المقالات
17 يونيو 2019
مجد وكهنوت السيد المسيح
في مناجاته مع الآب ليلة الصلب تكلّم السيد المسيح عن نوعين من المجد:
1- مجده الأزلي: قبل كون العالم بقوله للآب: "والآن مجدني أنت أيها الآب عند ذاتك، بالمجد الذي كان لي عندك قبل كون العالم " (يو17: 5).
2- مجده المسياني: الذي ظهر به في الجسد عندما أخلى نفسه وأخذ صورة عبد، ومارس عمله كمسيح للرب، ورئيس كهنة ومخلّص للعالم. وعن مجده كرئيس كهنة قال للآب في ليلة آلامه، في حديثه عن علاقته بتلاميذه الأحد عشر (بعد استبعاد يهوذا الإسخريوطي من الحديث): "وأنا قد أعطيتهم المجد الذي أعطيتني" (يو17: 22) وقد شرح مثلث الرحمات قداسة البابا شنودة الثالث هذه المسألة مؤكدًا أن المجد المقصود في هذه العبارة الذي أعطاه الرب للتلاميذ هو مجد رئاسة الكهنوت والرعاية (مجلة الكرازة 3/12/2004م العدد 37 للسنة ال32 ص 16 العامود الثاني سطر 37)ومن المفهوم طبعًا أن السيد المسيح كان أحيانًا يكشف عن شعاع من مجده الإلهي من خلال التجلي، ومن خلال المعجزات التي أجراها وخاصة معجزة قيامته المجيدة من الأموات بقدرته الإلهية ولكن لم يكن من الممكن أن يعلن مجده الإلهي بصورة كاملة أثناء وجوده على الأرض، لأن البشر لن يحتملوا رؤية هذا المجد قبل أن يلبسوا جسد القيامة الروحاني الممجد. لهذا قال الرب لموسى على جبل سيناء: "الإنسان لا يراني ويعيش" (خر33: 20) كما أن الخلاص لم يكن ممكنًا أن يتم لو أعلن السيد المسيح في تجسده على الأرض ملء مجده الإلهي. لهذا قال معلمنا بولس الرسول: "لأن لو عرفوا لما صلبوا رب المجد" (1كو2: 8). فالمسألة إذن أن السيد المسيح قد أخفى لاهوته عن الشيطان، وأخفى مجده المنظور عن البشر إلى حين إتمام الفداء وصعوده إلى السماء ودخوله إلى مجده السمائي عن يمين الآب وقد شرح القديس بولس الرسول هذه الحقيقة بقوله "بالإجماع عظيم هو سر التقوى، الله ظهر في الجسد، تبرر في الروح، تراءى لملائكة، كرز به بين الأمم، أومن به في العالم، رُفع في المجد" (1تى3: 16)لقد أخفى السيد مجده الأزلي بالناسوت لكي يتمم الفداء ثم يدخل إلى مجده عند صعوده إلى السماء وتحدّث القديس بولس الرسول عن حالة السيد المسيح في دائرة الإخلاء عند قبوله الآلام لأجل خلاصنا فقال: "ولكن الذي وضع قليلًا عن الملائكة، يسوع، نراه مكللًا بالمجد والكرامة، من أجل ألم الموت، لكي يذوق بنعمة الله الموت لأجل كل واحد. لأنه لاق بذاك الذي من أجله الكل وبه الكل، وهو آتٍ بأبناءٍ كثيرين إلى المجد، أن يُكمِّل رئيس خلاصهم بالآلام (عب2: 9، 10)إن المجد الذي تكلل به السيد المسيح في آلامه، هو مجد الحب والبذل والعطاء والفداء،ومجد رئاسة الكهنوت في تقديم ذبيحته الخلاصية كرئيس للخلاص، وكقائد لمسيرة المفديين في طريقهم نحو المجد السمائي. ولكن ينبغي أن نلاحظ أن عبارة "الذي وضع قليلًا عن الملائكة، يسوع" التي وردت في النص السابق قد ورد قبلها في نفس الرسالة إلى العبرانيين عن صعود السيد المسيح إلى المجد "صائرًا أعظم من الملائكة بمقدار ما ورث اسمًا أفضل منهم" (عب1: 4) فالمسيح الذي "أخلى نفسه" هو هو نفسه "الذي رفع في المجد".
مجد المسيح الأزلي
مجد المسيح الأزلي هو واحد فيه مع الآب ومع الروح القدس. هو مجد الثالوث القدوس الذي نسبحه في الكنيسة ونعطيه " الذوكصا" ونقول: (المجد للآب والابن والروح القدس)عن هذا المجد قال الرب: "ومجدي لا أعطيه لآخر" (إش42: 8). لذلك لا يمكن لأي أحد آخر أن يشارك الثالوث القدوس في هذا المجد. ولا تنطبق عليه عبارة السيد المسيحعن رسله القديسين "وأنا قد أعطيتهم المجد الذي أعطيتني" (يو17: 22).
مجد رئاسة الكهنوت
هذا المجد الذي منحه السيد المسيح لرسله القديسين، يترتب عليه سلطان التعليم في الكنيسة ومقاومة البدع والهرطقات، وسلطان الحل والربط والتشريع في الكنيسة من خلالالمجامع المقدسة. وكذلك سلطان الحكم في المجالس الإكليريكية، وسلطان إقامة الرتب الكنسية مثل سيامة الأساقفة بيد الآباء البطاركة ومعهم الأساقفة، وسيامة الآباء الكهنة بواسطة الأساقفة وكذلك سيامة الشمامسة وتدشين الكنائس والأواني المقدسة. وسلطان وضع اليد قد منحه الرب للرسل وخلفائهم باعتبار أن الأسقف هو وكيل الله. لهذا قالمعلمنا بولس الرسول: "يجب أن يكون الأسقف بلا لوم كوكيل الله" (تى1: 7).
كهنوت السيد المسيح
يقول معلمنا بولس الرسول عن رئاسة الكهنوت: "ولا يأخذ أحد هذه الوظيفة بنفسه، بل المدعو من الله كما هارون أيضًا. كذلك المسيح أيضًا لم يمجد نفسه ليصير رئيس كهنة، بل الذي قال له: أنت ابني أنا اليوم ولدتك" (عب5: 4، 5، انظر مز 2: 7) إذن فقد أخذ السيد المسيح مجد رئاسة الكهنوت من الآب السماوي لأن بولس الرسول يقول: "لم يمجد نفسه ليصير رئيس كهنة بل الذي قال له أنت ابني"ومجد رئاسة الكهنوت الذي للسيد المسيح قد أشرنا إليه سابقًا في تفسير عبارة "وأنا قد أعطيتهم المجد الذي أعطيتني" (يو17: 22) التي قالها السيد المسيح للآب في ليلة آلامه عن عطيته لرسله الأحد عشر والتي أخذها من الآب في إرساليته الخلاصية وقد استطرد القديس بولس الرسول في كلامه السابق فأشار إلى أن كهنوت السيد المسيح هو على رتبة ملكي صادق وليس على رتبة هارون فقال: "مدعوًا من الله رئيس كهنة على رتبة ملكي صادق" (عب5: 10)هكذا أيضًا كهنوت الآباء الرسل وخلفائهم من الآباء البطاركة والأساقفة هو على رتبة ملكي صادق، لأنهم يقدّمون ذبيحة الإفخارستيا (أي سر الشكر) بالخبز والخمر، والتي هي نفسها ذبيحة الصليب، ولكن تحت أعراض الخبز والخمر،ولا يقدّمون الذبائح الحيوانية الخاصة بالكهنوت الهاروني وهذا ما أوصاهم به السيد المسيح في ليلة آلامه عن تقديم جسده ودمه الأقدسين "اصنعوا هذا لذكرى" (لو22: 19، 1كو11: 24) إن ملكي صادق حينما خرج لملاقاة إبراهيم قدّم خبزًا وخمرًا، ولم يقدم ذبيحة حيوانية وأعطاه إبراهيم عشرًا من كل شيء. وقد ورد ذلك في سفر التكوين كما يلى:"وملكي صادق ملك شاليم أخرج خبزًا وخمرًا. وكان كاهنًا لله العلى. وباركه، وقال: مبارك أبرام من الله العلى مالك السماوات والأرض. ومبارك الله العلى الذي أسلم أعداءك في يدك. فأعطاه عُشرًا من كل شيء" (تك14: 18-20) إن مجد رئاسة كهنوت السيد المسيح يرتبط ارتباطًا واضحًا بتقديم ذبيحة الإفخارستيا التي صنعها السيد المسيح وأمر تلاميذه أن يصنعوها. والتي هي نفسها ذبيحته الخلاصية على الصليب وتستمد وجودها وفاعليتها من حقيقة الصليب فوق الجلجثة، إذ هي امتداد لذبيحة الصليب عبر الزمان في ليلة الآلام وإلى مجيء الرب الديان لهذا اهتم القديس بولس الرسول في أكثر من موضع بإبراز رئاسة كهنوت السيد المسيح أنها على رتبة ملكي صادق "مدعوًا من الله رئيس كهنة على رتبة ملكي صادق" (عب5: 10 انظر أيضًا عب6:20) ولا يخفى على أحد بالطبع أن كهنوت السيد المسيح هو كهنوت أبدي. فخدمته الكهنوتية مستمرة عبر الأجيال إذ أنه يشفع فينا بذبيحته الخلاصية إلى آخر الزمان. "إن أخطأ أحد فلنا شفيع عند الآب يسوع المسيح البار وهو كفارة لخطايانا" (1يو2: 1، 2) لقد دخل السيد المسيح إلى المقادس السماوية "حيث دخل يسوع كسابق لأجلنا صائرًا على رتبة ملكي صادق رئيس كهنة إلى الأبد" (عب6: 20) إنه شيء رائع أن نرى الكنيسة المقدسة وهي أيقونة للسماء على الأرض مثلما رآها يعقوب أب الآباء مثل سلم منصوب على الأرض ورأسه يمس السماء والرب واقف بجلاله المخوف والملائكة صاعدين ونازلين على السلم (انظر تك 28: 12، 13، 17) إن السماء تكون مفتوحة أثناء القداس الإلهي والسيد المسيح حاضر بجسده ودمه على المذبح سرائريًا بنفس ذبيحته الخلاصية التي بها يشفع فينا شفاعة كفارية أمام الآب السماوي والملائكة الذين كتب عنهم أنهم خدام العتيدين أن يرثوا الخلاص يكونون في حالة صعود ونزول أثناء القداس يرفعون صلواتنا، وينزلون بالبركات السمائية، ويشاركون معنا تسبيح الحمل الذبيح وشكر الآب على محبته غير المحدودة حقًا إن الكنيسة هي بيت الملائكة لأن الرب قد صالح السمائيين مع الأرضيين، كقول بولس الرسول عن ذلك "لتدبير ملء الأزمنة ليجمع كل شيء في المسيح ما في السماواتوما على الأرض في ذاك الذي فيه أيضًا نلنا نصيبًا معينين سابقًا" (أف1: 10، 11).
نيافة الحبر الجليل المتنيح الانبا بيشوى مطران دمياط ورئيس دير الشهيدة دميانة
عن كتاب المسيح مشتهي الأجيال منظور أرثوذكسي
المزيد
16 يونيو 2019
عمل الروح القدس فينا
قال السيد المسيح: "متى جاء المعزى الذي سأرسله أنا إليكم من الآب روح الحق الذي من عند الآب ينبثق فهو يشهد لي" (يو15: 26) وهكذا أُرسل الروح القدس بناءً على طلب السيد المسيح، وبناءً على الصلح بدم صليبه أما المؤمنون بالمسيح فقال لهم: "أما أنتم فتعرفونه، لأنه ماكث معكم ويكون فيكم"تلاميذ الرب نشأت بينهم وبين الروح القدس علاقة شخصية، اختبارية كقول معلمنا بولس الرسول: "جميعنا سقينا روحًا واحدًا" (1كو12: 13)، وقوله: "الروح نفسه يشفع فينا بأنات لا ينطق بها" (رو8: 26) صارت لهم معرفة للروح القدس، ماذا يريد، وماذا يقول "قال الروح القدس أفرزوا لي برنابا وشاول للعمل الذي دعوتهما إليه" (أع13: 2)صارت لهم الدالة أن يطلبوا من الروح القدس. مثلما تصلى الكنيسة وتقول (أيها الملك السمائي المعزى روح الحق الحاضر في كل مكان؛ مالئ الكل كنز الصالحات ومعطى الحياة، هلم تفضل وكن فينا، وطهِّرنا من كل دنس أيها الصالح وخلّص نفوسنا( (قِطع صلاة الساعة الثالثة).وقد تنبأ داود النبي في المزمور عن الروح القدس وعن وجوده في كل مكان وعن عمله في حياة الإنسان فقال: "أين أذهب من روحك، ومن وجهك أين أهرب. إن صعدت إلى السماوات فأنت هناك. وإن فرشت في الهاوية فها أنت. إن أخذت جناحي الصبح وسكنت في أقاصي البحر فهناك أيضًا تهديني يدك وتمسكني يمينك" (مز139: 7-10) ونلاحظ في كلمات المزمور؛ عمل الروح القدس في إرشاد المؤمنين "تهديني يدك وتمسكني يمينك". "لأن كل الذين ينقادون بروح الله، فأولئك هم أبناء الله" (رو8: 14).
المؤمن الحقيقي الذي يطلبه بحرارة من الله، يستشعر عمل الروح القدس في داخله: يعلّمه ويرشده ويعزّيه روحيًا ويقوده ويقود ضميره، وأحيانًا يوبّخه.. يذكّره بكلام السيد المسيح، أو يعلن مشيئة المسيح في داخله.. يقوّيه.. ينطق على لسانه.. يحدِّثه.. يلهمه لكي يتصرف بحسب فكر الروح، يعلن له أسرار سمائية، أو مقاصد إلهية.. يرفعه فوق مستوى العالم والمادة والزمان لكي يتصل بالحياة الأبدية. وعمومًا يشعر الإنسان بحضور الله في داخله إذ يصير هيكلًا للروح القدس فكيف بعد هذا كله، وكثير غيره، يتصور الإنسان أو تتصور الكنيسة أن تحيا بدون عمل الروح القدس فيها؟!وقال السيد المسيح إنه هو الذي سيرسل الباراقليط (انظر يو15: 26)، وأن الباراقليط سوف يأخذ مما للمسيح ويخبرنا.. لأن كل ما للمسيح فهو للآب وهو أيضًا للروح القدس. وكل ما للروح القدس فهو للآب وهو أيضًا للابن.. وهكذا فالجوهر الإلهي الواحد للأقانيم الثلاثة يجعل كل ما للأقنوم الواحد هو أيضًا للأقنومين الآخرين، فيما عدا الخاصية الأقنومية التي يتمايز بها هذا الأقنوم على وجه الخصوص. فالأبوة هي للآب، والبنوة هي للابن. والانبثاق هو للروح القدس.
نيافة الحبر الجليل المتنيح الانبا بيشوى مطران دمياط ورئيس دير الشهيدة دميانة
عن كتاب المسيح مشتهي الأجيال منظور أرثوذكسي
المزيد
15 يونيو 2019
دخول السيد المسيح إلى المقدس السماوي
كان رئيس الكهنة في العهد القديم يدخل إلى قدس الأقداس في الهيكل مرة واحدة في السنة في يوم الكفارة العظيم ليكفر عن خطايا نفسه وعن خطايا الشعب بواسطة دم الذبائح الحيوانية المناسبة.وكان الهيكل مقسمًا إلى قسمين: القسم الأول هو القدس حيث مائدة خبز الوجوه ومذبح البخور والمنارة ذات السبعة سرج. والقسم الثاني هو قدس الأقداس حيث كَروبا المجد وكرسي الرحمة أي تابوت العهد. ويفصل بين القسم الأول والقسم الثاني الحجاب.
وقد شرح معلمنا بولس الرسول في رسالته إلى العبرانيين كيف كان الهيكل الأرضي رمزًا للهيكل السماوي، وكيف دخل السيد المسيح إلى الأقداس، ومعنى دخوله هذا، وقارن بين كهنوت العهد القديم الهاروني، وكهنوت العهد الجديد على طقس ملكي صادق باعتبار أن السيد المسيح هو الكاهن إلى الأبد على رتبة ملكي صادق حسب الإعلان الإلهي في الكتب المقدسة.قال عن خدمة السيد المسيح السمائية: "وأما رأس الكلام فهو أن لنا رئيس كهنة مثل هذا قد جلس في يمين عرش العظمة في السماوات، خادمًا للأقداس والمسكن الحقيقي الذي نصبه الرب لا إنسان" (عب8: 1، 2).وقال عن تقسيم الهيكل ونظام الخدمة فيه في العهد القديم: "ثم العهد الأول كان له أيضًا فرائض خدمة والقدس العالمي. لأنه نصب المسكن الأول الذي يقال له القدس الذي كانفيه المنارة والمائدة وخبز التقدمة. ووراء الحجاب الثاني المسكن الذي يقال له قدس الأقداس، فيه مبخرة من ذهب وتابوت العهد مغشي من كل جهة بالذهب الذي فيه قسط منذهب فيه المن وعصا هرون التي أفرخت ولوحا العهد. وفوقه كروبا المجد مظللين الغطاء.. ثم إذ صارت هذه مهيأة هكذا يدخل الكهنة إلى المسكن الأول كل حين صانعين الخدمة. وأما إلى الثاني فرئيس الكهنة فقط مرة في السنة ليس بلا دم يقدّمه عن نفسه وعن جهالات الشعب" (عب9: 1-7)ونلاحظ هنا أن المسكن الثاني هو الملقب بقدس الأقداس وهو الذي يدخله رئيس الكهنة مرة واحدة في السنة. وقد شرح القديس بولس الرسول المقارنة بين ما يفعله رئيس الكهنة في العهد القديم وما فعله السيد المسيح عند إتمام الفداء.
دخل مرةً واحدة إلى الأقداس
قال بولس الرسول عن دخول السيد المسيح إلى السماويات: "وأما المسيح وهو قد جاء رئيس كهنة للخيرات العتيدة فبالمسكن الأعظم والأكمل غير المصنوع بيد، أي الذي ليس من هذه الخليقة. وليس بدم تيوس وعجول بل بدم نفسه دخل مرة واحدة إلى الأقداس فوجد فداءً أبديًا" (عب9: 11، 12). ويتضح هنا أن السيد المسيح في دخوله إلى السماء قد دخل إلى قدس الأقداس ليس مرة واحدة في السنة، ولكنه دخل مرة واحدةإلى الأبد، ولم يتكرر كما يدّعى أصحاب الرأي الذي نوهنا عنه سابقًا. وفي ضوء هذا النص الصريح لا يبقى مكان للجدل حول هذا الموضوع لأنه لا حاجة إلى تكرار الذبيحة كل عام كما أنه لم يدخل بدم ذبائح أخرى بل دخل بدم نفسه أي بالذبيحة الحقيقية المقبولة عند الآب السماوي.وقال عن عدم تكرار الذبيحة الخلاصية: "لا ليقدم نفسه مرارًا كثيرة كما يدخل رئيس الكهنة إلى الأقداس كل سنة بدم آخر. فإذ ذاك كان يجب أن يتألم مرارًا كثيرة منذ تأسيس العالم، ولكنه الآن قد أظهر مرة عند انقضاء الدهور ليبطل الخطية بذبيحة نفسه" (عب9: 25، 26).وقال عن الحجاب: "فإذ لنا أيها الإخوة ثقة بالدخول إلى الأقداس بدم يسوع طريقًا كرّسه لنا حديثًا حيًا بالحجاب أي جسده. وكاهن عظيم على بيت الله" (عب10: 19-21) عندما صُلب السيد المسيح وذُبح جسده بالصليب، انشق حجاب الهيكل إلى اثنين من فوق إلى أسفل (انظر مت 27: 51)، وحجاب الهيكل هو الفاصل بين القدس وقدس الأقداس،ومعنى ذلك أن السيد المسيح قد فتح الطريق إلى أحضان الآب السماوي بذبيحته الخلاصية علىالصليب. وهذا ما قاله معلمنا بولس الرسول عن دخول المؤمنين إلى الأقداس بدم يسوع "طريقًا كرسه لنا حديثًا حيًا بالحجاب أي جسده" (عب10: 20) فالسيد المسيح هو الطريق المؤدى إلى الحياة الأبديةكان صعود السيد المسيح إلى السماء هو تأكيد منظور لقبول ذبيحته الكفارية عند الآب السماوي. لذلك ربط القديس بولس الرسول بين ذبيحة الصليب وبين دخول السيد المسيح إلى الأقداس السماوية؛ فقال عنه: "بدم نفسه دخل مرة واحدة إلى الأقداس فوجد فداءً أبديًا".
وقد أكد هذه المعاني في النصوص التالية عن السيد المسيح:
"وأما هذا فمن أجل أنه يبقى إلى الأبد له كهنوت لا يزول. فمن ثم يقدر أن يُخلّص أيضًا إلى التمام الذين يتقدمون به إلى الله إذ هو حي في كل حين ليشفع فيهم. لأنه كان يليق بنا رئيس كهنة مثل هذا قدوس بلا شر ولا دنس قد انفصل عن الخطاة وصار أعلى من السماوات" (عب 7: 24-26).
"أما رأس الكلام فهو أن لنا رئيس كهنة مثل هذا قد جلس في يمين عرش العظمة في السماوات. خادمًا للأقداس والمسكن الحقيقي الذي نصبه الرب لا إنسان" (عب 8: 1، 2).
"وأما هذا فبعد ما قدّم عن الخطايا ذبيحة واحدة جلس إلى الأبد عن يمين الله" (عب 10: 12).
إلى المسكن الثاني وليس الأول
بهذا كله يتضح بجلاء أن السيد المسيح بعدما أكمل خدمته الخلاصية على الأرض قد صعد إلى السماوات ودخل إلى قدس الأقداس في السماء وليس إلى القدس، لأنه يقول:"دخل مرة واحدة إلى الأقداس فوجد فداءً أبديًا" (عب9: 12). ولا مجال إطلاقًا للقول بأنه دخل إلى القدس في السماء أولًا ثم انتقل بعد ذلك إلى قدس الأقداس في موعد لاحق بعد مئات السنين ليطهّر الأقداس السماوية. وكيف يُقال ذلك بينما قال معلمنا بولس الرسول: "لأن المسيح لم يدخل إلى أقداس مصنوعة بيد أشباه الحقيقية، بل إلى السماء عينها ليظهر الآن أمام وجه الله لأجلنا، ولا ليقدم نفسه مرارًا كثيرة كما يدخل رئيس الكهنة إلى الأقداس كل سنة" (عب9: 24، 25).
نيافة الحبر الجليل المتنيح الانبا بيشوى مطران دمياط ورئيس دير الشهيدة دميانة
عن كتاب المسيح مشتهي الأجيال منظور أرثوذكسي
المزيد
14 يونيو 2019
متى صعد السيد المسيح؟
يقول البعض إن السيد المسيح قد صعد بعد قيامته مباشرةً، أي بعد لقائه في البستان مع مريم المجدلية، وأنه عاد إلى الأرض ليظهر لتلاميذه بعد ذلك. وأنه استمر طوال الأربعين يومًا التالية للقيامة يتردد بين السماء والأرض، إلى أن صعد بصفة نهائية في اليوم الأربعين بعد قيامته، أي في خميس الصعودوهذا القول يتعارض مع تعليم الكتاب المقدس ومع تقليد الكنيسة. لأن الكنيسة تحتفل بعيد الصعود باعتبار أنالسيد المسيح قد دخل فيه إلى الموضع الذي لم يدخل إليه ذو طبيعة بشرية من قبل وقد ورد في قسمة قداس سبت البصخة المقدسة عن السيد المسيح [الذي صعد إلى السماوات وصار فوقالسماوات. ودخل داخل الحجاب موضع قدس الأقداس الموضع الذي لا يدخل إليه ذو طبيعة بشرية، وصار سابقًا لنا، صائرًا رئيس كهنة إلى الأبد على رتبة ملكي صادق] (انظر عب6: 20).وفي مزمور قداس عيد الصعود؛ تُقال العبارات الهامة التالية: "ارفعوا أيها الرؤساء أبوابكم وارتفعي أيتها الأبواب الدهرية، فيدخل ملك المجد. من هو هذا ملك المجد؟ الرب العزيز القدير، الرب القوى في الحروب. ارفعوا أيها الرؤساء أبوابكم وارتفعي أيتها الأبواب الدهرية، فيدخل ملك المجد. من هو هذا ملك المجد؟ رب القوات هذا هو ملك المجد" (مز23: 7-10).وهذا معناه أن الأبواب الدهرية لم تُفتح إلا عند دخول السيد المسيح إلى الأقداس السماوية ليظهر أمام الآب لأجلنا باعتبار أنه هو الشفيع الذي به ننال المغفرة من قِبل الآب كقول معلمنا يوحنا الرسول: "إن أخطأ أحد فلناشفيع عند الآب يسوع المسيح البار، وهو كفارة لخطايانا" (1يو2: 1، 2)، وكذلك قول معلمنا بولس الرسول: "لأن المسيح لم يدخل إلى أقداس مصنوعة بيد أشباه الحقيقية، بل إلى السماء عينها ليظهر الآن أمام وجه الله لأجلنا" (عب9: 24) وما معنى احتفالنا بعيد الصعود المجيد بعد أربعين يومًا من عيد القيامة إن كان السيد المسيح قد صعد مرارًا وتكرارًا طوال الأربعين يومًا..؟!!
نيافة الحبر الجليل المتنيح الانبا بيشوى مطران دمياط ورئيس دير الشهيدة دميانة
عن كتاب المسيح مشتهي الأجيال منظور أرثوذكسي
المزيد
13 يونيو 2019
صعود إيليا
"ولما قال هذا ارتفع وهم ينظرون. وأخذته سحابة عن أعينهم" (أع1: 9).كان ينبغي أن يصعد السيد المسيح أمام أعين تلاميذه، ليجتذب أنظارهم نحو السماء حيث جلس هو عن يمين العظمة.صعود السيد المسيح يذكرنا بصعود إيليا النبي على مرأى من تلميذه أليشع. فقد حدث "عند إصعاد الرب إيليا في العاصفة إلى السماء، أن إيليا وأليشع ذهبا من الجلجال.. إلى بيت إيل.. إلى أريحا.. إلى الأردن.. وأخذ إيليا رداءه ولفه وضرب الماء فانفلق إلى هنا وهناك، فعبرا كلاهما في اليبس. ولما عبرا قال إيليا لأليشع: اطلب ماذا أفعل لك قبل أن أُوخذ منك. فقال أليشع ليكن نصيب اثنين من روحك علىّ. فقال صعّبت السؤال. فإن رأيتني أُوخذ منك يكون لك كذلك وإلاّ فلا يكون" (2مل2: 1-10).لقد طلب أليشع أن يكون له نصيب البكر في البركة التي ينالها من قبل الرب بواسطة سيده ومعلمه إيليا وكان نصيب البكر هو نصيب اثنين من الأبناء في توزيع الميراث.وعبارة "نصيب اثنين من روحك علىّ" تعني روح النبوة، أي مواهب الروح القدس التي نالها إيليا النبي، مثلما قيل عن يوحنا المعمدان -أعظم مواليد النساء من الأنبياء- أنه يتقدم أمام السيد المسيح "بروح إيليا وقوته" (لو1: 17).لقد طلب أليشع مواهب الروح القدس، لأنه لا يستطيع أن يمارس رسالته كنبي بدون قوة الروح القدس. وإرشاده وفعله.كان أليشع في ذلك رمزًا إلى الكنيسة التي كانت تنتظر موعد الآب، الذي أشار إليه السيد المسيح في حديثه مع تلاميذه، كما هو مدون في سفر الأعمال "وفيما هو مجتمع معهم أوصاهم أن لا يبرحوا من أورشليم، بل ينتظروا موعد الآب الذي سمعتموه مني. لأن يوحنا عمد بالماء وأما أنتم فستتعمدون بالروح القدس ليس بعد هذه الأيام بكثير" (أع1: 4، 5).
رداء إيليا
"وفيما هما يسيران ويتكلمان إذا مركبة من نار وخيل من نار ففصلت بينهما، فصعد إيليا في العاصفة إلى السماء. وكان أليشع يرى وهو يصرخ يا أبي يا أبي مركبة إسرائيلوفرسانها. ولم يره بعد. فأمسك ثيابه ومزقها قطعتين. ورفع رداء إيليا الذي سقط عنه، ورجع ووقف على شاطئ الأردن. فأخذ رداء إيليا الذي سقط عنه وضرب الماء، وقال: أين هو الرب إله إيليا، ثم ضرب الماء أيضًا، فانفلق إلى هنا وهناك فعبر أليشع. ولما رآه بنو الأنبياء الذين في أريحا قبالته، قالوا قد استقرت روح إيليا على أليشع" (2مل2: 11-15).إن رداء إيليا الذي حمله أليشع، بعد إصعاد إيليا إلى السماء، وشق به مياه الأردن، يرمز إلى بر المسيح الذي يلبسه المعمد المؤمن بالمسيح في المعمودية. كقول معلمنا بولس الرسول: "لأن كلكم الذين اعتمدتم بالمسيح قد لبستم المسيح" (غل3: 27).والعجيب أن لهذا الرداء قصة: إذ أن إيليا النبي كان قد طرح على أليشع هذا الرداء فيأول لقاء بينهما، حينما أمره الرب أن يمسح أليشع نبيًا "امسح أليشع بن شافاط من آبل محولة نبيًا عوضًا عنك.. فذهب من هناك ووجد أليشع بن شافاط يحرث واثنا عشر فدان بقر قدامه، وهو مع الثاني عشر، فمر إيليا وطرح رداءه عليه" (1مل19: 16-19).كان طرح الرداء على أليشع هو علامة دعوة الرب له عن يد إيليا النبي، ليدخل في نصيب الرب وليتشح برداء النبوة نرى في هذه القصة أن أليشع كان "مع الثاني عشر" ولا يخفى ما في ذلك الرقم من إشارة إلى تلاميذ السيد المسيح الاثني عشر الذين دعاهم ليكونوا معه وأرسلهم لبشارة الملكوت.إن قصة إصعاد إيليا إلى السماء ومقدماتها وملابساتها وما نتج عنها، تمتلئ بالرموز الخاصة بالسيد المسيح وكنيسته المجيدة وإرسال الروح القدس إلى الكنيسة في يوم الخمسين بألسنة موزعة كأنها من نار. الأمور التي لا يتسع المجال أن نتكلم عنها بالتفصيل ولكنها جميعها تبرز روعة الإعلان الإلهي في الكتاب المقدس بعهديه.بين الصعود وحلول الروح القدس قال السيد المسيح لتلاميذه: "خير لكم أن أنطلق. لأنه إن لم أنطلق، لا يأتيكم المعزى" (يو16: 7).فكان انطلاق السيد المسيح إلى السماء هو العلامة التي انتظرت على أساسها الكنيسةحلول الروح القدس في يوم الخمسين لذلك قال إيليا لأليشع "صعبت السؤال. فإن رأيتني أوخذ منك يكون لك كذلك، وإلا فلا يكون". أي أن شرط أن يستقر روح النبوة الذي لإيليا على أليشع، أن يراه وهو صاعد إلى السماء.بمعنى أن التلامس مع حقيقة الصعود هو الذي يؤهل لنيل قوة ومواهب الروح القدس.قال السيد المسيح لتلاميذه قبيل صعوده: "أقيموا في مدينة أورشليم إلى أن تُلبسوا قوة من الأعالي" (لو24: 49).صعد السيد المسيح "بعد ما أوصى بالروح القدس الرسل الذين اختارهم" (أع1: 2) الذين أراهم أيضًا نفسه ببراهين كثيرة بعد قيامته من الأموات.ارتفع بصورة منظورة، جسديًا، أمام أعين تلاميذه.. تمامًا مثلما ارتفع في أعينهم ببذله نفسه عنهم على الصليب، وظهوره لهم بعد القيامة ليمسح أحزانهم، وعودته إلى الآب تاركًا الأرض بعدما رفض المُلك الأرضي عليها.كان السيد المسيح جديرًا أن يصير هو ملك ملوك الأرض، بعد انتصاره على الموت الذي لم ينتصر عليه أي إنسان مهما كانت عظمته.ولكن السيد المسيح غادر الأرض وهو في قمة انتصاره ومجده.. فيا لروعة التخلّي عن كل أمجاد العالم.! أليس هو الذي سبق فقال: "مملكتي ليست من هذا العالم" (يو18: 36)،وأيضًا سبق فقال لتلاميذه: "خرجت من عند الآب وقد أتيت إلى العالم، وأيضًا أترك العالم وأذهب إلى الآب" (يو16: 28).حقًا ارتفع السيد المسيح أمام أعينهم، كما ارتفع في أعينهم وهو يغادر الأرض في بساطة شديدة دون أن يطلب مجدًا من الناس.. لأن المجد الحقيقي كان في وجوده مع الآب الذي أرسله.لقد اجتذب السيد المسيح مشاعر تلاميذه نحو السماء.. وصارت نبضات قلوبهم تعزف أجمل الألحان مع أناشيد السمائيين كما يقول المزمور "صعد الله بتهليل. والرب بصوت البوق. رتلوا لإلهنا رتلوا. رتلوا لمليكنا رتلوا. لأن الرب هو ملك الأرض كلها. رتلوا بفهم. فإن الرب ملك على جميع الأمم. الله جلس على كرسيه المقدس" (مز46: 5-8) وبهذا ملك الرب..ملك السيد المسيح على قلوب محبيه، واجتذب مشاعرهم نحو كرسيه الذي في السماوات. وهذا ما أوجزه القديس مرقس في إنجيله بقوله: "ثم إن الرب بعدما كلَّمهم ارتفع إلىالسماء وجلس عن يمين الله" (مر16: 19).لهذا قال معلمنا بولس الرسول: "إن كنتم قد قمتم مع المسيح، فاطلبوا ما فوق حيث المسيح جالس عن يمين الله.." (كو3: 1).وقال أيضًا: "فإن سيرتنا نحن هي في السماوات التي منها أيضًا ننتظر مخلصًا هو الرب يسوع المسيح. الذي سيغيِّر شكل جسد تواضعنا ليكون على صورة جسد مجده" (فى3:20، 21).
نيافة الحبر الجليل المتنيح الانبا بيشوى مطران دمياط ورئيس دير الشهيدة دميانة
عن كتاب المسيح مشتهي الأجيال منظور أرثوذكسي
المزيد
12 يونيو 2019
وأخذته سحابه عن أعينهم
"وأخذته سحابه عن أعينهم" (أع1: 9)عند صعود السيد المسيح إلى السماء بعدما أوصى تلاميذه "ارتفع وهم ينظرون، وأخذته سحابة عن أعينهم" (أع1: 9) كان السيد المسيح في قمة مجده بين تلاميذه بعد القيامة.. وحينما كان يظهر لهم كانوا يفرحون بصورة غير عادية، إلى جوار الرهبة العميقة التي كانوا يشعرون بها في حضرته الإلهية حينما ظهر للتلاميذ في الأحد التالي لأحد القيامة، قال لتوما: "هات إصبعك إلى هنا وأبصر يديَّ، وهات يدك وضعها في جنبي، ولا تكن غير مؤمنٍ بل مؤمنًا، أجاب توما وقال له: ربى وإلهي" (يو20: 27، 28)أي أن جميع التلاميذ قد اعترفوا بألوهيته، وأيقنوا ذلك.. وكانت القيامة هي الإعلان الدافع إلى ذلك، كقول معلمنا بولس الرسول: "وتعيّن ابن الله بقوة، من جهة روح القداسة بالقيامة من الأموات" (رو1: 4) في قمة هذا المجد الذي قال عنه السيد المسيح: "أما كان ينبغي أن المسيح يتألم بهذا، ويدخل إلى مجده" (لو24: 26)، اختار السيد المسيح أن يترك العالم، ويمضى إلى الآب حيث المجد السماوي ترك السيد المسيح تلاميذه بحسب الجسد حينما "انفرد عنهم وأُصْعِد إلى السماء" (لو24: 51)، ولكنه لم يتركهم بحسب لاهوته بحسب وعده "ها أنا معكم كل الأيام إلى إانقضاء الدهر" (مت28: 20)هكذا اتضع السيد المسيح في خدمته.. لأنه ترك العالم.. ولم يعد تلاميذه ينظرونه حسب الجسد.. وقد فعل ذلك وهو في قمة مجده على الأرض بعد القيامة، لأنه لم ينظر إلى المجد الأرضي.. بل كان المجد الحقيقي في نظره، هو أن يصنع مشيئة الآب الذي أرسله.. وأن يمضى إلى الآب ليدخل إلى الأقداس السماوية، باعتباره رئيس الكهنة الأعظم "خادمًا للأقداس والمسكن الحقيقي الذي نصبه الرب لا إنسان" (عب8: 2) المجد الأرضي الذي ناله السيد المسيح بعد القيامة، لم يجتذبه عن رسالته السمائية.. فغادر الأرض.. واختفى عن أعين تلاميذه. وأخذته سحابة عن أعينهم.
نيافة الحبر الجليل المتنيح الانبا بيشوى مطران دمياط ورئيس دير الشهيدة دميانة
عن كتاب المسيح مشتهي الأجيال منظور أرثوذكسي
المزيد
11 يونيو 2019
بسيطًا في صعوده
"صعد الله بتهليل. والرب بصوت البوق" (مز46: 5) مع أن صعوده إلى السماء قد احتفلت به الملائكة أعظم احتفال.. إلا أن المظهر المنظور لصعود السيد المسيح كان بسيطًا للغاية، تمامًا مثل مظهر قيامته المجيدة بعدما ظهر لتلاميذه مرات كثيرة على مدى أربعين يومًا، "أخرجهم خارجًا إلى بيت عنيا. ورفع يديه وباركهم. وفيما هو يباركهم انفرد عنهم وأُصعد إلى السماء. فسجدوا له ورجعوا إلى أورشليم بفرح عظيم. وكانوا كل حين في الهيكل يسبحون ويباركون الله" (لو50:24-53)لم يصعد الرب مثل إيليا النبي في العاصفة إلى السماء. ولم تظهر مركبة من نار وخيل من نار لتفصل بينه وبين تلاميذه مثلما حدث مع إيليا وتلميذه أليشع وقت صعوده إلىالسماء. ولكن الرب صعد في هدوء عجيب أمام أعين تلاميذه، بعدما أوصاهم أن لا يبرحوا من أورشليم حتى يحل الروح القدس عليهم.
"ولما قال هذا ارتفع وهم ينظرون وأخذته سحابة عن أعينهم. وفيما كانوا يشخصون إلى السماء وهو منطلق، إذا رجلان قد وقفا بهم بلباس أبيض. وقالا أيها الرجال الجليليون ما بالكم واقفين تنظرون إلى السماء. إن يسوع هذا الذي ارتفع عنكم إلى السماء، سيأتي هكذا كما رأيتموه منطلقًا إلى السماء. حينئذ رجعوا إلى أورشليم من الجبل الذي يدعى جبل الزيتون الذي هو بالقرب من أورشليم" (أع1: 9-12) أراد السيد المسيح أن يؤكد حقيقة صعوده إلى السماء "حيث دخل يسوع كسابق لأجلنا، صائرًا على رتبة ملكي صادق رئيس كهنة إلى الأبد" (عب6: 20). لهذا صعد أمام أعين تلاميذه كما سبق أن وعدهم "أنا أمضى لأعد لكم مكانًا. وإن مضيت وأعددت لكم مكانًا آتي أيضًا وأخذكم إليَّ، حتى حيث أكون أنا تكونون أنتم أيضًا" (يو14: 2، 3) وهكذا صعد مَن قدّم نفسه صعيدة مقبولة لله الآب على الصليب.. وكان لابد للصعيدة أن تصعد، وأن يدخل رئيس الكهنة الأعظم إلى قدس الأقداس السماوي. كقول معلمنا بولس الرسول: "وأما رأس الكلام فهو أن لنا رئيس كهنة مثل هذا، قد جلس في يمين عرش العظمة في السماوات، خادمًا للأقداس والمسكن الحقيقي الذي نصبه الرب لا إنسان" (عب 8: 1، 2) وحينما صعد السيد المسيح ليدخل إلى مجده السماوي بعد أن صنع الخلاص لأجلنا.. رافقته جماهير من الملائكة، ونادت تلك الملائكة نحو حراس الأقداس السماوية: "ارفعوا أيها الرؤساء أبوابكم، وارتفعي أيتها الأبواب الدهرية، فيدخل ملك المجد"، وحينما سأل الحراس قائلين: "من هو هذا ملك المجد؟" أجابوهم قائلين: "الرب العزيز القدير، الرب القوى في الحروب.. رب القوات، هذا هو ملك المجد" (مز23: 7-10).
فالسيد المسيح كان داخلًا إلى الموضع الذي لم يدخل إليه ذو طبيعة بشرية من قبل.. في أعلى السماوات حيث عرش الله القدير.. وقد أعلنت الملائكة المصاحبة لموكب الابن الوحيد أن القادم والمحتفَل بدخوله إلى الأقداس هو ملك المجد.. الرب العزيز القدير، القاهر في الحروب.. والذي انتصر على مملكة الشيطان، وحرر البشر، وفتح الفردوس، ورد آدم وبنيه إلى هناك، بعدما أعلن محبته على الصليب في طاعة كاملة للآب السماوي ما أروع ذاك المشهد الذي لخصه معلمنا مرقس الإنجيلي بقوله: "ثم إن الرب بعدما كلمهم (أي التلاميذ) ارتفع إلى السماء، وجلس عن يمين الله" (مر16: 19) لم يشأ السيد المسيح أن يبصر التلاميذ هذه الأمجاد العجيبة والمناظر السمائية وهو يدخل إلى السماء، لأن مشهد المجد هذا سوف يبصرونه في استعلان مجد ملكوته عند مجيئه الثاني ودخولهم معه إلى الأبدية.
لم يشأ أن ينشغلوا بالمناظر الفائقة للطبيعة.. لكي لا تنسى الكنيسة رسالتها الحقيقية في حمل الصليب والكرازة بالإنجيل.. ولكي لا ينقادوا إلى الأمور العالية، بل ينقادوا إلى المتواضعين. أما المناظر السمائية الفائقة فلها وقتها المناسب، حينما يلبس القديسون أجساد القيامة الروحانية ليرثوا مع السيد المسيح في مجده قد يحدث في بعض الأوقات أن تظهر بعض الإعلانات السماوية لضرورة خاصة،ولهذا أرسل السيد المسيح ملاكين من الملائكة المصاحبين له ليؤكدوا للتلاميذ أنه قد انطلق إلى السماء، وأنه سوف يعود مرة أخرى. ولينصحوهم بالذهاب إلى أورشليم انتظارًا لحلولالروح القدس، وبداية عمل الكرازة المؤيّد بمواهب الروح لقد صار الصعود حقيقة مؤكَدة في وجدان الكنيسة، ولكن ليس مشهدًا تنشغل به عن رسالتها الحقيقية في خلاص البشراختفى السيد المسيح عن أعين التلاميذ إذ أخذته سحابة عن أعينهم.. ولكنه كان قد وعدهم قائلًا: "ها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر" (مت28: 20) هو حاضر بلاهوته في كل زمان ومكان.. هو حاضر بروحه القدوس وفاعل في المؤمنين يستطيع القديسون في الروح أن يروه بأعين الإيمان.. بأعين القلب النقي.. بشركة الروح كما سبق فوعد قائلًا: "الذي عنده وصاياي ويحفظها.. أنا أحبه وأظهر له ذاتي" (يو14: 21) كما طوّب السيد المسيح القديسين وقال: "طوبى للأنقياء القلب لأنهم يعاينون الله" (مت5: 8) لم تعد رؤية السيد المسيح منظرًا عاديًا ينشغل به البشر.. ولكنها صارت حياة تتدفق في قلوب الذين باعوا العالم، وأحبوا البر الذي في السيد المسيح، وحملوا الصليب من خلف فاديهم (المقصود إنه من حيث أن السيد المسيح قد مات حاملًا خطايانا، وأعطانا أن نحيا للبر الذي فيه، فحياتنا بعد صلب الإنسان العتيق بالعماد هي بحياة المسيح فينا "أحيا لا أنا، بل المسيح يحيا فيَّ" (غل2: 20). مثل التشبيه بقصة الأخوين البحارين اللذين قدّم أحدهما -وهو البار الذي أصابته القرعة ليركب زورق النجاة- قرعته وحياته للآخر الذي كان خاطئًا ويحتاج إلى التوبة ليحيا بها. ومات هو عوضًا عنه)، مرددين قول معلمنا بولس الرسول: "لي الحياة هي المسيح" (فى1: 21) وتحقق فيهم قول المرنم عن الكنيسة وأعضائها "كل مجد ابنة الملك من داخل" (مز44: 13).
نيافة الحبر الجليل المتنيح الانبا بيشوى مطران دمياط ورئيس دير الشهيدة دميانة
عن كتاب المسيح مشتهي الأجيال منظور أرثوذكسي
المزيد
10 يونيو 2019
صعد الله بتهليل
ورد في المزمور السادس والأربعين "صعد الله بتهليل، والرب بصوت البوق رتلوا لإلهنا رتلوا، رتلوا لمليكنا رتلوا.. الله جلس على كرسيه المقدس" (مز46: 5، 6، 8).
كيف يمكننا فهم هذه العبارات دون الإيمان بظهور الله في الجسد، أي بتجسد الابن الوحيد ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح هل يمكن أن يصعد الله دون أن يتجسد..؟! نحن في القداس الإلهي نقول مخاطبين السيد المسيح: (وعند صعودك إلى السماوات جسديًا وأنت مالئ الكل بلاهوتك) (القداس الغريغوري). أي أننا نفهم أن لاهوت السيد المسيح هو مالئ السماوات والأرض، ولكنه صعد جسديًا في يوم صعوده بعد قيامته بأربعين يومًا، وشاهده التلاميذ أثناء هذا الصعود المجيد المحاط بالملائكة الذين ظهر اثنان منهم للتلاميذ وهم يتطلعون نحو السماء بعد أن أخذت الرب سحابة عن أعينهم وقالا لهم: "إن يسوع هذا الذي ارتفع عنكم إلى السماءسيأتي هكذا كما رأيتموه منطلقًا إلى السماء" (أع1: 11).
"صعد الله بتهليل"لا شك أن السماء قد احتفلت احتفالًا عظيمًا بصعود السيد المسيح وجلوسه عن يمين الآب.. لذلك قال المزمور أنه قد صعد بتهليل أي وسط تسابيح الملائكةالذين رافقوا صعوده.
ويضاف إلى ذلك أنه يقول "والرب بصوت البوق"أي أن الله الكلمة قد صعد بتهليل وسط تسابيح الملائكة وبعضهم يضربون في الأبواق منذرين السماوات كلها بصعود الابن الوحيد المنتصر على الموت والمخلّص لجميع المفديين.
ويؤكّد المزمور أهمية تمجيد الرب وتسبيحه في صعوده المجيد فيقول "رتلوا لإلهنا رتلوا، رتلوا لمليكنا رتلوا". وكيف لا وهو ملك المجد؟! ويقول المزمور أيضًا "جلس الله على كرسيه" وبالفعل فإن الله الكلمة يسوع المسيح بعد صعوده قد جلس عن يمين أبيه في عرشه السمائي.
لذلك يقول القديس مرقس الرسول في إنجيله: "ثم إن الرب بعد ما كلّمهم ارتفع إلى السماء. وجلس عن يمين الله" (مر16: 19).
ويقول معلمنا بولس الرسول عن السيد المسيح: "بعد ما صنع بنفسه تطهيرًا لخطايانا جلس في يمين العظمة في الأعالي" (عب1: 3).
وقال أيضًا: "عن الملائكة يقول الصانع ملائكته رياحًا وخدامه لهيب نار. وأما عن الابن كرسيك يا الله إلى دهر الدهور" (عب 1: 7، 8) وهو في هذا يقتبس من سفر المزامير (مز44).
كيف يُقال "جلس الله على كرسيه؟" إن لم يكن المقصود هو الابن الكلمة الصاعد إلى السماوات. أما عن الآب فيقال أنه "جالس"لأنه لم يتجسد ولم يصعد ولم يجلس من بعد صعوده كما جلس الابن الوحيد المتجسد.
ارفعوا أيها الملوك أبوابكم
يقول المزمور الثالث والعشرون "ارفعوا أيها الرؤساء أبوابكم، وارتفعي أيتها الأبواب الدهرية فيدخل ملك المجد. من هو هذا ملك المجد؟ الرب العزيز القدير، الرب القوى في الحروب.. هذا هو ملك المجد" (مز23: 7،8، 10).
من الواضح جدًا أن نفس هذا المزمور يتكلم أيضًا عن صعود السيد المسيح إلى السماوات العليا، إلى القدس السماوي، إلى عرش الله. الموضع الذي لم يدخل إليه من قبل ذو طبيعة بشرية.
لذلك تعجبت الملائكة حراس الأبواب الدهرية، إذ ناداهم الملائكة المصاحبون لصعود ملك المجد قائلين أن ترتفع الأبواب لدخوله الانتصاري المجيد، فتساءلوا قائلين: "من هو هذا ملك المجد؟" فأجابهم الملائكة المصاحبون إنه هو الرب العزيز القدير.. الرب القوى في الحروب، هذا هو ملك المجد.
وعبارة "الرب العزيز القدير" لا تطلق إلا على الإله الحقيقي فهي تقال عن الآب، كما تقال عن الابن، وعنالروح القدس، الإله الواحد المثلث الأقانيم،وقد قيلت عن الابن في هذا المزمور ليعرف حراس الأبواب الدهرية من هو الداخل إلى الأقداس بعد أن رأوه متجسدًا في صورة إنسان. وقيل عن الآب السماوي أيضًا "المبارك العزيز الوحيد ملك الملوك ورب الأرباب الذي وحده له عدم الموت ساكنًا في نور لا يُدنى منه. الذي لم يره أحد من الناس ولا يقدر أن يراه الذي له الكرامة والقدرة الأبدية. آمين" (1تى6: 15، 16)، فهو أيضًا لهلقب "الرب العزيز القدير".
ومن الواضح طبعًا أن الآب لم تفتح له الملائكة أبوابًا دهرية لكي يدخل وإنما هذا الكلام ينطبق فقط على الابن الوحيد الجنس حينما تجسد ثم صعد إلى السماوات.
نيافة الحبر الجليل المتنيح الانبا بيشوى مطران دمياط ورئيس دير الشهيدة دميانة
عن كتاب المسيح مشتهي الأجيال منظور أرثوذكسي
المزيد
09 يونيو 2019
ها أنا معكم كل الأيام
قد يتساءل البعض، كيف قال السيد المسيح لتلاميذه قبل صعوده إلى السماء: "ها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر" (مت28: 20) ثم بعد ذلك صعد إلى السماء بعد أن قال أنه سوف يعود في اليوم الأخير في مجيئه الثاني وأكّد ذلك الملائكة الذين ظهروا للتلاميذ في يوم صعوده (انظر أع1: 11)؟وللإجابة على ذلك نقول إن السيد المسيح قد صعد إلى السماء بحسب الجسد أو بحسب إنسانيته ولكن في نفس الوقت يملأ الوجود كله بحسب لاهوته. لذلك فعند لقائه معنيقوديموس أثناء خدمته على الأرض قال له: "ليس أحد صعد إلى السماء إلا الذي نزل من السماء، ابن الإنسان الذي هو في السماء" (يو3: 13). وهذا يعني أنه فيما كان يتكلم مع نيقوديموس على الأرض قال عن نفسه إنه هو في السماء: فهو أمام نيقوديموس بحسب إنسانيته، ومالئ السماء والأرض بحسب لاهوته، وكائن في حضن الآب كل حين.
عن هذا الصعود يُصلى الكاهن في قداس القديس غريغوريوس الناطق بالإلهيات فيقول للسيد المسيح: (وعند صعودك إلى السماء جسديًا وأنت مالئ الكل بلاهوتك قلتلتلاميذك القديسين: سلامي أترك لكم سلامي أُعطيكم).
إن لم أنطلق لا يأتيكم المعزي
أيضًا قصد السيد المسيح إنه إن لم يصعد بجسده المصلوب القائم من الأموات إلى السماء فلن يحل الروح القدس على التلاميذ لأنه كان ينبغي أن يدخل إلى قدس الأقداس في السماء كرئيس كهنة ليشفع فينا أمام الآب كل حين كقول معلمنا بولس الرسول: "دخل مرة واحدة إلى الأقداس فوَجَد فداءً أبديًا" (عب9: 12)"كان يليق بنا رئيس كهنة مثل هذا قدوس بلا شر ولا دنس، قد انفصل عن الخطاة وصار أعلى من السماوات" (عب7: 26)، "خادمًا للأقداس والمسكن الحقيقي الذي نصبه الرب لا إنسان" (عب8: 2)ولكن في كل ذلك لم يقصد السيد المسيح أنه بانطلاقه إلى السماء وجلوسه عن يمين الآب في المجد سوف يتركالكنيسة، بل أنه سوف يذهب جسديًا وإنسانيًا إلى هناك ويرسل الروح القدس المعزى ليبدأ عمله في منح العطايا والمواهب الناشئة عن استحقاقات الخلاص بدم المسيح، ولتأكيد مشاركة الأقانيم الثلاث في عمل الخلاص ولكن من الجانب الآخر فقد أكد استمرار وجوده مع تلاميذه بحسب لاهوته وليس هو فقط؛ بل هو والآب السماوي "إن أحبني أحد يحفظ كلامي، ويحبه أبي وإليه نأتي وعنده نصنع منزلًا" (يو14: 23). عن هذا قال القديس أثناسيوس الرسولي: [عندما يصير الروح فينا، عندئذ يأتي الابن والآب، ويصنعون منزلًا فينا] (عن الروح القدسالرسالة الثالثة فقرة 6-صفحة 116) إن سُكنى الروح القدس في الإنسان تعني أيضًا حضور الآب والابن لأنه حيثما يوجد الروح القدس يوجد أيضًا الآب ويوجد الابن. ولكن الروح القدس هو الذي يوصّل لنا بركات الخلاص الممنوحة لنا من الآب والابن، وهو الذي يعمل في الأسرار في حضور الآب والابن.
معكم كل الأيام
إن هذه العبارة تملأ قلوبنا طمأنينة، فإن السيد المسيح بالرغم من صعوده إلى السماء فهو معنا كل الأيام وفي كل الظروف هو يشعر بنا وبكل ما نعانيه من أجل اسمه، و"لأنه فيما هو قد تألم مجربًا؛ يقدر أن يعين المجربين" (عب2: 18)، هو يلاحظ حروب الشيطان ومؤامراته وكل جيوش الشياطين وتجمهرهم حولنا في الحروب الروحية العنيفة كقول معلمنا بطرس الرسول "إبليس خصمكم كأسد زائر يجول ملتمسًا من يبتلعه هو، فقاوموه راسخين في الإيمان" (1بط5: 8، 9).
هو يرى موجات الفكر المضاد للإيمان بوجود الله والمضاد للإيمان المستقيم والهرطقات والتعاليم الغريبة ويشعر بخطورتها على الكنيسة هو يرى الوسائل التكنولوجية الحديثة وانتشار الخلاعة والعثرات ووسائل الإثارة وخطورة كل ذلك على الشباب وعلى تماسك الأسرة وقداستها وجاذبية الأمور التي تضيع وقت الناس وتشغلهم عن الصلاة والتأمل في وصايا الله في الكتب المقدسة. هو يعرف أن إمكانياتنا أقل كثيرًا من إمكانيات الشيطان وأعوانه في وسط عالم يموج بكل هذه الموجات العالمية. وسفينة الكنيسة معذبة من الأمواج ولكن بالرغم من هذا كله فالإنجيل يخبرنا أن السيد المسيح -وهو على الجبل- كان يبصر سفينة تلاميذه في وسط البحر مساءً وهي معذبة من الأمواج. أما هو فكان في مناجاة مع الآب من أجل الكنيسة، ثم أتاهم ماشيًا على البحر في الهزيع الرابع من الليل وانتهر البحر والريح فخضع له الجميع وانبهر التلاميذ بعد أن أتاهم صوته: "أنا هو لا تخافوا" (مت14: 27). أنت معنا يا رب فلا نخاف.
نيافة الحبر الجليل المتنيح الانبا بيشوى مطران دمياط ورئيس دير الشهيدة دميانة
عن كتاب المسيح مشتهي الأجيال منظور أرثوذكسي
المزيد