المقالات

15 يناير 2022

«فولدت ابنها البكر» (لو2: 7)

نصت شريعة العهد القديم على تقديس الابن البكر، حسب قول الرب: «قَدِّسْ لِي كُلَّ بِكْرٍ كُلَّ فَاتِحِ رَحِمٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ النَّاسِ وَمِنَ الْبَهَائِمِ. إِنَّهُ لِي» (خر13: 2)، وكانت البكورية صفة لمن يحملها مثل «نَادَابُ البِكْرُ» (عد3: 2). فالمولود الأول يُكرَّس لله، قبل أن يُعرَف إذا ما كان له إخوة بعده أم لا. أيضًا أبكار الحصاد والكروم والزيت (خر13؛ لا23: 10-14؛ 27: 26-29؛ عد15: 19-21؛ 18: 13-20؛ 19: 23)، فبتقديم البكر للرب يتقدس الكل. لقد دعا الله في حديثه مع موسى، إسرائيل: «ابْنِي الْبِكْرُ» (خر4: 22)، وأطلق على جماعة المفديين المقدسيين اسم «َكَنِيسَةِ أَبْكَارٍ» (عب12: 23).التعبير اليونانيّ prwtotokoj من الكلمات الخاصة بالترجمة السبعينية للعهد القديم، إذ أنها لم تَرِد في أية نصوص يونانيّة قبلها، وقد وردت فيها حوالي130 مرة بمعنى [الابن البكر، أو الابن المولود أولًا]. وهذه الكلمة هي ترجمة للكلمة العبرية "بوكير" ومعناها "بكر" وذلك عندما تأتي لتصف بكر الإنسان أو الحيوان، وفي الجمع ”بكوريم“ ومعناها ”أبكار“ عندما تصف أبكار المزروعات.المسيح الهنا باكورة الجميع، قد وُلد من العذراء بالروح القدس، لكي يكون متقدمًا بين الجميع «بكر كل خليقة» (كو1: 15)، ليس بمفهوم أنه واحد من الخليقة، أو الأول بين إخوة عديدين، فهو المولود الأزليّ من الآب، المولود قبل أيٍّ من المخلوقات. فالعذراء ظلت عذراء لم يكن لها ابن آخَر إلاَّ ذلك الذي هو من الآب، الذي قال عنه: «أَنَا أَيْضًا أَجْعَلُهُ بِكْرًا أَعْلَى مِنْ مُلُوكِ الأَرْضِ» (مز89: 27). فهو البكر «اَلَّذِي هُوَ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ، وَفِيهِ يَقُومُ الْكُلُّ» (كو1: 17). مكان الصدارة والسمو فوق كل خليقة مادية وغير مادية، وكمصدر ونبع الفداء. فالقديس بولس الرسول يؤكد على ذلك في رسالة العبرانيين، «مَتَى أَدْخَلَ الْبِكْرَ إِلَى الْعَالَمِ يَقُولُ: وَلْتَسْجُدْ لَهُ كُلُّ مَلاَئِكَةِ اللهِ» (عب1: 6)، فإذا كان البكر قد دخل إلى العالم، هذا يعني أنه ليس من العالم، أي منفصل عن العالم، ليس من جهة المكان بقدر ما هو من جهة الطبيعة. فإنه يختلف عن سكان العالم في الطبيعة، ولكن دخل بأن صار إنسانًا، (أقنوم الكلمة اتخذ من أحشاء العذراء طبيعة إنسانيّة كاملة)، وبذلك –كما يقول القديس كيرلس الكبير– يُدعى بكرًا من جهة التدبير peri thj οikonomiaj لأنه من جهة ألوهيته هو الابن الوحيد فهو كلمة الآب؛ لأن ابن الله المساوي للآب، هو واحد ووحيد، ولكنه يصير بكرًا بتنازله إلى مستوى المخلوقات (القديس كيرلس الكبير، تفسير إنجيل لوقا). وهذا ما يؤكده القديس أثناسيوس الرسولي في رسالته (ضد الآريوسيين 2: 62،61).النعم التي نالتها البشرية من البكر: بهذا العمل التدبيريّ، أنه صار بكرًا، نلنا نحن البنوة، فيقول القديس كيرلس أيضًا: [بسبب محبة الآب لخلائقه، قد دعا الابنُ نفسَه بكرًا لكل خليقة (1كو1: 15). فهو بكر من أجلنا نحن، حتى تصير الخليقة كلها كأنها مُطعَّمة فيه، كما في أصل جديد غير مُستهدَف للموت، فتنبت من جديد من الكائن الأزلي نفسه] (الكنز في الثالوث 25). ويضيف القديس يوحنا ذهبي الفم: [هو "البكر" ونحن إخوته. هو الوارث ونحن شركاؤه في الميراث. هو الحياة ونحن الأحياء. هو القيامة ونحن القائمون. هو النور ونحن المستنيرون. كل هذه تفيد الاتحاد ولا تترك فرصة لوجود أقل فجوة بيننا وبينه] (تفسير كورنثوس الأولى، العظة الثامنة). القمص بنيامين المحرقي
المزيد
11 يناير 2022

قتل الاطفال

لما بدأ هيرودس باهلاك اطفال البلد اخذ يقتلهم من عمر سنتين وما دون،صنع الجبان حربا جديدة وصار سخرية لانه دعا الى المعركة بني سنة ليقتلهم،سُحبت قرعة الصبيان في ارض اليهودية، وكانوا يُقتلون بدل الملك الآتي الى العالم، لما قُتلوا صاروا شهودا جددا للابن، وبآلامهم مهدوا درب قتل الابن،الندماء الاعزاء وصلوا الى زفاف الختن، ومن رقابهم قدموا له الدم البكر،ابناء السكين الذين ولدهم بطن الآلام، صاروا فعلة للملك المسيح بعذاباتهم،السيف المسلول الذي قتلهم صار مربيا لهم،وكنف الرمح حملهم ورتل لهم،صرخت الامهات لانهن رأين فضاعة موت اولادهن المقتولين بامر الملك الغاشم،ولولت الجفنات على عناقيدها الباكرة لان الخنزير دخل وعصرها وهي على اغصانها،بكت حقول ابراهيم بشدة لان البَرَد نزل وانثر منها سنابلها،صرخ قطيع اسحق من الألم، لان الذئب دخل ليفتك بحملانه العزيزة،كان يسمع صراخ الآلام عند بنت يعقوب لانها رأت ابناءها يُقتلون من قبل هيرودس،راحيل بكت على بنيها لانهم غير موجودين، وفي الايحاءات انصت ارميا وسمع صوتها،كان النبي قد سمع صوت بكاء عظيم في الرامة: راحيل تبكي ولا تريد ان تتعزى،سمى الجماعة براحيل بنت لابان امّ يوسف الذي تنهد ابوه بسبب عذابه،لم يكن الشيخ يعقوب يريد ان يتعزى لما كان يظن بان يوسف قُتل من قبل اللصوص،ولم تكن الجماعة تعود لتتسلى لما كانت تفكر بان الملك مقتول مع الاطفال،مصر معتادة ان تحافظ على مخلّصي الشعب، /144/ ولما يُظن بانهم مقتولون فانهم احياء فيها،كان يوسف حيا في مصر، وصنع ابوه حدادا عليه ولم يكن يريد ان يتعزى بسبب حبيبه،انتقل ربنا الى هناك ليهرب من هيرودس، وكانت راحيل تبكي لانه مقتول مع الاطفال،قال لها النبي: كفى فان لدموعك اجرا، اعني ان الملك حي لا تحزني عليه،ان رب يوسف في مصر وهو هري الشبع، فيسليك مثل يوسف الذي ابهج اباه هناك،نزوله الى مصر كمّل اسرارا خفية لان الآب دعاه في النبؤة: ابني من مصر، لما كمل الملك دربه بين المصريين، كان يُقتل بدله صبيان اليهودية، ترك هيرودس جميع الملوك الموجودين في المنطقة وشنّ حربا ليتقاتل مع الاطفال، وقف امامه صبيان صهيون ليمنعوه، واستل سيفه على الجميلين وذبحهم،الاثيم اباد فوج الملك ولم يؤذه شخصيا، لقد طُعن جيشه لينجو هو من السكين،اصطف الاطفال وقاتلوا هيرودس وغلبوه لانهم لم يستسلموا لقائد الجيش،اصطف ومات جميعهم في المعركة،ولم يكشفوا عن موضع الملك لئلا يلحق به ضرر،يا هيرودس بماذا اذنب اطفال الشعب ضدك، معركتك هي جريمة لانك تحارب مع الاطفال،؟ تفتخر بالانتصار على رضّع الحليب، وجيشك انكسر في الحرب لان الملك لم يمت،انتصر الاطفال وغلبوك لتصير سخرية، لان قائد الجيش لم يقطعه السكين،مات الشباب ولم يمت الختن لان وقته لم يحن، طُعن المتكئون وصاحب العرس لم يُهن،ذهب الختن ليدعو مصر لتأتي عنده، وتسلط السيف على جميع شبابه قبل عودته،جاء ليصنع عرس الدم في ارض اليهودية، فدُعي اطفال البلد الى الذبح،دخل دم الاحباء الى العرس بدل المهر، ليتلألأ العرس بالدم منذ البداية،كان القتل مرسوما سريا على الوليمة، وكل من جاء ليكون صديق (الختن) سكب دمه،خرج السرّ وقطف العنبات الباكرة، وعصر منها خمرا جديدا للختن الملك،كان ابن البتول قد دعا له اصدقاء بتولين، ليصوروا قتله وذبيحته بالدم البتولي،الانقياء قُتلوا لاجل النقي دون ان يذنبوا /146/ ليمهدوا الدرب للدم الطاهر الذي سيُسكب، كان الملك قد امر ان يخرج السيف ويقتل ابناء سنة وسنتين الموجودين في تخومه، استل السيف لقتل الاطفال، وكانوا يُقتلون بدون اذْن حيثما وُجدوا،صدر امر هيرودس، ومعه السيف ليفتك بصبيان البلد ويقتلهم، كثرت التساءلات على الذكور من قبل القتلة، وكانوا يُقتلون بلا رحمة على (صدور) امهاتهم، سيافو هيرودس خرجوا الى البلد، وبللوا الارض بالدم الزكي الذي سفكوه،رفعوا السيوف على اكناف الامهات، وافرغوها من ثمراتها التي كانت تحملها،سكبوا الدم وملأوا حضن الوالدات، ومُتن خوفا لانهن شاهدن موت اعزائهن،كان الطفل يمسك الثدي فاصطاده السيف، وبالدم والحليب بللوا امه التي تحمله،يوجد مَن قُطع رأسه وهو نائم في كنف امه، ومن النوم انتقل الى الموت بصمت عظيم، يوجد مَن اخذوه من ركبتي امه التي كانت تحمله، وسكبوا دمه وزالت انغامه الحبيبة،الشهود الصامتون لم يتكلموا لما كانوا يُذبحون، /147/ ليصوروا سكوت مخلص الكل، البسطاء الذين دخل السيف وقتلهم، لم يكونوا يعرفون ان يسالوا لماذا السيف،؟ المظلومون الذين شاهدوا النور قليلا، ولم يشبعوا منه لان سيف الملك الوثني المخيف ذبحهم،المحكومون عليهم لم يكونوا يتكلمون لما قُتلوا، لكنهم تقدموا بالسكوت الى السكين،كانوا معترفين، وابانوا الافعال بدل الكلمات، واعلنوا خبر الايمان بدون جدال،الكهنة الاطهار الذين لم يعرفوا الشر نهائيا القوا دمهم قدام الله بدل المباخر،الحملان الوديعة الذين قُدموا للسكين وقُتلوا لاجل الراعي وهم ساكتون،الاطفال الذين سحب الاثمة السيف عليهم، وذُبحوا بدل الملك الذي جاء الى خاصته،الفعلة الذين خرجوا ليمهدوا سبيل الصلب، وبألمهم بللوها بالدم اللائق به،الذبائح الكاملة الغريبة عن كل الارجاس، وقد قُطعت بطهر بدل رئيس الاحبار،المحسودون الذين لم يذنبوا ضد احد في ارض اليهودية، واستل الاثمة السيف عليهم،الاطفال الذين شرعوا يحبَون على طريق العالم، ادركهم السيف وقطع اعضاءهم،الاطفال الذين ماتوا دون ان يعرفوا لماذا، ذاك الذي كانوا يُقتلون لاجله عرف (لماذا قُتلوا)،ابناء يمين الملك الوليد الذين قاموا معه، واحتملوا الآلام من اجله من قبل هيرودس،خرجت النار والسيف المسلول واباداهم بدل ذلك الآتي ليلقي النار في العالم كله،كان لائقا بهم ألمهم لاجله لانهم استحقوا ان يكونوا في جوار ولادته، مهّد له طريق الآلام ليمشي عليه، وكل من جاء الى الولادة صادفه السيف معه،تسلط السيف على ابناء سنة من (تاريخ) ولادته، لئلا تتوقف مسيرة درب الدم،خرج الاطفال الاحباء ليمهدوها بعذاباتهم الى ان ياتي ملك الآلام ليمشي عليها،صار صبيان البلد رهائن مقتولين لاجل الابن، وارسلهم ليهيئوا مكان الصلب. المسيح يبشر الاطفال بنزوله الى الشيول ليبعثهم لما قُتلوا ارسلهم الى موضع الموت، ليُسمعوه بان الملك سياتي عند الموتى،قيلت مثل هذه الامور من قبل المخلص للصبيان الذين بدأوا المسيرة في درب الصلب قبله اذهبوا وقولوا للملك الغاشم، هانذا آت، تكفى دعوتك السريعة لي الى موضع رئاستك،سآتي في طريق الآلام الذي صممتُه، وساحلّكَ من سلطة رئاستك، لي وقت قصير للعمل من بعد ارسالي، وبعدئذ سآتي بجبروت عندك،بتمردك اهنتَ الانسانية كثيرا، فهانذا اغلبك بالانسانية التي قهرتها،أفرِغ المكان ليدخل الاحياء الى زنزاناتك، سآتي وسيخرج الصفوف الذين حبستهم،اذهبوا ايها الاولاد وامكثوا هناك في موضع الشيول، الى ان آتي وسافرغها من الموتى، بعد قليل سادرككم في الظلمة، وساشرق عليكم نورا عظيما لتفرحوا به،اذهبوا وامكثوا في المحصنة المليئة بالموتى، فلن اتاخر وساقلعها لئلا تقوم بعدُ،ناموا عن العالم، واستريحوا من سرير كل الاجيال، ولما انقضها ساوقظكم مع الكثيرين،اسبقوني قليلا في سبيل الآلام الى ان آتي، وساختمها بالصلب حتى ابعثكم،ادخلوا وانتظروني في الهوة العظمى مدينة الطغمات، ولما اتالم اصرخ فيها وستسقط كلها،اذهبوا الى السبي مع الكثيرين الذين قادهم الموت، /150/ وهانذا آت لاحطم قوسه واعيدكم. الاطفال سخروا من الموت سخر الاطفال من السيف لما قُتلوا، لان طريق الملك كان يمُهد بآلامهم،ضحكوا على الموت لانهم لم يعرفوا ما هو طعمه، ولم يحزنوا لما جُذبوا نحو السكين،قام الاولاد ولعبوا بالافعى، والصبيان (لعبوا) بالموت ولم يشعروا بانه مرّ،من صبيان بيت لحم ظفر السيف اكليلا للملك المسجود له الذي اتى ليموت ويبعث الكل، اخذوا دمهم كباكورة، وادخلوه قدامه، ليُكرم الدم الزكيء بالدم الطاهر. طلبات لاجل البيعة ربي، ليكن لك قتلُ الاطفال مبخرة طاهرة، وبه صالح العالم المحتاج الى المغفرة،ليستتب السلام على اولاد البيعة التي تتمسك بك، وازجر عنها الشكوك والانقسامات والخصام،بصليبك اختم ابوابها العالية من الخصامات، ولا يدخلها الجدال المقلق من قبل الباحثين،ليقم امانك على زواياها المخصبة، وليمزج حبك خمره فيها لتتنعم به،ليكن سلامك حافظا لابوابها باحتراس، وكل من ياتي ويطأ عتبتها يجد الامان،فيها تتضع عزة السلاطين،ولتتسلط هي وحدها على الارض بالسيادة،لتطأ الملوك بعقب صلبك العالي، ولتربط السادة بنير الامان،لتصطفّ فيها الاجواق للتسبيح لا للجدال، وليصعد منها صوت التهليل لا النقاش،لينحنِ فيها العظماء الذين قبضوا على زمام البلدان، وبحللهم تكنس التراب من عتبتها،ليكن صليبك علامة كبرى على ابنيتها، وليجمع اليها كل الجهات بكراماتها، لتحنِ بأس جميع الملوك بلطفها، ولتنفذ مشاريعها باعزاء العالم،ليستولِ صغارها على البلدان بسِيَرهم، ولتخضع لسلطتها كل السلطات،ليكن سادة العالم عبيدا يطيعونها، وليقبّل جميع السادة تراب رِجليها،ليرتفع قرنها على الحكام وسلطاتهم، وليكن الرؤساء وولاياتهم موطئا لرِجليها،لتقبض على الجهات، وليخضع لها ملوك العالم، ولتقبّل تيجان جميع السلاطين عقبيها، لتلقِ نيرها على اكتاف الهمجيين، ولتضع المحراث-الصليب على اعناقهم بمحبة،لتمد صفوفها على الجهات وتخضعها، /152/ ولتتسلط على كل الولايات وتامرها باسمك،لتُحنِ بأس جميع الاعزاء تحت عتبتها، وليدخلوا امامها بنذورهم بتمييز،لتكن سيدة للملوك وللقضاة في العالم، ولتأمرهم مثل العبيد لمشاريعها،ليكن رؤساء الارض موطئا لمجدها، ولتقمهم لخدمتها بمحبة،ليكثر امنها، وليرعد جمعها، وليبتهج اولادها، وليرتفع قرنها، وليتعزز مجدها، وليعظم اكليلها،ليمتليء حضنها، وليقع اعداؤها، ولتطأ مبغضيها، ولينفتح فمها، وليرتفع صوتها، ولتُبهِج المستيقظين،لتغفر للبشر، ولتضمد المرضى، ولتشفي المجروحين، ولتمتليء بالبتولين، ولتبتهج بالكاملين، ولتفرح بالكهنة. الخاتمة بصليبك اختمها هي واولادها، لانها مفتخرة بك، ولتصلني انا ايضا نفخة المراحم، وبها يُغفر لي. كمل (الميمر) على الكوكب الذي ظهر للمجوس وعلى قتل الاطفال القديس ماريعقوب السروجى
المزيد
07 يناير 2022

ميامر الأعياد السيدية

(نبتدئ بعون الله تعالى وحُسن توفيقه، بشرح ميمر قاله الأب المكرم القس بولس البوشي، على الميلاد المجيد، بركاته علينا آمين). المجدُ لك أيها المولود من الآب قبل كل الدهور، الذي وُلد اليوم جسدانياً من البتول للخلاص. المجدُ لك يا شمسَ البرِّ، الذي أشرق علينا اليوم بشعاع لاهوته، وأضاء المسكونة. المجدُ لك أيها المسيح الملك، مالك السموات والأرض، الذي أخذ صورة العبد، لكي يُعطي عبيده الحرية التي تليق به. المجدُ لك أيها الخالق السماوي الذي افتقد خليقته الترابيين، وتعاهدهم بالصلاح، لكي يصيروا واحداً مع السمائيين. المجد للذي أضاء شعاعُ لاهوته بالمولد البتولي في أقاصي الأرض، حتى أتوْا إليه المجوس ساجدين. المجد للذي فحصوا لأجل مولده في الناموس والأنبياء، وأقرُّوا له عابدين. المجد للذي سبَّح لمولده السمائيون، وسجد له الأرضيون. أنا أسأل صلاحك، يا مَن رفع عنا العار والخزي بمولده من البتول. أطلب إلى محبتك، يا مَن تواضع وصار معنا على الأرض وهو في السماء لم يَزَل. أصرخ إليك، يا من صار إنساناً، لم يترك عنه شرف لاهوته الكائن له قبل الدهور. أشرِقْ شعاع لاهوتك في مخادع نفسي، يا شمس البر، لأتكلَّم بمولدك العجيب. أرشدني يا نور الحق الذي أرشد المجوس لمعرفته، لأُخبر بتواضعك وإتيانك إلينا. هب لي فصاحة القول، يا مَن وَهَبَ الخلاص للعالم مجاناً، وبتواضعه صار معهم على الأرض كالإنسان، وهو بلاهوته حالٌّ في كل مكان، لكي ما أفتح فمي وأنذر بمجيئك الذي صار بكل العلانية. لك المجد أيها المسيح الذي وُلد اليوم من البتول بالجسد. أسبِّح لك مع الملائكة، وإليك أُسرع مع الرعاة، ولك أسجد مع المجوس، ومن أجلك أفحص (الكتب) مع كتبة الناموس، ولإتيانك الكريم أترنَّم مع الأنبياء، وأُحضِر شواهدهم (من النبوَّات)، وأُبشِّر بك مع الإنجيليين، وأُقدِّم في الوسط مقالاتهم، وباسمك القدوس أفتح فمي، وبذكرك المجيد تتهلل شفتاي، وأصرخ بصوت أفضل من (صوت) القرن، وأفرح وأسرُّ في هذا العيد المجيد اليوم، وأذكر ما نطق به النبيُّون، وكرز به المُرسَلون. هَلُمَّ في وسطنا اليوم يا يعقوب إسرائيل، أبو الأسباط ورأس القبائل، وأخبرنا بمجيء سيدنا المسيح الحق إلينا. قال: «لا يزال رئيسٌ في يهوذا، وأقدام بني البشر، حتى يأتي الذي له المُلك وعليه تتوكَّل الشعوب، وإيَّاه ترجو الأمم» (تك 49: 10). بحقٍّ، إن هذه النبوَّة واضحةٌ جداً لا يحتاج معها إلى نبوَّة أخرى، وذلك أن المُلك قد كان في بني إسرائيل من قبيلة يهوذا، إلى سبي بابل، وأيضاً أقاموا عليهم رؤساء من قبيلة يهوذا أيضاً إلى مجيء المسيح. فلما كان مولد المسيح الرب، ملكت عليهم الأممُ وكتبوا أسماءهم في الجزية. كما شهد بذلك الإنجيلي المغبوط لوقا قائلاً: «وفي تلك الأيام»، أعني مولد الرب بالجسد، قال: «خرج أمرٌ من أوغسطس قيصر بأن يُكتتب جميع المسكونة». وبيَّن لنا أن في الزمان الذي قد مضى لم يكن كذلك، فقال: «وهذا الاكتتاب الأول في ولاية قيريانوس على الشام» (لو 2: 1-2)، أعني أن هذا أول اكتتاب كان على اليهود ليؤخذ منهم الجزية، فكان الأمر من قيصر ملك الروم برومية، ليُعلمنا أن الروم قد ملكوا عليهم، والمتولِّي من قِِبله قيريانوس منتدبٌ على الشام لكتابة الأسماء وأخذ الجزية. لأن هيرودس الكبير أبا أرشلاوس، قد كان في ذلك الزمان (متولِّياً) على الخِراج (الجزية). فقد صحَّ أن عند مولد المسيح نُزع منهم المُلك والرئاسة معاً، وأقاموا (في عهد) ذمَّة تحت يد ملوك الأمم. لأن الله عَلِمَ بغلظ قلوبهم، وكذلك أبطل مجيء الأنبياء أيضاً، «لأن الناموس والأنبياء إلى يوحنا»، كما قال الرب، «ومنه يُبشَّر بملكوت الله» (لو 16: 16)، الذي هو مجيء الرب الكريم إلينا. حتى أن اليهود إلى اليوم لا يقدرون (أن) يزيدوا على هؤلاء الأنبياء المعروفين، الذين كانوا قبل تجسُّد المسيح، وهم أربعة وعشرون نبيّاً. فقد صح بهذه العلامة أن المسيح قد جاء لأنه نزع منهم المُلك والرئاسة، وأبطل مجيء الأنبياء، ونزع من أيديهم البيت المقدس أيضاً، الذي كانوا يخدمون فيه بالسُّنة (أي الناموس) العتيقة، وهي ضحايا الحيوان ودم الجداء، وتطهير الزوفا، وأكمل ذلك بجسده ودمه وتطهير المعمودية. فمَن أطاع منهم الإيمان، قَبِلَه؛ والذين لم يطيعوا، بدَّدهم في آفاق الأرض تحت يد ملوك الأمم يسودونهم بغير تعاهُد. اليوم، يا أحبائي، كَمُلت نبوَّات الأنبياء في مولد الرب من البتول مرتمريم. إشعياء (النبي) يُعلن ذلك قائلا: «هوذا العذراء تحبل وتلد ابناً، ويُدعى اسمه: عمانوئيل» (إش 7: 14)، «الذي تفسيره: الله معنا» (مت 1: 23). حزقيال النبي يُعلِّمنا بسرٍّ عجيب قائلاً: «إني رأيتُ في المشارق باباً مُغلقاً مختوماً بخاتم عجيب، لم يدخله أحدٌ غير رب القوات، فإنه دخل وخرج ولم يُفتح الباب ولا تغير الخاتم» (حز 44: 1-2). وهذا سرُّ نبوَّةٍ على الميلاد البتولي من الطاهرة مريم من غير زرع بشر. يُخبرنا بأن المولود منها هو ربُّ القوات، ولهذا حفظ بتوليتها في تجسُّده، وفي ولادته منها، وبعد ولادته أيضاً، لأن له الاستطاعة في كل شيء. إشعياء (النبي) يقول: «وُلد لنا ابنٌ، وأُعطِيَ لنا غلامٌ، الذي سلطانه على منكبيه، وهو الإله القوي السلطان، ملاك المشورة العُظمى يُدعى» (إش 9: 6). حقَّق لنا النبي ميلاده بالجسد، ثم بيَّن لنا أنه الإله القوي السلطان في القِِدَم والأزلية. إرميا (النبي) يُخبرنا بأن الإله سوف يكون مع الناس على الأرض بالتجسُّد العجيب، قائلاً: «إن الله سوف ينزل على الأرض، ويمشي بين الناس» (إر 14: 8؛ 23: 5). حزقيال (النبي) يُعلِّمنا بمِثل ذلك قائلاً: «سيعلمون أني أنا الرب إلههم، إذا ظهرتُ بين الناس، وكلَّمتُهم بإعلان» (34: 23-30). وعلى مثل هذا أيضاً تنبَّأ داود قائلاً: «إله الآلهة يظهر في صهيون» (مز 50: 1-3)، أعني أن أولئك إنما سُمُّوا (أُطلق عليهم) آلهة، لأن كلمة الله صارت إليهم، فأما هذا الذي يظهر بصهيون فهو إلهُ الآلهة بحقٍّ، وربُّ الأرباب وكل الكافة، بشرف اللاهوت وليس بالاسم المستعار. ومثل هذا قال إشعياء النبي: «تظهر كلمة الله في أورشليم، ومن صهيون تخرج السُّنة (الشريعة)» (إش 2: 3). وداود يُعلِّمنا أن المولود من الآب قبل كل الدهور هو المولود من البتول بالجسد، قائلاً: «الرب قال لي أنت ابني، وأنا اليوم ولدتك» (مز 2: 7)، أعني الميلاد بالجسد. وقال: «من البطن قبل كوكب الصبح ولدتك» (مز 110: 3 سبعينية). وقال: «يأتي الله جهراً وإلهنا لا يصمت» (مز 50: 3). وقال: «الرب أرسل لك عكَّاز قوة من صهيون، وتملك في وسط أعدائك» (مز 110: 2). وقال: «صهيون الأُم تقول: إنسانٌ حلَّ فيها، وهو العليُّ الذي أسَّسها» (مز 87: 5). وقال عوزيا (هوشع Wch) النبي: «يأتي الربُّ حقاً، ويظهر على الأرض» (هو 6: 3). وقال ناحوم النبي: «هوذا آتي وأسكن فيكِ، قال الرب الضابط الكل». وقال صفونيا النبي: «تعزِّي يا صهيون ولا تسترخي يداك، فإن الرب إلهنا قوي، يأتي ويحلُّ فيكِ ويُنجِّيكِ» (صف 3: 16). قال زكريا: «يا ابنة صهيون، هوذا أنا أجيء وأسكن فيكِ، قال الرب» (زك 2: 10). قال ملاخيا النبي: «هوذا الرب يأتي ويُشرق لأتقيائه، وشمس البر اسمه» (ملا 4: 2). بحقٍّ، يا أحبائي، إن شمس البر قد أشرق لنا اليوم بالميلاد من البتول. المولود من الآب قبل كل الدهور، ميلاداً أزلياً بلا ابتداء لا يُدرَك ولا يحدُّ له زمان، وُلد اليوم للخلاص. الذي لا يُحوَى ولا تُدركه العقول، استُعلِن اليوم متجسِّداً. المرهوب من القوات العقلية، ويعلو كل رئاسة وسلطان، ويفوق شرفُ لاهوته كلَّ البرايا، شاء أن يتنازل ويُخالط طبيعتنا المسكينة. الذي هو جالسٌ على كرسي مجده فوق أعلى السموات، ظهر بين البشر ولم يترك عنه علو شرفه، بل هو يملأ الكل ببساطة (جوهر) لاهوته غير المُحتوى عليه. عظيمةٌ هي جداً كرامة هذا العيد المجيد اليوم، أيها الأحباء، ويجب علينا كلنا إكرامه وتشريفه، و(أن) نبتهجَ فيه ونُسرَّ؛ لأنه إن كان (يوم) مولد رؤساء هذا العالم وملوك الأرض (الذين) يموتون وتزول رئاستهم، تجدهم يكرمونه ويذكرونه بينهم مع خواصهم في كل عام - كما كُتب أنْ وافى مولد لهيرودس الملك، فصنع وليمةً لعظمائه ومقدِّمي الجليل ورؤساء مُلكه (مر 6: 21) - فكم أحرى يحقُّ علينا من الفرح والمسرة، أن نُعيِّد بكل اهتمام حسن، في يوم تذكار مولد ملك الملوك ورب الأرباب وسيد السادات، الذي يسود بجبروته كل البرية، ولا سيما أن تجسُّده ومولده لم يكن من أجله، بل من أجلنا نحن، ومن أجل خلاصنا، نزل من السماء وتجسَّد من مريم العذراء، ووُلد جسدانياً، لكي يولدنا نحن روحانيين. تواضع لكي يرفعنا. اتحد بطبيعتنا الحقيرة لكي يُعطينا نحن موهبة الروح القدس. سمَّى ذاته ابن البشر، لكي يُسمِّينا نحن بنين لله الآب. وليس هذا المجلس الجليل اليوم خُلواً من خواصه ورؤساء مملكته الأبدية، بل هم حاضرون معنا متكلِّمون، وبيننا ناطقون، لكي يفرحوا بأقوالهم التي من تلقاء الروح. ومَن هم أولئك؟ هم أنبياؤه الأطهار، ورسله الأفاضل، خواصه الأبرار المطَّلعون على سرِّه (مز 25: 14)، الذين منحهم موهبة روح قدسه. أما الأنبياء فقد تقدمتْ دعوتُهم، أولئك الذين أنبأوا بالروح على مجيئه الكريم (أع 3: 22-24). وهوذا بنداء، بدعوة الرسل المَوَالي السادات رؤساء أئمة كل المسكونة، أنهار ماء الحياة، كما تنبأ حزقيال النبي قائلاً: «الجميلون في إنذارهم»، كما تنبأ ناحوم النبي قائلاً: «ما أجمل أقدام المبشِّرين بالخيرات» (نا 1: 15)، «الذين خرجت أصواتهم في كل الأرض، وبلغ كلامهم أقطار المسكونة» (مز 19: 4؛ رو 10: 18). هلمُّوا الآن أيها الإنجيليون المبشِّرون بالحياة، لكي ما نأخذ منكم سياقة (مضمون) القول، لأنكم مُعاينون الإله الكلمة وخَدَمه وخواصه، وبكم نزيِّن القول. متى الرسول الإنجيلي يشرح لنا قائلاً: «لما وُلد يسوع في بيت لحم يهوذا» (مت 2: 1)، أراد بذكره بيت لحم ليُبيِّن أن كُتب الأنبياء ذكرت أنه (في) بيت لحم يولد. لأنه خاصة دون الإنجيليين كتب إنجيله عبرانياً. وكذلك ذكر النسبة (سلسلة الأنساب) وبدأ بها من إبراهيم، لأن إليه خاصة تنتهي النسبة في تناسل العبرانيين لا غير. فأما لوقا، لمَّا كتب إنجيله يونانياً، لم يَرَ أن يُحزن الأمم الذين آمنوا بالمسيح، بأن المسيح ليس منهم تجسَّد، ولذلك أخذ (في ذِكْر الأنساب) من أسفل (أي ابتداءً من اسم يسوع) وهو طالع. فلما بلغ إلى إبراهيم، لم يقتصر على ذلك، بل أوصل النسبة إلى نوح، لأنه صار أباً لكل القبائل والألسن. ثم زاد ذلك فلسفة بتأييد الروح، فانتهى إلى آدم، لكي يشرح لهم نسبة التوراة بتلخيص، ويُفرِّحنا نحن كافة المؤمنين بأن المسيح تجسَّد من نسل آدم أبينا كلنا، ودعا (يسوع المسيح) آدمَ ثانياً ليكون أباً ورئيساً لكل الأحياء، كما يُلائم لاهوته، والمُقدِّم كل الخيرات، والسابق في البعث من بين الأموات. ومتَّى لما كتب إنجيله عبرانياً ببيت المقدس (أي بأورشليم)، شرح الأمور لليهود الذين آمنوا على ما في الناموس. ثم ذكر في النسبة (أي في سلسلة الأنساب) امرأتين من الأمم، وهما ثامار وراحاب، ليُبيِّن لهم أنهم اشتركوا مع الأمم في التناسل، وأن جنسهم منهم، فلا يأنفوا أن يشاركوهم في الإيمان ويُخالطوهم، ولا سيما أن المعمودية قد طهَّرت الجميع. ثم بدأ يتكلَّم على شيء بشيء، ويأخذ عليه الشهادة من الأنبياء، فقال: «لما وُلد يسوع المسيح في بيت لحم يهوذا، في أيام هيرودس الملك»، أراد بذكر هيرودس لِمَا جرى له مع المجوس، وبحثه عن المولود، وقتله الأطفال. قال: «إذا مجوسٌ وافوا من المشرق إلى أورشليم، قائلين: أين هو المولود ملك اليهود؟ لأننا رأينا نجمه في المشرق، ووافينا لنسجد له». يا لهذا السر العجيب والسياسة الإلهية، وكيف دبَّر الله الأشياء بلطف، واجتذب إليه هؤلاء المجوس من الجانب الذي هم متمسكين به، فلهذا اجتذب إليه هؤلاء المجوس من صنعتهم التي فيها تربوا وهم بها مغتبطون. وذلك أنهم كانوا من بلاد فارس من جنس بلعام العرَّاف (عد 22: 5)، وكان عندهم كُتب تعليم منه، وكانوا يرون مع هذا علم تسيير الكواكب. إلا أنهم قرأوا وفهموا لأجل المسيح الملك الحقيقي. ولم تكن قلوبهم مائلة لغواية عبادة الأوثان. ولما علم الله صحة يقينهم، وأنهم يُذعنون للحق إذا ظهر لهم، أظهر لهم قوةً سمائية شبه نجم. ولم يكن يتقدَّم مثله شيء في كافة الكواكب، يدلُّ (على) أن الذي يُولد في ذلك الحين يسود كل الممالك جميعاً والرئاسات، ولا يكون لمُلْكه انقضاء. والدليل أن (النجم كان) قوةً من الله، ولم يكن من هؤلاء الكواكب الظاهرة، أن أفعاله مختلفة عن سائر النجوم. أول ذلك أنه كان يظهر لهم نهاراً ويختفي ليلاً، يدلُّ (على) أن المولود هو نهارٌ وشمس البر. ثم كان يسير من الشمال إلى اليمين منحرفاً قليلاً إلى الغرب، وهو من أرض فارس إلى بيت المقدس، يدلُّ (على) أن كماله يكون بأورشليم (لو 13: 32). وكان يسير بسيرهم ويقف لوقوفهم، يدلُّ على أن الربَّ يُلاطف البشرية ويُكمل الأشياء الجسدية. وكان سيره عجيباً أسفل بالقرب منهم، يدل على اتضاع الرب المولود بالجسد، وكونه قد صار معنا على الأرض وهو يعلو الكل بلاهوته. وكان قُرْبه منهم لكي يتقدَّمهم، كمثل مرشد لهم، إلى الموضع الذي يريدون نحوه مستقيمين بلا اعوجاج، ليدل أن المولود هو الذي يتقدَّم لنا في كل الخيرات، ومرشد لنا إلى أورشليم العليا، ملكوت السموات، كما قال: «أنا هو الطريق والحق والحياة» (يو 14: 6). ومع هذا بأسره لم يقدر ضوء الشمس أن يخفيه، ليدل (على) أن المولود يعلو ويفوق كل بهاء وحُسْن، ويفضُل على كل اسم مما يُرَى ومما لا يُرَى. وكما تنبأ عنه داود قائلاً: أنه «بهي في الحُسْن أكثر من بني البشر» (مز 45: 2). أعني وإن كان ظهر بالجسد ووُجد بالشكل كالإنسان، فهو يفوق الكل ببهاء لاهوته. ألأنبا بولس البوشي أسقف مصر
المزيد
06 يناير 2022

(ترجام) على الميلاد

يعقوب يتكلم يلزمني اليوم ان اقول باصوات مليئة تمييزا مع الحشود العلوية: المجد لله في الاعالي وعلى الارض السلام والرجاء الصالح لبني البشر.اليوم سمعت ترتيلة التراتيل هذه باصوات ثلاثية من قبل الطغمات الروحية التي هي موزعة بمعرفة الهية وتعطي للسماء المجد، وللارض السلام، ولبني البشر الرجاء.على باب المغارة كانت تُنشد ترتيلة واحدة في ثلاثة اقسام من قبل السماويين بصوت عال. ولماذا وزع الملائكة الترتيلة الى ثلاثة اشكال ولم يقولوا شيئا واحدا في الاعالي، وعلى الارض، وللناس، لكنهم اعطوا لموضع واحد المجد، وللآخر السلام، وللآخر الرجاء.؟ المجد لله في العلى المجد والسلام والرجاء في الاعالي وعلى الارض ولبني البشر. زمر قابلو الحكمة الازلية التهليل بعدالة وركبوا تمجيدهم كما يليق بطبيعتهم وكما حسن لارادتهم الصالحة قاسوا والّفوا الترتيل بمعرفة غير زائلة.المجد لله في الاعالي، الموضع السباق في الشعور الذي يسبق (لنيل) المجد. الملائكة الذين صاروا اولين بالسر يكونون الاولين في المجد، ويسبح هلاء غير الغاضبين نظرا لوجود السلام في الاعالي. على الارض السلام على الارض حيث لا يوجد سلام ليكن اولا السلام، وبعدئذ يكون فيها المجد. لا يُزرع مجد العلويين في الارض ما لم تُستاصل لعنة الاشواك منها بواسطة الصليب. الآن يصير فيها السلام المصالح للغاضبين ومنها بدأ المجد لكي تسبح الارض ايضا كالسماء.لما توجه من موضعه ليحل في البتول اعطي السلام للبتول ولما بلغ الزمان ليخرج الى الارض بالولادة اعطي السلام للارض ليحل فيها وهي آمنة. اذاً حسنا قيل من قبل الملائكة: على الارض السلام والرجاء الصالح لبني البشر. الرجاء الصالح لبني البشر لم يكن رجاء لبني البشر لانهم كانوا ساقطين من درجة ذخيرة البنين وكانوا مطرودين من الانتساب الى بيت الله. لقد اخزاهم التجاوز على الوصية وصاروا غرباء عن عن بيت الآب وقد القيوا من جنة عدن واستقبلتهم الشيول حفرة الموتى. سقطوا من الاعالي العالية وصاروا مدهورين في الاعماق السفلية. حرموا من مائدة الملك وصاروا ترابا ماكلا للتنين. شُلحوا من المجد الروحي واتشحوا بالاوراق لباس الخزي، نُزعت عنهم حلة النور وها انهم مرتدون في الشيول نسيج العنكبوت. دُهوروا وزلوا وسقطوا وابتلعتهم الهوة وامسوا ترابا وصاروا بدون رجاء.لما اراد الآب ان يبين لهم مراحمه الازلية الموجودة فيه ازليا ارسل ابنه الى العالم وصار من امرأة وبدخول الخطيئة فُتح الباب للنعمة واحس الملائكة (وعرفوا) ان يقولوا: اذاً الرجاء الصالح لبني البشر. يُمحى التعدي على الوصية، ويُنقض القصاص، ويوفى الدَين، ويُمزق الصك، ويُفتح الفردوس، والكاروب الحارس يُطرد، آدم المطرود يعود، وحواء المهتوكة تصير عفيفة، والحية الغشاشة تُرض، والشيطان الماكر يُفضح، وقوس الموت العالي يُكسر من جنس البشر، ولاجل كل هذه الامور يوجد للبشر رجاء عظيم لا صغيرحسنة هي تقسيمات الترتيلة التي رُتلت اليوم في بيت لحم من قبل الملائكة الحكماء ازليا لله في الاعالي المجد الواجب له، على الارض السلام المحتاجة اليه، وللبشر الرجاء الذي لم يكن موجودا لهم. الميلاد فرح السماويين والارضيين هذا هو العيد الثري الذي يوزع لكل الاماكن كل الثروات بحكمة، هذه هي الترتيلة التي تعطي المجد لله، وللارض السلام، ولبني البشر الرجاء. هذا هو اليوم المليء بكل العجائب وترعد فيه كل الامجاد وتُرى فيه الاعجوبة ويُسمع فيه صوت نشيد جموع العلويين الذين يرتلون بحركات روحية لرب العلويين الذي رضي ان يصير رفيقا للسفليين. مريم توفي دَين ابويها آدم وحواء اليوم نبت جذر من جذع بيت يسى ليصير قضيبا للعالم الذي بلغ الشيخوخة حتى يستند عليه. اليوم انفتح فم حواء لتتكلم بصوت عال ووجهها مسفر لان ذنبها قد غُفر بواسطة البتول الثانية التي اوفت دَين ابويها بخزينة الكنوز الذي ولدته للبرية. الحية صمتت وتكلم جبرائيل اليوم لتسكت الحية لان جبرائيل يتكلم، ليبطل الكذب لان الحقيقة تُترجم، ولتزل الامور الاولى لان كل شيء قد تجدد منذ البداية بواسطة ولد البتول. لا يحرس الكاروب شجرة الحياة، وقد وُضعت ثمرتها في المذود اليوم لتترك يد الكاروب رمح النار لان شجرة الحياة لم تعد تُحرس وهوذا ثمرته موضوعة في المذود ليصير ماكلا للناس الذين تشبهوا بارادتهم بالحيوانات. غيّر آدم اوراق عريه بلباس النور اليوم غيّر آدم اوراقه بلباس النور وبتمجيده اخزى الحية التي لدغته واخذت منه حلته. رب عدن لبس الاقماط ليوشح آدم بحلة المجد اليوم رب عدن كان مرتديا الاقماط بدل الاوراق ليبدل المجد بالاهانة ولكي يعاد الى آدم مجده الاول. لا جدال على نبؤة اشعيا: هوذا العذراء قد ولدت اليوم ليبطل المعلمون من الجدال، وليسد التعقيب فمه عن البتول التي حبلت وهي غير متزوجة، وولدت وهي مختومة، وبتوليتها تلحق ولادتها، وتقف حقيقة بتوليتها (وتشهد) على حليبها. اليوم ليضرب اشعيا على قيثارته وليحرك اوتار تجليه بالروح وهو يقول ليس: هوذا البتول تحبل وتلد، بل: هوذا البتول قد حبلت وولدت كما قلتُ، اذاً صور الشهادة واختم الناموس لان خفاء الاسرار قد اتضح. صارت المغارة خدرا للختن السماوي اليوم صارت المغارة خدرا للختن السماوي الذي شاء ان يتحد بجنس الارضيين ويسندهم ليصعدوا من العمق الى العلى تحقق حلم يعقوب الذي شاهد السلم: نزل الرب ليُصعد البشر اليوم فُسر جليا وحي يعقوب فالرب الذي كان واقفا على قمة السلم ها انه قد نزل ليُصعد بني البشر الى السماء. اشرق النور من المغارة لينير المسكونة اليوم اشرق الصباح من المغارة والشمس العظيم من الثقوب المجوفة لينير باشراقه الاعماق السفلى المحل الذي يسهل على الشمس انارته. اليوم قفزت الشمس الى الوراء اثنتي عشرة درجة ضوئية /546/ (34) لانها قد استولت عليها ووقفت على راسها لكي يتعاظم بها النهار الحقيقي الذي يطرد ويخنق باشراقه ظلال الخطيئة. وُلد لنا الولد المولود ازليا من ابيه اليوم وُلد لنا ولد كان ولدا لابيه قبل ان يصير العالم حتى ان العقول لا تدركه.ليبطل الزواج ولترتقص العفة لان البتول ولدت بلا زواج اليوم ليبطل الزواج من عمله ولو هو طاهر ويفسح المجال للبتول التي تلد بلا نكاح ليتبارك بولدها اولاد الزواج اليوم ترقص العفة، والزنى لا يُسمع لانه لما يبطل الزواج كيف يوجد الزنى بعدُ.؟اليوم لتبتهج البتولات بالبتول التي ولدت ليس لينتظرن حتى تلد (بتول) اخرى لكن ليسبحن بعجب ذلك الذي اشرق من طغمتهن. تفرح الوالدات لان مريم اللامتزوجة اختلطت بهن اليوم لتفرح الوالدات لان البتول اختلطت بهن، وهوذا العجب يُرى في جمعهن بواسطة اللامتزوجة التي ترضع وطبع بتوليتها قائم.تعجب يوسف من ولادة مريم للنار الملفوفة في الاقماط اليوم العجب ليوسف، والاندهاش لمريم، من البتول حليب، ولد بدون زواج، وارث بدون نكاح، رجل السماء في المغارة، النار في الاقماط، اللهيب الذي يرضع الحليب، الشعلة التي تُلاطف على الصدر، المحمول من قبل الكواريب يحمله ذراعان، رب المركبة الذي تزيحه الصبية، مجري الامواج لليم الكبير الذي يرضع قطرات من ثديي الشابة. يلزم التعجب من الكلمة المولود الذي لا يحدد ولا يجادل بخصوصه اسكت لانه لا يُحدد، لا يُنطق لماذا اتكلم،؟ لا يحتويه فم فليرهبه اللسان، لا تحبسه الكلمة ليفزع منه التفتيش، ليكرم بالسكوت، ليسجد له بدون تعقيب، انه فوق كلمة الناطقين، ليصفه الحب بالبساطة بهذه العبارات الحسنة التي القاها اليوم جمع آل جبرائيل المسجور، ليلهج جمع البيعة وهو يقول: المجد لله في الاعالي وعلى الارض السلام والرجاء الصالح للبشر.البشر والملائكة يسبحون سوية: المجد لله من الاعماق ومن الاعالي هناك كما كان الملائكة يعرفون بالسر، كان الملائكة فقط يسبحون بعجب، اما الآن وقد اتضحت الخفايا علنا واحس بنو البشر بالرجاء وامتلأت الارض بالسلام يجمل بالسفليين ان يقولوا مثل العلويين، ويجب على الترابيين ان يسبحوا مثل الروحيين، ولنقل سوية نحن وهم: المجد لله من الاعماق كما في الاعالي.ولتكن مشيئته على الارض كما في السماء، ليتبارك بالرعب من قبل السفليين كما (يتبارك) من قبل العلويين، ليرعد مجده بفم الترابيين كما (يرعد) بفم الروحيين. لعنة الاشواك زالت وصار الرجاء للبشر لقد صار السلام على الارض لان لعنة الاشواك استُئصلت بالاكليل، كثر الرجاء لبني البشر لان طريق الفردوس مُهدت ليسير عليها المخلصون بدون خوف من الرمح.اذاً المجد لله في الاعالي، المجد لله من الاعماق، المجد لله على الارض كما في السماء لان الكل تجدد بواسطة الولد الذي (صدر) منه، والكل قد تبارك، والكل خُلص. الخاتمة الذي له التسابيح من الكل آمين. القديس ماريعقوب السروجى
المزيد
30 سبتمبر 2021

عيد الصليب المجيد فى كنيستنا القبطية الأرثوذكسية

١٠ برمهات = ١٩ مارس ١٧ توت = ٢٧ ســــــــبتمبر كل عام وجميعنا بخير متمتعين ببركات الصليب وضعت لك هنا عزيزى القارئ مجموعتين من صور مأخوذة من كتاب الصليب صنع فى مصر : المجموعة الأولى تتكلم عن الصليب كأداة تعذيب منذ أقدم العصور والمجموعة الثانية عن رموز الصليب فى العهد القديم والكتاب تأليف الدكتور / فليمون كامل مسيحة غلاطية ١٤:٦ وَأَمَّا مِنْ جِهَتِي، فَحَاشَا لِي أَنْ أَفْتَخِرَ إِلاَّ بِصَلِيبِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي بِهِ قَدْ صُلِبَ الْعَالَمُ لِي وَأَنَا لِلْعَالَمِ. 1 كورنثوس ٢٣:١ وَلكِنَّنَا نَحْنُ نَكْرِزُ بِالْمَسِيحِ مَصْلُوبًا: لِلْيَهُودِ عَثْرَةً، وَلِلْيُونَانِيِّينَ جَهَالَةً! 1 كورنثوس ٢:٢ لأَنِّي لَمْ أَعْزِمْ أَنْ أَعْرِفَ شَيْئًا بَيْنَكُمْ إلاَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ وَإِيَّاهُ مَصْلُوبًا. لقد شهدت الجلجثة ثلاثة صلبان انتصبت متجاورة، وعلى كل منهم مات شخص متألمًا إثنان منهم من أجل جرائمهم، والثالث من أجلي أنا فهل يمكن أن تقول : مع المسيح صلبت، فأحيا لا أنا، بل المسيح يحيا في (غلا٢٠:٢) وآخرون عذبوا ولم يقبلوا النجاة لكي ينالوا قيامة أفضل فالشهيد في المسيحية هو من سفك دمه على مثال المسيح شهادة لقيامته أما الذين اعترفوا أمام السلطات الحاكمة، وعذبوا وتألموا من أجل المسيح، وظلوا أحياء أطلق عليهم اسم معترفون كما أطلق اسم شهيد أيضًا على النساك في البراري الذين اماتوا ذواتهم من اجل المسيح كما وصف القديس البابا اثناسيوس أبيه القديس أنطونيوس وقال فبنسكه وأماتته لِذاتهِ صار الأنبا أنطونيوس شهيدًا شاهدًا لآلام المسيح فالشهيد هو الذي يشهد للحق الذي اختبره، وعرفه، وسمعه، ويُفضل الموت ولا يُنكر مسيحه، ويقول لي الحياة هي المسيح، والموت هو ربح (في٢١:١؛٢٧) بركة عيد الصليب تشمل بيوتنا وكنائسنا القمص مكاريوس ساويرس كاهن كنيسة القديسين مارجرجس والانبا شنودة رئيس المتوحدين برجن جيرسى ستى الولايات المتحدة الامريكية
المزيد
24 أغسطس 2021

يوم الدينونة ، يوم الرب يهوه هو يوم يسوع المسيح، فمن يكون غير الله؟

يوم الرب يهوه هو يوم مجيء المسيح الدَيان: يتكلم العهد القديم عن يوم الدَّينونة العامة مستعملاً تعبير مثل: يوم يهوه (الرب) العظيم، اليوم الرهيب والمخوف، يوم الدينونة العامة.ونجد في العهد الجديد أن الرب يسوع المسيح ينسب هذا اليوم له! والرُسل القديسون ينسبون أيضاً هذا اليوم للرب يسوع المسيح. أمثلة من العهد القديم، عن يوم الرب يهوه: ولولوا لان يوم الرب (يهوه) قريب، قادم كخراب من القدر على كل شيء ( أشعياء 6:13) هوذا يوم الرب (يهوه) قادم، قاسياً بسخط وحمو غضب، ليجعل الأرض خراباً و يبيد منها خطاتها (اشعياء 9:13 ) اضربوا بالبوق في صهيون. صوتوا في جبل قدسيّ ليرتعد جميع سكان الارض لان يوم الرب (يهوه) قادم، لأنه قريب (يوئيل 1:2 ) قريب يوم الرب (يهوه) العظيم. قريب وسريع جداَ. صوت يوم الرب (يهوه) العظيم. يصرخ حينئذٍ الجبار مراَ ( صفنيا 14:1 ) “… ويأتي الرب الهي (يهوه إيلوهي) وجميع القديسين معك (زكريا 5:14) بعد كل ما تقدم نجد أن المقصود بعبارة “يوم الرب” معنيان، فهو اليوم الذي سينتقم فيه الرب من معانديه، وكذلك يشار به إلى يوم الدينونة. أمثله من العهد الجديد عن يوم الرب يسوع المسيح: لنقارن الآيات السابقة تكلمت عن يهوه، بالآيات الواردة في العهد الجديد عن الرب يسوع المسيح.ونبدأ بأية النبي زكريا السابقة“… ويأتي الرب إلهي (يهوه إيلوهي) وجميع القديسين معك. (زكريا 5:14) مع ما كتبه مار بولس الرسول يثبت قلوبكم بلا لوم في القداسة، أمام الله(إيلوهيم) أبينا في مجئ ربنا يسوع المسيح مع جميع قديسيه” (1تسالونيكي 13:3)ونلاحظ بأن القسم الأخير من هذه الآية مطابق تماماً لما قرأناه عن الرب يهوه في سفر زكريا! ولكن القديس مار بولس استبدل إسم يهوه، بإسم يسوع المسيح! وهذا يعني أن يهوه هو يسوع المسيح له كل المجد! كذلك نقرأ في تسالونيكي الثانية إعلاناَ عجيباَ بأن يسوع هو الرب الديان، والملائكة التي تنسب لله، هي ملائكته “وإياكم الذين تتضايقون راحة معنا، عند استعلان الرب يسوع من السماء مع ملائكة قوته، في نار لهيب، معطيناً نقمة للذين لا يعرفون الله، والذين لا يطيعون إنجيل ربنا يسوع المسيح، الذين سيعاقبون بهلاك أبدي من وجه الرب (يهوه) ومن مجد قوته، متى جاء ليتمجد في قديسيه ويتعجب منه في جميع المؤمنين. لان شهادتنا عندكم صدقت في ذلك اليوم” (2تسالونيكي 1: 7- 10). وفي إنجيل القديس مار متى يسأل التلاميذ الرب يسوع المسيح عن مجيئه الثاني قائلين:” قل لنا متى يكون هذا؟ وما هي علامة مجيئك وانقضاء الدهر؟”(متى 3:14). وايضاً “ومتي جاء ابن الإنسان في مجده وجميع الملائكة القديسين معه، فحيئنذ يجلس علي كرسي مجده” (متى 31:25 )، ويخبرنا القديس مار بولس أن يوم الرب هو يوم مجئ السيد المسيح له المجد، قائلاَ “… كما أنكم أيضاً فخرنا في يوم الرب يسوع” (2 كورنثوس 14:1) “واثقاً بهذا عينه أن الذي ابتأ فيكم عملاً صالحاً يكمل إلى يوم يسوع المسيح” (فيلبي 6:1) “لان من هو رجاؤنا وفرحنا وإكليل إفتخارنا؟ أم لستم أنتم ايضاً امام ربنا يسوع المسيح في مجيئه؟” (1 تسالونيكي 19:2) هوذا يأتي (المسيح) مع السحاب، وستنظره كل عين، والذين طعنوه، وينوح عليه جميع قبائل الأرض. نعم أمين” (رؤيا 7:1) يقول الشاهد بهذا: نعم! أنا أتي سريعاً. أمين. تعال أيها الرب يسوع” (رؤيا 20:22) بعد كل ما تقدم نجد ان يوم الرب يهوه في العهد القديم، هو نفسه يوم الرب يسوع المسيح في العهد الجديد، الذي سيأتي ثانية لدينونة العالم! فالنبوءات المكتوبة عن مجيء الرب يهوه، هي نفسها المكتوبة عن مجئ الرب يسوع المسيح، لان يهوه هو يسوع المسيح. للأب أنطونيوس لحدو
المزيد
19 أغسطس 2021

التجلى للقديس مارإفرام السرياني

" إن من القيامِ ههُنا قوما لا يذوقون الموت " ) مت 28:16 . )هكذا أشار المسيح إلى الذين سيرُفعون إلى السماء ، لقد دعا المسيح إيلياالذي سبق ان رُفِعَ إلى السماء ) 2 مل 2 : 10 - 12 ( ، وموسى الذي أُقيمَ منالأموات ) مت 3:17 ( وثلاثة شهود من الرسل ؛ ثلاثة أعمدة جديرين بأن يشهدواعن الملكوت ، وكما تعرَّف المعمدان سابقًا على المسيح بالروح القدس حينما جاءإليه وقد شهد " وانا لمْ أكُنْ اعرف هُ " ) يو 31:1 ( ، هكذا أيضا تكلم بطرس – رغم أميته بحكمة عظيمة ، لأنه تعرف على موسى وإيليا ، لقد نطق الروح –معبراً عن نفسه على فم بطرس بأمر كان هو نفسه يجهله سابقا ، ففي هذه الحادثة الخاصة بموسى وإيليا وبالثلاث مظال تضافر نور الروح القدس مع الرغبة البشرية في العمل معا .أظهر لهم الرب إمكانية ان يتغيرَّ حينما " صارت هيئةُ وجهه مُتغيرةً "( لو 29:9 ) ، فتغير وجهه على الجبل قبل أن يموت حتى لا يشكوا في تغير وجهه بعد موته ، وحتى ما يعلموا أن ذاك الذي تغيرت هيئته قدامهم ، سوف يُقيم الجسد الذي لبسه بالمثل ، فالذي أعطى لجسده الخاص مجداً ، يستطيع ان يُقيمه من الموت الذي يجوزه .فإن كان هذا بهاء ملكوته بعد القيامة ، فلماذا لم يضفيه على الجميع منذ ذلك الحين ؟ لأَّنهم لم يكونوا بعد جديرين بمعاينته ، وبالرغم من ذلك أراد أن يعرفوا أنهم هم أيضا سوف يتغيرون بالمثل ، إذ استحضر هذين الاثنين ، موسى وإيليا ،حتى ما نؤمن بالقيامة العتيدة ، فأولئك الذين ماتوا مثل موسى سوف يقومون ، وأولئك الذين سيكونون أحياء حينئذٍ سوف يُختطفون كمثال إيليا ، لأن للرب العلو والعمق .لقد سُرَّ بطرس أن يرى الجبل وقد خلا من منازعات الكتبة ، وطاب له عبير الملكوت وقد عَبَّق أنفه ، فرأى مجد الرب عوضا عن عاره ، وفرِحَ بوجوده مع موسى وإيليا وتهلل لأنه تخلص من قيافا وهيرودس . وكما أشفق على الرب مرة بقوله : " حاشاكَ يارب " ( مت 22:16 ، ) هكذا يقول الآن : " فلنصنع ثلاثَ مظالَّ " ويضيف الإنجيلي : " لأنه لم يكُن يعلمُ ما يتكلَّمُ بهِ إذ كانوا مُرتعبِيِنَ " ( مر 6:9 ) ، لأن الرب كان ينبغي أن يتألم ويُصلب ويموت ثم يقوم . كان بطرس يظن أنه لو سَمَحَ له الرب بالبقاء على الجبل وعمل ثلاث مظال فإنه لن يفكر بعد في العودة إلى المدينة حيث كان ينبغي أن يموت هناك كما كان قد أخبر تلاميذه .فيا له من حب وإشفاق من بطرس نحو سيده . ولكن ماذا تقول أيها الرسول القديس ؟ لقد ميزت للتو في اعترافك بين الرب وبين عبيده ، أتعود الان وتخلطهم معا ؟ هكذا كان الرسل غير كاملين قبل موت المُخلَّص وغاب عن بطرس ما اُستعلن له من الآب عن الابن أثناء هذه الرؤية ، حتَّى عبَّر القديس مرقس بقوله " لأنه لم يكن يعلمُ ما يتكلمُ به " ( مر 6:9 ( . ولكي ما يبين بالأكثر ذهولهم عبرعنه القديس لوقا أيضا بقوله : " أنهم كانوا قد تثقلوا بالنومِ " ( لو 32:9 ) . وكما تخشى العين الجسدية عادة من النور الشديد هكذا صار التلاميذ كعميان من مجد نور المسيح ولم يقوى ضعف عيونهم على احتماله .يجب أن نفهم أن هذه المظال ليست من عالمنا الأرضي ، بل من العالم الآتي : " اصنعوا لكم أصدقاء بمالِ الظُلم ، حتى إذا فنيتُم يقبلُونكم في المظال الأبدية " ( لو 9:16 ) . ومرة أخرى إذ أنه لم يكن يعلم ما يتكلم به لأنه قد حسب المسيح في عدِ اد أصحاب المظال مع موسى وإيليا غير مُميز بين الرب وبين عبيده . لهذا أنار عقله صوت إلهي من السموات قائلاً : " هذا هو ابني الحبيبُ الذي به سرِرِتُ " ) مت 5:17 . ) في تواضعه ، لبِسَ المسيح جسدنا حتى ما نستطيع أن ننظره ونسمع كلامه ، ولا نُعاني مما عاناه تلاميذه الثلاثة على الجبل ، الذين قد تثقلوا بالنوم ، بسبب عظمة مجد الجسد الذي هبط عليهم ، وهم قد تعجبوا وذُهلوا من مجده .حينما كان ينبغي أن يسهروا أكثر من أي وقت مضئ ، ناموا ؛ بالرغم من أنهم لم يروا مجده كاملاً ، بل فقط بعضا من مجده في الجسد الذي نزل إليهم ولم يعلموا شيئا عمَّا كانوا يرونه ولا ما كانوا يقولونه حتى نتعلم لماذا ظهر بدون مجد وجاء في جسد . وإذا كان بطرس قد قال كلماته هذه فماذا عساه أن يحدث معنا؟ ! لماذا ظهر موسى وإيليا معه ؟ لأنه حينما سألهم : " مَنْ يقولُ الناس إني أنا ابن الإنسان . قالوا : قوم يوحنا المعمدان . وآخرون إيليا . وآخرون إرميا أو واحد من الأنبياء ( مت 16 : 13- 14 ) .إذاً ، فموسى وإيليا ظهرا معه حتى ما يُعلن أنه لم يكن لا إيليا ولا موسى ولا إرميا ولا واحداً من الأنبياء ، بل هو رب الأنبياء .إذ لم يكن المسيح إلها ، فكيف أقام موسى واستحضر إيليا ؟! إذا لم يكن المسيح إلها ، لما سمعنا ذاك الصوت قائلاً : " هذا هو ابني الحبيبُ . له اسمعوا " ؟ "وفيما همْ نازلُون من الجبلِ أوصاهم يسوعُ قائلاً : لا تُعلمُوا أحداً بما رأيتم حتى يقوم ابنُ الإنسان من الأمواتِ " ( مت 9:17 ) . أوصاهم المسيح بذلك ؛ لأنه كان يعلم أن الآخرين سوف لا يصدقونهم ؛ بل سيعتبرونهم مجانين ويقولون لهم من أين أتي إيليا ؟ وأيضا لقد مات موسى ودُفن " ولم يعَرف إنسان قبرهُ إلى هذا اليومِ " ( تث 6:34 ) ؟! وهكذا يكونون قد أثاروا تجديفا وعثرة ، لهذا أوصاهم الرب قائلاً لا تبرحوا من أورُشليم ... حتى تنالوا قوة ( أع 1 : 4 - 8 ) . انتظروا حتى تتفتح القبور ويخرج الأبرار أن الذي أقامهم أقام موسى أيضا .وحتى لا يقول اليهود إن الرب قد ضلل تلاميذه ، فها هم يُعلنون ان موسى وإيليا تكلما معه . في القديم ، تسلم موسى الناموس على الجبل ، وجاء إيليا بغيرة كي يُحقق النقمة المُ علنة في هذا الناموس الذي يقول : " إن لم تتأدبوا مني بذلك ، بل سلكتم معي بالخلاِفِ " ( لا 23:26 . ) لماذا لم يصطحب جميع التلاميذ ؟ لأن يهوذا كان بينهم ، متغربًا عن الملكوت ، وغير جدير بان يُصطَحَب إلى مثل هذا المكان ، وما كان لائقا بأن يُترك وحده ، إذ كان محسوبا في نظر الناس على أنه كامل من أجل اختيار من اختاره . فلو كان الرب قد تركه وحده : لقيل إنه قد أقصاه عن جماعة التلاميذ . فماذا اختاره أولاً ثم رفضه ، ولماذا جعله بصفة خاصة مُدبَّراً للصندوق ؟ هذا لكي ما يُظهر محبته الكاملة ورحمته . ولكي يُعلم كنيسته ، إنه رغم وجود مُعلمون كذبه في وسطها ، فهي جسده الحقيقي .لقد أعطى الخبز لتلك اليد التي امتدت وقَبِلَت أجرتها وباعت المسيح للموت ، وق بَّل فم ذاك الذي أعطى علامة الموت لمغتصبيه .
المزيد
16 أغسطس 2021

علاقة العذراء مريم بآباء وأنبياء العهد القديم ج2

السلام لك يا مريم تهليل يعقوب : + بينما كان يعقوب هاربا خائفا من أخيه عيسو أدركه الليل فنام فرأى سلما منصوبا على الأرض ورأسها يمس السماء ، وهوذا ملائكة الله صاعدة ونازلة عليها وهوذا الرب واقف عليها . فقال : " أنا الرب إله إبراهيم أبيك وإله اسحق ، الأرض التى أنت مضطجع عليها أعطيها لك ولنسلك " ( تك 28 : 12 – 15 ) . فاطمأن يعقوب بسبب مواعيد الله الغنية وسار فى طريقه متهللا . السلم الذى رآه يعقوب يرمز إلى العذراء مريم التى حل الرب فى بطنها فوصلت بين السماء والأرض بعد قطيعة طويلة ، فقد كان التجسد بداية الصلح والأتصال بين الله والإنسان . كانت الملائكة تسبح الرب وهو طفل مولود فى حجر العذراء مريم كما يشهد بذلك لبش الثلاثاء قائلا : " أفرحى يا مريم العبدة والأم لأن الذى فى حجرك تسبحه الملائكة ، والشاروبيم تسجد له باستحقاق والسيرافيم بغير فتور ، يرفرفون بأجنحتهم قائلين هذا هو ملك المجد رافع خطية العالم كعظيم رحمته . أما تشبيه العذراء مريم بالسلم فيأتى فى القطعة الثامنة من ثيئوتوكية السبت هكذا : " شبهت بالسلم الذى رآه يعقوب مرتفعا إلى السماء والرب المخوف عليه " . + تهلل يعقوب أيضا عندما رأى من بعيد بعين النبوة مجىء " شيلون ( أى ابن الله الحى ) من نسل إبنه المحبوب يهوذا قائلا " لا يزول قضيب من يهوذا ومشترع من بين رجليه حتى يأتى شيلون وله يكون خضوع شعوب ( تك 49 : 10 ) " ومعروف أن العذراء مريم والدة ( شيلون ) هى من نسل يهوذا بن يعقوب ، والحكيم يقول " تاج الشيوخ بنو البنين ( أم 27 : 6 ) " . + كان ليعقوب زوجتان : ليئة وراحيل ، كانت ليئة هى الكبرى وكانت عيناها ضعيفتين ، وهى تمثل العهد القديم بشرائعه وطقوسه الضعيفة التى لا تقدر على رفع الخطايا ، أما راحيل وهى الصغرى فكانت جميلة ومحبوبة ، وهى تمثل العهد الجديد – عهد النعمة والمحبة – الذى جاء مكملا لكل نقائص العهد القديم . هكذا المسيح – الأسد الخارج من سبط يهوذا بن يعقوب – هو رب العهدين ، أوحى بالعهد القديم للأنبياء . ثم جاء بنفسه ليعطينا العهد الجديد بدمه لغفران الخطايا . وقال بنفسه " لا تظنوا أنى جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء ما جئت لأنقض بل لأكمل" ( مت 5 : 17 ) وقال الرسول : " الله بعدما كلم الآباء بالأنبياء قديما بأنواع وطرق كثيرة كلمنا فى هذه الأيام الأخيرة بإبنه" ( عب 1 : 1 ) . السلام لك يا مريم فخر يهوذا : السيد المسيح له المجد هو الأسد الخارج من سبط يهوذا ، والعذراء هى بنت يهوذا أى من نسله . ولما حصلت العذراء مريم على كل هذا الفخر والتكريم والتمجيد فى جميع الأجيال وفى جميع الأقطار بسبب أمومتها الطاهرة للمسيح الإله المتجسد لخلاص العالم ، انعكس كل هذا التكريم على يهوذا أبيها ونال هو قسطا من هذا الفخر والكرامة بسبب أبوته للقديسة مريم والدة الإله ، ويقول الرسول " فإنه واضح أن ربنا قد طلع من سبط يهوذا " ( عب 7 : 14 ) ويخبرنا الكتاب أن " يهوذا اعتز على أخوته ومنه الرئيس " ( 1 أى 5 : 2 ) . السلام لك يا مريم كرازة موسى : كان موسى وديعا وحليما جدا ، لقد قال عنه الكتاب " وأما الرجل موسى فكان حليما جدا أكثر من جميع الناس الذين على وجه الأرض " ( عد 12 : 3 ) ولذلك رفعه الله ليكون قائدا للشعب ونبيا عظيما جدا . وكان فى ذلك مثالا للعذراء مريم الحمامة الحسنة الوديعة الهادئة ، التى كانت بحق فى زمانها وديعة جدا أكثر من جميع الناس الذين على وجه الأرض ، ولعل من أجل هذا السبب بالذات أحتارها الله لتكون أما لمخلص العالم مانحا إياها هذا الشرف العظيم مكافأة لأتضاعها ووداعتها حسب وعد الله المبارك القائل" كل من يضع نفسه يرفع " ( مت 23 : 12 ) بينما كان موسى يرعى غنم يثرون حميه فى برية سيناء جاء إلى جبل الله حوريب ( خر 3 : 1 ) فظهر له الله فى وسط عليقة ( شجرة صغيرة ) فنظر موسى " وإذ العليقة تتوقد بالنار والعليقة لم تكن تحترق" ( خر 3 : 2 ) ومن هناك كلفه الرب بمهمة اخراج بنى اسرائيل من مصر . العليقة ترمز إلى العذراء القديسة مريم التى حملت فى داخلها جمر اللاهوت ولم تحترق ، وقد اسهبت كتب الكنيسة فى عقد هذه المقارنة الرائعة بين عليقة موسى والعذراء مريم . فتقول ثيئوطوكية الخميس" العليقة التى رآها موسى النبى فى البرية والنار مشتعلة فيها ولم تحترق أغصانها هى مثال مريم العذراء غير الدنسة التى أتى وتجسد منها كلمة الآب ، ونار لاهوته لم تحرق بطن العذراء وأيضا بعد ما ولدته بقيت عذراء " ( القطعة الأولى ) ، وإبصالية العليقة المشهورة التى تقال فى أيام الخميس من شهر كيهك المبارك نقول فى مطلعها : " العليقة التى رآها موسى النبى فى البرية والنيران تشعل جواها ولم تمسها بأذية " . " مثال أم النور طوباها حملت جمر اللاهوتية تسعة أشهر فى أحشاها وهى عذراء ببكورية " . + صنع موسى خيمة الأجتماع أو قبة الشهادة كما يسميها حسب المثالات التى أراها الله له فى الجبل ، وكانت تلك الخيمة مشحونة بالرموز عن السيد المسيح له المجد ، وعن أمه العذراء القديسة مريم ، وكان ذلك بمثابة كرازة مسبقة من موسى رئيس الأنبياء عن مجىء المسيح وولادته من العذراء الطاهرة ميلادا عذراويا طاهرا فمثلا : + كان أهم جزء فى خيمة الإجتماع هو قدس الأقداس حيث وضع فيه موسى لوحى العهد المكتوب فيهما الوصايا العشر التى قالها له الله . قدس الأقداس يرمز إلى العذراء القديسة مريم التى حملت المسيح كلمة الله المتجسد . + صنع موسى التابوت المصفح بالذهب من كل ناحية ، وهو يرمز إلى العذراء الطاهرة داخلا وخارجا . + صنع موسى قسطا ذهبيا ووضع فيه كمية من المن الذى كان يأكله الشعب فى برية سيناء كشهادة أبدية على عناية الله بشعه . كان القسط الذهبى يرمز إلى العذراء والمن الذى بداخله يرمز إلى المسيح خبز الحياة النازلمن السماء الذى كل من يأكل منه لا يموت إلى الأبد بل تكون له حياة أبدية .صنع موسى منارة من الذهب النقى ليوضع عليها السراج الذى لا ينطفىء أبدا داخل خيمة الأجتماع . المنارة الذهبية ترمز للعذراء مريم والسراج الذى عليها يرمز للسيد المسيح نور العالم الساكن فى نور لا يدنى منه ، والذى جاء إلى العالم لينير الطريق للسالكين فى الظلمة وظلال الموت وكل من يتبعه يسير فى النور ولا يدركه الظلام . تقول ثيئوتوكية الأحد : أنت هى المنارة الذهب النقى الحاملة المصباح المتقد كل حين الذى هو نور العالم غير المقترب إليه الذى من النور غير المدنى منه ( قطعة 5 ) صنع موسى مجمرة من ذهب يوقد فيها الكاهن الجمر ويضع عليه البخور بها على مذبح البخور . المجمرة الذهب ترمز للعذراء مريم وجمر النار يرمز إلى لاهوت المسيح الذى سكن فى بطنها تسعة شهور ولم تحترق أحشاءها كما أن جمر النار لا يحرق المجمرة وتقول ثيئوتوكية الأحد " أنت هى المجمرة الذهب النقى الحاملة جمر النار المباركة الذى يؤخذ من على المذبح يطهر الخطايا ويمحو الأثام . أى الله الكلمة الذى تجسد منك ورفع ذاته بخورا إلى الله أبيه ( قطعة 6 ) ثم تضيف نفس القطعة " حينئذ لا أخطىء فى شىء إذا ما دعوتك المجمرة الذهب " جمع موسى عصى رؤساء الأسباط ووضعها فى خيمة الإجتماع أمام الشهادة بناء على أمر الرب ( عدد 17 ) " وفى الغد دخل موسى إلى خيمة الشهادة وإذا عصا هارون لبيت لاوى قد أفرخت ، أخرجت فروخا وأزهرت زهرا وأنضجت لوزا ( عدد 17 : 8 ) ، وكان ذلك بدون أن يغرسها موسى فى الأرض أو يسقيها بالماء عصا هارون ترمز إلى العذراء القديسة مريم التى ولدت المسيح ثمرة الحياة بدون غرس ولا سقى أى بدون زرع بشر أو زواج طبيعى وتقول ثيئوتوكية الأحد " عصا هارون التى أزهرت بغير غرس ولا سقى هى مثال لك يا من ولدت المسيح إلهنا . بالحقيقة بغير زرع بشر وأنت عذراء ( قطعة 7 ) . رموز كثيرة جدا صنعها موسى تكرز وتبشر لكل من يتأملها ويسبر غورها ، تكرز بميلاد المسيح من العذراء الطاهرة بطيقة إلهية إعجازية وتقول ثيئوتوكية الأحد فى مطلع القطعة " 15 " ( من يقدر أن يصف كرامة القبة التى زينها النبى لما رآها المعلمون المختارون للكتب المقدسة تعجبوا جدا ) . وبجانب هذه الرموز التى صنعها موسى تنبأ نبوة صريحة عن مجىء المسيح وأوصى شعه أن يسمعوا له قائلا " يقيم لك الرب إلهك نبيا فى وسطك من إخوتك مثلى له تسمعون " تث 18 : 15 . وبناء على كل هذه الرموز والنبوات قال السيد المسيح مرة موبخا اليهود " لأنكم لو كنتم تصدقون موسى لكنتم تصدقوننى لأنه هو كتب عنى " ( يو 5 : 46 ) . السلام لك يا مريم كرامة صموئيل ولادة صموئيل النبى وولادة القديسة مريم من والديها يواقيم وحنة متشابهين ، كانت حنة أم صموئيل عاقرا وصلت إلى الرب أن يعطيها نسلا فتجعله نذيرا للرب ليخدمه فى هيكل قدسه فسمع الرب صوتها وأعطاها صموئيل ، ولما كبر قليلا أحضرته إلى هيكل الرب وسلمته إلى عالى الكاهن ليخدم الرب ويخدم الكهنة . نفس الأمر يتكرر بخصوص القديسة مريم فقد كانت أمها حنة وهو نفس اسم أم صموئيل النبى كانت حنة عاقرا فصلت إلى الرب ونذرت نسلها للرب فأستجاب الرب طلبتها وأعطاها إبنة دعتها مريم ولما كبرت قليلا سلمتها إلى زكريا الكاهن لتعيش فى الهيكل وتخدم الرب وتعبده ، وتخدم الكهنة . أمر آخر يتشابه فيه صموئيل النبى والعذراء مريم فقد اختار الرب كلا منهما منذ صغره ليقوم بمهمة إلهية خطيرة .بينما صموئيل صبى صغير وكان نائما فى مخدعه فى الهيكل ناداه الرب صموئيل صموئيل ، ولما تحقق أنه صوت الرب قال كما لقنه عالى الكاهن معلمه :" تكلم يارب فإن عبدك سامع " ( 1 صم 3 ) فكلفه الرب بأن يحل محل عالى الكاهن فى قيادة الشعب وتعليمه وأن يقوم بعمل القضاء للشعب لحل مشاكله .مريم الصبية الصغيرة سلمها الكهنة لقريبها البار يوسف الطاهر ليحفظها فى بيته فجاء إليها الملاك وبشرها بأمر التكليف الصادر من قبل الرب بأن الروح القدس يحل عليها وقوة العلى تظللها فتحبل وتلد يسوع المسيح مخلص العالم كله فقبلت المهمة بإتضاع وتسليم وقالت " هوذا أنا أمة الرب ليكن لى كقولك فمضى من عندها الملاك " ( لو 1 : 38 ) . لذلك نال كل منهما كرامة عالية وتشرف بخدمة الرب منذ صباه ، وقام كل منهما بمهمة خطيرة بتكليف من الرب نفسه ونجحا فى ذلك أعظم نجاح . السلام لك يا مريم فخر إسرائيل : القديسة مريم بأمومتها العذراوية الطاهرة للمسيح ابن الله المتجسد أصبحت أشرف نساء العالمين هى فخر الجنس البشرى عامة ، وفخر إسرائيل خاصة ولو أنه بعد أن حل عليها الروح القدس وطهرها فحملت المسيح وولدته ثم حل عليها الروح القدس مع التلاميذ فى العلية فى يوم الخمسين لم تصبح يهودية بل مسيحية وأم جميع المسيحيين ، هى فخر العذارى والمتبتلين ، هى فخر الطهارة والبتولية والعفة . ينسج على منوالها ويقتدى بسيرتها كل من يريد أن يعيش بتولا وكل فتاة تريد أن تحيا عذراء تأخذ سيرة حياة العذراء قدوة صالحة ونبراسا منيرا ، ينير لها الطريق ويخفف عنها معاناة الجهاد . السلام لك يا مريم ثبات أيوب البار : أيوب الصديق رمز الصبر والثبات فى التجارب حتى أن الرسول يوجه أنظارنا إليه لنتعلم منه فضيلة الصبر والثبات والأحتمال أمام التجارب المحرقة فيقول : " خذوا يا إخوتى مثالا لأحتمال المشقات والأناة ، الأنبياء الذين تكلموا باسم الرب . ها نحن نطوب الصابرين ، قدسمعتم بصبر أيوب ورأيتم عاقبة الرب معه ، لأن الرب كثير الرحمة ورؤوف " ( يع 5 : 10 – 11 ) ولما احتمل أيوب التجربة واجتازها بثبات ونجاح " رد الرب سبى أيوب . وزاد الرب على ما كان لأيوب ضعفا . وبارك الرب آخرة أيوب أكثر من أولاه " ( أى 42 : 10 – 12 ) كان أيوب فى تجربته يرى الرب بعين الإيمان والنبوة آتيا من بعيد كمخلص ومنقذ ولذلك تعزى فى ضيقته . يقول أيوب بروح النبوة " أما أنا فقد علمت أن وليى حى ويظهر على الأرض فى آخر الزمان ، وبعد أن يفنى جلدى هذا وبدون جسدى أرى الرب "( أى 19 : 25 – 27 ) حسب النص القبطى – القديسة مريم شابهت أيوب فى الصبر والأحتمال. [ منقول من كتاب روحانية التسبحة – ج 7 – للقمص بقنتيوس السريانى ]
المزيد
09 أغسطس 2021

علاقة العذراء مريم بآباء وأنبياء العهد القديم

فى القطعة الثامنة من ثيئوتوكية الأحد تورد الثيئوتوكية ملحمة جميلة من سلامات العذراء مريم وعلاقتها مع آباء وأنبياء العهد القديم الذين اشتهوا أن يروا السيد المسيح – المولود من العذراء مريم – ولم يروه وأن يسمعوا كلمات النعمة الخارجة من فيه ولم يسمعوا ، فماتوا على رجاء الخلاص الذى سيتممه لهم فى ملء الزمان ، حتى جاء المسيح أو المسيا المنتظر مولودا من العذراء مريم وتمم كل نبواتهم وأنعم لهم بالخلاص ومسح دموعهم وحول حزنهم إلى فرح . تخاطب الثيئوتوكية السيدة العذراء قائلة : السلام لك يا مريم خلاص أبينا آدم : بعد أن سقط آدم فى المعصية وأكل من ثمرة الشجرة المنهى عنها ، وتحقق فيه العقاب الإلهى " أنك يوم تأكل منها موتا تموت ( تك 2 : 17 ) لم يتركه الله فى موته أو فى يأسه من الخلاص بل سمع الوعد المبارك بالخلاص من فم الله وهو يخاطب الحية قائلا : " اضع عداوة بينك وبين المرأة وبين نسلك ونسلها ، هو يسحق رأسك وأنت تسحقين عقبه ( تك 3 : 15 ) " . ونلاحظ أنه كما تشير النبوة إلى المسيح الذى سيسحق الشيطان تشير أيضا إلى أمه القديسة فهو " نسل المرأة " . " فإذا كنا كلنا نولد من إمرأة ورجل ، وإذا كان آدم قد جاء لا من إمرأة ولا من رجل ، وإذا كانت حواء قد جاءت من رجل بلا إمرأة ، فالمسيح جاء من إمرأة دون رجل " ولذلك دعى " نسل المرأة " . والذى عزى آدم فى محنته أن هذه المرأة التى ستلد المخلص الذى سيسحق رأس الحية ويخلصه من سقطته ستكون من نسله هو ، لأن العذراء مريم هى إبنة آدم مثل كل الناس الموجودين على الأرض . لقد مات آدم مطمئنا بعد سماعه وعد الله بالخلاص ، وفى ملء الزمان جاء المسيح " آدم الثانى " مولودا من إمرأة من بنات آدم ليخلص آدم وبنيه من مصيرهم المرعب ، وفعلا لما مات الرب يسوع على الصليب نزلت روحه إلى الجحيم متحدة بلاهوته وأخرجت آدم الحزين وكل بنيه الذين ماتوا على الرجاء وأدخلتهم إلى الفردوس . وتقول ثيئوتوكية الأثنين فى هذا الموضوع " آدم بينما هو حزين سر الرب أن يرده إلى رئاسته ( القطعة 1 الربع 1 ) ولبش الأثنين يقول : " لأن آدم أبانا الأول بيدى الله الخالق . بمشورة حواء أمنا الأولى أكل آدم من ثمرة الشجرة . فجاء على جنسنا وكل الخليقة سلطان الموت والفساد . ومن قبل مريم والدة الإله أرجع آدم إلى رئاسته مرة أخرى ( أرباع 2 – 5 ) " . وهكذا كما أن ثمرة شجرة معرفة الخير والشر كانت سببا فى سقوط آدم وموته واغترابه من الله أصبح المسيح – ثمرة بطن العذراء مريم – وهو الثمرة المحببة أو عنقود الحياة الذى حملته الكرمة الحقانية مريم بدون غرس ولا سقى ولا تفليح ، أصبح سببا فى خلاص آدم ورجوعه إلى الحياة الأبدية . السلام لك يا مريم تهليل حواء عندما أخطأت حواء وأطاعت الحية وأكلت من الشجرة المنهى عنها ، ورفضت الأعتراف بخطيتها وغوايتها جاء إليها العقاب الإلهى قائلا : " تكثيرا أكثر أتعاب حبلك . بالوجع تلدين أولادا ( تك 3 : 16 ) " هذا إلى جانب طردها مع زوجها من الفردوس وذهابها بعد الموت إلى الجحيم مما أثار أشجانها وحرك حزنها . ولما جاء المسيح الذى هو من نسل المرأة وصنع الفداء العظيم على الصليب وسحق رأس الحية حسب الوعد الإلهى : " وأضع عداوة بينك ( الحية ) وبين المرأة ، وبين نسلك ونسلها ، هو يسحق رأسك وأنت تسحقين عقبه " ( تك 3 : 15 ) . نزل المسيح إلى الجحيم وحول حزن حواء إلى فرح ونقلها مع آدم وجميع الصديقين الذين ماتوا على رجاء إلى فردوس النعيم حيث الفرح والتنعم ، حيث هرب الحزن والكآبة والتنهد . وفى قطعة " تناف " ، وهى مديح القيامة فى التسبحة تقول : " كل الأفراح تليق بك يا والدة الإله لأن من قبلك أرجع آدم إلى الفردوس ونالت حواء الزينة عوض حزنها وأخذت الحرية دفعة أخرى من قبلك والخلاص الدهرى " . وليست حواء – أم العذراء مريم – هى وحدها نالت الفرح والتهليل بل كل جنس النساء ، فيقول لبش الأثنين " لأن من قبلها ( أى من قبل مريم ) وجدت النساء دالة أمام الرب ( ربع 11 ) " . ويحلو لبعض الآباء أن يطلقوا على مريم العذراء لقب " حواء الثانية " . السلام لك يا مريم فرح الأجيال كل الأجيال فرحت ومازالت تفرح بالقديسة مريم ، وفى القطعة السادسة من ثيئوتوكية الخميس تقول : " لأنها مكرمة جدا عند جميع القديسين ورؤساء الآباء لأنها أتت لهم بمن كانوا ينتظرونه " " وكذلك الأنبياء الذين تنبأوا من أجله بأنواع كثيرة وتشبيهات شتى بأنه يأتى ويخلصنا " " والرسل معا لأنها والدة الذى كرزوا به فى كل المسكونة " . " والشهداء المجاهدين لأنه قد خرج منها واضع جهادهم الحقيقى ربنا يسوع المسيح " وما زالت الأجيال وستزال تكرمها وتطوبها مصداقا لقولها : " هوذا منذ الآن جميع الأجيال تطوبنى لأن القدير صنع بى عظائم واسمه قدوس ورحمته إلى جيل الأجيال للذين يتقونه " ( لو 1 : 48 – 50 ) . انها فرح جميع الأجيال : أولا : لأنها ولدت المسيح ابن الله الذى خلص العالم من سلطان الشيطان والخطية والفساد . ثانيا : لجل شفاعتها المقبولة لدى ابنها الحبيب ، والمعجزات الكثيرة التى تعملها للمؤمنين من شفاء أمراض وحل مشاكل وانقاذ من الضيقات ، مما يجعل الناس يفرحون بالعذراء وينذرون لها النذور ويقيمون لها التماجيد فى كل زمان ومكان . السلام لك يا مريم فرح هابيل البار : قدم هابيل للرب قربانا من أبكار غنمه ومن سمانها ، أى قدم ذبائح دموية حيوانية مؤمنا أنه بدون سفك دم لا تحصل مغفرة ، وشاعرا بإحتياجه الشديد إلى مخلص يكون فى هرق دمه تكفير وغفران وفى موته تبرير وتطهير . ولما رأى الله إيمانه المستقيم وشعوره المتضع قبل ذبيحته " نظر الرب إلى هابيل وإلى قربانه " ( تك 4 : 4 ) ففرح هابيل لما قبل الله ذبيحته . وكما قدم هابيل ذبيحة من أعز ما عنده ، من أبكار غنمه ومن سمانها ، قدمت العذراء مريم ابنها الوحيد الحبيب ذبيحة كفارية عن خلاص العالم كله " فاشتمه أبوه الصالح وقت المساء على الجلجثة " وتنسم الرب رائحة الرضا ، ورفع غضبه وسخطه عن العالم . لما قتل هابيل ظلما ومات طاهرا انتظر مع الأبرار الآخرين مجىء الفادى والمخلص الذى ولد من العذراء مريم ، ثم صلب على الصليب ، ومن هناك نزل إلى الجحيم وأزال حزن هابيل البار من جراء انتظاره الطويل للمخلص ، ثم نقله وكل الأبرار إلى فردوس النعيم مما زاد فرحه وتنعمه ، ويقول الرسول بولس عن خلاص المسيح ودمه المسفوك على الصليب " إلى وسيط العهد الجديد يسوع وإلى دم رش يتكلم أفضل من هابيل ( عب 12 : 24 ) " –ودم المسيح أفضل من دم هابيل لأن دم هابيل طلب الأنتقام" صوت دم أخيك صارخ إلى من الأرض ( تك 4 : 10 ) " ، أما دم المسيح فطلب الصفح والغفران " يا أبتاه أغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون ( لو 23 : 34 ) " . السلام لك يا مريم خلاص نوح : نقول فى ذكصولوجية العذراء لرفع بخور باكر " الروح المعزى الذى حل على إبنك فى مياة الأردن كمثال نوح . لأن تلك الحمامة بشرتنا بسلام الله الذى صار للبشر ، وأنت أيضا يا رجائنا اليمامة العقلية أتيت لنا بالرحمة وحملته فى بطنك ، أى يسوع المولود من الآب ولد لنا منك وحرر جنسنا " . ومعنى ذلك أنه كما أن الحمامة حينما أطلقها نوح من الفلك رجعت بعد قليل وفى منقارها غصن رمز السلام والطمأنينة وزوال الخطر بنزوح مياة الطوفان عن الأرض ، مما جعل نوح ينزل من الفلك هو وكل من معه ويقدم للرب ذبائح شكر وسلامة على خلاصه وخلاص أسرته وكل ما كان معه من حيوانات وطيور ، ثم عمر الأرض ونما وكثر . كذلك العذراء مريم الحمامة الحسنة أتت لنا بالرب يسوع المسيح رئيس السلام ، فصنع فى الأرض سلاما وصالح ذرية نوح مع الله خالقهم صانعا الصلح دم صليبه . + نوح بفلكه خلص ثمانى أنفس من الغرق أى هو وأفراد أسرته فقط ، أما العذراء مريم فقد قدمت المسيح فلك النجاة الذى خلص العالم كله من طوفان بحر الخطية وشرورها التى تغرق الناس فى العطب والهلاك . السلام لك يا مريم نعمة إبراهيم : أعطى الله لإبراهيم نعمة الإيمان بغزارة " آمن إبراهيم بالله فحسب له برا " ( رو 4 : 3 ) . كان إيمانه قويا يهزأ بالمستحيلات ويستهين بالمعوقات . لما أمره الله بالخروج من أرضه ومن عشيرته ومن بيت أبيه إلى الأرض التى سيريه إياها " خرج وهو لا يعلم إلى أين يأتى ( عب 11 : 8 ) " ولما وعده الله بميلاد اسحق آمن بوعد الله رغم وجود بعض معطلات الإنجاب لديه ولدى زوجته سارة لشيخوختهما المتأخرة " وإذ لم يكن ضعيفا فى الإيمان لم يعتبر جسده وهو قد صار مماتا إذ كان ابن نحو مائة سنة ، ولا مماتية مستودع سارة ولا بعدم ايمان ارتاب فى وعد الله بل تقوى بالإيمان معطيا مجدا لله ، وتيقن أن ما وعد به هو قادر أن يفعله أيضا " ( رو 4 : 19 – 21 ) . ولما أمره الله بتقديم اسحق ابن الموعد ذبيحة لم يعارض بل قام باكرا وبقلب شجاع عزم على تنفيذ أمر الله بحذافيره ، ويقول الرسول : " بالإيمان قدم إبراهيم اسحق وهو مجرب ، قدم الذى قبل المواعيد ، وحيده الذى قيل له أنه بإسحق يدعى لك نسل إذ حسب أن الله قادر على الإقامة من بين الأموات " ( عب 11 : 17 – 19 ) . هكذا كان إيمان العذراء القديسة مريم . كان إيمانها بسيطا وقويا . بشرها الملاك بأنها ستحبل وتلد إبنا دون أن تتزوج أو تعرف رجلا ، ورغم غرابة الخبر استفسرت من الملاك استفسارا بسيطا قائلة " كيف يكون لى هذا وأنا لست أعرف رجلا "( لو 1 : 34 ) ولما عرفت أن هذه مشيئة الرب وتدبيره خضعت بإيمان واتضاع قائلة " هوذا أنا أمة الرب ليكن لى كقولك " ( لو 1 : 38 ) . لما أمر الملاك يوسف بأن يأخذ الصبى وأمه ويهرب إلى مصر أطاعت فى اتضاع وتسليم ، ولما أمرها الملاك بالرجوع إلى فلسطين فعلت نفس الشىء . كانت العذراء من نسل إبراهيم ، وكانت نسلا صالحا ، والنسل الصالح يكون سبب نعمة لآبائه وسبب فرح وسرور لهم حسب قول الحكيم فى الأمثال ( أم 10 : 1 ) ، فالعذراء مريم كانت سبب نعمة وفرح لأبيها ابراهيم ، وسبب اكرام وتبجيل له على مدى الأيام فنقول فى القطع المعقب العربى فى عشيات شهر كيهك هذا المرد الذى يتكرر فى كل قطعة : " السلام لك ثم السلام لك ونسألك يا أم المحبوب أن تحظينا فى مظال آبائك إبراهيم واسحق ويعقوب " . الرب يسوع ابن العذراء مريم أخرج ابراهيم من الجحيم ونقله إلى الفردوس وجعل حضنه مكان راحة وتعزية لكل المؤمنين الراحلين ، فتقول الكنيسة فى صلواتها على المنتقلين : " نيح نفوسهم جميعا فى حضن آبائنا القديسين ابراهيم واسحق ويعقوب " . السلام لك يا مريم خلاص اسحق القديس : + حملت سارة اسحق ابن الموعد وهى عجوز سنها 90 سنة بعد أن مات مستودعها ( رحمها ) وانقطعت عنها عادة النساء ، ويقول الرسول فى ذلك " وإذ لم يكن ( ابراهيم ) ضعيفا فى الإيمان لم يعتبر جسده إذ صار مماتا اذ كان ابن نحو مائة سنة ولا مماتية مستودع سارة ، ولا بعدم ايمان ارتاب فى وعد الله بل تقوى بالأيمان معطيا مجدا لله وتيقن أن ما وعد به هو قادر أن يفعله أيضا " ( رو 4 : 19 – 21 ) . هكذا حملت العذراء مريم المسيح ابن الله بطريقة إلهية فى مستودعها الصغير البكر دون أن تتزوج أو تعرف رجلا ، وكلاهما طرقتان للحمل تمجدان الله وتشهدان بقدرته الفائقة وتدبيره العالى حقا يارب " ما أبعد أحكامك عن الفحص وطرقك عن الأستقصاء " . + عندما ولدت سارة اسحق وأصبحت أما لأبن الموعد فرحت وابتهجت قائلة : " قد صنع الله إلى ضحكا ، كل من يسمع يضحك لى ، ودعت اسمه اسحق أى ضحك " . هكذا العذراء مريم عندما حملت بالمسيح كلمة الله وتأكدت أنها أصبحت أما للمسيا المنتظر الموعود به لخلاص الله ، والذى كانت كل فتاة يهودية تتمنى أن تكون أما للمسيا المنتظر ، عندما تأكدت من ذلك فرحت وابتهجت وطفقت تسبح الرب قائلة : " تعظم نفسى الرب وتبتهج روحى بالله مخلصى لأن القدير صنع بى عظائم واسمه قدوس " ( لو 1 : 46 – 49 ) " . + بناء على أمر الله أخذ ابراهيم ابنه الشاب اسحق وذهب به إلى جبل المريا ، وهناك أوثقه ووضعه على المذبح وهم بذبحه ، وهنا تدخل الله وناداه قائلا " لا تمد يدك إلى الغلام ولا تفعل به شيئا . فرفع ابراهيم عينيه ونظر وإذا كبش وراءه ممسكا فى الغابة بقرنيه . فذهب ابراهيم وأخذ الكبش وأصعده محرقة عوضا عن إبنه " ( تك 22 : 12 ، 13 ) " لم يذكر الكتاب من أين أتى الكبش ولا كيف أمسك فى الشجرة بقرنيه ، ونحن نعتقد أنه بمعجزة إلهية أخرجت الشجرة – على غير طبع الأشجار – هذا الكبش الذى أصعده إبراهيم محرقة بدلا عن ابنه اسحق . والذى يؤيد نظرتنا هذه أن الكتاب لم يقل أن الكبش كان موثقا أو مربوطا فى الشجرة بقرنيه كأن يكون مربوطا بحبل أو غيره ، ولكنه قال أن الكبش كان ممسكا فى الشجرة بقرنيه ، أى أن قرنيه كانا ممسوكين فى الشجرة أو ملتصقين بها . وكما أخرجت الشجرة الكبش على غير الناموس الطبيعى للأشجار ، هكذا العذراء مريم ولدت السيد المسيح له المجد بتدبير إلهى وسر لا يدركه العقل ، ولدته وهى عذراء بدون زرع بشر وذلك على غير طبيعة النساء ، وكما قدم إبراهيم ذلك الخروف محرقة وفداء عن إبنه هكذا أصعد المسيح ذاته على مذبح الصليب ذبيحة محرقة عن جنس البشر وصنع على الصليب فداء عظيما كحمل الله الذى يحمل خطية العالم كله . وللحديث بقية [ منقول من كتاب روحانية التسبحة – ج 7 – للقمص بقنتيوس السريانى ]
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل