العظات

التوازن فى شخصية يوسف

بسم الآب والابن والروح القدس الإله الواحد آمين فلتحل علينا نعمته وبركته من الآن وكل أوان وإلى دهر الدهور آمين شخصية يوسف العفيف شخصية غنية وجيد أن يكون لنا وقفات مع شخصية يوسف نجد فيها بركات وتعزيات جميلة . من سفر التكوين بركاته على جميعنا آمين ” وأما يوسف فأُنزِلَ إلى مصر واشتراه فوطيفار خصي فرعون رئيس الشرط رجل مصري من يد الإسمعيليين الذين أنزلوه إلى هناك .. وكان الرب مع يوسف فكان رجلاً ناجحاً .. وكان في بيت سيده المصري .. ورأى سيده أن الرب معه وأن كل ما يصنع كان الرب يُنجحه بيده .. فوجد يوسف نعمةً في عينيهِ وخدمهُ .. فوكَّلهُ على بيتهِ ودفع إلى يده كل ما كان له .. وكان من حين وكَّلهُ على بيتهِ وعلى كل ما كان له أن الرب بارك بيت المصري بسبب يوسف .. وكانت بركة الرب على كل ما كان له في البيت وفي الحقل .. فترك كل ما كان له في يد يوسف .. ولم يكن معه يعرف شيئاً إلا الخبز الذي يأكل .. وكان يوسف حسن الصورة وحسن المنظر .. وحدث بعد هذه الأمور أن امرأة سيده رفعت عينيها إلى يوسف وقالت اضطجع معي .. فأبى وقال لامرأة سيده هوذا سيدي لا يعرف معي ما في البيت وكل ما له قد دفعهُ إلى يدي .. ليس هو في هذا البيت أعظم مني .. ولم يُمسِك عني شيئاً غيرك لأنكِ امرأته .. فكيف أصنع هذا الشر العظيم وأُخطئ إلى الله .. وكان إذ كلمت يوسف يوماً فيوماً أنه لم يسمع لها أن يضطجع بجانبها ليكون معها .. ثم حدث نحو هذا الوقت أنه دخل البيت ليعمل عمله ولم يكن إنسان من أهل البيت هناك في البيت .. فأمسكته بثوبهِ قائلةً اضطجع معي .. فترك ثوبهُ في يدِها وهرب وخرج إلى خارجٍ .. وكان لما رأت أنه ترك ثوبهُ في يدِها وهرب إلى خارجٍ أنها نادت أهل بيتها وكلمتهم قائلةً انظروا .. قد جاء إلينا برجلٍ عبراني ليُداعبنا .. دخل إليَّ ليضطجع معي فصرخت بصوتٍ عظيمٍ .. وكان لما سمع أني رفعت صوتي وصرخت أنه ترك ثوبهُ بجانبي وهرب وخرج إلى خارجٍ .. فوضعت ثوبه بجانبها حتى جاء سيده إلى بيتهِ فكلمته بمثل هذا الكلام قائلةً دخل إليَّ العبد العبراني الذي جئت به إلينا ليُداعبني .. وكان لما رفعت صوتي وصرخت أنه ترك ثوبه بجانبي وهرب إلى خارجٍ .. فكان لما سمع سيده كلام امرأته الذي كلمتهُ به قائلةً بحسب هذا الكلام صنع بي عبدك أن غضبهُ حمى .. فأخذ يوسف سيده ووضعهُ في بيت السجن المكان الذي كان أسرى الملك محبوسين فيه .. وكان هناك في بيت السجن “ ( تك 39 : 1 – 20 ) .. مجداً للثالوث الأقدس . شخصية يوسف غنية في رموزها ومعانيها .. من أكثر الشخصيات التي تجلى فيها شخص ربنا يسوع المسيح .. ممكن نرفع يوسف ونكتب المسيح .. بدايةً كما يقول يعقوب كان يوسف الابن المحبوب له .. نقول هو الابن المحبوب لأبيه المُرسل لافتقاد إخوته .. إذاً هو يسوع .. الذي تآمر عليه إخوته وقتلوه .. من هو ؟ الذي وُضِع في الجب وخرج منه حي من هو ؟ ربنا يسوع . نجد تحقيق المسيح في يوسف عالي جداً حتى أن الآباء أرشدهم الروح لأعماق في القصة فبدأوا يرون ما بعد يوسف وأعمق من يوسف .. فمثلاً في قصة امرأة فوطيفار مع يوسف قيل إنها أمسكت بثوبه .. الآباء يقولون أن هذا هو الموت الذي لم يستطيع أن يمسك المسيح بل أمسك بثوبهِ .. هذه هي القيامة التي قام بها من القبر وترك الأكفان كأن الموت يقول له لم أستطع أن أمسك بك فأمسكت بثوبك . لما ذهب للسجن وتقابل بإثنان بشَّر واحد بموت والآخر بحياة قالوا إنهما اللصان .. وقالوا إنه لما نزل المسيح الجحيم أخرج الأبرار معه وأبقى الأشرار في الجحيم . كل جزء في القصة ممكن نرى فيه المسيح بوضوح حتى النهاية .. لما يكون هو مُخلص مصر من الجوع .. هذا هو المُخلص .. ثم عودة إخوته له وسجودهم له هذه عودة اليهود للمسيح في أخر الأزمنة .. كل جزء يُشير لشخص ربنا يسوع . هناك عبارات في الكتاب المقدس تُسمى عبارات مسيانية .. عبارات لا تمس الشخص بل تمس المسيح نفسه .. أحياناً يقولون أن وصف الشخص نفسه في الإنجيل يعرفك إلى ماذا يرمز للمسيح .. مثل عبارة " جبار بأس .. مُخلِّص " .. عبارات لا يحتملها الشخص .. مثل عبارة " جبار بأس " عن جدعون لا تليق عليه لأنه ضعيف .. لكن هنا يقول انتبه نحن نتكلم عن مُخلص إذاً نتكلم عن ربنا يسوع .. مثلاً قيل عن يوسف لما خرج من السجن أنه حلق ذقنه وبدَّل ثيابه .. قد نرى أن هذا أمر غير مهم لكن الآباء يقولون هنا يُشير للإنسان الجديد الذي خرج من الموت خرج من السجن .. عبارات هدفها توصيل معنى أعلى من معناها العادي . التكامل في شخصية يوسف : 1. يوسف ابن محبوب لكنه خادم . 2. التوازن عند يوسف الصديق بين الوصية والتحديات . 3. التوازن عند يوسف الصديق بين الأحباء والأعداء . 4. التوازن عند يوسف الصديق بين النجاح والفشل . 1. يوسف ابن محبوب لكنه خادم : نعرف أن أبونا يعقوب انتظر أن يكون له ولد من راحيل فلم يكن له من راحيل بل من ليئة ثم من جارية ليئة ثم من جارية راحيل ثم من راحيل لذلك هو الابن المنتظر .. وراحيل تُشير لنعمة العهد الجديد .. أبونا يعقوب عمل سبع سنين بليئة وسبع سنين براحيل لكنه أخذ راحيل أولاً ثم عمل السبع سنوات لكن لابان قال ليعقوب ارتبط براحيل بعد سبعة أيام لليئة .. ما هذا ؟ ارتبط براحيل وعمل بمقتضاها سبع سنوات بعدها . هذا هو العهد القديم والعهد الجديد .. العهد القديم نتعب لننال النعمة بينما العهد الجديد تنال النعمة وتتعب بمقتضاها .. تأخذ راحيل وتعمل بحرارة لأنها معك في البيت .. ” وكانت في عينيهِ كأيام قليلة بسبب محبته لها “ ( تك 29 : 20 ) .. لذلك تقول لك الكنيسة صوم .. جاهد .. اعمل ميطانيات لأن راحيل معك تشجعك على التعب .. العهد الجديد فيه نعمته تعطيك المعمودية عطية الروح القدس تأخذ الختم المقدس تقول لك اعمل الآن . يوسف الابن المحبوب المنتظر مُدلل جداً وكلنا نعرف قصة القميص الملون لأنه في ذلك الوقت كون أن يقتني الإنسان ثوب هذا أمر صعب لأنها أنسجة طبيعية مغزولة .. وكون أن الثوب يُلون هذا أصعب لأنه لا يوجد صبغات بل كانت مواد طبيعية .. يوسف أعطاه يعقوب قميص ملون .. كان ممكن يوسف ينشأ طفل مُدلل لكنه لا . أبوه طلب منه أن يسأل عن سلامة إخوته وذهب ولم يجدهم في المكان الذي قيل عنه وقالوا إنهم ذهبوا لأرض دوثان فذهب لهم هناك .. رغم أنه ابن محبوب لكنه خادم يقبل التعب ويقبل التضحية ويقبل الميل الثاني والثالث .. كان ممكن يرجع يقول لأبيه أنا ذهبت ولم أجدهم وبحثت عنهم ولم أجدهم فعدت .. لا .. أحياناً هدف الإنسان لا يعطيه دفعة للتعب .. أي ممكن أمر في الخدمة يحتاج بعض التعب فنعتذر لكن الجميل في الشخص الخادم إنه مهما كان في تعب أو مُعطلات يُثابر .. ليس معنى عدم النجاح التراجع .. لا .. يقولون عرفت طريقي للنجاح من كثرة الفشل . يوسف هنا محبوب مُدلل مُميز ومع ذلك نجد قدرته على العطاء عالية جداً .. وجدناه إنسان مسئول باذل مُضحي ذهب ليفتقد سلامة إخوته واحتياجاتهم وأنهم قد يكونوا في حالة جوع وشدة وغربة .. وهم أيضاً ليسوا مُحبين له .. كان ممكن يعتذر لكن على قدر ما أخذ كمية من الحب كان يعكس هذا الحب . هذا جمال الخادم أن خدمته تكون انعكاس للحب الإلهي الذي فيه .. يوسف أخذ حب من أبيه هذا الحب أخرجه لإخوته .. هكذا نحن .. المخدوم يرى محبة الله من خلالك .. لو عاملنا أحد بقسوة يأخذون فكرة عن الله أنه قاسي .. ولو عاملناهم بحب يفهموا أن الله مُحب .. ولو غفرنا يعرفوا أن الله غافر .. ممكن أنا أبلغ صورة عن الله .. نعم .. كثيراً ما يُقال للخادم نحن عرفنا المسيح يوم عرفناك . يوسف مُحمل برسالة محبة أبيه فذهب يوصل هذه الرسالة لإخوته .. ذهب يقول لهم أنا أحبكم أم أبيكم يحبكم ؟ أبوكم يحبكم وأرسلني لكم هذه هي الخدمة وبقدر ما تشبعت بهذا الحب بقدر ما انجح في توصيله للمخدوم .. هل نحن مستمتعين بمحبة الله لنا وشعرنا بحب الله الخاص لكل واحد منا وقيمة كل واحد منا ؟ مجرد أن أشعر بمحبة الله لي خدمتي تمتلئ حب .. مجرد ما اشعر بكلمة بولس الرسول ” الذي أحبني وأسلم نفسه لأجلي “ ( غل 2 : 20 ) .. لما أشعر بمقدار حبه لي أنجح أن أوصل ذلك الحب لأولادي .. أنجح أن أوصل لهم اشتياقاتي في المحبوب واشتياقات المحبوب إليهم وسعيه الأمين إليهم لأني أدركته منه . لذلك كلما ازدادت علاقة الخادم بالله كلما كان قلبه بحسب قلب الله وحبه بحسب حب الله وصورته تختفي ويظهر الله فيه .. لذلك من الألقاب الجميلة للخادم ” أن الخادم هو حضرة شفافة “ .. يعكس المسيح في حياته . 2. التوازن عند يوسف بين الوصية والتحديات : لم يكن في عصر يوسف وصية مكتوبة لكن الوصية كانت في القلب وكانت تُنقل شفاهةً لذلك لما نطوب يوسف نقول لم يكن عنده وصية مكتوبة تقول لا تزني لكنه كان مُتمسك بالوصية المتوارثة بالتقليد وبإحساسه الروحي بصلته لله يعرف ما هو لائق وغير لائق . كم كانت التحديات التي واجهت يوسف ؟ ماذا لو كان سلم للتحديات ؟ يقول اخوتي خانوني .. أنا الآن في مصر وكانت مصر في عبودية غالباً في عصر احتلال الهكسوس لها لذلك غريبة لما يقول الكتاب عن فوطيفار أنه كان مصري .. هل هذا أمر يُذكر ونحن نحكي عن قصة في مصر ونتكلم عن رتبة في مصر ؟ لكن لأن مصر كانت مستعمرة فكان الأمر يقول أنه كان كفاءة وسط المصريين .. أي أن يوسف كان وحده وسط ظلمة وعبادات أوثان وزنى وهو وحده أحباؤه تخلوا عنه . يوسف رأى مُعاناة بشدة جداً .. زوجة سيده أي امرأة لها سلطان .. لو كان يوسف أطاعها كان نال كل التسهيلات البشرية وينال رضاها وبالتالي رضى سيده لكن لا .. يوسف نال رضى سيده بأُسلوب آخر أن الله أعطاه نعمة في عينيهِ . أحياناً كثيرة ننهزم للظروف ونتعلل بالوسط والضعف والمجتمع ووسائل الإعلام وضعف المخدومين وقد تكون ظروف الكنيسة .. نعم توجد تحديات لكن توجد وصية .. متى يظهر النور ؟ في الظلمة .. متى تظهر قيمة الشمعة ؟ في الظلمة .. لو شخص وسطنا يمسك شمعة مضيئة ثم انقطع التيار الكهربائي سننظر كلنا لمن معه الشمعة .. تخيل أن هذا الشخص أطفأ الشمعة نقول له لماذا نحن محتاجينك الآن ! يقول لماذا أنا فقط الذي أمسك الشمعة ؟! أحياناً نحن أيضاً وسط الظروف الصعبة نقول أنا فقط الذي أسير بأُسلوب صحيح ؟ نعم .. لابد أن تتمسك بوصاياك والإنجيل وأن مكافأتك من الله وليس من الناس .. تحديات ووصايا . يوسف تمسك بالوصية في بيت فوطيفار ورغم ذلك ظُلِم .. والعجيب إننا لم نرى يوسف يفتح فاه حتى لو وهو في السجن كان من باب فك ضيقة .. لكنه لم يفتح فاه ولما خرج من السجن لم يطلب زوجة فوطيفار أو أهل بيتها . دائماً الكتاب لا يذكر سِيَر الأشرار بعد اعلان شرهم .. يوسف تمسك بالوصية .. هل عندنا قناعة بالوصية ؟ قد نرى المخدومين ونحن أحياناً قد نقول هل الوصية مناسبة لنا ولعصرنا ؟ لما يكلمنا عن بيع كل ما لك واعطِ صدقة .. محبة الأعداء .. من نظر إلى امرأة ليشتهيها في قلبه .. هل هذا مناسب لجيلنا ؟ أقول لك لابد أن تتمسك بالوصية مهما كانت التحديات فلن تواجه تحديات أكثر مما واجه يوسف . أحياناً المفسرين يقولون يوسف كان شاب وداود كان أكبر .. يوسف كان غير متزوج .. داود كان متزوج .. يوسف لم يكن لديهِ وصية مكتوبة .. داود كان لديهِ وصية .. يوسف كان يائس لأنه شاب وحده مظلوم .. داود كان ملك .. مقارنة بين يوسف وداود .. كل هذه الظروف ضده ومع ذلك متمسك بالوصية ” كيف أصنع هذا الشر العظيم وأُخطئ إلى الله “ ؟ . ما أجمل الشعور بوجود الله الدائم أمامي هذا يمنعني من أمور كثيرة .. دخل السجن .. كان يمكنه يفعل ما لم يفعله في السجن .. لماذا ؟ يقول أنا سرت بالوصية وفي النهاية سُجنت .. لكن أبداً .. وجد نعمة في عيون من في السجن حتى صار رئيس للسجن .. وُكِّلت له أعمال تنظيم السجن لتمسُّكه بالوصية حتى أن أحد الآباء قال ” أن السجن صار مكاناً لذيذاً لأن يوسف كان هناك “ .. كان في السجن وكل من له مشكلة يلجأ إليه . أنا ممكن أكون في أي مكان خادم ومتمسك بالوصية حتى لو كان سجن .. ما هي نوعية المسجونين ؟ أكيد من عمل مخالفات كثيرة ومع ذلك قَبَل أن يكون بينهم وقَبَل أن يكون له رسالة وسطهم لذلك صار السجن لذيذ .. يقول ” أن يوسف زيِّن العبودية بجمال بهاء فضائلهِ “ . لما خرج من السجن طلبوه ليفسر حلم فرعون .. لو ننتبه لتفسير حلم فرعون كم مرة ذكر يوسف اسم الله ؟ كيف وأنت تتكلم أمام فرعون غير أن الله لم يقف بجانبك ؟ تكلم كثيراً عن الله .. قد صارت فترة السجن فترة خزين ليوسف .. خزين روحي . أحياناً الظروف تكون صعبة وأحياناً نُغلب منها لكن هزيمتنا أمام الظروف علامة ضعف داخلي .. نحن الآن نقول الخدمة صعبة والأولاد حولهم أمور تجذبهم .. هذه الظروف هي مجال أجمل لإظهار انتصار نعمة الله .. ” لأنه حيث كثر الإثم تكثُر النعمة “ .. تكثُر النعمة لمن يجاهد ضد الإثم .. يرفض الإثم .. لكن لو لم ترفض الإثم تكثُر الخطية والنعمة تنظر وتنتظر . وسط ذلك الإثم يوسف رافض ودفع ثمن ذلك غالي بالتعبير البشري وسُجِن وذُل ودخل عبودية وأُهين أكثر ما كان مُهان .. ثم .. خرج ولما خرج كان يحفظ الوصية في قلبه وعقله . ولما صار رئيس على مصر لم يترك الوصية حتى النفس الأخير حتى عظامه يُوصي من أجلها .. شئ جميل أن يكون الإنسان نور وسط ظلمة يتمسك بالوصية مهما يواجه تحديات ولنرى كل أبرار الكتاب المقدس نجدهم مروا بظروف ضاغطة شديدة جداً . لما يكلمك عن نحميا كان ساقي ملك .. أي وسط تدليل .. كانت مهنة قيِّمة جداً لأن حياة الملك في يده لأنه ممكن يُمات الملك عن طريق الأطعمة والأشربة .. أي رجل مُستريح جداً لكن لما يعرف إن أسوار أورشليم منهدمة يبكي وينوح .. متمسك بالوصية رغم التحديات والإغراءات . لما نجد أنفسنا مغلوبين من أنفسنا ونضعُف إعرف إنك محتاج أن تتمسك بالوصية أكثر وبالنعمة أكثر .. لما تجد أمور دخلت حياتك تفتُر محبتك .. دانيال مسبي لكنه متمسك بالصلاة وهددوه لكنه يفتح الكوى وينظر لأورشليم ويسجد لإلهه .. لا تكن متشدد لكنه يظل متمسك بالوصية .. جيد أن نكون أكثر ناس متمسكين بالوصايا لأننا صورة المسيح ونحن الوسيلة التي نُعلِّم بها . 3. يوسف بين الأحباء والأعداء : مشاعر كثيرة جاءت ليوسف إتجاه كثيرين .. والديه .. أحباءهُ وإخوته أعداءهُ .. الإسماعيليين كانوا أحباء أحياناً وأعداء أحياناً لأن بعضهم وثقوا فيه وأحبوه وبعضهم غاروا منه .. زوجة فوطيفار كانت تعتقد أنها تُحبه لكن كان حب شهواني .. لما تقرأ ما قالته عنه لا تشعر إنها تُحبه فهي ظَلَمِته وافترِت ورضِيت له بالإهانة والسجن . أحياناً الإنسان ينخدع في مشاعر كاذبة .. كان يمكن ليوسف أن يتخيل إنها تُحبه .. وأحياناً الإنسان في ظروف صعبة يقول أنا محتاج لكلمة " أحبك " .. كانت امرأة فوطيفار تلح عليه يوماً فيوماً أي لم يحدث الأمر في لحظة لكن الظروف تهيأت مرة لما لم يكن أحد في البيت ويوسف ذهب للبيت ليعمل عمله .. أي رجل أمين . جيد أن تكون علاقاتك متزنة .. أن يكون مع أحباؤه مُحباً ومع أعداؤه مُحباً .. هكذا كان يوسف .. رأيناه مع أعداؤه مُحباً ومع إخوته مُحباً ومع امرأة فوطيفار مُحباً ومع مرؤوسيه مُحباً .. ومع مدبري مصر مُحباً .. مع الكل مُحباً .. كيف يصل الإنسان إلى هذه القامة ؟ أن يتمسك بإلهه المملوء محبة . أحياناً الإنسان تكون تصرفاته رد فعل .. لو كان ذلك كان يعادي .. يُقال عن يوسف أنه لما رأى اخوته عرفهم أما هم فلم يعرفوه .. هي نفس الكلمة التي تقول ” إلى خاصته جاء وخاصته لم تقبله “ ( يو 1 : 11 ) .. أي نحن معروفون له من قبل انشاء العالم ورغم ذلك نحن الذين نتركه .. كما يقول ” لأن لو عرفوا لما صلبوا رب المجد “ ( 1كو 2 : 8 ) .. هو عرفهم وهم لم يعرفوه . أحياناً جهل الإنسان يجعله يمتنع عن تبادل المحبة .. عرفهم حتى أنه في أحد المرات لم يستطع أن يتماسك فطلب مكان ليبكي .. ثم يعود لهم مُتماسك ويقول لهم ستأكلون معي .. لم يستوعبوه أبداً .. الحب لا يُحكى .. يوسف كان عنده هذا الحب .. ألم تأتِ في خيالك لحظات إلقاءك في الجب ؟ بكى واسترحمهم ورغم ذلك قسُّوا قلوبهم عليه .. ورغم ذلك يعطيهم فضة وقمح .. لم يستطع أن يأخذ منهم مال .. ويوم حجز عنده شمعون لأنه أراد أن يرى بنيامين وبنيامين في هذه القصة رمز للروح القدس .. قال لهم لن أعطيكم شمعون إن لم تأتوا ببنيامين ونحن لم نأخذ إلا لما أتى الروح القدس .. يعقوب يرمُز للآب ويوسف للابن وبنيامين للروح القدس . جيد أن يكون عندك اتزان في مشاعرك مع الأحباء والأعداء .. الكنيسة تصلي من أجل الكل نقول ” أحباءنا وأعداءنا “ .. معلمنا بولس يقول ” هم أحباء من أجل الآباء “ ( رو 11 : 28 ) .. نعم ممكن تكون هناك عداوة لكنها هم الذين صنعوها ولسنا نحن .. إجعل مشاعر الحب دائماً تغلب في قلبك مشاعر العداوة حتى لو ظُلِمت وأُهنِت وشعرت بقسوة عليك . يوسف يقول لهم ” لأنه لاستبقاء حياة أرسلني الله قدامكم “ ( تك 45 : 5 ) .. إنها قصة كبيرة أنتم أتيتم بي إلى هنا لاستبقاء حياة بدلاً من أن يسبهم أو يجرحهم .. ” أنتم قصدتم لي شراً أما الله فقصد به خيراً “ ( تك 50 : 20 ) .. بالطبع هم في خجل وهو يطيِب خاطرهم .. لا تجعل في قلبك عداوة من أحد .. القديس مارإسحق يقول ” لا تتضايق من الذين يُشاركوك في صُنع إكليلك “ .. إحدى القديسات تُسمى القديسة سارة تقول ” إنه يليق بنا لكي نربح الملكوت أن نعطي فضة لشاتمينا “ .. إعرف إنك مادمت متمسك بالوصية أنت لك بُعد أكبر بكثير من تعاملات رد الفعل .. لا .. هذه علاقة بشرية أنت يحكُمك قانون إلهي أكبر من ذلك بكثير . في بستان الرهبان أحد الآباء أخذ هذا التدريب أن من يهينه يعطيه فضة .. وفي أحد المرات هانه شخص فضحك فقال له شاتمه أنا أهينك وأنت تضحك ؟ أجابهُ لأني لم أجد معي ما أعطيه لك فهذه أول مرة أُهان مجاناً بدون مقابل . بين الأحباء والأعداء .. متوازن .. ناضج .. يعرف كيف يتعامل .. نحن تنقصنا هذه الخبرة .. نحن نتخيل أن المجتمع كله الكنيسة يخرج خارجها فيجد من يحبه ومن يعاديه والذي يتكلم والذي يُدبر مكيدة .. فنُقسم الناس ونحب شخص له موقف من " 99 " .. لنرى ماذا فعل يوسف .. ليس كل من تعامل مع يوسف أحبهُ وأقربهم إخوته عادوه .. لكنه أحبهم . 4. التوازن عند يوسف بين النجاح والفشل : جيد عندما يقول عن يوسف ” كل ما يصنع ينجح فيه “ ( مز 1 : 3 ) .. النجاح يمجد الله .. النجاح طريق وتحدي وأمانة .. النجاح رجاء .. الفشل ممكن يُغلب منه الإنسان لكن الله لم يُعطينا روح الفشل .. لما نرى ما حولنا ونقول لن نستطيع أن نفعل أكثر من ذلك أقول لك هذا فشل .. لا تفشل .. يقول ” لذلك لا نفشل بل وإن كان إنساننا الخارج يفنى فالداخل يتجدد يوماً فيوماً “ ( 2كو 4 : 16) .. هذا هو يوسف .. لا نفشل لا نكل . عند خدمتك لا تقطع رجاءك في حياتك وجهادك الخاص .. لا تفشل مهما كانت عثراتك وضعفاتك .. لا تتراجع ولا تفشل أبداً .. من أكثر الحروب التي يحب عدو الخير يُسقطنا فيها في هوة عميقة لا نستطيع القيام منها الفشل .. يقول لم أعد أحاول لأني كثيراً ما حاولت وفشلت .. لا .. يوسف لم يفشل أبداً .. كان في نجاح في كل مكان .. في بيت أبيه .. وبيت فوطيفار .. وفي السجن .. وفي بيت فرعون .. في كل مكان ناجح . أحياناً الجانب العملي في حياتنا يحتاج نظرة النجاح .. في خدمتنا وعملنا وحياتنا الخاصة نحتاج رجاء النجاح .. لا نفشل .. جيد الإنسان الذي يحاول ويجتهد مرات .. لما يكرر الإنسان المحاولة جيد لكن لا تستسلم للفشل .. يوسف يجتهد ويعمل ما عليه في كل المكان .. دخل البيت ليعمل عمله .. وفي السجن أخذ توكيل على كل أعمال السجن .. في بيت فوطيفار كان فوطيفار نفسه لا يعرف شئ في البيت غير الخبز الذي يأكله .. كان يوسف يعرف كل شئ .. نجاح . خذ النجاح طريق لك .. ليس أن تكون في أفضل وظيفة وأفضل جامعة .. لا .. بل في العمل الذي وكلك عليه الله إنجح فيه بأمانة .. السيد المسيح قال ” العمل الذي أعطيتني لأعمل قد أكملتهُ “ ( يو 17 : 4 ) .. أنا مجدتك على الأرض .. عِش بهذا المبدأ .. كن ناجح وأمين وابذل كل طاقتك ولا تُسلِّم للفشل .. إظهر جديتك في العمل والأمانة وستجد الله يسهِّل العراقيل أمامك . يوسف كان عملي يحب العمل .. لما أراد أن يحل مشكلة الجوع ماذا فعل ؟ الناس طلبوا منه القمح الذي خزِّنه فعمل معهم خطة على أربعة مراحل . (1) طلب منهم فضة مقابل القمح .. ولما فرغت فضتهم . (2) طلب منهم مواشيهم مقابل القمح .. ولما فرغت المواشي . (3) طلب منهم أراضيهم مقابل القمح .. ولما فرغت الأراضي وكتبها باسم فرعون . (4) أخيراً طلب منهم أنفسهم عبيد لفرعون مقابل القمح . لماذا فعل ذلك ؟ تخيل سبع سنوات يعيش شعب بطال يأكل مجاناً .. ماذا يحدث له ؟ كسل .. لن تستطيع أن تقول له فيما بعد اعمل لتأكل .. فأراد أن يعلمهم أن يتعبوا مقابل إطعامهم وإنه عندما تنفرج الأمور فيما بعد يعملوا أكثر ليردوا أنفسهم وحقولهم ومواشيهم وفضتهم .. تخيل بأي حماس فعلوا وعملوا فكانت المجاعة سبب خير لمصر أكثر من سبب جوع وكل هذا يرجع الفضل ليوسف .. كان ممكن آخر يقول أعمل نظام شيوعي هذا يحوِّل الناس لكسالى .. لا يوسف كان رجل مدبر ناجح يخطط .. نعم عنده تدبير إلهي في حياته وينظر نظرة بعيدة .. لما تتعرض لفشل في حياتك لا تستسلم بل فكَّر أكثر . يُحكى عن رجل ثري هو وزوجته ثم افتقر .. وبعدما افتقر جلس مع زوجته لمجرد التسلية يتذكر هو وهي ثروتهم ويقول لها هل تتذكرين هذا المنزل بكم بيعَ ؟ تقول له بـ 300.000 جنية ويعمل ورق بهذا المبلغ .. ثم ثمن هذه الأرض و..... فعملا خريطة بممتلكات وبيع وأثمان فوجدوها لعبة مسلية عرضوها على شركة بيع لعب فرفضت اللعبة .. فطوروها وعرضوها على شركة أخرى وهكذا حتى أتى يوم اتصلت بهم شركة وطلبت اللعبة واعطتهم حق بيع اللعبة وكانت لعبة monopoly . الفشل قد يصل بك لنجاح .. ممكن يكون عندك سقطة في حياتك لكن تستطيع أن تحوِّلها لنجاح .. يوسف كانت عنده سقطة في حياته حوِّلها لنجاح . بين الوصية والتحديات .. بين الحب والخدمة .. بين الأحباء والأعداء .. بين النجاح والفشل .. الله يعطينا روح النجاح والحب والخدمة . ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته له المجد دائماً أبدياً آمين

قصة العالم والخلاص

مِنْ سِفْر الرُّؤيَا 22 : 6 – 14 { ثُمَّ قَالَ لِي هذِهِ الأقْوَالُ أَمِينَةٌ وَصَادِقَةٌ . وَالرَّبُّ إِلهُ الأنْبِيَاءِ الْقِدِّيسِينَ أَرْسَلَ مَلاَكَهُ لِيُرِي عَبِيدَهُ مَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ سَرِيعاً . هَا أَنَا آتِي سَرِيعاً . طُوبَى لِمَنْ يَحْفَظُ أَقْوَالَ نُبُوَّةِ هذَا الْكِتَابِ . وَأَنَا يُوحَنَّا الَّذِي كَانَ يَنْظُرُ وَيَسْمَعُ هذَا . وَحِينَ سَمِعْتُ وَنَظَرْتُ خَرَرْتُ لأِسْجُدَ أَمَامَ رِجْلَيِ الْمَلاَكِ الَّذِي كَانَ يُرِينِي هذَا . فَقَالَ لِي انْظُرْ لاَ تَفْعَلْ . لأِنِّي عَبْدٌ مَعَكَ وَمَعَْ إِخْوَتِكَ الأنْبِيَاءِ وَالَّذِينَ يَحْفَظُونَ أَقْوَالَ هذَا الْكِتَابِ . اسْجُدْ للهِ . وَقَالَ لِي لاَ تَخْتِمْ عَلَى أَقْوَالِ نُبُوَّةِ هذَا الْكِتَابِ . لأِنَّ الْوَقْتَ قَرِيبٌ . مَنْ يَظْلِمْ فَلْيَظْلِمْ بَعْدُ . وَمَنْ هُوَ نَجِسٌ فَلْيَتَنَجَّسْ بَعْدُ . وَمَنْ هُوَ بَارٌّ فَلْيَتَبَرَّرْ بَعْدُ . وَمَنْ هُوَ مُقَدَّسٌ فَلْيَتَقَدَّسْ بَعْدُ . وَهَا أَنَا آتِي سَرِيعاً وَأُجْرَتِي مَعِي لأُِجَازِيَ كُلَّ وَاحِدٍ كَمَا يَكُونُ عَمَلُهُ . أنَا الألِفُ وَالْيَاءُ . الْبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ . الأوَّلُ وَالآخِرُ . طُوبَى لِلَّذِينَ يَصْنَعُونَ وَصَايَاهُ لِكَيْ يَكُونَ سُلْطَانُهُمْ عَلَى شَجَرَةِ الْحَيَاةِ وَيَدْخُلُوا مِنَ الأبْوَابِ إِلَى الْمَدِينَةِ } . قِصَّة الخَلاَص فِي الكِتَاب بِدَايَةً مِنْ سِفْر التَّكْوِين إِلَى سِفْر الرُّؤيَا إِلَى مَجِئ الرَّبَّ :0 العَصْر الأبَوَان الأوَّلاَنْ . سِمَتُه أقَامَنِي مَلِكاً . الأسْفَار سِفْر التَّكْوِين . غَايَتُهَا خَلَقَ العَالَمْ كُلَّهُ لأِجْلِي . أوِّل عَصْر فِي بِدَايِة الخَلِيقَة كُلَّهَا سِفْر التَّكْوِين يَبْدأ بِقِصِّة الخَلِيقَة وَيَقُول قِصِّة خَلِيقِة آدَم كَتَاج لِلخَلِيقَة وَأظْهَرَ حُبَّهُ لِلإِنْسَان مِنْ خِلاَل خِلْقَتِهِ لآِدَم وَهَيَّأ لَهُ وَدَبَّرَ لَهُ كُلَّ شَيْءٍ .. أقَامَ لَهُ السَّمَاء وَالأرْض وَالبَحر وَاليَنَابِيع وَ ........ مِنْ أجل مَحَبَّتِهِ لِلإِنْسَان .. أجْمَل طَرِيقَة لِدِرَاسِة الكِتَاب أنْ أشْعُر أنَّهُ لأِجْلِي وَأنَّ العَالَمْ خُلِقَ لأِجْلِي .. لِلأسَفْ لَمْ يَطِع الإِنْسَان الله وَأخْطَأ وَفَسَدَت طَبِيعَتَهُ وَدَخَلِتْ الخَطِيَّة لِلعَالَمْ وَقَتَلَ الإِنْسَان أخِيهِ .. قَايِينْ وَهَابِيل .. وَازْدَادَ الشَّر حَتَّى نَدَمَ الله عَلَى خَلْقِهِ الإِنْسَان وَقَالَ أنْ يُهْلِك العَالَمْ بِالطُوفَان وَيُبْقِي بَقِيَّة قَلِيلَة تَشْهَدْ لَهُ وَهُوَ نُوح وَقِصَّة نُوح هِيَ قِصَّة تَجْدِيدْ الخَلِيقَة بِالمَعْمُودِيَّة وَهِيَ أنَّ نُوح إِجْتَازَ المَوْت وَنَجَى بِالفُلْك .. الطُوفَان يُشِير إِلَى دَفْنِنَا فِي المَعْمُودِيَّة وَاجْتِيَازْنَا لَهُ إِلَى الحَيَاة الأبَدِيَّة . العَصْر نُوح وَالطُوفَان . سِمَتُه يُجَدِّدْ طَبِيعَتِي بِالعِمَادْ . الأسْفَار سِفْر التَّكْوِين . غَايَتُهَا الخَالِق وَحْدَهُ يَقْدِرْ أنْ يُجَدِّدْ الخَلِيقَة . بَعْد الطُوفَانْ دَخَلَ الله فِي عَهْدٍ جَدِيدْ مَعَ الإِنْسَانْ فَإِخْتَارَ أُنَاس مُعَيَّنِينْ وَهُمْ إِبْرَاهِيمْ وَإِسْحَق وَيَعْقُوب .. وَيُسَمَّى هذَا العَصْر عَصْر البَطَارِكَة .. تُحْسَبْ التَّوَارِيخ فِي هذِهِ الفِتْرَة بِأنْ تُقَلِّلْ 500 سَنَة كُلَّ فِتْرَة .. أي عَام 2500 ق . م كَانَ أبِينَا آدَم ثُمَّ نُقَلِّلْ 500 سَنَة أي عام 2000 ق . م كَانَ أبِينَا إِبْرَاهِيم وَإِسْحَق وَيَعْقُوب .. ثُمَّ عَام 1500 ق . م عَصر مُوسَى النَّبِي .. وَانْقِضَاء 500 سَنَة أي عَام 1000 ق . م عَصْر دَاوُد النَّبِي وَسُلَيَّمَان الحَكِيم .. ثُمَّ عَام 500 ق . م عَصْر الأنْبِيَاء .. وَتَنْقَضِي 500 سَنَة أي صِفْر سَنَة هُوَ عَصْر الْمَسِيح لَهُ المَجْد .. إِذاً كُلَّ 500 سَنَة حَلَقَة فِي التَّارِيخ مِنْ حَلَقَات الخَلاَص . العَصْر الأبَاء البَطَارِكَة إِبْرَاهِيمْ وَإِسْحَق وَيَعْقُوب . سِمَتُه يَهْتَمْ بِي شَخْصِيّاً . الأسْفَار التَّكْوِين . غَايَتُهَا يُقِيمْ العَهْد مِنْ أجل بَارْ وَاحِدْ .. ظُهُور أيُّوب .. الله لاَ يَنْسَى أحَدْ . الله وَسَطْ العَالَمْ كُلُّه إِخْتَارْ إِبْرَاهِيمْ .. إِخْتَارْ نُوح .. الله يَرَى شَمْعَة مُضِيئَة وَسَطْ الظَّلاَم .. الكِتَاب يَحْكِي قِصَّة الله مَعَ الإِنْسَان وَمَحَبَّتَهُ لَهُ وَتَدْبِيره .. إِدْخِلْ نَفْسَك دَاخِلْ كُلَّ قِصَّة فِي الكِتَاب .. مَثَلاً قِصَّة نُوح إِنْ لَمْ نَضَعْ أنْفُسْنَا فِيهَا لَنْ نَسْتَفِيدْ مِنْهَا سِوَى إِنَّهَا قِصَّة وَانْتَهِتْ . العَصْر المَوْسِوِي قَدِيماً كَانَ نَامُوس الضَمِير .. لكِنْ عِنْدَمَا رَأى الله أنَّ شَعْبَهُ يَكْثُرْ وَيَزْدَادْ وَاخْتَلَطَ بِالشُّعُوب الأُخْرَى أعْطَاهُمْ النَّامُوس عَام 1500 ق . م . العَصْر العَصْر المَوْسِوِي . سِمَتُه يَضْمَنِّي كَعُضْو فِي جَسَدِهِ ( كَنِيسَتَهُ ) . الأسْفَار التَّكْوِين .. اللاَّوِيِّين .. الْعَدَد .. التَّثْنِيَة .. الْخُرُوج . غَايَتُهَا الله يُحَرِّرْنِي وَقَدَّسَنِي وَرَافَقَنِي وَرَفَعْنِي . سِفْر التَّكْوِين يَقُول " الله إِخْتَارْنِي " مِنْ وَسَطْ الأرْض كُلَّهَا إِخْتَارَ لَهُ شُهُودْ أُمَنَاء . سِفْر الخُرُوج يَقُول " الله حَرَّرْنِي " حَرَّرْنِي مِنْ سُلْطَانْ فِرْعُون . سِفْر اللاَّوِيِّين يَقُول " الله قَدَّسَنِي " فَأعْطَانِي الشَّرَائِع وَالذَّبَائِح . سِفْر الْعَدَد يَقُول " الله رَافَقَنِي " يَحْكِي قِصَّة قِيَادِة الله لِشَعْبُه فِي البَرِّيَّة . سِفْر التَّثْنِيَة يَقُول " الله رَفَعْنِي " لأِنَّهُ أعْطَاهُمْ وَصَايَا إِلهِيَّة تَرْفَعَهُمْ عَلَى جِبَال العَصْر النِّظَام الثِيؤُقرَاطِي . سِمَتُه الله يُحَقِّق وُعُودَهُ لِيَّ . الأسْفَار يَشُوع .. قُضَاة .. رَاعُوث . غَايَتُهَا الله نَصِيبِي وَمِيرَاثِي .. الله يُؤَدِّبْ وَيُخَلِّص وَهُوَ إِله المَنْسِيِينْ . سِفْر يَشُوع يَقُول " الله نَصِيبِي وَمِيرَاثِي " . سِفْر القُضَاة يَقُول " الله يُؤَدِّبْ وَيُخَلِّص " . سِفْر رَاعُوث يَقُول " الله إِله المَنْسِيِينْ " . بَيَّنَ لَنَا كَمْ أنَّ الله ضَمَنِي كَعُضْو حَيّ فِي الجَمَاعَة المُقَدَّسَة وَلَمَّا حَرَّرَنِي حَرَّرَنَا كُلِّنَا .. تَعَامَلْ مَعَنَا كَمَجْمُوعَة وَاحِدَة وَلَيْسَ مَعَ فِئَة مُعَيَنَة لِذلِك لَيْتَكَ تَشْعُرْ أنَّكَ عُضْو فِي الجَمَاعَة المُقَدَّسَة مِنْ خِلاَل الأسْفَار الخَمْسَة . النِّظَام الثِيؤُقْرَاطِي أي عَصْر الحُكْم بِالله .. دِيمُوقْرَاطِي أي حُكْم الشَّعْب .. هُنَا الشَّعْب كَانَ قَلِيلْ وَكَانَ الأمر مَحْكُوم فِي يَدْ إِنْسَان وَاحِدْ مِثْل مُوسَى النَّبِي لكِنْ عِنْدَمَا إِزْدَادَ الشَّعْب وَدَخَلَ فِي حُرُوب كَثِيرَة وَاحْتَاجَ إِلَى قَائِدْ مِنْ خِلاَل الله مِثْلَ يَشُوع وَالقُضَاة وَرَاعُوث وَلَيْسَ مَلِك كَمَا أعْلَن لَنَا الله فِي سِفْر رَاعُوث .. مَا عَجَزَ عَنْهُ مُوسَى صَنَعَهُ يَشُوع وَهُوَ دُخُول أرْض كَنْعَان .. هذَا إِشَارَة إِلَى أنَّ رَبَّنَا يَسُوع أكْمَل النَّامُوس وَصَنَعَ مَعَنَا مَا عَجَزَ النَّامُوس أنْ يَفْعَلَهُ بِنَا .. النَّامُوس وَصَلَ إِلَى مَرْحَلَة مُعَيَّنَة وَالْمَسِيح أكْمَلَهُ .. فِي الُّلغَة العِبْرِيَّة حَرْف " س " هُوَ نَفْسَهُ حَرْف " ش " فِي النُطْق إِذاً يَشُوع هُوَ يَسُوع .. وَكَمَا يَقُول الكِتَاب { لأِنَّ النَّامُوسَ بِمُوسَى أُعْطِيَ . أَمَّا النِّعْمَةُ وَالْحَقُّ فَبِيَسَوعَ الْمَسِيحِ صَارَا } ( يو 1 : 17 ) . العَصْر النِّظَام المَلَكِي ( شَاوِل .. دَاوُد .. سُلَيَّمَان ) . سِمَتُه شَهوِة المَجْد الزَّمَنِي ( شَاوِل ) .. وَشَهوِة المَلَكُوت الإِلهِي ( دَاوُد ) . الأسْفَار صَمُوئِيل الأوَّل .. صَمُوئِيل الثَّانِي . غَايَتُهَا المُلُوكِيَّة وَحَيَاة الصَّلاَة ( صَمُوئِيل ) .. المُلُوكِيَّة وَالوُقُوف أمَام الله بَعْد عَصْر القُضَاة دَخَلْنَا عَصْر المُلُوك أي شَاوِل وَدَاوُد وَسُلَيَّمَان .. الشَّعْب رَفَض القُضَاة وَقِيَادِة الله وَطَلَبُوا مَلِك .. بَدَأَ العَصْر بِشَاوِل المَلِك عَام 1000 ق . م وَكُلَّمَا إِقْتَرَبْنَا إِقْتَرَبَ الخَلاَص وَفُكَّتْ الرُّمُوز وَفُهِمَتْ .. وَبَعْد أنْ كَانَ الله غَرِيبْ تَمَاماً عَنْ الإِنْسَان أصْبَحَ الإِنْسَان يُمَيِّزْ صَوْت الله وَيَدْخُلْ فِي عِشْرَة مَعَهُ .. كَانَ صَعْب أنْ نَجِدْ دَاوُد فِي عَصْر إِبْرَاهِيمْ أبُو الأبَاء .. أي خِبْرَات الله تَزْدَادْ وَنَحْنُ نَتَعَامَلْ مَعَهُ لِذلِك لاَبُدْ أنْ نَتَعَلَّمْ مِنْ قِصَص الأبَاء لأِنَّ كُلَّمَا تَقَدَّم التَّارِيخ كُلَّمَا إِسْتَفَادْنَا نَحْنُ . فِي عَصْر رَحْبَعَام إِبْن سُلَيَّمَان إِنْقَسَمِتْ المَمْلَكَة لأِنَّ رَحْبَعَام كَانَ قَاسِي وَزَادَتْ الضَّرَائِبْ فِي عَصْرِهِ وَقَالَ { أَبِي أَدَّبَكُمْ بِالسِّيَاطِ وَأَنَا أُؤَدِّبُكُمْ بِالْعَقَارِبِ } .. { خِنْصَرِي أَغْلَظُ مِنْ مَتْنِي أَبِي } ( 1مل 12 : 10 – 11) .. إِنْقَسَمِتْ المَمْلَكَة إِلَى مَمْلَكَتَيْن الشَّمَالِيَّة وَالجَنُوبِيَّة .. المَمْلَكَة الشَّمَالِيَّة تَحْوِي عَشَرْة أسْبَاط وَتُسَمَّى مَمْلَكِة إِسْرَائِيل وَالمَمْلَكَة الجَنُوبِيَّة تَحْوِي سِبْطِينْ يَهُوذَا وَبِنْيَامِين وَتُسَمَّى مَمْلَكِة يَهُوذَا وَكَانَتْ مَعَ رَحْبَعَام إِبْن سُلَيَّمَان وَانْشَقَّ عَنْهُ الأغْلَبِيَّة .. لِمَاذَا تَتْرُكَهُ كُلَّ الأسْبَاط ؟ لأِنَّ البَعْض لله وَهُوَ قَالَ سَأحْفَظ المَمْلَكَة مِنْ أجل دَاوُد لِذلِك ظَلَّتْ مَمْلَكِة يَهُوذَا أوْ مَمْلَكِة أُورُشَلِيم لأِنَّ الله يَحْفَظ رَحْمَتَهُ وَعَدْلَهُ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَهُ .. مَمْلَكِة السَّامِرَة هِيَ مَمْلَكِة الشَّمَال أوْ مَمْلَكِة إِسْرَائِيل وَكَانَ كُلَّ مُلُوكْهَا أشَّرَار وَأفْعَالِهِمْ قَبِيحَة وَاخْتَلَطُوا بِالأُمَمْ وَعَبَدُوا آلِهَة وَثَنِيَّة وَكَانَ لهَا أنْبِيَاء بَيْنَمَا مَمْلَكِة الجَنُوب كَانَ أحْيَاناً يَحْكُمْهَا مُلُوك أبْرَار حَوَالِي ثُلْث مُلُوكْهَا أبْرَار – لِذلِك مَمْلَكِة إِسْرَائِيل – فِي قِصَّة السَّامِرِيَّة قَالَتْ لِلْمَسِيح اليَهُود لاَ يُعَامِلُونَ السَّامِرِيِينْ مُنْذُ ذلِكَ الإِنْشِقَاق وَأصْبَحَ اليَهُودِي يَقُول عَنْ السَّامِرِي كَلْب نِجِس لِذلِك مِنْ ضِمْن مَا قِيلَ عَنْ الْمَسِيح { حَسَناً إِنَّكَ سَامِرِيٌّ وَبِكَ شَيْطَانٌ } ( يو 8 : 48 ) . وَيَذْكُرْ التَّارِيخ أنَّ إِبْناً لِكَاهِنْ فِي مَمْلَكِة يَهُوذَا أحَبَّ فَتَاة مِنْ مَمْلَكِة السَّامِرَة فَوَقَفَتْ أمَامَهُ مَمْلَكِة يَهُوذَا وَقَالُوا أنَّهُ خَائِنْ لكِنَّهُ تَزَوَّجْهَا فَبَنُوا لَهُ فِي السَّامِرَة هَيْكَل لأِنَّهُ مِنْ نَسْل كَهَنَة وَأصْبَحَ هُنَاكَ هَيْكَلاَنْ وَازْدَادَتْ الحَسَاسِيَّة بَيْنَهُمَا .. قَبْل عِيدْ الفِصْح كَانَتْ السَّامِرَة تَأتِي بِعِظَام أمْوَات وَتُلْقِيهَا فِي الهِيكَل وَبِذلِك يَتَنَجَّس الهِيكَل وَبِالتَّالِي تَبْطُل الذَّبَائِح لِذلِك كَانُوا يُقَاتِلُونَ بَعْضَهُمَا البَعْض .. وَلِذلِك أيْضاً يَذْكُرْ الْمَسِيح مَثَلْ السَّامِرِي الصَّالِح وَعِنْدَمَا قَالَ المَثَلْ سَألَ فِي النِّهَايَة مَنْ هُوَ القَرِيب ؟ لَمْ يَقُلْ مَنْ هُوَ السَّامِرِي بَلْ قَالَ الَّذِي صَنَعَ رَحْمَة لأِنَّهُ صَعْب عَلِيه أنْ يَقُول السَّامِرِي .. الإِنْقِسَام حَدَثَ عَام 931 ق . م . العَصْر إِنْقِسَام المَمْلَكَة إِلَى مَمْلَكَتَيَّ يَهُوذَا وَإِسْرَائِيل عَام 931 ق . م . سِمَتُه المُلُوكِيَّة وَالمَشُورَة الرَّدِيئَة . الأسْفَار مُلُوك أوَّل .. مُلُوك ثَانِي .. أخْبَار أيَّام أوَّل .. أخْبَار أيَّام ثَانِي . غَايَتُهَا إِعْلاَن غِيرِة رِجَال الله وَحُدُوث السَبْي وَالإِنْحِطَاط وَالإِنْقِسَام سِفْر مُلُوك أوَّل يُعْلِنْ غِيرِة رِجَال الله ( إِيلِيَّا ) . سِفْر مُلُوك ثَانِي يُعْلِنْ الإِنْقِسَام وَحُدُوث السَبْي . سِفْر أخْبَار أيَّام أوَّل يُظْهِر الإِنْحِطَاط . سِفْر أخْبَار أيَّام ثَانِي الفَسَادْ وَالإِصْلاَح . المَرْحَلَة السَابِقَة حَسَّاسَة وَحَدَثَ بِهَا السَبْي لأِنَّ الأنْبِيَاء كَانُوا يُنْذِرُونَ وَيَكْشِفُون الخَطِيَّة وَيُعْلِنُون رَفْض الله لهَا لِذلِك جَاءَ بَعْض الأنْبِيَاء وَيَنْقَسِمُونَ إِلَى ثَلاَثَة فِئَات :0 أي أنَّ أوِّل الأنْبِيَاء هُوَ أشْعِيَاء النَّبِي وَآخِرَهُمْ مَلاَخِي النَّبِي .. أنْبِيَاء قَبْل السَبْي كَانُوا يُنْذِرُونَ الشَّعْب عَنْ الخَطَايَا .. وَأنْبِيَاء أثْنَاء السَبْي كَانُوا يَتَرَجُون مَرَاحِمْ الله .. أمَّا أنْبِيَاء مَا بَعْدَ السَبْي فَكَانُوا يَشْكُرُونَ الله عَلَى عَمَلِهِ وَيَطْلُبُونَ مِنْهُ ألاَّ يَصْنَع هذَا الأمر مَرَّة أُخْرَى وَيُحَاوِلُونَ بُنَاء الهِيكَل مِنْ جَدِيد . العَوْدَة مِنْ السَبْي تَارِيخ سَبْي إِسْرَائِيل حَدَثَ أوَّلاً لأِنَّهَا كَانَتْ أكْثَرْ شَرَّاً وَبَعْدَهَا حَدَثَ سَبْي مَمْلَكِة يَهُوذَا وَكَأنَّ الله يُعَاقِبْ إِسْرَائِيل وَيُنْذِر يَهُوذَا .. سَبْي إِسْرَائِيل ( آشُور ) عَام 722 ق . م .. سَبْي يَهُوذَا ( بَابِل ) عَام 686 ق . م . العَصْر العَوْدَة مِنْ السَبْي . سِمَتُه الله مُحَرِّرِي . الأسْفَار عِزْرَا .. نَحَمْيَا .. أسْتِير . غَايَتُهَا عِزْرَا إِقَامِة هَيْكَل الرَّبَّ .. سَنَوَات الصَمْت .. حَوَالِي 400 سَنَة .. الفِتْرَة قَبْلَ مَجِئ الْمَسِيح وَبَعْد العَوْدَة مِنْ السَبْي حَكَمُوا بِهَا أُنَاس غَيْرَ مَمْلَكَتَيَّ بَابِل وَآشُور وَهُمْ مَادِي وَِفَارِس .. ثُمَّ حَكَمَ البَطَالِسَة .. ثُمَّ المِيكَابِيِينْ قَبْلَ مَجِئ الْمَسِيح .. ثُمَّ الرُّومَان وَهُوَ عَصْر مَجِئ الْمَسِيح . هُنَا عَصْر مِلء الزَّمَانْ مُشْتَهَى الأجْيَال أوْ عَصْر النِّعْمَة العَصْر الَّذِي أتَى فِيهِ الْمَسِيح وَصَنَعَ الخَلاَص وَحَرَّرْ الإِنْسَان وَعَتَقَهُ وَأسَّسَ كَنِيسَتَهُ وَهِيَ فِتْرِة كِنِيسِة العَهْد الجَدِيدْ وَالرَّسَائِل وَسِفْر الأعْمَال وَيَسْتَمِر هذَا العَصْر حَتَّى اليَوْم عَصْر إِمْتِدَاد المَلَكُوت وَالتَّمَتُّع بِالغُفْرَان وَزَمَنْ التُوْبَة مَفْتُوح وَمَذْبَحَهُ أمَامَنَا وَكَأنَّ كُلَّ مَا عَجَزَ عَنْهُ الإِنْسَان قَبْلَ الْمَسِيح رَدَّهُ لَنَا الْمَسِيح .. رَدَّ لَنَا كَرَامِتْنَا المَفْقُودَة . عَصْر ضِدْ الْمَسِيح .. الْمَسِيح الدَّجَال وَظُهُور إِيلِيَّا وَأخْنُوخ وَهذَا قَبْل المَجِئ الثَّانِي لِلْمَسِيح وَانْقِضَاء الدَّهر . هذِهِ قِصِّة خَلاَص العَالَمْ مُنْذُ أنْ أوْجَدْنَا وَأحَبَّنَا لكِنَّنَا سَقَطْنَا وَهُوَ لَمْ يَتْرُكْنَا بَلْ تَعَهَّدْنَا بِالأنْبِيَاء القِدِّيسِينْ وَأنْذَرْنَا وَعَلَّمْنَا .. ثُمَّ أتَى بِنَفْسِهِ وَأسَّسَ كَنِيسَتَهُ وَفِي إِنْتِظَارْ أنْ يَأتِي عَلَى السَّحَاب لِيَأخُذْنَا . رَبِّنَا يِكَمِّل نَقَائِصْنَا وَيِسْنِدْ كُلَّ ضَعْف فِينَا بِنِعْمِته لَهُ المَجْد دَائِماً أبَدِيّاً آمِينْ

يوم الرب فى سفر يوئيل

هُوَ السِفْر الوَحِيد الَّذِي تَكَلَّمَ بِوُضُوح عَنْ عَطِيِة الرُّوح القُدُس لَمَّا قَالَ { وَيَكُونُ بَعْدَ ذلِكَ أنِّي أَسْكُبُ رُوحِي عَلَى كُلِّ بَشَرٍ فَيَتَنَبَّأُ بَنُوكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَيَحْلَمُ شُيُوخُكُمْ أَحْلاَماً وَيَرَى شَبَابُكُمْ رُؤًى } ( يؤ 2 : 28 ) . الأصْحَاحُ الثَّالِثُ :0 ======================== يَوْم الدَيْنُونَة =============== الله يُكَلِّم شَعْبُه وَيَحِثَّهُمْ عَلَى التَوْبَة ثُمَّ يُنْذِرَهُمْ أنَّهُ مُمْكِنْ يُؤدِّبَهُمْ بِشُعُوبٍ أُخْرَى .. ثُمَّ قَالَ إِنْ شَعَرْت أنَّ هذِهِ الشُّعُوب سَتَقْوَى عَلَى شَعْبِي أرْفُض ذلِك وَأقُول لِهذِهِ الشُّعُوب أنَا مَنْ سَمَحْت لَكُمْ بِسَبي شَعْبِي وَلَيْسَت قُوَّتِكُمْ وَإِنْ أرَدْتُمْ مَعْرِفَة إِنِّي مُحَرِّكَكُمْ فَإِنِّي سَأجْعَل شَعْبِي يَغْلِبَكُمْ وَكَمَا أذْلَلْتُمْ شَعْبِي سَأجْعَلَهُ يُذِلُّكُمْ .. لِذلِك الأصْحَاح الثَّالِث يَتَكَلَّم عَنْ يَوْم مَجِئ الرَّبَّ أي يَوْم الدَيْنُونَة . الله يَتَمَجَّد بِكَسْر كِبْرِيَاء الأُمَم الَّذِينَ إِفْتَخَرُوا أنَّهُمْ قَادِرِين عَلَى مَذَلِّة شَعْب الله وَيُكْرِم وَيُمَجِّد شَعْبُه فِي نَفْس الوَقْت خَاصَّةً وَأنَّهُمْ إسْتَجَابُوا لِنِدَاء التُوْبَة .. { قَدِّسُوا صَوْماً نَادُوا بِاعْتِكَافٍ اجْمَعُوا الشُّيُوخَ جَمِيعَ سُكَّانِ الأَرْضِ إِلَى بَيْتِ الرَّبِّ .... } ( يؤ 1 : 14) .. { اِجْمَعُوا الشَّعْبَ قَدِّسُوا الْجَمَاعَةَ ...... } ( يؤ 2 : 16 ) .. { مَزِّقُوا قُلُوبَكُمْ لاَ ثِيَابَكُمْ ...... } ( يؤ 2 : 13 ) .. تَابَ الشَّعْب وَالله يُذِل الأُمَم { لأِنَّهُ هُوذَا فِي تِلْكَ الأيَّامِ وَفِي ذلِكَ الْوَقْتِ عِنْدَمَا أَرُدُّ سَبْيَ يَهُوذَا وَأُورُشَلِيمَ أَجْمَعُ كُلَّ الأُمَمِ وَأُنَزّلُهُمْ إِلَى وَادِي يَهُوشَافَاطَ } ( يؤ 3 : 1 – 2 ) .. كُلَّ أُمَّة ظَنَّتْ أنَّهَا أقْوَى مِنْ شَعْبِي وَافْتَخَرَت بِقُوَّتِهَا أجْمَعُهَا فِي وَادِي يَهُوشَافَاط .. " يَهُوشَافَاط " تَعْنِي " يَهوه يَدِين " أي وَادِي الدَيْنُونَة .. الله يُرِيدَك أنْ تَعْرِف أنَّ الحَرْب لِلرَّبَّ وَإِنْ كَانَ قَدْ سَمَحَ بِمَذَلَّة فَهُوَ الَّذِي سَمَحَ . { وَأُحَاكِمُهُمْ هُنَاكَ عَلَى شَعْبِي وَمِيرَاثِي إِسْرَائِيلَ الَّذِينَ بَدَّدُوهُمْ بَيْنَ الأُمَمِ } ( يؤ 3 : 2 ) .. الله لَهُ حُكْمه .. هذِهِ مُحَاكَمِة الأُمَم أوْ مُحَاكَمِة الأشَّرَار .. يَهُوشَافَاط أي يَهوه يَدِين .. هذَا الوَادِي كَانَ شَرْق أُورُشَلِيم .. الله سَيَجْمَع فِيهِ الأُمَم لِيَدِينَهُمْ ثُمَّ يُمَجِّد شَعْبُه .. الله يَقُول سَأجْعَلَكُمْ تَحْضَرُون الدَيْنُونَة حَتَّى أنَّ الآبَاء يَقُولُون أنَّ يُوْم يَهُوشَافَاط هُوَ يُوْم الصَّلِيب .. أنَّ الله أدَانَ الخَطِيَّة فِي الجَسَد وَأذَلَّ مَمْلَكِة العَدُو وَكِبْرِيَاء الشَّيْطَان .. هذَا يُوْم الدَيْنُونَة .. يُوْم رَدَّ لَنَا المَلَكُوت .. يُوْم المَحَبَّة البَاذِلَة . الله يَقُول كُلَّ يُوْم دَعْوَة إِلهِيَّة لِلذِهَاب إِلَى وَادِي يَهُوشَافَاط وَهُنَاك يَحْدُث شَيْئَان هُمَا دَيْنُونِة الأُمَم وَتَمْجِيد شَعْب الله وَهذَا مَا يَحْدُث فِي الصَّلِيب إِدَانِة الخَطِيَّة وَقُوَّات الظُلْمَة وَمَجْد وَبِر لأِوْلاَد الله .. دَعْوَة إِلهِيَّة مُتَجَدِّدَة لِلذِهَاب إِلَى وَادِي يَهُوشَافَاط كَي تَهْزِم عَدُو الخِير وَتَنْطَلِق إِلَى أُورُشَلِيم وَكَمَا يَقُول بُولِس الرَّسُول { فَلْنَخْرُجْ إِذاً إِلَيْهِ خَارِجَ الْمَحَلَّةِ حَامِلِينَ عَارَهُ } ( عب 13 : 13) .. نَخْرُج إِلَى وَادِي يَهُوشَافَاط .. لِذلِك يُوْم الدَيْنُونَة لَيْسَ يُوْم تَارِيخِي بَلْ كُلَّ أيَّام حَيَاتَك تُحَاكِم فِيهِ كُلَّ قُوَى الشَّر .. لِتَغْلِب فِيهِ العَدُو بِكُلَّ قُوَّاتُه .. يُوْم طَرْد العَدُو وَكُلَّ جُنُودُه .. الله يَقُول أوْلاَدِي غَالِبِين وَلأِنِّي سَلَّمْتَهُمْ لَكُمْ تَخَيَّلْتُمْ أنَّهُمْ غِير غَالْيِين عَلَيَّ .. لاَ .. هُمْ غَالْيِين جِدّاً عِنْدِي لِذلِك سَأُخْضِع كِبْرِيَاءَكُمْ . { وَأُحَاكِمُهُمْ هُنَاكَ عَلَى شَعْبِي وَمِيرَاثِي إِسْرَائِيلَ الَّذِينَ بَدَّدُهُمْ بَيْنَ الأُمَمِ } .. أنَا سَآخُذْ ثَأرَ شَعْبِي وَأرُدّ كَرَامِة شَعْبِي .. كَمَا سَيَقُول لِلأُمَم { أَرُدُّ عَمَلَكُمْ عَلَى رُؤُوسِكُمْ } ( يؤ 3 : 4 ) .. لِمَاذَا يَارَبَّ ؟ { لأِنَّكُمْ أَخَذْتُمْ فِضَّتِي وَذَهَبِي وَأَدْخَلْتُمْ نَفَائِسِي الْجَيِّدَةَ إِلَى هَيَاكِلِكُمْ } ( يؤ 3 : 5 ) .. نَحْنُ نَفَائِس الله .. أحَدٌ الآبَاء يَقُول { لَيْسَ لَكَ خِسَارَة سِوَى هَلاَكِنَا } .. وَهُوَ يَقُول { لَذَّاتِي مَعَْ بَنِي آدَمَ } ( أم 8 : 31 ) .. أنْتُمْ أغْلَى شِئ عَنْدِي لِذلِك سَأرُدّ عَمَلِهِمْ عَلَى رُؤُوسِهِمْ .. الذَّهَب يُشِير إِلَى الحَيَاة السَّمَاوِيَّة وَالفِضَّة تُشِير إِلَى كَلِمَة الله أي أنَّهُ يَقُول لِلأُمَم أنْتُمْ أخَذْتُمْ أغْلَى شِئ عِنْدِي .. أخَذْتُمْ الغَالِي لِي وَوَضَعْتُمُوهُ فِي هَيَاكِلَكُمْ الَّتِي لِلأصْنَام . { وَبِعْتُمْ بَنِي يَهُوذَا وَبَنِي أُورُشَلِيمَ لِبَنِي الْيَاوَانِييِّنَ لِكَيْ تُبْعِدُوهُمْ عَنْ تُخُومِهِمْ } ( يؤ 3 : 6 ) .. " الْيَاوَانِييِّنَ " هُمْ قَوْم يَشْتَرُون العَبِيد .. أي الأُمَم تَعَامَلُوا مَعَ أوْلاَدِي بِالهَوَان مَعَ فِضَّتِي وَذَهَبِي لِذلِك أرُدّ عَلَيْهِمْ عَمَلِهِمْ عَلَى رُؤُوسِهِمْ .. جَمِيل أشْعِيَاء النَّبِيّ لَمَّا فَهَمَ الدَرْس وَقَالَ وَكَأنَّ الله إِسْتَخْدِم مُنْشَار لِقْطع قِطْعِة خَشَب .. الفَضْل لِمَنْ لِلمُنْشَار أم اليَدْ المُسْتَخْدِمَة لِلمُنْشَار ؟ بِالطَبْع لِليَدْ .. الأُمَم هُمْ المُنْشَار وَالله هُوَ اليَدْ المُسْتَخْدِمَة .. إِنْ كُنْتُمْ كَالمُنْشَار فَأنَا أسْتَخْدِمَكُمْ فَلاَ تَفْتَخِرُوا عَلَيَّ لأِنِّي سَأرُدّ حُرِّيَة شَعْبِي . نَحْنُ نَصِيب الله وَمِيرَاثُه أغْلَى شِئ عِنْدُه لِذلِك صَعْب عَلَى الله أنْ يَرَى أوْلاَدُه يُبَدَّدُون وَيُسْتَعْبَدُون بِأرْخَص الأثْمَان لِلخَطِيَّة وَيَبِيعُوا الأبَدِيَّة بِالتُرَاب لِذلِك يَقُول أنَا لِي مُحَاكَمَة فِي ذلِك الأمر .. الهَيَاكِل هِيَ مَلَذَّات العَالَم .. نَحْنُ نَصِيب الله وَنَفَائِسَهُ { إِنَّ قِسْمَ الرَّبِّ هُوَ شَعْبُهُ . يَعْقُوبُ حَبْلُ نَصِيبِهِ } ( تث 32 : 9 ) .. قَدِيماً كَانُوا يَقِيسُون مُمْتَلَكَاتِهِمْ بِالحَبْل .. الله لَهُ نَصِيب لَيْسَ أرْض بَلْ أوْلاَد أنْتُمْ يَعْقُوب حَبْل نَصِيبُه .. لِذلِك أرَادَ أنْ يَرُدْ لأِوْلاَدُه كَرَامَتِهِمْ المَسْلُوبَة لاَ يَدْخُلُونَ بِهَا إِلاَّ لِهَيْكَل الله وَلَيْسَ هَيَاكِل الوَثَنْ . { هَأَنَذَا أُنْهِضُهُمْ مِنَ الْمَوْضِع الَّذِي بِعْتُمُوهُمْ إِلَيْهِ وَأَرُدُّ عَمَلَكُمْ عَلَى رُؤُوسِكُمْ . وَأبِيعُ بَنِيكُمْ وَبَنَاتِكُمْ بِيَدِ بَنِي يَهُوذَا لِيَبِيعُوهُمْ لِلسَّبَائِييِّنَ لأُِمَّةٍ بَعِيدَةٍ لأِنَّ الرَّبَّ قَدْ تَكَلَّمَ } ( يؤ 3 : 7 – 8 ) .. كَمَا فَعَلْتُمْ بأوْلاَدِي أفْعَلُ بِكُمْ بِأوْلاَدِي .. هُمْ يَدِينُوكُمْ لِذلِك لَكُمْ الدَيْنُونَة وَلأِوْلاَدِي الحُرِّيَّة لأِنَّ الأشْرَار سَيُدَانُون بِوَاسِطَة الأبْرَار .. { نَادُوا بِهذَا بَيْنَ الأُمَمِ . قَدِّسُوا حَرْباً } ( يؤ 3 : 9 ) .. الله يُرِيد تَقْدِيس حَرْب بَيْنَ مَمْلَكَتِهِ وَمَمْلَكِة الظُّلْمَة .. بَيْنَ أوْلاَد الله وَشَعْب الأرْض . { قَدِّسُوا حَرْباً أَنْهِضُوا الأبْطَالَ لِيَتَقدَّمْ وَيَصْعَدْ كُلُّ رِجَالِ الْحَرْبِ . اِطْبَعُوا سِكَّاتِكُمْ سُيُوفاً وَمَنَاجِلَكُمْ رِمَاحاً } ( يؤ 3 : 9 – 10 ) .. هَات كُلَّ قُوِّتَك .. وَكَأنَّ الله دَخَلَ تَحَدِّي مَعَ شُعُوب الأرْض .. هَات كُلَّ رِجَالَك .. كُلَّ مَنْ عِنْدُه سِكِّين يُحَوِلْهَا إِلَى خَنْجَر وَكُلَّ مَنْجَل لِلعُشْب حَوِّلَهُ إِلَى رُمْح .. هَات كُلَّ إِمْكَانِيَاتَك الحَرْبِيَّة .. { لِيَقُلِ الضَّعِيفُ بَطَلٌ أَنَا . أَسْرِعُوا وَهَلُمُّوا يَا جَمِيعَ الأُمَمِ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ وَاجْتَمِعُوا . إِلَى هُنَاكَ أَنْزِلْ يَارَبُّ أَبْطَالَكَ . تَنْهَضُ وَتَصْعَدُ الأُمَمُ إِلَى وَادِي يَهُوشَافَاطَ لأِنِّي هُنَاكَ أَجْلِسُ لأُِحَاكِمَ جَمِيعَ الأُمَمِ } ( يؤ 3 : 10 – 12 ) . مَاذَا يَفْعَل الله يُوْم الدَيْنُونَة ؟ سِر الغَلْبَة لَيْسَ فِي الإِنْسَان أوْ فِي سِلاَحُه بَلْ فِي مَعِيِّة الله .. يَقُول أنْتُمْ إِتَكَلْتُمْ عَلَى ذَوَاتِكُمْ وَإِمْكَانِيَاتَكُمْ لكِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ مَنْ أقْوَى أنَا أم إِمْكَانِيَاتِكُمْ .. إِحْذَر أنْ تَرَى نَفْسَك ضَعِيف وَسَطْ العَدُو .. أنْتَ قَادِر .. لِيَقُل الضَّعِيف بَطَلٌ أنَا .. كَثِيراً مَا يَفْقِدَنِي العَدُو ثِقَتِي فِي الله لِذلِك أشْعُر بِضَعْف وَيَغْلِبَنِي إِحْسَاس الضَّعْف فَيُبَدِّد كُلَّ القُوَى .. لاَ .. يَجِب أنْ أتَمَسَّك بِإِلهِي وَأثِق فِيهِ .. مَا أجْمَل قَوْل دَاوُد النَّبِي عِنْدَمَا قَالَ { الَّذِي يُعَلِّمُ يَدَيَّ الْقِتَالَ فَتُحْنَى بِذِرَاعَيَّ قَوْسٌ مِنْ نُحَاسٍ } ( مز 18 : 34 ) .. نَعَمْ هُوَ يُعَلِّمَنِي لِذلِك يَقُول " لِيَقُلِ الضَّعِيفُ بَطَلٌ أَنَا " .. تَشَدَّد لأِنَّهُ وُجِدَ شَدِيداً ( مز 46 : 1 ) لأِنَّ الله يَعْمَل فِي ضَعْفَك وَكَمَا قَالَ بُولِس الرَّسُول { حِينَمَا أَنَا ضَعِيفٌ فَحِينَئِذٍ أَنَا قَوِيٌّ } ( 2كو 12 : 10 ) .. { أَسْتَطِيعُ كُلَّ شَيْءٍ فِي الْمَسِيحِ الَّذِي يُقَوِّينِي } ( في 4 : 13 ) .. لِذلِك يَأخُذْ الإِنْسَان قُوَّتَهُ مِنْ الله . { أَرْسِلُوا الْمِنْجَلَ لأِنَّ الْحَصِيدَ قَدْ نَضَجَ . هَلُمُّوا دُوسُوا لأِنَّهُ قَدِ امْتَلأَتِ الْمِعْصَرَةُ . فَاضَتِ الْحيَاضُ لأِنَّ شَرَّهُمْ كَثِيرٌ } ( يؤ 3 : 13 ) .. إِرْسِل المِنْجَل وَسَتَرَى جَنْي الله .. الله يَجْنِي الأبْرَار وَالأشَّرَار .. { جَمَاهِيرُ جَمَاهِيرُ فِي وَادِي الْقَضَاءِ لأِنَّ يَوْمَ الرَّبِّ قَرِيبٌ فِي وَادِي الْقَضَاءِ . الْشَّمْسُ وَالْقَمَرُ يَظْلُمَانِ وَالنُّجُومُ تَحْجُزُ لَمَعَانَهَا } ( يؤ 3 : 14 – 15 ) .. قَدْ جَاءَت النِّهَايَة وَأعْلَنْتُ غَضَبِي .. أعْلَنْت الحَرْب عَلَى الأُمَمِ لأِنَّهُمْ أهَانُوا أوْلاَدِي وَبَاعُوهُمْ وَأخَذُوا فِضَّتِهِمْ وَذَهَبِهِمْ .. لله يَوْم حَرْب يَوْم ظُلْمَة يَخْتَفِي فِيهِ كُلُّ شَيْءٍ .. يَوْم الصَّلِيب حَدَثِت ظُلْمَة . { وَالرَّبُّ مِنْ صِهْيَوْنَ يُزَمْجِرُ وَمِنْ أُورُشَلِيمَ يُعْطِي صَوْتَهُ فَتَرْجُفُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ } ( يؤ 3 : 16) .. لاَ تَتَخَيَّلُوا إِنِّي سَأظَلُّ حَنَّان دَائِماً لكِنِّي أحْيَاناً أكُون كَأسَدٌ .. فِي يُوْم الدَيْنُونَة سَتَرَى الْمَسِيح فِي هَيْئَة أُخْرَى فِي بَهَاء وَمَجْد حَتَّى أنَّ الأشَّرَار لَنْ يَحْتَمِلُوا رُؤيَتَهُ .. هُوَ يُزَمْجِر لِدَيْنُونِة الأشَّرَار وَيَخْتَفِي الأبْرَار فِي شَخْصُه وَتَرْتَجِف أمَامه كُلَّ الخَلِيقَة .. { وَلكِنَّ الرَّبَّ مَلْجَأٌ لِشَعْبِهِ وَحِصْنٌ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ . فَتَعْرِفُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ إِلهُكُمْ سَاكِناً فِي صِهْيَوْنَ جَبَلِ قُدْسِي وَتَكُونُ أُورُشَلِيمُ مُقَدَّسَةً وَلاَ يَجْتَازُ فِيهَا الأَعَاجِمُ فِي مَا بَعْدُ } ( يؤ 3 : 16 – 17 ) .. أنْتُمْ طَمَعْتُمْ فِي أوْلاَدِي وَفِي أُورُشَلِيم .. لاَ .. إِنْ كُنْتُ قَدْ سَمَحْت لَكُمْ أنَا لكِنْ هذِهِ لَيْسَت قُوَّتِكُمْ وَلَنْ تَكُون أُورُشَلِيم لَكُمْ .. الله يَسْكُنْ وَحْدَهُ فِي أُورُشَلِيم وَإِنْ دَخَلِت الخَطِيَّة لاَ تَجْتَازُ فِيهَا .. لاَ تَجْعَل الخَطِيَّة تَجْتَاز قَلْبَك وَلاَ تَدْخُلَهُ مَحَبَّة غَرِيبَة تَأخُذٌ إِهْتِمَامَاتَك وَلاَ يَجْتَاز فِيك شَرْ .. الله يُرِيدْنَا جِبَال مُقَدَّسَة لَهُ .. مِلْكُه . { وَيَكُونُ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ أَنَّ الْجِبَالَ تَقْطُرُ عَصِيراً وَالتِّلاَلُ تَفِيضُ لَبناً وَجَمِيعُ يَنَابِيعِ يَهُوذَا تَفِيضُ مَاءً } ( يؤ 3 : 18) .. مَا هذَا كُلَّهُ ؟ عَطَايَا الرُّوح .. يَقُول أنَّ الجِبَال سَتُعْطِي عَصِير .. هَلْ يُعْقَل ذلِك ؟!! نَعَمْ نَحْنُ جِبَال الله .. الكِنِيسَة جَبَلْ الله المُقَدَّس الَّذِي يَتَجَلَّى عَلِيه يَوْمِياً وَيَفِيض عَصِير أي عَطَايَا الرُّوح وَتِلاَل مَحَبَّتِهِ تَفِيضُ لَبَناً أي غِذَاء .. وَكَأنَّ الله يَقُول سَأتَوَلاَّكُمْ أنَا .. أنَا غِذَاءَكُمْ . { وَمِنْ بَيْتِ الرَّبِّ يَخْرُجُ يَنْبُوعٌ وَيَسْقِي وَادِي السَّنْطِ } ( يؤ 3 : 18 ) .. وَادِي السَّنْط وَادِي جَاف جِدّاً كَيْفَ يَكُونُ فِيهِ يَنْبُوع ؟ هذَا عَمَلْ رُوح الله فِي كَنِيسَتَهُ أنَّهَار مَاء .. رُوح مُتَجَدِّدَه بِاسْتِمْرَار .. يَنَابِيع الرُّوح تَبْدأ دَائِماً بِالمَاء أي المَعْمُودِيَّة .. مَاء يَسْقِي وَادِي السَّنْط أي النِفُوس الجَافَّة البَعِيدَة عَنْ مَاءه تَرْتَوِي مِنْ خِلاَل مَاء السَّنْط .. المَعْمُودِيَّة تُحَوِّل الحَيَاة مِنْ جَفَاف وَانْعِدَام ثَمَر إِلَى حَيَاة رُوحِيَّة مُثْمِرَة . { مِصْرُ تَصِيرُ خَرَاباً وَأَدُومُ تَصِيرُ قَفْراً خَرِباً مِنْ أَجْلِ ظِلْمِهِمْ لِبَنِي يَهُوذَا الَّذِينَ سَفَكُوا دَماً بَرِيئاً فِي أَرْضِهِمْ } ( يؤ 3 : 19 ) .. مِصْر .. أدُوم هذِهِ أقْوَى الأُمَم فِي هذَا الوَقْت .. فِي وَقْت كَانَتْ بَابِل وَوَقْت آخَر كَانَتْ أشُور .. وَكَانَتْ أدُوم فِي وَقْتٍ آخَر .. فِي هذَا الوَقْت كَانَتْ مِصْر هِيَ القُوَى العُظْمَى فِي العَالَم وَالله يَقُول سَأجْعَلُهَا خَرَاب .. شِئ صَعْب .. { وَلكِنَّ يَهُوذَا تُسْكَنُ إِلَى الأَبَدِ وَأُورُشَلِيمَ إِلَى دُوْرٍ فَدَوْرٍ . وَأُبَرِّئُ دَمَهُمُ الَّذِي لَمْ أُبَرِّئْهُ } ( يؤ 3 : 20 – 21 ) .. أنَا كُنْتُ نَاظِر لِكُلَّ ظُلْم وَكُلَّ مَذَلَّة لِذلِك أنَا أحَامِي عَنْكُمْ .. أنَا رَأيْت الدَّم البَرِئ المَسْفُوك وَأنَا سَأرُّد لَكُمْ حَقُّكُمْ . { الرَّبُّ يَسْكُنُ فِي صِهْيَوْنَ } ( يؤ 3 : 21 ) .. هذَا مَكَانَهُ .. جَيِّد هُوَ الإِنْسَان المُطْمَئِنْ أنَّ الله دَاخِلُه .. جَيِّد أنْ نَرَى أنَّ الله مُسْتَخْدِم الظُّرُوف وَهُوَ مُحَرِّك الأُمَم وَهُوَ السَّامِح بِالنُصْرَة وَالهَزِيمَة .. يَعْقُوب أحَبَّ نَصِيبَهُ .. كِنِيسْتُه هِيَ نَصِيبُه وَإِنْ كَانَ سَمَحْ لَهَا وَسَطْ العَالَم بِاضْطِهَاد فَهُوَ المُحَامِي عَنْهَا وَلِنَرَى كَيْفَ مَرَّ شَعْبُه بِضِيقَات وَكَيْفَ كَانَ يُعَظِّمَهُمْ بِوَاسِطَة هذِهِ الضِيقَات .. وَإِنْ كَانَ سَمَح بِالعَشَرْة ضَرَبَات لِيَتَعَظَّمْ هُوَ .. وَإِنْ كَانَ سَمَحْ بِاضْطِهَاد فَلِكَي يُمَجِّدَك . رَبِّنَا يِكَمِّل نَقَائِصْنَا وَيَسْنِد كُلَّ ضَعْف فِينَا بِنِعْمِتُه لَهُ المَجْد دَائِماً أبَدِيّاً آمِين

التوبة فى سفر يوئيل

مِنْ سِفْر يُوئِيل النَّبِي { وَلكِنِ الآنَ يَقُولُ الرَّبُّ ارْجِعُوا إِلَيَّ بِكُلِّ قُلُوبِكُمْ وَبِالصَّوْمِ وَالْبُكَاءِ وَالنَّوْحِ . وَمَزِّقُوا قُلُوبَكُمْ لاَ ثِيَابَكُمْ وَارْجِعُوا إِلَى الرَّبِّ إِلهِكُمْ لأِنَّهُ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ بَطِئُ الْغَضَبِ وَكَثِيرُ الرَّأْفَةِ وَيَنْدَمُ عَلَى الشَّرِّ . لَعَلَّهُ يَرْجِعُ وَيَنْدَمُ فَيُبْقِيَ وَرَاءَهُ بَرَكَةَ تَقْدِمَةٍ وَسَكِيباً لِلرَّبِّ إِلهِكُمْ . اِضْرِبُوا بِالْبُوقِ فِي صِهْيَوْنَ قَدِّسُوا صَوْماً نَادُوا بِاعْتِكَافٍ . اِجْمَعُوا الشَّعْبَ قَدِّسُوا الْجَمَاعَةَ احْشُِدُوا الشُّيُوخَ اجْمَعُوا الأطْفَالَ وَرَاضِعِي الثُّدِيِّ لِيَخْرُجِ الْعَرِيسُ مِنْ مُِخْدَعِهِ وَالْعَرُوسُ مِنْ حَجَلَتِهَا . لِيَبْكِ الْكَهَنَةُ خُدَّامُ الرَّبِّ بَيْنَ الرُّواقِ وَالْمَذْبَحِ وَيَقُولُوا اشْفِقْ يَارَبُّ عَلَى شَعْبِكَ وَلاَ تُسَلِّمْ مِيرَاثَكَ لِلْعَارِ حَتَّى تَجْعَلَهُمُ الأُمَمُ مَثَلاً . لِمَاذَا يَقُولُونَ بَيْنَ الشُّعُوبِ أَيْنَ إِلهُهُمْ . فَيَغَارُ الرَّبُّ لأِرْضِهِ وَيَرِقُّ لِشَعْبِهِ . وَيُجِيبُ الرَّبُّ وَيَقُولُ لِشَعْبِهِ هأَنَذَا مُرْسِلٌ لَكُمْ قَمْحاً وَمِسْطَاراً وَزَيْتاً لِتَشْبَعُوا مِنْهَا وَلاَ أَجْعَلُكُمْ أَيْضاً عَاراً بَيْنَ الأُمَمِ } ( يؤ 2 : 12 – 19 ) . يُقَسَّم الأصْحَاح الثَّانِي فِي سِفْر يُوئِيل إِلَى أرْبَعَة أقْسَام :0 1/ آثَار غَضَبْ الله عِنْدَمَا يَأتِي غَضَبْ الله عَلَى شَعْب بِسَبَبْ خَطِيِتهُمْ نَجِد الله يَضْرَبَهُمْ بِعُقُوبَات شَدِيدَة وَنَسْتَطِيع أنْ نَقُول أنَّهَا ضَرْبَة مِنْ أجل الإِفَاقَة .. عِنْدَمَا يَعِيش الإِنْسَان فِي الشَّر يَكُون مَخْدُوع وَيَتَخَيَّل أنَّهُ أمر طَبِيعِي وَقَدْ يَقُول أنَّ النَّاس كُلَّهَا مِثْله .. وَقَدْ يَكُون لَيْسَ مَخْدُوع فَقَطْ بَلْ وَمُتَلَذِذ بِالشَّر .. الله يَقُول إِنْتَبِه { اِضْرَبُوا بِالْبُوقِ فِي صِهْيَوْنَ صَوِّتُوا فِي جَبَلِ قُدْسِي . لِيَرْتَعِد جَمِيعَ سُكَّانِ الأرْضِ لأِنَّ يَوْمَ الرَّبِّ قَادِمٌ لأِنَّهُ قَرِيبٌ . يَوْمُ ظَلاَمٍ وَقَتَامٍ يَوْمُ غَيْمٍ وَضَبَابٍ } ( يؤ 2 : 1 – 2 ) .. أحْيَاناً الإِنْسَان مِنْ غَفْلِة الخَطِيَّة لاَبُد أنْ يَفِيق لِذلِك هذَا الجُزْء مِنْ الأصْحَاح الثَّانِي دَعْوَة مِنْ الله مِنْ شِدِّة غَضَبُه وَلكِنْ لاَ يَظِل الله دَائِماً فِي غَضَبُه لأِنَّهُ إِله رَؤُوف . 2/ دَعْوَة لِلْتُوْبَة { ارْجِعُوا إِلَيَّ بِكُلِّ قُلُوبِكُمْ وَبِالصَّوْمِ وَالْبُكَاءِ وَالنَّوْحِ } .. نَعَمْ أنْتُمْ أغْضَبْتُمُونِي وَأنَا سَوْفَ أُؤَدِبَكُمْ لكِنْ فِي نَفْس الوَقْت إِنْ رَجِعْتُمْ إِلَيَّ سَأرْفَعْ غَضَبِي عَنْكُمْ حَتَّى أنَّهُ يَقُول { وَيَرِقُّ لِشَعْبِهِ وَيُجِيبُ الرَّبُّ وَيَقُولُ لِشَعْبِهِ هأنَذَا مُرْسِلٌ لَكُمْ قَمْحاً وَمِسْطَاراً وَزَيْتاً لِتَشْبَعُوا مِنْهَا } .. يَرِق الرَّبَّ لِشَعْبه بَعْدَمَا أخَذَ قَرَار بِالشِّدَّة وَالعُقُوبَة وَالقَسْوَة . ثُمَّ نَجِد الله يَفْتَح بَاب التُوْبَة فِي نِهَايِة الأصْحَاح وَيَقُول الحَل فِي عَطِيِة الرُّوح القُدُس وَنَجِد أنَّهُ مِنْ أرْوَع مَا كُتِبْ عَنْ الرُّوح القُدُس .. { وَيَكُونُ بَعْدَ ذلِكَ } ( يؤ 2 : 28 ) أي بَعْد التُوْبَة { أَنِّي أَسْكُبُ رُوحِي عَلَى كُلِّ بَشَرٍ } عَطِيِة الرُّوح القُدُس { وَيَرَى شَبَابُكُمْ رُؤًى وَعَلَى الْعَبِيدِ أَيْضاً وَعَلَى الإِمَاءِ أَسْكُبُ رُوحِي فِي تِلْكَ الأيَّامِ وَأُعْطِي عَجَائِبَ فِي السَّمَاءِ وَالأرْضِ دَماً وَنَاراً وَاعْمِدَةَ دُخَانٍ } .. الحَلْ فِي عَطِيِة الرُّوح القُدُس . 1/ غَضَبْ الله :0 ================ { اِضْرَبُوا بِالْبُوقِ فِي صِهْيَوْنَ صَوِّتُوا فِي جَبَلِ قُدْسِي . لِيَرْتَعِد جَمِيعَ سُكَّانِ الأرْضِ لأِنَّ يَوْمَ الرَّبِّ قَادِمٌ لأِنَّهُ قَرِيبٌ } .. دَائِماً ضَرْب البُوق يَرْمُز لإِعْلاَن الحَرْب أي دَعْوَة لِلجِهَاد الرُّوحِي .. أي عِنْدَمَا تَقُول الكِنِيسَة أنَّ هُنَاك فِتْرَة صُوْم كَأنَّ ذلِك بُوْق يِضْرَب .. مُجَرَّد أنْ تَرْشِم الصَّلِيب عَلَى جَسَدَك وَتَبْدأ تَسْجُد لِلرَّبَّ إِلهَك لِكَيْ تَرْفَع يَدَك بِالصَّلاَة كَأنَّ بُوْق يِضْرَب .. دَعْوَة لِلحَرْب .. إِضْرَبُوا بِالبُوْق .. مَا أجْمَل أنْ تَكُون حَيَاتِي دَائِماً إِسْتِجَابَة لِضَرَبَات البُوْق .. تَخَيَّل أنَّهُ عِنْدَمَا تَكُون هُنَاك حَالِة حَرْب وَيَضْرَبُوا بِالبُوْق وَتُحَارِب وَأنْتَ كَسُول .. لاَ .. الحَرْب لِلرَّبَّ .. فَكُنْ مُسْتَجِيب دَائِماً لِلبُوْق لِذلِك الأبَاء فَسَّرُوا صُوْت البُوْق أنَّهُ الإِنْجِيل .. دَائِماً كَلِمَة الله هِيَ صُوْت البُوْق . البُوْق يُمَثِّل الوَصِيَّة الإِلهِيَّة .. مَرَّة يِكَلِمَك عَنْ الوَصِيَّة الإِلهِيَّة إِنَّهَا ذَهَبْ وَمَرَّة هِيَ مَطْرَقَة وَمَرَّة هِيَ فَضَّة وَمَرَّة هِيَ مِرْآة لِذلِك ضَرْب البُوْق وَصِيَّة إِلهِيَّة تَعْمَل فِي النَّفْس مِنْ خِلاَل الجِهَاد الرُّوحِي ضِدْ الخَطِيَّة كَيْ تَغْلِب .. لِنَفْرِض أنَّ النَّفْس لَمْ تَأتِ بِضَرْب البُوْق فَهُنَاك طَرِيقَة أُخْرَى ..{ صَوِّتُوا فِي جَبَلِ قُدْسِي } أي صُوْت عَالِي جِدَّاً .. { لِيَرْتَعِد جَمِيعَ سُكَّانِ الأرْضِ لأِنَّ يَوْمَ الرَّبِّ قَادِمٌ لأِنَّهُ قَرِيبٌ . يَوْمُ ظَلاَمٍ وَقَتَامٍ يَوْمُ غَيْمٍ وَضَبَابٍ مِثْلَ الْفَجْرِ مُمْتَدَّاً عَلَى الْجِبَالِ . شَعْبٌ كَثِيرٌ وَقَوِيٌّ لَمْ يَكُنْ نَظِيرُهُ مُنْذُ الأزَلِ } .. إِنْ لَمْ تَأتِ بِصَوْت البُوْق سَتَأتِي بِالرِعْدَة وَالزَّلْزَلَة .. التَّعَدِّي وَالمَعْصِيَة إِنْ لَمْ تَتُبْ عَنْهَا بِرُوح الوَدَاعَة وَاسْتِجَابْتَك لِصُوْت الإِنْجِيل سَتَأتِي بِالمَخَافَة لِذلِك الله يَقُول لَيْتَكَ تَعُود إِلَيَّ بِالوَصِيَّة .. عِنْدَمَا تَسْمَع صُوْت الإِنْجِيل تَجَاوَب مَعَ حَنَان الله وَصُوْته وَلاَ دَاعِي لأِنْ يِرْهِبَك الله . مَا أجْمَل أرْمِيَا عِنْدَمَا قَالَ لله { لاَ تَكُنْ لِي رُعْبُاً } ( أر 17 : 17) .. الله يَقُول إِنْتَبِه إِنْ لَمْ تَتُبْ إِسْتِجَابَة لِصَوْتِي سَأُرْعِبَك لِذلِك يَقُول { شَعْبٌ كَثِيرٌ وَقَوِيٌّ لَمْ يَكُنْ نَظِيرُهُ مُنْذُ الأزَلِ } .. الله عِنْده إِسْتِعْدَاد مِنْ صَلاَحه وَمَحَبِّته أنْ يُخِيف الإِنْسَان لأِجْل تُوْبته لِذلِك هُنَاك إِنْسَان صُوْت الله يَمْلأه سَلاَم وَآخَرْ لاَ يَسْتَجِيب هذَا الله يَتَعَامَل مَعَهُ بِأُسْلُوب آخَرْ .. مِثْل يُوْم الدَيْنُونَة الأخِير بِالنِسْبَة لِلمُؤمِنِين يُوْم عُرْس وَفَرَح وَمُكَافَأة وَبِالنِسْبَة لِلأشَّرَار يُوْم رُعْب وَخُوْف وَغِيم وَظَلاَم وَضَبَاب .. لِمَاذَا ؟ شَعْب كَثِير قَوِي .. لِمَاذَا ؟ لأِنَّ الإِنْسَان لَمَّا تَهَاوَن وَعَاشْ فِي الشَّر بَدأ يَبْتَعِد عَنْ الله وَأصْبَح يَحْيَا فِي جَفَاف فَجَسَده لاَ يَتَمَتَّع بِالله وَلاَ نَفْسه وَلاَ رُوحه .. نَارْ تَأكُل لَهِيب يِحْرَق الأرْض .. أمَامه قَفْر خَرَاب لاَ تَكُون مِنْهُ نَجَاة .. عَلاَمَات إِنْذَار الله لِشَعْبه لِذلِك يَقُول سَيَكُون مَنْظَره كَالخِيل يَأتُون بِمَرْكَبَات .. نَار تَأكُل .. قَوْم أقْوِيَاء مُصْطَّفِين لِلقِتَال . المُتَهَاوِن فِي حَيَاته الرُّوحِيَّة يَقْوَى عَلِيه الأعْدَاء وَيُحَارِبوه بِانْتِظَام .. { مُصْطَفِّينَ لِلْقِتَالِ . مِنْهُ تَرْتَعِدُ الشُّعُوبِ . كُلُّ الْوُجُوهِ تَجْمَعُ حُمْرَةً . يَجْرُونَ كَأبْطَالٍ . يَصْعَدُونَ السُّورَ كَرِجَالِ الْحَرْبِ } .. عِنْدَمَا لاَ تَسْتَجِيب النَّفْس لِلوَصِيَّة يُحِيط بِهَا الأعْدَاء وَيُعْلِنْ سُلْطَان العَدُو .. مَتَى نَشْعُر أنَّ العَدُو جَبَّار ؟ عِنْدَمَا نَتْرُك الله .. نَجِد إِنْسَان يِشْتِكِي مِنْ الخَطِيَّة فِي يَأس وَيَقُول لاَ أسْتَطِيع .. مَتَى يَحْدُث هذَا .. وَلِمَاذَا ؟ لأِنَّهُ هُنَا يَشْعُر بِضَخَامِة حَجْم العَدُو .. وَمَتَى تَظْهَر ضَخَامِة العَدُو ؟ عِنْدَمَا يَتْرُك الإِنْسَان الله وَقُوَّتَه فَلاَ يَكُون رَجَاء فِي الغَلْبَة وَكُلَّ عَمَل فِينَا يَتَحَطَّمْ وَتَتَحَوَّل حَيَاتْنَا إِلَى قَفْر .. نَار تَأكُل وَلاَ يُوْجَدْ أبَداً رَجَاء وَالخَطِيَّة مُحْكَمَة .. { يَمْشُونَ كُلُّ وَاحِدٍ فِي طَرِيقِهِ وَلاَ يُغَيِّرُونَ سُبُلَهُمْ } حَرْب مُنَظَمَة .. نَاس تَأتِي لَك مِنْ فُوْق عَارْفِين طَرِيقَهُمْ .. { وَلاَ يُزَاحِمُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً } أي مُنَظَمِين .. عِنْدَمَا تَتَوَانَى النَّفْس تُسَلَّم لِيَدْ أعْدَائهَا وَالأعْدَاء يُحَارِبُونَهَا بِشَرَاسَة وَفِرْدُوس الله دَاخِل النَّفْس يَتَحَوَّل إِلَى قَفْر .. بِدِقَّة شَدِيدَة يُهَاجِم وَلاَ يَخْطَف لِذلِك لَنْ يَهْرَب مِنْهُ أحَدْ وَفِرْدُوس الله دَاخِل النَّفْس يَتَحَوَّل إِلَى قَفْر لِذلِك لَنْ يَهْرَب أحَدْ مِنْ هذِهِ الحَرْب وَثَمَرِة الخَطِيَّة تَأتِي عَلَى كُلَّ إِنْسَان حَتَّى وَإِنْ كَانَ فِي البِيت أم لاَ .. { يَتَرَاكَضُونَ فِي الْمَدِينَةِ يَجْرُونَ عَلَى السُّورِ يَصْعَدُونَ إِلَى الْبُيُوتِ يَدْخُلُونَ مِنَ الْكُوَى كَاللَِّصِّ } .. الله يُنْذِر الشَّعْب بِالخُوْف . 2/ دَعْوَة لِلتُوْبَة :0 ================== مِنْ أرْوَع فُصُول التُوْبَة فِي الكِتَاب المُقَدَّس .. الله كَشَفْ عَنْ فَاعِلِيِة الخَطِيَّة فِي النَّفْس وَكَشَفْ عَمَّا تُحْدِثه فِي النَّفْس مِنْ دَمَار وَفِي الجَسَدْ وَالرُّوح وَكَيْ لاَ يَقَعْ أحَدْ فِي هُوَة اليَأس يَفْتَح الله بَاب الرَّجَاء .. { الآنَ يَقُولُ الرَّبُّ ارْجِعُوا إِلَيَّ بِكُلِّ قُلُوبِكُمْ } .. الله يَقُول تَعَالَ .. هَلْ يُوْجَدْ حَلْ لِهذَا العَدُو الجَبَّار يَا الله ؟ يَقُول الله نَعَمْ إِرْجَعُوا إِلَيَّ بِكُلَّ قُلُوبَكُمْ .. تَعَالَ إِلَيَّ لكِنْ بِكُلَّ قَلْبَك .. كَيْفَ يَا الله ؟ يَقُول { بِالصُّوْمِ وَالْبُكَاءِ وَالنَّوْحِ . وَمَزِّقُوا قُلُوبَكُمْ لاَ ثِيَابَكُمْ } .. أنَا أُرِيد أنْ أرَى صُوْرَة حَقِيقِيَّة لِرِجُوعَك لِيَّ وَلَيْسَ رُجُوع بِرِيَاء .. عِنْدَمَا تِرْجَع إِلَيَّ لاَ تُمَزِق ثِيَابَك بَلْ مَزِق قَلْبَك .. لاَ تُمَزِق ثِيَابَك وَأنْتَ مَمْلُوء غُرُور . دَعْوَة لِلتُوْبَة .. الله حَنُون عَلَى قَدْر مَا يُظْهِر قَسْوِة العَدُو عِنْدَمَا أتَرَاخَى عَلَى قَدْر مَا يَفْعَل ذلِك لِرِجُوعِي وَتَوْبَتِي .. مِثْل أب لَدَيْهِ إِبْن فِي الدِرَاسَة لكِنَّهُ مُتَرَاخِي وَمُسْتَهْتِر فَيَقُول لَهُ إِنْ حَصَلْت عَلَى دَرَجَات جَيِّدَة الشَّهْر القَادِم سَأُحْضِر لَكَ هِدِيَة .. وَالإِبْن مَازَال مُسْتَهْتِر فَيَقُول لَهُ إِنْ لَمْ تَحْصُل عَلَى دَرَجَات جَيِدَة الشَّهْر القَادِم سَأغْضَب مِنْكَ .. وَالإِبْن لاَ يَسْمَع فَيَقُول لَهُ مَادُمْت لاَ تَسْتَجِيب سَأُخْرِجَك مِنْ الدِرَاسَة مَادُمْت لاَ تُرِيدَهَا وَسَتَذْهَب إِلَى مِيكَانِيكِي تَعْمَل لَدَيْهِ وَتَسْهَر وَ ... هَلْ هذَا الأب يِكْرَه إِبْنه ؟ .. لاَ .. لكِنَّهُ يَرَاه غِير مُنْتَبِه لِمُسْتَقْبَله .. هكَذَا يَفْعَل الله مَعَنَا .. يَقُول سَأجْعَله يَوْم غِيم وَضَبَاب وَسَأُرْعِدَك وَسَتُرْعِبَك الشُّعُوب .. إِنْتَبِه أنْتَ مُسْتَهْتِر لاَ تَعْرِف مَاذَا تَفْعَل .. لَوْ سَلِّمْت نَفْسَك لِلأعْدَاء وَالخَطِيَّة سَتَجِدْ أنَّ الخَطِيَّة لاَ تُشْفِق وَسَتُحَوِلَك إِلَى قَفْر .. إِنْسَان بِلاَ ثَمَرْ مَنْهُوب فَاقِد الرَّجَاء وَفَاقِد الشَّخْصِيَّة .. هذَا حَال مَنْ يَحْيَا فِي الخَطِيَّة سَتَجِده يَائِس مُحْبَط كُلَّ الإِمْكَانِيَات مُتَوَفِرَة لَهُ لكِنَّهُ مَقْسُوْم لِذلِك قَالَ الله إِرْجَعُوا إِلَيَّ بِكُلَّ قُلُوبَكُمْ .. لَمَّا تُرِيد الرُّجُوع لله إِرْجَع لَهُ بِكُلَّ قَلْبَك . الله أب وَإِنْ كَانَ يُؤَدِب فَإِنَّهُ يَنْتَظِر .. وَإِنْ كَانَ يُؤَدِب فَثِق فَإِنَّهُ يُؤَدِب مِنْ أجْل الرُّجُوع إِلِيه لأِنَّهُ لاَ يَشَاء هَلاَك إِنْسَان .. لَيْتَنَا نَسْتَجِيب لِهذِهِ الدَّعْوَة فِي فِتْرِة الصُوْم .. إِرْجَع لَهُ بِكُلَّ قَلْبَك .. القَلْب هُوَ مَرْكَز الإِنْفِعَالاَت وَالمَشَاعِر وَالحَيَاة .. وَجَرَت العَادَة أنْ تُطْلَق كَلِمَة " القَلْب " فِي الكِتَاب المُقَدَّس أوْ فِي تَعْبِير الأبَاء أنَّهُ يَرْمُز إِلَى الجَوْهَر الرُّوحِي لِلإِنْسَان لِذلِك إِرْجَع لَهُ بِكُلَّ قَلْبَك وَلِتَرَى أيْنَ قَلْبَك .. ضَعْ قَلْبَك أمَامه لِذلِك قَالَ { اجْعَلُوا قَلْبَكُمْ عَلَى طُرُقِكُمْ } ( حج 1 : 5 ) أي إِجْعَل القَلْب يُحَدِد أيْنَ يُرِيد أنْ يَكُون .. الله يُرِيدَك بِكُلَّ قَلْبَك . فِرْعُون يَقُول لِمُوسَى وَهَارُون صَلِيَا لأِجْلِي عِنْدَ إِلهَكُمَا وَيَعْتَذِر .. نَقُول أنَّهُ تَاب .. لكِنَّهُ يَعُود ثَانِيَةً وَيُعَانِد لأِنَّهُ لَمَّا رَجَعْ لَمْ يَرْجَع بِكُلَّ قَلْبه بَلْ بِمُؤَثِر خَارِجِي .. لِذلِك إِنتْبِه أنْ تَعُود لَهُ بِكُلَّ قَلْبَك .. لِذلِك مِنْ عَلاَمَات الرُّجُوع لله بِكُلّ القَلْب أنَّ الجَسَدْ يَشْتَرِك مَعَ القَلْب .. الجَسَدْ وَالمَشَاعِر الإِثْنَان يُقَدَمَان لله .. الجَسَدْ يُقَدِم صُوْم وَالمَشَاعِر تُقَدِم بُكَاء .. بُكَاء لِدَرَجِة النَّوح لِذلِك يَقُول إِرْجَعُوا إِلَيَّ بِكُلَّ قُلُوبَكُمْ بِالصُوْم وَالبُكَاء وَالنَّوْح مَزِّقُوا قُلُوبَكُمْ لاَ ثِيَابَكُمْ .. { ارْجِعُوا إِلَى الرَّبِّ إِلهِكُمْ لأِنَّهُ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ بَطِئُ الْغَضَبِ وَكَثِيرُ الرَّأفَةِ وَيَنْدَمُ عَلَى الشَّرِّ } .. لَدَيْهِ الإِسْتِعْدَاد أنْ يَنْسَى كُلَّ مَا فَات لأِنَّهُ كَثِير الرَّأفَة وَالرَّحْمَة رَأفَتَهُ كَثِيرَة وَغَضَبه قَلِيل .. غَضَبه بَطِئ هذِهِ ثِقَتْنَا فِي إِلهْنَا . لكِنْ مَا الَّذِي يَجْعَل غَضَبه يَظْهَر وَإِنْ كَانَ بَطِئ ؟ هَلْ هُوَ غَضَبه أم خَطَايَانَا ؟ بِالطَبْع خَطَايَانَا لِذلِك يَقُول أُرِيدَك أنْ تَرْجِع إِلَيَّ .. التُوْبَة تَهِز الأحْشَاء الدَّاخِلِيَّة لله .. يَقُول الشِيخ الرُّوحَانِي { مَنْ ذَا الَّذِي يُبْغِضَكِ أيَّتُهَا التَوْبَة إِلاَّ العَدُو لأِنَّكِ إِقْتَنَيْتِ كُلَّ مُقْتَنَاه } .. العَدُو فَقَطْ هُوَ الَّذِي يُبْغِض التُوْبَة لأِنَّهَا تَأخُذْ مِنْهُ النِفُوس الَّتِي سَلَبَهَا بِالخَطِيَّة .. التُوْبَة تُعِيدَهَا مَرَّة أُخْرَى لِذلِك العَدُو يِكْرَه التُوْبَة بِشِدَّة .. وَلِذلِك يُكَلِمَك عَنْ دَعْوَة لِلتُوْبَة وَالله نَاظِر إِلَى هذِهِ التَنَهُدَات وَالدِمُوع وَالنَّوْح .. الله يُرَاقِب هذِهِ القُلُوب لِذلِك جَيِّد أنْ يَقُول لَكَ الله إِرْجَع لِي وَجَيِّد أنَّهُ يَنْدَم عَلَى الشَّر لَعَلَّهُ يَرْجَع .. { لَعَلَّهُ يَرْجِعُ وَيَنْدَمُ } لَعَلَّهُ .. لأِنَّنَا نَتَرَجَّى مَرَاحِم الله .. نَحْنُ فِي الحَقِيقَة نَسْتَحِق العُقُوبَة . فِي سِفْر بَارُوك يَقُول { نَحْنُ خَطَئْنَا وَنَافَقْنَا وَأثَمْنَا أيُّهَا الرَّبُّ إِلهْنَا } ( با 2 : 12) .. نَحْنُ نَسْتَحِق مَا يَحْدُث لَنَا مِنْ تَأدِيبَات لِذلِك يَقُول { أَنَّهُ مِنْ إِحْسَانَاتِ الرَّبِّ أَنَّنَا لَمْ نَفْنَ } ( مرا 3 : 22 ) إِحْسَانَات الله .. لِذلِك نَقُول لَعَلَّهُ يَرْجَع أي مِنْ حَقِّهِ أنْ يَغْضَب مِنْ كَثْرِة خَطَايَانَا وَمِنْ حَقِّهِ أنْ يَرْجَع .. أحَدْ الأبَاء كَانَ يَنْصَح أوْلاَده عِنْدَمَا يَطْلُبُون رَحْمِة الله أنْ يَطْلُبُوهَا وَهُمْ يَتَرَجُونَهَا وَلَيْسَ عَنْ إِسْتِحْقَاق فَكَانَ يَقُول لَهُمْ هكَذَا قُولُوا { إِرْفَع يَارَبَّ غَضَبَك عَنَّا } .. مِنْ جِهَة إِسْتِحْقَاقَاتَنَا نَحْنُ نَفْنَ وَمِنْ جِهَة رَأفَاتَك أنْتَ تَغْفِر .. { إِفْتَح لَنَا يَارَبَّ ذلِك البَاب الَّذِي أغْلَقْنَاه عَلَى أنْفُسَنَا بِإِرَادَتْنَا إِنْ فَتَحَ فَهذَا حَقٌ وَإِنْ لَمْ يَفْتَح فَهذَا حَقٌ .. إِنْ فَتَحَ فَمِنْ جَزِيل رَأفَاته وَإِنْ لَمْ يَفْتَح فَمُبَارَك ذَاكَ الَّذِي أغْلَق عَلَيْنَا بِعَدْل } . إِفْحَص كُلَّ الخَطَايَا سَتَجِدْ أنَّهَا كُلَّهَا بِإِرَادَتَك وَسَتَقُول أنَّهُ سَبَق الخَطِيَّة مَشَاعِر وَأفْكَار وَتَهَاوُن .. حَتَّى وَإِنْ لَمْ تَفْتَح فَمُبَارَك أنْتَ يَا الله .. نَحْنُ نَقِف أمَام الله نَطْلُب الرَّحْمَة لاَ لأِنَّنَا نَسْتَحِقَهَا بَلْ قِف أمَامه وَأنْتَ تَعْلَم أنَّكَ مُجْرِم مُتَلَبِس وَأمَام القَانُون جَرِيمَتَك تَسْتَحِق حُكْم مُعَيَّن وَأنْتَ تَطْلُب الرَّحْمَة فَهَلْ تَطْلُبْهَا بِحَقٌ أم بِتَوَسُل ؟ بِتَوَسُل وَالله يُعْطِي مَنْ يَطْلُبَهَا بِتَوَسُل .. { أَفَلاَ يُنْصِفُ اللهُ مُخْتَارِيهِ الصَّارِخِينَ إِلَيْهِ نَهَاراً وَلَيْلاً وَهُوَ مُتَمَهِّلٌ عَلَيْهِمْ } ( لو 18 : 7 ) . لِذلِك يَقُول { اِضْرِبُوا بِالْبُوقِ فِي صِهْيَوْنَ قَدِّسُوا صَوْماً نَادُوا بِاعْتِكَافٍ } .. خُذُوا الأمر بِجِدِيَّة إِنْ كَانَ العَدُو يُمْكِنْ أنْ يَذِلَكُمْ إِلَى هذِهِ الدَرَجَة وَيُحَارِبَكُمْ بِإِنْتِظَام وَيَأخُذْ ثَمَرَكُمْ .. إِنْ كَانَ العَدُو مُتَجَبِر عَلَيْكُمْ وَقَاسِي جِدَّاً .. إِنْ كَانَ العَدُو مُتَسَلِط وَجَبَّار إِلَى هذِهِ الدَرَجَة فَأمَام كُلَّ هذَا الجَبَرُوت قَدِّسُوا صَوْماً نَادُوا بِإِعْتِكَاف .. { اِجْمَعُوا الشَّعْبَ قَدِّسُوا الْجَمَاعَةَ احْشُدُوا الشُّيُوخَ اجْمَعُوا الأطْفَالَ وَرَاضِعِي الثُّدِيِّ } .. مَاذَا يَفْعَل رَاضِعِي الثَّدِيِّ ؟ كُلَّ هؤُلاَء يُمَثِلُون وِحْدَة وَاحِدَة هُمْ كُلُّهُمْ جَسَدْ الله وَأعْضَاءه .. كَنِيسَتَهُ .. إِجْمَعُوا الكُلَّ { لِيَخْرُجِ الْعَرِيسُ مِنْ مُِخْدَعِهِ وَالْعَرُوسُ مِنْ حَجَلَتِهَا } .. إِنْسَان يَقُول أنَا عَرِيس وَأُرِيد بَعْض الوَقْت مَعَ زَوْجَتِي .. نَقُول لَهُ هذَا وَقْت بُكَاء وَتُوْبَة وَتَنَهُّد .. إِجْمَعُوا الكُلَّ حَالِة حَرْب كَمَا يُحَارِبْنَا العَدُو بِنِظَام وَدِقَّة وَقَسْوَة هكَذَا لاَبُد أنْ نَسْتَعِد لَهُ لِذلِك يَقُول إِجْمَعُوا كُلَّ الشَّعْب . مَا أجْمَل الكِنِيسَة الَّتِي يَرَى فِيهَا الله كُلَّ أعْضَاءهَا يَتَألَمُون وَقَلْبَهَا كُلَّه مَرْفُوع كُلَّ أعْضَاءهَا يَتَنَهَدُون وَيَصْرُخُون .. مَا أجْمَل الكِنِيسَة الَّتِي يَرَى الله كُلَّ أعْضَاءهَا يَصُومُون بِإِنْسِحَاق حَتَّى رَاضِعِي الثَّدِيِّ .. فَهَلْ هؤُلاَء أيْضاً يَهِمُوك يَا الله ؟ رَأيْنَا فِي أهل نِينَوَى أنَّهُمْ جَعَلُوا البَهَائِم تَصُوم مَعَهُمْ لأِنَّهُمْ أرَادُوا أنْ يَرَى الله فِيهُمْ نِفُوس مُنْسَحِقَة تَمَاماً .. لِذلِك يَقُول { لِيَبْكِ الْكَهَنَةُ خُدَّامُ الرَّبِّ بَيْنَ الرُِّوَاقِ وَالْمَذْبَحِ وَيَقُولُوا اشْفِقْ يَارَبُّ عَلَى شَعْبِكَ وَلاَ تُسَلِّمْ مِيرَاثَكَ لِلْعَارِ } .. طِلْبَة جَمِيلَة نَطْلُبَهَا .. نَحْنُ يَارَبَّ شَعْبَك وَمِيرَاثَك .. نَحْنُ حَقَّك .. نَحْنُ لَكَ يَارَبَّ .. جَيِّد أنْ نَطْلُب التُوْبَة بِهذِهِ الرُّوح . الله يَطْلُب كُلَّ طَاقَات وَمَوَاهِب الإِنْسَان .. يُرِيد كُلَّ الإِنْسَان لِذلِك يَقُول { فَيَغَارُ الرَّبُّ لأِرْضِهِ وَيَرِقُّ لِشَعْبِهِ وَيُجِيبُ الرَّبُّ وَيَقُولُ لِشَعْبِهِ هأَنَذَا مُرْسِلٌ لَكُمْ قَمْحاً وَمِسْطَاراً وَزَيْتاً لِتَشْبَعُوا مِنْهَا وَلاَ أَجْعَلُكُمْ أَيْضاً عَاراً بَيْنَ الأُمَمِ } .. عِنْدَمَا يَجِدَنِي أُقَدِّم لَهُ تُوْبَة بِإِنْسِحَاق وَتَذَلُّل يَرُد لِي الخِير الَّذِي أعْطَانِي إِيَّاه .. لِتَرَى غِيرِة الله عَلَى أرْضِهِ .. يُقَدِّم لَكَ شَبَعْ الَّذِي هُوَ القَمْح .. وَالمِسْطَار هُوَ عَصِير الكَرْم رَمْز لِلفَرَح الرُّوحِي .. القَمْح هُوَ الطَّعَام رَمْز لِلغِذَاء الرُّوحِي .. الزِيت يَرْمُز لِعَطَايَا الرُّوح القُدُس .. الله يَقُول وَلاَ أجْعَلَكُمْ عَاراً بَيْنَ الأُمَم لأِنَّهُ يُعْطِيك عَطَايَا جَزِيلَة .. يُعْطِيك دَالَّة وَفَرْحَة . { وَالشِّمَالِيُّ أُبْعِدُهُ عَنْكُمْ وَأَطْرُدُهُ إِلَى أَرْضٍ نَاشِفَةٍ وَمُقْفِرَةٍ } .. الله يَقُول أنَا سَلَّطْت الشِّمَالِيُّ عَلَيْكُمْ وَجَعَلْتَهُ يُحَارِبَكُمْ لِذلِك أنَا الَّذِي أقْدِر أنْ أطْرُدَهُ .. فَيَقُول { لاَ تَخَافِي أَيَّتُهَا الأرْضُ ابْتَهِجِي وَافْرَحِي لأِنَّ الرَّبَّ يُعَظِّمُ عَمَلَهُ . لاَ تَخَافِي يَا بَهَائِمَ الصَّحْرَاءِ فَإِنَّ مَرَاعِي الْبَرِّيَّةِ تَنْبُتُ لأِنَّ الأشْجَارَ تَحْمِلُ ثَمَرَهَا التِّينَةُ وَالْكَرْمَةُ تُعْطِيَانِ قُوَّتَهُمَا } .. الله يُقَدِّس كُلَّ طَاقَات الإِنْسَان عَنْ طَرِيقٌ مَوَاهِب الرُّوح القُدُس الَّتِي يُعْطِيهَا لَهُ وَيَرُد البَهْجَة وَيُؤَدِب الأعْدَاء وَيَقُول لَهُمْ لاَ تَتَخَيَلُوا أنَّكُمْ أقْوِيَاء .. لاَ .. أنَا مَنْ سَمَحْت لَكُمْ بِهذِهِ القُّوَة .. أنَا إِسْتَخْدِمْتُكُمْ عَصَا تَأدِيب لِشَعْبِي . { يَا بَنِي صِهْيَوْنَ ابْتَهِجُوا وَافْرَحُوا بِالرَّبِّ إِلهِكُمْ لأِنَّهُ يُعْطِيكُمْ الْمَطَرَ الْمُبَكِّرَ عَلَى حَقِّهِ وَيُنْزِلُ عَلَيْكُمْ مَطَراً مُبَكِّراً وَمُتَأَخِّراً فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ } .. إِرْتَبَطَ دَائِماً المَطَر بِعَمَل الرُّوح القُدُس .. دَائِماً يُرْمَز لِعَمَل الرُّوح القُدُس بِالمِيَاه بِكُلَّ أنْوَاعْهَا وَمِنْ أجْمَل أنْوَاع المِيَاه مِيَاه المَطَر لأِنَّ مَصْدَرْهَا السَّمَاء مُبَاشَرَةً .. المَطَر الَّذِي يَأتِي مِنْ السَّمَاء مُبَاشَرَةً هُوَ رَمْز لِفِيض عَطَايَا الرُّوح القُدُس المِيَاه المُقَدَّسَة لِذلِك يَتَكَلَّم عَنْ نُوعِين مِنْ المَطَر مَطَر مُتَقَدِم وَمَطَر مُتَأخِّر .. المَطَر المُتَقَدِّم هُوَ إِنْسِكَاب رُوح الله عَلَى الإِنْسَان طُول الفِتْرَة الَّتِي عَرَفَ الله فِيهَا .. المَطَر المُتَأخِّر فَهُوَ عَطِيِة الرُّوح القُدُس الَّتِي أعْطَاهَا الله لِكَنِيسَتَهُ يَوْم الخَمْسِين .. إِذاً الله أعْطَى البَشَرِيَّة مَطَر مُتَقَدِم مُنْذُ أنْ خَلَقَ الخَلِيقَة .. وَكَانَ { رُوحُ اللهِ يَرِفُّ عَلَى وَجْهِ الْمِيَاهِ } ( تك 1 : 2 ) .. وَالمَطَر المُتَأخِّر فِي يُوْم الخَمْسِين لِذلِك الأبَاء القِدِّيسُون يَقُولُون أنَّ لِكُلَّ إِنْسَان مَطَر مُتَقَدِم وَمَطَر مُتَأخِّر . أنَا يَوْمِياً عِنْدِي مَطَر مُتَقَدِم وَمَطَر مُتَأخِّر .. وَلِنَنْتَبِه أنَّهُ أحْيَاناً يَكُون بَيْنَ المَطَر المُتَقَدِّم وَالمُتَأخِّر فِتْرِة جَفَاف فَلاَ تَحْزَن إِنْ مَرِّت فِي حَيَاتَك فَتَرَات فُتُور رُوحِي لأِنَّكَ بِذلِك تَكُون بَيْنَ المَطَر المُتَقَدِّم وَالمُتَأخِّر .. عِنْدَمَا تَجِد أنَّ المَطَر تَأخَّر مَاذَا تَفْعَل ؟ أُطْلُب المَطَر لأِنَّهُ مَتَى يَأتِي ؟ لَيْسَ لَكَ يَدْ فِي ذلِك مَا عَلِيك هُوَ أنْ تَزْرَع الزَّرْع وَتَحْرُث الأرْض وَتَضَعْ البِذْرَة وَتَرْعَاهَا أمَّا مَتَى يَأتِي المَطَر فَهذَا عَمَل نِعْمَة الله يَأتِي عَلَيْكَ المَطَر المُتَقَدِّم وَالمُتَأخِّر .. النِفُوس الَّتِي تَضْجَر مِنْ الفِتْرَة مَا بَيْنَ المَطَر المُتَقَدِّم وَالمَطَر المُتَأخِّر تُعْلِنْ عَنْ عَدَم إِسْتِحْقَاقْهَا .. وَالنِفُوس الَّتِي تَتَرَاجَعْ تُعْلِنْ ضَعْف إِيمَانْهَا .. أمَّا النِفُوس الَّتِي تَثْبُت فَهيَ تُعْلِنْ إِيمَانْهَا . لِذلِك يَقُول { فَتُمْلأُ الْبَيَادِرُ حِنْطَةً وَتَفِيضُ حِيَاضُ الْمَعَاصِرِ خَمْراً وَزَيْتاً } .. مَتَى أتَمَتَّع بِهذَا الشَّبَع ؟ هذَا غِنَى كُلَّ البُيُوت وَالبَيَادِر تُمْلأ حِنْطَة .. كُلَّ المَخَازِن تُمْلأ حِنْطَة .. غِنَى .. إِنْسَان الله الَّذِي يَحْيَا فِي فَرَح بِالله تَجِدْ دَاخِلُه كُنُوز وَمَخَازِن .. { سَوَاقِي اللهِ مَلآنَةٌ مَاءً } ( مز 65 : 9 ) .. عِنْدَمَا يَأتِي مَوْقِف يَمْتَحِنْ هذَا الشَّخْص تَجِدْ بَيْدَرَهُ مَمْلُوء حِنْطَة .. { تَفِيضُ حِيَاضُ الْمَعَاصِرِ خَمْراً وَزَيْتاً وَأُعَوِّضُ لَكُمْ عَنِ السِّنِينَ الَّتِي أَكَلَهَا الْجَرَادُ } .. فَتَرَات الحُرُوب الرُّوحِيَّة وَالقَفْر الَّذِي سَبَّبَهُ عَدُو الخِير يُعَوِضْنِي عَنْهَا الله .. أنَا مَا عَلَيَّ إِلاَّ إِنِّي لاَ أمِيل بِقَلْبِي لِلخَطَايَا وَلَيْسَ عَدَم عَمَل الخَطِيَّة فَقَطْ بَلْ لاَ أمِيل بِقَلْبِي لِلخَطَايَا .. أجَاهِد ضِدْ الخَطِيَّة وَالله يُعَوِضَنِي عَنْ السِنِين الَّتِي أكَلَهَا الجَرَاد .. لَكَ وَعْد مِنْ الله إِنْ ثَبَتْ فِي الحَرْب وَلَوْ ظَلَلْت سِنِين أكَلَهَا الجَرَاد فَالله قَادِر أنْ يُعَوِضَك عَنْهَا وَسَتَجِد فِيض أنْهَار .. { فَتَأْكُلُونَ أَكْلاً وَتَشْبَعُونَ وَتُسَبِّحُونَ اسْمَ الرَّبِّ إِلهِكُمُ الَّذِي صَنعَ مَعَْكُمْ عَجَباً وَلاَ يَخْزَى شَعْبِي إِلَى الأبَدِ } .. مُنْذُ قَلِيل كَانَتْ الشُّعُوب تَهِيجُ عَلَيْنَا وَتَتَحَوَّل حَيَاتْنَا إِلَى ظُلْمَة لأِنَّنَا أخْطَأنَا لله .. لاَ .. إِنْتَبِه أنَا الرَّبَّ إِلهْكُمْ .. جَيِّد هُوَ الإِنْسَان الَّذِي يَتَمَسَّك بِالرَّبَّ إِلهَهُ .. جَيِّد مَنْ يَثِق أنَّ الله وَاهِب النُصْرَة . { وَيَكُونُ بَعْدَ ذلِكَ أَنِّي أَسْكُبُ رُوحِي عَلَى كُلِّ بَشَرٍ فَيَتَنَبَّأُ بَنُوكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَيَحْلَمُ شُيُوخُكُمْ أَحْلاَماً وَيَرَى شَبَابُكُمْ رُؤًى } .. هذِهِ هِيَ عَطِيِة الرُّوح القُدُس العَطِيَّة العُظْمَى مِنْ الله لِلبَشَرِيَّة .. مُكَافَأة الله لِلبَشَرِيَّة الوَعْد بِهَا جَاءَ فِي يُوئِيل 2 .. هَلْ يَا الله تُرِيد أنْ تُشَوِقْنَا لِلرُّوح القُدُس مِنْ قَبْل أنْ يَأتِي بـ 500 سَنَة ؟ يَقُول نَعَمْ أنَا أُرِيد أُرِيك عَطِيِة الرُّوح القُدُس الَّذِي يُسَمَّى رُوح النُّبُوَة . هذَا الأصْحَاح بَدأ بِالعُقُوبَة وَانْتَهَى بِمُكَافَأَت وَعَطَايَا وَغِنَى وَعَطِيِة الرُّوح القُدُس رُوح الله .. النَّفْس الأمِينَة لله عَلَى مِيعَاد مَعَ الرُّوح القُدُس فَتَمْسِك بِالله وَلاَ تَتْرُكَهُ دُونَ أنْ تَأخُذْ الهِدِيَّة وَيَتَحَقَّق فِيك الوَعْد .. قُلْ لَهُ أنْتَ يَارَبَّ قُلْتَ إِنِّي أسْكُب رُوحِي عَلَى كُلَّ البَشَر .. خُذْ الرُّوح القُدُس دَاخِلَك كَمَارِد قَوِي مُتَسَلِط جَبَّار يُعْطِيك قُوَّة وَرَجَاء لِذلِك يَقُول " بَنُوكُمْ وَبَنَاتُكُمْ " يَكُونُونَ أصْحَاب بُنُّوَة .. يَارَبَّ ألَيْسَ أوْلاَدْنَا كَانُوا مُنْذُ قَلِيل أشْرَار تَحْت سُلْطَان العَدُو ؟!! يُجِيب نَعَمْ وَلكِنِّي سَأُحَوِلَهُمْ إِلَى أنْبِيَاء .. أيْضاً شُيُوخَكُمْ سَيَحْلَمُون وَيَرَوْنَ رُؤى . حَتَّى الَّذِينَ تَحْتَقِرُونَهُمْ وَهُمْ العَبِيد .. { وَعَلَى الْعَبِيدِ أَيْضاً وَعَلَى الإِمَاءِ أَسْكُبُ رُوحِي فِي تِلْكَ الأيَّامِ وَأُعْطِي عَجَائِبَ فِي السَّمَاءِ وَالأرْضِ دَماً وَنَاراً وَاعْمِدَةَ دُخَانٍ } .. سَأُحَوِل المَسْكُونَة كُلَّهَا إِلَى مَسْكُونَة خَاضِعَة لِي تَعْبُدَنِي بِحُب .. عَطِيَّة مَصْحُوبَة بِعَجَائِب وَكَأنَّ غَايِة العَطِيَّة أنْ يُعْلِنْ أنَّ هذِهِ كَنِيسَتَهُ وَهذَا شَعْبه .. { وَتَتَحَوَّلُ الشَّمْسُ إِلَى ظُلْمَةٍ وَالْقَمَرُ إِلَى دَمٍ قَبْلَ أَنْ يَجِئَ يَوْمُ الرَّبِّ الْعَظِيمُ الْمَخُوفُ . وَيَكُونُ أَنَّ كُلَّ مَنْ يَدْعُو بِاسْمِ الرَّبِّ يَنْجُو } .. عِنْدَمَا تَأتِي عَطِيِة الرُّوح القُدُس سَيُهَيِئ كَنِيسَتَهُ لِمَجِئ الرَّبَّ لِذلِك يَتَكَلَّم عَنْ الشَّمْس الَّتِي تَتَحَوَّل إِلَى ظُلْمَة .. هذَا هُوَ المَجِئ الثَّانِي .. أجْمَل إِسْتِعْدَاد لِمَجِئ الرَّبَّ هُوَ عَطِيِة الرُّوح القُدُس لِذلِك يُكَلِمَك عَنْ الشَّمْس الَّتِي تَتَحَوَل إِلَى ظُلْمَة أي زَوَال العَالَم وَانْتِهَاءه لِذلِك الكِنِيسَة تِجَهِز نَفْسَهَا مِنْ الآن لَهُ وَعِنْدَمَا يَنْطَفِئ نُور العَالَم يَظِل كُلَّ شِئ إِلهِي وَتَتَجِه قُلُوْبْنَا لله . { لأِنَّهُ فِي جَبَلِ صِهْيَوْنَ وَفِي أُورُشَلِيمَ تَكُونُ نَجَاةٌ } .. مَعْرُوف أنَّ جَبَلْ صِهْيَوْن هُوَ كَنِيسَة العَهْد الجَدِيد .. هَلْ تُرِيد أنْ تَنْجُو ؟ كُنْ فِي جَبَل صِهْيَوْن كُنْ فِي الكَنِيسَة .. الكَنِيسَة هِيَ المُؤتَمَنَة عَلَى يَنَابِيع الرُّوح وَمَخَازِن الرُّوح .. خُذْ الرُّوح مِنْ الإِعْتِرَاف وَالتَنَاوُل .. خُذْ الرُّوح مِنْ فَمْ الرُّوح القُدُس المَوْجُود الَّذِي تَنَال الحِل بِهِ .. { وَمِنْ فَمْ الكَنِيسَة الوَاحِدَة الوَحِيدَة المُقَدَّسَة } ( مِنْ تَحْلِيل الخُدَّام ) .. يَكُونُ فِي جَبَلْ صِهْيُون نَجَاة .. { كَمَا قَالَ الرَّبُّ . وَبَيْنَ الْبَاقِينَ مَنْ يَدْعُوهُ الرَّبُّ } .. يُوْجَدْ بَقِيَّة لله مِنْ خَارِج صِهْيَوْن سَيَكُون لَهُمْ نَجَاة أيْضاً .. الإِنْسَان الَّذِي يَتَحِد بِالله إِتِحَاد تُوْبَة وَيَرْجِع لله بِكُلَّ قَلْبِهِ يَسْتَحِق عَطِيِة الرُّوح القُدُس وَيَسْتَحِق النَجَاة مِنْ هُنَا الله يُرِيد أنْ يَفْتَح ذِرَاعَيْهِ لِلكُلَّ لأِنَّهُ رَبَّ غَنِي لِلكُلَّ غَنِي لِمَنْ يَدْعوه .. لأِنَّ كُلَّ مَنْ يَدْعُو بِإِسْم الرَّبَّ يَنْجُو . جَيِّدْ أنْ تَتَمَسَّك بِمَوَاعِيد الله .. جَيِّدْ أنْ تَتَأمَّل خَطَايَاك وَإِلَى أيْنَ تَذْهَب بِك .. أحْيَاناً يَسْتَخِف الإِنْسَان بِكَلاَم الله وَيَتَعَالَى عَلَى كَلاَمه .. الله يَقُول لَكَ إِنْتَبِه أنَا فِي البِدَايَة أتَكَلَّم مَعَك بِالبُوْق وَإِنْ لَمْ تَأتِي بِذلِك فَأنَا قَادِر أنْ أُخِيفَك وَأُرِيعَك وَأُرْهِبَك وَعِنْدَمَا تَدْخُلَك الرِعْدَة يَقُول لَكَ لاَ تَخِف فَأنَا أبُوك فَتَقُول لَهُ لَكِنِّي يَارَبَّ مَازِلْت مُرْتَعِد فَيُجِيبَك " تَعَالَ إِلَيَّ بِكُلَّ قَلْبَك " .. وَعِنْدَمَا أعُود لَهُ بِكُلَّ قَلْبِي يَقُول لِي أنَا أضْمَنْ لَك أنْ لاَ تَعُود كُلَّ هذِهِ التَّهْدِيدَات تَأتِيك وَأضْمَنْ لَك أنْ تَكُون قُوَّة وَسَطْ أعْدَاءَك وَضَمَان القُوَّة إِنِّي أُعْطِيك رُوحِي وَأسْكُبه عَلِيك وَرُوحِي هذَا يُهَيِّئَك لِليُوْم العَظِيم وَهُوَ الَّذِي يَضْمَنْ لَكَ أنْ تَنْجُو فِي يُوْم الدَيْنُونَة . الله يُعْطِينَا رُوح تُوْبَة وَيِقْبَل صُوْمنَا وَصَلاَتْنَا وَيُكَمِّل نَقَائِصْنَا وَيِسْنِد كُلَّ ضَعْف فِينَا بِنِعْمِته لَهُ الْمَجْد دَائِماً أبَدِيّاً آمِين

سلسلة أنساب ربنا يسوع

سِلْسِلْة أنْسَاب السَيِّد المَسِيح بِهَا مَعَانِي رُوحِيَّة عَميقة لكِنْ تَحْمِل بَعْض التَسَاؤلاَت حَتَّى أنَّ بَعْض الكُتُب تُهَاجِمْ الكِتاب المُقَدَّس مِنْ خِلاَلِهَا لأِنَّهَا مَكْتُوبة فِي إِنْجِيل لُوقَا بِإِسْلُوب وَفِي إِنْجِيل مَتَّى بِإِسْلُوب آخر .. حَتَّى أنَّ البَعْض يُشَكِك فِي صِحَّة الكِتاب بَسَبَبِهَا . سِلْسِلْة أنْسَاب السَيِّد المَسِيح فِي إِنْجِيل مَتَى : ============================================================ مِنْ إِنْجِيل مُعَلِّمنَا مَارِمَتَّى { كِتَابُ مِيلاَدِ يَسُوعَ المَسِيحِ ابْنِ دَاوُدَ ابْنِ إِبْرهِيمَ . إِبْرهِيمُ وَلَدَ إِسْحقَ . وَإِسْحقُ وَلَدَ يَعْقُوبَ . وَيَعْقُوبُ وَلَدَ يَهُوذَا وَإِخْوَتَهُ . وَيَهُوذَا وَلَدَ فَارِصَ وَزَارَحَ مِنْ ثَامَارَ . وَفَارِصُ وَلَدَ حَصْرُونَ . وَحَصْرُونُ وَلَدَ أرَامَ . وَأرَامُ وَلَدَ عَمِّينَادَابَ . وَعَمِّينَادَابُ وَلَدَ نَحْشُونَ . وَنَحْشُونُ وَلَدَ سَلْمُونَ . وَسَلْمُونُ وَلَدَ بُوعَزَ مِنْ رَاحَابَ . وَبُوعَزُ وَلَدَ عُوبِيدَ مِنْ رَاعُوثَ . وَعُوبِيدُ وَلَدَ يَسَّى . وَيَسَّى وَلَدَ دَاوُدَ المَلِكَ ...................وَألِيعَازَرُ وَلَدَ مَتَّانَ . وَمَتَّانُ وَلَدَ يَعْقُوبَ . وَيَعْقُوبُ وَلَدَ يُوسُفَ رَجُلَ مَرْيَمَ الَّتِي وُلِدَ مِنْهَا يَسُوعُ الَّذِي يُدْعَى المَسِيحَ . فَجَمِيعُ الأجْيَالِ مِنْ إِبْرهِيمَ إِلَى دَاوُد أرْبَعَةَ عَشَرَ جِيلاً . وَمِنْ دَاوُدَ إِلَى سَبْيِ بَابِلَ أرْبَعَةَ عَشَرَ جِيلاً . وَمِنْ سَبْيِ بَابِلَ إِلَى المَسِيحِ أرْبَعَةَ عَشَرَ جِيلاً } ( مت 1 : 1 – 17 ) . مُعَلِّمنَا مَتَّى قَسَّم سِلْسِلْة الأنْسَاب هذِهِ إِلَى ثَلاَثَة أقْسَام :0 1- مِنْ إِبْرَاهِيم إِلَى دَاوُد المَلِك أرْبَعَةَ عَشَرَ جِيلاً . 2- مِنْ دَاوُد المَلِك إِلَى السَبْي أرْبَعَةَ عَشَرَ جِيلاً . 3- مِنْ السَبْي إِلَى المَسِيح أرْبَعَةَ عَشَرَ جِيلاً . كُلَّ مَرْحَلَة أرْبَعَةَ عَشَرَ جِيلاً .. أي مِنْ إِبْرَاهِيم وَحَتَّى المَسِيح إِثنَان وَأرْبَعُونَ جِيلاً .. مُعَلِّمنَا مَتَّى كَتْب السِلْسِلْة تَنَازُلِي مِنْ إِبْرَاهِيم حَتَّى المَسِيح . سِلْسِلْة أنْسَاب السَيِّد المَسِيح فِي إِنْجِيل لُوقَا : =========================================================== مِنْ إِنْجِيل مُعَلِّمنَا مَارِ لُوقَا { وَلَمَّا ابْتَدَأَ يَسُوعُ كَانَ لَهُ نَحْوُ ثَلاَثِينَ سَنَةً وَهُوَ عَلَى مَا كَانَ يُظَنُّ ابْنَ يُوسُفَ بْنِ هَالِي بْنِ مَتْثَاتَ بْنِ لاَوِي بْنِ مَلْكِي بْنِ يَنَّا بْنِ يُوسُفَ ............... بْنِ شِمْعُونَ بْنِ يَهُوذَا بْنِ يُوسُفَ بْنِ يُونَانَ بْنِ أليَاقِيمَ بْنِ مَلَيَا بْنِ مَيْنَانَ بْنِ مَتَّاثَا بْنِ نَاثَانَ بْنِ دَاوُدَ بَنْ يَسَّى بْنِ عُوبِيدَ بْنِ بُوعَزَ بْنِ سَلْمُونَ بْنِ نَحْشُونَ ................. بْنِ أنُوشَ بْنِ شِيتِ بْنِ آدَمَ ابْنِ اللهِ } ( لو 3 : 23 – 38 ) . مُعَلِّمنَا لُوقَا كَتْب السِلْسِلْة تَصَاعُدِي مِنْ السَيِّد المَسِيح وَحَتَّى آدم إِبن الله .. مَثَلاً إِنْ كَانَ لَدْينَا شَخْص يُدْعَى " مِيشِيل فَهْمِي فَارُوق " فَهذَا إسْمه تَصَاعُدِي ( كَمَا كَتْب مُعَلِّمنَا لُوقَا ) .. وَقَدْ نَقُول فَارُوق وَلَدَ فَهْمِي وَفَهْمِي وَلَدَ مِيشِيل فَهذَا إِسْم تَنَازُلِي ( كَمَا كَتْب مُعَلِّمنَا مَتَّى ) . بِشَارِة لُوقَا أتت بِالنَسْب فِي الأصْحَاح الثَّالِث بَعْد أنْ ذَكَر عِمَاد السَيِّد المَسِيح بَدَلاً مِنْ أنْ يَبْدأ بِهِ بِشَارَته .. لِمَاذَا ؟ يَقُول لِي قَصْد فِي ذلِك لأِنَّهُ يُرِيد أنْ يُرْجِعك بِالتَجَسُّد إِلَى بُنُوِتك لله .. لكِنَّنَا نَجِد إِخْتِلاَف بَيْنَ سِلْسِلْة الأنْسَاب فِي الإِنْجِيلين وَهذَا مَا يُثِير التَسَاؤل فَمُعَلِّمنَا لُوقَا يَذْكُر أسْماء مُخْتَلِفة عَنْ الأسْماء الَّتِي ذَكَرَهَا مُعَلِّمنَا مَتَّى مِنْ المَسِيح حَتَّى دَاوُد ثُمَّ يَبْدأ التَقَابُل بَيْنَ السِلْسِلَتَان مِنْ دَاوُد وَحَتَّى إِبْرَاهِيم .. وَأكمل مُعَلِّمنَا لُوقَا فَقْط مِنْ إِبْرَاهِيم وَحَتَّى آدم إِبن الله . لِمَاذَا هذَا الإِخْتِلاَف ؟ ========================== أوَّلاً : الشخص اليَهُودِي كَانَ يَتَمَسَّك جِدّاً بِنَسَبه غِيرنَا نَحْنُ الآن .. فَمَثَلاً مَنْ مِنَّا يَعْرِف جِدَّه السَّابِع ؟ لاَ أحد .. بِالأكثر نَعْرِف الجِد الرَّابِع أوْ الخَامس لأِنَّنَا غِير مُتَمَسِكِين بِالنَسْب مِثْل اليَهُود قَدِيماً .. نَحْنُ نَعِيش وَكَفَى .. لكِنْ اليَهُودِي يَصِر وَيَتَمَسَّك بِجُذُوره وَنَسَبْه لأِنَّ المَسِيَّا سَيْأتِي مِنْ نَسْل أحَدْهُمْ وَكُلٍّ مِنْهُمْ يَتَمَنَّى أنْ يَأتِي المَسِيَّا مِنْ نَسْلِهِ . ثَانِياً : لأِنَّ اليَهُود كَانُوا مُقَسَّمِين إِلَى إِثنَى عَشَرَ سِبْط وَعَلَى أسَاس ذلِك الأملاَك وَالأرَاضِي وَالكَهَنُوت مُقَسَّمة .. لِذلِك الأنْسَاب مُهِمَّة لِليَهُودِي قَدِيماً . لِمَاذَا رَكِز الكِتاب المُقَدَّس عَلَى حَقِيقة نَسْب المَسِيح ؟ ====================================================================== 1- لأِنَّ كَثِيرُونَ يُنْكِرُون تَأنُّس المَسِيح أى أنَّهُ صَارَ إِنْسَاناً وسِلْسِلْة الأنْسَاب تُؤكِد عَلَى حَقِيقة التَجَسُّد وَأنَّهُ لَيْسَ خَيَال أوْ وَهمْ كَمَا قَالَ البَعْض . 2- أيْضاً لِيَقتَرِب مِنْكَ المَسِيح لَهُ المجد وَيَصِير إِنْسَان وَيُحَطِّم أي إِحْسَاس بِالإِغْتِرَاب عَنْهُ . التَعَارُض بَيْنَ الأنْسَاب فِي الإِنْجِيلِين : ================================================= لِنَعْرِف أوَّلاً لِمَنْ كَتْب مُعَلِّمنَا مَتَّى إِنْجِيله ؟ كَتَبَهُ لِليَهُود .. وَاليَهُود يُرِيدون الإِنْتِسَاب لإِبْرَاهِيم وَيَعْتَزُّون بِهِ بَلْ وَإِحْسَاسهُمْ بِالنَسْب لإِبْرَاهِيم عَالِي جِدّاً وَكَمَا قَالُوا " نَحْنُ أولاَد إِبْرَاهِيم " ( يو 8 : 39 ) .. أيْضاً مِنْ أفضل المُلُوك الَّذِينَ يُحِبُّونَهُمْ اليَهُود دَاوُد المَلِك لأِنَّهُ أعْطَاهُمْ إِتِسَاع وَمجد لِذلِك هُمْ أيْضاً يَعْتَزُّونَ بِدَاوُد .. لِذلِك يَقُول لَهُمْ أنَا أكرِز لَكُمْ بِالمَسِيح إِبن دَاوُد إِبن إِبْرَاهِيم .. هُوَ لَيْسَ غَرِيب عَنْكُمْ . بينَمَا مُعَلِّمنَا لُوقَا كَتْب إِنْجِيله لِلأُمم وَهُمْ لاَ يَهِمَهُمْ النَسْب لِذلِك أرْجَعَهُمْ لِلأصل آدم أب كُلَّ البَشَرِيَّة .. الله قَالَ لأِبِينَا إِبْرَاهِيم { وَبِنَسْلِكَ تَتَبَارَكُ جَمِيعُ قَبَائِل الآرْضِ } ( أع 3 : 25 ) أي أخْذ الوعد بِالبَرَكة .. أيْضاً قَالَ الله لِدَاوُد { لأِجعلَنَّ مِنْ ثَمَرِة بَطْنك عَلَى كُرْسِيك } ( مز 131 – مِنْ مَزَامِير النُّوم ) أي المَسِيح .. لِنَرَى المَسِيح وَهُوَ مُتَجَسِّد كَانَ لاَبُد لَهُ يَكُون لَهُ نَسْب أب وَأُم لِيَعْرِف أنْ يَدْخُل مَعْرَكِة الخَلاَص وَالفِداء لِذلِك كَانَ لاَبُد أنْ يَأتِي كَبَشر .. " يَصِير كَوَاحِدٍ مِنَّا " .. وَكَمَا فِي الحُرُوب لاَ يَرْتَدِي القَادة رُتَبَهُمْ العَسْكَرِيَّة بَلْ يَكُونُوا فِي زِي جُنْدِي عَادِي حَتَّى لاَ يَتَعَرَّف عَلَيْهِمْ الأعداء وَيَقتُلُونَهُمْ أوْ يَأسِرُوهُمْ .. هكَذَا إِبن الله المَسِيح وُلِدَ مِنْ إِمرَأة وَكَمَا يَقُول القِدِيس أثَنَاسيُوس { وُلِدَ حَسْب الجَسَد كَي أُولد أنَا بِحَسْب الرُّوح .. وُلِدَ مِنْ إِمرَأة كَي أكُف أنَا عَنْ أنْ أكُون إِبن إِمرَأة } .. أي كَي أصِير أنَا سَمَاوِي . مُعَلِّمنَا مَتَّى أتَى بِسْلسِلْة النَسْب قَبْل مِيلاَد المَسِيح بينَمَا مُعَلِّمنَا لُوقَا ذَكْرهَا بَعْد مِيلاَد المَسِيح بَلْ وَمَعْمُودِيِته .. تَرْتِيب مَتَّى تَنَازُلِي بينَمَا تَرْتِيب لُوقَا تَصَاعُدِي .. تَرْتِيب مُعَلِّمنَا مَتَّى تَنَازُلِي مِنْ إِبْرَاهِيم حَتَّى يُوسِف البَار لِيُعْلِن أنَّهُ أتَى مِنْ النَسْل الَّذِي بِهِ الخَطِيَّة .. النَسْل الَّذِي بِهِ يَسْرِي سُمْ الموت لِيُعْلِن أنَّ المَسِيح حَمَلَ خَطَايَانَا وَأتَى مِنْ خِلاَل ضَعَفَاتنَا .. أتَى مِنْ نَسْل خَاطِئ وَلَيْسَ كَمَا قَالَ اليَهُود { إِنَّنَا لَمْ نُولَدْ مِنْ زِنَا } ( يو 8 : 41 ) .. لأِنَّهُمْ بِذلِك يَكْذِبُون لأِنَّ نَسْل المَسِيح لَهُ المجد ذَكْر زَانِيَات ثَامَار وَرَاحَاب وَبَثْشَبَعَ زَوجة أورِيَّا الحِثِّي الَّتِي تَزَوَّجهَا دَاوُد .. هَلْ تَقْبل يَارْبَّ أنْ تَأتِي مِنْ نَسْل إِمرأة زَانِية ؟ يَقُول نَعمْ أقبل لأِنِّي سَآتِي مِنْ خِلاَل ضَعَفَاتك كَي أُقَدِّسك .. وَكَأنَّهُ حَمَلَ الخَطِيَّة مِنْ جِيل إِلَى جِيل عَلَى كَتَفْيهِ .. أيْضاً سِلْسِلْة نَسْب السَيِّد المَسِيح تَجِد بِهَا المَلِك وَالغَنِي وَالتَقِي وَالشِّرِّير لِيُبَارِك طَبِيعَتِي وَيُعْلِن أنَّهُ حَامِل خَطَايَا العَالم . أمَّا مُعَلِّمنَا لُوقَا فَترتِيبه تَصَاعُدِي لأِنَّهُ ذَكْر النَسْب بَعْد مَعْمُودِية المَسِيح لِيَقُول أنَّهُ بِالمَعْمُودِيَّة رَدِّنَا إِلَى بُنُوِّتنَا لله وَأعْطَانَا عَطَايَا .. فَيَقُول فِي نِهَايِة السِلْسِلْة { بْنِ آدَمَ ابْنِ اللهِ } وَبِذلِك يُعْلِن بُنُوِّتنَا لله . مُعَلِّمنَا مَتَّى كَلَّم اليَهُود .. كَلِّمهُمْ بِحَسْب النَسْب .. اللحم وَالدَّم لأِنَّهُ يَتَكَلَّم عَنْ النَسْب الَّذِي بِهِ الخَطِيَّة .. يَتَكَلَّم عَنْ اللحم وَالدَّم .. وَلكِنْ هُناك مُشْكِلة وَهيَ أنَّهُ كَانَ عِنْدَهُمْ عَادة أوْ شَرِيعة أنَّهُ عِنْدَمَا يَموت شخص يَتَزَوَّج أخِيهِ بِإِمرَأة المَيْت لِيُقِيم لَهُ نَسْل .. يُوسِف النَّجَار كَانَ أبوه يُدْعَى " يَعْقُوب " بينَمَا أخِيهِ يُدْعَى " هَالِي " .. هَالِي مَات دُونَ أنْ يَكُون لَهُ وَلد فَتَزَوَّج يَعْقُوب أخِيهِ بِإِمرَأته لِيُقِيم لَهُ نَسْل فَوَلَدِت لَهُ وَلد وَنَسَبَهُ لِهَالِي أخِيهِ .. لِذلِك عِنْدَمَا تَكَلَّم مُعَلِّمنَا مَتَّى عَنْ النَسْب تَكَلَّم عَنْ النَسْل الحَامِل الخَطِيَّة فَتَكَلَّم عَنْ يَعْقُوب أبو يُوسِف النَّجَار أي بُنُوَّة بِحَسب اللحم وَالدَّم . يَقُول سِفر التَثْنِية 25 : 5 – 6 { إِذَا سَكَنَ إِخْوَةٌ مَعاً وَمَاتَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَلَيْسَ لَهُ ابْنٌ فَلاَ تَصِرِ امرَأةُ المَيْتِ إِلَى خَارِجٍ لِرَجُلٍ أجْنَبِيٍّ . أخُو زَوْجِهَا يَدْخُلُ عَلَيْهَا وَيَتَّخِذُهَا لِنَفْسِهِ زَوْجَةً وَيَقُومُ لَهَا بِوَاجِبِ أخِي الزَّوْجِ . وَالبِكْرُ الَّذِي تَلِدُهُ يَقُومُ بِاسْمِ أخِيهِ المَيْت } .. لِذلِك عِنْدَمَا يُهَاجِم البَعْض الإِنْجِيل فِي سِلْسِلْة النَسْب نَقُول لَهُ لَيْسَ لَنَا ذَنْب فِي ذلِك . وَإِنْ كَانَ نَسْل المَسِيح بِهِ خَطْأ كَانَ أوِّل مَنْ هَاجِمنَا اليَهُود لأِنَّهُمْ أدْرَى بِالنَسْب عَنَّا .. وَمَعْنَى أنَّهُمْ صَامِتِين فَهذَا إِقرَار مِنْهُمْ بِصِحة النَسْب رَغمْ أنَّهُمْ أصلاً يَرْفُضُون المَسِيح لكِنَّهُمْ لاَ يُنْكِرُون نَسَبُه أنَّهُ إِبن العذراء مَريم الَّتِي خَطَبْهَا يُوسِف .. إِذاً يُوسِف النَّجَار إِبن هَالِي شرعاً وَإِبن يَعْقُوب بِالجَسَد . أيْضاً هُناك نُقْطة جَوهَرِيَّة وَهيَ أنَّ مُعَلِّمنَا مَتَّى أخذ النَسْب وَعَادَ بِهِ إِلَى يُوسِف رَجُل مَريم .. بينَمَا مُعَلِّمنَا لُوقَا أخْذ النَسْب وَعَادَ بِهِ إِلَى يُوسِف إِبن هَالِي .. كُلٍّ مِنْهُمَا أخْذ النَسْب بِإِسلُوب مُخْتَلِف عَنْ الآخر .. لِنَرَى فِي العهد القَدِيم أنَّ الشخص قَدْ يُنْتَسب بِطَرِيقَتينِ .. مُمكِنْ يُنْتَسْب لأِبِيهِ وَقَدْ يُنْتَسْب لأُِمِهِ وَخَاصَّةً لَوْ كَانِت عَائِلة الأُم أكثر شُهرة مِنْ عَائِلة الأب وَعَائِلة العذراء كَانِت أكثر شُهرة مِنْ عَائِلة يُوسِف . لُوقَا نَسْب المَسِيح لِلعذراء بينَمَا مَتَّى نَسَبَهُ لِيُوسِف .. لكِنْ السَيِّدة العذراء وَيُوسِف البَّار يَلْتَقِيَانِ فِي نَسَبهُمَا عِنْدَ دَاوُد المَلِك أي الطَرِيقان يَصِلاَن إِلَى دَاوُد لِذلِك الأسماء مُخْتَلِفة فِي الإِنْجِيلين مِنْ المَسِيح حَتَّى دَاوُد أحَدُهُمَا إِتَخْذ النَسْب مِنْ العذراء حَتَّى دَاوُد وَالآخر مِنْ يُوسِف حَتَّى دَاوُد .. لِذلِك إِنْتَبِه .. وَاحِد يَقُول مِنْ دَاوُد وَدَاوُد وَلد سُليْمَان .. وَلِتَتَخَيَّل مَنْ يَتَحَمَّس لِذِكر سُليْمَان إِبن دَاوُد ؟ بِالطبع اليَهُود .. مُعَلِّمنَا مَتَّى لأِنَّهُ يَكْرِز عَلَى المَسِيَّا المَلِك تَكَلَّم كَثِيراً عَنْ الأمثال ..{ يُشْبِهُ مَلَكُوتُ السَّموَاتِ } ( مت 13 : 24 ) .. لأِنَّهُ يَهُودِي وَيَعْرِف مَا مَعْنَى السِبط المُلُوكِي لِذلِك أخْذهَا مِنْ نَاحِية يُوسِف . بينَمَا مُعَلِّمنَا لُوقَا يَقُول نَاثَانَ بْنِ دَاوُدَ .. أخْذَهَا مِنْ نَاحِية أُخْرَى لأِنَّهُ أخْذَهَا مِنْ نَاحِية العذراء .. هذَا يُنْشِئ إِخْتِلاَف الأجيَال وَالأسماء مِنْ أجل شَرِيعة إِقَامِة نَسْل لِلمَيْت .. وَسَنَجِد فِي سِفر عَزْرَا كَثِيرُونَ مَنْسُوبِين لأُِمهَاتِهِمْ .. هذَا كَانَ شِئ مُتَعَارْف عَلَيْهِ . أيْضاً الكِتاب لَمْ يَذْكُر فِي سِلْسِلْة الأنْسَاب أسماء نِسَاء بَلْ ذَكْر الشخص الَّذِي بِهِ الخَطِيَّة فَيَقُول { وَيَهُوذَا وَلَدَ فَارِصَ وَزَارَحَ مِنْ ثَامَارَ } .. وَثَامَارَ وَلَدَتهُمَا فَارِصَ مِنْ زِنَا .. أيْضاً سَلْمُون وَلَدَ بُوعَزَ { وَسَلْمُونُ وَلَدَ بُوعَزَ مِنْ رَاحَابَ } .. وَرَاحَابَ كَانْت زَانِية .. لِمَاذَا ذَكْر رَاحَابَ وَثَامَارَ ؟ لأِنَّهُ يُؤكِّد عَلَى حَقِيقة مُهِمَّة وَهيَ أنَّهُ النَسْل الخَاطِئ الَّذِي أتَى مِنْهُ المَسِيح . هَلْ تَعْرِف مَاذَا فَعَلِت ثَامَارَ ؟ كَانِت ثَامَارَ مُتَزَوِجة مِنْ إِبن يَهُوذَا .. وَمَاتَ زَوجِهَا بِدُون نَسْل وَرَفَضْ إِخْوَتَهُ الزَّوَاج مِنْهَا لإِقَامِة نَسْل لَهُ وَهيَ كَانِت تُرِيد نَسْل .. فَأخْذِت هَيْئِة زَانِية وَعِنْدَمَا رَآهَا يَهُوذَا حَمَاهَا زَنَى بِهَا وَكَانِت تَعْلم مَاذَا تَفْعل فَقَالِت لَهُ أعْطِنِي تِذْكَار مِنْكَ فَأعْطَاهَا ثوبه وَعَصَاه وَبَعْدَ فِترة أخْبَرُوه أنَّ أرمَلِة إِبنْة زَنِت فَقَالَ يَهُوذَا تُحْرق بِالنَّار .. فَقَالِت لَهُ أنَا عِنْدِي إِسْتعدَاد أنْ أُحْرق لكِنْ هَلْ تَعْرِف مَنْ فَعْل ذلِك ؟ هُوَ صَاحِب الثوب وَالعَصَا .. فَقَالَ { هِيَ أبَرُّ مِنِّي } ( تك 38 : 26 ) .. لِمَاذَا هِيَ أبَرُّ مِنْهُ ؟ لأِنَّ دَافِعهَا كَانَ إِقَامِة نَسْل لِلمَيْت بينَمَا هُوَ دَافِعَهُ الخَطِيَّة . لِذلِك تَعَلَّم عِنْدَمَا تَرَى إِنْسَان يُخْطِئ قُل هُوَ أبَرُّ مِنِّي لأِنَّكَ لاَ تَعْرِف دَافِعه بينَمَا أنْتَ تَشْعُر بِخَطِيِتك دَاخِلك لِذلِك ثَامَارَ المُسْتوجِبة الحرق ذَكَرَهَا الإِنْجِيل فِي نَسْل المَسِيح .. لَمْ يَسْتَحِي المَسِيح مِنْ السَّاقِطَات بَلْ إِتخْذهُنَّ لِنَفْسه لِيَحْمِل أوجاعنَا . ثَامَارَ أخَذِت ثوب يَهُوذَا وَالمَسِيح جَاءَ لِيَقُول لَنَا أنَا آخُذ ثِيَابَكُمْ القَذِرة وَأُعْطِيكُمْ ثوب بِرِّي وَخَلاَصِي .. لِذلِك ذَكْر الكِتاب ثَامَارَ وَرَاحَاب وَبَثْشَبَع لِيَكْشِف عَنْ طَبِيعِتنَا الَّتِي تَعْرَّت مِنْ الكَمَال وَأنَّهُ يُعْطِينَا البِرَّ مهمَا كُنَّا خُطَاه هُوَ يُعْطِينَا البِرَّ لِذلِك تَكَلَّم عَنْهُنَّ بِكُلَّ إِكرَام .. وَنَحْنُ مهمَا كَانَ زِنَانَا وَخَطَايَانَا نُسِبنَا لإِسمِهِ فَلَنَا كُلَّ بِرَّ . مِنْ خِلاَل خَطَايَاك تَتَعَرَّف عَلَى المَسِيح مِنْ خِلاَل بِرَّ المَسِيح .. قَدْ تَكُون خَطَايَانَا خَطْوة لِوُجُوده وَتَمَتُّعنَا بِعِشْرِته .. الكِتاب لِصِدقه وَأمَانْته لاَ يُخْفِي مَا هُوَ مُشِين لكِنْ اليَهُود يَرْفُضُون ذلِك .. لِذلِك نَسْل المَسِيح يَكْسر تَشَامُخ اليَهُود الَّذِينَ يَقُولُون لَسْنَا مُسْتعبَدِين لأِحد .. لاَ أنْتُمْ مُسْتعبَدِين . أيْضاً الكِتاب يَذْكُر أُمَمِيَات .. رَاعُوث المُوآبِيَّة .. رَاحَاب .. هذَا كَي يَقُول لَنَا السَيِّد المَسِيح أنَا أتيْت لِكُلَّ البَشْر لِذلِك رَاعُوث تَرمُز لِكَنِيسة الأُمم .. بُوعَز لَمْ يَرْفُضْهَا بَلْ إِتَحْد بِهَا وَأثمر عُوبِيد أبُو يَسَّى أبُو دَاوُد المَلِك . كَانَ مَعْرُوف فِي الكِتاب أنَّ البِكر هُوَ الَّذِي يَحْمِل البَرَكة .. وَالمَسِيح المفرُوض يَأتِي مِنْ البِكر .. لكِنْ المَسِيح قَالَ لَنْ أفعْل ذلِك حَتَّى لاَ يَتَكِل اليَهُود عَلَى أنَّهُمْ البِكر فَأعْطَانَا مفهُوم آخر عَنْ البَكُورِيَّة أنَّهَا لَيْست بَكُورِيِة الجَسْد بَلْ بَكُورِيِة الرُّوح لِذلِك نَحْنُ كِنِيسة أبكار كُلٍّ مِنَّا بِكر لِلمَسِيح . { يََهُوذَا وَلَدَ فَارِصَ وَزَارَحَ مِنْ ثَامَارَ } .. عِنْدَمَا جَاءَ مِيعَاد وِلاَدِة ثَامَارَ كَانَ فِي بطنهَا تَوأمَان فَارِصَ وَزَارِحَ .. ظَهَرِت يَد أحَدُهُمَا أوَّلاً فَرَبَطِتهَا القَابِلة بِشِرِيط أحمر ( تك 38 : 28 ) كَي تَعْرِف أنَّهُ البِكر وَلكِنْ المولُود الأوَّل لَمْ يَكُنْ هُوَ صَاحِب هذِهِ اليَد المربُوطة بَلْ كَانَ الآخر فَقَالِت إِنَّهُمَا تَزَاحَمَا .. فَارِصَ الَّذِي صَارَ بِكر رَغمْ أنَّ زَارِحَ كَادَ أنْ يَكُون هُوَ البِكر .. هذَا رَمز لَنَا نَحْنُ كِنِيسة الأُمم .. نَعمْ اليَهُود هُمْ الَّذِين أخَذُوا العَلاَمة لكِنِّنَا تَزَاحْمنَا وَأخْذنَا البَكُورِيَّة .. نَحْنُ الآن أقرب إِلَى المَسِيح مِنْ اليَهُود لِذلِك يُعْلِن المَسِيح أنَّ الأُمم هُمْ الكِنِيسة البِكر .. وَلِذلِك أيْضاً رَكِّز الكِتاب عَلَى الإِبن الثَّانِي وَلَيْسَ البِكر فَنَجِد أفْرَايِم وَمَنَسَّى .. يَعْقُوب وَعِيسُو .. فَارِصَ وَزَارِحَ .. وَإِنْ كَانِت كِنِيسة اليَهُود ظَهَرِت أوَّلاً إِلاَّ أنَّهُمْ صَارُوا حَارِسِين لِلبَكُورِيَّة حَتَّى ظَهَرِت كِنِيسة الأُمم . إِذاً إِخْتَلَفَ إِنْجِيل مَتَّى عَنْ إِنْجِيل لُوقَا فِي سِلْسِلْة النَسْب لأِنَّ مَتَّى كَلَّم اليَهُود فَإِهتمْ بِاللحم وَالدَّم أي النَسْل الطَبِيعِي بينَمَا لُوقَا إِهتمْ بِالبُنُّوة لله فَإِهتمْ بِالنَسْل الشَرْعِي وَظَهَرَ ذلِك فِي رَبَّ المجد يَسُوع فَقْد قَالِت السَيِّدة العذراء لِلمَسِيح { هُوَذَا أبُوكَ وَأنَا كُنَّا نَطْلُبُكَ مُعَذَّبَيْنِ } ( لو 2 : 48 ) .. هُنَا ظَاهِرِيَّاً المَسِيح حَسَب الجَسَد إِبن يُوسِف لكِنَّه بِالحَقِيقة إِبن الله . أيْضاً أظهر لَنَا إِنْجِيل لُوقَا بَعْض الزَانِيَات وَلَمْ يَذْكُر الكِتاب سَيِدَات بَارَّات فِي نَسْل المَسِيح مِثْل سَارة وَرِفقة وَ ......... بَلْ ذَكْر ثَامَارَ المحكُوم عَلَيْهَا بِالموت حَرْقاً وَكَأنَّ المَسِيح جَاءَ لِيَعْتِقهَا مِنْ النَّار .. وَرَاحَاب الزَانِية وَ .......... لِيُعْلِن أنَّهُ جَاءَ لِيَحْمِل خَطَايَانَا جِيل بَعْد جِيل وَنَتَبَرَّأ نَحْنُ .. لَمْ يَسْتَحِي مِنْ خَطَايَانَا وَضَعَفَاتنَا بَلْ إِتَحْد بِطَبِيعِتنَا الفَاسِدة .. " أوجَاعنَا حَمَلهَا " .. الخَطِيَّة المُنْحَدِرَة مِنْ آدم بِكُلَّ فُجُورهَا حَمَلهَا كَي يُعْطِينَا العِتق .. أيْضاً أتَى مِنْ نَسْل بِهُ أُمَمِيَات مِثْل رَاحَاب وَرَاعُوث لِيُعْلِن قَبُول كَنِيسة الأُمم وَلِيُعْلِن أنَّهُ أتَى لِكُلَّ العَالم وَلَيْسَ لِليَهُود فَقْط . عدد الأجيَال مِنْ إِبْرَاهِيم حَتَّى المَسِيح إِثنَان وَأرْبَعُون جِيلاً .. ثَلاَث مَرَاحِل كُلَّ مَرْحَلَة أرْبَعَة عَشَرَ جِيل .. يَقُول العَلاَّمة أورِيجَانُوس أنَّ بَنِي إِسْرَائِيل عِنْدَمَا خَرَجُوا مِنْ أرْض مِصْر وَحَتَّى وُصُولَهُمْ كَنْعَان أرْض المَوعِد مَرُّوا عَلَى إِثنَان وَأرْبَعُونَ مَدِينة وَكَأنَّ الإِثنَان وَأرْبَعُونَ جِيل يُمَثِّلُون المحطَّات الَّتِي تَعْبُر بِهَا النَّفْس حَتَّى تَدْخُل كَنْعَان السَّمَاوِيَّة . مَرَاحِل نَجْتازهَا مِنْ مِصْر حَتَّى كَنْعَان لِذلِك حُسِبَ المَسِيح وَحدَهُ جِيل كَامِل .. كُلَّ وَاحِد مِنَّا الآن فِي مَحَطَّة مُعَيَّنْة قَدْ نَصِل إِلَى المَحَطَّة رَقم وَاحِد وَأرْبَعُون أي الأُردُن أي الموت ثُمَّ الإِثنَان وَأرْبَعُون أي كَنْعَان السَّمَاوِيَّة حَيْثُ المَسِيح يَنْتَظِرنَا .. وَكَأنَّ رِحلِة أنْسَاب المَسِيح تُمَثِّل رِحلِة عُبُور البَشَرِيَّة كُلَّهَا مِنْ العُبُودِيَّة حَتَّى أرْض المَوعِد لِتنعمْ بِالأبَدِيَّة وَمَجِئ المَسِيح لِيُدْخِلنَا لِحِضن الآب السَّمَاوِي .. الإِثنَان وَأرْبَعُونَ جِيل قَدْ يَكُونُوا دَاخِلك أنْتَ حَتَّى مَجِئ المَسِيح مِنْ دَاخِلك . كَمْ نَحْنُ مَدعُوُون أنْ لاَ نَكُون غُرَبَاء عَنْ المَسِيح بَلْ مِنْ نَسْلِهِ وَصُلْبِهِ لِذلِك لَمْ يَتَزَوَّج السَيِّد المَسِيح حَتَّى لاَ يَتَكرَّر نَفْس الأمر أنْ تَقُول أنَا فُلاَن إِبن فُلاَن إِبن .......... إِبن المَسِيح .. لاَ .. هُوَ يَقُول لَكَ أنْتَ لَسْتَ إِبن المَسِيح بَلْ إِبن عَمُّه لأِنَّنَا نَحْنُ أُمم لَسْنَا مِنْ نَسْل المَسِيح بِالجَسَد بَلْ قَدْ يَمْتَد نَسْلِنَا إِلَى خُوفو أوْ خَفْرع أوْ تُحتمُس أوْ ......... لِذلِك لَمْ يَشَأ المَسِيح أنْ يَكُون لَهُ نَسْل بِالجَسَد مُقْتَصر عَلَى شَرِيحة مُعَيَّنة بَلْ إِقترن بِالعَرُوس الكِنِيسة لِيَأتِي بِأولاد كَثِيرِين يُسَمُّون مَسِيحِيُون . وَلِذلِك تُسَمِّى الكِنِيسة المعمُودِيَّة بِرَحم الكِنِيسة وَنَقُول في القُدَّاس { أنعم لَنَا بِالمِيلاَد الفُوقَانِي مِنْ الماءِ وَالرُّوح } ( جُزء تَجَسَّد وَتَأنَّس – مِنْ القُدَّاس البَاسِيلِي ) .. كُلَّ إِنْسَان مِنْ أي جِنْس يُولد مِنْ المَعْمُودِيَّة يُسَمَّى مَسِيحِي إِبن المَسِيح .. وَلِذلِك كَانَ هُناك تقلِيد عِنْدَ آبائنَا أنَّ الكِتاب المُقَدَّس فِي وَسطْه بَيْنَ العهدين بَعْض الصَفَحَات البيضَاء لِيُكتب بِهَا أسماء العَائِلة وَنَسَبهَا .. تَخَيَّل أنَّ إِسمك وَإِسمِي مَكتُوب فِي الإِنْجِيل لأِنَّنَا مِنْ نَفْس النَسْل مِنْ شَجَرِة العَائِلة المُنْتَسِبة لِلمَسِيح لِذلِك مَوضُوع نَسْب المَسِيح لَهُ المجد مَوضُوع رُوحِي وَبِهِ معلُومات عَنْ العهد القَدِيم وَبِهِ رُدُود وَإِجَابَات عَلَى المُعْتَرِضِين . رَبِّنَا يِكَمِّل نَقَائِصنَا بِنِعْمِته وَيِسْنِد كُلَّ ضَعْف فِينَا لَهُ المجد دَائِماً أبَدِيّاً آمِين

يوسف وحلم فرعون

عَرَفَ فِرْعُون يُوسِف عِنْدَمَا حَلَمَ حِلم وَلَمْ يَعْرِف تَفْسِيره عِنْدَئِذٍ تَذَكَّر رَئِيس السُّقَاة أنَّ يُوسِف فَسَّر لَهُ حِلْمه عِنْدَمَا كَانَ مَعَهُ فِي السِّجْن فَأخْبر فِرْعُون عَنْ يُوسِف . مِنْ سِفر التَكوِين 41 : 9 – 16 { ثُمَّ كَلَّمَ رَئِيسُ السُّقَاةِ فِرْعَوْنَ قَائِلاً أنَا أتَذَكَّرُ اليَوْمَ خَطَايَايَ . فِرْعَوْنُ سَخِطَ عَلَى عَبْدَيْهِ فَجَعَلَنِي فِي حَبْسِ بَيْتِ رَئِيسِ الشُّرَطِ أنَا وَرَئِيسَ الخَبَّازِينَ . فَحَلُمْنَا حُلْماً فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ أنَا وَهُوَ . حَلُمْنَا كُلُّ وَاحِدٍ بِحَسَبِ تَعْبِيرِ حُلْمِهِ . وَكَانَ هُنَاكَ مَعَنَا غُلاَمٌ عبْرَانِيٌّ عَبْدٌ لِرَئِيسِ الشُّرَط فَقَصَصْنَا عَلَيْهِ . فَعَبَّرَ لَنَا حُلْمَيْنَا . عَبَّرَ لِكُلّ وَاحِد بَحَسَب حُلْمِهِ . وَكَمَا عَبَّر لَنَا هكَذَا حَدَثَ . رَدَّنِي أنَا إِلَى مَقَامِي وَأمَّا هُوَ فَعَلَّقَهُ . فَأرْسَلَ فِرْعَوْنُ وَدَعَا يُوسُفَ . فَأسْرَعُوا بِهِ مِنَ السِّجْنِ . فَحَلَقَ وَأبْدَلَ ثِيَابَهُ وَدَخَلَ عَلَى فِرْعَوْنَ . فَقَالَ فِرْعَوْنُ لِيُوسُفَ حَلُمْتُ حُلْماً وَلَيْسَ مَنْ يُعَبِّرُهُ . وَأنَا سَمِعْتُ عَنْكَ قَوْلاً إِنَّكَ تَسْمَعُ أحْلاَماً لِتُعَبِّرَهَا . فَأجَابَ يُوسُفُ فِرْعَوْنَ قَائِلاً لَيْسَ لِي . اللهُ يُجِيبُ بِسَلاَمَةٍ فِرْعَوْنَ } . تَخَيَّل نَفْسِيَّة شَاب فِي السِّجْن يَتَعَامل مَعَ مَسْجُونِين .. نَفْسِيَّة حَزِينة مُكْتَئَبة وَيَقُول لَهُ أنْتَ تُفَسِّر الأحْلاَم فَيُجِيب فِرْعُون قَائِلاً { لَيْسَ لِي . الله يُجِيبُ بِسَلاَمَةٍ فَِرْعَوْنَ } ( تك 41 : 16 ) .. رَغمْ أنَّهُ جَاءَ مِنْ سِجْنه لِيُفَسِّر أحْلاَم أي أنَّ العَالم يَحْتَاجه لكِنَّهُ يَقُول لَسْتُ أنَا مَنْ يُفَسِّر أي الله هُوَ الَّذِي يَعْمل وَيُفَسِّر الحِلم وَيُطَمئِنَّا عَلَيْكَ .. هَلْ فِرْعُون يَعْرِف الله ؟ وَهَلْ يَقْبل هذِهِ الكَلِمة ؟ بِالطبع لاَ .. لكِنْ لأِنَّ يُوسِف مَشْغُول بِالله وَيُحِبَّه فَكَانِت هذِهِ إِجَابته لِفِرْعُون . حِلْم فِرْعُون هُوَ سَبْع عِجُول سُمَان وَسَبْع عِجُول هَزِيلة .. أكَلِت السَّبْع عِجُول الهَزِيلة السَّبْع عِجُول السُمَان وَ ..... فَأجَابَ يُوسِف { حُلْمُ فِرْعَوْنَ وَاحِدٌ . قَدْ أخْبَرَ اللهُ فِرْعَوْنَ بِمَا هُوَ صَانِعٌ . البَقَرَاتُ السَّبْعُ الحَسَنَةُ هِيَ سَبْعُ سِنِينَ . وَالسَّنَابِلُ السَّبْعُ الحَسَنَةُ هِيَ سَبْعُ سِنِينَ . هُوَ حُلْمٌ وَاحِدٌ } ( تك 41 : 25 – 26 ) .. لِنُعِد عَدْد المَرَّات الَّتِي قَالَ فِيهَا يُوسِف كَلِمة " الله " .. أعلْن لِفِرْعُون تَفْسِير الحُلْمٌ أنَّ هُناك سَبْع سِنِين شَبَع سَيَأتِي بَعْدَهَا سَبْع سِنِين جُوع .. { وَأمَّا عَنْ تَكْرَارِ الحُلْمِ عَلَى فِرْعَوْنَ مَرَّتَيْنِ فَلأِنَّ الأمْرَ مُقَرَّرٌ مِنْ قِبَلِ اللهِ وَاللهُ مُسْرِعٌ لِيَصْنَعَهُ } ( تك 41 : 32 ) .. أرْبع مَرَّات يَقُول فِيهَا يُوسِف كَلِمة " الله " . ثُمَّ قَالَ لِفِرْعُون عِلاَج المُشْكِلة { فَالآنَ لِيَنْظُرْ فِرْعَوْنُ رَجُلاً بَصِيراً وَحَكِيماً وَيَجْعَلْهُ عَلَى أرْضِ مِصْرَ . يَفْعَلْ فِرْعَوْنُ فَيُوَكِّلْ نُظَّاراً عَلَى الأرْضِ وَيَأخُذْ خُمْسَ غَلَّةِ أرْضِ مِصْرَ فِي سَبْعِ سِنِي الشَِّبعِ . فَيَجْمَعُونَ جَمِيعَ طَعَامِ هذِهِ السِّنِينَ الجَيِّدَةِ القَادِمَةِوَيَخْزُنُونَ قَمْحاً تَحْتَ يَدِ فِرْعَوْنَ طَعَاماً فِي المُدُْنِ وَيَحْفَظُونَهُ . فَيَكُونُ الطَّعَامُ ذَخِيرَةً لِلأرْضِ لِسَبْعِ سِنِي الجُوعِ الَّتِي تَكُونُ فِي أرْضِ مِصْرَ . فَلاَ تَنْقَرِضُ الأرْضُ بِالجُوعِ . فَحَسُنَ الكَلاَمُ فِي عَيْنَيْ فِرْعَوْنَ وَفِي عُيُونِ جَمِيعِ عَبِيدِهِ . فَقَالَ فِرْعَوْنُ لِعَبِيدِهِ هَلْ نَجِدُ مِثْل هذَا رَجُلاً فِيهِ رُوحُ اللهِ . ثُمَّ قَالَ فِرْعُوْنُ لِيُوسِفَ بَعْدَمَا أعْلَمَكَ اللهُ كُلَّ هذَا لَيْسَ بَصِيرٌ وَحَكِيمٌ مِثْلَكَ . أنْتَ تَكُونُ عَلَى بَيْتِي وَعَلَى فَمِكَ يُقَبِّلُ جَمِيعُ شَعْبِي . إِلاَّ إِنَّ الكُرْسِيَّ أكُونُ فِيهِ أعْظَمَ مِنْكَ } ( تك 41 : 33 – 39 ) . وَضَعَ يُوسِف لِفِرْعُون خِطَّة لِعِلاَج المُشْكِلة وَحَسَبهَا حِسْبة رِيَاضِيَّة أنْ يَأخُذ خُمْس غَلَّة الأرْض خِلاَل السَّبْع سِنِين الشَّبْع .. إِنْ كَانَ الخُمْس فِي خَمْس سَنَوَات يُعْطِي ضِعْف المحصُول وَلأِنَّ الخِير كَثِير فِي سِنِي الشَّبْع فَسَتَكُون كَمِيَّة الغَلَّة المُخَزَّنَة فِي السَّبْع سَنَوَات كَثِيرة جِدّاً جِدّاً .. سَمِعَ فِرْعُون لِيُوسِف وَأُعْجِبَ بِالخِطَّة وَلكِنْ نُلاَحِظ أنَّهُ حَتَّى فِرْعُون بَدَأَ يَقُول كَلِمة " الله " وَيَتَحَدَّث عَنْ الله وَكَأنَّهَا عَدْوَى وَإِنْتَقَلْت لَهُ مِنْ يُوسِف . وَأعْطَى السُّلْطَة لِيُوسِف عَلَى كُلَّ أرْض مِصْر .. { ثُمَّ قَالَ فِرْعَوْنُ لِيُوسُفَ انْظُرْ . قَدْ جَعَلْتُكَ عَلَى كُلَّ أرْضِ مِصْرَ . وَخَلَعَ فِرْعَوْنُ خَاتِمَهُ مِنْ يَدِهِ وَجَعَلَهُ فِي يَدِ يُوسُفَ ْ} ( تك 41 : 41 – 42 ) .. " الخَاتِم " رَمز السُّلْطَة لأِنَّهُ خِتم الدَولة .. هُناكَ دِول بِهَا رَئِيس لكِنَّهُ مَرْكز شَرَفِي لكِنْ الأهم هُوَ رَئِيس الوُزَرَاء .. هُنَا فِرْعُون جَعَلَ يُوسِف بِمَثَابِة رَئِيس وُزَرَاء وَمَرْكَزه أهمْ شَخْصِيَّة فِي الدَولة . { وَألْبَسَهُ ثِيَابَ بُوصٍ وَوَضَعَ طَوْق ذَهَبٍ فِي عُنُقِهِ . وَأرْكَبَهُ فِي مَرْكَبَتِهِ الثَّانِيَةِ وَنَادُوْا أمَامَهُ ارْكَعُوا . وَجَعَلَهُ عَلَى كُلِّ أرْضِ مِصْرَ } ( تك 41 : 42 – 43 ) .. يُوسِف خَارِج مِنْ السِّجْن مَعَهُ حِرَاسة وَمُتَوَقِع أنْ يَقُوم بِمُهِمَّة أوْ مَأمورِيَّة ثُمَّ يَعُود أوْ بِالأكثر يُعْطِيهِ فِرْعُون بَعْض المَال الَّذِي لَنْ يَفْعل بِهِ شِئ فِي السِّجْن .. لكِنَّهُ صَارَ أهمْ رَجُل فِي مِصْر وَاخْتَارَ لَهُ فِرْعُون زَوْجة إِسمَهَا أسْنَات .. { فَخَرَجَ يُوسُفُ عَلَى أرْضِ مِصْرَ . وَكَانَ يُوسُفُ ابْنَ ثَلاَثِينَ سَنَةً لَمَّا وَقَفَ قُدَّامَ فِرْعَوْنَ مَلِكِ مِصْرَ . فَخَرَجَ يُوسُفُ مِنْ لَدُنْ فِرْعَوْنَ وَاجْتَازَ فِي كُلِّ أرْضِ مِصْرَ } ( تك 41 : 45 – 46 ) . اليَوْم يُوسِف يَجْنِي ثَمْر .. يُوسِف حَلْق شَعْرَهُ وَأبدل ثِيَابِهِ .. إِنْسَان خَرْج مِنْ السِّجْن وَيُرِيد أنْ يُقَابِل فِرْعُون فَلاَ يَلِيق أنْ يُقَابِلَهُ بِمَلاَبِس السِّجْن وَشَكْل السِّجْن .. فِي تَعْبِير الكِنِيسة يَقُول الآباء عَنْ " حَلْق الشَّعْر " هُوَ أنَّ الشَّعْر شِئ مَيِّت يَنْبُت مِنْ الرأس وَالَّذِي يَجْعَلك تَشْعُر بِهِ هُوْ نَبتِة الشَّعْر نَفْسَهَا لكِنْ الشَّعْرَة هِي شِئ مَيِّت .. الآباء يَقُولُون أنَّ الشَّعْر هُوَ الأعمَال المَيِّتة الخَارِجة مِنْ الجَسَد .. إِحْلقهَا .. أوْ الشَّعْر نَاتِج عَنْ الفِكر أي الأفكَار الخَارِجة مِنْ فِكر الإِنْسَان كَي يَقِف أمَام فِرْعُون لاَبُد أنْ يِحْلقهَا .. أيْضاً يَقُول الآباء إِنَّهَا إِشَارة لِخلع العَتِيق وَلِبْس الجَدِيد أي نُجَدِّد أذْهَانِنَا . أنَا كَشَاب أنَا يُوسِف كَي أقِف أمَام فِرْعُون أي الرَّئِيس أي الله لاَبُد أنْ يَكُون لِي فِكر محلُوق أطْرَح عَنِّي ثِقل الأفكَار الشِّرِّيرة وَأبَدِّل ثِيَابِي .. لاَ يَلِيق أنْ أقِف أمَامه بِثِيَاب السِّجْن .. هذَا بِالنِسبة لِي لكِنْ هُنَا يُوسِف الَّذِي يُشِير لِلمَسِيح يَقُولُون عَنْهُ أنَّ يُوسِف فِي فِترة السِّجْن يُمَثِّل المَسِيح فِي الإِخْلاَء لَمَّا تَجَسَّد وَأخْذ شَكل العبد شكل مَسْجُون لكِنْ لَمَّا تَرَاءى أمَام الآب أي فِرْعُون تَرَاءى بِمَجده تَخَلَّى عَنْ صُورة السِّجْن .. يَسُوع لَمَّا تَجَسَّد جَاءَ لِلعَالم وَصُلِبَ وَ ..... كُلَّ هذَا كَانَ فِي السِّجْن ثُمَّ لَمَّا تَرَاءى أمَام الآب خَلْع ثِيَابه وَغَيَّرهَا وَحَلْق شَعْره أي لَبْس ثِيَاب المَجد .. رَجْع لِمَجده .. { وَالآنَ مَجِّدْنِي أنْتَ أيُّهَا الآبُ عِنْدَ ذَاتِكَ بِالمَجْدِ الَّذِي كَانَ لِي عِنْدَكَ قَبْلَ كَوْنِ العَالَمِ } ( يو 17 : 5 ) . لَوْ كَانَ رَئِيس السُّقَاة عَمْل بِنَصِيحة يُوسِف الَّتِي طَلْبهَا مِنْهُ عِنْدَمَا فَسَّر لَهُ حِلْمه بِأنْ يَذْكُره أمَام فِرْعُون هَلْ سَيَكُون لَهُ أهَمِيَّة أمَام فِرْعُون ؟ لَوْ كَانَ أخْرَجَهُ فِرْعُون وَقتهَا كَانَ سَيَتوه فِي زِحَام مِصْر وَكَانَ سَيَعْمل فِي أي مَكْان وَعِنْدَمَا يَطْلُبه فِرْعُون قَدْ لاَ يَسْتَطِيع أنْ يَجِده .. إِذاً الله أبقَى يُوسِف فِي السِّجْن سَنَتِين لِخِيره وَهُوَ يُدَبِّر وَقت مُعَيَّن لِخِيره .. تَدْبِير إِلهِي . أنْتَ كَشَاب إِعْرَف أنَّ الله صَانِع الخَيْرَات حَتَّى وَلَوْ تَأخْر عَنْكَ الخِير لاَ تَشْتَكِي وَلاَ تَتَذَمر فِي الوقت المُحَدَّد الله سَيُخْرِجك وَسَتَمْلُك .. الله مُدَبِر الخَلِيقة كُلَّهَا .. إِنْ كَانَ الرَّجُل الَّذِي يُنَقِّي قِطْعة مِنْ الحَدِيد يَعْرِف مَتَى يَضْرب عَلَيْهَا وَمَتَى يَضَعْهَا فِي النَّار .. الله صَانِع الخَيْرَات الصَّانِع المَاهِر الحَاذِق هَلْ لاَ يَعْرِف كَمْ مِنْ الوقت سَأكُون فِي الضِيق ؟ أحْيَاناً نُرِيد أنَّ الله يَسِير كَحَسَب هَوَانَا وَيِحَدِّد لَنَا الفَتَرَات وَنَقُول لَهُ هَلْ تُرِيد أنْ نَدْخُل السِّجْن ؟ نَحْنُ مُوَافِقُون لكِنْ كَمْ مِنْ الوقت سَنَكُون فِيهِ ؟ لاَ تُطِيل الوقت .. الله يَقُول لَكَ يَا ابْنِي إِترُكنِي أدَبَّر أمرك وَلاَ تَشْتَرِط عَلَيَّ مَاذَا أفْعل وَكَيْفَ ؟ لَنْ تَعْرِف مِثْلِي مَا هُوَ خِيْرك .. نَقُول لَهُ وَاضِح يَا الله أنَّكَ نَسْيتَنِي مَعَ رَئِيس السُّقَاة .. أُنْظُر الجِمِيل الَّذِي فَعَلْتَهُ مَعْك أنَا بَشَّرتك أنَّكَ سَتَحْيَا .. إِذْهب لِتَسْقِي فِرْعُون وَأوِّل مَرَّة تَسْقِيه إِعْرَف أنَّ الحِلْم الَّذِي فَسَّرتَهُ لَكَ تَحْقَّق ..لكِنْ لِلأسف رَئِيس السُّقَاة نَسْاه . أحْيَاناً نَلْجَأ لِطُرُق فَاشِلة وَالله يَتْرُكنَا لأِنَّ الحَل عِنْده هُوَ .. أُصْبُر لِفِترة لاَزِمة .. مَا فَعَلْتَهُ زَوْجة فُوطِيفَار كَانَ لاَزِماً لِيَدْخُل يُوسِف السِّجْن وَالسِّجْن وَصَّلَهُ لِلمجد .. هذَا هُوَ الله .. لِذلِك يُوسِف يَقُول إِسم الله كَثِيراً وَهُوْ يُفَسِر الحِلْم .. وَجَمِيلة آية دَاوُد { وَتَكَلَّمتُ بِشِهَادَتك قُدَّام المُلُوك وَلَمْ أخْزَى } ( مز 118 – القِطعة 6 مِنْ الخِدمة الأُولَى مِنْ صَلاَة نِصف الَّلِيل ) .. رَغمْ أنَّهُ يَعْلم أنَّ كَلِمة الله قَدْ تُضَايِق فِرْعُون لكِنَّهُ صَمَّم أنْ يَقُولَهَا . بَدَأَ يُوسِف يِفَسر حِلْم فِرْعُون لكِنْ أجمل مَا فِي الأمر أنَّ يُوسِف لَمْ يُفَسِر فقط الحِلم بَلْ وَضَعَ خِطَّة لِلعِلاَج .. جَيِّد أنْ تَصِل إِلَى تشخِيص مُشْكِلة فِي حَيَاتك لكِنْ هَلْ تَعْرِف كَيْفَ تَضَع خِطَّة لِعِلاَجهَا ؟ قَدْ نَعْرِف مُشْكِلة فِي بَلَدنَا أوْ عَمَلنَا أوْ كِنِيسِتنَا لكِنْ هَلْ نَعْرِف كَيْفَ نَضَع خِطَّة لِعِلاَجهَا ؟ أجمل مَا فِي يُوسِف أنَّهُ لَمْ يَأتِي لِيَقُص الأمر أوْ لِيْطرح مُشْكِلة فَقْط ثُمَّ يَعُود إِلَى حَيْثُ كَانَ .. لاَ .. بَلْ عَظَمَتَهُ أنَّهُ عَرْض الأمر وَعَرْض العِلاَج . لاَ يوجد طَبِيب يِشَخَّص مَرْض فَقْط دُونَ أنْ يُعْطِي عِلاَج . مِنْ حِكمَة سَيِّدنَا البَابَا شِنُوده أنَّهُ عِنْدَمَا يَعْرِض عَلَيْهِ أحد الأباء الكَهَنْة مُشْكِلة يَقُول لَهُ بِإِسلُوب الدُعَابة .. وَمَا الحل ؟ أرْجُوك لاَ يَكُون عِنْدك رُوح نَقْض أوْ تَذَمُّر دُونَ أنْ يَكُون لَدْيكَ تَفْكِير إِيجَابِي وَهُوَ أنْ تَعْرِف الحل .. المَهَارة لَيْست فِي عَرْض المُشْكِلة أوْ العجز بَلْ المَهَارة فِي أنْ تَعْرِف كَيْفَ تِعَالجه .. المَهَارة لَيْست فِي مَعْرِفة المُشْكِلة بَلْ فِي وَضْع خِطَّة لِلشَّبْع . قَالَ يُوسِف لِفِرْعُون فِي أيَّام الشَّبْع خَزِّن مِنْ غَلِّة الأرْض حَتَّى تَجِد مَا يَأكُلَهُ الشَّعْب فِي زَمن الجُوع .. خِطَّة جَمِيلة .. لِذلِك الكِتاب يَقُول { فَاذْكُرْ خَالِقَكَ فِي أيَّامِ شَبَابِكَ } ( جا 12 : 1) .. أيَّام الشَّبَاب أيَّام شَبْع إِسْعَى فِيهَا لِمَعْرِفة الله وَفِيهَا خَزِّن قَبْل أنْ تَأتِي أيَّام جُوع .. أنْتَ اليَوْم شَاب فِي الدِرَاسة ؟ جَيِّد لأِنَّ أيَّام العَمْل قَدْ لاَ يَكُون بِهَا وَقت لِلشَّبْع لِذلِك صَلِّي الآن وَسَبِّح وَرَنِّم وَتَنَاوَل .. خَزِّن لأِنَّهُ سَتأتِي أيَّام جُوع .. أُنْظُر لِحَيَاتك نَظْرة إِيجَابِيَّة لأِنَّهَا فِي يَد يَسُوع . لِذلِك عِنْدَمَا سَمِعَ المَصْرِيُون يُوسِف بُهِتُوا مِنْهُ .. كُلَّ مَجد يُوسِف لأِنَّهُ رَفْض الخَطِيَّة .. هَلْ كَانَ يَتَوَقَّع أنَّ رَفْض الخَطِيَّة سَيأتِي عَلَيْهِ بِمْجد أم بِنَكبة ؟ أتَى عَلَيْهِ بِنَكبة لكِنْ فِي وَقتهَا فَقْط .. رَفْض الخَطِيَّة سَيُكَافِئك عَنْهُ الله وَإِنْ تَأخَّر .. قَدْ يَسْخر مِنْكَ أصْحَابك عِنْدَمَا تَرْفُض الخَطِيَّة أوْ تَقِف مَوْقِف مُعَيَّن لكِنْ إِنْتَبِه الله يُرِيد أنْ يُمْجِّدك . قَول جَمِيل لِلقِدِيس يُوحَنَّا ذَهَبِيَّ الفَمْ عَنْ سَبْع سِنِين الشَّبْع يَقُول فِيهِ أنَّ الكِنِيسة هكَذَا سَارْت فَقَدْ كَانِت فِي فِترة مُعَيَّنة فِي حَالِة شَبْع فِي القرن الثَّالِث وَالرَّابِع كَانَ بِهَا قِدِّيسِين عُظَمَاء مِثْل الأنبَا بِيشُوي وَأبُو مَقَّار وَالأنبَا أنْطُونيُوس وَ ........... كُلَّ هؤلاء العُظَمَاء كَانُوا فِي وَقتٍ وَاحِد .. القِدِيس غِرِيغُوريُوس وَبَاسِيليُوس وَأثَنَاسيُوس وَ ........... جِيل وَاحِد .. لَيْتَكَ يَا الله كُنْت وَزَّعتَهُمْ عَلَى كُلَّ الأجيَال .. يَقُول لاَ .. توجد سِنِين جُوع وَسِنِين شَبْع خَزِّن فِي سِنِي الغِنَى وَالشَّبْع لِلجُوع .. نَحْنُ الآن فِي سِنِي الجُوع مَاذَا نَفْعل . نَتَذَكَّر أفعالهُمْ وَأقوالهُمْ .. قَالَ الأنبَا أنْطُونيُوس .. قَالَ القِدِيس يُوحَنَّا .. الكِنِيسة خَزِّنِت .. عِنْدَمَا لاَ أعْرِف تَفْسِير آية أعُود لِمْخزُون الآباء لأِعْرِفه .. الكِنِيسة بِهَا مَخزُون وَدَسَم وَغِنَى الآباء . جَمِيل فِي يُوسِف أنَّهُ بَعْدَمَا عَرْض حل المُشْكِلة لِفِرْعُون قَالَ لَهُ { فَالآن لِيَنْظُرْ فِرْعَوْنُ رَجُلاً بَصِيراً وَحَكِيماً وَيَجْعَلْهُ عَلَى أرْضِ مِصْرَ } ( تك 41 : 33 ) .. بَدَأَ يَضْع الخِطَّة لِلعِلاَج .. لكِنْ هَلْ تَفْهمْ مِنْ كَلاَم يُوسِف أنَّهُ يَقْصِد نَفْسه ؟ أم يَقُول لِفِرْعُون أُرِيدك أنْ تَرَى إِنْسَان حَكِيم بَصِير ؟ فِكْرِة فِرْعُون عَنْ يُوسِف أنَّهُ أوَّلاً سَجِين أي بِلاَ كَفَاءة وَثَانِياً أنَّهُ سَاحِر يَحِل الأُمور بِالسِحر لكِنْ لَيْسَ مِنْ مُجْرَّد تَفْسِير حِلْم يَصِير رَئِيس وُزَرَاء .. يُوسِف قَالَ لَهُ أُنْظُر إِنْسَان حَكِيم بَصِير .. جَيِّد أنَّ يُوسِف يُقَدِّم حل يَقُوم بِهِ غَيْره .. إِتِضَاع .. يُقَدِّم الخِير بِدُون مُقَابِل شَخْصِي .. لَمْ يَقُل أنَا سَأقُوم بِهذَا الأمر .. لَمْ يَقُل .. أنَا .. حَتَّى أنَّ فِرْعُون فِي البِدَاية قَالَ لَهُ أنَا أعْلم أنَّكَ تُجِيد تَفْسِير الأحلاَم . إِجَابِة يُوسِف { لَيْسَ لِي . الله يُجِيبُ بِسَلاَمَةٍ فَِرْعَوْنَ } ( تك 41 : 16) .. لَيْسَ لِي .. جَمِيل فِي يُوسِف أنَّهُ يُقَدِّم الخِير دُونَ أنْ يَطْلُب مَا لِنَفْسه .. أحْيَاناً عِنْدَمَا يُقَدِّم إِنْسَان شِئ يُرِيد هُوَ أنْ يَقُوم بِهِ وَنَحْنُ المَصْرِيِين لَدَيْنَا إِسلُوب هُوَ " يَا فِيهَا لاَ اخفِيهَا " .. يُوسِف يَعْلم أنَّ لَدَيْهِ الإِمْكَانِيَّة لِفِعْل ذلِك لكِنْ فِرْعُون لاَ يَعْلم وَيُوسِف لَمْ يَقُل لَهُ .. يَا لِرَوعِة يُوسِف فِي إِتِضَاعه وَتَقْدِيمه الآخَرِين عَنْ نَفْسه .. جَمِيل أنْ يَتَكَلَّم بِإِتِضاع وَحِكمة وَلَدَيْهِ ذِهن مُسْتَنِير . عِنْدَمَا قَالَ لَهُ فِرْعُون قَدْ جَعْلتك عَلَى كُلَّ مِصْر .. { وَخَلَعَ فَرْعُونُ خَاتَمَهُ مِنْ يَدِهِ وَجَعَلَهُ فِي يَدِ يُوسُفَ } ( تك 41 : 42 ) .. لِنَرْبُط ذِلك بِرَبَّ المجد يَسُوع .. يُوسِف الَّذِي خَرَجَ مِنْ السِّجْن رَمز لِلمَسِيح الَّذِي قَامَ مِنْ الموت وَصَعَدَ لِلسَّمَاء وَتَرَاءى أمَام الآب .. هذَا هُوَ يُوسِف الَّذِي خَرَجَ مِنْ السِّجْن وَتَرَاءى أمَام فِرْعُون .. شَهَدَ لَهُ فِرْعُون وَجَعَلَ خَاتِمَهُ بِيَدِهِ .. مَا هذَا ؟ السِّجْن هُوَ القبر .. خَرَجَ مِنْ السِّجْن أي القِيَامة .. ذَهْب إِلَى فِرْعُون أي تَرَاءى أمَام الآب وَأخْذ الطَبِيعة الجِدِيدة المُمَجَّدة أي غَلْب الموت .. أخْذ الخَاتِم هذَا هُوَ عَطِيَّة الرُّوح القُدُس الَّتِي أعْطَاهَا يَسُوع لِلكِنِيسة . قَالَ لَهُ فِرْعُون خُذ هذَا الخَاتِم لِتَخْدِم بِهِ البلد .. لِذلِك يَقُول { وَألْبَسَهُ ثِيَابَ بُوصٍ وَوَضَعَ طَوْق ذَهَبٍ فِي عُنُقِهِ . وَأرْكَبَهُ فِي مَرْكَبَتِهِ الثَّانِيَةِ وَنَادُوْا أمَامَهُ ارْكَعُوا } ( تك 41 : 42 – 43 ) .. مَنْ الَّذِي يَرْكع ؟ المَصْرِيِين أمَام يُوسِف الَّذِي بَاعَهُ إِخْوَتَهُ وَرَفَضُوه .. المَصْرِيُون رَكَعُوا أمَامه .. المَسِيح الَّذِي رَفَضِته خَاصِّته قَبَلَهُ الأُمم وَرَكَعُوا أمَامه وَسَجَدُوا لَهُ . سِر عَظَمِة يُوسِف فِي (1) لَمْ يَتَأثَّر بِالوَسْط المُحِيط :0 =================================== كَانَ عُمْره سَبْعة عَشَرَ سَنْة عِنْدَمَا بَاعُوه إِخْوَته وَالآن عُمْره ثَلاَثُون سَنْة .. هَلْ تَعْلم مَعْنَى السِن مِنْ سَبْعة عَشَرَ إِلَى الثَّلاَثِين فِي عُمْر شَاب ؟ أصْعب مَرْحَلْة يَحْيَاهَا الإِنْسَان بِهَا نِزَاعَات وَرَغَبَات وَشَهَوَات وَطُمُوحَات .. هذِهِ المَرْحَلْة عَاشَهَا وَسْط أرْض مَصْر .. وَهَلْ مِصْر مُتَدَيِنة ؟ بِالطبع لاَ لكِنْ يُوسِف عَاشَ فِي هذَا الوَسْط المُتْعِب وَحَفْظ نَفْسه .. هَلْ أسْتَطِيع أنَا أنْ أحْفظ نَفْسِي مَهْمَا كَانِت الإِغْرَاءات وَمَهْمَا كَانَ الوَسْط المُحِيط فَاسِد ؟ حَفْظ نَفْسه فِي بَيْت فُوطِيفَار وَحَفْظ نَفْسه مِنْ الشَّهوة وَحَفْظ نَفْسه فِي السِّجْن وَحَفْظ نَفْسه مِنْ الثَقَافة الغَرِيبة .. عَاشَ فِي وَسْط وَثَنِي وَالأخْطر أنَّ الكِتاب يَقُول أنَّ زَوْجة يُوسِف كَانْت إِبنة كَاهِن وَثَنِي .. كَانِت بِنْت كَاهِن فُوطِي فَارَعَ كَاهِن أُونَ .. وَأُون هُوَ وَثن .. قَدْ نَقُول هُنَا إِنْتَهَى يُوسِف بَعْد أنْ حَافِظ عَلَى نَفْسه فِي كُلَّ مَا سَبْق .. لاَ .. رَغمْ أنَّهُ تَزَوَّج بِنْت كَاهِن وَثَنِي إِلاَّ أنَّهُ حَفْظ نَفْسه حَتَّى أنَّهُ عِنْدَمَا أعْطَاهُ الله أولاد كَانَ مُمكِنْ يُعْطِيهُمْ أسماء مَصْرِيَّة مِثْل رَع .. أمنحُتُب .. لاَ .. سَمَّى إِبنْه البِكر " مَنَسَّى " .. { قَائِلاً لأِنَّ اللهَ أنْسَانِي كُلَّ تَعَبِي وَكُلَّ بَيْت أبِي } ( تك 41 : 51 ) .. قَدْ يَقُول الله أنْسَانِي أيَّام الهَمْ وَالظُلم وَلأِعِيش الآن حَيَاتِي .. لاَ .. عِنْدَمَا أعْطَاهُ الله إِبنْه البِكر شَكَرَهُ عَلَى عَطِيِته الجَمِيلة وَأسمَاه مَنَسَّى . لكِنْ أسْنَات زَوْجَته لاَ تَعْرِف الله .. يَقُول يُوسِف .. لاَ .. هَلْ تَتَخَيَّل إِنِّي مَادُمْت قَدْ إِرْتَبْطت بِهَا أنْ أتَأثَّر بِهَا وَأحْيَا كَحَيَاتهَا ؟ .. لاَ .. هِيَ الَّتِي تَأثَّرت بِيَّ وَلَسْتُ أنَا بِهَا .. ثُمَّ أعْطَاهُ الله إِبنْه الثَّانِي فَسَمَّاه " أفْرَايِمَ " .. { وَدَعَا اسْمَ الثَّانِي أفْرَايِمَ قَائِلاً لأِنَّ اللهَ جَعَلَنِي مُثْمِراً فِي أرْضِ مَذَلَّتِي } ( تك 41 : 52 ) .. رَغمْ إِنِّي فِي أرْض صَعبة إِلاَّ أنَّ الله جَعَلَنِي مُثمِراً .. مَا أجملك يَا يُوسِف وَأنْتَ فِي بَيْت فِرْعُون مُتَذَكِّر دَائِماً الله وَلَمْ تَتَأثَّر .. لَمْ تَأخُذ طِبَاعِهِمْ لكِنَّكَ أخْذت مِنْهُمْ مَا يُنَاسِبك فَقْط .. مُمكِنْ تِعِيش ثَلاَثة عَشَرَ سَنْة فِي سِنْ حَسَّاس وَلاَ تَتَأثَّر ؟ لِذلِك لَوْ سَمْح الله لَكَ أنْ تُسَافِر أوْ تَكُون فِي أي مُجْتَمع إِحْذر أنْ تَتَأثَّر بِهِ بَلْ كُنْ مُؤثِّر فِيهِ . (2) كَانَ مُجْتَهِد :0 =================== كُلَّ شِئ عَمَلَهُ بِإِتقان وَأمانة .. فِي بَيْت أبِيهِ كَانَ أمِين فِي خِدمِته لأِبِيهِ وَإِخْوَته .. قَالَ لَهُ أبوه إِذْهب إِفتَقِد إِخْوَتك .. أطَاعَ .. وَذَهَبَ إِلَى شَكِيمَ وَكَانَ بينَهُمْ وَبَيْنَ أهْل شَكِيمَ مُشْكِلة الَّتِي تَسَبَّبت فِيهَا دِينَا أُخْتُهُمْ وَكَانَ يُوسِف مُعَرَّض لِلخطر لكِنَّهُ ذَهْب وَلَمَّا لَمْ يَجِد إِخْوَته هُناك بَحَثَ عَنْهُمْ حَتَّى وَجَدْهُمْ .. أيْضاً فِي بَيْت فُوطِيفَار كَانَ أمِين نَشِيط حَتَّى أنَّ فُوطِيفَار وَكَّلَهُ عَلَى بَيْتَهُ .. فِي السِّجْن كَانَ أمِين مُجْتَهِد . مُشْكِلِة الشَّاب أنَّهُ يَقُول لَكَ أنَا مُحْبط مُتْعب .. لأِنَّهُ غِير مُجْتَهِد رَغمْ أنَّهُ فِي إِمكَانِه أنْ يَجْتَهِد فِي كُلِّيِته وَيَحْصُل عَلَى تَقْدِير أوْ يَجْتَهِد وَيَتَعَلَّم مَهَارة .. لكِنَّهُ يَرْفُض .. سِر عَظَمِة يُوسِف أنَّهُ مُجْتَهِد فِي كُلَّ مَكَان يَذْهب لَهُ .. الإِجتِهَاد فِي العَمْل البَسِيط يِوَصَلْك لِلعَمْل الكِبِير .. الأمِين فِي عَمَله كَرَجُل عَامِل كَالأمِين فِي عَمَلْه كَرَئِيس .. الأمَانة لاَ تَتَجَزأ .. الأمَانة لاَ تَتَوَقف عَلَى مَوْقِع .. الأمَانة هِيَ الأمَانة فِي أي عَمْل . يُوسِف مُجْتَهِد لِذلِك يَقُول الكِتاب { فَخَرَجَ يُوسُفُ مِنْ لَدُنْ فِرْعَوْنَ } ( تك 41 : 46 ) .. كَانَ بِإِمكَانه أنْ يَنَام فِي بَيْتِهِ وَيُعْطِي أوَامِر لِمَنْ حَوْله وَيُعَوِّض أيَّام المَذَلَّة وَالتَعْب وَيَسْتَرِيح .. لكِنْ الكِتاب يَقُول أنَّهُ خَرَجَ مِنْ لَدُنْ فِرْعُون { وَاجِتَازَ فِي كُلِّ أرْضِ مِصْرَ } ( تك 41 : 46 ) .. أمَامه عَمْل كَثِير يُرِيد أنْ يَرَى الأرْض الَّتِي تُعْطِي محصُول غَنِي وَيَبْنِي مَخَازِن وَيِخَزِّن مَاء وَيُصْلِح أرَاضِي وَيِخَزِّن قَمْحٌ وَ ......... نَقُول لَهُ جَيِّد أنْ تُوَكِّل إِنْسَان عَلَى كُلَّ هذِهِ الأعمَال .. يَقُول .. لاَ .. لاَبُد أنْ أعمَل بِنَفْسِي .. جَمِيل يَا يُوسِف فِي إِجتِهَادك وَأمانْتك . خَرَجَ مِنْ عِنْدَ فِرْعُون وَاجْتَازَ فِي كُلَّ أرْض مِصْر .. قُلْنَا أنَّ يُوسِف يَرْمُز لِلمَسِيح .. يَسُوع جَاءَ إِلَى مِصْر وَاجْتَازَ أرْض مِصْر مِنْ أوِّل سِينَاء وَنَزَلَ جَنُوباً إِلَى بَرِّيَّة شِيهِيت حَتَّى أسْيُوط ثُمَّ عَادَ مَرَّة أُخْرَى .. إِجْتَازَ . يُوسِف خَزِّن قَمْحٌ كَرَمل البحر .. مُتقِن جِدّاً فِي عَمَلْه .. هَلْ تُرِيد أنْ تَكُون عَظِيم ؟ إِجْتَهِد فِي عَمَلْك وَلِيَكُون لِوْقتك قِيمة وَلاَ تَكُنْ كَسُول مُبَدِّد لِلوقت .. مُشْكِلِتنَا أنَّنَا لاَ نُفَكِّر .. نُرِيد الأُمور تَسِير مِنْ ذَاتهَا .. أقْصَى شِئ أنَّكَ تَسْأل الشَّاب مَاذَا تَفْعل فِي الأجَازة الصَيفِيَّة ؟ يَقُول لَكَ أُمَارِس لِعْب الكُرة أوْ أذْهب إِلَى " السَايبر " .. وَفِي الدِرَاسة ؟ يَقُول لَكَ أسْتَرِيح مِنْ لِعْب الكُرة وَأفَكَّر فِي اللِعْبة الَّتِي سَأُمَارِسهَا الصِيف القَادِم .. هَلْ هذَا يَنْجح ؟ .. لاَ .. لاَبُد أنْ تَشْعُر بِإِهتِمَامَاتك .. لاَبُد أنْ يَكُون لَكَ إِهتِمَامَات عُظْمَى تَجْذِبك وَتَجْذِب إِنْتِبَاهك وَجَهْدك وَفِكرك .. إِهْتَمْ بِالوقت لأِنَّهُ أساس النَجَاح . (3) كَانَ مَشْغُول بِالله :0 ========================== يُوسِف لَمْ تَنْقَطِع عِشْرَته مَعَ الله فِي أي مَرْحَلْة مِنْ المَرَاحِل .. رَغمْ مَشْغُولِيَاته الكَثِيرة لَمْ يَنْسَى الله حَتَّى بَعْدَ أنْ أخْذ هذَا المَنْصِب الحَسَّاس لَمْ يَنْسَى الله .. عِنْدَمَا أتُوا إِليْهِ إِخْوَته رَغمْ أنَّهُ تَعَامل مَعَهُمْ بِجَفَاء بعض الشِئ إِلاَّ أنَّهُ عَاملهُمْ بِكُلَّ حُنُو وَرِفق وَأعْطَاهُمْ غِنَى جَزِيل .. كَانَ بِإِمكَانه أنْ يَنْتَقِمْ بِقَسْوة لكِنَّهُ قَالَ أنَا مَازِلت أتَذَكَّر الله .. أنَا أعَامِل الله .. وَعِنْدَمَا قَالَ لَهُمْ أنَا يُوسِف أخْوكُمْ خَافُوا مِنْهُ جِدّاً فَأجَابَهُمْ لَسْتُمْ أنْتُمْ الَّذِينَ أرْسلتُمُونِي بَلْ الله الَّذِي أرْسَلَنِي لأِسْتِبقاء حَيَاة . حَتَّى فِي مَجْده كَانَ فِي عِشْرة قَوِيَّة مَعَ الله .. كَانَ مُمكِنْ يِضْعف وَيَقُول هؤلاء هُمْ مَنْ بَاعُونِي شِمْعُون وَهذَا رَآوبِين وَيَهُوذَا الظَّالِمِين .. لاَ .. نَجِد لَهُ عِشْرة مَعَ الله .. لَهُ وَقت صَلاَة وَوَقت خَفَاء .. الله أعْطَاه رِسَالة فِي حَيَاته أنْ يَخْدِم الآخَرِين .. شَعَرَ أنَّ كُلَّ أُموره فِي يَد الله . جَمِيل يُوسِف أنَّهُ شَاب وَجَمَعَ مَجَالين نَاجِحين فِي حَيَاته مَجَال عَمَلِي وَمَجَال رُوحِي .. كَثِيراً مَا يبدُو لَنَا أنَّ هَاتين النُقطَتين مُتنَاقِضَتين إِمَّا أنْ نَحْيَا حَيَاتنَا وَإِمَّا أنْ نَعِيش مَعَ الله .. لاَ .. أجمل شِئ أنْ تَحْيَا الإِثنَان مُتَوَازِيَان . هذَا هُوَ يُوسِف الَّذِي يُنْفِق مِنْ طَاقِة ذِهْنه وَجَسَده لأِمُور حَيَاته الطَبِيعِيَّة وَالبَشَرِيَّة وَنَاجِح وَمُجْتَهِد فِي عَمَله .. هذَا هُوَ يُوسِف الَّذِي يُنْفِق طَاقِة ذِهْنه وَجَسَده لله .. نُقْطة نَصْطَدِم بِهَا .. مُعَادلة صعبة أنْ نُوَازِي حَيَاتنَا العَمَلِيَّة بِالرُّوحِيَّة .. هَلْ تُرِيدَنِي أنْ أحْيَا مَعَ الله ؟ أُترُكنِي فِي حُجرة وَاغلِق عَلَيَّ بَابهَا وَاعْطِنِي أجبِية وَإِنْجِيل وَ ....... هُمْ ثَلاَثة أيَّام فِي الدِير نَحْيَا فِيهَا مَعَ الله وَنَحْيَا حَيَاة الرُهبَان لكِنْ أنْ تَجْعَلَنِي أذْهب لِلعَمْل وَأسِير فِي الشَّارِع وَأذْهب لِلبِيت وَأرَى عَثَرَات ثُمَّ تَطْلُب مِنِّي أنْ أعِيش مَعَ الله فِي كُلَّ هذَا .. كَيْفَ ؟ أمر صعب حَاوِلت فِيهِ وَفَشْلت .. لاَ .. عَظَمِة يُوسِف أنَّهُ نَجَحَ فِي الإِثنَان . لأِنَّنَا نَتَكَلَّم كَثِيراً عَنْ الآبَاء الرُهبَان وَأنَّهُمْ نَجَحُوا فِي عِشْرِتهُمْ مَعَ الله لأِنَّهُمْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ حَيَاة عَمَلِيَّة فَنَتَخَيَّل أنَّهُ لاَ يُمْكِنْ أنْ نَحْيَا الإِثنَانِ مَعاً .. لكِنْ لاَ .. يُوسِف جَمِيل لأِنَّ لَهُ حَيَاتك العَمَلِيَّة لَهُ عَمْل وَاحْتِكَاك مَعَ التَقِي وَالبَار .. يَعْرِف كَيْفَ يَتَعَامل مَعَ إِخْوَته رَغمْ أنَّهُمْ لاَ يُحِبُّوه وَيَتَعَامل مَعَ فُوطِيفَار الَّذِي يُحِبَّه وَمَعَ زَوْجة فُوطِيفَار الَّتِي لاَ تُحِبَّه .. مَعَ السُجَنَاء بِمُختَلْف أنواعهُمْ وَبِهُمْ أرْدِيَاء كَثِيرُون لأِنَّهُ لاَ يُوجد فِي السِّجْن إِنْسَان مَشْهُود لَهُ بِالإِحتِرَام .. وَمَعَ كُلَّ ذلِك كَانَ لِيُوسِف إِحْتِرَام عِنْدَ الكُلَّ وَمَحَبَّة عِنْدَ الكُلَّ وَحُنُو مَعَ الكُلَّ .. هذَا أجمل مَا تَتَعَلَّمه كَيْفَ تَكُون نَاجِح جِدّاً فِي حَيَاتك العَمَلِيَّة وَحَيَاتك مَعَ الله فِي نَفْس الوقت .. تَرَى دَاوُد النَّبِي وَهُوَ مَلِك يَقُول { سَبْعَ مَرَّاتٍ فِي النَّهَارِ سَبَّحْتُكَ عَلَى أحْكَامِ عَدْلِكَ } ( مز 118 – القِطعة 20 مِنْ الخِدمة الأُولَى مِنْ صَلاَة نِصف الَّلِيل ) . هذَا كُلَّه جَعَلَ يُوسِف عَظِيم جِدّاً وَخَزِّن قَمْحٌ فِي أرْض مِصْر ثُمَّ وَصَلِت المَجَاعة لأِخْوَته وَذَهَبُوا لَهُ وَاشْتَرُوا مِنْهُ قَمْحٌ مَرَّة وَإِثنَان ثُمَّ أحْضر يَعْقُوب أبِيهِ وَجَعَلَهُمْ كُلُّهُمْ يُقِيمُون عِنْده فِي أرْض مِصْر كَجُزء مِنْ تَدْبِير الله كَي يَخْرُجُوا مِنْ أرْض مِصْر وَيَذْهَبُوا إِلَى كَنْعَان . كُلَّ هذَا إِسْتَخدِمه الله بِشخْصِيِة يُوسِف .. كَيْفَ يَأتِي بَنِي إِسْرَائِيل لِمِصْر ؟ بِيُوسِف .. كَيْفَ يُسْتعبَدُوا فِي أرْض مِصْر مِنْ فِرْعُون وَيُقَاومُوا فِرْعُون كَي يَخْرُجُوا مِنْ مِصْر إِلَى كَنْعَان ؟ بِيُوسِف .. كَيْفَ يُدَبِّر الله الفِصْح مَعَ خُرُوجِهِمْ ؟ كُلَّ هذَا وَرَاءه يُوسِف . تَخَيَّل أنَّ الله يَسْتَخدِم تَجْرُبَتك لِبُنيَان الكِنِيسة .. يَسْتَخدِمك أنْتَ لأِسْتِبقَاء حَيَاة .. يَسْتخدِمك أنْتَ فِي ضِيقة كَي يَتَعَلَّم غِيرك كَي يَرُوا إِحتِمَالك وَبِرَّك .. كَمْ الله عَجِيب فِي تَدْبِيره .. { وَخَلَعَ فَرْعُونُ خَاتَمَهُ مِنْ يَدِهِ وَجَعَلَهُ فِي يَدِ يُوسُفَ } ( تك 41 : 42 ) .. الله يُرِيد أنْ يُعْطِيك خَاتِمه .. سُلْطَانه .. قُوَّته .. مَسْحَته .. إِسْمه .. الله جَعَلَ إِسْمه فِي يَدِكَ فَمَاذَا تُرِيد أكثر مِنْ ذلِك ؟ قِصَّة يُوسِف بِهَا مَعَانِي عَظِيمة جِدّاً ليْتَنَا نَتَعَلَّم مِنْهَا . رَبِّنَا يِكَمِّل نَقَائِصنَا وَيِسْنِد كُلَّ ضعف فِينَا بِنِعْمِته لَهُ المجد دَائِماً أبَدِيّاً آمِين

يوسف ولقاء اخوته

تم ثلاث لقاءات بين يوسف وإخوته : الأول : كان يوسف جاف جداً مع إخوته . الثاني : أراد أن يعرف مشاعرهم تجاه بعض .. ومشاعرهم تجاه بنيامين أخوه .. شقيقه . الثالث : أعلن لهم ذاته . عندما حدث جوع في الأرض لم يفكر إخوة يوسف في الذهاب إلى أرض مصر للحصول على القمح ولكن الذي طلب منهم هذا أبوهم يعقوب .. إن الله أحياناً يسمح أن يكون هناك جوع في الأرض لكي نذهب إلى يوسف .. ويوسف في الكتاب المقدس يرمُز إلى ربنا يسوع المسيح .. فالله ممكن أن يجعل هناك مجاعة في حياتي وتشتد جداً فلا نجد منفذ إلا يوسف – أي الله – .. ” ليس بأحد غيرهِ الخلاص “ ( أع 4 : 12) .. تخيل الإنسان والمجاعة شديدة عليه وهو لا يرضى ولا يرغب أن يذهب ليوسف . إخوة يوسف ذهبوا إليه بعد سنتين من المجاعة وكان عمره في ذلك الحين تسعة وثلاثون عاماً .. لأنه بِيعَ وعمره سبعة عشر عاماً .. وتقابل مع فرعون وعمره ثلاثون عاماً .. نرى أيضاً الابن الضال تقابل وذهب إلى أبيه عندما احتاج .. وإخوة يوسف ذهبوا إلى مصر عندما احتاجوا . الله يحاول أن يجتذبنا إليه بكل الطرق .. إحتياج .. تجربة .. لأن لو الإنسان إكتفى لا يحتاج إلى يوسف .. عندما جاء إخوة يوسف له وعندما سجدوا أمامه لم يعرفوه ولكنه عرفهم وتذكر الحلم القديم الذي شاهده .. ولكنه تنكر لهم وتكلم معهم بجفاء ولم يصفح عن نفسه مثلما يفعل معنا الله عندما نذهب إليه في البداية . لماذا يارب تتكلم معنا بجفاء ؟ لأننا نذهب إليه لمجرد احتياج أرضي .. يرغب الله أن نسجد له سجود التوبة والحب .. عكس سجود إخوة يوسف المبني على الخوف .. إسأل نفسك كيف تسجد أمام الله وبأي مشاعر ؟ رغب يوسف أن يعرف هل تغير إخوته الذي إنفصل عنهم منذ إثنان وعشرون عاماً .. فسألهم وقال لهم أنتم جواسيس ليعرف حقيقة ما بداخلهم .. وهنا نسأل أنفسنا هل الزمن يغيرنا أم إننا كما نحن ؟ وجد يوسف إخوته كما هم دون تغيير ولكنه تحنن . طلب منهم يوسف الذهاب إلى أبيهم ويأتوا بأخيهم بنيامين ويأخذ منهم واحد يُحبس حتى الحضور بالأخ الأصغر .. هنا تذكروا أخوهم المفقود يوسف الذي طرحوه في البئر .. هنا عرفوا خطيتهم وما فعلوه في أخوهم ولم يرحموه .. بدأوا يتحدثون فيما بينهم ويُقروا بأن هذا هو ذنب أخوهم يوسف .. وعندما سمع كلامهم يوسف ” تحوَّل عنهم وبكى “ ( تك 42 : 24 ) .. لم يتحمل أحزان إخوته . يضعنا الله في موقف صعب وعندما يجد ضمائرنا تُبكتنا وبدأنا نلوم أنفسنا تبدأ مراحمه تتحرك .. كل هذا إشارة إلى مراحم ربنا يسوع عندما يقول ” سأعطيكم مراحم داود الصادقة “ ( أع 13 : 34 ) .. بعدها أخذ يوسف شمعون وقيِّده أمام أعينهم .. ورجع الإخوة لأبوهم لطلب بنيامين لكنه رفض فسكتوا .. وعندما انتهى القمح الذي أخذوه من يوسف في المرة الأولى فكروا في الرجوع له ثانيةً . إخوة يوسف في مجاعة وأخوهم عنده مخازن من الخيرات .. فالقديس يوحنا ذهبي الفم يقول ” أنت ابن أكابر .. وأتعجب عليك وأنت تقف على أول الشوارع تشحذ لقمة وأنت تملُك في نفسك مفتاح مخازن الحياة “ . حاول يهوذا أحد الإخوة إقناع أبوهم يعقوب بأخذ بنيامين .. فاقتنع يعقوب وقال لهم خذوا بنيامين ومعه هدايا للرجل – أي يوسف – .. نحن كذلك نتعامل مع الله على أنه " الرجل " أي غريب وننسى إنه إلهي وأبي وحبيبي الذي يبحث عني ويشتاق إليَّ .. نحن نُهدر من الوقت والجهد كثيراً دون الذهاب إليه . ذهب إليه إخوته مرة ثانية ومعهم بنيامين ومعهم أيضاً الفضة التي كان قد وضعها لهم يوسف في القمح في المرة الأولى .. ومعهم الفضة الجديدة التي هي ثمن للقمح الجديد الذي يحتاجونه .. يقول الآباء القديسين عن هذا إنها إشارة للعهدين القديم والجديد . ذهبوا أولاً لوكيل البيت .. وهذا الوكيل إشارة إلى الكهنوت وقالوا له ما حدث أنهم وجدوا الفضة داخل القمح وها هم الآن لكي يردوا الفضة القديمة والفضة الجديدة للحصول على القمح الجديد .. فقال لهم الوكيل سلام عليكم .. لا تخافوا – هذا ما يقوله الكاهن دائماً – .. فأخرج لهم شمعون أي " يسمع " وبهذا فهو أخرج لهم الوصية المكتوبة والمحبوسة .. إن عمل الكاهن أن يُوقظ الوصية وكلام الله داخل الإنسان .. وهذا ما فعلهُ الوكيل أن يُخرج شمعون المحبوس داخلي . جاء يوسف وقدم لهم مائدة طعام .. فسلموا عليه وسجدوا إليه على الأرض وقدموا له الهدايا .. بدأ يوسف يسأل عن سلامتهم وسلامة أبيهم .. ثم رأى أخيه بنيامين .. فأخذ مكان وبكى . لم يبكي يوسف وهو في السجن .. لم يبكي عندما ظُلِم .. ولم يبكي عندما باعوه .. لكنه الآن يبكي .. هذه هي أحشاء رأفات إلهنا .. دخل يوسف المخدع وبكى هناك ليُكمل شفاءهم ونقائصهم وتوبتهم .. ثم غسل وجهه وخرج وتجلَّد . قدم لإخوته مائدة طعام .. وأكل هو وحده .. والمصريين أكلوا بمفردهم .. أراد الله أن يوحِّد هذه المائدة .. متى يأكل الجميع على مائدة واحدة ؟ في الفصح .. ” فصحنا أيضاً المسيح قد ذُبِحَ لأجلنا “ ( 1كو 5 : 7 ) . يقول الآباء القديسين على يوسف عندما بكى وغسل وجهه وتجلَّد إشارة ليسوع المسيح في البستان عندما بكى ثم تجلَّد وخرج على الصليب ( الذبح ) .. هنا نجد أن يوسف أقرب إلى مائدة المصريين عن مائدة إخوته العبرانيين لأنه هو الفصح اليهودي الذي رفضوه . حتى الآن تقابل يوسف مع إخوته مرتين .. الأولى كان عددهم عشرة .. والثانية كان عددهم إحدى عشر .. في المرة الأولى هذا دليل على ظهور الرب يسوع لتلاميذه ولم يعرفوه .. واللقاء الثاني وهم " 11 " عندما ظهر لهم وكان معهم توما .. يوسف أظهر في المرة الثانية اهتمامه ببنيامين ويسوع في الظهور الثاني أظهر اهتمامه بتوما . وعندما جاء وقت الخروج وضع لهم الفضة معهم ثم وضع يوسف كأس الفضة الذي كان يشرب فيه في أمتعة بنيامين .. ثم قال لهم أن هناك شئ ما إختفى في البيت وعلينا بالتفتيش .. فبدأ من كبيرهم إلى صغيرهم حتى وجد الطاس في عِدل بنيامين .. خروا على وجوههم وطلبوا من يوسف أن يتنازل ويعطي لهم بنيامين الذي أراد أن يأخذه منهم بسبب وجود الطاس معه . هنا تأكد يوسف أنهم لم يتخلوا عن أخوهم .. ودافعوا عنه بحب .. بدأ يهوذا يقول ليوسف خذني أنا عِوضاً عن بنيامين .. لأن أبي متعلق بأخي هذا ولن أستطيع الرجوع إليه بدونه .. عندما وجد يوسف محبة إخوته صرخ وقال لإخوته أنه يوسف .. صرخ عندما رأى التضحية والبذل . ربنا يسوع عندما يجد إنسان يقف أمامه لا ينفذ عقوبة معه .. أصعب ما فينا إننا نلوم الآخرين ولا نضع أنفسنا مكانهم .. هنا أعلن يوسف نفسه لإخوته وطلب منهم أن يقتربوا إليه وقال لهم ” أنا يوسف أخوكم الذي بعتموه إلى مصر .. والآن لا تتأسفوا ولا تغتاظوا لأنكم بعتموني إلى هنا لأنه لاستبقاء حياة أرسلني الله قُدَّامكم “ ( تك 45 : 4 – 5 ) .. رفض يوسف أن يكون هذا الإعلان أمام الناس وقال للجميع – أي الخدم المصري – أن يخرجوا خارجاً وأعلن ذاته بينه وبينهم . ربنا يسوع لن يُعلن لي ذاته إلا بيني وبينه سراً في خفاء وفي المخدع .. ترى دموعه وتعرف حنانه .. هنا بدأ إخوته أيضاً في البكاء .. من يقف في الخارج ويسمع صوت بكاء إثنى عشر شخص يتصور أن هناك كارثة في الداخل .. أما الداخل فهو في مجد . وفي النهاية طلب منهم الذهاب مرة أخرى إلى يعقوب ليأتوا به إليهِ ..... وللحديث بقية ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته له المجد دائماً أبدياً آمين

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل