العظات
الذى بلا خطية صار خطية لأجلنا
" الذى بلا خطية صار خطية لأجلنا00لأنّهُ حمل أوجاعنا00ووضُع عليهِ إثم جميعنا حتى أنّ الآب سُرّ أن يسحقهُ بالحُزن " 0
يقول القديس أثناسيوس لماذا صُلب يسوع ؟ كان مُمكن يمرض ويموت وبذلك تكون قد تحققّت أُجرة الخطية وهى الموت ولكن هذا لا يليق لأنّ موتهُ لابُد أن يكون لهُ شروط وهى :0
-1- أن يقع عليهِ من آخر 0
-2- أن يكون فيهِ إشهار أى يراهُ كُل العالم حتى إذا قام يقوم أيضاً بإشهار0
-3- أن يكون موت شنيع يحمل عار وفيهِ قسوة وظُلم ليفىِ عدل الله حقهُ0
لأنّهُ لا يليق أن يشفىِ الأمراض ويموت مريض 000أو يموت بشرّه من يجول يصنع خيراً لذلك كان موتهُ عجيب0
كان موتهُ فضيحة من القريب والغريب وقد " حسبوهُ مُهان ومضروب من الله " وكأنّ الله الآب غاضب منهُ ولكن الأمر ليس كذلك لأنّ الله الآب كان غاضب من خطايانا التى حملها المسيح عنّا ولذلك مشاعر الكنيسة راقية جداً فىِ هذا اليوم فىِ تقديس يسوع المصلوب الذى لم يكُن منظرهُ يُشتهى لشدة القسوة والظُلم الذى عاناهُ0
اليوم نتذكّر آدم والخطية واليهود وظُلمهُم والرومان وقسوتهُم وننسى أنفُسنا00لا00اليوم يومنا 00يقع اللوم علينا نحنُ لأننّا نصلُبه ولازلنا للآن نُجدّد صلبهُ ونُجدّد جراحاتهُ0
أى قلب يستطيع أن يدُق مُسمار فىِ يدهُ الطاهرة وأى قلب يستطيع أن يمُد يدهُ ليلطِم وجههُ المُنير000؟ وأى قلب يستطيع أن يستهتر بهِ كملك ويسجُد لهُ بغستهتار وسُخرية 00؟؟
الله ترك من صلبوهُ أن يفعلوا ما يُريدون كى يفىِ العدل الإلهىِ حقهُ00يسوع ذكرّهُم بالخل عندما قال أنا عطشان حتى إذا قال قد أُكمل يكون قد وفّى دين الجميع فعلاً ويكون قد وُضع عليهِ إثم الجميع بحق 0
خلّص دانيال والثلاثة فتية وخلّص بنىِ إسرائيل من سُلطان فرعون00فكيف لم يُخلّص نفسهُ ؟ لأنّهُ فىِ ذلك كان يفىِ العدل الإلهىِ حقهُ00إذا كان قد سمح أن تنشقّ الأرض وتبتلع قورح وداثان وأبيرام00فلماذا لم يفعل ذلك مع المُستهزئين بهِ ؟ لماذا لم يجعلهُم يقولون بالحقيقة هو إبن الله دون أن يُدافع عن نفسهُ ؟
اليوم أنا بخطيتىِ أصلبهُ من جديد كما فعل اليهود وكما فعل يهوذا00قد أكون معهُ فىِ إسبوع الآلام لكن فىِ العيد أعود لشرىِ كما فعل معهُ اليهود فىِ أحد الشعانين ثُمّ صلبوهُ فىِ جُمعة الآلام 0
كثيراً ما نُفضلّ اللذة عنهُ كما فضلّ يهوذا الفِضة عنهُ00أحياناً نشعُر أنّ الرومان قد ظُلموا لأنّهُم لم يكونوا قد عرفوهُ كما عرفهُ اليهود ثُمّ شهدوا عليه أنّهُ مُفسد الأمّة لذلك الرومان لهُم العُذر0
لِذا قال يسوع " أنّهُم لا يعلمون ماذا يفعلون " و " أنّهُم لو عِلموا ما صلبوا رب المجد " 00بينما نحنُ نعرفهُ جيداً ونصلبهُ بالخطية كُل يوم لذلك خطيتنا أعظم وإهانتنا لهُ أعظم من إهانة الرومان لهُ0
نحنُ نرى قوة الله ونتلامس معهُ فىِ حياتنا لنُصرّح ونُقر بعظمتهُ ومجدهُ ولنحيا معهُ وليس لنصلبهُ مرّة أخرى بالخطية ولا نُنكر جميلهُ بل لابُد أن يكون لنا إعتراف بجميلهُ فىِ حياتنا وهو الذى وفرّ لنا ذبيحتهُ يومياً وإنجيلهُ يومياً0
ولكننّا للسف رغم كُل ذلك نصلبهُ مرّة أخُرى " فأى إدانة تكون إدانتىِ أنا المضبوط بالخطايا " كيف أقول لا أعرفهُ ؟ لذلك قال رب المجد " إنّ لسدوم وعموره يوم الدين حال أفضل " لأنّهُم لو كانوا قد رأوا رجُل آيات مثلهُ كان مُمكن يتوبوا0
بينما نحنُ نراهُ ونعرفهُ ونظلمهُ بدلاً من أن نُقبلّ قدميهِ اللتين إعتقتانىِ من طريق الضلالة00أسمرّهُ على الصليب لأنّىِ أمنع نفسىِ عن الخير 00نحنُ مديونين دين عجيب لهُ يستحق أن ننسى أنفُسنا من أجلهِ لذلك نحنُ نُريد أن نُصالحهُ فىِ يوم صليبهُ ونرفع عنهُ إكليل الشوك0
من بداية اليوم كانت المُحاكمات لهُ وقد نصبوا لهُ مُحاكمة ليلاً لأنّهُم تعجلّوا مُحاكمتهُ رغم أنّ ذلك غير قانونىِ ولذلك أعادوا المُحاكمة صباحاً وحبسوهُ خوفاً منهُ00أوثقوهُ مثل المُجرمين لأنّهُ مُتهم بأنّهُ مُفسد للأمّة0
قيل عنهُ أنّهُم " أوقفوهُ فىِ الحُكم كحقير وصاروا يستهزئون بهِ " 00قال بيلاطُس أنّهُ سيؤدّبهُ ويُطلقهُ 00كيف يؤدبّ رب المجد ؟ بينما داود يقول " خيراً صنعت مع عبيدك حسب قولك صلاحاً وأدباً علّمنىِ " 00عرّوه من ثيابة00فضيحة00إهدار للكرامة00كُل هذا كى يكسونا بثوب برّهِ0
فإن قُلنا أنّ خطيتنا أعظم من أن تُغفر فلننظُر إلى عِظم محبتهِ وتعبهِ من أجلنا 00نعم نحنُ أحياناً نُعرّيه عندما ندين من حولنا كما حدث فىِ قِصة نوح البار وسخر حام من عُريهِ بينما أخويهِ الآخران سترا عُرى أبيهُما 00نحنُ بإدانتنا نفعل كما فعل حام0
أى مُشكلة وأى تعب فىِ الكنيسة يمسّ يسوع شخصياً كما رأى أثناسيوس المسيح بثياب مُمزّقة ولمّا سألهُ عن السبب أجابهُ يسوع أنّ آريوس هو الذى مزّق ثيابىِ00هكذا نحنُ نفعل معهُ00كُل إنسانة تستهر بجسدها هى تُعرّى المسيح لأنّ جسدها مِلك ليسوع0
إكليل الشوك لم يكون وارد فىِ حيثيات الحُكم بينما هُم إخترعوهُ لهُ للإستهزاء بهِ00 ولم يكُن إكليل بل كان قُبعّة وإمعاناً فىِ القسوة ربطوهُ على رأسهِ بحبل حتى يظل الشوك مغروس فىِ رأسهِ 0
الكنيسة تقول إنّ خطايانا هى الشوك الذى أوخز رأسهُ المُقدّس00نحنُ الذين أحزناهُ00وما هو الشوك إلاّ كبريائىِ وأفكارىِ الدنسة وأفكار العظّمة التى تملأ عقلىِ00وما هو الحبل الذى ربطوا بهِ كليل الشوك على رأسهِ إلاّ إصرارىِ على خطاياى0
نحنُ أولادهُ نُعرّيه ونصلبهُ لذلك هو قال " جُرحت فىِ بيت أحبائىِ " صعب عليهِ أن تنكرهُ خاصتهُ وتهرب عنهُ وتنام وتتركهُ0
جلدوهُ 000على عمود مُنخفض حتى ينحنىِ فتكون الضربة أقوى00والسوط ثُلاثىِ بهِ قِطع حديديّة أو عِظام00وكانوا يتبارون معاً أىٍ منهُم يجعل دمهُ يسيل أكثر 000فىِ كُل جلده كان يرفع خطية واحد منّا00لِذا لا تصرّ على خطاياك لأنّك تترُك آثار الجلد على ظهرهِ0
بيلاطُس كان مُتردّد لكنّهُم حفزّوهُ على الصليب بتهديدهُ بخِسارتهُ لمحبة قيصر لهُ00نحنُ كثيراً ما لا نجد علّة فىِ يسوع لكن لأجل محبة قيصر العالم نصلبهُ0
أشنع طريقة موت فىِ ذلك الوقت كانت الصلب00العار كُلّهُ يأتىِ على المصلوب00يُصلب خارج المحلّة لكى لا يُنجّس أورشليم لأنّهُ نجاسة وعار00أيضاً ذبيحة المُحرقة كانت خارج الخيمة لنّها تغفر الخطية00والخطية نجاسة لذلك أخذ يسوع التُهمة كاملةً والعار كامل لأجلِنا 00قبِل يسوع كُل جِهالة وتجريح وسب وكبرياء ولعنة من أجلِنا بإرادتهِ0
يقول اليهود أنّ إبراهيم يقف عِند الجحيم ليمنع كُل اليهود من دخولهُ ما عدا من يحمل لعنة الخشبة000بالفعل دخل يسوع الجحيم كى يخُرج من السبى وينقِذ آدم وإسحق وإبراهيم و000كثيرون ماتوا أثناء الجلد من شدّتهِ بينما هو جُلد وصُلب00وخلال موكب الصليب أخذ أعظم الإهانات0
وقع يسوع تحت الصليب أثناء سيرهُ سبع مرات وكُل مرّة يقع يُضرب ليقوم حتى أنّهُم عملوا فىِ طريق الصليب فىِ أورشليم سبع محطات حتى الآن0
مُقارنة بين المسيح لهُ المجد وإسحق :0
=====================================================================================
إسحق يسوع
========= =========
1/حمل الحطب صباحاً باكر 1/ حمل يسوع الصليب الساعة 9صباحاً والكُل رآه
2/حمل بعض الحطب 2/ حمل الصليب بكُل ثقلهِ
3/ كان معهُ أبوهُ 3/ قادوهُ الرومان
4/ نام ليلتها فىِ بيتهِ 4/ كان سهران يُحاكم
5/ لم تراهُ ساره أمهُ 5/ كانت العذراء فىِ عذاب ترى عارهُ وإهانتهُ
إذا كان أيوب فىِ تجربتهِ جاء أصحابهُ ليُعزّوهُ ولمّا رأوهُ صمتوا وجلسوا معهُ فىِ المسوح سبعة أيام00فماذا نفعل نحنُ مع يسوع ؟ يجب أن ننوح ونمُد أيدينا لهُ ونتنّهد ونُنقّىِ أنفُسنا من كبرياءنا وغرورنا لنُزيل المُسمار من يدهِ0
كُل إنسان يُشيع أو يُساعد على خِصام وإنقسام فهذا يطعن المسيح الذى جاء ليُصالح00ليتنا نُزيل الشوك من رأسهِ ونُضمدّ لهُ جراحاتهُ بالتوبة والدموع0
قدوس أنت يا الله لأنّك أظهرت بالضعف ما هو أعظم من القوة0
ربنا يسند كُل ضعف فينا بنعمتهُ
لهُ المجد دائماً أبدياً أمين0
روحانية الحان ونغم الطقس الكنسيى ج1
كلِمات القُدَّاس نُعَّبِر عنها بِنغمات فنجِد نغمِة تضرُّع وَأُخرى لِلفرح نغمة لِلرحمة وَأُخرى لِتوقِير الله00نغمة عالِية وَأُخرى مُنخفِضة كَمْ نشعُر أنَّ رُوح الله هُوَ الَّذِى قاد مَنَ وضعُوا هذِهِ النغمات نشعُر أنَّ رُوح الله هُوَ الَّذِى حرَّكَ مشاعِرهُمْ وَأستخدم مواهِبهُمْ لِصالِح فائِدتنا.
التجسُدّ والإفخارستيا
من رسالة بولس الرسول لأهل أفسُس " مبنيين على أساس الرُسل والأنبياء ويسوع المسيح هو حجر الزاوية " نحنُ فىِ أيام نحتفل فيها بالتجسُدّ الإلهىِ التجسُدّ الإلهىِ أعظم عطيّة على الأرض هو بداية فِداء الإنسان أقصى أمُنية يتوقعها الإنسان أن يقترب منّا ويصير إنسان وواحد منّا عطايا التجسُدّ وبركاتهُ كيف تكون واقع بالنسبة لنا ؟ بالتناول لو كان الله قد صار إنسان ولم يُعطينا جسدهُ نتمتّع بهِ لصار تجسُدّه فكرة أو نظرية بدون تناول التجسُدّ نظرية أو فكرة أو تاريخ بطل لكن لا لأنّ التناول يُحولّ التجسُدّ إلى واقع لذلك الكاهن فى القُداس يحكىِ قصة الخليقة " يا الله العظيم الأبدىِ الذى جبل الإنسان على غير فساد والموت الذى دخل إلى العالم بحسد إبليس هزمتهُ بالظهور المُحيى الذىِ لإبنك الوحيد الجنس ربنا يسوع المسيح "
الختان الروحى
الخِتان عادة نامُوسِيَّة حيثُ يُختتن الطِفل فِى اليوم الثَّامِنْ وَقَدْ خُتِنْ المسِيح لَهُ المجد نِيابةً عنّا وَلِيُكمِل النَّامُوس لأِنَّهُ قَالَ [ ما جِئتُ لأِنقُض بَلْ لأُِكمِّلَ ] ( مت 5 : 17 ) لِذلِكَ سنتحدَّث عَنْ عِدَّة نِقاط هِى :-
الاعداد للتجسد
الكلام عَنْ سِر التجسُّد كلام مُشبِع وَإِنْ غاب التجسُّد عَنْ فكرِنا غابت المسِيحِيَّة فِى نَفْسَ اللحظة قالتجسُّد هُوَ المسِيحِيَّة سِر عظمِة المسِيحِيَّة فِى إِيمانها بِالتجسُّد سِر إِقتراب المسِيحِى لله هُوَ إِقتراب الله لِلمسِيحِى وَسِر تقوى المسِيحِى هُوَ أنَّ الله ظهر فِى الجسد[ عظِيم هُوَ سِرُّ التَّقوى اللهُ ظهر فِي الجسدِ ] ( 1 تى 3 : 16 ) المسِيحِى يحيا التقوَّى لأِنَّهُ أدرك أنَّ الله إِقترن بِهِ وَأتحد بِهِ وَلَمْ يسكُن فِى سماه وَلَمْ ينظُر لأِبنائه بنِى البشر بَلْ تطلَّع إِليهِمْ وَأنَّت أحشائه فأتى لِيُخلِّصهُمْ القدِيس أثناسيُوسَ يقُولَ أنَّ الموت لَمْ يكُنْ خارِج الإِنسان وَالفساد الَّذِى حدث كَانَ داخِله لِذلِكَ لَمْ يكُنْ لِلإِنسان أنْ يُعالج مِنْ الخارِج وَالصورة الَّتِى فسدت فِى أبِينا آدم الَّتِى هِى الصورة الجوهرِيَّة لله لاَ يُمكِنْ لأحد أنْ يُصلِحها إِلاَّ صاحِب الصورة الأصلِيَّة الله الإِبن بِذاته00الصورة لاَ يُصلِحها إِلاَّ صورة الله الآب الَّتِى هِى الإِبن يسُوعَ00[ بهاءُ مجدِهِ وَرسمُ جوهرِهِ ] ( عب 1 : 3 ) " صورة " فِى المعنى اليُونانِى هِى " مورفِى " الَّتِى تعنِى الصورة الجوهرِيَّة لِذات الشخص فالمسِيح هُوَ الصورة الجوهرِيَّة لله00لِذلِكَ يقُولَ [ الَّذِي إِذْ كَانَ فِي صورة اللهِ لَمْ يحسِب خُلسةً أنْ يكُونَ مُعادِلاً لِلهِ لكِنَّهُ أخلى نَفْسَهُ آخِذاً صُورة عبدٍ صائِراً فِي شِبهِ النَّاسِ ]( فى 2 : 6 – 7 ) فِى الترجمة اليُونانِيَّة " صورة الله " غير " صورة العبد " " صورة الله " هِى " مورفِى ""وَصورة عبد " هِى " إِيمدج " أى " شكل خارِجِى "صورة الله الجوهرِيَّة الَّذِى أخلى ذاته أخذ شكل عبد صورِة عبد أى إِيمدج أنا المُهِمْ عندِى المورفِى صورِة جوهرِيَّة الله المسِيح أخذ شكل عبد وَجاء لِيُصلِح صورة الله الَّتِى فسدت فِى الإِنسان القدِيس أثناسيُوس يقُولَ [ إِنَّ العالم يتعجَّب أنَّ الله تجسَّد وَأنا أتعجَّب إِنْ لَمْ يتجسَّد فَمَنْ هُوَ الَّذِى يترُك صنِيعتهُ تفسد وَ لاَ يُبالِى بِها فيصِير هذا ليس إِله ] مُنذُ لحظِة سقُوط آدم وَأحشائه تئِن وَتتحرَّكَ القدِيس غرِيغُوريُوس يقُولَ لِماذا لَمْ يتجسَّد الله مُجرَّد سُقُوط آدم ؟يقُولَ لأِنَّ الأمر يحتاج أمران مُهِمان:-
بركات التجسد
لَقَدْ أعْطَانَا التَّجَسُد الإِلهِي بَرَكَات كَثِيرَة جِدّاً وَمِنْ كَثْرِة عَطَايَا التَّجَسُد مِنْ المُمْكِنْ أنْ لاَ نَسْتَوْعِب مَجْدَهَا .. فَمُعَلِّمْنَا بُولِس الرَّسُول يَقُول فِي رِسَالْتُه إِلَى أهْل غَلاَطْيَة ﴿ وَلكِنْ لَمَّا جَاءَ مِلْءُ الزَّمَانِ أرْسَلَ اللهُ ابْنَهُ مَوْلُوداً مِنِ امْرَأةٍ مَوْلُوداً تَحْتَ النَّامُوسِ لِيَفْتَدِي الَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ لِنَنَالَ التَّبَنِّيَ . ثُمَّ بِمَا أنَّكُمْ أبْنَاءٌ أرْسَلَ اللهُ رُوحَ ابْنِهِ إِلَى قُلُوبِكُمْ صَارِخاً يَا أبَا الآبُ . إِذاً لَسْتَ بَعْدُ عَبْداً بَل ابْناً وَإِنْ كُنْتَ ابْناً فَوَارِثٌ لله بِالْمَسِيحِ ﴾ ( غل 4 : 4 – 7 ) فَمُعَلِّمْنَا بُولِس الرَّسُول يَرْبُط التَّجَسُد وَيَقُول إِنْ الإِنْسَان أصْبَح إِبْن وَافْتُدِيَ مِنْ لَعْنِة النَّامُوس وَأنَّهُ نَالَ التَّبَنِّي وَرُوح إِبْنِهِ يُرْسَل إِلَى قَلْبُه وَيَصْرُخ يَا أبَا الآب .. فَبِالتَّجَسُد لَمْ يُصْبِح الإِنْسَان عَبْداً بَلْ إِبْناً وَوَارِث وَكُلَّ هذِهِ مِنْ بَرَكَات التَّجَسُد .. فَظُهُور الله بِالجَسَد هُوَ سِر بَرَكَة وَتَقْوَى وَبُنُّوَة وَسِر فِدَاء .. ظُهُور الله فِي الجَسَد جَعَلَ الله قَرِيب مِنْ الإِنْسَان جِدّاً فَبَدَأَ الإِنْسَان يَسْمَع وَيَرَى وَيَلْمِس وَيَعْرِف الله فَيَقُول مُعَلِّمْنَا بُولِس الرَّسُول ﴿ عَظِيمٌ هُوَ سِرُّ التَّقْوَى اللهُ ظَهَرَ فِي الجَسَد ﴾ ( 1تي 3 : 16) وَحَتَّى يَتَمَتَّع الإِنْسَان بِالتَّجَسُد فَهُنَاك ثَلاَث كَلِمَات تَجْعَل الإِنْسَان يِفْرَح بِالتَّجَسُد وَهُمْ الله تَجَسَد :-
مُعَلِّمْنَا بُولِس الرَّسُول فِي رِسَالْتُه إِلَى أهْل رُومْيَة يَقُول ﴿ إِذْ أرْسَلَ ابْنَهُ فِي شِبْهِ جَسَدِ الخَطِيَّةِ وَلأِجْلِ الخَطِيَّةِ دَانَ الخَطِيَّةِ فِي الجَسَدِ ﴾ ( رو 8 : 3 ) .
1- لِيَفْدِينِي :-
عِنْدَمَا سَقَطَ الإِنْسَان فِي الخَطِيَّة فَخَطِيِتُه مُوَجَهَة ضِدٌ الله .. وَالله غِير مَحْدُودٌ وَالخَطِيَّة غِير مَحْدُودَة .. إِذاً فَلاَبُدْ إِنْ الَّذِي أخْطَأ هُوَ الَّذِي يَدْفَع الثَّمَنْ .. وَالثَّمَنْ هُوَ المُوْت .. وَلَيْسَ آدَم فَقَطْ هُوَ الَّذِي أخْطَأ بَلْ كُلَّ إِنْسَان يَفْعَل الخَطِيَّة .. وَنَحْنُ نَقُول فِي القُدَّاس﴿ لَيْسَ مَوْلُودٌ إِمْرَأة يَتَزَكَّى أمَامَك ﴾ ( مِنْ صَلاَة الصُّلْح " يَا رَئِيسُ الحَيَاة وَمَلِك الدُّهُور )فَأي مَوْلُودٌ يُولَدٌ يَكُون مَعَهُ شِهَادِة حُكْم المُوْت وَإِنْ كَانِتْ حَيَاتُه يُوْم وَاحِدٌ عَلَى الأرْض وَبِهذَا فَالإِنْسَان الَّذِي خَلَقَهُ الله سَيَمُوت .. وَلكِنْ الله مَحْصُور بَيْنَ رَحْمِتُه وَعَدْلُه فَرَحْمِتُه تَقْتَضِي أنْ يِسَامِح الإِنْسَان .. وَعَدْلُه يَقْتَضِي أنْ يَحْكُم عَلَى الإِنْسَان بِالمُوْت وَلِهذَا فَالله سَوْفَ يُوفِي الإِثْنَيْنِ حَقَّهُمَا فَبِرَحْمَتِهِ سَيَغْفِر لِلإِنْسَان وَبِعَدْلِهِ سَيُمِيت الإِنْسَان .. أي أنَّهُ سَيَجْعَل وَاحِدٌ مَقَامُه بِمَقَام الكُلَّ حَتَّى يَمُوْت عَلَى الكُلَّ .. وَاحِدٌ غِير مَحْدُودٌ .. وَلِهذَا فَاقْتَضَى الأمر أنْ يَتَجَسَد الله لِيَصْنَع بِنَفْسِهِ فِدَاء وَحَتَّى يَمُوْت بَدَل الجَمِيع .. فَرَبَّنَا يَسُوع الْمَسِيح عِنْدَمَا عُلِّقَ عَلَى الصَّلِيب وَمَاتَ .. مَاتَ مِنْ أجْل جَمِيع الأجْيَال السَّابِقَة وَالحَالِيَة وَأيْضاً الأجْيَال الآتِيَة .. وَلكِنْ الَّذِي يَفْدِي الإِنْسَان لاَبُدْ أنْ يَكُون إِنْسَان مِثْلُه .. وَهذِهِ هِيَ مُعَادَلَة التَّجَسُد أنَّهُ إِله كَامِل فَفِدَاؤُه غِير مَحْدُودٌ .. وَهُوَ إِنْسَان كَامِل فَفِدَاؤُه نَافِع لِلإِنْسَان .. وَلِهذَا وُلِدَ رَبَّنَا يَسُوع مِنْ إِمْرَأة حَتَّى يَأخُذ طَبِيعِة وَجِسْم الإِنْسَان وَيَكُون لَهُ دَم وَلَحْم .. وَلِهذَا نَقُول * نَسْل المَرْأة يَسْحَق رَأس الحَيَّة * ( تك 3 : 15) .فَالجَسَد الَّذِي أخْطَأ هُوَ نَفْسُه الجَسَد الَّذِي يَفْدِي .. وَلاَبُدٍْ أنْ يَكُون إِله حَتَّى يُصْبِح فِدَاؤُه يُغَطِّي الكُلَّ وَإِنْسَان لَهُ لَحْم وَدَم وَيَكُون بِغَيْر خَطِيَّة – أي بَار – وَلاَ يَحْتَاج لِفِدَاء وَإِلاَّ فَإِنَّهُ سَوْفَ يَأتِي لِيَفْدِي نَفْسُه فَقَطْ .. وَهذِهِ الشُرُوط إِسْتُوفِت بِالكَامِل فِي شَخْص رَبَّنَا يَسُوع الْمَسِيح القُدُّوس المُبَارَك وَهذِهِ هِيَ عَظَمِة الْمَسِيحِيَّة أنَّ الله إِقْتَرَبْ مِنْ الإِنْسَان وَأحَبُّه وَلَمْ يَدَعُه لِلمُوْت فَالله يَعْرِف أنَّهُ مِنْ المُسْتَحِيل أنْ يَصْعَد الإِنْسَان لَهُ وَلِهذَا فَهُوَ الَّذِي نَزَلَ لِلإِنْسَان فَرَبَّنَا يَسُوع جَاءَ حَتَّى يَعْتَقْنَا مِنْ سُلْطَان الشَّر وَالخَطِيَّة .. جَاءَ لِيَصْنَع بِر وَفِدَاء وَخَلاَص وَكُلَّ الأبْرَار وَالقِدِّيسِينْ وَالمَلاَئِكَة مَنْ فِيهُمْ يَسْتَطِيع أنْ يَكُون فَادِي ؟ لاَبُدْ أنَّ الَّذِي يَفْدِي الإِنْسَان يَكُون غِير قَابِل لِلمُوْت فَجَاءَ الله لِيَرْفَع حُكْم المُوْت وَغَلَبْ المُوْت .. إِنَّ أعْدَاء الْمَسِيح فَرَحُوا عِنْدَمَا مَاتَ الْمَسِيح وَلكِنْ الْمَسِيح جَاءَ لِيَمُوْت وَيَقُوم وَيَنْقِل لأِوْلاَدُه سُلْطَانُه عَلَى المُوْت .. فَمنْ شُرُوط الفَادِي أنْ لاَ يَكُون لِلمُوْت سُلْطَان عَلِيه أي أنَّهُ يَكُون أقْوَى مِنْ المُوْت .. وَبِتَجَسُد الْمَسِيح أعْطَى لِلعَالَمْ حَيَاة أبَدِيَّة .. وَإِذَا لَمْ يَكُنْ تَجَسَد الْمَسِيح لَظَلَّ الجَحِيم مُسَيْطِر عَلَى الإِنْسَان وَيَظِل الله مُحْتَجَبْ وَلُغْز وَيَبْقَى الإِنْسَان تَحْت وَصِيِة الشَّرِيعَة وَيُقَدِّم ذَبَائِح دَمَوِيَّة وَرَئِيس كَهَنَة يَدْخُل مَرَّة وَاحِدَة إِلَى قُدْس الأقْدَاس .. وَلكِنْ بِتَجَسُد الله فُتحَ الهِيكَل وَرَفَعْ عَنَّا سُلْطَان الجَحِيم وَالشَّر وَحَرَّر الإِنْسَان مِنْ حُكْم المُوْت الَّذِي سَيْطَر عَلِيه وَلِهذَا أخَذَ جَسَد .. ﴿ الكَلِمَة صَارَ جَسَداً وَحَلَّ بَيْنَنَا ﴾( يو 1 : 14) وَلكِنْ مُمْكِنْ أحَدٌ يَقُول أنَّ هذَا الجَسَد شَر وَخَطِيَّة .. وَلكِنْ رَبَّنَا يَسُوع جَاءَ لِيُحَوِّل الخَطِيَّة وَيَتَحِد بِيَّ .. مِثْل الشَّمْس عِنْدَمَا تَدْخُل إِلَى المَنْزِل تُطَهِّرُه .. وَالشَّمْس غِير قَابِلَة أنْ تَتَلَوَث وَهكَذَا الْمَسِيح فَهُوَ غِير قَابِل أنْ يَكُون شِرِّير .. وَإِذَا كَانَ هذَا الجَسَد شِرِّير فَهُوَ غِير قَابِل أنْ يَضَع فِيهِ بَصْمِة الشَّر بَلْ هُوَ الَّذِي وَضَعَ فِيهِ بَصْمِة القَدَاسَة .
2- لِيُعَلِّمْنِي :-
عِنْدَمَا جَاءَ رَبَّنَا يَسُوع يَقُول الكِتَاب المُقَدَّس أنَّهُ فَتَحَ فَاه وَعَلَّمَهُمْ قَائِلاً ( مت 5 : 2 ) .. وَهُنَاك تَقْلِيد مُتَوَارث بَيْنَ الأجْيَال وَهُوَ أنَّ الله هُوَ الَّذِي عَلَّم أبُونَا آدَم ثُمَّ بَعْد ذلِك عَلَّم أبُونَا آدَم أوْلاَدُه وَأصْبَحَ التَّقْلِيد يُسَلَّم عَنْ طَرِيقٌ البَشَر .. وَوَضَعَ الله فِي الإِنْسَان الضَمِير حَتَّى يُبَكِتُه وَيُنْذِرُه .. وَلكِنْ الضَمِير وَالتَّقْلِيد الشَفَهِي لاَ يَكْفِيَان لأِنَّ مَعَ تَعَوُدٌ الإِنْسَان الخَطِيَّة فَمِنْ المُمْكِنْ أنْ يَمُوت الضَمِير .. وَأيْضاً مُمْكِنْ الَّذِي يَنْقِل التَّقْلِيد الشَفَهِي أنْ لاَ يَكُون أمِين .. فَعَمَل الله وَصِيَّة مَكْتُوبَة مَنْقُوشَة عَلَى حَجَر وَابْتَدأَ يُعَلِّم وَيُرْسِل الأنْبِيَاء حَتَّى يُنْذِرُوا النَّاس بِالتُوبَة .. وَتَنَبَّأوا عَنْ مَجِئ المُخَلِّص وَعَنْ أُمور مُسْتَقْبَلِيَّة .. وَلكِنْ فِي النِهَايَة لَمْ يَنْصَلِح الإِنْسَان وَلِهذَا جَاءَ رَبَّنَا يَسُوع لِيَكُون هُوَ نَفْسُه مَصْدَر التَّعْلِيم وَحَتَّى يُعَلِّم أوْلاَدُه عَنْ طَرِيقٌ حَيَاتُه وَسُلُوكُه وَكَلاَمُه .. فَهُوَ مُشَرِّع شَرِيعَة الكَمَال وَوَاضِعْ النَّامُوس الأفْضَل .فَمَا مِنْ أمر يَحْتَاج الإِنْسَان أنْ يَتَعَلَّمُه وَإِلاَّ رَبَّنَا يَسُوع عَلَّمُه .. فَمَثَلاً قَالَ ﴿ سَمِعْتُمْ أنَّهُ قِيلَ عَيْنٌ بِعَيْنٍ وَسِنٌّ بِسِنٍّ . وَأمَّا أنَا فَأقُولُ لَكُمْ أحِبُّوا أعْدَاءَكُمْ بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ أحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ وَصَلُّوا لأِجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ ﴾ ( مت 5 : 38 – 44 ) .. فَهُنَاك دَرْس جَدِيد فَالله يُرِيدْ أنْ يَصْنَع مَعَ الإِنْسَان عَهْد جَدِيد وَخَلاَص جَدِيد وَأنْ يُعَلِّمُه طَرِيقٌ التُوبَة وَالقَدَاسَة وَكَيْفَ يُقَدِّس الإِنْسَان عَيْنَيْهِ وَجَسَدُه وَفِكْرُه .. فَمَثَلاً قَالَ لَهُمْ ﴿ قَدْ سَمِعْتُمْ أنَّهُ قِيلَ لِلقُدَمَاء لاَ تَزْنِ .. وَأمَّا أنَا فَأقُولُ لَكُمْ إِنَّ كُلَّ مَنْ يَنْظُرُ إِلَى امْرَأةٍ لِيَشْتَهِيهَا فَقَدْ زَنَى بِهَا فِي قَلْبِهِ ﴾ ( مت 5 : 27 – 28 ) .. فَكَانَ يُعَلِّم الجُمُوع بِسُلْطَانٌ وَلَيْسَ كَالكَتَبَة ( مت 7 : 29 ) .. وَلِهذَا فَهُمْ بُهِتُوا مِنْ تَعْلِيمُه ( مت 7 : 28 ) .. فَجَاءَ الله لِكَيْ يُقَرِّب الإِنْسَان مِنْهُ وَمِنْ صِفَاتُه وَيَجْعَلُه يَفْهَمُه وَيُحِبُّه .. وَبَيَّنْ الله كَيْفَ أنَّهُ يَقْبَل الخَاطِئ وَأنَّ هُنَاك عُقُوبَة تَنْتَظِر الخُطَاة .. وَتَكَلَّم عَنْ الدَيْنُونَة وَالبِرِّ وَعَمَل الرَّحْمَة وَالصَّلاَة فِي الخَفَاء وَالإِتِضَاع .. فَعِنْدَمَا تَحَدَّث الله عَنْ الإِتِضَاع نِرَى مَدَى إِتِضَاعُه وَعِنْدَمَا عَلَّمْنَا التَّسَامُح نَرَى مَدَى تَسَامُحُه .. فَمَا مِنْ أمر عَلَّمُه السَيِّد الْمَسِيح إِلاَّ وَفَعَلُه .
3- لِيَتَحِد بِيَّ :-
الله مُحْتَجَب وَيَسْكُنْ سَمَاء السَّموَات .. الله لَمْ يَرَاه أحَدٌ قَطّ ( يو 1 : 18) .. ﴿ الإِنْسَان لاَ يَرَانِي وَيَعِيش ﴾ ( خر 33 : 20 ) .. وَبِالرَّغْم مِنْ وُجُودٌ أبْرَار فِي العَهْد القَدِيم فَهُمْ أتْقِيَاء وَهذِهِ التَّقْوَى جَعَلَتْهُمْ يَشْعُرُون بِحُضُور الله .. وَبِالرَّغْم مِنْ ذلِك قَالَ السَيِّد الْمَسِيح ﴿ أنْبِيَاء وَأبْرَاراً كَثِيرِينَ اشْتَهَوْا أنْ يَرَوْا مَا أنْتُمْ تَرَوْنَ وَلَمْ يَرَوْا وَأنْ يَسْمَعُوا مَا أنْتُمْ تَسْمَعُونَ وَلَمْ يَسْمَعُوا ﴾ ( مت 13 : 17) فَمُوسَى النَّبِي رَئِيس الأنْبِيَاء الَّذِي دَافَعْ الله عَنْهُ وَقَالَ أنَّهُ أمِينٌ فِي كُلّ بَيْتِي ( عد 12 : 7 ) مُوسَى النَّبِي الَّذِي كَانَ يُكَلِّمْ الله كَمَنْ يُكَلِّمْ صَاحِبُه وَلكِنْ بِالتَّجِسُد أصْبَح الإِنْسَان يَسْتَطِيع أنْ يَتَكَلَّم مَعَ الله كَمَنْ يُكَلِّم صَاحْبُه وَأصْبَح مِنْ المُمْكِنْ عَلَى الإِنْسَان أنْ يَتَصَوَر وَيَسْمَع وَيَتَخَيَّل الله لأِنَّهُ إِقْتَرَب مِنْهُ وَلَمْ يُصْبِح الله صُورَة مُخِيفَة فِي ذِهْن الإِنْسَان أوْ إِله مُحْتَجَب .. بَلْ جَاءَ الله لِكَيْ يَضَعْ رُوحُه فِي الإِنْسَان وَحَتَّى يَتَكَلَّمْ مِنْ دَاخِل الإِنْسَان لِنَنَال التَّبَنِّي .فَرُوح إِبْنُه إِتَحَد بِالإِنْسَان وَخَلَقٌ مِنْهُ هَيَاكِل مُقَدَّسَة وَأوَانِي مَجْد .. ﴿ أخَذَ الَّذِي لَنَا وَأعْطَانَا الَّذِي لَهُ ﴾ ( ثِيؤُطُوكِيِة الجُمْعَة ) .. فَهُوَ أحَبَّنَا وَعَلَّمْنَا كَيْفَ نُحِبُّه وَنُعْطِيه كُلَّ قُلُوبْنَا وَاتَحَد بِأجْسَادْنَا .. الإِنْسَان الَّذِي طَبِيعْتُه لاَ تَسْتَطِيع أنْ تَسْتَوْعِب هذِهِ الأُمور وَلكِنْ عِنْدَمَا تَجَسَّد الله أصْبَح الإِنْسَان يَفْهَمْ الله وَيَتَكَلَّمْ مَعَهُ .. الإِنْسَان المَخْلُوق مِنْ تُرَاب جَعَلَهُ وَعَاء مَجْد وَمِنْ هُنَا نَجِدٌ مَدَى عَظَمِة القِدِّيسِينْ فِي العَهْد الجَدِيد وَالشُّهَدَاء وَالنُّسَاك وَالأبْرَار وَالمُتَوَحِدِينْ وَالبَتُولِيِينْ .. فَفِي العَهْد القَدِيم كَانَ يُوْجَدٌ نَمَاذِج قَلِيلَة لِلبَتُولِيَّة وَلكِنْ فِي العَهْد الجَدِيد يُوْجَدٌ مِئَات بَلْ آلاَف مِنْ البَتُولِيِينْ وَالرُّهْبَان وَالنُّسَاك .. فَالله إِقْتَرَب مِنْ الإِنْسَان وَأصْبَحَت إِمْكَانِيَات القَدَاسَة مَوْجُودَة وَمُتَاحَة لَنَا وَصَارَ لَنَا فِدَاءً وَخَلاَصاً .
تَدْرِيب عَمَلِي :
كَيْفَ يَتَمَتَّع الإِنْسَان بِهذِهِ الثَّلاَث بَرَكَات ؟ .. جَاءَ الله لِيَفْدِينِي مِنْ حُكْم المُوْت وَمِنْ العُقُوبَة وَمِنْ الهَلاَك وَنَأخُذ هذَا عَنْ طَرِيقٌ التُوبَة .. فَبِالتُوبَة تُغْفَر خَطَايَا الإِنْسَان وَيَشْعُر بِالرَّاحَة وَحَتَّى يَشْعُر بِالخَلاَص فِي التُوبَة فَهذَا يَتِمْ بِدَم الْمَسِيح وَصَلِيبُه .. إِنَّ الإِنْسَان فِي العَهْد الجَدِيد يُؤمِنْ بِقُوِّة وَبَرَكِة الصَّلِيب فَيَشْعُر أنَّهُ فِي الْمَسِيح يَسُوع وَيُصْبِح الإِنْسَان مَفْكُوك مِنْ الخَطِيَّة وَمَرْفُوع فَوْقَ ضَعْفُه وَسَقَطَاتُه وَآلاَمُه .. وَعَلاَمِة الصَّلِيب هِيَ عَلاَمِة الخَلاَص وَالفِدَاء .. فَالسَيِّد الْمَسِيح لاَ يُحِبْ أنْ يَكُون تَجَسُّدُه مُجَرَّدٌ نَظَرِيَات بَلْ يَكُون عَامِل فِينَا فَنَشْعُر بِفَرْحِة الفِدَاء .. وَلِهذَا يَقُول الآبَاء القِدِّيسِينْ ﴿ إِرْشِم وَجْهَك كَثِيراً .. وَارْشِم جَسَدَك كَثِيراً بِعَلاَمِة الصَّلِيب ﴾ .. فَالوَجْه الَّذِي يَتَقَدَّس بِعَلاَمِة الصَّلِيب لاَ يَنْحَنِي لِلشَّيَاطِين وَالجَسَد الَّذِي تَقَدَّس بِعَلاَمِة الصَّلِيب لاَ يَخْضَع لِلشَّيَاطِين .. وَأيْضاً يَقُول أحَدٌ الآبَاء القِدِّيسِينْ﴿ إِتِحِد بِالصَّلِيب لأِنَّ الصَّلِيب هُوَ دَوَاء لِكُلَّ شَهْوَة ﴾ .يُعَلِّمْنِي .. كُلَّ مَا قَالَهُ السَيِّد الْمَسِيح مِنْ تَعَالِيم فَهذَا لِي وَكَأنَّ الإِنْسَان جَالِس مَعَ النَّاس الَّذِينَ عَلَّمَهُمْ السَيِّد الْمَسِيح .. وَمِنْ الجَمِيل أنْ يَأخُذ الإِنْسَان الكِتَاب المُقَدَّس وَيَشْبَع مِنْهُ بِشَغَف وَأنْ يَأخُذ التَّعَالِيم الَّتِي قَالَهَا السَيِّد الْمَسِيح وَيَضَعْهَا فِي قَلْبُه .. وَمِنْ كَثْرِة مَحَبِّة النَّاس لِرَبِّنَا يَسُوع كَانُوا يَجْتَمِعُون حَوْلُه بِكَثْرَة فَكَانَ يَأخُذَهُمْ إِلَى مَوْضِع خَلاَء عَلَى جَبَلٍ أوْ عِنْدَ بَحْر أوْ عَلَى طَرِيقٌ زِرَاعِي لِيُعَلِّمَهُمْ .. وَعِنْدَمَا كَانَ يَذْهَب الْمَسِيح إِلَى مَنْزِل يَذْكُر الكِتَاب المُقَدَّس أنَّ النَّاس كَادَت أنْ تَدُوس بَعْضَهَا وَأيْضاً حَادِثَة المَفْلُوج الَّذِي دَلُّوه مِنْ السَّقْف ( مر 2 : 3 – 4 ) فَالسَيِّد الْمَسِيح جَذَّاب جِدّاً .. كُلَّ النَّاس تُرِيدْ أنْ تَسِير خَلْفَهُ وَأنْ تَسْمَع كَلاَمُه وَتَعَالِيمُه وَنَحْنُ يُوْجَدٌ مَعَنَا الكِتَاب المُقَدَّس – كَلاَم الْمَسِيح – فَاتْبَع الْمَسِيح وَكَلاَمُه وَكُلَّ مَوْقِفْ حَدَث إِفْرَح وَاشْبَع وَتَعَزَّى بِكَلاَمُه .. لاَ تَجْعَل الكِتَاب المُقَدَّس مُغْلَقٌ كَأنَّكَ تَعْرِف مَكَان السَيِّد الْمَسِيح وَلاَ تُرِيدْ أنْ تَذْهَب إِلِيه .. إِعْرَف أيْنَ هُوَ وَاتْبَعُه أيْنَمَا يَمْضِي فَهُوَ جَاءَ لِيُعَلِّمَك وَيُصْلِح مِنْ أفْكَارَك الَّتِي فِيهَا الكِبْرِيَاء وَالعَظَمَة وَحُبْ الإِنْتِقَام وَالخِصَام فَانْتَبِه إِلَى كَلاَم الْمَسِيح وَأيْضاً نَجِدٌ بَعْض النَّاس مُهْتَمِين بِالأكْل وَالشُرْب تَارِكِينْ الحَيَاة الأبَدِيَّة فَانْظُر مَاذَا قَالَ لَهُمْ السَيِّد الْمَسِيح ﴿ أُطْلُبُوا أوَّلاً مَلَكُوت الله وَبِرَّهُ ﴾ ( مت 6 : 33 ) .. لاَ تَنْشَغِل بِغِيرَك .. لَقَدْ جَاءَ الْمَسِيح لِكَيْ يُصَحِّح أفْكَارَك وَيُنْقِذَك مِنْ عَقْلَك وَفِكْرَك وَيُعْطِيك فِكْرُه .. وَكَثِيراً مَا اعْتَمَد الإِنْسَان عَلَى فِكْرُه وَعَلَى فِهْمُه وَلَمْ يَنْجَح .. وَلِهذَا فَلاَبُدْ أنْ يَتَعَلَّمْ الإِنْسَان وَصِيِّة الله وَمَاذَا يَقُول .. وَعِنْدَمَا عَلَّم الله الإِنْسَان عَلَّمُه بِالطَّرِيقَة الَّتِي تُنَاسِبُه فَهُوَ يَعْرِف طَبْع الإِنْسَان وَكَيْفَ يُفَكِّر وَمَا هِيَ نُقَط ضَعْفُه وَأنَّهُ مُحِبْ لِلشَّهْوَة وَالكَرَامَة وَالعَالَمْ يَتَحِدٌ بِيَّ .. لَمْ يَعُدْ الله بَعِيداً أوْ مُحْتَجَبْ لكِنُّه إِقْتَرَب مِنَّا وَلِهذَا نَقُول ﴿ بَارَكْت طَبِيعَتِي فِيك ﴾( جُزْء " أنْتَ الكَائِنْ فِي كُلَّ زَمَان " فِي القُدَّاس الغِرِيغُورِي ) .. وَلِكَي تَتَحِدٌ بِالْمَسِيح فَهذَا عَنْ طَرِيقٌ جَسَدُه .. وَنَحْنُ نَقُول فِي القُدَّاس ﴿ أُؤمِنْ .... أنَّ هذَا هُوَ الجَسَد المُحْيِي الَّذِي أخَذَهُ إِبْنَك الوَحِيد رَبَّنَا وَإِلَهْنَا وَمُخَلِّصْنَا يَسُوع الْمَسِيح مِنْ سَيِّدَتْنَا كُلِّنَا وَالِدَة الإِله القِدِيسَة الطَّاهِرَة مَرْيَم ﴾ .. هذَا هُوَ جَسَد التَّجَسُّد مَوْضُوع لَنَا عَلَى المَذْبَح حَتَّى يَتَحِدٌ بِنَا وَنَثْبُت فِيهِ وَيَثْبُت فِينَا .. فَرَبَّنَا يَسُوع إِتَحَد بِالإِنْسَان إِتِحَادٌ دَاخِلِي عَمِيقٌ .. فَكُلَّ هذِهِ البَرَكَات يُرِيدْ الله أنْ يُعْطِيهَا لَنَا .. فَالله يُرِيدْ أنْ يُنْقِلْنَا نَقْلَة عَمِيقَة وَأنْ يِفَرَّحْنَا وَيُخَلِّصْنَا مِنْ الشُّرُور الكَثِيرَة .. يُرِيدْ أنْ يَعْتَقَك مِنْ إِثْمَك وَتَمْتَلِئ فَرَحاً فَتَقُول لَهُ المَجْدُ لَك يَا مُحِب البَشَر .. المَجْدُ لَك يَا مَنْ أتَيْت مِنْ سَمَاء مَجْدَك لِكَيْ تَفْدِينِي أنَا المَحْكُوم عَلَيَّ بِحُكْم المُوْت .. فَكَرَامَة لِفِدَائَك يَارَب أُقَدِّم لَك تُوبَة عَلَى خَطَايَاي .. كَرَامَة لِتَعْلِيمَك يَارَب سَأحْفَظْهَا فِي قَلْبِي كُلَّ أيَّام حَيَاتِي فَفِي العَهْد القَدِيم إِنْكَسَر لَوْحَي العَهْد وَلكِنْ فِي العَهْد الجَدِيد نَقُول ﴿ شَرِيعَتُكَ فِي وَسَط أحْشَائِي ﴾ ( مز 40 : 8 ) .. أي أنَّهَا دَاخِل قَلْبِي حَتَّى لاَ تَنْكَسِر أبَداً وَأحْفَظْهَا دَاخِلِي .. فَكَرَامَة لِتَعْلِيمَك يَارَب لَنْ أكْسَر وَصَايَاك وَلاَ أحِيد عَنْهَا .. أنْتَ يَارَب جِئْت لِكَيْ تَتَحِد بِيَّ وَتُبَارِك طَبِيعَتِي .. فَكَرَامَة لِجَسَدَك سَأُكْرِم جَسَدِي كَرَامَة لِجَسَدَك سَأُقَدِّس جَسَدِي وَسَأُقَدِّس جَسَد إِخْوَتِي .. كَرَامَة لِجَسَدَك سَأحْيَا بِحَسَبَك .. كَرَامَة لِتَجَسُّدَك سَأحْيَا بِحَسَبْ حَيَاتَك .. فَأنْتَ يَارَب عِشْت فِي وَسَطْ العَالَمْ وَفِي وَسَط أُنَاس أشْرَار شَهْوَانِيِين قُسَاة خُطَاة ظَالِمِين وَكَانُوا يَكْرَهُونَك فَعَلِّمْنِي يَارَب كَيْفَ أعِيش فِي هذَا العَالَمْ حَيْثُ الفَسَاد وَالزُّنَاة وَالمُضْطَهِدِين وَأنْ أتْبَعَك وَأتَعَلَّم مِنْكَ ﴿ تَارِكاً لَنَا مِثَالاً لِكَيْ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِهِ ﴾ ( 1بط 2 : 21 ) .بَرَكِة تَجَسُّد رَبَّنَا يَسُوع الْمَسِيح تَنْفَعْنَا فِي حَيَاتْنَا كَبَرَكَة عَمَلِيَّة فِي حَيَاتْنَا رَبِّنَا يِكَمِّل نَقَائِصْنَا وَيِسْنِد كُلَّ ضَعْف فِينَا بِنِعْمِتُه وَلإِلهْنَا المَجْد دَائِماً أبَدِيّاً آمِين.
التَّجَسُّد وَالكِنِيسَة
مِنْ رِسَالِة مُعَلِّمْنَا بُولِس الرَّسُول إِلَى تِيمُوثَاوُس ﴿ عَظِيمٌ هُوَ سِرُّ التَّقْوَى اللهُ ظَهَرَ فِي الْجَسَدِ ﴾ ( 1تي 3 : 16) سَنَتَحَدَّث عَنْ كَيْفَ أنَّ الكِنِيسَة هِيَ التَّجَسُّد وَكَيْفَ تَجْعَلْنَا الكِنِيسَة نَعِيش التَّجَسُّد فَالكِنِيسَة فِي العَهْد القَدِيم هِيَ مَوْضِعْ إِلْتِقَاء الله بِالإِنْسَان لِذَا نَجِد أنَّ الفِرْدُوس هُوَ أوِّل كِنِيسَة لأِنَّ الله وَالإِنْسَان مُجْتَمِعَان فِي هذَا المَكَان وَالمَذَابِح الَّتِي بَنَاهَا الآبَاء وَرُؤَسَاء الآبَاء مِثْل إِبْرَاهِيم وَإِسْحَق وَيَعْقُوب تُمَثِّل كِنِيسَة فَالمَذْبَح فِي العَهْد القَدِيم هُوَ كِنِيسَة ثُمَّ خَيْمَة الإِجْتِمَاع فِي العَهْد القَدِيم هِيَ أيْضاً كِنِيسَة لأِنَّ الخِيمَة كَانَتْ مَوْضِعْ إِلْتِقَاء الله بِالإِنْسَان ثُمَّ هَيْكَل سُلَيْمَان أيْضاً يُمَثِّل كِنِيسَة وَعِنْدَمَا قَالَ رَبَّ المَجْد يَسُوع الْمَسِيح أنَّهُ سَوْفَ يَنْقُض الهِيكَل ثُمَّ يَبْنِيه ( يو 2 : 19) فَهذَا لَهُ مَعْنَى هَام وَهُوَ أنَّهُ سَوْفَ يَنْقُضَهُ بِمَفْهُومُه الحَجَرِي وَيُقِيمُه بِمَفْهُومُه الحَيَّ وَلِهذَا سَوْفَ نَتَحَدَّث عَنْ نُقْطِتِينْ :-