المقالات

07 يناير 2023

ملامح الميلاد السبعة

هذا أعجب ميلاد عرفه العالم لأن السيد المسيح ولد من عذراء بتول بطريقة لم يولد بها أحد من قبل ولا من بعد . إنها فخر جنسنا سيدتنا وملكتنا كلنا القديسة العذراء مريم دائمة البتولية كانت السقطة الأولى هي الكبرياء فكان العلاج هو بالاتضاع عجيب هذا الميلاد .. عجيب هو صاحبه .. وعجيبة هي وقائعه .. الله العظيم الأبدي .. يتجسد لأجلى ولأجلك .. قمة الاتضاع التي تتضح من خلال سبعة ملامح تشكل يوم 7 يناير حيث احتفلنا ... 1 - فتاة من الفقراء قدمت نقاوتها ، هي العذراء مريم المخطوبة لشيخ قديس يوسف النجار ( متی ۱ : ۱۸ ) . ٢ – رعاة من البسطاء قدموا أمانتهم ، هم الذين كانوا يحرسون قطعانهم ليلا ( لوقا ۲ : ۸ ) ۳ - مجوس من الغرباء قدموا هداياهم ، جاءوا من نواحي الشرق يبحثون عن الملك المولود ( متی ۲ : ۲ ) 4 - قرية صغيرة قدمت مكاناً هي قرية بيت لم الصغيرة في أرض يهوذا ( متى٦:٢) ٥- حظيرة حقيرة قدمت دفئاً ، مذود حيوانات وقد جعلته دافنا بأنفاسها ( لوقا ٢ : ١٦ ). ٦ - ليلة مظلمة قدمت عهداً جديداً ، كان الوقت شتاء حيث الليل الطويل والبرد القاسي ( لوقا ۲ : ۹ ) ٧- ملائكة سمائية قدموا أنشودتهم الخالدة : المجد الله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبـالـنـاس المسرة ( لوقا١٤:٢) والسؤال الآن : ماذا ستقدم أنت ؟! هل ذهباً .. أقصد قلبك .. وروحك .. أم لباناً .. أقصد صلاتك .. دموعك . .. أم مرا .. أقصد تعبك .. وجهادك .. قدم صلحاً حباً .. عطفاً .. تسامحاً .. ابدأ بدءاً حسناً . وكل عام وجميعكم بخير وبلادنا مصر في سلام ووئام وكنيستنا في محبة وأمان . قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
08 يونيو 2022

القيامة فرح

1- قال الملاكان وهما يبشران النسوة بقيامة المسيح: "لماذا تطلبن الحي بين الأموات؟! ليس هو ههنا، لكنه قام" (لو 24: 5، 6).إن عبارة المسيح الحي مفرحة للتلاميذ. ولكنها كانت تخيف رؤساء اليهود، كما أنها تخيف الخطاة جميعًا لم تكن تخيفهم وقت القيامة فقط ووقت الكرازة بها. بل إن هذا الخوف سيظل يتابعهم حتى في المجيء الثاني للمسيح وفي الدينونة. وفي هذا يقول الكتاب "هوذا يأتي مع السحاب، وستنظره كل عين والذين طعنوه، وينوح عليه جميع قبائل الأرض" (رؤ 1: 7).وكثيرون مثل كهنة اليهود يريدون أن يتخلصوا من المسيح، لأن وجوده يبكتهم ويكشفهم. وبوجوده يخزي وجودهم الخاطئ.. 2- كانت قيامة السيد المسيح فرحًا للتلاميذ ولنا أيضًا.كان يوم الصلب يومًا محزنًا ومؤلما من الناحية النفسية، وإن كان من الناحية اللاهوتية يوم خلاص. ولكن الناس لم يروا سوي الآلام والشتائم والإهانات والبصاق والمسامير، ولم يروا ذلك الخلاص، ولا أروا فتح باب الفردوس ونقل الراقدين علي رجاء إلي هناك. وكان التلاميذ في رعب. فلما رأوا الرب فرحوا. بقدر ما كان التلاميذ في حزن وفي قلق شديدين يوم الجمعة، علي نفس القدر أو أكثر كانوا يوم الأحد في فرح بسبب القيامة. وتحقق قول الرب لهم من قبل "ولكني سأراكم أيضًا فتفرح قلوبكم ولا ينزع أحد فرحكم منكم" (يو 16: 22).لقد فرحوا لأنهم رأوا الرب، ورأوه حيًا خارج القبر، وكانوا يظنون أنه لا لقاء. وفرحوا لأن السيد قد انتصر في معركته ضد الباطل، وأنه "سيقودهم في موكب نصرته" (2 كو 2: 14) وفرحوا لأنهم تخلصوا من شماتة الأعداء بهم، كما تخلصوا من قلقهم واضطرابهم واختفائهم. وأصبح الآن بإمكانهم أن يخرجوا ويواجهوا الموقف، ويتكلموا بكل مجاهرة وبكل قوة عن قيامة المسيح. فرحوا لأن الصليب لم يكن نهاية القصة، وإنما كانت لها نهاية مفرحة بالقيامة، أزالت آلام الجلجثة جثسيماني وما بينهما وما بعدهما هو قال لهم "أراكم فتفرح قلوبكم". ونحن نعيد بأفراح القيامة، التي تشعرنا بأن المسيح حي معنا. وأنه لا يمكن أن يحويه قبر، هذا الذي يحوي الكل في قلبه لقد فرح التلاميذ بقيامة الرب، فرحوا إذ رأوه.. وكانت قيامته نقطة تحول في تاريخ حياتهم، وفي تاريخ المسيحية. 3- بقيامته فرحوا أن القيامة ممكنة وذلك بدليل المادي الذي رأوه أمامهم وهكذا قال عنه القديس يوحنا الرسول "الذي رأيناه بعيوننا، الذي شاهدناه ولمسته أيدينا.." (1 يو 1: 1). وقال القديس بطرس الرسول".. نحن الذين أكلنا وشربنا معه، بعد قيامته من الأموات" (أ ع 10: 41).بالقيامة، تحول خوف التلاميذ إلي جرأة وشجاعة، وعدم مبالاة بكل القوي التي تحارب كلمة الله.. وهكذا استطاع بطرس بعد القيامة أن يقول "ينبغي أن يطاع الله أكثر من الناس" لم يعد التلاميذ يخافون شيئًا في روح القيامة أقصي ما يستطيعه أعداؤهم أن يهددوهم بالموت. وما قيمة التهديد بالموت، لمن يؤمن بالقيامة. وقد رآها!! بهذا آمنت المسيحية أن الموت هو مجرد انتقال، وأنه ربح، وأنه أفضل جدًا ولم يعد يخشاه أحد.. 4- وبالقيامة، شعر التلاميذ أنهم في ظل إله قوي الذي يؤمنون به "بيده مفاتيح الهاوية والموت". فيه الحياة، بل هو القيامة والحياة.. من آمن به، ولو مات فسيحيا.. وهو مصدر الحياة، ليس علي الأرض فقط، وإنما الحياة الأبدية أيضًا.. 5- وفرح التلاميذ لأن الرب وفي بوعده لهم.لما تحققت أمامهم وعود المسيح لهم بأنه سيقوم وسيرونه، وثقوا أيضًا بتحقيق كل الوعود الأخرى التي قال لهم عنها مثل "أنا ماض لأعد لكم مكانًا. وإن مضيت وأعددت لكم مكانًا، آتي أيضًا وآخذكم إلي، حتى حيث أكون أنا تكونون أنتم أيضًا" (يو 14: 2، 3).وثقوا أيضًا بوعده عن إرسال الروح القدس إليهم (يو 16: 7)، وأنهم سينالون قوة متى حل الروح القدس عليهم (أع 1: 8). وثقوا بوعده "ها أنا معكم كل الأيام وإلي انقضاء الدهر" (متى 28: 20). وكل هذه الوعود منحتهم قوة وإيمانًا وفرحًا. 6- وفي فرح التلاميذ بالقيامة، فرحوا أيضًا بكل ألم يلاقونه في سبيل الشهادة لهذه القيامة.لقد أصبح للألم مفهوم جديد في فكرهم وفي شعورهم، لأنه قد صار لهم فكر المسيح (1 كو 2: 16) أصبح الألم في اقتناعهم هو الطريق إلي المجد، كما حدث للمسيح في صلبه واضعين أمامهم هذا الشعار "إن كنا نتألم معه، فلكي نتمجد أيضًا معه" (رو 8: 17). وهكذا تحملوا الألم وهم يقولون "كحزانى ونحن دائمًا فرحون" (2 كو 6: 10). 7- وبالقيامة أصبح الصليب إكليلًا ومجدًا، وليس ألمًا ما عاد التلاميذ يتضايقون من الاضطهادات. وهكذا يقول بولس الرسول "لأني أسر بالضعفات والشتائم والضرورات والاضطهادات والضيقات لأجل المسيح" (2 كو 12: 10). ويقول أيضًا "كحزانى ونحن دائمًا فرحون" (2 كو 6: 10). 8- وصارت القيامة فرحًا لجميع المؤمنين وبشري بالقيامة العامة. والقيامة أعطت المسيحيين رجاءًا في العالم الآخر، فركزوا فيه كل رغباتهم، وزهدوا هذا العالم إن كل ما نشرته المسيحية من حياة النسك، والزهد، وحياة الرهبنة، والموت عن العالم، كل هذا مبني علي الإيمان بالقيامة، والتعلق بالعالم الآخر الذي تصغر أمامه كل رغبة أرضية. وهكذا تردد الكنيسة علي أسماعنا في كل قداس قول الرسول "لا تحبوا العالم، ولا الأشياء التي في العالم، لأن العالم يبيد، وشهوته معه". 9- وفي الفرح بالقيامة، فرح بالملكوت الذي يكون بعدها، وبالنعيم الأبدي وكل ما فيه.وفي فرح القيامة فرحوا أيضًا بالملكوت الذي يكون بعدها، وبالنعيم الأبدي وكل ما فيه عرفوا أن القيامة لها ما بعدها. واستطاع القديس بولس الرسول أن يعبر عن ذلك بقوله "ما لم تره عين، ولم تسمع به إذن، ولم يخطر علي بال إنسان، ما أعده الله للذين يحبونه" (1 كو 2: 9). وتحدث هذا الرسول أيضًا عن الإكليل المعد فقال"وأخيرًا قد وضع لي إكليل البر الذي يهبه لي في ذلك اليوم الرب الديان العادل. وليس لي فقط، بل لجميع الذين يحبون ظهوره أيضًا" (2 تي 4: 8).كما أن الرب في سفر الرؤيا، شرح أمجادًا أخري للغالبين سينالونها بعد القيامة.فتحدث عن شجرة الحياة، وإكليل الحياة، والمن المخفي، والاسم الجديد، والسلطان، وكوكب الصبح، والثياب البيض.. (رؤ 2، 3). بل ما أجمل قوله "من يغلب فسأعطيه أن يجلس معي في عرشي، كما غلبت أنا أيضًا وجلست مع أبي في عرشه" (رؤ 3: 21).إننا لا نستطيع أن نفصل القيامة عن أمجاد القيامة، هذه التي من أجلها اشتهي القديسون الموت.فقال بولس الرسول "لي اشتهاء أن أنطلق وأكون مع المسيح. ذاك أفضل جدًا (في 1: 23). وقال الرسول أيضًا "ونكون كل حين مع الرب".وتحدث القديس يوحنا في رؤياه عن أورشليم الجديدة، النازلة من السماء التي هي مسكن الله مع الناس. حقا ما أجمل القيامة التي تؤدي إلي كل هذا. وكل هذا ننتظره نحن في رجاء، فرحين بالرب وبمواعيده.. 10- وبهذا أعطتنا القيامة رجاءًا في العشرة الدائمة مع المسيح.فرحة القيامة ليست هي مجرد أن تقوم، إنما بالحري أن نقوم مع المسيح، لنحيا معه، حيث يكون هو وهكذا صارت القيامة وسيلة، وليست غاية في ذاتها..وسيلة للحياة مع الرب، والتمتع به، في فرح دائم، لا ينطق به ومجيد، مع مصاف ملائكته وقديسيه.أصبحت القيامة شهوة الكل، وإيمان الكل، كطريق يوصل إلي الأبدية مع الله، التي هي هدف حياتنا علي الأرض. 11- في قيامة المسيح، فرحوا بأنهم تلاميذ المسيح وخاصته، بعد أن كانوا خائفين من انتمائهم إليه! بعد أن كانوا خائفين قبلًا من الانتساب إليه، حتى أن بطرس في ليلة محاكمة السيد، أنكر، ولعن، وحلف، وقال لست أعرف الرجل (متى 26: 74). أما الآن -بعد القيامة- فإنهم يفتخرون به.وفرحوا بأن الرب قد سمح بأن يظهر لهم مدي أربعين يومًا، في العلية في أورشليم، وعند بحر طبرية، وفي الجليل.. ويتحدث إليهم ويطمئن قلوبهم، ويغفر لبطرس إنكاره، ويقنع توما في شكوكه.. ويتنازل إلي ضعفهم، ليرفعهم إلي قوته، دون أن يوبخهم علي هروبهم واختفائهم وشكهم. 12- فرحوا، لأنه بعد القيامة قد افتقدهم المسيح.وقضي معهم فترة، كانت تضميدًا لجروحهم، وإزالة لشكوكهم، وغفرانًا لخطاياهم. بل كانت فترة إعداد للخدمة المقبلة.. أربعين يومًا قضاها الرب معهم، كان فيها يظهر لهم "ويكلمهم عن الأمور المختصة بملكوت الله" (أع 1: 3).. وقد "أراهم نفسه حيًا ببراهين كثيرة".. 13- و فرحوا لأنه في ظهور المسيح لهم، ظهر لهم مجده وعظمته ظهر لشاول الطرسوسي في نور عجيب أبرق حوله من السماء، حتى ارتعد شاول وتحير (أع 9: 3-6).وظهر ليوحنا الرائي "ووجهه كالشمس وهي تضئ في قوتها "حتى وقع عند قدميه كميت (رؤ 1: 16، 17). 14- و فرح التلاميذ، لأنهم بعد القيامة استئمنوا علي رسالة قال لهم الرب "اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم، وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس. وعلموهم جميع ما أو صيتكم به "متى 28:19، 20). "اذهبوا إلي العالم أجمع واكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها. من آمن واعتمد خلص.. هذه الآيات تتبع المؤمنين.." (مر 16: 15-17).وهكذا أصبحت لهم رسالة، ورسالة عظيمة وجليلة، يحيون لأجلها، ويجاهدون لتحقيقها، ويكللون بسببها. وتحقق قول الرب لهم "أجعلكم صيادي الناس" (متى 4: 19).لا شك أن بطرس قد فرح عندما قال له الرب بعد القيامة "ارع غنمي... ارع خرافي.." (يو 21: 15، 16).ولا شك أن كل التلاميذ فرحوا لما قال لهم الرب بعد القيامة "اقبلوا الروح القدس. من غفرتم لهم خطاياهم غفرت لهم، ومن أمسكتموها عليهم أمسكت"، "كما أرسلني الآب. أرسلكم أنا" (يو 20: 21-23). 15- و فرح التلاميذ بالجسد الروحاني الذي للقيامة، حينما يقيم المسيح أجسادهم أيضًا كما قام.. هذا التجلي الذي سيكون للطبيعة البشرية في القيامة من الموت. وقد تحدث القديس بولس الرسول بإسهاب في هذه النقطة فقال "هكذا أيضًا قيامة الأموات: يزرع في فساد، ويقام في عدم فساد. يزرع في هوان، ويقام في مجد. يزرع في ضعف، ويقام في قوة. يزرع جسمًا حيوانيًا، ويقام جسمًا روحانيًا" (1 كو 15: 42-44). وقال أيضًا عن الرب يسوع "الذي سيغير شكل جسد تواضعنا، ليكون علي صورة جسد مجده" (في 3: 21)."علي شبه جسد مجده "فهذا يعطينا فكرة عن جمال الحياة الأخرى وروحانيتها، وبهجة الانطلاق من المادة وكل قيودها، مع كل قدرات الروح ومواهبها. 16- القيامة منحت الكرازة المسيحية ثقة وإيمانًا ثقة بالمسيح القائم من الأموات، الذي عاش معه التلاميذ أربعين يومًا بعد قيامته "يريهم نفسه حيًا ببراهين كثيرة"، "يكلمهم عن الأمور المختصة بملكوت الله" (أع 1: 3). حتى أن يوحنا الرسول، حينما تكلم عنه "الذي سمعناه، الذي رأيناه بعيوننا، الذي شاهدناه ولمسته أيدينا ط (1 يو 1: 1). ملخص لأفراحهم: أما التلاميذ فقد فرحوا إذ رأوا الرب (يو 20: 20). واستمر معهم الفرح كمنهج حياة لقد فرحوا بقيامة الرب، وفرحوا بظهوره لهم. وفرحوا بصدق كل مواعيده. وفرحوا بالقيامة بوجه عام، وبالانتصار علي الموت. وفرحوا لأن اليهود ما عادوا يشمتون بهم. كذلك بالقوة التي نالوها، وبالرسالة التي عهد الرب بها إليهم بعد القيامة وفرحوا بانتشار الكرازة. بل فرحوا حتى بالضيقات التي لاقوها في شهادتهم للرب، وقال عنهم الكتاب "أما هم فرحين، لأنهم حسبوا مستأهلين أن يهانوا لأجل اسمه" (أع 5: 41). فرحوا أيضًا بتحقيق وعده لهم في إرسال الروح القدس إليهم، وقوله لهم "تلبسون قوة من الأعالي" (لو 24: 48).وقوله أيضًا "إذا اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي، فهناك أكون في وسطهم" (متى 18: 20). وقوله كذلك "ها أنا معكم كل الأيام وإلي انقضاء الدهر" (متى 28: 20). قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث عن كتاب تأملات في القيامة
المزيد
11 سبتمبر 2022

الاستشهاد المعاصر

تحتفل الكنيسة احبائى بعيد آبائنا الشهداء لفترة تطول إلى تذكار عيد ظهور الصليب المقدس فترة من ١ توت ل١٧ توت وكأن الكنيسه تريد أن تربط ثلاث اشياء ببعض الاستشهاد بالفرح بالصليب.عشان كدة الكنيسة تصلى .عيد الشهداء من بدايه ١توت ل١٧ توت على طول تصلي طقس فرايحى.استشهاد وفرح وصليب الكنيسه عاوزه تثبت فيها احساس ومشاعر ان الشهاده متعلقه بالصليب وان الشهاده متعلقه بالصليب والفرح لذلك احبائي الانسان المسيحي معروض عليه انه يدخل جوه هذه الدائره البهجة ..دائرة الاستشهاد والفرح وحمل الصليب. يتساءل كل واحد فينا طب انا عايش في عصر بعيد عن عصر الاستشهاد ازاي اشعر بالاستشهاد؟ هل الاستشهاد ماضى ؟ ما هو الاستشهاد بالنسبه لي حاليا احب اتكلم معكم عن روح الاستشهاد المعاصر ازاي الانسان المسيحي يعيش كشهيد في وقتناالحاضر في ثلاث مجالات ان انت محتاج ان انت تقدم حياتك؟ في ثلاث مجالات انت محتاج انك تقدم حياتك فيهم كشهيد هما موضوع صراع ثلاث مجالات المفروض ان انت تعتبر نفسك قصادهم شهيد:- ١- جسد:- الجسد المفروض ان انت جسدك تكون شهيد قصادة ان تسلك بالروح ولا تكمل شهوه الجسد كانك بتضع سكين روحي على الجسد. كانك تقتل شهوه الجسد الجسد في حد ذاته ليس خطية هو عمل الله الجسد كريم ومقدس الجسد هو إيناء الروح ..الجسد عمل اللة لكن عدو الخير استخدم الجسد كسلاح ضد الانسان استخدم غريزه الجسد وجعل الجسد يكون اداء الشر عشان كده الكتاب المقدس يقول لك ان الجسد يشتهى ضد الروح والروح يشتهي ضد الجسد وكلاهما يقاوم الاخر.. عشان كده الكتاب المقدس يكلمنا عن ان نسلك بالروح ولا نكمل شهوه الجسد..يكلمنا عن ان الذين هم للمسيح يسوع قد صلبوا الجسد مع الأهواء والشهوات الانسان المسيحي عليه ان هو يعيش الاستشهاد اي يحيى بجسد مصلوب جسد وضع عليه سكين النعمه بلاش شفقة.. الكنيسه لما انتهت منها عصر الاستشهاد في عصر القرن الثالث ابتدت ناس كثير عندها اشتياء للاستشهاد بس ما فيش فرصه ما فيش اباطرة مضطهدين المسيحين...خلاص قسطنطين الملك جاء وجعل المسيحيه ديانا رسميه ورفع الاضهاد عن الكنيسه وابتدا يهتم بزينه الكنائس وبناء الكنائس.. طب وبعدين احنا كنا عايزين نستشهد نعمل ايه؟ فوجد نظام كامتداد للاستشهاد..وهو طريق الراهبنة فطريق الرهبنة هو امتداد للاستشهاد لذلك يطلق عليه الاباء انهم الشهداء البيض ...بمعنى انهم شهداء بدون سفك دم شهيد امام جسدة يضبط جسدة يضبط غرائزه يتساما بحواسة ومشاعرة بيقدم جسد لربنا جسد مذبوح كل يوم فإن كان الشهيد يقتل يوميا أو يذبح يوميا أو يضرب أياما فالراهب وضع على نفسية ان يكون ضد جسدة طول ايام حياتة..... من هنا صار هناك مجال للاستشهاد هو أن اضبط جسدى .ان احيا بجسد كل يوم قصاد ضميرى انا بقدمة كشهيد للة .. عشان كده لو انت جواك اشتياق استشهاد اقولك الاستشهاد موجود دور عليه تلاقية ... انت لما تبقى تعبان وتقف تصلى ما دة نوع من انواع الاستشهاد..عندما تكون ميال للراحة و عاوز تنام وعاوز تصحى بدري عشان تحضر قداس ولة تحضر تسبحة ما ده نوع من انواع الاستشهاد ..لما تعيش الطهاره في وسط عالم مليان بالفساد ما ده برضه نوع من انواع الاستشهاد عشان كده الاستشهاد معروض علينا استشهاد بانك تصلب الجسد بتاعك بدل ما الجسد يبقى مؤذي بالنسبه لك بدل ما الجسد يكون وسيله هلاك.. هو هو الجسد يبقى وسيلة نجاه فالجسد اللي كان بيشتهى وياكل ويشرب ويجوع هو هو نفس الجسد اللي هيصوم هو هو نفس الجسد اللي هيعيش العفه عشان كده يقول لك لما جسدك تجعلة يتعب في الاعمال الروحية.. بيقول لك ان عرق الصلاة اللة يشتمها كأذكى من رائحة البخور ..الذكية..لانة خارج من الجسد. خارج من افرازات الجسد ... لكن هو جسد تقدس ... قدم كيان مقدس للة..... لدرجه ان الاباء القديسين كانوا ينصحوا تلاميذهم ويقولوا لهم ((أن لم يتقدس فراشك بعرق الصلاه فلا تنام )) ماتنمش الا لما يكون سريرك مقدس بعرق الصلاة.. يعني افضل صلي صلي جاهد جاهد .. لحد ماجسدك كلة يشر عرق ... لما تيجي تنام العرق ينزل على السرير بتاعك هو ده بيقدس فراشك ان لم يتقدس فراشك بعرق الصلاه فلا تنام.. دول بيقدمه أجساد شهيدة كل يوم ده شهيد للمسيح يسوع ان كان دقلديانوس قد انتهى ولا يوجد هناك سياف ولايوجد من يبطش بية فأقام هولنفسة سيافا ..فجعل ان يقدم جسدة كاناء لمجد ربنا يسوع المسيح ..بدل الجسد اللي كان مؤذي ومتعب وعمال يقدم سقطات وشهوات صار هو هو الجسد اللي بيقدم كرامه لربنا فاكرين قصه شمشون لما طلع عليه اسد فشمشون ضرب الأسد وشق فكية وموتة.. جاء بعد كده وهو راجع فوجد الجسد ده اتعمل كخليه نحل..فتعحب وقال الاسد اللي احنا موتنا ده اتحول لخليه نحل فاخذ من الجوف بتاعه عسل وقال العباره المشهوره بتاعتة((يخرج من الاكل اكلا ومن الجافي حلاوه)) قديسين اخذوا العباره دي على الجسد الجسد عامل زي الاسد عايز يطلع يكلك يفترسك .عاوز يبلع منك الحياه الابديه.. انت اغلبة و بدل ما يقدملك موت هيقدملك حياه ...نفس الجسد اللى كان هيقدم لك شهوه راضيه هو هو نفس الجسد اللى تاكل منه عسل جميل.. وتاكل منة وسائط نعمة.. هو هو الجسد اللي هيسجد... هو الجسد اللي هيصوم هو الجسد اللى هيتسامى بالغريزه بتاعته ويصعدها الى الله وهتترجم لطاقة حب للجميع هو ده الجسد.. هو ده الجسد اللي كان متعب ((يخرج من الاكل اكلا ومن الجافي حلاوه)) ٢- العالم :- مفروض ان انا النهارده اكون شهيد قصادالعالم كناس وشهيد قصاد العالم كمغريات.. المفروض ان انا اكون شهيد قصاد العالم كمجتمع اعيش كانسان مذبوح يقول لك على الانسان المسيحي عباره جميله جدا الانسان المسيحي كسيده قائم كانه مذبوح يقول لك ابائنا القديسين تفسير عن الجمله دي كانه مذبوح معناها انه لا يعيش عيشه الاحياء ولا يستريح راحه الاموات ...كان مذبوح هو دة الانسان المسيحي قصاد العالم ...الانسان المسيحي قصاد العالم لا هو عايش ولا هو ميت.لكنة عايش حياه مختلفه عن العالم العالم بالنسبه للانسان المسيحي مجال استشهاد ان يصلب العالم لى و انا للعالم. انا مصلوبلة وهو مصلوبلى..يعني هو مالوش سلطان عليا...وانا مش منجذب آلية انا مصلوبلة رغم انة قصادي.. فانا مصلوبلة وهو مصلوبلى... الذي صلب العالم لي وانا للعالم... احنا الاثنين مصلوبين لبعض..احنا فى عالم النهاردة احبائى المباهج بتاعتة بتتحدي الانسان بقوه وكل يوم في جديد و الانسان لو مغلوب من نفسه هيتغلب للعالم ..عشان كدة من مجالات الاستشهاد العمليه خلي العالم يبقى مصلوب ليك ..اجعل العالم بكل مباهجه و كل مخترعاته وكل تقدمه يبقى عالم مصلوب ليك ما تبقاش انت مذلول لية... ماتبقاش انت خاضع لة.. ما يبقاش هو بيشكلك ..ما يبقاش هو بيستخدمك معلمنا بولس الرسول يقول لك(( الذين يستعملون هذا العالم كانهم لا يستعملونة الذين يشترون كانهم لا يملكون)) دة إنسان شهيد قصاد العالم..العالم بالنسبه له مش حاجه هو بيتعيد لها.. لا دي حاجه مصلوبة لةعدو الخير تجاصر واخد ربنا يسوع المسيح فوق جناح الهيكل وقالة شايف العالم شايف مباهجة شايف اضواءة... انا هعطيك كل ده ان سجد ليا... نفس الاسلوب ده بيستخدمة عدو الخير معنا لحد النهارده..انة يحاول يغلبنا بمباهج العالم المتعدده يحاول يعرض علينا مباهج العالم فى صورة مزينه من المجالات اللي احنا لازم نستفيد بها كوسيلة نقدم انفسنا للة كشهداء فى عصرنا الحالى...ان يكون العالم مصلوب لنا ..عشان كده حرب العالم دي كانوا بيحاربوا بيها الشهداء جدا... يقول له هاعطيك. هجوزك طب هجعلك تبقى قائد جيش.. تخيل لما يكون فى جندى صغير ولا ضابط صغير في الجيش ويقول لة ..هجعلك تكون قائد جيش ... قائد جيش بالنسبه لواحد جندى ده حلم ..حاجة فظيعةو رهيبه ..اخليك تبقى قائد جيش يقول له اجوزك بنت الملك كل ده و الشهيد يرفض لان اغراءات العالم ماتت من جواهم يقولك عن دقلديانوس.. عندما رأى ان مواكب بالالاف من المسيحيين يقبلون على الاستشهاد قال عباره شهيرة يستحيل ان يكون هؤلاء مغلوبين لشهوه...حاجة تلخبط اصل هو راجل مستعبد للعالم مستعبد للجسد فمستغرب ازاي واحد بالسهوله دي بيتنازل عن حياته عن العالم.. اقولك اصل هو مش مغلوب لشهوه.. مش مغلوب للعالم .. مش حاسس ان حياته في هذه الحياه لا ..ده له مدينه باقيه ...عشان كدة احبائى صلب العالم ...العالم كمجال للاستشهاد امر هام جدا ان احنا نؤمن به ونعرفة .. عشان كده احبائى لو انت النهاردة تعيش استشهاد معاصر اصلب العالم بايديك... مش كل حاجه جديده تجري وراها.. مش كل حاجه يبقى نفسك فيها وتنزللها.... اغلب من جواك تعرف تغلط من براك. قاعده الانسان اللي يعرف يغلب من جوه يعرف يغلب من بره اللي يتغلب من جوه هيتغلب من بره.. العالم مجال للاستشهاد العالم كأشياء .العالم كبشر... انت محتاج ان انت تشهد للمسيح وسط العالم.. ممكن العالم يطهدك كمسيحي..اقولك دى فرصة للاستشهاد.. فرصه للاستشهاد اذا كانوا هما عزبوا من اجل اسمة... انت ممكن تهان من اجل اسمه او ممكن تظلم من اجل اسمه عشان كده اقدر اقول لك ان من ضمن المجالات ان ممكن انت تكون بيها شهيد العالم كبشر كضيق كاضهاد كاغراءات او كعبودية لاشياء وملكيات. كل دة مجال للاستشهاد.. يقف واحد من الشهداء قصاد واحد مالك يقولة لو ماانكرتش الإيمان انا هعزبك وهتتالم انا بأمرك تترك المسيح اللي انت متمسك بية دة....يقولة دة انا نفسي اتالم من اجل اسمه يا ريتك ما تحرمنيش من البركه دي ده شرف عظيم ان اوهان من اجل اسمه اخشى ان اقول لك ان الحياة التى احياها انا اصعب من السجن الذى تدبرة لى انت.. انا راجل ساكن في نوءرة في جبل هتبقى بالنسبه للسجن بتاعك اصعب السجن بتاعك يمكن يبقى مرفة عن الحياه اللي انا عايشها انا ساجن نفسي بأرادتى انا عايش عيشه صعبه بارادتى ومانع نفسى من كل ممتلكاتى بأرادتى.. انا ليس لى شئ الان ...يقولة هموتك..يقولة دة انا حياتي كلها في اشتياق لهذه اللحظه فليتك تتعجل...فليتك لا تتردد فى امرى .. انا مشتاق للحظه دي مش مغلوب لحاجه ..لا الملكيه ولا خائف من الالم ولا خائف من الموت مش مغلوب لشيء.. ٣- الشيطان:- محتاج ان انا اقدم نفسي شهيد قدام حيل الشيطان مهما يحاول يقدم لي من اغراءات اكون شهيد قصادة..ومهما يحاول يقدم لى من خداعات انا اكون شهيد قصادة.. الشيطان بيقدم لنا فرصه نشتهد..ياما الشيطان يدبر للانسان فخاخ عشان يقع بيها عليك ان انت تجاهد عشان تنجو من الفخاخ الشيطانيه دي وده لون من اللوان الاستشهاد..حيل العدو الكثيره حيل العدو المختلفه محتاج انك تقف قصادها بنفسيه شهيد يعني نفسيه انسان قد وضع كل ثقتة فى الحياه الابديه وتخلى عن كل امجاد الحياه الدهرية ... من هنا احبائي ده مجال احنا محتاجين اننا نعيش بية كشهداء. شهداء امام ضمائرنا شهيد قصاد العدو يقول لك ان العدو أصبح محتار في القديس ابو مقار بيقول له انا مش عارف اعمل فيك ايه انت غلبتني انت ما خلتش حرب من الحروب اللى فى جعبتى الا وانا حاربتك بيها وفي الاخر انت اللى انتصرت... فانت لما انتصرت عليا فى كل الحروب دي انت كللت... فانا حروبي بتعطيك مجال للاكليل انا لازم ابعد عنك... حروب عدو الخير هي بالنسبه لنا مش اداء لسقوط ولكنها اداه لمجد..هى اداة لاكاليل..هى أداة للاستشهاد.. جميل الانسان اللي تتحول الحروب بالنسبه له لاكليل مش للسقوط...عشان كدة احبائى من ضمن الميادين اللي احنا معروض علينا ان احنا نقدم فيها اجسادنا ونفوسنا كشهداء لله حرب عدو الخير.... عدو الخير كان ياتى للمساجين اللي كانوا على زمة التحقيق عشان يستشهدوا...كان ياتى وسط الالاف دون يقول له هتسيب عيالك؟ وبعدين هيعملوا ايه من غيرك اذا كان ومش عارفين يعيشوا وانت موجود امال لما تموت هيحصل لهم ايه ؟يقول لك على القديسة بربتوا .. كانت انجبت طفلة لها بضعت اشهر عدو الخير يجيب فكره للناس اللي بيعذبوها يقول خلوا الطفله بتاعتها تجيء وتقف بره السجن عشان تسمع صراخ الطفلة الجعانه فقلبها يلين فتترك المسيح و يسمعوها صراخ الطفلة الجعانه يقولوا ايه بنتك اطلعى رضعيها ربنا هيعزرك ويسامحك... لدرجه ان في واحد الشيطان اغواة وجبلة فكره بقى يكلم المسجونين المسيحين..رغم أن .هو مسيحي يقول لهم انا عشان خاطر اولادي هبخر للاوثان بس انا فى ضميري مسيحي... الشهداء قالوا لة كلام فاضي ما ينفعش ده انت مخدوع من الشيطان كيف ابخر وضميري مسيحي كيف اابخر للاوثان وانا باقول قدوس الله قدوس الحي الذي لا يموت ...هل انا اضحك على ربنا ؟عشان كده احبائي شوفوا خداعات عدو الخير كان بيضغط بها على الشهداء ...يجعل الشخص يتذكر زوجته ...وزوجة تذكر زوجها واولادها تتذكر التزاماتها تذكر العالم ممكن عدو الخير يقول لك انت لو ضعفت ربنا يسامحك انت ممكن تقدم توبه...وخلي بالكم الاباء القديسين بتوع الكنيسه الاولى كانوا عاملين قانون للتوبه على ناس كثير جدا تركت المسيح اثناء الاضطهاد ثم ارادوا ان يرجعوا...واختلف الاباء على أن يقبلوهم ام لا .. و معظم الاباء اقرروا انهم ياخدوا قانون توبة ويرجعوا... قصدي اقول لك ان عدو الخير عندما رمى الشبكه بتاعته..جذب ناس كثير بخداعة...ومازال عدو الخير يلقى نفس الشبكه ويخدعك ويقولك هل انت هتعيش للمسيح لواحدك في الدنيا دي.... انت بس اللي عايز تعيش بالانجيل عايز الناس كلها تبقى ماشيه بالنفاق وانت اللي ماشي بالحق... عايز الناس كلها تكون ماشيه حسب الموضه وانت اللي عاوز تكون بحسب الانجيل ..عدو الخير بيستخدم كل الأساليب .عشان كدة انت محتاج تكون شهيد قصاد حروب الشيطان ثلاث مجالات المفروض المفروض اننا نكون شهداء من خلالهم...شهيد قصاد جسدى.. شهيد قصاد العالم... شهيد قصاد حيل لشيطان ...من هنا انا ممكن اكون شهيد وممكن اعيش بنفس ابائي الشهداء... عشان كده الكنيسه تقول لك الشهداء (( الخطاة اللذين تابوا عدهم مع مؤمنيك..ومؤمنيك احسبهم مع شهدائك)) يعني كل مؤمن حقيقي بالمسيح يسوع متمسك بالانجيل وتمسك بالصلوات متمسك بالوصايا متمسك بالاتضاع وسط عالم لا يعرف الى العجرفة.. ..متمسك بالتسامح وسط عالم لا يعرف الا الشراسه كل انسان مسيحي يعيش بالوصايا مؤمنيك احسبهم مع شهداء....يصبح انسان في كرامة شهيد تخيل انت لما يبقى عليك ان انت تاخذ كرامه الشهداء ان انت تعيش بجسد مصلوب وتعيش بعالم مصلوب وتعيش غالب لحروب عدو الخير... ده احبائي ميادين ربنا بيعطيهلنا لنا عشان نكون شهداء بيها.. منظر قبر الست دميانه ..فوق قبر الست دميانة فى مذبح ..فيقول لك المنظر ده جميل المسيح مذبوح من اجل الست دميانه والست دميانه مذبوحه من اجل المسيح حب متبادل هو مات عنها وهي ماتت ي عنة ... كل نفس مجروح بجراحات المسيح جراحات من اجلة فتقدم جسد مذبوح وتقدم عالم مذبوح وتقدم شيطان مهذوم....ربنا يكمل ناقصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمتة ولالهنا المجد الى الابد امين. القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا انطونيوس محرم بك الاسكندرية
المزيد
10 مايو 2022

قام ولكن

قام ولكن لم يقم أحد مثله: فقيامته كانت فريدة تختلف عن كل من قام في العهدين، سواء أقامهم هو أو أنبياء أو قديسين.. ففي كل معجزات أقامة الموتى في الكتاب المقدس نرى:أ. لم يقم أحد بقوته دون مساعدة، إلا السيد المسيح له المجد هو الوحيد الذي أقام ذاته بقوته الذاتية دون ان يطلب عنه أحد أو يصلي له أو يقف عند قبره أو يفتح له الباب.ب. كل من قام، قام بجسده الذي مات به، إلّا السيد المسيح الذي قام بجسده ولكنه تحول إلى جسد روحاني ممجد، كأول من قام بهذا الجسد، والذي سنقوم به كلنا في القيامة العامة، حيث سنقوم بأجسادنا ثم تتحول إلى هذه الصورة الروحانية لنستطيع أن نحيا بها في السماء.ج. أول من قام ولم يمت مرة أخرى، لأنه قام بجسد روحاني غير قابل للموت.د. وعلى الرغم من قيامته بجسد روحاني إلّا أنه احتفظ بآثار الجراح في جسده الممجد، وهي معجزة فريدة لن تتم مع أحد إلّا المسيح، فجميعنا سنقوم بلا عيوب.2. قام ولكن ليس الكل يستحق رؤيته:حينما قام كان يمكن أن يظهر لبيلاطس ورؤساء الكهنة والكتبة ومجمع السنهدريم لتوبيخهم على عدم قبوله وما فعلوه معه حتى موته... ولكن ليس الكل يستحق رؤية المسيح القائم، إنه لا يظهر إلّا لمن يريده ومن يحبه، ومن يقبله ومن يبحث عنه، أمّا من يرفضه فلا يفرض نفسه عليه... حقًا هو أحب العالم كله، ولكن لا يجبر العالم كله على الإيمان به أو رؤيته، بل إن كان أحد يريد أن يراه فهو يظهر له ذاته، ولكن من لا يريد فلا يستحق.. لذا فهوأ. ظهر لمريم المجدلية ومريم الأخرى لأنهما أكثر من ذهب لرؤيته.ب. ظهر لبطرس لإعادته لوضعه.ج. ظهر للتلاميذ أحبائه ليزيل خوفهم.د. ظهر لتلميذي عمواس ليردهم إلى التلمذة.ه. ظهر لتوما ليزيل شكّه.و. ظهر للتلاميذ وقضى معهم أربعين يومًا يعلّمهم ويسلمهم كل ما يختص بملكوت الله، والكنيسة وما فيها مِن طقوس وإيمانيات.ز. وقد يرى في بعض الناس استعدادًا فيظهر لهم مثل شاول الطرسوسي الذي كان يحتاج إلى تصحيح مسار.3. قام ولكن هل قمنا معه؟إن الموضوع طويل، ولكن يمكن تلخيصه في نقاط قليلة:أ. نقوم معه بالإيمان: من يحيا الإيمان الحقيقي هو القائم من الأموات؛ ومن يحيا الإيمان الحقيقي والثقة به في كل مواقف الحياة فلا يضطرب ولا يخاف من شيء، ولا يحزن على شيء، بل يحيا في الفرح الدائم.ب. نقوم معه بالمعمودية: إذ أن من يعتمد يموت معه، يقوم أيضًا معه.ج. نقوم معه بالتوبة: فإن كانت الخطية هي موت، فالتوبة هي قيامة.د. نقوم معه بالتناول: من يتناول يحيا إلى الأبد وهو يقيمه.ه. نقوم بالاحتمال: من يحتمل من أجل الرب ظلمًا أو تعبًا أو اضطهادًا أو ألمًا أو فراقًا أو مرضًا وقد حمل صليبه هذا بفرح وشكر، هذا سيفرح معه بقيامته.و. نقوم معه بالأمل والرجاء: فاليأس موت والأمل قيامة.ز. نقوم معه بالفرح: فكما أن الحزن موت، فالفرح هو أيضًا قيامة. نيافة الحبر الجليل الأنبا تكلا اسقف دشنا
المزيد
16 سبتمبر 2022

ذبيحة الحب الالهى

هذه المائدة هـي عضـد نفوسنا .. رباط ذهننـا .. أساس رجائنا وخلاصنا ونورنا وحياتنـا . عنـدمـا تـرى المائدة معدة قدامك قل لنفسك : من أجـل جسـده لا أعـود أكـون تراباً ورماداً ، ولا أكون سجيناً بل حراً . من أجل هذا الجسـد أترجى السماء " . ( القديس يوحنا الذهبي الفم ) مزمور لداود : " الرب راعـي فـلا يـعـوزني شيء . في مـراع خضر يربضني . إلى مياه الراحـة يوردني . يرد نفسي . يهديني إلى سبل البر من أجل اسمه . أيضاً إذا سرت في وادي ظل المـوت لا أخاف شرا ، لأنك أنت معي . عصاك وعكارك هما يعزيانني . تُرتب قدامي مائدة تجاه مضايقي . مسحت بالدهن رأسي . كأسي ريا . إنّما خير ورحمة يتبعانني كل أيام حياتي ، وأسكن في بيت الرب إلى مدى الأيام " ( مز ٢٣ ) . اقرأ المزمور السابق مرة أُخرى ثم دعنا نتأمل فيه قليلاً .يقدم لنا هذا المزمور صورة عن الحياة المسيحية ..فالمراعي الخضـر هـي كلمة الله .. وماء الراحة هو المعمودية .. بينما يمثل وادي ظل المـوت الـدفن في المعمودية ، والدهن كذلك يمثل الميرون . أما المائدة فهي سر الإفخارستيا ، والكأس هو عصير الكرمة ، وبيت الرب هو الكنيسة . إنها ذبيحة الحب الإلهي والخطوة السادسة التي تضـيء طريقنا الروحي . دعنـا في البدايـة نـرسـي معـا مبـادئ هـامـة فيما يتعلق بـسـر الإفخارستيا ، والقداس الإلهي : سر التناول أو الإفخارستيا هو نعمة غير منظـورة مـن خـلال القداس الإلهـي الـذي يمثـل قمـة الصـلوات المسيحية ، فالقداس الإلهـي سـواء بصلوات الأب الكاهن أو مـردات الشعب غنـي بـالطقوس والقراءات الكتابية .الله هو صاحب كل النعم في حياتك وليس لك فضـل في شيء ، وفي سـر الإفخارستيا كأنك تأخـذ مـما أعطاك اللـه لتشكره بـه ، فتصير ذبيحـة الخبـز والخمـر ذبيحـة شـكر ، وبعـد التقديس تصير الذبيحـة جسد ودم المسيح بالحقيقة . المسيح هنـا هـو الكاهن والذبيحـة ... ففـي كـل مـرة تحضـر القـداس الإلهي كأنك في وقت الصليب تماماً والمسيح المصلوب هـو حاضـر فهل كل مرة تتقدم لهذا السر وأنت تشعر بحضور المسيح فيه ؟! القداس الإلهـي خـارج حيـز الـزمـن وكـأن المسيح يذكرنا : " خذوا كلوا . هذا هو جسدي " ( مت ٢٦ : ٢٦ ) ، وهـذا مـا يكــرره الأب الكاهن في القداس عن فم المسيح ، وبفاعلية عمل الروح القدس . يقول الآباء : " المسيحيون يقيمون سر الإفخارستيا ، وسـر الإفخارستيا يقيم المسيحيين " . أتتساءل الآن : لماذا لا أستفيد من القداس الإلهي ؟! دعنا نناقش سويا ما يمنعك من التمتع بالقداس الإلهي : الحضور المتأخر : كـل صـلوات القداس منـذ بدايتها ( عشية - باكر - تقدمة الحمل - قداس الموعوظين ـ قداس المـؤمنين ) إلى نهايتهـا وحـدة واحـدة وعـدم حضـور أي منهم يفقـدك جـوهرة ثمينـة مـن جـواهر فضلاً عن غياب التهيئة المناسبة للحضور بالاستعداد القداس الإلهي ، الذهني والروحي والجسدي .الحضـور الروتينـي : وفي ذلـك عـدم الاشتراك في المـردات والألحـان فالقداس الإلهي هو سيمفونية مقدسة مشتركة بين الكاهن والشماس والشعب . فضلاً عـن عـدم التركيز والتأمـل والانشغال بأمور الحياة ، ويتبقـى لنـا في هـذه النقطـة ... الانشغال بالإداريـات مثـل : جمـع العطاء ، البيع ، التنظيم ... التـي بـدورها تعـوق الإنسـان عـن التمتّع بالقداس الالهي . الحضور الشكلي : ولهذه النقطة محاور عدة مثل : عـدم التناول ، عـدم الاعتراف ، وكذلك الجلوس في المؤخرة ومحادثة الآخرين . كل ما سبق يمثل أساليب عدة يحـاول بهـا عـدو الخير أن يمنعـك عـن التمتع بالقداس الإلهي ، وبالتالي عن الشبع بالمسيح . أتود أن تسألني الآن : كيف أستفيد من القداس الإلهي ؟ في خطوات عملية سأوضح لك كيف يمكنك التمتع بالقداس الإلهـي ولكن في البداية ضع في قلبك أن القداس الإلهي هو رحلة شيقة للتمتع بالمعية الإلهية . ١- افهم سر الإفخارستيا ... كـن واعياً لعظمـة السـر وعمـل المسيح فيـه وكأنك تستحضر بداخلك ما صنعه الفادي المحب لأجلك . في طريقـك إلى الكنيسـة ردد : " فرحـت بالقائلين لـي : إلى بيـت الـرب تذهب " ( مز ۱۲۲ : ۱ ) ... امـلأ قلبـك وذهنـك بالاستعداد لمقابلـة ملـك الملوك ورب الأرباب . ۲- استعد بنفسك لكي مـا تشعر بعمـق هـذا السـر في حياتك ، فالاستعداد النفسي سيهيئ قلبك ليحل المسيح فيـه ... اقـرأ قراءات القداس الإلهـي الليلة السابقة ، وخذ قسطاً كافيـاً مـن النـوم ، كي تتجنب الإرهـاق الجسدي أثناء القداس الإلهي . ۳- شارك في القداس الإلهـي بكل كيانك ... اجلس في الصفوف الأمامية .احضـر مبكراً وقوفـك في القداس الإلهـي سيملأ قلبـك بالخشـوع وكأنك تمجد الله بتلك الصحة التي منحك إياها . ٤- اشترك في صلوات القداس الإلهي ... سبح الله بالمردات والألحان . 5- عش صلوات القداس الإلهي بفاعلية ... عش مع المسيح صلبه وقيامتـه في القداس الإلهي وانتظار الكنيسة لمجيئه الثاني . 6- ارفع قلبك بالصلوات سواء التي تمجد فيها الله على عظـم صـنيعه معنا ، أو التـي تطلـب فيهـا غـفـران خطايـاك ، أو تصلي لأجـل المتألمين والمرضى والذين رقدوا . استمتع بعشرة القديسين في المجمع المقدس ، ومـن خـلال الأيقونات ... أنظر إلى نهاية سيرتهم وتمثل بإيمانهم أتركك الآن مع باقة من أقوال الآباء عن القداس الإلهي : " إن اتحادنـا بالمسيح بتناولنـا مـن جسـده ودمـه ، أسـمـى مـن كـل اتحاد "( القديس أثناسيوس الرسولي ) .أعطانا ( الله ) جسده الحقيقي ودمه ، لكي تتلاشى قوة الفساد ، ويسكن في أنفسنا بالروح القدس ، ونصير شـركاء بالقداسة وأناساً روحيين " . ( القديس البابا كيرلس عمود الدين ) " إن المائـدة السـرية جسد المسيح تمـدنا بالقوة ضـد النـزوات وضـد الشياطين ، ذلك لأن الشيطان يخـاف مـن هـؤلاء الذين يشتركون في الأسـرار بوقار وتقوى " ( القديس البابا كيرلس عمود الدين ) " المسيحيون يقيمـون الإفخارستيا ، والإفخارستيا تقيم المسيحيين " . ( الشهيد فيلكس من القرن الثالث ) " نحن الكثيرين خبز واحد ، جسـد واحـد ؛ لأننـا جميعاً نشترك في الخبـز الواحد " ( القديس يوحنا الذهبي الفم ). " إن رئيس كهنتنا الأعظـم قـدم الذبيحـة التـي تطهرنـا ( على الصليب ) ، ومـن ذلـك الوقت إلى الآن تقدم نحن أيضـاً هـذه الذبيحة نفسـها . وهذه الذبيحة غير الفانية وغير النافدة ( لأنها غير محدودة ) هي نفسها ستتمم إلى انقضاء الدهر حسب وصية المخلص : " وهذا اصنعوه لذكري " . ( القديس يوحنا الذهبي الفم ) في النهاية أود أن أقدم لك تدريباً عملياً يقـودك لعمـق صـلوات القـداس الإلهي ، سأتركك عزيزي القارئ مـع إحـدى صـلوات القسمة التـي تقـال في القداس الإلهي ؛ لتتأملها ثم تدون تأملك ، وصلاة شخصية منها : أيها الابن الوحيد ، الإلـه الكلمـة الـذي أحبنا ، وحبـه أراد أن يخلصـنـا مـن الهلاك الأبدي . ولما كان الموت في طريق خلاصنا ، اشتهى أن يجوز فيه حباً بنا . وهكذا ارتفع على الصليب ليحمل عقاب خطايانا ، نحـن الـذين أخطأنا ، وهو الذي تألم . نحن الذين صرنا مديونين للعدل الإلهي بذنوبنا ، وهـو الـذي دفع الديون عنا . لأجلنا فضل التألم على التنعم ، والشقاء على الراحة ، والهـوان على المجـد ، والصليب على العرش الذي يحمله الكاروبيم . قبل أن يربط بالحبال ، ليحلنا من رباطات خطايانا ، وتواضع ليرفعنا ، وجـاع ليشبعنا ، وعطش ليروينا ، وصعد إلى الصليب عرياناً ليكسونا بثـوب بـره ، وفتح جنبه بالحربة لكي ندخل إليه ونسكن في عرش نعمته ، ولكي يسيل الـدم مـن جسده لنغتسل من آثامنا ، وأخيراً مات ودفن في القبر ليقيمنا من موت الخطية ويحيينا حياة أبدية . فيا إلهي إن خطاياي هي الشوك الـذي يـوخز رأسـك المقدسة ، أنـا الـذي أحزنت قلبك بسروري بملاذ الدنيا الباطلة . ومـا هـذه الطريق المؤدية للمـوت التي أنت سائر فيها يا إلهـي ومخلصـي ، أي شيء تحمـل عـلى منكبيـك ؟ هـو صليب العار الذي حملته عوضاً عني . ما هذا أيها الفادي ؟ ما الذي جعلك ترضى بذلك ؟ أيهان العظيم ؟! أيـذل الممجد ؟! أيوضع المرتفع ؟! يا لعظم حبك !! نعم هو حبك العظيم الذي جعلـك تقبل احتمال كل ذلك العذاب من أجلي .أشكرك يا إلهي وتشكرك عني ملائكتك وخليقتـك جميعاً لأني عاجز عـن القيام بحمدك كما يستحق حبك ، فهل رأينـا حبـاً أعظـم مـن هـذا ؟! فـاحزني يا نفسي على خطاياك التي سببت لفاديك الحنون هذه الآلام . ارسمي جرحه أمامك ، واحتمـي فيـه عنـدما يهيج عليـك العـدو . أعطنـي يا مخلصـي أن أعتبر عذابك كنزي ، وإكليل الشوك مجـدي ، وأوجاعك تنعمي ، ومرارتك حلاوتي ، ودمك حياتي ، ومحبتك فخري وشكري . یا جراح المسيح ، اجرحيني بحربة الحب الإلهي . يا موت المسيح ، أسكرني بحب من مات من أجلي . يادم المسيح ، طهرني من كل خطية . يا يسوع حبيبي ، إذا رأيتني عضـوا يابساً ، رطبنـي بزيت نعمتـك وثبتنـي فيك غصناً حياً أيها الكرمة الحقيقية . وحينما أتقدم لتناول أسرارك ، اجعلني مستحقاً لذلك ومؤهلاً للاتحاد بك . لكي أناديك أيها الآب السماوي بنغمة البنين قائلاً : أبـانـا الذي . قداسة البابا تواضروس الثانى البابا ال١١٨ عن كتاب خطوات
المزيد
18 أغسطس 2022

شخصيات الكتاب المقدس ملاخى

ملاخى " ولكم أيها المتقون اسمى تشرق شمس البر والشفاء فى أجنحتها "" ملا 4: 2 " مقدمة لعل من أطرف ما يقال أن بقالا أخذ يكيل المدح لأحد الرعاة، وكان هذا الراعى قد نصب حديثاً على كنيسة فى المدينة التى يعيش فيها البقال، وإذ سئل البقال عما إذا كان قد سمع الراعى وهو يعظ!!؟ فأجاب، كلا.. ولكنه منذ أن وفد على المدينة وجميع الزبائن الذين ينتمون إلى هذه الكنيسة يدفعون فواتيرهم … أو فى لغة أخرى أن البقال رأى حياة الأعضاء فى تصرفاتهم وأسلوبهم الجديد فى الحياة!!.. وقد لخص احدهم خدمة ملاخى كتب نبوته فى عام 432 ق. م. فى ذلك الوقت الذى عاد فيه نحميا حين استدعاه الملك أرتحشستا حيث يقول فى سفره: « وفى كل هذا لم أكن فى أورشليم لأنى فى السنة الاثنتين والثلاثين لأرتحشستا ملك بابل دخلت إلى الملك وبعد أيام استأذنت من الملك وأتيت إلى أورشليم وفهمت الشر الذى عمله ألياشيب لأجل طوبيا بعمله له مخدعاً فى ديار بيت الرب » " نح 13: 6 و7 " وكان الارتداد رهيباً فى فترة غياب نحميا، وظهر ملاخى لالينادى بعودة نحميا فجأة ليواجه الفساد والشر الذى عاد إليه الشعب بصورة رهيبة، بل من هو أعظم من نحميا، شمس البر الذى يشرق والشفاء فى أجنحته، … إن آخر كلمة فى العهد القديم كانت كلمة « بلعنٍ » … وأول كلمة فى العهد الجديد تواجه هذه اللعنة: « كتاب ميلاد يسوع المسيح » … والمسيح وحده وفيه تتحول اللعنة إلى بركة ويدخل الأمل الضائع فى العهد القديم، فى الرجاء الأبدى فى العهد الجديد، … ولهذا يحسن أن نرى ملاخى من النواحى التالية: ملاخى ومن هو!!؟ يعد ملاخى النبى الثانى عشر من الأنبياء الصغار، وآخر أنبياء العهد القديم - والكلمة - « ملاخى » تعنى « ملاكى » أو « رسولى ». ونحن لانكاد نعرف عن هذا النبى شيئاً خلا اسمه وسفره، وقد ظن البعض أن اسمه لا يشير إلى شخص بقدر ما يشير إلى رسالة، ومن قالوا إن الكلمة « ملاخى » ليست اسم علم بل هى صفة لنبى أو رسول، ولذا قالوا إن عزرا الكاتب هو صاحب سفر ملاخى، غير أن هذا الرأى مردود لاختلاف أسلوب السفر عن سفر عزرا، ومن العجيب أن أوريجانوس كان يعتقد أن كاتب السفر ملاك من السماء!!... غير أن معظم الشراح ودارسى الكتاب يعتقدون أن ملاخى اسم علم لشخص حقيقى، عاش معاصراً لنحميا وتنبأ فى الشطر الأخير من حياة هذا الحاكم العظيم، ووهناك تقليد يقول إنه كان عضواً هو وزكريا فى مجمع اليهود العظيم، وأنه ولد فى بلدة صوفا من سبط زبولون، وأنه مات ولما يزل فى عنفوان شبابه. وقد تنبأ هذا النبى بعد الرجوع من السبى وبناء الهيكل، ومع أن أسلوبه ربما لا يرقى إلى أسلوب أنبياء ما قبل السبى، لكنه قد يتفوق فى الصراحة والقوة وجمال التشبيه وبراعة الحوار، ومن الغريب أنه كان معاصراً سقراط، ودعاه بعضهم «سقراط العبرانى »، إذ كان كالفيلسوف اليونانى العظيم فى طريق العرض والاعتراض والنقاش واستخلاص النتيجة.وفى الواقع إن ملاخى تأثر فى أسلوبه وتفكيره بالأحداث العظيمة التى كانت تجرى فى العالم فى أيامه، الأحداث التى كان لها ولا شك أكبر الأثر فى أمته وشعبه رسالته... ففى النصف الأول من القرن الخامس قبل الميلاد كانت الإمبراطورية الفارسية تجتاز مرحلة حاسمة فى تاريخها، فلقد بسط داريوس سلطانه على مصر، وإن كان قد انهزم أمام اليونان فى موقعة الماراثون. وفى عام 485 اعتلى ابنه زركسيس « أحشويرش » حفيد كورش، وأراد أن يثأر لمعركة الماراثون، وجهز أكبر جيش عرف فى التاريخ القديم، ولكنه خسر معركة سلاميس عام 480 ق... كما أن معركة بلاتيه أجهزت على سلطان الفرس الأخير فى أوربا، وفتحت الباب أمام ظهور اليونان كالدولة التى تحل محلها. وفى غمرة هذا الصراع بين الشرق والغرب، سرت فى العالم كله موجة من القلق والفوضى والمادية التى استولت على الشعوب، بما فيها الشعب الإسرائيلى الراجع من السبى، وفى الواقع أن الشعب قد عاد من السبى، وهو يظن أن كل شئ سيتغير إلى الأفضل، ولما لم يحدث هذا التغير سريعاً، انقلب الشعب إلى النقيض وارتد، وفقد كل حماس وغيرة وروحانية، فقل عنده الاعتبار الدينى، وضعفت روح العبادة، وانطوت نفوس الكهنة على إهمال واحتقار خدمة الهيكل، وانحطت حياة الشعب إلى الدرك الأسفل، ووقف ملاخى أمام أمة كانت فى طريقها إلى النقاهة، ولكن مضاعفات المرض ونكسته قاداها إلى ما هو أسوأ وأقسى وأشر!!.. ملاخى والحوار بين اللّه وشعبه قامت نبوة ملاخى على الحوار بين اللّه وشعبه، فإذا كان سقراط فى أثينا يجمع الناس حوله ويناقشهم فى فلسفة الحياة، وكيف يمكن أن يعيش الإنسان فى عالم ضرب فيه الفساد فى أثينا وأورشليم إلى آخر الحدود، حتى أنهم حكموا على سقوط أن يشرب كأساً من السم، ولفظوا الرجل الذى كان أحكم إنسان فى وسطهم،... لكن أورشليم كانت تواجه حواراً أعظم ليس بين إنسان وإنسان، بل بين اللّه والإنسان، ولم يكن وحى ملاخى إلا تسجيلا لهذا الحوار، والكلمة « وحى » فيها معنى الحمل أو العبء أو الثقل أو المسئولية، فالحديث هنا ليس حديث فكاهة أو تسلية أو سمر يقوم بين اثنين، بل هو فى الحقيقة الحديث الجدى العميق الباهظ الثقل لما فيه من أهمية ومسئولية، وسيكون وقعه رهيباً على من يرفض الالتزام أو يتنكب الطريق عنه،... وعلى وجه الخصوص هو رهيب من حيث الطرفين أو من حيث الموضوع، فأما طرفاه فهما: اللّه، والإنسان، أو بتعبير أدق هما: « اللّه » فى وضعه « كأب » و« كسيد »، والإنسان فى وضعه كإبن وعبد،... أما من حيث الموضوع فهو اسمى موضوع فى الوجود: « الحب »، واللّه من جانبه لا يمكن أن يتباعد عن هذا النوع من الحوار، إذ أن « اللّه محبة »، وهو بطبيعته ينتظر أن يقوم كل حوار بيننا وبينه على المحبة، سواء فى العهد القديم أو العهد الجديد،... وهل ننسى ذلك الحوار الذى حدث بين المسيح وتلميذه على بحر طبرية يوم قال المسيح لبطرس ثلاث مرات: « يا سمعان بن يونا أتحبنى أكثر من هؤلاء »... « يا سمعان بن يونا أتحبنى »... « يا سمعان بن يونا أتحبنى »... ورد بطرس مثلثا: « يارب أنت تعلم أنى أحبك » « يارب أنت تعلم أنى أحبك »... « يارب أنت تعلم كل شئ. أنت تعرف أنى أحبك » " يو 21: 15 - 17 "..، وليس عند اللّه بديل أو نظير للمحبة!!... أجل!! فهذا حق، ومن ثم رأينا أوغسطينوس يقول: « أحب وبعد ذلك أفعل ما تشاء »... ولعله ليست هناك مأساة تعادل فقدان الإحساس بالمحبة، الأمر الذى قاله الشعب فى وجه اللّه بجرأة لا يحسد عليها: « بم أحببتنا ». " مل 1: 2 ". وفى الحقيقة لا يبقى للإنسان شئ فى الحياة بعد ذلك، يوم يعجز عن إدراك أن اللّه أحبه وما يزال يحبه!!... ومع ذلك فقد كان اللّه كريماً إذ دخل فى حوار المحبة!!..عاد اللّه بالشعب إلى التاريخ القديم، والتاريخ فى العادة - لمن يعود إليه - أعظم برهان عملى وواقعى على محبة اللّه الفائقة العظيمة، تاريخ الأمة أو البيت أو الفرد،... ويكفى أن يعود شعب اللّه إلى تاريخ يعقوب وعيسو، ومهما نحاول أن نبحث، فإننا لا نستطيع أن نصل إلى عمق الاختبار الإلهى، وقد تحدثنا فيما سبق عند التعرض لقصة عيسو ويعقوب، عن هذه الحقيقة العجيبة،... والأمل أن يرجع من يرغب فى المزيد من التأمل إلى الشخصيتين اللتين درسناهما فيما سبق بين شخصيات الكتاب،... ولكننا نلاحظ أن الحب الإلهى تأسس أولا على عدم الاستحقاق، إذ أن النعمة وحدها هى التى يستطيع يعقوب أن يرد الأمر إليها فى قصة اختياره دون أخيه، أولا لأن هذا الاختيار حدث قبل أن يفعلا خيراً أو شراً، فهو اختيار أسبق من كل عمل أو تصرف، فإذا قسناه بحسب المنصرف الذى جاء فيما بعد، فإن تصرف يعقوب فى غشه وخداعه وأنانيته وخبثه، كان فى كثير من الأوضاع أبعد من كل تصرف وصل إليه عيسو الذى هو آدوم.وكان الحب الإلهى أكثر من ذلك - منحازاً، إذ أخذ من عيسو ما يبدو أنه حقه باعتباره البكر، ليعطى ليعقوب،... ولم يتعلق الأمر بالاختيار فحسب، بل بالضمان والحراسة والبركة،... ومن المؤكد أن هناك أشياء كثيرة فى عيسو كان يمقتها اللّه ويكرهها، لأنه مهما يبدو فى الظاهر من فضائل فيه، قد لا يصل إليها يعقوب، إلا أنه كان يملك رذيلة الرذائل ومستنقع الأوحال، إذ كان هو الشخص الذى يمكن أن يطلق عليه القول « بلا إله » وهو على أية حال حيوان حتى ولو بدا كالزرافة أو الحمار الوحشى أو أى حيوان جميل الشكل،... ولكنه فى أية صورة هو حيوان، ولا يمكن أن يقارن بالإنسان!!... وكان يعقوب، على العكس، إنساناً به النقائص التى ظل اللّه يعمل على إخراجها منه، وتنقيته منها حتى، أضحى إسرائيل الذى جاهد مع اللّه والناس وغلب..هذه المحبة الإلهية، كانت أكثر من ذلك، المحبة التى باركت يعقوب وأخربت عيسو، أو فى لغة أخرى كانت المعطية للواحد والمقاومة للآخر، فهى تعطى ليعقوب إلى الدرجة التى يقول معها: « صغير أنا عن جميع ألطافك وجميع الأمانة التى صنعت إلى عبدك. فإنى بعصاى عبرت هذا الأردن والآن قد صرت جيشين » " تك 32: 10 "... على العكس من عيسو الذى يقول عنه ملاخى: « وأبغضت عيسو وجعلت جباله خراباً وميراثه لذئاب البرية. لأن أدوم قال قد هدمنا فنعود ونبنى الخرب، هكذا قال رب الجنود هم يبنون وأنا أهدم ويدعونهم تخوم الشر والشعب الذى غضب الرب عليه إلى الأبد »... " مل 1: 3 و4 " وشتان بين إنسان يجد المعونة والقوة من اللّه، وآخر يجد الهدم، والتدمير منه كلما فكر فى النهوض للتعمير والبناء،... واللّه فى هذا كله، لابد أن يلتقى حبه بعدالته، إذ أن الهدم الذى يلحق آدوم إلى الأبد، مرتبط بإصراره على أن يكون تخوم الشر. ومن هنا نعلم أن الغضب الإلهى له أسباب ومقوماته!! إنتظر اللّه من شعبه حباً بحب، وشركة بشركة،.. ولكن الشعب لم يرد على اللّه صدى هذه المحبة العظيمة، وخاب انتظار اللّه فيه،... وإذا كان للمرء أن يسأل: وماذا ينتظر اللّه جواباً على حبه؟ إنه ينتظر ما ينتظره كل أب من ابنه، وهل أقل من أن يفعل ما فعله هنرى هفلوك وهو صبى صغير، إذ أطاع أباه، ورفض أن يتزحزح من مكانه فى شوارع لندن المزدحمة ساعات طويلة حتى جاء الليل، وعاد الأب إلى بيته وكان قد نسى ابنه، فى زحام عمله، ولم يتذكر ذلك إلا بعد عودته، فأسرع إلى المكان ليجد ابنه هناك فى انتظار أبيه!!.. « أن أفعل مشيئتك يا إلهى سررت وشريعتك فى وسط أحشائى » "مز 40: 8 " « لأجل ذلك حسبت كل وصاياك فى كل شئ مستقيمة كل طريق كذب أبغضت ».. " مز 119: 128 " وليس الأمر مجرد الطاعة، بل « نحن نحبه لأنه هو أحبنا أولا،.. "1 يو 4: 19 " إننا من هامة الرأس إلى إخمص القدم مدينون له كخالق، وكمعتن، وكفار وهو يستحق كل حب وولاء، أن يكون هو صاحب المركز الأول والأخير فى قلوبنا وحياتنا!!.. ومن حقه علينا أن نغار لمجده وكرامته، وإذا كان الابن لا يقبل قط أن يهان أبوه الأرضى أمام عينيه بأية صورة من الصور، فكم بالأولى الآب السماوى المستحق كل إكرام وإجلال ومجد، ولسنا نصنع فضلا إذ نجند أنفسنا لخدمته، بل هذه هى رسالتنا الوحيدة فى الأرض أو السماء!!!.. ملاخى والكهنة فى أيامه وليست هناك صورة أسوأ من صورة الكهنة فى أيام ملاخى، وحتى يمكن أن نفهم الصورة على وضعها الصحيح، كشف لنا اللّه عن رسالة الكاهن العظيمة: « كان عهدى معه للحياة والسلام وأعطيته إياهما للتقوى فاتقانى ومن اسمى ارتاع هو. شريعة الحق كانت فيه واثم لم يوجد فى شفتيه. سلك معى فى السلام والاستقامة وأرجع كثيرين عن الإثم. لأن شفتى الكاهن تحفظان معرفة ومن فمه يطلبون الشريعة لأنه رسول رب الجنود » " مل 2: 5 - 7 " وأية صورة أجمل وأروع من هذه الصورة لخادم اللّه، إذ أنه: أولا: الخادم المدعو من اللّه الذى دخل فى ميثاق مع اللّه: « فينحاس ابن العازار بن هرون الكاهن قد رد سخطى عن بنى إسرائيل يكون غار غيرتى فى وسطهم حتى لم أفن بنى إسرائيل بغيرتى. لذلك قل هأنذا أعطيه ميثاقى ميثاق السلام فيكون له ولنسله من بعده ميثاق كهنوت أبدى لأجل أنه غار للّه وكفر عن بنى « إسرائيل »... " عد 25: 11 - 13 " وما أجمل أن يحس الكاهن أو خادم اللّه أنه إذ يدخل الخدمة مدعواً من اللّه، إنما يدخلها بميثاق وعهد أبدى مع القدير،..ومن ثم تأخذ الخدمة. ثانياً: أعلى مكانة فى ذهنه، إذ هى خدمة اللّه العلى الجدير بكل إجلال واحترام: « ومن اسمى ارتاع.. ثالثا: الخدمة، ينبغى أن تحاط بالمهابة والجلال والاحترام والقدسية.. إذ هى للّه العظيم القدوس،.. ولذا من الواجب أن يكون الممسك بها هو الإنسان الصادق الأمين: « سريعة الحق كانت فيه وإثم لم يجد فى شفتيه » ورجل اللّه لا ينبغى أن تكون هناك شبهة فى صدقه وأمانته وحقه. والخدمة رابعاً: لا يجوز أن يقوم بها إلا من كان سلوكه العملى واضحاً وثابتاً أمام الجميع، وهو مع اللّه فى سلام، ومع نفسه والناس فى استقامة: « سلك معى فى السلام والاستقامة ». وهو خامساً: الإنسان النافع: « وأرجع كثيرين عن الإثم »... إذ هذه هى رسالته العظيمة فى الحياة. وأخيراً هو الإنسان الواسع الإدراك والمعرفة، الذى يطلبه الحائر والمتعثر عندما تبهم أمامه الأمور وتستغلق: « لأن شفتى الكاهن تتحفظان معرفة ومن فمه يطلبون الشريعة لأنه رسول رب الجنود ». هذه هى الصورة الوضيئة للكاهن وخادم اللّه،... والتى كان الكهنة فى أيام ملاخى على عكسها تماماً،... ولعل أدق الأوصاف للكاهن فى ذلك الوقت أن: أولا: « الكاهن المحتقر الدنئ »... وما أكثر صور الدناءة التى كان عليها،... ولكن أقساها وأشدها، هو فى تعامله مع الذبيحة التى تقدم للّه إذ كانت تقدم له الذبيحة السليمة، فكان يستبدلها بالعمياء أو العرجاء أو السقيمة، ليحتفظ بفرق الثمن، وهو أشبه بذلك الرجل الذي جاءت قصته فى الأدب الروسى، الذى قيل إنه كان فلاحاً، ومرض ابنه للموت، فنذر للّه حصانه إن شفى الولد وكان الحصان فى ذلك الوقت يساوى عشرين جنيهاً، وشفى الابن، ولكن عز عليه أن يبيع الحصان ويقدم ثمنه كما نذر، وفكر ثم فكر، وأخيراً ذهب إلى السوق ومعه حصانه، وديك أيضاً، وقرر أن يبيع الاثنين معاً، وإذ سأله أحدهم عن الثمن قال: الحصان ثمنه عشرون قرشاً، وإذ هم الرجل أن يدفع الثمن، قال له: لا.. أنا أبيع الاثنين معاً،.. فسأله: وما ثمن الديك؟: قال: عشرون جنيهاً، واشترى المشترى الاثنين وعاد الرجل ليقدم ثمن الحصان كما باعه بمبلغ عشرين قرشاً، لأنه باعه فى السوق بهذا الثمن!!.. وكان الكاهن ثانياً: « الكاهن النفعى » الذى يقبل على الخدمة ويقدرها على قدر ما ينتفع منها، وهو لا ينظر إليها كعهد سام بينه وبين اللّه، بل على قدر ما تعطيه من مغنم أو مكسب مادى. وهو ثالثاً: « الخادم الملول » الذى يتأفف من الخدمة، وهى ثقيلة عليه، ويؤديها كرهاً،... وليس أقسى على النفس من أن نجد خادماً بهذه الصورة، فهو يخدم لأنه مضطر للخدمة، أما بسبب الحاجة أو التقليد، أو العيب أمام المجتمع إذا تخلى عنها، وهو يعظ بدون حياة أو روح أو ثقة فى صدق ما نقول!!.. وهى مأساة من أكبر المآسى التى يتردى فيها الخدام فى كل عصور التاريخ!!.. ملاخى وخطايا الشعب فإذا كان الكهنة بهذه الصورة، فكم يكون الشعب إذاً؟؟.. كانت خطايا الشعب حقاً قاسية وثقيلة، ولعل من أظهرها: أولا: تفشى الطلاق، والزواج بالأجنبيات، وهو الأمر الذى يكرهه اللّه من كل قلبه، ويرى فيه غدراً بالزوجة وغدراً بشخصه هو أيضاً!!.. أما الغدر بالزوجة، فواضح من أن الإنسان يطوح بامرأة شبابه التى ارتبط بها بعهد مقدس أمام اللّه،... واللّه يكره الغدر ويستأصل الغادر، ولكن الأمر هنا أكثر من ذلك، إذ أن الغدر هو أيضاً باللّه ذاته، الذى منع إسرائيل من الاختلاط بالشعوب ليحفظ الزرع المقدس، فلا يأتى أولاد ترتبط أمهاتهم بالوثنية التى - لا شك - ستلحق الأولاد إن آجلا أو عاجلاً: « غدر يهوذا وعمل الرجس فى إسرائيل وفى أورشليم. لأن يهوذا قد نجس قدس الرب الذى أحبه وتزوج بنت إله غريب »... " مل 2: 11 "ولا نظن أن هناك كلمات أقسى من هذه الكلمات فى كل الكتاب المقدس، حتى جاء يسوع المسيح ليقف ضد الطلاق ويرجع الوصية إلى مكانها الأول فى قصد اللّه!!.. وكانت الخطية الثانية عند الشعب: هى عدم المبالاة فى فعل الشر، إلى درجة أنهم تصوروا أن اللّه لا يزجر الشر بل يسر بمن يفعله!!.. وأنه لا يوجد إله عادل يفرق بين الخير والشر فى الأرض: « قد أتعبتم الرب بكلامكم، وقلتم بم أتعبناه؟ بقولكم كل من يفعل الشر فهو صالح فى عينى الرب وهو يسر بهم. أو أين إله العدل؟ »... " مل 2: 17 " وهذا كلام متعب حقاً لقلب اللّه،... ولكن من الحقيقى أيضاً أنه يتردد على اللسان مرات كثيرة عندما نرى الأوضاع مقلوبة فى الأرض،... وقد يأتى سؤال أين إله العدل على لسان الخاطئ الذى ينشد التوبة، ويجد جوابه فى الصليب الذى استوفى فيه اللّه عدله،!!.. زار أحد خدام اللّه من الشباب يوحنا نيوتن وهو فى ضجعة الموت، وكان نيوتن قبل مجيئه للمسيح تاجراً للعبيد، وغارقاً فى أوحال الإثم والخطية!!.. ولكنه عندما جاء للخدمة أصبح الخادم العظيم، والشاعر المسيحى،... وعندما تأسف الخادم الشاب، لأنه سيفارق خادماً عظيماً كهذا الخادم، قال له نيوتن: ياابنى: سأذهب أمامك فى الطريق، وبعد ذلك ستأتى أنت، وعندما تصل إلى السماء وتبحث عنى فإنك ستجدنى غالباً هناك عند قدمى المسيح مع اللص التائب حيث هناك مكانى.فالذين لا يصدقون عدالة اللّه لينظروا إلى الصليب،.. لأن ديان كل الأرض لابد أن يصنع عدلا!!.. وكانت الخطية الثالثة: سلب اللّه فى حقه فى العشور والتقدمة - ولعل ما قاله دكتور ج. كامبل فى هذا الصدد، يوضح لنا الفكرة: « إن طلب اللّه من شعبه يبدو محدداً وهو، أن يعطى العشور.. ومن واجبهم أن يطيعوه.. لكن لا ينبغى أن تخطئ فالشعب فى العادة يقول إن اللّه يطلب العشور. وهذا يغاير تماماً الوضع الحقيقى،.. اللّه طلب العشور - كحد أدنى - وهم فى إهمالهم لا يعطون العشور والتقدمة، فقد سلبوا اللّه بعدم الاستجابة إلى مطلبه وأنا أسأل: ما هو المطلب الإلهى بالنسبة للمسيحى والمسيحية!!؟.. إن اللّه لا يسألك العشور.. البعض يقدم العشور من دخله وقد يكون هذا صحيحاً، لكن إذا كانت هناك مظاهر الصحة من جانب، فإن هناك أيضاً مظاهر الشح من الجانب الآخر،.. بعض الناس لا يهتمون بتقديم العشور، ولهذا لا يقدمونها.. غير أنه يوجد أيضاً من يسلب اللّه لأنه لا يقدم سوى عشور دخله، واللّه لا يقبل العشور إذا كنت تقدمها بمعنى آلى دون شعور.. العشر حسن تماماً إذا كنت تقدمه للّه بكل إحساس... لكن ما أكثر الذين يقدمون وهم ينتظرون الوعد دون أن يحققوا الشروط: أن يفتح كوى السموات ويفيض عليهم بركة... واللّه إذ يقول هاتوا العشور. كأنما يقول: إن بيدك أنت أن تفتح كوى السموات!!.. ولا تتصور أنك مادمت تعيش بالناموس الروحى، فأنت لست مرتبطاً بعطايا مادية.. ويلزم أن نعطى العشور!!.. واللّه لا يطلب العشور منك فحسب لكنه يطلب كل شئ.. وهنا لا ينبغى أن ننسى أن العشور والتقدمة مصحوبان بوعد البركة التى لا توسع!!..وكانت خطايا الشعب اللاحقة لهذا الخطايا، « الحياة المستبيحة »، إذ كان بينهم السحرة والفاسقون، والحالفون زوراً والسالبون أجرة الأجير، الأرملة، واليتيم، ومن يصد الغريب. والسحر طبعاً يلجأ فيه المرؤ إلى طلب الأرواح الشريرة وغايته ليست إلا غاية فاسدة، وقد حاربه الكتاب لأنه يفسد ثقة الإنسان فى اللّه والتطلع إليه، والاعتماد عليه دون الاعتماد على الشيطان!!.. والفسق خطية شنيعة كما نعلم، تلوث جسد الإنسان ونفسه، والكذب مع الأصرار الذى يستند إلى الحلف، دليل على بشاعة الاستهتار والاستهانة باسم اللّه القدوس. والظلم الذي يقع على الأرملة واليتيم والغريب، هو إهانة للّه نفسه، كالسيد والحاكم الأدبى الأبدى بين الناس!!. ملاخى ونبوته عن السيد المسيح وملاخى - كآخر أنبياء العهد القديم - لا يجد حلا لقضية الإثم والفساد والشر والمرض الذى تسببه الخطية، سوى فى اللّه نفسه: « ها أنذا أرسل ملاكى فيهيئ الطريق أمامى ويأتى بغتة إلى هيكله السيد الذى تطلبونه وملاك العهد الذى تسرون به هوذا يأتى قال رب الجنود ».. " مل 3: 1 " ولا بد من الملاحظة هنا أن رب الجنود هو الذى يتكلم، وهو يتكلم عن شخصه المبارك: « فيهيئ الطريق أمامى، وهو السيد نفسه وملاك العهد الذى ننتظره ونسر به »... وقد أوضح السيد المسيح أن هذه النبوة تمت فيه، وأنه أرسل يوحنا المعمدان لتهيئة الطريق أمامه،... اعتقد البعض أن هذا الملاك أو الرسول كان نحميا عندما عاد إلى الهيكل بعد أن رجع إلى بلاده، وقام بثورة عارمة ضد الفساد الذى استشرى، لكن نحميا لم يكن إلا صورة ورمزاً إلى السابق الذى جاء ينادى بمجئ المسيح،... ومن الملاحظ أيضاً أنه فى هذه النبوة، كما يقول أغسطينوس يظهر المجيئان الأول والثانى ليسوع المسيح، فإذا كان مجيئه الأول يحمل معنى التطهير والإحراق للخطية والإثم، فإن مجيئه الثانى سيفصل بين الحق والباطل، والشر والخير، فصلا أبدياً!!.. وقد بين كيف يلجأ السيد إلى التطهير، إذ يعمد إلى النار والغسل، فهو بالنار يمحص وبالغسل يجمل وينظف كما يفعل القصار فى الثياب بالاشنان المنظفة المبيضة، وهو إذ يبدأ بالتطهير، يبدأ بخدامه مباشرة قبل الجميع!!.. وقد ذكر النبى أن إيليا سيأتى قبل مجئ يوم المسيح العظيم المخوف الذى يقضى فيه السيد على كل فساد وشر، واليهود ما يزالون إلى اليوم ينتظرون ظهور إيليا مرة ثانية، غير أن أغلب الشراح المسيحيين يتفقون على أن هذه النبوة إشارة إلى المعمدان الذى جاء بروح إيليا كما أشار السيد المسيح، غير أنه وجد من المفسرين من قال إن إيليا سيأتى مرة أخرى قبل يوم الدينونة ومجئ المسيح الثانى، وأنه إذا كانت النبوة قد تمت مبدئياً فى المعمدان، فإنها ستتم نهائياً وأخيراً بمجئ إيليا ذاته، وستكون رسالته رد قلوب الآباء إلى الأبناء والأبناء إلى الآباء. والبعض يعتقد أن معنى « على » هنا هو « مع » فيقولون إن الآباء مع الأبناء سيستجيبون لنداء النبى، ويوجد من يقول إن الآباء إشارة إلى الآباء الأقديمن، وإن الأبناء سيرجعون بقلوبهم إلى قلوب آبائهم وإيمانهم.وأيان يتجه تيار التفسير وهل هو عن المجئ الأول للمسيح بمفرده أو مجيئيه الأول والثانى، كما يذهب أوغسطينوس، وهل يوحنا المعمدان، هو رسول المسيح الذى جاء سابقاً له بروح إيليا،.. أم أن إيليا سيأتى مرة أخرى الأمر الذى لا نعتقده أو نرجحه.. إلا أن التفسير، مهما اختلف، فهو مركز فى شخص المسيح... وإذا كانت آخر كلمة فى العهد القديم هى كلمة « بلعن » كما سبقت الإشارة، فإن انتزاع الخطية من الأرض، والقضاء على اللعنة، والفصل بين الشر والخير إلى الأبد، لا يمكن أن تكون إلا فى إسمه المجيد العظيم المبارك، له المجد، هللويا إلى الأبد آمين فآمين فآمين!!..
المزيد
27 يوليو 2022

الإنسان الخيِّر

الخير هو أن ترتفع فوق مستوى ذاتك ولذاتك وأن تطلب الحق أينما وجد، وتثبت فيه وتحتمل من أجله.الخير هو النقاوة، هو الطهر والقداسة هو الكمال الخير لا يتجزأ فلا يكون إنسان خيرًا وغير خير في وقت واحد أي لا يكون صالحًا وشريرًا في نفس الوقت. الإنسان الخير: ليس هو الذي تزيد حسناته على سيئاته! فربما سيئة واحدة تتلف نقاوته وصفاء قلبه! أن نقطة حبر واحدة كافية لأن تعكر كوبًا من الماء بأكمله، وميكروبًا واحدًا كاف لأن يلقى إنسانًا على فراش المرض. ليس هو محتاجًا إلى مجموعات متعددة من الجراثيم لكي يحسب مريضًا!! تكفى جرثومة واحدة.. كذلك خطية واحدة يمكنها أن تضيع قداسة الإنسان إن الشخص الشرير ليس هو الذي يرتكب كل أنواع الشرور. إنما بواسطة شر واحد يفقد نقاوته مهما كانت له فضائل متعددة.فالسارق إنسان شرير. لا نحسبه من الأخيار. وربما يكون في نفس الوقت لطيفًا أو بشوشًا، أو متواضعًا، أو متسامحًا، أو كريمًا، أو نشيطًا والظالم إنسان شرير، وكذلك القاسي، وكذلك الشتّام، وقد يكون أي واحد من هؤلاء غيورًا أو شجاعًا، أو مواظبًا على الصلاة والصوم..! إن أردت أن تكون خيرًا، سر في طريق الخير كله.. ولا تترك شائبة واحدة تعكر نقاء قلبك ولا تظن أنك تستطيع أن تغطى رذيلة بفضيلة.أو أن تعوض سقوطك في خطيئة معينه، بنجاحك في زاوية أخرى من زوايا الخير.. بل في المكان الذي هزمك الشيطان فيه، يجب أن تنتصر.. على نفس الخطية، وعلى نفس نقطة الضعف.كن إنسان خيرًا، قس نفسك بكل مقاييس الكمال. واعرف نواحي النقص فيك، وجاهد لكي تنتصر عليها.. فهكذا علمنا الإنجيل المقدس: "كونوا كاملين، كما أن أباكم الذي في السموات هو كامل.. كونوا قديسين، كما أن أباكم الذي في السموات هو قدوس.." (مت48:5).نحن مطالبون إذن بأن نسير في طريق الكمال، لأن النقص ليس خيرًا.. والخير ليس هو فقط أن تعمل الخير.. بل بالأحرى أن تحب الخير الذي تعمله فقد يوجد إنسان يفعل الخير مرغمًا دون أن يريده، أو أن يعمل الخير بدافع الخوف، أو بدافع الرياء لكي ينظره الناس أو لكي يكتسب مديحًا.. أو لكي يهرب من انتقاد الآخرين. وقد يوجد من يفعل الخير وهو متذمر ومتضايق: كمن يقول الصدق ونفسيته متعبة، وبوده لو يكذب وينجو. وكمن يتصدق على فقير وهو ساخط، وبوده ألا يدفع فهل نسمى كل ذلك خيرًا..؟! قد يوجد من يفعل الخير لمجرد إطاعة وصية الله، دون أن يصل قلبه إلى محبة تلك الوصية! كمن لا يرتكب الزنا والفحشاء، لمجرد وصية الله التي تقول: "لا تزن"، دون أن تكون في قلبه محبة العفة والطهارة..! وفي ذلك قال القديس جيروم: (يوجد أشخاص عفيفون وطاهرون بأجسادهم، بينما نفوسهم زانية!!) ومثال ذلك أيضًا، الذي يتصدق على الفقراء لمجرد إطاعة الله، ويكون كمن يدفع ضريبة أو جزية!! دون أن تدخل محبة الفقراء إلى قلبه..! كل هؤلاء اهتموا بالخير في شكلياته، وليس في روحه..! والخير ليس شكليات، وليس لونًا من المظاهر الزائفة. إنما هو روح وقلب.. ولذلك اهتم الله بحالة القلب، أكثر من ظاهر العمل. وهكذا قال: "يا أبني أعطني قلبك" من أجل هذا، لكي نحكم على العمل بأنه خير، يجب أولًا أن نفحص دوافعه وأسبابه وأهدافه. والدوافع هي التي تظهر لنا خيرية العمل من عدمها.. فقد يوبخك اثنان: أحدهما بدافع الحب، والآخر بدافع الإهانة. وقد يشتركان في نفس كلمات التوبيخ ولكن عمل أحدهما يكون خيرًا وعمل الآخر يكون شرًا.. وقد يشترك اثنان في تنظيم سياسي وطني، أحدهما من أجل حب الوطن والتفاني في خدمته، والآخر من أجل حب الظهور أو حب المناصب.. الهم إذن في الدافع والنية والخير ليس عملًا مفردًا أو طارئًا، إنما هو حياة فالشخص الرحيم ليس هو الذي أحيانًا يرحم، أو الذي ظهرت رحمته في حادث معين.. إنما الرحيم هو الذي تتصف حياته كلها بالرحمة. تظهر الرحمة في كل أعماله وفي كل معاملاته، وفي أقواله، وفى مشاعره، حتى في الوقت الذي لا يباشر فيه عمل الرحمة الخير هو اقتناع داخلي بحياة القداسة، مع إرادة مثابرة مجاهدة في عمل الخير وتنفيذه.. هو حب صادق للفضيلة، مع حياة فاضلة. الخير هو شهوة في القلب لعمل الصلاح تعبر عن ذاتها وعن وجودها بأعمال صالحة وليس هو مجرد روتين إلى للعمل الصالح..! هو - حسب رأى القديسين - استبدال شهوة بشهوة.. ترك شهوة المادة، من أجل التعلق بشهوة الروح.. والتخلص من محبة الذات، من فرط التعلق بمحبة الآخرين ما لم تصل إلى محبة الخير، والتعلق به، والحماس لأجله، والجهاد لتحقيقه، فآنت ما تزال في درجة المبتدئين، لم تصل بعد لغاية، مهما عملت أعمالًا صالحة..! والذي يحب الخير، يحب أن جميع الناس يعملون الخير.. لا تنافس في الخير.. فالتنافس قد توجد فيه ناحية من الذاتية أما محب الخير، فإنه يفرح حتى ولو رأى جميع الناس يفوقونه في عمل الخير، ويكون بذلك سعيدًا.. المهم عنده أن يرى الخير، وليس المهم بواسطة مَنْ! به أو بغيره.. لذلك فعمل الخير بعيد عن الحسد وعن الغيرة.. والإنسان الخير يقيم في حياته تناسقًا بين فضائله، فلا تكون واحدة على حساب الأخرى خدمته مثلًا للمجتمع، لا تطغى على اهتمامه بأسرته. ونشاطه لا يطغى على أمانته لعمله. بل أن صلاته وعبادته، لا يصح أن تفقده الأمانة تجاه باقي مسئولياته.إن الفضيلة التي تفقدك فضيلة أخرى، ليست هي فضيلة كاملة أو خيرة.. إنما الفضائل تتعاون معًا.. بل تتداخل في بعضها البعض.فهكذا نتعلم من الله نفسه تبارك اسمه: فعدل الله مثلًا لا يمكن أن يتعارض مع رحمته، بل لا ينفصل عنها. عدل رحيم، ورحمة عادلة. عدل الله مملوء رحمة الله، فليس من جهة الفصل نتكلم، إنما من جهة التفاصيل، لكي تفهم عقولنا القاصرة عن إدراك اللاهوتيات.. والخير ليس هو سلبية، بل إيجابية: ليس هو سلبية تهدف إلى البعد عن الشر، إنما هو إيجابية في عمل الصلاح ومحبته. فالإنسان الخير ليس هو فقط الذي لا يؤذى غيره، بل بالحري الإنسان الذي يبذل ذاته عن غيره.. ليس فقط الإنسان الذي لا يرتكب خطية، إنما بالحري الذي يعمل برًا..والإنسان الخير هو الذي يصنع الخير مع الجميع، حتى مع الذين يختلفون معه جنسًا أو لونًا أو لغةً أو مذهبًا أو عقيدةإنه كالينبوع الحلو الصافي، يشرب منه الكل.. وكالشجرة الوارفة يستظل تحتها الكل. إن الينبوع والشجرة لا يسألان أحدًا: ما هو جنسك؟ أو ما هو لونك؟ أو ما هو مذهبك؟! الخير يعطى دون أن يتفرس في وجه من يعطيه ويحب دون أن يحلل دم من يحبه.. قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث من كتاب مقالات روحية نشرت في جريدة الجمهورية
المزيد
15 يونيو 2022

إنه خادم

حسنٌ هذا اللقب أنَّه خادم وليس سيدًا! ولم نُعطه لقب كارز، أو مُعلِّم، أو مُدرِّس.. وظيفته أنْ يَخدم لا أنْ يُسيطر أو يتكبر فالكبرياء ليست من صفات الخادم والعجيب أنْ السيد المسيح نفسه لقَّب نفسه بلقب خادم. وعلى الرغم من أنَّه ملك الملوك ورب الأرباب (رؤ16:19) إِلاَّ أنَّه انحنى وغسل أرجل التلاميذ لكي يُعطيهم مثالًا (يو15، 5:13) بل قال أيضًا "أَنَّ ابن الإنسان لم يأتِ ليُخدَم بل ليخدِم وليبذل نفسه فدية عن كثيرين" (مت28:20).ولقب خادم قد تُلقَّب به الملائكة أيضًا فقيل عنهم في رسالة العبرانيين "أليس جميعهم أرواحًا خادمة مرسلة للخدمة لأجل العتيدين أنْ يرثوا الخلاص" (عب14:1) وقيل في المزمور "الذي خلق ملائكته أرواحًا وخُدَّامه نارًا تلتهب" (مز4:104).وكما لَقَّبَ الملائكة بأنَّهم خُدَّام، كذلك الرسل أيضًا يقول القديس بولس الرسول عن نفسه وعن زميله أبلوس "من هو بولس ومن هو أبلوس؟ بل خادمان آمنتم بواسطتهما" (1كو5:3) ويقول عن مساعده تِيخِيكُس "يُعرِّفكُم بكل شيء تِيخِيكُس الأخ الحبيب والخادم الأمين في الرب" (أف21:6) ويقول عن أَبَفْرَاسَ "الذي هو خادم أمين للمسيح لأجلكم" (كو7:1) وقال عن القديس مرقس الرسول "إنَّه نافع لي للخدمة" (2تى11:4). وقال بصفة عامة "كفايتنا من الله، الذي جعلنا كُفَاةً لأَنْ نكون خدَّام عهد جديد" (2كو6، 5:3). وقال أنَّ الله أعطانا خدمة المصالحة.. نطلب عن المسيح تصالحوا مع الله" (2كو20، 18:5) والآباء الرسل عند اختيار الشمامسة السبعة، قالوا "أَمَّا نحن فنعكف على الصلاة وخدمة الكلمة" (أع4:6). آباؤنا الرسل كانت لهم خدمة الكلمة، وخدمة المصالحة والآباء الكهنة عمومًا هم خدام المذبح وكلمة شماس معناها خادم.والكاهن الذي يستلم الذبيحة يُسمَّى في الطقس (الكاهن الخديم) حتى الأرملة التي كانت تخدم في الكنيسة اشترط فيها الرسول أن تكون "مشهودًا لها في أعمال صالحة.. أضافت الغرباء غسلت أرجل القديسين" (1تى10:5) والعناية بالفقراء نسميها الخدمة الاجتماعية وحتى اجتماع مُدرِّسي التربية الكنسية نُسمِّيه اجتماع الخدام فمادمت يا أخي خادمًا اسلك في اتضاع كخادم ولا يرتفع قلبك من الداخل. افهم الكلمة في جوهر معناها، ولا تجعلها تفقد حقيقتها ومدلولها وكان القديس أوغسطينوس يُصلِّى من أجل رعيته قائلًا "أَطلب إليك يا رب من أجل سادتي عبيدك..". إنْ كُنت خادمًا فيجب أنْ تتصف بالطاعة طاعة لله وطاعة لرؤسائك في الخدمة ومديريك بعض خدام التربية الكنسية يَتحَدُّون الأب الكاهن فلا يحترمونه ولا يُطيعونه ومع ذلك يقولون أنَّهم خُدَّام! ونفس الوضع نقوله عن الكاهن الذي لا يطيع أُسْقُفُه!! ونقوله عن أعضاء الكنيسة الذين ينفردون بالعمل دون مشورة رئاستهم الكنسية!! لا تظن أنَّك أحد قادة العمل الرعوي أو التعليمي في الكنيسة بل تذَكَّر باستمرار أنَّك خادم واسلك كما يليق بخادم واحذر أنْ تفقد تواضعك لأنَّه كما يقول الكتاب "قبل الكسر الكبرياء وقبل السقوط تشامخ الروح" (أم18:16). 2- من الأمور الأخرى التي تجلب التواضع في الخدمة: التلمذة. التلمذة يظن بعض الخُدَّام أنَّهم لمَّا أصبحوا خُدامًا انتهى بالنسبة إليهم عصر التلمذة وهذا فهم خاطئ.إنما لكي تحتفظ بتواضعك احتفظ باستمرار بتلمذتك.كل المسيحيين في العصر الرسولى كانوا يُدْعَون تلاميذًا والسيد الرب لمَّا أرسل الأحد عشر للكرازة قال لهم "اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم" (مت19:28) وفي انتشار الكرازة قيل "وكانت كلمة الله تنمو، وعدد التلاميذ يتكاثر جدًا" (أع7:6)إذن اسْتَمِرْ تلميذًا للرب وتلميذًا للكنيسة ولا يكبر قلبك.وإن شعرت أنَّك صرت مُعَلِّمًا وأصبحت فوق مستوى التلمذة اعرف جيدًا أنَّك بدأت تسقط في الكبرياء.أَتَذَكَرْ أنَّنا حينما كنا خُدَّامًا في مدارس الأحد في كنيسة الأنبا أنطونيوس منذ حوالي 45 سنة كان كل خادم يجلس كمستمع أو كتلميذ في أربعة اجتماعات كل أسبوع، في اجتماع الأسرة وفى اجتماع الخُدَّام واجتماع الشبان وفي الفصل الكبير الذي كان يبدأ في السابعة والربع مساء، بعد انتهاء التدريس في باقي الفصول.وباستمرار كان الخُدَّام يتعلمون من غيرهم فيستمرون في تواضعهم.قل لنفسك أنا باستمرار مازلت أتعلم ومحتاج أنْ أعرف.وإنْ عشت في حياة التلمذة ستتخلص من مشاكل كثيرة ستتخلص أولًا من روح الجدل وكثرة المناقشات (المقاوحة) وتكون مستعدًا أنْ تتقبل الرأي الآخر بروح طيبة.لأنَّ الذين يدخل فيهم روح الجدل يُسْلِمَهم إلى روح العناد وتصلب الرأي ويظنون أنَّهم يفهمون أكثر من الكبار. بل وقد يظنون أنَّهم هم الكبار.احتفظ إذن بطفولتك الروحية حسب قول الرب"إنْ لم ترجعوا وتصيروا مثل الأطفال فلن تدخلوا ملكوت السموات" (مت3:18) وما أكثر الأمثلة لقديسين عاشوا تلاميذ يشوع ظلَّ تلميذًا لموسى طول حياته إلى أنْ رقد موسى في الرب وأليشع ظلَّ تلميذًا لإيليا إلى أنْ صعد إلى السماء، فوَدَّعَهُ بعبارة يا أبى يا أبى يا مركبة إسرائيل وفرسانها (2مل12:2) والقديس أثناسيوس الرسولي مع أنَّه كان بابا الإسكندرية احتفظ بتلمذته للقديس أنطونيوس الكبير ولما كتب سيرته قال "وأنا نفسي صببت ماء على يديه" أي كان يخدمه كان التلاميذ قديمًا يجلسون عند أقدام مُعَلِّميهم.فلا يجلسون إلى جوارهم وأمامهم بل كان المُعَلِّم يجلس على كرسي وتلاميذه جلوس على الأرض عند قدميه وعن هذا قال القديس بولس الرسول "وُلِدْتُ في طَرْسُوسَ كيليكيَّة ولكن رَبَيْتُ في هذه المدينة مُؤَدَّبًا عند رِجْلَيّ غَمَالائيل" (أع3:22) هذا هو اتضاع التلميذ أمام مُعَلِّمُه ويَعتبر أيضًا أنَّه ليس فقط يُعلِّمُه بل يُربيه أيضًا ويؤدبه.ما أصعب أنَّ خادمًا يقرأ كتابًا أو كتابيْن فيتكبر على مُعلِّميه.ويتكبر أيضًا على آبائه الكهنة ويفرض مشيئته على أب اعترافه فإما أنْ يوافق الأب على رأيه أو يعصاه!! وهكذا يصير حكيمًا في عينيّ نفسه الأمر الذي نهانا عنه الكتاب فقال "لا تكن حكيمًا في عينيّ نفسك وعلى فهمك لا تعتمد" (أم7، 5:3) عش إذن تلميذًا متواضعًا. والْتَمِسْ المعرفة من كل مصادرها تتلمذ على أب اعترافك وعلى آباء الكنيسة وعلى الاجتماعات الروحية وتتلمذ على الطبيعة على زنابق الحقل وطيور السماء وتتلمذ على الكتب الموثوق بها ولا تظن مهما كبرت أنَّك قد ارتفعت عن مستوى التعليم.إنَّ تاريخ الكنيسة يُسجل لنا قصصًا عجيبة عن اتضاع القديسين في التلمذة تصوروا واحدًا من الآباء الكبار مثل القديس موسى الأسود يطلب كلمة منفعة من الصبي زكريا فلما يستحى الفتى منه قائلًا: "أنت عمود البرية وتطلب منِّى كلمة؟!" يجيبه القديس "صدقني يا ابني لقد عرفت من الروح الذي عليك أنَّ عندك كلمة أنا محتاج أنْ أعرفها"..! والقديس مكاريوس الكبير أخذ كلمة منفعة من راعى بقر.. وكان الآباء يلتمسون كلمة منفعة بينما كانت لهم سيرة ملائكية يشتهى الكثيرون أنْ يتعلموا منها. قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث عن كتاب الخدمة الروحية والخادم الروحي الجزء الأول
المزيد
10 سبتمبر 2022

إنجيل عشية عيد النيروز

انجيل العشية : ( مت ١٣ : ٤٤ – ٥٢ ) يتكلم هذا الفصل عن خلاص السيد الذي يمنحه للمؤمنين بشريعته الجديدة التي سماها ملكوت السموات وشبهها بشبكة مطروحة في البحر ، ودليل ذلك قوله « فلما امتلأت أصعدوها على الشاطئ وجلسوا وجمعوا الجياد إلى أوعية وأما الأردياء فطرحوها خارجا » تمهيد في خلال جولان السيد المسيح الثاني للتبشير في الجليل أخذ يلقى تعاليمه على الجموع عند بحر الجليل . وقد ضرب لهم أمثاله الثلاثة المعروفة التي فيها شبه بشارة الإنجيل بالكنز ، واللؤلؤة ، والشبكة . وفى هذه الأمثال بين عظمة بشارة الإنجيل ، ومصير مستمعيها ، وواجب القائمين بخدمتها . عظمة البشارة:- أيضا يشبه ملكوت السموات كنزا مخفى في حقل وجده إنسان فأخفاه و حه مضى وباع كل ما كان له واشترى ذلك الحقل . يسمى المخلص بشارة الإنجيل « ملكوت السموات » لأنها توصل من يعمل بها إلى ذلك الملكوت ، ويشبهها وهي مخفية على الكثيرين بكنز مخفى في حقل ، ويرجع خفاؤها على الناس لا إلى تدبير إلهى بل إلى عمى قلوبهم ، لأن « الإنسان الطبيعي لا يقبل ما لروح الله لأنه عنده جهالة ولا يقدر أن يعرفه لأنه إنما يحكم فيه روحيا » ( ۱ کو ٢ : 14 ) . وفى ذلك يقول بولس الرسول « إن كان إنجيلنا مكتوما فأنما هو مكتوم في الهالكين الذين فيهم إله هذا الدهر قد أعمى أذهان غير المؤمنين لئلا تضئ لهم إنارة إنجيل مجد المسيح الذي هو صورة الله » ( ۲ کو 4 : ٣ - ٤ ) . والحقل المختفى فيه هذا الكنز يشير إلى العالم الذي تلقى فيه كنوز الإنجيل ، والإنسان الذي وجد الكنز هو المؤمن الذي يحتفظ بتلك الكنوز الإنجيلية في قلبه . ولما كان هذا المؤمن يدرك ذلك الملكوت الروحي الذي لا يزول ، والغني الذي لا يفنى ففرحه به يحمله على بيع ما يملك لشراء الحقل . ومع أن الكنوز السماوية لاتشترى بمال ، لأنها بلا فضة وبلا ثمن كما قال أشعياء « أمنها العطاش جميعا هلموا إلى المياه والذي ليس له .فضة تعالوا اشتروا وكلوا هلموا اشتروا بلا فضة وبلا ثمن خمرا ولبنا » ( أش 55 : 1 ) إلا أن المقصود من قول المخلص أنه « باع كل ما له واشتراه » أنه ترك كل ما وقف في سبيل ذلك الخير العظيم . وفي ذلك يقول الرسول ه لكن ما كان لي ربحا فهذا قد حسبته خسارة لأجل فضل معرفة المسيح ربى الذي من أجله خسرت كل الأشياء وأنا أحسبها نفاية لكي أربح المسيح » ( في 3 : ۷-۸ ) ، وهذا تأييد لقول السيد « من أحب أبا أو أما أكثر منى فلا يستحقنى . ومن أحب ابنا أو ابنة أكثر منى فلا يستحقنى . ومن وجد حياته يضيعها ومن أضاع حياته من أجلى يجدها » ( مت ۱۰ : ۳۷ ، ۳۹ ) والغاية التي يرمي إليها المخلص من ضرب هذا المثل هي تحريض المؤمنين على ألا يتعلقوا بحطام هذا العالم وشهواته التي قد تعترض سبيلهم إلى ذلك الملكوت . مثل اللؤلؤة :- أيضا يشبه ملكوت السموات إنسانا تاجرا يطلب لآلىء حسنة . فلما وجد لؤلؤة واحدة كثيرة الثمن مضى وباع كل ما كان له واشتراها . ويشبه هذا المثل الذي تقدمه مع فارق بسيط ، هو أن الذي وجد الكنز في المثل الأول وجده اتفاقا ، كما في حالة المرأة السامرية التي جاءت إلى البئر لتستقى فوجدت المسيح ، أما الذي وجد اللؤلؤة هنا فوجدها بعد بحث وتنقيب كما فعل المجوس الذين جاءوا من المشرق لرؤية الملك المولود ، والمغزى في الحالين واحد . مصير مستمعيها : مثل الشبكة : - أيضا يشبه ملكوت السموات شبكة مطروحة في البحر وجامعة من كل نوع . فلما امتلأت أصعدوها على الشاطئ وجلسوا وجمعوله الجياد إلى أوعية . وأما الأردياء فطرحوها خارجا . هكذا يكون في انقضاء العالم . يخرج الملائكة ويفرزون الأشرار من الأبرار ويطرحونهم في أتون النار . هناك بين يكون البكاء الأسنان وصرير . وبعد أن بين المخلص عظمة بشارته استطرد إلى ذكر مصير مستمعيها فشبه الذين ينادون بها بالصيادين الذين ينشرون شباك التعليم ليصيدوا بها الناس وينتشلوهم من بحر هذا العالم المهلك ، وشبه المستمعين من الشعوب المختلفة بصيد الشبكة الذي يضم أصنافا مختلفة من السمك . وأما جذب الشبكة إلى الشاطئ فأشارة إلى اجتماع المؤمنين للدينونة عند انقضاء العالم . وكما أن ما يدخل الشبكة من الصيد فيه ما لا ينتفع به فيلقى خارجا ، كذلك الذين يؤمنون كثيرون ولكن ليس كلهم يتركون أهواءهم وشهواتهم ويحفظون التعاليم . ومثلهم في ذلك مثل المتكثين في عرس ابن الملك الذين جمعهم عبيده من الطرق أشرارا وصالحين ( مت ۲۲ : ۱۰ ) . ولما دخل الملك عليهم رأى أحدهم بغير لباس العرس ، فأمر خدامه بربط رجليه ويديه وطرحه في الظلمة الخارجية . وهكذا في نهاية العالم يرسل الله ملائكته فيفرزون الأشرار من بين الأبرار ويطرحونهم في أتون النار حيث دودهم لا يموت ونارهم لا تطفأ ( أش 66 : ٢٤ ) ، و « حيث البكاء وصرير الأسنان » ، أي حيث الحسرة والندم على ما فعلوا ، والغم على شيطان أطاعوه ، ونعيم مقيم فقدوه . وفى هذا المثل إرهاب للسامعين ، وصد لهم عن متابعة الشرور . واجب الخدام :- قال لهم يسوع أفهمتهم هذا كله ، فقالوا یا سید فقال لهم من أجل ذلك كل كاتب متعلم في ملكوت السموات يشبه رجلا رب بيت يخرج من كنزه جددا وعتقاء . مضى المخلص بعد ذلك يتساءل عما إذا كان تلاميذه قد فهموا أمثاله ، وسؤاله ليس عن جهل منه بمدى فهمهم بل رغبة في أخذ إقرارهم بذلك . ولما أجابوا بالإيجاب أخذ يبين لهم واجبهم وواجب من يتصدون لخدمة الكلمة من الرعاة وغيرهم ، وهو ضرورة الاتصاف بالحكمة والفهم والقدرة على تأييد تعليمهم بأدلة من العهدين القديم والجديد فقال « من أجلذلك كل كاتب متعلم في ملكوت السموات يشبه رجلا رب بيت يخرج من كنزه جددا وعنقاء » ، أي كما أن رب الأسرة يدخر في بيته من الأثاث والمؤونة الجديد والقديم ، إذ بعض الأشياء قديمها أفضل كالحمر ، وبعضها جديدها أفضل كالعسل ، كذلك يجب في خادم الإنجيل أن يخرج من كنز علمه ما يناسب الزمان والمكان والسامعين من تعاليم التوراة والإنجيل كليهما . الأرشيذياكون المتنيح بانوب عبده عن كتاب كنوز النعمة لمعونة خدام الكلمة الجزء الأول
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل