المقالات

29 يوليو 2023

انجيل عشية يوم الأحد الرابع من شهر أبيب

تتضمن الحث على السعي في مداواة النفـوس . وأن يحترس القائم من السقوط لأن رجوعه إلى الحالـة الأولى يكون بصعوبة مرتبة على فصل انجيل إبـراء عبد قائد المئة ( لو ۷ : ۱-۱۰ ) إذا كان سيدنا له المجد قد ظهر شافيا لأمراضنا وغافرا لخطايانا . فما بـالك الآن لا تنهض من وهدة كسلك وتنتبه من غفلة جهلك . وتطلب منه بإيمان خـالص وعزم ثابت كرئيس المئة لينقذك من الأمراض والعاهات ؟ ويا للعجب كيف ترى المرضى يهتمون بمداواة أجسادهم ويقصدون الأطبـاء ويسافرون إلى البلاد البعيدة . وينفقون الأموال الجزيلة وهم لا يعلمون هل تنجـح مداوتهم أم لا ؟ وأنت ترى الطبيب الماهر المستغنى عن اتخـاذ الآلات والعقاقير وطلب الأجرة قائلا للعازر : أخرج من القبر . وللمخلع : احمـل سـريرك واذهـب . وللميت المحمول : أيها الشاب قم . وللخاطئة : مغفورة لك خطايـاك . وامثـال ذلـك كثير . وهو طالب منك وراغب في مداواتك . وأنت تنعطف عنـه هـاربـا وتتوانـى متكاسلا . فأن كنت قائما فاحذر من السقوط من ذروة الفضيلة . لأن اناسـا كـثـيرين رفضوا الأموال والمنازل الرفيعة وفارقوا الأهـل والأصدقـاء وسكنوا الـبراري وكهوف الجبال وعذبوا أجسادهم بكثرة الصوم والصلوة . وإحتمال حر الصيف وبرد الشتاء . وهجروا جميع اللذات والمناظر الجميلة . وبلغوا غاية الفضيلة حتـى كـادوا يصلون إلى السماء . ولكنهم لما غفلوا يسيرا وتوانو في مقاصدهم عثروا في مصـائد العدو وسقطوا في حفرة الخطية . وأناس غيرهم نهضوا من نقائصهم وفـارقوا مـا كانوا يألفونه من الغنى واللهو والسكر وبقية المعاصي . وتمسكوا بأذيـال التقـوى فرفعتهم من اعماق الرذائل وبلغت بهم إلى التشبه بالسمائين وحينئـذ سـدوا أفـواه الذين يزعمون أن الساقطين لا ينهضون . ولذلك أطلب من القيام أن يحفظوا أنفسهم من السقوط . ويشـيدوا اسـوار مدينتهم ويتجهزوا بمهمات الحصار ويتيقظوا لمدافعة عدوهم . ومن الواثقين بأنفسـهم أن يتخذوا ويتيقظوا ولا يغفلوا عن تدارك أنفسهم مخافة أن يسقطوا . فإن الساقط إلى الارض من أعالي الفضيلة يعثر عليه الرجوع إلى محلـه . لان الذيـن يقتحمـون الحروب ويحملون ثقل الحديد من الذروع والخـوذ . ويخوضـون مـعـامع القتـال ويظفرون بنواصي الاعداء . أولئك متى اهملوا ذواتـهم وركنـوا إلـى شـجاعتهم المعهودة وانعطفوا متهاونين بأعدائهم وأدركتهم رعبة القتال وسـقطوا فـي وسـط المعركة إلى الارض فإنه يصعب عليهم رجوعهم إلى ظهور خليلهم والنهوض إلـى مكافحة الاعداء . وكذلك أقول في رئيس السفينة المسافر إلى البلاد البعيدة . فإنـه إذ انفق الاموال وأستأجر الرجال . واتخذ الآلات والعدد وكابد أهوال البحر وقرب مـن ميناء السلامة ثم أغفل النظر في مصالح السفينة فترة بسيطة للوثوق بأنه قد وصـل إلى المدينة . ووافق غفلته تلك هبوب رياح عاصفة فان السفينة تهلك وينقلـب ذلـك الرئيس يختبط بين الامواج . ويعسر عليه أن ينتشل نفسه من تلك اللجج . وربما لا يمكنه ذلك فيموت غرقا . وهذا اقوله للفاترين المستحوذ عليهم ضعـف الهمـة . وأمـا ذوو العـزم والشجاعة من المجاهدين مثل داود المغبوط وأمثاله فأنهم ينهضون ولا يضطجعون .لكنهم يحتاجون في النهوض إلى العناء العظيم والتعب الطويـل والنـوح والبكـاء والتنهد ولبس المسوح والنوم على الرماد وإحتمال المحن والتجارب . كما فعل ذلـك السعيد المذكور . وكذلك هؤلاء المفرطون يشبهون التاجر الكثير المال . الذي جمـع أصناف البضائع وقصد السفر إلى البلاد الغريبة . وكابد متاعب الاسـفار وأهـوال الطرق وشقاء الغربة ومكافحة اللصوص . ولما قرب من المدينة وابتهج بـــالوصول سالما توسد وهجع أمنا . فخرج عليه جماعة من اللصـوص كـانوا مراقبيـن لـه ومنتظرين غفلة منه . فنهبوا الاموال وقتلوا من حوله من الرجال وخرج من بينـهم عاريا جريحا . لكنه لقوة عزمه وشدة شجاعته لم تضعف همته ولا فـتـرت حـرارة نفسه . بل غسل جراحاته وضمدها وعاد إلى بلدته واحتمل ما بقى له من المال ولـم يزلل يتردد في تلك الطرق ويسعى حتى حصل ما فقد منه وعاد إلى وطنه غانما . كذلك ينبغي لنا إذا عثرنا بالاشراك الشيطانية أن ننـهـض مـن سـقوطنا مسرعين ونبادر إلى التوبة باكين . لنفوز بغفران ذنوبنا وننال رحمة الرؤوف الـذي له المجد إلى الابد آمين . القديس يوحنا ذهبى الفم عن كتاب العظات الذهبية
المزيد
22 يوليو 2023

انجيل عشية يوم الأحد الثالث من شهر أبيب

تتضمن الحث على عمل الفضائل لنظفر في القيامـة بصدور المجالس وأوائل المتكئات . ومـدح سـيرة الرهبان وتبكيت المتنعمين مرتبة على قوله تعالى : " متى دعيت من أحد إلى عرس فلا تتكى في المتكاء الأول " ( لو ١٤ : ٧ - ١٥) إذا كنا قد علمنا أن المجد في القيامة هو السيرة الفاضلـة . فينبغـى لنـا أن نترك الاهتمام بالاباطيل الزائلة . ونجتهد في عمل الصالحات لنحصل هنـاك علـى الجلوس في صدور المجالس والتنعم في وليمة سيدنا له المجد . وأنتم ترون قوما من إخوتكم الذين عرفوا حقائق الأمور الحاضرة ورفضوها . وطلبـوا الامـور الباقيـة وأختاروها . فلبسوا حلل الاتضاع والوداعة . وأعدوا أنفسهم لقتال العدو وقهروه . لا بالسيوف والرماح ولا بالسهام والحراب . لكنهم كما ترونـهم عـراة مـن الـدروع والاتراس . مجردين من الاسلحة العالمية ، وهم مع ذلك يفعلون ما لا يفعله الابطـال بأسلحتهم . لانهم كل يوم يحاربون الاعداء والاضداد . ويقهرون الشهوات العالميـة ويغلبونها . فيصدق فيهم كلام بولس الرسول حيث يقول : أما الذين هم للمسـيح فقـد صلبوا أجسادهم مع الاهواء والشهوات " . فانهم بالحقيقة يراهم النـاظرون كأنـهم أموات مطروحون وقد قتلوا ذواتهم بسيف الروح . حيث لا سكر بالخمر ولا شـراهة في المأكل . ولا تنعم باللذات البدنية . فإننا نرى للسكير رؤوسا كثـيرة كمـا للغـول والحية الكثيرة الرؤوس . اللذين يذكرهما أصحاب الخرافات . فينبت له من هنـا رأس للزنى . ومن هنا رأس للغضب . ومن هناك رأس للأفتخار . ورأس للصلـف ورأس لحب الغلبة . ورؤوس أخرى كثيرة تنبت لاعمال أخرى قبيحة شبيه بتلك . أما هؤلاء الفائزون فقد قطعوا هذه الرؤوس من أصلها . لانهم قطعوا سـببها الذي هو السكر . ألا تنظر إلى الجبابرة ذوى القوة والشجاعة المشهورين بالغلبة فـي معارك الحروب . كيف تقيدوا بقيود المسكرات فاصبحوا مطروحين من غير قتـال . وأمواتا من غير جراحات . لا بل هم أضعف كثيرا من الذين يسقطون فـى وقـائع الحروب . لان اولئك قد يتحركون . أو يفهمون كلام المخاطبين لهم وأما هؤلاء فإنـهم للوقت يسقطون كالاموات ولا يتحركون ولا يتنبهون على شئ . وكما أن قائد الجيش إذا سقط قتيلا تتبدد عساكره . وينصرف كل واحد منهم إلى حيث تتوجه إرادته وهواه . كذلك إذا سقط الرئيس القائم على تدبـير الإنسـانية الذي هو العقل . تنصرف كل واحدة من الشهوات بحسب طبيعتها الحيوانية . وحينئـذ يخوض ذلك السكران في لجة هذه الشهوات من غير خـوف ولا حيـاء . ويكـون نصيبه مع الهالكين . ثم يضاف إلى ذلك إهتمام هؤلاء بالاطعمة وما يتفننون به مــن أنواع المأكل والمشارب . وشدة عنايتهم بتسمين الدجاج والخراف . واجتلاب الفواكه . وعلم الحلويات . وهم يتنافسون في كثرة الاطعمة ونظامها . ويتفاخرون في اصطنـاع الولائم المخالفة للناموس . ولهذا هرب أولئك الفائزون من التشاغل بهذه الاباطيل . لانـهم لا يتخـذون .أشراكا لصيد الطيور . ولا حظائر لتسمين الخراف والدجاج . ولا يتأنفون في تنويـع الاطعمة والأشربة . ولكنهم يأكلون لقيام الحياة فقط . وهذا الإهتمام الفارغ والجـهاد الباطل لا يوجدان عندهما أصلا . فما أعظم الفرق بين هؤلاء وأولئك وأما الطـرق التي وردت منها أثمان هذه الاطعمة وما يتعلق بها . فلعل أكثرها من ظلم الارامـل ودموعهن . وأتعاب الايتام وإغتصاب أموالهم . والرياء والطمع والمظالم وهلم جـرا . وأما النتائج التي تنشأ عن الشراهة في الطعام والشراب لهؤلاء المسرفين . فـهى غالبا النخمة والكظة والهيضة والهوس والخلاعة والتهتك في الاحـاديث السـفيهة . وأخيرا ترى الفارس وسلاحه متقيين على الارض . وعدوه يقلقه برمحه كيف يشـاء . وأما عند الفائزين فتجد أضداد كل هذه الأمور . لا على المائدة فقط . بل في جميـع الأحوال الداخلية والخارجية . وحينئذ يظهر الفرق بين الفريقين لدى أهـل العقـول وارباب البصائر . ويعلمون أن مائدة هؤلاء الخاسرين تزول وتضمحـل رفاهيتـها سريعا . اما مائدة اولئك الرابحين فترتقى من الخساسة إلى الشرف وتحـوز مـجـدا دائما إلى الابد . فيكون هؤلاء مغلوبين من أعدائهم وأولئك غالبين ظافرين . هـؤلاء تفسد موائدهم وتتلاشى . وأولئك لا يمس موائدهم الفساد . هؤلاء يصنعــون مـوائـد يحضرها إبليس وجنوده ويسرقونهم إلى عذاب الجحيم . لانه حيثما يكـون السـكر والغناء والملاهي فالشيطان حاضر . وأولئك يصنعون موائد أدبية يحضرها المسـيح سيدهم . ويعد لهم الطعام السماوى وأنواع الطيبات الابدية . حيـ ث لا ينـهمون ولا يشرهون ولا يسكرون ولا يغنون . حتى أنهم يتشبهون بالملائكة الذين لا اجسام لهم . ولذلك يحملون راية الظفر ويأخذون اكليل الغلبة . فسبيلنا أن نترك الإجتهاد في اعداد الولائم العالمية . ونبادر إلـى الاهتمـام بالامور المسيحية . ونستحضر إلى منازلنا الفقراء والغرباء . لكي ننال المجازاة فـى قيامة الصديقين من ربنا الذي له المجد إلى الابد . آمین . القديس يوحنا ذهبى الفم عن كتاب العظات الذهبية
المزيد
15 يوليو 2023

انجيل عشية يوم الأحد الثاني من شهر أبيب

تتضمن وعظ الكهنة وتنبيه الرؤساء والمرؤوسين . مرتبة على فصل انجيل وكيل الظلم : ( لو ١٦ : ۱-۱۸ ) إذا كان الكهنة هم الوكلاء على المؤمنيـن . والرعـاة للأغنـام الناطقـة . والحافظون لنظام الشريعة المقدسة . والمقلدون مراتب الرعاية . فما بالهم يتغـافلون عن الوكالة ويتشاغلون عنها ؟ ويا للعجب من كون الذين يتقلدون الوكالة من الناس . تراهم مشمرين عـن ساعد الجد . متيقظين لصالح وكالتهم . باذلين الجهد في نمو الأموال واتساع المتـاجر ووفرة الزراعات متخوفين من مصيبة تدهمهم وخسارة تلحقهم . وأنت يا وكيل الخراف الناطقة . يا أمين المتاجر الروحية . لماذا توجد هكذا نائما ومهملا !!! فلا تبالي أيها الكسلان بقوله تعالى : " أعط حساب وكالتك لأنـك لا تقدر أن تكون وكيلا بعد" . وكيف لا تفزع من سطوته حينمـا تظـهر مضيعـا للأموال مفرطا في قطيعه تعالى غير متحفظ على الوزنات ؟ وكيف لا تـهرب مـن غضبه عندما يقول لأولئك القساة : " أربطوا رجليه ويديه وخــذوه واطرحـوه فـى الظلمة الخارجية هناك يكون البكاء وصريرالأسنان" ألم تسمع قول الكتاب عن يعقوب اسرائيل لما قبل الوكالة على غنم لابــان خاله كيف أنه اختار النظر في صالحها عن راحة نفسه . فهجر لذيذ المأكل ، وفـارق حلاوة المنام ، وجعل السهر له عادة وطبعا . حتى أعادها إلى خاله متكاثرة العـدد . حسنة الأشكال . جميلة المنظر وإذا كان يعقوب راعي الغنم الحيوانية قد أجهد نفسه هكذا وأتعب حياته في رعاية تلك القطعان حتى آل به الإجتهاد في حفظها والتشوق إلى نموهـا وكثرتـها لمكابدة الأتعاب الجمة والشقاء المتكاثر . مع احتمال حر الصيـف وبـرد الشـتاء . وملاقاة اللصوص ومكافحة الوحوش الضارية . والاعتناء بجبر الكسـير ومعالجـة الجربان . ونقل الاغنام إلى الأماكن المخصبة والمياة الصافية . ومكابدة شـدائـد هـذا عظم مقدارها . مع أن صاحب الأغنام ليس بملك . ولا صاحب نقمة . بل هو لابـان خاله . الكافر العابد للأوثان فأي عذر إذن يقدمه المتقلدون لرعاية قطيع المسيح . أولئك الذيـن يـهملون خرافهم ولا يعتنون بمصالح الرعية . بل يتركونها عرضة لافتراس الذئاب الخاطفـة والوحوش الضارية . للضيعان والتيهان . للنهب والسلب ؟ مع أن مالكـهـا ليـس هـو راعيا مثل لابان . ولا هو كأحد المائتين . ورعيته ليست كالرعية البهيمية المشـتراه بالثمن . بل هو ملك الملوك ورب الأرباب ورعيته قطعان ناطقة اشتراها المسـيح بدمه الكريم . .. اسمع قول الله تعالى مبكتا أولئك الساقطين حيث يقول على لسان حزقيـــــال النبى : " ويل لرعاة اسرائيل الذين كانوا يرعون أنفسهم . ألا يرعى الرعـاة الغنم تأكلون الشحم وتلبسون الصوف وتذبحون السمين ولا ترعون الغنم . المريـض لـم تقووه . والمجروح لم تعصبوه . والمكسور لم تجبروه . والمطـرود لـم تـسـتردوه . والضال لم تطلبوه . بل بشدة وبعنف تسلتطم عليهم . فتشتت بلا راع وصارت مـأكلا لجميع وحوش الحقل . ضلت غنمي في كل الجبال وعلى كـل تـل عـال . وعلـى الأرض تشتتت غنمي ولم يكن من يسأل أو يفتش . فلذلك أيها الرعاة أسمعوا كـلام الرب حي أنا يقول السيد الرب من حيث إن غنمي صارت غنيمـة ومـأكلا لكـل وحوش الحقل إذ لم يكن راع ولا سأل رعاتي من غنمي ورعى الرعاة أنفسهم ولـم يرعوا غنمي . فلذلك أيها الرعاة اسمعوا كلام الرب . هأنذا علـى الرعـاة وأطلـب غنمي من يدهم واكفهم عن رعى الغنم ولا يرعى الرعاة أنفسهم بعد فأخلص غنمـى من أفواههم فلا تكون لهم مأكلا .. هأنذا أسال عن غنمي وأفتقدها كما يفتقد الراعـي قطيعه يوم يكون وفي وسط غنمه المشتتة . هكذا أفتقد غنمي وأخلصها مـن جميـع الأماكن التي تشتت اليها في يوم الغيم والضباب . واخرجها من الشعوب واجمعـها من الأراضي وأتى بها إلى أرضها وأرعاها على جبال اسرائيل وفي الأودية وفـى جميع مساكن الأرض واسمع قوله تعالى أيضاً إلى الرعية : " وأنتم يا غنمي هأنذا أحكم بيـن شاة وشاة بين كباش وتيوس . أهو صغير عندكم أن ترعوا المرعـى الجيـد وبقيـة مراعيكم تدوسونها بأرجلكم وان تشربوا مـن الميـاة العميقـة والبقيـة تكدرونــها بأقدامكم . وغنمي ترعى من دوس اقدامكم وتشرب من كدر أرجلكم ... هأنذا أحكـم بين الشاة السمينة والشاة المهزولة . لأنكم بــــهزتم ( ۲ ) بـالجنب والكتـف ونطحتـم المريضة بقرونكم حتى شتتموها إلى خارج . فأخلص غنمي فلا تكون من بعد غنيمـة وأحكم بين شاة وشاة وأقيم عليها راعياً واحداً ". فسبيلنا أيها الأحباء بعد الذي سمعناه من شدة وعيد الله للمهملين أن لا ننسى قوله أيضاً له المجد " أنتم نور العالم .. فليضئ نوركم وهل يؤتى بســــــراج ليوضع تحت المكيال أو تحت السرير أليس ليوضع على المنارة " وان نتنبه من غفلتنا . ونتيقظ من نومنا . ونحافظ على صالح وكالتنا . لنفوز بمديح ربنا الـذي لـه المجد إلى الابد أمين . القديس يوحنا ذهبى الفم عن كتاب العظات الذهبية
المزيد
08 يوليو 2023

انجيل عشية يوم الأحد الأول من شهر أبيب

تتضمن الحث على عمل الفضيلة الموصلـة لرتبـه أولئك الافاضل مرتبة على قول البشير : " ودعا تلاميذه الاثنى عشر واعطاهم قـوة وسلطانا علـى جميـع الشياطين وشـفاء الأمراض " ( لو ٩ : ١- ٦) . إن كان الاثنى عشر رجلا لفضل سيرتهم القوا خمـيـرة فـي قلـوب أهـل المسكونة جميعها فما بالنا نحن الذين لا يحصى عددنا لا يمكننا أن نصلح ونتلافـى الآخرين ؟ وقد كان ينبغي لنا أن نكون خميرا صالحا ونخمر ألوفا من الناس . فـان قال احدكم إن اولئك كانوا رسلا مؤيدين بالروح . أقول إنهم كانوا أولا يسيرون العالم ويتعاطون الصنائع ويتقلبون تحت تصاريف الاحوال ويشاركوننا فـي القيـام بحاجات المعيشة . ولما أهملوا أنفسهم وصيروها آنية طاهـرة بأعمالهم الصالحـة به استحقوا بذلك نوال مواهب الروح فان قلت ما هي الاعمال التي أهلتهم لنيـل هـذه المواهب ؟ أجبتك هي الإزدراء بالأموال وما يتعلق بها من التنعم والسرف والسـكر وبقية اللذات البدنية والإتضاع وإنسحاق القلب والروح وعـدم الصلـف والكبريـاء وبقية أنواع الفضائل . وإن قلت إن اولئم كانوا يصنعون الآيات فليس لنا أن نتشـبهم . أجبتك إلى متى نتعلل بالمعجزات ونجعلها سبباً لإهمالنا ؟ وكيف لا ننظر إلـى الذين أخرجوا الشياطين باسم ربنا ثم عثروا بحجر الاضطجاع والافتخار فسقطوا إلى قاع الرذيلة وعوقبوا عقاباً شديداً . وإذا كان هؤلاء صنعـوا المعجـزات التـي بواسطتها اجتذبوا الناس . فماذا صنع يوحنا الصابغ حتى اجتذب الكثيرين من أهـل المدن والقرى إلى معمودية الغفران ؟ وكذلك داود وأيوب وإبراهيم وإسحق ويعقوب . أية آية صنعوا حتى ظـهرت اعمالهم وأشرقت أنوار فضائلهم وجعلهم الله قدوة للمقتدين ؟ أمـا تـعلـم يـاهذا أن التماس ظهور الآيات قد جلب على كثيرين ضرراً عظيماً . كما فعل سيمون الساحر الذي طلب أن يتبع سيدنا ليستفيد عمل الآيات . فقال له : للثعـالب أوجـرة ولطيـور السماء أوكار وابن البشر ليس له موضع يسند اليه رأسه . وأمثال هـؤلاء يطلبـون عمل الآيات بعضهم لتحصيل المال وبعضهم لإكتساب المجد الباطل فقط . ولكـن الاهتمام بالسيرة الفاضلة والاجتهاد في عمل الصالحات هو الذي يريـده الله منـا . ولذلك قال : ليرى الناس أعمالكم الحسنة ويمجدوا أباكم الذي في السموات . ولم يقلى : ليروا آياتكم لأن الفاضل السيرة يخلص أنفس كثيرين . بعضهم بتعاليمـه وبعضـهم بالاقتداء بسيرته . وبعضهم بطلب التشبه بفضيلته . ولست أعنى بالسيرة الفاضلـة أن تصوم دائماً وتفرش تحتك الرماد وتلبس مسوح الشعر . بل الفاضل السيرة هـو ذاك الذي يزهد في جمع الاموال ويطعم الجائع ويكسو العريان ويحب جميع خليقـة الله ويبتعد عن الغضب ويتجنب الحسد . ولا يبغض ولا يكذب ولا يسرق ولا يفعل مـا يخالف الناموس لان الذي يسير هذه السيرة يقهر الشيطان عدوه . وقهره إيـاه هـو عمل كل عجيبة لان الشيطان قد قهر ألوف ألوف مـن النـاس واستولى عليـهم بسلطانه . فاذا أنت بارزته في ميدان الحرب وظهرت منـك لوائـح الغلبـة عليـه وطعنته برمحك فألقيته إلى الأرض . وسلبت سيفه وكسرت ترسه وشدخت رأسـه وهزمت عسكره واخذت تاج الظفر ولبست إكليل الغلبة . وأي فخر يكـون كفخـرك وأي آية تشبه أيتك هذه العظيمة ؟ القديس يوحنا ذهبى الفم عن كتاب العظات الذهبية
المزيد
01 يوليو 2023

انجيل عشية يوم الأحد الرابع من شهر بؤونة

تتضمن الحث على تجنـب الحلـف بـالله وتعالى . مرتبة على قوله تعالى : " لا تحلفوا البتة ( مت ٥ : ٣٤-٤٨ ) إذا كان الذين يتجاسرون على الحلف برأسا لملك الأرضي ، الـذى نهايتـه الفساد والإضمحلال يعاقبون ويهانون . فما بالنا نحن نتجاسر على الحلـف بـخـالق الكل الذي هو ملك الملوك وسلطان السلاطين . وليس اننا نحلف به صادقین فقط بل احيناً كثيرة نكون كاذبين وحانثين . وإن كنت ياهذا غافلا عن عظم جسـارتك هذه . فاسمع قول سيدنا : لا تحلفوا بالسماء ولا بـالأرض ولا بأورشليم . لأن هـذه المخلوقات كلها منسوبة إلى الخالق . فإذا كان قد أمرك أن لا تحلف بالكرسي ولا بالمدينة المنسوبين اليه . فكيـف تجسر أنت على الحلف بذاته . وذلك ليس حينما تكون صادقاً أو مضطراً إلى الحلـف بل في معرض الهزل واللعب والمجون . و فإن قلت فلماذا أباح الحلف به للإسرائيليين . أجبتك الامم قبـل الشـرائع كانوا يحلفون بالاصنام فنقلتهم شريعة العدل إلى الحلف بالله . ثـم : نقلت شـريعة الفضل إلى ترك الحلف مطلقاً اعتماداً على صدق المؤمنين . فإن قلـت وإذا كـانت السنتنا قد الفت المبادرة إلى الحلف من غير قصد . فما السبيل إلـى نقـص هـذه العادة ؟ قلت انك بقوة الله وصدق عزيمتك تستطيع أن تحول لســانـك عـن عـادتـه الردية ؟ أم سمعت ما قيل عن أهل هلاط انه كان منهم أناس يلثغون فـى كلامـهم ولكثرة القراءة وعناية المعلمين رجعوا عن اللثغة إلى صحة اللفظ . وأنـاس كـانوا يرفعون أكتافهم عن المشى ويحركونها تحريكاً شنيعاً . فأمر أصحاب السياسـة أن يوضع على كتف كل واحد منهم سيف مجرد حتى إذا ارادوا أن يرفعـوا أكتافـهم على عادتهم المألوفة يخافون خطر السيف فلا يحركونها إلى ان ثبتوا علـى هـذه العادة وتركوا تلك . فإن قلت هل يمكن أن ينصب بأزاء اللسان سيف . أجبتك نعـــم . ولكن ليس ذلك السيف المعتاد . بل بأن تجعل لك وسائط أخرى تقوم مقاومة . وذلـك أن توصى زوجتك وأولادك وعبدك وجارك . بأنه متى رآك أحد منهم عازماً علـى الحلف ينبهك على الامساك عنه . وليس عليك في ذلك مشقة ولا كلفـة . إذ ليـس يلزمك غرامة ولا مقاومة ولا تعب . فإن قلت وما الحاجة إلى ان يكلـف الانسـان الدخول تحت هذه الضيقات كلها في النهي عـن الحلـف وحـب المـال واللـذات والمراتب العالية وبقية الوصايا . وفي الأمر بإحتمـال المشـقات . مثـل أن تحـب الاعداء . وتحول خدك للطم . وتبذل مالك للمحتاج وخــــبزك للآكـل وأمثـال هـذه التكاليف الصعبة . أجبتك إن الله تعالى اخرجك إلى هذه الارض ليجربك . هل تكـون مطيعاً لاوامره أم مخالفاً لها ليجازيك في الآخرة . ولا توجد تجربة أعظم من الامـر بترك المحبوبات والدخول في المكروهات . انظر كيف جعل ابراهيم وإسحق مثـالا للطائعين . إذ قال لابراهيم خذ ابنك الحبيب وارفعه قرباناً على الجبل . ولمـا أطلـع على إخلاصه قلبه ومبادرته إلى ذبح ولده . الذي امتزج حبه بصميـم قلبـه . امـره بترك ما عزم عليه وجازاة مجازاة تقصر الالسن عن وصفها . لانه جعل نسله مثـل النجوم والرمل . وأقام الرسل والانبياء والملوك من بنيه . ومن ذريته ظهر المسـيح بالجسد . ووعد من يدخل دار النعيم السموى بالجلوس في أحضانه . فسبيلنا أن نحارب أهوآنا البشرية . ونحافظ على العمل بمشيئة ربنا . الذي لـه المجد إلى الابد . آمين . القديس يوحنا ذهبى الفم عن كتاب العظات الذهبية
المزيد
24 يونيو 2023

انجيل عشية يوم الأحد الثالث من شهر بؤونة

تتضمن الحث على الصلاة . مرتبة على قوله تعالى : " أسالوا تعطوا . اطلبوا تجدوا " ( مت ۷ : ۷-۱۲ ) إذا كان ربنا برحمته ورأفته يريد منا أن نسأله فيجود علينا وأن نطلب منـه فيعطينا أضعاف مطلوبنا وأن نقرع باب رحمته فيفتح لنا . فما بالنا نتهاون في طلـب الخلاص ؟ أنه قبيح بنا ومخالف لمقاصده تعالى أن نلتمس منه ما تلتمسه الخـوارج . فنطلب منه الزيادة في الأموال وكثرة الخصب والغلبة على الاعداء واشــــــبـاه ذلـك ، لان هذه الامور يطلبها البعيدون عن شريعة المسيح . اما الذين اشتراهم المسيح بدمه وفداهم بنفسه واعد السـماء مسكنا وأمرهم أن لا يقفوا في الفضيلة عند حد التشبه بالملائكة بل دعاهم إلى التشبه بسـيد البرايا كلها . فينبغي أن يكون طلبهم موافقا لإرادته لكي يخولهم المملكـة السـموية والسعادة التي لا نهاية لها . فإن قلت وإذا كان الله المعطى رؤوفـا رحيمـا جزيـل العطاء بهذا المقدار كثير التحنن على شعبه . فما الحاجة إلـى تكـرار الطلـب ودوام السؤال ؟ قلت إن ذلك لكى يتبين للمهملين أنـه يحـكـم بـالعدل ويقسـم المواهـب بالإنصاف . لأن ارباب الممالك الارضية إذا قصـدوا أن ينعمـوا علـى رجالـهم الناصحين لهم العاملين بمقتضى إرادتهم ، فالذين يخدمونهم كما ينبغي فأنهم يـأمرون بحشد العساكر واجتماع كبراء المملكة ثم يـأمرون أولئـك بالمكافحـة ليظـهروا شجاعتهم . فيرى الباقون إنه إنما جاد على المستحقين وأنعـم علـى المسـتأهلين . وحينئذ يندمون على الكسل ولا يتظلمون . وإذا كان الذين يقصدون نوال الجوائز الارضية يجهدون ذواتهم ويكلفـون أنفسهم اتعابا جسمية كالمصارعين والذين يلعبون على الحبـال والذيـن يـنـاضلون بالسهام والذين يتبارزون في السباق والذيـن يحملـون الاثقال الباهظـة والذيـن يروضون السباع والخيل . انهم يحتملون هذه المشقات لكي ينالوا الجوائـز القليلـة والمديح الباطل . وكذلك الحكماء والفلاسفة فإنهم يجهدون ذواتهم ويتكلفـون سـهر الليل وصيام النهار ويتوحدون في الخلوات البعيدة ويهجرون التنعم واللهو واللـذات . ويزعجون أفكارهم في تحقيق المسائل وإنشاء المصنفات . كل ذلك ليظـهر فضلـهم بين الناس وينالوا أحسن الصيت والكرامة . بل مالي أذكر هؤلاء واترك الذين يخدمون الملوك ويتجندون لـهم . فانـهم يعرضون أنفسهم لضرب السيوف وطعن الرماح ورمى النبــال . ويتكلفـون نقـب الأسوار ويلقون أنفسهم في المهاوى والخنادق ليأخذوا إكليل الغلبة من ملوكهم . فياللعجب من الذين وعدوا بملك السماء وسعادة الأبد . والقيام لـــــــدى مـنـبر المسيح وأخذا الأكاليل النورانية . كيف لا يهتمون ولا يجاهدون في تحصيـل هـذه الجوائز العظيمة ؟ وما أعظم رحمة سيدنا فإنه لعلمه بقصر ايامنا وأننا بعد المـوت لا نجد فرصة نتوب فيها عن ذنوبنا . ينهض عزائمنا تارة بالمثال وتارة بالتنبيـهات . ويعدنا تارة ويتوعدنا أخرى . ويرغبنا في الطلب بقوله إذا كنتم أنتم الذيـن تتقبلـون بين الضرورات يحملكم حب الأولاد المطيعين لكم الطالبين منكم على أن تمنحوهـم أفضل مما يطلبون . فكم بالأحرى أبوكم السماوي القادر على كل شئ . وانا اقول لأرباب الأموال والأغنياء . يا للعجب من كون أحدكــم إذا كـان يضيع ثوره أو حماره أو غير ذلك من أمواله فانه يجتهد فـى طلبـه ويبـالغ فـى الاجتهاد ويعد الحراس وحفظة الشوارع . ويفـرغ جـهـده فـي السـعي والسـؤال والاستقصاء من الجيران وهو في ذلك بين الشك واليقين في وجود المفقود . وأنتـم ترون سعادة الملكوت هاربة من الخطاة ولا تجتهدون في طلبها . فإذا كنـت تجـهد نفسك هكذا في طلب الدنايا الفاسدة بطبائعها ، فما بالك لا تطلب النفائس الباقية إلـى الأبد ؟ ولماذا لا تفعل في طلب هذه كما تفعل في طلب تلك ؟ ولماذا لا تفـرق بيـن الطالب والمطلوب منه . لأن الذين يكررون الطلب من الآباء والإخـوة والأصدقـاء يستثقلونهم ويتضجرون منهم . وربما يغلقون الأبواب في وجوهـهم . وأمـا الذيـن يطلبون من إلههم فكلما كرروا الطلب وداوموا السؤال والتضرع . كثـرت عنايتـه وتحننه عليهم ومنحهم أفضل مما يطلبون . فسبيلنا أن نترك الطلب من المخلوقين مثلنا . ونواصل الطلـب مـن الـرب إلهنا . الذي له المجد إلى الأبد . آمين . القديس يوحنا ذهبى الفم عن كتاب العظات الذهبية
المزيد
17 يونيو 2023

انجيل عشية يوم الأحد الثاني من شهر بؤونة

تتضمن الحث على حفظ التعاليم الالهية والاستخفاف بالذخائر العالمية . مرتبة على فصـل شـفاء حمـاة بطرس . ( لو ٤ : ٣٨- ٤١ ) إذا كان الشرط في مداواة الاجساد البشـــرية أن يكـون الطبيـب مـاهرا والمريض مطيعا والخدام فرحاء موافقين . سيما وقد علمنا الآن عظم قدر المشـفى لأمراضنا والحامل لأوجاعنا . فكيف لا يجـب علينـا أن ننصـت نـحـن لأوامـره متفهمين . ونسارع إلى قبولهم مبتهجين . ونتعلم منه قوانيـن المـداواة الروحانيـة ومنافع العقاقير السماوية . لكي نقدر على معالجـة الامـراض الشيطانية وننقـذ المؤمنين من عذابها . ونتأهل أن يمسك بأيدينا ويرفعنا من بحار الرذيلـة وإذا كـان الذين يتعلمون العلوم الخارجية يحتاجون فـي تثبيتـهـا إلـى المذاكـرة والتكـرار . وملازمة القراءة ليلا ونهارا ثم يعلمونها للآخرين . كل ذلك قصدا منهم فـي ضبـط المعاني وتثبيتها في الأذهان كما ينبغى . وكذلك الذين يغرسون الحقول ويزرعـون الأراضي التقية يحتاجون في انجابها إلى التعهد بالسقى والقيام بخدمة الأرض كمـا يجب . وإلا فيخسروا واخراجها ويتعبوا فيها باطلا . فعلى هذا القياس يجب على الذين يسمعون العظات . ويتبعون فـى سـماع التعاليم الالهية أن يحفظوها بالمفاوضة والتكرار ليكونوا لها متذكرين فيتأهلوا بـأن يكونوا معلمين للآخرين . واسمع ياهذا قول الرسـول : " كونـوا عـاملين بالكلمـة لا سامعين فقط خادعين نفوسكم . لانه إن كان أحد سامعا للكلمة وليس عاملا فـذاك يشبه رجلا ناظرا وجه خلقته في مرأة . فإنه نظر ذاته ومضى وللوقـت نسـى مـا ويكون كالذي بنى بيته على الرمل " كما قال الكتاب المجيد . ويقول أيضا : أن كان أحد يظن أنه حكيم وعالم بينكم فلير اعماله بـالتصرف الحسـن فـي وداعـة و الحكمة . . ولاجل ذلك أنا لا أكف عن تذكيركم وتنبيهكم ومفاوضتكم فيمـا يجـب حتى أراكم ذاكرين لقراءآتكم . حافظين لتعاليمكم . عاملين بأقوال ربكم متغايرين فـي الفضائل . متباعدين عن مسالك الرذائل.لأسر أنا بحسن اعمـالكم وابتـهـج بجميـل مجازاتكم وأفرح بدخولكم إلى النعيم . فإن قلت وما الذي يدل على ذلك من أعمالنـا ؟ قلت بأن أراكم محبين لعمل الفضائل كالصلاة والصوم والرحمة والرأفـة والمحبـة وأمثال ذلك . مبغضين للرذائل أعنى الغضب والحسد والنميمة وحب الأموال وسـائر أقسام الرذيلة . لأن حب الأموال سبب لتوليد الشرور كلها وأداة لعمل الهالكين . فـإن قلت وكيف نقدر على بغض المال وقد جعل واسطة لتحصيل الامـور الضروريـة المحتاج إليها ؟ قلت حديثنا الآن هو عما يحب لذاته وينفق في إنالة اللذات البدنيـة . لا فيما يكسب من وجوه الحلال وينفق في اللوازم المحتاج إليها لقوام الحيـاة وفـي مصالح المقلين . فلا تظنن ياهذا أن طرح الاموال أمر جسيم . فإنك إذا امعنت النظـر رأيت كثيرا من الناس يفعلون ذلك لأجل طلب المديح من الناظرين . وذلك إنك تجـد قوما يخرجون عن الأموال الكثيرة . ويدعـون الأمـلاك والضيـاع والبضـائع والزراعات . وينقطعون في الجبال والمغائر طلبا لتصيد المديح من النـاظرين لـهم والسامعين لأخبارهم فقط . وتجد آخريـن يجـهدون أنفسهم ويتعبـون اجسـامهم ويماحكون ويظلمون ويحصلون الأموال من أرذل وجوهها . ولحبهم في المديح مـن الناس يصرفونها في ثمن الثياب الفاخرة والمركبات والأواني النفيسة وما لا تدعـو إليه ضرورة الحياة . وذلك لكي يراهم الناس فيمدحونهم ويعظمونهم . وتـرى قومـا أخرين يهتمون بالأطعمة الشهية ويروقون الخمر المعطر ويعدون الأنقال والأزهـار والملهين وغير ذلك . ويتبعون ويغرمون غرامات أخرى كثيرة يطول شـرحها ثـم يستدعون أناسا أغنياء ومتمولين ومن لا حاجة به إلى طعامهم ليقبلوا منهم المديـح الذائل لساعته تلك . ولعلهم لو عبر بهم في ذلك الوقت سائل جائع وعطشان وسـأل سد جوعه وعطشه لأعادوه خائبا بل وأوسقوه شتما وســـبا . ولـهذا تتقلـب اكـثر مسراتهم إلى الشرور المنكدة والمخاصمات القبيحة وأمور ردية يطول وصفها . وإذا كان هذا يغرم الأموال الجزيلة ليقبل المجد من الناس . وهذا ينفـق المبـالغ الجمـة ليكسب المديح الزائل وشيكا " وهذا يبذر ماله مجانا فيما يستحيل إلى الفساد ويقـذف به إلى المزابل سريعا . فكيف لا نتأمل نحن إلى هذه النقائص بعيون عقلنا ونكشـف عنها ستور الظلمات . وننظرها بالاذهان السليمة وتقدها بالأفكار المستقيمة . ونصـد المائلين إلى فعلها المتمسكين بذيول فخرها لننجو من بحارها سالمين . ياللعجب مـن كوننا نصرف الأموال الجمة وننفق المبالغ الكثـيرة . ونتعـب اجسـامنا وخدامنـا واولادنا في طلب المديح الزائل . المماثل الدخان أو البرق أو الـهواء أو الظـل أو الغبار وما أشبه ذلك في سرعته الاضمحلال . ولا نجعل ذلك لما لا يزول . وكيـف يحسن بالعقلاء أن يطلبوا الشرف من معادن الخساسة ولا يطلبون من الخالق تبـلرك وتعالى ؟ كيف يجمل بنا نحن أن نطلب المديح من العـاجز والنـاقص والمسـتحيل والمائت والخائف والمتقلب والذليل . ونعدل عن الطلب من السيد القادر الحكيم الحـى الرؤوف الباقي الذي لا يزول . الخالق لطبائعنا والمدبر لنظام حياتنا . والجائد بمثـل هذه المكارم على جنسنا . والمعد لنا وراثة النعيم . فسبيلنا أن نقتدى بآثار الفضائل ونعدل عن طرقات الاراذل ونتمسك بوصايا الحياة طائعين . لننال ملكوت ربنا يسوع المسيح الذي له المجد دائما آمين . القديس يوحنا ذهبى الفم عن كتاب العظات الذهبية
المزيد
10 يونيو 2023

انجيل عشية يوم الأحد الأول من شهر بؤونة

تتضمن توبيخ الذين يقرضون بالربا . مرتبـة علـى قول البشير : وبعد ستة أيام أخذ يسوع بطـرس ويعقـوب ويوحنا وصعد بهم إلى جبل عال متفردين " ( مت ۱۷ : ۱-۱۳ ) يجب علينا أن نطهر ذواتنا وننقى سرائرنا ونجتهد في العمل بـأقوال ربنـا وننتظر سعادة الملكوت لنرى مجده الذي لا يوصف متجلياً علينا لا في رأس جبـل . بل في حضيض من الارض عندما يجلس على كرسى الدينونة . ولا مع ثلاثة مـن الناس . بل مع جمهور من السمويين . وكيف يمكن أن نكون منتظرين سعادة الابـد وطائعین اوامر ربنا . ونحن نغلق أبوابنا في وجوه المساكين . ونسد آذاننا عن سماع تضرع المحتاجين . بل عن سماع أقوال الانبياء والمرسلين أيضاً . لانك إذا سمعت بولس يبشر ويوحنا ومتى يخبران بالعظائم التي للمسيح . وأنـت لا تصغـي إليـها . فكيف تصغى إلى سؤال الفقراء والمساكين ؟ ويا للعجب من كونك إذا رجعت من دفن أخيك أو صاحبك . تبادر إلى غسل يديك ورجليك وتصب الماء على رأسك بينما أنـت لا تفعـل كذلـك إذا تنجسـت بالخطايا . وكيف لا تكون نجساً بالنفس والجسد حينما تصاحب الزوانـى والفاسقين والمرابين والسحرة والمنجمين . وتعرض عن تضرع المساكين ؟ وأنت لا تصـاحب الاشرار فقط . بل تدعوهم إلى منزلك وتهتم بطلباتهم وتشاركهم في أعمالهم الخبيثـة . وإذا كان لك سعة من المال وجامك محتاج متضرعاً إليك أن تفـرج كربتـه بـأن تقرضه ما يقضى حاجته به . فإنك تقابله بالاعتذار ثم بالجفاء والعبوسة . فإن رأيتـه قد زاد به القلق واشتدت لجاجته فانك تعطيه الصنف مضاعف وتكتب عليـه بسعر صكاً بالثمن . فيخرج من منزلك وقد غمرته أمواج الفكر وقيدته حبال الحاجة . ثـم لا يلبث زماناً يسيراً حتى تطالبه بالوفاء . فإن ابطأ شكوته إلى الوالي فأمر بحبسه حتـى يضطر إلى بيع ما يملك حتى أمتعة بيته . أفرايت عظم هذا الداء ورداءة جريرتـه لقد طلب أخوك منك إسعافاً فألقيته في السجن وقيدته بالأغلال . وياللعجب من اولاد كنيسة الله وبنى المواهب الجليلة الذين ندبتهم الشـريعة إلى ترك الإهتمام بالمكاسب المحالة بعد تحصيل كفاية المعيشـة . كيـف صـاروا ينهشون لحوم المساكين حراماً . وينبهون بيوت الارامل والايتام كالبرابرة ؟ انظـر ياهذا إلى محبة المال والارباح العالمية . كيف تعمى العيــون البـاصرة . وتغشـى البصائر السليمة . وتصم الآذان السامعة . وتغير عواطف القلوب ؟ أيها المرابي : لقـد علمت أن الدنيا سريعة الزوال . وأن الآخرة دائمة البقاء . فكيف لا تميز بيـن هـذه الارباح الكاذبة وبين الارباح الصادقة في السعادة الأبدية ؟ أرايـت كيـف سـددت أذنيك عن سماع اوامر إلهك وحجبت بصـيرتك عـن تعقـل أقـوال النـاصحين . وأعرضت عن سماع الزواجر والتنبيهات حتى صرت ترى الناس يزرعـون ورداً وأنت تزرع عوسجاً . تراهم يشربون مآ زلالا وانت تشرب ما زعاقـاً . لان اولئـك يستقبلون المحتاجين بالبشاشة والوداعة ويهتمون بقضـاء حاجاتهم . وأنـت تفتـل لـهـم حبالا وتصنع لهم أغلالا . لعمري ان الذين يتاجرون في البلاد البعيدة والذين يعانون زراعة الضيـاع وإن كانوا يكابدون أتعابا وهموما وغرامات شتى . فهم لا يبلغون إى حـد الخسـارة الصائر أنت اليها . لان التجار يكابدون مصاعب الطرق ومخاوف اللجـج وأهـوال اللصوص والخطفة . إلا انهم يتفرجون في البـلاد الغريبـة . وإن قصـرت أربـاح البضائع فلا اقل من حصولهم على راس المال . وكذلك الذيـن يـهتمون بزراعـة الارض . فإنهم ولو اتعبوا أنفسهم بتحصيل المهمات والمواشي والبــــذار والعمـار . وتنغصوا تارة بقلة المطر . وأخرى بفساد الزرع . فلابـد أن يحصلـوا ولـو علـى البذار . وتكون أفكار الفريقين مستريحة من سوء العواقب . بخلاف جنود الربا فإنـهم يفرغون صناديقهم من المال ويبدلونه بالصكوك والدفاتر . ويتوهمون أن لهم أمـوالا . وهم على هذه الحالة يشترون بهذه الاموال دركات الجحيم . ولابد أن تكون أفكـارهم مضطربة من هذه العاقبة الخبيثة . فسبيلنا أن نهرب من هؤلاء . ونتجنب سوء أعمالهم . لنفوز بملكـوت ربنـا يسوع المسيح . الذي له المجد إلى الابد . آمين . القديس يوحنا ذهبى الفم عن كتاب العظات الذهبية
المزيد
03 يونيو 2023

انجيل عشيه يوم الاحد السابع عيد الخمسين

تتضمن الحث على الايمان والأعمال . مرتبة علـى قوله تعالى بفصل الإنجيل : " من أمن بى كـمـا قـال الكتاب تجرى من بطنه أنهار ماء حى ( یو ۷ : ٣٧- ٤٤ ). لما كان السيد له المجد في عبر البحر قرب كفر ناحوم قال للآتين اليـه " اعملوا لا للطعام البائد بل للطعام الباقي للحيوة الأبدية الذي يعطيكم ابن الانسان فقالوا له ماذا نفعل حتى نعمل أعمال الله . فأجاب وقال لهم : "هذا هـو عمـل الله . أن تؤمنوا بالذي أرسله " وقال ايضاً : " كل من يرى الابن ويؤمن به تكون له حيـوة أبدية وأنا اقيمه في اليوم الأخير " فما أعظم قوة الايمان وما أعجب نتيجته إذ ما يجنيــه الانسـان منـه لا يوصف . ولكن هل يكفي أن يؤمن الانسان فيخلص ؟ كلا . بـل يـجـب أن يقـترن الايمان بالأعمال الصالحة . إن الايمان قسمان : نظري وعملي . والمطلوب أن يكون إيماننـا عمليـاً لا نظرياً . فإن قلت ما هو الإيمان العملي وما هـو النظـرى ؟ أجبتـك : أن الايمـان النظري هو ما تجرد من الأعمال الصالحة . والعلمي هو ما اقترن بها .فالايمان إذن بدون اعمال لا يخلص الانسان . كما يقول الرسول يعقوب : " ما المنفعة يا أخوتي إن قال أحد أن له إيماناً ولكن ليس له أعمال . هل يقدر الايمـان أن يخلصه" . أو " هل تريد أن تعلم ايها الانسان الباطل أن الايمــان بـدون أعمال ميت . ألم يتبرر ابراهيم أبونا بالأعمال إذ قدم اسحق ابنه على المذبح . فـتـرى أن الايمان عمل أعماله وبالأعمال أكمل الايمان . وتم الكتاب القائل فآمن ابراهيـم بالله فحسب له برأ ودعى خليل الله ". ترون أذن أنه بالأعمــال يـتـبرر الإنسـان لا كذلك راحاب الزانية أيضاً أما تبررت بالأعمـال إذ قبلـت الرسـل وأخرجتهم في طريق آخر ؟ لأنه كما أن الجسد بدون روح ميت هكذا الايمان أيضـاً بدون أعمال ميت بالأيمان وحده . وهو ما يدعوه الرسول بولس : " الايمان العامل بالمحبة " وفي موضع آخر يمدح القديسين ويثني على عظم أعمالهم بقوله : " أخـرون عذبوا ولم يقبلوا النجاة لكي ينالوا قيامة أفضل . وأخرون تجربوا في هزء وجلد ثـم في قيود أيضاً وحبس . رجموا نشروا جربوا ماتوا قتلا بالسيف طافوا في جلود غنـم وجلود معزی معتازين مكروبين مذلين . وهم لم يكن العالم مستحقاً لهم . تائهين براري وجبال ومغاير وشقوق الأرض من هذا قد اتضح جلياً أن الايمان الخلاصي إنما هـو المقـترن بالأعمـال الصالحة لأن الايمان يساعد الاعمال والأعمال تكمل الايمان فقولوا لي من منا أعماله تطابق تعاليم دينه ؟ إن الديـن يأمرنـا أن نحـب عدونا . ونحن لم نكتف بأن نبطن له الحقد بل نبغض ونحقد على أخينا أيضاً . الدين يقضى بأن نكون نشطين حارين في عبادة الخالق . ونحن كمـا نحـن نصرف زمان العبادة في محال الملاهي والمسكرات . ونقضى زمان الصلوات فـارتكاب المعاصي والمنكرات . وبعضنا يفضل حشد الأموال على خير الاعمال . الدين يقضى بإغاثة الفقير . ونحن نشتمه ونعيره بالبطالة والكسل . والبعـض منا يستبدل الاعتراف بالاصرار علـى الخطـا . ومناولـة الاسـرار بالاستخفاف والازدراء . فأين إيماننا من إيمان إبراهيم أبي الأباء ؟ واين اعمالنا من أعماله ؟ فهو قـدم ابنه أسحق ضحية الله . ونحن لا نقدم أبناءنا إلى الكنيسة ليتمموا واجبات دينهم . وأيـن احتمالنا من أحتمال الشهداء الذين صبروا على أشـد الضيقـات . واحتملـوا امـر العذابات ولم يحيدوا عن الدين يمنه ولا يسره . ونحن نرى البعض منا . لأدنى ربـح . أو لأخف بلية . يترك الدين . ويسب الله ورجاله الامناء المخلصين . فإيمان امثال مـن ذكرناهم باطل وميت لا يفيدهم شيئا . فسبيلنا ايها الأحباء نحن الذين آمنا بالله من دون أن نراه . أن نقرن إيماننـا بعمل الفضائل المرضية لعظمته تعالى . حتى نصير بذلــك مسـتأهلين لان نسـمع صوته القائل : " طوبي للذين آمنوا ولم يروا " " . له المجد إلى ابد الآبدين أمين . القديس يوحنا ذهبى الفم عن كتاب العظات الذهبية
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل