العظات
الهدف الواضح
من إنجيل معلمنا يوحنا الإصحاح 17 .. ﴿ أنا أظهرت إسمك للناس الذين أعطيتني من العالم .. كانوا لك وأعطيتهم لي .... ﴾ ( يو 17 : 6 ) .. حتى ﴿ ليكونوا هم أيضاً مقدسين في الحق ﴾( يو 17 : 19) .. على الإنسان أن يكون له هدف واضح يسعى إليه .. وكما يقول الإبن للآب﴿ العمل الذي أعطيتني لأعمل قد أكملته ﴾ ( يو 17 : 4 ) .. ويقول أيضاً ﴿ أنا مجدتك على الأرض ﴾ ( يو 17 : 4 ) .. هدف واضح ويعلمه جيداً .. تخيل أنك لا تعرف لماذا أنت في الحياة ؟
ضرورة تحديد الهدف :-
يجب وضع أهداف أساسية أولها إرضاء الله .. نمجده لكي نربح الأبدية .. فإن معلمنا بولس الرسول في رسالته إلى أهل فيلبي يقول ﴿ ما كان لي ربحاً فهذا قد حسبته من أجل المسيح خسارة بل إني أحسب كل شيءٍ أيضاً خسارة من أجل فضل معرفة المسيح يسوع ربي الذي من أجله خسرت كل الأشياء وأنا أحسبها نفاية لكي أربح المسيح ﴾ ( في 3 : 7 – 8 ) .. كل ما حسبه ربح قديماً الآن حسبه نفاية لأجل المسيح .. فإن هدفه قديماً أن يمتلك المال أو الكرامة ولكن بعد معرفة المسيح كل هذا أصبح نفاية .. النفاية هي القمامة .. فمن كان هدفه واضح عرف كيف يرتب أولوياته .
إذا حصرنا الأسباب التي تعيش من أجلها الناس فهي سببان :-
1. الذات .
2. اللذات .
فإن الحياة من أجل الذات أو اللذات غير مُشبعة أما الحياة من أجل المسيح والأبدية تُروي لأن فيها إشباع للإنسان .. أحياناً ينسى الإنسان الأبدية وبهذا لا يستطيع أن يجاهد من أجلها لأنه لا يفكر فيها الله أعطانا هذا العمر حتى تكون الأبدية أمامنا .. إجعل الأبدية هدفك لأن عندما يضيع هذا الهدف تضيع معه أشياء ثمينة .. لا تجعل أهدافك ثانوية حتى لا تجري وراء سراب .. الزواج والأبناء والتعليم والغِنى .. كل هذه ليست أهداف ولكنها أشياء مساعدة .. يجب أن نعيش من أجل أهداف أسمى وأغلى « الأبدية » .. لا تجعل الأهداف الثانوية تجعلك بعيد عن الملكوت .. هدف يستحق الحياة وكما يقول الآباء القديسين ﴿ طوبى للذين يعملون الآن بكل قوتهم من أجل ربح الأبدية .. فإن لحظة واحدة في هذا المجد سوف تُنسيهم كل أتعابهم ﴾ لهذا نرى من القديسين الذين إستغنوا عن العالم لأن هدفهم واضح فعرفوا التضحية مثل مكسيموس ودوماديوس أولاد ملك .. القديس أرسانيوس مُعلم أولاد الملوك .. كل وسائل الراحة والترفيه بالنسبة لهم غير مُشبعة .. القديسة أناسيمون كانت ملكة تستغنى عن المُلك لأن هدفها واضح تريد الملكوت وإرضاء الله .. أتذكر أستاذ جامعي وكان أمامه مستقبل كبير جداً ولكن بداخله إشتياق للرهبنة وبالفعل حدث ذلك ودخل الدير .. وعندما أردت الإطمئنان عليه وهل تأقلم مع الدير أم لا .. وعند الذهاب إليه وسؤاله عرفت أنه حزين جداً لأنه لم يأتي من قبل إلى الدير .. لأنه وجد المسيح .. وجد الجوهرة الغالية كثيرة الثمن أهل العالم يتصارعوا على المُلك وأولاد الله يهربوا من المُلك .. أهل العالم يبحثون عن كرامات وأولاد الله يعيشون بلا كرامة لأن الهدف واضح .. كل يوم يجب مراجعة هدفي .. أحد الآباء يقول كلمة جميلة ﴿ فليبحث غيري عن ما يشاء عوضاً عنك .. أما أنا فلا يلذ لي إلا أنت ﴾ داود النبي رغم أنه ملك لا ينسى أنه عبد عند الله وعندما يرغب أن يحنن قلب الله يقول ﴿ اذكر يارب داود وكل دعته ﴾ ( مز 131 – من مزامير النوم ) .. يستميل قلب الله بوداعته .. أيضاً أستير الملكة ولها من الخدم الكثير ولكن كل هذا لا تبالي به وكانت تقول دائماً « يارب إني أكره سبب أبهتي وأنا منذ أتيت إلى هذا القصر لم أفرح به ولم أُسر ولم أشترك في ولائمهم ولم يفرح قلبي لحظة واحدة ولا يوم واحد إلا بك أنت وحدك يا إله آبائي » .. يُقال على القديس أنطونيوس أنه ﴿ كان أنطونيوس يتنفس المسيح ﴾ يعطينا الله عمر حتى نُكمل توبتنا حتى نكسب الأبدية .. الله يتمهل علينا .. فيجب أن أعرف أن حياتي لها عدة أسباب :-
1) أُكمل توبتي .
2) أُحقق رسالتي .
مثل موسى النبي الذي أخذ الله من عمره 80 سنة ليجهزه للرسالة .. تعيس الإنسان الذي يفقد هدفه .. من أجل هذا أحد الفلاسفة يقول ﴿ لا تحزن إن لم تحقق هدفك لكن إحزن بالحقيقة إن كنت تحيا بلا هدف ﴾ .. القديس أغسطينوس يقول لربنا يسوع ﴿ خلقتنا يارب لك فلا ولن تطمئن نفوسنا إلا بالحياة معك ﴾ ما هو السبب الذي يجعل أم تقدم أطفالها للمسيح ؟ في الكنيسة الأولى عندما يكون هناك إمرأة لم تنجب تحزن جداً لأنها كانت ترغب أن يكون لها إبن شهيد .. في الحياة العادية مثلاً عندما يوجد شخص يدرس يجب عليه معرفة سبب دراسته .. إدراكه يتسع .. النجاح .. ولكن النجاح للمسيح .. من يتزوج له هدف .. من يعمل لكي يسد إحتياجات بيته .. كل هذا من الأهداف المرحلية .. أما الهدف الروحي هو ربح الأبدية من خلال أعمال مرحلية يعطيها الله لنا .. فعلينا أن نراجع أهدافنا .. هل نرضي الله ؟من كان هدفه واضح يقول مع أرميا النبي ﴿ نصيبي هو الرب قالت نفسي ﴾ ( مرا 3 : 24 ) ﴿ من لي في السماء ومعك لا أريد شيئاً في الأرض ﴾ ( مز 73 : 25 ) القديس أغسطينوس يقول لنا ﴿ أنظر إلى الحب الذي في داخلك وأنت تعلم إلى أي مدينة تتجه ﴾ .. تحب العالم .. تحب الشهوة .. تحب الطهارة .. تحب الإتضاع .. تحب الكبرياء ؟يُقال عن القديس أرسانيوس مُعلم أولاد الملوك أنه كان يخاطب نفسه ويقول ﴿ يا أرساني تأمل ما أنت خرجت لأجله ﴾ .. كل ما كان الهدف أكبر كل ما كان تحقيقه أكبر ومجهوده أكبر .. السماء كبيرة جداً .. هدف كبير .. ﴿ ما لم تر عين ولم تسمع أُذن ولم يخطر على بال إنسان ما أعده الله للذين يحبونه ﴾ ( 1كو 2 : 9 ) .. ﴿ الذين يزرعون بالدموع يحصدون بالإبتهاج ﴾ ( مز 125 – من مزامير الغروب ) .. ولكن من يزرع دائماً عينه على الحصاد حتى لا يضيع منه الهدف من أراد أن يعيش مع الله هناك تعب ينتظرهم .. صوم .. صلاة .. دموع .. إنسحاق وإتضاع .. عطاء .. تسامح .. وكما يقول القديس أبو مقار ﴿ يا أولادي إن البئر عميقة ولكن ماءها طيب وحلو ولذيذ .. ها أن الطريق ضيق ولكن المدينة مليئة فرح وسرور ﴾ .. جاهد من أجل تحقيق الهدف .. إذا كان المسيح أمين في رسالته قال ﴿ أنا مجدتك على الأرض العمل الذي أعطيتني لأعمل قد أكملته ﴾ .. ما أجمل هدف إرضاء الله ونمجد الله وتكون الأبدية هدفنا الأكبر وأي هدف آخر يكون من خلال هذه الأهداف ربنا يوضح أهداف حياتنا ويكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته ولإلهنا المجد إلى الأبد آمين
فضيلة الافراز والتمييز
في رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس الإصحاح الثاني عدد 11 – 16 يتحدث فيها عن ميزان جميع الفضائل وهي فضيلة الإفراز والتمييز .. وهنا نبدأ بمفهوم الإفراز .. الإفراز هو إختيار ما يُناسب من الكلام والمواقف والأعمال وكل ما يُعرض عليَّ .. الإفراز هو التدقيق والتأني .. هو دراسة لكل الأمور معاً .. هو نظرة شاملة لكل المواقف .. هو القدرة على اختيار الوقت المناسب للكلام المناسب وبالطريقة المناسبة ، هو الإهتمام بالبنيان للفرد والمجموعة .. هو فرز لجميع الأمور بتدقيق ومعرفة بما يناسب وما لا يُناسب ما أجمل كلام بولس الرسول { الإنسان الطبيعي لا يقبل ما لروح الله لأنه عنده جهالة ولا يقدر أن يعرفه لأنه إنما يُحكم فيه روحياً .. وأما الروحي فيحكم في كل شيءٍ .....} ( 1كو 2 : 14 – 15) .. يعرف ما يناسبه وما لا يناسبه .. ما أجمل كلامه { كل الأشياء تحل لي لكن ليس كل الأشياء توافق }( 1كو 6 : 12) سأل القديس الأنبا أنطونيوس تلاميذه عن ما هي أعظم الفضائل ؟ فقالوا التواضع .. فصمت .. فقالوا المحبة .. فصمت .. فقالوا الصلاة .. فصمت .. فقالوا له قل لنا يا أبانا .. فقال لهم الإفراز والتمييز لأن هذه الفضيلة تجعلك تعرف طريق الإتضاع والمحبة والصلاة الإنسان في حياة الإفراز إقتنى طريق الوسط .. هو الذي يُرشد الإنسان بما يناسبه .. هو معرفة جديدة للنفس بكل مميزاتها وعيوبها ونقائصها .. إني أعرف أن لديَّ ضعفٍ ما في بعض الأمور للبحث عن حلول لها واختيار الأمر المناسب لكي يُعمل .. هو عطية تُعطى للنفس الأمينة مع الله .. نجد ما هو متحير في أمور كثيرة فهو محتاج إفراز لكي يعرف الطريق الذي يُناسب عندما نجد إنسان مُحب للوحدة .. ولكن كيف تقضي وحدة مع الله ؟ وهل هذه الوحدة بسبب كره الناس ؟ أم هي عزلة لأنك تحب الله أكثر من الناس ؟ هناك فرق كبير بين الوحدة والإكتئاب .. فالوحدة هي أنك ترجو أن تحيا مع الله وأنت تحب الناس .. وتتكلم مع الله من أجل الناس الذين تحبهم .. فأنت تتوحد مع الله ومن أجل الله ومن أجل محبتك للناس الأنبا أنطونيوس عاش دون أن يرى الناس حوالي 20 سنة .. وعلاقته مع الله تنمو جداً .. ويصلي من أجل الناس .. ولكن بعد هذه المدة الطويلة والسنوات الكثيرة عندما سمع عن بدعة أريوس القائلة بأن المسيح ليس الله فاتخذ قرار أن ينزل إلى الإسكندرية حتى يرى الناس التي تأثرت من كلام أريوس عن طريق التحدث إليهم والوعظ فيهم .. كل هذا بسبب محبته لله والكنيسة والمؤمنين .. الإفراز أعطاه أن يعرف أن هذا التصرف هو الصحيح .. أن ينزل إلى الناس لكي يعظهم برغم إنه راهب .. فإن العزلة في وقت من الأوقات .. أو الخدمة في وقت آخر تحتاج إلى إفراز وتسأل البعض بعد كل هذه السنوات فما هو الشكل الذي وصل إليه الأنبا أنطونيوس .. هل حزين ومكتئب أم فَرِح ؟ هل جسمه نحيف أم بدين ؟ حقاً عشرون سنة لا يراه أحد .. ولما خرج القديس كان معتدلاً في كل أموره .. مبتسم وأيضاً لم يكن نحيفاً أو بديناً ولكنه معتدل .
يا سيد أن أردت تقدر أن تطهرنى
في بشارة معلمنا متى أصحاح " 8 " إتجمعت معجزات ربنا يسوع أو معجزات كثيرة .. من أجمل المعجزات هي معجزة شفاء الأبرص الذي جاء إلى الرب يسوع وقال له { يا سيد إن أردت تقدر أن تُطهرني } .. جميل في الكتاب المقدس وهو يقول { فمد يسوع يده ولمسهُ قائلاً أُريد فاطهر } نتحدث قليلاً عن مرض البرص .. فهو مرض خطير جداً يُصيب الإنسان بدايةً في جلده وفي أعضاءه الظاهرة وسُرعان ما يمتد وينتشر في جسم الإنسان ويتحول إلى تقيحات وقروح ويُصيب الشعيرات الدموية والدورة الدموية فتتقيح فلم يصل إليها الدم وتُصبح أجزاء ميتة فتؤدي إلى انفصال بعض الأجزاء عن الجسم .. أيضاً هو مرض مُعدي والعدوى عن طريق اللمس .. وهو لون من ألوان مرض الجزام .. رغم كل تقدم العلم حتى الآن ليس له علاج .. فلذلك يُعزل المريض ويحاولوا علاج آثار المرض ولم يتوقف المرض هذا المرض ليس له شفاء .. في العهد القديم ارتبط البرص بالخطية .. مثلاً فإن مريم أخت موسى عندما تكلمت عليه ربنا ضربها بالبرص .. وعندما اشتهى عزيا الملك أن يقدم ذبيحة ربنا ضربه بالبرص .. فهو ثمرة خطية لذلك معلمنا متى من ضمن معجزات ربنا يسوع عرض هذا لأنه كان يُخاطب اليهود .. واليهود يعلمون جيداً ما معنى مرض البرص .. أي مرض خطية وليس له شفاء ومُعدي ويستوجب العزل .. معلمنا متى أكثر معجزة شدته في معجزات ربنا يسوع المسيح هي شفاء الأبرص .. لدرجة أن الأبرص كان يُعزل بمفرده ولو مر في طريق ووجد الأبرص أن هناك شخص يأتي ولم يراه يقول هذا المريض " نجس .. نجس "( لا 13 : 45 ) حتى يحطات الشخص السليم ويبتعد عجيب أن يتجرأ هذا الأبرص ويذهب إلى الرب يسوع .. وعجيب أن الرب يسوع يُظهر قدرته ويمد يده ويلمسه .. ربنا يسوع كان يمكن أن يشفيه بكلمة .. فهو كان يُقيم الموتى بكلمة أفلا يستطيع أن يشفي المرضى بكلمة ؟! لكن مد يده وشفاه ولمسه .. أراد أن يقول له أن المرض ممكن جداً أن ينتقل إليَّ ولكن المرض إن انتقل لا يُصيبني بأذى هو الحامل خطايا العالم ومع ذلك لم يتلوث .. وهذا المرض سريع الإنتشار فيُقال { بإنسانٍ واحدٍ دخلت الخطية إلى العالم } ( رو 5 : 12) .. هكذا البرص إنتشر في العالم كله وأصبح مُعدي .. كان المريض بالبرص يُمنع من الحضور في وسط الجماعة المقدسة ويُعزل ويُحرم من العبادة في الهيكل والتقدمات .. وعندما نقرأ في العهد القديم في سفر اللاويين أصحاح " 13 ، 14 " نرى شريعة طويلة تُدعى " تطهير الأبرص " لذلك لا يوجد شفاء من البرص ولا يوجد تطهير للبرص فلا يُحسب شفاء ولكن يُحسب تطهيراً .. أي مرض ليس له حل مرض درجة شفاءه أصعب من إقامة ميت .. من هنا معلمنا متى وضع معجزة شفاء الأبرص قبل إقامة الموتى لأنها تُعلن قدرة السيد .. لأنها تعلن مدى سلطانه على الأمر الذي ليس له شفاء .. البرص يُمثل الخطية في أبشع صورها .. يُمثل الخطية بآثارها ومدى أذيتها وليس لها شفاء .. وتنتقل بعدوى سريعة .. تعزل الإنسان عن شركة الجماعة المقدسة .. لكن لينا رجاء في المسيح الذي يأخذ المرض في جسمه ويبيده ويقدم لنا الشفاء ويُرجعنا ثاني ونعود ننظر هيكله ويُرجعنا إلى شركة أسراره المُحيية نصف المرض بطريقة أفضل .. هناك أجزاء في المريض تبدأ في الورم وتِلمع .. وجزء منها يُجرح ويتقيح .. ينتشر بالأكثر في الأنف .. في اليد .. في الرِجل .. هذه هي بداية المرض .. يدخل داخل الجلد ثم يدخل في الدم وينتقل في الدورة الدموية يُصيب الأعصاب ويبدأ يؤثر على حركته .. والأجزاء المرضية تزداد إلى أن يمتلئ الجسم كله فتنفصل أجزاء من الجسم وتقع ( عُقلة من إصبع ، جزء من الأُذن ) ربط الكتاب المقدس بين البرص والخطية .. الخطية تنتشر وتكثُر .. تبدأ صغيرة وتنتهي كبيرة وتُوصل إلى الأعصاب .. أي لا يشعر الإنسان كما تفعل الخطية .. معلمنا بولس الرسول يقول { الذين إذ هم قد فقدوا الحس أسلموا نفوسهم للدعارة ليعملوا كل نجاسة في الطمع } ( أف 4 : 19) .. فقدوا الحِس أي أُناس يفتخر بشره .. كلام جارح دون أن يدري .. ملابس لا تليق دون أن تدري .. الخطية تعمل على الكُره والعزل وتحرم الإنسان من شركته في الجماعة المقدسة .. لا يتناول من الأسرار المقدسة ولا يستطيع حضور الكنيسة .. لا يقدر على الصلاة .. لا يقرأ في الكتاب المقدس .. الخطية كما البرص .. هل من شفاء ؟ أكيد في المسيح يسوع شفاء ولكن عودة الأبرص إلى شركة الجماعة المقدسة تستلزم تكلفة باهظة .. عندما تقرأ في سفر اللاويين عن شريعة تطهير الأبرص نجدها طويلة جداً .. مثل الخطية الشفاء غير سهل ولكنه غير مستحيل .. من الصعب أن يتأكد ويُصدق الشخص أنه أبرص في العهد القديم علامات البرص تظهر على الشخص والناس تراه وهو لا يستوعب ذلك .. أيضاً الخطية هكذا تخدع الإنسان والآخرين تعرف من عينه وكلامه وتصرفاته أنه خاطئ أما هو لا يعرف ولا يستطيع أن يُصدق .. وإن وجَّههُ أحد يحزن .. وحتى يكون هذا الأمر محسوم كان يُعرض قديماً على الكاهن في وَضَح النهار من الساعة السادسة إلى التاسعة ( أي من 12 – 3 ) في النور وهناك أمراض جلدية أخرى ممكن تتداخل في تشخيصها .. هناك طريقة في الطب بالبحث عن الأبسط وهكذا الكاهن قديماً يفعل ذلك هل هذا الشخص أصلع مثلاً أو هل عند المريض قوباء مثلاً أو قد حُرِق قديماً .. حتى في النهاية إن لم يكن كذلك يقول أنه أبرص ويجزم بذلك من يشخَّص إنه مريض هو ربنا يسوع المسيح .. لذلك نقول أنه ليس من دورنا أن نقول أن هذا الشخص خاطئ حتى لو كانت الأعراض ظاهرة .. دور المسئول ( الكاهن إشارة إلى ربنا يسوع ) .. ربنا يسوع هو الوحيد الذي يقول هذا .. لا نحكم أبداً على أحد بخطية .. { الآب لا يدين أحداً بل قد أعطى كل الدينونة للابن } ( يو 5 : 22 ) .. الكاهن نفسه كان ينتظر حتى يتأكد رغم أن المرض واضح ربنا يسوع متمهل ومتأني .. وإذا رجعنا للمرض فإن أول عرض يظهر على المريض وجود منطقة ما في حالة ورم ( ناتئ ) .. ثم تتحول إلى قوباء ثم يظهر حولها لمعان .. فكل شئ له معنى أولاً بالنسبة للناتئ ( أي منطقة مرتفعة ) تُشير إلى الكبرياء .. أول علامة في الخطية هي ارتفاع القلب .. يشعر الإنسان أنه أفضل من غيره .. فلاحظ الآن نفسك هل بك ناتئ أم لا ؟ تشعر أنك أفضل الناس .. هل تشعر أنك تُرضي الله في كل أعمالك ولا يوجد مثلك ؟ أحياناً الناتئ يأخذ شكل الروحاني .. مثل جماعة الكتبة والفريسيين فلا يوجد في نظرهم من يُرضي الله غيرهم .. وكل الناس عندهم جهلة .. كل الناس ضالة وبعيدة وفي صلاتهم يقولون { أشكرك أني لستُ مثل باقي الناس الخاطفين الظالمين الزناة ولا مثل هذا العشار } ( لو 18 : 11) .. إن الفئة الوحيدة التي أعطاها يسوع المسيح الويل رغم إنه مصدر كل بركة وكل عطية صالحة هم فئة الكتبة .. كل من لا يفتح قلبه للطوبى يستحق اللعنة القوباء .. فالخطية تجلب جرح وتُشعِر الإنسان إنه مجروح وبه نزيف ودم ويفقد حياته .. بها قرحة وجرح في جزء عميق في جسمه .. الخطية كذلك قيل عنها { طرحت كثيرين جرحى وكل قتلاها أقوياء }( أم 7 : 26 ) .. نتذكر المثال الخاص بالسامري الصالح عندما وقع بين لصوص وجرحوه .. فكل هذا ربنا يسوع دفع ثمنه .. الناتئ ← إرتفع على الصليب .. القوباء ← أنه جُرِح .. فهو أراد أن يحمل أعراض المرض لكي يشفيه .. الكتاب المقدس يقول { جرحك عديم الشفاء } ( نا 3 : 19) اللمعان .. فالخطية تُسبب هذه اللمعة وبها لون من ألوان الإغراء .. شئ يعكس شئ غير موجود .. الخطية تقدم لنا الشئ الذي يغرينا ويغوينا لكي يُسقطنا .. نتذكر الخطية الأولى الخاصة بأبونا آدم عندما رأى الشجرة بهية للنظر .. شهية للأكل .. بها لمعة يُقال عن عخان بن كرمي أيام يشوع بن نون عندما تساءلوا فيما بينهم عن سبب الهزيمة فقال عخان إني رأيت رداء ولسان وهذه الأشياء أغرتني لأن لها لمعة ( يش 7 : 21 ) .. رأيت فاشتهيت فأخذت فدفنت .. الأباء القديسين تقول إحذر لأن الخطية تُمثل لك مراحل من حياتك .. ربنا يسوع غلب اللمعة .. قيل عنه أن عدو الخير أخذه على جناح الهيكل وأراه مباهج العالم وقال له كل هذا سأعطيه لك لو سجدت لي ( مت 4 : 9 ) لذلك الكاهن الذي هو رمز لربنا يسوع المسيح يكشف فيك ثلاث أشياء .. الناتئ .. القوباء .. اللمعة .. وأنت تجد في شخصه أنه غلب الكبرياء والجرح واللمعة .. يُقال عن الكاهن الذي من سبط لاوي أن يكون زاهد للحياة .. لا يوجد شئ يغريه .. فهم موهوبون له هبةً ( عد 3 : 9 ) .. حتى عندما جاء يشوع بن نون وقسم أرض الموعد قال أن اللاويين ليس لهم نصيب في الأرض .. ولا يكون لهم قِسم في وسطِهم .. فالله هو قِسمهم وميراثهم أما الكاهن هو الذي يحق له التشخيص .. لذلك نقول لا تفحص نفس ليس من حقك أن تفحصها .. لا تحكم على أحد ليس من حقك أن تحكم عليه .. فيقول الأباء القديسين { أحكم يا أخي على نفسك قبل أن يُحكم عليك } .. وحذاري أن تنخدع بحكم الناس لأن الناس تجامل ومن يقول لك الحقيقة هو شخص يسوع المبارك .. لا تفحص نفسك خارجاً عن المسيح ولا تحكم على أحد أنه أبرص .. فالحكم للطبيب الحقيقي .. للقادر وحده على الشفاء .. أُحكم نفسك بالإنجيل وبشخص ربنا يسوع وعلى مستوى القداسة التي يريدها هو عندما يحكم الكاهن على الإنسان بأنه أبرص فعليهِ بالخطوات التالية :-
الإنعزال ← يشق ثيابه ← يكشف رأسه ← يحلق شاربه ← يجلس بمفرده .
لماذا يشق ثيابه ؟ لأن الخطية تُحدث عُري .. فأبونا آدم عرف أنه عريان بسبب الخطية .. فالعري من عمل إبليس .. فيأتي ربنا يسوع ويسترنا ونرتدي ثياب .. مثل ما حدث في مثل السامري الصالح جاء اللصوص وعروه .. لذلك ربنا يسوع أيضاً تعرى لكي يدفع ثمن خطايانا .. يقدم العلاج من خلال نفس المرض يكشف رأسه .. فإن غطاء الرأس يُمثل كرامة .. لذلك نرى أبونا البطرك عندما يُقرأ الإنجيل يخلع رأسه .. فالخطية أيضاً تحذف الكرامة .. العِمة علامة الكرامة والمجد والزينة وأحياناً رمز للحماية .. والخطية تُفقدك الحماية وإحساس الأمان .. لذلك في الرسالة إلى أفسس من ضمن أدوات الحرب الروحية خوذة الخلاص ( أف 6 : 17) .. وعندما تكون مكشوف الرأس تُصبح هدفاً للعدو حلق الشارب أو غطاءه .. فإنه رمز للنضج والرجولة والكرامة والقوة وغطاءه إشارة إلى إهدار كرامته وضياع رجولته ويعلن أنه طفل غير ناضج .. ويضع شئ ما على فمه لأن المفروض أن الأبرص لا يتكلم ولا يُسمع صوته الإنسان في الخطية يصلي وهو لا يعرف .. يقرأ ولا يفهم .. صعب عليه حضور القداس وكما يقول المزمور { ليس الأموات يُسبحون الرب } ( مز 115 : 17) .. أي أموات الخطايا أيضاً .. الميت بالخطية لا يعرف أن يقول " قدوس .. قدوس " .. لا يعرف أن يسجد وإن سجد فالسجود يكون شكلي لا يشعر بصلاة " أبانا الذي في السموات " .. لا يعرف أن يقول { إفتح شفتيّ فيخبر فمي بتسبيحك }( مز 51 : 15) من نعمة ربنا علينا أني أعرف نفسي بأني خاطئ .. لأن أخطر شئ أن لا يعلم الإنسان بحقيقة ذلك .. الأباء القديسين تقول { أن الذي يظن في نفسه أنه بلا عيب فقد حوى في نفسه سائر العيوب } .. القديس مارإسحق يقول { أن الذي يُبصر خطاياه أعظم من الذي يُبصر ملائكة } .. فلا تُسمي الخطية مُسمى آخر غير إنها خطية .. جميل أن تحكم على نفسك أنك خاطئ .. إقرع صدرك وقل كرحمتك يارب .. من علامات العصر الحالي أن الخطية غيَّرت من ثوبها وتعطي لنفسها مُسميات أخرى .. حذاري أن تقول عن الخطية أنها حرية .. أو عن الإباحية أنه إنفتاح .. ولا تقل على الإدمان والمخدرات إحتياج أو علاج لمشاكل يُقيم وحده .. نوع من أنواع العزل .. يخرج خارج المحلة .. الجماعة المقدسة .. تخيل الرجل المحكوم عليه بكل هذا تجاسر وأتى إلى يسوع وكأنه في حالة من الكآبة والضيق والتعب الشديد .. ويرى أن الموضوع طويل جداً ولكن شعر أن له رجاء في المسيح يسوع .. عندما عرف أنه سيمر من هذا المكان ذهب إليه حتى وهو يعرف أنه ممنوع من مقابلة الناس .. ستظل تقول لكل واحد " أنا نجس .. نجس " حتى تصل إليه .. آثر أن يذهب ويقول له { يا سيد إن أردت تقدر أن تُطهرني } .. أعشم في إرادتك وأثق في قدرتك إن الأبرص لكي يتم تطهيره عليه أن يأتي بعصفورين مثل بعض تماماً ويأتي بطبق به ماء ومعه قطعة من القماش الحمراء وقطعة من الخشب .. فتُذبح العصفورة الأولى ويسيل دمها على الطبق الذي به الماء والقماشة والخشبة ويأتي الكاهن ويرش الماء الممزوج بالدم بالقماش الأحمر والخشبة على جسد الأبرص .. والعصفورة الأخرى يطيرها – هذه هي شريعة تطهير الأبرص – .. ثم يغتسل ويغسل ثيابه ويأتي للجماعة المقدسة رغم إنه لم يتم شفاءه ولكنه تطهر حتى يأتي للجماعة المقدسة الخطية كذلك .. فإن الإعتراف والتناول عمل مبني على إيمانك .. يقف على أمور ظاهرة .. الأبرص كان يعشم في محبة ربنا جداً .. ذهب إليه وقال له { يا سيد إن أردت تقدر أن تُطهرني } .. فمد يده ولمسه رغم مرضه الخطير .. لم يقل كلمة فقط بل لمسه رغم أنه أبرص إلا أنه محبوب لديه .. أبرص ولكن الله يحبه .. أبرص ولكن سيُشفى .. كلنا جميعاً هكذا فما أجمل كنيستنا التي جعلتنا نشعر ونحن قادمين إليها ونحن حاملين فيها مرض البرص لكننا نعشم في التطهير الخاص به وهو يعطينا جسده ودمه .. وكما نقول في صلاة قبل التناول { أنك لم تستنكف من دخول بيت الأبرص لتشفيه } .. ونقول له مع الأبرص { يا سيد إن أردت تقدر أن تُطهرني } .. أما هو فيقول { أُريد فاطهر } .. يمد يده ويلمسني .. نأخذ الجسد والدم ونتحد به ويدخل داخل كل أعضائي .. يبيد البرص ويعطينا نقاء وشفاء .. هذا هو ما فعلهُ .. سنرجع إلى الجماعة المقدسة من جديد .. تعود تنظر هيكله وتُخبر بتسبيحه وكرامتك المسلوبة ترجع من جديد سأرجع للطبيب الحقيقي ويُرجع إليَّ ما سرقهُ العدو .. وبعد أن كنت عديم الحس أسلك بلياقة .. بتدقيق .. وبعد أن كانت كرامتي مسلوبة ترد إليَّ كرامتي بقوة .. وبعد أن كان فمي مُغلق يفتح شفتيّ ويُخبر فمي بتسبيحك .. وبعد أن كنت أقول " أنا نجس .. نجس " صرت طاهر عفيف وهيكل له ومُكرم وغير مطرود وأعيش في وسط الجماعة المقدسة { أما أنا فبكثرة رحمتك أدخل بيتك .. وأسجد قدام هيكل قدسك بمخافتك } ( مز 5 : 7 ) .. في كل مرة أُشكر ربنا وأنت تدخل الكنيسة وإنك تُحسب مع شعبه وقديسيه .. وتقول له { في الجماعات أبارك الرب } ( مز 26 : 12) .. إن أراد العدو أن يعزلنا ويُفقدنا كرامتنا ومكانتنا عند الله يرغب أن نعيش في نجاسات ورجاسات .. قرَّب للمسيح القادر وحده أن يمد يده ويشفيك .. هنا أقول لك في معجزة شفاء الأبرص نحن لنا فيها كنز .. نحن مدعوين للشفاء .. لا تستثقل خطاياك عليه أبداً لا يخدعك العدو بأن مرضك عديم الشفاء ومطرود وستظل مطرود .. قل له أن الله سيجعلني أنظر هيكله ويجعلني شريكاً في نعمة أسراره المُحيية .. أنا ابن مكاني بيته ربنا يكمل ويفرحنا بعمل شفاءه فينا وندعو كل مريض تعالوا وانظروا يوجد من لمسني وقال لي كلمة لكي ينالوا الشفاءفهناك من قادر أن يشفي البرص وإن كان مستحيل ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته ولإلهنا المجد دائماً أبدياً آمين
اجذبنى ورائك فأجرى
يقول لنا سفر نشيد الأناشيد ﴿ إجذبني وراءك فنجري ﴾ ( نش 1 : 4 ) .. أي خذني ورائك بقوة .. يقول رب المجد يسوع ﴿ لا يقدر أحد أن يُقبل إليَّ إن لم يجتذبه الآب ﴾ ( يو 6 : 44 ) .. بمعنى آخر لكي أذهب أنا إلى الآب لابد أنه يجذبني أو يشدني .. فقط أقول أنا * إجذبني * لأني ضعيف ولديَّ معوقات كثيرة تقف أمامي في طريقك فإجذبني أنت .. يقول أحد الآباء القديسين وهو يناجي الله﴿ إنتشلني إن شئت أم لم أشأ ﴾ .. فهناك أشياء كثيرة .. كسل .. شهوات .. مغريات العالم .. وجودي داخل صراع ما بين كل ما هو أرضي وبين ما هو سماوي .. فإجذبني بمغناطيس الحب الإلهي .. إجذب نفوسنا بقوتك الجبارة كما فعلت مع اللاوي وللوقت قام وتبعك .. كما فعلت مع بطرس وكلمة * إتبعني * جعلته يترك سفينته والشباك وأيضاً السمك ويتبعك توجد قوة للجاذبية .. عندما لا نستطيع أن نتخلص من الشرور والخطايا نقول له * حاللني وإجذبني * .. فإن هناك رباطات شديدة جداً بدونك لا أقوى عليها .. أريد قوة من عندك لكي تحطم كل قوة مضادة .. أنت تعلم أن إبليس قوي ومملكته مسيطرة .. فما أجمل قول يسوع المسيح ﴿ إن إرتفعت عن الأرض أجذب إليَّ الجميع ﴾ ( يو 12 : 32 ) .. أي إرتفاعه على الصليب المجيد .. نحن من هذا اليوم عيوننا أصبحت مرفوعة بقوة الجاذبية .. إن ربنا يسوع المسيح جعلنا نتخلص من ضعفات كثيرة عندما نذوق حلاوة العشرة معه وأقول له إجذبني وراءك .. ما أجمل أن نسمع في سفر هوشع القول الذي يقول ﴿ أنا درجت أفرايم ممسكاً إياهم بأذرعهم فلم يعرفوا أني شفيتهم .. كنت أجذبهم بحبال البشر بربط المحبة وكنت لهم كمن يرفع النير عن أعناقهم ومددت إليه مُطعماً إياه ﴾ ( هو 11 : 3 – 4 ) إن الله يقطع رباطات الخطايا ويربطنا برباطات محبة .. وهذا هو الصراع الموضوعين نحن فيه ما أجمل قول أشعياء وهو يقول ﴿ أنا أسير قدامك والهضاب أمهد أكسر مصراعي النحاس ومغاليق الحديد أقصف ﴾ ( أش 45 : 2 ) .. ويقول ﴿ كراعٍ يرعى قطيعه بذراعه يجمع الحملان وفي حضنه يحملها ويقود المرضعات ﴾ ( أش 40 : 11) .. شئ رائع أن أشعر إني أسير وهو يشدني وكما يقول له معلمنا داود النبي ﴿ علمني يارب طريقك أسلك في حقك ﴾ ( مز 86 : 11) .. مهم جداً أن أنجذب لكلمة الإنجيل وأقوال الله ووصاياه وأهتم بجمال الأبدية حتى لا تجذبني شهوات العالم .. جميل أن يقول داود النبي ﴿ تكون جميع أقوال فمي وفكر قلبي مرضية أمامك ﴾ ( مز 19 : 14) .. وفي سفر أشعياء النبي ﴿ في طريق أحكامك يارب إنتظرناك .. إلى إسمك وإلى ذكرك شهوة النفس ﴾ ( أش 26 : 8 ) .. فإن لم يستعن الإنسان بقوة إلهية في الخلاص سيظل في الإثم .. وعدو الخير يضع في ذهنه الإحباط واليأس .. من أجل هذا أنا أقول له ﴿ بنفسي إشتهيتك في الليل .. أيضاً بروحي في داخلي إليك أبتكر ﴾( أش 26 : 9 ) .. في سفر أرميا يقول له ﴿ عرفت يارب أنه ليس للإنسان طريقه ﴾ ( أر 10 : 23 ) .. أي إني عرفت أن الإنسان يجب أن لا يمشي بمفرده أبداً إن ربنا يسوع المسيح لديه جاذبية عجيبة في إجتذاب رعيته .. ذهب إلى بيت زكا وجذبه وراءه .. أيضاً السامرية .. اللص اليمين رغم أنه قد رأه وهو في الآلام .. التلاميذ .. كل الفئات من نساء وشباب .. فلاسفة .. كتبة .. ومازال حتى الآن يجذب إليه الكثير .. يجذب أبرار لأن فيه شبع الأبرار .. يجذب خطاة لأن فيه غفران للخطايا .. يجذب الفقير لأن فيه غناه ويجذب الغني لأن فيه أبديته .. إن عمل الراعي أن يجذب خرافه إلى مكان مريح به ماء وخضرة .. وإن أجمل الأماكن التي بها الماء والخضرة وينابيع الروح كي نتغذى بها هي كنيستنا .. فما أجمل أن ينجذب الإنسان إلى الله وينسى كل شئ ولا ينظر للوراء القديس أغسطينوس كانت لديه علاقات كثيرة شائكة من أصدقاء فاسدين وأفكار ملوثة .. تعلُّم عادات رديئة .. إحتقار الجميع .. غرور .. رغم هذا يقول عندما جذبني لم أرجع للوراء .. قوة محبة الله جذبت موسى الأسود الخاطئ .. السارق .. القاتل ويُصبح بار .. فإن قوة محبته قادرة أن تجذبنا وتُقطِّع منا الرباطات القديمة .. إذا كان معلمنا بولس الرسول في قمة غروره وكبريائه وهو ذاهب إلى إضطهاد المسيحيين فإذا ﴿ أبرق حوله نور من السماء وسمع صوتاً قائلاً له شاول شاول لماذا تضطهدني ﴾( أع 9 : 3 – 4 ) .. جذبه وقال له * أنت إناء مختار لي * ( أع 9 : 15) .. من جذب شاول وموسى الأسود والقديس أغسطينوس وزكا قادر على جذبي أنا ولا يعجز عندي فلا يقول لي * حالتك صعبة أو لا أستطيع أو غير ذلك * .. ﴿ يا سيد إن أردت تقدر أن تطهرني ﴾ ( مت 8 : 2 ) عندما أنجذب إليه لا أمشي بل أجري ولست بمفردي بل بآخرين عن طريق الفضيلة .. يقول معلمنا بولس الرسول ﴿ أنا تعبت أكثر منهم جميعهم ﴾ ( 1كو 15 : 10) .. موسى الأسود سبق كل جماعة الرهبان حتى أصبح رئيس عليهم لأنه لم يمشي ولكنه جرى .. فإن قوة الحياة مع الله تجعلني أجري وأنسى الماضي وأفرح .. فإنه جذب قلوب شهداء وأبرار حيث أن العالم لم يكن مستحقاً لهم .. مكثوا في البراري والصحاري وشقوق الأرض حتى يحلقوا في السمائيات قصة تُقال عن الجنود الذين إقترعوا على ثياب يسوع .. أنه بعد عملية الصلب كان حذاء يسوع من نصيب أحد الجنود .. هذا الجندي عن طريق السخرية لبس الحذاء فوجد نفسه يسير في طريق لم يسير فيه من قبل .. توجه نحو جبل الزيتون الذي أُخذ منه يسوع ساعة القبض عليه ورأى الصخرة التي كان يسوع يصلي عندها فجلس وصلى في نفس المكان .. حتى حذاء يسوع المسيح كان فيه قوة غيرت الجندي فركع وصلى من المعروف أن قوة جذب أي مغناطيس تختلف من واحد إلى آخر .. فيوجد مغناطيس لا يجذب سوى دبوس صغير .. وهناك مغناطيس يجذب حديد .. وآخر آله وهكذا .. أما الرب يسوع المسيح يجذب القلوب فتندفع إليه .. بولس الرسول لم يأتي إلى الله بمفرده بل جذب معه آلاف وآلاف وهذا نلمسه من كم الرسائل التي تركها لنا .. السامرية لم تأتي بمفردها ولكنها جاءت بأهل مدينتها القديس أغسطينوس يقول لكل إنسان يقابله * تعال ذوق حلاوته .. إذا كنت خاطئ أنا كنت كذلك ولكنه غسلني وجذبني * في سفر أشعياء يقول ﴿ الغلمان يعيون ويتعبون والفتيان يتعثروا تعثراً وأما منتظرو الرب فيجددون قوة .. يرفعون أجنحة كالنسور يركضون ولا يتعبون يمشون ولا يعيون ﴾ ( أش 40 : 30 – 31 ) .. أي يجري ولا يتعب .. إن عُمر الأنبا أنطونيوس 105 سنة لكن محبة ربنا قادرة على تجديد شباب الإنسان الداخلي .. من أجل هذا يقول في الرسالة إلى كورنثوس ﴿ اركضوا لكي تنالوا ﴾ ( 1كو 9 : 24 ) .. حاول أن تطبق الوصية فقول له * يارب أريد أن أجري في الطريق الخاص بك .. أريد أن أحول إنجيلك لحياة داخلي * .. فمن يعيش مع الله قلبه ملئ بالفرح والسلام .. غير مضطرب أو حزين لأنه منجذب إليه فلا يوجد بداخله قلق على حياته الخاصة لأنه يعرف إلى أين يذهب ومع من يعيش .. فيجري ويُحضر له كثيرين فيشعر أن له رسالتين :-
i. أن يخلص .
ii. وأن ينادي بالخلاص .
نحن أخذنا عطايا كثيرة منه لإغراءنا حتى نجري وراءه أعطانا عطايا كثيرة .. أعطانا الغفران والفداء .. أعطانا المحبة .. أعطانا جسده ودمه على المذبح .. أعطاناأسراره وروحه القدوس الساكن فينا حتى نجري وراءه .. نتذكر عظة بطرس الرسول يوم الخمسين أن 3000 فرد إنجذبوا وسألوا ما هو المطلوب منا الآن حتى نفعله ؟ فلم يجري أحد في طريق ربنا يسوع إلا وآلاف وراءه .. فلا يجري أحد بمفرده .. مثل الأنبا أنطونيوس رغم أنه كان يسكن مغارة في الصحراء ولكن قوة جاذبية حياته جذبت وراءه آلاف وآلاف .. فيلبس لم يأتي إلى يسوع بمفرده فجاء بنثنائيل صديقه وقال له ﴿ تعال وانظر ﴾ ( يو 1 : 46 ) .. هذه هي الكنيسة التي نادت بإسم رب المجد يسوع .. فإذا كان الإنسان يعيش بعيد عن جاذبية الرب يسوع وينظر إلى طريقه القديم فعليه أن يختار الآن ويرفع قلبه ويقول ﴿ إجذبني وراءك ﴾ ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته ولإلهنا المجد إلى الأبد آمين
حبك أطيب من الخمر
في سفر نشيد الأنشاد لسليمان الحكيم نقرأ .. { نشيد الأنشاد الذي لسليمان .. ليُقبلني بقُبلات فمه لأن حبك أطيب من الخمر .. لرائحة أدهانك الطيبة اسمك دُهن مُهراق .. لذلك أحبتك العذارى .. اجذبني وراءك فنجري .. أدخلني الملك إلى حجاله .. نبتهج ونفرح بك .. نذكر حبك أكثر من الخمر .. بالحق يُحبونك } ( نش 1 : 1 – 4 ) .. أيضاً { قد سبيتِ قلبي يا أُختي العروس قد سبيتِ قلبي بإحدى عينيكِ بقلادةٍ واحدةٍ من عُنقك .. ما أحسن حُبك يا أُختي العروس كم محبتك أطيب من الخمر وكم رائحة أدهانك أطيب من كل الأطياب .. شفتاكِ يا عروس تقطُران شهداً .. تحت لسانِك عسل ولبن ورائحة ثيابك كرائحة لُبنان .. أُختي العروس جنة مُغلقة عين مُقفلة ينبوع مختوم .. أغراسك فردوس رمان مع أثمارٍ نفيسةٍ فاغيةٍ وناردينِ } ( نش 4 : 9 – 13) إن سفر النشيد من أروع أناشيد الحب الإلهي في الكتاب المقدس .. أيضاً هذا السفر به عبارات وإيحاءات بالنسبة للبعض غير نقية وسبب هجوم من البعض .. ويحدث هجوم من كثيرين بسبب هذا السفر للرد على أن هناك عبارات فيها غَزَل أو عثرة .. نقول أن هذا السفر يجب أن يُقرأ بروح صلاة وتأمل والنفس تتجاوب مع الله لدرجة أن تصل إلى هذه الدرجة من العشق الإلهي .. وكما يُقال أن سفر الأمثال يُمثل حديقة القصر .. وسفر الجامعة يُمثل داخل القصر .. وسفر النشيد يُمثل الحجرة الخاصة داخل القصر .. خصوصية الحب الإلهي في أسمى وأرقى وأعمق صورة هذا السفر لا يُفهم إلا بالروح ووجهة نظر روحية نقية .. هو مناجاة رائعة بين النفس والله .. أو بين المسيح وكنيسته .. أو بين الله وخليقته .. كنيسة المسيح هي عروسه التي اقتناها بدمه .. إنها علاقة العشق بين الله والنفس البشرية .. هذه الجمل ترسم لوحة رائعة لطوباوية المجد الإلهي تُمجد بها الله وتعرف مقدار كرامتك عند ربنا .