المقالات

20 يونيو 2023

أبعاد حياة الشركة (٥) أنتـم نــور العـالـم

المؤمن المتحد بالمسيح ، وبالقديسين ، و بالأخوة ، هو بلاشك يحيا البعد الرابع والأخير من أبعاد الشركة، أعنى : الاهتمام والإحساس بدور ورسالة !! أنتم نور العالم : إن الرب يسوع لم يسأل أن يأخذنا من العالم ، بل أن يحفظنا من الشرير (يو١٧: ١٥)... بمعنى أنه يريد منا أن نقوم بدور ورسالة في نشر محبته ، وكلمته ، وإنجيله ، ورسالة الخلاص الذي لنا فيه في كل مكان وزمان ومع كل إنسان ! لهذا قال لنا : « أنتم نور العالم » ( مت ٥ : ١٤ ) . « أنتم ملح الأرض » ( مت ٥ : ١٣ ) . « تلمذوا جميع الأمم » ( مت ۲۸ : ۱۹ ) . « اذهبوا إلى العالم أجمع، واكرزوا بالإنجيل ، للخليقة كلها » (مر١٦ : ١٥). " أنتم رسالتنا ، مكتوبة في قلوبنا ، معروفة ومقروءة من جميع الناس" (۲كو۳ : ۲) واضح إذن ، منذ بداية التجسد أن الرب قد فتح الباب لجميع الأمم ، فهو الذي قيل عنه « هكذا أحب الله العالم » (يو٣ : ١٦) ، وهو الذي قال : «لى خراف أخر ليست من هذه الحظيرة ، ينبغي أن آتي بتلك أيضاً ، فتسمع صوتي ، وتكون رعية واحدة وراع واحد » (يو١٠ : ١٦). لذلك أوصى تلاميذه : « تكونون لي شهوداً في أورشليم وفى كل اليهودية ، والسامرة، وإلى أقصى الأرض» (أع ١: ٨). من هو المسيحي : المسيحي إذن هو الإنسان الذي يرى الناس في أعماقه شخص المسيح ، حباً ووداعة وقداسة ونقاء، وبذلاً وخدمة وعطاء إنه الإنسان الذي يحس الناس فيه بروح الرب يسوع ، وسماته ، وفكره ، فيمجدون شخص الرب إذ « يروا أعماله الحسنة» ( متی ٥ : ١٦).إنه إنجيل متحرك بين الناس ، حين يسلم أحد عليه يقرأ كورنثوس الأولى ١٣ ، وحين يفحصون أعماقه يتلامسون مع روح الله الساكن فيه، وحين يحاربه عدو الخير يسمع الجميع هتافه « يعظم انتصارنا بالذي أحبنا » ( رو٨ : ۳۷ ) .إنه الإنسان الذي يقتحم قلوب الناس بالحب ، وينشر الخير والفضيلة في كل مكان ، ويعطى الحكمة الإلهية في كل موقف ، ويصنع السلام بين المتخاصمين، وينير طريق السائرين في الظلمة .قائلاً للناس : إنه السفير المخلص الذي يطلب عن المسيح « تصالحوا مع الله » (۲کوه : ٢٠)، وهو النور الذي يشرق على ظلمات الدنيا ، فينشر رائحة زكية وتعاليم مقدسة وكلمات مملوءة حياة وحباً ، وهو الملح الذي يذوب و ينسى ذاته ، ولكنه لا يضيع هباء ، بل يقوم بدوره الأساسي في إعطاء الطعام (هذا العالم) الطعم المستساغ ، وفى حفظ الطعام ( هذا العالم أيضا ) من الفساد... ختاماً : أترك لدى القارىء الحبيب هذه التساؤلات : هل أحيا حياة الشركة المقدسة بأبعادها الأربعة ؟ هل أنا أتحد بالرب كل يوم من خلال الصلاة والإنجيل والتناول والخدمة ؟ وهل أنا أحس بالقديسين ، واتشفع بهم ، وأدرس حياتهم وتعاليمهم ، لأسير على آثار الغنم ؟ وهل أنا أحس بإخوتي في الكنيسة ، فأحبهم وأخدمهم وأتكامل معهم دون تعال أو كبرياء أو استغناء ؟ وهل أنا سفير للرب في العالم ، أقدم صورته الحلوة ومحبته المملوءة عذوبة وصفاء؟ الرب يعطينا جميعاً ... أن تكون كذلك !! نيافة الحبر الجليل الانبا موسى اسقف الشباب
المزيد
13 يونيو 2023

أبعاد حياة الشركة (٤) أعضاء كثيرة وجسد واحد

تحدثنا فيما مضى عن بعدين من أبعاد حياة الشركة وهما : أتحادنا بالسيد المسيح رأس الجسد، واتحادنا بالقديسين السمائيين الأعضاء الظافرة في الجسد المقدس ، الذي هو الكنيسة . وحديثنا اليوم عن البعد الثالث في حياة الشركة وهو: اتحادنا باخوتنا المؤمنين ، من خلال سر الأفخارستيا . سر الشركة : التناول في الكنيسة يدعى سر الافخارستيا ، أو الشكر، أو الشركة المقدسة Holy Communion ذلك لأننا من خلال هذا السر المقدس ننال نعمة الثبات في الرب ، ونشكر الرب على عطاياه الكثيرة ، ونتحد معاً في جسد واحد «كأس البركة التي نباركها، أليست هي شركة دم المسيح ؟! الخبز الذي تكسره ، أليس هو شركة جسد المسيح ؟! فإذن نحن الكثيرين خبز واحد ، جسد واحد، لأننا جميعنا نشترك في الخبز الواحد» (اکو۱۰: ١٦ ،١٧) لهذا تحرص كنيستنا على تقديم قربانة واحدة كحمل مهما كان عدد المتناولين، وكذلك كأس واحدة لنشرب منها جميعاً ، فتحس بالوحدة التي لنا في المسيح . والحقيقة أن الأفخارستيا هي محور الحياة المسيحية والكنيسة ، لأننا فيها : ١- نتحد بالسيد المسيح إذ نتناول جسده ودمه الأقدسين . ٢ - نتحد بالسمائيين ، إذ يحضرون معنا القداس ، سواء أكانوا القديسين أو الملائكة . ٣ ـ تتحد ببعضنا البعض كمؤمنين فنصير اعضاء كثيرة ولكن جسد واحد » (اکو ۱۲ : ۲۰). العضو والفرد : هناك فرق شاسع بين الفرد والعضو فالفرد منفصل، مستقل بذاته ، أما العضو فليس له وجود ولا قيمة إلا باتصاله ببقية الأعضاء ، واتحاده بها داخل الجسد الواحد . والعضو له وظيفة محددة ، وخدمة هامة لبقية أعضاء الجسد، وإلا صار « زائدة » يستحسن استئصالها . كذلك فالعضو مختلف تماماً عن بقية الأعضاء، ولكنه يتكامل معها ، ومن مجموع الأعضاء المتنوعة يتكون الجسد .ومن المستحيل أن يرى إنسان في نفسه أنه مكتف بذاته ،فهو بهذه الطريقة يتصور أن الجسد يمكن أن يختزل إلى عضو واحد ... « لو كان كل الجسد عيناً ، فأين السمع ؟ ولو كان الكل سمعاً ، فأين الشم » ( ۱كو۱۲ : ۱۷). تطبيقات حياتية : ١- لو عاش المؤمن بهذا الإحساس ، إحساس العضوية في الجسد الواحد ، لن يسقط في الكبرياء ، لأنه سيشعر أنه محتاج إلى كل أخوته ويستحيل أن ينفصل عنهم أو يكتفى بنفسه . ٢ ـ كذلك فإنه سيحاول أن يكتشف دوره في الجسد الواحد ، ما كان الصلاة من أجل الكنيسة كالآباء النساك المتوحدين ، أو الكرازة بالكلمة كالخدام برتبهم ودرجاتهم، أو عمل المحبة والانتقاد ، أو تقديم نشاطات كثيرة متنوعة ومتكاملة . ٣- وحين يحس بهذا الدور ، فو لن يستكبر، بل سيسلك باتضاع عالماً أن دوره هذا عطية من الروح القدس ، ولا قيمة له بدون الأدوار الأخرى لغيره من الأعضاء . ٤ ـ ولن يحسد غيره لما عنده من مواهب ، لأن الرب قد خصه هو بمواهب وعطايا أخرى نافعة . ه ـ ولن يهمل في حق بقية الأعضاء الجريحة والمتألمة والفقيرة والبعيدة والمرتدة ، إذ سيحس أنها كلها تنتمى إليه، ومسئولة إنها الوحدة المقدسة التي لنا في المسيح، فهل تذوقتها أيها القاريء الحبيب أرجو ذلك لتحيا جميعا إحساس الشركة المقدسة ... والرب معك . نيافة الحبر الجليل الانبا موسى اسقف الشباب
المزيد
06 يونيو 2023

أبعاد حياة الشركة ( ٣ ) شركتنا مع القديسيـن

تحدثنا في العدد الماضي عن البعد الأول والأساسي في حياة الشركة وهو: شركتنا مع الله ، وضرورة الثبات والاتحاد بالسيد المسيح من خلال الصلاة والكلمة والأسرار والخدمة . واليوم ننتقل إلى البعد الثاني في حياة الشركة وهو شركتنا مع القديسين . كورة الأحياء : ١- إن التعليم الكتابي الأكيد في هذا الموضوع أن إلهنا « إله أحياء وليس إله أموات » ( لو ۲۰ : ۳۸). والأحياء الذين عاشوا على الأرض في حالة صلاة دائمة، يستحيل أن يكفوا عن النسيم الإلهي وهم في الفردوس في معية الرب « اليوم تكون معى في الفردوس » ( لو٢٣ : ٤٣). لذلك فالحقيقة الأولى هي ان القديسين أحياء، ولا يكفون عن الصلاة والتسبيح ، كما يتضح من سفر الرؤيا أيضاً . ۲ ـ وهم أيضاً يحسون بنا ، بدليل إحساس الغنى ( رغم أنه شرير) باخوته على الأرض ... أنظر مثل الغنى ولعازر ( لوقا ١٦ : ۱۹ - ۳۱ ) بل إن مشاعر هذا الغنى الشرير رقت لدرجة أنه اهتم بأن لا يأتى أخوته إلى هذا العذاب ، عذاب الجحيم، الذي فيه ينتظر الأشرار يوم الدينونة الأبدية الرهيبة . ٣- والقديسون ـ حسب نص الإنجيل - هم «سحابة شهود محيطة بنا » (عب ۱۲: ۱)، والسحابة مرتفعة ولكنها قريبة ، كذلك القديسون في عالم الفردوس ولكنهم قريبون منا كذلك فالسحابة بيضاء رمز نقاء القديسين ، وفيها المطر والرخاء رمز عطاء القديسين وحبهم لنا . ٤- والرب نفسه طلب منا أن ننظر إلى « نهاية سيرتهم فنتمثل بإيمانهم » ( عب ١٣ : ٧ ) وهذه وصية إنجيلية هامة أن نتأمل حياة القديسين بعد أن تنتهى سيرتهم على الأرض ، وتبدأ حياتهم الأبدية في الفردوس . شركتنا معهم : مما سبق يتضح أننا نكون مع القديسين السمائيين، جسداً واحداً ، كنيسة واحدة ، يحس بعضها بالبعض الآخر، ويصلي بعضها عن البعض الآخر... لهذا نرى في كنيستنا بعض التعبيرات التي تدل على هذه الشركة مثل : ١ـ التشفع بهم إذ يختار كل منا شفيعاً أو أكثر ، يكون سنداً له ونبراساً لحياته . ٢ - الاقتداء إذ ندرس سيرهم وأقوالهم ، حسب تعبير القديس أنطونيوس : « كتبي هي شكل الذين كانوا قبلى » ، أي أنه كان لا يكف عن دراسة سير من سبقوه في الطريق المقدسة . ٣- الإحساس بحضورهم من خلال الأيقونات في الكنيسة، والتي لا تعتبرها مجرد صور تذكارية بل نرى أنها تحمل لنا حضور القديس شخصياً ، بدليل أننا ندشنها بالميرون ، ونقدم البخور أمامها ، أي أننا نطلب من صاحب الأيقونة أن يشترك معنا في الصلاة، حيث البخور رمز الصلاة المرتفعة أمام الله . كذلك فنحن نقبل الأيقونة باكرام على أساس هذا الإحساس ، أننا نقبل صاحب الأيقونة الحاضر معنا . ٤- نصلي لأجلهم تماماً كما أنهم يصلون من أجلنا من هنا كان مجمع القديسين في القداس الإلهى، والتسبحة اليومية ، والقداسات التي نرفعها باسم النفوس التي سبقتنا إلى الفردوس ، حيث نطلب لها الراحة والنياح كما طلب بولس الرسول من أجل أنيسيفورس ( ۲تی ۱ : ١٦). فهل لك ـ أيها القارىء الحبيب - شفيع محدد ؟ وهل أختبرت مساندته لك في حياتك ؟ إن كانت الملائكة أرواحاً خادمة لنا فكم بالحرى من عاشوا مثلنا في الجسد؟! اقرأ واشبع بسير القديسين لتتقدس حياتك مثلهم والرب معك . نيافة الحبر الجليل الانبا موسى أسقف الشباب
المزيد
02 مايو 2023

الظهورات المتعددة

"وكان يظهر لهم أربعين يوما" (أع ١: ٣)لا نستطيع أن نحدد بالضبط عدد المرات التي ظهر فيها السيد المسيح للتلاميذ بعد قيامته، وحتى صعوده إلى السموات. فالكتاب يقول أنه "كان يظهر لهم أربعين يوما، دون أن يحدد عدد المرات. ولكننا من خلال هذه الظهورات المسجلة نستطيع أن نجد دليلا قويا وبرهانا أكيدا على قيامة السيد المسيح. ١. ظهورات كثيرة: فلقد سجل لنا الكتاب المقدس أحد عشر ظهورا على الأقل للسيد المسيح، ترتيبها على الأرجح، كما يلي: ١- ظهر للمجدلية بمفردها، (مر ١٦: ٩؛ یو ٢٠: ١٦). ٢- ظهر للمريمات (مت ٢٨: ٩). ٣- ظهر لتلميذي عمواس (مر ١٦: ٢؛ لو ٢٤: ١٣-٣٥). ٤- ظهر للتلاميذ في علية أورشليم يوم القيامة بدون توما (مر ١٦: ١٤؛ لو ٢٤: ٣٦-٤٢؛ يو ١٩:٢٠-٢٣). ٥- ظهر لسمعان (لو ٢٤: ٣٤). ٦- ظهر ليعقوب (١کو ١٥: ٧). ٧- ظهر مرة أخرى للتلاميذ ومعهم توما في الأحد التالي للقيامة، وذلك في العلية بأورشليم (يو ٢٤:٢٠-٢٩) (١ كو ١٥: ٧). ٨- ظهر للتلاميذ على جبل الجليل ( مت ٢٨: ١٦-١٧). ٩- ظهر لسبعة تلاميذ على بحيرة طبرية (يو ٢١: ١-٢٢). ١٠- ظهر لأكثر من خمسمائة أخ دفعة واحدة، أكثرهم عاش حوالي ربع قرن بعد صعوده، وشهد لقيامته (١كو ١٥: ٦). ١١- ظهر لتلاميذه على جبل الزيتون يوم صعوده (لو ٢٤: ٥٠-٥٣؛ أع ١: ٩-١٢) . وهذه الظهورات الكثيرة- غير التي لم تدون- تأكيد على صدق قيامة الرب، فالمرات كثيرة ومتعددة. ٢. لأشخاص كثيرين: كانت هذه الظهورات لأشخاص كثيرين، منهم النسوة والرجال، المصدقون بسهولة، والشكاكون، لشخص واحد أو لاثنين، أو لبضعة أشخاص أو لجماعة التلاميذ، أو لمئات مرة واحدة. وهذا يؤكد صدق القيامة، فكيف تتفق هذه الأعداد كلها على أمر كاذب؟ وهل للكذب أن يقف على رجليه طويلا ؟ ٣. أماكن كثيرة: تمت الظهورات في أماكن متعددة، في القبر، وخارج القبر، وفي الطريق إلى عمواس، وفي علية أورشليم، وفي بحر طبرية، وفي جبل الجليل، وفي جبل الزيتون، إذن، فقد تنقل التلاميذ كثيرا ليشاهدوا هذه الظهورات الحية، وكانوا حتما في صحو ويقظة. ٤. حوار متبادل: لقد تم في هذه الظهورات حوار متبادل طويل بين الرب وتلاميذه السلام لكم... كما أرسلني الآب أرسلكم أنا" (يو ٢٠: ٢١)... . ها أنا معكم كل الأيام وإلى انقضاء الدهر" (مت ٢٨: ٢٠). " أقيموا في مدينة أورشليم إلى أن تلبسوا قوة من الأعالي" (لو ٢٤: ٤٩). "وكان يتكلم عن الأمور المختصة بملكوت الله" (أع ١: ٣). أليست هذه كلها أحاديث صحو وانتباه؟ ٥. لمس حسي: لقد سمح الرب لهم بأن يلمسوه، مكسبا جسده النوراني أبعادا حسية حتى يتأكدوا من قيامته، بنفس الجسد الذي مات به، 'جسوني وانظروا، فإن الروح ليس له لحم وعظام كما ترون لي" (لو ٢٤: ٣٩)، "هات إصبعك إلى هنا وأبصر يدي، وهات يدك وضعها في جنبي، ولا تكن غير مؤمن بل مؤمنا" (يو ٢٠: ٢٧)، فتقدمتا وأمسكتا بقدميه وسجدتا له" (مت ٢٨: ٩). ٦. أكل قدامهم: وذلك عدة مرات، تأكيدا لقيامته المجيدة، بنفس الجسد الذي مات به... "أعندكم ههنا طعام؟ فناولوه جزءا من سمك مشوي، وشيئا من شهد عسل، فأخذ وأكل قدامهم" (تماما كما أكل الملاك مع إبراهيم في العهد القديم) (لو ٢٤: ٤١-٤٢). وعلى بحر طبرية سأل التلاميذ: "ياغلمان ألعل عندكم إداما"؟... ولما أعلموه بأنهم لم يصطادوا شيئا، ووهبهم سمكا كثيرا بقوة لاهوته قال لهم: قدموا من السمك الذي أمسكتم الآن.. هلموا تغدوا" (يو ٢١: ١-١٤)، وذلك بعد أن وصلوا إلى الشاطيء، ووجدوا حجرا موضوعا، وسمكا موضوعا عليه، وخبزا... تناقضات ظاهرية: ورغم هذه الظهورات الأكيدة، حاول بعض النقاد أن يجدوا بعض التناقضات، التي هي بالقطع ظاهرية، فمثلا: ١. عدد النسوة: قالوا إن القديس يوحنا تحدث عن المجدلية وحدها، بينما تحدثت الأناجيل الثلاثة الأخرى عن أكثر من امرأة، وهذا واضح جدا، فهما ظهوران لا ظهور واحد، الأول للمجدلية في القبر "انحنت إلى القبر" (يو ٢٠: ١١) والثاني خارج القبر للمريمات "فخرجنا سريعا من القبر... وفيما هما منطلقتان لتخبرا التلاميذ، إذ يسوع لاقاهما، وقال لهما سلام لكما" (مت ٢٨: ٨-٩). ٢. لا تلمسيني: قالوا بتناقض بين قوله للمجدلية "لا تلمسيني" والسماح لها بالإمساك بقدميه ( قارن يو ٢٠: ١٧، مت ٢٨: ١٠). وكما ذكرنا فهما ظهوران، في الأول لم يسمح لها بلمسه إما لأنها لم تؤمن به كما يجب وظنته البستاني. أو لأنه كان بجسد نوراني لا يلمس، وفي الثاني سمح لهما بالإمساك بقدميه تأكيدا لقيامته، إذ أكسب الجسد النوراني أبعادا حسية. ٣. الغرض من زيارة القبر: ذكر القديسان مرقس ولوقا أن الغرض كان "دهن الجسد" ( مر ١٦: ١، لو ٢٤: ١)، بينما ذكر القديس يوحنا أن نيقوديموس قام بتكفين الجسد مع الأطياب" ( يو ١٩: ٤٠). والفرق أن هذا "تكفين" كما لعادة اليهود أن يكفنوا، وذاك "دهن للجسد كتكريم إحساسا بأنه لم يأخذ الكرامة اللائقة والأطياب الكافية عند دفنه بسبب ما صاحب ذلك من زلزلة وظلام وارتباك. ٤. عدد الملائكة: قالوا إن القديس متى تحدث عن ملاك واحد جلس على الحجر بعد أن دحرجه، والقديس لوقا إنه شاب يلبس ثيابا بيضاء، والقديسان لوقا ويوحنا إنهما ملاكان، ولا تناقض في ذلك، فهي تركيزات أو لقطات من زوايا مختلفة، فمن تحدث عن ملاك واحد كشاب يلبس ثيابا بيضاء ركز على الملاك الذي تحدث إلى النسوة أما الإنجيل الذي تحدث عن ملاكين، فقد ركز على عددهم فقال إنهما كانا اثنين. التركيز الجوهري كان على حقيقة القيامة، أما هذه الأمور فهي أشبه بمصور يلتقط صورة للحدث من زاوية. بينما يلتقط الآخر صورة لنفس الحدث ولكن من زاوية أخرى. دروس روحية من الظهورات: تذخر الظهورات بدروس روحية عديدة منها: ١. أن الرب يهتم بالنفس الواحدة، فقد ظهر للمجدلية، ويعقوب، وبطرس، واحدة من أجل حبها الجبار. والثاني لأنه سيكون أسقفا لأورشليم مركز الإرساليات، والثالث ليدعم توبته ورجاءه، ويؤكد له أنه يحبه "قلن لتلاميذه ولبطرس" (مر ١٦: ٧). إن يسوع يحبك يا أخي القاريء، يحبك شخصيا، ويعرفك باسمك، وبكل ظروفك واحتياجاتك، وينتظر منك دعوة الدخول، للتطهير والتقديس والفرح. فهل تفتح له قلبك؟ ٢. إن الرب يعالج ضعفاتنا مهما كانت مخزية، فهو الطبيب الحقيقي، والراعي الصالح، ومخلص نفوسنا، لهذا ظهر خصيصا لتوما الرسول، ليداوي شكه، ومن خلال شكوكنا نحن. فهل نحن في ضعف، أي ضعف؟ إن ضعفاتنا الروحية والنفسية مكشوفة أمامه، وهو قادر أن يعالجها بحبه، ويجعلنا نهتف بعد شفائنا ربي وإلهي" ( يو ٢٠: ٢٨)، وتتقدم للشهادة لاسمه في كل مجال ومكان. ٣. وهو القادر أن يلهب قلوبنا بكلماته الإلهية.تماما كما فعل مع تلميذي عمواس، فرغم انحدارهما إلى العالم، رافقهما مفتقدا بحبه، ثم ألهب قلبيهما بصدق مواعيده، وحلاوة حديثه، ونعمة فدائه، وهكذا عادا إلى أورشليم، مدينة الأحداث والقيامة والكرازة. يسوع جاء إليهم إلى حيث هم، في ضعفهم وعبوستهم وشكهم، وخلصهم وأراحهم. وهو أيضا مستعد أن يأتي إليك يا صديقي القاريء حيث أنت، في بيتك المتواضع، وقلبك المتعثر، وإرادتك المتقهقرة... يأتي لينتشلك من أحزان الدنيا، ومرارة الخطية، ويصعدبك إلى أورشليم الفرح والنصرة... فهل تسمح له بأن يقترب إليك، ويلهب قلبك من خلال الإنجيل. ٤. وعندما يجلس إليك، ويعطيك جسده ودمه الأقدسين، وتتحد به، ستكتشف فجأة إنه اختفى من أمام عينيك، وذلك لأنه حل في أحشائك. نعم يسوع يريد أن يتحد بك يا أخي القاريء، فاحذر أن تفقد هذا النصيب ! دروس عقائدية من الظهورات: ١. إن الرب قام... بالحقيقة قام... وظهر لكثيرين.. رأوه.. ولمسوه.. وتحادثوا معه.. وأكل قدامهم. ٢. إن جسد القيامة جسد نوراني روحاني، لا يلمس ولا يحس، لا يمرض ولا يجوع، لا يخطي ولا يموت. وإننا سنلبس نفس هذا الجسد، حين نقوم مع الرب. ٣. إن للرب أحاديث طويلة عن ملكوت الله لم تدون في الأناجيل المقدسة، ولكننا تسلمناها من خلال التقليد الرسولي. وكما ان الإنجيل سلمته لنا الكنيسة كتقليد رسولي ثابت، هكذا بقية التقاليد تسلمناها في يقين يدا بيد، وهي لا تتعارض إطلاقا مع روح الإنجيل ونصوصه، وهو الفيصل النهائي في كل شيء. أخيرا يا أخي الشاب... ويا أختي الشابة... كل عام وأنت أكثر حبا للمسيح، وتكريسا لشخصه المبارك، وخدمة لإنجيله المحيي. كل عام وأنت تتقدم إلى الأمام ، رفقة المسيح الحي، الذي مات لأجلك، وقام لأجلك. وهو الآن حي يشفع فيك إلى الأبد. كل عام وأنت تنفذ دائما نداء الرب "كما أرسلني الآب أرسلكم أنا" ( يو ٢٠: ٢١). فتخرج من أمام عرش النعمة كل يوم، بكلمة شهادة، وخيمة خلاص، فهذا أقوى براهين القيامة وأبقاها... والرب معك. نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
المزيد
25 أبريل 2023

براهين القيامة - القبر الفارغ والكفن المقدس

عثر الباحث جوردرن سنة ١٨٨١على حديقة صغيرة عند سفح جبل الجلجثة إلى الغرب، وذلك تحت خمسة أقدام من القمامة، حيث وجد بها قبرا منحوتا في الصخر، مع ممر أمامي، وحجر ضخم مدحرج عند فوهة المكان. ولم تكن بالقبر أية آثار لموتى أو تعفن، وهو يتسع لمجموعة صغيرة من الأشخاص، كي يلتقوا فيه. ومن المعروف أن الإمبراطور الروماني هادريان (١٣٥ م)،كان قد بنى معبدا للإلهة فينوس فوق قبر المسيح. وقد عثر جوردون على آثار وأطلال هذا المعبد، مع تمثال لفينوس، وذلك لأن الملك قسطنطين حين آمن بالمسيح حطم معبد فينوس (٣٣٠ م). وهذا القبر الفارغ برهان قوي على حقيقة القيامة. فالرب تركه فارغا، وانطلق بجسده الجديد، يظهر لتلاميذه ، ثم يصعد إلى السموات. ولنا في القبر عدة ملاحظات: ١. أنه قبر جديد: وهذا شيء هام، فلو كان القبر قديما، ودفن فيه كثيرون، فمن أدرانا أن الذي قام هو الرب، وليس أحدا آخر؟ لكن القبر كان جديدا، نحته يوسف الرامي في صخر، ولم يدفن فيه أحد قط، قبل السيد المسيح. ٢. الدراسات العلمية والتاريخية: تؤكد أنه قبر السيد المسيح، فهو موجود بأورشليم ومنذ مئات السنين كان مزارا للمسيحيين، يلتمسون منه بركة المسيح الظافر. إن كافة الحفريات والدراسات العلمية، وأقوال المؤرخين تؤكد لنا أنه قبر السيد المسيح، الذي كان قد دفن فيه، وقام منه. ٣. أقوال البشيرين: ولقد تحدث البشيرون عن حقيقة القبر الذي وجدوه خاليا من الجسد، الذي وضعوه فيه بأيديهم... + "إذا زلزلة عظيمة حدثت، لأن ملاك الرب نزل من السماء، وجاء ودحرج الحجر عن الباب، وجلس عليه، وكان منظره كالبرق، ولباسه أبيض كالثلج، فمن خوفه ارتعد الحراس، وصاروا كأموات" (مت ٢:٢٨-٤) + فدخلن ولم يجدن جسد الرب يسوع... وإذا رجلان وقفا بهن... وقالا لهن: ليس هو ههنا لكنه قام"(لو ٢٤: ٣-٦). + "قام بطرس وركض إلى القبر ونظر الأكفان موضوعة وحدها، فمضى متعجبا في نفسه مما كان"(لو 24: 12). + سبق التلميذ الآخر (يوحنا) بطرس وجاء أولا إلى القبر وانحنى فنظر الأكفان موضوعة، والمنديل الذي كان على رأسه... ملفوفا في موضع وحده..." (يو ٢٠: ٢-١٠). وهكذا اتفق البشيرون جميعا أن القبر كان فارغا والكفن متروكا في تنسيق بديع، يؤكد قيامة الرب نافضا عنه أكفان الموت! ٤. كلام الحراس: وهذا من أقوى الأدلة على قيامة المسيح! فأولئك الذين جاءوا لحراسة القبر، بعد أن طلب رؤساء الكهنة ذلك من بيلاطس قائلين:" يا سيد، تذكرنا أن ذلك المضل قال - وهو حي - إني بعد ثلاثة أيام أقوم. فمر بضبط القبر إلى اليوم الثالث. لئلا يأتي تلاميذه ليلا ويسرقوه ويقولوا أنه قام ... فأجابهم بيلاطس: "عندكم حراس. اذهبوا واضبطوه كما تعلمون" فمضوا وضبطوا القبر بالحراس. وختموا الحجر. إذن فهناك توقع من رؤساء الكهنة أن يحدث شيء وأن هذا الشيء سيحدث بالذات في اليوم الثالث، والحراس جاءوا من طرفهم لا من طرف بيلاطس، ولاشك أنهم أوصوهم كثيرا أن يراقبوا الأمور خشية سرقة التلاميذ للجسد في اليوم الثالث بالذات. لكن ماذا حدث؟ زلزلة رهيبة، وملاك نزل من السماء ودحرج الحجر وجلس عليه متحديا، وإذ بالقبر خال من الجسد! فهرول الحراس في رعب شديد واجتمعوا مع الشيوخ... وتشاوروا... وأعطوا العسكر فضة كثيرة قائلين: قولوا أن تلاميذه أتوا وسرقوه ونحن نيام... وإذا سمع ذلك الوالي فنحن نستعطفه ونجعلكم مطمئنين... فأخذوا الفضة وفعلوا كما علموهم.." (مت ٢٨: ١١-١٥). والسؤال هنا: - + لو كان الحراس نياما، فما هي مهمتهم إذن؟ خصوصا في اليوم الثالث؟ هل من المعقول أن يناموا في اليوم المهم؟ ألم يرتبوا كالمعتاد دوريات حراسة؟ + وإذا كانوا نائمين، فكيف علموا أن تلاميذه بالذات هم الذين أتوا وسرقوه؟ + وألم يكن كافيا ذلك الصوت الرهيب المنبعث من التلاميذ وهم يدحرجون الحجر لكي يستيقظوا ؟ ولكونهم جنودا مدربين ومسلحين، حتما سيطردون التلاميذ.+ والتلاميذ العزل الخائفين، من أين واتتهم هذه الجرأة؟ ألم يهربوا ساعة الصلب؟ ألم يقضوا الأيام بعد الصلب خلف أبواب مغلقة بإحكام؟ هل حدث أن سلحوا أنفسهم لمهاجمة الحراس؟ إذن فأين الإصابات بين الحراس؟ + وكيف وجدت الأكفان مرتبة، والمنديل ملفوفا وموضوعا لوحده، هل من يسرق ينسق بقايا سرقته، أم يتركها في ارتباك؟ شكرا الله، أن هذه الأكذوبة أكدت لنا شيئا غاية في الأهمية، أن الحراس أنفسهم شهدوا أن القبر كان فارغا ولم يكن جسد المسيح فيه، اعتبارا من يوم الأحد، حقا... "ليس هو ههنا لأنه قام كما قال" (مت ٦:٢٨) 5. الكفن المقدس: وهذا دليل إعجازي على قوة قيامة الرب. فلقد اكتشف العلماء- بعد دراسات علمية ومعملية غاية في الدقة - أن الكفن المقدس الذي تركه الرب في ترتيب لأنه قام بجسده النوراني دون ضرورة بعثرته، يحمل بين طياته أدلة علمية تؤكد صدق كل ما نعرفه من أحداث الصلب والقيامة. ومن بين هذه الأدلة ما يلي: ١. أن الصورة المنطبعة على الكفن سلبية (Negative) والصورة التي التقطت لها إيجابية واضحة. ٢. أن الدراسة التشريحية الدقيقة تؤكد أن المسامير لم تكسر حتى أصغر العظام، لأنها دخلت فيما بينها تماما كنبوة العهد القديم "إن عظما لا يكسر منه". ٣. إن الصورة لا تبدو واضحة حينما تقترب منها، ولا حين تبتعد عنها بمقدار ذراع... مما يستحيل معه أن يرسمها فنان، إذ كيف يتابع ما يرسم دون أن يراه؟! 4. ولا توجد في الصورة - بكل الوسائل العلمية - أية آثار لمادة تلوين، ولا أماكن مشبعة باللون أكثر من غيرها، ولا أثر ليد فنان يرسم. ٥. والصورة لا تتأثر بالحرارة ولا بالماء ولا كيميائيا. ٦. والدم الذي على الكفن دم حقيقي ويحوي مادة الهيموجلوبين فعلا، وبعد إزالة كل أثر للحديد وجدت أيضا مادة البورفرين. ٧. وهي صورة ثلاثية الأبعاد. ٨. والدراسات العلمية للكتان أكدت أنه يرجع إلى القرن الأول ، وبه القطن الذي لا ينمو إلا بالشرق الأوسط، بل وبعض حبوب لقاح لنباتات لا تنمو إلا بأورشليم. ٩. أما مسار الدماء التي نزفت من يدي المخلص وقدميه، فموضوع دراسة عجيب ومذهل. ١٠. وأما آثار السياط التي جلدوه بها فهي موضوع خشوع وانسكاب، فهي سياط ثلاثية تركت جروحا في ظهر المخلص، وهي واضحة في صورة الكفن بصورة ترينا قسوة الضرب، وبشاعة خطايانا. ١١. والدراسة المتأنية للأيقونات القديمة تحوي تشابهات دقيقة وكثيرة مع ما نراه بالكفن . ١٢. كذلك آثار إكليل الشوك، والضرب على الوجه، والطعنة، وخروج الدم والماء، وعدم وجود آثار تعفن في قماش الكفن . ١٣- إنها صورة إعجازية نتجت عن وهج نور قيامة المخلص وهي دليل يضاف إلى كل ما ذكرناه سابقا.ولكن أقوى دليل هو قيامة الرب في حياة كنيسته وأبنائه... له كل المجد! 6. أقوال بولس الرسول: لقد حاول بعض نقاد الكتاب أن يشككوا في قيامة الجسد، فقال "شميدل" أن المسيح قام بروحه فقط، أما فكرة القيامة بجسده، فهي تطور تال. وقال "وايزساكر " أن الرسول بولس لم يتحدث عن قيامة المسيح بجسده، لأنه لم يكن يعلم عنها شيئا، وقال "هارناك" أن قيامة المسيح جسديا أمر وارد ولكنه ليس يقينيا. لكن الرسول بولس حين تدرس كتاباته وأقواله يؤكد على حقيقة الجسد القائم ويلغي تصوراتهم الخاطئة... وهذه مجرد أمثلة: + كيف رجعتم إلى الله من الأوثان، لتعبدوا الله الحي الحقيقي، وتنتظروا ابنه من السماء، الذي أقامه من الأموات" (١ تس ١: ٩). + "إن كنا نؤمن أن يسوع مات وقام، فكذلك الراقدون بيسوع سيحضرهم الله أيضا معه" (1 تس ١٤:٤) + أنني سلمت إليكم في الأول (في اليونانية En Prwlois First and foremost = أي أهم شيء) ما قبلته أنا أيضا أن المسيح مات من أجل خطايانا حسب الكتب، وأنه دفن، وأنه قام في اليوم الثالث حسب الكتب" (١ كو ١٥: ٣-٤). والدفن هنا مقابل القيامة، دفن بجسده، وقام بجسده. + "الآن قد قام المسيح من الأموات، وصار باكورة الراقدين" (١ كو ١٥: ٢٠)، وهل سنقوم نحن بأرواحنا فقط أم بكياننا كله؟ إنها نظرة غير مسيحية من نقاد الكتاب حيث يتعاملون دائما مع الجسد بأسلوب هندي، إذ يرون فيه انه سجن الروح، وأنه للهلاك. أما المسيحية فهي تقدس الجسد وتجعلنا متوقعين التبني. فداء أجسادنا" (رو ٨: ٢٣). وسوف نتغير إلى صورة جسد مجده" (في ٣: ٢١). إذن فالجسد... للرب، والرب للجسد" (١كو ٦: ١٣). ونحن حينما نقمع أجسادنا بالصوم، فليس إلى الهزال والمرض أو أضعاف قدراتنا البدنية، ولكنه مجرد زهد اختياري لتنطلق الروح في العبادة ولينضبط الجسد في السلوك. + "الذي أقام يسوع من الأموات... سيحيي أجسادكم المائتة..." ( رو ٨: ١١). + "ولما تمموا كل شيء، أنزلوه عن الخشبة ووضعوه في قبر ولكن الله أقامه من الأموات، وظهر كثيرا للذين صعدوا معه من الجليل إلى أورشليم" (أع ١٣: ٢٩-٣١). + "إن يؤلم المسيح، يكن هو أول قيامة الأموات" ( أع ٢٦: ٢٣). + " المسيح بعدما أقيم من الأموات، لا يموت أيضا. لا يسود عليه الموت بعد..." (رو ٦: ٩-١٠). هذا ما كتبه معلمنا بولس عن قيامة الرب، وكتب الكثير غيره، مؤكدا حقيقة القيامة حسب الكتب (=Kata tis Graphia) فالقيامة الحقيقية عاينها الرسل فعلا، ولكنها تتميم لنبوات العهد القديم" أنا اضطجعت ونمت هم استيقظت" (مز 3: 5). أخبر باسمك إخوتي، وفي وسط الكنيسة أسبحك ( مز 22: 22) مشيرا إلى ظهور الرب المتكرر لجماعة التلاميذ عقب قيامته المجيدة.إذن، فلنتحن هاماتنا أمام القبر الفارغ.وأمام الكفن المقدس.وأمام شهادة الشهود.ونبوات الأنبياء. فالقيامة يقين أقوى من الشمس! نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
المزيد
18 أبريل 2023

براهين القيامة

التحول الرسولي "نحن لا يمكننا أن لا نتكلم بما رأينا وسمعنا" (أع ٤: ٢٠) من أقوى براهين القيامة، ذلك التحول الفذ، الذي حدث في حياة الرسل، إنه حقا أمر عجيب! كيف أن الذين قبعوا خلف أبواب مغلقة، في خوف ورعب من اليهود، انطلقوا فجأة يعلنون بشرى الخلاص لكل الأمم. كيف تحولوا في لحظات من الحزن إلى الفرح، ومن الضعف إلى القوة، ومن الخوف إلى الشجاعة، ومن اليأس إلى الثقة؟! كيف استطاع هذا النفر من البسطاء أن يفتنوا المسكونة" بأسرها دون سند بشری، ودون حرب ضروس، ودون مادة أو علم؟! إنه يقين القيامة، ورؤية الرب الظافر! فهم أمام معجزة المعجزات، يسوع قال لهم إنه سيقوم، ولكن هل حقا سيقوم؟! لقد انتظر الرسل في رعب شديد أخبار القبر الفارغ، والكفن المنظم. والملائكة، والزلزلة، والحجر المدحرج، والحراس المرتعبين من هول المفاجأة وقوة الأسد الظافر... وحالما تأكدوا من الأنباء وحل الرب في وسطهم بنفسه، ولمسوه، وأكل قدامهم وشرب، تفجرت فيهم طاقات مذهلة، فانطلقوا في قوة لم يحدث لها مثيل في تاريخ البشرية، يبشرون بالمصلوب القائم، وبالرب الذي أحبنا إلى المنتهى. انطلقوا في قوة هزأت بالموت، وبسيفه المسلط على رقابهم كل يوم، لأنهم وثقوا في القائم من الأموات ، القادر أن يقيمهم أيضا. انسكب في قلوبهم إيمان أبيهم إبراهيم، الذي على خلاف الرجاء، أمن على الرجاء، آمن به، الذي يحيي الموتى ويدعو الأشياء غير الموجودة كأنها موجودة (رو ٤: ١٧-١٨). نعم، انسكب فيهم نفس إيمان أبيهم، الذي أخذ إسحق إبنه من الموت مرتين: مرة من جسده الممات مع جسد سارة، ومرة أخرى من فوق المذبح، بعد أن افتداه بذبيحة أخرى. هكذا انطلق الرسل في يقين القيامة، يقدمون البشارة، ويستهينون بالموت، ويواجهون الحكام في قسوتهم والفلاسفة الوثنيين في مكرهم وينتصرون بالرب الظافر فيهم.وهكذا انتشرت المسيحية بسرعة في كل العالم المعروف آنذاك، وسرت فيه سريان النار في الهشيم، وتبدلت الوثنية الضاربة في أعماقه إلى مسيحية تنشر الحب والحق والنور.الحقيقة إذن ليست أن "المسيح قام" وحسب، بل أن "المسيح حي" إلى الأبد. فلقد ترك المسيح القبر فارغا لا ليصعد إلى السموات وينفصل عنا، بل ليسكن في أحشائنا ويحيي موتها. المسيح الآن حي، حاضر، وفعال. إنه رفيق الطريق، وزميل الموقف، وأنيس النفس ومخلصها. إنه يسير معنا في دروب الحياة، حتى في انحدارنا من أورشليم المرتفعة، مدينة الأحداث، إلى عمواس المنخفضة، مدينة الاهتمامات العالمية. يسوع يأتي إلينا، ويرافقنا في الطريق، وإذ يرانا في عبوسة وشك، يفتح أذهاننا لنفهم الكتب، ويلهب قلوبنا بأقواله الإلهية، وأخيرا يعطينا جسده ودمه لنأكل، ثم يختفي من أمامنا لأنه صار فينا، وهكذا تصعد من جديد إلى أورشليم الجديدة، حيث الجماعة الشاهدة، والكنيسة الحية.إنه يسوع الحي... رفيق موائدنا اليومية... الذي ينادينا في كل وجبة غذاء ويقول: "هلموا تغدوا" (يو ٢٠: ١٢). وقبل أن نأتي نحن بما اصطدناه من خير بنعمته، نجده وقد أعد لنا سمكا مشويا وخبزا، ويدعونا إلى مشاركته وهو الغني عنا. إنه يسوع المحب الذي لا يطرح من أنكره خارجا، بل يعاتبه في نظرة حب، فيذيب قلبه في داخله، وإذ يبكي بكاء مرا، يعيده في رفق إلى رسوليته وخدمته. يسوع الحنان... الذي تراف بتلميذه حين شك، فداوي شكه في ظهور خاص، وداوى كل الشكاكين معه. إنه يسوع العطوف... الذي كفكف دموع المجدلية، بصوته الحاني وهو يناديها "يا مريم"، ليؤكد لي أنه يعرفني باسمي، ويحبني كما أنا، مع أني أول الخطاة". يسوع الذي لا يكف عن التجول بين المنازل والقرى، وفي الطريق إلى دمشق يلتقي بشاول القاسي، فيحوله إلى بولس الحنون.وما أكثر من قابلت يا رب، بعد قيامتك، فحولت آثامهم إلى فضائل، وضعفاتهم إلى انتصارات! وهل هناك دليل أقوى من هذا: أن يتحول نفر قليل من الصيادين إلى جيش قادر قهار، يقتحم القلوب والأذهان في حب سخي، يصل إلى حد الموت؟! نعم فيسوع هو الحب! والحب لا يقهر! الحب لا يقبر! الحب لا يموت! وهل حدث يوما أن مات حب؟!" المحبة قوية كالموت"، إذن فالموت لا يستطيع أن يقهرها. "لهيبها لهيب نار، لظى الرب. مياه كثيرة لا تستطيع أن تطفيء المحبة، والسيول لا تغمرها. وإن أعطي الإنسان كل ثروة بيته، عوض المحبة. تحتقراحتقارا" (نش ٨: ٦-٧).هل كان من المعقول أن يضحي الرسل بأنفسهم، أرضيا وأبديا، من أجل أكذوبة اختلقوها؟! وهل للكذب أن يبقى؟! لقد رأوا الرب مرات كثيرة، وفي أماكن كثيرة، وبأعداد كبيرة، وفي يقظة روحية وبدنية، لمسوه، وحاوروه، وأكلوا معه، واستمعوا إلى خطابات مستفيضة عن ملكوت الله، ولذلك وثقوا بالقيامة وبربها، وانطلقوا يكرزون في قوة وجبروت. ومضى بطرس الذي أنكر السيد أمام جارية قبل حلول الروح القدس عليه، مضى يوبخ رؤساء الكهنة ويعلن حقيقة القيامة، فقال: "يسوع الناصري... الذي بأيدي أثمة صلبتموه وقتلتموه... أقامه الله ناقضا أوجاع الموت، إذ لم يكن ممكنا أن يمسك منه... يسوع هذا أقامه الله، ونحن جميعا شهود لذلك" (أع ٢: ٢٢-٣٢). وفي خطابه الثاني كرر القول: "رئيس الحياة قتلتموه... الذي أقامه الله من الأموات، ونحن شهود لذلك" (أع ٣: ١٥).هكذا يبقى أن نختبر نحن هذا السر "سر حضور المسيح فينا"، أو "سر المسيح رفيق الحياة اليومية". فيسوع الآن على استعداد تام أن يحيا فينا، وأن يرافقنا في ظروفنا اليومية: حين ننام وحين نقوم، حين نغتسل وحين نخرج إلى العمل، حين نلتقي بالناس وحين ننعزل عنهم، في البيت والشارع ومعهد العلم. وإذا كان داود قد اختبر حضور الرب فقال: "جعلت الرب أمامي في كل حين، لأنه عن يميني فلا أتزعزع... لذلك فرح قلبي..." (مز ١٥: ٨-٩)، يمكننا أن نقول نحن "جعلت الرب حيا في أعماقي، ذهنا ومشاعر وإرادة، فهو سرفرحي ونصرتي .فليملأ الرب حياتنا من سر حضوره الدائم، وليبقي لنا نعم الرفيق، كل الطريق! نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
المزيد
04 أبريل 2023

أبعاد حياة الشركة الثبات في الله

تحدثنا في العدد السابق عن أربعة أبعاد لحياة الشركة هي : ١ ـ الاتحاد بالمسيح رأس الكنيسة . ٢ ـ الاتحاد بالقديسين ، الأعضاء السماوية المنتصرة . ٣ ـ الاتحاد بالمؤمنين ، الأعضاء المجاهدة على الأرض . ٤ ـ الأهتمام بالعالم ، كشهادة للمسيح الساكن فينا . واليوم تركز أنتباهنا على البعد الأول والجوهري : الاتحاد بالمسيح والثبات في الله . لماذا ؟ لا شك أن الاتحاد بالسيد المسيح جوهرى جداً للأسباب التالية : ١ - السيد المسيح هو رأس الكنيسة ، ومن غير المعقول أن ينفصل العضو عن رأس الجسد، لأن شبكة الأعصاب وامكانية التفكير والقيادة ، تكمن في الرأس . ٢ - كذلك فالسيد المسيح هو مخلص الجسد ، بمعنى أنه « ليس بأحد غيره الخلاص » ( أع ٤ : ١٢ ) ... هو الذي يغفر لنا خطايانا بفدائه العجيب ، وهو الذي يطهرنا منها بدمه الطاهر، كما أنه هو الذي يقدس كياننا و يكرسه لشخصه المحب . فهو طريقنا الوحيد إلى الخلاص من حكم الدينونة ، والفساد الذي أصاب طبيعتنا البشرية بالسقوط . ٣ - والرب يسوع هو شبع القلب ، ففي أعماقنا جوع لا نهائي ، لا يشبعه إلا كائن لا نهائي . ومهما حاولنا أن نطرح في بئرنا من مياه مالحة كمياه الخطيئة، لن تمتلىء أبدأ... ولن يشبع قلب الإنسان المثلث إلا الله المثلث الأقانيم ... والكرة الأرضية كلها لا تشبع هذا - القلب المثلث ، إذ ستبقى زواياه فارغة . من هنا نرى كيف كان الرب هو شبع القديسين فكرياً ونفسياً ووجدانياً ، فساروا وراءه حتى إلى الجبال والمغاير والاستشهاد ، وفي أعماقهم احساس واحد : « من " لى في السماء ، ومعك لا أريد شيئاً في الأرض » ( مز٧٣ : ٢٥ ) . ٤- والرب يسوع هو أيضا النور والطريق ، فهو لم يرشدنا إلى طريق معينة أو نور كشاف بل هو هو بنفسه صار لنا الطريق والنور « أنا هو الطريق ...» (يوحنا ١٤: ٦)، «أنا هو نور العالم » (یو٨ : ۱۲ ) . وطوبى لمن تمسك بهذب ثوب المخلص ، لأنه سيسير في طريق يؤدي به إلى الأبدية السعيدة ... « هذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي .... و يسوع المسيح الذي أرسلته » ( يوحنا ١٧ : ٣). إذن ... كيف ؟ إن كان الاتحاد بالرب هكذا مهما ... فما هي وسائله ؟ ١ ـ الصلاة : فهي الجلسة التي فيها نغتذي سراً على طعام الحياة الأبدية . وهي التيار الحي الذي يسكب حياة الروح في أحشائنا . فالمزامير، والصلوات السهمية، والصلوات التلقائية ، كلها نافعة في دعم صلتنا بالرب واتحادنا به. ٢ - الكلمة : فهي الخبز المشبع ، والنور القائد ، والسيف البتار، والمطرقة الساحقة للشر، والنار التي تأكل آثامنا ، والغسيل اليومي الذي ينقينا ... « أنتم الآن أنقياء لسبب الكلام الذي كلمتكم به» (يو١٥: ٣). ٣ ـ الأسرار : حيث تتحد بالرب ونثبت فيه ... « من يأكل جسدى و يشرب دمى يثبت في وأنا فيه » (يو٦ : ٥٦ ) . ٤ ـ الخدمة : حيث نرتبط بأعضاء الكنيسة المحتاجين روحيا أو مادياً ، فيحسب لنا ذلك ارتباطاً بالرب نفسه « فبما أنكم فعلتموه بأحد اخوتى هؤلاء الأصاغر فبي فعلتم » ( متى ٢٥ : ٤٠ ) . نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
المزيد
28 مارس 2023

أبعاد حياة الشركة

الشركة ( كينونيا ) سمة أساسية في الحياة الكنسية ، فالكنيسة في الأساس هي جماعة المؤمنين ، أعضاء الجسد المقدس ، الذي رأسه هو السيد المسيح له المجد . والمؤمنون بالمسيح قسمان : سماوی ، يشمل القديسين ، وأرضى يشمل التائبين المجاهدين . من هنا يكون للمؤمن المجاهد على هذه الأرض علاقات أساسية ، بدونها لا يكون مسيحياً ولا كنسياً ، وهذه العلاقة أو الأبعاد هي : ١- الاتحاد بالسيد المسيح له المجد ، بصفته رأس الجسد المقدس أي الكنيسة . . ۲- الاتحاد بالقديسين في السماء ، بصفتهم الأعضاء الظافرة التي وصلت إلى الفردوس ، في إنتظارنا وفى إنتظار المجد السماوى . ٣ - الاتحاد باخوتنا في الأرض ، الذين يجاهدون مثلنا ، ليصلوا إلى ما وصل إليه القديسون السمائيون . 4- الاهتمام بالعالم ، حيث يحس المؤمن بأنه مطالب بالشهادة المسيحية اليومية ، أثناء مسيرته في هذه الحياة . كيف تتحقق هذه الأبعاد :- تتحقق هذه الأبعاد من خلال ممارسات محددة ، تعبر عن اتجاهات باطنية وذهنية ، وقناعات في الكيان الإنساني ، وهكذا تتحول الفكرة إلى عمل ، وسلوك وتعبير يومي ، فمثلاً : 1 - الاتحاد بالسيد المسيح : يتحقق من خلال قنوات أساسية محددة مثل: أ ـ الصلاة : كفرصة حوار يومي متصل ، وحديث مستمر مع الرب ، الذي يسمع صلواتنا و يستجيب في حدود . ب ـ الكلمة ، حيث تلتقى بالرب يسوع متكلماً من خلال الكتاب المقدس . ، وعاملاً فينا من خلال كلماته التي هي « روح وحياة » ( يو ٦ : ٦٣ ) . ) . كما أنها سراج ومواعيد وخبرات أساسية في طريق الروح . ج ـ التناول ، حيث يستعد المؤمن بالتوبة والاعتراف للثبات في الرب ، والاتحاد به . د ـ الخدمة ، حيث يتلامس المؤمن مع إخوة الرب ، أعضائه الفقيرة والمحتاجة والجريحة ، « بما أنكم فعلتموه بأحد أخوتى هؤلاء الأصاغر فبي قد فعلتم » ( مت ٢٥ : ٤٠ ) . ٢ - الاتحاد بالقديسين : من خلال التشفع اليومى بهم ، والاقتداء بسيرتهم العطرة ،والتمثل بإيمانهم ، ودراسة أقوالهم التي هي بمثابة الشموع تنير لنا طريق الجهاد الروحي والملكوت السمائي . ٣ ـ الاتحاد بالإخوة : من خلال الافخارستيا ( سر الشركة ) حيث تتناول جميعنا من مائدة روحية واحدة ، علامة وحدتنا في المسيح يسوع . 4ـ الاهتمام بتقديم المسيح للعالم : من خلال المحبة ، والسلوك المقدس ، والشهادة اليومية ، التي تجعلنا منفذين لوصية الرب : « هكذا فليضيء نوركم هكذا قدام الناس ، لكي يروا أعمالكم الحسنة ، فيمجدوا أباكم الذي في السموات » ( مت ٥: ١٦ ) مع المسيح ... عشرة ... صلاة ، وإنجيل وتناول ، وخدمة ... مع القديسين ... شفاعة وقدوة ودراسة لأقوالهم ...مع المؤمنين ... افخارستيا وشركة واتحاد بالحب ... مع العالم ... شهادة للرب بالمحبة والقدوة ... هذه هي أبعاد حياة الشركة ، وإلى مزيد من التفصيلات بنعمة إلهنا . نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
المزيد
21 مارس 2023

كيـف أعتـرف ؟

لـكـى يـكـون الاعـتـراف مفيداً في حياة الإنسان يجب أن يتسم بما يلى :- 1- الاستقرار أي أن يـعـتـرف الإنسان على يد كاهن واحد ... يستقر لديه إلى أن تنشأ ضرورة قصوى قاهرة تدعوه إلى التغيير كالسفر ، أو المرض أو غير ذلك . فالاستقرار يعطى فرصة النمو وللـتـوجـيـه المتزن لفترة طويلة ، مما يساعد على تماسك الإنسان وصفاء نفسه ، ووضوح مسيرته الروحية والسلوكية . ٢ ـ الإنتظام : يستحيل أن يكون الاعتراف مفيداً من الناحية السلوكية ، حينما تتباعد المدة بين اعتراف وآخر فالضعف يزداد والعبودية لأمر ما تتضاعف وبصمة الخطيئة تتثبت وعلاقات الإنسان بالآخرين تسوء والفتور الروحي يستثرى وزاوية الإنحراف عن الحق والـصـواب تنفرج أكثر فأكثر .والمعدل المـعـقـول للإعتـراف بالنسبة للشباب هو مرة شهرياً . 3 ـ الإستعداد : - لا قيمة للإعتراف دون استعداد روحی مسبق ، في جلسة هادئة مع الله : فيها يكشف الإنـسان نـفسـه ، و يكتشف أعماقه ، و يعلن نـدمـه عـن كـل خـطـأ ، وعـزمـه على تصحيح السيرة ، وضعفه الشديد المحتاج إلى معونة إلهية مـن الـنـعـمة . فإذا ما أستعد الإنسان هكذا ، تـقـابـل مـع أبـيـه الـروحي ، مقدماً تقريراً عن حـيـاتـه لـروح الله الـعـامـل في السر ، وسوف يحـصـل بـالـقطع على « الحل والحل » ، كما عـلـمـنـا قداسة البابا . الحل . أي الغفران ، والحل . أي الإرشاد الروحي المناسب . 4 ـ الأمانة :- لا قـيـمـة أيـضـاً لاعـتـراف يحتاج إلى أعـتـراف ، بمعنى أنه كاذب أو ناقص أوغير أمين . فـالمـعـتـرف الذي يخدع أباه الروحي ، تماماً كالمريض الذي يخفى مرضه عن طبيبه .كلاهـمـا لـن يـسـتـفـيـد من ذلك ، بل سيزداد المرض استشراء ، وتزداد الخطيئة تشبثاً . ومهما كان الخجل ، فهو بحد ذاته مفيد إذ يضبطنا عـن الخـطـأ إلى أن نكرهه من أعماقنا . ويمكن أن يـسـتـخـدم المـعـتـرف ورقة صغيرة لتسهيل الاعتراف ، يمزقها بعد الاعتراف مباشرة . ٥ـ الإيجابية : - الاعتراف لـه شـقان : سلبى وإيجابي ... السلبي تفهمه وتركز عليه دائماً وهو الخطايا المـتـنـوعـة في مجالات : الـفـكـر ، الحواس ، المشاعر ، العلاقات ، العادات . أما الشق الإيجابي فهو نواحي التقصير في وسائط النعمة : كالصلاة ، والشبع بالإنجيل ، والتناول ، والـقـراءات الروحية ، والاجتماعات الروحية ، والخدمة ... إلخ . من المهم أن يـراقـب الشاب نفسه في هذه الزوايا الإيجابية ، تماماً كما يراقبها في الزوايا السلبية . ٦- الطاعة :- حيث أن روح الله هو العامل في السر ، لذلك يجب أن يطيع المعترف ارشادات أبيه الروحي ، سواء في التصرف في مشكلة معينة ، أو في الانـتـظـام في تـداريـب روحـيـة بـناءة . ويجب أن يقتنع الشباب بأن لا ينتظروا دائماً مـن آبـائـهـم في الاعتراف الموافقة على كل ما يريدون ، فـربمـا يشتهى الإنسان شيئاً يضره . ولكن من حق المعترف أن يتنافس مع الأب ، في روح مسيحية غير جدلية ، حتى يستريح للارشاد أو التدريب المطلوب . ٧ـ عدم الدالة :- يجب ألا يـكـون لـك دالة أثناء الاعتراف مع أب أعترافك ، لا تطلب ذلك ، ولا تتضايق حين لا يسمح لك بذلك ، حيث أن الدالة كما قال القديسون « تشبه ريح السموم » ، أو أنها « كالثعبان الذي يسرق كل يوم البيضة من الدجـاجـة » ... فـلا تـقـدم ولا نمـو ... لأنه قد يحـدث مـنـك أحياناً خطأ مخجل فلا تقوله ، أو يحدث الخطأ المخجل فتذكره باستخفاف ، دون ندم وأنسحاق . ٨- التركيز : لا داعي « للدردشة » والحديث الطويل والتفاصيل عديمة الجدوى ، فالاعتراف السليم لسماع الغفران والارشاد . فلا تضيع الوقت على نفسك وعلى أبيك الروحي وعلى أخوتك المنتظرين ، بأحاديث تافهة . بل كن مركزاً ، والرب سيعطيك سؤل قلبك . الـرب يـبـارك و يقبل أعترافاتنا وتوبتنا ، و يعطينا أن نحيا في رضاه كل أيام حياتنا . نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل