظانين أننا نستطيع كل شيء دون أن نأخذه من الله، بينما السيد الرب قد قال: «بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئًا» (يو15: 5).اُطلب فيستجيب الرب لك. وعندما يستجيب اشكره، لأن أحد القديسين قد قال: "لا توجد عطية بلا زيادة إلا التي بلا شكر". ونحن كم من مرة طلبنا طلبات، واستجاب الرب. واكتنفينا بهذا ولم نشكره. بينما صلاتنا بالأجبية ترينا أهمية الشكر كعنصر أساسي في الصلوات.وليس الأمر مجرد بدء صلواتنا بالشكر، إنما علينا أن نشكر في كل وقت.ففي صلاة باكر نقول: "نشكرك يارب لأنك أجزتنا هذا الليل بسلام، وأتيت بنا إلى مبدأ النهار". وفي صلاة الساعة الثالثة نقول: "نشكرك يارب لأنك أقمتنا للصلاة في هذه الساعة المقدسة التي فيها أفضت نعمة روحك القدوس على تلاميذك وخواصك القديسين". لاحظوا أننا نقول "أقمتنا للصلاة" فهو الذي أقامنا للصلاة، وأعطانا الفرصة أن نقف أمامه مصلين. وفي الساعة السادسة نقول: "نشكرك يا مليكنا ضابط الكل، لأنك جعلت أوقات آلام ابنك الوحيد أوقات عزاء وصلاة". وفي الغروب نقول: "نشكرك لأنك منحتنا أن نعبر هذا اليوم بسلام وأتيت بنا إلى المساء شاكرين". فيا ليتكم تُدخلون عنصر الشكر كعنصر دائم في صلواتكم. وليجلس كل واحد إلى نفسه، ويتذكر كل ما عمله الرب معه ويشكر عليه.إن كلمة (صلاة) في اللغة العربية، تعني أيضًا صلة بينك وبين الله. وليست كما في لغات أخرى مما يعني الطلب أو التوسل. فهل تشعر بهذه الصلة وأنت تتحدث مع الله؟!نلاحظ أيضًا في صلوات الأجبية أننا نصلي لكي يقبل الله صلواتنا.. ذلك لأنه ليست كل صلاة مقبولة أمام الله. ومخيفة جدًا كلمة الرب للشعب في سفر إشعياء النبي، إذ يقول لهم: «حين تبسطون أيديكم، أستر وجهي عنكم. وإن أكثرتم الصلاة لا أسمع. أيديكم ملأنة دمًا» (إش1: 15). لذلك كثيرًا ما يقول المُصَلي: "يارب اسمع صلاتي"، "أمل أذنك واستمعني"، "لتدخل طلبتي إلى حضرتك، ولتدنُ وسيلتي قدامك"، "فلتستقم صلاتي كالبخور قدامك، وليكن رفع يديّ كذبيحة مسائية"، "أقبل يارب تمجيدنا الذي صار الآن".إننا نطلب أن يقبل الله صلواتنا. فنقول له: "اقبل منا في هذه الساعة وكل ساعة طلباتنا". وفي أول مزمور من صلاة النوم نقول: «من الأعماق صرخت إليك يارب، يارب استمع صوتي. لتكن أذناك مصغيتين إلى صوت تضرعي». ومثل هذا الكلام قاله سليمان الحكيم عند تدشين الهيكل، إذ قال: «التفت إلى صلاة عبدك وإلىَ تضرعه أيها الرب إلهي، واسمع الصراخ والصلاة التي يصليها عبدك أمامك اليوم.. واسمع تضرع عبدك وشعبك إسرائيل الذين يصلون في هذا الموضع. واسمع أنت في موضع سكناك في السماء. وإذ سمعت فأغفر» (1مل8: 28-30).اطلب إذًا أن يقبل الله صلاتك. وانظر هل صلاتك بخشوع، وهل هى بإيمان، وبعاطفة وفهم؟ وهل تعني ما تقوله في الصلاة؟ وهل هى من القلب أم من مجرد الشفتين؟ وهل تشعر فيها بصلة مع الله أم لها مجرد اسم الصلاة؟!!حاول أن تكون الصلاة هى أول عمل تعمله في يومك، وآخر ما تختم به ذلك اليوم. وأن يكون الله أول من تكلمه كل يوم.فكثيرًا ما يقوم الإنسان من النوم وينشغل بأشياء كثيرة تنسيه الصلاة، أو يشرد عقله في اهتمامات عديدة، حتى إن حاول أن يصلي بعد ذلك يسرح فكره في تلك الأمور.أما أنت فليكن الله أول من تكلمه، ولو بعبارة بسيطة تخرج من قلبك. وأذكر أن الكنيسة تعلمنا أن نقول: "عندما دخل إلينا وقت الصباح أيها المسيح إلهنا، فلتشرق فينا الحواء المضيئة والأفكار النورانية، ولا تغطينا ظلمة الآلام"، كما نقول: "سبقت عيناى وقت السَحر (أي وقت الفجر) لأتلو في جميع أقوالك". عجيب أن داود كانت روحياته أعمق منا، نحن الذين نعيش في نعمة الروح القدس أكثر مما كانوا في العهد القديم..وإن ذهبت في الليل إلى فراشك، صلِّ – كما تعلمنا الأجبية – قائلاً: "أنعم علينا يارب بليلة سالمة، وبهذا النوم طاهرًا من كل قلق، وأرسل لنا ملاك السلامة ليحرسنا من كل شر ومن كل ضربة ومن كل تجربة العدو". (لاحظ أننا نطلب كل هذا كهبة من الله ينعم بها علينا).نعم، اطلب كل شيء من الله كمنحة. وهكذا نقول في صلاة باكر: "أنر عقولنا وقلوبنا وأفهامنا يا سيد الكل". ونقول: "قوِّم أفكارنا. نقِّ نياتنا". ونقول في صلاة الساعة التاسعة: "انقل عقولنا من الاهتمامات العالمية والشهوات الجسدية إلى تذكار أحكامك السمائية"، فأنت يارب الذي تنقل عقولنا، وأنت الذي تقوِّم أفكارنا، وأنت الذي تطهَر قلوبنا. وهكذا نصلي أيضًا في القداس الإلهي قائلين: "طهِّر نفوسنا وأجسادنا وأرواحنا"، ولا نقول نتعهد أمامك يارب أن نكون طاهرين..!ذلك لأن الطهارة والنقاوة منحة نطلبها من الرب.وبالمثل نقول في المزمور الخمسين: «اِغسلني فأبيض أكثر من الثلج. اِغسلني كثيرًا من إثمي ومن خطيئتي تطهرني. انضح عليّ بزوفاك فأطهر". أنت يارب الذي تطهرنا، وليس هو مجهودنا الشخصي ولا عزيمتنا ولا تداريبنا الروحية.لا تظن أنك ستنال نقاوة القلب بقوتك الشخصية. فالشيطان يتحداك قائلاً إنه انتصر على أقوياء كثيرين قبلك. وكما قال الكتاب عن الخطية إنها «طرحت كثيرين جرحى، وكل قتلاها أقوياء» (أم7: 26).وهكذا في صلاة الساعة الثالثة نقول: "أرسل علينا نعمة روحك القدوس. وطهرنا من دنس الجسد والروح. انقلنا إلى سيرة روحانية، لكي نسعى بالروح ولا نكمل شهوة الجسد". انظر كيف أننا نطلب من الله أن ينقلنا إلى سيرة روحانية.. ويعطينا طهارة النفس والجسد والروح.وفي صلاة الساعة التاسعة نقول: "امنحنا أن نسلك كما يليق بالدعوة التي دُعينا إليها". نعم! إنها منحة منك أن نسلك حسنًا...حتى التوبة نطلبها أيضًا من الله أو عمل منه فينا.ما أجمل ما قيل في سفر إرميا النبي «توِّبني يا رب فأتوب» (إر31: 18). يمكن أن تحثّ نفسك على التوبة فتقول: "توبي يا نفسي مادمتِ في الأرض ساكنة". ولكنك تتدارك الأمر وتقول "توّبني يا رب فأتوب".أقول هذا لأني أخشى أن تكون صلواتنا في تيار، وحياتنا العملية في تيار آخر! في الصلاة نعتمد على الله في كل شيء، حتى في التوبة والطهارة. وعمليًا نعتمد على أنفسنا وقوتنا!! لذلك أدخل الله في كل عمل تعمله.في خدمتك أيضًا وفي الكلام الذي تقوله، أطلبه من الله.أنظر كيف أن القديس بولس الرسول العظيم يقول «صلوا من أجلي لكي أُعطى كلامًا عند افتتاح فمي» (أف6: 19). بولس صانع المواهب والقوى في كرازته وتعليمه، يطلب من الله كلمة عند افتتاح فمه... فكم بالأولى نحن الضعفاء.شيء آخر هام جدًا في صلواتنا، وهو طلب المغفرة.والعجيب أننا في صلاة التقديس نقول: "اغفر لنا خطايانا وآثامنا وزلاتنا"... بأنواعها. ونقول أيضًا: "حل واصفح، واغفر لنا خطايانا التي صنعناها بمعرفة، والتي صنعناها بغير معرفة. التي عملناها بإرادتنا والتي عملناها بغير إرادتنا، الخفية والظاهرة". من فينا يفكر في هذا كله؟ وما يعرفه وما لا يعرفه؟! ربما كلمة قلتها وجرحت شعور البعض وأنت لا تدري! كذلك الخطايا التي تظن أنها كانت بغير إرادتك، كخطايا في الأحلام مثلاً، وفي فهمك أنها بغير إرادتك، بينما يكون سببها إرادة سابقة، أو أشياء مترسّبة في عقلك الباطن نتيجة أخطاء سابقة.. لذلك اطلب المغفرة عن الكل.قل له: أغفر لي يارب خطايا الفكر، وخطايا القلب، وخطايا النية... الخطايا الخاصة بتقصيري في الخدمة، والخطايا التي أتعبت بها الآخرين، والخطايا التي اقترفتها ضد نفسي... ولا تقبل أن تنام دون أن تعترف لله بكل هذا...لا تنسَ شيئًا. لأن الشيطان من عادته أنه – أثناء ارتكاب الخطية ينسيك وصية الله. وأثناء الصلاة لأجل المغفرة ينسيك الخطايا التي اقترفتها... فحاول أن تتذكر كل شيء وتطلب عنه مغفرة، كما تذكر إحسانات الله وتقدّم عنها شكرًا.الكنيسة تعلمنا أيضًا أن نذكر في صلواتنا دينونة الله المخيفة.ففي كل يوم في صلوات الليل، تتذكر أنك ستقف أمام منبر الله العادل، فتقول: أيّة إدانة تكون إدانتي أنا المضبوط في الخطايا. وتضع أمامك اليوم الذي تُفتح فيه الأسفار، وتُكشَف الأعمال، وتُعرَف النيات. وليس في مقدورك إلا عبارة "يارب ارحم". لأجل هذا يقول المصلي في كل ليلة "أنعمَ علىَ يارب بتخشع قبل أن يأتي الانقضاء، وخلصني"...ونحن أيضًا نطلب من الرب المعونة والحراسة بواسطة ملائكته القديسين فنقول في صلاة النوم "أرسل لنا ملاك السلامة ليحرسنا من كل شر ومن كل ضربة ومن كل تجربة العدو". ونقول في نهاية كل صلاة "أحطنا بملائكتك القديسين، لكي نكون بمعسكرهم محفوظين ومرشدين...". مثلث الرحمات البابا شنوده الثالث
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل