المقالات

13 سبتمبر 2019

دوافع الاستشهاد في المسيحية

لا يوجد في كل تاريخ البشرية شهداء مثل شهداء المسيحية، في حماسهم وشجاعتهم وإيمانهم ووداعتهم وصبرهم واحتمالهم فرحهم بالاستشهاد، فقد كانوا يقبلون الموت في فرح وهدوء ووداعة تذهل مضطهديهم.، ولقد قبل المؤمنون بالمسيح مبادئ روحية أساسية غيرت حياتهم الشخصية ومفاهيمهم ونظرتهم للحياة كلها وجعلتهم يقبلون الاستشهاد، فما هي؟ 1. أن هذا العالم وقتي بالقياس إلي الحياة الأبدية " لأن (الأشياء) التي تري وقتية وأما التي لا تري فأبدية ". 2. وأننا غرباء فيه.. "أطلب إليكم كغرباء ونزلاء..". 3. وأن العالم قد وضع في الشرير والحياة في حزن وألم وضيق " ستبكون وتنوحون والعالم يفرح". 4. وأن ضيقات وأحزان هذه الحياة تتحول إلي مجد عظيم في السماء " آلام هذا الزمان الحاضر لا تُقاس بالمجد العتيد أن يعلن فينا". من أجل هذا زهدوا في العالم واشتهوا الانطلاق من الجسد لكي يكونوا مع المسيح، وقد فعلوا هذا عن محبة كاملة للرب مفضلين الرب عما سواه، وكانت حياتهم في الجسد حياة في العالم وليست للعالم. ونستطيع أن نميز ثلاث فئات من شهداء المسيحية من حيث دافع الاستشهاد: 1. شهداء من أجل ثباتهم علي الإيمان: وغالبية الشهداء تنتمي إلي هذه الفئة. 2. شهداء من أجل المحافظة علي العفة والطهارة 3. شهداء تمسكوا بالعقيدة حتى الموت. أنواع العذابات: في أيام الاضطهاد كان الوثني يوجه عبارة إلي المسيحي هي "لا حق لك في أن توجد" وهي تعبير عن مشاعر البغض والعداوة التي في نفوس الوثنيين من نحو المسيحيين والتي أفضت إلي أنواع من العذاب والأهوال لا نقدر أن نحصي عددها أو نصف أنواعها، وقد يكون مجرد ذكرها يسبب رعبا للإنسان. نفسية الشهيد وقت التعذيب كان غرض الحكام والولاة من تعذيب المسيحيين هو تحطيم شجاعتهم وإضعاف روحهم المعنوية، ولكن كان دائما يحدث العكس إذ كان التعذيب أداة لتحريكها وتقويتها وهذا أمر خارج حدود المنطق ويفوق الطبيعة ولكنه عمل النعمة داخل قلب الإنسان المؤمن التي تحول الحزن إلي فرح والضيق إلي تعزية، أما السبب في ذلك هو: المعونة الإلهية التي وعد بها الرب كل الذين يتألمون من أجله. تعاطف الكنيسة كلها مع المتقدمين للشهادة وتدعيمهم معنويًا وروحيًا. الإحساس بشرف التألم من أجل الإيمان. التطلع إلي المجد العظيم الذي ينتظر كل من يتألم من أجل الله. تشجيع الله لهم عن طريق الرؤى والظهورات. بطولة الشهداء أثناء محاكماتهم تتعجب إذ تري في المحاكم الرومانية منظر المسيحيين الأبرياء الضعفاء المسالمين وهم يقفون أمام أباطرة وحكام وقضاة وثنيين بما لهم من الجبروت والغطرسة والظلم وحولهم خصومًا من الدهماء يصيحون بعنف وكيف أن هؤلاء المسيحيون أقوياء معاندين أذلوا قضاتهم بعد أن فشلوا في إخضاعهم، كل هذا وهم في صبر مذهل واحتمال عجيب وإيمان لا يلين.. صورة إنجيلية فيها الكلمات وقد تحولت إلي أعمال حية وشهادة ناطقة وكان أول سؤال في المحاكمة هو "هل أنت مسيحي؟" وكان مجرد اسم "مسيحي" -في نظر الدولة الرومانية- في حد ذاته يحمل أبشع جريمة تلصق بصاحبها الشبهة بالعصيان وتدنيس المقدسات، وأما المسيحيون كان لهم ردا واحدا لا يتغير "أنا مسيحي" فيصيح الدهماء "الموت للمسيحي". فئات الشهداء عندما بدأت الاضطهادات تقدم المؤمنون من كل الفئات للشهادة، الأمراء والنبلاء والولاة والضباط والجنود في الجيش الروماني وأساقفة وقسوس وشمامسة ورهبان وراهبات وأطفال وصبيان وفتيات وأمهات وشباب وأراخنة وفلاحين وعبيد وإماء وفلاسفة وعلماء وسحرة وكهنة أوثان أفراد وجماعات. حقيقة الاستشهاد في المسيحية ما هي حقيقة الاستشهاد في المسيحية؟ هل كان نوعًا من الجنون والجهل والحماقة؟ أم كان نوعا من الهروب من الحياة أو الانتحار تحت ظروف قاسية؟ بالطبع لم يكن هذا كله بل كان ثقل مجد لأولئك الشهداء وللمسيحية. فماذا كان الاستشهاد في المسيحية؟ كان شهوة: حتى أن البعض عندما أتيحت لهم فرصة الهروب من الموت رفضوا وثبتوا. كان شجاعة: شجاعة الفضيلة، لم يكن رعونة بل شجاعة لم يألفها العالم القديم بدكتاتورية حكامه وإجاباتهم نغمة جديدة علي سمع العالم وقتذاك. كان كرازة: فقد انتشر الإيمان بالاستشهاد أكثر من التعليم، ودماء الشهداء روت بذار الإيمان . كان دليلا علي صدق الإيمان بالمسيح: فقد أنتصر الإيمان بالمسيح علي أعدائه بالقوة الأدبية الروحية وحدها وليس بقوة مادية كان برهانا علي الفضائل المسيحية: في أشخاص شهداء المسيحية تجلت الفضائل المسيحية ولم تنجح الشدائد أن تجعلهم يتخلون عنها ومنها: الثبات والاحتمال والوداعة ومحبة الأعداء والعفة والطهارة والزهد في العالم والحنين إلي السماويات. مكانة الشهداء في الكنيسة الكنيسة تتشفع بالشهداء وهذه عقيدة إيمانية إنجيلية تمارسها الكنيسة الجامعة من البداية، وفي طقس الكنيسة تذكرهم الكنيسة في التسبحة و السنكسار cuna[arion و الدفنار وفي تحليل الكهنة في صلاة نصف الليل وفي صلاة رفع بخور عشية وباكر وفي القداس، وتحتفظ الكنيسة برفات الشهداء وتضع أيقوناتهم وتحتفل بتذكار استشهادهم سنويًا. نيافة المتنيح الحبر الجليل الأنبا يوأنس أسقف الغربية
المزيد
08 سبتمبر 2019

الاستشهاد في المسيحية

المسيحية هي المحبة الباذلة، والصليب هو علامة المسيحية، وفي شخص السيد المسيح التقي الحب بالألم، وتغير مفهوم الألم وأصبح شركة حب مع الرب المتألم، وأرتفع إلي مستوي الهبة الروحية، والموت أصبح كأسا لذيذا يرتشفها المؤمن سعيدا راضيا بل يسعى إليها عن حب ويتعجلها، وليس في هذا عجب فقد تحول الموت من شيء مرعب إلي جسر ذهبي ومعبر يعبر بنا من حياة قصيرة وغربة مؤقتة وثوبا باليا إلي سعادة أبدية دائمة وثوبا لا يفني ولا يتدنس ولا يضمحل وأرتبط الاضطهاد بالمسيحية وهو يسير معها جنبا إلي جنب، وأحيانًا يصل إلي النهاية وهو ما نقول عنه الاستشهاد، وأول اضطهاد تعرضت له المسيحية كان من اليهودية إذ ولدت المسيحية في وسط المجتمع اليهودي، ورفض اليهود السيد المسيح وصلبوه، واضطهدوا أتباعه بالقتل والتعذيب أو بالوشاية وإثارة الجماهير أو بالمقاومة الفكرية بعدها دخلت المسيحية الناشئة في صراع طويل مع الوثنية متمثلة في الإمبراطورية الرومانية بما لها من سلطة الدولة وقوة السلاح وقد وصل هذا الصراع إلي حد الإبادة أي الاستشهاد، وكان الصراع غير متكافئًا إذ لم يكن للإيمان الجديد ما يسنده من قوة زمنية أو سلاح اللهم إلا ترس الإيمان ودرع البر وخوذة الخلاص وسيف الروح (رسالة بولس الرسول إلى أهل أفسس 6)، وأستمر الصراع حتى أوائل القرن الرابع حين قبلت الإمبراطورية الرومانية الإيمان بالمسيح وسقطت الوثنية لقد بدأ اضطهاد المسيحية في روما علي يد نيرون في القرن الأول المسيحي وانتهي علي بعد ميل واحد من روما علي يد قسطنطين في القرن الرابع وكان القصد منه إبادة المسيحية ولكن علي العكس كان سببا في تنقيتها وإظهار فضائلها وبطولات شهدائها الأمر الذي أدي انتشارها ودخول الوثنيين في الإيمان المسيحي، وكما عبر عن ذلك العلامة ترتليانوس "دماء الشهداء بذار الكنيسة". لماذا اضطهدت الدولة الرومانية المسيحية • جاء الإيمان بالمسيح يحمل مفاهيم جديدة غير التي كان يألفها الناس في القديم: في الوثنية كانت العبادة عبارة عن ترديد لصيغة عزيمة سحرية وبعض التعاويذ وتقديم المأكل والمشرب للآلهة والتعاليم غامضة والشعائر والصلوات سرا، عكس ما وجد الناس في المسيحية تعليمًا مفهومًا وموضوع عظيم للإيمان وديانة تستقر في داخل الإنسان وفكره وروحه والعبادة فيها ترجمة عملية للإيمان وحل الحب محل الخوف.ولم يعد هناك غرباء أو أجانب بالنسبة لإله المسيحيين، ولم يعد الأجنبي يدنس الهيكل أو القربان لمجرد حضوره، ولم يعد الكهنوت وراثيا لأن الديانة ليست ملكًا موروثًا بل علي العكس أصبح هناك تعليم ديني مفتوح يعرض علي الجميع وكانت المسيحية تبحث عن أقل الناس اعتبارًا لتضمهم ولم تعلم المسيحية أتباعها بغض الأعداء أو الأجنبي بل علي العكس التعاطف والمودة. • جاءت المسيحية كديانة عالمية: كل العبادات الوثنية كانت محلية، ولكل إقليم معبود خاص به وحتى اليهودية كانت ديانة مغلقة تخص شعب واحد ولكن المسيحية ظهرت للعالم أجمع حسب قول السيد المسيح "اذهبوا إلى العالم اجمع واكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها" (إنجيل مرقس 16: 15). • ونادت المسيحية أنها الديانة الوحيدة الحق: وانجذب إلي الإيمان بها من كل جنس وشعب وطبقة وسن من اليونان والرومان أكثر من الذين جذبتهم اليهودية، ورفضت أن تتحالف مع الوثنية. • وعلمت بفصل الدين عن الدولة: في القديم كان الدين والدولة شيئًا واحدًا، وكل الشعب يعبد إلهه وكان كل إله يحكم شعبه، وكانت الدولة تتدخل في نطاق الضمير وتعاقب من يخرج الشعائر والعبادة وأما المسيحية فقد جاءت تفصل الدين عن الدولة حسب قول السيد المسيح " أعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله " (إنجيل متى 22: 21). • الحماس الشديد للروحانية بدلا من النشاط الاجتماعي: رفض المسيحيون الاشتراك في الاحتفالات الوثنية والعبادة العامة وكان هذا يعبر عن عدم تحمسهم للسياسة والعزوف عن الشئون المدنية والزمنية بالمقارنة بالأمور الروحية والأبدية والتصاقهم الشديد ببعض في اجتماعات مغلقة كل هذا أثار حولهم الشبهات وعداوة الحاكم والشعب. وفي الواقع أنه في ظل المسيحية تغيرت إحساسات الناس وأخلاقياتهم ولم يعد الواجب الاسمي أن يعطي الإنسان وقته وحياته وقواه للدولة في السياسة والحرب فلقد شعر الإنسان أن عليه التزامات أخري من نحو خلاص نفسه ومن نحو الله. حلقات الاضطهاد العشر منذ القرن الخامس الميلادي تعود المؤرخون علي تقدير الاضطهادات التي خاضتها الدولة الرومانية ضد الكنيسة المسيحية بعشرة اضطهادات كبيرة تحت حكم عشرة أباطرة هم علي الترتيب: نيرون – دومتيانوس – تراجان – مرقس أوريليوس – سبتيموس ساويرس – مكسيمينوس – ديسيوس – فالريان – أوريليان – دقلديانوس ولكن هذا التقسيم عرفي اصطلح عليه ولا يعني أن الاضطهادات حدثت عشر مرات فقط، لأن أكثر الفترات هدوءا كانت فيها شهداء ولقد حاول البعض أن يربط بين الضربات العشر في مصر وهذه الاضطهادات باعتبارها رمزًا لها، كذلك يربطون بين العشرة قرون التي للوحش الوارد ذكرها في سفر الرؤيا الذي صنع حربًا مع الخروف علي أهنا هذه الحلقات العشر من الاضطهاد. نيرون وحريق روما كان الاضطهاد الذي أثاره نيرون هو أول الاضطهادات التي كرستها الإمبراطورية الرومانية، وأرتبط باستشهاد عمودين عظيمين في الكنيسة هما الرسولان بطرس و بولس، وقد ابتدأ في السنة العاشرة من حكم هذا الطاغية بأمره وتحريضه عام 64م حين أتهم نيرون المسيحيون الأبرياء بحرق روما وكانت كارثة مدمرة لم ينجو من هذا الحريق سوي أربعة أقسام من الأربعة عشر قسما التي كانت تنقسم إليها المدينة العظيمة والتهمت السنة النار أعرق الآثار والمباني ولم ينجو منها الناس والبهائم وتحولت المدينة العظيمة إلي جبانة تضم مليون من النائحين علي خسارات لا تعوض، وحتى يبعد الشبهة عن نفسه الصق نيرون التهمة بالمسيحيين المنبوذين، وسرعان ما بدء في سفك الدماء وأستخدم أبشع الوسائل في سبيل ذلك، صلب البعض إمعانا في السخرية بالعقوبة التي تحملها السيد المسيح، وألقي البعض للحيوانات المفترسة في مسارح الألعاب الرياضية، وبلغت المأساة قمتها عندما أشعل النار في المسيحيين بعد دهنهم بالقار وسمرهم في أعمدة الصنوبر يضيئون كالمشاعل لتسلية الجماهير في الحدائق الإمبراطورية بينما نيرون في عربته الخاصة يلهو. اضطهاد دقلديانوس وأعوانه كل الاضطهادات التي شنتها الدولة الرومانية علي المسيحيين ابتداء من نيرون تتضاءل أمام شد وعنف ووحشية الاضطهادات التي بدأها دقلديانوس وأكملها أعوانه، ولهذا السبب اتخذت الكنيسة القبطية بداية حكمه وهي سنة 284 م. بداية لتقويمها المعروف باسم تاريخ الشهداء في عام 303 م. أصدر منشورا بهدم الكنائس وحرق الكتب المقدسة وطرد كل أصحاب المناصب العالية وحرمانهم من حقوقهم المدنية وحرمان العبيد إذا أصروا علي الاعتراف بالمسيحية، وإذ علق المنشور علي حائط القصر لم يخل المجال من شاب مسيحي شجاع غيور مزق المنشور مظهرا استياءه وسرعان ما سرت موجة الاضطهاد في ربوع الإمبراطورية وازداد الاضطهاد عنفًا ووحشية بسبب اندلاع الحريق مرتين في قصر الإمبراطور في خلال أسبوع ربما أفتعل الحريق أحد معاونيه لكي يثيره ضد المسيحيين أصدر في مارس عام 303 م. منشورين متلاحقين بسجن رؤساء الكنائس وتعذيبهم بقصد إجبارهم علي ترك الإيمان وفي 30 ابريل من نفس العام أصدر مكسيميانوس هرموليوس منشورا وهو أسوأها ويقضي بإرغام جميع المسيحيين في المدن والقرى في أنحاء الإمبراطورية بالتبخير والتضحية للآلهة وأخيرا وفي محاولة يائسة لمحو المسيحية وبعث الوثنية أصدر مكسيميانوس دازا منشورا في خريف عام 308 يقضي بسرعة إعادة بناء مذابح الأوثان وأن يقدم الجميع الرجال والنساء والأطفال الذبائح مع الالتزام بتذوق التقدمات وأن يقف الحراس أمام الحمامات ليدنسوا بالذبائح كل من يدخل للاغتسال، وقد استمر العمل بهذا لمدة سنتين حتى أنه لم يكن أمام المسيحيين في ذلك الوقت إلا أن يموتوا شهداء أو يموتوا جوعا أو يجحدوا الإيمان وفي سنة 311م أمر مكسيميانوس دازا بإقامة الهياكل في كل مدينة وعين كهنة للأصنام ومنحهم الامتيازات. قسطنطين ومراسم التسامح الديني تعتبر اضطهادات دقلديانوس وأعوانه آخر مقاومة يائسة للوثنية الرومانية ضد المسيحية، وعلي الجانب الآخر تجلت بطولات المسيحيين وثباتهم أمام وحشية الوثنية وشراستها حتى بدت الوثنية في حالة إعياء. أعتزل دقلديانوس الحكم في عام 305 م. بعد أن انتهي إلي نهاية سيئة تربي قسطنطين في بلاط دقلديانوس وهرب إلي بريطانيا وهناك نودي به إمبراطورا علي غاليا وأسبانيا وبريطانيا في عام 306م خلفا لوالده. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). عبر جبال الألب وانتصر علي منافسه مكسنتيوس بن مكسيميانوس شريك دقلديانوس في حكم الغرب عند قنطرة ملفيا علي بعد ميل واحد من روما، وباد هذا الطاغية هو وجيشه في مياه نهر التيبر في أكتوبر عام 312 م وفي مارس 313 م. التقي قسطنطين مع ليكينيوس إمبراطور الشرق في ميلان ومن هناك أصدرا مرسوم للتسامح مع المسيحيين يعرف باسم مرسوم ميلان بموجبه أعطيت الحرية الدينية للمسيحيين ولغيرهم أن يتبعوا الدين الذي يرغبونه وإذ خرج ليكينوس علي قسطنطين وجدد اضطهاد المسيحيين لفترة قصيرة في الشرق هزمه قسطنطين عام 323 م. وأصبح إمبراطور الشرق والغرب وهكذا يعتبر قسطنطين آخر الأباطرة الوثنيين وأول المسيحيين، وبعدها بدأت فترة جديدة في حياة الكنيسة والمسيحيين. نيافة المتنيح الحبر الجليل الأنبا يوأنس أسقف الغربية
المزيد
05 يوليو 2022

صلوات بولس الرسول من أجل الكنيسة والآخرين

إن كان ما تقدم يعبر عن إيمان بولس بالصلاة قوتها وفاعليتـها بصفة عامة من أجل إيمانه بالصلاة . فإنه وجد نفسه أيضاً مسوقـاً للصلاة من أجل الآخرين كما يقول يعقوب الرسول صلوا بعضكـم لأجل بعض لكي تشفوا طلبة البار تقتدر كثيراً في فعلـها " ( يـع ٥ : ١٦ ) . فمعلمنا بولس الرسول في إيمانه بفاعلية الصلاة ومحبته للناس نجده يقول في فاتحة رسالته إلى أهل روميـة الله الـذي أعبـده بروحي في إنجيل إبنه شاهداً كيف بلا انقطاع أذكركـم متضرعـاً دائماً بصلواتی عسى الآن أن يتيسر لي مرة بمشيئة الله أن أتـى إليكم " ( رو ۱ : ۹ ، ۱۰ ) . وفي رسالته لأهل أفسس يقول " لذلـك أنـا أيضاً إذ قد سمعت بإيمانكم بالرب يسوع ومحبتكــم نـحـو جميـع القديسين لا أزال شاكراً لأجلكم ذاكراً إياكم فـى صلواتـي ( أف ١ :١٥-١٦) ويكتب إلى أهل كولوسي مما يدل على أن هذا منهج سار فيـه هذا الرسول يسلم عليكم أبفراس الذي هو منكم عبد للمسيح مجاهداً كل حين لأجلكم بالصلوات لكي تثبتوا كاملين وممتلئيـن فـي كـل مشيئة الله ( كو ٤ : ١٢ ) . ونحن ككنيسة أرثوذكسية نؤمن بشــفاعة القديسين وأن الله إله أحياء " الرب إله ابراهيم وإله اسـحق ، وإلـه يعقوب وليس هو إله أموات بل إنه أحياء لأن الجميع عنده أحيـاء ( لو ۲۰ : ۳۷ ، ۳۸ ) . لهذا فنحن نقول الذكصولوجيات ونقيم التمـاجيد ونتبارك بأجساد القديسين وبجسد معلمنا بولس الرسول هذا . فـهى لیست عظام أموات . الله ليس إله أموات بل إله أحياء . وفي موضع آخر من رسالته لأهل تســـــــالونيكي نجـد بولـس الرسول يكتب لأولاده " نشكر الله كل حين من جهة جميعكم ذاكريـن إياكم في صلواتنا " ( اتس ۱ : ۲ ) . وفي رسالته لفليمون " اشكر إلـهى كل حين ذاكراً إياك في صلواتي " ( فل 4 ) . وفيما يتكلم عن المجئ الثاني المملـوء مجـداً يكتـب لأهـل تسالونيكي " الأمر الذي لأجله نصلي أيضاً كل حين من جـهتكم أن يؤهلكم إلهنا للدعوة ويكمل كل مسرة الصلاح وعمل الإيمان بقـوة لكي يتمجد إسم ربنا يسوع المسيح فيكم وأنتم فيه ( تـس ۱ : ۱۱ ، ۱۲ ) ويكتب لأهل فيلبي " اشكر إلهى عند كل ذكرى إياكم دائماً فـي كل أدعيتي مقدماً الطلبة لأجل جميعكم بفرح " ( فی ۱ : 3 ، 4 ) . لـهذا فلا عجب إن سمعناه يقول " من يضعف وأنا لا أضعف مـن يعـثر وأنا لا ألتهب ( ٢ كو ۱۱ : ۲۹ ) كانت الدنيا كلها فـي داخـل قلبـه وكانت بصيرته ممتدة إلى كل العالم . هذا هو رجل الصلاة. فاعلية صلوات الآخرين وإظهار إحتياجه لها إذا كان معلمنا بولس الرسول يقول للمؤمنين إنه يذكرهم دائماً فإننا نجده في إتضاعه يطلب منهم الصلاة لأجله فيكتب إلى أهـل کولوسی " مصلين في ذلك لأجلنا نحن أيضاً ليفتح الـرب لنـا بـابـاً للكلام لنتكلم بسر المسيح الذي من أجله أنا موثق أيضاً . كي أظهره كما يجب أن أتكلم " ( كو 4 : 3 ، 4 ) ويكتب لأهل أفسس " مصلين بكـل صلاة وطلبة كل وقت في الروح وساهرين لهذا بعينه بكل مواظبـة وطلبة لأجل جميع القديسين ولأجلى لكي يعطى لي كلام عند إفتتاح فمي لأعلم جهارا بسر الإنجيل " ( أف 6 : ۱۸ ، ۱۹ ) فالله يفتـح الفـم لأنه هو الذي يضع الكلام . ويكتب إلى أهل رومية " فأطلب إليكـم أيها الأخوة بربنا يسوع المسيح وبمحبة الروح أن تجاهدوا معي في الصلوات من أجلى إلى الله لكي أنقذ من الذين هم غير مؤمنين فـي .اليهودية ، ولكي تكون خدمتي لأجل أورشليم مقبولة عند القديســين ( روه ۱ : ۳۰ ، ۳۱ ) والكنيسة تعلمنا أن الشعب يصلى لأجل جميع الخدام من أجـل الأب البطريرك والأساقفة والقمامصة والقسوس ، والشمامسة وكـل الخدام ، وكل الذين في البتولية . وطهارة كل شعبك المؤمـن إذكـر يارب أن ترحمنا كلنا معاً .. ويكتب معلمنا بولس الرسول إلى أهـل كورنثوس " وأنتم أيضاً مساعدون بالصلاة لأجلنا لكي يؤدى شــكر لأجلنا من أشخاص كثيرين على ما وهب لنـا بواسـطة كثيرين ( ۲ کو ۱ : ۱۱ ) . وأنا أشعر بروح هذا القديس العظيم يرشدنا فنحن لابد أن نشـعر أننا أعضاء بعضنا لبعض ، لابـد أن نشـعر بإحتياجـات بعـض ، مساعدون بالصلاة ويكتب معلمنا بولس للعبرانيين صلـوا لأجلنـا لكي أرد إليكم بأكثر سرعة " ( عـب ۱۳ : ۱۸ ، ۱۹ ) هـذا الرسـول العظيم الذي صعد إلى السماء الثالثة ورأى أموراً لا ينطق بـها ولا يسوغ لإنسان أن يتكلم بها ، يطلب إلى المؤمنين قائلاً صلوا لأجلنـا لأجل أن أرد إليكم سريعاً ، صلوا لأجلنا لكي يعطى لى حكمة عنـد إفتتاح فمي أيها الأخوة ماذا يمكن أن نقول عن الصلاة كزاويـة أو كوجـه من الأوجة الروحية المتعددة لذلك الرسول العظيم نختم قولنا برفع قلوبنا إلى الله ونقول لمعلمنا بولس الرسـول صلى لأجلنا واذكرنا أمام المسيح ، اذكر الكنيسة لكي يتحنن الـرب علينا ويخلصنا من شداندنا ويصنع معنا رحمة كعظيم رحمته لإلهنا كل المجد والكرامة من الآن وإلى الأبد آمين . نيافة مثلث الرحمات الانبا يؤانس اسقف الغربية عن كتاب القديس بولس الرسول الخادم الغيور
المزيد
27 سبتمبر 2022

كلمة الصليب في أسفار العهد الجديد

لم يرد لفظ الصليب في أسفار العهد القديم ، لكنه ورد بأكثر من معنى في كتاب العهد الجديد . فالكلمة التي تترجم حالياً « صليب » ، تفيد في اللغة اليونانية آلة تعذيب واعدام . ولكنها اكتسبت معنى خاصاً لارتباطها بموت المسيح. هناك كلمتان مستعملتان للتعبير عن آلة التعذيب التي نفذ بها حكم الموت على الرب يسوع : اكسيلون XYLON وتعنى خشبة أو شجرة ؛ استاوروس STAUROS وتعنى صلیب بمفهومه الحالي .الكلمة الأولى ( اكسيلون ) وردت في العهد الجديد عادة للتعبير عن الخشب كمادة . وهي الكلمة التي وردت في ( تثنية ٢١ : ٢٣ ) ، والتي اقتبسها بولس الرسول في ( غلاطية 3 : 13 ) « ملعون كل من علق على خشبة » . وعلى أية الحالات فإن كلمة « اکسيلين » في العهد الجديد يمكن أن تكون مرادفة لكلمة استاوروس ، التي استخدمت في الأناجيل في ذكر تنفيذ حكم الموت على السيد المسيح ، وفي رسائل بولس الرسول للتعبير عن آلام المسيح وموته : يقول بطرس الرسول « إله آبائنا أقام يسوع الذي أنتم قتلتموه معلقين إياه على خشبة » ( أعمال الرسل 5 : ٣٠ ) . وفى بيت كرنيليوس قال المائة ، قال بطرس للحاضرين عن المسيح « الذي أيضاً قتلوه معلقين إياه على خشبة » ( أعمال الرسل ۱۰ : ۳۹ ) ... وفي رسالته الأولى يقول « الذي حمل هو نفسه خطايانا في جسده على الخشبة ، لكي نموت عن الخطايا للبر » ( بطرس الأولى ٢ : ٢٤ ) ... و يقول بولس الرسول « المسيح اقتدانا من لعنة الناموس إذ صار لعنة لأجلنا ، لأنه مكتوب ملعون كل من علق على خشبة » ( غلاطية 3 : 13 ) . وقد وردت كلمة استاوروس ومشتقاتها مرتين في العهد الجديد . المرة الأولى في قصة آلام المسيح ( مرقس 15 : ١ - ٤٧ : متی ۲۷ : ۱ ، لوقا ۲۳ : ١ - ٥٦ ؛ يوحنا ۱۸ : ۲۸ ؛ ۱۹ : ٢٤ ؛ رؤيا 11 : ۸ ) . والمرة الثانية في رسائل بولس الرسول ، ووردت فيها سبع عشر مرة ( كلمة الصليب وردت 7 مرات ـ كلمة يصلب وردت ثمان مرات ـ كلمة يصلب مع وردت مرتين ) ... وإلى هذه يمكن أن يضاف ما جاء في ( عبرانيين 6 : 6 ؛ ١٢ : ٢ ) ؛ وما جاء في الثلاثة أناجيل الأولى عن حمل الصليب ( مرقس 8 : 34 ؛ متى 16 : ٢٤ ؛ لوقا ۹ : ۲۳ ؛ مرقس ۱۰ : ۳۸ ، لوقا 14 : ۲۷ ) ... قلنا إن كلمة « اكسيلون » اليونانية تعنى شجرة ، وهي في نفس الوقت مرادفة لكلمة « استاوروس » ... إن هذا يقودنا للتفكير في شجرة الحياة التي كانت في وسط الجنة ( تكوين ۲ : ۹ ) ... تلك التي بعد أن طرد الإنسان الأول من الجنة ، اقيم كاروبيم ولهيب سيف متقلب لحراسة الطريق إليها . وهي التي قال الله عنها « لعله ( الإنسان ) يمد يده و ي و يأخذ من شجرة الحياة أيضاً ويأكل ويحيا إلى الأبد » ( تكوين 3 : ٢٤ ، ۲۲ ) ... كان هذا في سفر التكوين ( سفر الخليقة ) . وتعود هذه الشجرة شجرة الحياة - للظهور ثانية في سفر الرؤيا « من يغلب فسأعطيه أن يأكل من شجرة الحياة التي في وسط فردوس الله » ( رؤيا ٢ : ٧ ) . ونقرأ عن أورشليم الجديدة في سفر الرؤيا ، انه على جانبي نهر الحياة فيها تنمو « شجرة حياة تصنع ثنتى عشرة ثمرة وتعطى كل شهر ثمرها . وورق الشجرة لشفاء الأمم » ( رؤيا ۲۲ : ۲ ) ... ونقرأ أن الأبرار وحدهم لهم سلطان على هذه الشجرة ( رؤيا ٢٢ : ١٤ ) . وهكذا نرى أن ما كان ممنوعاً ومحرماً على الإنسان الأول صار مباحاً للخليقة الجديدة ... إن شجرة الحياة ترمز للحياة ، وتقدم الحياة عكس ما يقدمه الصليب ( الخشبة ) ألا وهو الموت مثال الصليب في العهد القديم :- معلوم أن أسفار العهد القديم مليئة بالنبوات والرموز عن السيد المسيح . و واضح أن مهمة العهد القديم بأسفاره المقدسة وذبائحه وأنبيائه وبكل ما إسرائيل لقبول المسيا ... ومن بين فيه كانت هي تهيئة أذهان بنی هذه النبوات والرموز ما يختص بالصليب الذي مات فوقه الفادى ... من هذه الإشارات والرموز : ١- في حادث تقديم إبراهيم ابنه إسحق ذبيحة محرقة حسب أمر الله ، حمل إسحق حطب المحرقة ، وهو رمز للصليب الذي حمله ربنا يسوع المسيح وهو ذاهب ليصلب ... وفي الموضع الذي حدده السيد الرب بني إبراهيم مذبحاً وربط إسحق ابنه ووضعه فوق المذبح . وهذا رمز لما حدث مع المسيح حينما شمر على الصليب ( تكوين ٢٢ : ٦ ، ٩ ؛ يوحنا ١٧:١٩) . ٢- وعندما قدم يوسف ابنيه افرايم ومنسى لأ بيه يعقوب ليباركهما قبيل موته ، مد يديه مثال الصليب وباركهما على غير ما كان متوقعاً ( تكوين ٤٨) . ٣- وأثناء محاربة بني إسرائيل لشعب عماليق بعد خروجهم من مصر ، وقف موسى النبي أعلا التل باسطاً ذراعيه مثال الصليب . وفيما كان يفعل ذلك كان إسرائيل ينتصر ، وحينما كان يخفض ذراعيه بحكم الضرورة كان إسرائيل ينهزم . ولهذا جيء بحور وهارون ليسندا ذراعی موسى ليظلا مرفوعين . وبهذا انتصر إسرائيل . 4 ـ وعندما تذمر بنو إسرائيل في البرية ـ عقب خروجهم من مصر - على الله وعلى موسى ، ضربهم الله بالحيات المحرقة ، فلدغت الشعب ومات عدد كبير منهم . ولما صرخوا واعترفوا بخطئهم أمر الله موسى أن يصنع حية من نحاس شبه الحية المحرقة تماماً ، ويرفعها على راية . وكل من لدغ من الحية الحقيقية و ينظر إلى حية النحاس يبرأ ويحيا ( سفر العدد ٢١ : 5 ـ ۹ ) ... كانت الحية النحاسية مثالاً للمسيح ، بينما كانت الخشبة التي رفعت عليها عالياً رمزاً لخشبة الصليب . وإلى ذلك اشار السيد المسيح بقوله « كما رفع موسی الحية في البرية ، هكذا ينبغي أن يرفع ابن الإنسان ، لكي لا يهلك كل من يؤمن به ، بل تكون له الحياة الأبدية » ( يوحنا 3 : 14 ، 15 ). ه ـ كان خروف الفصح بعد ذبحه حسب الشريعة ، لا يؤكل نيئاً أو مطبوخاً بل مشوياً . وكان الخروف يشوى على سفودين ( سيخين ) متعامدين على هيئة صليب . 6 - وفي شريعة تطهير الأبرص بعد شفائه ، كان عليه أن يحضر قطعة من خشب الأرز . وتوضع في ماء حتى في إناء خزفى . ويحضر عصفورين . يذبح أحدهما و يصفى دمه على الماء الحي في الإناء الحرفي ، و يدفن في حفرة أمام الكاهن والأ برص الذي شفى . ثم يغمس جناح العصفور الثاني الحيّ و يطلق نحو البرية . إن هذه الخشبة مثال للصليب . والعصفور الذي ذبح رمز للمسيح الذبيح ، أما الآخر الذي غمس جناحه بالدم فيرمز إلى المسيح القائم من بين الأموات الذي ـ بدم نفسه ـ دخل مرة واحدة إلى الاقداس فوجد فداء أبدياً ( عبرانيين ۹ : ۱۲ ) . هذه المثالات والرموز كانت واضحة للمسيحيين منذ البدء . ولقد فهم آباء الكنيسة ومعلموها ما ترمز إليه هذه الرموز وعبروا عن ذلك بكل وضوح ... أ ـ يوستينوس الشهيد المدافع المسيحي الذي ولد في اواخر القرن الأول الميلادي واستشهد سنة 166 في حواره مع تريغو اليهودي في مدينة أفسس يقول : [ في العهد القديم مثالات متنوعة لخشبة الصليب التي بها ملك المسيح ... لقد رمز له ( الصليب ) بشجرة الحياة التي ذكر أنها غرست في الفردوس ... وأرسل موسى ومعه العصا ( الخشبية ) ليخلص الشعب . وبهذه العصا في يديه وهو على رأس الشعب ، شق البحر الأحمر . وبها تدفقت المياه من صخرة . وعندما القي بشجرة في مياة مارة المرة صارت عذبة ... و يعقوب تباهى بعصاه بأنه عبر بها الأردن ... وعصا هارون التي افرخت اعلنته كاهناً أعظم . وتنبأ إشعياء عن قضيب ينبت من جذع يسى ، وكان هذا هو المسيح . و يقول داود عن الإنسان البار انه كشجرة مغروسة على مجاري المياه ، تعطى ثمارها في اوانه وورقها لا يذبل . ومرة أخرى يقول عن الصديق انه كالنخلة يزهر . لقد ظهر الله لإبراهيم عند شجرة قرب بلوطات ممرا . وقد وجد الشعب سبعين نخلة واثني عشر .عين ماء بعد عبور البحر الأحمر . ويؤكد داود أن الله عزاه بعصا وعكاز ... ] . و يشير يوستينوس إلى أن بسط موسى لذراعيه في حرب بنی إسرائيل مع شعب عماليق إنما كان مثالاً للصليب . وكذلك مباركة يعقوب لابني يوسف ، والحية النحاسية التي رفعت في البرية ... [ ليس بدون قصد أن موسى النبي عندما عاونه حور وهارون ، ظل على هذا الوضع حتى المساء . فلقد ظل الرب على الخشبة تقريباً حتى الغروب ودفن بعدها ... وإشعياء أشار أيضاً إلى الطريقة التي مات بها الرب قائلاً : « بسطت يدي طول النهار إلى شعب متمرد سائر في طريق غير صالح » ( إشعياء 65 : ٢ ؛ رومية 10 : ٢١ ) . ب ـ وغريغوريوس أسقف نيصص في كتابه « حياة موسى » يقول : عندما بسط موسى يديه من أجل المصريين هلكت الضفادع في الحال . وهذا ما يمكن مشاهدته يحدث الآن . لأن أولئك الذين يرون الأيدى الممتدة لمعطى الناموس ( موسى ) ، وفى يديه المبسوطتين ، ذاك الذي مد يديه على الصليب ... ] . ا وراءه ملذات و يقول في كلامه عن الماء المر في البرية [ لأن الشخص الذي خلف مصر ... تبدو له الحياة الخالية من هذه الملذات صعبة وغير مقبولة في أول الأمر . لكن إذا القيت الخشبة في الماء ـ بمعنى أنه إذا اقتبل الإنسان سر القيامة التي تبدأ بالخشبة ( ولا شك أنك تدرك الصليب عندما تسمع الخشبة ) ، حينئذ تصبح الحياة الفاضلة أحلى وأعذب مذاقاً من كل الحلاوة التي تداعب الحواس باللذة ] . و يقول عن محاربة بني إسرائيل لعماليق ورفع موسى ليديه [ لأن سر الصليب في الحقيقة لأولئك الذين يستطيعون الرؤيا ، يمكن ادراكه بالتأمل ... لقد امتدت يدا موسى معطى الناموس فكانت سبباً للنصر ورمزاً مسبقاً لسر الصليب ] . وعن الحية النحاسية يقول القديس غريغوريوس [ العمل الأساسي للإيمان في السر ، هو أن ننظر إلى ذاك الذي تألم لأجلنا . الصليب هو الألم . حتى أن من ينظر إليه كما يقول النص لا يؤذيه سم الشهوة . أن تنظر إلى الصليب ، يعني أنك تميت حياتك كلها وتصلبها للعالم ] . نيافة مثلث الرحمات الانبا يؤانس أسقف الغربية عن كتاب المسيحية والصليب
المزيد
28 يونيو 2022

صلاة بولس الرسول في كل مكان

يعتمد الرسول بولس في كلامه على خبرته الشخصية ولذا نـراه يصلي في كل مكان . ففي مدينة صور بينما كـان المؤمنـون مـع النساء والأولاد جثا على ركبتيه على الشـائ وصلـى معـهم ( أع ٢١ : 5 ) . ونجده يصلي في السجن كما يدون سفر الأعمال فـى مدينة فيلبي " ونحو نصف الليل كان بولس وسيلا يصليان ويسبحان الله والمسجونون يسمعونهما . فحدث بغتة زلزلة عظيمـة حـتـى تزعزعت أساسات السجن فانفتحت في الحال الأبواب كلها وإنفكـت قيود الجميع " ( أع ١٦ : ٢٥ ، ٢٦ ) . في كل موضع نجد معلمنا بولس يوصى بالصلاة كل حيـن أوفي كل مكان أيضاً . إنسان الصلاة يؤمن بالصلاة وإنها هي الحبل الذهبي الذي يربطه بالسماء . فهو يصلى علـى شـاطئ النـهر ، ويصلي في قلب السجن ، ولدينا مثل آخر عن صلاته في السجن ، فحينما كان معلمنا بولس سجين لمدة سنتين في قيصرية بفلسـطين حين وقف للمحاكمة أمام الملك اليهودي أغريباس وشـرح قضيتـه قال أغريباس له " بقليل تقنعني أن أصير مسيحياً فقال له بولس كنـت أصلي إلى الله أنه بقليل وبكثير ليس أنا فقط بل أيضاً جميع الذين يسمعونني اليوم يصيرون هكذا كما أنا ما خلا هذه القيود " ( أع ٢٧ : ۲۸ ، ۲۹ ) . هذا يكشف لنا عن القلب الكبير لم ينشـغـل وهـو فـي السجن بخروجه رغم صعوبة السجون تلك الأيام والتي كـانـت قـد تؤدي لموت البعض من الرائحة الكريهة حيث لا يوجد متنفس . لكن معلمنا بولس الرسول كان شغله الشاغل أن يعرف الجميع المسـيح لأنه اختبر الحرمان من المسيح فترة طويلة . كانت تظهر له كأنـها دهر من الزمان لذا كان يشفق على كل أحد ويــود أن يقـدم لـه المسيح . لهذا ففي إحدى المرات يقول : " أود أن أكون أنـا نفسـى محروماً من المسيح من أجل إخوتي أنسبائی حسب الجسـد ( رو 9 : ۳ ) . وفي حديث معلمنا بولس مع أغريباس يقول كنت أصلي إلـى الله . لأن الله هو الذي يعطي الكلام ، هو الذي يضع الكلام في الفـم افتح شفتي فيخبر فمي بتسبيحك " ( مز 51 : 15 ) . الفارق بيننا وبيـن القديسين هو أنهم يقولون لربنا " افتح شفتي " أما نحن فنفتح شــــفاهنا ولا نعطى الفرصة لله أن يفتح شفاهنا وأن يملأ فمنا بكلام النعمـة الذي يريد الله أن يقدمه للناس. نيافة مثلث الرحمات الانبا يؤانس اسقف الغربية عن كتاب القديس بولس الرسول الخادم الغيور
المزيد
14 يونيو 2022

بولس الرسول رجل الصلاة

قبل أن أتكلم عن بولس رجل الصلاة أود أن أقول إن الإنسان الذي يطلق عليه رجل الصلاة لابد وأن يتوفر فيه ثلاثة فضائل على الأقل : الإيمان - والمحبة الله والناس - والإتضاع . فما لم يتوفر لديه الإيمان ، فلمن يصلي ؟ وفي نفس الوقت تكـون صلاته ضعيفة . فإن كان الإيمان هو الثقة بما لا يرى فكيف ينال ما يصلي لأجله . ولابد وأن يتوفر فيه المحبة بشقيها الله وللناس . فالصلاة الحقيقيـة هي خلجات قلب إمتلأ بمحبة الله يناجيه دائماً ، وإمتلأ بمحبة الآخرين ، ولذا فهو يصلى من أجلهم . ولابد وأن يتوفر فيه الإتضاع والإنسحاق وهمـا مـن دعـائم الصلاة المستجابة . والسيد المسيح له المجد فـي مثـل الفريسـى . والعشار أشار إلى ذلك وقال إن العشار بإنسحاقه رجع إلـى بيتـه مبرراً دون الفريسي الذي أخذ يعدد فضائله " اقـول لـكـم إن هـذا ( العشار ) نزل إلى بيته مبرراً دون ذاك . لأن كل من يرفع نفسـه يتضع ، ومن يضع نفسه يرتفع " ( لو ١٨ : ١٤ ) ولابد لنا أن نعطى لمحات عن هذه النواحي الثلاثة في شخصية هذا الرسول العظيم قبل أن نتكلم عنه كرجل الصلاة ١- بولس رسول الإيمان من الألقاب التي يلقب بها القديس بولس الرسول " رسول الإيمان " فهو الذي ملأ الدنيا كرازة وتبشيراً داعياً الخليقة كلها للإيمان بالرب يسوع .. قال لسجان فیلبی " آمن بالرب يسوع فتخلص أنت وأهـل بيتك " ( أع 16 : 31 ) .. " لأنك إن اعترفت بفمك بالرب يسوع وأمنـت بقلبك أن الله أقامه من الأموات خلصت . لأن القلب يؤمن به للـبر والفم يعترف به للخلاص . لأن الكتاب يقول كل من يؤمن بـه لا يخزى .. لأن كل من يدعو باسم الرب يخلـص ( رو ۱۰ : ۹- ۱۳ ) . وحينما كان قاب قوسين أو أدنى من الموت نجده يقول " فلا تخجـل بشهادة ربنا ولا بي أنا أسيره بل إشترك في احتمال المشقات لأجـل الإنجيل بحسب قوة الله الذي خلصنـا ودعانـا دعـوة مقدسـة لا . مخلصنا بمقتضى أعمالنا بل بمقتضى القصد والنعمة التي أعطيت لنـا فـي المسيح يسوع قبل الأزمنة الأزلية . وإنمـا أظـهرت الآن بظـهور يسوع المسيح الذي أبطل الموت وأنـار الحيـاة والخلـود بواسطة الإنجيل . الذي جعلت أنا له كارزاً ورسولاً ومعلماً للأمم . لهذا السبب أحتمل هذه الأمور أيضاً لكنني لست أخجل لأننى عـالم بمن آمنت وموقن إنه قادر أن يحفظ وديعتي إلـى ذلـك اليـوم ( ۲ تی ۱ : ۸- ۱۲ ) ٢- بولس رجل المحبة أما عن محبته الله فقد أظهرها في رسالته إلى أهل رومية " مـن سيفصلنا عن محبة المسيح أشدة أم ضيق أم اضطهاد أم جـوع أم عرى أم خطر أم سيف . كما هو مكتوب إننا من أجلك نمـات كـل النهار . قد حسبنا مثل غنم للذبح . ولكننا في هذه جميعـها يعظـم إنتصارنا بالذي أحبنا . فإني متيقن إنه لا موت ولا حياة ولا ملائكـة ولا رؤساء ولا قوات ولا أمور حاضرة ولا مستقبلة ولا علـو ولا عمق ولا خليقة أخرى تقدر أن تفصلنا عن محبـة الله التـي فـي المسيح يسوع ربنا " ( رو 8 : 35- 39 ) . وفي موضع آخـر يقـول " لأن محبة المسيح تحصرنا " ( ٢ کوه : ١٤ ). أما عن محبته للناس فلعله قد أوضحها بأبلغ الكلمات حينما كتب إصحاحاً بأكمله هو الثالث عشر من رسـالته الأولـى إلـى أهـل كورنثوس التي يتكلم فيها عن المحبة الأخوية ، محبة الناس بعضـهم لبعض والذي يستفتحه بعبارة " إن كنـت أتكلـم بألسـنة النـاس والملائكة ولكن ليس لي محبة فقد صرت نحاساً يطن أو صنجـاً يرن " ( اکو ۱۳ : ۱ ) . ٣- بولس رجل الإتضاع أما عن إتضاعه وإنسحاقه فيكتب إلى أهل كورنثـ وس نحـن جهال من أجل المسيح وأما أنتم فحكماء في المسيح . نحن ضعفـاء وأما أنتم فأقوياء أنتم مكرمون وأما نحن فبـلا كرامـة .. نشـتم فنبارك نضطهد فنحتمل . يفترى علينا فنعظ . صرنا كأقذار العــالم ووسخ كل شئ إلى الآن ( اکو ٤ : ۱۰- ۱۳ ) . وفي حديثه الوداعي لكهنة كنيسة أفسس قال لهم " أنتم تعلمـون من أول يوم دخلت آسيا كيف كنت معكم كل الزمان أخدم الرب بكل تواضع ودموع كثيرة وبتجارب أصابتني بمكايد اليــهود " ( أع ٢٠ : ١٨- ١٩). نيافة مثلث الرحمات الانبا يؤانس اسقف الغربية عن كتاب القديس بولس الرسول الخادم الغيور
المزيد
28 سبتمبر 2022

لماذا اختار المسيح أن يموت مصلوباً ؟

هناك تساؤلان : الأول ـ لماذا لم يختر المسيح طريقة مجيدة لموته بدلاً من ميتة العار بالصليب ؟ . الثاني لماذا اختار المسيح أن يموت مصلوباً ؟ وعن هذين التساؤلين يجيب القديس أثناسيوس الرسولي بطريرك الاسكندرية اللاهوتي في كتابه تجسد الكلمة ... يقول رداً على التساؤل الأول ... [ لو فعل ( المسيح ) هذا لأعطى فرصة للتشكك في شخصه بأنه لم يكن يقوى على كل موت ، بل على الموت الذي اختاره لنفسه فقط ، ولوجدت هنالك في نفس الوقت علة لعدم الإيمان بالقيامة أيضاً . لهذا أتى الموت إلى جسده ـ ليس باختياره هوـ بل بمشورة أعدائه . حتى إذا ما أتوه بأى شكل من الموت استطاع أن يبيده كلية . وكما أن المصارع النبيل ، مهما كان مقتدراً في الذكاء والشجاعة لا يختار خصومه الذين يبارزهم ، لئلا يشك في أنه أشخاصاً معينين منهم بل يترك الاختيار للمشاهدين ، يرهب سيما إذا اتفق بأن يكونوا أعداءه ... كذلك كان الحال أيضاً مع ربنا ومخلصنا يسوع المسيح حياة الجميع . فإنه لم يختر لجسده موتاً معيناً ، لئلا يظن بأنه خشى شكلاً آخر من الموت ، ولكنه قبل موت الصليب واحتمل الموت الذي أوقعه عليه الآخرون سيما أعداؤه ، والذي ظنوه مرعباً ومحتقراً ولا يمكن التغلب عليه ، حتى إذا ما أباد ذلك الموت أيضاً ، آمن الجميع بأنه هو الحياة ، وابيد سلطان الموت نهائياً ... ولم يمت موت يوحنا بقطع رأسه وفصلها عن جسده ، ولا مات موت إشعياء بنشر جسده وشطره نصفين ، وذلك لكي يحفظ جسده سليماً غير مجزأ حتى في موته ] . ويلخص أثناسيوس رده على التساؤل الثاني في ثلاث نقاط : كان أن يحمل عنا اللعنة ـ بسط يديه على الصليب لكي يوحد العالم كله يهوداً وأمماً في شخصه . الانتصار على الشيطان رئيس سلطان يجب الهواء ... يقول أثناسيوس [ لأنه إن كان قد أتى ليحمل عنا اللعنة الموضوعة علينا فكيف كان ممكناً أن يصير لعنةما لم يمت موت اللعنة الذي هو الصليب ، لأن هذا هو المكتوب تماماً « ملعون كل من علق على خشبة » ( تثنية ٢١ :۲۳ ؛ غل ۳ : ۱۳ ) . وأيضاً إن كان موت الرب قد صار كفارة عن الجميع ، وبموته نقض حائط السياج المتوسط ( أفسس ٢ : ١٤ ) ، وصارت الدعوة لجميع الأمم ، فكيف كان ممكناً أن يدعونا إليه لو لم يصلب ؟ لأنه لا يمكن أن يموت إنسان وهو باسط ذراعيه إلا على الصليب . لهذا لاق بالرب أن يحتمل هذا الموت و يبسط يديه ، حتى باليد الواحدة يجتذب الشعب القديم ، وبالأخرى يجتذب الذين هم من الأمم ، ويتحد الاثنان في شخصه . هذا هو ما قاله بنفسه مشيراً إلى آية ميتة كان مزمعاً أن يفدى بها الجميع « وأنا ان ارتفعت عن الأرض اجذب إلى الجميع » ( يوحنا ١٢ : ، ثم يعلق أثناسيوس على كلمات الرسول « حسب رئيس سلطان الهواء الروح الذي يعمل الآن في أبناء المعصية » ( أفسس ٢ : ٢ ) .فيقول إن الرب جاء ليطرح الشيطان إلى أسفل ويطهر الجو ، و يهيء لنا الطريق المرتفع إلى السماء .وهذا يستلزم أن يكون بالموت « الذي يتم في الهواء ـأعنى بالصليب .لأن من مات على الصليب هو وحده الذي يموت معلقاً في الهواء ] . الأسانيد التاريخية غير الكتابية على صلب المسيح : هل المسيح مات حقاً على الصليب ؟ . هذا هو السؤال الذي نود أن نناقشه القول بعدم موت المسيح على الصليب ليس رأياً حديثاً . فمنذ وقت مبكر من تاريخ المسيحية قام من يقول بهذا الرأى ... كان الغنوسيون هم أول من نادي بهذه الأفكار الخاطئة . أما الدافع الذي دفع هؤلاء الغنوسيين إلى ذلك فكانت مبادءهم وآراءهم ... وتسمية الغنوسيين من الكلمة اليونانية غنوسيس أي معرفة ، ومن ثم يمكن تسميتهم بالعارفين أو الأدريين ... مستمدة والغنوسية هي نتاج عناصر مختلفة التقت ببعضها كاليهودية والمسيحية والفلسفة اليونانية والثنائية الفارسية والمبادىء والآراء الصوفية الشرقية ... والغنوسية سابقة للمسيحية ، فقد كانت هناك غنوسية يهودية قبل المسيحية . وعلى الرغم من أن الغنوسية المسيحية لها أصولها الوثنية واليهودية ، فقد اعتبرت هرطقة مسيحية ، لأنهم استعادوا بعض الفاظ مسيحية ... والغنوسية ليست مذهباً واحداً ، بل مذاهب متعددة ... من أهم مبادىء الغنوسية القول بثنائية بين والمادة . لقد اعتبروا المادة شرأ وبالتالى الجسد المادي .. الغنوسية بالمعرفة بدلاً من الإيمان . ويصر الغنوسيون على أن المعرفة ـ وليس الإيمان ـ هي السبيل إلى الخلاص . واقتناء المعرفة حسب رأيهم لا تكون بالبحث والدراسة بل بالإشراق . والاشراق هو الاتجاه إلى الله بكل ما في النفس من قوى التخيل والتصور ... الله نادت ولأن الغنوسيين نظروا إلى المادة على أنها شر ، وبالتالى الجسد ، فقد انكروا مجيء المسيح في جسد مادى ، وبالتالى موته على الصليب . إذ كيف يتحد الله القدوس مع الجسد المادى وهو شر حسب زعمهم . إلى هؤلاء الغنوسيين الهراطقة أشار يوحنا الرسول وحذر منهم المؤمنين . بقوله « لا تصدقوا كل روح ، بل امتحنوا الأرواح هل هي من الله . لأن أنبياء كذبة كثيرين قد خرجوا إلى العالم . بهذا تعرفون روح الله . بيسوع المسيح أنه قد جاء في الجسد فهو من الله . وكل روح لا يعترف بيسوع المسيح أنه قد جاء في الجسد فليس من كل روح يعترف الذي الله . وهذا هو روح سمعتم انه يأني والآن هو في ضد المسيح العالم » ( رسالة يوحنا الأولى 4 : ١- ٣ ) ... كما يقول أيضاً « من هو الكذاب إلا الذي ينكر أن يسوع هو المسيح . هذا هو ضد المسيح ، الذي ينكر الآب والابن . كل من ينكر الابن ليس له الآب أيضاً . ومن يعترف بالابن فله الآب أيضاً » ( رسالة يوحنا الأولى ٢ : ۲۲ ، ليس هدفنا هنا اثبات صلب المسيح وموته من الأسفار المقدسة ، بل من التاريخ العام . يقول العالم اللاهوتي الألماني هانز رودی و بر Hans - Ruedi Weber في كتابه « الصليب » ... [ لقد صلب يسوع الناصرى زمن بيلاطس البنطى . هذه حقيقة لا يمكن أن يشك فيها أحد ، إلا إذا تجاهل عن عمد كل الروايات الكتابية وغير الكتابية التي وصلت إلينا ] ... ونعرض الآن لبعض هذه المصادر : 1 ـ ولعل أهم المصادر غير الكتابية عن الصلب هو ما كتبه المؤرخ الرومانی تاسیتوس Tacitus ( ٥٦ - ١٢٠ م ) في حولياته Annals عن حريق روما على عهد نيرون والمتسببين في هذا الحريق ... إنه يشير إلى المسيحيين الذين نكل بهم نيرون ، و يشرح من أين أخذوا اسمهم [ الاسم مشتق من كرستوس CHRISTUS ، الذي في حكم تيبريوس حكم عليه بالموت بواسطة الحاكم بيلاطس البنطى . ولفترة قصيرة حظر تعليمه الخرافي الضار . ولكن سرعان ما ظهر ثانية ـ ليس في اليهودية وحدها حيث ظهر ، بل في روما حيث كل ما يدعو إلى الاشمئزاز والخوف والخرى ، يتجمع من كل مكان ويجد له اتباعاً ] . ٢ ـ وهناك نص مقتبس من يوسيفوس المؤرخ اليهودي الذي عاصر خراب أورشليم وهيكلها سنة 70 م في كتابه آثار اليهود . ولقد خضع هذا النص الباقي لمراجعة مسيحية دقيقة . والنص يذكر الصلب في جملة مقتضبة واحدة ... قال [ عند اتهام مواطنينا الشرفاء ، حكم بيلاطس البنطى عليه بالموت صلباً . وقد ظلت محبة الذين كرسوا أنفسهم له دون نقصان ] . 3 - لوسيان الساموساطي الذي ولد حوالي سنة 100 م ، ومن أشهر الفلاسفة الوثنيين أعداء المسيحية . يقول في كتابه « موت بريجرينوس » [ إن المسيحيين لايزالون يعبدون ذلك الرجل العظيم الذي صلب في فلسطين ، لأنه أدخل إلى العالم هذه الديانة الجديدة . وان هؤلاء المفتونين قد اقنعوا أنفسهم بأنهم لن يموتوا بل يخلدوا إلى الأبد . ولهذا السبب تراهم يستخفون بالموت . وكثيرون منهم يسلمون أنفسهم طواعية واختياراً . وكذلك فإن مشرعهم الأول قد علمهم بأنهم جميعاً اخوة الواحد للآخر ، طالما ينبذون آلهة اليونان ويعبدون ذلك الصوفى المصلوب . و يعيشون حسب شريعته ] . 4 ـ كلسوس الفيلسوف الابيقوري ... كتب كتاباً اسماه « البحث عن الحقيقة » حوالي سنة 170 م ، هاجم فيه المسيحية هجوماً عنيفاً . فقد كان ينظر إلى المسيحية على أنها خرافة دنيئة . ويشير باستهزاء إلى آلام المسيح وقوله « يا ابتاه إن امكن فلتعبر عنى هذه الكأس » . . . ويشير إلى الذين صلبوه بقوله [ أولئك الذين صلبوا إلهكم ] . و يهاجم المعتقد المسيحى القائل بأن المسيح احتمل هذه الآلام لخير البشرية . ويحاول أن يهزأ من القول بقيامة المسيح . كما يهزأ من قول المسيحيين عن المسيح انه « صلب العالم لي وأنا للعالم » ... وقد كتب العلامة القبطى السكندرى اوريجنيوس مؤلفاً ضخماً فقد فيه كل ادعاءات كلسوس الكاذبة وافتراءاته على المسيحية . ه ـ في نص قديم للتلمود ، الذي يحوى ذكريات تاريخية مستقلة . عن المصادر المسيحية ، جاء ما يأتى [ في ليلة عيد الفصح لخلق يسوع الناصري . ولمدة أربعين يوماً سبقته صيحات تقول : يجب أن يرجم يسوع الناصري لأنه ساحر ، أغوى إسرائيل وطوح بها بعيداً !! من يعرف تبرئة له فليتقدم ويتكلم لكن لم توجد تبرئة له ولذا فقد علق ليلة الفصح ] ... ونلاحظ أن هذا النص التلمودي يسجل تهمتين على الرب يسوع : الغواية والضلال . إنه يستخدم نفس المفاهيم اليهودية الواردة في ( تثنية 13 : ۱- ۱۱ ) . وهذا يذكرنا بالاتهامات المتصلة بالتجديف الوارد عنه في ( مرقس ۳ : ۲۲ ) نيافة مثلث الرحمات الانبا يؤانس أسقف الغربية عن كتاب المسيحية والصليب
المزيد
21 يونيو 2022

إيمان بولس الرسول بالصلاة وفعاليتها

حين نتكلم عن بولس الرسول كرجل صلاة . نسأل أنفسنا مـاذا تعنى كلمة رجل صلاة أو إنسان الصلاة ؟ . .. هذه الكلمة إنما تعنـى أن هذا الإنسان يؤمن بالصلاة وبقوتها وبفاعليتها وإنها تقتدر كثيراً في فعلها .. لا يلجأ لأحد غير الله . ولا يستعين بسواه . ولعلنا نستطيع أن نلمس أن بولس كان رجل صلاة منذ البداية منذ إهتدائـه إلـى المسيحية وإيمانه بالمسيح رباً وإلها ومخلصاً . إن شخصية بولس الرسول شخصية عجيبة ، فإلى جانب كونـه كان دارساً لثقافة عصره على أعلى المستويات نجده مـن الناحيـة الدينية كان كيهودي دارساً لإصول ديانته اليهودية . يكفي أن نقـراً ما كتبه عن نفسه بالروح القدس " من جهة الناموس فريسي ... مـن جهة البر الذي في الناموس بلا لوم " ( في 3 : 6،5 ) هذا يعني إنه بحسب شريعة العهد القديم بلا لوم ، وهذه ليسـت كلمة بسيطة . لقد كان شاول الطرسوسي رجلاً كاملاً في جيله وفـي عصره بين نظرائه من اليهود المدققين . لكنه كان يعوزه شئ . كان محتاجاً لأن يرفع الغشاوة التي كانت على عينيه . وكما تعلمون أنـه بعدما أعتمد على يد حنانيا في دمشق سقطت من عينيه قشور ، وهذا تعبيراً عن الحالة التي كان هو فيها . كان محتاجاً لمن ينير بصيرتـه .فمن جهة ناموس العهد القديم أو شريعة العهد القديم بلا لوم . أول لقاء لنا مع بولس في العهد الجديد يأتى فـي قصـة إستفانوس أول شهداء المسيحية والمسيحيين ورئيـس الشمامسـة ونجده في صورة ليست حسنة . نقرأ إنه كان راضياً بقتل إستفانوس رجماً بالحجارة . وأخرجوه خارج المدينة ورجموه والشهود خلعـوا ثيابهم عند رجلي شاب يقال له شاول . فكانوا يرجمون إسـتفانوس وهو يدعو ويقول أيها الرب يسوع أقبل روحي . ثم جثا على ركبتيه وصرخ بصوت عظيم يارب لا تقم لهم هذه الخطية . وإذ قال هـذا رقد . وكان شاول راضياً بقتله " ( أع 7 : 58- 8 : 1 ) . هذه هي الصورة الأولى التي نراه فيها . أما الصورة الثانية فهي تقابلنا في الإصحاح التاسع من سفر الأعمال وهي قصة لقاءه مـع الرب يسوع وإهتدائه إلى المسيحية . وبعد أن ظهر السيد المسيح له المجد لشاول الطرسوسي أي القديس بولس في الطريق سأل ربنـا سؤال " يارب ماذا تريد أن أفعل . فقال له الرب قم وإدخل المدينة فيقال لك ماذا ينبغي أن تفعل " ( أع 9 : 6 ) . ثم يذكر سفر الأعمـال ظهور الرب لحنانيا في رؤيا ، وحنانيا هذا حسـب تقليـد كنيسـتنا وتاريخ الكنيسة إنه كان أحد السبعين رسولاً . وإنـه كـان أسـقفاً لدمشق " وكان في دمشق تلميذ إسمه حنانيا . فقال له الـرب فـي .رؤيا يا حنانيا فقال هأنذا يارب ، فقال له الرب قم وإذهـب إلـى الزقاق الذي يقال له المستقيم وأطلب فـى بيـت يـهوذا رجـلاً طرسوسياً إسمه شاول . لأنه هوذا يصلى " ( أع 9 : ۱۱،۱۰ ) . إنظروا إلى هذه الصورة ، أول لقاء لنـا مـع معلمنـا بـولـس الرسول بعد إهتدائه " لأنه هوذا يصلى " ( أع ۹ : ۱۱ ) صورة الإنسان الذي يصلي . لعله كان يعتذر للسيد المسيح بشدة عن كل ما فعلـه بالقديسين ، فلقد إعترف بنفسه قائلاً " أنا كنت أضطهد كنيسـة الله بإفراط وأتلفها ( أخربها ) ' ( غل ۱ : ۱۳ ) . لقد كان يزج بـــــــالمؤمنين للسجون وكانت حملته إلى دمشق في هذه المرة التي بالسيد المسيح بهدف القبض على المسيحيين الذين في دمشق ليـأتى لأورشليم وكان بصحبته مجموعة من الجنود بهم الإنسان الذي يقضي جزء من حياته بعيداً عن الله ويبدأ يتعـرف على المسيح يحاسب نفسه عن الوقت الـذي أمضـاه بعيـداً عـن المسيح .. يحاسب نفسه عن الحرمان الشديد الذي حُـرم فيـه مـن المسيح . ولعل بولس الرسول كان يناجي السيد المسيح في حـب ويقول له ( أيها الحب الأعظم ) . إن الصلاة يا أحبائي هي مجموعة مشاعر متداخلة وعواطـف متأججة داخل الإنسان ربما يصعـب أن تنضبـط تحـت الألفـاظ والكلمات ، لكن حينما يقف الإنسان الذي إمتلأ قلبه بمحبة الله فإنـه ينساب في عواطفه كالنهر الدافق . تلك هي المحبة الناريـة التـي تغلى في أحشائه وفي قلبه كمرجل تتصاعد منه الأبخرة . وهكــذا يقول المرتل " رتب في قليه مصاعد إليك يجتازون في وادي البكاء يصيرونه ينبوع " ( مز 84 : 6 ) . إن كان أول لقاء مع معلمنا بولس الرسـول بعـد أن أصبـح مسيحياً هي كلمات السيد المسيح " هوذا يصلى " ، فـلا عجـب إذا إذ سمعناه يوصى تلميذه الأسقف تيموثاوس في رسالته الأولى " فأطلب أول كل شئ أن تقام طلبات وصلوات وإيتهالات وتشكرات لأجـل جميع الناس لأجل الملوك وجميع الذين هم في منصب لكي نقضـى حياة مطمئنة هادئة في كل تقوى ووقار لأن هذا حسن ومقبول لـدى مخلصنا الله الذي يريد أن الناس يخلصون وإلى معرفة الحـق يقبلون " ( اتی ۲ : 1-4 ) . إن أول شئ يطلبه القديس بولس أن تقام طلبـات وصلـوات وإبتهالات وتشكرات ، وهذا الكلام لا يقوله إلا إنسان مؤمن بالصلاة ومختبر للصلاة وفاعليتها وقوتها وبركتها . ليتنا نتحول كلنـا إلـى أناس مؤمنين بدلاً من أن نكون عقلانيين ، أتمنى أن تحدث هذه المعجزة لكل منا ، وأن يقف تيار العقل وسطوته ولو إلى حين لكـى يعطى فرصة للإيمان والروح لكي تســبح وراء غير المنظـور وليحدث ذاك الذي هو قبل الدهور . يا ليتنا دائماً حينما يعرض علينا أمر أن نطرحه أمام الله في الصلاة ، هذا ما يقوله بولس الرسول " لا تهتموا بشئ بل في كل شئ بالصلاة والدعاء مـع الشـكر لتعلـم طلباتكم لدى الله " ( في 4 : 6 ) . فهو يطلب أول كل شئ أن نلجأ إلـى الله . وماذا يعني أن الله هو الألف والياء ، البداية والنهايـة ، والألفـا والأوميجا ؟ هذه العبارة لها معنى لاهوتى ومعنى روحي . والمعنـى الروحي هو كون الله يكون هو الألف وهو أول الحروف الأبجديـة فهذا يعني أن أبدأ به حياتي وأبدأ به يومى ، وأبدأ به كل إحتياجـاتي . هذا معنى أن الله البداية والألف . أما معنى أنه الياء أن أختم به بـل وأشكره سواء أخذت أو لم أخذ لأن المفروض أن أشكره على كـل حال ومن أجل حال وفي كل حال . ما أكثر ما تحدث معلمنا بولس الرسول عن الصلاة خاصة دوام الصلاة في كل حين ففي حديثه إلى أهل افسس بعد أن تحدث عـن سلاح الله الكامل وتكلم عن درع الـبـر وتـرس الإيمـان وخـوذة الخلاص وسيف الروح يقول : " مصلين بكل صلاة وطلبة كل وقـت في الروح وساهرين لهذا بعينه بكل مواظبة وطلبة لأجـل جميـع القديسين ولأجلى لكي يعطى لي كلام عند إفتتاح فمي لأعلم جـهاراً. بسر الإنجيل " ( أفسس 6 : ١٨ ) . ويقول لأهل رومية " مواظبين علـى الصلاة ساهرين فيها بالشكر " ( رو ۱۲ : ۱۲ ) ، ولأهـل كولوسـى واظبوا على الصلاة ساهرين فيها بالشكر " ( كـو ٤ : ٢ ) ، ويوجـه القديس بولس كلامه إلى المتزوجين في كورنثوس " لا يسلب أحدكـم الآخر إلا أن يكون على موافقة إلى حين لكـى تتفرغـوا للصـوم والصلاة ( اکول : 5 ) . ويتكلم عن الصلاة على الأطعمـة فيقـول " لأنه يقدس بكلمة الله والصلاة ( اتي 4 : 5 ). نيافة مثلث الرحمات الانبا يؤانس اسقف الغربية عن كتاب القديس بولس الرسول الخادم الغيور
المزيد
30 سبتمبر 2022

كفـن المســــيح

ونحن بصدد الكلام عن الصليب نرى من المفيد أن نعرض لموضوع اثير في السنوات الأخيرة على المستوى العلمي ، ذلك هو موضوع كفن المسيح . ومرجعنا في هذا الموضوع كتاب عنوانه Turin Shroud « کفن تورین » حيث أن هذا الكفن محفوظ بكاتدرائية يوحنا المعمدان بمدينة تورينو بإيطاليا . وكاتب الكتاب يدعى إيان ويلسون Ian Wilson ، وهو أحد العلماء الذين اشتركوا في الابحاث والدراسات التي تمت على الكفن . وقد استمرت هذه الدراسات خمس سنوات من سنة 1973 إلى سنة 1978 ... والعجيب أن هذا العالم كان وجودياً لا يؤمن بدين . وكانت هذه الدراسة سبباً في إيمانه بالمسيح ، واصبح عضواً عاملاً بالكنيسة . ... اشترك في دراسة هذا الكفن عشرات العلماء المتخصصين في فروع العلم المختلفة من بلاد متفرقة كأمريكا وفرنسا وسويسرا والنمسا وانجلترا . ( أكثر من أربعين عالماً ) ولم تمول هذه الابحاث أية هيئة ، بل درس هؤلاء العلماء الكفن بدافع شخصي وللبحث العلمي وحده ، لتفنيد رأى الكنيسة . وكان بعضهم متشدداً ، والبعض الآخر كان يقرأ الإنجيل ليجد فيه دليلاً على عكس ما تنادى به الكنيسة . تكررت المحاولات على مدى السنين مع المسئولين عن الكنيسة للسماح للعلماء بفحص هذا الكفن لكن رجال الكنيسة في تشددهم لم يسمحوا بذلك . وكان هذا التأجيل بحكمة إلهية حتى يأتى السماح بهذا العمل في وقت تتوفر فيه الآلات العلمية الحديثة . الكفن عبارة عن قطعة واحدة من الكتان الأبيض طوله حوالي ٤,٢٥ متراً وعرضه حوالي ١.٢٥ متراً . وفي الكفن صورة أمامية وأخرى خلفية لإنسان طوله ۱۸۱ سم ... والصورة Negative وهو وضع مستحيل . فلا يمكن لأي فنان أن يرسم صورة Negative - لا توجد حدود للصورة ونفس فن التصوير لم يعرف إلا منذ نحو مائة عام ... وبناء عن هذا الطول يقول علماء الاجناس إنه لإنسان طويل القامة ومن شعوب حوض البحر المتوسط لقد تعرض الكفن للحريق سنة ١٥٣٢ نتيجة حرق الكنيسة كلها . وحرق الصندوق الذي يحتوى على الكفن ، لكنه لم يتأثر بالحريق ، كل ما هنالك حريق طفيف لحق بأطرافه . وقد بحث العلماء عن نوع الاصباغ المرسومة بها الصورتين ، لكنهم لم يجدوا أي نوع من الأصباغ . فالصورة موجودة لأكثر من فتلة واحدة في النسيج . ... مرتخی عن قال علماء التشريح والطب الشرعي إن الصورة التي للإنسان الذي وضع في الكفن تدل على انه في الثلاثينيات . وهو إنسان يعمل عملاً شاقاً ، وعرفوا ذلك من الآثار التي في اليد . وقالوا إن الكتف الأيمن الكتف الأ يسر وذلك نتيجة العمل باليد اليمنى . كانت الرجل الشمال موضوعة على الرجل اليمين والمسمار في المشط بين السلامية الثانية والثالثة . المسمار الذي شمر في اليدين - ليس في الكف بل في عظام الرسغ . والعظام لم تكسر اتماماً للنبوة ... والشوك الذي وضع على رأس المسيح لم يكن إكليلاً بحسب مفهومنا ، بل كانت طاقية شوك غرسوها ،ووجدوا آثارها من الجبهة حتى قمة الرأس . آثار الدماء على الوجه تأخذ منظر Zigzag نتيجة تقلص عضلات الوجه بسبب الآلام الشديدة . وقال العلماء إن الكفن لإنسان مصلوب ، فقد شاهدوا سير الدماء في الأيدى وقاسوا الزاوية بين الرأس وبقية اليد فوجدوها 65. ومنظر الدم الساري من الرسم سارى بهذه الصورة . . . وجدوا أن الكتف فيه سحجات نتيجة حمل الصليب . وتوجد كدمات كثيرة جداً في الوجه ، وأجزاء متورمة ، كما يوجد قطع على شكل مثلث في الخد الأيمن وهو من كثرة اللطم في بيت رئيس الكهنة ودار الولاية . الجراحات الموجودة بالظهر في شكل دائرتين غائرتين متصلتين ببعضهما . وعدد هذه الدوائر يتراوح بين 100 ، ۱۲۰. بحثوا عن أنواع السياط التي جلد بها فوجدوا انه السوط الروماني المحفوظ عينة منه بالمتاحف . وهو سوط ذو ثلاث شعب تنتهى كل شعبة بقطعتين معدنيتين ... وقالوا إن هذا الإنسان تناوب على جلده اثنان . وكان الذي يضرب من جهة اليمين أطول ممن يضرب من جهة الشمال . والضارب جهة الشمال كان قصيراً وعنده سادية أي غزيرة حب الانتقام ، لأن ضرباته اعمق منها في الجهة اليمنى . . الفتحة الموجودة في الجنب الأيمن التي سال منها كمية دماء ضخمة الفتحة شكلها شكل مقدم الرمح الروماني وهو شكل ورق الشجر ، والفتحة بميل وموجودة بين الضلع الخامس والسادس . والماء الذي سال قال بعض العلماء إنه من السائل المحيط بالقلب لكن هذا كميته قليلة ( في حجم معلقة الشروبة ) ، وقالوا يمكن أن القلب يفرز أكثر نتيجه الاجهاد الكبير . ورأى ثان لفريق آخر من العلماء أن هذا الماء من السائل المحيط بالرئتين وهو الرأى الارجح ، وهو نتيجة الشد العضلي ، ويمكن أن تزداد کمیته . آلام المسيح الشديدة جداً على الصليب سببها تنفس المصلوب . ففي كل مرة لا بد وأن يصعد بجسمه إلى أعلا فيضغط على الجراحات ... يقول علماء النبات أنه يمكن معرفة موطن هذا الإنسان بفحص حبوب اللقاح اللاصقة بقماش الكفن . وحبة اللقاح حجمها مليون / 1 من الملليمتر ، ولا ترى إلا بالميكروسكوب الالكتروني ... اخذوا بعض التراب اللاصق بالكفن ودرسوها لمدة ثلاث سنوات لمعرفة النباتات التي تتبعها حبوب اللقاح وأين تنمو . وعلى هذا الأساس وجدوا أن هذا الكفن كان موجوداً في مرسيليا وباريس والقسطنطينية ( استانبول ) وقبرص وصور وصيدا وتورينو وافيلينو Avelino بإيطاليا لكن إلى جانب ذلك وجدوا مجموعة من حبوب اللقاح لم يتوصلوا إلى حقيقتها ومكان وجودها . وعلى هذا الأساس أقام واحد من العلماء لمدة ستة شهور في أورشليم القدس . وهناك وجد النباتات التي لا تنمو إلا فيها والتي تتبعها حبوب اللقاح المجهولة . أية صورة لها بعد ثالث ما عدا صورة الكفن فليس لها بعد ثالث رغم استعانتهم بأجهزة البحرية الأمريكية الغاية في الدقة والصورة بلا رسم أو أصباغ ... قالوا قد يكون هذا الكفن قد تعرض لاشعاع معين . لكن علماء الطاقة الذرية نفوا معرفتهم لإشعاع يطبع صورة ... وأخيراً قالوا يحتمل. أن تكون هذه الصورة نتيجة خروج إشعاع معين وقت قيامة الرب يسوع . . بحثوا عن عمر قماش الكفن بواسطة تجربة الكربون 14 ، ووجدوا أنه يرجع لحوالى الفين سنة . . أما عن وجه المسيح المطبوع على الكفن فلا يتفق مع رسمه فنانو اور با . ولكنهم وجدوها تطابق الصور الموجودة في الكنائس الشرقية التي رسمت في قرون المسيحية الأولى . وأقرب الصور إليها هي صورة رسمها كيرلس الكبير البطريرك ٢٤ الاسكندري في القرن الخامس ، وصورة أخرى في كنيسة آيا صوفيا ، وثالثة في كنائس سوريا . صليب المسيح تاريخياً : ظهر الصليب الذي صلب عليه المسيح حسب التقليد الكنسى على يد القديسة هيلانة والدة الامبراطور قسطنطين فقد سافرت إلى أورشليم بعد أن جاوزت السبعين من عمرها لتكشف عن قبر المخلص وتبنى كنيسة هناك . وبالفعل بنت كنيستين ، الأولى فوق القبر المقدس والثانية فوق مغارة بيت لحم ... وقيل انها تحمست لهذا العمل بواسطة رؤيا اعلنت وبعد بحث كثير عن القبر المقدس عثرت عليه في مايو سنة ٣٢٨. أما السبب في اختفاء مكان القبر المقدس كما يذكر المؤرخ الكنسى سقراط ( ٣٨٠ - ٤٥٠ م ) فهو أن اليهود تعمدوا اخفاء معالم هذا المكان بعد أن كان يحج إليه مسيحيون كثيرون ، فكانوا يلقون عليه الاتربة والقاذورات حتى تكون فوقه ما يشبه الهضبة المرتفعة ، واقيم فوقها معبد للإله فينوس امعاناً في اخفاء مصدر إيمان وعزاءالمسيحيين . وقد أمرت هيلانة بهدم الهيكل ورفع الاتربة فوجدت ثلاثة صلبان على مسافة رمية حجر من موضع القبر المقدس . ووجدت صليب الرب يسوع وعليه العنوان الذي كتبه بيلاطس البنطى . وقد تأكدوا من أنه صليب الرب لما وضعوه على سيدة مريضة فشفيت في الحال ، وكان ذلك بحضور مكاريوس أسقف أورشليم آنذاك . . أول من أشار إلى حادث اكتشاف الصليب بواسطة الملكة هيلانة كان هو امبروسيوس أسقف ميلان ( ۳۳۹ - ۳۹۷ م ) . في عظة له القاها سنة 395 م . وعن امبروسيوس نقل كل من يوحنا ذهبي الفم بطريرك القسطنطينية ( 347- 407 م ) . وبولينوس الأسقف الذي من نولا بفرنسا ( ٣٥٣- 431 م ) ... ذكر هذه القصة المؤرخان الكنسيان سقراط ( ٣٨٠. ٤٥٠ ) ، تیودوریت ( ٣۹۳- ٤٥٨ م ) الذي ذكر أن هيلانة وجدت في القبر المقدس المسامير التي سمرت بها يدا المخلص ورجلاه وارسلتها إلى ابنها الامبراطور قسطنطين الذي ثبت مسماراً منها على الخوذة الملكية التي كان يلبسها وهو خارج لخوض المعارك الحربية . ومن الذين افاضوا في الكلام عن خشبة الصليب المقدس القديس كيرلس الأورشليمي في عظاته التي القاها سنة ٣٤٨ م ـ بعد نحو عشرين سنة من اكتشاف خشبة الصليب كان يخاطب المؤمنين .... في كنيسة القيامة مشيراً إلى التابوت الموضوع فيه الصليب ... يقول : ا لقد صلب المسيح حقاً . ونحن وإن كنا ننكر ذلك فهذه هي الجلجثة تناقضني التي نحن مجتمعون حولها الآن . وها هي خشبةالصليب أيضاً تناقضني التي توزع منها على كل العالم ... وخشبة الصليب تشهد للمسيح ، تلك التي نراها حتى هذا اليوم بيننا . وقد ملأت كل العالم بواسطة المؤمنين الذين أخذوا قطعاً منها إلى بلادهم ] . وفي خطاب ليولينوس الأسقف الذي من نولا بفرنسا إلى الكاتب والمؤرخ الكنسى سالبيسيوس نعلم أنه أرسل له مع الخطاب قطعة من خشبة الصليب المقدس ، ويخبره أنه بالرغم من أن قطعاً كثيرة أخذت من الخشبة ، إلا أن الخشبة لم تنقص قط ـ وهكذا ذاع القول أن خشبة الصليب تنمو من ذاتها . ، و يتفق كل من تيودوريت وسقراط المؤرخان الكنسيان أن هيلانة أرسلت قطعة من خشبة الصليب إلى القصر الامبراطوري في القسطنطينية . ووضع بقية الصليب في تابوت من الفضة داخل كنيسة القيامة . والمعروف أن الملك قسطنطين أمر بتوزيع قطع من خشب الصليب المقدس على كافة كنائس العالم وقتذاك . وقد احتفظت كنيسة روما بقطعة كبيرة . وقد ذكرت ايجيريا الراهبة الأسبانية التي قامت برحلتها أواخر القرن الرابع إلى الأماكن المقدسة ، ووصفت بدقة كل ما مرت به وشاهدته ، وضمتها طقوس وصلوات عيد الصليب أمام الصليب المقدس بكنيسة القيامة . . . . وظلت خشبة الصليب المقدس بكنيسة القيامة حتى غزا الفرس الأراضي المقدسة ، واستولى خسرو الثاني ملك الفرس سنة 615 م على التابوت الفضي الذي يضم قطعة الصليب المقدس وحمله معه إلى بلاده ، وظل هناك حتى استرده الامبراطور هرقل سنة ٦٢٩ م ووضع في كنيسة القيامة ، ومنها إلى القسطنطنية سنة 636 م خوفاً من وقوعه في أيدى الغزاه ... و يشهد اركلفوس Arculfus الذي زار القسطنطنية سنة 670 م أنه رأى الصليب في كنيسة أجيا صوفيا . ... بعد ذلك لا نعلم ماذا حدث لما تبقى من الصليب المقدس . نيافة مثلث الرحمات الانبا يؤانس أسقف الغربية عن كتاب المسيحية والصليب
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل