المقالات

28 أغسطس 2018

نِهَايَةُ العُمْرِ

نهاية عمرنا هي نقطة بدايتنا نحو الأبد، وبدون استعدادنا للرحيل لا يكون لحياتنا معنى، ذلك هو ما سهر لإعداده الساهرون؛ كي يُعدوا للحظة خروجهم (عُريانًا خرجتُ من بطن أمي؛ عُريانًا أعودُ إلى هناك). فالموت أقرب إلينا مما نتصور؛ وطوبى لمن يقطر زيته ليوجد ساهرًا؛ ومصباح سراجه غير منطفئ؛ وساعته حاضرة أمامه؛ إذ ليس في القبر من يذكر ولا في الجحيم من يشكر. عمرنا كله أشبه بنفخة؛ وإيامنا تُحسب مثل ظل عابر... أشبه بشبر وعشب وظل.. إنها مجرد حُلم وبخار يظهر قليلاً ثم يضمحل. إنها نسمة الريح العابر؛ تدخل من نافذة وتخرج من أخرى. تنحصر بين شهقتي الولادة وخروج النفس من الجسد عند سكرة الموت، حياتنا تجري أيامها سريعة كالعَدَّاء، وقد تعيَّن أَجَلُنا فلا نتجاوزه؛ مثل العشب أيامنا وكزهر الحقل تنحسر وتذبل... كالعنكبوت نسيجها وهي عابرة في خيمة تنقض، لا تثبت لها ثروة ولا تمتد لها مقتنيات، فقبل يومها تتوفى وسعفها لا يخضرّ؛ لأن صوت القائل ينادي (كل جسد عشب وكل جماله كزهر الحقل. يَبَسَ العشب وذبل الزهر؛ لأن نفحة الرب هبَّت عليه، أمَّا كلمة إلهنا فتثبت إلى الأبد)، ولا أحد يستشير الموتى؛ لأن ذكرهم نسي. لذلك قيل عن نومنا بأنه رُقاد صغير؛ وتذوُّق مُسبَق للموت الذي أباده المخلص بقيامته وكسر شوكته، وهدمه بظهوره المحيي.. فمِن البدء خلقتني يارب؛ ومن العدم كوَّنتي وبصورتك الإلهية رسمتني؛ وكفخَّاري أعظم عُدت وعملتني وعاءًا آخر لمجدك... أعدت صياغتي وأصلحتني بيدك لتُرجعني إلى جمالك القديم، فعما قليل تفنى أيامي؛ وليس لي خلاص إلا برحمتك يا محب البشر الصالح، وضعتَ في نسمة الحياة. أوجدتني وجبلتَ نفسي حلوة سخية مروية وثمينة ومحفوظة؛ لأنك أنت لي مَرساة النفس واقتناؤها، فديتها بدمك الكريم، وتحفظها بسياج أسرارك الإلهية غير المائتة.. تنجيها من الفخ يا منجي النفوس؛ لتدرك تدابيرك وتميز الأمور المتخالفة، وما هو لخيرها وخلاصها وزمان افتقادها، فتمتحن الحق البعيد عن كل خداع وصغار، محترزة من كل خواء وخراب وتراخي الهلاك، عارفة مشيئتك؛ غير عاملة مشيئات الباطل، سالكة في جدة الحياة الذي لحرية مجد أولاد الله، مبقية الله أساس معرفتها لتثمر وتزهر وتعبد بجدة الروح؛ لا بعتق الحرف، فاعلة كل مايليق برضاك إلى النفس الأخير، عندئذٍ تموت موت الأبرار وتكون آخرتها كآخرتهم، وتصير أواخرنا أفضل من أوائلنا ( مت ١٢ : ٤٥). القمص أثناسيوس چورچ
المزيد
27 أغسطس 2018

دعوة للإبداع

لاشك أن إلهنا العظيم هو المبدع الأول فى هذا الوجود، لأنه أصلالوجود، واجب الوجود، وعلة كل الموجودات 1- الله المبدع الأول "فى البدء خلق الله السموات والأرض، وكانت الأرض خربة وخالية، وعلى وجه الغمر ظلمة، وروح الله يرف على وجه المياه. وقال الله: ليكن نور، فكان نور" (تك 1:1-3). كانت هذه بداية الإبداع الإلهى، فبينما يعيش إلهنا العظيم فى أزليته، ليس فى حاجة إلى شئ، وفى تيار الحب المتدفق من الآب إلى الإبن فى الروح القدس، خلق الله الزمن "كان مساء وكان صباح.." (تك 4:1)، كما خلق الكون المادى: النور، ثم الجلد، ثم اليابسة، ثم النبات، ثم الشمس والقمر والنجوم، ثم الزحافات والطيور، ثم الحيوان، فالإنسان.. (تك 1) الذى أبدعه الله على صورته ومثاله: فى القداسة والبر، إذ كان متشحاً بنقاوة الله. وفى الحكمة والنطق آخذاً ذلك من "اللوغوس". وفى الحياة والخلود، إذ كان يأكل من شجرة الحياة. وفى الروح العاملة الحرة، التى ترفعه إلى الإلهياتوقبل أن يبدع الرب الإنسان: المملكة الشاسعة فى الداخل، الروح والعقل والنفس والجسد، الأعضاء والأنسجة والخلايا المتنوعة،التفاعلات الحية داخل كل خلية، الوظائف المحددة لكل عضو، مع تناغم مذهل.. خلق الرب للإنسان الخليقة المادية، بما تتميز به من جمال أخاذ، وحياة لا يهبها إلا الله الحىّ، ورعاية حتى لأصغر فيروس، وطبيعة رائعة ذات ألوان، ومنافع ودورات حياة.. ملايين الأنواع من الكائنات التى تحار العلوم الإنسانية فى سبر أغوارها: سواء فى عالم النبات أو الحيوان أو البحار.. وبالأكثر فى عالم الأفلاك والنجوم، حيث المجرات الشاسعة بالملايين، وكل مجرة تحوى شموساً بلا عدد، ونجوماً..كيف أبدع الله الكون؟!نعم.. فإلهنا هو "مهندس الكون الأعظم".. فيه عظمة الخالق، ودقة القوانين الطبيعية، وبراعة الطبيب الخالد، وروعة المدبر والمنظم.. لهذا هتف معلمنا داود النبى قائلاً: "أيها الرب ربنا، ما أعجب أسمك على الأرض كلها، لأنه قد أرتفع جلالك فوق السموات. من أفواه الأطفال والرضعان هيأت سبحاً.. السموات أعمال يديك، القمر والنجوم أنت أسستها" (مز 1:8،2). "السموات تحدث بمجد الله، والفلك يخبر بعمل يديه.. جعل فى الشمس مظلته، وهى مثل العريس الخارج من خدره، من أقصى السماء خروجها، ومنتهاها إلى أقصى السماء" (مز 1:18،4،5). ولهذا أيضاً قال الرسول بولس، أن من يتأمل فى الكون يرى الله، ولذلك فهو بلا عذر إذا لم يؤمن به، وإنساق وراء عبادة الأصنام:"الذين يحجزون الحق بالإثم.. معرفة الله ظاهرة فيهم.. لأن أموره غير المنظورة ترى منذ خلق العالم، مدركة بالمصنوعات، قدرته السرمديةولاهوته.. حتى إنهم بلا عذر" (رو 18:1-20) 2- الله.. أساس الإبداع الإنسانى:فلأن الله مبدع، ولأنه خلق الإنسان على صورته ومثاله، وأعطاه روحاً عاقلة حرة، صار الإنسان مبدعاً مثل الله.. الفرق هو أن الله هو المبدع اللانهائى، والإنسان هو المبدع النسبى.. أى أن إبداعاته مأخوذة أساساً من عمل روح الله فى داخله، وفى عقله، وفى وجدانه، وبطريقة محدودة، تمجد الله، وبدون الله ليس لها وجود ولا إستمرارية.الفنان مثلاً.. سواء من يستخدم حنجرته أو بنانه، فى الإنشاء أو الرسم.. الله هو الذى أعطاه هذه الحنجرة. والإنسان يصقل هذه المواهب بالعلم والدراسة.. هذا من حيث أصل هذه المواهب. أما من حيث إستمراريتها، فمستحيل أن يضمن الإنسان سلامة صوته أو عينيه أو أصابعه، فى خضم هذه الحياة الزاخرة بالأمراض والحوادث.. الله فقط هو الضمين الوحيد لهذه العطايا كى تستمر. ونفس الأمر نجده فى الإبداع الفكرى أو العلمى أو الثقافى.. فالله "اللوغوس" الحكمة اللانهائية، هو الذى يعطينا الحكمة المحدودة، التى بها نفكر وندرس، ونحلل، ونلاحظ، ونستنتج ونربط، ونصل إلى إكتشافات وإختراعات علمية، أو إلى إنجازات فكرية وثقافية. الكل رأى التفاح يسقط من الشجر إلى أسفل كما رأى نيوتن. والكل يرى المياه تفيض من "البانيو" كما رأى أرشميدس. والكل رأى غطاء الابريق يتحرك إذا غلى الماء.. والكل يعرف أن الزمن مهم فى قياس الأشياء والحركة كما رأىاينشتاين. لكن هناك شئ ما، يسميه المفكرون "الومضة" (glimpse).. إشعاعة من فوق.. فكرة من العلا.. أتت إلى ذهن العالم أو المفكر بشئ جديد.. وادت إلى إبداعات مذهلة: من البخار إلى الكهرباء إلى الذرة .. ومن فلسفات القدماء إلى أفكار المحدثين. ومع أن الإنسان كثيراً ما يدعى أن بمفرده إنجاز كل ذلك، إلا أن العالم المتضع هو القادر أن يكتشف الإله غير الظاهر حسياً، والمعلن فى كل هذه الإبداعات.. لهذا قال نيوتن حينما سئل عن إحساسه بعد الإنجازات الهائلة فى قوانين الطبيعة: "كنت كطفل صغير، يلهو على شاطئ محيط ضخم" وقال اينشتاين: "كلما ازدادت دراستى لهذا الكون، ازداد إحساسى بالجهالة".3- إذن... فلنبدع نحن:نعم.. فأنت مدعو للإبداع.. ولكن أنصحك أن تعيد قراءة السطور السابقة.. فالله هو أساس الإبداع الإنسانى المتنوع..أ- أقتن الصفاء الإلهى :فبصفاء النفس بالتوبة، وشبع الروح بالصلاة والكلمة والأسرار، واستنارة الذهن بالقراءة والتأمل.. يمكن أن تهدأ نفس الإنسان ويستشرق الآفاق الجديدة، ويستشعر الحضور الإلهى، ويكتشف جديداً فى الفكر والمعرفة والفنون.." من أجل ذلك كل كاتب متعلم فى ملكوت السموات، يشبه رجلاً رب بيت، يخرج من كنزه جدداً وعتقاء"(مت52:13) ب- تحفظ من الكبرياء :فالكبرياء طريق السقوط، ولكنها بالأكثر طريق الجهالة.. فالإنسان المتكبر متمركز حول ذاته، ولهذا لا يرى سواها، ولا يكتشف العالم المحيط، ولا إبداعات الآخرين، وبالتالى لا يستعمق شيئاً، ولا يجدد شيئاً، لا فى حياته، ولا فى حياة الآخرين!ج- إحذر الإنحراف :فمع أهمية أن "تكون نفسك"، (BE YOUR SELF)، لأن الإنسان لديه حاجة نفسية إلى التفرد والخصوصية، وقد اختص الله كل إنسان بعطايا ومزايا خاصة.. إلا أن الإنسان أيضاً بحاجة إلى المرجعية، التى تراجع أفكاره وأعماله وإبداعاته، فتطمئن وتطمئنه إلى صحة ما أنتج من فكر أو علم أو ثقافة..الإبداع شئ، والبدعة شئ آخر.. فالأول ناتج عن عمل الله فى الملكات الإنسانية، التى أستودعها الإنسان، أما البدعة فهى نتاج عمل الشيطان، لتدمير الإنسان والإنسانية!! وها "عبادة الشيطان" قد أتت إلينا من الغرب، تخرب وتدمر روح الإنسان وفكره، بل حتى جسده وأسرته ووطنه..إذن.. فطريق الإبداع مفتوح.. لكن بعمل إلهى، وتجاوب إنسانى... فالرب لم يهمل الإنسان حتى فى الوحىّ المقدس... حينما رفض أن يلغى الإنسان، بل استخدمه فى إيصال الوحىّ الإلهى، مستخدماً ملكاته فى اللغة والأسلوب، ومعلوماته التى أخذها عن التقليد الشفاهى أو المكتوب.. ولكن مع عصمة إلهية من الزلل، إذ يكتب "مسوقاً منالروح القدس" (2بط 21:1) أحبائى الشباب هيا إلى مزيد من الشركة الروحية مع الله، والنفس الصافية الهادئة، والذهن المستنير بالكلمة، لكى يأتى الإبداع سليماً فى مصدره وغاياته... سواء أكان إبداعاً فكرياً أو فنياً أو علمياً. أو حتى إذا كان إبداعاً روحياً.. فأمامنا تأملات السروجى، واعماق يوحنا سابا، وتفسيرات ذهبى الفم وروحانية أنطونيوس، وشركة باخوميوس، وتوحد الأنبا بولا.. وكلها إبداعات أثرت الإنسان والكنيسة...والرب معكم، نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
المزيد
26 أغسطس 2018

العذراء الشفيعة المؤتمنة

لقب من ألقاب السيدة العذراء ” الشفيعة المؤتمنة “ بمعنى المتصفة بالأمانة في الشفاعة مثلاً كما يسأل شخص هل تأتمن فلان على هذا الأمر ؟ يقول نعم المؤتمنة أي كمال الأمانة بكمال السر بضمان الأمانة نحن نسمع آراء كثيرة في أمر الشفاعة فمن يقول أنه ليس لنا شفيع عند الله إلا الابن الحبيب ” ليس اسم آخر تحت السماء قد أُعطيَ بين الناس به ينبغي أن نخلُص “ ( أع 4 : 12)اسم يسوع المسيح نحن إيماننا إيمان كامل في إننا خلُصنا بدم يسوع المسيح ” ليس بأحد غيرهِ الخلاص “ بالطبع هذه الشفاعة الكفارية ” إن أخطأ أحد فلنا شفيع عند الآب يسوع المسيح البار “ ( 1يو 2 : 1) لكن توجد شفاعة توسلية على رأس هذه الشفاعة التوسلية السيدة العذراء ونحن نُلقبها ” أم قادرة رحيمة معينة “ منذ أن ولدت ربنا يسوع ونحن ثابتين في المسيح نحن أعضاء جسده وهي أم المسيح إذاً هي أُمنا نحن أيضاً نتساءل هل السيدة العذراء لا تشعر بمسئوليتنا ؟ هي أمنا ألا تشعر باحتياجاتنا ؟ لا هي أمنا وإن كنا في ضيقة أو شدة فهي تشعر بنا هي شفيعة مؤتمنة ما دُمنا أولادها صرنا مسئولين منها وهي تقف أمام ابنها الحبيب تشفع عن خلاصنا وهمومنا وخطايانا ” إشفعي فينا أمام المسيح الذي ولدتيه لكي ينعم لنا بغفران خطايانا “ ” بشفاعة والدة الإله القديسة مريم يارب انعم لنا بمغفرة خطايانا “ إذاً نحن نتمسك بشفاعتها وبدالتها عند ابنها الحبيب من أجل غفران خطايانا ونقول لها ” إصعدي صلواتنا إلى ابنك الحبيب “ ” أنتِ سور خلاصنا “ قد تسمع من يقول يجب أن تكون العلاقة بين الإنسان والله مباشرة ولا توجد شفاعة أقول لك توجد أفكار بروتُستانتية كثيرة لكن سببها واحد وهو سبب خطير تفهم منه أمور كثيرة صنعتها البروتُستانتية هذا السبب إسمه ( الفردية ) أي أصِل إلى الله بنفسي مني له مباشرةً أقرأ الإنجيل وأفهم ما أشاء أصوم في الوقت الذي أحدده أنا كما أشاء لا يوجد أب كاهن يساعدني ولا يوجد قديس يساعدني أنا والله والله وأنا غذَّى هذه الفكرة نشأة البروتُستانتية في أوروبا أوروبا تُأله الإنسان الإنسان عايش في ذاتية وانعزالية الينبوع الرئيسي للبروتُستانتية هو الذاتية والإنعزالية عندما يقرأ الكتاب المقدس تقول له هذه الآية شرحها القديس يوحنا ذهبي الفم بالطريقة الفلانية يقول لك ما لي والقديس يوحنا ذهبي الفم تقول له اليوم هو عيد القديس فلان يقول لك ما لي وله هو قديس لنفسه القديس يوحنا ذهبي الفم شرح الآية بهذه الطريقة وأنا أيضاً فيَّ روح الله مثله وأفهم ما أشاء لذلك تجد عنده ألف تفسير وألف رأي للآية الواحدة فلا تتعجب أنه بمعدل كل سنة تزداد الطوائف عندهم ألف طائفة لأن كل شخص تأتيه فكرة ينفذها إذاً ماذا حدث ؟ لأنه ليس عنده مرجعية تقول له الآباء الأولين عاشوا بهذه الطريقة يقول لك ما لي ولهم ؟ لما عاشوا في الفردية والذاتية عندئذٍ تكلمهم عن الشفاعة والقديسين يقولون لك لا توجد لأنهم أشخاص ماتوا وانتهت حياتهم بيننا تُجيبه لكنك تعلم أن السيدة العذراء ذهبت لربنا يسوع وقالت له ليس لهم خمر كما قرأت في الإنجيل( يو 2 : 1 – 11 ) يقول لك لأنها كانت حية لكن الشخص عندما ينتقل من عالمنا هذا ينتهي أمره بالنسبة لنا تُجيبه كيف وربنا يسوع في الإنجيل قال ” أنا إله إبراهيم وإله إسحق وإله يعقوب ليس الله إله أموات بل إله أحياء “ ( مت 22 : 32 ) وأيضاً يذكر الكتاب أن عظام أليشع النبي أقامت ميت عظامه أي كان قد مات أيضاً في سفر أرميا عندما تشفع أرميا عن الشعب قال له الله لو جاء موسى ووقف أمامي لن أقبل وأُطيل أناتي على هذا الشعب وقتها كان موسى النبي قد مات إذاً هل توجد شفاعة أم لا ؟ تقول له موسى النبي كان يشفع عن الشعب والله يقبل منه يقول لك لأنه كان حي ثم يُدخِلك في شفاعة الأحياء للأحياء والأحياء عن الأموات والأموات عن الأموات وأمور غريبة ويقول لك شفاعة أحياء عن أحياء أي نحن نصلي بعضنا لأجل بعض أجمل ما في كنيستنا أننا نشعر أننا واحد همومنا واحدة فنصلي لأجل بعضنا البعض البروتُستانت عندهم نزعة الذاتية أنا فقط وأنت لست بمهم بل أفضل أنك تكون غير موجود لأنك لي مُنافس هذا فكر ذاتي أما الفكر الذي في المسيح يسوع فهو أنك صرت عضو في جسدي وبالتالي صرت مُكمل لي وأنا مُكمل لك لكن عندما أنظر لك أنك منافس عندئذٍ صرت لا تعنيني فلا أطلب منك أن تصلي لأجلي فكرِنا نحن نصلي بعضنا لأجل بعض ونحن أحياء ونحن أموات وعندما ينتقل واحد منا نصلي له وهو يصلي لأجلنا إذاً العلاقة ما زالت مستمرة في سفر الرؤيا قيلَ عن الذين انتقلوا أنهم يقفون أمام الله ويتكلمون بلساننا نحن قائلين ” حتى متى أيها السيد القدوس والحق لا تقضي وتنتقم لدمائنا من الساكنين على الأرض “ ( رؤ 6 : 10) يتكلمون عن الظلم الواقع علينا نحن الذين على الأرض ويطلبون عنا كي يُريحنا ونحن الذين على الأرض نأخذ لسانهم ونقول قدوس قدوس هم يتبنوا قضايانا ونحن نأخذ تسبيحهم إذاً توجد علاقة مستمرة بيننا وبينهم إذاً الذي انتقل لم ينتهي أمره بل ما زال موجود حتى غير المسيحيين يقولون ” هم أحياء عند ربهم يُرزقون “ أي لهم دور وإن قلنا أنهم ماتوا وانتهوا إذاً معنى ذلك أنه ليس لهم دور لكن ما داموا أحياء إذاً لهم دور فعَّال ” بل هم قيام أمام منبر ابنك الوحيد يشفعون في ذُلنا وضعفنا ومسكنتنا “ إذاً توجد شفاعة تخيل أن أب كاهن يخدم كنيسة ثم سمح الله أن يسافر للخارج هل من لحظة ركوبه الطائرة هو نسى شعبه وهم نسوه ؟ وكأنه يقول أخيراً افترقت عنهم وهم كذلك لا هذه علاقة حب وطيدة وقوية بل عندما يبتعد يزداد الحب عندما ينتقل أحد القديسين هل معنى ذلك أن العلاقة انفصلت ؟ هذا يكون نكران محبة لا بل نظل نحن نذكره وهو يذكرنا كون إننا نعتبر أن علاقتنا بالقديس تنتهي بعد موته وكأننا نعلن موته بالنسبة لنا وانتهاء العلاقة هذا خطأ فأي فرد منا له حبيب انتقل يظل يتذكره ويُقيم له تذكارات وهذا المُنتقل أمام عرش النعمة يشفع فيه السيدة العذراء على رأس هذه القائمة اسمها ” الشفيعة المؤتمنة “ لأنه كلما ازداد قرب الشخص من الله كلما ازدادت الشفاعة وهل هناك أقرب من السيدة العذراء ؟ كيف وهي الجالسة عن يمينه ؟!” قامت الملكة عن يمينك“ ( مز 45 : 9 )أي قريبة جداً من الله السيدة العذراء ليس لديها هم يشغلها سوى همنا نحن وليس لديها طِلبة سوى طِلباتنا وأجمل شفاعة تقدمها شفاعة من أجل غفران الخطايا لذلك ونحن في أيام صوم السيدة العذراء لا تترك شفاعتها بل تمسك بها وتشفع بها واجعل اسمها في فكرك دائماً وردد اسمها كثيراً .. يا ستي يا عدرا يُقال عن المتنيح أبونا بيشوي كامل أن كلمة ” يا ستي يا عدرا “ كانت في فمه دائماً وكان كثيراً ما يراها وفي شدة آلامه كان بدلاً من أن يتأوه يقول ” يا ستي يا عدرا “أي عندما كان ينطق اسمها كنت تعرف أنه متألم جداً إذاً صارت له معينة وقوة احتمال لذلك اجتهد في أن تُنمي صداقتك بالعذراء وأن دالتك عندها تزداد لكي تعيش هذا الفكر الفكر الذي يعطيك شفاعة أمينة قوية ومضمونة ” إسألي ابنك “ ” اطلبي عنا “ وسَّطها لأن كلمتها مقبولة ومسموعة مجرد أن تقول ليس لهم خمرهي تشعر بالإحتياجات تشعر بالنقص والضيق والضعف الروحي فتشفع وابنها الحبيب يُرسِل نِعَم ما دورنا نحن ؟ أن نتجاوب وأن ننمو وأن نطلب ونصرخ هذا أساس الفكر الروحي الذي نتعامل به مع السيدة العذراء كان رجل له طلب عند رجل أعمال مشهور وبحث عن شخص يعرفه فعرف أن والدة رجل الأعمال تعترف عن أبونا فلان فقال في نفسه وجدت ما أردت وذهب للأب الكاهن وقال له تعرف فلان رجل الأعمال ؟ فأجاب الأب الكاهن حقيقةً أنا أعرف والدته هي تعترف عندي فقال الرجل هذا أهم لأن كلمة والدته أهم من كلمته عنده فقد يقول ليس لديَّ طلبك إن كلِّمته مباشرةً لكن لن يستطيع أن يرد كلمة والدته شفاعة الأم قوية جداً ” مقبولة شفاعتك عند ابنِك “ مقبولة وقوية ومقتدرة إسمها شفيعة مؤتمنة اُطلب شفاعتها وادخل في عمق صداقتها في قوة وإخلاص السيدة العذراء رصيد قوة روحية جبارة في الكنيسة السيدة العذراء طغمة أعلى من الملائكة والشاروبيم والسيرافيم والكراسي والقوات ولأنها عن يمين ابنها الحبيب بينما الشاروبيم والسيرافيم واقفين أمامه يخدمونه أما السيدة العذراء فهي عن يمينه كأُمه آه لو تخيلنا مقدار كرامتها في السماء ومجدها ولنرى صعود جسدها عندما أتت الملائكة لتحمله لأنه وجد أن جسدها لا يليق أبداً أن يبقى على الأرض لأنه ليس من الأرض لأنه عندما اتحد بها الابن صارت من السمائيين بل أعلى من السمائيين لذلك نُلقبها ” السماء الثانية “ لا تجعل صلاة بدون شفاعتها واحذر أن تطلب شفاعتها دون أن تشعر بها واحذر أن تكون شفاعتها لديك نظرية لا نحن نقول ” بالسؤالات والطِلبات التي ترفعها عنا كل حين والدة الإله القديسة الطاهرة مريم “هل نستحق نحن شفاعتها ؟ إن كان شخص لديهِ طلب عند رجل ذو مركز مرموق يبحث عن معرفة توصله لديه ونحن يقول لنا الله أسهل طريق تصل به إليَّ أن تتعرف على أُمي وأسهل طريق تعرف به أُمي أن تتعرف عليَّ كرامتها من كرامته وكرامته من كرامتها شفيعة مؤتمنة إجتهد في فترة صومها أن تقتني شفاعتها في حياتك كجزء عملي وليس نظري وأن تكون شفاعتها في حياتك فعَّالة .. شفاعتها تكون معنا دائماً ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته له المجد دائماً أبدياً آمين القس أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والأنبا أنطونيوس – محرم بك - الأسكندرية
المزيد
25 أغسطس 2018

ثيؤطوكية يوم الأحد العذراء مريم قدس الأقداس

وهي من أجمل وأروع الثيؤطوكيات، وكذلك هي أكبر الثيؤطوكيات من حيث عدد القطع التي نُسبِّح بها، وتربط هذه الثيؤطوكية ربطًا محكمًا بين أجزاء خيمة الاجتماع وبين القديسة مريم. القطعة الأولى تتكلّم عن أن العذراء مريم هي "قدس الأقداس"، الموضع الذي يحِّل فيه الله. وقدس الأقداس يُسمى "القبة الثانية" أو "المسكن الثاني"، وكان مفصولاً عن بقية الخيمة رمزًا للعذراء التي اختارها الله وقدّسها بحلول الروح القدس عليها، وأفرزها من وسط الناس لتكون قدسًا مقدسًا له. وعدم دخول أي أحد إلى قدس الأقداس إلا رئيس الكهنة مرة واحدة في السنة.. يرمز هنا إلى دوام بتولية العذراء مريم، وأنه لم يدخل أحشاءها إلا رئيس الكهنة الحقيقي ربنا يسوع المسيح مرة واحدة. دخل وخرج والباب مغلق، كمثل باب حزقيال الذي رآه في المشرق. وتشرح هذه القطعة لماذا تكون العذراء هي قدس الأقداس؟!! ففي قدس الأقداس يوجد لوحا العهد اللذان هما كلام الله المنقوش على حجارة، أما في بطن العذراء فوجد ربنا يسوع المسيح كلمة الله الأزلي. ولاحظ الآباء أن عدد الوصايا كان عشرة وصايا، وهذا الرقم يُكتب بالقبطية واليونانية على شكل حرف (يوطا)، الذي هو أول حرف في اسم الرب يسوع (ايسوس). لذلك قيل في الثيؤطوكية عن الوصايا العشر: ?"سَبَقَت أن دلتنا على (اليوطة) اسم الخلاص الذي لربنا يسوع المسيح". ?"هذا الذي تجسد منكِ بغير تغيير، وصار وسيطًا لعهد جديد". وفي قدس الأقداس يدخل رئيس الكهنة، ويرش من دم الذبيحة على تابوت العهد من أجل غفران خطايا الشعب، ولذلك تربط الثيؤطوكية بين هذا الدم ودم السيد المسيح فتقول: ?"من قبل رش دمه المقدس طَهُرَ المؤمنين شعبًا مُبررًا". القطعة الثانية تربط هذه القطعة بين التابوت المُصفح بالذهب، والعذراء المتسربلة بمجد اللاهوت. فالذهب لم يتحد بالخشب.. بل كان الخشب مغلفًا فقط بالذهب، وكذلك لم يتحد اللاهوت بشخص العذراء مريم، ولكنه مسحها بمسحة من القداسة والموهبة الإلهية لتصير أم الله.أما خشب التابوت فكان من النوع الذي لا يسّوس، وهذا إشارة إلى المعدن الطاهر النقي لأم النور القديسة مريم. أما الذهب النقي المختار فهو ربنا يسوع "الذي صار إنسانًا بغير افتراق". وتشرح هذه القطعة اتحاد الطبيعتين في شخص ربنا يسوع المسيح قائلة: ?"واحد من اثنين لاهوت قدوس بغير فساد مساو للآب". ?"وناسوت طاهر بغير زواج مساوٍ لنا كالتدبير". ?"هذا الذي أخذه منكِ أيتها الغير الدنسة واتحد به كأقنوم". أما من جهة العذراء القديسة مريم فتشرح الثيؤطوكية قائلة: ?"وأنتِ أيضًا يا مريم العذراء مُتسربلة بمجد اللاهوت من داخل ومن خارج". ?"لأنكِ قدّمتِ شعبًا كثيرًا لله ابنك من قِبَل طهارتك". القطعة الثالثة يشير غطاء التابوت المصنوع من الذهب الخالص إلى الله الكلمة، حيث كان الله يتكلّم مع شعبه من فوق هذا الغطاء. وكلمة غطاء هي بالإنجليزية (Cover)، وتشير إلى كفارة المسيح التي غطّى بها ديون خطايانا. أما الكاروبيمان المظللان على الغطاء.. فهما بحسب تفسير الثيؤطوكية يشيران إلى قوة العلي التي ظللت القديسة مريم "قوة العلي تظللك" (لو1: 35). ?"الغطاء المظلل عليه بالكاروبين المصورين". ?"أي الله الكلمة الذي تجسد منكِ أيتها التي بلا عيب بغير تغيير". ?"وصار تطهيرًا لخطايانا وغافرًا لآثامنا". ?"وأنتِ أيضًا يا مريم العذراء ألوف ألوف وربوات ربوات يظللون عليكِ". ?"مسبحين خالقهم وهو في بطنك هذا الذي أخذ شبهنا ما خلا الخطية والتغيير". نيافة الحبر الجليل الانبا رافائيل أسقف عام وسط القاهرة
المزيد
24 أغسطس 2018

“لا تطفئوا الروح”

يجب أن تكون حياتنا متوهجة مثل القديس جيروم حينما قال: “إن للنار طبيعة مزدوجة، إن كنا خاطئين تحرق خطايانا وإن كنا أبرارًا تعطينا نور”والنار أيضا تعطينا نور في الظلام، استنارة للقلب ودفء واحساس القلب المتوهج بالروح القدس الذي يطرد دائمًا الشيطان ويفسر قداسته اللؤلؤة بثلاث أسئلة وعلى رأسها أسباب انطفاء الروح ؟ 1. محبة الماديات: شخص يحقق ذاته بالامتلاك المادي والأنا أي الإنسان النرجسي،والمثل اللاتيني يقول: “الكفن ليس له جيوب” .. فيجب أن أفحص ذاتي. 2. الشهوات (جسدية أو مادية وغيرها)مثل شمشون رغم افتخاره بقوته ولكن عندما أتت دليلة تغلبت عليه شهوته. 3 . الفلسفات الفلسفات التي تصل للإلحاد وأفكار شاذة على سبيل المثال: فمنذ القدم الزواج يكون بين رجل وامرأة فقط ولكن العالم أصبح يظهر أشكال أخرى مثل زواج المثليين وهذا من أنواع الفلسفات التي تطفئ الروح وهذه الأسباب الثلاثة تطفئ روح الله بداخلنا وماذا يصير شكل الإنسان ؟ يصبح عقله مظلم يفقد القدرة على التمييزوالنار تعطى نور وعندما أطفئ النار ينطفئ النور. مثلما يقول القديس يوحنا ذهبي الفم. 2 . الفتور الروحي:- أي البرود الروحي الذى يتحول إلى غربة روحية ويتحول إلى عجز روحي وعدم المقدرة على التواصل مع الله. 3 . الشعور بالتيه: حياته تصبح متخبطة ومتداخلة مثلما أسماها الآباء، الغفلة ومن الممكن أن يتطور الأمر إلى أن ينهي حياته بيده لأن روحه انطفأت ويبقى أمرًا أخيرًا، وهو كيف نتجنب انطفاء الروح ونجعلها دائمًا متوهجة ؟! .. أي خطوات علاج إعطاء الروح أكثر فعل هو “الصلاة”. الصلاة هي التي تشعل نار الروح فينافيقول:”عِنْدَ لَهَجِي اشْتَعَلَتِ النَّارُ. تَكَلَّمْتُ بِلِسَانِي ” (مز 39 : 3). حراره القلب والروح يزداد بالصلاة. كل أشكال الصلاة الشخصية أو الكنسية المنظمة. ولهذه الاسباب يوجد بالكنيسة قانون ونظام روحي لتبقى حرارة الروح مشتعلة. 2. المحبة: “مِيَاهٌ كَثِيرَةٌ لاَ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُطْفِئَ الْمَحَبَّةَ” (نش 8 : 7)والإيمان عامل دائمًا بالمحبة الايمان وسيلة التعبير عنه هي المحبة ولا يوجد مقياس غيره. ولهذا السبب قال بولس الرسول: “الإِيمَانُ الْعَامِلُ بِالْمَحَبَّةِ” (غل 5 : 6) حينما تشتعل الروح في القلب نتعامل بمحبة دائمة مع الآخرين وأخيرًا توبة الإنسان وتطهيره من الخطية. فالخطية تطفئ عمل الروح وبالتوبة يسترجع الإنسان قوته مثل شخصية السامرية قبل وبعد مقابلة المسيح. بعد التوبة أصبحت أقوى وأفضل ، ودائمًا تخبرنا كنيستنا بألا نطفئ الروح وختم قداسته العظة قائلًا: “لا تنسى أن نار الروح القدس تعطيك نورًا في الظلام وتعطيك استنارة للنفس وتعطيك راحة للقلب” قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
23 أغسطس 2018

التعليق على ادعاءات الدكتور منقذ السقار الغير سليمة

2 – التعليق على هذه الادعاءات: (1) وعند قراءتنا لما كتبه الدكتور منقذ السقار نجد أنه يعرف جيدا أن الغالبية العظمى من الكتب الأبوكريفية قد تم اكتشافها بل وترجمتها ومع ذلك لم يحاول الرجوع إليها بنفسه ومقارنتها ومحاولة معرفة الفرق بينها وبين الأسفار القانونية الموحى بها، بل أكتفى فقط بنقل ما كتبه بعض الكتاب الذين لم يقرءونها والذين اعتمدوا بدورهم على ما سبق أن كتبه الشيخ رحمة الله الهندي في كتابه أظهار الحق في النصف الثاني من القرن التاسع عشر والذي أعتمد يدوره على ما نقله عن مدارس النقد والتشكيك، خاصة الألمانية، والتي تكلمت عن هذه الكتب أيضًا قبل اكتشافها وترجمتة نصوصها ومعرفة محتواها من خلال نصوصها ذاتها وليس مما نقل عنها نظريًا؟؟!! (2) نلاحظ أن سيادته تكلم عن وجود هذه الكتب الأبوكريفية عند بعض الفرق المسيحية في القرون الأولى واستخدامها دون أن يقول لقرائه؛ من هي هذه الفرق؟ وبماذا كانت تؤمن؟ وكيف وجدت هذه الكتب معها؟ هل ألفتها هي من خلال قادتها لترويج هرطقاتها وأفكارها المرفوضة مسيحيًا؟ أم تسلمتها عن رسل المسيح؟ أم كيف حصلت عليها وما الدليل الذي يمكن يعتمد عليه هو أو غيره؟ (3) للأسف فأن كل ما يحكم سيادته، هو وكل من كتبوا في مثل هذا الموضوع، ليس سوى شيء واحد هو: بما أنهم يعتقدون أن الإنجيل الحقيقي الذي نزل على المسيح، كما يتصورون، إنجيل المسيح أو إنجيل عيسى، قد فقد وأن الكتب المسيحية القانونية والموحى بها تضم الحق والباطل لأنها، من وجهة نظرهم ليست هي الإنجيل الأصلي، بل هي اقرب لسيرة المسيح منها للإنجيل!! لذا يتساوى في نظرهم الجميع سواء كتب قانونية أو أبوكريفية مزيفة!! فلا يعنيهم مثل هذه التساؤلات ولا كيف وجدت هذه الكتب ولا بماذا كانت تؤمن هذه الفرق الهرطوقية؟ ومن ثم لا يعنيهم البحث العلمي ولا الدراسة العلمية الدقيقة ولا محاولة معرفة حقيقة هذه الكتب حتى ولو للدراسة والعلم والمنطق، فهذا لا يعنيهم، إنما يعنيهم فقط أثبات صحة عقائدهم، وما تصوروه وزعموه عن المسيحية عبر مئات السنين، ليس من خلال مصداقية عقائدهم في ذاتها بل بهدم العقائد المسيحية!! (4) وعند قراءتنا لما كتبه الكاتب الثاني، والذي يمتليء كلامه بالادعاءات بل والتلفيقات المليئة بالأخطاء التي لا يمكن أن يقع فيها إلا من هو نوعية هذا الكاتب ومن نقل عنهم!! فهو ينقل أسماء لكتب، عن كتب أخرى كتابها من نفس النوع، بشكل يدل على عدم المعرفة بأصول الدراسة والبحث العلمي، فقط كل همهم أن يقدموا حشو لا هدف له إلا تشويه صورة المسيحية بأي وسلية مهما كانت وبمبدأ "الضرورات تبيح المحظورات!! والمبدأ الميكيافلي "الغاية تبرر الوسيلة"، نضع الملاحظات التالية: (أ) أن الكاتب، ومن نقل عنه أو عنهم، غير دارسين للمسيحية على الإطلاق، فهم لا يلمون بمعظم الأسماء فيها ولا بمصطلحاتها، والباحث الحقيقي هو من يدرس الديانة التي يبحث فيها ويعرفها كما هي في صورتها التي يؤمن بها أهلها، حتى يقيمها كما هي في جوهرها ويكون عارفا ومدركا وملما بأهم عقائدها وأفكارها ثم يقرر بعد ذلك ما يرى أنه صواب أو خطًا ويدرك معنى ما ينقله عنها ومن ذلك الكتب وأسمائها سواء الكتب التي يؤمن بوحيها أو التي يرفض وحيها وكذلك الأشخاص، دورهم وصحة أسمائهم، كما هي في صورتها الأصلية. ولكننا هنا نرى العكس، حيث يتضح لنا من أسلوب الكاتب، ومن نقل عنهم، أنه لا يعرف أي شيء عن المسيحية!! وكل همه، كما يفعل الكثيرون غيره، هو نقل ما يمكن نقله من الكتب التي ينتقدها دون التحقق من صحة ما ينقل!! فهو هنا يعتمد على الكتب والمقالات التي تهاجم المسيحية، التي تملأ الكثير من الكتب والمواقع التي تهاجم المسيحية على النت، وعلى رأسها كتاب إظهار الحق للشيخ رحمة الله الهندي، والذي أعيدت طباعته منذ نشره للمرة الأولى وحتى الآن مئات المرات!! إلى جانب المنتديات الحوارية التي تناقش الأديان، وخاصة التي تهاجم المسيحية، على النت، والتي تفتقر إلى نوعية المسيحيين الدارسين للرد على مثل هذه المواضيع. (ب) ولذا نراه، هو ومن ينقل عنهم، ينقل أسماء الكتب من عدة مصادر وكل مصدر منها يسمي بعض الكتب باسم يختلف عن الأخر دون أن يدرك الفارق بينهما وعلى سبيل المثال فقد كتب اسم كتاب الراعي لهرماس باسمين واحد صحيح وهو كتاب الراعي لهرماس، والثاني خاطيء وهو كتاب المراعي لهرماس!! وربما يكون من نقل عنه الاسم الثاني سقط في خطأ مطبعي فنقل عنه نفس الخطأ على أنه كتاب أخر!! وبنفس الطريقة ذكر إنجيل ماركيون وإنجيل أتباع مرقيون (مرسيون) وكأنهما اثنان، دون أن يدري أنهما تكرار لنفس الاسم الواحد والفارق هو في الترجمة عن Marcion والذي يترجم مركيون أو مرقيون أو مرسيون!! ومثل ذكره لإنجيل يهوذا وإنجيل يهوذا الأسخريوطي وكأنهما كتابان، دون أن يدري أن يهوذا المنسوب له هذا الكتاب هو يهوذا الاسخريوطي!! وكذلك قوله إنجيل الطفولة ويُنسب لمتى الحواري وكتاب إنجيل متى المزيف، وكلاهما كتاب واحد ويبدو أنه نقل كل اسم منهما عن مصدر مختلف عن الأخر فاعتقد أنهما كتابان مختلفان!! وكذلك قوله؛ مشاهدات بطرس ورؤيا بطرس، فمشاهدات ورؤيا هي ترجمة مختلفة لكلمة أبوكاليبس (Apocalypse) اليونانية أو التي نقلت عنها في القبطية!! وواضح أنه نقلهما عن مصدرين وأعتقد أنهما كتابان!! (ج) ذكر أسماء لا وجود لها في أي قائمة من قوائم الكتب الأبوكريفية ولا نعرف من أين أتى بها، هو ومن نقل عنهم، مثل؛ زبور عيسى الذي كان يعلم منه، ورسالة عيسى إلى بطرس وبولس، وكتاب عيسى التمثيلات والوعظ، كتاب الشعبذات والسحر ليسوع، والغريب هنا أن يقبل مثل هذا الكاتب ومن نقل عنهم كتاب يقول أنه كتاب سحر وشعوذة وينسبه للمسيح!! في حين أنه لا يوجد اسم لمثل هذا الكتاب في الوجود!! وكتاب مسقط رأس يسوع ومريم وظئرها!! ورسالته التي سقطت من السماء في المائة السادسة، ورسالة بطرس إلى كليمنس، ومباحثات بطرس وأى بَيْن، ولا نعرف معنى قوله "وأى بَيْن"!! كما ذكر عدة كتب باسم آداب الصلاة مثل؛ آداب الصلاة وينسب لمتى الحواري، وآداب الصلاة وينسب ليعقوب الحواري، آداب صلاة يوحنا آداب الصلاة وينسب لمرقس!! فهو، كعادته وعادة من نقل عنهم ينقل أي شيء دون أن يحاول معرفته والتحري عنه!! وآداب صلاة بطرس، وكتاب قياس بطرس، وغيرها من أسماء الكتب التي لا نعرف من أين أتى بها؟!! وهنا نسأله هو ومن نقل عنهم؛ كيف تنقلون ما لا تعرفون؟! وتضعون أسماء لكتب لم تتحققوا من صحتها أو حقيقة وجودها؟! هل هذا هو أسلوب البحث العلمي وهل هكذا تتعاملون في بحثكم عن الحق؟! (د) ذكر أسماء لكتب غير مسيحية على أنها أناجيل مرفوضة، مثل؛ إنجيل تهيودوشن، وهذا يدل على جهله الفاضح هو ومن نقل عنهم، فالكتاب هو ترجمة للعهد القديم قام بها شخص يهودي في القرن الثاني يدعى ثيودوشن!! فهو لم يدقق في أسماء الكتب نفسها أو أسماء الأشخاص المنسوبة إليهم ولا يحاول الإلمام بها بل ومن الواضح أن مثل هذه الأمور لا تعنيه ولا تهمه، لأن كل هدفه هو تشويه المسيحية بأي وسيلة مهما كانت فالغاية عنده تبرر الوسيلة، وقل على البحث العلمي السلام!! (ر) وقد ركز الكاتب كل همه على تصوير المسيحية لقرائه بأنها ديانة محرفة ومليئة بالأفكار الخرافية مع محاولة تصوير أتباعها وكأنهم قطيع من الحيوانات لا يفهمون شيئًا ولا يعون شيئًا، بل فقط يسيرون خلف رجال الدين الذين يصورهم وكأنهم مجرد عبدة شيطان وليس عبدة الله، ولا يرى فيهم سوى ما يتخيل أنهم أناس لا عقول لهم يحرفون كتبهم بأنفسهم ويؤمنون بها!! وتجاهل تمامًا المبادئ السامية التي علمها الكتاب المقدس بعهديه، وخاصة التي علمها الرب يسوع المسيح وأن المسيحيين يتمثلون في حياتهم بشخص المسيح ذاته وبنهاية سيرة القديسين الأبرار الذين ملئوا ويملئون الأرض كلها والذين قال عنهم الرب يسوع المسيح "أنتم ملح الأرض"، ونظر فقط إلى خطايا البعض سواء كانوا من البسطاء أو من رجال الدين ونسي أنهم بشر وغير معصومين، يصيبون ويخطئون، وأن المسيحية لا تقاس بتصرفات بعض أفرادها بل بما تنادي به من عقائد ومباديء، سامية لا يمكن أن يؤلفها بشر بل هي ذروة وحي الله وكلمته أنه وغيره لا يرى الملح، بل فقط التراب. (س) لا يحاول مطلقا التحري لمعرفة شيء كما هو الطبيعي بالنسبة للباحث الذي يعرف معنى البحث والدراسة، كما سنرى، بل كل همه هو أن يخطف عبارة من هنا وجملة من هنا وفقرة من هناك ترضي فكره السطحي، فكل همه هو إظهار المسيحية وكأنها ديانة محرفة ومليئة بالخرافات والأفكار الشريرة!! فهو لا يريد أن يبحث عن الحقيقة، فهذا ليس هدفه مثله في ذلك مثل الكثيرين غيره، بل ما يريده فقط هو أن يظهر المسيحية في صورة هو يريدها وليس في صورتها الحقيقية كما نؤمن بها!!!؟؟ (ص) ذكر أسماء العشرات من الكتب الأبوكريفية دون أن يحاول أن يعرف عنها شيئًا، لأنه نقلها عمن سبقوه وبنفس طريقته، ولم يحاول لا هو ولا غيره أن يسألوا لماذا رفضت هذه الكتب، فقط حاولوا، دون علم أو دراسة، أن يصوروا أن المسيحيين انتقوا كتبا ورفضوا أخرى بسبب الهوى وليس الحقيقة؟؟!! علما بأن هذه الكتب، كما بينّا، موجودة على مئات بل آلاف مواقع النت وبأكثر من لغة، ولكن هذا لا يعنيه، فقط يريد أن يقدم صورة مشوهة للمسيحية بأسلوب ميكيافلي الغاية فيه تبرر الوسيلة، واستخدم قاعدة الضرورات تبيح المحظورات لأنه وضع نفسه في صورة المحارب الذي يبيح لنفسه كل شيء لكي ينتصر في معركته التي وضع نفسه فيها!! فهو لا يبحث عن الحقيقة بل وضع كل همه في تشويه المسيحية!! (ط) نسب، مثله مثل الكثيرون غيره، لمجمع نيقية تحديد نوعية الكتب والأناجيل الصحيحة من المزيفة، بل وصوروا هذا المجمع وكأنه الذي أخترع وألف العقائد المسيحية وكتُبها، وذلك دون الرجوع لأي مرجع تاريخي أو حتى مجرد إشارة تاريخية سواء كانت مسيحية أو غير مسيحية، وهذا محض افتراء وكذب وتدليس!! والغريب أنه لم يكلف نفسه سواء هو أو غيرة بقراءة جدول أعمال مجمع نيقية والقرارات والتوصيات التي صدرت عنه، ولم يحاولوا بحث الموضوع تاريخيا ولا علميًا ولا منطقيا لمعرفة صحة هذه المزاعم بل والأكاذيب، كما هي العادة، فهم لا يرجعون لأصل أي شيء لمعرفة حقيقته، بل فقط يقتطفون أقوال من هنا أو هناك تفي بغرضهم وهو محاولة تشويه المسيحية!! (ع) نقل أقوال بعض الملحدين عن الكتاب المقدس وكذلك أقوال بعض الليبراليين، الذين لا يؤمنون لا بوحي ولا بمعجزات، فقط يؤمنون بما تلمسه الحواس، فهم لا يؤمنون بميلاد المسيح من عذراء لأنهم لم يروا مثل هذه الولادة ولا يؤمنون بأن المسيح أقام الموتى لأنهم لم يروا شخص مات وأقامه أحد!! والغريب أن هذا الكاتب وغيره راحوا ينقلون عن هؤلاء، الملحدين واللادينيين وكأنهم هم رجال العالم المسيحي وقسوسه، دون التنويه لكونهم من الملحدين أو الليبراليين!!؟؟ (ف) راح مثله مثل غيره يقتطف بعض الأقوال التي وردت في دوائر المعارف والقواميس وبعض كتب التفسير، والأرجح أنه نقلها عن بعض الكتب غير المسيحية، فنوعية كتابته ولغته تدل على أنه لم يقرأ هذه الكتب، بل نقل عن غيره ما نقله من فقرات دون الرجوع لهذه الكتب التي من الصعب أن تكون في متناول يده أو أنه قرأها، والتي تناقش المواضيع بطريقة علمية دون أن يكمل بقية كلام هؤلاء الذين من المفترض أنه نقل عنهم، فقط اقتطف جملا من سياق كلامهم وقدمها مبتورة معتمدا على أن القارئ لن يرجع لمثل هذه المراجع!! (ق) في كثير من الأحوال، كما سنرى، يقول قال فلان ويستخدم في ذلك اسما أجنبيًا، موحيا أنه أحد العلماء دون أن يذكر المرجع الذي ورد فيها هذا الكلام، ويكتفي بقوله قال فلان وينسب له فقرة أو جملة طويلة تسيء للكتاب المقدس!! (ك) السمة الغالبة التي نراها في هذا الكتاب وغيره هي عدم الفهم الكافي للآيات التي ينقلها ويحاول أن يصورها بعكس صورتها، أو يقارنها بغيرها ليصور أن هناك تناقض دون أن يعي المعنى الحقيقي لكليهما!! (ل) كما أن هناك موضوع غاية في الأهمية وهو أنه يركز كل همه في أظهار أن الكتاب المقدس لا يوجد به شيء جيد بل كل ما فيه هو أخطاء وفضائح وأمور لا تتفق مع الله ونسي أو تجاهل بعلم أو جهل، في حالة مثل هذا الكاتب حقائق كتابه المقدس، كتابه هو، فعندما يطعن في الكتاب المقدس في نقطة معينة لا يحاول مجرد التفكير في أن ما ينتقده له مثيل في كتابه أم لا، بل ربما يكون ما يطعن فيه في الكتاب المقدس هو من أهم مواضيع علم الكلام التي يدرسها العلماء والفقهاء!!! (م) واضح أن الكاتب ليست لديه خلفية كبيرة بحقائق الإسلام نفسها لأنه يهاجم مواضيع في المسيحية لها مثيلها في الإسلام دون أن يأبه ذلك أو حتى يدرك ذلك!! وأنا أجزم أنه لا يعرف شيئًا عن الكتب الإسلامية ذات الطبيعة العلمية أو الليبرالية وكتب التراث والكتب التي يمكن أن نسميها كتب المصادر مثل كتب د. جواد على ومنها كتب تاريخ العرب قبل الإسلام، وكتب خليل عبد الكريم وسيد القمني والمستشار سعيد العشماوي وبقية الكتب ذات الطبيعة الليبرالية. القمص عبد المسيح بسيط أبو الخير كاهن كنيسة العذراء الأثرية بمسطرد من كتاب هل هناك أسفار مفقودة من الكتاب المقدس؟
المزيد
22 أغسطس 2018

الإيمان وعدم التذمر من فاضل القديسة مريم

في كل ما احتملته، لم تتذمر إطلاقًا وفي تهديد ابنها بالقتل من هيرودس، وفي الهروب إلى مصر، وفي ما لاقاه من اضطهاد اليهود، لم تقل وأين البشارة بأنه يجلس على كرسي داود أبيه، يملك.. ولا يكون لملكه نهاية" (لو1: 31، 33)! بل صبرت وكما قالت عنها أليصابات "آمنت بأن يتم لها ما قيل من قبل الرب" (لو1: 45). آمنت بأنها ستلد وهى عذراء وتحقق لها ذلك آمنت بأن "القدوس المولود هو ابن الله" (لو1: 35)على الرغم من ميلاده في مزود وتحقق لها ما آمنت به. عن طريق ما رأته من رؤى ومن ملائكة، ومن معجزات تمت على يديه آمنت بكل هذا على الرغم من كل ما تعرض له من اضطهادات آمنت به وهو مصلوب فرأته بعد أن قام من الأموات. قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث من كتاب السيدة العذراء
المزيد
21 أغسطس 2018

زوجة الكاهن

شهادة الكاهن في تدبير بيته هي من مؤهلات الكاهن في تدبير الكنيسة، يدبِّر بيته حسنًا حتى يعرف كيف "يدبر ويعتني بخدمة كنيسة الله" (1تي4:3). وزوجة الكاهن هي كأي امرأة مؤمنة، لكنها كزوجة كاهن لا بد أن تضع نفسها من أجل نجاح خدمة رسالة الإنجيل في حياة زوجها، تخدم بفَهم ورضا وقناعة فكرية وقلبية، واعية بأن كأس الماء البارد المقدَّم بمسرة لأجل رئيس الرعاة لن يُنسَى، وزوجة الكاهن التقية الفرحانة بخدمتها ودعوة حياتها تدرك بوعي تام مسئوليتها بأنها معاونة للكاهن في حياته الشخصية كزوجة (معينة نظيره)، وفي رسالته ككاهن الله. كثيرون عاشروا الكهنوت وللأسف لم يأخذوا بركته، بل حملوا متاعبه وتبَعاته دون بركة لحياتهم ولخلاصهم، عاشوا في صورة كهنوتية مُنكرين قوتها، ولم يعِش الكهنوت فيهم، لذا فقدوا موضعهم ورتبتهم، وسَرَق القاسي جهدهم. إن خدمة الكهنوت طريق يحتاج إلى نذور وتعهدات تُحفَظ زمان الغربة كله، لأنه طريق مخاطر يحتاج إلى خط دفاع وسَندة في صد هجمات أبليس، كي يحفظ الله جندية الكاهن وجهاده وثماره بسلاح البر لليمين ولليسار. إن الكاهن كجندي في خط الدفاع الأمامي للكنيسة كل اليوم كل أيام العمر يحتاج إلى إصلاح وتنقية ومراجعة وانسحاق وصلاة ومعونة وانسكاب وتعزية ومِلء في خدمة كهنوت المسيح، ليمر بمجد وهوان وبصيت رديء وحَسن. وبناء البيت الروحي لبيت الكاهن على الصخر لا بد أن يُتابَع باستمرار وبمواظبة من أجل البنيان والنمو في الله كغنيمة حياة الكاهن وكنز بيته... فما أحلى زوجة الكاهن التي تُعين زوجها بصلواتها ودموعها ودعائها وبتدعيهما العملي. الكاهن الذي يحمل أوجاع شعبه كراعٍ أمين تحمله زوجته إن كانت أمينة، لأنها قد اختارت أيضًا الرب نصيبًا لها وقد شرفها المسيح بخدمة أولاده الخصوصيين، وهي تخدمهم من خلف زوجها ومعه، معاونة له بهدوئها وقدوتها وتباسطها وسيرتها العملية التي هي أبلغ من كل العظات بل وأجمل من كل العناوين، خاصة عندما تفتح بيتها للفقير والمحتاج والضعيف والمنبوذ وتعمل أروع خدمات الخفاء، فالرجل والمرأة عمومًا يختلفان في الشكل الجسدي فقط، لكن ليس في النفس، فقد غلبْنَ كثيرات منهن وتفوَّقن على الرجال في الجهاد لأجل الخلاص. لذا ليست كل شخصية تصلُح لأن تكون زوجة كاهن، إنها مسئولية خطيرة لا بُد أن يُحسب لها كل الحُسبان، لأن إساءة الاختيار يؤثر سَلبًا على الخدمة، وهناك إذن ضوابط روحية في اختيار من تكون زوجة للكاهن، لأنها ترافقه في رحلة لحمل الصليب... فالكهنوت "خدمة" والكهنوت "غسل أرجُل" والكهنوت "رعاية وأبُوَّة" والكهنوت "صليب وذبيحة وتكريس" منذ لحظة الرسامة ترافقه الزوجة كخادمة، يصيبها تبعات هذه الرحلة من وخزات الشوك والمسامير والتعب والتضحيات التي لها بركتها ومعونتها وحراستها السماوية. رحلة يفتح الرب فيها أبوابًا وأعماقًا، لكنها تتوقف على رؤية الكاهن وزوجته لماهية وطبيعة خدمة الكهنوت!!! وكيف أنها رحلة صعود مرتفعات، ليس فيها عوج ولا التواء، إنها دعوة وخدمة وترْك ومسئولية، رحلة قد يواجهوا فيها ضيقًا أو شُحًّا أو عوزًا واحتياجًا، لكن بالإيمان والاتكال والصبر على كل شيء يسد الله فيها كل الاحتياجات، ما دام قد قبلوا خدمتهم من يد الله ولله، وما دام الكاهن يقدم لله مشورات حُرّيته، ويكتب أعماله تَبْعًا لأقواله. وبالتأكيد يتعيَّن على الكاهن وأسرته أن يكونوا قدوة للشعب في الإيمان والكفاف والاعتدال، والويل كل الويل لمن تأتي به العثرة، لذلك زوجة الكاهن تكون أيقونة جميلة، إذا أعطت المثل لإنسانة الله المتزينة بالفضيلة والبعيد عن الترف والتنعُّم الباطل، لأنها باعتدالها ورزانتها تعيش نذر دعوتها كشريكة للكاهن في حياته، ويكونوا بذلك قد عملوا بأقوالهم وتكلموا بأعمالهم. إن زوجة الكاهن الشبعانة بكلمة الله والمواظِبة على التغذّي بوسائط النعمة، تجد لها الوسائل لتعبِّر عن محبتها واتضاعها وغسلها للأرجل وضيافتها للغرباء وترفُّقها بإخوتنا وأسيادنا المساكين والمجرَّبين، بل ويمكن أن تكون زوجة الكاهن بركة وسندًا ودعمًا وتصديقًا لخدمة الكاهن بل وللكنيسة كلها، عندما توضَع على المنارة بتعقُّلها وتصرفاتها المسئولة، وانحيازها للمرذولين وللبؤساء وللذين يعتبرهم العالم أنهم "وسخ" بينما هم كنوز الكنيسة الحقيقية... مغبوطة هي بالحقيقة زوجة الكاهن المُصَلِّية، الصوَّامة، المعطاءة، المضيفة للغرباء، المُحِبّة للجميع بلا محاباة للوجوه، والتي ينطبق عليها انها بحقّ امرأة فاضلة وثمنها يفوق اللآلئ. ثيابها هي الحشمة والجمال، وزينتها هي الأدب والتقوى، وسلوكها البساطة والمعرفة التي لبنات الله، فلا تكون مُعثِرة ولا مُجلِبة لغضب الله بل مُحقِّقة مقاصد الله في حياتها، مُعلِنة لغنىَ واتساع تدابيره. وأيضًا زوجة الكاهن عنوان للفطنة التربوية، عندما تكون دليلاً للرعية في تنشئة أولادها في حضن الكنيسة، ناجحين في حياتهم ممجدين الله كل حين. لكن عندما يُساء اختيار زوجة الكاهن، تكون عثرة وشوكة في موضع مَقتَل... مُعطِّلة للإنجيل في خدمة الناس، إذ تفوح رائحة مُجُونها وماديتها أو استبدادها وتعظُّم معيشتها، كفساد الطين وكالظلمة المثلَّثة الكآبة التي للجهل، فتبقى أصل مرارة أمام الجميع، وبسببها يُجدَّف على الاسم الحسن، وينطفئ بهاء الإكليروس، مثلما أنذرالملاك القديس "هرماس" عن الرعاة المنحرفين بقوله (انظر يا هرماس حيث يكون التنعُّم يكون الخداع والتزييف أمام الله). وحسنًا يطلق الشعب على زوجة الكاهن (تاسوني)، فهي أخت كل أحد، ببذلها وبشاشتها تساعد الخراف المريضة والمبتدئة والخاملة والبعيدة، بأعمالها وأنفاسها أكثر من كلامها، وقد عاينّا الأمومة المداوية التي لا تعبث بخلاص الآخرين ولا تَسخَر منهم، بل تحملهم كصغار وكمكسورين لإرضاعهم ومساندة رحلتهم، والوصول بهم إلى الميناء، تلك الصورة الرقيقة المُضحِّية هي أيضًا حاسمة وصريحة، لأنها خدمة على مستوى الصليب، وليس مجرد نشاط مزيَّف وإعلان، لأن الأجرة إنما تُعطىَ على العمل لا على الكلام. لقد تعرضت هذه الصورة لبعض الشوائب والصدأ، إلا أن واقعنا أيضًا مملوء وزاخر بزهور الحياة الكنسية، وبزينة العمل الروحي من خادمات وسيدات لهُنَّ طابع بهجة التقوى وانعكاس الصورة الإلهية التي للقداسة في حياتهن، وهُنَّ جانب مشرق لرعية المسيح، حاملات معهن ثمار المجد للكنيسة كلها. القمص أثناسيوس چورچ
المزيد
20 أغسطس 2018

تأملات فى عيد التجلي

على جبل التجلى... على جبل طابور أخذ السيد المسيح ثلاثة من تلاميذه وتجلى أمامهم فقال له القديس بطرس جيد يارب ان نكون ههنا { وبعد ستة ايام اخذ يسوع بطرس ويعقوب ويوحنا اخاه وصعد بهم الى جبل عال منفردين.وتغيرت هيئته قدامهم واضاء وجهه كالشمس وصارت ثيابه بيضاء كالنور. واذا موسى وايليا قد ظهرا لهم يتكلمان معه} (مت 1:17-3). فما ابهج ان يسمو الانسان ويرتفع ويحيا فى الحضرة الإلهيٌة ويعاين مجد الرب ويحيا مذاقة المجد الأتى، ان هؤلاء التلاميذ يمثلوا الايمان والجهاد والمحبة فنحن لكى نعيش التجلى لابد لنا ان نحيا الإيمان العامل بالمحبه على قدر طاقتنا ، كما ان ظهور موسى وايليا يمثلان الحلم والوداعة مع الغيرة والجهاد فنحن نحتاج الى حلم ووداعة موسى النبى لكن لا فى تراخى او كسل بل فى غيرة نارية وعمل روحى دائم للانطلاق نحو السماء لنحيا أمجاد التجلي. ان الله فى محبته يريد ان يجذبنا اليه لنعاين مجده ونسعد بلقياه ونشهد للاهوته ونحيا مذاقة الملكوت ونحن على الارض لنعبده بالروح والحق ونعد نفوسنا بالتوبه والأيمان والفضيلة للحياة معه والوجود فى حضرته كل حين. التجلّي اذا هو دخول بالنفس إلى تذوّق الحياة الأخرويّة، لترى مجد ربها والهها قادمًا في ملكوته، معلنًا لها أمجاده بالقدر الذي يمكنها أن تحتمله وهي بعد في الجسد. هذا العمل الإلهي الذي تحقّق بطريقة ملموسة على جبل طابور ويتحقّق بصورة أو أخرى داخل القلب من حين إلى آخر، لكي يجذب الله نفوسنا نحو العُرس الأبدي لكي نشتاق إلى الانطلاق نحو الحياة الإبدية، ويمنحنا دفعة روحيّة قويّة تسندنا في حمل الصليب والشهادة للسيّد المسيح.ان الله يدعونا جميعا لمعاينة مجده داخلنا {ولا يقولون هوذا ههنا او هوذا هناك لان ها ملكوت الله داخلكم }(لو 17 : 21).ولكى يحل المسيح بالايمان فى قلوبنا يجب نسمو ونتطهر من الخطايا والصغائر ونفتح له القلب بالإيمان وندعوه ليكون مصدر سعادتنا وفرحنا فى محبة صادقة وتبعية أمينه وتأمل فى صمت فى إنجيله فسياتى الينا ولا يبطئ. التجلّي هو إعلان للملكوت السماوى الممتد فوق كل حدود الزمان، تتذوقه النفس البشريّة التي قبلت أن تكون إيجابيّة وعاملة مع المسيح بحمل الصليب وتبعيتها للمسيح، والدخول معه إلى الموت يوميًا للتمتّع بقوة قيامته. إنه يمثّل دفعه قويّة يهبها الملك المسيّا لجنوده الروحيّين للجهاد المستمر ضدّ إبليس وأعماله، ليهب لهم الحنين نحو المكافأة الأبديّة والتمتّع بشركة الأمجاد السماويّة. فالتجلّي الذي تحقّق مرّة في حياة ثلاثة من التلاميذ، صار رصيدًا قدّمه السيّد لحساب الكنيسة كلها، تسحب منه كل يوم فيتزايد. تطلبه فتجده خبرة يوميّة تقويّة، يعيشها المؤمن من خلال المحبة وطاعة الوصية سواء في عبادته الجماعيّة أو العائليّة أو الشخصيّة، كما يتذوّقها أثناء جهاده او تأمله وصلواته أو في تعامله مع الأتقياء كما مع الأشرار. إنه لقاء مستمر مع ربّنا يسوع المسيح على الدوام، فيه يكشف أمجاده جديدة في كل لحظة من لحظات حياتنا، حتى نلتقي به وجهًا لوجه في مجيئه الأخير. حديث التجلى ... لقد فرح التلاميذ بالتجلى وارادوا ان يحيوا فى الحضرة الإلهيٌة حيث مجد الابن الوحيد معلن لهم ومصدر سعادتهم، لكن السيد المسيح اراد ان يعلن لهم مجد الوهيته حتى لا يعثروا او يشكوا فيه عندما يرونه يسلم الى ايدى الناس ويهان ويصلب ، لهذا ظهر معه موسي وايليا وكان حديثهم مع المخلص عن الفداء الذى سيتم فى اورشليم {واذا رجلان يتكلمان معه وهما موسى وايليا.اللذان ظهرا بمجد وتكلما عن خروجه الذي كان عتيدا ان يكمله في اورشليم}( لو 30:9-31). لقد ظهر فى التجلى موسى النبى الذى يمثل الشريعة وايليا ممثلا للانبياء ليعلن لنا السيد نفسه انه غاية الشريعة ومركز النبؤات وله سلطان على الموت والحياة، وأنه المدبِّر في الأعالي وعلى الإرض، لهذا جلب موسى الذى مات منذ مايذيد عن الف وثلثمائة عام، ومن لم يُعاني من الموت وانتقل حيا وهو ايليا النبى . ان التجلّي يرتبط بأحداث الصلب والقيامة، فإنه لا يمكن للمؤمن أن يرتفع على جبل التجلّي ليرى بهاء السيّد ما لم يقبل صليبه ويدخل معه آلامه ليختبر قوّة قيامته فيه، فيُعلن الرب أمجاده له. ومن جانب آخر ما كان يمكن للتلاميذ أن يتقبّلوا آلامه ويُدركوا سرّ قيامته ما لم يريهم مجد التجلّي. إذ تحدّث الرب كثيرًا عن المخاطر التي تنتظره وآلامه وموته، وعن موت التلاميذ والتجارب القاسية التي تلحق بهم في الحياة، كما حدثهم عن أمور صالحة كثيرة يترجّونها، من أجلها يخسرون حياتهم لكي يجدوها، وإنه سيأتي في مجد أبيه ويهبنا الجزاء، لهذا أراد أن يُظهر لهم ما سيكون عليه مجده عند ظهوره، فيروا بأعينهم ويفهموا قدر ما يستطيعون، لهذا أظهر لهم ذلك فى تجليه . لقد ظللت االسحابة النيٌرة جبل طابور وهي تُشير إلى الحضرة الإلهيّة ، هذه التي كانت تملأ جبل سيناء حين قدّم الرب الناموس لموسى (خر 24: 15)، وكانت تملأ خيمة الاجتماع عندما كان الله يتحدّث مع موسى، وسيأتي السيّد المسيح في مجيئه الأخير فى سحابة نيٌرة، فإن السحابة هنا إعلانًا عن عمل التجلّي في حياة المؤمنين{ فيما هو يقول ذلك كانت سحابة فظللتهم فخافوا عندما دخلوا في السحابة. وصار صوت من السحابة قائلا هذا هو ابني الحبيب له اسمعوا} (لو 34:9-35). فالنفس إذ تلتقي بالسيّد وتتعرَّف على أسراره قدر ما تحتمل، تستنير أكثر فأكثر بإعلانات سماويّة داخليّة. فتسمع صوت الآب: {هذا هو ابني الحبيب الذي به سُررت له اسمعوا}. هذا هو أعظم إعلان يتقبّله الإنسان من الله في أعماق قلبه، وهو إدراك بنوّة المسيح للأب كنور من نور، فتذوب نفسه داخليًا خلال اتّحادها بالابن الوحيد، وتشعر بدفء الحب الإلهي، وتتلمّس رضا الله الآب لها في الابن، فتسمع لصوت الآب، وتخضع لعمل المسيح فيها بكونه رأسها، ولا يطلب المسيحي إعلانات ملموسة يفخر بها، إنّما هذا هو جوهر إعلان الآب للنفس البشرية ان تؤمن بالابن الكلمة المتجسد من اجل خلاصنا . لقد تمتّعت القدّيسة مريم بالسحابة النيِّرة في أجلَى صورها، بطريقة فريدة حينما حلّ عليها الروح القدس ليظلِّلها بالقوّة الإلهيّة الفائقة. {الروح القدس يحلّ عليك وقوَّة العليّ تظلِّلك}. هذه السحابة النيِّرة، أو الروح القدس الناري يهب المؤمنين استنارة للبصيرة الداخليّة لمعاينة المجد الإلهي للابن الوحيد، ويفتح الأذن لسماع صوت الآب، الذي يكشف لنا "سرّ المسيح" الذي صار فينا بالمعموديّة، فنحرص بالروح أن نبقى في حالة توبة مستمرّة وطاعة، لننعم بسرور الآب ونسمع صوته الأبوي. لقد خاف التلاميذ وسقطوا على وجوههم ولكن السيد المسيح بدد خوفهم وكان هو سلامهم {ولما سمع التلاميذ سقطوا على وجوههم وخافوا جدا.فجاء يسوع ولمسهم وقال قوموا ولا تخافوا.فرفعوا اعينهم ولم يروا احدا الا يسوع وحده} (مت 6:17-8). سقوط التلاميذ على وجوههم وخوفهم يذكرنا بما حدث على جبل سيناء عندما حل الرب بمجده على الجبل { وكان جميع الشعب يرون الرعود والبروق وصوت البوق والجبل يدخن ولما راى الشعب ارتعدوا ووقفوا من بعيد. وقالوا لموسى تكلم انت معنا فنسمع ولا يتكلم معنا الله لئلا نموت. فقال موسى للشعب لا تخافوا لان الله انما جاء لكي يمتحنكم ولكي تكون مخافته امام وجوهكم حتى لا تخطئوا.فوقف الشعب من بعيد واما موسى فاقترب الى الضباب حيث كان الله} (خر18:20-21).ان سقوط التلاميذ على وجوههم يُعلن عن عجز البشرية الالتقاء مع الله، إذ صارت وجوههم في التراب ساقطة، لا تقدر على معاينة الأمجاد السماويّة. وحلول الخوف الشديد فيهم يُشير إلى فُقدان السلام الحقيقي فى البعد عن الله ، لذلك جاءهم يسوع إشارة إلى نزوله إلينا، ومدّ يده مؤكِّدًا تجسّده. أمّا لمسه إيّاهم، فهو علامة حلوله في وسطنا كواحد منّا، يقدر أن يمدّ لنا يده فنقبلها. أخيرًا بسلطان أقامهم ونزع الخوف عنهم. حقًا لقد ظهرت قصّة سقوط الإنسان وقيامه خلال عمل الله الخلاصي واضحة على جبل التجلّي. وكأن سرّ التجلّي إنّما هو سرّ إعلان الله الدائم فينا، بكونه ابن الله المتجسّد المصلوب والقائم من الأموات، من أجلنا جاء ليقيمنا ونبتهج بعمله فينا. وإذ كان التلاميذ ساقطين منطرحين على الأرض وغير قادرين على القيام تحدّث معهم بوداعة ولمسهم. فبلمسه إيّاهم انصرف الخوف عنهم وقواهم. من أقوال الاباء عن التجلى العلاّمة أوريجينوس: أن السيّد أعلن لاهوته للذين صعدوا على الجبل العالي، أمّا للذين هم أسفل فظهر لهم في شكل العبد. إنه يسأل من يشتاق أن يتعرّف على حقيقة السيّد ويتجلّى قدامه أن يرتفع مع يسوع خلال الأناجيل المقدّسة على جبل الحكمة خلال العمل والقول. القدّيس يوحنا الذهبي الفم : إذ تحدّث الرب كثيرًا عن المخاطر التي تنتظره وآلامه وموته، وعن موت التلاميذ والتجارب القاسية التي تلحق بهم في الحياة... كما حدثهم عن أمور صالحة كثيرة يترجّونها، من أجلها يخسرون حياتهم لكي يجدوها، وإنه سيأتي في مجد أبيه ويهبنا الجزاء، لهذا أراد أن يُظهر لهم ما سيكون عليه مجده عند ظهوره، فيروا بأعينهم ويفهموا قدر ما يستطيعون، لهذا أظهر لهم ذلك في الحياة الحاضرة بالتجلي. القديس مارإفرام السرياني : القوم الذين قال عنهم أنهم لا يذوقون الموت حتى يعاينوا صورة مجيئه هم هؤلاء التلاميذ الثلاثة الذين أخذهم معه إلى الجبل، وأعلن لهم طريقة مجيئه في اليوم الأخير في مجد لاهوته وجسد تواضعه.وصعد بهم إلى جبل عال لكي يُظهر لهم أمجاد لاهوته فلا يتعثّروا فيه عندما يرونه في الآلام التي قبلها بإرادته، والتي احتملها بالجسد من أجلنا. صعد بهم إلى جبل لكي يُظهر لهم ملكوته قبلما يشهدوا آلامه وموته، فيرون مجده قبل عاره، حتى متى كان مسجونًا ومُدانًا من اليهود يفهمون أنه لم يصلب بواسطتهم عن عجز، بل لأنه سُرّ بصلاحه أن يتألّم لأجل خلاص العالم، أصعدهم إلى جبل لكي يُظهِر لهم قبل قيامته مجد لاهوته حتى متى قام من الأموات يدركون أنه لم يتقبّل هذا المجد كجزاء لعمله كمن لم يكن له هذا المجد، وإنما له هذا المجد منذ الأزل مع الآب والروح القدس. وكما سبق فقال عندما ذهب إلى الآلام بإرادته: {الآن مجّدني أيها الآب بالمجد الذي لي قبل إنشاء العالم} (يو۱٧: ٩). أضاء وجهه ليس كما أضاء وجه موسى من الخارج، وإنما أشعّ مجد لاهوته من ذاته ومع هذا ظلّت أمجاده فيه. من ذاته يشع نوره ويبقى نوره فيه. إنه لا يأتيه من الخارج ليزيِّنه ولا يقبله لاستخدامه إلى حين، إنه لم يكشف لهم أعماق لاهوته التي لا تُدرك، وإنما كشف لهم قدر ما تقدر أعين التلاميذ أن تتقبّل وتميّز. القديس أمبروسيوس: هلم نصعد على الجبل ونتضرّع إلى كلمة الله ليكشف لنا عن ذاته في مجده وجماله. إذ نعاين مجد الله بوجوه مكشوفة نتغير نحن أنفسنا إلى تلك الصورة عينها (2 كو 3: 8) ، لما كان الصوت وُجد يسوع وحده، فبعد أن كانوا ثلاثة وُجد يسوع وحده. رأوا في البداية ثلاثة، أما في النهاية فرأوا واحدًا. بالإيمان الكامل يصير الكل واحدًا كما طلب يسوع من الآب: {ليكون الجميع واحدًا}(يو 17: 21). ليس موسى وإيليا وحدهما واحدًا في المسيح، وإنما نحن أيضًا واحد في جسد المسيح الواحد (رو 12: 5)... ولعل هذا أيضًا يشير إلى أن الناموس (موسى) والأنبياء (إيليا) مصدرهما الكلمة... لأن غاية الناموس هي المسيح للبرّ لكل من يؤمن (رو 10: 4). أعلن لنا مجدك يارب . ايها الرب القدير، واهب الأستنارة والحكمة ارفع قلوبنا لتعاين مجدك وارواحنا لتتحد بك وحواسنا لتعاين بهاء عظمتك وافكارنا لتستنير بمجد التجلى . حل بالإيمان فى قلوبنا لنعاين مذاقة الملكوت من الان لنشهد لكل أحد عن سبب الرجاء الذى فينا ، لتكون انت مصدر فرحنا ونور حياتنا وشمس برنا الدائم . يارب هبنا ان نسمو عن الصغائر ونرتفع عن الخطايا ويكون قلبنا عليه مرتفعة سامية ومعدة لحضورك فيها، لنشبع لا بولائم ارضية ولا بمتع العالم الزائلة بل بوجودك فى قلوبنا وباتحادنا بالإيمان بك ومعينة اسرارك الخفية ولاهوتك ومجدك السمائي. ليستنير انساننا الداخلى ويستضئ بمعرفتك لنحيا معك وتتمجد بالايمان فينا سواء فى طريق الآلم والجلجثة بحمل الصليب اوبالوجود على جبل التجلى أو بالعيش فى امجاد القيامة. فنصيبنا هو انت فى السماء ومعك لا نريد شئ الا ارادتك في حياتنا على الإرض. ايها الرب الهنا، نسألك من أجل كنيستك المتألمة لتعلن مجدك فيها ويراه كل بشر، ونطلب عن كل نفس فيها ليتمجد أسمك القدوس فى حياتنا وباعمالنا واقوالنا، نسألك من اجل بلادنا لتشرق بسلامك وبرك فيها وتباركها بكل بركة روحية لتكون نورا للعالم ومصدراً للاشعاع الروحى والفكرى والحضاري فى كل الارض. القمص أفرايم الأنبا بيشوى
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل