المقالات
27 يناير 2024
إنجيل عشية الأحد الثالث من شهر طوبه ( يو ١:٥-١٨)
وبعد هذا كان عيد لليهود، فصَعِدَ يَسوعُ إِلَى أورشليم، وفى أورشليمَ عِندَ باب الضأن بركَةً يُقالُ لها بالعبرانيةِ بَيتُ حِسدا لها خمسة أروقة. " في هذِهِ كانَ مُضطَحِعًا جُمهورٌ كثيرٌ مِنْ مَرْضَى وعُمي وعُرجِ وعُسم، يتوقعون تحريك الماءِ. لأَنَّ مَلَاكًا كَانَ يَنزِلُ أحيانًا في البركَةِ ويُحَرِّكُ الماءَ فَمَنْ نَزَلَ أَوَّلاً بَعدَ تحريك المـاء كـان يبرأُ مِنْ أَيِّ مَرَضِ اعْتَراهُ. وَكانَ هناكَ إِنسانُ بِهِ مَرَضٌ منذ ثمان وثلاثين سنة. هذا رَآهُ يَسوعُ مُضطَحِعًا، وعَلِمَ أَنَّ لَهُ زَمانًا كثيرًا، فقالَ لَهُ: أتُريدُ أنْ تبرأ ؟. أجابَهُ المَريض: يا سيد، ليس لي إنسان يُلقيني في البركةِ مَتَى تحرّك الماء، بل بينما أنا آت يَنزِلُ قُدّامي آخَرُ. قَالَ لَهُ يَسوعُ: قُمِ احْمِلْ سَرِيرَكَ وامش". فحالاً برئ الإنسانُ وحَمَلَ سريرَهُ ومَشَى. وكان في ذلك اليوم سبت.فقال اليهودُ للذي شُفي: إِنَّهُ سبتُ! لا يَحِلُّ لَكَ أَنْ تحمل سريرَكَ. أجابَهُمْ: إِنَّ الذي أبرأني هو قال لي: احمل سريرك وامش. فسألوه : مَنْ هو الإنسانُ الذي قال لك: احمل سريرك وامش؟. أما الذي شفي فلم يَكُنْ يَعْلَمُ مَنْ هو، لأَنَّ يَسُوعَ اعْتَزَلَ إِذ كَانَ فِي المَوْضِعِ جمع. بعد ذلك وجَدَهُ يَسوعُ في الهيكل وقال له: ها أنت قد برئت، فلا تُخطئ أيضًا، لئلا يكون لك أَشَرُّ. فمَضَى الإِنسانُ وأخبَرَ اليَهُودَ أَنَّ يَسوع هو الذي أبرأه.ولهذا كان اليهودُ يَطرُدُونَ يَسوع، ويُطلبونَ أَنْ يقتلوهُ، لأَنَّهُ عَمِلَ هذا في سبت. " فأجابَهُمْ يَسوعُ: أبي يَعْمَلُ حتَّى الآن وأنا أعمَلُ. فمن أجل هذا كان اليهودُ يَطلُبُونَ أكثرَ أَنْ يَقْتُلُوهُ، لأَنَّهُ لَم يَنقُضِ السَّبْتَ فقط، بل قال أيضًا إنَّ الله أبوهُ، مُعادلاً نفسَهُ بالله ".
بركة بيت حسدا:
يقع الأحد الثالث من شهر طوبه بعد احتفال الكنيسة بعيد الظهور الإلهي، لذلك رتّب الآباء أن تكون قراءات الأحد الثالث والرابع من شهر طوبه تدور حول المعمودية المقدسة إكراما لعماد السيد المسيح الذي أنار لنا الحياة والخلود، وفيه قبلنا نعمة البنوة بحميم الميلاد الجديد وتقديس الروح القدس. في إنجيل العشية شفاء مريض بركة بيت حسدا، حيث الملاك الذي كان ينزل أحيانًا في البركة ويحرك الماء، ومن نزل أولاً كان يبرأ من أي مرض اعتراه. والفكر المسيحي يتجه لا إلى بركة حسدا ، وملاك يحرّك الماء، وشفاء الجسد بل إلى الماء والروح وجرن المعمودية الذي هو الرحم المقدس للكنيسة.وليس ملاك هو الذي يحرّك الماء بل روح الرب على المياه، صوت الرب بعظيم الجلال الروح الذي كان يرف على وجه الماء منذ بدء الخليقة المادية هو هو يرف على مياه الخليقة الجديدة. ورهبة الله التي شقت الطريق في الماء للشعب ليعتمد لموسى إذ غطتهم السحابة واحتضنهم الماء من كل جانب. وأيضًا مثل أيام إيليا الشبي حيث إله المجد أرعد برعود وبروق ونار نازلة من السماء حيث الذبيحة محاطة بالماء برسم الثالوث (إذ في حال سكب المال قال: "ثنوا... وثلثوا")، وبعدها صار مطر ماء الحياة بعد قبول الذبيحة، بعد أن أغلق إيليا السماء ثلاث سنين وستة أشهر. هذه هى بركة بيت الرب إلهنا في أورشليم الجديدة أي في
كنيسته المقدسة.إنها ليست شفاء من أمراض الجسد بل هي قيامة من الأموات. دفنا معه في المعمودية للموت... حتى كما أقيم المسيح من الأموات بمجد الآب هكذا نسلك نحن في جدة الحياة".لقد وجدنا يسوع... لقد انتهى الزمن الذي يقول فيه البائس ليس لي إنسان، لأنه وجد لنا شفيع ووسيط، الإنسان يسوع المسيح.هذا هو ابن الإنسان الذي صار لكل إنسان ملقى في فراش الخطية للموت، وهو يقترب من كل الذي ألقاهم العدو وطرحهم أمواتا بالخطايا.والمسيح حينما يجدد الطبيعة ويشفي من الأمراض،يقول: "لا تعد تخطئ لئلا يكون لك أشر".الخطية هي السبب الأساسي لكل الكوارث حتى لو لم نقر بذلك لأن كثيرًا ما نعزي ما أصابنا إلى أسباب وأسباب والخطية وراء كل مصيبة، لأنها طرحت كثيرين جرحى وكل قتلاها أقوياء.لمَّا أقام المسيح هذا الرجل الملقى ٣٨ سنة أقامه بقوة القيامة التي فيه، لأنه هو قيامتنا، وهو الذي أقامنا معه. قال له: "قم"، تماما كما قال للعازر المنتن: "هَلُمَّ خارجًا" فخرج الميت قول المسيح - أي كلمته الخالقة - يُحيي الموتى ويدعو الأشياء غير الموجودة كأنها موجودة. قال للمفلوج الذي قدّمه الأربعة: "قم احمل سريرك"، وقال للمخلع: "قم"، فقام وحمل سريره. وهو قالها لنا يوم المعمودية بعد أن كنا جالسين في الظلمة وظلال الموت قالها فقمنا معه.وكلمته هذه يقولها لنا كل يوم وكل ساعة، وهي كلمة الحياة الأبدية، وهى كلمة الإنجيل الذي يحمل لنا قوة الحياة وقوة القيامة. كلمة المسيح حية وفعّالة وأمضى من كل سيف ذي حدين". ومن يسمعها يقوم من الموت، لذلك قبل أن نقرأها في الكنيسة نقول أوشية الإنجيل "طوبي لآذانكم لأنهـا
تسمع". وهذا حق لأن الذين يسمعون يحيون.
حمل الصليب
لقد صار لنا الصليب في قيامتنا عوض السرير الذي حمله من كان مريضًا لأن حمله للسرير كان الدليل الملموس والمنظور أنه حاز على صحة الجسد فصار قادرًا لا على المشي فقط بل على حمل السرير. هكذا صار لنا الصليب علامة حياة في المسيح، كل من يحمله ويمشي تابعًا المُخلّص يعرف الجميع أنه قد انتقل من الموت إلى الحياة.لما سئل الرجل، من الذي قال لك أن تحمل سريرك... أجاب على الفور الذي أبرأني هو قال لي احمل سريرك... ورغم أنه كان السبت الذي حرص اليهود على حفظه بحسب الحرف فقط ولكن لم يملك الرجل إلا الطاعة للذي أبرأه. فماذا نقول عن الذين أقامهم المسيح من الأموات وأمرهم "من أراد أن يأتي ورائي يحمل صليبه كل يوم ويتبعني". ماذا لنا سوى أن نتبعه حاملين صليبه المحيي الذي به خلصنا وأنقذنا من موت الخطية.لنحمل الصليب بشكر وفرح ونفتخر به قائلين: "حاشا لي أن أفتخر إلا بصليب ربنا يسوع المسيح الذي به صلب العالم لي وأنا للعالم".
وليكن في اعتبارنا أن كثيرين سيعترضون سبيلنا ويعترضون على حملنا للصليب بين متهكم وشاتم، وبين مستثقل ومستصعب، وبين ناقد وحاقد... لأن كثيرين هم أعداء الصليب لأن" كلمة الصليب" عن الهالكين جهالة
أما عندنا نحن المخلصين فهو قوة الله". قيل عن الرجل الذي كان مريضًا، إذ قد شفاه الرب لم يكن يعلم من هو يسوع، لقد قبل نعمة الشفاء ولم يتعرّف على المنعم عليه. أما نحن فنقول: "أنا عارف بمن آمنت". إنه الذي أعطانا نعمة الحياة الجديدة ونعمة البنوة والولادة التي من فوق وأعطانا روحه.هو حال وساكن فينا وأعطانا جسده ودمه الأقدسين وأعطانا أن نصير شركاء الطبيعة الإلهية وورثة الملكوت... ألا نعرفه ؟!.إن كل هذه العطايا والنعم أنعم بها علينا في شخصه فصرنا نقول: لأعرفه" وقوة قيامته" وشركة آلامه متشبها بموته".بل إننا لا نعرف آخر سواه، فليس لنا معين في شدائدنا وضيقاتنا إلا هو. وليس لنا ذراع بشر نتكل عليه. وليس لنا اسم آخر تحت السماء إلا اسم يسوع بل إننا نقول واثقين: "من لي في السماء ومعك لا أريد شيئًا على الأرض". إننا نعرفه، ونعترف بقيامته ونبشر بموته المحيي ونحمل صليبه إلى النفس الأخير.
المتنيح القمص لوقا سيدراوس
عن كتاب تأملات فى أناجيل عشيات الأحاد
المزيد
13 يناير 2024
إنجيل عشية الأحد الأول من شهر طوبه ( لو ٤ : ٤٠ - ٤٤ )
وعِندَ غُروبِ الشَّمس، جميع الذين كانَ عِندَهُمْ سُقَماءُ بأمراض مُختَلِفَةٍ قَدَّمُوهُمْ إِلَيْهِ، فَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَشَفاهُمْ. وكانَتْ شَياطين أيضًا تخرُجُ من كثيرين وهى تصرخ وتقول: أنتَ المَسيحُ ابن الله. فانتَهَرَهُمْ ولم يَدَعَهُمْ يتكَلَّمُونَ، لأَنَّهُمْ عَرَفوهُ أَنَّهُ المَسيحُ. ولَمَّا صَارَ النَّهَارُ خرجَ وذَهَبَ إِلَى مَوْضِعِ خَلَاءٍ، وَكَانَ الجُمُوعُ يُفَتِّشونَ عَلَيهِ. فجاءوا إليهِ وأَمْسَكُوهُ لِئلا يَذْهَبَ عنهُمْ. فقالَ لَهُمْ: إِنَّهُ يَنبَغِي لي أَنْ أُبَشِّرَ المُدنَ الأَخَرَ أيضًا بملكوت الله، لأني لهذا قد أُرسلت. فكانَ يَكرِزُ في مجامع الجليل ".
عند غروب الشمس:
عند غروب الشمس - إذ كان سبت - جاءوا إليه بعد أن انقضى السبت وكأنهم وجدوه بعد غروب سبت الناموس ونهاية زمن الفرائض الجسدية حيث لا تمس ولا تجس الأمور التي كانت موضوعة كمؤدب للإنسان إلـى زمــان الخلاص وظهور نعمة ربنا يسوع المخلصة. قدموا إليه سقماء بأمراض مختلفة فوضع يديـه علـى كل واحد منهم . فالتعامل مع المسيح يأخذ دائما الصفة الشخصية، فالمسيح جاء من أجل كل واحد، وذاق الموت من أجل كل واحد، فعمل الفداء هو أن يموت واحد عوضًا عن واحد، يطلق السجين ويمسك الذي يفديه أو يكون عوضًا عنه.
لذلك فإن الرب كان يضع يديه على كل واحد على حدة. كان ممكنا أن يشفيهم بالجملة بكلمة. ولكن هذا العمل الفردي يقودنا إلى التأمل في العلاقة الشخصية مع المسيح. نحن في الكنيسة أعضاء كثيرون ولكن يظل لنـا طـابع الخصوصية. فمع أننا مولودون من آباء وأمهات مسيحيين، لكن المسيحية لا تورث بل هي نصيب خاص يأخذه كل واحد في المعمودية لشخصه الخاص. أي يأخذ نصيبه بنفسه ولا يأخذ له آخر ينوب عنه. فأنا أعتمد، وأنا أتناول، وأنا أتحد بالمسيح وأنا أعترف له بخطاياي، وأنا أشعر أنه صلب على الصليب لأجلي.وهذا يوحدني بكل الأعضاء المتمتعين بذات النعم بالروح الواحد. شخص الإنسان لا يذوب في الجماعة، لكن يتحقق باتحاده بباقي أعضاء الجسم لكمال العمل الإلهـي فـي الكنيسة كأعضاء الجسد الواحد في تألف الروح الواحد ولكن مواهب وعطايا مختلفة لبنيان الجسد الواحد.وشياطين تخرج من كثيرين وهي تصرخ: كيف يطيق الشيطان أن يوجد في حضرة المسيح؟ هذا مستحيل فإن عشنا للمسيح كما ينبغي أو حل المسيح بالإيمان في قلوبنا وسكن الروح مرتاحًا في أحشائنا. فإن الشيطان يكون مطرودًا ليس له مكان فينا.الشياطين تأخذ فرصة حين يغيب المسيح عنا، وفي الحق أنه لا يغيب. فهو لا يخلو منه مكان ولا زمان. ولكن نحن نتغرب بإرادتنا ونحيا بذواتنا ونخضع لما هو في العالم.وننسى أننا له فيغيب عن ذهننا بإرادتنا، فنسلم عقولنا وأهواءنــــا للعدو فيستعبدنا ويهيننا الشيطان يجبر لا يقتحم حياة أولاد الله رغما عنهم.هو قد فقد السلطان الذي كان له علينا، لذلك فكل حروب الشياطين هى في عرض ما له من بضاعة. ولكن لا يستطيع أن أحدًا على الشراء، وهو يزين بضاعته بكل خديعة وزينته كاذبة. ولكن لا يجبرنا ولا يستطيع أن يغصبنا على قبولها. في الأزمنة القديمة كان الإنسان بدائيا في فكره. ويعتمد كثيرًا على قوة جسده. فكان الشيطان يستولي على الجسد يسكن فيه. أمـا فـي هـذا الزمــان فـقـوة الإنسان صارت في عقله، فعندما يستولي الشيطان على هذا العقل فإنه يسكنه ويخربه ويخرب به ممالك بأكملها.
"ولما صار النهار ذهب إلى موضع خلاء":
كثيرًا ما نقرأ هذه العبارة عن المسيح مُخلّصنا... فهو يرسم لنا برنامج الحياة. أليس هو الطريق؟. لابد أن يكون موضع خلاء أي بعيدًا عن أعين الناس، وبعيدًا عن مباهج الدنيا الكاذبة، وبعيدًا عن ضوضاء المدن، وبعيدًا عن المشاغل والمشاكل والمباحثات والجدل، وبعيدًا عن الاهتمامات اليومية مهما علا شأنها... لابد من موضع خلاء أختلى فيه مع المسيح ولا أجد سواه وأقول: "أنا
لحبيبي وحبيبي لي" لابد من موضع خلاء أجد فيه نفسي التي توزعت وتشتت أعود أجمعها أجمع فكري وقلبي وميولي، وأفحص ضميري ودوافعي، وأطرحها أمام الله أُصـحـح مـا فسـد منها، وأُصلي حتى الشبع بدون موضع خلاء تتراكم الخطايا ولا أدري بدون موضع خلاء أعتاد على التهاون والتسويف موضع الخلاء هو معمل تجديد الذهن، والقلب وتجديد الله، ومراجعة النفس وشحن ما فرغ منها في العهود مع العالم.
ينبغي لي أن أبشر":
الكرازة والخلاص وخدمة النفوس وردها وفداؤها من طرق الهلاك، هذه هى رسالة المُخلّص فالخدمة واجب ليس منه بد ولا يقبل التسويف ولا الاعتذار ، بل هي إلزام يؤخذ بجدية مطلقة، ينبغي = يجب (أي لابد ولا بديل). متى يرقى فينا هذا الحس الإلهي، ومتى تشغل خدمة نفوس بالنا إلى حد الواجب المقدس الذي لا بديل عنه. يارب، اغرس فينا هذا الاهتمام نحو نفوس أولادك إنه ينبغي أن نذهب ونفتش عنهم حتى نجدهم ولا نرتاح حتى أحضر إليك كل إنسان.نسعى كسفراء لك، نكرز بالبشارة ونقول: تصالحوا مع الله".
المتنيح القمص لوقا سيدراوس
عن كتاب تأملات فى أناجيل عشيات الأحاد
المزيد
30 ديسمبر 2023
إنجيل عشية الأحد الرابع من شهر كيهك( لو ۸ : ۱ - ۳ )
" وعلى أثر ذلك كان يسير في مدينة وقريةٍ يَكرز ويبشر بملكوت الله، ومَعَهُ الاثنا عشر. وبَعضُ النِّساءِ كُنَّ قد شفين من أرواح شرِّيرَةِ وأمراض: مريم التي تُدعى المجدلية التي خرج منها سبعة شياطين، ويونا امرأة خوزي وكيل هيرودس وسوسَنَةً، وأخَرُ كثيرات كُن يَحْدِمنَهُ مِنْ أموالِهِنَّ ".
يذكر إنجيل العشية إلى جانب التلاميذ الذين تبعوا الرب في التجديد سائرين معه وهو يسير من مدينة إلى مدينة ومن قرية إلى قرية يكرز ببشارة الملكوت وهو إذ قد اختار التلاميذ ليكونوا معه وأعطاهم السلطان على شفاء الأمراض وإخراج الشياطين وملأهم من كل معرفة وكل حكمة روحية. وصاروا أعمدة الكنيسة وأساسات المدينة السماوية... يذكر الإنجيلي تبعية النساء اللواتي رافقنـه أيضًا كباكورة ونواة لبنيان الكنيسة المقدسة ومثل اللبنات الأولى في الأساسات جاء ذكر تلك النسوة اللائي صرن قديسات. بعضهن كن قد شفين من أرواح شريرة. وبعضهن كن قد شفين من أمراض. وقد خص الإنجيلي بالذكر مريم المجدلية التي أخرج الرب منها سبعة شياطين. ويونا امرأة خوزي وكيل هيرودس وسوسنة. وقد أسدى الرب إليهن معروف الخلاص وتجديد الحياة وذُقن نعمة المسيح والوجود معه والحياة به وله. وصارت تبعيتهن له هي الحياة نفسها فقد وجدن حياتهن بعد ضياع... فاللاتي كن مسكنا للشياطين صرن مسكنا للروح القدس. قوة تغيير مهولة وشتان بين سكنى روح الظلمة قتال الناس المهلك والمخرب روح النجاسة والفجور وكـل أنـواع الشرور، وبين سكنى روح الله القدوس روح النعمة والاتضاع والحب الحقيقي والنور الأبدي. هذه قدرة المسيح المُخلّصة وهى تظهر جليًا في الذين تبعوه سائرين في دروب القداسة بعد أن غير الرب شكلهم ونقلهم من الظلمة إلى النور والمسيرة مع المسيح والوجود في حضرته للذين جذبهم بمحبة لا تنتهي. فهى تمتد بالإنسان السائر مع الله على الأرض إلى أن يتبع الخروف مع خوارس السمائيين الذين يتبعونه أينما يذهب ويقتادهم إلى ينابيع الماء الحي ويمسح كل دمعة من عيونهم. فطوبى لهؤلاء النسوة القديسات تابعات المُخلّص والملتصقات به في خدمة حقيقية نابعة من قلب معترف
بجميل الرب.ولكن ما يفوق العقل ويوقف الفكر عن أن يتقدم، ما سجله الروح القدس في هذا الفصل بالقصد الإلهي الفائق أن النسوة كن يخدمن الرب من أموالهن إلى هذا الحد يسجل الروح القدس هذا الأمر لأهمية خاصة فائقة عن الإدراك... كيف يحتاج الرب لمن يخدمه من أمواله؟ من أين لهؤلاء النسوة أو غيرهن من الذين يخدمون الرب في كل جيل... من أين لهن أموال؟ وهل يولد الإنسان ذا أموال؟ ألا يولد الإنسان عاريًا عادمًـا كـل شـيء فقيرًا مُعدما ؟ والمسيح أليس هو الواهب الجميع خيرات؟ وهو يفتح يده فيشبع كل حي غنى من رضاه؟ أليس منه الجميع؟ ومن يده أعطيناه؟ شيء مخجل حقًّا أن يحتاج الرب إلينا!! من نحن؟ حتى نعطيه. ولكن الرب يلذ له أن يسجل هذا الأمر فهو لا ينسى كأس الماء البارد ولا فلسي الأرملة. ألا يصير هذا مشجعًا لنا في خدمتنا، أن لا نكل في عمل الخير، وأن ننفق ونفق، كقول الرسول بولس ، وأن نعطي بحسب الطاقة بل فوق الطاقة مادام الأمر كذلك إذ أننا إذا انفتحت عيون قلوبنا وعاينا كيف يقيّم الرب أعمال المحبة المقدمة لشخصه المبارك، لانطرحنا نبذل أنفسنا بلا فتور ونقدم من إعوازنا طالما يد الرب الحنون ممدودة يقبل عطايانا ويسجلها في سجلات الأبد كما سجل الرب لهؤلاء النسوة هذا التسجيل الإنجيلي المبارك فصرنا نقرأه بعد آلاف السنين.العذراء القديسة صاحبة السر الإلهي وكل مجدها الداخل؟ ومن يستطيع أن يدرك شيئًا من أسرارها مع ابنها وإلهها ؟.
لم يكن للعذراء مريم أموال تخدم بها الرب فقد عاشت فقيرة حتى في طفولتها حينما كانت وديعة في الهيكل. ولكن أحب الله فقرها !! أليس هو مولود المذود؟ ولكنها خدمته كما لم يخدمه أحد، حين قالت: هوذا" أنا أمة الرب". باعت نفسها عبدة للذي اشتراها فأكرمها وجعلها أُمَّا له. تُرى ماذا تسجل في سفر تذكرة الله من نحو العذراء القديسة مريم، لما سلّمت جسدها ونفسها وروحها حتى تظللها القوة العلوية وتنازل الابن الكلي وحل في الحشا البتولي؟! وماذا عن احتمالها سيف الشك من الآخرين الذي جاز في نفسها واحتملته بلا كلمة؟ ثم ماذا عن احتمالها رؤية ابنها وإلهها مصلوبًا معلقًا على خشبة، مرفوضًا من الناس، حاملاً عار العالم كله؟
إن قلب العذراء مريم وما خدمت به الرب يسوع منذ اللحظة التي فيها قبلت البشارة المحيية وحتى آخر حياتها على الأرض نقول إن قلبها صار كأعماق المحيطات
عود على ذي بدء:
نعود إلى العذراء القديسة مريم وقد وضع لنا إنجيل العشية معايير الرب ومكاييله لكل من خدمه بقليل أو بكثير فالله ليس بظالم حتى ينسى تعب المحبة. فإن كانت النسوة اللواتي خدمنه من أموالهن تسجل عملهن في الإنجيل كأنه معروف أسدى إلى الرب يسوع. فماذا نقول ونحن نتأمل أمه العذراء القديسة صاحبة السر الإلهي وكل مجدها الداخل؟ ومن يستطيع أن يدرك شيئًا من أسرارها مع ابنها وإلهها ؟. لم يكن للعذراء مريم أموال تخدم بها الرب فقد عاشت فقيرة حتى في طفولتها حينما كانت وديعة في الهيكل. ولكن أحب الله فقرها !! أليس هو مولود المذود؟ ولكنها خدمته كما لم يخدمه أحد، حين قالت: هوذا" أنا أمة الرب". باعت نفسها عبدة للذي اشتراها فأكرمها وجعلها أُمَّا له. تُرى ماذا تسجل في سفر تذكرة الله من نحو العذراء القديسة مريم، لما سلّمت جسدها ونفسها وروحها حتى تظللها القوة العلوية وتنازل الابن الكلي وحل في الحشا البتولي؟! وماذا عن احتمالها سيف الشك من الآخرين الذي جاز في نفسها واحتملته بلا كلمة؟ ثم ماذا عن احتمالها رؤية ابنها وإلهها مصلوبًا معلقًا على خشبة، مرفوضًا من الناس، حاملاً عار العالم كله؟
إن قلب العذراء مريم وما خدمت به الرب يسوع منذ اللحظة التي فيها قبلت البشارة المحيية وحتى آخر حياتهاعلى الأرض نقول إن قلبها صار كأعماق المحيطات التي لا يسبر أحد أغوارها واحتوت أسرارًا ليست للملائكة أن تطلع عليها ولا يسوغ لإنسان أن يتحدث عنها. وما نالته من الرب إكرامًا وتكريمًا يعلو على الشاروبيم ولكن لنا فيها نعمة الأمومة ترنو إلينا بحبها وتطَّلع علينا من المساكن العلوية، وتفرح بأولادها في نجاحهم في الإيمان والقداسة والمحبة، وتشفع فينا في حال الضعف والخطايا وتتوسل إلى ابنها وحبيبها أن يتراءف بالضعفاء والخطاة. فهى أم الله وأمنا نحن الخطاة في آن واحد.
المتنيح القمص لوقا سيدراوس
عن كتاب تأملات فى أناجيل عشيات الأحاد
المزيد
23 ديسمبر 2023
إنجيل عشية الأحد الثالث من شهر كيهك ( مر ۱ : ٢٩ - ٣٤ )
ولَما خرجوا مِنَ المَجْمَعِ جاءوا للوقتِ إِلَى بَيتِ سمعان وأندراوس مع يعقوب ويوحنا، وكانت حمـاة سمعان مُضطَحِعَةً مَحمومَةً، فللوقت أخبروه عنها. فتَقَدَّمَ وأقامها ماسكا بيدها، فتركتها الحمى حالاً وصارت تخدمُهُمْ . " ولَما صار المساء، إذ غَرَبَتِ الشَّمسُ، قَدَّموا إليه جميعَ السُّقَمَاءِ والمَجانين. "" وكانت المدينة كلها مُجتَمِعَةً على الباب. فشَفَى كثيرين كانوا مرضى بأمراض مختلفة، وأخرج شياطين كثيرة، ولم يدع الشَّياطين يتكلمونَ لأَنَّهُمْ عَرَفوهُ ".
وضع الآباء هذا الفصل من الإنجيل متلاحما مع إنجيل القداس الذي يتكلّم عن زيارة العذراء القديسة مريم للقديسة أليصابات عندما سمعت من رئيس الملائكة جبرائيل أن المدعوة عاقرا صارت حبلى بالمعمدان السابق قامت العذراء القديسة بسرعة إلى الجبال مثل مركبة الشاروبيم يحركها الروح وعجلات النار ودخلت بيت زكريا وسلّمت على أليصابات. وأقامت العذراء القديسة عندها نحو ثلاثة أشهر تخدمها في شيخوختها. فإنجيل العشية يذكر أن الرب بعدما شفى حماة سمعان من حمتها الصعبة، في الحال قامت وصارت تخدمهم أي تخدم المسيح وكنيسته في شخص التلاميذ المجتمعين فالخدمة هی المحور الذي تدور حوله أحداث وأحاديث هذا الأحد من شهر كيهك. لقد سجّل الإنجيل لحماة سمعان رغم أنها امرأة متقدمة في الأيام إلا أنها حال ما أخذت من يد المسيح نعمة شفاء إذ أقامها ماسكا بيدها تشددت يداها للعمل والخدمة. إن كان أحد يخدم فكأنه من قوة يمنحها الله". أنواع خدم مختلفة ولكن الروح واحد هو روح المسيح واهب النعم ومعطي الخيرات لا توجد خدمة كبيرة وأخرى صغيرة. كل واحد حسب ما قسم الله له نصيبا من الإيمان. حماة سمعان خدمت مائدة المسيح وتلاميذه في بيتها الذي صار بمثابة كنيسة بحلول المسيح فيه... مثل مرثا التي خدمت أيضًا المسيح وتلاميذه في بيتها بينما اهتمت مريم بخدمة الاستماع إلى كلمات المسيح جالسة عند قدميه متتلمذة باتضاع وسكون.فإن كنا أخذنا من يد المسيح التي لمستنا وأقامتنا، أخذنا من ملئه نعمة فوق نعمة فلا نتكاسل عن الخدمة ولا نعتفي منها. بل في حالة أخذنا يصير الروح فينا نشيطا فنخـدم بحسب مواهب الله الممنوحة لنا.الخادم ففي الخدمة المدبر فباجتهاد. الراحم فبسرور . الواعظ في الوعظ الأب في وزنة الأولاد الممنوحين له من الله كعطية صالحة لأن البنين ميراث من الرب. الأم تخدم في مجالها لأنها تخلص بولادة البنين إن ثبتت في الإيمان والتقوى مع التعقل. * ليس شرطاً أن يخدم الإنسان تحت اسم أو رتبة. الخدمة ليست حكراً على أحد يستطيع كل واحد أن يخدم المسيح في حقله الذي يرسله إليه قائلاً: "يا ابني اذهب اليوم اعمل في حقلي". الحقل متسع بلا نهاية والحصادكثير.خدمة الموائد أيضاً في الكنيسة الأولى كان لها شأن كبير ولم تنحصر في العمل المادي لأن القائمين عليها كانوا مملوئين من الروح القدس والإيمان كمثل اسطفانوس.
تعلم من العذراء القديسة الخدمة النشيطة (تأملها وهى مسرعة على الجبال في الطرق الوعرة). الخدمة لا تستثقل شيء ولا تستعظم شيء. كنا نتأمل في حياة العذراء الطاهرة فقال لي أبونا بيشوي كامل: "أعتقد أن العذراء القديسة في حال إقامتها في الهيكل كانت تميل إلى الخدمة الحقيرة مثل الكنس أو غسل الأواني ... إلخ. ولم تكن تحب أن تكون خدمتها ظاهرة ممدوحة من الناس". لقد أدرك أبونا بيشوي بروحه ميول العذراء الطاهرة أليست هي أم الوديع متواضع القلب؟!. أقامت القديسة العذراء عند أليصابات نحو ثلاثة أشهر، في الوقت الذي كانت أليصابات في الشهور الأخيرة لحملها ولم تكن تقدر على خدمة ما... فكانت العذراء القديسة معينتها وشفيعتها وقد استصغرت أليصابات نفسها واستكثرت أن تجيء إليها العذراء حين قابلتها صارخة: "مــن أيــن لـي هـذا أن تأتي أم ربي إلي" (لو ١ : ٤٣).وما أن حان ميعاد ميلاد يوحنا المعمدان حتى أدركت العذراء أن كثيرين سيأتون ويفرحون بيوحنا وأيادٍ كثيرة ستمتد للخدمة وسيكون زحام كثير. هنا انسحبت الحمامة الحسنة بهدوئها راجعة إلى بيتها لأن هذا هو منهجها أن تعمل في صمت وهدوء وبعيدًا عن الضوضاء وكثرة الناس.
المتنيح القمص لوقا سيدراوس
عن كتاب تأملات فى أناجيل عشيات الأحاد
المزيد
16 ديسمبر 2023
إنجيل عشية الأحد الثاني من شهر كيهك( لو ٧ : ٣٦ - ٥٠ )
" وسألهُ واحِدٌ مِنَ الفَرِّيسيِّينَ أَنْ يَأْكُلَ معَهُ، فَدَخَلَ بيت الفَرِّيسي واتَّكا. " وإذا امرأة في المدينة كانت خاطِئَةً، إِذْ عَلِمَتْ أَنَّهُ مُتَّكِيُّ فِي بَيتِ الفَرِّيسي، جاءَتْ بقارورة طيب، ووَقَفَتْ عِندَ قَدَمَيْهِ مِنْ ورائه باكيةً وابتدأت تبلُ قَدَمَيهِ بالدموع، وكانت تمسحهما بشعرٍ رأسها، وتُقَبِّلُ قَدَمَيهِ وتدهَنُهُما بالطَّيبِ. فَلَمّا رأى الفَرِّيسِيُّ الذي دَعاهُ ذلك، تكلَّمَ في نَفسِهِ قائلاً: لو كان هذا نَبِيًّا، لَعَلِمَ مَنْ هَذِهِ الاِمرأةُ التي تلمسه وما هي! إِنَّها خاطِئَةٌ. فأجابَ يَسوعُ وقال له: يا سمعان، عِندي شَيْءٌ أَقولُهُ لكَ". فقال: قُلْ يَا مُعَلِّمُ كَانَ لِمُداين مديونان. على الواحِدِ خَمسُمِئَةِ دينار وعلى الآخر خمسون. وإذ لم يكُنْ لَهُما ما يوفيان سامَحَهُما جميعًا. فَقُلْ: أَيُّهُما يكونُ أكثرَ حُبًّا لَهُ؟ فأجاب سمعان وقالَ: أَظُنُّ الذي سامَحَهُ بالأكثر. فقال له : " بالصَّوابِ حَكَمت. ثم التفت إلى المرأة وقال لسمعان : أتَنظُرُ هذِهِ المَرأَةَ؟ إِنِّي دَخَلَتْ بَيْتَكَ، وماءً لأجلِ رِجلَيَّ لم تُعطِ. وأما هي فقد غَسَلَتْ رِجلَيْ بالدموع ومَسَحَتهُما بشعر رأسها. قبلةً لم تُقبلني وأما هي فمنذُ دَخَلتُ لم تكُفَّ عن تقبيل رجليَّ. بزيت لم تدهن رأسي، وأما هي فقد دَهَنَتْ بالطَّيبِ رِجلَيَّ. مِنْ أجل ذلكَ أقولُ لكَ: قد غُفِرَتْ خطاياها الكثيرة، لأنَّها أحَبَّتْ كثيرًا. والذي يُغفَرُ لَهُ قَلِيلٌ يُحِبُّ قَليلاً. ثُمَّ قال لها : مَغفورَةٌ لكِ خطاياكِ ". فابتدأ المُتَّكِئونَ معهُ يقولونَ في أَنفُسِهِمْ: مَنْ هذا الذي يَغْفِرُ خطايا أيضًا؟ فقال للمرأةِ: إيمانُكِ قد خَلَّصَكِ، اذهَبي بسَلَامٍ ".
إنجيل المرأة الخاطئة:
الآباء القديسون معلمو البيعة رتبوا الفصول التي تُقرأ في آحاد شهر كيهك هكذا
الأحد الأول: بشارة رئيس الملائكة جبرائيل لزكريا الكاهن.
الأحد الثاني: بشارة رئيس الملائكة جبرائيل للقديسة العذراء مريم.
الأحد الثالث: زيارة العذراء لأليصابات. الأحد الرابع: ميلاد يوحنا المعمدان.
وهذه الأحداث على التوالي بحسب الترتيب الإنجيلي حين يتابعها المؤمنون أسبوعيًا يحيون تمامـا فـي جـو الميلاد البتولي وأفراح التجسد والبشارة بالخلاص وهذا توفره الكنيسة بالألحان والتسابيح والسهر طوال شهر كيهك. فالأحد الثاني تقرأ فيه فصول عيد البشارة المجيد وهو بكر الأعياد المسيحية وبدء الأفراح.
ولكن العجيب في تدبير الكنيسة أن يكون فصل إنجيل عشية عيد البشارة هو إنجيل المرأة الخاطئة التي سكبت الطيب على قدمي المُخلّص وبكت وبللت قدميه بدموعها ومسحتهما بشعر رأسها وكانت تقبل قدميه بدون توقف.فغفر لها خطاياها الكثيرة لأنها أحبت كثيرًا وأعطاها
الخلاص والسلام القلبي. واقع الأمر أن البشارة أصلاً للخلاص للخطاة وهذا الإنجيل يقدم عينة نادرة للذين نالوا الخلاص وفرحوا بالبشارة. المسيح جاء ليُخلّص الخطاة.. وقال: "ما جئت لأدعو أبرارا بل خطاة إلى التوبة الذين حسبوا أنفسهم أبرارا لم ينالوا شيئًا من المسيح مثل سمعان الفريسي الأبرص رغم أن المسيح متكئ في بيته ولكن بسبب البر الذاتي لم يأخذ شيئًا مما نالته المرأة التائبة.ما أجمل البكاء على قدمي يسوع، وليس أشهى من
قبلات قدميه.هكذا ترجمت الكنيسة هذا الإخلاص في التوبة إلى صلاة ضمتها إلى صلوات السواعي في الخدمة الثانية من صلوات نصف الليل حين ننتصب للصلاة ونقرأ هذا الفصل من الإنجيل ونتوسل إلى المسيح بصلاة قلبية ونقول : "أعطني يارب ينابيع دموع كثيرة كما أعطيت منذ القديم للمرأة الخاطئة واجعلني مستحقا أن أبل قدميك اللتين أعتقتاني من طريق الضلالة وأقدم لك طيبًا فائقًا واقتنى لي عمرًا نقيًا بالتوبة".ما أجملها صلاة... لقد صارت هذه المرأة الخاطئة التائبة أيقونة التوبة للكنيسة في أجيالها.البشارة هنا معلنة لأخطى الخطاة، للمرذولين، فهذه المرأة كانت خاطئة في المدينة كلها وقد استكثر سمعان عليها أن تلمس المسيح لأنها خاطئة... هيهات فالمسيح جـاء خصيصا لأجل الخطاة ليلمسوه ويمسكوا قدميه ويقبلوهما. فهل يعتفي الطبيب من المرضى أو يتأفف المسيح من خطايا الخطاة... حاشا فإنه ماحي الآثام. قدمي يسوع شمرتا على الصليب لأجلنا، ألا تستحق أن نقبلها بالدموع والخشوع ونتحسس أثر المسمار فيها فنبغض الخطية جدًا جدًا. * عينا المرأة حين امتلأت بدموع التوبة واغتسلت فيها انكشفت لها الرؤيا فرأت غير المرئي وتحسسته بقبلات فمها فغسلت كل نجاسات شفتيها. خلص يا سيدي فلا يوجد مستحيل عندك أيها الرافع البائس من المزبلة المقيم المسكين من التراب. شعر رأسها وقبلات فمها خدمت بها الخطية زمانًا، والآن كرست كل ما لها بالمحبة الحقيقية فشعر بها فاحص القلوب وقال: إنها أحبت كثيرًا. تحوّل القلب من حب الشهوات إلى شهوة الحب الإلهي الحقيقي. بكت واستعطفت ولكنها لم تقل كلمة واحدة وتركت فاحص القلوب يطلع على ما بداخلها ... لم تعد تحتاج إلى كلام بلغ الحد انتهاء الكلام فقامت الدموع والقبلات ومسح القدمين بالشعر مقام كل الكلام... تعالي إلينا أيتها القديسة وعلّمينا... كيف نجد الطريق إلى قدمي يسوع دون عائق أو مانع. كيف لا نستثقل خطايانا ولا نيأس مهما بلغ بنا خطر الموت. وكيف تتحرك فينا مشاعر التوبة الحقيقية. لقد تصورنا أن التوبة كلام واعتذار وغاب عنا أن التوبة تغيير قلب وتغيير فكر.وهل نستطيع أن نُعبّر عن جميل المسيح ومعروفه معنا بالكلام؟ الذي فدى حياتنا من الفساد، الذي أعتقنا من موت الخطية هل تعبير الكلام يسعفنا ...!!.
قفي في وسط كنيستنا وأنتِ قائمة فيها بالفعل وعلمينا الدموع النقية الغاسلة الأدناس.هل يتحوّل الإنسان من النقيض من فيض الخلاعة إلى فيض النعمة... من قاع النجاسة إلى قمة القداسة... من طريق الهلاك إلى طريق الحياة الأبدية. ما هذا يارب... إنه المستحيل في عيني الناس ولكن ليس عند المسيح. تعاظمت ديوننا أكثر من الخمسمائة دينار وثقلت أوزاننا، كلت نفوسنا حمل الخطايا ووزر المديونية ونير الموت على رقابنا .ولكن يا من تعرف أنه ليس لنا ما نوفيه إذ افتقرنا من كل فضيلة... أنت تعرف عجزنا الكامل عن السداد وأنت قد دفعت الدين ووفيت العدل كله على الصليب ألا تقبل أن تزيح عنا نير مديونيتنا وتسامحنا بالذي لك.هذا هو مجيئك إلينا أيها المسيح يسوع مُخلّص عبيده ومسدد الديون عنا. بل قد وفيّت الدين وأغنيتنا فلم نعد مديونين ولا معوزين بل أغنياء بك وفيك. بقى أن نقول إن كانت المرأة الخاطئة هذه التي قدمت هذه التوبة مدحها المسيح وكرّمتها الأجيال وكرز بها في العالم إلى جيل الأجيال مجرد أن قدمت توبة عن سيرتها الماضية الفاسدة وحازت القبول لدى مُخلّصنا فارتفعت في عين الله والكنيسة وصار فرح بها في السماء وعلى الأرض، وإن كان قد صار لها التوبة هـى الكرامة. فماذا نقول عن كلية الطهارة والقداسة العذراء والدة الإله التي قبلت بشارة الملاك: "أن الروح القدس يحل عليكِ وقوة العلي تظللك". وولدت لنا القدوس ابن الله بعد أن حملته في البطن تسعة شهور ثم أرضعته من ثديها الطاهر فنما نموًا طبيعيًا من لبنها حتى بلغ القامة... ماذا نقول عنها وبماذا تطوبها الأجيال!. حقًا إن نساء كثيرات نلن كرامات ولكن من بلغ إلى هذه لتي صارت السماء الثانية مسكن الله وارتفعت أكثر من الشاروبيم وصارت أما لله الكلمة.شفاعتها تسندنا في جهادنا وتوبتنا إلى النفس الأخير.
المتنيح القمص لوقا سيدراوس
عن كتاب تأملات فى أناجيل عشيات الأحاد
المزيد
09 ديسمبر 2023
إنجيل عشية الأحد الأول من شهر كيهك(مر ١٤: ٣ - ٩ )
وفيما هو في بيت عنيا في بيت سمعان الأبرص وهو مُتَكِيُّ، جاءَتِ امرأة معها قارورة طيــب نــاردين خالص كثير الثمن. فكسَرَتِ القارورة وسكَبَتَهُ عَلَى رَأسِهِ. وكانَ قَوْمُ مُغتاظين في أنفُسِهِمْ، فقالوا: لماذا كان تلف الطيب هذا ؟ لأنَّهُ كانَ يُمكِنُ أَنْ يُباع هذا بأكثرَ مِنْ ثلاثمئة دينار ويُعطَى للفُقَراءِ". وكانوا يؤنبوئها. أما يَسوعُ فقال : اتركوها! لماذا تُزعِجونها؟ قد عَمِلَـت بـي عَمَلاً حَسَنًا! الأنَّ الفُقَراءَ معكُمْ فِي كُلِّ حينٍ، وَمَتَى أَرَدْتُمْ تقدرون أن تعملوا بهم خَيرًا. وأما أنا فلستُ معكم في كُلِّ حينٍ، عَمِلَتْ مَا عِندَها. قد سبَقَتْ ودَهَنَـتْ بالطَّيبِ جَسَدي للتَّكفين. الحق أقولُ لكُم: حيثما يُكرَزْ بهذا الإنجيل في كُلِّ العَالَمِ، يُخبَرْ أَيضًا بما فَعَلَتَهُ هذه، تذكارًا لها ".
المرأة التي سكبت الطيب:-
أناجيل عشيات الآحاد في شهر كيهك وأناجيل باكر اختارها الآباء القديسون معلمو البيعة الذين وضعوا ترتيب القراءات في الكنيسة، اختاروا هذه الفصول كلها تتكلم عن المرأة تكريمًا للقديسة العذراء والدة الإله التي تطوبها الكنيسة في هذا الشهر المبارك، لأنها استحقت أن تحمل ابن الله الكلمة في بطنها تسعة شهور، واتحد ببشريتنا آخذا جسده الإلهي منها. إن كانت نساء كثيرات نلن كرامات لكن واحدة هي حمامتي كاملتي" كما يدعوها سفر النشيد، وحيدة أمها هي فليس من يشبهها في الأرض ولا في السماء. لأن عمل التجسد عمل فريد فائق على العقل والإدراك حتى فوق إدراك الملائكة. لأن من عرف فكر الرب. لذلك ارتفعت العذراء فوق الشاروبيم والسارافيم الذين يسترون وجوههم من بهاء عظمة مجد الله الذي سكن في أحشاء العذراء لما أخلى ذاته أخذا شكل العبد. المرأة التي سكبت الطيب على رأس المُخلّص في بيت سمعان الفريسي الأبرص كسرت القارورة بشجاعة نادرة بعمل حب جسور، لم تبق على شيء ولم تعمل حساب شيء وهى تسكب حبها القلبي مع الطيب. فلما تلامس الطيب الممتزج بمشاعر هذه المرأة الصادقة، لما تلامس مع جسد الوحيد صار للطيب رائحته الحقيقية وقيمته الحقيقية، التي هي ليست ثلاثمائة دينار بحسب تقييم الناس، ولكن الطيب الكائن على رأس المسيح النازل على الجبين إلى أسفل القدمين يمسح بمسحة الروح جسد المسيح الذي هو الكنيسة ويعطر رائحة البيعة إلى أبد الدهور.سكب الطيب على جسد المسيح عمل قلبي يحتاج إلى إخلاص في الحب وشجاعة في التنفيذ لا يعبأ بكلام الناس ولا بتقييم الناس إن ذما أو استحسانًا يكفي الإنسان ساكب الطيب أن يُرضي قلب الحبيب. يوجد كثيرون ينتقدون أعمال سكب الطيب ويقولون لماذا هذا الإتلاف؟ كان يمكن أن يُباع ويُعطى للمساكين ولكن المسيح ينتهرهم لأنه فاحص القلوب وعارف الأسرار جمع الطيب وتخزينه فن أتقنه القديسون في كل زمان جمعوه مثل الرحيق على مدى السنين بالصبر والاحتمال والسهر الكثير حتى امتلأت قاروراتهم إلى الكمال، وهناك وجدوا الحبيب على مشارف الجلجثة فسكبوا طيبهم مع عصارة قلوبهم حبًا وعرفانا بالجميل، فقبل الرب عملهم وطوبه وصار يكرز به حيثما يكرز بالإنجيل. كنيستنا المجيدة امتلأت بساكبي الطيب وبرائحته الذكية على مدى القرون. ففرق الشهداء سكبوا دمهم وعذاباتهم تشهد أنهم كسروا قارورة الحب فسال دمهم برائحة ذكية عطرت السماوات والأرض بحب لا يوصف للذي ذُبح لأجلهم.وفرق النساك ملايين الشباب سكبوا شبابهم وقوتهم ففاح عطر طيب نسكهم وأصوامهم وأعمال العبادة والسهر الكثير ورفض كل ما في العالم وصلب الجسد مع الأهواء. والذين حملوا صليب المسيح في كل جيل ومن كل فئات المؤمنين وحفظوا وصاياه وأحبوه وعبدوه وكرّموا اسمه فوق كل اسم هؤلاء ملأوا الكنيسة من رائحة الطيب. طيب العذراء القديسة مريم هو طهارتها وبتوليتها المقدسة رائحة بخور العطر الذي في مجمرة هارون رئيس الكهنة، ارتفع عطر بخورها إلى عنان السماء أفضل من البخور المرتفع من مجامر الأربعة وعشرين خارج لأن جميع الفضائل المتفرقة في القديسين اجتمعت فيها.فإن كانت المرأة التي سكبت الطيب على رأس المخلص صار يُكرز ويُخبر بما فعلته تذكارًا لها. فما فعلته الأم القديسة العذراء كل حين صار آية تعجب لها السموات كما رآها يوحنا حبيبها وابنها بعد الصلب. رآها في رؤياه امرأة مشتملة بالشمس والقمر تحت رجليها وقال عنها: "آية عظيمة في السماء". فهى آية السمائيين إلى دهر الدهور وإلى أبد الآبدين.فهى لم تقدم قارورة طيب بل قدمت للرب نفسها وروحها وجسدها بكمال لم يبلغه أحد من البشر ولن يبلغه، فطوباها ثم طوباها من جميع الأجيال وهى مطوبة من جميع أبنائها لأنها صارت أم المسيح البكر بين الإخوة الكثيرين.قسيسا .اشتم الرب رائحة رضى فارتاح أن يسكن في أحشائها، هي دائمة البتولية ومصفحة بالذهب الخالص من داخل ومن خارج لأن جميع الفضائل المتفرقة في القديسين اجتمعت فيها.فإن كانت المرأة التي سكبت الطيب على رأس المخلص صار يُكرز ويُخبر بما فعلته تذكارًا لها. فما فعلته الأم القديسة العذراء كل حين صار آية تعجب لها السموات كما رآها يوحنا حبيبها وابنها بعد الصلب. رآها في رؤياه امرأة مشتملة بالشمس والقمر تحت رجليها وقال عنها: "آية عظيمة في السماء". فهى آية السمائيين إلى دهر الدهور وإلى أبد الآبدين.فهى لم تقدم قارورة طيب بل قدمت للرب نفسها وروحها وجسدها بكمال لم يبلغه أحد من البشر ولن يبلغه، فطوباها ثم طوباها من جميع الأجيال وهى مطوبة من جميع أبنائها لأنها صارت أم المسيح البكر بين الإخوة الكثيرين.
المتنيح القمص لوقا سيدراوس
عن كتاب تأملات فى أناجيل عشيات الأحاد
المزيد
02 ديسمبر 2023
إنجيل عشية الأحد الرابع من شهر هاتور( مت ١٧ : ١٤ - ٢١ )
" ولَمَّا جاءوا إِلَى الجَمْعِ تَقَدَّمَ إِلَيهِ رَجُلٌ جَاثِيَا لَهُ وقائلاً: يا سيد، ارحم ابني فَإِنَّهُ يُصْرَعُ ويتألَّهُ شَدِيدًا، ويَقَعُ كثيرًا في النّارِ وكثيرًا في الماء. " وأحضرتُهُ إلَى تلاميذك فلم يقدروا أنْ يَشفوه. " فأجابَ يَسوعُ وقَالَ: أَيُّها الجيلُ غَيرُ المؤمِن المُلتَوي، إلى متى أكون معكم؟ إلَى مَتَى أَحتَمِلُكُمْ؟ قَدَّمُوهُ إِلَيَّ ههنا!. فانتَهَرَهُ يَسوعُ فخرجَ مِنهُ الشَّيطانُ. فشفي الغلامُ مِنْ تِلكَ السَّاعَةِ. ثم تقَدَّمَ التلاميدُ إِلَى يَسوعَ على انفراد وقالوا: لماذا لم لقدر نَحنُ أن تُخرِجَهُ؟ فقالَ لَهُمْ يَسوعُ: لَعَدَم إِيمَانِكُمْ. فالحَقَّ أَقولُ لَكُمْ: لو كانَ لَكُمْ إِيمَانُ مِثلُ حَبَّةٍ خَرْدَلٍ لكُنتُمْ تقولون لهذا الجَبَلِ : انتَقِلْ مِنْ هنا إِلَى هناك فَيَنتَقِلُ، ولا يكونُ شَيءٌ غَيْرَ مُمْكِن لَدَيكُمْ. "وأما هذا الجنس فلا يَخرُجُ إِلا بِالصَّلاةِ والصَّوْمِ ".
لماذا لم نقدر نحن أن نخرجه؟
هذا الإنسان المسكين الذي جربه الشيطان في ابنه تقدم إلى يسوع جاثيًا في المجمع قائلاً: "يا سيد ارحم ابني". فإن سأل من إله المراحم قائلاً ارحم... ألا يستجيب؟!. لقد وضعت كنيستنا المبنية على أساس الإنجيل. وضعت في أفواه أولادها هذه الطلبة ارحمنا... ارحمنا... ونحن لا نبالغ حين نقول إنه ليس في كنائس الشرق أو الغرب من يطلب هكذا ، فنحن نكثر في طلب المراحم من منطلق أننا خطاة، وضعفاء ومحتاجون رحمة ربنا يسوع... ولا يستطيع أحد أن يعد المرات التي نكرر فيها (كيرياليصون... يارب ارحم...) في صلواتنا... ففي كل مرة في صلوات الأجبية نقول كيرياليصون ٤١ مرة متمسكين بجلدات المسيح وإكليل الشوك والحربة كينبوع المراحم ومعظم مردات القداس هى طلب مراحم بخشوع بحضور جسد المسيح ودمه. بل أن صلوات القسمة حين يقسم جسد المسيح في جميع المناسبات يرد الشعب قائلاً: يارب ارحم... يارب ارحم... يارب ارحم.أيضًا في صلوات اللقان تقال كيرياليصون ١٠٠ مرة مع التضرعات والكاهن يحمل الصليب مضاء بثلاث شمعات لأن الصليب هو مصدر المراحم والذي صلب عليه النور الحقيقي. وكذا مئات المرات في يوم الجمعة العظيمة ومرات بلا عدد مع الميطانيات في أسبوع الآلام وكل مناسبات الكنيسة.هذه طلبة غالية عند المسيح، وهو ينبوع الرحمة والرأفة، كثير الحنان، فائض الحب. يا ليتنا نطلبها دائما بوعي روحي وانكسار قلب فننال رحمة من لدنه.قدّم الرجل ابنه للرسل الأطهار فلم يقدروا أن يشفوه، لم يقدروا على الشيطان، فالشيطان عنيد وعنيف ومقاوم فلما لم يقدر الرسل على إخراجه اهتز إيمان الرجل ومن حوله. لذلك لما طلب الرجل إلى المسيح أن يرحم ابنه قال الرب: "أيها الجيل غير المؤمن والملتوي إلى متى أكون معكم حتى متى أحتملكم".كم من الآيات رأوا ؟ شيء مهول لا يقع تحت حصر. ولكنهم راقبوا الآيات للتسلية وليس للإيمان، وقضوا بها القصص كحكايات الأساطير ، وكأشياء فائقة للطبيعة، ترضي خيال الإنسان ولم يأخذوها مأخذ الجد للخلاص والإيمان والثقة في شخص المسيح. فلما لم يستطيع التلاميذ أخراج الشيطان من الولد
المريض، انتهزها اليهود فرصة للشماتة وحرك الشيطان في قلوبهم شكوك كثيرة لا في التلاميذ فقط بل وفي معلمهم المسيح. لذلك قال المسيح موبخًا إياهم كجيل غير مؤمن وملتو، يحيدون عن الحق ويتنكرون له عند أول فرصة يهيئها لهم عدو الخير ويتناسون مئات وآلاف الإحسانات والأعمال والآيات... ولكن هل يُبطل هذا الجحود عمل المسيح؟ حاشا . قال: "قدموه إلي ههنا ... وانتهر الشيطان ورحم الرجل المسكين ورد له ابنه صحيحًا معافى. كثيرًا ما يوجد هذا الجحود أو هذه الشماتة في مخدومين حين يجدوا علة في خادمهم أو حين يفشل في عمل ما لا سيما إن كان من جهة القوة الروحية ولكن ليتقو الذين يخدمون المسيح بالصوم والصلاة لكي لا يجد العدو فرصة للشكوى.هذا هو الطريق كما رسمه المسيح، صوم وصلاة معا هذا الجنس النجس لا يخرج بشيء إلا بالصلاة والصوم. والسؤال الملح الآن ، لماذا تغلبنا الشياطين وتهزأ بنا. لماذا هذا الكم من الخطايا بأنواعها من عدم محبة وكراهية وخصام بل وعنف وقتل، ولماذا هذا الوابل من النجاسات والزنى والفجور والإباحية وكل ما هو نجس؟ ولماذا شياطين الانقسام والتحيز تجول في وسطنا وبلا رادع؟ ولماذا شياطين الانحلال من كل فضيلة وشياطين الفريسية والمظاهر صارت صاحبة سلطان وسيادة بيننا؟ ولماذا شياطين الكبرياء والاعتداد بالذات وهى أخبث الشياطين صارت تطاردنا ولا نستطيع أن نطردها؟. ليتنا نصرخ ساجدين مع هذا الرجل ونقول ارحم ابني ارحم نفسي وبنوتي الوحيدة فالشيطان يعذبني ارحم أخي وأختي فهم أعضاء جسمي وكنيستي ارحم الشبان والشابات الكبار والصغار حل المربوطين وأقم الساقطين.
واسندني لكي أصوم فأتقوى بك لأنك صمت عني وعلمني أن أصلي فصلاتي دائما ترجع إلى حضني. وبنعمتك أتقوى في الإنسان الباطن وأستعيد سلطاني لكي أدوس الحيات والعقارب وكل قوة العدو. وإن اكتشفت ضعفي ووهني أمام أي من هذه الشياطين الخبيثة "اللهم التفت إلى معونتي يارب أسرع وأعني ليخز ويخجل طالبو نفسي".
المتنيح القمص لوقا سيدراوس
عن كتاب تأملات فى أناجيل عشيات الأحاد
المزيد
25 نوفمبر 2023
إنجيل عشية الأحد الثالث من شهر هاتور (مت ۱۱ : ٢٥ - ٣٠ )
" في ذلك الوقت أجابَ يَسوعُ وقَالَ: أَحْمَدُكَ أَيُّهَا الآبُ رَبُّ السماءِ والأرض، لأنَّكَ أخفيت هذِهِ عـــن الحُكَماءِ والفُهَماءِ وأعلَنتَها للأطفال نَعَمْ أَيُّها الآب لأن هكذا صارَتِ المَسَرَّةُ أمامَكَ.كُلُّ شَيْءٍ قد دُفِعَ إِلَيَّ من أبي، وليس أحَدٌ يَعرِفُ الابن إلا الآبُ، ولا أحَدٌ يَعرِفُ الآبَ إِلا الابنُ ومَنْ أرادَ الابْنُ أَنْ يُعَلِنَ لَهُ. تعالَوْا إِلَيَّ يا جميعَ المُتعبين والثقيلي الأحمال، وأنا أُريحُكُمْ. احملوا نيري علَيكُمْ َوتعَلَّموا مني، لأني وديع ومُتَواضِعُ القَلبِ، فتجدوا راحةً لنُفوسِكُمْ لأن نيري هَيِّنٌ وحِملي خفيف "."أحمدك أيها الآب رب السماء والأرض لأنك أخفيت هذه عن الحكماء وأعلنتها للأطفال الصغار". جاء هذا بعد أن تكلم الرب عن جماعة الكتبة والفريسيين الذين رفضوا مشورة الله من جهة أنفسهم وأغمضوا عيونهم وسدوا آذانهم من نحو قبول المسيح وصادروه على كل كلمة يقولها وتكلموا عليه بالردئ. ثم تكلم الرب على المدن التي صنع فيها أكثر قواته ولم تتب أو ترجع إليه وقال : أنه سيكون لسدوم في يوم الدين راحة أكثر مما لتلك المدن. وعلى العكس من ذلك نظر يسوع إلى رسله الأطهار القديسين الذين تبعوه وآمنوا بـه والتصقوا به وتركوا كل شيء إذ وجدوا يسوع وألقوا رجاء هم بالتمام عليه، وقالوا : إلى من نذهب" وكلام الحياة الأبدية هو عندك".
نظر إليهم في إيمانهم البسيط فوجد قلوبهم كأطفال أطهار إذ صاروا أنقياء بسبب الكلام الذي كلمهم به. حينذاك رفع عينيه نحو أبيه القدوس الذي في السموات وقال: "أحمدك أيها الآب رب السماء والأرض لأنك أخفيت هذه عن الحكماء... الحكماء في أعين أنفسهم، أغلقوا على أنفسهم خارج ملكوت المسيح. رئيس هذا العالم طمس عيونهم وسد آذانهم صارت كرازة الصليب جهالة عند الحكماء، ولكنها قوة الله، وجهل الله أحكم من الناس. قال الرب لأورشليم في يوم دخوله إليها كملك وديع راكبًا على أتان وجحش ابن أتان "لو كنت تعلمين مـا هـو لخلاصك... ولكنه قد أخفى عن عينيك". فلاسفة وحكماء كثيرون عثروا في المسيح بينما البسطاء سبقوهم إلى الملكوت . موسى بعد أن تهذب بكل حكمة المصريين لم يعرف الله بالحكمة بل في عليقة صغيرة في وسط البرية مشتعلة بالنار . الحكماء عند أنفسهم أحبوا مجد الناس أكثر من مجد الله، وأحبوا أن يعظمهم الناس وينالوا أجرًا من الناس، ومديح الناس واستحسان الناس، فقال لهم الرب: "كيف تقدرون أن تؤمنوا وأنتم تقبلون مجدًا بعضكم من بعض". لقد كان في وسطهم يأكل ويشرب، فعثروا فيه، وحين علّم سدوا مسامعهم لأنهم هم معلمو الناموس فماذا عساه أن يزيد على معرفتهم؟ وإذ صنع آيات قالوا إنه ببعلزبول رئيس الشياطين يخرج الشياطين وحين فتح عيني الأعمى قالوا:"نحن نعلم أن هذا الإنسان ليس من الله لأنه لا يحفظ السبت".أما البسطاء المعتبرون أنهم أطفال صغار بحسب الروح فقال للآب: "لقد أعلنتها للأطفال الصغار" فأسرار الملكوت وأعماقها وأبوابها مفتوحة على مصراعيها أمام الأطفال. لذلك قال الرب: إن لم ترجعوا وتصيروا مثل الأولاد لن تدخلوا ملكوت الله، ومن لا يقبل ملكوت الله مثل ولد فلن يدخله". فلما سأل الرب الرسل من يقول الناس في ابن البشر من هو ؟ أجاب القديس بطرس بإيمان طفل بالحق ونطـق بالإيمان جهارًا قائلاً: أنت هو المسيح ابن الله الحي" فأجاب الرب وقال : طوباك يا سمعان بن يونا إن دما ولحما لم يعلنا لك هذا ولكن أبي الذي في السموات". هذه هي شهادة الآب عن ابنه يسوع المسيح وهي ذات الشهادة التي يعلن بها الآب لكل من حاز قلب طفل في صدق وبراءة ونقاوة وعدم شك. فليس من يعرف الابن إلا الآب، ولا من يعرف الآب إلا الابن ومن أراد الابن أن يعلن له". معرفة الله إذن ليست عقلانيات، ولا نظريات تدرس ولا علوم جافة وجدل عقيم، هي أولاً وآخِرًا إعلان الله، وإظهار الله لذاته، هي معرفة مفاضة من الله للذين أُعطي لهم أن يكونوا كأطفال صغار بلغ بهم التصديق إلى مداه والثقة في كل ما يسمعونه من الله. أمور الله غير المدركة أعلنها لنا الله بروحه لأن الروح يفحص كل شيء حتى أعماق الله.على أن إعلان الله ذاته لأولاده (الأطفال الصغار) إذصار لهم نعمة البنوة، هذا الأمر عينه هو مسرة الآب"هكذا صارت المسرة أمامك لأن اقتبال الآب لأبنائه بعد زمان الغربة والقطيعة هو فرح الآب "ينبغي لنا أن نفرح ونسرّ لأن ابني هذا كان ميتًا فعاش" الآب يفرح بخاطئ واحد يتوب، يكون فرح في السماء برجوعنا إلى الآب السماوي، وهو يجزل لنا العطاء بسخاء،حتى قيل إن الآب نفسه يحبكم.كل شيء قد دُفع إلي من أبي"كل ما للآب هو لي، أنا والآب واحد". هكذا قال المسيح له المجد، وكل ما أعطاه الآب وهو حامل طبيعتنا صار لنا في المسيح. وقمة عطاء المسيح لنا هو ما نلناه في شخصه من نعمة البنوة حين أخذ ما لنا وأعطانا الذي له، وقمة ما أخذناه هو نعمة البنوة والتمتع بحضن الآب الذي هو كائن فيه كل حين.هنا وبعد هذا الاستعلان الفائق نادى المسيح بصوته الحنون: "تعالَوْا إِلَيَّ يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أُريحُكُمْ". تعالوا إلى حضن الآب، فالأب يحبكم لأنكم آمنتم إني خرجت من عنده. تعالوا بأحمالكم فأنا حمل الله أحملها عنكم تعالوا بحمل خطاياكم لأني مستعد أن أموت حاملاً خطاياكم.كل من يجيء للمسيح يطرح خطاياه وأثقاله على المسيح، ثم يأمره المسيح أن يحمل نيره (صليبه) . المسيح يكسر عنا نير خطايانا، ويخلصنا من حمل العالم ونيره الثقيل المخيف، ثم يحملنا نيره الخاص أي صليب حبه.نير المسيح هين وحمله خفيف. وصايا المسيح ليست ثقيلة كما قال يوحنا الحبيب. هيا بنا نحمل صليب الذي أحبنا. هيا بنا نفرح بهذا النير الهين ونشكره لأنه أخذ عنا ثقل حملنا وأراح التعابي على صدره.
المتنيح القمص لوقا سيدراوس
عن كتاب تأملات فى أناجيل عشيات الأحاد
المزيد
18 نوفمبر 2023
إنجيل عشية الأحد الثاني من شهر هاتور(لو ۱۲ : ۲۷ - ۳۱)
" تأملوا الزَّنابق كيف تنمو: لا تتعب ولا تغزل، ولكن أَقولُ لَكُمْ: إِنَّهُ ولا سُلَيمانُ في كُلِّ مَجدِهِ كَانَ يَلْبَسُ كواحِدَةٍ مِنها. فإنْ كانَ العُشب الذي يوجَدُ اليوم فى الحقلِ ويُطرَحُ غَدًا فِي التَّنْور يُلبسه الله هكذا، فكم بالحَريِّ يُلبسُكُمْ أَنتُمْ يا قَليلي الإيمان؟ " فلا تطلبوا أنتُمْ ما تأكلون وما تشربون ولا تقلقوا ، فإِنَّ هَذِهِ كُلَّها تطلبها أمَمُ العالَم. وأما أنتُمْ فأبوكُمْ يَعْلَمُ أَنَّكُمْ تحتاجونَ إِلَى هذِهِ. بل اطلبوا ملكوت الله، وهذِهِ كُلُّها تُزادُ لَكُمْ ".
تأملوا الزنابق:
مازال الذهن الروحي متعلقًا بالزرع الذي هو كلمة الله داخل قلب الإنسان كيف يبذر وكيف ينمو وكيف يثمر . والقديس بولس الرسول يقول: "بولس غرس وأبلوس سقى ولكن الله هو الذي ينمي". وبالحري يثمر، إذ ليس الغارس شيئًا ولا الساقي بل الله الذي ينمي.وفصل الإنجيل هنا هو قول المسيح: "تأملوا الزنابق كيف تنمو: لا تتعب ولا تغزل، ولكن أقولُ لَكُمْ: إِنَّهُ ولا سُلَيمانُ في كُلِّ مَجدِهِ كَانَ يَلْبَسُ ُكواحِدَةٍ مِنها. فإنْ كانَ العُشب الذي يوجد اليومَ في الحقل ويُطرَحُ غَدًا في التَّنْور يُلبسُهُ الله هكذا، فكم بالحري يُلبسُكُمْ أَنتُمْ" المسيح المبارك يدعونا إلى التأمل في عمله الإلهي العجيب وعنايته الفائقة المعرفة بنبات الأرض والزهور التي من ناحية الأبدية ليس لها وجود ، فعمرها الزمني محدود جدًا فهى اليوم موجودة وغدًا محرقة بالنار، أو أشرقت عليها الشمس فيبست كيقطينة يونان النبي بنت يوم نبتت وبنت يوم هلکت وهى مخلوقة أصلاً من أجل الإنسان.فإذا تأمل الإنسان وأدرك ذهنه الروحي عناية الله الفائقة
بهذه الخليقة الضعيفة يُدرك في الحال مقدار حب الله لنا
الذي لا يستوعبه عقل الإنسان وعنايته الفائقة بنا. وعلى قدر ما يتفوق الإنسان عن النبات من حيث لا وجه للمقارنة على الاطلاق بين ما يفنى وما لا يفنى وبين عشب الحقل وبين الإنسان الذي هو صورة الله. والتأمل والهذيذ بالخليقة هو أعلى أنواع التسبيح الذي اختبره الآباء القديسون بدءًا من الثلاثة فتية القديسين الذين كانوا دائمي التسبيح والتأمل في أعمال الله في الخليقة وشكره لأنه صالح وإلى الأبد رحمته. فلما أُلقـوا فـي أتـون النـار المتقدة بأمر نبوخذ نصر الملك وصار الأتون كالندى البارد بوجود ابن الله معهم، وصاروا يمجدونـه ويسبحونه كمـا تعودوا، وهم يدعون كل الخليقة للتسبيح قائلين: "سبحيه أيتها الشمس والقمر والنجوم والطيور والهوام والزحافات والجبال والتلال والبرد والصقيع والمطر والثلج سبحيه، مجديه وزيديه علوا إلى الآباد". تأملوا زنابق الحقل:
ومن منا لا يأتي أمام عينيه زنابق الحقل مرات بلا عدد كل يوم... حتى من يسكن في الصحراء يجد العشب ينمو وليس من يزرعه فالمنظر محيط بنا من كل ناحية وصوت الرب يسوع يدعونا تأملوا زنابق الحقل. لا تدع هذا المنظر يعبر عليك عبورًا لقد آلفت أعيننا منظر الزرع والزنابق وألوانها ونموها ولكن ليس من يتأملها ويدخل إلى سر التأمل من جهة حياتنا الداخلية وزرع الله فينا كيف ينمو !؟.
وهذا المقدار الفائق من العناية التي تحيط بهذه الخليقة الضعيفة فكم بالحري أنتم يا قليلي الإيمان الأمر إذن يتعلق بإيماننا، فإن نما إيماننا فإن منظر نبات الأرض يقودنا إلى مراحل أعمق واتكال على الله لا ينتهي أما قلة الإيمان فتجعل الإنسان دائم القلق فاقد السلام كثير الهموم فيما يأكل وفيما يلبس أي فيما يختص بأمور الجسد، بينما حتى نمو الجسد واحتياجاته تقدمها يد الله الحنون الذي ينمي ويعول الكل ويربيهم والمسيح المبارك يلفت النظر إلى أن الزنابق في زينتها الإلهية البهية وألوانها الجميلة المبدعة في تناسق مذهل، ويقول إن الله يلبسها ،هكذا ، فتستطيع إن انفتحت لك البصيرة الروحية أن ترى يد الله العجيبة في كل واحدة منها فتنظر وتتأمل وتمجد الله. بل إن سليمان في كل مجده ما كان
يلبس مثل الزنابق !! لأن شتان بين عمل الناس مهما علا شأنه وعمل الله. فإن كان الأمر كذلك فلندخل إلى مقادس القلب ونرى كيف ينمو فينا الزرع الإلهي وبأية زينة مقدسة ممكن أن يُلبسنا الله لا على مستوى الجسد واهتماماته الباطلة بل على هو مستوى الداخل الذي لا يبلى. لقد زين الله قديسيه في كل زمان وألبسهم بحسب الإنسان الباطن ما أبهى من زنابق الحقل، فصاروا بالنعمة أبهى من الكواكب وأجمل من الجمال نفسه. وذلك ببهاء وجه الله حتى قال: "وجملت جدا جدا، فصَلُحت لمملكة ببهائي الذي جعلته عليك"(حزقيال ١٦ : ١٣ - ١٤).
تأمل إذن زينة القديسين بالفضائل المسيحية، إن في طهارة وقداسة وعفة أو صبر واحتمال أو اتضاع وإنكار ذات، أو محبة بلا حدود أو لطف أو إيمان أو فرح ينطق به أو سلام يغلب أهوال العالم أو رجاء لا يخيب، أو صلاة بلا انقطاع أمور لا نهاية لها ولا توصف بكلمات. لقد زين الرب قديسيه بالنعمة وعمل الروح القدس فزينوا ليس الأرض فقط بل وحتى السموات أيضًا. أما من جهة النمو، فإنه علامة الحياة فإن لم تنبت البذرة وتنمو فإنها تكون قد ماتت نبات الأرض ينمو طالما فيه حياة. هكذا يكون الحال فينا، فإن كان نمو فإن الحياة تكون عاملة فينا.
تأملوا الزرع كيف ينمو
فإن كانت كلمة الله مثمرة فينا وإن صادفت قلبًا مخلصًا صبورًا كأرض صالحة، فلابد للإنجيل أن يمتد وينمو ويزيد كل يوم "فإن كان إنجيلنا مكتومًا فهو مكتوم في الهالكين" أي أن كلمة الحياة اختنقت فيهم وماتت. أن يمتد الإنسان في المحبة والاتضاع والصلاة ومعرفة الله، أن ينمو في النعمة ويتعمق في الشركة مع الله، أن يمارس الحياة المسيحية متجددة كل يوم، أن لا تكون الممارسات الروحية كعادات اجتماعية أو روتين ميت، فهذا دليلاً على حياة الروح وعمل الإنجيل وصدق مواعيد يصير الله.بذرة الملكوت تبتدئ تنمو في حياة الإنسان ولكن لا محدودية ولا نهاية للنمو، ستنمو حتى ملء قامة المسيح وهذا غير محدود وغير محوى معًا، ومن يستطيع أن يقيس بقياس قامة المسيح؟. فإن قلت إلى أين يصل نمو المحبة المسيحية؟ فالجواب إلى ما لا نهاية. وإلى أي حد يصير الغفران؟ الجواب بلا حدود. وإلى أي مدى يصل الإنسان في الصلاة؟ إلى ما فوق الحدود وإلى أي مدى يصير العطاء؟ إلى ما فوق الطاقة هكذا يكون النمو في جميع الاتجاهات في الطول والعرض والعمق والعلو. ننمو في كل شيء إلى ذاك الذي هو الرأس المسيح.
المتنيح القمص لوقا سيدراوس
عن كتاب تأملات فى أناجيل عشيات الأحاد
المزيد