المقالات

12 ديسمبر 2023

التجسد ومقاصد الله

،تقول التسبحة إفرح وتهلل يا جنس البشر لأن هكذا أحب الله العالم ، حتى أسلم إبنه الحبيب عن المؤمنين به ليحبوا إلى الابد لانه تنازل بتحننه وأرسل لنا ذراعه العالى .. وأشرق متجسداً.فالتجسد الإلهى مرتبط ارتباطاً شديداً بمحبة الآب السماوي ولقد أعلن لنا الرسول بولس عن العطش الشديد الذي ملأ قلب الآب حباً حتى بذل إبنه الحبيب ليكون إنساناً وفاديا ومخلصاً لآدم وبنيه ، ففى رسالته إلى أهل أفس يقول . إذ عرفنا بسر مشيئته حسب مسرته التى قصدها في نفسه لتدبير ملء الازمنة ليجمع كل شيء في المسيح ما في السموات وما على الأرض ... وإذ يوضح أن هذه المدينة كانت من سابق الدهور يقول أيضاً . كما اختارنا فيه قبل تأسيس العالم لنكون قديسين وبلا لوم قدامه في المحبة إذ سبق فعيننا للتبنى بيسوع المسيح لنفسه حسب مسرة مشيئته ( أفس ١ : ٤ - ١٠ ) ..يالعظم هذه المشيئة التي إمتلات حباً !! هذه التي جعلت بعض آباء الكنيسة يقولون أن العالم لم يخلق إلا بغية أن يصبح كنيسة . وأن قصد الآب من تجد إبنه لم ينحصر في فداء آدم و بنيه فحسب، ولكن حبه إمتد لكي يشرك الإنسان في الحياة الإلهية حياة الثالوث القدوس الفائق الغنى فلذة الله هي في بني البشر، ومحبة الله للإنسان تفوق كل تصور، وتجسد ابن الله وصار إنساناً ، لاعظم برهان على محبة الله لنا ، وأصدق دليل على تدبيرات الله المقدسة الأزلية لأجل إعلان حبه للإنسان المخلوق على صورته كشبهه وإذا كان الصليب يكشف لنا عن الحب الشديد الذي يمتلئ. به قلب الرب يسوع المسيح ، فإن سر التجسد يعلن لنا أيضاً الحب العجيب الذى يمتلىء به قلب الآب السماوي الذي ارتضى أن يتجسد إبنه في أحشاء عذراء بتول اسمها مريم .الا تؤسر قلوبنا محبة الآب الغامرة فتجعلنا نتجه إليه بالشكر والتسبيح ونتقدم إليه بذبيحة حياتنا وتكريس إرادتنا وحبنا لشخصه المبارك ؟! ياليت عيوننا الشاخصة إلى الناصرة ، حيث العذراء الوديعة مندوبة البشريه في تقبل بشرى الخلاص ترتفع إلى فوق حيث ينحدر حب الله الآب مشرقاً على البشرية الجالسة في ظلال الموت طالبين منه بإخلاص أن نتحد به كما اتحد بنا وأن يعطينا ماله كما أخذ ما لنا ... إن الحركة الإلهية الهابطة من السماء تستوجب صدى طبيعي وهو حركة التكريس القلبي نحو الآب السماوي واتجاه الإنسان إليه بكل قدرته وفكره ومشاعره .إن التجسد الإلهى يكشف لنا شيئا عن طبيعة الله إنه يتعالى ويتنازل ، دون أن يكون تعاليه بعداً ، وتنازله إضمحلالا كما يقول أحد الآباء المعاصرين . إن المسيحيين يؤمنون أن تجسد الله لم يحدث في جوهره المقدس حدثا أو تغييرا في زمان ومكان معينين ، إن المسيحيين لا يخشون على الله أن يتغير فيها لو تجسد، لان الذي يؤمن أن الله خلق الإنسان من طين من بقعة محدودة وفي زمان محدود ، يؤمن ايضا أن تجسد الله في زمان معين وفى حيز محدود لا يجعله محدودا ولا يحدث فيه حدثا ولا تغييرا لأنه قادر على كل شيء ولا يعسر عليه أمر لأن غير المستطاع عند الناس مستطاع عند الله هوذا الرب خرج منك أيتها المباركة الكاملة ليخلص العالم الذي خلقه حسب كثرة رأفته ومحبته لنسبحه و نمجده و نزيده علوا كصالح ومحب للبشر .. ارحمنا كعظم رحمتك مثلث الرحمات نيافة الحبر الجليل الانبا بيمن أسقف ملوى وأنصنا والاشمونين عن كتاب التجسد الإلهى لاهوتيا .روحيا.كنسيا. طقسيا
المزيد
26 ديسمبر 2023

التجسد والكنيسة

لو لم يتجسد المسيح ما كان الكنيسة وجود .. اليست الكنيسة هي جسده ، إن الرب يسوع أرسل الروح القدس المعزى لكى يعمل في الكنيسة بعد صعوده ، حتى يتم ما عمله أثناء وجوده بالجسد إن كان الرب يسوع قد شفي المرضى وأمر بالعماد وأعطى الجسد والدم الأقدسين فإن الكنيسة تمارس أعماله المجيدة في وسائط النعمة وإن كان يسوع قد تألم مجرباً فإن الكنيسة تكمل نقائص شدائده في أبنائها الشاهدين الحق عبر كل العصور والأجيال إن عقيدة التجسد تشرح لنا رسالة الكنيسة ودورها في التاريخ إن الكنيسة - من خلال التجسد - ليست مؤسسة اجتماعية ولا تنظيما طائفياً ولا رباطاً عاطفياً وإنما هي وعاء الايمان إنها ثلاثة أكيال من دقيق بها خميرة الخلاص الحية الفعالة وكل فهم للكنيسة على المستوى الاجتماعي البحث أو على الصعيد الطائفي القومى يفسد معناها الحي الذي قصده الرب بتجسده الطاهر إن الكنيسة هي جسد المسيح السرى ، فكل إبن من أبنائها يستمد من الرأس حياته وكيانه ومواهبه ورسالته ، فلا كيان لجماعة عند المسيح يسوع مهما إدعت إنها مسيحية نشطة إن لم يكن الحق محور ارتكازها ، وعمل النعمة وفعل الخلاص حجر زاويتها إن الكنيسة هي عمود الحق وقاعدته ، فإن تخلت عن الحق لأجل أساليب ملتوية وطرق معوجة فإنها تستقيل من كيانها وتتنازل عن رسالتها والكنيسة من خلال التجسد - لا تستطيع أن تشهد للحق إلا بنعمة المسيح وعمل روحه القدوس لهذا تطلب الكنيسة كل حين الروح القدس أن يضطرم في أحشائها ( روحك القدوس يارب الذى أرسلته على تلاميذك القديسين ورسلك المكرمين في الساعة الثالثة هذا لا تنزعه منا أيها الصالح لكن جدده في أحشائنا روحاً مستقما جدده في أحشائنا . روحاً محيياً روح النبوة والعفة روح القداسة والعدالة والسلطة ) وتتوسل الكنيسة للروح القدس قائلة (هلم تفضل وحل فينا وطهرنا من كل دنس أبها الصالح وخلص نفوسنا ) فالمسيح بتجسده أسس الكنيسة لتكون جسده السري ، والروح القدس يعمل بفاعليته ومواهبه على استكمال هذا الجسد من خلال شركة وعضوية جماعة المؤمنين ويوم أن يستكمل الجسد أعضاءه ينهى الرب الزمان لأن التاريخ قائم لهذا الهدف الأوحد وهو إعداد الجسد السرى وإستكمال أعضائه والروح القدس يجمع الأعضاء ويوحد الاشخاص ويؤلف بين المواهب ، لأن الكنيسة هى شركة ( نحن ) وليست مجموعة (أنا) المتباينة المتضاربة : إن الكنيسة في صورتها الحقيقية هي التي كانت في العلية وقت حلول الروح القدس يوم الخمسين لقد كانوا مجتمعين معا بروح واحد وفكر واحد وقلب واحد مصلين عابدين خاضعين لمشيئة الرب وهذا هو مفهوم الكنيسة الحقيقى والروح القدوس يستخدم مواهبه لوحدة الجسد وتكامله كما يقول الرسول, ولكن هذه المواهب كلها يعملها الروح الواحد بعينه قاسماً لكل واحد بمفرده كما يشاء لانه كما أن الجسد هو واحد وله أعضاء كثيرة وكل أعضاء الجسد الواحد إذا كانت كثيرة هى جسد واحد ، كذلك المسيح أيضاً لإننا جميعنا بروح واحد أيضاً اعتمدنا إلى جسد واحد يهوداً كنا أم يونانيين ( ١كو١١:١٢-٢٠)من هذا المنطلق نستطيع أن ندرك حرص الكنيسة في صلوات الليتورجيا على طلبة وحدانية القلب التى للمحبة لكى تتأصل في جميع الأعضاء و من خلال القداس الإلهى يتمكن كل عضو أن يغير طبيعته فالأنا المنغلقة والذات المتحجرة تتحول من خلال التناول الجسد والدم الأقدسين إلى عضو حساس منفتح باذل حب متناغم ومنسجم مع الآخرين لتكون شركة القديسين أى الكنيسة . ما أعجبك أيها الرب الإله فإنك أنت وحدك الذي استطعت أن تجعل الكثيرين واحداً وأنت الذي من خلال تجسدك قد جمعت العظام الجافة والنتنة والمبعثرة وأسست بها كنيسة حية نامية تسكب عليها حبك ودمك وروحك المعزى . ما أمجدك أيتها الكنيسة العروس الالهى ! . أنت جنة مغلقة وعين مقفلة وينبوع مختوم أنت سوداء ولكنك جميلة . لقد سبيت قلب الآب ورآك في المسيح جميلة ليس فيك عيب جميلة كالقمر طاهرة كالشمس ، مرهبة جيش ذي ألوية . مثلث الرحمات نيافة الحبر الجليل الانبا بيمن أسقف ملوى وأنصنا والاشمونين عن كتاب التجسد الإلهى لاهوتيا .روحيا.كنسيا. طقسيا
المزيد
05 ديسمبر 2023

الكلمة صار جسد

التجسد الإلهى لاهوتيا – روحياً كنسياً عصرياً إذا زار أحد العظماء إنسانا فقيراً ودخل بيته وجلس معه اعتبر هذا شرفاً كبيراً وتقديرا عظيما للرجل المسكين ! كم يكون الأمر متناهيا في الحب والعطف إذا كان هذا الفقير قد أخطأ في حق الرجل العظيم من ذي قبل ونحن الآن أمام قضية تفوق هذا الموقف تقديراً وأهمية . فأدم قد أخطأ في حق الله وخالف وصيته وصار الموت عاقبة العصيان ، إذ يقول الرسول بولس " من أجل ذلك كإنما بإنسان واحد دخلت الخطية إلى العالم وبالخطية الموت ، وهكذا اجتاز الموت جميع الناس إذ أخطأ الجميع " (روميه ٥ : ١٢ ) ولقد لعنت الأرض كما جاء في الإصحاح الثالث من سفر التكوين ، وصار الإنسان شقيا ، بعرق وجهه يأكل الخبز ، وإلى الأرض التي أخذ منها يعود لأنه تراب وإلى تــــراب يعود فإذا كان الله في العهد القديم يعطى لشعبه الناموس والوصايا ويرسل لهم الأنبياء ويظهر ويتخاطب الرب مع مختاريه : مرة فى شكل ثلاثة ملائكة ، ومرة في شكل ملاك ، ومرة فى شكل لهيب فى عليقة ، إلا أنه بعدما كلم آباءنا قديماً بأنواع وطرق كثيرة كلمنا فى هذه الأيام الأخيرة في إبنه الذى جعله وارثا لكل شئ الذي به أيضاً عمل العالمين ( عب ۱: ۱ - ۲ ) فالله في العهد الجديد لا يعط ناموسا ولا يقدم وصية ، ولكنه يقدم نفسه إنساناً مثلنا فى كل شئ فيما عدا الخطية وحدها وفي تذاكية الاثنين من التسبحة تعلمنا الكنيسة قائلة: آدم فيما هو حزين القلب سر الرب أن يرده إلى رئاسته ، أشرق جسدياً متجسداً من العذراء بغير ذرع بشرى حتى خلصنا.يسوع المسيح الكلمة الذى تجسد وحل فينا ورأينا مجده مثل مجد ابن وحيد لأبيه قد سر أن يخلصنا : أشرق جسدياً الكائن الذى كان الذى أتى وأيضاً يأتى ، يسوع المسيح الكلمة الذى تجسد بغیر تغيير وصار إنسان كاملا ، لم يمتزج ولم يختلط ولم يفترق بأى شئ من الأنواع من بعد الاتحاد ، بل طبيعة واحدة وأقنوم واحد وش خص واحد الله الكلمة أشرق جسديا السلام لبيت لحم مدينة الأنبياء التي ولد فيها المسيح آدم الثاني ، لكي يرد آدم الإنسان الأول الذى من التراب إلى الفردوس ، ويحل حكم الموت إذ قال يا آدم إنك من التراب وإلى التراب تعود، لأنه حيث كثرت الخطية فهناك تزايدت نعمة المسيح أشرق متجسداً كل الأنفس تفرح وترتل مع الملائكة مسبحين الملك المسيح ، صارخين قائلين المجد الله في الأعالي وعلى الأرض السلام وفى الناس المسرة، لأنه نقض الحاجز المتوسط وقتل العداوة بالكمال ، ومزق كتاب يد العبودية الذى لآدم وحواء وحررهما . الذي ولد لنا في مدينة داود كقول الملاك ، مخلصنا يسوع أشرق متجسداً .نور هو الله وكائن في النور ، وملائكته نورانيون يسبحون له ، النور أشرق من مريم ، واليصابات ولدت السابق ، الروح القدس أيقظ داود قائلا : قم رتل لان النور قد أشرق ، فقام داود المرتل القديس وأخذ قيثارته الروحية ، ومضى إلى الكنيسة بيت الملائكة وسبح ورتل للثالوث المقدوس قائلا : بنورك يارب نعاين النور ، فلتأت رحمتك للذين يعرفونك ، أيها النور الحقيقى الذى يضئ لكل إنسان آت إلى العالم ، أتيت إلى العالم بمحبتك للبشر وكل الخليقة تتهلل بمجيئك ، خلصت آدم من الغواية وعتقت حواء من طلقات الموت، أعطيتنا روح البنوة نسبحك ونباركك مع الملائكة : أشرق متجسدا من العذراء بغير زرع بشر حتى خلصنا . ولنا أن نتأمل في هذه الحقائق اللاهوتية المجيدة فى إطار ذكر مقاصد الله وفاعلية التجسد في الإنسان والكنيسة والمادة . مثلث الرحمات نيافة الحبر الجليل الانبا بيمن أسقف ملوى وأنصنا والاشمونين عن كتاب التجسد الإلهى لاهوتيا .روحيا.كنسيا. طقسيا
المزيد
19 ديسمبر 2023

التجسد والإنسان

لقد سقطت للطبيعة البشرية في جنة عدن وتلوثت الخليقة المادية كلها عندما سقط تاجها وكاهنها في العصيان .. وإذا كان البعض - من غير المسيحين - يرى أن التوبة كانت كافية لاعادة آدم إلى مركزه الأول فإن أثناسيوس الرسولى يرى أن التوبة لا تستطيع أن توفى مطالب الله العادل ، لأنه إن لم يظل الإنسان في قبضة الموت يكون الله غير صادق .. هذا بالإضافة إلى أن التوبة تعجز عن أن تغير طبيعة الانسان لأن كل ما تفعله هو أنها تقف حائلا بينه وبين إرتكاب الخطيئة مرة أخرى وهكذا لو كان ما إرتكبه الانسان لم يتبعه الفساد لكانت التوبة كافية ، أما الآن وقد أصبح الفساد طبيعة آدم وحرم من تلك النعمة التي سبق أن أعطيت له ، لم يبق غير أن يتقدم كلمة الله الذي خلق كل شيء من العدم ليرد إلى آدم نعمته السليبة .وفى هذا الصدد يقول حامى الايمان ، وإذ رأى الكلمة أن ناموس فساد البشرية لا يمكن إبطاله إلا بالموت وأنه مستحيل أن يتحمل الكلمة الموت لإنه خالد باق غير خاضع لناموس الموت .. أخذ لنفسه جسداً قابلا للموت حتى بإتحاده بالكلمة يكون جديراً أن يموت نيابة عن الجميع ، وهذا عين ما قاله الرسول بولس و لانه كما في آدم يموت الجميع هكذا في المسيح سيحيا الجميع ، ( اكو ۱٥ : ۱۲ ) وفى موضع آخر يقول « فإذ قد تشارك الأولاد في اللحم والدم إشترك هو أيضاً فيهما لكي يبيد بالموت ذاك الذى له سلطان الموت أى أبليس ويعتق أولئك الذين خوفا من الموت كانوا جميعاً كل حياتهم تحت العبودية . عب ٢ : ١٤ و ١٥ ) إن الموت لم يكن خارجاً عن جسد آدم حتى تأتيه الحياة من خارجه أما وقد صار الموت ممتزجا بالجسد أيضا وسائداً عليه ، فكان مطلوبا أن تمتزج الحياة بالجسد حتى إذا ما لبس الجسد الحياة نزع منه الموت وإذ انحط فكر البشر نهائيا إلى الأمور الحسية فقد إستتر الكلمة بظهوره في الجسد لكي يستطيع كإنسان أن ينقل البشر إلى ذاته ويركز احساساتهم في شخصه . أليس هذا هو ما عناه بولس الرسول بقوله ، وأنتم متأصلون ومتأسسون في المحبة حتى تستطيعوا أن تدركوا مع جميع القديسين ما هو العرض والطول والعمق والعلو وتعرفوا محبة المسيح الفائقة المعرفة لكي تمتلئوا إلى كل ملء الله . ( أف ۳ : ۱۸-۱۹ ) ان الله بتجسده أعطى للإنسان إمكانية أن يوجد الله فيه لا أن يبقى الله بعيداً عنه كما كان في العهد القديم .. لهذا يقول السيد المسيح له المجد في صلاته الشفاعية الأخيرة وأنا فيهم وأنت في ليكونوا مكملين إلى واحد وليعلم العالم أنك أرسلني وأحببتهم كا أحببتني ، ( يو ١٧ : ٢١ ) .وفى نفس الصلاة يقول ،وعرفتهم إسمك وسأعرفهم ليكون فيهم الحب الذي أحببتنى به وأكون أنا فيهم . ( ير ١٧ (٢٦) . إن الله بتجسده قد أوجد الإنسان حسب النموذج الكامل الذي كان في قصده ، وفى هذا نذكر قول بيلاطس عن المسيح عندما قدم للمحاكمة أمامه و هوذا الإنسان . يو ١٩ : ٥ الانسان بمعناه الانساني الحقيق الانسان في نموذجيته ومثاليته الواقعية العملية الانسان في رقته وحزمه ، في لطفه وصرامته ، في وداعته وشدته ، فى إتضاعه وعظمته، في بعده الداخلي وبعده الخارجي ، في روحه وجسده معاً فالانسان بعد المسيح قد صار حاضراً أمام الله الآب كل حين ، وأضحى المسيح شفيعا وحيداً ووسيطاً وحيداً لدخول الانسان إلى أقداس الآب الانسان بعد المسيح قد تجاوز الألم لان المسيح حمل أوجاعنا وإمتص بصليبه وموته غصة الألم ليجعله شركة حب وهبة تمنح للمختارين .الإنسان بعد المسيح قد تجاوز مشكلة العزلة والفراغ لان المسيح قد صار له كل الملئ. وكل الشبع وكل الراحة والسلام .الانسان في المسيح قد تجاوز مشكلة الموت لأن المسيح قد داس بموته شركة الموت والذين في القبور أنعم لهم الحياة الأبدية .الإنسان في المسيح قد صار مدعواً إلى التألة كما قال اثناسيوس الرسولى . فقد أخذ الله إنسانيتنا لهيبنا مجده الإلهى. مثلث الرحمات نيافة الحبر الجليل الانبا بيمن أسقف ملوى وأنصنا والاشمونين عن كتاب التجسد الإلهى لاهوتيا .روحيا.كنسيا. طقسيا
المزيد
02 يناير 2024

التجسد والمادة

في إحدى أقوال الفيلسوف الملحد المادى فبورباخ يقول الإنسان لا يزيد فى تكوينه عن المواد التي يأكلها ، وقد أراد بعبارته هذه أن يضع نهاية المبادئ، التي تنادي بروحانية الطبيعة البشرية وقبل فيورباخ بقرون كثيرة ورد هذا التعريف للإنسان في الكتاب المقدس فقصة الخليقة تصور الإنسان كائنا جائعا قدم الله له العالم ليكون له طعاما ، فلكي يكثر الإنسان ويسود على الأرض عليه الله أن يأكل منها ( تك٢٩:١ ) ، وتشبيه العالم بالوليمة ورد مراراً فى الكتاب المقدس فهو صورة الحياة في بدايتها وهو صورتها في نهايتها ، لكى تأكلوا وتشربوا على مائدتى في ملكوتي ،فحقيقة التجسد قد أعطت للمادة معنى جديداً . لم تعد المادة نجسة ولا عادت الأرض بفاسدة، فإن المسيح قد طهر الكون بتجسده . لقد أعطى المسيح بتجسده إمكانية تقديس المادة . لقد اخذ الرب إلى السماء مادة عالمنا بأكملها إلى أعمق أعماق الحقيقة الإلهية ، لقد أصبح الله حاضراً في العالم وليس مشاركا لتاريخه فقط بل لجوهره أيضا على حد تعبير أحد المعاصرين لقد أخذ إبن الله الجسد الإنساني إلى الأبد والطبيعة البشرية لا يمكن فصلها عن شخص المسيح . من أجل هذا حرمت الكنيسة نسطور المبتدع لأنه فصل الطبيعة الالهية عن الطبيعة الناسوتية وشجبت أوطاخيا المبتدع الذي نادى بذوبان الإنساني في الإلهي عند المسيح ومن هذا المنطلق نستطيع أن نفهم إستخدام المادة مثل الخبز والخمر والزيت والماء في ممارسة الأسرار الالهية . إن الأرض الملعونة هى التى تخرج الخبز ونتاج الكرمة اللذين صارا جسد الرب ودمه في الافخارستيا فكما أن العذراء هيأت للرب جسداً من دمائها ، هكذا الطبيعة والخليقة المادية كلها تهيئ له القربان والخمر ليحوله إلى جسده ودمه كحياة أبدية لمن يتناول منهما فالمادة سواء كانت الجسد في الكيان الانساني أو في الإطار الخارجي لم تعد نجسة ولا ملعونة فالمسيح في تجسده وميلاده تلاقت فيه المادة واللاهوت واتحدت فيه الناسوتية والالهية، وفي المذود تلاقت الانفاس الأرضية بالأنفاس السمائية. والغرائز الإنسانية التي أصابها الجموح والتمرد بسبب خطية العصيان الآدمية تعود من خلال الاتحاد بالافخارستيا إلى وضعها الأصيل، فالغريزة الجنسية لا تكون دافعاً للإستيلائية والتملك والسيطرة ، وإنما مجال مبارك عند المسيحى الحقيقى للإنطلاق نحو الآخر في إطار الحب وصعيد الشركة المقدسة والطعام المادى لم يصبح مثار لعنة ومجال سقوط لأن المؤمن الحقيقي يتناوله بروح الصلاة والنسك والقناعة والشكر من يد الله الذي بارك وقدس وقسم وأعطى في القديم، ولا يزال يبارك ويقدس ويعطى فى كنيسته بروحه القدوس فمجال الأكل المادى لم يصبح للنهم والتلذذ في حد ذاته بل مجال شكر وعطاء وشركة إخوة إذ يقول الكتاب"وإذ هم يكسرون الخبز في البيوت كانوا يتناولون الطعام بابتهاج وبساطة قلب.مسيحين الله ولهم نعمة لدى جميع الشعب : ( أعمال ٣ : ٤٧٠٤٦ ) . وهكذا جميع تدبيراتنا الجسدية تتقدس من خلال سر التقوى وسر الشركة والصلاة إن المادة لم يلحقها تغير كيانى بعد التجسد فلا تزال الأرض أرضاً ، والغريزة غزيزة، والمادة مادة ، ولكن الذي صنعه التجسد الالهى أنه أعطاها معنى جديداً ورؤية جديدة كعربون مسبق للأرض الجديدة التى تنتظرها عند مجيء الرب الأمين منذ أن إستنار العالم بنور الكلمة ومنذ أن أخذنا نتأمل العالم بعيون متجددة نقية فإنه يحق لنا أن نقول إن الإله المتجسد قد غير وجه هذا العالم.لقد غير الرب الزمان عندما أدخل التجسد فيه إذ اعطى شرحاً ومعنى وتفسيراً لمتاريخ وغير الكيان المادى عندما جعل البدن هيكلا للروح القدس، وصار الماء والزيت والخبز والخمر مجالات اتحاد بين الله والمادة فيها يهب روح الله القدوس نعما فعالة في أسرار لا ينطق بها مبارك الله الآب الذي بذل ابنه ليوجد بيننا كعبد ليحرر كل المأسورين بعبودية ابليس والموت و مبارك الله الابن الكلمة الذى أحبنا وأخذ طبيعتنا ليعطينا طبيعته ومبارك الروح القدس العامل في كنيسة الله في كل زمان ومكان ليتمم قصد التجسد الألهي ويكمل رسالته الكنسيةو مطوب كل مؤمن مدعو مختار نال بالنعمة الأسرار العالية وأبصر بعينيه مقاصد الله الأزلية المكتومة منذ سابق الدهور ولكنها أعلنت للملائكة من خلال الكنيسة هذه الأمور التي اشتهت الملائكة والأنبياء في القديم أن يروها ولكنهم لم يروا ، وأن يسمعوها ولكنهم لم يسمحوا أما نحن فطوبى لأعيننا لانها تبصر ولآذاننا لأنها تسمع ، فلنستحق أيها الرب أن نسمع ونعمل بإنجيلك المقدس ونتمم تدبيرك العظيم، ونكمل فى كنيستك بروحك القدوس عملك الالهى الذى على الأرض نوراً وسلاماً وخلاصة أبدياً . مثلث الرحمات نيافة الحبر الجليل الانبا بيمن أسقف ملوى وأنصنا والاشمونين عن كتاب التجسد الإلهى لاهوتيا .روحيا.كنسيا. طقسيا
المزيد
04 يناير 2024

أهداف التجسد كما ذكرها أثناسيوس الرسولى

هو الكلمة وحده الذى يليق بطبيعته أن يجدد خلقة كل شيء ، وأن يتحمل الآلام عوضا عن الجميع ، وأن يكون نائباً وشفيعاً عن الجميع لدى الاب . لكي يبطل الناموس الذى كان يقضى بهلاك البشر إذ مات الكل فيه ،ولكي يعيد البشر إلى عدم الفساد ويحييهم من الموت بجسده و بنعمة القيامة . لإمكان تقديم ذبيحة عن الأجساد أخذ الكلمة جسداً مشابهاً ( اشترك هو أيضاً في اللحم والدم لكى يبيد بالموت ذاك الذى له سلطان الموت أى إبليس ) فبذبيحة جسده وضع جداً لحكم الموت الذي كان قائماً ضدنا" . ليعرفهم شخص الآب السماوى لأن الإنسان بعد سقوطه هوى إلى العبادة الوثنية واتبع السحر والشعوذة . بتجسده جدد الخليفة التي كانت في صوره الله إذا انحط فكر البشر نهائياً إلى الأمور الحسية فقد توارى الكلمة بظهوره في الجسد لكى يستطيع كإنسان أن ينقل البشر الى ذاته ويركز احساساتهم في شخصه أنى ليحمل عنا اللعنة الموضوعة علينا وبموته صار كفارة عن الجميع ونقض حائط السياج المتوسط واذ رفع جسده على خشبة الصليب طهر الهواء من خبث الشيطان .ليحقق النبؤات التى ملأت الكتب الالهية عن ميلاده و آلامه وموته . جاء في شكل بشرى وليس في شكل اسمى لأنه جاء ليخلص ، لا ليبهر الأنظار ويؤثر على الألباب ، ولان الانسان وحده هو الذى أخطأ دون سائر المخلوقات . ( لا يقصد ان نكون الها في الجوهر أو الأقنوم وإنما ان يكون لنا امكانية مشاركته في طبيعة مجده وفرحه وحبه الإلهى المجيد ) . مثلث الرحمات نيافة الحبر الجليل الانبا بيمن أسقف ملوى وأنصنا والاشمونين عن كتاب التجسد الإلهى لاهوتيا .روحيا.كنسيا. طقسيا
المزيد
19 مارس 2024

لماذا صام المسيح أربعين يوما ؟

في بداية العهد القديم كان صوم ، وفى بداية العهد الجديد كان صوم أيضا. في الجنة كانت وصية الصوم والامتناع عن شجرة معرفة الخير والشر وفيها سقط آدم كاسراً هذه الوصية ، وبمعصيته طردنا من الفردوس حتى جاء آدم الثاني وصام ليكسر شوكة الموت ويعيدنا إلى الفردوس الذى فقدناه ، وفى هذا يقول اللاهوتى شممان Schmemann " إذا كان الإنسان قد رفض الحياة المقدمة له من الله وفضل الحياة المعتمدة فقط على الخبز فإنه لم يعصى الرب فقط وإنمـا هوفي الحقيقة غير العلاقة الوطيدة التي بينه وبين العالم إن العالم قد قدم له كطعام ، والطعام كان مقوماً أساسياً للحياة ، والحياة قد قصد بها الشركة مع الله ، فلم يكن الطعام هدفاً فى حد ذاته وإنما وسيلة للشركة مع الله الذى فيه الحياة والحياة نور الناس العالم والطعام خلقا كوسائط للشركة مع الله ، فإنهما إذا أخذا من يد الله فإنهما يصبحان وسائط حياة حقيقية ، ولكن الطعام فى حد ذاته ليس فيه حياة ولا يمكنه أن يعطى حياة ، الله وحده هو الحياة سر الحياة إذا ليس في الطعام وإنما في العمل الإلهى الذى فيه ، إن أكلنا من يد الله فإننا نحيا من خلال شركتنا معه ، ولكن مأساة آدم إنه أكل بعيداً عن الله ، أنه آمن بالطعام كما لو كان هدفا فى حد ذاته فأضحى الطعام والعالم إلها له وصار آدم عبدا لهذا الإله قد يدعى الإنسان الجسدى أنه يؤمن بالله، ولكنه لا يستطيع أن يدعى أن الله هو كل حياته ، غذاؤه ووجوده وكيانه ، هذه هى مأساة الإنسان وخطيئته الكبرى أنه لم يجعل الله حياته ، فجاء أدم الثانى ليصلح الفساد الذي ابتليت به حياة آدم ، جاء ليعيد للإنسان الحياة الحقيقية . لهذا بدأ بالصوم وجاع بعد أن صام أربعين يومـا ، عندما أجوع فإني أكشف ما في داخل نفسي.إما إني أخشى الموت جوعا وإما أن أكون مستقرا مكتفياً بما في داخلي . إنه الوقت الذى فيه أواجه السؤال الحتمى ، على ما تعتمد حياتي ؟ لقد جاءت التجربة لأدم الأول ولأدم الثاني ، وكان كل منهما جائعاً ، وقال الشيطان لهما كلاما حتى يجعل حياتهما من الخبز ، آدم الأول وافق على أن يجعل الخبز مصدر حياته ، وآدم الثانى رفض الإغراء وقال " ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله " ، إنه رفض الأكذوبة التي خدع بها الشيطان آدم ثم ألقى بها على العالم كله ، وهى لا تزال إلى الآن طابع الحياة الإنسانية في العلم والفن وكافة الأنشطة الصوم عند المسيحيين إذا هو مدخل وإسهام فى خبرة المسيح نفسه التي بها يحررنا من اعتمادنا الكلى على الطعام والمادة و العالم ، إننا لا نزال نحيا في عالم آدم الأول ، ولا نزال نعتمد على الطعام، لهذا عبر الابن الكلمة المتجسد وادى ظل الموت ليعطينا الحياة التي يحياها مع الآب ، حياة المجد والفرح والحب الإلهى ، لقد أعطى الرب بغلبته على الشيطان في البرية قوة نصرته لكل من يؤمن به ، وصار لكل من يحيا بالإيمان بالمسيح قوة الغلبة على شهوة الخبز وتجربة الاعتماد والاتكال على لقمة العيش ، المسيحى يتجرد بالصوم من الحياة حسب الجسد ليحيا حسب الروح ومن ثم يصبح الله كل غذائه وشبعه وحياته إنه الصوم الذي يصنع هذا التحول ، إنه الصوم الذي يعطينا فرصة التأكد من رفضنا الاعتماد على المادة والطعام ويبقيان مجرد وسيلة ومجال لنيل البركة والنعمة الإلهية بالصوم نستعيد طبيعتنا الروحية الحقيقية ونتحدى الأكذوبة والكذاب الذى خدعنا في أن نعتمد على الطعام في حياتنا ونبني على قاعدة لقمة العيش معارفنا وعلومنا ووجودنا كله ، الصوم هو فضح لهذه الأكذوبة ، أنه كشـف للوهم والغش والخداع إنه المعركة الحقيقية ضد الشيطان لأنه تحد لقانونه ومنهجه الذي به يترأس على العالم فإذا صام المؤمن وجاع واكتشف أنه بالحقيقة راض ومستقر رغم هذا الجوع ثم حول هذا الجوع إلى طاقة روحية وانتصار فإن شيئاً لا يبقى من الأكذوبة الكبرى التي سرت من بدء الخليقة حتى الآن ، ولكن يلزمنا أن نشير إلى أنــــــه ليــس كـــل جـــوع هو حالة روحية ، فهناك جوع لأجل إنقاص الوزن، وجوع لأجل الانتحار ، ولكن الجوع في كنيسة الله هو جوع لأجل الله ، من أجل هذا يلزم أن يرتبط الصوم بالصلاة لأجل الانتعاش ، فبدون أن تتغذى نفوسنا على الحق وبدون ارتباطنا بالطاقة الروحية من خلال الصلاة والقراءات الروحية فلا معنــى للصوم إطلاقاً وإذا كان السيد المسيح قد انتصر على الجوع ليعطينا الغلبة على تجربة الخبز فإن الرب وهبنا أيضاً جسده ودمه الأقدسين كخبز سماوى ووعدنا بأن كل من يأكل جسده ويشرب دمه يثبت فيه وينال الحياة الأبدية ، فمن خلال سر الأفخارستيا نتحد بالرب الظافر وننال قوته ونصرته ، وهذا هو سر حرص الكنيسة على أن تجعل صوم أبنائها مقترناً بالتناول حتى تتقدس ذبيحة صومنا في ذبيحة الأفخارستيا وننــال من خلالها قوة ونصرة وشبعاً وضماناً لعدم العودة إلى الخبز كمصدر وعماد للحياة .أى ألا ننتكس ونرتد إلى خطيئة أبينا آدم الأول في الصوم الأربعينى تطلب الكنيسة من أبنائها أن يجاهدوا كمـا جــاهد المسيح في البرية وانتصر ، تطلب منهم أن يجوعوا معه لينتصروا على جوعهم ويصعدوا طاقتهم إلى صعيد روحى ويفضحوا الأكذوبة القائلة إن الإنسان يأكل ليحيا ، ويؤكدوا حقيقة أن الله وحده هو الخبز الحقيقى والحياة الحقيقية، وكل من يأكله يحيا به إلى الأبد. نيافة الحبر الجليل مثلث الرحمات المتنيح الانبا بيمن أسقف ملوى وأنصنا والاشمونين عن كتاب الصوم الكبير لاهوتيا و كنسيا وروحيا
المزيد
31 يناير 2024

بمناسبة عيد الأنبا انطونيوس

عظيم هو هذا القدوس سطح نجم هذا القدويس العظيم حتى أصبح أبا الجميع الرهبان ، ليس فى مصر فقط بل في العالم كله وتطلق الكنيسة القبطية عليه لقب العظيم ، ونود أن نشير إلى بعض ملامح العظمة في سيرته * عظيم في دعوته : من كان يصدق أن فلاحا أميا من قرية فمن العروس من أعماق الواسطى ، يصير ناسكا ذا شهرة مسكونية ذاتية ؟! + كان عظيما في دعوته . لان عوائق كثيرة كانت أمامه ، تخطاها بقوة إيمانه + كان عينا ، انتصر على محبة المال .. حقا ما أعسر دخول الأغنياء إلى ملكوت السموات ولكن عظمة الانبا انطونيوس جعلته يبيع كل ماله ويودعه على الفقراء بل ويعيش حياة الكفاف والنسك والزهد كان أميا ، إستنار بالمعرفة الألهية : إستطاع أن يمتلىء من روح الحكمة وتتدفق كلمات النعمة من شفته ، ونتصر على فلاسفة عصره مظهراً كيف أن الله إختاروا جهالة العالم لتجزى بهم الحكماء + كان مسئولا عن أخته ورعايتها . فأودعها بيتا العذارى المكرسات وخرج وهو لا يعلم إلى أين يذهب وما الذي يعمله ، إذ ليس من دير أو مرشد أو منهج سابق وهذه هى قوة الايمان التي تجاوز أبعاد الزمان والمكان والكيان . عظيم في نسكه وجهادة كان يأكل مرة واحدة فى اليوم بعد الغروب وفي كثير من الاحيان مرة كل يومين ، وفى بعض الأحيان مرة كل أربعة أيام ، أما طعامه فكان الخبز والملح ، وكان يكفيه أن ينام على حصير خشنة ولكن نسكه هذا لم يكن سلبياً كنوع من الحرمان والتعذيب ، وإنما كن ثمرة إيجابية للحب الإلهى فى القلب، وإشتعال داخلى يلهب الروح القدس ولم يكن هذا القديس متطرفاً فى نسكه ، بل كان يتميز بالإعتدال والإفراز ؛ فبعد عشرين عاماً في محبسته ، خرج ، لا هزيلاً من شدة النسك ولا مترهلا قلة التدريب والجهاد ، كما كانت نفسه أيضاً لا منقبضة عابسة ، ولا مطلقة العنان منسابة كان جهاده عنيفاً الأرواح الشريرة ، كثيراً ما الحب ظهره بالضرب المبرح حتى القته فاقد النطق ، ولكنه كان صامداً قوياً تارة يحرقهم بإشارة الصليب، وتارة يتضع أمامهم فيهربون ، وكثيراً كان إذا قابل شخصا عليه روح شرير يفرع هذا الروح من المقابلة ويخرج للتو وفى بدء حياته النسكية حاول الشيطان أن يغريه بالذهب ويلقى . أمامه أكواماً من الذهب ، فما كان يعيرها التفاتاً. ذلك لأن النفس التي ماتت حقاً عن العالم لا يحركها إغراء . ويتميز جهاد انطونيوس بالحرارة والتجدد والشبوبية الدائمة فكان يقول لأولاده . « يا أولادى فى كل صباح جددوا عهد رهبانيتكم كأنكم قد ترهبنتم جديداً هذا اليوم » عظيم في قيادته وخدمته : لقد ملأه الروح ، فجعله إناء مختاراً لقيادة آلاف الرهبان . فكان يعظهم ويرويهم بالتعاليم الإنجيلية المستنيرة ، وكان إرشاداته تتسم بالإستنارة والحكمة والأبوة الجانية. فلم يكن مستبداً متسلطاً ، ولم یکن رخواً متساهلاً ، لهذا كانت جماعته تنموا أينما ذهب ولم يكتف بخدمته فى البرية ، بل كان إيجابياً في خدمة الكنيسة في العالم فأثناء الإضطهاد نزل إلى ساحة الإستشهاد ، وأخذ يشدد المعترفين ، فكان وجوده فى الإسكندرية بركة وعزاء وقوة وإلهاماً ، وعندما إدعى الأريوسيون أن آراء أنطونيوس تتفق مع آرائهم ، نزل من الجبل إلى الأسكندرية وشجب بدعتهم ، وعلم بأن الابن الكلمة مساء للآب في الجوهر . ففرح شهب الاسكندرية. وعاد إلى الإيمان كثيرون من المخدوعين بالآراء الأريوسية ، كما أنه أفحم أصحاب الفلسفات الوثنية دون علمه باللغة اليوناينة وثقافتها . وقدم لهم إجابات رزينة مع روح وديعة رقيقة ... طوباك أيها القديس العظميم . كنت في حياتك كشجرة مخصبة على مجارى المياه . تتلمذ على يديك الألوف « وملأت البرية بالملائكة الأرضيين وبالبشر السمائيين » نيافة مثلث الرحمات الانبا بيمن اسقف ملوى وأنصنا والاشمونين
المزيد
19 فبراير 2024

كيف يتحقق هذا النمو المتكامل ؟

ولا يمكن أن يتحقق هذا النمو المتكامل المسيحي لا يعى رسالته ولا يدرك مسئوليته ، إذ يلزم بادىء ذي بدء أن يثق المسيحي أنه ليس ترساً في آلة ، وليس نقطة في محيط واسع ، وإنما هو كاهن الخليقة وتاجها ، وقد حمله الرب مسئولية تنفيذ مقاصده الإلهية في دائرة حياته الخاصة مهما كانت بسيطة وصغيرة وتافهة في نظر الناس ولا يمكن أن يتحقق هذا النمر المتكامل إلا من خلال الارشاد والتوجيه النير السليم والطاعة الحقيقية للروح فى كافة المجالات فكما أن الآباء الجسديين يهتمون بنمو أولادهم في الجسد وفي العلم والمعرفة ، فإن الآباء الروحيين الحقيقين يهتمون بالتدبير السليم المتكامل الواعى الذى يحرص على تقدم كل جانب من جوانب الشخصية وكلما كان المسيحى مطيعاً للحق الذي في كتابه المقدس والذي في مرشده الروحى وأبيه فى الاعتراف ، كلما كان مستعداً لتقبل النضج في كافة مجالاته ، والأمانة في حفظ الوصية ، والاختبار السليم المحبة المسيح ؛ والانفتاح الصادق للمسات الحب الإلهى هذه كلها تجعل الشخصية خصبة نامية ، لها القدرة على العمق كما تغوص الجذور في التربة ، ولها القدرة على العلو كما يعلو النخيل في الهواء ، ولها القدرة على الاتساع كما تتسع الأغصان الحمل مئات العناقيد والأثمار إن الشخصية كفاح مستمر وجهاد دائم وانتصار مستمر على استعباد الذات وليس فى إستطاعة الانسان أن يحقق امكانياته إلا بالجهاد واحتمال المعاناة والسيطرة على الأهواء والشهوات ويرى الفيلسوف برديايف أن العلامة الحقيقية لنمو الشخصية هي تخلصها من الإنفرادية وقدرتها على البذل والتلاحم مع الآخرين إسمعه يقول إن أشر أنواع العبودية هي إستعباد الإنسان لنفسه ، تقوقعه في الأنا المغلقة ودورانه حول ذاته الميتة يفرق برديايف بين الشخصية والفردية، فالرجل الفردى يعنى بالتعبير عن رغبانه وشهواته ويستشعر دائماً أنه في عزلة عن سائر الناس ،ولكن صاحب الشخصية يرى أن له رسالة ،وأن عليه أن يقوم بنصيبه في خدمة الانسانية والشخصية تنمو فى كنف الحب والعطف والعمل الخلاق الموجه إلى الخير العام الشامل إن الوجود الحق عند هذا الفيلسوف هو وجود الشخصية الحرة، والحرية هنا هي ما قصده الرب يسوع الحرية الباطنية التي تقفز بالإنسان خارج سجن ذاته ، وتعطيه القدرة على الانفتاح الآخرين ومحبة الغير و خدمته وقد شرح الرسول بولس هذا الاتجاه في إلهام عجيب عندما بين أن أعضاء الجسد الواحد تستمد كيانها من خلال عضويتها الحية ، وأن المواهب الشخصية ليست الأنانية وإنما لعمل الخدمة لبنيان جسد المسيح ، كما أوضح أن الهدف النهائي من جهادنا سوياً ونمونا سوياً أن تنتهى جميعنا إلى وحدانية الايمان ومعرفة ابن الله إلى إنسان كامل إلى قياس قامة ملء المسيح ، (أفسس ١٣:٤). نيافة المتنيح الانبا بيمن اسقف ملوى وأنصنا والاشمونين عن كتاب المسيحية وبناء الشخصية
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل