العظات
كيف تنظر إلى نفسك ج1
من سفر أرميا النبي .. ﴿ فكانت كلمة الرب إليَّ قائلاً قبلما صورتك في البطن عرفتك وقبلما خرجت من الرحم قدستك . جعلتك نبياً للشعوب . فقلت آه يا سيد الرب إني لا أعرف أن أتكلم لأني ولد . فقال الرب لي لا تقل إني ولد لأنك إلى كل من أرسلك إليه تذهب وتتكلم بكل ما آمرك به لا تخف من وجوههم لأني أنا معك لأنقذك يقول الرب . ومد الرب يده ولمس فمي وقال الرب لي ها قد جعلت كلامي في فمك . أنظر قد وكلتك هذا اليوم على الشعوب وعلى الممالك لتقلع وتهدم وتهلك وتنقض وتبني وتغرس . ثم صارت كلمة الرب إليَّ قائلاً . ماذا أنت راءٍ يا أرميا . فقلت أنا راءٍ قضيب لوزٍ فقال الرب لي أحسنت الرؤية لأني أنا ساهر على كلمتي لأجريها . ثم صارت كلمة الرب إليَّ ثانية قائلاً ماذا أنت راءٍ . فقلت إني راءٍ قدراً منفوخة ووجوهها من جهة الشمال . فقال الرب لي من الشمال ينفتح الشر على كل سكان الأرض . لأني هأنذا داعٍ كل عشائر ممالك الشمال يقول الرب . فيأتون ويضعون كل واحدٍ كرسيه في مدخل أبواب أورشليم وعلى كل أسوارها حواليها وعلى كل مدن يهوذا وأقيم دعواي على كل شرهم لأنهم تركوني وبخروا لآلهه أخرى وسجدوا لأعمال أيديهم . أما أنت فنطق حقويك وقم وكلمهم بكل ما آمرك به . لا ترتع من وجوههم لئلا أريعك أمامهم . هأنذا قد جعلتك اليوم مدينة حصينة وعمود حديد وأسوار نحاس على كل الأرض . لملوك يهوذا ولرؤسائها ولكهنتها ولشعب الأرض . فيحاربونك ولا يقدرون عليك لأني أنا معك يقول الرب لأنقذك ﴾ ( أر 1 : 4 – 19) كيف أنظر إلى نفسي ؟ كثيراً ما ننظر لأنفسنا نظرة قليلة القيمة بها إحتقار .. نسمع شكوى من يقول أنا لا أعرف شئ ولا أحد يحبني أو يقبلني .. عائلتي لا تفهمني .. نرى كل شئ سلبي داخلنا ولا نرى أي شئ جيد .. هذا الأمر يجلب إحباط ويأس .. أكثر شئ يتعب الإنسان أن يكون قليل في عيني نفسه .. هذا الأمر تربة خصبة لعدو الخير الذي يحاربنا أولاً بالفشل ثم بالخطايا .. مجرد أن يصغر الإنسان في عيني نفسه يصير أداة سهلة في يد عدو الخير .. أنا لست قديس ولكني أيضاً لست مملوء بكل هذه العيوب .. لكل واحد منا سلبيات وإيجابيات .. المهم هو كيف أنظر إلى سلبياتي وأطورها وأطور نفسي وكيف أزيد إيجابياتي كي أصير بكاملي في يدي الله عندما ينظر الإنسان لسلبياته فقط كشريط يمر أمام عينيه نجده يقول أنه يائس وعدو الخير ينجح في أن يجعلنا نحيا حياة محبطة .. لكن لا .. الحياة مفرحة إن كانت في المسيح يسوع .. كل شخص له ألم مختلف وكل شخص يجد معوقات لكن أيضاً هناك إمكانيات .. الله أرسل أرميا النبي في مهمة خطيرة وكان أرميا في عصر شديد الظلام وصل لأقصى حدود الشر من المتدنيين رؤساء الكهنة والأنبياء الذين كانوا أشرار في هذا العصر .. ونجد الله وسط هذا الظلام يطلب من أرميا النبي أن يذهب ليتكلم .. أمر صعب على أرميا الذي قال لله لن أستطيع لأني ولد لا أعرف كيف أتكلم .. لكن الله يقول له ﴿ قبلما صورتك في البطن عرفتك وقبلما خرجت من الرحم قدستك . جعلتك نبياً للشعوب ﴾ .. بينما أرميا يقول له ﴿ آه يا سيد الرب إني لا أعرف أن أتكلم لأني ولد ﴾ .. وقتها لم يكن أرميا ولد صغير بل كان شخص ناضج لكنه يرى نفسه صغير في عيني نفسه .. كما قال موسى النبي لله أنا ثقيل الفم واللسان( خر 4 : 10) .. كل شخص يرى سلبياته ولا يرى إيجابياته ﴿ فقال الرب لي لا تقل إني ولد ﴾ .. أنا لا أريد أن أسمع منك هذا الكلام .. لا تنظر لنفسك نظرة سلبية .. ﴿ لأنك إلى كل من أرسلك إليه تذهب وتتكلم بكل ما آمرك به ﴾ .. سأجعلك تتكلم مع كل إنسان حتى أن الله قال له ﴿ لا تخف من وجوههم لأني أنا معك لأنقذك يقول الرب ﴾ .. هل يا الله تريد مني أن أحيا في كبرياء وأقول إني عظيم ؟ لا .. قل أنا ولد لكن الله قادر أن يستخدمني .. الله يقول له لا تخف من وجوههم لأني أنا معك .. الله قادر أن يدخل حياتك ويغيرك .. هو قادر أن يستخدمك ويعمل بك .. آمن بذلك ﴿ ومد الرب يده ولمس فمي وقال الرب لي ها قد جعلت كلامي في فمك ﴾ .. ﴿ أنظر قد وكلتك هذا اليوم على الشعوب وعلى الممالك لتقلع وتهدم وتهلك وتنقض وتبني وتغرس ﴾﴿ هأنذا قد جعلتك اليوم مدينة حصينة وعمود حديد وأسوار نحاس على كل الأرض . لملوك يهوذا ولرؤسائها ولكهنتها ولشعب الأرض . فيحاربونك ولا يقدرون عليك ﴾ .. هل تتخيل أن أرميا نفذ أمر الله بسهولة ؟ بالطبع لا .. لقد واجه ضيقات كثيرة وحبس في جب و ...... لكنه بتشجيع الله إحتمل .. الذي ينظر إلى نفسه نظرة سلبية هذا أمر متعب .. أمر متعب أن تبتعد عن الله فترى نفسك صغيرأنت ترى نفسك ضعيف لأنك تنظر لها بعيد عن المسيح بولس الرسول يقول ﴿ ليكون فضل القوة لله لا منا ﴾ ( 2كو 4 : 7 ) .. أنظر لعمل الله معك في حياتك .. هناك تدريب صغير وهو أن تفكر في عشرة أمور صنعها الله معك وتمجد بها في حياتك .. فكر في عشرة أمور مضيئة مثلاً أعطاك الله أسرة جيدة .. أعطاك الله تعليم جيد .. أعطاك الله ذهن جيد .. جعلك مسيحي .. أعطاك صحة جيدة .. أعطاك ... أعطاك ... هذه كلها عطايا هل تنكرها ؟ عندما ينفتح قلبك على عمل الله ستقول ليست عشرة أمور مضيئة فقط في حياتي بل أكثر بكثير .. بل باركي يا نفسي الرب ولا تنسي كل حسناته لأنها لا تحصى .. الله يقول لأرميا سأجعلك سور حديد سأجعلك ثابت لا تتزعزع موسى النبي كان خائف من أن يتكلم مع فرعون ويقول له إخرج شعب بني إسرائيل من مصر .. الله يقول إخرج الشعب ليعبدني .. طلب صعب لكن الله شجع موسى وقال له لا تخف﴿ أرسل هيبتي أمامك ﴾ ( خر 23 : 27 ) .. هيبتي ستكون أمامك فلماذا تخاف وتتكلم أمامي بإسلوب الضعف ؟ ﴿ فالآن هلم فأرسلك إلى فرعون وتخرج شعبي بني إسرائيل من مصر ﴾ ( خر 3 : 10) بني إسرائيل شعبي لأنه شعب غالي على الله فيقول * شعبي * .. ﴿ فقال موسى لله من أنا حتى أذهب إلى فرعون وحتى أخرج بني إسرائيل من مصر ﴾ ( خر 3 : 11) .. حرب صعبة من عدو الخير هي صغر النفس وهي إني توقفت عن محاولة النهوض لأني كلما حاولت فشلت لذلك توقفت عن المحاولة حتى لا أفشل مرة أخرى فأصاب بإحباط موسى قال لله من أنا حتى أذهب إلى فرعون ؟ مهمة صعبة على شخص صغير مثلي﴿ فقال إني أكون معك وهذه تكون لك العلامة أني أرسلتك حينما تخرج الشعب من مصر تعبدون الله على هذا الجبل ﴾ ( خر 3 : 12) .. كلنا نرى كيف يستخدم الله الإنسان قليل الإمكانيات .. قد يرى الإنسان نفسه ضعيف لكن الله قادر أن يستخدم الضعف .. يقول له إذهب لتخرجهم لأني أشعر وأرى ذل شعبي ولسانك الثقيل مشكلة أستطيع أنا أن أحلها ﴿ فقال موسى للرب إستمع أيها السيد لست أنا صاحب كلام منذ أمس ولا أول من أمس ولا من حين كلمت عبدك بل أنا ثقيل الفم واللسان ﴾ ( خر 4 : 10) .. أنت يا الله إخترت الشخص الغير مناسب لهذا التفاوض هل ترسل إنسان ثقيل اللسان لفرعون ؟ الله يرى في موسى أمور أجمل مما يرى هو في نفسه .. يرى أنه شخص مصلي .. طويل الأناة .. رجل الله .. يراه عظيم وليس ثقل اللسان الذي فيه هو الذي يفشل مهمته .. كان بالفعل موسى رجل عظيم كما يراه الله حتى أنه أخفى جسده حتى لا يعبده الشعب .. موسى النبي كان له حضور ومهابة بينما هو يرى نفسه صغير .. الله ينظر لي كلي وليس لجزء جزء فيَّ .. نعم الله يرى نقاط ضعفي لكن يرى أيضاً إيجابياتي .. ليتك تنظر إلى قوتك وتنشطها لتغلب بها الضعف ﴿ فقال له الرب من صنع للإنسان فماً أو من يصنع أخرس أو أصم أو بصيراً أو أعمى أما هو أنا الرب ﴾ ( خر 4 : 11) .. ماذا يا موسى ؟ مع من تتكلم ؟ ألست أنا الخالق خالق الفم وألهذه الدرجة تتهمني بالعجز يا موسى ؟ أنا أدعوك للقداسة وأنت تقول لي لن أستطيع .. هل أنا عاجز ؟ يجب أن تعرف إني أنا الله القادر .. بينما نحن نقول لابد أن تعرف يا الله إني لست قديس ماذا تقول لله ؟ أليس هو العالم بكل شئ ويعرف ضعفك وهو قادر أن يقيم المسكين من التراب والرافع البائس من المزبلة ؟ إذاً هو قادر أن يستخدمك بكل ضعفك .. هل تتخيل أنه عندما تقول له أنك ثقيل الفم واللسان سيقول لك آه كنت ناسي أو لم أكن أعرف ضعفك ؟ كيف أن الله هو العالم بكل شئ وسيعلمك كيف تتكلم .. نعم أن ما يفرحني هو أن الله يستخدم ضعفي لأنه من صنع الإنسان ومن صنع الحديث ؟ أليس هو الله القادر أن يستخدمني ﴿ فقال إستمع أيها السيد أرسل بيد من ترسل فحمى غضب الرب على موسى ﴾ .. حمى غضب الله لأنه يريد أن يرفع من موسى وهو مُصِر على أنه ضعيف ولا يليق بالمهمة التي يرسله الله فيها ﴿ أليس هارون اللاوي أخاك أنا أعلم أنه هو يتكلم وأيضاً ها هو خارج لاستقبالك فحينما يراك يفرح بقلبه فتكلمه وتضع الكلمات في فمه وأنا أكون مع فمك ومع فمه وأعلمكما ماذا تصنعان وهو يكلم الشعب عنك ﴾ ( خر 4 : 13 – 16) .. هل يا الله لابد أن تختار شخص لا يعرف كيف يتكلم ثم تحضر له شخص آخر يتكلم بلسانه ؟ كان الأفضل أن تختار شخص واحد يعرف كيف يتكلم كنت إخترت هارون من بداية الأمر .. لكن الله يقول أنا أرى عظمة موسى وإمكانياته وإمكانيات هارون وسأستخدم الإثنان معاً .. ﴿ هو يكون لك فماً وأنت تكون له إلهاً وتأخذ في يدك هذه العصا التي تصنع بها الآيات ﴾ ( خر 4 : 16 – 17) .. الله يحب الضعيف ويحب أن يستخدمه ويستخدم ضعفه ويتمجد في حياته بإسلوب عجيب قد لا يتخيله الشخص نفسه .. إن كنت ترى في نفسك نقاط سلبية فالله أعطاك إيجابيات كثيرة .. أنت ضعيف لكنك بالله جيش عظيم وهو قادر أن يستخدمك .. هو أعطاك رسالة وقادر أن يجعلك تقوم بها ويغير مشاعرك وأفكارك جدعون في سفر القضاة " 6 " .. جدعون كان مختبئ من المديانيين وقت الحصاد لأن المديانيون كانوا يتركون بني إسرائيل يزرعون ويحصدون ثم يستولون على الحصاد منهم .. لذلك كان بني إسرائيل يخبئون الحصاد في سراديب .. وكان جدعون مختبئ في السراديب ليخبط الحنطة وهي عملية قد تحدث أصوات فكان جدعون مرتبك وهو يخبط الحنطة بحذر حتى تتم في صمت .. وجاء له الملاك وهو في هذه الحالة وقال له ﴿ الرب معك يا جبار البأس ﴾ ( قض 6 : 12) .. نظر له جدعون وكأنه يقول له واضح جداً إني جبار بأس وأنا في كل هذا الخوف .. قال جدعون ﴿ أسألك يا سيدي إذا كان الرب معنا فلماذا أصابتنا كل هذه وأين كل عجائبه التي أخبرنا بها آباؤنا قائلين ألم يصعدنا الرب من مصر والآن قد رفضنا الرب وجعلنا في كف مديان ﴾ ( قض 6 : 13) .. جدعون كان صغير النفس جداً .. إن كان الله معنا فلماذا أصابتنا كل هذه الشرور ؟ كثيراً ما نقول نحن نعلم أن الله حنون وقادر لكن أين هو وأين هي عجائبه ؟ أليست هي لنا وأيضاً لي أنا ؟ أيضاً هل الله للماضي أم لغيري أم للقديسين فقط دوني أنا ؟لماذا .. هل لأني خاطئ ؟﴿ فالتفت إليه الرب وقال إذهب بقوتك هذه وخلص إسرائيل من كف مديان أما أرسلتك ﴾( قض 6 : 14) .. يارب ألم تجد سوى جدعون الخائف .. أي إن كان قائد الجيش خائف فكم يكون الجيش نفسه ؟!! ﴿ فقال له أسألك يا سيدي بماذا أخلص إسرائيل ها عشيرتي هي الذلى في منسى وأنا الأصغر في بيت أبي ﴾ ( قض 6 : 15) .. عشيرتي هي الذلى وأنا الأصغر أي أنا أصغر شخص في أصغر عشيرة بل وأذل عشيرة أي أنا أصغر الصغار وأذل المذلولين .. صورة صعبة جداً من صغر النفس .. الإتضاع غير صغر النفس .. الإتضاع هو أن تشعر أنك صغير لكن في المسيح يسوع كبير بينما صغر النفس هي أن تشعر أنك صغير فقط .. أي معادلة صغيرة هي :-
صفر + صفر + صفر = صفر صغر نفس
صفر + صفر + صفر + 1 = إتضاع
الفرق بين صغر النفس والإتضاع هو إني قليل لكن بالمسيح يسوع قوي هذا هو الإتضاع .. هو أن أتصاغر أمام الله لكنه هو قوتي ومعونتي وكلما صغرت أنا كبر هو .. بينما إن كنت بعيد عن المسيح فكلما صغرت إزدادت أصفاري فتزداد الكارثة وأحبط .. جدعون شعر أنه صغير جداً .. أنا الأصغر في أذل عشيرة .. والله يقول له ستضرب المديانيين كرجل واحد أي سأجعل جيش المديانيين أمامك كفرد واحد جدعون لم يستطع أن يصدق ما يقوله الملاك فقال له ﴿ إن كنت قد وجدت نعمة في عينيك فاصنع لي علامة أنك أنت تكلمني ﴾ ( قض 6 : 17) .. أعطني علامة لكي أستوعب .. ولنرى الله كيف يتعامل مع الإنسان ومن أي منظور يراه .. هو يراه جبار بأس .. يرى إيمانه وتقواه وغيرته على شعبه أمور الشخص نفسه لا يراها في نفسه .. الله يقول يكفي أن عنده إشتياق للقداسة .. وهذا الفرق في وجهة نظرنا عن وجهة نظر الله وهي أن الله يحب أن يستخدم ضعف الإنسان ويجعله قائد يحرر به شعبه في سفر القضاة نراهم شرسين ( المديانيين ) والله يجعل جدعون يضربهم كرجل واحد .. تذكر أن﴿ الله لم يعطنا روح الفشل بل روح القوة والمحبة ﴾ ( 2تي 1 : 7 ) .. * النصح * أي سلامة التفكير .. الروح القدس يعطينا القوة وسلامة التفكير .. عدو الخير يحب يضربنا بهذه المشاعر لكن جيد أن أشعر إني لا شئ لكن أيضاً الأفضل والأجمل إني في المسيح يسوع أفضل .. ولنرى التلاميذ وضعفاتهم .. هم يروا أنفسهم في ضعف شديد وأنهم قليلين وكلٍ منهم يرى ماضيه .. مثلاً بولس الرسول يرى إضطهاده للكنيسة وبطرس يرى إنكاره للمسيح .. فيلبس قد نرى أن عقله ضعيف التفكير إلى حد الذاجة هو من قال للمسيح ﴿ أرنا الآب وكفانا ﴾ ( يو 14 : 8 ) .. أي ما في قلبه ينضح على لسانه بدون تفكير .. لو نظرنا نظرة إيمانية نجد أن كلامه يفضح .. فيلبس هذا بشَّر وكرز واستشهد .. من أين هذه القوة ؟من الله كل نفس منا قيمتها عند الله عظيمة وإن كان بي سلبيات فبي أيضاً إيجابيات .. إن كان بي خطايا فلا أستثقلها لأنه هو قادر أن يغفر .. فليس من الجيد أن يتعب المسيح لأجلك وينزل من سماه ليفديك وأنت تقول له أنت عاجز عن أن تصلح من حالي .. أرجوك لا تقلل من شأن عمله هو ولدك من الماء والروح أي أنت إناء مختار وأنت تقول له أنت يارب لا تعلم شئ عني فأنا صغير وضعيف .. هذه نظرة تقتل روح الجهاد في الإنسان فيشعر أن الحياة بلا معنى .. لا .. الله أقامك على رسالة .. إعمل أعمال إيجابية وفرح من حولك وانظر إلى إيجابياتك منكم من له مشاعر جميلة ومنكم من له موهبة وذهن مستنير .. منكم محب التسبيح ومنكم المرنم ومنكم الكاتب أو الشاعر أو ...... كلٍ منكم أعطاه الله عطية فأنظروا إلى هذه العطايا الثمينة .. أنظر إلى أن يد الله هي التي شكلتك وبالتالي هذا أجمل وضع لك فتصالح مع نفسك واقبل عيوبك .. لون من ألوان الكبرياء أن ترفض عيوبك لأنه ليس منا من هو كامل لذلك إقبل نفسك .. إن كان موسى أو أرميا أو جدعون فالله نظر لهم بكل إيجابياتهم وسلبياتهم وهو يقول ﴿ كلك جميل يا حبيبتي ﴾( نش 4 : 7 ) .. حتى أنه جعل عروس النشيد تقول ﴿ أنا سوداء وجميلة ﴾ ( نش 1 : 5 ) .. أنا أتقدم بسوادي وأتمتع ببياضه ونقاوته الذي ينضح بها عليَّ .. أنا سوداء بذاتي لكني جميلة به أنظر لنفسك أنك مبارك وجميل بل قديس لكن لكي لا تتكبر .. أنظر أيضاً إلى ضعفك لكن من خلال المسيح .. نعم أنت مجموعة أصفار وكلما زادت أصفارك كلما كونت بجانب المسيح رقم كبير لا يستطيع أحد أن ينطقه .. الله يريد أن يستخدمك .. قد نشهد للمسيح في بيوتنا ومجتمعنا وهو يعدنا لأمور كثيرة .. الله يرى جدعون وموسى وأرميا عظماء .. رداءتي ألقيها عليه .. نعم أنا ضعيف لكن حينما أنا ضعيف فأنا به قوي ( 2كو 12 : 10) ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته له المجد دائماً أبدياً آمين
الخفاء
عندما نقترب إلى عيد نياحة القديس الأنبا أبرآم نتكلم عن فضيلة من فضائله وهي الخفاء .. نقرأ جزء من سفر الملوك الثاني .. ﴿ في ذلك الزمان أرسل بردوخ بلادان بن بلادان ملك بابل رسائل وهدية إلى حزقيا لأنه سمع أن حزقيا قد مرض .. فسمع لهم حزقيا وأراهم كل بيت ذخائره والفضة والذهب والأطياب والزيت الطيب وكل بيت أسلحته وكل ما وجد في خزائنه .. لم يكن شئ لم يرهم إياه حزقيا في بيته وفي كل سلطنته .. فجاء أشعياء النبي إلى الملك حزقيا وقال له ماذا قال هؤلاء الرجال ومن أين جاءوا إليك .. فقال حزقيا جاءوا من أرضٍ بعيدةٍ من بابل .. فقال ماذا رأوا في بيتك .. فقال حزقيا رأوا كل ما في بيتي .. ليس في خزائني شئ لم أرهم إياه .. فقال أشعياء لحزقيا إسمع قول الرب هوذا تأتي أيام يحمل فيها كل ما في بيتك وما ذخره آباؤك إلى هذا اليوم إلى بابل .. لا يترك شئ يقول الرب ﴾( 2مل 20 : 12 – 17) يتكلم هذا الجزء عندما كان حزقيا الملك مريض لدرجة الموت فربنا مد عمره 15 سنة وجاء لزيارته ناس من بابل من طرف ملك بابل فهو عمل شئ غير لطيف إنه فرجهم كل أواني الهيكل فجاءه رد الرب عن هذا التصرف عن طريق أشعياء النبي .. نتكلم معاً عن الخفاء :-
علامات حلول الروح القدس
يشغلنا في هذه الأيام الحديث عن الروح القدس .. والآن نريد أن نتكلم عن صور الروح القدس في الكتاب المقدس كي يكون بركة في حياتنا بعض صور الروح القدس في الكتاب المقدس :
1/ النار
2/ الماء
3/ الريح العاصف
من هو الروح القدس
الكنيسة في فترة العشرة أيام التي ما بين عيد الصعود وعيد حلول الروح القدس أي من اليوم الأربعين إلى اليوم الخمسين من فترة الخماسين المقدسة ليس لديها حديث سوى الروح القدس وكيف نستقبله ونهيأ له ونعرفه وهذا أمر يشغل الكنيسة جداً في هذه الفترة .. لذلك أوصى ربنا يسوع المسيح تلاميذه أن يمكثوا في أورشليم حتى يلبسوا قوة من الأعالي ( لو 24 : 49) كثيراً ما تكون علاقتنا بالروح القدس ضعيفة ولا نعرف كيف نتكلم عنه ونشعر أنه بعيد عنا أو أنه خيال ولا نستطيع أن نتصوره .. لذلك نحاول أن نفهم الروح القدس .. كيف نؤمن بثلاثة أقانيم ولا نعرف الأقنوم الثالث منه ؟ ولا نعرف طبيعة علاقتنا به كما نعرف طبيعة علاقتنا بالآب والإبن لو توددنا للروح القدس نضمن ثلث الأمر ونجد أن هذا مهم حتى أن الآب والإبن مفاعيلهما نأخذها بالروح القدس أي له الكفة الكبيرة لعمل الله داخل النفس .. إن قلنا أن الآب والإبن يريدان أن يعملا فينا فإنهما يُمكِّنا الروح القدس وهو يعمل بمفاعيل الآب والإبن .. كل ما يريد أن يفعله الآب يفعله بالإبن عن طريق الروح القدس .. أقنوم الروح القدس أقنوم روح عقل ناطق متكلم ﴿ الناطق في الأنبياء ﴾ .. إذاً ممكن فهمه وتكون بيني وبينه دالة .. أفعال الروح القدس في الكتاب تكشف لنا عمله .
القيامة والإستشهاد
شهر مايو مملوء بإحتفالات إستشهاد قديسين .. بدأنا :0
& 1 مايوعيد إستشهاد مارجرجس .
& 5 مايوعيد إستشهاد القديس بقطر بن رومانوس .
& 8 مايوعيد إستشهاد القديس مارمرقس .
& 20 مايوعيد إستشهاد القديسة دميانة .
أعياد إستشهاد كثيرة جداً خلال شهر مايو وكأن الكنيسة أرادت أن تربط بين القيامة والإستشهاد .. القيامة والإستشهاد هما وجهان لعملة واحدة .. عندما يتشبع القديس بحياة ربنا يسوع وتشبع بالقيامة يصير مهيأ للموت ولا يخشاه فنرى القديس بقطر بن رومانوس .. كان والي وولده أيضاً والي أي من أكابر الدولة فكيف لإنسان رفيع المركز مثل القديس بقطر يقف أمام معذبيه بدون تراجع ؟ حتى أنه عندما علم معذبه أنه والي تأسف له وخجل جداً منه .. لكنه كان يرفض النجاة كيف يكون لإنسان طريق نجاة ولا يتمسك به ؟ لأن القيامة دخلت حياته وبالتالي صار الموت غير مرعب .. صار الموت ليس هو النهاية بل هو خطوة للسماء .. صاروا يستعذبون الألم .. صار الألم لذة الشهيد العظيم مارجرجس تعذب سبعة سنوات ولم يهتز حتى أنه قال لهم ﴿ ستملون من تعذيبي أما أنا فلن أمل بنعمة الله ﴾ .. وبالفعل مل معذبيه من تعذيبه .. ما من وسيلة تعذيب لم يستخدموها معه .. مارجرجس جعل السيف ضعيف والموت شئ مهزوم لأنه لم يعش هذه الحياة .. لأن الأيام والشهور والسنين لا تفرق معه وبالتالي لم يخف من شئ لأنه لم يخف الزمن فصار الموت لا يؤذيه ( رؤ 2 : 11) لذلك عندما دخلت القيامة حياة القديسين صار الموت بالنسبة لهم عدو مهزوم لأن المسيح له المجد عندما إجتاز الموت صار الموت عدو ضعيف في أيام يشوع بن نون قديماً كان الشعب تائه 40 سنة في البرية وخلال هذه الأربعين سنة كانوا يمنون أنفسهم بأرض الموعد ويحلمون بها وعندما وصل الشعب لأرض الموعد وجدوا نهر الأردن يعوقهم للوصول لكنعان .. فحزن الشعب جداً هل بعد تعب أربعين سنة نرى الأرض ولا ندخلها خاصةً وأنهم كانوا يسيرون ومعهم نسائهم وأولادهم ومواشيهم .. فكيف الآن يدخلونها ؟ فقال الله ليشوع إجعل الكهنة يحملون تابوت العهد ويدخلون نهر الأردن وسترى عمل الله .. بالفعل حمل الكهنة تابوت العهد ودخلوا النهر فإنفتح النهر .. وقال الله إجعل بين الكهنة والشعب مسافة ألف ذراع .. لماذا ؟ لأنه عندما يدخل الكهنة النهر وينفتح النهر ويسير داخله ألف ذراع سيطمئن الشعب فيعبر خلفهم النهر .. وبالفعل عبر الشعب نهر الأردن ووصل لأرض الموعد الآباء يقولون أن الأردن هو أرض الموت لن تدخل كنعان دون أن تعبره ولكن إن دخلت الموت سيبتلعك لذلك ربنا يسوع قال سأدخل الموت وأفتحه لكم وأنتم سيروا خلفي بدون خوف .. لذلك الشهداء لم يخافوا الموت لأن القيامة هي إنتصار على الموت .. الشهيد يرى الموت لكنه أيضاً يرى المسيح القائم قبله غالب للموت لذلك يستهين بالموت مارمرقس كان يعلم أنه سيستشهد وكان يصلي بالشعب .. كان المفروض أنه يكون مهزوز خائف محتاج لمن يعزيه لكننا نجده يعزي الشعب .. لماذا ؟ لأنه يرى ربنا يسوع قد دخل الموت لذلك هو سار خلفه فعاش القيامة .. ولذلك أيضاً صار الإستشهاد أمر محبوب في الكنيسة حتى أن جميع الرسل إستشهدوا ما عدا القديس يوحنا الحبيب .. لأن القيامة عملت عمل عجيب في حياتهم فجعلتهم أبناء نور وبالتالي لم يستطع الموت أن يؤثر عليهم .. لذلك كان التهديد بالموت غير مؤثر فيهم والسيف والموت ضعيف لأن الموت صار مهزوم حتى أنهم تمنوا الموت فتجده يقف أمامه في صبر فصار الشهيد أقوى من سيف الجندي .. هذا أمر نابع من فعل القيامة في قلبه يا لفرحة القيامة في الإنسان التي تجعله يفقد معنى الخوف والقلق والألم وبعده الموت .. الذي يجعل الإنسان مسلوب الإرادة يعيش في خوف وقلق وألم من الموت هو أنه لم يعش القيامة لكن ربنا يسوع غلب الألم والقلق والموت وبالتالي صار الموت عدو غير مخيف .. عدو مهزوم لنرى القديسة الشهيدة دميانة .. ولنرى أطفال تحدوا الموت مثل الشهيد أبانوب الشهيدات بيستيس وهلبيس وأغابي اللاتي كانت أعمارهن 9 ، 11 ، 12 سنة .. أطفال لكن لم يجذبهم العالم لأنه مات داخلهم وبالتالي لم ينتظروه لذلك غلبوا شهواتهم والخطية وبالتالي غلبوا الموت .. الإنسان الغالب نفسه يغلب الموت لذلك عندما مَلَكَ الملك قسطنطين وأعلن أن المسيحية هي ديانة الدولة الرسمية وأخرج المسيحيين من السجون لأن قبله كان في عصر دقلديانوس المنشور الذي كتبه دقلديانوس وكان هذا المنشور يحوي أمور صعبة جداً منها هدم جميع الكنائس وحرقها .. حرق الكتب المسيحية .. طرد جميع المسيحيين العاملين بالدولة .. جعل المسيحيين عبيد .. جاء الملك قسطنطين ولغى هذا المنشور وجعل المسيحية هي الديانة الرسمية للدولة وأعاد الذين في السجون للحرية لكنهم كانوا قد أحبوا الإستشهاد وانتظروا الملك الذي بعد قسطنطين لعل فرصة الإستشهاد تعود لكن تولى المُلك أولاده وبالتالي لم تأتي فرصة الإستشهاد لذلك بدأت الرهبنة كنوع من الإستشهاد بدون دم .. يقدم حياة مصلوبة .. يقدم شهوة مصلوبة .. يقدم محبة كل يوم .. يقدم حياته ذبيحة لله وبذلك صار الإستشهاد .. هل رفضك لإغراءات العالم وشهواته لا يعتبر إستشهاد .. أليس رفضك ومحاربتك لحب المقتنيات ولشهوات العالم هو لون من الإستشهاد ؟ عندما تعيش لترضي إلهك في هذا العصر أليس هو لون من ألوان الإستشهاد ؟ لذلك ليتك تعيش بقلب شهيد .. ليتك تقدم حياتك ذبيحة حب لله .. لذلك كل فترة الكنيسة تبرز شهيد ليعلمك أن القيامة عندما تعمل في حياتك تغير جوهر إهتماماتك فلا تخاف الموت بل تنظر إلى فوق .. هذا هو جوهر الإستشهاد والذي أخذوه من القيامة العاملة في حياتهم .. ولترى بولس الرسول .. بطرس الرسول .. إستفانوس .. تجد من يعيش ليكرز ويفرح بالله ويهددوه بالموت إن لم يصمت لكنه لا يتراجع عن الشهادة للمسيح الذي أحبه وكما يقول الكتاب ﴿ عذبوا ولم يقبلوا النجاة ﴾( عب 11 : 35 ) .. النجاة أمامه والهرب أمامه ولم يقبل الشهيد البابا بطرس خاتم الشهداء عندما جاء ميعاد إستشهاده تجمع المسيحيون أمام باب السجن إحتجاج على إستشهاده فطلب من الجنود نقب حائط السجن الخلفي ليخرج منه لمكان إستشهاده دون أن يمنعه شعبه .. ما هذا ؟ إنسان عملت القيامة في حياته وقلبه فلم يرهب الموت نحن نعيش متمسكين بالحياة ونحبها .. هذا أمر جيد ومقبول لكن لابد أن تعلم أن حياتك هي من المسيح وللمسيح ولتقل ﴿ إن عشنا فللرب نعيش وإن متنا فللرب نموت فإن عشنا وإن متنا فللرب نحن ﴾ ( رو 14 : 8 ) .. لذلك لا تخف الموت .. هذه هي حياة الإستشهاد التي إمتدت في الكنيسة حتى الآن .. شهداء يقدمون أنفسهم على مذبح الشهادة للمسيح لأن القيامة عملت فيهم .. تجد أطفال يتحدون الموت رغم أن الطفولة قد يكون بها خوف أو كذب أو ...... لكن ربنا يسوع غيَّر الكيان وكما يقول الكتاب ﴿ جزنا في النار والماء ﴾ ( مز 66 : 12) .. عذابات مخيفة ومختلفة والموت أمامهم لكنهم يرون بعد الموت قيامة .. يرون سيف مفزع مخيف وإكليل فيختارون الإكليل ويُهزم السيف .. هذا هو جوهر الإستشهاد أنه ينظر إلى ما بعد الموت وكما يقول الكتاب ﴿ لا تخافوا من الذين يقتلون الجسد ﴾ ( لو 12 : 4 ) .. وبالفعل لم يخافوا لأن القيامة زرعت فيهم قلب جديد وغلبة على أنفسهم وسلطان على الموت والخوف لذلك لم يخافوا الموت القديس مارمرقس دخل دولة بمفرده وغيَّرها .. هذا هو جبروت خلاص يمين الله .. غيَّر عبادة دولة .. نحن نرى أنه لو ألف شخص وسط مجتمع يقولون عن أنفسهم أنهم أقلية .. لكن مارمرقس جاء بقوة القيامة في داخله وبشر مجتمع وثني أناس بهم خرافات غريبة ويسيطر عليهم أرواح شياطين بإسلوب مفزع ورغم ذلك كرز بقوة دون خوف ويقول لأني أنتظر الإستشهاد ومادمت أعلم إني سأموت شهيد فلن أخاف .. ونرى أسلوبه ومنهجه في حياته منهج شهيد ولم يخاف الموت لذلك كان الإستشهاد ثمرة طبيعية لهذا المنهج في الحياة .. يُهدد ويُعذب ولا يتأثر .. وباركت دمائه الأرض والمدينة .. مدينة الأسكندرية تقدست بدماء مارمرقس وارتوت أرضها وعندما نسير في شوارعها نتذكر دمائه المقدسة التي حفظت نفوس مؤمني مصر كلها أناس عاشوا التاريخ وغلبوه .. عاشوا الزمن وغلبوه .. عاشوا الألم وارتفعوا فوقه وكما يقول معلمنا ماربولس الرسول ﴿ لأننا نحن الأحياء نسلم دائماً للموت من أجل يسوع لكي تظهر حياة يسوع أيضاً في جسدنا المائت ﴾ ( 2كو 4 : 11) .. في النهاية أعلنوا عجائب في أجسادهم .. ومعجزات .. صارت أجسادهم أجساد كارزة .. لم تكن أجساد ممزقة بل أجساد تحمل قوة القيامة لأنهم غلبوا الخوف والموت الله يعطينا أن نغلب الخطية لنحيا قيامة الجسد ونعيش بقلب شهيد غالب للموت ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته له المجد دائماً أبدياً آمين
القيامة فى حياة مارجرجس
معلمنا ماربولس الرسول في رسالته الثانية لأهل كورنثوس يقول ﴿ لأننا نحن الأحياء نسلم دائماً للموت من أجل يسوع لكي تظهر حياة يسوع أيضاً في جسدنا المائت ﴾ ( 2كو 4 : 11) .. منذ أيام قليلة إحتفلنا بعيد إستشهاد مارجرجس .. مارجرجس طبق في حياته هذه الآية ﴿ لأننا نحن الأحياء نسلم دائماً للموت ﴾ .. لو وضعنا في ذهننا القديس مارجرجس نفهم الآية ﴿ من أجل يسوع لكي تظهر حياة يسوع أيضاً في جسدنا المائت ﴾ .. أي شهيد هو إنسان أحب المسيح حتى الموت .. الشهيد هو إنسان جاهد ضد ذاته جاهد ضد شهواته ورغباته .. جاهد حتى النهاية فصار شهيد في حياته قبل أن يستشهد ولم يكن شهيد وليد اللحظة بل هو شهيد أمام جسده وأمام الله وأمام العالم من قبل أن يستشهد .. ﴿ لكي تظهر حياة يسوع أيضاً في جسدنا المائت ﴾ لذلك الإستشهاد هو طبيعة الحياة المسيحية .. طبيعة الحياة في المسيح في النهاية يؤدي إلى الموت من أجل المسيح كتنفيذ للوصية حتى النهاية .. لذلك في كل تذكار شهيد لابد أن تكون لنا صحوه .. لابد أن تكون لنا مراجعة مع أنفسنا وسيرة حياتنا .. لذلك إيمان ودماء الشهداء هو بذار الكنيسة كما قال القديس أغناطيوس .. هناك الكثير في المخطوطات لم نعرفه عن القديس العظيم مارجرجس .. هناك أسرار في حياته أول شئ غير معروف عن مارجرجس أن أبويه كانا تقيان .. كان أبوه في منصب كبير في الدولة وكان له دالة كبيرة لدى الملك حتى عُرِف أنه مسيحي فإستشهد .. إذاً كان أبوه شهيد وهو في عمر العشر سنوات .. تخيل طفل في عمر العشر سنوات يرى أبيه يستشهد أمامه .. صارت رغبة الإستشهاد داخله قوية وقوى إيمانه أكثر وأكثر فحدثت تحولات عظيمة في حياته .. أيضاً كانت أم القديس مارجرجس إمرأة تقية .. إنتقلت ومارجرجس في عمر 16 – 17 سنة .. وكان والداه أغنياء جداً وكان في هذا الوقت أمر عادي أن يكون لدى الأغنياء عبيد .. بعد أن إستشهد والد مارجرجس وإنتقلت والدته وزع جميع أمواله وأطلق كل عبيده أحرار إذاً مارجرجس منذ البداية والقيامة تعمل فيه .. كان يشهد للمسيح بتصرفاته .. نرى في حياته من بدايتها خطوات تدل على إنسان ناضج .. شاب في عمر السابعة عشر سنة أي معروف أنه سن طيش سن غير مدرك لأمور الحياة لكننا نرى مارجرجس في نضج يفوق نضج الشيوخ .. نعمة الله هذا عملها .. نعمة الله تحول لذلك أرجوك لا تستصغر نفسك .. ﴿ لا تقل إني ولد ﴾ ( أر 1 : 7 ) .. أنت في المسيح يسوع وبنعمته قادر أن تتخطى سنك وفكرك .. المسيح قادر أن يصنع بك عظائم .. هذه هي الوصية والقديسين .. شاب في هذا العمر تقي لهذه الدرجة ؟!! قد تقول أن الأنبا أنطونيوس باع كل ماله وذهب للبرية لكن مارجرجس باع كل ماله ووزع أمواله ولم يذهب للبرية كالأنبا أنطونيوس .. إذاً كان لابد أن يكون معه بعض المال لأنه يعيش في العالم ويقال أنه كانت توجد في أسرته فتاة إرتبط بها أي كان في حياته مشروع إرتباط .. زواج ومع كل هذا يبيع كل أمواله ؟!!! نعمة .. نعمة الله غزيرة جداً دخل مارجرجس الجيش الروماني وكان وقتها دقلديانوس ملك وكتب المنشور وعلقه في الميادين والأماكن العامة وكان منشور مستفذ جداً غير أمر التبخير للأوثان .. كان في المنشور عشرة بنود منها :-
i.غلق جميع الكنائس وحرقها .
ii.إحراق جميع كتب العبادة المسيحية .
iii.طرد جميع العاملين المسيحيين بالدولة .
iv.تأميم جميع أموال المسيحيين .
v.جميع المسيحيين غير العاملين بالدولة يصيروا عبيد .
vi.الإجبار على التبخير للأوثان .
دقلديانوس كان في صغره يعمل سايس في إسطبل خيول ثم صار ملك .. لذلك هذا كلام لا يصدر من شخص يفكر بإسلوب سوي صحيح حتى وإن كان يكره المسيحيين بالطبع مارجرجس لم يحتمل فمزق المنشور أي صار في تحدي مع الملك .. الإنسان الذي به نور الوصية يكون قوي .. ما الذي يجعل الإنسان يعيش في تردد ؟ أنه مغلوب من نفسه وبذلك يكون مغلوب مما حوله .. مارجرجس كان غالب نفسه .. كان قائم ضد نفسه وضد جسده مثل سيده يسوع المسيح لذلك كان غير مهزوم .. ألقي القبض على مارجرجس وسار في سلسلة عذابات عنيفة لفترة سبع سنوات .. أول ليلة في الحبس نزعوا عنه ملابسه ووضعوا حجر كبير جداً على صدره طول الليل – ألم رهيب – ما هذا ؟ لو كان ضعيف كان سيتراجع عن إيمانه لكنه قال لهم عبارة جميلة ﴿ ستملون من تعذيبي أما أنا سوف لا أمل بنعمة الله ﴾ .. إنتصار وقيامة داخلية .. الإنسان يضعف من نفسه عندما يفكر في نفسه كثيراً ويصير حساس لنفسه فهذا ضعف لكن عندما يكون ربنا يسوع أمامه يعطيه قوة أكبر من ذاته البشرية .. وهذا هو مارجرجس القائم كسيده وضعوه في دولاب به مسامير وسكاكين ويتمزق جسده ثم يظهر له ربنا يسوع ويشفيه ويعزيه .. فقال المستشارين للملك أن أكثر شئ يؤذي الشخص المسيحي هو أن تفسد عفته فإن أفسدت عفة مارجرجس ستميته قبل موت الجسد لأنه معروف أن المسيحي بالعفة يرضي إلهه .. إبعده عن إلهه ثم إقتله .. ووافق الملك فأحضروا فتاة خليعة قضت ليلة مع مارجرجس في السجن ومعروف أن الإنسان المحبط الذي في ضيق سقوطه سهل .. ومارجرجس مسجون وفي شدة وحالة مرة لكن لم تستطع الفتاة أن تقترب منه لأنه كان في السجن قائم ساجد يصلي .. جعل السجن هيكلاً وبدلاً من أن تُشتم منه روائح كريهة صارت به روائح ذكية عطرة .. أي أنا الذي أؤثر في المكان وليس المكان هو الذي يؤثر فيَّ يقال عن يوسف العفيف ﴿ أن يوسف زين العبودية بجمال بهاء فضائله ﴾ .. إذاً السجن لا يؤثر .. لا تتحجج بالمجتمع الصعب .. سأقول لك هل هذا المجتمع مثل سجن مارجرجس ؟ فهذه الفتاة أتت خصيصاً لتسقط مارجرجس لكنها رأته يصلي ورأت نور ورأت رائحة البخور فوقفت خلفه تصلي مثله ولما إنتبهت لعريها لملمت ملابسها لتستر عريها لأنها شعرت أنها بالفعل أمام ربنا يسوع المسيح في الصباح يفتحون باب السجن ليروا مارجرجس وهو ساقط إذ بهم يرون الفتاة تصلي مع مارجرجس وتقول لهم ﴿ أتيت لأجذبه بسحر خلاعتي فسحرني بسحر طهارته ﴾ .. أنا تأثرت به لقد ذاب قلبي داخلي .. لم أصدق أن أرى شاب مثله بهذه العفة والقداسة .. هل هو من الأرض أم من أين ؟نعم هو بالفعل يعيش على الأرض لكنه ليس من الأرض .. هذا هو المسيحي والشهيد .. لذلك قالت أتبع إيمان مارجرجس ولنسأل هذه الفتاة سؤال .. هل تعرفين الثالوث القدوس ؟ هل تعرفين أساسيات الإيمان ؟ تجيب لا لكني رأيت مارجرجس فتبعت إيمانه .. هذه الفتاة تظهر في بعض الأيقونات خلف مارجرجس على حصانه ويفسر ذلك الآباء بأنه قد أحضر هذه الفتاة معه للمسيح .. وتظهر أيضاً واقفه تنظر له ويقول الآباء أنها تمثل الكنيسة التي تتابع جهاد أولادها مارجرجس جعل الزانية شهيدة .. نعمة بلا حدود وبلا نهاية قادرة أن تغير كيان الإنسان لذلك مَلَك إيمان يسوع على قلبها وحواسها فصارت شهيدة من أصحاب الساعة الحادية عشر كما يقول الآباء وأخذت نفس الأجرة .. لذلك في الغروب اليومي الذي يمثل قرب نهاية العمر نقول له ﴿ إحسبني مع أصحاب الساعة الحادية عشرة ﴾ .. أعطني أن أرضيك في اللحظات الباقية في اليوم .. القديس يوحنا ذهبي الفم يقول ﴿ الموت دخل للعالم بطريقة مضاعفة موت الخطية وموت الجسد .. أتى المسيح كيما يعطي غلبة مضاعفة على موت الخطية وموت الجسد ﴾ .. والذي يغلب موت الخطية يغلب موت الجسد وهذا مبدأ كل الشهداء فلن ترى شهيد ساقط في خطية ﴿ من يغلب فلا يؤذيه الموت الثاني ﴾ ( رؤ 2 : 11) .. لأن الموت الأول هو موت الخطية والذي يغلبه يستطيع أن يغلب الموت الثاني أي موت الجسد مثل مارجرجس إستمر الملك في تعذيب مارجرجس .. يربطون يديه ورجليه .. يلبسوه حذاء به مسامير تغرس في قدميه خاصةً عندما يقف فيزداد ثقل الجسد على قدميه ويطلبوا منه أن يمشي بالحذاء بل ويجري وإن وقف يضربوه حتى يكمل مسيره .. عذابات رهيبة .. من ضمن الطرائف التي كتبها الآباء أن الذي يدخل مجال الإستشهاد إن كانت له واسطة تقطع رأسه بسرعة لأن العذابات مرة لذلك قطع الرأس أسهل .. ما هذا ؟ قيامة داخلهم جعلت الموت أمر هين لأنهم يشتاقون للمسيح ويعيشون حياتهم للمسيح .. ﴿ من يقتني في نفسه شهادة صالحة يشتهي الموت كالحياة ﴾ .. ما سر رعب الناس من الموت ؟ السر هو عدم الإستعداد .. السر هو الخطية كان رب المجد يظهر لمارجرجس ويقول له * لا تخف يا جاورجيوس إني معك * فيمتلئ تعزية ويصير معافى .. يتركوه ليلاً ميتاً في الصباح يجدوه معافى .. فقالوا هو ساحر لنحضر له ساحر يؤثر عليه .. للأسف قلوب عمياء عمل بها الشيطان .. أحضروا له ساحر ومعه سم كي يسقيه لمارجرجس فرشم علامة الصليب على السم وشرب وانتظر دقلديانوس أن يموت مارجرجس ولم يمت .. فضاعف الساحر جرعة السم ثلاثة مرات ولم يمت مارجرجس حتى أن الساحر سجد له وأعلن إيمانه بإله جاورجيوس أمام الجميع .. لماذا سمح الله لمارجرجس بهذه العذابات المرة ؟ هل لتخليص حساب مع مارجرجس ؟ لا .. بل سمح بذلك ليكرز به فصارت آلام مارجرجس آلام كارزة .. كثيرون ممن رأوا هذا المشهد آمنوا واستشهدوا على إسم ربنا يسوع .. آلاف إستشهدوا بسبب مارجرجس زوجة دقلديانوس كانت تسمع عن مارجرجس وأعجبت به ولم تستطع أن تصل إليه .. وفي يوم بعد أن إحتار دقلديانوس في أمر مارجرجس فكر في أن يحضره إلى قصره لعله يستطيع أن يؤثر عليه فأحضر مارجرجس إلى القصر وألبسه ملابس جيدة وأطعمه وطلب منه أن يبخر للأوثان فقال له مارجرجس غداً سأتكلم مع آلهتك .. وأشيع الخبر في المدينة كلها أن غداً مارجرجس سيبخر للأوثان وفي هذه الليلة ذهبت زوجة دقلديانوس إلى مارجرجس وسألته ما هي قصته ؟ فكرز لها بالمسيح وآمنت لكنها لم تستطع أن تعلن إيمانها في الصباح أحضروا الأصنام أمام مارجرجس فصلى صلاة عميقة أمام الجميع ثم قال للوثن* آمرك أمام الجميع بإسم المسيح أن تعلن عن نفسك * .. فخرج صوت من الوثن يقول * إن الإله الحقيقي هو يسوع المسيح الذي تعبده أنت * وتكرر الأمر ثلاثة مرات وسمعت المدينة كلها هذا الصوت وفي ثالث مرة هوت الأوثان وتحطمت فآمنت المدينة كلها وآمنت زوجة دقلديانوس وأعلنت إيمانها فجذبها زوجها دقلديانوس إلى داخل القصر وهددها بالموت لكنها لم تتراجع واستشهدت وصار جميع من آمنوا شهداء .. ما هذا ؟ قوة قيامة في مارجرجس غلبت الموت وحطمت الأوثان .. وأخيراً قطعوا رأسه بحد السيف قوة مارجرجس في شهادته للمسيح .. في عمل الله الخفي في حياته .. عمل الله الخفي الذي يجعل الأنية الضعيفة تتمجد ويخرج منها رائحة ذكية .. الإنسان الذي يجذبه العالم بإغراءاته عمل الله الخفي فيه يجعله يغلب العالم .. نحن مدعوين لنعيش في العالم شهود للمسيح ونعلن إيماننا لابد أن نعيش شهداء أمام أنفسنا وأمام العالم وأمام المسيح ونعلن المسيح داخلنا ونفرح برسالتنا أن كل من يرانا يشتم رائحة المسيح فينا ونحضر له كثيرين والبعيدين هذه هي حياة مارجرجس وشهادته والقيامة في حياته .. القيامة أسلوب وسلوك وفعل وليس نظرية .. القائم شاهد للمسيح ولتسأله ألا تخاف الموت ؟ الموت مرعب .. يقول لا .. المسيح غلب الموت والشهداء كانوا يهددون بالموت ولم يخافوا حتى أن معذبيهم كانوا يخافون منهم .. وقيل عن القديس البابا بطرس خاتم الشهداء أنه أعلنت عن مكافأة لمن يستطيع أن يقطع رأسه .. لأن رقابهم كانت أصلب من السيوف .. النعمة تغلب طبع الإنسان الخواف الشهواني وتجعله يعيش غالب الجسد وإن كان في الجسد .. هكذا كان مارجرجس غالب ظهرت فيه حياة ربنا يسوع المسيح الله يعطينا أن تظهر حياته في حياتنا وأن نغلب ذواتنا وجسدنا لنعيش القيامة بحق ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته له المجد دائماً أبدياً آمين