العظات
نصائح للخطيبين
نصائح للخطيبين
{ كذلكن أيتها النساء كن خاضعات لرجالكن حتى وإن كان البعض لا يُطيعون الكلمة يُربحون بسيرة النساء بدون كلمة ؛ كذلكم أيها الرجال كونوا ساكنين بحسب الفطنة مع الإناء النسائي كالأضعف معطين إياهن كرامة كالوارثات أيضاً معكم نعمة الحياة لكي لا تُعاق صلواتكم } ( 1بط 3 : 1 ، 7 ) .
العلاقات مع الأُسر بين المخطوبين .. هناك ثلاث نصائح وثلاث تحذيرات لأُسر الخطيبين :-النصائح-التحذيرات
1/ بُناء المحبة 1/ الحذر من الضغط والسيطرة
2/ التوازن 2/ نحترس من الذاتية
3/ الفهم والأمانة 3/ نحترس من كثرة الشروط
النصائح :
1/ بُناء المحبة :
من الصعب أن تكون الأسرتين متباعدتين ولا يوجد بينهم محبة أو أن يكون كل طرف من الخطيبين يتعامل مع خطيبته فقط دون أسرتها والعكس .. ويكون كل طرف من الخطيبين مهتم بخطيبه فقط بدون أي طرف من أسرتها لا إخوتها ولا والدها ولا والدتها .. فإن إتصل بالتليفون ورد عليه أي شخص آخر لا يكلمه ويطلب خطيبته مباشرةً .. ولكن الوضع السليم أن يتم التعامل مع الأسرةبالكامل وليس مع الخطيب وحده .
يجب أن أسأل على كل أفراد الأسرة وأكون صاحب مبادرة في السؤال عن أي شخص مُتعب أو أسأل في أي مناسبة لأن الخطيب سيكون عضو في هذه الأسرة .. يجب بُناء المحبة والإحترام الكامل وتقدير كل شخص لكي يكسب كل شخص .
كل طرف يجب أن يعرف أنه صار عضو في أسرة الآخر .. إن لم يكن الطرف الآخر يسأل عنك لا تعامله بالمثل بل إسأل إنت عليه لأن المحبة لا تطلب ما لنفسها ( 1كو 13 : 5 ) .. إبني بيتك على المحبة .. وتعلم كيف تكسب الشخص الذي أمامك .. والمحبة التي من القلب يشعر بها قلب الشخص الذي أمامك .. { أحبوا بعضكم بعضاً من قلبٍ طاهرٍ بشدة } ( 1بط 1 : 22 ) .
2/ التوازن :
يجب أن تكون العلاقة بين الأسرتين فيها توازن بحيث لا يكونوا مُهمشين تماماً ولا مُتداخلين بشكل زائد .. هناك حدود للتعامل .. من المهم أن نُطلعهم على أمورنا وفي نفس الوقت لا يدخلوا في خصوصيتنا .. أحياناً الخطيب يذهب عند خطيبته طول النهار وشخص آخر يذهب ½ ساعة كل شهر .. هذا يُسبب المشاكل والآخر هكذا يُسبب المشاكل .. الأفضل الإتزان .
التوازن مطلوب في كل الأمور .. حتى في الطَلَبَات وطريقة التفكير والحكم على الأمور بوجهة نظر الآخر .. { الطريق الوسطى خلصت كثيرين } .. التوازن في العلاقة والوقت والتفكير والإهتمامات وفي الخصوصية أيضاً يجب أن نتوازن فيها .. أي مش كل شئ يُقال ومش كل شئ يُكتم .
أحياناً يكون من الحكمة أن لا يدري الأهل ببعض الأمور التي تحدث بين الخطيبين لكي لا تزيد المشاكل إلا في حالة أن الشخص يكتشف إنه غير مرتاح للإرتباط ولكن المشاكل البسيطة العادية التي تحدث يجب عدم إطلاع الأهالي عليها لكي لا يأخذوا الأمور بشكل شخصي ويُصبح كل طرف محامي للطرف التابع له ضد الآخر وتزيد المشاكل .
معظم المشاكل يكون سببها تدخل الأسر ( 85 % من المشاكل ) .. إذاً بعض المشاكل تُحل بواسطة الخطيبين فقط مع بعضهما والأصعب تُحل مع الكاهن ولو شعر أحد الخطيبين بعدم الإرتياح في الإرتباط يُشرك الأسرة .
3/ الفهم والأمانة :
نفسية الأسرة تحب أن تحتفظ بملكيتها بإبنها أو بنتها .. يجب أن يعلم كل طرف أهمية إرتباط الطرف الآخر بأسرته .. وأحياناً الأهالي عندما يجدوا أن الطرفين مرتبطين جداً ببعض يحدث لهم غيرة ويشعروا أن دورهم أصبح دور هامشي .. فمن المهم أن نُشركهم في بعض الأمور التي تُرضيهم .. وبعض الأولاد لكي يُريحوا أباءهم يقولون لهم أنهم غير مرتاحين نسبياً مع خطيبي لكي يهدوا هم ويسعوا لإسعاد العلاقة وإتمامها .. يجب أن يكون هناك فهم لنفسية الشخص الذي أتعامل معه لكي أستطيع أن أكسبه .
أما بالنسبة للأمانة فالوضوح شئ هام جداً .. الإمكانيات وظروف العمل ومدة الخطوبة ومستوى المشتريات .. يجب أن يوضح كل طرف ظروفه التي سيقدمها في الزواج .. ولو عندك مشكلة صحية قولها .. ولو عندي مشكلة في أسرتي يجب أن أقولها .. الشخص الذي يحبك هو الذي يقبلك بكل ظروفك .
التحذيرات :
1/ السيطرة والضغط :
حياناً الأسرة تضغط على البنت مثلاً أن ترتبط بشخص معين أي أنها تتركه رغم إرادتها .. وأحياناً تتدخل الأسرة في التفاصيل بين الخطيبين ..التدخل يجب أن يكون للبنيان .. والشروط التي يضعها البيت يجب أن يضعها للعريس قبل الإرتباط وليس بعد الإرتباط بعد الزواج لا يوجد أي تدخل للأهل في حياة الزوجين .
2/ كثرة الشروط :
نحن نعاني من ظروف إقتصادية صعبة وللأسف الأهل يطلبون طَلَبَات كأنهم لا يشعرون بالواقع .. وتذكروا أن معظم أهالينا بدأوا حياتهم بشكل بسيط ومع الوقت يكتمل أي شئ في البيت ولكن الأن الأهل يريدون كل شئ كامل وكأن البداية هي النهاية ونسوا فكرة التدريج ولذلك فإن توضيح الإمكانيات في البداية يُريح العريس من الضغوط التي فوق طاقته .
ومن المهم أن يُدرك الأهل أن المهم في الإنسان وليس في الأشياء التي يمكنه أن يشتريها لأنه أحياناً يكون إنسان عنده إمكانيات ولكن لا ترتاح إليه ولا تطمئن أن تعطيه إبنتك طالما أنك وجدت إنسان تستريح إليه وتطمئن على إبنتك معه فلا تتعبه وتُرهقه في كثرة الشروط لأنه مثل إبنك فقدَّر تعبه وإمكانياته .
3/ الذاتية :
أي أن يتعامل كل طرف بكرامة وذاتية كرامتي لا تسمح أن أبدأ بالكلام أو بالمصالحة .. أحياناً يكون الموضوع بسيط وممكن يتحل وكل شخص مستعد يغفر من داخله ولكن عنده ذات لا تسمح له بالذهاب إلى الطرف الآخر وتبقى الأمور معقدة والمشاكل قائمة بسبب الذات يوجد مشاكل كثيرة لأزواج تستمر لسنوات بسبب أن كل طرف يرفض البدء بالمصالحة وأحياناًَ يكون ذلك بسبب كلام الأهل .
ومن الأمور الصعبة أن الطرف الآخر يمكن أن يبيع محبته وممكن يذهب لأهله أو لناس آخرين ويكونوا أقرب إليه منه جب أن كل شخص لا ينظر إلى ما هو لنفسه بل لما للآخر{ كذلكن أيتها النساء كن خاضعات لرجالكن } ( 1بط 3 : 1) بحكمِتِك وبكلمة الله التي بداخِلِك يمكن أن تكسبيه للمسيح ما أجمل أن يكون هناك نشاط روحي مشترك بين المخطوبين مثل القداس ووقت الصلاة واجتماع شباب أو قراءات مشتركة لكي يكون لهم فكر واحد هو فكر المسيح .
ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته
ولإلهنا المجد دائماً أبدياً آمين
أداب الحوار
كَانَ يُوْجَد حَدِيث لِرَبَّ المَجْد يَسُوع مَعَ إِمْرأة سَامِرِيَّة وَهذَا الحَدِيث ذُكِر فِي إِنْجِيل يُوحَنَّا الأصْحَاح الرَّابِع .. { فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنَ السَّامِرَةِ لِتَسْتَقِي مَاءً . فَقَالَ لَهَا يَسُوعُ أَعْطِينِي لأِشْرَبَ لأِنَّ تَلاَمِيذَةُ كَانُوا قَدْ مَضَوْا إِلَى الْمَدِينَةِ لِيَبْتَاعُوا طَعَاماً . فَقَالَتْ لَهُ الْمَرْأَةُ السَّامِرِيَّةُ كَيْفَ تَطْلُبُ مِنِّي لِتَشْرَبَ وَأنْتَ يَهُودِيٌّ وَأنَا امْرَأَةٌ سَامِرِيَّةٌ . لأِنَّ الْيَهُودَ لاَ يُعَامِلُونَ السَّامِرِيِّينَ . أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهَ لَوْ كُنْتِ تَعْلَمِينَ عَطِيَّةَ اللهِ وَمَنْ هُوَ الَّذِي يَقُولُ لَكِ أَعْطِينِي لأِشْرَبَ لَطَلَبْتِ أَنْتِ مِنْهُ فَأَعْطَاكِ مَاءً حَيّاً . قَالَتْ لَهُ الْمَرْأَةُ يَا سَيِّدُ لاَ دَلْوَ لَكَ وَالْبِيئرُ عَمِيقَةٌ . فَمِنْ أيْنَ لَكَ الْمَاءُ الْحَيُّ . أَلَعَلَّكَ أَعْظَمُ مِنْ أَبِينَا يَعْقُوبَ الَّذِي أَعْطَانَا الْبِيئرَ وَشَرِبَ مِنْهَا هُوَ وَبَنُوهُ وَمَوَاشِيهِ . أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهَا كُلُّ مَنْ يَشْرَبُ مِنْ هذَا الْمَاءِ يَعْطَشُ أيْضاً . وَلكِنْ مَنْ يَشْرَبُ مِنَ الْمَاءِ الَّذِي أُعْطِيهِ أنَا فَلَنْ يَعْطَشَ إِلَى الأبَدِ . بَلِ الْمَاءُ الَّذِي أُعْطِيهِ يَصِيرُ فِيهِ يَنْبُوعَ مَاءٍ يَنْبَعُ إِلَى حَيوةٍ أبَدِيَّةٍ . قَالَتْ لَهُ الْمَرْأةُ يَا سَيِّدُ أَعْطِنِي هذَا الْمَاءَ لِكَيْ لاَ أَعْطَشَ وَلاَ آتِي إِلَى هُنَا لأِسْتَقِي . قَالَ لَهَا يَسُوعُ اذْهَبِي وَادْعِي زَوْجَكِ وَتَعَالِيْ إِلَى ههُنَا . أَجَابَتِ الْمَرْأَةُ وَقَالَتْ لَيْسَ لِي زَوْجٌ . قَالَ لَهَا يَسُوعُ حَسَناً قُلْتِ لَيْسَ لِي زَوْجٌ لأِنَّهُ كَانَ لَكِ خَمْسَةُ أزْوَاجٍ وَالَّذِي لَكِ الآنَ لَيْسَ هُوَ زَوْجَكِ . هذَا قُلْتِ بِالصِّدْقِ قَالَتْ لَهُ الْمَرْأَةُ يَا سَيِّدُ أَرَى أَنَّكَ نَبِيٌّ }( يو 4 : 7 – 19 ) .
حَدِيث فِيهِ الشُرُوط لِكُلَّ الأحَادِيث .. فَالحَدِيث هُوَ الحِوَار مَعَ الآخَر وَهُوَ الَّذِي يَجْعَل الإِنْسَان يَقْبَل الإِنْسَان أم لاَ .. وَهُوَ أيْضاً الَّذِي يَجْعَل الإِنْسَان مَحْبُوب مِنْ الآخَرِين أم لاَ وَلِذَلِك مُهِمْ جِدّاً أنْ يَكُون عِنْدِنَا فَنْ الحِوَار .. وَلِذَلِك أحِب أنْ ألَخَص أدَاب الحِوَار فِي خَمَس نُقَط :0
1- إلإستماع:-
يَجِب بَعْد أنْ أسْمَع بِأُذُنِي يَدْخُل الكَلاَم إِلَى عَقْلِي وَلِذَلِك لاَبُد أنْ أسْمَع وَأرَكِّز وَأفهَمْ .وَلِذَلِك قَدْ يَقُول لَك أحَد " أنَا أُرِيدَك وَأنْتَ بِتِسْمَع لِي تِكُون مِرَكِّز " .. وَلِذَلِك يَجِب عَلَى الإِنْسَان أنْ يَكُون فِي حِوَاره إِحْسَاس بِالآخَر .. وَأنْ يُوْجَد تَبَادُل .. صَعْب جِدّاً عَلَى الإِنْسَان أنْ يَجِد الإِنْسَان لاَ يِرَكِّز لِحَدِيثه .. نَحْنُ كَثِيراً مَا نَسْمَع عَنْ إِنْسَان عِينه حِلوَة أوْ وَجْهه حِلو وَلَكِنْ قَلِيل جِدّاً لَوْ قُلْنَا عَنْ إِنْسَان أنَّ أُذُنه حِلوَة أي " يسْمَع جَيِّداً " .. نَحْنُ أحْياناً بِتكُون عَنْدِنَا مُشْكِلَة وَبِنِحْتَاج لأِحَد يَسْمَعْنَا حَتَّى وَإِنْ كَانَ هَذَا الإِنْسَان لَنْ يَفْعَل لِي شَيء .. إِلاَّ أنَّ الإِنْسَان مِحْتَاج لَمَنْ يَسْمَعه وَلَكِنْ لَيْسَ السَمَع فَقَطْ بَلْ لَمَنْ يَسْمَعه وَيَفْهَمه .. وَلِذَلِك تُوْجَد ثَلاَث مَبَادِئ لِلإِسْتِمَاع :-
1/ هَلْ تَسْمَعَنِي ؟
2/ هَلْ تَفْهَمَنِي ؟
3/ هَلْ تَشْعُر بِيَّ ؟
وَكَأنَّ الإِنْسَان الَّذِي يَتَكَلَّم يَقُول " أعْطِنِي قَلْبَك " فَعِنْدَمَا أحِس بِغَيْرِي فَإِنَّهُ سَيَشْعُر بِارْتِيَاح فَيَجِب عِنْدَمَا أكُون فِي حِوَار مَعَ غَيْرِي أنْ يَكُون فِي تَجَاوُب .. مَلاَمِحِي تُعَبِّر عَنْ فَهْمِي لِلآخَر عِينِي بِتَتَجَاوَب .. وَلِذَلِك رَبِّنَا أحَب أنْ نَسْمَع كَثِير وَنَتَكَلَّم قَلِيل .. فَرَبِّنَا عِنْدَمَا خَلَق الإِنْسَان خَلَقَ لَهُ أُذُنَيْن وَفَمْ وَاحِد .. فَتُوْجَد نَاس لاَ تُعْطِي فُرْصَة لِلأُذُن أنْ تَسْمَع أبَداً .. جَمِيل مُعَلِّمنَا دَاوُد النَّبِي الَّذِي يَقُول { أُذُنَيَّ فَتَحْتَ } ( مز 40 : 6 ) .. وَرَبِّنَا يَقُول { لَيْتَكَ أَصْغَيْتَ لِوَصَايَايَ } ( أش 48 : 18 ) .. وَلِذَلِك إِسْمَع لِصُوت الكِنِيسَة .. وَإِسْمَع لِصُوت الخُدَّام .. إِجْعَل عَنْدَك الإِحْسَاس بِالآخَر بِاسْتِمْرَار إِعْطِي إِهْتِمَام لِمَا يُقَال وَأنْ يَكُون الحِوَار لِبُنَاء المَحَبَّة .
2- الوقت المناسب:-
جَيِّد جِدّاً أنْ نَخْتَار الوَقْت المُنَاسِب فَلِكُلَّ شَيءٍ تَحْتَ السَّمَاءِ وَقْت ( جا 3 : 1 ) فَيَجِب أنْ يَكُون المُسْتَمِع لِي مُهَيَّأ لِسَمَاعِي .. وَأيْضاً أتَكَلَّم فِي وَقْت الكَلاَم وَأسْكُت فِي وَقْت السُكُوت .. وَلِذَلِك يَجِب أنْ يَكُون الكَلاَم فِي وَقْته المُنَاسِب .. فَإِنْ كُنَّا فِي نَدْوَة رُوحِيَّة مَثَلاً فَلاَ يَصِح أنَّ وَاحدَة تِكَلِّم زِمِيلِتهَا وَقْت النَدوَة .. أيْضاً إِنْ كَانَ أحَد بِيَعْمَل شِئ وَمَشْغُول بِهِ فَلاَ يَجِب أنْ أخْتَار هَذَا الوَقْت المَشْغُول فِيهِ لِلكَلاَم .. مَا أجْمَل رَبِّنَا يَسُوع الَّذِي كَانَ يَخْتَار الوَقْت المُنَاسِب لِيُكَلِّم فِيهِ تَلاَمِيذه وَيُكَلِّم الجُمُوع .. فَكُلَّ شِئ كَانَ يَخْتَار لَهُ الوَقْت المُنَاسِب { تُفَّاحٌ مِنْ ذَهَبٍ فِي مَصُوغٍ مِنْ فِضَّةٍ كَلِمَةٌ مَقُولَةٌ فِي مَحَلِّهَا } ( أم 25 : 11) وَكَلِمَة " المَصُوغ " هُوَ مِثْل الصِينِيَة .فَيُوْجَد إِنْسَان يَقُول كَلِمَة حَسِنَة وَلَكِنْ لَيْسَت فِي وَقْتِهَا .. فَيَجِب أنْ نَقُول كُلَّ كَلِمَة فِي وَقْتِهَا .. فَيُوْجَد وَقْت أسْتَخْدِم فِيهِ التَّشْجِيع وَوَقْت أسْتَخْدِم فِيهِ الشِدَّة .يَجِب أنْ أعْرِف هَلْ الآخَر عِنْده إِسْتِعْدَاد لِكَي يَسْمَعَنِي أم لاَ ؟ وَإِنْ كَانَ لاَ يُوْجَد عِنْده إِسْتِعْدَاد لِذَلِك فَعَلَيَّ أنْ أصْمُت .. فَمَثَلاً بَابَا عِنْدَمَا يَعُود مِنْ شُغله وَحِينَ يَفْتَح البَاب وَيَدْخُل أبدأ أكَلِّمه وَأقُول لَهُ أنَا أُرِيد كَذَا وَكَذَا .. فَبَابَا يِتْنَرْفِز .. وَقَدْ وُجِدَت إِحْصَائِيَّة لِعِلم النَفْس قَالُوا فِيهَا أنَّهُ تُوْجَد مَشَاكِل كَثِيرَة فِي البَيْت المَصْرِي تَحْدُث السَّاعَة الثَّالِثَة ظُهراً حَيْثُ أنَّ الأب يَكُون رَاجِع مِنْ شُغله وَعِنْدَمَا يَدْخُل مِنْ البَاب نَقُول لَهُ " أنْتَ لَمْ تَفْعَل ذَلِك وَذَلِك " .وَهُنَا حَدَث الكَلاَم فِي وَقْت غِير مُنَاسِب .وَلِذَلِك رَبَّ المَجْد يَسُوع عِنْدَمَا أحَبَّ أنْ يُعَاتِب بُطْرُس الرَّسُول عَاتِبه بِينه وَبَيْنَهُ وَقَالَ لَهُ يَا سِمْعَان أتُحِبُّنِي ( يو 21 : 17) ثُمَّ قَالَ لَهُ مَرَّة ثَانِيَة أتُحِبُّنِي ثُمَّ قَالَ لَهُ أتُحِبُّنِي مَرَّة ثَالِثَة ثُمَّ قَالَ لَهُ إِرْعَ غَنَمِي ( يو 21 : 17) .. كَانَ هَذَا فِي وَقْت مُنَاسِب .. وَالأُسْلُوب مُنَاسِب وَالكِتَاب المُقَدَّس يَقُول { وَإِنْ أَخْطَأَ إِلَيْكَ أَخُوكَ فَاذْهَبْ وَعَاتِبْهُ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ } ( مت 18 : 15) بِحِيث لاَ يَنْتَبِه أحَد لِهذَا الحِوَار .. وَبِهذَا يَكُون المَوْضُوع مَحْدُود وَفِيهِ شِئ مِنْ الخُصُوصِيَّة وَأيْضاً فِي كَلاَمِي عِنْدَمَا أشْعُر أنَّ الَّذِي أكَلِّمه لَيْسَ عِنْده إِسْتِعْدَاد لِسَمَاعِي لاَ أُكْمِل الكَلاَم وَإِنْ شَعَرْت أنَّهُ مُتَمَلِل مِنْ كَلاَمِي فَلاَ أُكْمِل .
3- النشجيع:-
أرْجُوكُمْ .. أرْجُوكُمْ إِبدَأوا كَلاَمَكُمْ بِكَلِمَة تَشْجِيع أوْ كَلِمَة مَدْح رَبَّ المَجْد يَسُوع عِنْدَمَا وَجَدَ المِرأة السَّامِرِيَّة تَقُول لَهُ لَيْسَ لِي زُوْج قَالَ لَهَا { حَسَناً قُلْتِ }( يو 4 : 17) .. قَالَ لَهَا هذَا بِالرَغم مِنْ أنَّهَا كَانِت فِي بَعْض الكَلاَم بِتَتَكَلَّم بِخِدَاع وَبِجَفَاف وَبِعَدَم ذُوق .. وَكَانَ مِنْ المُمْكِنْ أنَّ رَبَّ المَجْد يَسُوع يُعَاتِبهَا وَلَكِنَّهُ قَالَ لَهَ { حَسَناً قُلْتِ } .. شَجَّعَهَا .وَكُلَّ وَاحِد فِينَا فِيه مِيزَة مُعَيَّنَة وَعَطِيَّة مُعَيَّنَة يَجِب أنْ نَمْدَحُه فِيهَا .. بَلْ وَالأكْثَر مِنْ ذَلِك أنَّهُ يُوْجَد مَبْدأ فِي عِلم النَفْس يَقُول { إِمدَح الآخَر بِمَا لَيْسَ فِيهِ } .. فَلَوْ مَثَلاً يُوْجَد طِفْل شَقِي جِدّاً وَأمَام أقَارِبه ذَكَرْت كَمْ أنَّهُ شَاطِر جِدّاً وَمُؤدَب جِدّاً فَعِنْدَمَا يَسْمَع هذَا الطِفل عَنْ نَفْسه أنَّهُ هَادِئ وَمُؤدَب وَكَلِمَة المَدِيح هذِهِ سَيَبْدأ يُحَاوِل فِي السُلُوك بِهذِهِ الصِفَات الجَمِيلَة .. وَلِذَلِك الإِنْسَان عِنْدَمَا نَمْدَحه فِي شِئ فَإِنَّهُ يُحَاوِل أنْ يَعْمَل ذَلِك .. وَعِنْدَمَا يَكُون لَكُمْ أخَوَات صِغَار يَجِب أنْ تَقُولُوا لَهُمْ الأُمور الإِيجَابِيَّة الَّتِي فِيهُمْ وَلَيْسَت السَلْبِيَّة .. الإِنْسَان مُحْتَاج لِلمَدِيح .
رَبِّنَا يَسُوع تَجِده فِي كَلاَمه المُوَجَّه لِلسَبْعَة أسَاقِفَة فِي سِفر الرؤيَا أنَّهُ يُرِيد أنْ يُعَاتِبَهُمْ فِي شَيءٍ وَلَكِنْ فِي البِدَايَة يَقُول { أنَا عَارِفٌ أَعْمَالَكَ وَتَعَبَكَ وَصَبْرَكَ } ( رؤ 2 : 2 ) .. أحْياناً كَثِيرَة يَا أحِبَّائِي لاَ نُشَجِّع بَعْض .. بَلْ كَثِيراً مَا نُحْزِن بَعْض بِالرَغم مِنْ أنَّ كُلَّ وَاحِد فِينَا هُوَ جُزء مِنْ جِسم الْمَسِيح .. فَلَوْ تُوْجَد بَيْنَنَا وَاحْدَة مُتَفَوِقَة نِمْدَحْهَا عَلَى إِنَّهَا مُتَفَوِقَة .. وَلَوْ وَاحْدَة حَضَرِت الكِنِيسَة بَدْرِي نِمْدَحْهَا عَلَى ذَلِك .. أحْياناً بِنَتْرُك كُلَّ شِئ إِيجَابِي وَنَتَكَلَّم عَنْ السَلْبِي .أحَد عُلَمَاء النَفْس قَالَ " أنَا مُمْكِنْ أنْ أظِل بِدُون أكل شَهْر .. وَبِدُون مَاء أُسْبُوع وَبِدُون هَوَاء خَمَس دَقَائِق وَلَكِنْ لاَ أسْتَطِيع أنْ أظِل بِدُون تَشْجِيع دِقِيقَة وَاحِدَة " مَنْ فِينَا يِشَجَع الآخَر ؟!!! أتُرِيد أنَّ الَّذِي يَتَكَلَّم مَعَك يَفْتَح لَكَ قَلْبه ؟ .. إِمْدَحه .. مِنْ الجَائِز أنْ تَقُول أنَّ هذَا رِيَاء وَأنَا أحِب أنْ أقُول " لِلأعوَار إِنْتَ أعْوَر فِي وَجْهه " .. وَلَكِنْ نَحْنُ نَجِد أنَّ رَبَّ المَجْد يَسُوع إِقْتَرَب مِنْ المَرأة السَّامِرِيَّة بِكُلَّ رِقَّة وَكُلَّ حُب وَقَالَ لَهَا { حَسَناً قُلْتِ } لاَبُد أنْ يُوْجَد حِوَار بَنَّاء .. وَلاَبُد أنْ يَكُون هُنَاك تَشْجِيع .. فَالقِدِيس بُولِس الرَّسُول عِنْدَمَا كَانَ يَذْهَب لأِي مَكَان كَانَ يَمْدَح كُلَّ وَاحِد بِصِفَة .. فَهَلْ مِنْ المُمْكِنْ أنْ تَأخُذُوا هذَا الأُسْلُوب ؟!!
4- اللطف:-
أي أنْ يَكُون الإِنْسَان أُسْلُوبه بِلاَ تَجْرِيح وَبِلاَ إِهَانَة لِلآخَرِين .. وَأنْ يَنْتَقِي الألفَاظ يَجِب أنْ يَكُون حِوَارْنَا بِأدَب كَامِل .. فَاللُطْف مُهِمْ جِدّاً فِي الحِوَار وَهُوَ ثَمَرِة حَيَاتنَا مَعَ الله لأِنَّهُ مِنْ ثِمَار الرُّوح القُدُس ( غل 5 : 22 ) .. اللُطْف هُوَ أنَّ الإِنْسَان لاَ يَجْرَح وَلاَ يُهِين أحَد وَأنْ يَكُون لَطِيف فِي تَعْبِيراته حَتَّى عِنْدَمَا تُوْجَد أخْطَاء عِنْدَ الآخَرِين .. فَحَتَّى وَلَوْ كَانَ الَّذِي أكَلِّمه فِيهِ خَطَأ يَجِب أنْ أكَلِّمه بِلُطْف وَلاَ أرَكِّز عَلَى خَطَأه .. فَالمَرأة الَّتِي أُمْسِكَت فِي ذَات الفِعْل رَبِّنَا يَسُوع كَلِّمهَا بِلُطْف وَقَالَ لَهَا { أَمَا دَانَكِ أَحَدٌ } ( يو 8 : 10) أيْضاً فِي بُسْتَان جَثْسَيْمَانِي رَبِّنَا يَسُوع وَهُوَ قَدْ أخَذَ تَلاَمِيذه لِيُصَلِّي مَعَهُمْ وَكَانَ سَيُسَلَّم لِليَهُود فِي هذِهِ الَّليْلَة وَجَدَ التَّلاَمِيذ نِيَام فَقَالَ لَهُمْ كَلِمَة لَطِيفَة جِدّاً { أَهكَذَا مَا قَدَرْتُمْ أَنْ تَسْهَرُوا مَعِي سَاعَةً وَاحِدَةً } ( مت 26 : 40 ) .. فَمَثَلاً لَوْ وَاحِد جَاوِب إِجَابَة سَيِّئَة فِي الإِمْتِحَان عَلَيَّ أنْ أقُول لَهُ إِنْ الإِمْتِحَان كَانَ صَعْب وَألْتَمِس لَهُ العُذْر دَاوُد النَّبِي عِنْدَمَا أخْطَأ ذَهَبَ إِليْهِ نَاثَان النَّبِي لِكَي يُعَرِّفه خَطَأه .. وَعِنْدَمَا ذَهَبَ إِليْهِ لِذَلِك قَالَ لَهُ كَانَ يُوْجَد وَاحِد غَنِي جِدّاً وَعِنْده مَوَاشِي كَثِيرَة وَوَاحِد آخَر فَقِير جِدّاً عِنْده نَعْجَة وَاحِدَة .. وَعِنْدَمَا ذَهَبَ ضِيف لِلرَّجُل الغَنِي أخَذَ نَعْجِة الرَّجُل الفَقِير لِيُقَدِّمهَا لِضِيفه ( 2صم 12 : 3 – 4 ) .. ثُمَّ قَالَ لَهُ أنْتَ هُوَ الرَّجُل .. أنْتَ أخَذْت زَوْجَة الرَّجُل المِسْكِين وَطَمَعْت فِيهَا فَقَالَ لَهُ دَاوُد { أَخْطَأْتُ إِلَى الرَّبِّ } ( 2صم 12 : 13) .. نَاثَان قَالَ لِدَاوُد خَطَأه فِي صُورِة قِصَّة بِأُسْلُوب أمَانَة .. الإِنْسَان يَجِب أنْ يَكُون لَطِيف فِي حَدِيثه وَيَكُون عِنْده رِقِّة الحَدِيث .عِنْدَمَا أتَكَلَّم أفَكَّر أوَّلاً مَا الَّذِي أحِب أنَّ النَّاس تَقُوله لِي ؟ .. فَلْنَفْرِض أنَّ النَّاس وَجَدُونِي نَائِمَة أثْنَاء العِظَة وَأنَا بِذَلِك مُخْطِئَة .. فَأنَا أحِب أنَّ النَّاس تُكَلِّمنِي بِهُدُوء .. فَبَدَل مِنْ أنْ أكُون أنَا المُتَحَدِّثَة أجعل نَفْسِي أنَا المُسْتَمِعَة جَمِيل جِدّاً قَول بُولِس الرَّسُول الَّذِي يَقُول { كُونُوا لُطَفَاءَ بَعْضُكُمْ نَحْوَ بَعْضٍ شَفُوقِينَ مُتَسَامِحِينَ كَمَا سَامَحَكُمْ اللهُ أيْضاً فِي الْمَسِيحِ } ( أف 4 : 32 ) .. يَجِب أنْ يَكُون عَنْدُكُمْ تَقْدِير لِمَشَاعِر الآخَرِين .. فَلْنَفْرِض إِنْ وَاحِد لَمْ يُوَفَق فِي إِمْتِحَان وَحَصَل عَلَى دَرَجَة رَدِيئَة جِدّاً فَلاَ أعَايْره بِذَلِك لأِنِّي لَوْ عَايِرْته سَأجْعَلَهُ يَشْعُر أنَّهُ لاَ شِئ .. فَيَجِب أنْ أقُول لَهُ " رَبِّنَا يِدَبَّر الَّذِي فِيهِ الخِير " .
5- الأمانة:-
أي أنْ يَكُون كَلاَمِي صَادِق وَلَيْسَ فِيهِ كِذْب وَلاَ خِدَاع وَلاَ غِش .. يَجِب أنْ يَكُون حَدِيثِي فِيهِ أمَانَة كَامِلَة وَصِدْق كَامِل .. فَالإِنْسَان الَّذِي كَلاَمه غِير صَادِق بِتُشْعُر إِنْ كُلَّ كَلاَمه كِذْب فَلاَبُد أنَّ حِوَارِي يِكُون كُلَّه مَحَبَّة .. جَمِيل جِدّاً أنْ أُحِب الآخَر كَنَفْسِي .. فَلاَ أخْدَع نَفْسِي وَلاَ أكْذِب عَلَى نَفْسِي .. كُلَّ شِئ أقُوله بِدَافِع الخَطَأ هُوَ عَدَم أمَانَة .. وَالإِنْسَان الغِير أمِين بِيِتكَلِّم وَهُوَ بِيَشْعُر أنَّ النَّاس الَّتِي تَسْمَعه سُذَّج وَلَكِنَّهُمْ بِيكُونُوا عَارْفِين أنَّهُ غِير أمِين فِي كَلاَمه وَالإِنْسَان الَّذِي يِلِف وَيِدُور هُوَ إِنْسَان ضَمِيره مُلَوَّث وَبِيُشْعُر أنَّ قُوَّة قَدْ إِنْسَحَبِت مِنْهُ لأِنَّ مَخَافِة الله هَرَبِت مِنْهُ .. فَالْمَفْرُوض أنْ يَكُون عِنْدِي صِدْق كَامِل مَعَ الآخَرِين .. فَتُوْجَد كَلِمَة قَدْ قِيلَت عَنْ رَبَّ المَجْد يَسُوع فِي سِفر الرُؤيَا وَهيَ { الشَّاهِدُ الأَمِينُ الصَّادِقُ } ( رؤ 3 : 14) وَهَذَا شِئ مُهِمْ جِدّاً لاَبُد أنْ يَكُون عَنْدِنَا هذِهِ الرُّوح وَهيَ أنَّ كُلَّ كَلِمَة أقُولَهَا أشْعُر إِنِّي أقُولَهَا أمَام رَبِّنَا وَهَدَفِي مِنْهَا إِنِّي أبْنِي الآخَر وَلَيْسَ لأِهْدِمه .رَبِّنَا يِسْنِد كُلَّ ضَعْف فِينَا بِنِعْمِته َلإِلهنَا المَجْد دَائِماً أبَدِيّاً آمِين
أنَا هُوَ لاَ تَخَافُوا
يَقُول الإِنْجِيل { أَنَا هُوَ لاَ تَخَافُوا } ( مت 14 : 27 ) .. الخُوْف غَرِيزَة طَبِيعِيَّة فِي الإِنْسَان خَلَقَهَا بِقَصْد أنْ يَحْفَظ الإِنْسَان لكِنْ كُون إِنْ عَدُو الخِير يَسْتَغِل هذِهِ الغَرِيزَة الطَّبِيعِيَّة وَيَسْتَثْمِرْهَا لِحِسَابُه مِنْ خِلاَل مَوَاقِف وَتَجَارُب مُخْتَلِفَة لِيُزَعْزِع إِيمَان الإِنسَان وَيَجْعَلَهُ لاَ يَعِيش رُؤيَة رُوحِيَّة صَحِيحَة فَهذَا هُوَ الخُوْف الخَطَأ .. الخُوْف الَّذِي يَجْعَل الإِنْسَان يَفْقِد ثِقَتُه فِي الله وَيَقْطَع الرَوَابِط الوَثِيقَة بَيْنُه وَبَيْنَ الله هُوَ خُوْف خَطَأ .. يَذْكُر سِفْر الرُؤيَا الفِئَات الَّتِي لاَ تَدْخُل السَّمَاء مِنْهُمْ الزُنَاة وَ ........ وَالخَوَّافِين ....... وَسَطْ كُلَّ هَؤُلاَء الخَوَّافِين لأِنَّ الخُوْف يَمْنَع عَنَّا بَرَكَات كَثِيرَة .. كَي نَتَخَلَّص مِنْ الخُوْف نَحْتَاج إِلَى :
أنْ نَعْرِف أنَّ
1/ حَيَاتْنَا وَمُسْتَقْبَلْنَا فِي يَدْ الله وَلَيْسَ فِي يَدْ بَشَر
2/ نَثِق وَنُدْرِك مَحَبِّة الله لَنَا
3/ ألاَّ نَنْظُر إِلَى أنْفُسَنَا وَلكِنْ نَنْظُر إِلِيه
4/ أنْ نَتَمَسَّك بِمَوَاعِيد الله
1/ حَيَاتْنَا وَمُسْتَقْبَلْنَا فِي يَدْ الله وَلَيْسَ بَشَرْ :
==================================================
الله خَلَقَنَا وَأحَبَّنَا لَيْسَ لِيَجْعَلْنَا فِي يَدْ بَشَرْ بَلْ فِي يَدِهِ هُوَ .. لَمْ يَحْدُث أنَّ أب أو أُم مَلَّ مِنْ إِبْنِهِ وَأعْطَاهُ لأِخَر لِيُرِبِيه .. لاَ .. الله هُوَ مُدَبِر حَيَاتْنَا هُوَ الضَّابِط وَالضَّامِن .. أنْتَ لَسْتَ فِي يَدْ إِنْسَان أوْ فِي يَدْ مَوْقِف بَلْ فِي يَدْ الله وَإِنْ كَانَ الله يُدَبِر إِمْتِحَان أوْ مُمْتَحِن لِيُنَفِذْ مَشِيئَتُه .. مِثَال لِذلِك القَلَمْ قَدْ يَكْتُب خَط جَيِّد أو خَط رَدِئ المُحَرِّك لِلقَلَمْ لِيَكْتُب الخَط هُوَ اليَدْ وَلَيْسَ القَلَمْ .. هكَذَا الله يُدَبِّر حَيَاتْنَا وَإِنْ كَانَ شَكْل المَوْقِف إِمْتِحَان لكِنْ الله الَّذِي لَهُ كُلَّ المَجْد وَكُلَّ قُدْرَة يُسَخِّر كُلَّ مَوْقِف كَي يُنَفِّذ مَشِيئَتُه الصَّالِحَة .
يَقُول الله { الَّذِي لَهُ مِفْتَاحُ دَاوُدَ الَّذِي يَفْتَحُ وَلاَ أَحَدٌ يُغْلِقُ وَيُغْلِقُ وَلاَ أَحَدٌ يَفْتَحُ } ( رؤ 3 : 7 ) .. الله يَقُول أنَا أُنَفِّذ إِرَادَتِي وَلاَ يَتَخَطَّانِي أحَدٌ أنَا الَّذِي أفْتَح وَلاَ أحَدٌ يُغْلِق وَأنَا الَّذِي أُغْلِق وَلاَ أحَدٌ يَفْتَح .. عِنْدَمَا تَدْخُل كَلِمَتُه هذِهِ فِي قَلْبَك تُعْطِيكَ ثَبَات وَقُوَّة .. إِذاً مُسْتَقْبَلِي فِي يَدْ الله وَلَيْسَ بَشَرْ .. الله يُحَرِّك كُلَّ الأُمُور لِخَيْرِنَا .. فِي مَرَاثِي أرْمِيَا يَقُول { مَنْ ذَا الَّذِي يَقُولُ فَيَكُونَ وَالرَّبُّ لَمْ يَأْمُرْ } ( مرا 3 : 37 ) .. لِذلِك يَجِب أنْ يَكُون لَدَيْنَا ثِقَة فِي كَلِمَتُه وَتَدْبِيرُه وَعِنْدَمَا نَشْعُر بِذلِك سَنَسْتَرِيح وَنَطْمَئِن .. وَلِنَأخُذ أمْثِلَة عَلَى ذلِك :0
(أ) سَألَ أحَدٌ الأبَاء تَلاَمِيذُه مَنْ ذَا الَّذِي بَاعَ يُوسِف العَفِيف ؟ قَالُوا لَهُ إِخْوَتُه .. أجَابَهُمْ .. لاَ .. الله هُوَ الَّذِي بَاعَ يُوسِف .. هُوَ الَّذِي دَبَّر كُلَّ ذلِك لِخِيرُه .. الله ضَابِط الكُلَّ يُسَخِّر كُلَّ الأُمُور لِخِيرَك .. { كُلَّ الأشْيَاءِ تَعْمَلُ مَعاً لِلخَيْرِ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَ اللهَ } ( رو 8 : 28 ) .
(ب) يُحْكَى عَنْ القِدِيس أبُو مَقَّار أنَّهُ كَانَ يَجْلِس فِي قَلاَّيْتُه وَأرَادَ الشَّيْطَان أنْ يُخِيفُه فَأتَى عَلِيه بِكُلَّ قُوَّة وَسُرْعَة وَمَعَهُ سِكِّين فَمَدَ أبُو مَقَّار يَدَهُ وَقَالَ لَهُ إِنْ كَانَ الله قَدْ أمَرَك أنْ تَقْطَع يَدِي فَإِقْطَعْهَا وَلكِنْ إِنْ لَمْ يَكُنْ قَدْ أمَرَك فَلَنْ تَسْتَطِيع .. فَخَافَ مِنْهُ عَدُو الخِير وَابْتَعَد عَنُّه .. لاَ تَجْعَل أمْراً مَا يُخِيفَك حَتَّى لاَ يُزْعِجَك عَدُو الخِير .. هُوَ يَسْتَغِل فِتْرِة الإِمْتِحَانَات لِزَعْزَعِة النِفُوس .. لاَ .. الله لَنْ يَنْشَغِل عَنْكَ أنْتَ فِي يَدِهِ وَسَتَخْرُج مِنْ هذِهِ الفِتْرَة أكْثَر قُوَّة .
(ج) حَيَاة دَاوُد النَّبِي فِي يَدْ مَنْ كَانَتْ شَاوِل أم الله ؟ المَظْهَر أنَّهَا كَانَتْ فِي يَدْ شَاوِل المَلِك لكِنْ الحَقِيقَة أنَّهَا كَانَتْ فِي يَدْ الله لِذلِك يَقُول دَاوُد { إِنْ يُحَارِبَنِي جَيْشٌ فَلَنْ يَخَافَ قَلْبِي .. إِنْ قَامَ عَلَيَّ قِتَال فَفِي هذَا أَنَا أطْمَئِنْ } ( مز 26 مِنْ مَزَامِير بَاكِر ) .. دَاوُد غَلَبْ بِثِقَتُه فِي الله .. كُنْ وَاثِق فِي عَمَل الله مَعَك .
(د) فِي الهِيكَل اليَهُودِي كَانَتْ تُبَاع تَقْدُمَات الذَّبَائِح مِنْ تِيُوس وَعُجُول وَ ..... وَمَعَهُمْ كَانَتْ تُبَاع العَصَافِير أيْضاً .. كَانَ ثَمَنْ العَصْفُورَان فِلْس وَالأرْبَعَة عَصَافِير فِلْسَان رَغم أنَّ الشَّرِيعَة كَانَتْ عَصْفُورَان .. لكِنَّهُمْ تَعَوَدُوا أنْ يَبِيعُوا أرْبَعِة عَصَافِير بِفِلْسَان وَمَعَهُمْ عَصْفُور مَجَّاناً .. إِذاً الخَمْسَة عَصَافِير بِفِلْسَان لِذلِك قَالَ الْمَسِيح { أَلَيْسَتْ خَمْسَةُ عَصَافِيرَ تُبَاعُ بِفَلْسَيْنِ وَوَاحِدٌ مِنْهَا لَيْسَ مَنْسِيّاً أَمَامَ اللهِ } ( لو 12 : 6 ) .. هَلْ هذَا العُصْفُور المَجَّانِي مَنْسِي عِنْدَ الله ؟ .. لاَ .. قَدْ يَكُون مَنْسِي عِنْدَ البَشَرْ لكِنَّهُ غِير مَنْسِي عِنْدَ الله فَإِنْ كَانَ الله لاَ يَنْسَى العُصْفُور أيَنْسَاكَ أنْتَ ؟ .. لاَ .. تَأكَّد أنَّ الله يَحْزِم حَيَاتَك فِي حِزْمِة الحَيَاة فَلاَ تَخَفْ مُسْتَقْبَلَك وَحَيَاتَك فِي يَدِهِ .
2/ أنْ نُدْرِك مَحَبِّة الله لَنَا :0
==============================
جَيِّد أنْ تَعْرِف كَمْ أحَبَّك الله .. نَحْنُ خَلِيقَتُه أوْجَدَنَا مِنْ العَدَم وَأوْجَد كُلَّ شِئ لِيِسْعِدْنَا .. الشَّمْس وَالقَمَر وَالسَّمَاء وَالأرْض وَ ........ لأِنَّهُ أحَبَّنَا .. فَهَلْ يُعْقَل أنَّ الَّذِي يُحِبَّك يُسَبِّب لَكَ مُشْكِلَة أو يُؤذِيك ؟ بِالطَبْع لاَ .. هذَا لَيْسَ فِكْر الله .. كَثِيرُونَ مِنَّا يَشْعُر أنَّ الله فِي الإِمْتِحَانَات يُخَلِّص مِنْهُ خَطَايَاه وَذُنُوبه .. لاَ .. هذَا أُسْلُوب بَشَرِي .. الله صَالِح مَهْمَا أخْطَأنَا فِي حَقُّه أو أهَانَّاه هُوَ أحَبَّنَا وَفَدَانَا وَكَمَا يَقُول القُدَّاس { وَلَمَّا كَانَ المَوْتُ فِي طَرِيقِ خَلاَصِنَا إِشْتَهَى أنْ يَجُوزَ فِيهِ حُبّاً بِنَا } ( قِسْمِة " أيُّهَا الإِبْن الوَحِيد " ) وَجَدَ المُوْت عَائِق فِي طَرِيقٌ خَلاَصِنَا فَاجْتَازَهُ كَي يُخَلِّصْنَا .
الَّذِي يَتَأكَّد أنَّ الله يُحِبُّه هَلْ يَخَاف ؟ .. لاَ .. إِنْسَان ذَاهِب لِعَمَل جِدِيد يَتَمَنَّى أنْ يَكُون رَئِيسُه إِنْسَان طَيِّبْ وَصَالِح كَي يَسْتَرِيح فِي عَمَلُه .. نَحْنُ رَئِيسْنَا هُوَ الله .. هَلْ هُوَ طَيِّب أم لاَ ؟ إِنْ شَكَكْت فِيهِ إِذاً أنْتَ لاَ تَعْرِفُه لكِنْ إِنْ عَرَفْت مِقْدَار حُبُّه لَك سَتَعْلَم أنَّهُ مَعَك وَلَيْسَ ضِدَّك وَلَسْتَ أنْتَ خِصْم لَهُ .. إِنْ عَرَفْت حُبُّه سَتَعْرِف كَمْ هُوَ صَالِح وَلكِنْ إِنْتَبِه إِنَّ مَحَبِّة الله لَك قَدْ تِلْزِمُه أنْ يُقَوِّمَك فَلاَ تَفْهَمْ تَأدِيبَات الله لَك أنَّهَا عَدَاوَة بَلْ هِيَ مَحَبَّة وَاهْتِمَام لِذلِك يُدَبِر لَك كُلَّ مَا هُوَ صَالِح وَيَقُول لَك قَدْ تَكُون غِير مُدْرِك مَحَبَّتِي لَك الآن لكِنَّك سَتُدْرِكُهَا فِيمَا بَعْد .. عِنْدَمَا أرَادَ الْمَسِيح أنْ يَغْسِل أرْجُل بُطْرُس رَفَضَ بُطْرُس فَقَالَ لَهُ الْمَسِيح { لَسْتَ تَعْلَمُ أَنْتَ الآنَ مَا أَنَا أَصْنَعُ وَلكِنَّكَ سَتَفْهَمُ فِيمَا بَعْدُ } ( يو 13 : 7 ) .
3/ أنْ نَنْظُر إِلِيه وَلاَ نَنْظُر لأِنْفُسَنَا :
========================================
إِمْكَانِيَات الإِنْسَان ضَعِيفَة وَبَسِيطَة جِدّاً إِنْ نَظَرَ إِليْهَا سَيَشْعُر بِعَجْز وَضَعْف وَفَقْر .. نَفْسِي بِهَا تَقْصِير .. وَمِنْ أكْثَر أسْبَاب الخُوْف الإِنْحِصَار فِي الذَّات .. أنْ يَنْظُر الإِنْسَان لِنَفْسُه وَأنْ يُعَدِّد كُلَّ حَسَنَاتُه البَشَرِيَّة .. مَاذَا لَدَيَّ وَمَاذَا يَفْضَل لِيَّ ؟ أنْ يَنْظُر الإِنْسَان لِنَفْسُه وَلاَ يَنْظُر لِعَمَل الله أوْ يَنْسَى وُجُود الله فِي حَيَاتُه .. بُطْرُس الرَّسُول عِنْدَمَا رَأى الْمَسِيح وَأرَادَ أنْ يَذْهَب لَهُ مَاشِياً عَلَى المَاء سَارَ عَلَى المَاء عِنْدَمَا كَانِتْ عِينُه عَلَى الْمَسِيح لكِنَّهُ عِنْدَمَا نَظَرَ لِنَفْسُه وَوَجَدْ المَاء تَحْت قَدَمِيه وَأنْزَل عِينُه عَنْ الْمَسِيح وَهُوَ يَعْرِف أنَّ إِمْكَانِيَاتُه البَشَرِيَّة لَنْ تُسَيِّرُه عَلَى المَاء بَدأَ يَغْرَق .. هكَذَا نَحْنُ إِذَا نَظَرْنَا إِلَى الله وَلَمْ نَنْظُر لأِنْفُسَنَا سَنَتَقَوَّى وَلكِنْ إِنْ نَظَرْنَا لأِنْفُسَنَا سَنَرَى أنَّنَا ضُعَفَاء وَفُقَرَاء وَمُقَصِّرِين وَنَتَزَعْزَع مِنْ أصْغَر كَلِمَة وَعَدُو الخِير يَصْطَاد نِفُوسْنَا الضَّعِيفَة وَيَنْظُر لِلأُمُور وَيَقُول لَكَ لاَ فَائِدَة مِنْكَ .. وَالسَبَبْ فِي كُلَّ ذلِك أنَّكَ مُنْحَصِر فِي ذَاتَك .. لاَ .. يَجِب أنْ تَعْرِف أنَّهُ لاَبُد أنْ تَتَخَلَّص مِنْ ذَاتَك وَالله يَعْلَم أنَّنَا ضُعَفَاء وَهُوَ يُحِب أنْ يَتَمَجَّد فِي ضَعْفِنَا لِذلِك قَالَ { قُوَّتِي فِي الضَّعْفِ تُكْمَلُ } ( 2كو 12 : 9 ) .. إِنْ كَانَ إِنْسَان مُعْتَد بِنَفْسُه وَدَائِماً يَقُول " أنَا " يَتْرُكَهُ الله لِذَاتُه .. لكِنْ إِنْ أعْلَنْت ضَعْفَك لَهُ وَاتَخَذْت مِنْ الإِمْتِحَانَات فُرْصَة لِتَعْرِف مَجْد الله فِي حَيَاتَك وَتَقُول { حِينَمَا أَنَا ضَعِيفٌ فَحِينَئِذٍ أَنَا قَوِيٌّ } ( 2كو 12 : 10 ) .. فُرْصَة تَخْتَبِر قُوِّة الله فِي حَيَاتَك سَتَخْرُج مِنْهَا بِقُوَّة جَبَّارَة تِفَرَّحَك .
الْمَسِيح قَالَ لِلتَّلاَمِيذ عَنْ الجُمُوع { أَعْطُوهُمْ أَنْتُمْ لِيَأْكُلُوا } .. أجَابُوه { الْمَوْضِعُ خَلاَءٌ وَالْوَقْتُ قَدْ مَضَى } ( مت 14 : 15 – 16) .. المَوْقِفْ صَعْب وَهذَا حَالْنَا أنَّ المَوْضِع خَلاَء وَالوَقْت مَضَى .. بَقَى أيَّام قَلِيلَة عَلَى الإِمْتِحَانَات وَلَمْ نَسْتَذْكِر سِوَى القَلِيل مِنْ الأبْوَاب وَالفُصُول الدِرَاسِيَّة .. فَمَاذَا إِذاً ؟ يَقُول لَك هَات مَا عِنْدَك وَلَوْ فُصُول وَأبْوَاب قَلِيلَة وَاسْتِذْكَار ضَعِيف وَلكِنِّي قَادِر أنْ أعْمَل بِهُمْ .. حَاوِل أنْ تَجْمَع أكْبَر قَدْر مِنْ المَعْلُومَات الدِرَاسِيَّة فِي هذِهِ الأيَّام القَلِيلَة البَاقِيَة وَأنَا سَأعَمْل مَعَك .. هَلْ كَانَ يَلِيق بِالوَلد الصَغِير أنْ يُعْطِي الجُمُوع الخَمَس خُبْزَات وَالسَمَكْتِين فَقَطْ ؟ .. لاَ .. لكِنْ عِنْدَمَا وَضَعْهُمْ فِي يَدْ الله بَارَك وَأشْبَع الجُمُوع بِهذَا القَلِيل .. لِذلِك أرْجُوك لاَ تَتَأمَّل إِمْكَانِيَاتَك وَظُرُوفَك وَنَفْسَك فَتَضْعُف .. أُنْظُر لَهُ هُوَ قَادِر وَالقَلِيل فِي يَدِهِ كَثِير وَمُشْبِع .
4/ تَمَسَّك بِمَوَاعِيدُه :
=======================
مَا هِيَ مَوَاعِيد الله ؟ تُعَلِّمنَا الكِنِيسَة أنَّ " مَوَاعِيدُه مَوَاعِيد حَقِيقِيَّة وَغِير كَاذِبَة " ( أُوشِيِة الرَّاقِدِين ) .. عِنْدَمَا تَخَاف ذَكَّر نَفْسَك بِآيَات الكِتَاب .. { لاَ تَخَفْ لأِنِّي مَعَْكَ } ( أش 41 : 10) .. { تَشَدَّدْ وَتَشَجَّعْ لاَ تَخَفْ } ( 1أخ 22 : 13) .. { أَسْتَطِيعُ كُلَّ شَيْءٍ فِي الْمَسِيحِ الَّذِي يُقَوِّينِي } ( في 4 : 13 ) .. { الرَّبُّ نُورِي وَخَلاَصِي مِمَّنْ أَخَافْ } ( مز 26 مِنْ مَزَامِير بَاكِر ) .. { مَلاَكُ الرَّبِّ حَالٌّ حَوْلَ خَائِفِيهِ وَيُنَجِّيهِمْ } ( مز 34 : 7 ) .. { أَنَا هُوَ لاَ تَخَافُوا } ( مت 14 : 27 ) .. بِهذِهِ المَوَاعِيد يَتَبَدَّد الخُوْف وَيَتَحَوَّل إِلَى قُوَّة .. تَأكَّد أنَّ " الرَّبُّ عِزٌّ لِخَائِفِيهِ " .. هُوَ مَصْدَر قُوِّة خَائِفِيه .. سَتَشْعُر بِقُوِّة تِلْكَ الآيَات وَأنْتَ فِي فِتْرِة الإِحْتِيَاج .. لِذلِك فِتْرِة الإِمْتِحَانَات هِيَ فُرْصَة لِتَخْتَبِر مَوَاعِيد الله فِي حَيَاتَك وَتُدْخِل كَلِمَتَهُ دَاخِلَك وَتَتَمَسَّك بِهَا .
قُلْ لَهُ أنْتَ قَلْت { هَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأيَّام } ( مت 28 : 20 ) فَكُنْ مَعِي .. كَلِمَة الله وَعْد بِهَا إِطْمِئنَان وَقُوَّة تَتَخَطَّى بِهَا كُلَّ صِعَاب عِنْدَئِذٍ يَتْرُكَك الخُوْف .. لكِنْ إِنْ تَرَكْت مَوَاعِيد الله وَنَظَرْت لِنَفْسَك سَيُسَيْطِر عَلِيك الخُوْف وَصِغَر النَّفْس .. خُذْ ذلِك تَدْرِيب بِأنْ تَضَعْ أمَامَك بَعْض الصُوَر مِنْهَا صُورِة عُبُور البَحْر الأحْمَر وَسَتَرَى فِيهَا مُوسَى النَّبِي بِيَدُه عَصَاه وَخَلْفُه الشَّعْب وَالمَاء حَوْلَهُمْ مِثْلَ السُور .. يَارَبَّ كَمْ هِيَ قُوَّتَك وَعَظَمَتَك ؟!! أيْضاً صُورِة الثَّلاَثَة فِتْيَة فِي أتُون النَّار وَيُحَوِّطَهُمْ مَلاَك الرَّبَّ .. صُورِة دَانِيَال فِي جُبّ الأُسُود وَحَوْلُه الأُسُود الجَائِعَة وَالمَلاَئِكَة تَحْفَظُه .. هذِهِ صُوَرْ لأِحْدَاث تُظْهِر عَمَلْ الله لَك وَسَتَشْعُر حِينَئِذٍ بِقُوِّة عَمَل الله فِي حَيَاتَك .. أيْضاً صُورِة يَشُوع بْنَ نُون وَهُوَ يُحَارِب عَمَالِيق وَيَغْلِب وَمُوسَى النَّبِي فَوْقَ الجَبَلْ رَافِع يَدَيْهِ عَلَى مِثَال الصَّلِيب .. وَيَشُوع يَنْتَصِر .
عِنْدَمَا يَنْظُر الإِنْسَان لِتِلْكَ المَوَاقِف تُرَى مَاذَا سَيَأخُذْ مِنْ قُوَّة ؟ أُنْظُر لِتَرَى عَمَلْ الله فِي حَيَاتَك وَقَلْ لَهُ أنْتَ وَقَفْت مَعَ دَانِيَال وَيَشُوع وَالثَّلاَثَة فِتْيَة وَ ........ أنْتَ الضَّامِن لِحَيَاتِي فَكُنْ مَعِي .. نَحْنُ نَحْتَاج أنْ نَعْرِف وَنَتَذَوَّق أنَّ وَلِينَا حَيٌّ وَأنَّهُ عِزٌّ لِخَائِفِيه .. عِنْدَمَا تَجْلِس لِلإِسْتِذْكَار ضَعْ أمَامَك صَلِيبَك وَإِنْجِيلَك وَاسْتَخْرِج مِنْهُ آيَات وَمَوَاعِيد الله وَكُلَّ مَا تَشْعُر بِالخُوْف رَدِّد هذِهِ الآيَات .. تَذَكَّر القِدِّيسِين وَقُلْ يَا عَذْرَا .. يَا أنْبَا مُوسَى القَوِي .. يَا مَارِجِرْجِس .. سَيَعْرِف عِنْدَئِذٍ عَدُو الخِير أنَّكَ غَالِب لِلخُوْف وَتَعِيش مَجْد الله فِي حَيَاتَك وَعَمَلُه مَعَك وَسَيَعْرِف أنَّ يَدْ الله بَدَأت تَعْمَل مَعَك وَسَيَعْرِف أنَّ فِتْرِة الإِمْتِحَانَات أصْبَحَت فِتْرِة إِخْتِبَار عَمَل الله وَالدُّخُول فِي عِشْرَة قَوِيَّة مَعَهُ .
إِسْأل الَّذِينَ إِجْتَازُوا الإِمْتِحَانَات مِنْ قَبْلَك وَسَيَقُولُونَ لَك رَغم أنَّهَا كَانَتْ أيَّام صَعْبَة لكِنَّنَا كُنَّا نَشْعُر أنَّنَا مُمْسَكِين مِنْهُ .. كُنَّا فِي يَدِهِ .. إِخْتَبَرْنَا أنَّهُ { اللهُ لَنَا مَلْجَأٌ وَقُوَّةٌ ... وُجِدَ شَدِيداً } ( مز 46 : 1 ) .. أنْتَ أيْضاً إِخْتَبِر أنَّهُ " وُجِدَ شَدِيداً " .. يَقُول الكِتَاب { لاَ يُسَرْ بِسَاقَيّ الرَّجُل .. بَلْ يُسَرْ الرَّبَّ بِخَائِفِيهِ وَبِالرَّاجِينَ رَحْمَتِهِ } ( مز 146 مِنْ مَزَامِير النُوْم ) .. " سَاقِيّ الرَّجُل " أي المُتَكِل عَلَى نَفْسُه وَمُنْحَصِر فِي ذَاتُه .. الله يُسَرْ بِخَائِفِيه وَلَيْسَ المُتَكِلِينَ عَلَى ذَوَاتِهِمْ .
الخُوْف لاَ يَقْوَى عَلَى أوْلاَد الله
بَلْ لَيْتَكَ تَتَخِذْ مِنْ فِتْرِة الإِمْتِحَانَات فُرْصَة لإِخْتِبَار عَمَلْ الله وَمَجْدُه فِي حَيَاتَك
رَبِّنَا يِسْنِد كُلَّ ضَعْف فِينَا بِنِعْمِتُه
لَهُ المَجْد دَائِماً أبَدِيّاً آمِين
ليس كل الأشياء تبنى
يَقُول مُعَلِّمُنَا بُولِس الرَّسُول فِي رِسَالَتَهُ لأِهْلِ كُورُنْثُوسَ { كُلُّ الأشْيَاءِ تَحِلُّ لِي لكِنْ لَيْسَ كُلُّ الأشْيَاءِ تُوَافِقُ . كُلُّ الأشْيَاءِ تَحِلُّ لِي لكِنْ لاَ يَتَسَلَّطُ عَلَيَّ شَيْءٌ } ( 1كو 6 : 12 ) .. فِي الْمَسِيحِيَّة لَيْسَ لَدَيْنَا مَا هُوَ حَلاَل وَمَا هُوَ حَرَام .. كُلُّ الأشْيَاء صَحِيحَة لكِنْ لَيْسَ كُلُّ شَيْءٍ يُوَافِقَنِي .. كُلُّ الأشْيَاء صَحِيحَة لكِنْ لاَ يَتَسَلَّط عَلَيَّ شِئ أوْ لَيْسَ كُلُّ الأشْيَاء تَبْنِي .
الآن نَحْنُ فِي أجْمَل أيَّام السَنَة .. أيَّام الصُوْم الكِبِير وَتُسَمِّيهَا الكِنِيسَة رَبِيع السَنَة الرُّوحِيَّة .. كَثِيرُونَ مِمَّنْ أحَبُّوا الله مَدْيُونِين لِلصُوْم الكِبِير لأِنَّ الكِنِيسَة فِي هذِهِ الفِتْرَة تِرَكِز مَعَ أوْلاَدْهَا لِتُعْطِيهُمْ أكْبَر قُوَّة رُوحِيَّة وَأكْثَر فَائِدَة فَنَجِد فِيهَا أطْوَل فَتَرَات إِنْقِطَاع تَسْمَح بِهَا الكِنِيسَة وَأطْوَل قُدَّاسَات وَأكْثَر تَقَشُّف .. وَيُسَمَّى ذلِك الصُوْم صُوْم مِنْ الدَرَجَة الأُولَى أي أهَمْ صُوْم فِي الكِنِيسَة .. أيْضاً نَجِد أجْمَل وَأكْثَر الألْحَان خُشُوع تُقَال فِي الصُوْم الكِبِير وَأكْبَر عَدَد مِنْ المِيطَانْيَات وَكَأنَّ الكِنِيسَة تِخَزِّن أكْبَر كِمِيَّة مِنْ غِذَائْهَا الرُّوحِي فِي الصُوْم الكِبِير .. لكِنْ هُنَاك بَعْض السُلُوكِيَات فِي حَيَاتْنَا عَامَّةً قَدْ تَكُون مِنْ طَبِيسعِتنَا أوْ دَخَلِت عَلَيْنَا مِنْ المُجْتَمَع زَادِت وَانْتَشَرِت الآن وَكُلَّ الشَّبَاب يَسْلُوكُوهَا تُؤثِر عَلَى حَيَاتْنَا العَامَة وَالرُّوحِيَّة .
ظَوَاهِر مُتْعِبَة فِي حَيَاتْنَا تَسَلَّطَت عَلَيْنَا :
==============================================
1. التَّدْلِيل
2. المَلاَبِس
3. التِلِيفِزْيُون وَالدِّش
4. المُوَبَايِل
5. الكُمبِيُوتَر
1. التَّدْلِيل :0
============
ظَاهِرَة فِي هذَا الجِيل أنَّهُ مُدَلَّل جِدّاً أي يُرِيد أنَّ كُلَّ طَلَبَاته تُجَاب سَرِيعاً وَلاَ يَنْظُر لِلآخَرِين .. أرَادَ دُرُوس تَقْوِيَة أوْ مَلاَبِس لاَ يَهِمه إِنْ كَانَ الوَضَعْ يَتَنَاسِب مَعَ طَلَبُه أم لاَ مَهْمَا كَلَّفَ الأمر الأُسْرَة لاَ يَهْتَمْ كُلَّ مَا يَهِمَه أنْ يَأخُذْ مَا يُرِيده .. جِيل سَهْل عَنْده الخِصَام مِنْ مُجَرَد تَوْجِيه أوْ نَصِيحَة .. هذَا التَّدْلِيل فِي حَدٌ ذَاته لَهُ أضْرَار دَاخِلْنَا فَهُوَ يُنْتِج شَخْص مُنْحَصِر فِي ذَاته وَلاَ يَقْبَل أي صُعُوبَة فِي الحَيَاة لأِنَّ المُجْتَمَع لاَ يُعْطِي مَا تُعْطِيه الأُسْرَة .. فَهَلْ يُعَلِّمنَا المُجْتَمَع كَمَا تُعَلِّمنَا الأُسْرَة ؟ بَالطَبْع لاَ .
الحَيَاة العَمَلِيَّة بِهَا جِدِّيَّة وَضَغْط فَإِنْ كُنَّا غِير مُهَيَّئَيِن لِهذَا الضَغْط لاَ نَحْتَمِل وَسَنَرْفُض لأِنَّنَا نَرْفُض المَجْهُود وَالتَعَب .. هذَا جِيل يَمِيل لِلعَمَل بِأكْبَر رَاتِب وَأقَلْ سَاعَات عَمَل هذَا نَتِيجَة لِلتَّدْلِيل مُنْذُ الصِغَر .. التَّدْلِيل يَجْعَل الإِنْسَان غِير مَسْئُول .. هُنَاك بَنَات تَزَوَّجْنَ وَلَمْ يَسْتَرِحْنَ لأِنَّهُنَّ لاَ يَتَحَمَلْنَ المَسْئُولِيَة .. لأِنَّ طَاقِتَهُنَّ كُلَّهَا مَحْصُورَة فِي أنْفُسَهُنَّ فِي حِين أنَّ الله أعْطَى البَنَات بِصِفَة خَاصَّة قُدْرَات هَائِلَة عَلَى العَطَاء .. نَعَمْ الله يُعْطِي النِّعْمَة مَعَ الشِّدَّة لكِنْ بَنَات هذَا الجِيل يَجِدْنَ صُعُوبَة فِي تَحَمُّل المَسْئُولِيَة .. لِذلِك أهَمْ شَرْط لَهُنَّ فِي الشَخْص الَّذِي يَرْتَبِطْنَ بِهِ أنْ يَكُون غَنِي كَي يُلَبِّي طَلَبَاتِهِنَّ لأِنَّ بِنْت هذَا الجِيل تَعْلَم جَيِداً أنَّهَا لاَ تَسْتَطِيع أنْ تَرْفُض لِنَفْسَهَا طَلَبْ وَهذِهِ نُقْطَة ضَعْفِهَا .. هُنَاك رِعَايَة زَائِدَة مِنْ الوَالِدِين وَلِلأسَفْ الأبْنَاء يَسْتَغِلُون هذِهِ الرِعَايَة .. هذَا ضَار جِدّاً .. لَوْ إِنْسَانَة مُدَلَّلَة تَدْلِيل مُعْتَدِل وَمُعْتَادَه عَلَى خِدْمِة الآخَرِين هذَا أمَرْ صَحِيح .
التَّدْلِيل مُفْسِد رُوحِياً لأِنَّهُ يُهْلِكُهَا لأِنَّ الذَّات تَمِيل لِلتَّدْلِيل .. إِنْ صَامَ الإِنْسَان يِجُوع وَإِنْ ضَبَطْ شَهْوِته لِلطَّعَام فَهذَا إِنْسَان رُوحِي .. الكِتَاب يَقُول { كُونُوا رِجَالاً } ( أش 46 : 8 ) .. رِجَال فِي الإِرَادَة كَي تَضْبُط شَهْوِتَك .. مِنْ المُؤسِف أنَّ الفَتَاة تَطْلُب طَلَبْ مُبَالَغ فِيهِ وَلاَ تَنْظُر لِدَخْل الأب أوْ طَلَبَات وَاحْتِيَاجَات الإِخْوَة .. هذِهِ كُلَّهَا أسَالِيب لاَ تَلِيق بِأوْلاَد الله أوْ بِإِنْسَان عَرَف كَيْفَ يَعِيش مِنْ أجْل الآخَر أوْ فِي مَحَبَّة مَعَ الآخَر .. لاَ تَفْتَخِر بِإِنَّك لاَ تَخْدِم بِيتَك لاَبُد أنْ تَخْدِمه بِحَسَب وَقْتَك وَلاَ تَنْتَظِر أنْ يِكَلِفَك أحَدٌ بِخِدْمِته .. الإِبْن لَهُ مَا يُكَلَّف بِهِ لِيَخْدِم بِيته دُونَ أنْ يَطْلُب مِنْهُ أحَدٌ فَمَا بَال الإِبْنَة ؟ ..التَّدْلِيل مُشْبِع لِلذَّات وَعِنْدَمَا تِكْبَر الذَّات تَكُون أسَاس لِكُلَّ الشَّهَوَات وَالهَلاَك { مَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَلِّصَ نَفْسَهُ يُهْلِكُهَا } ( مت 16 : 25 ) أي يَكُون ضِدَّهَا .. أسَاس كُلَّ الخَطَايَا الذَّات وَالتَّدْلِيل يُنَمِّيهَا .. إِسْعَى أنْ تَكُون إِنْسَان مَسْئُول وَتَخَلَّص مِنْ التَّدْلِيل بِأنْ تَبْذِل نَفْسَك لأِجْل الآخَرِين وَتَضَعْ نَفْسَك تَحْت الجَمِيع .
2. المَلاَبِس :0
==============
لاَبُد أنْ تَلِيق بِأوْلاَد الله .. لاَبُد أنْ تَكُون مُحْتَشِمَة وَلاَ تُظْهِر مَلاَمِح الجَسَد لأِنَّ الجَسَد فِي الفِكْر المَسِيحِي هُوَ أقْدَس شِئ نَتَعَامَل مَعَهُ لأِنَّ الْمَسِيح بِالتَّجَسُّد قَدَّسَ الجَسَد .. إِذاً جَسَدَك مُقَدَّس فِي الْمَسِيح يَسُوع { بَارَكْتَ طَبِيعَتِي فِيك } ( جُزء * أنْتَ الكَائِنْ فِي كُلَّ زَمَان * - مِنْ القُدَّاس الغِرِيغُورِي ) .. هذَا الجَسَد المُقَدَّس لاَبُد أنْ يَرْتَدِي مَا يَلِيقُ بِهِ وَبِقَدَاسَتِهِ لأِنَّهُ صَارَ هَيْكَل لله فَلاَبُد أنْ يَكُون مَسْتُور وَمُكَرَّم .. عَلَى قَدْر الطَّاقَة إِكْرِم جَسَدَك وَقَدِّسه .. لاَ تَنْسَى أنَّ الجَسَد مُدَشَّن بِالمَيْرُون وَأوَانِي المَذْبَح أيْضاً مُدَشَّنَة بِالمَيْرُون .. إِذاً كَرَامِة الجَسَد مِنْ كَرَامِة أوَانِي المَذْبَح .. بَعْد القُدَّاس الشَّمَاس يُجَفِّف أوَانِي المَذْبَح دُونَ أنْ يَلْمِسُهَا بِيَدِهِ مُبَاشَرَةً لِقَدَاسَتِهَا هكَذَا جَسَدَك قَدَاسَتَهُ وَكَرَامَتَهُ مِثْلَ أوَانِي المَذْبَح لِذلِك إِنْتَبِه لِمَلاَبِسَك بِمَا يَتَفِق مَعَ كَرَامِة الجَسَد .
لِلأسَف نَحْنُ قَدْ نُعْطِي مَنْ هُمْ خَارِج الكِنِيسَة فُرْصَة أنْ نَكُون لَهُمْ فُرْجَة رَغم أنَّهُ لَيْسَ فِي فِكْرِنَا ذلِك لكِنْ تَعَامُلْنَا بِاسْتِهْتَار مَعَ جَسَدْنَا هُوَ الَّذِي يُعْطِيهُمْ هذِهِ الفُرْصَة وَنَحْنُ لاَ نَعْلَم هَلْ النَّاس تَنْظُر لَنَا بِنَظْرَة بَسِيطَة أم لاَ ؟ .. أحْيَاناً الْمَسِيحِيَّة تُهَان لأِنَّ الكَنِيسَة تُهَان بِأوْلاَدْهَا وَيَظُنُونَ فِينَا الخَطَأ .. هذَا سَبَبُه نَحْنُ .. لاَبُد أنْ يَكُون مَظْهَرْنَا مُنْضَبِط يُمَجِّد الله .. سُؤِلَ سَيِّدْنَا البَابَا هَلْ البَنْطَلُون خَطَأ أم لاَ لِلبَنَات ؟ فَأجَابَ لَيْسَ فِي إِرْتِدَاءِهِ خَطَأ لكِنْ لاَبُد أنْ نَبْتَعِد عَنْ المَلاَبِس الضَّاغِطَة وَالمَكْشُوفَة وَالشَّفَافَة أي مَلاَبِس لاَ تُظْهِر مَلاَمِح الجِسم .. أحْيَاناً نَرَى مَلاَبِس صَعْبَة جِدّاً لاَ تَلِيق بِأوْلاَد الله وَلاَ بِالجَسَد كَهَيْكَل لله .. مِنْ المُؤسِف أنَّهُ حَتَّى فِي المَدَارِس نَجِد أنَّ الَّذِينَ هُمْ خَارِج الإِيمَان أصْبَحُوا مُحْتَشِمِين وَكَأنَّ المَلاَبِس الَّتِي لاَ تَلِيق قَدْ صُنِعَت لأِجْلِنَا نَحْنُ خِصِّيصَاً { مَجِّدُوا اللهَ فِي أَجْسَادِكُمْ وَفِي أَرْوَاحِكُمُ الَّتِي هِيَ للهِ } ( 1كو 6 : 20 ) .
3. التِلِيفِزْيُون وَالدِّش :0
==========================
مُجَرَّد ظُهُوره كَانَ قِيمَتَهُ آلاَف الجُنَيْهَات ثُمَّ بَدَأ يَنْخَفِض ثَمَنه جِدّاً .. وَالآن تُوْجَدٌ وَصَلاَت بِأثمَان زَهِيدَة وَالدِّش لَيْسَ لَهُ وَقْت رَاحَة بَلْ يَعْمَل 24 سَاعَة .. بِهِ إِذَاعَات وَثَقَافَات مُخْتَلِفَة وَهذِهِ تَبِث لِلنَّاس مَا يَتَفِقٌ مَعَ فِكْرُهُمْ وَهذَا مَا هُوَ إِلاَّ خَلاَعَة وَنَحْنُ أمَامه نُشَاهِد مَا يَتَفِق مَعَ فِكْر النَّاس إِنْ شِئنَا أم لَمْ نَشَأ .. هذَا يُشَكِّل فِي ذِهْنِنَا عَدَم كَرَامَة لِلجَسَد لِذلِك الفَتَاة تَجِد نَفْسَهَا حِشْمَة لأِنَّهَا تَقِيس ذَاتْهَا عَلَى مَا تُشَاهِده فِي الدِّش وَتَتَخَيَّل أنَّهَا تَرْتَدِي مَا يَلِيق وَهُوَ فِي الأصْل لاَ يَلِيق .. هذَا الدِّش يُخَاطِب الشَّهوَة وَالجَسَد وَالإِبَاحِيَّة وَيَجْعَل الإِنْسَان يَعِيش بِمَا لاَ يَلِيق .. لاَبُد مِنْ ضَبْط هذَا الأمر وَنَتَعَامَل مَعَهُ بِرُوح تَرَفُّع .. كُلُّ الأشْيَاءِ تَحِلُّ لِي لكِنْ لَيْسَ كُلُّ الأشْيَاءِ تُوَافِقُنِي أوْ تَبْنِي .
قِف أمَام نَفْسَك بِصِدْق وَاسْألْهَا مَا الَّذِي جَعَلَكَ تَضْعُف رُوحِياً ؟ تَجِد أنَّ مِنْ ضِمْن هذِهِ الأسْبَاب الدِّش وَالتِلِيفِزْيُون .. أثَّرَا عَلَى قَلْبِي وَمَشَاعِرِي وَلَوَّثْهُمَا فَكَيْفَ إِذاً نُحَافِظ عَلَى كَرَامِة الجَسَد وَالقَلْب . قَدْ نَقُول أنَّنَا نَتَسَلَّى .. لاَ .. هذِهِ لَيْسَت تَسْلِيَة بَلْ سُمْ وَتَبْرِير ذَات .. كَيْفَ تُصَلِّي وَتَتَنَاوَل وَتُرِيد حَيَاة مَعَ الله وَأنْتَ تَتْرُك نَفْسَك لأِهْوَائَك ؟ .. أمر لاَ يَلِيق .
4. المُوبَايِل :0
==============
شِئ غَرِيب دَخَل لِحَيَاتنَا وَكُلَّ النَّاس تُرِيده .. الَّذِينَ يَعُودُونَ مِنْ الخَارِج يَتَعَجَبُون مِنْ كَثْرِة إِسْتِعْمَال المُوبَايِل فِي مِصْر بِدُون هَدَف .. مِصْر لَدَيْهَا 8 مِلْيُون تِلِيفُون أرْضِي بَيْنَمَا فِي خِلاَل أرْبَعَة سَنَوَات أصْبَح عَدَد المُوبَايِل 5.5 مِلْيُون .. لأِنَّ التِلِيفُون الأرْضِي وَاحِد لِكُلَّ أُسْرَة بَيْنَمَا المُوبَايِل نَجِده وَاحِد لِكُلَّ فَرْد فِي الأُسْرَة .
مَا هِيَ أضْرَار المُوبَايِل ؟ تَقُول أنَّهُ يُعْطِي قِيمَة لِلإِنْسَان .. نَقُول لاَ .. هَلْ الإِنْسَان الرُّوحِي يَحْتَاج لِتَزْدَاد قِيمَتَهُ بِمُوبَايِل ؟ هَلْ نَحْنُ نَتَضِع أم نَرْتَفِع ؟ تَقُول نَحْنُ نَحْيَا وَسَطْ مُجْتَمَع .. نُجِيبَك هَلْ أنْتَ تَحْيَا بِحَسَب المُجْتَمَع أم بِحَسَب إِحْتِيَاجِك ؟ وَفِي هذَا العُمْر مَا هُوَ إِحْتِيَاجِك لِلمُوبَايِل ؟ هَلْ تِعْمِل رَنَّات لِلأصْدِقَاء وَرَسَائِل ؟ مَا هِيَ ضَرُورِتْهَا ؟ هَلْ الأمر يَتَفِق مَعَ مِيزَانِيِة الأُسْرَة ؟ تَقُول مَا لَنَا نَحْنُ وَمِيزَانِيِة الأُسْرَة نَحْنُ نُرِيد مُوبَايِل .. لاَ .. الأمر لَهُ بُعْد إِقْتِصَادِي وَلَيْسَ مُجَرَّد تَقْلِيد لِلآخَرِين .. إِعْرَف هَلْ لَهُ احْتِيَاج عِنْدَك أم لاَ .. أحْيَاناً لاَ نَعِيش بِحَسَب الإِحْتِيَاج بَلْ بِحَسَب النَّاس .
بِالإِضَافَة إِلَى الإِنْشِغَال بِالرَّنَات أيْضاً لَهُ سَلْبِيَّة أُخْرَى وَهيَ صَدَاقَات الأوْلاَد مَعَ البَنَات .. لَوْ بِنْت رَنْ لَهَا وَلَد مَرَّات عَدِيدَة قَدْ تَتَخَيَّل أنَّهُ مُعْجَب بِهَا بَيْنَمَا هُوَ يَتَسَلَّى هُوَ وَأصْدِقَاءِهِ هذَا ضَرَر عَاطِفِي عَلَى البِنْت .. أيْضاً الرَّسَائِل قَدْ يَكْتُب فِيهَا مَا يَمْنَعَهُ الخَجَل أنْ يَقُوله شِفَاهَةً وَيَقُول أنَا لاَ أقْصِد وَتَتَخَيَّل البِنْت أنَّهَا غِير مُوَاكِبَة لِرُوح العَصْر إِنْ رَفَضِت رَسَائِله هذِهِ وَبِذلِك يِكْسَر حَاجِز الخَجَل وَيُسَبِّب إِنْشِغَال عَاطِفِي وَشَغْل لِلوَقْت بِالإِضَافَة إِلَى أنَّهُ قَدْ نَضْطَر إِلَى الكَذِب لأِنَّنَا نَضَعْ فِيهِ بَعْض الأسْمَاء الوَهْمِيَّة .. وَمِنْ هُنَا نَسْقُط فِي الغِش وَالخِدَاع وَالكِذْب وَتَلَوُّث المَشَاعِر وَأحْيَاناً نِضْغَط عَلَى الأُسْرَة جِدّاً كَي يُحْضِرُوه لِيَّ .. هذَا أمر خَاطِئ جِدّاً .
لَيْسَ شِئ خَارِج عَنْكَ يُعْطِيك قِيمَة بَلْ رُوحِيَاتَك وَتَفَوُّقَك هُوَ مَا يُعْطِيكَ قِيمَة .. لِلأسَف نَحْنُ المَصْرِيِين لَدَيْنَا عُقْدِة النَقْص فَنُكَمِّل نَقْصِنَا بِأشْيَاء خَارِجِيَّة .. لاَ .. إِسْأل عَنْ الإِحْتِيَاج .. سُؤِلَ أغْنَى رَجُل فِي العَالَم لِمَاذَا لاَ يَمْلُك طَائِرَة خَاصَّة ؟ فَقَالَ لأِنَّهُ لاَ يَحْتَاجْهَا .. وَلَمَّا سُؤِلَ لِمَاذَا لاَ يَحْجِز جِنَاح خَاص فِي الطَّائِرَة أثْنَاء سَفَرُه ؟ فَأجَابَ لأِنَّ الكُرْسِي يَصِل فِي نَفْس الوَقْت الَّذِي يَصِل فِيهِ الجِنَاح الخَاص وَقَالَ أنَّ أهَمْ شِئ لَدَيْهِ هُوَ الوَقْت .. بَيْنَمَا إِحْدَى الفَنَانَات تِحْجِز جِنَاح خَاص لَهَا لأِنَّهُ لاَ يَهِمَهَا سِوَى مَظْهَرَهَا .. لَوْ بَائِع لَدَيْهِ مُوبَايِل وَيَسْتَعْمِلُه فِي رِزْقُه نَقُول لَهُ احْتِيَاج .
5. الكُمْبِيُوتَر :
===============
لَهُ مَزَايَا جَمِيلَة جِدّاً .. قَدْ نُشَاهِد مِنْ خِلاَلُه أفْلاَم دِينِيَّة وَنَسْمَع عَلَيْهِ عِظَات وَقَدْ نَعْمَل أبْحَاث فِي أي مَجَال ثَقَافِي أوْ دِينِي وَنِحْفَظ مِنْهُ ألْحَان .. لكِنْ أحْيَاناً عَدُو الخِير يُحَوِّل كُلَّ شِئ لِلخَطِيَّة فَنَجِده يَضَعْ أشْيَاء غِير نَقِيَّة وَلاَبُد أنْ نَنْتَبِه أنَّ كُلَّ الأشْيَاء تَحِلُّ لِي لكِنْ لَيْسَ كُلَّ الأشْيَاء تُوَافِق .
الصُوْم فِتْرَة مُبَارْكَة حَتَّى نِرْفَع كُلَّ عَادَة رَدِيئَة لِذلِك إِنْ كَانَ لَدَيَّ أخْطَاء فِي الصُوْم أمْنَعْهَا لأِنَّهُ لاَ يَسْتَقِمْ صُوْم أوْ يُقْبَل بِدُون أنْ يَكُون دَاخِلَك إِحْسَاس رُوحِي وَرَفْض لِلسَلْبِيَّة وَصُوْم عَنْ الشَّر وَشِبْه الشَّر .. كَيْفَ نَرْتَفِع عَنْ هذِهِ الأُمُور ؟ الصُوْم مَعْنَاه غَلْبَة لِلشَّهوَة وَالجَسَد وَاحْتِيَاجَاته وَأبْسَط الأشْيَاء هُوَ الطَّعَام فَالَّذِي يَغْلِب الجُوع يَغْلِب أي عَادَة رَدِيئَة وَيَغْلِب المُوبَايِل وَالتِلِيفِزْيُون وَالدِّش وَيَحْتَشِم فِي مَلْبَسُه .. الصُوْم خَيْر مُعِين لِضَبْط الحَوَاس .. الإِنْسَان الوَدِيع دَائِماً يَكُون هَادِئ وَيَنْظُر لِلآخَر وَيَضْبُط حَوَاسه وَيَعِيش بِعِفَّة فِي كُلَّ أُمُور حَيَاته .
الله يُعْطِينَا سُلُوك كَمَا يَلِيق بِالمَعْمُودِيَّة وَكَرَامِة أوْلاَد الله وَأبْنَاء المَلَكُوت
وَيِسْنِد كُلَّ ضَعْف فِينَا بِنِعْمِته
لَهُ المَجْد دَائِماً أبَدِيّاً آمِين
فهم الثالوث
بِسْم الآب وَالإِبْن وَالرُّوح القُدُس إِله وَاحِد آمِين
فَلْتَحِل عَلِينَا نِعْمِتُه وَبَرَكْتُه مِنْ الآنْ وَكُلَّ أوَان وَإِلَى دَهْر الدُّهُور كُلَّهَا آمِين
مَوْضُوعْنَا اليُّوْم بِنِعْمِة رَبِّنَا أشْعُر أنَّهُ أسَاس العَقِيدَة الْمَسِيحِيَّة وَالَّذِي يَفْهَمْ أسَاس العَقِيدَة يَعْرِف كَيْفَ يَعِيش مَعَ الرَّبَّ وَهُوَ عَنْ عَقِيدِة الثَّالُوث .. مُعَلِّمْنَا يُوحَنَّا فِي رِسَالْتُه الأُولَى إِصْحَاح 5 عَدَد 7 يِقُول ﴿ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ فِي السَّمَاءِ هُمْ ثَلاَثَة الآبُ وَالكَلِمَةُ وَالرُّوحُ القُدُسُ وَهؤُلاَء الثَّلاَثَةُ هُمْ وَاحِد ﴾ .. لِكَيْ نَفْهَمْ الثَّالُوث نُرِيدْ أنْ نَقْسِم المَوْضُوع إِلَى ثَلاَثَة عَنَاصِر : (1) العَقْل البَشَرِي ضَيِّق ( مَحْدُود ) وَاللُغَة البَشَرِيَّة عَاجِزَة (2) كَيْفَ نَفْهَمْ الثَّلاَثَة أقَانِيم ؟ (3) بَعْض الإِعْتِرَاضَات وَالرَّد عَلَيْهَا
(1) العَقْل البَشَرِي المَحْدُود وَاللُغَة البَشَرِيَّة العَاجِزَة : =================================================================================
هُنَاك أُمور كَثِيرَة جِدّاً لاَ نَسْتَطِيع فَهْمَهَا .. فَمَثَلاً جِسْمِي هذَا وَمَا يَتِمْ فِيهِ يَعْجَز العَقْل عَنْ فَهْم كُلَّ ذلِك .. فَمَثَلاً كَيْفَ أنَّ المُخ لَهُ إِشَارَات يَبْعَثْهَا لِلحَوَاس فَتُتَرْجَم فِي صُورِة رُدُود أفْعَال وَكُلَّ هذَا يَتِم فِي خِلاَل جُزْء مِنْ المِلْيُون مِنْ الثَّانِيَة .. وَأيْضاً عَمَلِيِة الهَضْم فَالطَّعَام يَتَحَوَل إِلَى مُكَوَنَات مُعَيَّنَة تَتَحَوَّل إِلَى الدَّم وَالبِلاَزْمَا .. وَهكَذَا بَاقِي أجْهِزِة الجِسْم .. فَعَلَى الرَّغْم مِنْ إِنِّي أعْرِف نَفْسِي جَيِّداً هُنَاك أشْيَاء كَثِيرَة جِدّاً بِدَاخِلِي وَفِيَّ لاَ أفْهَمْهَا .. فَإِنْ كُنْت عَاجِز عَنْ فَهْم طَبِيعِة نَفْسِي كَيْفَ أسْتَطِيع فَهْم طَبِيعِة الله الخَالِقَة ؟!! هُنَاك أيْضاً أُمور فِي الطَّبِيعَة كَالأنْهَار وَاليَنَابِيع وَالمُحِيطَات أعْجَز عَنْ فَهْمَهَا .. فَعَلَى سَبِيل المِثَال الطَّائِرَة الَّتِي سَقَطَتْ فِي شَرْم الشِيخ تَحْت سَطْح المَاء بِـ 1100 مِتْر .. مَنْ الَّذِي يَقْدِر أنْ يُدْرِك كُلَّ هذِهِ الأعْمَاق .. وَمَنْ هُوَ ضَابِط كُلَّ هذَا سِوَى الله ؟!! تَخَيَّلُوا مَعِي كُلَّ هذِهِ الأعْمَاق مِيَاه !!
فَالإِنْسَان يَعْجَز عَنْ فَهْم كَيْفَ صَنَعَ الله كُلَّ هذَا .. وَكَيْفَ خَلَقَ البَحْر هَلْ كَانَ يَحْفُر كُلَّ هذِهِ المَسَافَات .. هَلْ المَلاَئِكَة كَانَتْ تُسَاعِدُه ؟!! كُلَّ هذِهِ الأُمور الَّتِي لاَ يَقْبَلْهَا العَقْل البَشَرِي عَلَيْنَا أنْ نُصَدِّقْهَا وَنَقْبَلْهَا بَلْ وَنُمَجِّد الله عَلَيْهَا .. أيْضاً مَكَان مِثْل الأحْيَاء المَائِيَّة نَرَى فِيهَا نُقُوش السَّمَك بِالألْوَان العَجِيبَة .. كَيْفَ رَسَمْ الله كُلَّ هذَا السَّمَك ؟!! الله قَدِير .
إِذاً هُنَاك أُمور كَثِيرَة جِدّاً يَعْجَز العَقْل عَنْ فَهْمَهَا وَتَعْجَز اللُغَة عَنْ شَرْحَهَا أوْ التَّعْبِير عَنْهَا .. هذِهِ هِيَ الطَّبِيعَة نَفْسَهَا لاَ يُمْكِنْ فَهْمَهَا .. بَلْ أيْضاً هُنَاك مُخْتَرَعَات بَشَرِيَّة لاَ أسْتَطِيع فَهْمَهَا بِعَقْلِي البَشَرِي مِثْل الكُمْبِيُوتَر الَّذِي يَسْتَطِيع أنْ يَتِمْ 10 مَلاَيِين عَمَلِيَّة حِسَابِيَّة فِي الثَّانِيَة الوَاحِدَة .. كَيْفَ يَكْتُب .. كَيْفَ يَرْسِم .. كَيْفَ يُبَرْمِج ؟ .. وَهكَذَا أيْضاً الإِنْتَرْنِت هذِهِ الشَّبَكَة العَالَمِيَّة الَّتِي تَأتِي بِالعَالَمْ كُلُّه أمَام عَيْنَاي .. فَإِذَا كَانَتْ الأُمور الَّتِي إِخْتَرَعَهَا العَقْل البَشَرِي العَقْل البَشَرِي نَفْسُه لاَ يَسْتَطِيع فَهْمَهَا فَكَمْ يَكُون فَهْم طَبِيعِة الله ؟!!
مَرَّة دَخَل شَخْص فِي فُنْدُق فِي الخَارِج فَأتُوا إِلَيْهِ بِتِليِفِزْيُون بِـ 20 رِيمُوت كُنْتُرُول لِكَيْ يَأتِي بِكُلَّ قَنَوَات العَالَمْ .. فَتَعَجَبْ جِدّاً قَائِلاً هَلْ إِنْ طَلَبْت أي بَلَد فِي العَالَمْ يَأتِي إِلَيَّ إِرْسَالْهَا ؟ فَأجَابُوه بِالإِيجَاب – هذِهِ هِيَ الأقْمَار الصِنَاعِيَّة – .. وَأيْضاً المُوبَايِل الصَّغِير هذَا الَّذِي يَدْخُل دَاخِل الجُيُوب أسْتَطِيع أنْ أُحَدِّث بِهِ شَخْص فِي بَلَد بَعِيدَة جِدّاً عَنِّي مِثْل أمْرِيكَا أوْ فَرَنْسَا .. شِئ مُذْهِل أيْضاً وَهُوَ سُرْعِة الضُوء = 3 × 10 م/ ث ( أي 300 مِلْيُون ) .. فَتَخَيَّل مَعِي المَسَافَة مِنْ هِنَا إِلَى أسْوَان = 1000 كم فَكَمْ مَرَّة يَذْهَب الضُوء وَيَجِئ فِي الثَّانِيَة الوَاحِدَة ؟ كَذَا مَرَّة .. وَنَحْنُ إِذَا ذَهَبْنَا مَرَّة وَاحِدَة نَأخُذ 24 سَاعَة وَنَصِل مُهْلَكِينْ مِنْ التَّعَبْ .
مِنْ أكْثَر الأشْيَاء الَّتِي تَجْعَلْنَا عَاجِزِين عَنْ فَهْم طَبِيعِة الله هُوَ عَجْز اللُغَة .. فَنَحْنُ نُرِيدْ التَّعْبِير عَنْ الله بِعُقُولْنَا وَهذِهِ العُقُول مَحْدُودَة جِدّاً .. فَمَثَلاً كَلِمَة * الإِبْن * نَفْهَمْ بِعَقْلِنَا مِنْ هذِهِ الكَلِمَة أنَّ هُنَاك وَاحِد كِبِير وَأخَر صَغِير .. وَأنَّ هُنَاك إِثْنِين لاَ وَاحِد وَأنَّ الله إِنْفَصَل .. هذِهِ كَلِمَة بَشَرِيَّة لِكَيْ نَفْهَمْ الطَّبِيعَة الإِلهِيَّة لِذلِك اللُغَة اليُونَانِيَّة لاَ تَسْتَخْدِم كَلِمَة * الإِبْن * بَلْ تَقُول عَنْهَا – الكَلِمَة – * لُوغُوس * أي كَلِمَة الله أوْ التَّعْبِير عَنْ الله .. لِذلِك فِي الآيَة الَّتِي ذُكِرَت فِي البِدَايَة قَالَتْ ﴿ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ فِي السَّمَاءِ هُمْ ثَلاَثَة الآبُ وَالكَلِمَةُ وَالرُّوحُ القُدُسُ .... ﴾ .. وَأيْضاً الآيَة الَّتِي تَقُول ﴿ فِي البَدْء كَانَ الكَلِمَة ﴾ ( يو 1 : 1 ) .. فَالإِبْن هُوَ الكَلِمَة .. هُوَ الَّذِي عَبَّر لَنَا عَنْ الله لأِنَّ الله لَمْ يَرَاه أحَد قَط لِذلِك الإِبْن الَّذِي فِي حِضْن الآب هُوَ خَبَّر ( يو 1 : 18) .
لِذلِك هُنَاك أُمور لاَ أسْتَطِيع التَّعْبِير عَنْهَا بِاللُغَة البَشَرِيَّة لأِنَّهَا عَاجِزَة .. فَالإِلَهِيَات يَجِبْ التَّعْبِير عَنْهَا بِالإِلَهِيَات وَلكِنَّنَا لَسْنَا كَذلِك .. فَنُعَبِّر عَنْهَا بِالبَشَرِيَات وَمِنْ هُنَا جَاءَ عَدَم الفَهْم .. لِذلِك الَّذِي أعْجَز عَنْ فَهْمُه لاَبُدْ أنْ أقْبَلُه بِالإِيمَان .. فَإِنْ كُنَّا نُصَدِّق الكُمْبُيُوتَر وَالإِنْتَرْنِت وَالدِّش .... لِمَاذَا لاَ نُصَدِّق الطَّبِيعَة الإِلهِيَّة ؟ لِذلِك رَبِّنَا أظْهَر لَنَا صِفَاتُه مِنْ خِلاَل التَّجَسُد .
وَمِنْ أمْثِلِة عَجْز اللُغَة البَشَرِيَّة نَجِد أُنَاس تَفْهَم الآيَة الَّتِي تَقُول ﴿ يَمِين الرَّبَّ صَنَعَت قُوَّة .. يَمِين الرَّبَّ رَفَعَتْنِي ﴾ ( مز 117 – مِنْ مَزَامِير الغُرُوب ) .. كَأنَّ رَبِّنَا لَهُ يِمِين وَيَسَار .. أي أنَّ الله مَحْدُود .. وَمَثَلاً عِنْدَمَا نَقُول الله ثَالُوث فِي وَاحِد وَوَاحِد فِي ثَالُوث تَجِد نَاس تَقُول أنَّنَا نُؤمِنْ أنَّ الله ثَلاَثَة وَهذَا غِير صَحِيح إِذْ نَحْنُ نَقُول * بِسْم الآب وَالإِبْن وَالرُّوح القُدُس إِله وَاحِد آمِين * .. وَأيْضاً الرَّبُّ إِلهْنَا رَب وَاحِد ( تث 6 : 4 ) .. وَأيْضاً ﴿ لِلرَّبِّ إِلهِكَ تَسْجُدُ وَإِيَّاهُ وَحْدَهُ تَعْبُدُ ﴾ ( لو 4 : 8 ) .. فَالله وَاحِد وَلكِنْ الثَّالُوث مَوْجُود .
نُقْطَة أُخْرَى تَجْعَلْنَا لاَ نَفْهَمْ الثَّالُوث وَهيَ أنَّ ظُهُور الإِبْن بِالجَسَد تَجْعَل البَعْض يَظُنُّون أنَّ الإِبْن بَدَأ بِالتَّجَسُد وَهذَا غِير صَحِيح لأِنَّ الإِبْن مَوْجُود مُنْذُ الأزَل .. فَتَخَيَّل أنَّهُ لَمْ يُوْجَد دَاعٍ لِلتَّجَسُد .. أي لَوْ آدَم لَمْ يُخْطِئ هَلْ الإِبْن لَنْ يَكُون مَوْجُوداً ؟ بَلَى كَانَ سَيَكُون مَوْجُود وَلكِنْ غِير مُتَخِذ شَكْل جَسَد وَلكِنُّه أخَذَ الجَسَد مِنْ أجْل خَلاَصِنَا لِكَيْ يَأخُذ طَبِيعِتْنَا فَيَفْدِينَا .. أُقْنُوم الإِبْن لَمْ يُوْجَد مِنْ أجْل أنْ يَفْدِينَا وَلكِنُّه مَوْجُود مُنْذُ البَدْء .. فَالله فِي بِدَايِة الخَلِيقَة قَالَ ﴿ نَعْمَلُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِنَا كَشَبَهِنَا ﴾ ( تك 1 : 26 ) .. وَأيْضاً ﴿ هُوذَا الإِنْسَانُ قَدْ صَارَ كَوَاحِدٍ مِنَّا ﴾ ( تك 3 : 22 ) * لِلجَمْع لِلتَّعْبِير عَنْ الثَّالُوث *
.. وَأيْضاً فِي أيَّام بُنَاء بُرْج بَابِل ﴿ هَلُمَّ نَنْزِلْ وَنُبَلْبِلْ هُنَاكَ لِسَانَهُمْ ﴾ ( تك 11 : 7 ) .. لَمْ يَقُل * أنْزِل وَأبَلْبِل ألْسِنَتَهُمْ * بَلْ إِسْتَخْدِم أيْضاً صِيغِة الجَمْع .. فَالثَّالُوث مَوْجُود مُنْذُ الأزَل .. وَأيْضاً فِي العَهْد الجِدِيد قَالَ لِتَلاَمِيذُه ﴿ إِذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيع الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآبِ وَالإِبْنِ وَالرُّوحِ القُدُسِ ﴾ ( مت 28 : 19) .
لِذلِك يَرُد القِدِيس أثَنَاسْيُوس عَلَى كُلَّ مَنْ يُرِد فَهْم طَبِيعِة الله بِعَقْلُه البَشَرِي فَنَجِدُه يَحْفُر حُفْرَة وَيُحَوِّل مِيَاه مِنْ البَحْر فِي تِلْكَ الحُفْرَة .. وَعِنْدَمَا سُئِلَ عَمَّا يَفْعَل قَالَ أنَّهُ كَمَا تُرِيدْ أنْتَ أنْ تَفْهَمْ الله هكَذَا أنَا أيْضاً أُحَاوِل أنْ أضَع هذَا البَحْر فِي هذِهِ الحُفْرَة الصَّغِيرَة .. وَتَجِدْنَا نَقُول عَنْ صِفَات الله فِي قُدَّاس القِدِيس إِغْرِيغُورْيُوس ﴿ غَيْر المُحْوَى .. غَيْر المَفْحُوص .. غَيْر المُسْتَحِيل ﴾ .. " * غِير المُحْوَى * أي الَّذِي لاَ يُسْتَطَاع أنْ يُحْتَوَى " .
(2) مَفْهُوم الثَّلاَثَة أقَانِيم :
=======================================
* أُقْنُوم * تَعْنِي صِفَة ذَاتِيَّة إِلَهِيَّة وَهيَ كَلِمَة سُورْيَانِيَّة .. الله وَاحِد وَلَهُ ثَلاَث أقَانِيم الآب وَالإِبْن وَالرُّوح القُدُس .. لِكُلَّ أُقْنُوم صِفَات إِلَهِيَّة ( جَوْهَرِيَّة ) كَامِلَة مِثْل الأزَلِيَّة .. الأبَدِيَّة .. غِير المَحْدُودِيَّة .. وَلكِنْ لِكُلَّ أُقْنُوم صِفَات ذَاتِيَّة ( أُقْنُومِيَّة ) .. فَالثَّلاَثَة مُتَمَايِزِينْ .. فَلاَ أسْتَطِيع قَوْل أنَّ الآب هُوَ هُوَ الإِبْن هُوَ هُوَ الرُّوح القُدُس .. فَهذَا مَا قِيلَ فِي بِدْعِة سَبِيلْيُوس الَّذِي قَالَ أنَّ الله الآب هُوَ الَّذِي عَاشَ فِي العَهْد القَدِيم وَعِنْدَمَا أرَادَ أنْ يَفْدِي الإِنْسَان جَاءَ فِي صُورِة الإِبْن ثُمَّ بَعْد إِتْمَام مُهِمِّة الفِدَاء كَانَ الله رُوحاً قُدُّوس .. أي أنَّ الثَّلاَثَة أقَانِيم هُمْ ثَلاَثَة أشْكَال تَطَوَر الله نَفْسُه بِهُمْ .. وَهذَا غِير صَحِيح بِالمَرَّة لأِنَّ كُلَّ وَاحِد مِنْ الثَّلاَثَة أقَانِيم لَهُ الصِفَات الأُقْنُومِيَّة المُمَيِزَة لَهُ وَلكِنْ الثَّلاَثَة وَاحِد .
مِثَال 1 :
مُثَلَث مِنْ ذَهَبْ لَهُ ثَلاَثَة أضْلاَع أ ، ب ، ج .. فَإِنْ أخَذْنَا جُزْء مِنْ " أ " يَعْنِي إِنَّنَا أخَذْنَا جُزْء مِنْ المُثَلَث نَفْسُه .. فَبِالرَّغْم أنَّ الثَّلاَثَة أضْلاَع مِنْ ذَهَب إِلاَّ أنَّ الضِلْع " أ " لَيْسَ هُوَ الضِلْع " ب " وَلَيْسَ هُوَ الضِلْع " ج " .. وَلَوْ كَانَ " أ " هُوَ " ب " هُوَ " ج " كَانَ المُثَلَث أصْبَح نُقْطَة .
مِثَال 2 : الإِنْسَان عِبَارَة عَنْ جَسَد وَنَفْس وَرُوح .. وَالجَسَد يَخْتَلِف عَنْ النَّفْس وَالنَّفْس تَخْتَلِف عَنْ الرُّوح .. كُلَّ وَاحِد مِنْهُمْ لَهُ صِفَات فَهَلْ أقُول إِنِّي آكُل بِجَسَدِي وَأحْزَن بِنَفْسِي وَأحْيَا بِرُوحِي .. أم أُعَبِّر عَنِّي كَكُل ؟!! .. لاَ يَسْتَطِيع أحَد أنْ يَقُول أنَا سَأذْهَب هذَا المِشْوَار بِرِجْلِي وَآكُل بِفَمِي بَلْ أنَّ كُلٍ مِنْ الثَّلاَثَة تَعْمَل مَعَ الأُخْرَى – كُلُّهُمْ مَعَ بَعْضُهُمْ – .. وَلاَ أسْتَطِيع فِي نَفْس الوَقْت أنْ أقُول أنَّ الجَسَد هُوَ النَّفْس هُوَ الرُّوح .. هكَذَا أيْضاً لاَ أسْتَطِيع قَوْل أنَّ الآب هُوَ الإِبْن هُوَ الرُّوح القُدُس وَلكِنْ الثَّلاَثَة وَاحِد .
فِي الأجْبِيَة نَقُول ﴿ لأِنَّ الآب إِخْتَارِك .. وَالرُّوح القُدُس ظَلَّلَكِ .. وَالإِبْن تَنَازَل وَتَجَسَدَ مِنْكِ ﴾ ( القِطْعَة الثَّالِثَة مِنْ صَلاَة بَاكِر ) .. فَلَوْ كَانَ الآب هُوَ الإِبْن هُوَ الرُّوح القُدُس كَانَ يُمْكِنْ تَبْدِيل أمَاكِنْ الأقَانِيم فِي هذِهِ الجُمْلَة .. فَمَثَلاً * لأِنَّ الرُّوح القُدُس إِخْتَارِك وَالإِبْن ظَلَّلِك وَالآب تَنَازَل وَتَجَسَد مِنَّك * .. وَلكِنْ بِهذَا سَتُصْبِح الجُمْلَة غِير صَحِيحَة .. فَعَلَى الرَّغْم مِنْ إِنَّهُمْ وَاحِد إِلاَّ أنَّهُمْ مُتَمَايِزِينْ كُلَّ وَاحِد وَلَهُ عَمَلُه .. فَالأُقْنُوم يَعْنِي صِفَة ذَاتِيَّة .. الآب هُوَ الآب وَالإِبْن هُوَ المَوْلُود وَالرُّوح القُدُس هُوَ المُنْبَثِق مِنْ الآب .. كُل أُقْنُوم فِي الجَوْهَر الإِلهِي لَهُ صِفَات وَلَهُ عَمَل .
مِثَال 3 : إِفْتَرِض أنَّنِي أتَيْت إِلِيك بِلَهَبْ يُخْرِج نُوراً وَطَلَبْت مِنَّك أنْ تَأتِي وَتَلْمِسُه هَلْ سَتَسْتَطِيع ؟ .. لاَ .. لأِنَّهُ كَمَا يُخْرِج نُوراً فَهُوَ يُخْرِج حَرَارَة .. وَلكِنَّنِي بَعْد ذلِك أمْسَكْتُه وَجِئْت أنْتَ أيْضاً وَأمْسَكْتَهُ فَسَتَعْلَمْ أنَّهُ كَانَ خِدْعَة وَأنَّهُ لَيْسَ لَهَباً حَقِيقِيّاً بَلْ نُوراً فَقَطْ لأِنَّ اللَهَبْ = نُور + حَرَارَة .. وَغِير ذلِك لَنْ يَكُون لَهَبْ حَقِيقِي .. هكَذَا الآب وَالإِبْن وَالرُّوح القُدُس فَبِدُون أيٍ مِنْهُمْ لَنْ يَكُون هُوَ الجَوْهَر الإِلهِي وَفِي ذَات الوَقْت لاَ يُمْكِنْ فَصْل أحَدْهُمْ عَنْ الآخَر .. وَمِثَال ذلِك النَّار وَالحَرَارَة .. هَلْ النَّار هِيَ الحَرَارَة ؟ وَهَلْ يُمْكِنْ فَصْل النَّار عَنْ الحَرَارَة ؟ بِالطَبْع لاَ .. فَإِنْ تَعَامَلْت مَعَ النَّار سَوْفَ تَتَعَامَل مَعَ الحَرَارَة وَإِنْ تَعَامَلْت مَعَ الحَرَارَة فَسَوْفَ تَتَعَامَل مَعَ النَّار وَإِنْ كَانَ كُلٍّ مِنْ النَّار وَالحَرَارَة شَيْئَيْن مُخْتَلِفَيْن .. فَالنَّار نَار وَالحَرَارَة حَرَارَة .. هكَذَا الأقَانِيم الثَّلاَثَة كُلٍّ مِنْهُمْ لَهُ صِفَة إِلَهِيَّة جَوْهَرِيَّة كَامِلَة وَفِي نَفْس الوَقْت كُلٍّ مِنْهُمْ لَهُ صِفَة أُقْنُومِيَّة ذَاتِيَّة .
مِثَال 4 : قُرْص الشَّمْس وَالحَرَارَة وَالضُوء .. كَيْفَ أنَّ ضُوء الشَّمْس يَدْخُل إِلَى حُجْرَتِي وَيُعْتَبَر شَمْس حَقِيقِيَّة وَمَعَ ذلِك غِير مُنْفَصِل عَنْ الشَّمْس الأصْلِيَّة ؟!! .. هكَذَا الإِبْن جَاءَ وَفِي نَفْس الوَقْت لَمْ يَنْفَصِل عَنْ الآب .
مِثَال 5 : يَنْبُوع خَرَج مِنْهُ فَرْعِين فَرْع " أ " ، فَرْع " ب " المَاء الَّذِي بِدَاخِلْهُمَا جَاءَ مِنْ اليَنْبُوع .. فَهُوَ نَفْس المَاء الَّذِي فِي اليَنْبُوع .. وَالمَاء هذَا الَّذِي فِي الفَرْعِين غِير مُنْفَصِل عَنْ المَاء الَّذِي فِي اليَنْبُوع وَهُوَ مِنْ نَفْس طَبِيعْتُه وَلكِنْ فَرْع " أ " لَيْسَ هُوَ فَرْع " ب " .. هكِذَا الآب وَالإِبْن وَالرُّوح القُدُس مِنْ نَفْس الأصْل .. مِنْ نَفْس اليَنْبُوع .. مِنْ نَفْس الجَوْهَر وَلكِنْ كُلٍّ مِنْهُمْ مُتَمَيِز عَنْ الآخَر .. إِذاً كَلِمَة * أُقْنُوم * كَلِمَة إِلَهِيَّة ذَاتِيَّة لاَ أسْتَطِيع قَوْل أنَّ الآب هُوَ الإِبْن .. فَالَّذِي خَلَّصْنَا هُوَ رَبَّنَا يَسُوع الْمَسِيح .
س : مَنْ المُعَزِّي ؟ ج : الرُّوح القُدُس
س : مَنْ المُخَلِّص ؟ ج : الإِبْن
س : مَنْ ضَابِط الكُلَّ ؟ ج : الآب
يُوْجَد تَمَايُز لاَ أسْتَطِيع أنْ أضَع إِجَابَة بَدَل أُخْرَى
وَهكَذَا فَهْم الثَّالُوث يُعْطِينَا حَيَاة مَعَ الرَّبَّ جَمِيلَة
الحَكِيم الآب الحِكْمَة الإِبْن رُوح الحِكْمَة الرُّوح القُدُس
الحَي الله ( الآب ) الحَيَاة رَبَّنَا يَسُوع ( الإِبْن ) رُوح الحَيَاة الرُّوح القُدُس فَكُل هذِهِ الأمْثِلَة ( الخَمْسَة المَذْكُورَة ) كُلَّهَا رُمُوز لِفَهْم الثَّالُوث قَالُوهَا الآبَاء
(3) بَعْض الإِعْتِرَاضَات وَالرَّد عَلَيْهَا :
=======================================================
البَعْض يَعْتَرِض كَيْفَ أنَّ الله يَظْهَر كَإِنْسَان يَأكُل وَيَشْرَب وَيَعْطَش وَيُضْرَب وَيُهَان وَيَتَألَّمْ .. كَيْفَ نَقْبَل هذَا عَلَى الله لَهُ كُلَّ المَجْد ؟ .. نَرُد عَلَى ذلِك وَنَقُول أنَّ أي آيَة كُتِبَت فِي الكِتَاب المُقَدَّس تَكَلَّمَتْ عَنْ نَاسُوت الرَّبَّ يَسُوع .. تِعِب وَجَلَس عَلَى البِئْر .. عِطِش .. جَاع .. نَام .. حِزِن .. بَكَى .. أتَى إِلَيْهِ مَلاَك وَقَوَّاه ( لو 22 : 43 ) .. البَعْض قَالُوا عَنْهُ أنَّهُ مُخْتَل .. وَالبَعْض قَالُوا أنَّ فِيهِ شَيْطَان .. بِبَعْلَزَبُول يُخْرِج الشَّيَاطِين ( مر 3 : 21 – 22 ) .. إِكْتِبْ بِجَانِبْهَا كِلْمِتِين .. * مِنْ أجْلِي * ( حُبّاً فِيَّ ) ؛ وَ * نِيَابَةً عَنِّي * ( أنَا المُسْتَحِق أنْ أُصْلَب ) .
فَإِنْ لَم يَأخُذ جَسَد مِثْل جَسَدِي لَمْ يَكُنْ قَدْ فَدَانِي .. قَالَ مُعَلِّمْنَا بُولِس ﴿ فَإِذْ قَدْ تَشَارَكَ الأوْلاَدُ فِي اللَّحْمِ وَالدَّمِ اشْتَرَكَ هُوَ أيْضاً كَذلِكَ فِيهِمَا ﴾ ( عب 2 : 14) .. فَقَدْ عَاشَ طُفُولَة مِثْل طُفُولِتْنَا وَبَارَك طَبِيعَتِي فِيهِ .. فَحِينَ أخَذَ جَسَدِي أصْبَح جَسَدِي مُبَارَك وَيَسْتَطِيع أنْ يَتَنَاوَل جَسَد الرَّبَّ وَدَمُّه .. فَبِدُون ذلِك لَمْ أكُنْ أسْتَطِيع التَنَاوُل .. فَالله قَبِل أنْ يَتَحِد بِجَسَدِي عَنْ طَرِيق التَّجَسُد فَهَلْ يَكُون جَزَاء الحُبْ أنْ أُنْكِر إِلُوهِيَتُه ؟!! فَلِكَيْ يَتِمْ الخَلاَص أخْلَى الرَّبَّ ذَاتُه .. فَمَثَلاً قِصَّة قَالَهَا نِيَافِة الأنْبَا بِيشُوي لِفَهْم هذَا الأمر .. قَالْ شَخْصِيَّة عَظِيمَة مِثْل د/ مَجْدِي يَعْقُوب نَزَل مِنْ إِنْجِلْتِرَا إِلَى مَصْر مَثَلاً فِي أجَازَة وَمِرِض أحَد أحِبَّاؤه وَاحْتَاج لِعَمَلِيَّة فِي القَلْب .. فَذَهَبْ لِمَرْكَز العَمَلِيَّة لِكَيْ يُجْرِي لَهُ العَمَلِيَّة فَرَفَضُوا قَائِلِين أنَّ أي طَبِيب زَائِر مِنْ الخَارِج يَجِبْ أنْ يَأتِي بِتَصْرِيح مِنْ وِزَارِة الصِّحَة .. وَطَلَبْ مِنْهُمْ تِكْرَاراً وَلكِنَّهُمْ رَفَضُوا .. فَلَمْ يَجِد حَلْ إِلاَّ لأِنْ يَدْخُل العَمَلِيَّة كَتَمَرْجِي وَبِذلِك يَسْتَطِيع أنْ يُجْرِي العَمَلِيَّة .. هكِذَا رَبَّنَا يَسُوع أخْلَى نَفْسُه وَجَاءَ فِي صُورِة الإِنْسَان وَأرْسَل إِبْنُه دُونَ أنْ يَنْفَصِل عَنْهُ .. فَمِثْل كُوب المَاء الَّذِي يَحْتَوِي عَلَى المَاء الَّتِي فِي كُل البُيُوت وَلكِنَّنَا لَمْ نَأخُذ كُل هذِهِ المَيَّة بَلْ كُوب وَاحِد .. هكَذَا الرَّبَّ يَسُوع كَانَ عَلَى الأرْض وَفِي نَفْس الوَقْت فِي السَّمَاء وَفِي كُلَّ الكُون .
قِصَّة أُخْرَى .. طَالِب فِي الصَفْ الثَّانِي الإِعْدَادِي وَكَانَ مُدَرِّس اللُغَة العَرَبِيَّة يَتَكَلَّمْ عَنْ هذَا الأمر وَلكِنُّه بَدَأَ يَقُول هذَا كُفْر .. وَكَيْفَ أنَّ الله يَكُون إِنْسَان ؟ إِنَّهُمْ مُشْرِكُون .. فَرِجِعْ إِلَيْهِ هذَا الوَلَد وَقَالَ لِمُدَرِسُه إِنَّ بَعْد هذَا الكَلاَم سَيَتِمْ خِلاَف وَمُشَاجَرَات بَيْنَ الْمَسِيحِيِّينْ وَالمُسْلِمِينْ فَيَأتِي المُدِير يِسْألْنَا عَنْ سَبَبْ الخِلاَف فَنَقُول لَهُ عَنْ ذلِك المُدَرِّس الَّذِي أشْعَل النَّار .. وَلكِنِّي أُرِيدْ أنْ أسْألَك بَعْض الأسْئِلَة .. هَلْ الله يَقْدِر عَلَى كُلَّ شِئ ؟ فَأجَابَهُ المُدَرِّس بَِالإِيجَاب .. وَهَلْ الله يَقْدِر أنْ يُحَوِّل كُل الصَّحَرَاء إِلَى بِقَاع خَضْرَاء ؟ وَهَلْ يَقْدِر أنْ يُحَوِّل البِحَار إِلَى صَحَرَاء ؟ وَهكَذَا 7 أوْ 8 أسْئِلَة وَفِي كُلَّ مَرَّة يِجَاوْبُه المُدَرِّس بِالإِيجَاب مُتَعَجِباً مِنْ قُدْرِة الله قَائِلاً * سُبْحَانُه * .. حَتَّى سَألَهُ وَهَلْ يَسْتَطِيع الله أنْ يُصْبِح إِنْسَاناً ؟ فَصَمَتَ المُعَلِّمْ .. ﴿ عَظِيم هُوَ سِرُّ التَّقْوَى اللهُ ظَهَرَ فِي الجَسَد ﴾ ( 1تي 3 : 16) .. فَلَيْسَ الإِنْسَان الضَّعِيف هُوَ الَّذِي أصْبَح إِله بَلْ الله القَوِي هُوَ الَّذِي أخَذَ شَكْل الإِنْسَان .
فَإِخْوَاتْنَا غِير الْمَسِيحِيِّينْ الَّذِينَ يَتَحَدَّثُون مَعَنَا عَنْ الثَّالُوث هُمْ غِير فَاهْمِينْ .. فَفِي القُرْآن يَقُول ﴿ كَفَرُوا الَّذِينَ قَالُوا أنَّ الله هُوَ ثَالِث ثَلاَثَة ﴾ .. وَلكِنْ لَيْسَتْ هذِهِ الآيَة تَتَحَدَّث عَنْ الْمَسِيحِيِّينْ بَلْ عَلَى الَّذِينَ كَانُوا فِي ذَات العَصْر يَعْبُدُون آلِهَة مُتَعَدِّدَة مِنْ ضِمْنَهَا الثَّلاَثَة آلِهَة المَشْهُورِين عِنْدَ قُدَمَاء المَصْرِيِينْ الَّذِينَ عَبَدُوهُمْ لِفَتَرَات طَوِيلَة وَهُمْ إِيزِيس وَأُزُورِيس وَحُورَس .. فَالقُرْآن يُكَفِّر الوَثَنِيِّينْ وَلَيْسَ الْمَسِيحِيِّينْ .. وَلَوْ كَانَ يُكَفِّر الْمَسِيحِيِّينْ فَهُوَ بِذلِك يُنَاقِض نَفْسُه لأِنَّهُ هُوَ نَفْسُه القَائِل عَنَّا ﴿ لاَ خَوْف عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُون ﴾ ( فِي سُورَة البَقَرَة عَدَد 61 ) .. ﴿ إِنَّنَا إِلهْنَا وَإِلَهَهُمْ إِله وَاحِد ﴾ .. وَهُنَاك آيَة غَايَة فِي الأهَمِيَّة تَقُول ﴿ آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلهْنَا وَإِلهْكُمْ إِله وَاحِد ﴾ ( فِي سُورَة العَنْكَبُوت عَدَدَ 45 ) .. لأِنَّهَا تَرُد عَلَى كُل مَنْ يَقُول أنَّ الإِنْجِيل مُحَرَّف فَالإِنْجِيل قَدْ أُنْزِلَ مِنْ قِبَل الرَّبَّ وَرَبِّنَا قَادِر أنْ يَحْفَظ كَلِمَتُه .. وَإِنْ كُنَّا نَحْنُ كَفَرَة فَكَيْفَ كِتَابَكُمْ يَمْدَحْنَا فِي سُورَة العُمْرَان قَائِلاً ﴿ وَجَعَلَ الَّذِينَ إِتَّبَعُوك فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْم القِيَامَة ﴾ .. * إِتَّبَعُوك .. مُخَاطِباً عِيسَى * .
رَبَّنَا يَسُوع جَاءَ لِيُخْبِرْنَا عَنْ الآب وَيُقَدِّم لَنَا خَلاَص الآب .. وَكَمَا نَقُول * ثَالُوث فِي وَاحِد وَوَاحِد فِي ثَالُوث * .. هذَا هُوَ إِيمَان كِنِيسِتْنَا .. الآب فِي الإِبْن فِي الرُّوح القُدُس .. 1 × 1× 1= 1 وَلَيْسَ 1 + 1 + 1 .. إِفْهَمُوا الثَّالُوث القُدُّوس .. أحِبُّوا الثَّالُوث القُدُّوس .. لِيَكُنْ لَكُمْ عِشْرَة وَعِلاَقَة مَعَ الثَّالُوث القُدُّوس .. وَكُل مَرَّة نِرْشِم فِيهَا عَلاَمِة الصَّلِيب نُشْعُر بِحُضُور الثَّالُوث فِي حَيَاتْنَا .. إِعْرَفُوا إِنْجِيلْكُمْ .. إِعْرَفُوا مَسِيحْكُمْ .. إِعْرَفُوا أنَّ كُل سَبَبْ إِهَانَة يُوَجَّه إِلَيْنَا هُوَ سَبَبْ عَظَمِتْنَا وَسَبَبْ عَظَمِة مَحَبِّة إِلَهْنَا .
رَبِّنَا يِكَمِّل نَقَائِصْنَا وَيِسْنِد كُل ضَعْف فِينَا بِنِعْمِتُه
وَلإِلهْنَا كُل مَجْد وَكَرَامَة الآنْ وَكُلَّ أوَان وَإِلَى دَهْر الدُّهُور كُلَّهَا آمِين