المقالات

01 أغسطس 2019

عقيدة العذراء مريم عبر الأجيال

(رد على عقائد الكاثوليك والبروتستانت الخاطئة عن أمنا السيدة العذراء) * الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تكرم السيدة العذراء الإكرام اللائق بها دون مبالغة أو إقلال من شأنها. فهي القديسة المكرمة والدة الإله المطوَّبة من السمائيين والأرضيين, دائمة البتولية العذراء كل حين, الشفيعة المؤتمنة والمعينة, السماء الثانية الجسدانية أم النور الحقيقي التي ولدت مخلص العالم ربنا يسوع المسيح. * مريم العذراء هي الإنسانة الوحيدة التي أنتظر الله آلاف السنين حتى وجدها ورآها مستحقة لهذا الشرف العظيم "التجسد الإلهي" الشرف الذي شرحه الملاك جبرائيل بقوله "الروح القدس يحل عليكِ وقوة العلىّ تظللك فلذلك أيضًا القدوس المولود منكِ يدعى أبن الله" (لو35:1). لهذا قال عنها الكتاب المقدس "بنات كثيرات عملن فضلًا أما أنت ففقتِ عليهن جميعًا " (أم29:31) * هذه العذراء كانت القديسة كانت في فكر الله وفي تدبيره منذ البدء ففي الخلاص الذي وعد به آدم وحواء قال لهما "أن نسل المرأة يسحق رأس الحية " (تك15:3) هذه المرأة هي العذراء ونسلها هو المسيح الذي سحق رأس الحية على الصليب. * أولًا: العذراء في العقيدة الكاثوليكية: * عبادة مريم: * يؤمن الكاثوليك أن عبادة مريم هي أعظم وسيلة لحفظ البر والقداسة وانه يجب تقديم العبادة لمريم مثل تقديم العبادة للقربان المقدس (الافخارستيا). والمقصود بالطبع بكلمة العبادة هنا ليست هي العبادة مثل الله -حاشا- ولكنه المبالغة في التكريم والتبجيل والتقدير وإضفاء أمورًا زائدة على الواقع.. فهناك فرقًا بين كلمة adoration أي العبادة والتوقير والافتنان، وبين كلمة worship أي العبادة التي هي لله وحده عز وجل. فلا يوجد ما يظنه الأخوة المسلمون ما يُطلق عليه "تأليه العذراء مريم"! والسبب في سوء الفهم الإسلامي هو قول القرآن: "وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِن دُونِ اللَّهِ (سورة المائدة 116).. فلا تأخذ معلوماتك عن المسيحية من القرآن بالطبع، بنفس الحال الذي لا تأخذ معلوماتك عن القرآن من الإنجيل أو من "الكتاب الأقدس" البهائي وخلافه.. هذه الإضافة للمقال بهدف التوضيح بسبب سوء فهم البعض لبعض المصطلحات الدينية، وإسقاطها على مفهوم مخالف.. * وجزء من عبادة مريم هو أن تعطى لمريم كنزك الروحي من ثواب ونعم وفضائل وكفارة فيما يعرف بزوائد فضائل القديسين - (العقيدة الكاثوليكية تؤمن أن لكل إنسان فضائل أو غفرانات يأخذها عن طريق التأديبات الكنسية أو بصلوات يتلوها فيتحول لديه رصيد من البر ويصير عنده فائض يستطيع أن يتصدق بهذا الفائض إلى إحدى النفوس المعذبة بالمطهر لينقذها من الاستمرار فيه, وعندما نهب زوائدنا للعذراء تصبح ملكا لها تمنحها للنفوس المعذبة بالمطهر لتخفيف آلامها أو لأحد الخطاة لردة إلى النعمة). * الحبل بلا دنس: * في يوم 8 ديسمبر من كل عام يحتفل الكاثوليك بعيد الحبل بالعذراء بلا دنس الخطية الأصلية وهذا معناه انه منذ اللحظة الأولى في تكوينها في أحشاء أمها قد وجدت طاهرة نقية خالية من عار الخطية الجدية (خطية آدم) وذلك ليس من ذات طبعها ولكن بإنعام خاص ويعتمدون على الآية "قدس العلى مسكنه" (مز 45: 5) أي مستودع العذراء لتصبح أهلًا لسكنى الله وكان إظهار هذه العقيدة سنة 1854. * الرد: * نحن نعلم ان هناك طريق واحد للخلاص وهو دم المسيح "بدون سفك دم لا تحدث مغفرة" (عب 9: 22) وهذا المفهوم كان حتى موجود في العهد القديم في ذبائح الكفارة فكيف خلصت العذراء قبل سفك الدم وولدت طاهرة من الخطية الأصلية؟! * إذا كان ممكنا ان يخلص إنسان كالعذراء من الخطية الأصلية بدون تجسد الرب وصلبه وموته وقيامته، فلماذا لم يخلص الله البشر كلهم بهذه الطريقة؟ ما حاجته أن يخلى الله ذاته ويأخذ شكل العبد وان يصلب ويموت؟! * هناك الكثير من الآيات الدالة على كفارة المسيح وغفرانه لخطايانا بالصليب: * "متبررين مجانا بنعمته بالفداء الذي بيسوع المسيح الذي قدمه الله كفارة بالإيمان بدمه" (رو 3: 24). * "ان اخطأ أحد فلنا شفيع عند الآب يسوع المسيح البار هو كفارة لخطايانا ليس لخطايانا فقط بل لخطايا كل العالم أيضًا" (1 يو 2: 1-2). * "فمن ثم يقدر ان يخلص أيضًا إلى التمام الذين يتقدمون به إلى الله". (عب 7: 25). * "ليس بأحد غيره الخلاص " (أع 4: 13). * ثم إذا كانت العذراء قد خلصت من الخطية الأصلية لماذا قالت "تبتهج روحي بالله مخلصي" (لو 1: 47). فهناك حبل بلا دنس وقت الحبل فقط.. بعد الحلول الأقنومي على السيدة العذراء مريم في فترة الحبل فقط. * عصمة مريم: * يؤمن أخوتنا الكاثوليك كذلك بان مريم كانت ثابتة في الصلاح والبر من وقت أن حبل بها وان الله منحها العصمة طوال حياتها وهذه هي الفضيلة التي انفردت بها العذراء عن سائر القديسين، ويقول البابا بيوس التاسع أن العذراء مريم كانت منذ أول دقيقة من الحبل بها معصومة من الخطيئة وذلك بإنعام إلهي خاص. * الرد: * إن العذراء مريم كانت هيكلًا للإله ولم تكن إلهًا. العذراء مريم هي قديسة الأجيال وكل الدهور ولكن ليس قداستها معناها إنها كانت معصومة من الخطأ. فليس هناك امرأة في الأرض قبلها أو بعدها تساويها في القداسة ليس عن عصمة وإنما عن قداسة مصدرها حلول الروح القدس عليها والنعمة التي حلت عليها والتي أعطتها قوة تفوق الوصف لأنها تحمل قدوس الله. * ولو كان قداسة العذراء عن عصمة كان يمكن أن ينال هذا الأنعام أي من القديسات اللائي سبقنها في الزمن والتاريخ. * هذا تقليل من قيمة العذراء إذ نرجع الفضل في قداستها لله الذي انعم عليها بالعصمة من الخطية وليس لجهادها في طريق القداسة. * مريم والغفرانات: * الغفرانات هي منح يمنحها الباباوات لمن يتلو تلاوات خاصة أو يزور أماكن معينة في أوقات معينة والعذراء قد نالت من هذه الأنواع الثلاث كثيرًا. * غفرانات لأوقات معينة: بالنسبة للعذراء مريم شهر مايو يعتبره الكاثوليك الشهر المريمي وقد صادق عليه البابا بيوس السابع وحتى يشجع المؤمنين على ممارسته منح غفران 300 يوم عن كل يوم يحضره المسيحي أو يحتفل به في أي مكان وغفرانا كاملا لكل الذين يحتفلون بالشهر كله. * وبالمثل شهر مارس هو شهر القديس يوسف الصديق خطيب مريم العذراء. * غفرانات لصلوات معينة: غفران 300 يوم لكل من يقول يا يسوع ومريم – غفران 7 سنين و7 أربعينات لكل من يقول يا يسوع ومريم ومار يوسف. * غفرانات لاماكن معينة: مثال الذين يزورون أي كنيسة أو مكان لعبادة العذراء مريم يوم 8 ديسمبر أو أيام أعياد ميلاد العذراء وبشارتها ودخولها إلى الهيكل وانتقالها إلى السماء. * الرد: * شرط الغفران هو التوبة. * " فتوبوا وارجعوا تمحى خطاياكم " (اع 3: 19). * " فإذا رجع الشرير عن جميع الخطايا التي فعلها وحفظ كل فرائضي وفعل حقًا وعدلًا فحياة يحيا لا يموت كل معاصيه التي فعلها لا تذكر عليه, في بره الذي عمل يحيا " (حزقيال 18: 21-22). * " ان لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون " (لو 13: 3). * " ليترك الشرير طريقه ورجل الإثم أفكاره وليتب إلى الرب فيرحمه" (أش 55: 7). * صلاة الفريسي كانت أطول من صلاة العشار ومع ذلك خرج العشار مبررا فالعلاقة بيننا وبين الله – كالصلاة- ليست تلاوة فالكتبة كانوا يطيلون الصلوات وانتقدهم الرب في ذلك، المهم هو نوع الصلاة والكلام الذي أقوله فيمكن أن أقول كلمة واحدة وأنال بها الفردوس مثل اللص اليمين أو العشار. المهم هو الانسحاق والخشوع والفهم أما أن تكون التلاوات محددة بأرقام وأيام للمغفرة فهذا الكلام ليس له أي سند. * بأي حق وعلى أي أساس كان الباباوات يعطون هذه الغفرانات هذا 300 يوم وهذا 30 سنة وهذا 7 سنين هذا الكلام ليس له أي سند في الكتاب المقدس أو تعاليم وأقوال الرسل!! * العذراء سيدة المطهر: * إن كنا نؤمن بالكنيسة المجاهدة على الأرض والكنيسة المنتصرة في السماء فهناك عند الكاثوليك كنيسة أخرى هي الكنيسة المتألمة في المطهر، ويؤمنون أن العذراء مريم تستطيع أن تساعد وتسعف أبنائها في المطهر بان تنتشلهم منه أو تخفف عنهم وطأة العذاب وهي تستطيع أن تستعمل سلطانها وسلطتها في الكنيسة المنتصرة أو المجاهدة أو المتألمة حيث يمتد سلطانها إلى حيث يصل سلطان ابنها ويؤمنون أن العذراء تظهر للأنفس التي في المطهر لتعينها على العذاب وان المطهر قد يفرع في أعياد العذراء المجيدة مثال السجون التي يطلق المساجين منها في الأعياد وعند العفو الملكي. * أيضًا عندما تمنح زوائد فضائلنا ا للعذراء فهي تنقلها للأنفس المعذبة في المطهر لتخفيف مدتها. * (بين عقيدة زوائد فضائل القديسين والغفرانات: هناك ارتباط بين هاتين العقيدتين, بمعنى أنه قد يتحصل إنسان ما على غفران 50 سنة ويموت بعد 30 سنة فيكون لديه فائض غفران 20 سنة كرصيد يمكن أن يتصدق به على غيره من الأحياء أو الأموات في المطهر أو يهبه للعذراء لتوزيعه على من تشاء من الخطاة!!) * الرد أصلا على موضوع المطهر طويل ولكن نذكر بعض النقاط: * هل دم المسيح غير كاف للخلاص؟! إن كان غير كافٍ فباطل هو إيماننا أما إذا كان كافيًا فما لزوم المطهر. * هل هناك خطايا يغفرها دم المسيح وخطايا أخرى يغفرها العذاب في المطهر؟! * في كل قصص الغفران في الكتاب المقدس يكون غفران الله كاملًا لا تجزئة فيه... إن الذين كان على الواحد منهما خمسمائة دينار وعلى الآخر خمسون يقول الكتاب إن الله... إذا لم يكن لهما ما يوفيانه سامحهما جميعًا (لو 42:7) فالخطية التي للموت (مثال 500 دينار) والخطية العَرَضّية (مثال 50 دينار) سامحهم كلهم. * (توضيح: يؤمن الكاثوليك فيما يخص عقيدة المطهر أن هناك نوعان من الخطايا كقول الكتاب هناك خطايا للموت وخطايا ليست للموت فالخطايا التي للموت يغفرها دم المسيح, أما الخطايا التي ليست للموت -العَرَضّية- فيذهب الإنسان إلى المطهر ليدفع عنها الحساب, ولكن الواضح في هذا المثل الذي قاله المسيح أن السيد سامح العبدان كليهما وأن العبدان لم يكن لهما ما يوفيانه سواء ال500 أو الـ50 دينار). * اللص اليمين قال له المسيح اليوم تكون معي في الفردوس معناها انه دخل الفردوس في يوم وفاته دون أن يعبر على هذا المسمى المطهر. * ثانيًا: العذراء في العقيدة البروتستانتية: * تشتهر الكنيسة البروتستانتية بكثرة مدارس تفسير الكتاب المقدس إذ أعطى مارتن لوثر الحق لكل مسيحي مؤمن لان يفسر الكتاب المقدس حسبما يرشده روح الله القدوس وذلك ردًا على تسلط الكنيسة الكاثوليكية. * لهذا انتشرت المذاهب البروتستانتية لتعدد أنواع التفاسير. * بالرغم من إنكار البروتستانت لبعض الأمور الخاصة بالعذراء كدوام بتوليتها وشفاعتها إلا أنهم يكرمونها في كتاباتهم وأقوالهم كثيرا. * تشبيه العذراء بعلبة الجوهرة: * بالرغم من بعض الكلمات الجميلة التي تظهر في بعض الكتب البروتستانتية إلا أننا في عظاتهم نسمعهم يشبهون العذراء بالعلبة التي فيها جوهرة نأخذها ونرمى العلبة أوكالبيضة نقشر القشرة ونأكل البيضة, بل قد تجرأ البعض وقالوا عنها "اختنا". * الرد: * هذا التشبيه خاطئ لاهوتيا لان الجوهرة أو الذهب من خامة والعلبة من خامة أو مادة أخرى كذلك قشرة البيضة مختلفة في مادتها عن البيضة فإذا كانت العذراء علبة للتجسد فهذا معناه أن جسد المسيح ليس مأخوذًا منها بل كان موضوعًا فيها "فإذ قد تشارك الأولاد في اللحم والدم اشترك هو أيضًا كذلك فيهما لكي يبيد بالموت ذاك الذي له سلطان الموت اى إبليس" (عب 2: 14)، أيضًا في قانون الإيمان نقول "تجسد من الروح القدس ومن مريم العذراء، تأنس". * بالرغم من أن العلبة ليست في قيمة الجوهرة ولكن هذا لا يلغى أهميتها في حفظ الجوهرة.
المزيد
13 يوليو 2019

بطرس الرسول كخادم

القديس بطرس الرسول لم يكن خادما ًمثاليا، ولم يختلف عن باقي الرسول ولم يكن له صفات معينه تفرق بينه وبين الرسل، فهو إنسان طبيعي، ولن قدوة ولكن قدوة الله التي علمت فيه بصورة كبيرة وأخرجت لنا بطرس الرسول كخادم وهناك نقط في حياة القديس بطرس سوف نتكلم ومن هذه النفط والصفات :- أولا: دعوة بطرس +حدثت دعوة بطرس عندما مر عليه السيد المسيح ودعاه للخدمة وقال أتبعني، وعلي الفور ترك بطرس الشباك وتبع السيد المسيح، لقد كان بطرس الرسول صيادا للسمك، ولم يحمل أي مؤهلات، وهذا يعني أن الله يختار تلاميذه لا ينظر إلي الإمكانيات العملية أو العقلية فإختار السيد المسيح لم يكن قائم بناء علي المؤهلات أو المواهب ولا الإمكانيات والطاقات، فبطرس ليس لديه خبرة بشئ إلا بالبحر فهو لا يغرف إلا السمك أنواعه، أسعاره +ولم يكن القديس بطرس صاحب جاه أو مركز أو مال بل كان فقيرا وهذا يدل علي أن الله لا يختار أشخاص معينين أو أشخاص مختلفين أو لهم مميزات عن غيرهم فدعوة الله ليست قاصرة علي أصحاب المواهب طبل اختار الله جهال العالم ليخزي الحكماء واختار الله ضعفاء العالم ليخزي الأقوياء (1كو27:10)ولكن ما هو المعيار أو المقياس الذي تم بناء عليه اختيار القديس بطرس؟! المعيار هو القلب فالله ينظر إلي القلب وليس إلي العينين فقد كان القديس بطرس يتمتع ببساطة قلب فالله ينظر إلي القلب وليس الإمكانيات والمواهب. والله نظر إلي القديس بطرس فوجد في قلبه :- حب للخدمة قلبه كان ملئ بالمحبة، رغم أن المعالم الخارجية لشخصه بطرس لم توحي بذلك. ثانيا: غيرة بطرس كان بطرس شخصية غيورة ولكن بلا فهم غير مصحوبة بالتسرع والاندفاع والتهور هناك كثيرون لهم غيرة وليس لهم حكمة وهذا نوع خطير في الخدمة فالغيرة وحدها لا تكفي !!فلا يصح أن يكون الشخص له غيرة جاهلة !أو غيرة بلا فهم فالغيرة السليمة هي الغيرة التي بلا تهور أوإندفاع فلا يصلح أن يكون الخادم ضراب أو مهين أو مجرح لشعور الأخرين فالإصلاح لا يكون فقط بالغيرة التي يصاحبها الحماقة والتهور دون حكمة او فهم. +فالمهم هو الحكمة والاقتناع والعمق فالغيرة التي يصاحبها عنف هي غيرة مرفوضة في الخدمة... والغيرة التي تجرح شعور الأخرين غير مطلوبة. +السيد المسيح عندما قلب موائد الصيارفة لم يؤذي أحد من الناس، فكان غرضه منصب علي هذه الموائد. +وعندما جاء اليهود ليقبضوا علي السيد المسيح اندفع بطرس. وقطع إذن عبد رئيس الكهنة، ولكن السيد المسيح اعترض علي هذا العمل وقال له : " رد سيفك إلي مكانه لأن كل الذين يأخذون بالسيف بالسيف يهلكون " (مت 52:26)وقام السيد المسيح بإعادة الأذن للعبد مرة أخري بمعجزة +فالغيرة المصحوبة بالعنف تأتي بنتائج عكسية فهي تدفع إلي الناس وتبعدهم عن الكنيسة ولا تجعلهم يقتربون منها.. فلذلك الغيرة الجاهلة هي منتهي الخطورة علي الخدمة . ثالثا ً: إيمان بطرس كان بطرس مؤمنا إيمان عظيم بالسيد المسيح، ولكن هذا الإيمان كان لإيمان عاطفي وليس إيمان عقلي والمفروض أن يكون الإيمان مبنيا علي العاطفة والعقل معا ً +وكان نتيجة هذا الإيمان العاطفي أن بطرس هو أول شخص من التلاميذ اعترف بلا هوت السيد المسيح عندما سـأل السيد المسيح التلاميذ من يقول الناس إني أنا فرد بطرس وقال " أنت هو المسيح ابن الله الحي " ( مت 16:16 ) فامتدح السيد المسيح إيمان بطرس وقال له "طوبي لك يا سمعان بن يونا لأن لحما نودما لم يعلن لك لكن لأبي الذي في السموات " (مت 17:16) وعندما أعلن السيد المسيح أنه سيتألم ويصلب إندفع بطرس +وعندما أعلن السيد المسيح أنه سيتألم ويصلب إندفع بطرس وقال "حاشا يارب " فإنتهره السيد المسيح وقال (اذهب عني يا شيطان ) وذلك لأن ايمان بطرس هو ايمان عاطفي وليس ايمان عقلي.. ولذلك فالخادم العاطفي في الخدمة أحيانا يكون قوي وأحيانا ضعيف فالحكمة في الخدمة شئ مطلوب. رابعا :كان بطرس خادماً مليئا بالرجاء +كان بطرس ملئ بالرجاء، فقد فعل بطرس ما فعله يهوذا الأسخريوطي ويمكن أبشع منه !فقد ذهب يهوذا وباع السيد المسيح وأخذ ثلاثين من الفضة لمجرد أن يعرف اليهود طريق المسيح فقط، فقال لهم من أقبله هوهو أمسكوه ن وبعدما وحكموا علي السيد المسيح شعر يهوذا أنه أسلم دما بريئا، وحاول إرجاع الفضة التي أخذها ولكنهم رفضوا فذهب وشنق نفسه لأنه لم يكن عنده رجاء أن السيد المسيح بعد صلبه وقيامة وسوف يغفر له خطيته، أما بطرس الرسول فقد أنكر السيد المسيح بل لم يكتفي بذلك فقد لعن وسب وجدف علي السيد المسيح أمام جارية !!ولكن بطرس بكي بكاءا مرا علي عملته هذه وكان عنده رجاء أن السيد المسيح سوف يغفر له خطيته، وأصر القديس بطرس علي تبعية السيد المسيح وهذا دليل علي أنه عنده رجاء أن الله ان يرفضه.. فذهب إلي العلية وأصر علي ترك التلاميذ.. + وبعد القيامة قال الملاك للنسوة " أذهبن وقلن للتلاميذ ولبطرس أنه يسبقكم إلي الجليل وظهر السيد المسيح لبطرس علي بحر طبرية وعاتبه عتاب المحبة وقال له " يا سمعان ابن يونا أتحبني "(ثلاث مرات ") فد بطرس عليه "أنت تعلم يارب أني أحبك " فقال له السيد المسيح "أرع خرافي " وبكي بطرس ومع ذلك لم يفقد القديس بطرس رجاءه في القيامة في محبة المسيح وغفرانه وهذا يدل علي أنه كان ملئ بالرجاء فالمفروض أن الخادم يكون لديه لرجاء في المسيح فمهما فعل الخادم فالمسيح لن يتركه خامساً : الله يستطيع أن يحول الصفات الغريبة في الخادم إلي صفات جميلة كان في بطرس صفة الاندفاع والتهور وقد حول السيد المسيح هذه الصفات الغريبة لتكون وسيلة للمنفعة فكان بطرس مشهور بصفة التسرع وهذه الصفة نفعت في يوم الخمسين (يوم حلول الروح القدس ) فعندما قال اليهود عن التلاميذ يوم الخمسين أنهم سكري قام بطرس بشجاعة وأقحمهم (وكانت أورشليم مكتظة باليهود من جميع بلدان العالم ومن جميع الجنسيات ) فقام بطرس واندفع ودافع عن المسيحة والتلاميذ. فباندفاعه هذا قام وتكلم ووعظ الناس وفي هذا اليوم أمن 3 ألاف نفس وكانت أكبر عملية تبشير بعد حلول الروح القدس علي التلاميذ فالله استخدم اندفاع بطرس وشجاعته لصالح الخدمة. +وعندما طلب اليهود من التلاميذ ألا يتكلموا عن السيد المسيح ويبشروا به، فبشجاعة قال بطرس والتلاميذ "لا نستطيع أن نتكلم بما سمعنا ورأينا " (أع 20:4) ان الله استخدم التهور عند بطرس للكرازة والخدمة. الله يستخدم كل ضعفات وطاقات الخادم في الخدمة لكي تثمر، فالمسيح لم يغير طبيعة بطرس ولكن عرف كيف يستخدمها في الخدمة ولخير الناس. +وقد يكون الخادم متشددا ًمع الأولاد في الخدمة فحزمه وتشديده علي الأولاد لحضور القداس ومدارس الأحد قد يؤدي انتظام والتزام الأولاد علي المواظبة. +أو تشديد أمين الخدمة أو أمين الأسرة مع الخدام من جهة التحضير والافتقاد والقراءات الروحية والجدول الروحي مهم ويقيد الخدام والخدمة. +أن الله لا يغير طبيعة أي شخص من الرسل ولكنه استخدمه كما هو بشخصيته المميزة فالله لا يغير طبيعة الإنسان ولكن فقط قد يعدل من شخصيته للأفضل
المزيد
25 فبراير 2020

قراءات الصوم الكبير وترابطها

إن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية العميقة في كل شيء، العميقة في طقوسها وقراءاتها، رتبت أن يكون هناك هدف يربط بين قراءات الصوم المقدس في الكنيسة، وهذا يتضح من خلال وجود : 1- موضوع عام للصوم المقدس. 2- موضوعات عامة لأسابيع الصوم. 3- موضوعات عامة لأيام الصوم. 4- موضوعات خاصة لأيام الصوم. 5- وهناك أيضاً موضوعان لقسمي الصوم. 6- وموضوعات للسبوت والآحاد. أولاً: الموضوع العام للصوم المقدس : إن الكنيسة رتبت لنا أن تدور القراءات التي تتلى خلال الصوم المقدس حول موضوع واحد وهو "الجهاد الروحي"، لأنها تعلِّم مع بولس الرسول "لم تقاوموا بعد حتى الدم مجاهدين ضد الخطية" (عب 4:12) وهى تناشد كلاًّ منا أن يجاهد الجهاد الحسن كما كان بولس الرسول يناشد تلميذه تيموثاوس قائلاً وهى تناشد كلاًّ منا أن يجاهد الجهاد الحسن كما كان بولس الرسول يناشد تلميذه تيموثاوس قائلاً: "جاهد جهاد الإيمان الحسن وأمسك بالحياة الأبدية التي إليها دعيت أيضاً واعترفت الاعتراف الحسن أمام شهود كثيرين" (1تى 12:6). ثانياً: الموضوعات العامة لأسابيع الصوم : قسمت الكنيسة الأربعين المقدسة إلى ستة أسابيع يبدأ كل منها يوم الاثنين وينتهي يوم الأحد، وأضافت في أولها أسبوعاً للاستعداد وهو مقدمة للصوم. ثم جعلت جميع القراءات التي تتلى في أيام كل أسبوع من هذه الأسابيع السبعة تدور حول موضوع واحد وهدف واحد يعتبر حلقة من حلقات الموضوع العام للصوم. الأسبوع الأول : تدور قراءاته حول الاستعداد للجهاد، وإذا حذفنا قراءات هذا الأسبوع سوف نجد أنها لن تؤثر على الموضوع العام للصوم لأنه استعداد. الأسبوع الثاني : وموضوع قراءاته هو الجهاد الروحي وطبيعته. الأسبوع الثالث : وتدور قراءاته حول التوبة أو طهارة الجهاد. الأسبوع الرابع : هو أسبوع الإنجيل أو دستور الجهاد. الأسبوع الخامس : أسبوع الإيمان أو هدف الجهاد. الأسبوع السادس : أسبوع المعمودية أو صبغة الجهاد. الأسبوع السابع : أسبوع الخلاص "خلاص الجهاد". ثالثاً: الموضوعات العامة لأيام الصوم : أيام الأسبوع الأول : وقراءات هذا الأسبوع بمثابة الاستعداد لرحلة الجهاد، حيث أن قراءات الأيام السبعة لهذا الأسبوع تسير على الترتيب الآتي : ترك الشر - الالتصاق بالخير - محبة الآخرين - النمو الروحي - الاتكال على الله - السلوك بالكمال - الهداية إلى الملكوت. أيام الأسبوع الثاني : بعد أن أعدت الكنيسة نفوس أولادها للجهاد الروحي على النحو السابق، فهي في هذا الأسبوع تبين من خلال قراءاتها طبيعة الجهاد المطلوب منهم فتتحدث عن: صلاة الجهاد - صدقة الجهاد - أمانة الجهاد - دستور الجهاد - ثبات الجهاد - ضيقات الجهاد - نصرة الجهاد. أيام الأسبوع الثالث : وفى الأسبوع الثالث توضح لنا الكنيسة أن الجهاد لابد أن يكون متسماً بطهارة القلب والفكر عن طريق التوبة الحقيقية من خلال قراءات الأيام السبعة وهى كالتالي: اعتراف التوبة - بر التوبة - تجارب التوبة - دينونة التوبة - أمان التوبة - مغفرة التوبة - قبول التوبة. أيام الأسبوع الرابع : وقراءات هذا الأسبوع تتحدث عن دستور الجهاد؛ الذي هو الكتاب المقدس وهكذا تشير موضوعات هذا الأسبوع على الترتيب التالي إلى : روح الإنجيل - الكرازة بالإنجيل - سلام الإنجيل - إنارة الإنجيل - الإيمان بالإنجيل - العمل بالإنجيل - عزة الإنجيل. أيام الأسبوع الخامس : إن الهدف من الكرازة بالإنجيل هو أن يؤمن به سامعوه، والكنيسة تعالج موضوع الإيمان من خلال قراءات الأسبوع الخامس كما يلى: اتكال الإيمان - خدمة الإيمان - رجاء الإيمان - تحرير الإيمان - قصاص الإيمان - هداية الإيمان - تشديد الإيمان. أيام الأسبوع السادس : إن العضوية في كنيسة المسيح لا تتم لمن يؤمن إلا إذا نال سر المعمودية، وقد رتبت الكنيسة أن توزع أبحاثها فى هذا السر على أيام الأسبوع في ضوء عقيدتها والطقس المتبع في إتمامه، لذلك فالقراءات تدور حول: توبة المعمودية - اعتراف المعمودية - دينونة المعمودية - حياة المعمودية - قيامة المعمودية - خلاص المعمودية - إنارة المعمودية. أيام الأسبوع السابع : إن الخلاص هو غاية الذين يتوبون ويؤمنون بالإنجيل ويعتمدون، وقد رتبت الكنيسة أن تبحث في موضوع الخلاص ممثلا في شخص الرب يسوع من النواحي الآتية: شهود المخلص - الاعتراف بالمخلص - الإيمان بالمخلص - قيامة المخلص - دينونة المخلص - بركة المخلص - فداء المخلص. وعلى ذلك تسير الموضوعات طوال أيام الصوم، ويلاحظ أن هذه القراءات تتألف من فصول العهد القديم والجديد لكل يوم من أيام هذا الصوم. رابعاً: الموضوعات الخاصة لأيام الصوم : إن المتأمل في القراءات الموضحة لكل يوم من أيام الصوم المقدس يرى أنها تتألف من ثلاث مجموعات هي النبوات والأناجيل والرسائل. وهذه المجموعات بينها ارتباط وثيق، وكلها تدور حول موضوع واحد هو الموضوع العام لليوم. خامساً: موضوعا قسمي الصوم : لقد قسمت الكنيسة الصوم إلى قسمين : القسم الأول : يتألف من أسبوع الاستعداد والأسابيع الثلاثة التالية له، وموضوعات هذا القسم كلها تدور حول ما هو مطلوب من هذا الشعب من مظاهر الجهاد الروحي، مثل ترك الشر، وممارسة الصلاة، والصدقة، والتوبة، وإطاعة الإنجيل وما إلى ذلك. والقسم الثاني : ويشمل الأسابيع الثلاثة الأخيرة، والقراءات في هذا القسم تدور كلها حول ثمرة الجهاد، أي مدى استجابة المؤمنين له، كإيمانهم بالإنجيل والتمتع بثمار المعمودية والفوز بالخلاص. سادساً: موضوعات السبوت والآحاد : إن الكنيسة ميزت موضوعات السبوت والآحاد عن أيام الصوم الانقطاعي الخمسة بميزتين، فمن يدقق النظر في نظامهما يلاحظ ذلك: أ- الميزة الأولى : أن موضوعات الأيام الخمسة تنصب على ما يبذله الشعب من جهاد، في حين أن موضوعات السبوت والآحاد تنصب على نعم المخلص المتعددة التي يمنحها لهم جزاء لهذا الجهافإذا تابوا مثلاً يقبل توبتهم مثل الابن الضال. وإذا سمعوا الإنجيل وعملوا به روى نفوسهم كما ارتوت السامرية وإذا آمنوا شدد إيمانهم كما شدد وإذا اعتمدوا أنار بصيرتهم كما استنار المولود أعمى. ب- الميزة الثانية : هي الارتباط الوثيق بين موضوعات السبوت وموضوعات الآحاد، فحلقات الموضوع العام في أي أسبوع تبدأ بيوم الاثنين وتنتهي بيوم الجمعة، لأن هذه الأيام الخمسة مرتبطة ببعضها، قائمة بذاتها، مستقلة عما عداهاثم تستأنف الكنيسة نفس الموضوع يوم السبت، ولكن بحلقة جديدة من الحلقات. فتطالب الشعب بناحية جديدة من الجهاد، حتى إذا قام بها حمل إليه إنجيل الأحد ثواب المخلص له على هذا الجهاد.على سبيل المثال قراءات الأسبوع الثالث تدور حول التوبة، ففي يوم الاثنين الحلقة الأولى منه تدور حول الاعتراف به، يليها تبرير المعترف، ثم تعرضه للتجارب وهكذا.. أما في يوم السبت فإن الكنيسة تحث التائب على المغفرة لغيره، فإذا فعل ذلك قبلت توبته، كما يوضح ذلك إنجيل الأحد.. أي أن إنجيل السبت يمثل جهاد الشعب وإنجيل الأحد يمثل نعمة المخلص له على هذا الجهاد.. وهكذا في كافة الأسابيع.هذه هي موضوعات الصوم كما وضعتها الكنيسة، ولابد أن نلاحظ أن الاهتداء إلى هذه الموضوعات ليس بالأمر الهين، فقد يقتضى ذلك أن نبدأ بقراءة إنجيل القداس ورسالة البولس والنبوة الأولى عدة مرات لمعرفة سر الارتباط بينها، ثم قراءة النبوات واحدة واحدة لمعرفة موضوعها الخاص، وكذلك الحال في بقية الأناجيل والرسائل - ثم البحث في مدى ارتباط قراءات اليوم ببعضها البعض لاستخراج الموضوع العام لقراءات هذا اليوم، ثم الموضوع العام للأسبوع الذي يربط بينها، فإذا انتهينا من الموضوعات العامة للأسابيع توصلنا إلى معرفة الموضوع العام للصوم كله. نيافة الحبر الجليل الانبا رافائيل أسقف عام وسط القاهرة
المزيد
14 أغسطس 2020

مريم العذراء فى عقيدة الكاثوليك

تؤمن الكنيسة الكاثوليكية بأن مريم العذراء هى الدائمة البتولية، فقد كانت مخطوبة ليوسف النجار وبعد موت يوسف النجار لم تخطب أو تتزوج من أى شخص آخر، فهى لم تعرف رجلا قط كل أيام حياتها بمعنى العلاقة الزوجية والجسدية بين الأزواج، فقد كانت مريم هى العذراء قبل الحبل بيسوع المسيح وأثناء الحبل بيسوع وظلت عذراء بعد ولادة يسوع المسيح حتى آخر يوم فى حياتها على الأرض. (أولاً) نقاط الإتفاق بين الأرثوذكس والكاثوليك حول السيدة العذراء: 1- مريم العذراء ممتلئة نعمة بعكس البروتستانت (منعم عليها). 2- مريم العذراء دائمة البتولية. 3- شفاعة مريم العذراء التوسلية. 4- مريم العذراء والدة الاله (الذى يرفضة النساطرة). 5- مريم العذراء أم الكنيسة. 6- صعود جسد مريم العذراء إلى السماء. 7- عظمة مريم العذراء ووضعها فوق مستوى الملائكة. 8- تمجيد مريم العذراء. 9- الاحتفال بأعياد مريم العذراء. 10- بناء كنائس على إسم مريم العذراء. (ثانياً) نقاط الإختلاف بين الأرثوذكس والكاثوليك حول السيدة العذراء: 1- الحبل بمريم العذراء بلا دنس. 2- عبادة مريم العذراء. 3- عصمة مريم العذراء. 4- غفرانات مريم العذراء. 5- مريم العذراء سيدة المطهر. وتم مناقشة الخلاف بين المعتقدات فى الجزء الخاص بالعقائد. بتولية مريم العذراء فى عقيدة البروتستانت من الخطأ القول بأن كل البروتستانت ينكرون بتولية مريم العذراء، فالتراث البروتستانتي الأصيل يؤمن بضرورة إكرام مريم العذراء والقدّيسين، والواقع أن منكرى بتولية العذراء وإن كانوا يندسون الآن وينتمون للمذهب البروتستانتى وهو برئ منهم، فهم فى الأساس أبيونيون ونساطرة ولا يعلمون، ويتبعون بدعة نسطور الذى أنكر بتولية العذراء وأنكر عليها لقب والدة الإله، ليس هذا الإنكار لذاتها، بل لإنكار لاهوت المسيح نفسه، ويلقبون العذراء بأنها أخت لنا ومثل قشرة البيضة التى خرج منها الكتكوت فلا قيمة للقشرة بعد ذلك، أو مثل علبة القطيفة التى تحوى بداخلها جوهرة... ألخ، ولعلهم قد تناسوا أنهم بذلك يفصلون بين جسد العذراء وجسد السيد المسيح الذى إتخذة من مريم العذراء، فالطبيعة الجسدية واحدة ومتجانسة لهما، بعكس علبة القطيفة والجوهرة، وقشرة البيضة والكتكوت فلا تجانس بينهم وطبيعتهم المادية مختلفة. وكما يقول بولس الرسول أن أجسادنا هى أعضاء المسيح وهىهيكل الله الساكن فيها الروح القدس، فكم إذن بالأولى أحشاء السيدة العذراء هيكل الله المقدس التى تجسد منها المسيح وحل عليها الروح القدس وظللتها قوة العلى، وكان القدوس المولود منها إبن الله: + (لوقا 1: 35) اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ فَلِذَلِكَ أَيْضاً الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ. + (كورنثوس الأولى 3: 16) أَمَا تَعْلَمُونَ أَنَّكُمْ هَيْكَلُ اللهِ وَرُوحُ اللهِ يَسْكُنُ فِيكُمْ؟ + (كورنثوس الأولى 6: 15-16) 15أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ أَجْسَادَكُمْ هِيَ أَعْضَاءُ الْمَسِيحِ؟ أَفَآخُذُ أَعْضَاءَ الْمَسِيحِ وَأَجْعَلُهَا أَعْضَاءَ زَانِيَةٍ؟ حَاشَا!. 16أَمْ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ جَسَدَكُمْ هُوَ هَيْكَلٌ لِلرُّوحِ الْقُدُسِ الَّذِي فِيكُمُ الَّذِي لَكُمْ مِنَ اللهِ وَأَنَّكُمْ لَسْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ؟ وحتى لا نظلم زعماء ومؤسسى حركة الإصلاح البروتستانتى أنفسهم في القرن السادس عشر وعلى رأسهم مارتن لوثر، الذين أقروا أنّ مريم دائمة البتوليّة نضع هنا بعض أقوالهم الرائعة والخالدة فى حق التأكيد على دوام بتولية مريم العذراء: وقد أقرّ زعماء الإصلاح البروتستانت أنفسهم في القرن السادس عشر أنّ مريم دائمة البتوليّة. 1- مارتن لوثر سنة 1539: كتب لوثر سنة 1539 مقال بعنوان "في المجامع والكنائس"، جاء فيه: "هكذا لم يأت مجمع أفسس بشيء جديد في الإيمان، وإنّما دافع عن الإيمان القديم ضدّ ضلال نسطوريوس الجديد. فالقول إنّ مريم هي والدة الإله كان في الكنيسة منذ البداية، ولم يخلقه المجمع جديدًا، بل قاله الإنجيل أو الكتاب المقدّس. ففي القدّيس لوقا (1: 32)، نجد أنّ الملاك جبرائيل بشّر العذراء بأنّ ابن العليّ سوف يولد منها. وقالت القدّيسة أليصابات: "من أين لي هذا أن تأتي أمّ ربّي إليّ؟" وأعلن الملائكة معًا يوم الميلاد: "اليوم ولد لكم مخلّص، هو المسيح الربّ" (لو 1: 11). وكذلك بولس الرسول: "أرسل الله ابنه مولودًا من امرأة" (غلا 4: 4). هذه الأقوال التي أؤمن بصحّتها تدعم، وبكلّ تأكيد، الحقيقة القائلة إنّ مريم هي والدة الإله". 2- مارتن لوثر سنة 1546: أكد على عقيدة بتوليّة مريم الدائمة طول حياتها، حيث قال عن مريم العذراء في الثاني من شباط سنة 1546، يوم عيد تقدمة المسيح إلى الهيكل: "كانت بتولاً قبل الحبل والولادة، وظلّت بتولاً حتى الولادة وبعدها". 3- زفينكلي سنة 1524: كتب زفينكلي سنة 1524 عظة عن "مريم الدائمة البتوليّة الطاهرة والدة الإله"، استعمل فيها بحرّية لقب "والدة الإله"، وأعلن في مقطع منها نافيًا اتّهامات ذوي الإرادة السيّئة الذين ادّعوا أنّهم سمعوه يتحدّث عن مريم بأنّها امرأة خاطئة شبيهة بأيّة خليقة وقال في عظة عن مريم العذراء أكّد بتوليّتها الدائمة بقوله: "إنّي أؤمن إيمانًا ثابتًا، استنادًا إلى ما جاء في الإنجيل المقدّس، أنّ هذه العذراء الطاهرة قد ولدت لنا ابن الله، وأنّها ظلّت، في الولادة وبعدها أيضاً، عذراء نقيّة وبكرًا إلى الأبد". ولم أفكّر إطلاقًا، ولم أعلّم، ولم أقل جهرًا عن العذراء الطاهرة، مريم أمّ مخلّصنا، أيّ قول معيب أو شائن أو سيّئ. كما تكلّم كثيرًا على بتوليّة مريم الدائمة، فأعلن في مدينة برن في كانون الثاني سنة 1528: إنّي أستشهد بكنيسة زوريخ التقيّة وبجميع مؤلّفاتي لأعترف بمريم بتولاً دائمًا وقدّيسة". 4- بولينجر: إنتقد نسطوريوس الذي رفض تسمية العذراء بلقب "والدة الإله". 5- القسّ الفرنسي شارل دريلانكور: "بسبب هذا الاتّحاد المتين غير المدرك (بين طبيعتي المسيح)، فإن ما يناسب إحدى الطبيعتين يمكن أن يُنسَب إلى الشخص بشكل عام. لهذا قال بولس الرسول: "إنّ اليهود صلبوا ربّ المجد" (1كو 2: 8). ولا نرى أيّ صعوبة في القول مع الأقدمين: - إنّ العذراء هي والدة الإله، لأنّ الذي ولدته هو الإله الفائق كل شيء المبارك إلى الأبد 6- كالفين: تردد في استعمال لقب "والدة الإله بسبب ما يحمله من خطر على سوء فهم علاقة مريم العذراء بالله،، ولكنة كان صريحًا في موضوع بتوليّة العذراء الدائمة، ورفض أن يكون لمريم أولاد غير يسوع وقال: - بتوليّة العذراء دائمة، وأرفض أن يكون لمريم أولاد غير يسوع. 7- ماكس توريان 1963: يؤكّد تقليد الكنيسة العريق على بتوليّة مريم الدائمة. ويوجز إيمان المصلحين بقوله: - "إنّ موقف مريم من احترامها سرّ إعدادها الأزلي يجعلنا نقرّ أنّ عقيدة مريم الدائمة البتوليّة التقليدية تنسجم، على الأقلّ، مع دعوة مريم الفريدة، المكرّسة تمامًا لخدمة الله، والممتلئة من نعمة الله، والمتّجهة كلّيًا نحو ملكوت الله. - مريم، في بتوليّتها، هي علامة الخليقة المصطفاة والمكرّسة والممتلئة من ملء الله، التي لم تعد تنتظر شيئًا غير الاكتمال النهائي في ملكوت الله الظاهر، وتعيشه الآن بشكل خفيّ ومسبّق. - هي علامة الكنيسة المقدّسة التي لا تنتظر ولا ترجو سوى عودة المسيح". أسباب إتهام الفكر البروتستانتى بإنكار بتولية مريم العذراء: بعد كل الأقوال الرائعة التى أقرها زعماء البروتستانت فى حق مريم العذراء بأنها كانت بتولاً قبل الحبل والولادة، وظلّت بتولاً حتى الولادة وبعدها"، وأن مريم هي والدة الإله. قد يتسائل القارئ، إذن لماذا أصابع الإتهام تشير دائماً أن البروتستانت هم منكرى دوام بتولية مريم العذراء؟ أحد الأسباب الرئيسية التى دفعت بعض البروتستانت للهجوم على العذراء مريم وإنكار لقب والدة الإله عليها وأنها دائمة البتولية، هو الفكر الكاثوليكى المتطرف الذى غالى فى تكريم مريم العذراء لدرجة العبادة، نعم فالكاثوليك الآن يقرون بعبادة مريم وأنها هى الوحيدة من البشر المعصومة من الخطأ والتى حبلت بها أمها حنة بلا دنس الخطيئة الأصلية لآدم، بل ولقبها الكاثوليك أيضاً بأنها سيدة المطهر بمعنى أنها سوف تتشفع من أجل الخطاة الذين ماتوا وذهبوا إلى الجحيم لكى ما ينقلهم المسيح إلى الفردوس!!. بل وصل الأمر أن بابا الكاثوليك هو أيضاً معصوم من الخطأ. والكنيسة القبطية الأرثوذكسية ترفض كل ذلك ولكن لم تدفعها تلك العقائد الكاثوليكية إلى مهاجمة العذراء نفسها والإقلال من شأنها وكرامتها الموحى بها فى الكتاب المقدس، بعكس بعض البروتستانت الذين ردوا على تطرّف بعض الكاثوليك بتطرّف معاكس، فأنكروا إكرام مريم وأنها لا تمثل سوى قشرة بيضة خرج منها الكتكوت فلا قيمة للقشرة، ولا تعدو كعلبة قطيفة تحوى فى داخلها جوهرة غالية الثمن فإذا أخذنا الجوهرة لا قيمة للعلبة، كما أنكروا شفاعة العذراء والقدّيسين. وأنكروا أن العذراء دائمة البتولية، بل وتزوجت وأنجبت أولادا وإستشهدوا بعبارات إخوة يسوع المقصود بهم أبناء خالتة وأقرباؤة بأنهم إخوة أشقاء له ولدتهم مريم. ولكن بعد أن إنحسرت موجة المجادلات والنقاشات الحادّة، وعاد الجوّ الى التحاور بإعتدال ورصانة، رأى الفكر البروتستانتى حالياً ضرورة تصحيح تلك الأوضاع وإكرام العذراء مريم والدة الإله الإكرام اللائق بها. وفى الواقع أن ماكس توريان فى عام 1963 وهو أحد إخوة دير تيزيه البروتستانت نشر كتاب بعنوان: "مريم أمّ الربّ ورمز الكنيسة"، أوضح فيه نظرة الفكر البروتستانتي (الذي يدعى اليوم الإنجيلي) في مريم العذراء، ولا سيّما أفكار المصلحين الأوائل الذين انطلقت منهم مختلف الكنائس البروتستانتيّة. ولقد تطوّرت تلك الكنائس وتشعّبت كثيرًا، بحيث يستحيل تكوين فكرة واضحة عن التعليم البروتستانتى في مريم العذراء. والفكر البروتستانتي الحالى تمتّع في هذا الموضوع بكثير من الحرّية. وأن حق تفسير الكتاب المقدس مكفول للجميع، فإنتشرت مدارس تفسير الكتاب المقدس، إذ أعطى مارتن لوثر حق التفسير لكل مسيحى مؤمن حسبما يرشده الروح القدس وذلك رداً منه على تسلط الكنيسة الكاثوليكية، وإتسم الفكر البروتستانتى الحديث بأن الكتاب المقدّس هو مصدره الأوحد فى إقرار الأمور، وأن السيّد المسيح المخلّص هو محور تفكيره، والإيمان بالكتاب المقدّس وبالمسيح المخلّص هو ركيزة حياته وروحانيّته. ولا إعتراف بالتقليد أو أقوال الآباء أو تاريخ الكنيسة، لذلك ظهر في نظره كلّ ما يقال عن مريم العذراء بأنه شئ هامشى. وهب الفكر البروتستانتى إلى نقد الكاثوليك والأرثوذكسي فى المغالاة والتطرّف في إكرام العذراء، وكأنّه يخشى أن يقلل من الإكرامُ المؤدّى للعذراء مريم من الإهتمام بشخص المسيح نفسة المخلّص الأوحد والوسيط الأوحد بين الله والناس. ولكن إكرام مريم العذراء لا يقود إلى تقليل أهمّية الخلاص بالمسيح ولا إلى إنكار وحدانيّة وساطة المسيح. إنّ إكرام مريم العذراء يستند إلى كونها أمّ المسيح، وشفاعتها ترتكز على ارتباطها بوساطة المسيح. وهذه العلاقة بين مريم العذراء وابنها المسيح الربّ هي التي يؤكّدها المصلحون الأوائل، في مختلف النقاط المرتبطة بمريم العذراء. ولا شكّ أنّ الفكر البروتستانتي عرف في تطوّره مراحل كثيرة، وفي حدّة النقاش مع الكاثوليك ردّ بعض البروتستانت على تطرّف بعض الكاثوليك بتطرّف معاكس، فأنكروا إكرام مريم العذراء والقدّيسين. ولكن بعد أن انحسرت موجة المجادلات والنقاشات الحادّة، وعاد الجوّ الى التحاور باعتدال ورصانة، رأى البروتستانت ضرورة إكرام العذراء والقدّيسين، وإن بطريقة تختلف عن الطريقة المتّبعة في كنائس الكاثوليك والأرثوذكس. وهذا ما نقرأه في كتاب ماكس توريان، إذ يقول في فصل عنوانه: "مريم في الكنيسة": "مريم، حسب الإنجيل، "تطوّبها جميع الأجيال" (لو 1: 48): في الليترجيّا وفي المواعظ وفي تقوى الكنيسة. لأنّ مريم حاضرة في الكنيسة بكونها المرأة المسيحيّة الأولى، ولأنّها رمز الكنيسة، لها مكانتها في إعلان كلمة الله في الكنيسة وفي حياة المؤمنين الروحيّة. لا شكّ أنّ هذه الالتفاتة الى مريم في الكنيسة قد عرفت ولا تزال تعرف تطرّفًا قد يسيء الى عبادة الله الثالوث الذي له وحده يجب السجود. ولكنّ هذا الخوف من التطرّف يجب ألاّ يقودنا الى الصمت والى غياب مريم عن الضمير المسيحي، فيكون ذلك أيضًا عدم أمانة لإنجيل المسيح. "لقد أكّدنا، في خلال هذه الدراسة، استنادًا الى الكتاب المقدّس، كلّ ما تستطيع التقوى المسيحيّة أن تكتسبه من علم راسخ ومحيٍ في التأمّل بدعوة مريم، أمّ الربّ ورمز الكنيسة. بقي علينا هنا أن نحدّد كيف يمكن الإعلان عمّا صنعه الله في مريم أن يجد مكانه المشروع في ليترجيّا الكنيسة، وفي كرازتها، ليتاح لجميع الأجيال أن تطوّب أمّ الرب، حسب قول الكتاب المقدَّس. "للعذراء مريم مكانتها في الليترجيّا حيث يمكن أن تُعلَن، كما في الكرازة، النعمة التي صنعها الله فيها. "أو ليس الكتاب المقدّس رواية المعجزات التي حقّقها الله لشعبه ولكلّ من أفراده؟ ومريم، بكونها عضوًا متميّزًا في الكنيسة، وصورة لشعب الله الأمين والممتلئ من نعمته، يجب أن تكون المناسبة لليترجيّا لتمجّد بها الله تمجيدًا خاصًّا. ومارتن لوثر الذي حافظ على عدّة أعياد للعذراء في الليترجيّا قال في عيد البشارة في 25 آذار سنة 1539: "هذا العيد هو واحد من أهمّ الأعياد التي يمكننا الاحتفال بها كمسيحيّين. لأنّنا دعينا، كما يقول بطرس، الى أن نكون شعبًا يبشّر بعجائب الله ويعلنها". هذا هو معنى الليترجيّا التي تقام بمناسبة الأعياد التي تذكّر بدعوة مريم في تصميم الخلاص، لمجد الله وحده. إنّ حضور مريم في الليترجيّا، في بعض الأعياد الأكثر قدمًا، هو فرصة للمسيحيّين ليعلنوا، بمناسبة مريم، أمّ الربّ وصورة الكنيسة، تسابيح الذي دعاها ودعانا من الظلمة الى نوره العجيب. "إنّ ذكر الرسل والشهداء وشهود الكنيسة والعذراء مريم في الليترجيّا أمر ضروري لندرك أنّنا لسنا وحدنا في سجودنا لله وتضرّعنا له تضرّع شفاعة من أجل البشر. بل إنّ المسيح يضمّ في جسد واحد معنا كلّ "السحاب من الشهود الذي يحدق بنا". إنّ شركة القدّيسين توحّد جميع المسيحيّين في صلاة واحدة وحياة واحدة في المسيح. إنّها توحّد كنيسة اليوم وكنيسة كلّ الأزمنة، الكنيسة المجاهدة على الأرض والكنيسة المنتصرة في السماء. والكنيسة، في عراكها، بحاجة الى التطلّع الى آية سفر الرؤيا الإسختولوجية: المرأة الملتحفة بشمس الله، والكون تحت قدميها، وهي مكلّلة باثني عشر كوكبًا. هذه المرأة هي الكنيسة عينها، التي هي بالرغم من معركتها الضارية مع هذا العالم، موعودة بالمجد. والكنيسة بحاجة الى أن تشعر "بالسحاب الكثير من الشهود" يحيط بها لتسعى بثبات في ميدان المحنة المقدّمة لها (عب 12: 1). الكنيسة تسير نحو الملكوت بموكب عيد حافل: "لقد دنوتم الى جبل صهيون، والى مدينة الله الحيّ، الى أورشليم السماويّة، الى ربوات ملائكة، والى عيد حافل، الى جماعة الأبكار المكتوبين في السماوات، الى الله ديّان الجميع، الى أرواح الصدّيقين الذين بلغوا الى الكمال، الى يسوع وسيط العهد الجديد، والى دم مطهّر أبلغ منطقًا من دم هابيل" (عبرانيين 12: 22- 24). إنّ شركة القدّيسين هذه التي ترافق الكنيسة في عراكها وفي مسيرها نحو الملكوت تقوّيها في الإيمان، وتفرّحها في الرجاء، وتنعشها في المحبّة. هذا السحاب الكثيف من الشهود يذكّر الكنيسة بأنّها لا تحصى وبأنّها منتصرة في معركة تبدو وكأنّها ستغمرها. ومريم، أمّ الربّ وصورة الكنيسة، هي فرد من هذه الجماعة العظيمة من المسيحيّين، في مكان متميّز لكونها المسيحيّة الأولى الممتلئة نعمة. وهي أيضًا للكنيسة رمز أمومتها المتألّمة التي تلد المؤمنين الى حياة القيامة. إنّها مثال في الإلهي يمان والطاعة والثبات والقداسة، والكنيسة المجاهدة، وهي تتطلّع الى الكنيسة المنتصرة، ترى فيها مريم رمز انتصارها الأكيد. "إنّ أمّ الربّ يمكن للكنيسة أنّ "تطوّبها" في الذكرى الليترجيّة للأحداث الكبرى من حياتها، وذلك من خلال أعياد إنجيليّة بسيطة، في تسبيح يُرفَع لمجد الله وحده، وتقدّم لجميع المؤمنين بالمسيح مثالاً في الإيمان والطاعة والثبات والقداسة". ثمّ يذكر المؤلّف كيف حافظ مارتن لوثر على معظم أعياد العذراء ثمّ اكتفى بثلاثة منها: البشارة والزيارة وتقدمة يسوع الى الهيكل، لأنّه وجد لها مستندًا في الإنجيل المقدّس. أمّا كلفين، الأكثر تشدّدًا من بين المصلحين، فقد ألغى كلّ أعياد العذراء والرسل والقدّيسين. ويشير أخيرًا المؤلّف الى ضرورة المحافظة على أربعة من أقدم أعياد العذراء: البشارة والزيارة وتقدمة يسوع الى الهيكل ورقاد العذراء. ويختم بقوله: "ليس القصد في هذه الأعياد الأربعة إلاّ أن نرفع آيات المجد والشكر لله لأجل كلّ ما حقّقه في حياة أمّه البشريّة، ونطلب اليه نعمة اتّباع مثل العذراء مريم في إيمانها وطاعتها وثباتها وقداستها، ونفرح في شركة القدّيسين، بانتظار القيامة وملكوت الله، حيث سنحيا مع مريم وجميع القدّيسين حياة أبدية وفرحًا كاملاً". قد لا يجد الكاثوليكي أو الأرثوذكسي في هذه النظرة البروتستانتيّة الجديدة تعبيرًا كافيًا عن إيمانه بما صنعه الله في العالم بواسطة مريم العذراء. ولكنّنا نرى أنّ هذه المحاولة تقرّب وجهات النظر المختلفة التي عبّرت من خلالها كلّ كنيسة عن إيمانها بالله وبعمله الخلاصي في العالم. وهذا هو في النهاية موضوع إيماننا المسيحي الذي أعلنته الكنيسة منذ المجامع الأولى وأوجزته في قانون الإيمان النيقاوي القسطنطيني: "نؤمن بإله واحد آب ضابط الكل... وبربّ واحد يسوع المسيح... الذي من أجلنا نحن البشر ومن أجل خلاصنا نزل من السماء وتجسّد من الروح القدس ومن مريم العذراء وتأنّس..." إنّ إكرامنا لمريم العذراء يهدف أوّلاً الى تمجيد الله والإشادة بما صنعه "من أجلنا نحن البشر ومن أجل خلاصنا"، فتجسّد بقدرة الروح القدس من مريم العذراء. ويهدف ثانيًا الى مساعدتنا على قبول هذا الخلاص الذي جاءنا به ربّنا ومخلّصنا يسوع المسيح المولود من مريم العذراء. وفي مسيرتنا الخلاصية هذه نتّخذ "جميع القدّيسين"، "وخصوصًا سيّدتنا الكاملة القداسة الطاهرة، الفائقة البركات المجيدة والدة الإله الدائمة البتوليّة مريم"، قدوة ومثالاً ورفقاء درب على طريق الملكوت.
المزيد
19 أبريل 2019

طقس جمعة ختام الصوم

طقس جمعة ختام الصوم يشبه طقس آحاد الصوم وليس طقس الأيام، وعُرف هذا اليوم بجمعة ختام الصوم لأن به نختم صوم الأربعين المقدسة. + تسبحة نصف الليل في جمعة ختام الصوم تشبه تمامًا تسبحة نصف الليل في آحاد الصوم فيقال الهوس الكبير بالصيامي والأبصاليات الخاصة بالهوسات الأربعة والمجمع والذكصولجيات. + طريقة المجمع والذكصولوجيات واللبش ثم مرد الابركسيس ومرد الإنجيل ثم التوزيع في نهاية القداس تكون على وزن: طوبى للرحماء على المساكين فإن الرحمة تحل عليهم. وهي المستعملة في آحاد الصوم الكبير دون الأيام. + قبل ثيئوتوكية الجمعة تقال ابصالية واطس للصوم الكبير من الابصلمودية السنوية. + في القداس يقال لحن ميغالو megalo بعد السنكسار cuna[arion كما هو متبع في آحاد الصوم الكبير + قبل بدء القداس يقام سر مسحة المرضى "قنديل عام" لجميع المؤمنين ويدهنون بالزيت لشفائهم مما يكون قد ألم بهم من تعب من فترة الصوم والنسك وحتى يدخلوا إلى أسبوع الآلام والعيد بصحة نفسية وجسدية أعظم. + ويعمل القنديل في هذا اليوم في الكنيسة حتى يأخذ وضعه بين بقية الأسرار التي تعمل كلها في الكنيسة، أما هذا السر فيعمل دائمًا في منازل المرضى. + يعمل القنديل العام في هذا اليوم وقبل الدخول في أسبوع الآلام لأنه ممنوع عمل قناديل للمرضى في أسبوع الآلام وهو من هذه الناحية يشبه الجناز العام الذي يعمل بعد قداس أحد الشعانين لأنه لا يجوز عمل جنازات ورفع بخور في اسبوع الآلام. + سر مسحة المرضى (القنديل) هو طقس تنفرد به جمعة ختام الصوم على مدار السنة كلها. قراءات جمعة ختام الصوم تدور قراءات هذا اليوم حول يوم الدينونة العظيم عند نهاية العالم والمجيء الثاني للمسيح الديان العادل الذي يجازي كل واحد كحسب أعماله وكأن القراءات تربط بين نهاية الصوم (ختام الصوم) ونهاية العالم. النبوات: 1- تك49: 33 - 50: 1-26 النهاية الصالحة لجهاد المؤمنين. تبين النهاية السعيدة لحياة يعقوب رجل الله "مات وانضم إلى قومه". 2- أم 11-27الخ، 12: 1-22 مكافأة الأبرار. البار بالجهد يخلص. البار ينال رضا الرب. لا يصيب الصديق شر. 3- أش 66: 10-24 فرح الأبرار ودوام ذكرهم افرحوا مع أورشليم وابتهجوا لكي ترضعوا وتشبعوا من نعمة الرب. كمن تعزيه أمه هكذا أعزيكم أنا. هكذا يثبت نسلكم واسمكم. 4- أي 42: 7-17 الآخرة الصالحة للأبرار المتمسكين بكمالهم. كما حدث مع أيوب الذي احتمل المرض والخسارة وتعيير اصحابه وسامحهم وضحى لأجلهم "فرفع الرب أيوب جدًا وبارك الرب آخرة أيوب أكثر من أولاه". مزمور باكر 97: 5، 6 تهليل الأبرار عند مجيء المسيح الثاني. هللوا للرب يا كل الأرض. هللوا ورتلوا. انجيل باكر لو17: 20-36 مجيء المسيح الثاني وفرز الأبرار عن الأشرار. كما حدث في أيام نوح وأيام لوط. لذلك يجب الجهاد والاستعداد. قراءات القداس (البولس 2 تي 3: 1 الخ، 4: 1-5) تتضمن الحث على الخدمة وحياة القداسة ليكون المؤمنون مستعدين لملاقاة المسيح الذي سيدين الأحياء والأموات عند ظهوره وملكوته. ثم يقول: استيقظ في كل شيء. احتمل الآلام. أعمل عمل المبشر. تمم خدمتك. (الكاثوليكون يع 5: 7-16) الصبر وانتظار مجيء الرب تأنوا أيها الأخوة إلى مجيء الرب.. لأن مجئ الرب قد اقترب هوذا الديان واقف على الأبواب قد سمعتم بصبر أيوب ورأيتم عاقبة الرب معه. كذلك يتضمن هذا الفصل حث المؤمنين على ممارسة سر مسحة المرضى (القنديل) بمناسبة عمل القنديل العام، فيقول: أمريض أحد بينكم فليدع قسوس الكنيسة فيصلوا عليه ويدهنوه بزيت باسم الرب. فإن صلاة الإيمان تشفي المريض والرب يقيمه وإن كان قد فعل خطية تغفر له. (الإبركسيس: أع 5: 1 - 18) افتقاد الأمم لخلاصهم. افتقد الله الأمم ليأخذ منهم شعبًا على اسمه. (المزمور 97: 8 ، 9) الدينونة العامة. الرب يأتي ليدين الأرض. يدين المسكونة بالعدل والشعوب بالاستقامة. (الإنجيل لو13: 31 - 35) المجيء الثاني والدينونة العامة. لا ترونني منذ الآن حتى تقولوا مبارك الآتي باسم الرب. (عند المجيء الثاني) كما يشير إلى الشفاء الذي يمنحه السيد المسيح للمرضى الملتجئين إليه: ها أنذا أخرج شياطين وأتمم الشفاء وذلك بمناسبة عمل القنديل العام لشفاء المرضى.
المزيد
09 أغسطس 2020

دلائل دوام بتولية مريم العذراء

مريم العذراء هي "أمّ وبتول معًا". وهي، بحسب إيماننا المسيحي، "الدائمة البتوليّة". ويؤكّد اللاهوت والليترجيّا أنّ مريم هي بتول قبل الولادة وفي الولادة وبعد الولادة. أي إنّها حبلت بيسوع المسيح دون مباشرة رجل: تلك هي بتوليّة مريم قبل ولادتها ابنها يسوع؛ ثمّ إنّها ولدته وبقيت بتولاً: تلك هي البتولية في الولادة؛ وبعد أن ولدته لم يكن لها علاقة مع أيّ رجل: تلك هي البتوليّة بعد الولادة. إنّ ما تكرز به المسيحيّة قد يبّدو مناقضاً للعقل. ولكن ليس من أمر يستحيل على الله. فالذي في البدء وضع نواميس الحبل والولادة لدى البشر يغيّرها الآن في الحبل به وولادته، جامعًا في أمّه أروع مفخرتين تعتزّ بهما كلّ النساء: البتوليّة والأمومة. إنّ المسيحيّة، بتأكيدها حبل مريم البتولي، تهدف أوّلاً إلى إعلان إيمانها بأنّ يسوع المسيح هو أوّلاً وآخرًا "ابن الله". هذا ما يعنيه القول الأوّل من قانون الإيمان: "وتجسّد من الروح القدس". أمّا القول الثاني "ومن مريم العذراء" فيؤكّد الدور الذي تحتلّه البشريّة في سرّ التجسّد. فذكر بتوليّة مريم في قانون الإيمان هو للإشارة إلى أنّ الدور الذي أدّته البشريّة في التجسّد هو قبول عطيّة الله وليس أكثر. فباسّم البشريّة قبلته مريم دعوة الله وقالت: "ها أنا ذا أمة الربّ، فليكن لي بحسب قولك" (لوقا 1: 38). فقانون الإيمان يؤكّد إذن أمرين: أوّلاً إنّ حياة المسيح على الأرض لم تستمدّ معينها إلاّ من الله وحده، وثانيًا إنّ مريم أسهمت في هذا الحدث بقبولها عطيّة الله. (أولاً) بتولية مريم العذراء قبل الولادة: أوضح الوحى الإلهى أن مريم كانت عذراء قبل ولادة السيد المسيح: + (متى 1: 18) أَمَّا وِلاَدَةُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ فَكَانَتْ هَكَذَا: لَمَّا كَانَتْ مَرْيَمُ أُمُّهُ مَخْطُوبَةً لِيُوسُفَ قَبْلَ أَنْ يَجْتَمِعَا وُجِدَتْ حُبْلَى مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ + (لوقا 1: 26-28) 26وَفِي الشَّهْرِ السَّادِسِ أُرْسِلَ جِبْرَائِيلُ الْمَلاَكُ مِنَ اللهِ إِلَى مَدِينَةٍ مِنَ الْجَلِيلِ اسْمُهَا نَاصِرَةُ. 27إِلَى عَذْرَاءَ مَخْطُوبَةٍ لِرَجُلٍ مِنْ بَيْتِ دَاوُدَ اسْمُهُ يُوسُفُ. وَاسْمُ الْعَذْرَاءِ مَرْيَمُ. + (متى 1: 20) وَلَكِنْ فِيمَا هُوَ مُتَفَكِّرٌ فِي هَذِهِ الأُمُورِ إِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ قَدْ ظَهَرَ لَهُ فِي حُلْمٍ قَائِلاً: «يَا يُوسُفُ ابْنَ دَاوُدَ لاَ تَخَفْ أَنْ تَأْخُذَ مَرْيَمَ امْرَأَتَكَ لأَنَّ الَّذِي حُبِلَ بِهِ فِيهَا هُوَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ. وعندما قال الملاك لمريم العذراء: ها أنت ستحبلين وتلدين إبنا وتسمينه يسوع. فقالت مريم للملاك كيف يكون هذا وأنا لست أعرف رجلاً (أي أنا عذراء)" + (لوقا 1: 31-34) 31وَهَا أَنْتِ سَتَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ابْناً وَتُسَمِّينَهُ يَسُوعَ. 32هَذَا يَكُونُ عَظِيماً وَابْنَ الْعَلِيِّ يُدْعَى وَيُعْطِيهِ الرَّبُّ الإِلَهُ كُرْسِيَّ دَاوُدَ أَبِيهِ. 33وَيَمْلِكُ عَلَى بَيْتِ يَعْقُوبَ إِلَى الأَبَدِ وَلاَ يَكُونُ لِمُلْكِهِ نِهَايَةٌ». 34فَقَالَتْ مَرْيَمُ لِلْمَلاَكِ: «كَيْفَ يَكُونُ هَذَا وَأَنَا لَسْتُ أَعْرِفُ رَجُلاً؟» (ثانياً) بتولية مريم العذراء أثناء الولادة: جاء فى الليترجيا البيزنطيّة: لقد تمّ اليوم عَجَب عظيم مُستغرَب: فإنّ بتولاً تلد وتبقى عذراء كما كانت. الكلمة يصير طفلاً ومن الآب لا ينفصل. الإله الكلّيّ الكمال يصير طفلاً والطفل يولد دون أن يزيل بتوليّة أمّه". وقال القدّيس إيرونيموس، وهو من أعاظم من كتب في الكتاب المقدّس: "مريم هي أمّ وبتول: بتول قبل الولادة وبتول بعد الولادة. الدهشة تغمرني: كيف من هو بتول يولد من البتول؟ وكيف بعد ولادته تبقى أمّه بتولاً؟ أتريد أن تعرف كيف ولد من عذراء وبقيت أمّه عذراء بعد الولادة؟ عندما دخل يسوع على تلاميذه من بعد قيامته "كانت الأبواب مغلقة" (يو 20: 19). لا تعرف كيف حدث ذلك لكنّك تقول: هذه قدرة الله. وكذلك عندما تعلم أنّ يسوع وُلد من عذراء وبقيت أمّه عذراء بعد الولادة قل: هذا عمل قدرة الله". لمّا خرج الطفل الإلهي من أحشاء أمّه لم ينتزع عنها صفاء مشاعرها البتوليّة، بل بالحريّ أضفى على قواها الحياتية مزيداً من الفخر والبهجة، وعلى معنى أمومتها مزيداً من الجلال والعظمة. لقد اجتمعت في مريم مشاعر البتوليّة ومشاعر الأمومة. ويهتف القدّيس غريغوريوس أسقف نيصص: "يا لَلْمعجزة الرائعة: العذراء تصير أمًّا وتبقى عذراء. لا البتوليّة حالت دون الولادة ولا الولادة أزالت البتوليّة. ولقد كان من الملائم أنّ الذي صار إنساناً لينقذ البشريّة من الفساد، يستهلّ عمله بتلك التي ولدته فيحفظها من الفساد". ثمّ يتابع قائلاً: "هذا ما سبق موسى فرآه في النار التي ألهبت العلّيقة دون أن تحرقها. فكما أنّ العلّيقة كانت ملتهبة لم تحترق، كذلك ولدت البتول النور دون أن يعتريها الفساد". فمن يقول أن مريم فقدت بتوليتها وغشاء بكارتها أثناء ولادة السيد المسيح، بدون أن يشعر هو يحد من الله غير المحود، فالله موجود فى كل مكان ولا يحده مكان والقادر على كل شىء فى إمكانه أن يخرج من رحم العذراء كما دخل دون أن يفض بكارتها، وأن يولد منها وتظل بتوليتها مختومة وهذا ما حدث فعلاً فكانت عذراء قبل الحبل وإستمرت عذراء بعد الحبل وظلت عذراء بعد الولادة. ومن ثم لقبتها الكنيسة "العذراء إلى الأبد" و "الدائمة البتولية". وكان هذا الإيمان هو إيمان الكنيسة الأولى، إيمان الرسل وخلفائهم وكان إيماناً مبنياً على الكتاب المقدس المسلم مرة للكنيسة. لقد كانت مريم العذراء بتولاً قبل أن تحمل بالسيد المسيح وأثناء الحمل بل وأثناء الولادة نفسها، وهنا أشار أشعياء النبى أن ولادة المسيح تمت بدون ألم، فقبل أن تأتى آلام الولادة للعذراء ولدت، ومن غير أن تتألم ولدت ذكراً. + (أشعياء 66: 7) قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَهَا الطَّلْقُ وَلَدَتْ. قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ عَلَيْهَا الْمَخَاضُ وَلَدَتْ ذَكَراً. وبولادة المسيح تحقق الفرح الذى تنبأ به أشعياء النبى لجميع الشعب + (أشعياء 66: 10) افْرَحُوا مَعَ أُورُشَلِيمَ وَابْتَهِجُوا مَعَهَا يَا جَمِيعَ مُحِبِّيهَا. + (لوقا 2: 10) فَقَالَ لَهُمُ الْمَلاَكُ: «لاَ تَخَافُوا. فَهَا أَنَا أُبَشِّرُكُمْ بِفَرَحٍ عَظِيمٍ يَكُونُ لِجَمِيعِ الشَّعْبِ: وفى القرن الثانى ذكر القديس إيرنياؤس نبؤة (أشعياء 66: 6-8) حيث تنبأ عن عودة الشعب الى أورشليم بطريقة ملحوظة خلال آلام صهيون مفسراً ذلك أن النبؤة تشير إلى العذراء مريم التى ولدت إبناً ذكراً بطريقة فريدة بغير آلام المخاض أى لم تفقد بتوليتها إذ يقول النبى قبل ان يأخذها الطلق ولدت قبل أن يأتى عليها المخاض ولدت ذكراً، ويعلن القديس بأن النبى قد أعلن بهذا من المنظورات، أى ميلاد الطفل من العذراء بطريقة فريدة، وبهذا يؤكد القديس بتولية القديسة مريم العذراء. والبرهان على أن العذراء كانت بتولاً أثناء الولادة هو نبؤة حزقيال النبى العظيم: + (حزقيال 44: 2) فَقَالَ لِيَ الرَّبُّ: [هَذَا الْبَابُ يَكُونُ مُغْلَقاً, لاَ يُفْتَحُ وَلاَ يَدْخُلُ مِنْهُ إِنْسَانٌ, لأَنَّ الرَّبَّ إِلَهَ إِسْرَائِيلَ دَخَلَ مِنْهُ فَيَكُونُ مُغْلَقاً. وقال القديس جيروم: مع أن الباب كان مغلق، دخل يسوع إلى مريم، القبر الجديد المنحوت فى الصخر الذى لم يرقد فية من قبل ولا بعدة، هى من تنبأ سليمان الحكيم فى سفر النشيد عن بتوليتها الدائمة فهى مثل الجنة المغلقة والينبوع المختوم: + (نشيد الأنشاد 4: 12) أُخْتِي الْعَرُوسُ جَنَّةٌ مُغْلَقَةٌ عَيْنٌ مُقْفَلَةٌ يَنْبُوعٌ مَخْتُومٌ. فكما خرج السيد المسيح من القبر عند قيامتة وهو مغلق، وكما دخل المسيح العلية على التلاميذ بعد قيامتة والأبواب مغلقة، وكما خرجت حواء من جنب آدم، وكما جرت المياه من الصخرة، وكما يمر النور من زجاجة مليئة بالماء وينفذ إلى الجهة الأخرة دون أن يثقب الزجاجة وبدون أن يسيل الماء من الزجاجة، هكذا تمت ولادة المسيح الذى خرج من رحم العذراء مريم دون أن تفقد بكارتها وظلت عذراء. (ثالثاً) بتولية مريم العذراء بعد الولادة: 1- من ينكر بتولية مريم العذراء بعد ولادة السيد المسيح، هو بالتالى ينكر نبؤة حزقيال النبى بدوام بتولية السيدة مريم العذراء، فالرب الذى دخل من رحم العذراء، وظل مغلقا لا يدخله ابن آخر لها، وحسب نص النبؤة فإن الرئيس الرئيس (تكررت مرتين للتأكيد) وحده (المسيح)، هو يجلس فى أحشاء العذراء ليأكل في محضر الله. فيدخل من مدخله ويخرج من نفس الطريق (رحم العذراء) والباب يكون مغلق لا يدخل ولا يخرج منه إنسان لأن المسيح وحدة هو الذى دخل فيه فيكون مغلقاً. + (حزقيال 44: 1-3) "ثُمَّ أَرْجَعَنِي إِلَى طَرِيقِ بَابِ الْمَقْدِسِ الْخَارِجِيِّ الْمُتَّجِهِ لِلْمَشْرِقِ وَهُوَ مُغْلَقٌ. 2فَقَالَ لِيَ الرَّبُّ: [هَذَا الْبَابُ يَكُونُ مُغْلَقاً, لاَ يُفْتَحُ وَلاَ يَدْخُلُ مِنْهُ إِنْسَانٌ, لأَنَّ الرَّبَّ إِلَهَ إِسْرَائِيلَ دَخَلَ مِنْهُ فَيَكُونُ مُغْلَقاً. 3اَلرَّئِيسُ الرَّئِيسُ هُوَ يَجْلِسُ فِيهِ لِيَأْكُلَ خُبْزاً أَمَامَ الرَّبِّ. مِنْ طَرِيقِ رِوَاقِ الْبَابِ يَدْخُلُ, وَمِنْ طَرِيقِهِ يَخْرُجُ» 2- عند هروب يوسف ومريم إلى مصر كان يسوع آنذاك قد قارب على السنتين، وعند الرجوع من مصر كان يسوع قد قارب على سن الخمس سنوات، ولم يذكر إسم أى إبن لمريم غير يسوع فقط، وهذا ينفى القول بان يوسف قد عرف مريم وتزوجها وأنجب منها أولاد وبنات عد ولادة يسوع: + (متى 2: 14) فَقَامَ وَأَخَذَ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ لَيْلاً وَانْصَرَفَ إِلَى مِصْرَ + (متى 2: 20) قُمْ وَخُذِ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ وَاذْهَبْ إِلَى أَرْضِ إِسْرَائِيلَ لأَنَّهُ قَدْ مَاتَ الَّذِينَ كَانُوا يَطْلُبُونَ نَفْسَ الصَّبِيِّ». 21فَقَامَ وَأَخَذَ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ وَجَاءَ إِلَى أَرْضِ إِسْرَائِيلَ. 3- لم يذكر الإنجيل وجود أى إخوة للمسيح حتى بلوغه 12 سنة من عمرة، أى أنه على الرغم من مكث العذراء فى بيت يوسف النجار 12 سنة، ولكن لم تنجب منه أبناء، وهذا ينفى القول بان يوسف قد عرف مريم وتزوجها وأنجب منها بعد ولادة يسوع: + (لوقا 2: 42-43) 42وَلَمَّا كَانَتْ لَهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ سَنَةً صَعِدُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ كَعَادَةِ الْعِيدِ. 43وَبَعْدَمَا أَكْمَلُوا الأَيَّامَ بَقِيَ عِنْدَ رُجُوعِهِمَا الصَّبِيُّ يَسُوعُ فِي أُورُشَلِيمَ وَيُوسُفُ وَأُمُّهُ لَمْ يَعْلَمَا. 4- لم يذكر الإنجيل هؤلاء الإخوة والأقارب إلا عندما ذهب المسيح المسيح لوطنة فى بلدة الناصرة. 5- إخوة الرب هم أبناء مريم زوجة كلوبا وهى الأخت الصغيرة للسيدة مريم العذراء وكانت واقفة عند الصليب مع مريم العذراء، وبالتالى كانت أمهم على قيد الحياة وليس صحيح أنهم أولاد يوسف من زواج سابق من زوجتة المتوفية أو حتى من مريم العذراء: + (يوحنا 19: 25) "وَكَانَتْ وَاقِفَاتٍ عِنْدَ صَلِيبِ يَسُوعَ، أُمُّهُ، وَأُخْتُ أُمِّهِ مَرْيَمُ زَوْجَةُ كِلُوبَا، وَمَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ". 6- من المرجح أن جملة أَلَيْسَتْ أُمُّهُ تُدْعَى مَرْيَمَ" الواردة فى (متى 13: 55)، (مرقس 6: 3) يقصد بها مريم خالتة أخت أمة مريم العذراء وبالتالى فإن أبنائها بالتبعية هم يَعْقُوبَ وَيُوسِي وَسِمْعَانَ وَيَهُوذَا، لأن الخالة والعمة فى التقليد اليهودى هى أم أيضاً. 7- من غير المعقول أن يكون لمريم العذراء كل هذا العدد من الأولاد والبنات ثم يعهد بها السيد المسيح وهو على الصليب إلى يوحنا الحبيب (يوحنا 19: 25-27)، فلاشك أن أولادها كانوا أولى بها لو كان لها اولاد!! وهى أمهم بالفعل. وقد يقول البعض معترضاً أن إخوتة لم يكونوا قد أمنوا به بعد، ولكن نرد ونقول ما علاقة هذا بذاك، فمن حيث المبدأ المقصود بإخوتة هنا هم أقرباؤة، وحتى على إفتراض زعم المعترض أنهم إخوة يسوع فعلا وأشقاؤة (حاشاً) ولم يؤمنوا به، فهل أيضا لم يؤمنوا بأمهم؟ حتى يتركوها تعيش فى منزل رجل غريب حتى وإن كان هو التلميذ الذى يحبه يسوع، هل أيضاً لم يؤمنوا بقول الله "أكرم أباك وأمك"؟ ويكسروا وصية الرب بإكرام الآب والأم، هل كان سيقبل هؤلاء الرجال الأربعة وبناتها هذا العار فى نظر الآخرين؟ بتركهم أمهم تسكن فى بيت رجل آخر!!: 8- كان يوسف خطيب مريم نجار يعمل فى مهنة النجارة: أَلَيْسَ هَذَا ابْنَ النَّجَّارِ؟ (متى 13: 55)، وجاء عن السيد المسيح أيضاً أنه كان نجار: أَلَيْسَ هَذَا هُوَ النَّجَّارَ ابْنَ مَرْيَمَ (مرقس 6: 3)، ويذكر التقليد أن يوسف مات وكان عمر السيد المسيح يتراوح ما بين (16-19) سنة، ولا شك أن يوسف النجار علم السيد المسيح تلك المهنة ليتكسب منها قوت يومة وينفق على العذراء أمة لتغطية إحتياجات الحياة بعد ذلك، وتنفيذاً للوصية الإلهية "بِعَرَقِ وَجْهِكَ تَاكُلُ خُبْزا"، وبالتالى لاشك أيضاً أن يسوع وأمة كانا يسكنان فى منزل يوسف النجار وبة مكان العمل الذى يحتوى على أدوات النجارة، وهذا دليل ضمنى على أن العذراء لم تتزوج بشخص آخر بعد وفاة يوسف بل لم تفارق منزل يوسف النجار.
المزيد
16 يناير 2020

هل أنجبت العذراء غير المسيح؟

هناك ثلاثة عبارات جاءت فى العهد الجديد، الإنجيل، دارت حولها بعض الحوارات والاستفسارات وهى: 1 اخوة الرب "اخوته اخوتك اخو الرب". 2 لما كانت مريم أمه مخطوبة قبل ان يجتمعا وجدت حبلى من الروح القدس". 3 "ولم يعرفها حتى ولدت ابنها البكر". هذه العبارات الثلاثة جعلت البعض يظن ان العذراء قد تزوجت يوسف فعلاً، بعد ميلاد السيد المسيح، وأنجبت منه بنين وبنات!!؟ أولاً: اخوة الرب:- من هم اخوة الرب؟ جاء فى الإنجيل للقديس متى 46:12-50 "وفيما هو يكلم الجموع إذا أمه واخوته قد وقفوا خارجاً طالبين ان يكلموه. فقال له واحد هوذا أمك واخوتك واقفون خارجاً طالبين ان يكلموك فأجاب وقال للقائل له من هى امى ومن هم أخوتى؟ ثم مد يده نحو تلاميذه وقال ها امى واخوتى لأن من يصنع مشيئة ابى الذى فى السموات هو أخى وأختى وأمى"(1). وفى الناصره، موطنه، قالوا عنه "أليس هذ1 ابن النجار. أليست أمهُ تدعى مريم وأخوته يعقوب ويوسى وسمعان ويهوذا. أو ليست إخواته جميعهن عندنا...."(2) وجاء فى الإنجيل للقديس يوحنا 12: 2 "وبعد هذا إنحدر إلى كفر ناحوم هو وأمهُ وأيضاً "فقال له إخوته إنتقل من هنا (الجليل) وأذهب إلى اليهوديه لكى يرى تلاميذك أيضاً أعمالك التى تعمل.. لأن إخوته لم يكونوا يؤمنون به". والآيه الأخيره ترتبد بما جاء فى الإنجيل للقديس مرقس 21: 3 "ولما سمع أقرباؤه خرجوا ليمسكوه"وجاء فى أعمال 13: 1،14 "ولما دخلوا صعدوا إلى العليه التى كانوا يقيمون فيها بطرس ويعقوب ويوحنا واندراوس وفيلبس وتوما وبرثولماوس ومتى ويعقوب بن حلفى وسمعان الغيور ويهوذا (أخو) يعقوب. هؤلاء كلهم كانوا يواظبون بنفس واحده على الصلاه (والطلبه) مع النساء ومع مريم أم يسوع ومع أخوته"ويقول القديس بولس الرسول "ألعلنا ليس لنا سلطان أن نجول بأخت زوجه كباقى الرسل وأخوه الرب". ويصف يعقوب أسقف كنيسه أورشليم ب "يعقوب أخاً الرب"(5) فمن هو أخوه الرب هؤلاء المذكورين فى الإنجيل وما هى حقيقه قرابتهم، درجة قرابتهم الجسديه للرب؟ هناك ثلاثه آراء فى هذا الموضوع:- 1- الأول يقول أنهم أبناء طبيعين من زواج فعلى وثمره علاقة زواجيه بين يوسف النجار ومريم العذراء، وقد ولدتهم القديسه مريم بعد ميلادها للسيد المسيح، وكانوا يعيشون معها هى وبناتها فى بيتهم فى الناصره وقد رافقوها فى رحلاتهم. ويعتمد أصحاب هذا الرأى فى تأييد رأيهم هذا على قول الوحى الإلهى أن السيد المسيح دُعى "أبنها البكر"(6) وأيضاً قوله "ولم يعرفها حتى ولدت أبنها البكر"(7). وأول من نادى بهذا الرأى هو ترتليان (145 – 220م) وشرحه بوضوح أكثر كاتب شبه مجهول من القرن الرابع يدعى هلفيديوس Helvidius وهذا الرأى ترفضه جميع الكنائس القديمه والرئيسيه، فيرفضه الأرثوذكس والكاثوليك وغالبيه البرتستانت وعلى رأسهم لوثر وبنجل وبقيه زعماء عصر الاصلاح. 2- والرأى الثانى يقول: أن هؤلاء الأخوه هم أولاد يوسف النجار من زيجه سابقه، أى أنهم أكبر سناً من السيد المسيح (بالجسد). وهذا الرأى متأثر بدرجة قوية بالكتابات الأبوكريفيه التى كانت منتشره فى القرنين الثانى والثالث، مثل إنجيل يعقوب الأولى، وأنتقل هذا الرأى إلى بعض الكتابات القبطيه وأخذ به السريان والكنيسه اليونانيه، وكان يؤيده أوريجانوس ويوسابيوس والقديسين أغريغوريوس النيسى وأمبروسيوس وأبيفانيوس أسقف سلاميس والذى يعد من أكبر المؤيدين لهذا الرأى ولكن هذا الرأى لا توجد شواهد أو أدله كتابيه عليه فى الإنجيل وعند رحله الهروب إلى مصر لم يذكر الكتاب أى شيئ عن أولاد ليوسف وكذلك عند ذهاب يوسف ومريم إلى الهيكل ومعهما السيد المسيح وهو فى سن الثانيه عشر "وقالت له أمه يا أبنى لماذا فعلت بنا هكذا. هوذا أبوك وأنا كنا نطلبك معذبين"(8). 3- والرأى الثالث، مبنى على ما جاء فى الإنجيل، وهو الذى نأخذ به ونؤمن به، وتوضحه الآيات التاليه: أ‌- يقول الوحى الإلهى أن أخوه المسيح هم "يعقوب ويوسى وسمعان ويهوذا"، "أليس هذا ابن النجار اليست أمه تدعى مريم وأخوته يعقوب ويوسى وسمعان ويهوذا"(9). ب- كما يقول أيضاً أن هؤلاء الأخوه الأربعه لهم أم أخرى غير العذراء مريم واسمها مريم أيضاً، "وكانت هناك نساء كثيرات ينظرن من بعيد وهن كن قد تبعن يسوع من الجليل يخدمنه. وبينهن مريم المجدليه ومريم أم يعقوب ويوسى وأم أبنى زبدى"(10). وأم "بانى زبدى"، أى يعقوب ويوحنا، هى سالومه كما يذكر القديس مرقس "مريم المجدليه ومريم أم يعقوب الصغير وسالومه"(11) "وكانت مريم المجدليه ومريم أم يوسى تنظرن اين وُضع"(12) "وبعدما مضى السبت أشترت مريم المجدليه ومريم أم يعقوب وسالومه حنوطاً ليأتين ويدهنه"(13) وكانت مريم المجدليه ويونا ومريم أم يعقوب والباقيات.."(14). ج – ويذكر الوحى فى الإنجيل أيضاً للعذراء مريم أخت أسمها مريم أيضاً. "وكانت واقفات عند صليب يسوع أمه وأخت أمه مريم زوجه كلوبا"(15). د- وهناك أحد التلاميذ ويعدى "يعقوب بن حلفى"(16)ويرى غالبيه المفسرين إن "كلوبا – Clopas" اليونانى يتطابق مع حلفى (Alphaeus) العبرى، وأن مريم زوجه كلوبا هى أخت مريم العذراء، وهى نفسها مريم أم يعقوب ابن حلفى. ويعترض البعض قائلين أن اخه الرب يذكروا دائماً مميزين عن تلاميذه "هو وأمه واخوته وتلاميذه" وكان الرسل يجتمعون للصلاه بعد الصعود "مع رميم أم يسوع ومع أخوته"، ويميز القديس بولس بينهم وبين بقيه الرسل وأخوه الرب" ولكن هذا لا يغير فى الأمر شئ؟ أولاً: لأن الأربعه المدعوين أنهم أخوه الرب هو "يعقوب ويوسى وسمعان ويهوذا" هم أنفسهم منسوبين لأم أخرى هى "مريم أم يعقوب ويوسى"، "مريم أم يعقوب الصغير"، "مريم أم يعقوب"، "مريم أم يوسى". ثانياً: يؤكد الكتاب على وجود أخت للعذراء تدعى مريم أيضاً "وأخت أمه (المسيح) مريم زوجه كلوبا". وسواء كان كلوبا هو حلفى أو غيره فإن المذكورين أنهم أخوه المسيح مذكورين أيضاً أنهم أبناء مريم أخت أمه، أى أبناء خالته. وهكذا يدعوا بأخوه الرب لأنهم أبناء خالته (بالجسد) أخت أمه، وهكذا دعى يعقوب أسقف أورشليم وأحد الثلاثه المعتبرين أنهم أعمده ب "يعقوب أخا الرب"، لأنه أبن خالته "مريم أم يعقوب" وقد كانت عاده اليهود وما تزال عادات الشرق من القديم وحتى الآن تدعو الأقارب كأبناء الأخوه والعم والعمه وأبناء الخال والخاله، بل والخال، إخوه. فدعا الكتاب ابراهيم ولوط "أخوان"(17) مع أن لوط ابن هاران شقيق ابراهيم، ودعا يعقوب ولابان "اخوان"(18) على الرغم من أن يعقوب أبن أخت لابان. وهكذا دعى أولاد مريم أخت أم المسيح، خالته، بأخوه الرب ويقول بعض أباء الكنيسه كابيفانيوس أسقف سلاميس (315 – 403) "أن كلوبا هو أخ شقيق ليوسف خطيب العذراء مريم"(19). ويقول المؤرخ الكنسى يوسابيوس القيصرى (264-340م) "أن سمعان بن كلوبا، كان أخاً ليوسف"(20)، أى يوسف النجار. ويقول عنه أيضاً سمعان بن كلوبا الذى كان ثانى اسقف على كنيسه أورشليم"(21)، وأيضاً "سمعان كان أحد الذين رأوا الرب وسمعوه بسبب تقدمه فى السن، ولأن الإنجيل تحدث عن مريم زوجه كلوبا الذى كان أباً لسمعان كما سبق أن بينا"(22) وينقل عن هيجسبوس Hegesippus من أباء القرن الثانى قوله: "وبعد أن أستشهد يعقوب البار كما قتل الرب من قبل|، أقيم سمعان بن كلوبا عم الرب ثانى أسقف. وقد رشحه الجميع لكى يقام ثانى أسقف لأنه كان أبن عم الرب"(23) وجاء فى السنكسار أيضاً تحت اليوم التاسع من شهر أبيب أن سمعان الرسول هو ابن كلوبا وأن كلوبا هو أخ شقيق ليوسف البار خطيب مريم العذراء. وهناك حقيقه هامه يجب أن لا تغيب عن بالنا أبداً وهى أن الكنيسه أمنت منذ البدء أن العذراء مريم حبلت وهى عذراء وولدت وهى عذراء وظلت عذراء إلى الأبد. وكان هذا الإيمان بمنى على الواقع الحسى المعاش وأكده لنا تلاميذ الرسل وخلفائهم يقول أغناطيوس الأنطاكى تلميذ القديس بطرس الرسول وأول أسقف لكنيسه أنطاكيه "أن بتوليه مريم وولادتها وكذا موت الرب كان مخفياً عن الشيطان"(24) ويقول ارستيدس الأثينى "أنه (المسيح) وُلد من عذراء قديسه"(25) وذلك فى دفاعه المكتوب سنه 140م ويصفها يوستينوس الشهيد دائماً ب "العذراء" كلقب لها قبل واثناء وبعد الحمل والولاده(26) وقال اريناؤس الذى كان تلميذاً لبوليكاربوس والذى كان بدوره تلميذاً للقديس يوحنا الإنجيلى "الكلمه ذاته وُلد من مريم التى كانت ما تزال عذراء"(27)، أى أنها حبلت وهى عذراء وولدت وظلت عذراء أيضاً ويقول أفرايم السريانى (306-373م) "هذه العذراء أصبحت أماً واحتفظت ببتوليتها"(28) وأيضاً "الأم التى ولدت فى عذراويتها"(29)، أى ظلت عذراء ويصفها القديس أثناسيوس الرسولى ب "العذراء إلى الأبد"(30) ويصف القديس أغريغوريوس النيسى هذه البتوليه بأنها "أقوى من الموت"(31) ويقول ديديموس الضرير "يقول الإنجيلى إن مريم ظلت عذراء حتى ولدت أبنها البكر" لأن مريم، التى طوبت وكرمت فوق الكل، لم تتزوج مطلقاً ولم تصبح أم لآخر (غير المسيح) وبرغم ولادتها فقد ظلت دائماً وإلى الأبد عذراء نقية"(32) ويصفها أبيفانيوس ب "القديسة العذراء دائماً"(33)، بل ويقول مؤكداً وبصوره جازمه "هل جرؤ أحد مهما كان تهذيبه أن ينطق أسم القديسه مريم ولم يخف حالاً "العذراء"؟(34) ويقول القديس جيروم "نؤمن أن العذراء لم تتزوج بعد أن ولدت أبنها البكر، لأننا لا نقرأ ذلك (فى الإنجيل) وأنا أؤمن أن يوسف ذاته بتولاً، بسبب مريم"(35). ثانياً: قبل أن يجتمعا(36):- جاء فى متى 18: 1 أما ولاده يسوع المسيح فكانت هكذا لما كانت مريم أمه مخطوبه ليوسف قبل أن يجتمعا وجدت حبلى من الروح القدس. ويتعلل منكرو بتولية العذراء بعبارة "قبل أن يجتمعا" ويقولون أن هذا القول دليل ضمنى على اجتماعهما بعد الولاده ولكن استخدام لفظ "قبل" لا يعنى دائماً أن ما بعدها تغير عن ما قبلها، فلو قلنا مثلاً أن أحد القديسين أنتقل إلى الأمجاد السماوية قبل أن يؤلف كتاباً، فهل يعنى هذا أنه الف الكتاب بعد رحيله عن هذا العالم؟ ولو قلنا مثلاً أن رجلاً ما مات قبل أن يكمل طعامه فهل يعنى ذلك أنه أكمل طعامه بعد الموت؟؟!! كلا.. وإنما المقصود هو أن الحمل بالمسيح تم بدون زرع بشر، بدون أن يجتمع يوسف مع العذراء مريم، إنما هذا الحمل تم بقوة الروح القدس، ولا يمكن أن يكون قصده أنهما اجتمعا بعد الميلاد أو أن كلامه يعنى ضمناً أنهما اجتمعا. فقد اثبتنا فى الفصول السابقه بتولية العذراء بما لا يدع مجالاً للشك كما بينا أيضاً استحالة أن يفكر يوسف أو مريم العذراء فى الإجتماع وأنجاب أولا لأن ما طهره الله لا يدنسه إنسان قال القديس جيروم "لو أن انساناً قال: قبل الغداء فى الميناء أبحرت إلى افريقيا، فهل كلماته هذه لا تكون صحيحه إلا إذا أرغم على الغداء بعد رحيله؟ وأن قلت أن بولس الرسول قيد فى روما قبل أن يذهب إلى أسبانيا أو قلت "أدرك الموت هلفيديوس قبل أن يتوب، فهو يلزم أن يحل بولس من الأسر ويمضى إلى أسبانيا، أو هل ينبغى هلفيديوس أن يتوب بعد موته؟؟ فعندما يقول الإنجيلى "قبل أن يجتمعا" يشير إلى الوقت الذى سبق الزواج مظهراً أن الأمور قد تحققت بسرعة حيث كانت هذه الخطية على وسك أن تصير زوجة. وقبل حدوث ذلك وجدت حبلى من الروح القدس لكن لا يتبع هذا أن يجتمع بمريم بعد الولادة"(37). ثالثاً: ولم يعرفها حتى ولدت ابنها البكر:- يتعلل منكرو بتولية العذراء بما جاء فى مت 24: 1،25 "وأخذ (يوسف) أمرأته ولم يعرفها حتى ولدت ابنها البكر" ويدون أن هذه الآية تشير ضمناً إلى أن العذراء أنجبت أولاد من يوسف بعد ميلاد الرب يسوع المسيح. وهم يركزون على كلمتى "حتى" و "البكر" ويقولون أن كلمة "حتى Till – ews" تعنى أنه عرفها بعد ولاده ابنها البكر، أى أنه لم يعرفها حتى ولدت ابنها البكر ثم عرفها بعد ذلك، ولكن استخدام كلمة "حتى" فى الكتاب المقدس لا تعنى أن ما بعدها تغير عن ما قبلها، ولا تعنى فى هذه الآيه أنهما عاشا بطريقة مختلفة عما كاننا عليه من قبل فقد جاء فى تك 7: 8 "وخرج الغراب متردداً حتى نشفت الماء".2 صم 23: 6 "ولم يكن لميكال بنت شاول ولد إلى (حتى) يوم موتها" خر1: 11 "قال الرب لربى اجلس عن يمينى حتى اضع اعلاءك موطناً لقدميك" متى 10: 28 "وها أنا معكم كل الأيام إلى (حتى) انقضاء الدهر" 1كو 25: 15 "لانه يجب أن يملك حتى يضع جميع الأعداء تحت قدميه". مز 2: 123 "عيوننا نحو الرب حتى يترأف علينا" وفى هذه الحالات جميعاً لا يمكن أن تكون كلمة "حتى" تعنى أن ما بعدها تغير عن ما قبلها فليس من المعقول أن يكون الغراب قد عاد إلى الفلك وهو فى الحقيقة لم يعد، وأن يكون لميكال أولاد بعد موتها، وأن لا يجلس الرب عن يمين العظمة بعد أن يضع أعداءه تحت قدميه، وأن لا يكون معنا بعد أنقضاء الدهر، وأن نرفع عيوننا عن الله بعد أن يترأف علينا والعكس صحيح فى كل هذه الحالات، ولم يتغير ما بعد "حتى" عما قبلها قال ذهبى الفم "استخدم هنا كلمة "حتى" لكى لا تشك وتظن أنه عرفها بعد ذلك أنما ليخبرك أن العذراء كانت هكذا قبل الميلاد ولم يمسها رجل قط ربما يقال لماذا استخدم كلمة "حتى" لأن الكتاب أعتاد أن يستعمل هذا التعبير دون الإشاره إلى أزمنة محددة. فبالنسبة للفلك قيل أن الغراب لم يرجع حتى جفت الأرض مع أنه لم يرجع قط.."(38) أما كلمة "البكر"(39) فلا تعنى أن السيد المسيح كان هو الابن البكر ثم ولدت له أخوه أصغر منه، "فالبكر" كما جاءت فى خروج 2: 13 المولود الأول كل ذكر فاتح رحم سواء جاء أولاد بعده، أم لا، المهم أنه كل بكر كل فاتح رحم من الناس والبهائم، أن كلمة بكر بالنسبة لليهودى تعنى تكريس المولود الأول(40). ولا تعنى إطلاقاً سواء كان هناك مواليد بعده، أم لا، سواء أصبح وحيداً بعد ذلك أم جاء بعده أخوة أخرين، المهم أنه المولود الأول لأمه قال القديس جيروم رداً على هلفيديوس منكر بتولية العذراء "كل ابن وحيد هو بكر، ولكن ليس كل بكر هو ابن وحيد. فإن تعبير "بكر" لا يشير إلى شخص له أخوة أصغر منه، وإنما يشير إلى من يسبقه أخ أكبر منه، يقول الرب لهرون: "كل فاتح رحم من كل جسد يقدمونه للرب من الناس والبهائم يكون لك. ولكن بكر الإنسان ينبغى لك أن تقبل فداءه. وبكر البهائم النجسة تقبل فداءه"(41). قول الرب هذا يعرف البكر على كل فاتح رحم لو كان يلزم له أخوه أصاغر لسكان ينبغى أن لا يقدم البكر من الحيوانات الطاهرة للكهنة إلا بعد ولادة اصاغر بعده، وما كنت تدفع فديه الإنسان والحيوان النجس إلا بعد التأكد من أنجاب أصاغر بعده"(42).وكلمة البكر فى اللغة اليونانية (Protwtokos بروتوكس) وفى القبطية (شورب نميس) بمعنى المولود الأول سواء كان هناك مواليد بعده أم لا. وفى الانجليزيه First Born بنفس المعنى قد نصت الوصية على أن يكرس البكر فى اليوم الثامن(43). لأنه البكر فلو كان البكر له أخوة آخرين، لما كان يكرس فى اليوم الثامن، بل لكانوا ينتطرو حتى يولد مواليد آخرون بعد ثم يختن أو لا يختن ومن الواضح بعد ذلك أن الوحى فى قوله ولم يعرفها حتى ولدت أبنها البكر، يعنى أن المسيح ولد من عذراء بقوة الروح القدس وليس من زرع بشر وهناك نقطة هامة فى البحث، فى قوله "لم يعرفها" فالزمن المستخدم هنا حسب اللغة اليونانية يفيد الاستمرار ويوضح استمرار يوسف فى الطاعة وضبط النفس. فالفعل اليونانى المستخدم فى الآيه أصله جينسكو genwsko بمعنى "يعرف، يعلم، يفهم"، والفعل المستخدم هنا هو eginwsken فالزياده "e" والنهاية "en" تبين أن زمن الفعل هو الماضى (المستمر) والذى يعنى أن الفعل استمر مدة طويلة، ومدة متصلة، مما يفيد أن استخدام الكتاب ل "ولم يعرفها" لا يؤثر عليه استخدام كلمة "حتى" لأن الزمن المستخدم يؤكد استمرار عدم معرفة يوسف للعذراء بعد الميلاد. القمص عبد المسيح بسيط أبو الخير كاهن كنيسة السيدة العذراء الأثرية بمسطرد عن التجسد الإلهى و دوام بتولية العذراء
المزيد
07 يوليو 2019

شخصية وخدمة بطرس الرسول

بدأ معلمنا بطرُس الرسول حياته تلميذ ليوحنا المعمدان ثم تبع بعده ربنا يسوع المسيح بعد رحلة صيد فاشلة لكن ربنا يسوع قال له ادخُل للعُمق والقِ الشبكة وأطاع فَجَمَعْ في شبكته سمك كثير عندئذٍ خرَّ على وجهه وسجد لربنا يسوع وقال له اخرج يارب من سفينتي لأني رجل خاطئ ( لو 5 : 8 ) ومنذ تلك اللحظة ترك كُلّ شيء وتبع ربنا يسوع أكثر شيء هز بطرُس هو مُعجزة صيد السمك معلمنا بطرُس الرسول له أكثر من اسم سمعان وهو اسم يهودي بطرُس وهو اسم يوناني كيفا أو صفا وهو اسم آرامي فعندما يُخاطِب كيهودي يُقال له سمعان وحينما يُخاطِب كيوناني يُقال له بطرُس وعندما يُخاطِب بالآرامية يُقال له كيفا أو صفا كما قال معلمنا بولس الرسول هذه أسماءهُ وهذه دعوته وتلمذته ليوحنا المعمدان أولاً ثم للمسيح وهو من أوائِل الذين دعاهم ربنا يسوع لأنه رأى فيه صفات كثيرة ولأنَّ الله يعرفنا ويعرف ضعفاتنا ويعرف مدى عمله داخلنا لأنَّ ضعفاتنا كثيرة لكن عمل النِعمة غزير شخصية بطرُس الرسول تُعلِن انتصار عمل النعمة على الطبع البشري فهو خوَّاف مُتردِّد مُندفِع سطحي مُتسرِع لذلك نرى فيه الشك والاندفاع بينما البحر يهيج على السفينة وبطرُس يرى ربنا يسوع آتِ إليهم يقول له باندفاع ” مُرني أن آتي إليك على الماء “ ( مت 14 : 28 ) وعندما يأمره ربنا يسوع أن ينزل من السفينة ويسير على الماء يعمل عمل عجيب عكس كُلّ الناس يرتدي ملابسه بينما من الطبيعي أن يخلع الإنسان رِداءه عند نزوله للماء بطرُس يرتدي ملابسه وينزل ويسير على الماء بالفِعْل ثم فجأة يضعُف ويغرق لكن الجميل أن يمد يسوع يده ويجذبه ويُنقذه من الغرق وكأنه يريد أن يقول له داخلك تناقُض وقد تُصرِّح بما لا تشعر به وتقول ما لا تُؤمن به إيمان لفظي قد نقول قانون الإيمان باللسان فقط لكن أين إيمانك وثِقتك ؟تقابل في أحد الأيام شخص مُلحِد مع شخص مُؤمن ودار بينهما نِقاش حاد المُلحِد يُثبِت عدم وجود الله والمُؤمن يُثبِت وجود الله وانتهت المُقابلة باحتداد وصِراع عاد كُلٍّ منهما إلى بيته وفي نهاية اليوم جلس المُلحِد يُفكر فيما قاله المُؤمن والمُناقشة التي دارت بينهما وانتهى تفكيره إلى إيمانه بوجود الله ومزَّق كُتب الإلحاد وأعلن إيمانه بينما جلس أيضاً المُؤمِن في نهاية يومه يُفكر فيما قيل في المُناقشة وانتهى به الحال إلى إعلان إلحاده وإنكاره للإيمان لماذا ؟ حدث ذلك لأنَّ كُلٍّ منهما حفظ كلام قيل له وردَّده دون اقتناع لكن مجرد جِدال جعل كُلٍّ منهما لا يُصدِّق ما كان يُردِّده فتحوَّل المُلحِد إلى مُؤمن والمُؤمِن إلى مُلحِد ” مُرني أن آتي إليك على الماء “ ” إن شكَّ فيك الجميع فأنا لا أشك أبداً “( مت 26 : 33 ) كثير من هذا إيمان لفظي إيمان عاطفي إيمان شِلَلي أنا تابِع لعائلتي لا المسيحية ليست عصبية أي قُوَّتي ليست من المجموعة بل قُوَّتي من إيماني وما أُصدِّقه وأحياه وفي الضعف البشري في بطرُس ظهر انتصار عمل النِعمة والجيد أنه في بداية إيمانه بربنا يسوع يُقيم مُقارنة بين المسيح ويوحنا المعمدان ويُتابِع التعليم ويثِق أنه المسيا والمُخلِّص وكان بطرُس من التلاميذ الذين لهم دالَّة لدى المُخلِّص فكان التلاميذ يستغِلون هذه الدالَّة ويطلبون منه أن يسأل يسوع عمَّا لا يستطيعون أن يسألوه هم ظهر ضعف معلمنا بطرس في مواقِف كثيرة مثل الخوف في السير على الماء وفي نومه ونُعاسه في بُستان جُثسيماني وفي رفضه لغسل رجليه ونجد أنَّ له مواقِف قام بها وحده فهو الوحيد الذي رفض أن يغسل المُخلِّص قدميه وكان دائماً يتقدَّم الأمور وكان يمكن لربنا يسوع أن يُعلِّق عليه في كُلّ موقف ويقول له أأنت دائماً المُندفِع والمُتزعِم للأمور ؟ لماذا أنت وحدك هكذا دائماً ؟ لكن الجيد أنَّ ربنا يسوع كان يتحمله بلطف ويُعالِج ضعفاته وعندما قال له يسوع إن لم أغسلك فليس لك نصيب معي ( يو 13 : 8 ) اندفع بطرُس وقال له اغسلني بالكُلية وليس قدمي فقط وكأنَّ بطرُس تعلَّم اللُطف والحُب من مصدر اللُطف والحُب فقال في رسالته ” احسبوا أناة ربنا خلاصاً “ ( 2بط 3 : 15) عرف ذلك مِمّا اختبره مع يسوع ولن ننسى موقف الانكار في أول مرة قال لا أعرفه ثم ذهب لمكان آخر وأنكر أمام أكثر من شخص في كُلّ مكان يذهب له أنكر أمام خادمة مرتين وفي المرة الثالثة سلَّطت عليه مجموعة في المرة الثانية قالت له الخادمة لُغتك تُظهِرك ( مت 26 : 73 ) لأنه كان يتكلم بالآرامية فكيف يقول لا أعرفه ؟ وهنا في المرة الثالثة لم يستطِع أن يُنكِر أكثر من ذلك فَسَبَّ ولعن وفي سِبابه أثبت أكثر أنه يعرفه لأنَّ لغته واضحة لكن الأجمل أنه بينما هو خارج من المكان الذي كان واقف فيه نظر له يسوع هذه النظرة احتضنت بطرُس وجذبته لتوبة قوية هذا كُلّه صنع خادم جبّار الله يريد أن يستخدمنا بطبعِنا المهم أن يُقدِّسه ويُحوِّل الإنسان الخوَّاف إلى إنسان شُجاع من إنسان يخاف على نفسه إلى إنسان مُستسلِم من إنسان مُندفِع لحساب نفسه إلى إنسان مُندفِع لحساب المسيح ولنرى عِظاته في سفر الأعمال ونتعجب من الجراءة التي كان يتكلم بها يقول لهم بيلاطس كان حاكِم بإطلاقه وأنتم صلبتموه ( أع 3 : 13) وكأنه يقول لهم أساس الأمر منكم وبيلاطس كان مجرد عصا في يدكم تفعلون بها ما تُريدون عندما صلى الرسل في السجن تزعزع السجن وأقام مع يوحنا المُقعد آمن من عِظته ثلاثة آلاف نفس ” اختار الله جُهَّال العالم ليُخزي الحُكماء واختار الله ضُعفاء العالم ليُخزي الأقوياء واختار الله أدنياء العالم والمُزدرى وغير الموجود ليُبطِل الموجود “ ( 1كو 1 : 27 – 28 ) اختار الله الجهالة ليُخلِّص بها مجرد صيادي سمك بُسطاء جذب بهم كثيرين لذلك ركِّز المسيح على بطرُس فقال للمجدلية ” قُلنَ لتلاميذه ولبطرس “ ( مر 16 : 7 ) وقد كان التحوُّل ولما تكلم عن الظهورات قيل أنه ظهر لبطرُس مخصوص ليُعالِج المشاعر والخوف والحزن الذي بداخله لأنه أخذ عليه نقطة الانكار وأيضاً أخذ عليه نقطة رجاءهُ لأنه كان يمكن أن يهلك في اليأس من أجمل المواقف لبطرُس الرسول أنه لما سأل يسوع مَنْ يقول الناس إني أنا ؟ اندفع بطرُس كعادته وقال ” أنتَ المسيح ابن الله الحي “ ( يو 6 : 69 ) الاندفاع والاعتراف عند بطرُس أتى من تلمذته ليوحنا المعمدان لكنه لما رأى وسمع التعليم واعلان روح الله فيه اعترف أمام الجميع أنه المسيح ابن الله الحي عندما قال يسوع لتلميذيّ يوحنا وكان هو أحدهما ” اذهبا وأخبرا يوحنا بما رأيتُما وسمعتُما أنَّ العمي يُبصرون والعُرج يمشون والبُرص يُطهَّرون والصُّم يسمعون والموتى يقومون والمساكين يُبشَّرون “ ( لو 7 : 22 ) تأكَّد أكثر أنه المسيا لأنَّ معجزة تفتيح أعيُن العميان معجزة مِسيانية لذلك صدَّقه بطرُس هناك تداخُل في الأناجيل الأربعة لكن نكتشف أنَّ هناك سبعة معجزات تفتيح أعيُن عُميان ربنا يسوع قال لبطرُس قُل ليوحنا أنَّ العُمي يُبصِرون ثم قال والموتى يقومون لأنَّ هذا التصريح يُثبِت أنه المسيا . كرازة بطرُس الرسول : كرز في أماكن كثيرة وفي كُلّ مكان يكرز فيه كان يُجاهد وكان لديه غيرة شديدة خاصة على بني جِنسه لأنه كان يصعُب عليه أن يكون لهم المواعيد العُظمى المُستنيرة ولا يُؤمنون ومن أعظم الرسائِل التي كُتِبت رسائِله فيها الإيمانيات ووصايا وسلوكيات وصايا للمرأة والرجل والعجوز ومن ضمن الأمور الجميلة أنَّ زوجة بطرُس واسمها بلوتيلاَّ وكانت إنسانة غير عادية كانت جريئة جداً ومُثقفة وغنية وقيل أنها كانت من النِساء اللواتي تبعن يسوع وقريبة جداً منه لذلك شفى لها والدتها وكان لها دور كِرازي كبير بعد القيامة وكثير من نساء القصر أمنَّ على يد زوجة بطرُس واستشهدت قبل بطرُس وقد سار بطرُس في موكب استشهادها يُساندها ويطلُب منها أن تذكره أمام ربنا يسوع لذلك يقول بولس الرسول كان يمكن أن يكون لي أخت زوجة كبطرُس الرسول وفي النهاية كانت كرازة بطرُس الرسول في روما قوية فقبضوا عليه لكن أحباءهُ اختطفوه وخبَّأوه وأرادوا أن يهرَّبوه ليحافظوا على حياته لأنه كان فعَّال في كرازته ولكن بينما هو خارج من روما رأى يسوع داخل المدينة فسأله إلى أين أنت ذاهب يا سيِّدي ؟ فقال له يسوع ذاهب لأُصلب وأموت قال له معلمنا بطرُس لكنك صُلِبت ومُت من قبل يا سيِّدي أجابه ربنا يسوع لكني ذاهب لأُصلب ثانية وهنا عرف مُعلمنا بطرُس أنَّ الله يريد له الاستشهاد فسلّم نفسه للسلطات الرومانية واستُشهِد مصلوب مُنكس الرأس ربنا يكمِّل نقائِصنا ويسنِد كُلّ ضعف فينا بنعمته له المجد دائِماً آمين. القس انطونيوس فهمى كاهن كنيسة القديسين مارجرجس والانبا أنطونيوس – محرم بك
المزيد
03 ديسمبر 2018

التسبيح في الكنيسة

والآن بعد أن استعرضنا كل النصوص التي تتكلَّم عن التسبيح في الكتاب المقدس بعهديه ماذا عن التسبيح في كنيستنا المسيحية؟ لدينا أيضًا عدد كبير من الآيات التي تحثنا على تسبيح الله بقلب طاهر مُستخدمين المزامير والتسابيح والأغاني الروحية:"مُكلمينَ بَعضُكُمْ بَعضًا بمَزاميرَ وتسابيحَ وأغانيَّ روحيَّةٍ، مُتَرَنمينَ ومُرَتلينَ في قُلوبِكُمْ للرَّب" (أف19:5)"وأنتُمْ بكُل حِكمَةٍ مُعَلمونَ ومنذِرونَ بَعضُكُمْ بَعضًا، بمَزاميرَ وتسابيحَ وأغانيَّ روحيَّةٍ، بنِعمَةٍ، مُتَرَنمينَ في قُلوبِكُمْ للرَّب" (كو16:3)."فما هو إذًا أيُّها الإخوَةُ؟ مَتَى اجتَمَعتُمْ فكُلُّ واحِدٍ مِنكُمْ لهُ مَزمورٌ" (1كو26:14). "واظِبوا علَى الصَّلاةِ ساهِرينَ فيها بالشُّكرِ" (كو2:4) " أعلَى أحَدٍ بَينَكُمْ مَشَقّاتٌ؟ فليُصَل. أمَسرورٌ أحَدٌ؟ فليُرَتلْ" (يع13:5) "ونَحوَ نِصفِ اللَّيلِ كانَ بولُسُ وسيلا يُصَليانِ ويُسَبحانِ اللهَ، والمَسجونونَ يَسمَعونَهُما" (أع25:16)هذه التعاليم الإلهية وغيرها كثير في الكتاب المقدس دفعت الكنيسة دفعًا إلى أن تحيا حياة التسبيح الدائم، وكان سفر المزامير هو المصدر الأساسي والرئيسي للتسبيح في الكنيسة فقد وجد فيه الآباء القديسون ما يروي ظمأهم للحب الإلهي ولم يكن الترتيل بالمزامير شيئًا جديدًا، فقد ورثته الكنيسة المسيحية عن الهيكل والمجامع اليهودية والسيد المسيح نفسه قد رتل (مزامير الهلّيل) مع تلاميذه في ليلة العشاء السري وهي (مزامير 113-118) وعبرّت الأناجيل عن هذه التسابيح بالعبارة: "ثُمَّ سبَّحوا وخرجوا إلَى جَبَلِ الزَّيتونِ" (مت30:26، مر26:14) وقيل أيضًا عن الآباء الرسل:"وكانوا كُلَّ حينٍ في الهيكلِ يُسَبحونَ ويُبارِكونَ اللهَ" (لو53:24) "وصَعِدَ بُطرُسُ ويوحَنا مَعًا إلَى الهيكلِ في ساعَةِ الصَّلاةِ التّاسِعَةِ" (أع1:3). وكل الجماعة المسيحية الأولى قيل عنها: "وكانوا كُلَّ يومٍ يواظِبونَ في الهيكلِ بنَفسٍ واحِدَةٍ" (أع46:2) "مُسَبحينَ اللهَ" (أع47:2). "وكانوا لا يَزالونَ كُلَّ يومٍ في الهيكلِ وفي البُيوتِ مُعَلمينَ ومُبَشرينَ بيَسوعَ المَسيحِ" (أع42:5). بكل تأكيد لم يكونوا يشتركون في ذبائح اليهود، إذ قد أدركوا أن ذبيحة المسيح على الصليب، كانت قد أبطلت كل هذه الذبائح الدموية، وإنما اكتفوا بأن يشتركوا في ذبيحة التسبيح بالمزامير والألحان. أما الذبائح الدموية اليهودية فقد استُبدلت بالطقس المسيحي الذي هو ذبيحة الإفخارستيا (كسر الخبز) "وإذ هُم يَكسِرونَ الخُبزَ في البُيوتِ" (أع46:2)وكان هذا الطقس يُتمم في البيوت، حيث لم يكن مُستطاعًا لهم أن يقوموا به في هيكل اليهود كل هذه الذخيرة الروحية الثمينة والعميقة انتقلت بكل مشاعرها الروحية وآثارها النُسكية العميقة إلى كنيستنا القبطية المجيدة، وقد سجل التاريخ أن الشعب القبطي كان يقضي الليل كله في الصلاة والتسبيح حتى الفجر، خاصة في ليالي الآحاد، حيث تبدأ خدمة الإفخارستيا عند الفجر وتنتهي غالبًا مع شروق الشمس وذلك بعد الانتهاء من سهر التسبيح وهناك معنى روحي جميل لاجتماع المؤمنين في الكنيسة والظلام باق، ثم خروجهم منها وقد استنارت المسكونة بضياء الشمس. فهذا يُعبِّر عن إلتجائنا إلى الله في وقت ظلام النفس (إما بسبب الخطية، أو بسبب الضيقات)، ولا نخرج من لُدن الله إلا وقد استنارت نفوسنا بالغفران وحضور الله فينا ومازال هذا الطقس يُجرى يوميًا في الأديرة المقدسة حيث يخرج الرهبان الأتقياء من قلاليهم بعد منتصف الليل والظلام حالك، ثم يخرجون من الكنيسة بعد انتهاء القداس وقد أشرقت الشمس وقد أشار سقراط المؤرخ إلى خدمة التسبيح الليلية في الإسكندرية وبلاد الصعيد، وكذلك وصف يوحنا كاسيان الكثير من التفاصيل عن خدمة السهر والتسبيح لدى الأقباط، وورد في قصة هروب القديس أثناسيوس من أعدائه الأريوسيين، أنه كان مع شعبه في الكنيسة عندما هاجمهم الجند بينما كانوا يقومون بعمل التسبيح. هذا كله يشرح ولع المصريين بالتسبيح، والسهر للصلاة منذ فجر المسيحية وحتى اليوم وبالإضافة إلى سفر المزامير كمصدر رئيسي وأساسي للتسبيح في الكنيسة استخدم الآباء بعض التسابيح والصلوات الواردة في الكثير من أسفار الكتاب المقدس ومنها تبلورت التسبحة اليومية المستخدمة حاليًا بالكنيسة بترتيبها المعروف، ولكنه يظهر بأجلى وضوح في ترتيب سهرة السبت الكبير (أبوغالمسيس)، حيث تُتلى تسابيح الأنبياء المسجلة في الكتاب المقدس ونذكر منها: (1) نشيد الخروج (تسبحة موسى النبي وبني إسرائيل بعد الخروج من مصر وعبور البحر الأحمر) (خروج 15) وهي الآن (الهوس الأول). (2) تسبحة موسى النبي "اِنصِتي أيَّتُها السماواتُ فأتكلَّمَ، ولتَسمَعِ الأرضُ أقوالَ فمي" (تث1:32-43). (3) تسبحة الثلاثة الفتية في أتون النار: وهي الآن (الهوس الثالث)، وقد وردت في (سفر دانيال). (4) تسبحة إشعياء النبي "يارَبُّ، أنتَ إلهي أُعَظمُكَ أحمَدُ اسمَكَ لأنَّكَ صَنَعتَ عَجَبًا مَقاصِدُكَ منذُ القَديمِ أمانَةٌ وصِدقٌ" (إش25). (5) تسبحة أخرى لإشعياء النبي "في ذلكَ اليومِ يُغَنَّى بهذِهِ الأُغنيَّةِ في أرضِ يَهوذا:لنا مدينةٌ قَويَّةٌ. يَجعَلُ الخَلاصَ أسوارًا ومَترَسَةً" (إش26). (6) تسبحة السيدة العذراء"فقالَتْ مَريَمُ: تُعَظمُ نَفسي الرَّبَّ، وتبتَهِجُ روحي باللهِ مُخَلصي" (لو46:1-55). (7) تسبحة زكريا الكاهن"مُبارَكٌ الرَّبُّ إلهُ إسرائيلَ لأنَّهُ افتَقَدَ وصَنَعَ فِداءً لشَعبِهِ" (لو67:1-79). (8) تسبحة الملائكة " المَجدُ للهِ في الأعالي، وعلَى الأرضِ السَّلامُ، وبالناسِ المَسَرَّةُ" (لو13:2-14). (9) تسبحة سمعان الشيخ"الآنَ تُطلِقُ عَبدَكَ يا سيدُ حَسَبَ قَوْلِكَ بسَلامٍ" (لو28:2-32). (10) التسابيح التي وردت في سفر الرؤيا، وهي كثيرة في آيات متعددة على مدى السفر كله. طرق التسبيح الكنسي تنوعت طرق التسبيح أثناء السهر حتى يكسروا الملل، ويمنعوا تشتت الفكر، وتعب الجسد، ويتجدد الحماس والانتباه ونشاط النفس في الصلاة. ومن هذه الطرق: (1) طريقة المردات: حيث يقوم أحد الشمامسة ويرتل التسبيح، بينما يكون الباقون جالسين ويردون عليه بالمرد مثل: (الليلويا)، أو (آمين الليلويا)، أو (آمين)، أو (لأن إلى الأبد رحمته)، أو (سبحوه ومجدوه زيدوه علوًا إلى الأبد) الخ. (2) طريقة المرابعة (Antiphon): وهي طريقة خورس مقابل خورس آخر. وقد وردت هذه الطريقة في زمان عزرا ونحميا (عز10:3-11)، (نح27:12-40)، كما أُشير إليها في سفر إشعياء. حيث رأى السارافيم يسبحون واحد مقابل واحد آخر (إش2:6-4)، وكذلك في سفر الرؤيا. وهذه الطريقة هي السائدة الآن في تسابيحنا القبطية. (3) طريقة التبادل: حيث يبادل فرد الآخر بالترتيل، والجميع يتابعون جلوسًا ويردون المردات كما يحدث في تسابيح كيهك الآن. كتب التسابيح في الكنيسة - أهم كتب التسابيح في الكنيسة (1) كتاب الإبصلمودية المقدسة: وهو الكتاب المستخدم في التسبحة اليومية على مدار السنة، وكلمة إبصلمودية كلمة يونانية من الفعل (إبصالو) أي (يرتل). (2) توجد كذلك إبصلمودية أخرى كيهكية تحتوي على تسابيح أخرى، تناسب الاحتفال بتجسد الله الكلمة، وميلاده من العذراء مريم. (3) يوجد كتاب للإبصاليات وهي ترانيم للأعياد وللقديسين للاستخدام في أعيادهم. عزيزي القارئ. أرجو أن أكون قد فتحت أمام عين ذهنك الطاهر مقدار كرامة التسبيح من وجهة نظر الكتاب المقدس،ليتحرك قلبك مع قلبي وقلب كل الكنيسة لنمجِّد الله بتسابيح الحب والحمد والفرح الدائم كل حين والرب معكم،،، نيافة الحبر الجليل الانبا رافائيل أسقف عام وسط القاهرة
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل